مستقبل القرن الافريقي في ظل سحب اثيوبيا بساط النفوذ من مصر

 مستقبل القرن الافريقي في ظل سحب اثيوبيا بساط النفوذ من مصر   ظلت منظومة النفوذ في منطقة القرن الافريقي محسومة لسنوات طويلة لمصر، في ظل هيمنتها على قضية المياه ومنع دول أعالي النيل من بناء أي سدود أو تغيير نظام تقسيم مياه النيل بموجب اتفاقيتي 1929 و1959، إضافة لتمدد نفوذها التقليدي وقوتها الناعمة (الازهر + الدراما + السلع المصرية التقليدية)، الي ما قبل انهيار نظام مبارك. وجاء انسحاب نفوذ القاهرة التدريجي من القرن الافريقي، بفعل اهمال نظام مبارك للقارة، وكذا حالة السيولة السياسية التي شهدتها مصر عقب ثورة 25 يناير، متزامنا مع خطوات اسرائيلية متصاعدة لبسط النفوذ في المنطقة للضغط على مصر بملف المياه وضمان الملاحة في البحر الاحمر، وذلك عبر استغلال نفس الادوات المصرية في بسط النفوذ خاصة إقامة مشروعات مائية وزراعية وتجارية مع دول أعالي النيل خصوصا. كما جاء هذا التراجع المصري، متزامنا ايضا مع خطوات اثيوبية قادها رئيس الوزراء الراحل "ملس زيناي" والحالي "ابيو احمد" لتحويل بلادهم الي مركز قوة يناطح القاهرة، بدأت بطرح فكرة "الاتفاق الاطاري لدول حوض النيل" او "اتفاقية عنتيبي" عام 2010، الذي يلغي حقوق مصر التاريخية واتفاقي 1929 و1959، ويلغي أي فيتو مصري على كيفية استخدام دول حوض النيل لمياه النيل ويجعلها بالتساوي ويسمح ببناء السدود، وانتهت هذه المرحلة ببناء "سد النهضة" الذي يسلب مصر حقوقها المائية التاريخية ويلغي نفوذها المائي القديم. وعقب قبول السيسي اتفاقية سد النهضة واعترافه بالتالي ضمنا بنهاية نفوذ مصر المائي وحقوقها التاريخية في اتفاقيتي 1929 و1959، بل وحضوره قمة دول اتفاقية عنتيبي عام 2017، وانحياز الخرطوم لمصالحها في بناء سد النهضة ضد مصالح مصر، تسرب النفوذ تماما في القرن الافريقي من ايدي مصر الي اثيوبيا.   القرن الأفريقي إلى أين؟ ارتبط القرن الأفريقي، الذي يشق مياه البحر في شرق إفريقيا إلى نصفين جنوب خليج عدن، بالعديد من الأزمات والمشكلات الإقليمية والدولية، حتى بات يعرف في الأدبيات السياسية بأنه جزء من "قوس الأزمة" التي تمتد لتشمل منطقة الخليج العربي، ولذلك أصبح يشكل أزمة امنية وسياسية وايدلوجية نظرا ﻻهميته الاستراتيجية والتدافع الدولي عليه قديما وحديثا طلبا للسيطرة والنفوذ، وخضع الإقليم بسبب ذلك لعمليات فك وتركيب جيوستراتيجية لم تنته بعد. ويقول د. حمدي عبد الرحمن استاذ الشئون الافريقية بجامعة القاهرة أن القوى الدولية التي سعت لإعادة صياغة القرن الأفريقي بما يخدم مصالحها، أسهمت في خلق العديد من الازمات، منها أزمة الصومال، واريتريا وتقسيم السودان، فضلا عن التصارع على ملف مياه النيل والتدخلات الدولية والصهيونية في هذا الملف الحساس الذي يستهدف أعداء مصر استخدامه ضدها كسلاح، عبر تشجيع اثيوبيا ومشاريعها المائية على النيل. هنا من المهم رصد الخطوات الإصلاحية المتسارعة لرئيس الوزراء الإثيوبي ابي أحمد علي المستوي الداخلي (التصالح مع المعارضة وعودة قادتها للبلاد) وعلى المستوي الخارجي بتصفير المشاكل بين بلاده ودول الجوار على طريقة السياسة التركية (صفر مشاكل مع دول الجوار)، وأبرزها المصالحة مع إريتريا، لعلاقة الامر بمستقبل القرن الأفريقي واستقراره. ففي ظل خطوات رئيس الوزراء الاثيوبي الجديدة زاد النفوذ الاثيوبي في منطقة القرن الافريقي، مقابل تقلص النفوذ المصري خاصة بعد تسليم مصر جزر تيران وصنافير للسيادة السعودية وهي الجزر التي تتحكم في مسار الملاحة بالبحر الاحمر مع باب المندب. ايضا ستنعكس المصالحة الاثيوبية الاريترية على ازمة الصومال التي تتدخل فيها اثيوبيا بقواتها، كما ستنعكس على السودان الذي يسعي للحفاظ على علاقات متوازنة مع الجميع. وأطاح "ابيو أحمد" بـ "ثوابت" السياسة الخارجية الاثيوبية حين أعلن تغيير موقف بلاده بالكامل إزاء جارتيه الشرقية والجنوبية، متصالحا مع واحدة ومنهيا لصراع بينهما منذ استقلالهما، ثم وسع دائرة المصالحة الإقليمية لتشمل خصوم ومنافسين تقليديين تناصبهم بلاده الشك بل والعداء منذ نصف قرن.   وبدأ "ابيو أحمد" حكمه بالإفراج عن آلاف السجناء ممن يقضون عقوبات لها صلة بالصراع السياسي بما في ذلك صحفيين وخصوم سياسيين وأحد المحكوم عليهم بالإعدام، وأطاح بمدير المخابرات العامة وعدد من الشخصيات الأمنية المكروهة، وأعلن عن حزمة من الإصلاحات الديمقراطية لإنهاء سيطرة مجموعة بعينها على مقاليد الحكم وفتح المجال العام أمام الراغبين في المشاركة السياسية السلمية، وقرر رفع الحجب عن كل المواقع الإخبارية المحجوبة معلنا أن حرية الرأي ضرورية لأي مجتمع صحي. وحين سألوه عن الإرهاب قال إن الأجهزة الأمنية التي تلوي عنق القانون وتعتقل الناس وتعذبهم هي أيضا تمارس الإرهاب بل وتبذر بذوره في المجتمع، وأنه لم يعد هناك قرية واحدة في البلاد تخلو من شخص تم اعتقاله وتعذيبه من قبل الأمن، وأن كل هذا يجب أن يتوقف كي يتوقف الإرهاب. وفي مواجهة أزمة اقتصادية طاحنة، أعلن رئيس الوزراء الاثيوبي الجديد، نهاية سيطرة الدولة على الاقتصاد وضرورة تغيير دورها بحيث تكون محفزا وداعما للنشاط الاقتصادي للأفراد والمجموعات لا بديلا عنهم. وقال إن سيطرة الدولة على الاقتصاد تفتح باب الفساد، وتقضي على المبادرة والابداع اللازمين للمنافسة الاقتصادية في عالم يقوم على المنافسة، وتهدر المال العام في مشروعات ومجالات لا تشكل بالضرورة أولوية. ويُعتقد أن محاولة الاغتيال التي تعرض لها "ابيو" بعد هذه السلسلة من التغييرات العنيفة التي قام بها داخليا وخارجيا، تعبر عن رفض بعض أركان الدولة العميقة لسياسات التغيير المتسارعة هذه، فقد أقال رئس الأركان ومدير المخابرات، كما ان المصالحة مع ارتريا لم تحظ بالتوافق داخل التحالف الحاكم. ويمكن أن يكون هدف محاولة الاغتيال هو التخويف واجبار رئيس الوزراء الجديد على التريث وربما التراجع عن بعض سياساته، بيد أن ابيو احمد قد ينجح في التخلص من معارضيه وفرض سياساته الإصلاحية، خاصة أن بلاده (اثيوبيا) باتت رقما هاما في معادلة القرن الافريقي تنافس مصر، بل وسحبت الكثير من نفوذ القاهرة لصالحها. ويري مراقبون أن رئيس الوزراء الاثيوبي الجديد يسابق الزمن بمبادراته في الداخل والخارج، ويحاول عن عمد أو غير عمد إعادة صوغ هندسة إقليم القرن الافريقي جيوستراتيجيا، لهذا ركز على السلام مع جيران بلاده اولا، وانهاء حرب حدودية خاضتها اثيوبيا واريتريا استمرت من 1998 حتى 2000 وأسفرت عن سقوط نحو 80 ألف قتيل، وفق الإحصائيات الدولية، ومع هذا فهو يواجه تحديات كبري داخليا وخارجيا، في سبيل فرض نفوذه.   العلاقة بين القرن الافريقي والازمات العربية يمكن رصد أبرز التحديات التي تواجه القرن الافريقي حاليا ومستقبلا، وتشابكها مع الصراع الخليجي والممرات البحرية على النحو التالي: قد تكون مصر خسرت معركة النفوذ في القرن الافريقي لصالح اثيوبيا (المدعومة اسرائيليا وأمريكيا) وخسرت ايضا معركة سد النهضة وحقوقها التاريخية في مياه النيل، بيد أنه لا يمكن اغفال ضرورة حل مشكلة توفير المياه الكافية لمصر وإلا تحول الامر لمسألة حياة أو موت تدفع الشعب لمواجهة سلطة الانقلاب وهدم المشاريع الصهيونية والامريكية لدعم السيسي كأفضل خادم ومنفذ لمصالح الغرب واسرائيل، لهذا سيكون على دول حوض النيل واثيوبيا خصوصا حل هذه المشكلة. مصر كانت تلعب بكروت إقليمية منها…

تابع القراءة

قراءة في أعمال الدورة 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة وتأثيراتها على قضايا الشرق الأوسط

 قراءة في أعمال الدورة 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة وتأثيراتها على قضايا الشرق الأوسط   انطلقت الثلاثاء 25 سبتمبر، وحتى أول اكتوبر 2018، أعمال الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وسط سلسلة ازمات تواجه العالم خاصة في الشرق الاوسط، وتهدد باندلاع حرب عالمية، وإغفال دولي لانتهاكات حقوق الانسان التي تقوم بها أنظمة ديكتاتورية تهدد السلام العالمي، والاكتفاء بمؤتمرات روتينية للتأكيد – حتى من جانب هؤلاء الحكام الديكتاتوريين – على ضرورة احترام حقوق الإنسان، وتعزيز الحكم الرشيد، الذي ينتهكونه!   وتعد ملفات وأزمات فلسطين وسوريا وإيران وكوريا الشمالية، من أخطر هذه الملفات التي سيقتصر الحديث عنها على كلمات رؤساء الدول بعبارات دبلوماسية دون حلول فعلية، برغم عروض "ترامب" لقاء الرئيس الايراني والترتيب للقاء رئيس كوريا الشمالية، ويأتي غياب رؤساء كبار مثل الروسي والصيني ليكشف عدم اهتمام بالأمم المتحدة ذاتها، والقناعة أن حسم الازمات المختلفة بات يعتمد على القوة الحربية لا الدبلوماسية، ما يتطلب حسم مسألة تطوير الامم المتحدة وإنهاء سيطرة القوي الكبرى مالكة الاسلحة النووية على القرار الدولي.   ويتوقع أن يتضمن جدول اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 73، بناء على ما قيل حتى الان من كلمات لرؤساء الدول والوفود: مناقشات حول ملفات شائكة منها عملية السلام المجمدة بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ 2014، وكذلك الملفان الإيراني والكوري الشمالي.   ووفق ما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، الأحد الماضي، فإنه بجانب عزم ترامب إظهار لهجة أكثر حدة تجاه إيران بعد انسحاب بلاده من الاتفاق النووي، وتسويق سياسته الانفتاحية على كوريا الشمالية.   وأنه "ربما يستثمر الرئيس الأمريكي هذا التجمع العالمي ليعلن عن خطة عملت عليها إدارته لإحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والمعروفة إعلاميا بـ «صفقة القرن»، والتي تقوم على إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة لصالح الدولة الصهيونية، بما فيها اعتبار القدس المحتلة عاصمة للصهاينة، وإلغاء حق عودة اللاجئين".   وهي خطة تواجه عقبات في ظل رفض الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، التعاطي مع إدارة ترامب منذ قرارها، في 6 ديسمبر 2017، اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، ثم نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، في 14 مايو الماضي. وإعلان عباس مرارا رفضه لـ «صفقة القرن» الأمريكية، والتدهور الاخير بالوقف الامريكي الكامل لتمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وغلق مكتب فلسطين في امريكا.   حيث تقول الولايات المتحدة إنها غير راضية عن أسلوب عمل الوكالة، بينما يقول فلسطينيون إن واشنطن تسعى عبر هذه الخطوة وغيرها إلى تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين.   وبوجود مجلس أمن منقسم اليوم أكثر من أي وقت مضى، ترأسه الولايات المتحدة خلال الشهر الحالي، يبدو التعامل مع قضية فلسطين بجانب أزمات إيران وسوريا وكوريا الشمالية وليبيا وغيرها، غامضا، بسبب حالة التخبط والتصريحات المتضاربة للرئيس ترامب حولها.   وتشهد الاجتماعات ايضا الاحتفال باليوم الدولي للإزالة الكاملة للأسلحة النووية بدعوة من رئيس الجمعية العامة يوم الأربعاء 26 سبتمبر، واجتماع لمكافحة السل، كوباء عالمي، وتمويل خطة التنمية المستدامة لعام 2030، و"العمل من أجل السلام".   اصلاح الامم المتحدة يصطدم بترامب   في الوقت الذي نشرت فيه الخارجية الامريكية استطلاعا للرأي على موقعها على تويتر، تضمن سؤال القراء عن أي الموضوعات أكثر الحاحا ويجب التركيز عليه ضمن 5 مواضيع رئيسية هي أولويات الإدارة الأمريكية خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأختار غالبية المصوتين "إصلاح الامم المتحدة" في المرتبة الاولي، قبل "مكافحة الارهاب" و"منع انتشار الاسلحة النووية"، و"المساعدة الانسانية"..   كما بدأ الرئيس الامريكي ترامب يوجه من على منصة الأمم المتحدة سهامه للعالم أجمع، أوروبا، روسيا، الصين، ايران، الخليج، فنزويلا والأمم المتحدة، ويعلن رفض الولايات المتحدة للعولمة واستبدالها بالوطنية والسيادة، ما يعني فرض القوة الامريكية علي امم العالم.   محاور خطاب ترامب في الامم المتحدة التي ارتكزت على السلام الفلسطيني وتغيير نظام التجارة العالمي، وإيران، وحديثه بإسهاب وتصعيد ضد إيران، مؤكدا "سنفرض عقوبات اخرى بعد تطبيق عقوبة نوفمبر القادم" ضد "الدكتاتورية الفاسدة" في إيران، وكذا حديث عن اعتبار القدس "عاصمة لإسرائيل"، باستخفاف يتعارض مع قرارات الامم المتحدة نفسها، بقوله: "لن نكون رهينة معتقدات سابقة، ولا تحليلات لخبراء ثبت أنها جميعها خاطئة"، اظهرت كم الاحتقار الامريكي للأمم المتحدة واعلاء خطاب "القوة" على "الدبلوماسية".   وإزاء هذا التجاهل الامريكي لبند اصلاح الأمم المتحدة، والحديث عن فرض الآراء الامريكية فيما يخص قضايا العالم فرضا دون اعتبار لموقف الامم المتحدة، اضطر الرئيس التركي اردوغان للرد بنفس الاسلوب فور وصوله نيويورك للمشاركة في اجتماعات الأمم المتحدة، وقوله: "لن نترك القدس تحت رحمة المحتلين" في رسالة لترامب.   وجاء حديث الأمين العام للأمم المتحدة أمام الجمعية العامة عن بعض مستضعفي العالم الذين لم تكن لقضاياهم اهمية امام اجتماعات الدورة 73، واعترافه بان "هناك حالة من السخط على عدم قدرتنا على إنهاء الحروب في سوريا واليمن، وما زال شعب الروهينغا يعاني الصدمات والبؤس ويتوق إلى الأمان والعدل ولا يزال الفلسطينيون والإسرائيليون أسرى صراع لا ينتهي" .. هذا الحديث لخص بؤس المنظمة الدولية وعجزها في مواجهة الة القوة الامريكية والروسية وتنفيذ مصالحهما بالقوة في سوريا وفلسطين وإيران وغيرها.   وترجع عرقلة اصلاحات الامم المتحدة الي القوى الكبرى، والـ 5 أعضاء الدائمين في مجلس الأمن الذين يعرقلون كثيرًا القرارات الصادرة لإصلاح الأمم المتحدة حتى لا يأتي ذلك على حساب مصالحهم ومكاسبهم، بالإضافة إلى القصور المادي لاسيما أن هناك دول لا تدفع ما يجب أن تقدمه.   وانعكس هذا على قول ترامب أن "الأمم المتحدة لم ترقى لمستوى الطموحات"، وتجاهله لمؤسساتها وقطع الدعم عنها (مثل انروا واليونسكو) لإجبارها على السير وفق المصالح الامريكية والصهيونية والغاء حق العودة للفلسطينيين.   لهذا تجاهلت وفود الدول الكبرى في كلمتها قضية اصلاح الامم المتحدة في اجتماعات الدورة الحالية رقم 73، وتجاهلوا الخطة التي وضعها الامين العام (أنطونيو جوتيرش) لإصلاح الامم المتحدة، وتوسيع نطاق العضوية بها لخدمة قضايا 193 دولة عضوا بها.   وانتهي المصير بالمقترحات الخمسة في تقرير مكون من 16 صفحة الي اللاحسم، خاصة هيكلة ثلاثة قطاعات هي: إدارة عمليات حفظ السلام، والشئون السياسية، ومكتب دعم بناء السلام، واعتبرها بداية للشروع في إصلاح المنظمة الدولية، التي تتعامل مع العديد من الأزمات والصراعات تزداد يوما بعد يوم.   وتتضمن خطة الاصلاح خمسة عناصر رئيسية هي: (أولا) إنشاء إدارة للشئون السياسية وبناء السلام وإدارة لعمليات السلام   (ثانيا) إنشاء هيكل سياسي -تنفيذي موحد تحت إشراف الأمناء المساعدين الذين يضطلعون بمسئوليات إقليمية، يكون مسئولا أمام وكيلي الأمين العام لإدارة الشئون السياسية، وبناء السلام وإدارة عمليات السلام.   (ثالثا): إنشاء فريق من المديرين الدائمين يكون مسئولا أمام وكيلي الأمين العام للشئون السياسية، وبناء السلام وإدارة عمليات السلام برئاسة الأمين العام.   (رابعا): تعزيز بعض المجالات ذات الأولوية لكفالة الاتساق والتنسيق على نطاق جميع قضايا ركيزة السلام…

تابع القراءة

فشل منظومة التعليم الجديدة في أول اختبار…الأسباب والتداعيات

 فشل منظومة التعليم الجديدة في أول اختبار…الأسباب والتداعيات   جاءت المشاهد الأولى مع بدء العام الدراسي الجديد  صادمة لأركان النظام العسكري الذي بالغ في وصف نجاحات منظومة التعليم الجديدة قبل أن تبدأ رغم التحذيرات والنصائح المتكررة من جانب خبراء ومتخصصين في التربية والتعليم، فالفوضى ضربت المنظومة في كل المدن والمحافظات، وتم رصد حالات هروب متعددة ومشاجرات وحوادث أفضت إلى قتل وإصابات ولا تزال مشاهد التحرش وعدم الالتزام تهيمن على أركان منظومة التعليم وسط حالة من الغموض والضبابية بين المعلمين وأولياء الأمور والتلاميذ، لا سيما وأن الحكومة أعلنت عن تأجيل تسليم التابلت وهو أساس المنظومة كلها كما اعترفت بعدم تجهيز المدارس بما يسهم في نجاح المنظومة الجديدة وكلها أسباب أكد عليها خبراء ومتخصصون قبل شهور لكن الحكومة لم تسمع إلا نفسها واستكبرت أن تأخذ بنصائح أهل الذكر المتخصصين في مجال التربية والتعليم. واحتلت مصر المركز الأخير في تقرير التنافسية العالمي لجودة التعليم الذي يصدر عن المنتدى الاقتصادي العالمي سنوياً، في العام الدراسي 2013- 2014، وفي العام التالي 2014- 2015 جاءت مصر في المركز 141، في حين يعمد التصنيف إلى ترتيب 140 دولة، أي أنها جاءت خارج التصنيف، وفي العام التالي «2015- 2016» احتلت مصر المركز 139 من بين 140 دولة، وفي العام 2016- 2017 قفزت مصر إلى المركز 134 من ضمن 139 دولة في مؤشر جودة التعليم الابتدائي (الأساسي).   واستغل  الدكتور طارق شوقي، وزير التعليم بحكومة الجنرال السيسي هذا التردي والانهيار وخروج مصر من الترتيب العالمي لجودة التعليم للتسويق لمشروعه ومنظومته الجديدة، وخلال مؤتمر الشباب بجامعة القاهرة في يوليو الماضي صرح الوزير «ليس لدينا ما نخسره، فالمنظومة التعليمية في مصر متردية للغاية ونحن الآن نحاول إصلاحها»!. وأمام حصار الفوضى والغموض تلاشت تصريحات الوزير ومبالغات الآلة الإعلامية الجبارة للنظام؛ وكان الوزير قد صرح أن المنظومة الجديدة للتعليم قائمة على الفهم وليس الحصول على أكبر عدد من الدرجات بمجهود أقل ، مشيرًا أنه سيتم إلغاء الامتحانات في النظام الجديد ،وسيستمتع الطالب بالذهاب للمدرسة والتعلم عن طريق الأنشطة بعيدًا عن الضغط النفسي المرتبط بالحصول على الدرجات.     وأضاف"شوقي"، خلال مداخلة هاتفية في برنامج "اليوم" المذاع على قناة dmc ، الأربعاء 19 سبتمبر الجاري وقبل بدء الدراسة بيومين فقط ،أن ما تحقق داخل المنظومة التعليمية الجديدة أقرب إلى الإعجاز ،مؤكدًا أن هناك أكثر من 85% من المدارس الحكومية تخضع للقيمة المجانية، دون وجود أي مصروفات، أما المدارس الأخرى، مثل اليابانية والمتفوقين، فعددها ضئيل للغاية[1]. وانتقد الوزير ما وصفه بالهجوم على المنظومة الجديدة موجها الشكر للجنرال عبدالفتاح السيسي الذي يصر على تنفيذ المشروع وتعهد الوزير يوم 09 سبتمبر الجاري بطفرة كبيرة مطالبا الإعلام بتغيير معالجاته ودعم المنظومة لتحقيق أهداف المشروع وإلا فسوف يفشل[2].   وفي تصريحاته تلك غاب عن الوزير أن أجهزة النظام المخابراتية والأمنية تهيمن بشكل مطلق على جميع الصحف والفضائيات والمواقع التي تبث أو تصدر من مصر،  وأن هذه الآلة الإعلامية الجبارة لا تستطيع أن تهاجم مشروعا يتبناه  جنرال الإنقلاب الأكبر السيسي، لكنها فقط تعبر عن حالة الغموض وعدم وضوح الرؤية تجاه المنظومة الجديدة، وترجو أن ترى بصيصا من أمل يدفعها إلى الإشادة بالمنظومة الجديدة؛ لكن المشاهد التي تناقلتها وسائل الإعلام مع بدء أيام الدراسة جاءت صادمة بل مروعة وتؤكد بيقين أن ما تسمى بالمنظومة الجديدة لا تملك من عوامل النجاح سوى رغبة الجنرال وتصريحات الوزير وتسويق تابلت الجيش الذي يعدون بتوزيعه على الطلاب.     فوضى ومشاجرات وقتل وشابت اليوم الأول لبدء الدراسة أحداث وصفتها عدة صحف حكومية بالمؤسفة في ظل "الأزمات المتراكمة" التي تواجه ملف التعليم في مصر[3]. هذه الأحداث أجبرت صحف النظام وفضائياته إلى رصدها والإشارة إليها على استحياء حيث تقول "الأخبار" إن صراع المقاعد الأمامية في الفصول الدراسية "يفسد أول يوم دراسي". مشيرة إلى ما يحدث في اليوم الأول للدراسة من "سباق ضرب وسباب بين أولياء الأمور لجلوس أبنائهم في الدكك (المقاعد) الأمامية للفصل مما يؤدي إلي حالة من الإحباط والاستياء الشديد لدي التلاميذ وترك أثر نفسي سلبي في نفوسهم".   وأشارت "المصري اليوم" إلى "مصرع تلميذ وهروب جماعي واقتحام مدارس" خلال اليوم الدراسي الأول، الذي شهد انتظام نحو 22 مليون تلميذ في 60 ألف مدرسة بالقاهرة وباقي المحافظات المصرية.  ووصفت صحيفة "الوفد" اليوم الدراسي الأول بأنه "فرح ينتهي بمأتم" في إشارة إلى "أحداث مؤسفة في أول أيام الدراسة"، أهمها مصرع تلميذ بالصف الثالث الابتدائي، وانقلاب حافلة لنقل الطلاب، وانهيار أرضية مدرسة".     وتحت عنوان "أزمة كل عام، مدارس بلا معلمين" نشرت صحيفة "الوطن" تحقيقاً عن أزمة عجز المدرسين في محاولة لكشف الأسباب الحقيقية لهذه الأزمة. وتقول الصحيفة إن واقع الحال في كثير من المدارس هو أن "نقص المعلمين أصبح أزمة طبيعية اعتاد عليها أولياء الأمور وأيضاً المدرسون". وتضيف أن "المحسوبية تجهض حركات الانتداب … ومسابقات الوزارة غير مجدية لسد النقص في المدرسين". مشيرة إلى  أن هناك "تكدسا واضحا في مدارس المدن وعجزا صارخا بالقرى".   أما صحيفة "المصريون" فأبرزت ظاهرة اعتداء الطلاب على المدرسين، إذ قالت الخبيرة التربوية فاطمة تبارك إنه "لا توجد قوانين تعاقب الطالب الذي يعتدي على المدرسين إذ عندما يتم فصل الطالب يلجأ إلى عمل إعادة قيد وتتم إعادته مرة أخرى للمدرسة".   وأوضحت، أن "الدروس الخصوصية هي التي جرأت الطالب على المدرس وكسرت هيبة كل العاملين بوزارة التعليم".   ويقول محمد حبيب في "الأهرام": "مازالت الأزمات المتراكمة منذ سنوات طويلة مستمرة، ووعى المسؤولين بالمسؤولية الضخمة مجرد كلمات ووعود لا فائدة منها". ويضيف: "ما يحدث حاليا وخلال الأيام الماضية من احتفالات ببدء الدراسة ليس له أي صلة بالتعليم والتعلم والبحث العلمي وممارسة الأنشطة واكتساب المهارات والقدرات … فلا يعقل أن ينتظم التلاميذ بالمدارس ثم يهربون منها بعد أسبوعين لأنها مدارس غير جاذبة، وتشتعل الدروس الخصوصية كتعليم تلقيني وتدريبي على حل الامتحانات".   وتتحدث هانية صبحي في مقالها بصحيفة "الشروق" المصرية عن ظاهرة الدروس الخصوصية، وترجع سببها إلى "ضعف المرتبات وما تتبعها من انقراض التعليم من الفصول".   عوامل التحدي ومؤشرات الفشل تقول حكومة 30 يونيو، إنها تطبق منظومة تعليمية جديدة تسعى إلى تقويض الحفظ والتلقين مقابل ترسيخ مبادئ الفهم والبحث، وذلك على الملتحقين بالمرحلة التمهيدية (رياض الأطفال) وبالصف الأول الابتدائي (التعليم الأساسي) ذلك العام، وكذلك على الملتحقين بالتعليم الثانوي (الصف الأول الثانوي). ورغم محاولات الوزير تقديم شرح للنظام الجديد في مناسبات عدة من بينها مؤتمرات صحافية متتالية استبقت إطلاق العام، وعلى رغم تدريب الوزارة المعلمين على استخدام التكنولوجيا وتوظيفها في العملية التعليمية، ما زال الغموض يغلف النظام الجديد، والتحديات تحيطه.   أولا، عدم وضوح الرؤية وغياب الشفافية، فالمعلمون والطلاب وأولياء الأمور لا يعرفون شيئا عن المنظومة الجديدة،  ولا يعرفون على وجه الدقة…

تابع القراءة

المناورات الامريكية الصهيونية العربية في البحر الاحمر .. تدشين للناتو العربي أم لمواجهة إيران؟

المناورات الامريكية الصهيونية العربية في البحر الاحمر .. تدشين للناتو العربي أم لمواجهة إيران؟   مناورات أمريكية إسرائيلية في البحر الأحمر، تواكبها مناورات اخري أمريكية مصرية سعودية اماراتية في البحر الأحمر، ويواكبهما اجتماع في الكويت لرؤساء أركان دول الخليج العربية ومصر والأردن وقائد القيادة المركزية الأمريكية .. ما الذي يجري في البحر الأحمر والمنطقة العربية؟   هل هو تنسيق امريكي صهيوني عربي استعدادا لمواجهة إيران التي تهدد بغلق مضيق هرمز وتعطيل أنصارها "الحوثيين" الملاحة في باب المندب خاصة مع بدء تطبيق العقوبات الامريكية ضد إيران نوفمبر المقبل؟   أم أنها مناورات تكمل بعضها بعضا ضمن فكرة تشكيل "ناتو عربي" يواجه إيران وتشارك فيه إسرائيل، ولكن عبر مناورات متوازية أمريكية – إسرائيلية، وأخرى امريكية – عربية؟ وتمهيد لتشكيل ما يعرف بالناتو العربي رسميا؟     مناورات أمريكية – إسرائيلية كان إطلاق الولايات المتحدة تدريبات بحرية في البحر الأحمر مع دولة الاحتلال الصهيوني ملفتا بعدما نشرت خلالها مقاتلات “إف-35” المتطورة لأول مرة في تلك المنطقة، بهدف التعامل مع احتمالات قيام إيران بإغلاق مضيق هرمز وباب المندب، وهي المقاتلات نفسها التي اشترتها تل ابيب ولا تتواجد لدي أي دولة أخرى في المنطقة  سوى إسرائيل.   وتعد مقاتلات “إف-35 بي”، نسخة بحرية من مقاتلات “إف-35″، والتي يمكنها الإقلاع بشكل عمودي من حاملة طائرات أو سفينة إنزال، وهي المرة الأولى التي يتم فيها نشر هذه الطائرات في تلك المنطقة، إلى جانب مقاتلات مماثلة من سلاح الجو الإسرائيلي، ما يتيح تغطية منطقة شاسعة تمتد من مضيق هرمز عبر خليج عدن إلى باب المندب والبحر الأحمر حتى السواحل السورية.   ونقل موقع "ديبكا" الاستخباري الصهيوني عن مصادر عسكرية أن "التدريبات، التي يشارك فيها حوالي 4500 جندي من سلاح الجو وقوات المارينز الأمريكية، بدأوا التدريبات من جيبوتي مقابل سواحل القرن الأفريقي وخليج عدن، تهدف إلى التعامل مع احتمالات اندلاع مواجهة عسكرية شاملة أو محدودة ضد إيران وقيام قوات البحرية الإيرانية بإغلاق منفذين بحريين حيويين، وهما مضيق هرمز في الخليج العربي، وباب المندب في البحر الأحمر مقابل السواحل اليمنية".   ووفق التقرير، يقوم الجنود المشاركون في تلك المناورات بالتدريب لمواجهة سلاح الجو والبحرية الإيرانية في الخليج والبحر الأحمر، وهم على استعداد للرد السريع في حالات الطوارئ، بالإضافة إلى عمليات الإنقاذ السريع للطيارين الأمريكيين في حال إسقاط طائراتهم، والتعامل مع حالات زرع الألغام البحرية من قبل الإيرانيين.     مناورات إسرائيلية خشية سقوط أنظمة عربية وواكب المناورات الامريكية الإسرائيلية مناورات اخري للجيش الصهيوني، هي الأولى من نوعها، في البحر الأحمر باستخدام صواريخ مضادة للدبابات.   وذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم"، الخميس الماضي، أنه على الرغم من أنه سبق لسلاح البحرية الإسرائيلي أن نفذ مناورات حربية عدّة في البحر الأحمر، وتحديداً في المناطق المحيطة بإيلات، إلا أنها المرة الأولى التي يستخدم فيها الصواريخ المضادة للدبابات في المناورة، ما يدلل على أن إسرائيل تتحسب من إمكانية حدوث مواجهة مستقبلية مع جيوش عربية، خصوصاً مصر أو السعودية.   وتمتلئ دراسات التقدير الاستراتيجي في تل أبيب بتحذيرات من التداعيات البالغة الخطورة التي يمكن أن تترتب على سقوط نظام عبد الفتاح السيسي أو تهاوي استقرار نظام الحكم في السعودية، ومخاطر ذلك على تل ابيب التي تنفتح على النظامين حاليا.   وحثّ "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي في دراسات عدّة صدرت عنه، أخيراً، صنّاع القرار في تل أبيب على التحوط من إمكانية سقوط نظام الحكم في الرياض أو تعرض استقراره للمسّ بشكل كبير، ودعا لتكثيف جمع المعلومات الاستخبارية عن السعودية، خشية أن تتحول المملكة إلى نقطة انطلاق للعمل ضد إسرائيل في حال تهاوى استقرار نظام الحكم الحالي.   فيما نقل موقع "بلومبيرج" الأميركي عن مسؤولين سياسيين وعسكريين إسرائيليين تقديراتهم بأن فرص نظام السيسي في البقاء متدنية بسبب تعاظم التحديات الأمنية والاقتصادية.   وفي حين تهتم وسائل الإعلام بنشاطات سلاح الجو الإسرائيلي ضد أهداف إيرانيّة في سوريا (نُشِر أنه تم حتى الآن ضرب إسرائيل أكثر من 200 هدف سوري خلال عام)، تستعد الوحدات القتالية في الجيش الإسرائيلي لإمكانية التصعيد في الحُدود الشمالية مع سوريا حيث تتواجد على الأرض قوات إيرانية كبيرة.   وقامت تل ابيب بأربعة مناورات في هذا الصدد في البحرين الأبيض والاحمر وعلى الحدود مع سوريا وقرب لبنان، تحسبا لمعارك مع سوريا وإيران وحزب الله، فيما أعلن الجيش الصهيوني أنه أنهى بناء العائق الإسمنتي على "الخط الأزرق" عبر الحدود الإسرائيلية اللبنانية.     مناورات مصرية رباعية في البحر المتوسط بالمقابل، أعلن الجيش المصري، أن قوات خاصة من مصر والإمارات والسعودية والولايات المتحدة الأمريكية، تقوم بتدريبات تستمر عدة أيام، وعلى مدار الساعة في المياه الإقليمية بالبحر المتوسط ، انطلاقا من قاعدة محمد نجيب قرب الحدود مع ليبيا.   وقال المتحدث الرسمي باسم الجيش المصري، الاثنين، في بيان نشره على صفحته بموقع "فيسبوك"، إن التدريبات تأتي في إطار فعاليات التدريب المصري الأمريكي المشترك "استجابة النسر 2018".   وتأتي المناورات استكمالا للمناورات الامريكية مع إسرائيل والمناورات الإسرائيلية، إذ تدور معظم التدريبات فيها على مواجهة قوة تسعي لغلق مضيق باب المندب او مضيق هرمز ومواجهات بحرية وارضية، واقتحامات.     "الناتو العربي".. ما دوافع تدشينه؟ مع اقتراب تطبيق العقوبات الامريكية علي إيران في نوفمبر المقبل، وتهديد طهران بغلق مضيق هرمز لمنع تصدير بترول الخليج حال منعها من تصدير نفطها، واعلان الولايات المتحدة الأميركية بلسان مساعد وزير الخزانة الأميركي مارشال بيلينغسلي، الجمعة الماضية، أن أميركا ستفرض عقوبات مشددة على إيران بدءاً من 4 نوفمبر المقبل، بما فيها عقوبات على شركة طيران "ماهان" الإيرانية وداعميها، ويقترب عدم الاستقرار من دول الخليج ومصر.   ففي ظل الفوضى الكبيرة التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط، ومع انسداد آفاق الحلول في الدول التي تعاني من أزمات أرخت بظلالها بشكل كامل، وفي ظل صراع محورين الأول بقيادة اميركا والثاني بقيادة روسية إيرانية، تبدو ملامح معارك عسكرية مقبلة ظاهرة بوضوح ما دعا أمريكا لإعادة تسريع فكرة تشكيل "الناتو العربي" وتوجيه دعوة الى دول مجلس التعاون الخليجي لتضع خلافاتها جانبا وتتوحد لتشكيل تحالف استراتيجي في الشرق الأوسط ضد طهران ولوقف النفوذ الايراني في المنطقة.   ولكن ما هي الدوافع الاميركية الحقيقية لإنشاء هذا التحالف الجديد في منطقة تشهد خلافات وانقسامات حادة؟ وما مدى قدرة هذا التحاف على مواجهة إيران، وعرقلة مشاريعها في المنطقة؟ وهل الاجتماع العسكري الحالي لدول الخليج في الكويت تمهيدًا لتشكيل هذا "الناتو العربي" وتكريس التعاون العسكري بين القيادات العسكرية في هذه الدول لتشكيل نواة قيادة عسكرية مشتركة يمكنها أن تتعامل مع أي تطورات عسكرية في المستقبل؟   صحيفة "الراي" الكويتية كشفت نقلا عن مصادر من البنتاغون أن اجتماع الكويت لرؤساء أركان دول الخليج العربية ومصر والأردن وقائد القيادة المركزية الأمريكية قد يكون تمهيدا لتشكيل ما…

تابع القراءة

تقنين سرقة أموال الإخوان المسلمين من التحفظ إلى المصادرة .. أبرز المحطات والمآلات

 تقنين سرقة أموال الإخوان المسلمين من التحفظ إلى المصادرة .. أبرز المحطات والمآلات   مصادرة أموال المواطنين يكون حقا للحكومات الشرعية، إذا كانت هذه الأموال تم الحصول عليها من مصادر غير مشروعة كسرقة المال العام أو الرشوة أو عبر تجارة غير مشروعة مجرمة قانونا أو بوسائل وأدوات غير مشروعة أضيرت البلاد في مصالحها ومصالح  مواطنيها جراء الحصول عليها كتجارة الآثار والمخدرات والرقيق وغسيل الأموال، على أن تكون القوانين الضابطة لعمليات المصادرة تتصف بالعموم وتستهدف الفعل المجرم دون النظر إلى الفاعل أو المتهم أو خلفيته الدينية أو السياسية أو  غير ذلك. أما إذا تم مصادرة أموال مواطنين بعينهم  لخلفيتهم السياسية أو الدينية بخلاف اكتساب هذه الأموال بوسائل مشروعة لا تخالف القوانين المرعية، ثم قامت حكومة هذه البلاد بتفصيل قوانين تستهدف هذه الفئة المعينة من الشعب في إطار صراع سياسي؛  فإن ذلك لا يمثل مصادرة بل سرقة كاملة الأركان ونهبا يمثل اعتداء  سافرا على أموال المواطنين بغير حق وانحرافا في استخدام السلطات يستوجب في هذه الحالة محاكمة من يفترض أنهم حكام؛ ومع  تعذر ذلك فإن  استمرار هذه  الأوضاع  المنحرفة  يمهد الطريق نحو الثورة على مثل هذه النظم  التي تدير البلاد بمنطق العصابات وقطاع الطرق لا بمنطق الحكومات الشرعية الرشيدة  الراعية لحماية حقوق جميع مواطنيها على حد سواء إعمالا لدولة القانون والدستور. إزاء ذلك، فإن القرار الذي أصدرته ما تسمى بــ«لجنة التحفظ والإدارة والتصرف في أموال الجماعات الإرهابية»[1] برئاسة المستشار الدكتور محمد ياسر أبو الفتوح، يوم الثلاثاء 11 سبتمبر 2018م، باستمرار التحفظ على أموال 1589 من قيادات وعناصر الإخوان ومصادرة أموالهم إلى الخزانة العامة،  من أصل 3200 قياديا تم بحث مصادرة أموالهم وإحالة الباقين إلى لجنة الفحص وطلب تحريات كاملة عنها، فضلا عن التحفظ على 118 شركة متنوعة النشاط، و1133 جمعية أهلية، و104 مدارس، و69 مستشفى، و33 موقعا إلكترونيا وقناة فضائية. هذا القرار  يعتبر  سرقة كاملة الأركان وسطوا غير مشروع على أموال مواطنين بغير حق لعدة أسباب: أولها أنه لم يثبت مطلقا أن هذه الأموال تم اكتسابها بطرق غير مشروعة ولا يوجد حكم واحد بذلك. ثانيا، لم يثبت مطلقا أن هذه الأموال تم إدارتها بطرق غير مشروعة أو استخدامها في أعمال تمثل انحرافا عن القوانين المرعية في البلاد، وكل ما قيل بخلاف ذلك هو عبارة عن تحريات أمنية تمثل الكيدية فيها والافتراء الجانب الأعظم كما لم يصدر حكم قضائي  واحد نهائي وبات يزعم أن هذه الأموال قد استخدمت في منافذ ومسالك غير مشروعة. ثالثا لأن هذه الأموال تخص مواطنين لهم خصومة سياسية مع نظام 30 يونيو  الذي تأسس عبر انقلاب دموي على الحكومة المنتخبة بنزاهة بعد ثورة 25 يناير 2011م وكلهم ينتمون إلى فصيل سياسي واحد هو "الإخوان المسلمون" وحزب "الحرية والعدالة" الذي كان يمثل الحكم الديمقراطي المنتخب قبل الانقلاب عليه عسكريا من كبار قادة المؤسسة العسكرية، أو يتنتمون إلى أحزاب وحركات تنتمي إلى معسكر رفض النظام القائم وانقلابه ضد إرادة الشعب الحرة. رابعا، لأن هذا الإجراء يخالف نصوص الدستور الذي يشدد على منع مصادرة أموال المواطنين إلا بحكم قضائي بات وليس عبر قرار من لجنة يتداخل فيها القضائي مع الإداري وتم تعينها بقرار إداري من وزير العدل ثم رئيس الجمهورية حتى لو تشكلت من قضاة ومستشارين. خامسا، يؤكد الدفوع والملاحظات سابقة الذكر  استعجال النظام في السطو  على هذه الأموال، حيث  أيد على  الفور قاضي الأمور الوقفية بمحكمة القاهرة للأمور المستعجلة[2] يوم الخميس "13" سبتمبر 2018 ، القرار التعسفي الصادر من  لحنة مصادرة أموال الإخوان  بيومين فقط؛ ما يؤكد الكيدية والفجر في الخصومة وممارسة أعلى درجات الانتقام من معارضي النظام خصوصا وأن هذا القرار  جاء بعد ثلاثة أيام فقط من حكم  محكمة جنايات القاهرة  بإعدام 75 من قيادات جماعة الإخوان والمتعاطفين معها والحكم بالمؤبد  على أكثر من 235 بينهم المرشد العام للجماعة الدكتور محمد بديع. وتقدر الأموال المتحفظ عليها والتي تمت مصادرتها لأعضاء بجماعة الإخوان وغيرهم بـ61 مليار جنيه (نحو 3.5 مليارات دولار)، بحسب تصريحات مصادر بلجنة التحفظ والحصر والتصرف في أموال الجماعة، وسط توقعات باستمرار حملات النظام للاستيلاء على ممتلكات واستثمارات أخرى مملوكة لمعارضين سياسيين.   ليست المرة الأولى وتعرضت جماعة الإخوان المسلمين  قبل انقلاب 03 يوليو 2013 لخمس محاولات سابقة[3]   استهدفت التحفظ أو تجميد أو مصادرة أموالها أو أموال بعض قيادتها على مدار تاريخها الذي يمتد لأكثر من 90 عاما، بدءا من العهد الملكي حيث كان الاحتلال الإنجليزي والقصر يسيطران على معظم الحكومات باستثناء مراحل قليلة اتسمت فيها بعض الحكومات باستقلالية، مرورا بالعهد الناصري وصولا إلى عهدي مبارك والسيسي. الأولى،  على يد حكومة الأقلية من حزب السعديين عام 1948م، برئاسة محمود فهمي النقراشي، والذي صادر أموال الجماعة مرتين بإيعاز من الإنجليز على خلفية مشاركة الجماعة في مواجهة عصابات اليهود في فلسطين، حيث قدمت أروع النماذج البطولية ودعمت القوات النظامية للجيوش العربية وكانت مصدر الخوف والرعب لعصابات اليهود وزرع الكيان الصهيوني في المنطقة برعاية إنجليزية.[4] وبدلا من تكريم هؤلاء المجاهدين أصدر النقراشي باشا قرارا باعتقال المجاهدين العائدين ومصادرة أسلحتهم، كما  أصدر النقراشي باشا بصفته الحاكم العسكري أمرًا بحل جماعة الإخوان المسلمين وجميع شُعبها في مصر وإغلاق الأماكن المخصصة لنشاطها، وضبط أوراقها وسجلاتها وأموالها وممتلكاتها، وحظر اجتماع خمسة أو أكثر من أعضائها، وتسليم كل وثائق الجمعية وأموالها لأقسام الشرطة، بدعوى أن الجماعة كانت تهدف لقلب نظام الحكم باستخدام عناصرها المسلحة "الجوالة"، وكانت هذه هي المرة الأولى في تاريخ الإخوان التي يتم فيها حل ومصادرة أموال الجماعة. الثانية،  كانت في عهد الديكتاتور جمال عبد الناصر عام 1954 بعد  مسرحية حادث المنشية، وبدعوى محاولة اغتيال عبدالناصر صدر الأمر بمصادرة ممتلكات وأموال الجماعة وحلها وإن كان لا يوجد قرار رسمي محرر بذلك لكنه تم تنفيذه. المرة الثالثة كانت أيضا في عهد جمال عبدالناصر؛ حيث صادر أموال الجماعة عام 1965، ولكن بشكل أوسع، وذلك خلال حملة الاعتقالات الشاملة التي طالت الآلاف، وشملت رموزًا بالجماعة، مثل الشهيد سيد قطب وغيره.  وقصة تنظيم 1965 وما نسبوا إليه من مخططات ضد الدولة المصرية، بني على خيال مريض وافتراءات لصناعة عدو وهمي، وقد كان الهدف منه إيهام عبد الناصر أن المؤامرات تحاك حوله كثيرا، وأنه لا حامي له إلا مخابراته العسكرية، ووصفها الرئيس الأسبق محمد أنور السادات في ص 179 من كتابه "البحث عن الذات" بأنها (تهيؤات للسلطة الحاكمة في ذلك الوقت أن الإخوان يتآمرون ليقوموا بثورة مضادة، وقد ذهب ضحية هذا التصور الكثيرون ممن يحصون بالألوف، وصدرت ضد الكثيرين منهم أحكام)[5]. الرابعة، في عهد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات في أحداث سبتمبر 1981 وكان قد أعتقل الآلاف  على خلفية الرفض الشعبي لاتفاقية السلام مع الصهاينة وكان معظمهم من الإخوان المسلمين تضمن القرار مصادرة أموال بعض القيادات على رأسهم المرشد  …

تابع القراءة

زيارة البابا تواضروس لأمريكا.. أهداف سياسية بغطاء رعوي

زيارة البابا تواضروس لأمريكا.. أهداف سياسية بغطاء رعوي   بدأ البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية  الخميس الماضي 13 سبتمبر  2018م زيارته الثانية منذ جلوسه على كرسي الباباوية عام 2012  للولايات المتحدة الأمريكية والتي تستغرق عدة أسابيع يزور خلالها ولاية نيوجيرسي والشطر الشمالي من أمريكا. وكان البابا قد  زار الولايات المتحدة الأمريكية للمرة الأولى في 2015؛ بمناسبة مرور 20 عامًا على تأسيس إيبارشية جنوبي الولايات المتحدة، وكان من المقرر أن تكون الزيارة الثانية له العام الماضي إلا أن البابا قرر تأجيلها نظرا لخضوعه لعملية جراحية. وقال القس بولس حليم المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية إن البابا غادر القاهرة على رأس وفد يتكون من: "الأنبا دوماديوس أسقف 6 أكتوبر وأوسيم والأنبا ماركوس الأسقف العام لكنائس حدائق القبة والوايلي والقس أنجيلوس إسحق والقس أمونيوس عادل سكرتيري البابا" كما رافقه الأنبا دافيد أسقف نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية.   إجراءت أمنية مشددة وفرضت الكنيسة السرية على برنامج الزيارة من أجل تأمين تحركات البابا والوفد المرافق له حتى إنها استعانت بشركة أمن أمريكية خاصة لتأمينه بجوار طاقم الحراسة الشخصي المرافق له. كما أن تلك الزيارة تم وضع جدولها منذ العام الماضي ولم يحدث تغيير كبير واستعد المقر البابوي لتلك الزيارة بتوفير تأمين مكثف للبابا خلالها، وتم تنظيمها بفتح الباب للأقباط الراغبين في لقاء البابا واستقباله بتسجيل بياناتهم واسمائهم، من أجل التأمين، وحسن التنظيم.[1] ويمكن أن نفسر  هذه الإجراءات الأمنية المشددة  ونعزوها إلى سببين: الأول: أن الزيارة تأتي في سياق الخلافات الكنسية اللاهوتية بعد مقتل الأنبا إبيفانيوس رئيس دير أبو مقار على يد كاهنين تابعين لتلامذة البابا شنودة الثالث بابا الكنيسة الراحل بينما كان الأنبا المقتول من تلامذة الأسقف متى المسكين وهناك تصنيفات تضع البابا الحالي من تلامذة هذه المدرسة ما يثير مخاوف كبيرة عليه من متطرفين أقباط. الثاني: يتعلق بالحضور السياسي الطاغي للبابا تواضروس منذ مشاركته في مشهد انقلاب 03 يوليو 2013م وما تلاه خلال السنوات  الماضية حيث تحول البابا من رئيس طائفة دينية إلى زعيم سياسي يتولى حشد الأقباط ورعاية الكنيسة لخدمة النظام ضمن صفقات مصالح مشتركة بين الجانبين.   أهداف رعوية الكنيسة أعلنت أن أهداف الزيارة رعوية[2] تتعلق بمتابعة البابا لرعايا الكنيسة في الولايات المتحدة الأمريكية حيث تكتسب هذه الزيارة أهمية كبيرة في هذا الشأن لعدة اعتبارات: أولا:  من المقرر أن يعقد البابا خلال الزيارة لقاءات مع أقباط المهجر ومع الشباب القبطي والخدام والكهنة بالولايات التي يزورها والتي تشمل: "نيوجيرسى، نيويورك، ماين، ماسشوتس، نيوهامشير، رود إيلاند، فيرجينيا". وهي المناطق التي عانت الكنيسة خلال السنوات الماضية من وجود انفلات فيها، كما  شهدت اتهامات بتغلغل فكر الشماس السابق بالكنيسة عاطف عزيز وسعيه لتكوين كنيسة أخرى، واستقطاب الشباب والخدام الأقباط من تلك المناطق.[3] ثانيا: يسعى البابا إلى تشديد قبضته على كافة الكنائس في الداخل والخارج في ظل خروج الخلافات اللاهوتية داخل الكنيسة إلى العلن وانتقال هذه الخلافات من دائرة النقاش والحوار إلى دائرة تبادل الاتهامات وسفك الدماء كما حدث في مقتل رئيس دير  الأنبا إبيفانيوس رئيس دير أبو مقار يوم الأحد 29 يوليو الماضي 2018م.  على يد راهبين ينتميان إلى تلامذة البابا الراحل شنودة الثالث. وقد اتخذ البابا عدة قرارات سابقة من أجل تقليص نفوذ أتباع البابا شنودة وتصعيد الموالين له كما تستهدف الزيارة طمأنة رعايا الكنيسة في الولايات المتحدة الأمريكية على وحدتها وتماسكها ونفي وجود أي انشقاقات في ظل ما يتردد عبر وسائل الإعلام حول تباعد المسافات بين تيار الأسقف متى المسكين الذي ينتمي له البابا تواضروس والأنبا إبيفانيوس المقتول في دير أبو مقار  والتيار الثاني أو ما يسمى بالتيار التقليدي الموالي للراحل شنودة ويمثله الأبنا بيشوي صاحب القبضة الحديدية في عهد البابا شنودة والذي تقلصت صلاحياته إلى حد بعيد في عهد تواضروس.   أهداف سياسية بغطاء رعوي بنظرة تحليلية لزيارة البابا والتصريحات التي صدرت عنها في عظاته ومحاضراته حتى كتابة هذه السطور تؤكد أن الزيارة لها أهداف سياسية ربما تفوق في أهميتها  الأهداف الرعوية التي أعلنتها الكنيسة ذلك أن الزيارة تستغرق شهرا كاملا  وهو أمر لم يحدث من قبل أن تطول زيارة بهذا الشكل الكبير للبابا خارج البلاد كما أنها تتزامن مع الزيارة المرتقبة للجنرال عبدالفتاح السيسي للمشاركة في فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقد ركزت تصريحات البابا على الدعاية لنظام الجنرال عبدالفتاح السيسي وأركان المؤسسة العسكرية  فقد زعم البابا  خلال اجتماعه بشعبة كنيسة "القديسة العذراء مريم والملاك ميخائيل" في ولاية كونيتيكت شمالي شرق الولايات المتحدة الأمريكية. أن السيسي يقود مصر نحو الاستقرار منذ خمس سنوات في إشارة إلى تاريخ انقلابه على الرئيس محمد مرسي وطالب البابا رعايا الكنيسة في الولايات المتحدة الأمريكية والأقباط عموما بالصبر من أجل إتاحة المجال للسيسي للعمل قائلا إن النخلة تنتظر  عشرين سنة حتى تعطي "بلحة" وهو التصريح الذي لاقى سخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي ذلك كلمة "بلحة" هي أحد الألقاب الساخر التي يطلقها النشطاء على السيسي، كما ان التصريح يمهد لاطالة مدد السيسي في السيطرة والتفرد بمقالبد الامور… في محاضرة أخرى ألقاها بنيويورك قال البابا ساخرا إن "الأخبار لما تعدي الأطلنطي، تتغير خالص" في إشارة إلى انتشار الشائعات ضد السيسي. مدعيا أن الأحوال تتحسن من حوالي 5 سنوات، وهناك مؤشرات على هذا التحسن أبرزها شبكة الطرق والمواصلات الضخمة"[4]. والمثير في الأمر أن جميع مضامين تصريحات البابا سياسية وتمثل دعاية ممنهجة للنظام ما يعني أن هذه المضامين سوف يطوف بها البابا خلال زيارته جميع الكنائس المشمولة بالزيارة وفق البرنامج الموضوع. تلك التصريحات السياسية التي يروج لها البابا تتصادم مع ما سبق أن قاله من قبل «إن الدين لو دخل في السياسة "يتلوث ويفقد قيمته"»[5]. وتكتسب زيارة البابا للولايات المتحدة في هذا التوقيت أهمية سياسية بالغة للأسباب الآتية: أولا: حشد الأقباط لاستقبال السيسي في واشنطن؛ فمن الأهداف الرئيسية للزيارة حشد الأقباط في أمريكا لاستقبال الجنرال عبدالفتاح السيسي خلال مشاركته في الدورة 73 للأمم المتحدة؛ حيث يسافر السيسي الجمعة المقبلة 21 سبتمبر بينما تبدأ  فعاليات الدورة 25 سبتمبر الجاري، وهي الزيارة الأولى للسيسي بعد فضيحة مسرحية ما تسمى بالانتخابات الرئاسية وعزوف الناخبين عن المشاركة وسط ضغوط حكومية بالغة على الموظفين والمواطنين من أجل دفعهم نحو المشاركة دون جدوى ولذلك يريد السيسي بشدة أن يكون استقباله في واشنطن كبير ومؤثرا وملموسا في محاولة للتغطية على فضحية مسرحية الرئاسة. يعزز من هذه الفرضية التسجيل المصور الذي بثه الناشط مجدي خليل أحد مؤسسي حركة الإصلاح القبطي المعاصر، على صفحته الرسمية على «الفيسبوك»، والذي قال فيه «زيارة تواضروس إلى الولايات المتحدة الأمريكية تأتي في إطار الترتيب للزيارة المرتقبة للسيسي» ويؤكد أن : «زيارة البابا تواضروس هي زيارة سياسية أنفق عليها ملايين تحت غطاء رعوي لأن الأساقفة في السنوات الماضية فشلوا…

تابع القراءة

تداعيات اعتقال ابناء مبارك على ذمة قضية التلاعب بالبورصة

 تداعيات اعتقال ابناء مبارك على ذمة قضية التلاعب بالبورصة   يوم السبت 15 سبتمبر 2018، صدر قرار مفاجئ من قاضي محكمة جنايات القاهرة بالقبض على علاء وجمال مبارك و3 اخرين متورطين معهما في قضية "التلاعب بالبورصة"، رغم أنه مفرج عنهما على ذمة القضية منذ يناير 2015، بعدما انهيا مدة الحبس الاحتياطي في القضايا التي كانت مرفوعة ضدهم.   جلسة المحاكمة التي صدر خلالها قرار إعادة حبس نجلي مبارك، كانت روتينية ومقررة لتسليم المحكمة نسخة من تقرير لجنة الخبراء، و«إعطاء أجل (وقت) للخصوم سواء المتهمين أو النيابة للاطلاع على التقرير، والرد عليه»، ولا يوجد مسوغ قانوني لإصدار قرار بحبس المتهمين، ولذلك جاء قرار حبسهما دون مسوغ قانوني ما يؤكد أنه "قرار سياسي" لا "قضائي".   وهو ما أثار تساؤلات حول السبب وراء إعادة اعتقالهما الآن على ذمة القضية؟ وهل لذلك علاقة بسلسلة التطورات التي تشهدها مصر مؤخرا، مثل: .        حركات نظام السيسي ضد رموز من دولة مبارك العميقة، مثل الحكم بسجن صفوت الشريف 3 سنوات، ثم اعتقال جمال وعلاء مبارك، ما يعد استهداف للدولة العميقة القديمة مرة أخرى بعد فترة تعايش وتبرئتهم من القضايا المرفوعة ضدهم.   • ابعاد عدد كبير من الاعلاميين الكبار عن الشاشة غالبيتهم من رموز اعلام النظام السابق (مبارك) مثل تامر امين ولميس الحديدي وعمرو اديب وتامر عبد المنعم وغيرهم بعدما ساهموا في دعم سلطة الانقلاب منذ يوليه 2013 حتى الان.    • اجتماع السيسي مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة في بداية الأسبوع الماضي، وما تردد عن حديثه عن السند والظهير من الجيش والحفاظ على المكتسبات، وما تردد أيضاَ عن عزمه تغيير قيادات في غير الوقت المعتاد للنشرات والحركات "في يوليو ويناير"   • الروايات العديدة عن اعتقالات بين ضباط الجيش بل والشرطة، وأخرهم 27 ضابط جيش في الكتيبة السادسة المدرعة بالإسماعيلية.   • تزامن هذا مع إهانة ترامب للسيسي ووصفه بالقاتل اللعين المنكوح، بحسب ما جاء في كتاب «الخوف» للصحافي الأميركي "بوب وود وراد" وذلك خلال محادثة مع محاميه الخاص، والأهم حديث السيسي مع ترامب عن حاجته اليه وخشيته ان تؤثر قضية البيت الابيض على ترامب وتدفعه للرحيل ما سيضر بموقف السيسي، كأن نظامه قائم على الدعم الامريكي لإدارة ترامب.   • إرسال السيسي البابا تواضروس بنفسه إلى أمريكا لطلب دعم أقباط المهجر للسيسي خلال زيارته لأمريكا لحضور اجتماعات الامم المتحدة 25 سبتمبر الجاري، وعدم الاكتفاء بما هو معتاد سنوياً من إرسال قيادات من الكنيسة على مستوى قسيسين مثل الأنبا يؤانس وغيره، ودفاع "تواضروس" المبالغ فيه عن السيسي والنخلة التي تنتج "بلحيه" بعد 20 عاما، الذي اثار استياء اقباط انتقدوه.     وحول هذه التطورات يبرز تحليلان:   (الاول) يري أن هناك قلق لدي السيسي ودوائره اللصيقة بسبب الغضب الشعبي المتصاعد على غلاء الاسعار والقمع والتغيير المحتمل في الداعمين الدوليين في اعقاب انتقاد مفوضة حقوق الانسان بالأمم المتحدة، والاتحاد الاوروبي، وفرنسا أحكام الاعدام الجماعية والسجن لقادة الاخوان الذين نجوا من مجزرة رابعة والتأكيد أنها محاكمة غير عادلة وسياسية والتشديد علي ضرورة الغاء الاحكام، وكذا احتمالات التغير في موقف أو قوة المحور السياسي والمخابراتي الأمريكي والدولي الداعم للسيسي خاصة مع تزعزع مكانة ترامب وتزايد ضعف موقفه من المؤسسات والأجهزة الأمريكية ذاتها، وما قيل عن سب ترامب للسيسي بعبارة "فاكينج كيلر".   (الثاني): يري أنه لا رابطا بين التطورات السابقة وبعضها البعض، ولكنه لا يستبعد وجود قلق لدي سلطة الانقلاب من تطورات داخلية وخارجية، وأن ما يثار عن اعتقالات الجيش خصوصا ربما له صلة بتطورات داخلية بالفعل او خارجية، مثل تحسب السيسي ومخابراته الحربية لتداعيات تتعلق بصفقة القرن التي تقترب والرغبة الامريكية الصهيونية في استغلال وجود السيسي على رأس النظام في مصر لتمريرها وهو الذي عُرف بدعمه للاحتلال والتنسيق الامني والاستخباري معه.   وإن ما يحدث من السيسي ودوائره هو تمهيد تأميني واستباقي لما هو قادم من تنازلات تنفيذاً للأوامر على غرار ما فعل السيسي قبل تنازله عن تيران وصنافير وفقد مصر للسيطرة الملاحية على مضيق تيران لصالح الكيان الصهيون، بحسب ما يري الناشط هاني شرف. صفقة جمال مبارك والاخوان   جاء ادعاء ياسر رزق ترجيحه وجود "صفقة بين جمال مبارك والإخوان"، واستنكار رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم، "تحركات جمال مبارك"، نجل الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، متسائلًا: «مش فاهم جمال مبارك عايز إيه؟!»، ليؤكد ضمنا اسباب اعادة اعتقال سلطة السيسي لعلاء وجمال مبارك، وهو التخوف من عودة جمال مبارك للعب نفس الدور الذي لعبه قبل ثورة يناير، ولكنه هذه المرة في ساحة أكثر عدائية للنظام السيساوي.   وجاء قوله في لقاء مع قناة «دي إم سي»، مساء الاثنين، إن "جمال مبارك وأحمد عز، أمين التنظيم في الحزب الوطني المنحل، هما سبب اندلاع ثورة 25 يناير؛ بسبب الغضب الشعبي من مشروع التوريث"، وأن «الابن الأصغر للرئيس الأسبق لم يتلق عقوبة سياسية، رغم أن جريمته بالأساس جريمة سياسية، وهي محاولة قلب نظام الحكم، وتحويله من جمهورية إلى ملكية مقنّعة»، ليشير لمخاوف نظام السيسي من جمال مبارك شأنه شأن خوفه من سامي عنان واي سياسي مصري من أن ينتزعوا السلطة منه.   وكشف "رزق" – المقرب من السيسي – اسباب اعتقال جمال مرة اخري، بقوله -موجهًا حديثه إلى جمال-«ماذا تريد بعد كل ما جرى؟ هل تريد خوض الانتخابات الرئاسية؟»، في إشارة لاحتمالات ترشح جمال في انتخابات 2020، وأنه "لا يثق برموز النظام السابق، خاصة نجلي الرئيس الأسبق".    ثم وصل "رزق" الي مربط الفرس، الذي يكشف السبب الفعلي لاعتقال جمال مرة اخري، ويبرر الاعتقال بزعمه تخوفه من "أن تكون هناك صفقة بين جمال مبارك والإخوان"، مطالبًا بـ «قطع الطريق على رموز النظام السابق والإخوان لعدم عودتهم إلى المشهد السياسي».   وهنا يبرز التحليل الثالث الذي يربط بين سلسلة الاعتقالات التي طالت قيادات كبيرة في الجيش أبرزها الفريق سامي عنان، والعقيد أحمد قنصوه الاعتقالات السابقة لضباط البحرية وقضية (3 عسكرية) المعتقل فيها 26 ضابطا عام 2015 وغيرهم ممن تم ربطهم في قضايا اغتيالات مزعومة للسيسي، ثم اعتقالات السياسيين اليساريين والناصريين، وأخيرا اعتقال نجلي مبارك، ليشير لتخوف نظام السيسي من تحالف كل هذه القوي المعارضة له وابرامها صفقة مع رموز النظام السابق الممثلين داخل الدولة العميقة (جيش – شرطة – ألخ) من أجل التخلص من السيسي.   وشهدت الشهور الاخيرة ظهورا مكثف لعلاء مبارك وجمال وحديث السوشيال عن ترشيح جمال نفسه ضد السيسي ونفي شقيقه علاء ذلك وقوله ردا علي معلق علي تويتر قال له مهنئا بعيد الأضحى: " كل عام وأنتم بخير والسنه الجاي يكون جمال على كرسي عرش مصر"، فرد علاء: "الجزء الثاني بتاع عرش مصر دا يحبسوا فيه جمال حرام عليك".   ولا شك أن كل…

تابع القراءة

قراءة في كتاب إنجازات السيسي .. أرقام لا يشعر بها المواطن!!

 قراءة في كتاب إنجازات السيسي .. أرقام لا يشعر بها المواطن!!   في خطوة لا تخفى دلالتها أصدرت حكومة الجنرال عبدالفتاح السيسي، يوم 08 سبتمبر الجاري 2018م،  كتابا جديدا بعنوان «مصر.. التحدي والإنجاز» قالت إنه يوثق ما تحقق من إنجازات  في الولاية الأولى للسيسي. لكن الشعب لا يلمس لهذه المشروعات والإنجازات أثرا إيجابيا في حياته، فقد أنفق النظام آلاف المليارات دون عائد يذكر على المواطنين بل على العكس تماما؛ أسهمت هذه السياسات  الاقتصادية والمالية في زيادة معاناة المواطنين أمام ثبات المرتبات والدخول وارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات؛ فالشعب لا يرى من إنجازات السيسي سوى الغلاء الفاحش الذي ترتب على قرارات التعويم وما يسمى بالإصلاح الاقتصادي، فالشعب يعاني من  رفع أسعار الوقود بنسبة 500% والكهرباء والمياه بنسب تصل ما بين 300 إلى 400% وتذاكر المترو إلى 700%. الشعب كذلك لا يرى من إنجازات السيسي سوى التنازل عن جزيرتي "تيران وصنافير" وإهدار حقوق مصر المائية بالتوقيع على اتفاق المبادئ في الخرطوم، وإهدار مئات بل آلاف المليارات على مشروعات المدن الجديدة والتي لم تنعكس مطلقا على تحسين مستوى معيشة الأفراد ولم تمثل إضافة للناتج القومي الإجمالي ولا زيادة في موارد الدولة أو إسهاما في حل أزمة الفقر والبطالة؛ بل أسهمت في وصول الديون إلى مستويات مخيفة وغير مسبوقة. وفي مداخلة هاتفية لبرنامج «أحلام مواطن»، الذي يعرض على فضائية «الحدث اليوم»، في ذات يوم الإعلان عن صدور الكتاب قال السفير أشرف سلطان المتحدث باسم مجلس الوزراء: إن «هذا الكتاب يعتبر بمثابة كشف حساب للولاية الأولى للرئيس عبد الفتاح السيسي؛ لشرح ما تم من إنجازات بلغة الأرقام»[1]، موضحًا: «الأرقام أكثر دقة للتعبير عن الإنجازات من الكلام». وأشار إلى ما تم إنجازه خلال الولاية الأولى لـ«السيسي»، من مشروعات في كل القطاعات، وإعادة تشكيل خارطة مصر التنموية، والارتقاء بالخدمات المقدمة سواء كانت في الإسكان أو الصحة أو الكهرباء أو النقل!. والحق أن الإنجازات  ــــ إذا كانت حقيقية ــ لا تحتاج إلى دعاية، ولن يحتاج النظام إلى بذل أي جهد للبرهنة على وجودها ؛ لماذا؟ لأن الشعب ببساطة سوف يلمسها بنفسه ولا يحتاج لمن يطرق على أذنه  قائلا: انظر .. هذا إنجاز  ألا تراه؟! وبالتالي، فإن مجرد الدعاية من جانب الحكومة وما يطرح حول عمليات توثيق هذه «الإنجازات» في كتاب،  إنما يعني أن النظام يدرك أن الشعب لا يلمس شيئا حقيقيا من هذا يمكن اعتباره إنجازا ؛  يعني أيضا، أن  ما يراه النظام إنجازا  يستحق الإشادة هو بنظر الشعب "وهما" يستوجب مساءلة الحكام على ما أنفقوه سفها  بلا جدوى ودون عائد يذكر؛ وهو ما دفع النظام إلى شن حملة الدعاية المنظمة سعيا لترميم شعبته التي تآكلت بالفعل؛ وهل بالكتب والصحف والبرامج الفضائية يمكن إقناع الشعب بإنجازات لا يراها ولا يلمس لها تأثيرا إيجابيا في مستوى معيشته؟! فالكتاب الذي يراد له أن يكون برهانا على إنجازات السيسي هو في حد ذاته دليل على فشله وعدم قدرته على الحكم أو إدارة موارد البلاد بصورة استثمارية صحيحة أو حتى إقناع الشعب بأن ثمة إنجازات تتحقق على أرض الواقع. الأمر الآخر، يتعين على الشعب أن يتحسس الخطر من هذا الإعلان المفاجئ، فعندما  احتفلت ما تسمى بمؤسسة "المنجزين العرب" مساء الثلاثاء الموافق غرة نوفمبر 2016 بتدشين مبادرة وكتاب مماثل بعنوان «شكرا قائد الإنجازات»[2] الذي قالت إنه يزن 73 كيلوا جراما، صدم الجنرال الشعب بأعظم إنجازاته على الإطلاق بعدها بيومين فقط، وأصدر قراراه بتعويم الجنيه أمام الدولار وباقي العملات الأجنبية وقرر رفع أسعار الوقود للمرة الثانية في ولايته الأولى بنسب تتراوح بين 50 إلى 60% ما أفضى إلى تآكل قيمة العملة المحلية بمقدار الضعف وصعد سعر الدولار من 8 جنيهات قبل القرار إلى 18 جنيها ، وتبع ذلك موجة من الغلاء الفاحش حتى وصل التضخم في يوليو 2017 إلى 35% بحسب البيانات الرسمية وهو ما لم يحدث منذ عشرات السنين.   أين الإنجازات السياسية؟ الملاحظة الأولى أن التقارير والقراءات التي نشرتها وتناولتها وسائل الإعلام الموالية للنظام سواء كانت صحف أو مواقع أو فضائيات للكتاب المذكور «مصر.. التحدي والإنجاز»، خلت تماما من أي إنجاز  في الملف السياسي، رغم أنه الأسهل على الإطلاق بعكس الملف الاقتصادي أو الاجتماعي اللذين يحتاجان إلى سنوات لتحقيق إنجازات تذكر وعادة ما تكون كلفتها كبيرة وبعد جهود مضنية؛ أما في الملف السياسي، فالأمر لا يحتاج إلا لإرادة صادقة من أعلى هرم السلطة؛ لتحقيق أو ضمان استمرار الإنجازات الحقيقية في المجال السياسي التي انتزعها الشعب بثورة 25 يناير2011م، مثل إطلاق الحريات دون إقصاء أو تمييز، إجراء انتخابات حرة نزيهة، إطلاق حرية الرأي والتعبير، وقف انتهاكات حقوق الإنسان وغل يد الأجهزة الأمنية في التعدي على المواطنين وانتهاك حقوقهم ووقف ظاهرة زوار الفجر، التوجه نحن إقرار القوانين التي تعزز حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية ومواجهة الفساد ووضع حد لهيمنة المؤسسة العسكرية على مفاصل الاقتصاد وغير ذلك. لكن ما جرى عكس ذلك تماما، فالنظام الذي بني على باطل  يبقى على الباطل ماضيا حتى ينتهي غير مأسوف عليه. هذه السياسات والحقوق كانت قائمة بالفعل والتي انتزعها الشعب عقب ثورة يناير بعد الإطاحة بحسني مبارك، لكن عبدالفتاح السيسي بانقلابه في 03 يوليو 2013م،  أجهض المسار الديمقراطي، وسفك دماء الآلاف من الأبرياء المناصرين للديمقراطية وزج بعشرات الآلاف في السجون والمعتقلات بتهم ملفقة لا دليل عليها سوى تحريات الأمن الوطني للتنكيل بكل من يرفض هذا الانقلاب المشئوم على  الديمقراطية، وأعاد انقلاب 30 يونيو  الدولة البوليسية إلى عنفوانها  فأمم السياسة وصادر الحريات، وكمم الأفواه وأضعف المجتمع المدني الذي كان قد بدأ يتعافى بعد ثورة يناير، وعادت الأجهزة الأمنية إلى سيرتها الأولى، تمارس أبشع صور الانتهاكات دون محاسبة أو مساءلة بل إن نظام 30 يونيو سن القوانين التي تحمي هؤلاء المجرمين والمتورطين في الدماء، وعادت مصر إلى أبشع صور الاستبداد والدكتاتورية. فهناك برلمان ولكنه من هندسة الأجهزة الأمنية وتم اختيار أعضاؤه في دهاليز المخابرات الحربية فهو معبر عن السلطة لا الشعب، وأجريت انتخابات رئاسية صورية   في 2014 و2018، لا تنافس فيها؛ هي أقرب إلى المسرحيات المأساوية منها إلى انتخابات حقيقية كما جرى في منتصف 2012 والتي جاءت بالدكتور محمد مرسي رئيسا في أنزه انتخابات في تاريخ مصر. حتى باتت مصر  أضحوكة بين الأمم والشعوب، وعم الإحباط بين المواطنين؛ يأسا من أي إصلاح على يد مثل هذه السلطة الغاشمة.   لماذا غابت أرقام الديون؟ الملاحظة الثانية على كتاب إنجازات السيسي أنه خلا تماما من أي ذكر لحجم الديون الرهيب والذي تضاعف بشدة في عهد السيسي، فقد كان حجم الدين المحلي وفقا للأرقام الرسمية في 30 يونيو 2013م قبل الانقلاب مباشرة (1,527تريليون جنيه) وصلت في  مارس 2018 إلى (3,536) [3]أي أن السيسي بمفرده وخلال 4 سنوات فقط اقترض (2,009 تريليونا) من البنوك المحلية…

تابع القراءة

تفشي الجرائم بالمجتمع المصري .. الأسباب والمآلات

 تفشي الجرائم  بالمجتمع المصري .. الأسباب والمآلات أمام ضغوط الحياة والتدهور الاقتصادي والانسداد السياسي يتجه المجتمع المصري بمعدلات مخيفة نحو الانزلاق في دائرة الجريمة بكل صورها وأشكالها، فوفقا لأرقام رسمية تزايدت معدلات القتل والسرقة بالإكراه والخطف وتجارة الأعضاء البشرية والاغتصاب، وأمام تفشي اليأس والإحباط ارتفعت حالات الانتحار لمعدلات كبيرة تعكس ضخامة الأزمة في المجتمع المصري خصوصا بعد الانقسام المجتمعي الحاد الذي ضرب البلاد عقب انقلاب 30 يونيو 2013م. وأمام الأسباب المباشرة التي أفضت إلى هذه الصورة المحبطة والبائسة سواء كانت أسبابا سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية فإن ثمة مخاوف واسعة على مستقبل البلاد من المآلات الخطرة لتفشي معدلات الجريمة والتمزق المجتمعي والأسري الذي أفضى إلى أشكال جديدة من الجريمة تعتبر دخيلة على المجتمع المصري كأن تقتل الأم أبناءها أو الآب أطفاله أو يعتدي الابن على أبيه أو أمه حتى الموت لأسباب تافهة لا تستدعي التورط لكنها تعكس جنوح المجتمع نحو العنف ما يثير تساؤلات ملحة ربما تكون الإجابة عليها صادمة على كل المستويات. فطبقا لـ 3 مصادر أمنية مسؤولة في مصلحة الأمن العام ومؤسسة رئاسة الانقلاب، فإن تقريرا أمنيا أعدته مصلحة الأمن العام تم رفعه إلى رئاسة الجمهورية فى نوفمبر/تشرين الثاني 2016م للتحذير من مخاطر رفع الأسعار بعد تعويم الجنيه وزيادة سعر البنزين، وأضافت المصادر الثلاثة أنه تم إرسال تقرير آخر فى نهاية يناير 2017 حذر من ارتفاع معدل جرائم السرقة بشكل ملحوظ بسبب ارتفاع الأسعار، وهو ما يعد حقيقة تعرفها كل الجهات المعنية فى البلد، وفق ما قاله اللواء فاروق المقرحي مساعد وزير الداخلية للأموال العامة، مؤكدا أن رئاسة الجمهورية كلفت وزارة الداخلية بتكثيف التواجد الأمني بعد زيادة سعرالبنزين وتحرير سعر صرف العملة "لأنهم يدركون أن رد فعل المواطنين إما سيكون بالخروج إلى الشارع للتظاهر أو ارتفاع معدل حوادث السرقة". لكن اللواء رفعت عبد الحميد الخبير الأمني يرى أن ارتفاع نسبة السرقة بشكل فردي أمر غير مقلق إلى حد ما، ولكن الأهم ألا تتحول تلك الحوادث إلى عمليات منظمة يصفها البعض بما يسمى بـ"ثورة الجياع "، وهو ما يوافقه فيه محمد محي الدين عضو مجلس الشعب السابق وأستاذ العلوم السياسية بجامعة عين شمس، قائلا "عندما لا يجد المواطن قوت يومه أو ما يسد احتياجات أسرته سيضطر  إما إلى أن يتظاهر في الشارع وهذا لن يحدث بسبب التشديدات الأمنية، أو يجور على ما لا يملك، وهذا ما حدث".[1] واحتلت مصر المرتبة الـ26 عالميا على مؤشر الجريمة العالمي 2018 (نامبيو) والثامنة أفريقيا والـثالثة عربيا؛ بسبب تفشي ارتكاب الجرائم. حيث تم رصد 1360 حالة قتل بزيادة بنسبة "130%"، و925 حالة سرقة بالإكراه بزيادة 350%،بخلاف حالات السرقة العادية بزيادة نسبتها 400%، بينما ارتفعت سرقة السيارات بنسبة 500%،  و66 حالة اغتصاب و467 هتك عرض  كما أن هناك 500 ألف بلطجي ما يمثل جيشا جرارا من البلطجية وأرباب السوابق[2]. ومن الطبيعي أن ترتفع نسب الجريمة في مصر، في ظل تفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية. الغلاء لا يرحم الفقراء، إضافة إلى قلة فرص العمل، ما يدفع البعض إلى الجريمة من أجل "أكل العيش"؛ حيث تعاني محافظات مصر في الوقت الحالي من ارتفاع معدلات الجريمة، التي وصلت إلى حد القتل، بسبب الفقر. وهناك توقعات بزيادة نسبة تلك الجرائم خلال الأيام المقبلة، خصوصاً بعد الارتفاع الكبير في الأسعار والسلع والخدمات التي تقدمها الحكومة، بدءاً من زيادة سعر تذكرة المترو بنسبة 350 في المائة من جنيهين (0.1 دولار) إلى 7 جنيهات (0.4 دولار). ثم رفعت أسعار المياه والكهرباء والوقود. ومع ارتفاع الأسعار، زادت السرقات وجرائم القتل نتيجة الفقر. وهذه الجرائم باتت عنوان صفحات الحوادث يومياً، عدا عن الجرائم التي لا تذكرها الصحف أو لا تعلم بحدوثها. واستناداً إلى تقارير أمنية، وصلت جرائم القتل بدافع السرقة في المحافظات المصرية خلال النصف الأول من العام الجاري 2018 إلى 296 جريمة، عدا عن انتحار 13 شخصاً بسبب الفقر. وتشير التقارير إلى أنّ غالبية جرائم القتل التي حصلت بسبب السرقة ارتكبها رجالٌ. وحلّت محافظة القاهرة في المرتبة الأولى، تلتها محافظة الجيزة، وحلّت محافظة القليوبية في المرتبة الثالثة، ومحافظة الإسكندرية في المرتبة الرابعة، ومحافظة أسيوط في صعيد مصر في المرتبة الخامسة. وتسجّل التقارير 18 حالة قتلٍ في مصر خلال شهر يونيو/ حزيران الجاري فقط بسبب السرقة.[3]   الانقلاب وتكريس ثقافة العنف أول الأسباب وراء تزايد معدلات الجريمة وتفشي ثقافة العنف،  هو  نظام العسكر بقيادة السفاح عبدالفتاح السيسي، وهو نظام تأسس عن طريق العنف والقتل والدماء بحق أولئك المدافعين عن إرادتهم الحرة والمسار الديمقراطي الوليد، فالسيسي اغتصب الحكم عبر انقلاب عسكري دموي سفك في سبيل نجاحه دماء الآلاف من أطهر وأنبل شباب مصر واعتقل مئات الآلاف ولا يزال حتى اليوم يمارس أبشع صور التعذيب والاغتيال والإخفاء القسري. وقد شاهد الشعب هذه المجازر الوحشية في رابعة والنهضة وغيرها بثا مباشرا على الهواء، ورأى كيف تعاملت عصابات النظام مع أكبر حزب سياسي في البلاد، هذه المشاهد الدموية انطبعت في نفوس الملايين الذين شاهدوها وكرست ثقافة العنف والمليشاوية فكثرت جرائم القتل والسرقة والاغتصاب لأتفه الأسباب، وهي مشاهد مرعبة قادها النظام بنفسه عبر مليشاته العسكرية والأمنية أفرزت سلوكيات ترى في العنف سبيلا وحيدا لتحقيق الأهداف سواء بالسطو على الحكم أو الثروة أو اغتصاب حقوق الآخرين، وهو ما يفسر تزايد معدلات الجريمة خلال سنوات ما بعد الانقلاب بصورة كبيرة.   التدهور الاقتصادي وتعتبر الأوضاع الاقتصادية المتردية هي المتهم الأول والأبرز، في تفشي الجريمة وتزايد معدلاتها والتي تسببت فيها القرارات الحكومية العشوائية وغير المدروسة، والتي أسهمت في تحولات كبرى داخل بنية المجتمع؛ فأمام تآكل قيمة العملة المحلية وارتفاع أسعار الوقود والسلع والخدمات بمعدلات قياسية وغير مسبوقة، فإن ذلك يفضي إلى تآكل الطبقة الوسطى وسقوط قطاعات كبيرة منها  إلى الطبقة الفقيرة، كما تفضي إلى تحول الطبقة الفقيرة إلى حالة من العدم والعوز الشديد الأمر الذي يترتب عليه تغييرات ينيوية كبيرة  على مستوى السلوكيات والعادات والتقاليد، بما يفضي إلى زيادة معدلات الجريمة. هذه التحولات الضخمة أفرزت قائمة لكثير من السلوكيات السلبية: أولا انزواء معظم المصريين على أنفسهم واهتمامهم بلقمة العيش وعدم الانشغال بالسياسة والحكم ،  عكس ما كان الحال بعد ثورة 25 يناير والتي أثمرت عن اهتمام واسع من جانب كل المصريين بالشأن العام والأمور السياسية، ومشاركة الشعب في صنع القرار وهو ما عكسته المشاركة الضخمة في جميع الاستحقاقات الانتخابية التي جرت بعد ثورة يناير وقبل انقلاب 30 يونيو 2013م. والذي  مارس أبشع صور القمع  والاستبداد بخلاف الغلاء ما أدى إلى عودة الشعب إلى الجحور  والانطواء مرة أخرى، وهو ما يتسق تماما مع أهداف وتوجهات الأجهزة الأمنية للنظام. ثانيا: انتشار  الجريمة بمعدلات كبيرة  حيث زادت حوادث السرقة والسطو المسلح بنسبة 7% خلال عام 2016 مقارنة بعام 2015 وفق ما كشفه تقرير الحصاد الأمني…

تابع القراءة

مظاهرات البصرة ومستقبل الاوضاع بالعراق ودور إيران في الانفجار الشعبي

 مظاهرات البصرة ومستقبل الاوضاع بالعراق ودور إيران في الانفجار الشعبي   بعد حراك شعبي بدأ منذ عام 2015 في بغداد وغيرها من قبل الفيصل الشيعي النابع لمقتدي الصدر، وهزَّ سكان المنطقة الخضراء من المسؤولين عن السلطات الثلاث، شهدت البصرة الانفجار المدوي الشعبي الذي كان منتظرا مع بقية مدن جنوب العراق ووسطه أوائل شهر يوليه الماضي (2018)، بسبب انتشار الفقر والبطالة وغياب ابسط الخدمات مثل الكهرباء والمياه عن بلاد تسمي "الرافدين". الحراك الشعبي الصاخب في البصرة والذي صب جام غضبه على الجميع، خاصة إيران وميليشياتها، هز مقرات قادة الأحزاب الإسلامية السياسية وقادة ميليشياتها الطائفية المسلحة في مختلف مدن الوسط والجنوب، التي قتلت العديد من العراقيين المتظاهرين في اوقات سابقة بدعوى ممارستهم العنف ووجود مندسين في صفوف المتظاهرين. لذلك احرق المتظاهرون في البصرة التي تفتقد للماء والكهرباء وتشكو من الفقر والبطالة مقرات احزاب محسوبة على إيران كحزب بدر والعصائب والدعوة والمجلس الاعلى واقتحموا واحرقوا القنصلية الإيرانية بالبصرة. أيضا أحرق المتظاهرون مقرات أحزاب شيعية (حزب الدعوة والفضيلة والحكمة والمجلس الأعلى) ومبنى ضيافة محافظ البصرة، ومقرات حركة النجباء وبدر والعصائب وحزب الله وسيد الشهداء، ومبنى قناة العراقية والغدير والفرات واذاعة النخيل وبعد وقت قصير من إحراق مبنى القنصلية الإيرانية، حاصر المئات من المحتجين مبنى القنصلية الأميركية، ما دفع الحكومة إلى إعلان حظر التجول في المدينة، ونقلت تعزيزات عسكرية خاصة وصلت إلى جنوب العراق، بعدما قُتل 73 محتجا وأصيب العشرات معظمهم في اشتباكات مع قوات الأمن. مشهد إنزال العلم الايراني من فوق القنصلية في البصرة ورفع العلم العراقي وصفه المراقبون بانه انتفاضة شعبية عراقية ضد إيران، ومشهد تاريخي ومقدمة لتحويل في موازين القوى في العراق وانحسار نفوذ الملالي فيها. وبدأ الجميع يتساءل في العاصمة ووسائل الاعلام: هل بدأ شيعة العراق ومعهم السنة، في الاستيقاظ واستعادة الوعي وهل أدركوا أنهم ليسوا أكثر من وقود لمعارك الهيمنة والتسلط التي تخوضها إيران؟ (السنة 35% من سكان البصرة والباقي شيعة).     دور إيران في تعطيش العراقيين   كان ما حصل في البصرة نتيجة توقف إمدادات الكهرباء والماء، التي تستوردها المحافظة من إيران، ونقص المياه وقصرها على مياه اسنة غير صحية وظهور الكوليرا بسبب ذلك بين 1500 عراقي، فضلا عن الانقطاع المستمر للكهرباء سببا في هذا الغضب الشعبي الواسع. حيث شهدت محافظة البصرة العراقية ارتفاعا كبيرا في نسبة الملوحة في أنهارها، نتيجة إلقاء إيران مخلفاتها الزراعية في شط العرب، مما اثرت على الإنسان والثروة الحيوانية والزراعية وأصبح أبناء البصرة هم المتضررين من أزمة الملوحة". وحذرت وزارة الموارد المائية العراقية من تصاعد نسب الملوحة في شط العرب في البصرة، بسبب إقدام إيران على ضخّ مياه مالحة إلى الجانب العراقي، فيما تواجه البلاد أزمة جفاف أدت إلى حصول نزاعات عشائرية جنوباً. أيضا اعلنت حكومة إقليم كردستان ان إيران "غيرت مجرى نهر الكارون بالكامل وأقامت ثلاثة سدود كبيرة على نهر الكرخة بعدما كان هذان النهران يمثلان مصدرين رئيسين لمياه الإقليم والعراق ككل، وأن تدفق المياه توقف كلياً، وسيؤثر تحويل إيران لمجرى 43 رافداً على المدن والمناطق المحيطة بالنهر إلى تعجيل جفاف الإقليم الجنوبي. ورغم أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ذهب إلى المدينة ومكث فيها مؤكدا أنه لن يغادر قبل حل مشكلها، إلا أن اهل البصرة لم يهتموا بما قال معتقدين أنه يفعل هذا من أجل الفوز بتشكيل تحالف للحكم مع ائتلاف "سائرون" بزعامة مقتدى الصدر. وخرج المئات من سكان المدينة إلى الشوارع في مسيرة احتجاجية، معربين عن رفضهم لزيارة العبادي لأنه "جزء من المشكلة وليس الحل"، كما وصفوه. وقد أصدر "العبادي" عقب لقائه مع اللجنة الوزارية الخاصة بالوضع في البصرة من أجل إيجاد الحلول العاجلة لمشاكل المحافظة، بما في ذلك نقص المياه النظيفة الصالحة للشرب ومسألتي التعيينات والصحة عدة قرارات لتخفيف الازمة المائية والبطالة ومع هذا استمر الغضب الشعبي. وحملت الحكومة الفدرالية والإدارة المحلية للمحافظة بعضهما البعض المسؤولية عن انهيار البنى التحتية الذي ترك السكان من دون طاقة كهربائية ومياه نظيفة، في حرارة صيف تبلغ 50 درجة فوق الصفر، الأمر الذي أثار موجة الاحتجاجات الغاضبة غير المسبوقة.     رجل امريكا يخسر   وخلطت أزمة البصرة أوراق التحالفات السياسية في العاصمة، وتحديدا في البرلمان، وبدا أن الضحية الكبرى لأزمة البصرة هو رئيس الوزراء، فالعبادي، الذي كان يعول على تحالفه السياسي مع ائتلاف "سائرون" بزعامة مقتدى الصدر لتشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر وبالتالي تسميته رئيسا للوزراء لولاية ثانية، حاول الاستناد على هذا التحالف لحل أزمته. لذلك لخصت صحيفة "واشنطن بوست" نتائج احتجاجات البصرة بأنها "حرقت رجل أميركا بالعراق"، مشيره لأن المعادين لواشنطن باتوا يتصدرون المشهد، خاصة أن المتظاهرين حاولوا أيضا حرق القنصلية الامريكية ولكن قوات الأمن تصدت لهم. فقد وجهت الاحتجاجات العنيفة التي تشهدها مدينة البصرة النفطية لطمة سياسية لرئيس الوزراء العراقي الموالي لأميركا، حيدر العبادي، وباتت قاب قوسين أو أدنى من الإجهاز على محاولته للبقاء في منصبه لفترة ثانية. واستغل منافسي العبادي على منصب رئيس الوزراء الغضب الشعبي، ليجعلوا من بقائه في المنصب خياراً مستحيلاً، وتضامنوا مع احتجاجات أهالي البصرة وهاجموا العبادي، بعدما ألقى المحتجون بأسباب الإحباط الذي ينتابهم على كاهل النخبة السياسية العراقية كلها، وهتفوا بشعارات ضد الحكومة والأحزاب والميليشيات المؤيدة لطهران. وطالب ساسة من القائمتين الانتخابيتين اللتين حصلتا على أعلى الأصوات في الانتخابات البرلمانية التي عُقدت في مايو الماضي باستقالة العبادي بعد جلسة برلمانية مثيرة للجدل شهدت تلاسناً بين رئيس الوزراء ومحافظ البصرة. وزاد أزمة الولايات المتحدة في العراق، أنه ليس لديها بدائل كثيرة للعبادي لشغل منصب رئيس الحكومة الجديدة في العراق. وزاد من حرج موقف العبادي توجيه آية الله السيستاني صاحب الكلمة المسموعة في العراق والائتلافات السياسية الصاعدة في المشهد السياسي العراقي توبيخاً غير مسبوق للعبادي، بعد أن حاز دعم الولايات المتحدة لتولي المنصب لمدة ثانية بعد قيادة بلاده لتحقيق انتصار على تنظيم الدولة الإسلامية، واجتياز أزمة اقتصادية أثارها انخفاض أسعار النفط. وكان كبير المبعوثين الأميركيين إلى العراق، بريت ماكغورك، في زيارة قام بها مؤخراً إلى العراق بهدف حشد الدعم للعبادي في صفوف السنة والأكراد، ضمن جهود لبناء أغلبية برلمانية تصوِّت لإعادة انتخابه، قبل أن تشتد حركة الاحتجاجات في البصرة وتنفجر لتصبح أعمال شغب واسعة النطاق ويخسر العبادي الشعبية التي حشدها له الامريكان. وكان العبادي قد توصل على مضِّض لاتفاق مع رجل الدين العراقي مقتدى الصدر، الذي فاز حزبه بأغلبية المقاعد البرلمانية في انتخابات مايو لكنَّ النواب الذين خاضوا الانتخابات ضمن قائمة العبادي بدأوا في الإسراع بالقفز من سفينته في الأسابيع الأخيرة، حتى إنَّ الصدر نفسه تخلى عن العبادي بسبب أزمة البصرة. وهذا ما دفع صحيفة "الجارديان" البريطانية أن تؤكد بدورها إن الاحتجاجات المتواصلة في مدن جنوبي العراق تضع مستقبل رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، على "كف عفريت"،…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022