افتتاح قاعدة 3 يوليو العسكرية .. قراءة في رسائل السيسي وتوجهات رعاته

 

 

يحمل افتتاح قاعدة 3 يوليو البحرية العسكرية بمنقطة جرجوب على الساحل الشمالي الغربي بالقرب من الحدود الليبية، كثيرا من الرسائل والدلالات تتعلق بالتوقيت من جهة والمشاركين في الافتتاح من جهة ثانية، ثم حجم الدعاية التي صاحبتها من جهة ثالثة، وصولا إلى الهدف منها في ظل السياق المحلي والإقليمي الملتهب سواء فيما يتعلق بملف سد النهضة وفشل جميع المسارات المصرية في وضع حل للأزمة، أو الملف الليبي رغم التهدئة الحالية بعد الترتيبات المصرية التركية والتقارب الجاري حاليا بين البلدين في عدد من الملفات والقضايا. وفي مقطع مصور للقاعدة، قال المتحدث العسكري المصري إن الجيش سيقوم بالمناورة “قادر 2021″، على هامش افتتاح قاعدة 3 يوليو.

وبحسب بيان لرئاسة الجمهورية، فإن “قاعدة 3 يوليو تختص بتأمين البلاد في الاتجاه الاستراتيجي الشمالي والغربي، وصون مقدراتها الاقتصادية، وتأمين خطوط النقل البحرية، والمحافظة على الأمن البحري، كما تمثل إضافة جديدة لمنظومة القواعد البحرية المصرية، وذلك ضمن خطة التطوير الشاملة للقوات البحرية، بحيث تكون نقاط ارتكاز ومراكز انطلاق للدعم اللوجستي للقوات المصرية في البحرين الأحمر والمتوسط، لمجابهة أي تحديات ومخاطر قد تتواجد في المنطقة، وكذلك مكافحة عمليات التهريب والهجرة غير الشرعية”.

وتأتي قاعدة “3 يوليو” بعد قاعدتي “محمد نجيب وبرنيس” في إطار توجهات السيسي نحو بناء قوة عسكرية يتباهي بها أمام الشعب الفقير جدا والذي سقط  منه حوالي 60 مليونا بحسب تقديرات البنك الدولي إما  على أو تحت خط الفقر، كما يستهدف التغطية على فشله في كافة قطاعات الحياة والمبالغة في النزعة الوطنية بشعارات زائفة.

افتتاح قاعدة 3 يوليو العسكرية .. قراءة في رسائل السيسي وتوجهات رعاته

رسائل ودلالات

الرسالة الأولى، أن اختيار اسم القاعدة العسكرية  3 يوليو وافتتاحها في ذات اليوم “السبت 3 يوليو 2021م” يمثل رسالة تعكس إصرار نظام الدكتاتور عبدالفتاح السيسي العسكري على محو الذاكرة التاريخية للمصريين، وتكريس رواية النظام حول ثورة يناير والانقلاب عليها في 3 يوليو، وذلك عبر ترسانة من القوانين الشاذة والأحكام الجائرة والأكاذيب التي تروجها الآلة الإعلامية ليل نهار من أجل تحويل الانقلاب إلى ثورة، وجرائم النظام بقتله آلاف المصريين إلى بطولة تستحق الإشادة والاحتفال  وتخليد ذكراها أملا في طمس معالم الجريمة وإسكات الضحايا.

الرسالة الثانية والأهم هي توظيف الحدث من أجل الدعاية للنظام  وترميم شعبيته المتآكلة، فالمواد الإعلامية التي جرى بثها مباشرة أو المسجلة ترسم صورة بالغة القوة للمؤسسة العسكرية المصرية، فمشهد الطائرات فوق أرصفة حاملة الطائرات والمعدات والأجهزة والأسلحة ومشاهد اصطفاف وحركة الضباط والجنود بالخطوة المعتادة، والتعليق العسكري الذي جرى  إعداده مصحوبا مع المادة الفيلمية الممنتجة جرى إخراج ذلك كله بما يشبه أفلام هوليود الأميركية حول الجيش الأميركي. وهذا مقصود بذاته من أجل إقناع المصريين أن النظام العسكري حريص كل الحرص على تقوية الجيش حتى يكون من أقوى جيوش العالم.

ويتجاهل النظام أمرين:

الأول، أنه رغم تصدر مصر الترتيب الثالث عالميا في استيراد الأسلحة في الفترة من 2016 إلى 2020 وفقا لأحث تقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام “سيبري”، الصادر في مارس 2021م. إلا أن ترتيب الجيش المصري على مستوى العالم تراجع من الترتيب التاسع إلى الثالث عشر وفقا لموقع «جلوبال فاير باور» المتخصص في الشئون العسكرية لعام 2021م. وبحسب “جلوبال فاير باور” فإن الجيش المصري يمتلك 1053 طائرة حربية بينها 250 مقاتلة و88 طائرة هجومية، و304 مروحيات بينها 91 مروحية هجومية.

وتتكون القوات البرية المصرية من 3 آلاف و735 دبابة و11 ألف مدرعة وأكثر من 1165 مدفعا ذاتي الحركة، و2200 مدفعا ميدانيا و1235 راجمة صواريخ. ويمتلك الجيش المصري أسطولا بحريا مكونا من 316 قطعة بحرية تضم حاملتي مروحيات و9 فرقاطات و7 كورفيتات و8 غواصات و50 سفينة دورية، و23 كاسحة ألغام. ويصل عدد القوات مليون و330 ألف مقاتل بينهم 480 ألفا في قوات الاحتياط.  وتصل ميزانية الجيش المصري إلى 10 مليارات دولار.

الثاني، أن أزمة سد النهضة وعجز النظام والجيش حتى اليوم عن مواجهة هذا العدوان الإثيوبي على مصر وأمنها القومي يبدد جميع حملات الدعاية التي تستهدف ترميم شعبية النظام وشعبية المؤسسة العسكرية والتي تآكلت بفعل العجز أمام الإثيوبيين من  جهة، وخضوع المؤسسة لأطماع كبار قادتها وجنرالاتها عندما قادوا انقلابا عسكريا على المسار الديمقراطي في يوليو 2013م من جهة ثانية، ثم بفعل تورط بعض فصائل المؤسسة العسكرية في سفك دماء آلاف المصريين من جهة ثالثة، ثم خضوع المؤسسة لسياسات النظام التي ألحقت بمصر أضرارا واسعة وأبرزها التفريط في سيادتها على جزء من أراضيها “تيران وصنافير” من جهة رابعة.

افتتاح قاعدة 3 يوليو العسكرية .. قراءة في رسائل السيسي وتوجهات رعاته

فما معنى أن ينفق الجنرال عشرات المليارات من الدولارات على صفقات السلاح الضخمة وبناء القواعد العسكرية ثم يتراجع ترتيب الجيش عالميا من من جهة، ويعجز النظام أمام التهديدات الكبرى للأمن القومي المصري من جهة ثانية كما يحدث في ملف سد النهضة؟

معنى ذلك أن الهدف من هذه القواعد العسكرية ليس حماية مصر وأمنها القومي بل شراء شرعية النظام وتسويقه دوليا من جهة، والتفاخر والتباهي لتكريس حكم الجنرلات وقهر المصريين وإذلالهم على النحو الذي يعاينه المصريون كل يوم من جهة ثانية.  فهي أسلحة لقهر الشعب وليس لحمايته والدفاع عنه. كما يستهدف النظام بذلك تشكيل رأي عام شعبي مؤيد للنظام ويُبارك سياساته؛ لكن المشكلة الكبرى أن المصريين لا يرون من النظام والمؤسسة العسكرية القوة والعزة إلا في موضعين فقط: الأول، قهر المصريين كما جرى في مرحلة ثورة يناير وما تلاها حتى انقلاب 3 يوليو وما تلاه من مذابح وحشية مروعة على يد فصائل عسكرية وأمنية. والثاني، في أعمال السينما والدراما.

أما الحقيقة فمؤلمة حيث تتعرض البلاد لأكبر تهديد وجودي لها دون أن نرى أي رد فعل من السيسي أو الجيش فلا صفقات السلاح ردت لمصر اعتبارها في أزمة سد النهضة، ولا القواعد العسكرية قادرة على حماية أمن مصر القومي!

الرسالة الثالثة، مغزى المكان في القواعد العسكرية في الجنوب والغرب تعكس التحولات الكبرى في العقيدة العسكرية المصرية؛ بعدم اعتبار الاحتلال الإسرائيلي عدوا؛ ولكن منذ انقلاب 30 يونيو 2013 أصبح العدو هو الإسلاميون، لذلك قام السيسي بتطوير هذه القواعد العسكرية باتجاه الغرب ناحية ليبيا، والأخرى بالجنوب تجاه السودان التي كانت مرتبطة وقتها بنظام البشير قبل سقوطه”.([1])

وافتتح السيسي ثلاث قواعد عسكرية هي قاعدة محمد نجيب في يوليو 2017م. و”برنيس” في 15 يناير 2020م على البحر الأحمر بالقرب من الحدود السودانية. وقاعدة “3 يوليو” التي افتتحها في 3 يوليو 2021م على شاطئ البحر المتوسط بالقرب من الحدود الليبية. وكان موقع “SDA” المتخصص في أخبار الأمن والدفاع العربي، قد نشر في 2019م تقريرا يفيد «بناء مصر قاعدة عسكرية بحرية رابعة في بورسعيد لتأمين مجرى الملاحة»، ويبدو أنه جرى تأجيلها لأسباب غير مفهومة،  قد يكون الرفض الإسرائيلي. معنى ذلك أن نظام السيسي ورعاته لا يزالون يرون في النفوذ التركي في ليبيا أو شرق المتوسط التهديد الأكبر الذي يتوارى إلى جانبه التهديد  الإثيوبي وقبله التهديد الإسرائيلي، رغم حالة التقارب الجارية بين البلدين حاليا.

وبالإضافة إلى القواعد العسكرية الثلاثة السابق ذكرها، فإن مصر لديها العديد من القواعد البحرية الصغيرة، من أهمها قواعد الإسكندرية (راس التين – أبو قير)، وبورسعيد، والسويس، وسفاجا، ومطروح (قاعدة لنشات)، والرصيف الحربي في ميناء دمياط، والرصيف الحربي في ميناء الغردقة، والرصيف الحربي في ميناء شرم الشيخ.([2])

الرسالة الرابعة، هي في حجم ونوعية المشاركة، فقد شارك في الاحتفال محمد بن زايد،  ولي عهد أبو ظبي ورئيس الوزراء الإماراتي، ومحمد المنفي، رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي. وهما الضيفان اللذان حظيا بمعظم الشو الإعلامي مع السيسي. حيث اصطحبهما على سطح الفرقاطة الجلالة (س.ج.م) التي باعتها إيطاليا إلى مصر مؤخرا. هناك أيضا وفد فرنسي برئاسة مستشار رئيس أركان هيئة الجيوش الفرنسية ، إضافة إلى وزير الدفاع اليوناني والسعودي والقطري ورؤساء أركان جيوش بالمنطقة.

الرسالة من هذه التوليفة هي التأكيد على قوة تحالف الاستبداد العربي، وأن الهدف من هذه القواعد العسكرية المصرية هو تقوية وتعزيز هذا التحالف من أجل تحقيق أهدافه وسياساته الإقليمية،  فقد شارك محمد بن زايد ممثلا عن الإمارات التي تعد أحد أهم أضلاع تحالف الثورات المضادة. كما شارك وزير الدفاع السعودي، رغم توتر العلاقات السعودية الإماراتية حاليا بشأن ملف أوبيك وإنتاج النفط العالمي، لكن ذلك لا يمنع من التنسيق فيما يتعلق بالقواعد والسياسات العامة المتفق عليها لحماية نظام الاستبداد العربي الرسمي من ثورات الشعوب وعدوى الديمقراطية.

افتتاح قاعدة 3 يوليو العسكرية .. قراءة في رسائل السيسي وتوجهات رعاته

الملاحظة الثانية، هي مظاهر المودة التي ارتسمت على وجوه الثلاثة “السيسي ــ بن زايد ــ المنفي”، فيما يمثل رسالة نفي لما يتردد إعلاميا حول توتر العلاقات المصرية الإماراتية في عدد من الملفات من أهمها ليبيا وغزة وشرق المتوسط كرد فعل على المشروعات الإماراتية الإسرائيلية التي تضر الأمن القومي المصري في الصميم. فحجم ونوعية المشاركة قد تشير إلى أن ما يشاع عن توتر العلاقات قد يكون أدوارا مرسومة على نحو مسبق.

وقد يعزز من هذه الفرضية الأنباء التي ترددت عن دعوة السيسي لكل من خليفة حفتر وعقيلة صالح، لحفل الافتتاح لعقد اجتماع هامشي لبحث ملف الشخصية التي ستتولى وزارة الدفاع في الحكومة الليبية المقبلة بحسب موقع “سكاي نيوز عربية”  الإماراتي. وقد اعتبر موقع دويتشه فيلا الإلماني أن حفتر هو الحاضر الغائب في الاحتفال.[[3]] ويبدو أن مثل هذه اللقاء قد جرى بالفعل بشكل سري لتصميم وهندسة المشهد الليبي خلال الفترة المقبلة.

الملاحظة الثالثة أن نظام بن زايد والسيسي يضعان البترول الليبي وثرواته الضخمة وأموال إعادة إعمار ليبيا في الاعتبار”، وافتتاح القاعدة العسكرية في هذه الموقع تحديدا بجانب قاعدة محمد نجيب العسكرية التي تعتبر الأكبر في الشرق الأوسط إنما يستهدفون بها محاولة قطع الطريق على تركيا ونفوذها في ليبيا مستقبلا. باعتبارها أهم الجهات التي تدفع باتجاه التحول الديمقراطي هناك،  خاصة أن أبوظبي أكبر داعم بالسلاح والمال للتمرد العسكري في ليبيا الذي يقوده حفتر، والقواعد العسكرية الأخيرة غرب مصر لتأمين هذا الدعم مستقبلا حال فشل القاهرة وأبو ظبي في تمكين تحالف حفتر والمقربين منهم من ليبيا بالانتخابات. وبالتالي فهذه القواعد قد تمثل محطة إرباك للمشهد الليبي حال انتهت نتائج الانتخابات لغير صالح التحالف الإماراتي المصري.

الملاحظة الرابعة، تعتبر قاعدة “3 يوليو” ثاث القواعد البحرية المصرية،[[4]] فقد تم افتتاح “قاعدة محمد نجيب” في 22 يوليو 2017م بمشاركة محمد بن زايد وخليفة حفتر، والتي تعتبر القاعدة العسكرية الأكبر في مصر والشرق الأوسط. وفي 15 يناير 2020 تم افتتاح “قاعدة برنيس” العسكرية على 150 ألف فدان على البحر الأحمر بالقرب من الحدود السودانية بمشاركة محمد بن زايد أيضا. اللافت أن بن زايد كان مشاركا في افتتاح القواعد العسكرية الثلاث[[5]] بما يبرهن على دور أبو ظبي في التخطيط والتمويل والتنفيذ وبالتالي حصد المكاسب وبسط النفوذ الإقليمي.

الملاحظة الخامسة، هي مشاركة وزير الدفاع اليوناني، في رسالة لتركيا، وقد يمثل ذلك شكل من أشكال الترضية لآثينا التي تبدي تخوفها وقلقها من التقارب المصري التركي حاليا؛ وبالتالي فدعوة وزير الدفاع اليوناني قد تمثل شكل من أشكال التأكيد على متانة العلاقات بين القاهرة وأثينا، وأن التقارب مع أنقرة لن يكون على حساب التحالف القائم بالفعل مع أثينا.

الرسالة الخامسة، حماية الاستثمارات الإماراتية في ساحل مصر الشمالي، فالقاعدة الجديدة لها أهداف عسكرية اقتصادية تتعلق بحماية اكتشافات الغاز والبترول الحديثة في ظل الصراع الملتهب على ثروات شرق البحر المتوسط، كما أن القاعدة الجديدة قريبة من ميناء جرجوب التجاري، ومنطقة صناعية ولوجستية للإمارات فيها استثمارات ضخمة، إضافة إلى قرب القاعدة من مركز اقتصادي، ومحطة الضبعة النووي ومدينة العلمين الجديدة التي تعتبر مقر الحكومة الصيفي بالقرب من الساحل الشمالي حيث قصور السادة الوزراء وكبار قادة المؤسسة العسكرية والمخابراتية والأمنية.

بينما ستبقى العاصمة الإدارية مقر الحكومة الشتوي. معنى ذلك أن القاعدة العسكرية الجديدة تستهدف أيضا دعم التوجهات والسياسات الإماراتية وحماية استثماراتها الهائلة في منطقة الساحل الشمالي الغربي بمصر، وقد نوَّهت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية إلى دور الإمارات في بناء هذه القواعد الضخمة في ظل تدهور الوضع الاقتصادي المصري. وبحسب افتتاحة الصحيفة التي كتبتها الصحفية سمدار بيري الخبيرة في الشئون العربية فإنه «رغم المافتتاح قاعدة 3 يوليو العسكرية .. قراءة في رسائل السيسي وتوجهات رعاتهصاعب المالية، والعجز الكبير في الوزارات الحكومية ومستوى المعيشة الذي هبط مؤخرا، يواصل الجيش المصري  التعاظم”. وأشارت إلى أن “الاستقبال الحار الذي حظي به حاكم الإمارات، يمكنه بالتأكيد أن يمثل ليس فقط دور الإمارات بل وبالأساس مساهمة الخليج المالية الكبيرة والعلاقات الآخذة في التحسن”.[[6]]

الرسالة السادسة، أن “إسرائيل” باعتبارها العدو الأكبر لمصر على مدار التاريخ الحديث، والتي ترتبط  ارتباطا وثيقا بنظام الدكتاتور عبدالفتاح السيسي، لم تبد أي اعتراض على هذا التعاظم الكبير في قوة الجيش المصري؛ الأمر الذي يثير كثيرا من التساؤلات والألغاز حول مدى  وحجم التحالف المصري مع الاحتلال الإسرائيلي والذي جعل تل أبيب في أمان مطلق من جانب النظام العسكري في مصر، رغم أن حكومة الاحتلال لا تفتأ تعلن عن مشروعات تضر بالأمن القومي المصري كمشروع قناة “بن غوريون” الموازية لقناة السويس أو خط نقل الغاز والنفط من الخليج إلى البحر المتوسط.  كما أن إثيوبيا أيضا  لا ترى في تعاظم قوة الجيش المصري وصفقات السلاح المليارية والقواعد العسكرية الجديدة تهديدا لها ودائما ما تقلل من شأن ذلك باعتبار أن ما يقوم به السيسي موجه إلى الداخل وليس إلى أي قوة خارجية حتى لو كانت تضرب الأمن القومي المصري في الصميم.

وعندما افتتح السيسي قاعدة “برنيس” العسكرية في 15 يناير 2020م، أبدى الإسرائيليون ــ على غير العادة ــ ترحيبا   كبيرا بها؛  وأشار تقرير تلفزيوني إسرائيلي إلى أنه سيكون من مهامها مساعدة إسرائيل. وأضاف الخبير الإسرائيلي في الشؤون العربية إيهود يعاري، في تقرير حصري على القناة 12 الإسرائيلية، أن “التقدير العسكري الإسرائيلي يرى في توسيع رقعة التواجد المصري في هذه المنطقة الحرجة من البحر الأحمر، تقديما لخدمات جليلة للأمن الإسرائيلي. بل يصف محلل الشؤون العربية للقناة العبرية، افتتاح السيسي للقاعدة عند شواطئ البحر الأحمر، بـ”الحدث التاريخي” إلى جانب بدء ضخ الغاز الإسرائيلي إلى مصر.

ويقول يعاري: “لدى إسرائيل وجود محدود للغاية في تلك المنطقة الحساسة، وتوسيع الوجود المصري هناك من شأنه أن يساعد أيضاً في الحفاظ على أمن السفن من وإلى إسرائيل”. هذا الترحيب الإسرائيلي يتسق تماما مع دراسة أعدها  “المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية” (ميتفيم)، في أغسطس 2019م، والتي كشفت أن إسرائيل ترتبط بمستويات تعاون أمني واستخباري وسياسي مباشر مع كل من السعودية ومصر والأردن والإمارات، بهدف تقويض النفوذ التركي والإيراني وتشديد الحصار على الحركات الإسلامية وعلى رأسها حركات المقاومة الفلسطينية.

وأشادت بتعاظم حجم التعاون الأمني بين “تل أبيب” ونظام السيسي، والذي تطور بشكل كبير في أعقاب الإطاحة بحكم الإسلاميين منتصف 2013م، موضحة أن الأجهزة الأمنية والاستخبارية في تل أبيب والقاهرة “هي التي تتولى إدارة هذا التنسيق وتطويره”([7]).

 

 

 

[1] ما حقيقة دور قاعدة برنيس العسكرية التي افتتحها السيسي؟/عربي “21” الخميس، 16 يناير 2020

[2] مواقعها وأسباب إنشائها.. مصر تبني ثلاث قواعد بحرية جديدة/ الحرة 22 أكتوبر، 2019

[3] حفتر ـ الحاضر الغائب في افتتاح السيسي لقاعدة بحرية قرب ليبيا/ دويتش فيلا الألمانية  ــ  04 يوليو 2021

[4] برنيس ونجيب و3 يوليو.. قواعد عسكرية مصرية لاستراتيجية 2030/ العين الإخبارية ــ السبت 03 يوليو 2021م

[5] توالي افتتاح مصر قواعد عسكرية بحضور إماراتي.. ماذا وراءه؟/ “عربي 21” ــ الأحد، 04 يوليو 2021

[6] أحمد صقر/ يديعوت تلمح لدور إماراتي بقاعدة “3 يوليو”.. ما علاقة مرسي؟/ “عربي 21” ــ  الثلاثاء، 06 يوليو 2021

[7] صالح النعامي/ دراسة: تعاون إسرائيلي سعودي إماراتي مصري لمواجهة إيران/ العربي الجديد 29 أغسطس 2019

 

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022