حملة الاعتقالات المسعورة في مصر قبل تنصيب بايدن.. الرسالة والدلالة

 

 

استبق رئيس الانقلاب في مصر الجنرال عبدالفتاح السيسي تنصيب الرئيس جو بايدن يوم 20 يناير المقبل (2021م)، بثلاثة تحركات: الأول، هو التعاقد مع شركة دعاية أمريكية من أجل تبييض صورة النظام أمام الإدارة الأمريكية الجديدة، في ظل حقيقتين: الأولى أن النظام اغتصب الحكم بانقلاب عسكري أجهض به المسار الديمقراطي في مصر. الثانية أن هذا النظام العسكري الذي سطا على الحكم بانقلاب عسكري منتصف 2013م لا يزال حتى اليوم يمارس أبشع صور القمع والانتهاكات في ظل تواطؤ أمريكي غربي يعلي من المصالح على حساب القيم الإنسانية. أما التحرك الثاني، فهو شن حملة اعتقالات مسعورة معتادة في هذا التوقيت قبل ذكرى يناير من كل سنة، لكن الحملة اتسعت وامتدت في معظم المحافظات بما يعني أنها تمثل رسالة ودلالة على إصرار النظام على منهجه القمعي، دون اكتراث للتحولات الجارية على الساحتين الأمريكية والدولية. والتحرك الثالث، هو الادعاء بتخفيف الحصار والضغط على بعض منظمات المجتمع المدني التي حوصرت خلال السنوات الماضية في سياق قضايا التمويل التي مثلت سيفا مسلطا على هذه المؤسسات الحقوقية والمدنية وجرى على إثرها توقيف عشرات النشطاء.

وفي هذا التقرير نحاول رصد هذه التحركات وقراءة الرسائل والأهداف من ورائها ودلالتها في سياق التطورات الجارية في أعقاب هزيمة الرئيس دونالد ترامب، الانتخابات الرئاسية والذي  كان يمثل أكبر داعم لنظم الاستبداد العربي، ومدى انعكاسات هذه السياسات والتحركات من جانب نظام السيسي على مستقبل العلاقات المصرية الأمريكية خلال عهد الرئيس بايدن.

 

أولا: الاعتماد على جماعات الضغط

بمجرد ظهور مؤشرات نتائج الانتخابات الرئاسية في 3 نوفمبر 2020م، والتي كشفت فوز المرشح الجمهوري جوبايدن، تحركت وزارة الخارجية بحكومة السيسي بتوجي*هات مباشرة من رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل، بالتعاقد يوم الإثنين 9 نوفمبر 2020م، مع شركة «براونستاين هيات فاربر شريك Brownstein Hyatt Farber Schreck» للعلاقات العامة والقانون. كان عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية ووزير الخارجية في عهد مبارك، خلال استضافته في البرنامج الذي يقدمه الإعلامي المقرب من السلطة أحمد موسى على فضائية “صدى البلد”، قد دعا نظام السيسي إلى التعاقد بشكل فوري مع جماعات الضغط في الولايات المتحدة الأمريكية، وقدم نصيحته بالإنجليزية قائلا: «Lobby, Lobby, Lobby” (لوبي، لوبي، لوبي)، في إشارة إلى ضرورة استعانة النظام العسكري بجماعات الضغط.، ورصدت الباحثة الأمريكية ميشيل دن، قد رصدت استخدام موسى لعبارة “لوبي” 20 مرة خلال 40 دقيقة مدة استضافته في البرنامج، وألح على النظام مضيفا «علينا اللجوء لجماعات الضغط بشكل غير طبيعي، وليس فقط للضغط على الإدارة، بالطبع، ولكن هناك الكونغرس والمجتمع المدني ووسائل الإعلام».[[1]]

 

ويمكن رصد الملاحظات الآتية:

أولا، التعاقد جرى في أول يوم عمل في أعقاب خطاب الفوز لجو بايدن الذي ألقاه قبل ذلك بيومين فقط. ما يعني أن نظام السيسي لم يضع وقتا مطلقا لشعوره بخطورة الأمر، بما يعكس حالة القلق والخوف من التطورات  الجديدة بعد عودة الديمقراطيين مجددا إلى البيت الأبيض. وفي تعليق للباحثة “ميشيل دن”، مديرة برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي والرئيس المشارك لمجموعة العمل بشأن مصر والمشكلة من الحزبين الديمقراطي والجمهوري قولها إنه من الواضح أنهم قلقون. عندما اتضح أن بايدن سيكون الفائز، قام (الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي) بتهنئته والآن ترى أنه يتم استدعاء عدد كبير من وزراء الخارجية السابقين والشخصيات البارزة للظهور في البرامج الحوارية لبث الطمأنينة لدى مؤيدي الحكومة في مصر بأن كل شيء سيكون على ما يرام مع بايدن”.

ثانيا، بحسب موقع “فورين لوبي”، فإن «قيمة العقد “65” ألف دولار شهريا، حيث وقع عن الجانب المصري سفيرها في واشنطن معتز زهران»، وهو ما يعني أن النظام لا يبالي بإهدار أموال الشعب من أجل تبييض صورته أمام الحكومة الأمريكية الجديدة رغم التضخم الهائل في حجم الديون الخارجية والمحلية والتي ارتفعت من 1.7 تريليون جنيه إلى أكثر من 6 تريليونات جنيه حاليا، ورغم مستويات الفقر المرتفعة والتي تصل إلى نحو 60% بحسب تقديرات البنك الدولي سنة 2019م، بخلاف تدهور الوضع الاقتصادي في أعقاب تفشي جائحة كورونا منذ بداية 2020م، والتي أفضت إلى سقوط نحو 12 مليون مصري تحت خط الفقر على أدنى تقدير وفق دراسات حكومية. كما أن هذه الأموال الطائلة يتم إهدارها في ظل تكتم من جانب الآلة  الإعلامية للنظام التي لم تشر مطلقا لهذا الاتفاق. كما يأتي في الوقت الذي تخلو فيه المستشفيات على مستوى الجمهورية من الأدوية والأدوات اللازمة للوقاية والعلاج من عدوى فيروس كورونا.

ثالثا، العقد ينص على أن تتشكل جماعة الضغط من الحزبين الجمهوري والديمقراطي “لتقديم خدمات في مجال العلاقات الحكومية والاستشارات الاستراتيجية بشأن الأمور المعروضة على حكومة الولايات المتحدة”، وذلك بحسب ما ورد في الملف الذي تم تقديمه لوزارة العدل الأمريكية. وتستمر مدة العقد لعام واحد بشكل مبدئي على أن تجرى عملية تقييم بعد ذلك. ويضم فريق الشركة عضو الكونجرس السابق عن الحزب الجمهوري من كاليفورنيا إدوارد رويس، والذي ترأس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب من عام 2013 حتى 2018م. ونديم الشامي، الرئيس السابق لموظفي رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي والذي قضى نحو ربع قرن في مقر الكونجرس، في الإشراف على عمل الفريق مع رويس. كما تم تسجيل اثنين من شركاء الشركة أيضا وهما:العضو المخضرم في جماعات الضغط التابعة للحزب الجمهوري مارك لامبكين، الذي يدير مكتب الشركة في العاصمة واشنطن، والعضو البارز في جمع التبرعات لصالح الحزب الديمقراطي ألفريد موتور، بالإضافة إلى مدير السياسات دوغلاس ماجواير.

رابعا، يأتي التعاقد مع شركة «براونستاين هيات فاربر شريك» للعلاقات العامة والقانون، بعد فسخ التعاقد مع شركة «جلوفر بارك جروب» سنة 2019م في أعقاب المقابلة الكارثية مع برنامج “60 دقيقة” بعد أن ضغط مقدم البرنامج سكوت بيلي عدة مرات على رئيس الانقلاب فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان والانتهاكات المروعة في سجون مصر. و”جلوفر بارك جروب” هي الشركة التي تعاقد معها نظام الانقلاب سنة 2013م بعد أن انسحبت الشركتان اللتان كانتا تمثلان مصر عقب الانقلاب العسكري على الرئيس الشهيد محمد مرسي. ووفقا لموقع “إنترسبت” الأمريكي في تقرير له سنة 2017م، فإن رسائل البريد الإلكتروني المسربة من حساب السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة كشفت أن أبو ظبي هي التي كانت تتكفل بمصاريف الدعاية لنظام السيسي مع الشركة. لكن موقع “فورين لوبي” يؤكد أنه ليس من المعروف حاليا ما إذا كانت الإمارات ستتكفل هذه المرة أيضا، لافتا إلى أن “رويس” لم يرد على تساؤلات بهذا الأمر.

 

حملة اعتقالات مسعورة

التحرك الثاني من جانب نظام الطاغية عبدالفتاح السيسي هو شن حملة اعتقالات مسعورة امتدت لعدد من المحافظات المصرية؛ حيث كشف مدير مؤسسة عدالة لحقوق الإنسان محمود جابر، أن أجهزة السيسي الأمنية شنت حملة اعتقالات مسعورة بمختلف المحافظات المصرية خلال الأيام والأسابيع القليلة الماضية. وأكد أنهم في المنظمة تلقوا استغاثات متعددة بشأن حملة  اعتقالات تعسفية شرسة خاصة لمن سبق اعتقالهم وحصلوا على إخلاء سبيل من النيابة أو من هيئة قضائية. هذه الحملة المسعورة ــ بحسب جابر ـ بدأت منتصف شهر نوفمبر الماضي، ولا تزال مستمرة. كما جرى  استدعاء عدد كبير من الأفراد لمقار أمن الدولة وجرى احتجازهم هناك أو في مقار أمنية أخرى. وتم عرض بعضهم على نيابات أمن الدولة فيما لا يزال العدد الأكبر رهن الاخفاء القسري بمقار جهاز أمن الدولة.[[2]] كما ضمت حملة الاعتقالات المسعورة الحالية رجال أعمال كبار، منهم أحمد صفوان ثابت، مالك شركة جهينة للمنتجات الغذائية، وسيد رجب السويركي، صاحب سلسلة فروع “التوحيد والنور” لتجارة الملابس. ومحمد رجب، صاحب فروع “أولاد رجب” للمواد الغذائية. كما جرى اعتقال وزيرين، هما خالد الأزهري، وزير القوى العاملة في حكومة الدكتور هشام قنديل، والدكتور حاتم عبداللطيف، وزير النقل بحكومة هشام قنديل. كما تم اعتقال الصحفي عامر عبدالمنعم من منزله، وهو كاتب معروف بمعارضته لنظام السيسي.

وبشأن هذه الحملة يمكن رصد الملاحظات الآتية:

أولا، مثل هذه الحملة المسعورة معتادة في هذا التوقيت منذ انقلاب 3 يوليو 2013م بحق الإسلاميين على وجه الخصوص والمنتمين لثورة يناير بوجه عام، فقد دأب النظام على شن مثل هذه الحملات المسعورة خلال الأسابيع التي تسبق ذكرى الثورة. واللافت في هذه الحملة أنها ركزت بشكل خاص على الإسلاميين وخصوصا من سبق اعتقالهم من الإخوان أو المتعاطفين معهم وجرى إخلاء سبيلهم خلال السنوات الماضية.[[3]]

ثانيا، تأتي حملات الاعتقال المسعورة في أعقاب متغيرين مهمين: الأول هو فوز المرشح الديمقرطي جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة  الأمريكية، وعودة الديمقراطيين إلى البيت الأبيض حيث سيتسلم فريق بايدن السلطة يوم 20 يناير المقبل. وبالتالي فقد خسر نظام السيسي أكبر داعم لنظامه وهو الرئيس الجمهوري دونالد ترامب الذي دأب على حماية النظام المصري من أي انتقادات في الملفين الحقوقي والسياسي. ورغم أن بايدن سبق وأن هدد نظام السيسي بأنه لن يسمح بشيكات ترامب على بياض للدكتاتوريين العرب من أمثل دكتاتور ترامب المفضل في إشارة إلى السيسي؛ إلا  أن النظام في مصر مضى على منهجه في القمع وشن حملات الاعتقال المسعورة دون اكتراث لتنصيب بايدن؛ الأمر الذي يمكن اعتباره شكلا من أشكال التحدي والإصرار على سياسات القمع. أما المتغير الثاني، فهو الانتقادات الأوروبية لنظام السيسي في ملف حقوق الإنسان، حيث أصدر البرلمان الأوروبي قرارا يوم الجمعة 18 ديسمبر 2020م ينتقد فيه أوضاع حقوق الإنسان المتردية في مصر، وتم التصويف بأغلبية 434 صوتا، مقابل اعتراض 49 عضوا وامتناع 202 آخرين عن التصويت، واشتمل القرار على 19 بنداً، أبرزها الدعوة إلى إجراء مراجعة عميقة وشاملة لعلاقات الاتحاد الأوروبي مع مصر، مشيرا إلى أن “وضع حقوق الإنسان (فيها) يتطلب مراجعة جادة”، حسب نصه. وبجانب ذلك دعا القرار دول الاتحاد الأوربي، إلى النظر في اتخاذ تدابير تقييدية، ضد المسؤولين المصريين، رفيعي المستوى المتورطين في انتهاكات خطرة، وفقا لقانون ماغنيتسكي. مبديا في نفس الوقت، الدعم لأسرة طالب الدراسات العليا الإيطالي جوليو ريجيني، الذي قتل في مصر عام 2016، وتعتقد روما بأن قاتليه، هم من أفراد جهاز الأمن المصري، في حين تشير السلطات المصرية، إلى أنه قتل على يد تشكيل عصابي. ورغم ما يقوله مراقبون، من أن قرار البرلمان الأوروبي، جاء مدفوعا بتداعيات قضية جوليو ريجيني، في ظل تصعيد متواصل من قبل روما، للمطالبة بتسليم المتهمين بقتله من جهاز الأمن المصري، إلا أن القرار أدان في بنوده المتعددة، استمرار حملة القمع ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، وحقوق المرأة والمعارضين، وقادة المجتمع المدني، داعيا إلى “الإفراج الفوري وغير المشروط عن المحتجزين تعسفيا والمحكوم عليهم لقيامهم بعملهم المشروع والسلمي في مجال حقوق الإنسان”.[[4]]  ورغم الدفاع المستميت من جانب نظام السيسي وآلته الإعلامية إلا أن مراقبين يرون أن قرار البرلمان الأوربي، بشأن حقوق الإنسان في مصر، يمثل عودة قوية للدور الأوروبي التقليدي، في الدفاع عن قيم حقوق الإنسان، ودعم منظمات المجتمع المدني، والذي كان قد توارى كثيرا خلال الفترة الأخيرة، في وقت انصرفت فيه أوربا، لأولويات أخرى تتعلق بمكافحة الأرهاب والسيطرة على تدفق المهاجرين. ورغم ذلك فإن نظام السيسي مضى في حملات الاعتقال التعسفية دون اكتراث للعواقب وربما لشعوره بالأمان تجاه ردود الفعل الأمريكية والأوروبية واليقين الكامل بأن مصالح هذه الدول عند حكوماتها أهم من القيم الإنسانية وقضايا الحريات وحقوق الإنسان؛ ولعل تجارب نظام السيسي خلال السنوات الماضية خير برهان على ذلك؛ فهذه الحكومات وبرلمانها الأوروبي عادة ما تكتفي بالكلام في معالجة الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان في مصر.

ثالثا، هناك قراءة مختلفة لحملة الاعتقالات المسعورة حاليا، فهي لا تمثل شكلا من أشكال التحدي من جانب نظام السيسي للتوجهات الأمريكية الأوروبية التي صعدت في نبرتها لانتقاد النظام في الملف الحقوقي مؤخرا، فنظام السيسي يوظف ملف المعتقلين ويتلاعب به مع الأمريكان والأوروبيين؛ فأجهزة النظام تعيد اعتقال بعض النشطاء السياسيين الذين كان قد أطلق سراحهم مؤخرا، وذلك ليقوم بالإفراج عنهم كإشارة إلى إدارة بايدن والأوروبيين بأنه يستجيب للمطالبات بإطلاق سراح المعتقلين، بينما يتم التعتيم على باقي المعتقلين القابعين في السجون منذ نحو 7 سنوات” وهؤلاء يقدرون بعشرات الآلاف. كما يمضي النظام في تضليله لمؤسسات حقوق الإنسان العالمية حول أعداد المعتقلين السياسيين؛ فكلهم معتقلون على ذمة قضايا ملفقة ويعانون من إهمال طبي جسيم وعصف بكل حقوقهم الإنسانية والقانونية، وقد أوردت منظمة العفو الدولية في تحقيقاتها أن التعذيب هو مُمنهح في السجون المصرية، وأن المعتقلين المرضى لا يتلقون أي رعاية صحية”.[[5]] وقد جرى هذا بالفعل في مسرحية اعتقال أعضاء المبادرة المصرية قبل زيارة السيسي لفرنسا مؤخرا؛ حيث جرى اعتقالهم ثم الإفراج عنهم بعدها بأيام،  كأداة من أدوات تبييض صورة النظام ومنح الرئيس  الفرنسي ذريعة للاستقبال الحافل لأحد أكبر طغاة العالم. وبهذه الحيلة يتعاطى النظام في مصر ويناور مع الإدارة الأمريكية الجديدة، والتي قد يكون نهجها مختلفا عن الإدارة السابقة بشأن موقفها من حقوق الإنسان في مصر”.

 

رفع الحظر عن منظمات حقوقية

التحرك الثالث من جانب نظام السيسي هو رفع الحظر عن جمعيات ومؤسسات مجتمع مدني كانت متهمة في قضية التمويل المعروفة رقم “173” منذ سنة 2011م. وكان النائب العام المصري قد استبق العقوبات الأمريكية والأوروبية المرتقبة وقبل زيارة السيسي الأخيرة إلى فرنسا في الأسبوع الأول من ديسمبر 2020م، وقرر إغلاق التحقيق مع 20 منظمة حقوقية، بعد 9 سنوات، كانت متورطة فيما أصبح يُعرف إعلامياً بالقضية 173، ورفع الحظر عن أعضائها، والسماح لهم بالسفر والتصرف في أموالهم. وبحسب مراقبين فإن قرار البرلمان الأوروبي من جهة واقتراب تنصيب بايدن من جهة أخرى أصاب النظام بحالة من الارتباك؛ ولذلك يسعى بكل ثقله من أجل تبييض صورته المشوهة لدى الغرب؛ وذلك بعدما فرضت أعلى سلطة تشريعية في أوروبا عقوبات على مصر، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.  وبنظرة أكثر عمقا للمشهد سنجد أن قرار  النائب العام المصري برفع الحظر عن 20 منظمة مجتمع مدني، هو قرار شكلي استهدف به الشو الإعلامي و إرضاء الغرب وتجميل صورة النظام القمعي، وليس دعما لسيادة القانون؛  وبحسب جمال عيد، المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، فإن “المؤسسات التي يزعمون استبعادها من الاتهام لم تكُن متهمة أصلاً، وكان الكثير منها ولا يزال يعمل في خدمة النظام، فالبيان لم يشمل أي مؤسسة مستقلة، وهؤلاء جميعهم مازالوا ممنوعين من السفر وأموالهم مجمدة، الأمر الذي ينفي وجود أي انفراج في وضعية حقوق الإنسان بعد قرار البرلمان الأوروبي حول مصر”.[[6]]

خلاصة الأمر، أن نظام السيسي ورغم تعاقده بملايين الجنيهات مع شركة دعاية لتبييض صورة النظام أمام الإدارة الأمريكية الجديدة والغرب بشكل عام، فقد تلقى ثلاث صفعات: الأولى هي الإدانة من جانب البرلمان الأوروبي والتي تضنت لأول مرة إجراءات عقابية بحق مسئولين بالنظام.

والثانية، إقرار الكونجرس الأمريكي للمساعدات السنوية للنظام المصري بقيمة 1.3 مليار دولار، ولكن تم ربط 225 مليون دولار بشرط إثبات النظام احترام حقوق الإنسان. وربط 75 مليون دولار بشرط التزام حكومة السيسي بالإفراج عن المعتقلين السياسيين.

أما الثالثة فقد جاءت من الرئيس ترامب الصديق الحميم للسيسي والذي اتهم السيسي بأخذ أموال المعونة الأمريكية لشراء معدات وأسلحة روسية الصنع. في محاولة لتعقيد العلاقة بين نظام السيسي وإدرة بايدن التي يتوجب عليها مواجهة صفقات السيسي من السلاح الروسي.

 

 

[1] بـ65 ألف دولار شهريا.. مصر تتعاقد مع شركة علاقات عامة لتحسين صورتها أمام بايدن/ الجزيرة مباشر 11 نوفمبر 2020

[2] حقوقي مصري: حملة اعتقالات موسعة بمختلف المحافظات/ “عربي 21” الثلاثاء، 22 ديسمبر 2020

[3] في ذكرى ثورة يناير.. السلطات المصرية تعتقل العشرات بتهمة الانتماء إلى الإخوان/ الجزيرة مباشر 24 ديسمبر 2020

[4] جوليو ريجيني: هل تسوء علاقة مصر بأوروبا بعد انتقاد البرلمان الأوربي أوضاع حقوق الانسان؟/ بي بي سي عربي 20 ديسمبر/ كانون الأول 2020

[5] طه العيسوي/طالبوا إدارة “بايدن” بالضغط على “السيسي”.. شخصيات دولية ومصرية: هكذا يتلاعب السيسي بملف المعتقلين/ “عربي 21” الإثنين، 07 ديسمبر 2020

[6] رفعت الحظر عن جمعيات اتهمتها بالتمويل قبل 9 أعوام.. مصر تستبق قرار برلمان أوروبا بتلميع صورتها الحقوقية/ عربي بوست 25 ديسمبر 2020

 

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022