مخططات التهجير وصفقة السيطرة: كيف يفرض ترامب ونتنياهو وقائع جديدة على الأرض؟

حسام نادي باحث سياسي

في الخامس من فبراير 2025، خرج الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتصريحات خطيرة تمس جوهر القضية الفلسطينية. فقد تحدث ترامب عن خطة تقضي بإعادة توطين الفلسطينيين خارج غزة، وتحويل القطاع إلى “ريفييرا الشرق الأوسط” تحت إشراف أمريكي، وهو ما يفتح الباب أمام سيناريوهات خطيرة تتعلق بالتهجير القسري والهيمنة على مصير الشعب الفلسطيني.

من منظور باحث سياسي عربي معارض، لا يمكن فصل هذه التصريحات عن المسار الذي تتخذه الأنظمة العربية، لا سيما النظامان المصري والأردني، اللذان باتا عاجزين عن اتخاذ قرارات مستقلة أمام الضغوط الأمريكية والإسرائيلية. فبينما يعلنان الرفض العلني لفكرة التهجير، تبقى هناك تساؤلات حول مدى استعدادهما للوقوف في وجه مثل هذه المخططات على أرض الواقع.

أولًا: النقاط الرئيسية في تصريحات ترامب ونتنياهو

  1. السيطرة على غزة: أعلن ترامب بشكل واضح أن الولايات المتحدة ستتولى إعادة الإعمار في غزة، متحدثًا عن مشروع اقتصادي ضخم يحول القطاع إلى مركز سياحي واستثماري عالمي، في تجاهل تام لمطالب الفلسطينيين بالسيادة على أرضهم.
  2. تهجير الفلسطينيين: أشار ترامب إلى ضرورة نقل سكان غزة إلى مصر والأردن، وهو ما يعني تنفيذ خطة توطين قسري على حساب السيادة الوطنية للدول المجاورة، ما يهدد بخلق أزمة ديمغرافية وأمنية واسعة.
  3. التطبيع مع السعودية: اعتبر ترامب أن تصريحات التطبيع الجديدة بين إسرائيل ودول عربية ستعزز مشروعه في المنطقة، وهو ما يعكس استمرار نهج استغلال الأنظمة العربية لخدمة الأجندة الإسرائيلية.

ثانيًا: السيناريوهات المحتملة

  1. تصاعد المقاومة الفلسطينية: من المتوقع أن تقابل هذه التصريحات رفضًا قاطعًا من فصائل المقاومة الفلسطينية، التي قد تلجأ إلى تصعيد المواجهات المسلحة كوسيلة للرد على المخططات التصفوية.
  2. تفكك الموقف العربي: رغم الرفض العلني من قبل مصر والأردن، يبقى السؤال الأهم: إلى أي مدى يمكن لهذه الأنظمة أن تصمد أمام الضغوط الأمريكية؟ فالتاريخ يثبت أن القرارات الكبرى غالبًا ما تُتخذ في الغرف المغلقة بعيدًا عن الشعوب.
  3. تحولات إقليمية: قد تدفع هذه الخطوة دولًا مثل إيران وتركيا إلى استغلال الظرف الحالي لمزيد من النفوذ في القضية الفلسطينية، مما سيعيد تشكيل التحالفات في المنطقة.

ثالثًا: التداعيات المحتملة

  1. أزمة دبلوماسية عربيةأمريكية: ستجد الأنظمة العربية نفسها في موقف محرج أمام شعوبها، إذ سيؤدي التواطؤ مع واشنطن إلى حالة غضب شعبي غير مسبوق.
  2. تصاعد العنف في فلسطين: أي محاولة لفرض التهجير على سكان غزة ستؤدي إلى تفجر الأوضاع على الأرض، مما يجعل خيار المقاومة المسلحة حاضرًا بقوة.
  3. فقدان الثقة في الأنظمة العربية: ستتعمق الهوة بين الشعوب العربية وحكوماتها، حيث يدرك المواطن العربي أن هذه الأنظمة لا تملك إرادة سياسية حقيقية لمواجهة المشاريع الاستعمارية الجديدة.

رابعًا: ردود الفعل الأولية

  • الرفض الفلسطيني القاطع: أصدرت الفصائل الفلسطينية بيانات تنديد واضحة، محذرة من مغبة المساس بالحقوق الوطنية.
  • الموقف الرسمي لمصر والأردن: رغم الرفض العلني لفكرة التهجير، فإن تاريخ هذه الأنظمة يظهر أنها قد تخضع للضغوط الدولية، خاصة في ظل التهديدات الاقتصادية والسياسية التي قد تستخدمها واشنطن.
  • المجتمع الدولي: بينما ستعبر بعض الدول عن قلقها، فإن الإرادة الحقيقية لمواجهة هذا المخطط تبقى محدودة في ظل الهيمنة الأمريكية على الساحة الدولية.

خاتمة

إن ما يحدث اليوم هو امتداد لسياسات استعمارية تهدف إلى إعادة هندسة الواقع الفلسطيني بما يتناسب مع المصالح الأمريكية والإسرائيلية. لكن الأخطر من ذلك هو التواطؤ العربي الصامت، الذي يسمح لمثل هذه المخططات بأن تتحول إلى أمر واقع. وإذا لم يكن هناك موقف عربي واضح وصارم ضد هذه المشاريع، فإن المنطقة بأسرها قد تكون على أعتاب مرحلة جديدة من التبعية والانهيار السياسي.

ويبقى السؤال: هل ستتحرك الشعوب قبل أن تصبح أوطانها مجرد أوراق مساومة في صفقات القوى الكبرى؟

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022