الإمارات والقرن الإفريقي

 الإمارات والقرن الإفريقي باتت منطقة القرن الإفريقي وجنوب البحر الأحمر، ساحة للصراع والنفوذ الإقليمي العسكري والتجاري، بين عدة دول وقوى إقليمية ودولية، حيث تسعى كل من الإمارات وتركيا وقطر وإيران بالإضافة إلى الصين وإسرائيل لمد نفوذها في منطقة جنوب البحر الأحمر، ببناء قواعد عسكرية أو الحصول على حق إدارة وانتفاع موانئ في دول إفريقية فقيرة مثل الصومال وإريتريا وأخيراً السودان. وتُعد موانئ القرن الإفريقي ساحة جديدة للتنافس الدولي لما لها من أهمية استراتيجية خاصةً لدول الإمارات وتركيا والصين وإسرائيل، لوقوعها على مدخل البحر الأحمر الجنوبي والذي يشهد تنافس اقتصادي وأمني محتدم إقليمياً ودولياً. وترجع أسباب منافسة تلك الدول على هذه المنطقة إلى عدة أسباب أبرزها القرصنة التي شكَّلت تهديداً لحركة الملاحة، وكذلك رغبة دول القرن الإفريقي الفقيرة باستثمار موانئها المطلَّة على مضيق باب المندب وخليج عدن، وقد أتاح وجود حكومات هشة، أو غير مستندة لآليات شرعية الفرصة لمن يقدِّم عروضاً أفضل وغياب المنافسة الحقيقية بين الراغبين في الاستثمار. وفي هذا الإطار تأتي أهمية إلقاء الضوء على التواجد الإماراتي في القرن الإفريقي، وهو الموضوع الذي تتناوله هذه الورقة وتسعى من خلاله للإجابة على عدة تساؤلات أهمها: ماهو شكل التنافس على الموانئ في القرن الإفريقي؟ وماهي طبيعة العلاقات بين الإمارات تلك الدول؟ وماهي مظاهر تصاعد الأزمة بين الإمارات وكلٍ من جيبوتي وجمهورية أرض الصومال والصومال؟ وكذلك ماهي الأسباب الحقيقية الكامنة خلفها؟ ونجيب على تلك التساؤلات من خلال النقاط التالية.. * تقدم الإمارات نحو القرن الإفريقي والتنافس على موانئ المنطقة.. بدأت دولة الإمارات العربية المتحدة قبل عدة سنوات مشروعاً سياسياً استراتيجياً تعدى حدود الطموح الاقتصادي بكثير -وإن ظل الاقتصاد ركناً أساسياً فيه-، حيث لم يعد البترول وحده هو المحرك ولا عمود الأساس للإمارات التي تعلم جيداً أن مخزوناتها من النفط والغاز الطبيعي لن تستمر إلى الأبد، وأنه لابد من أعمدة أخرى يستند إليها الاقتصاد الإماراتي. وقد أدركت الإمارات قبل فترة طويلة مدى أهمية الموانئ البحرية في الاقتصاد العالمي فأقامت موانئ دبي، وبعد أن أصبحت رقماً صعباً في محيطها بدأت في التوسع خارج حدودها. حيث أحرزت الإمارات تقدماً جيوستراتيجياً توزع ما بين اليمن والقرن الإفريقي ومصر على استحياء، بعيداً عن مناطق نفوذ السعودية التي تركت لها الإمارات قيادة الخليج والعالم الإسلامي، لتخلق لنفسها دوراً أشد أهمية وتأثيراً خارج محيطها الإقليمي الخليجي الملئ بالنزاعات ومحاولات السيطرة.[1] وفي هذا الإطار فقد أبرمت دولة الإمارات عدداً من الاتفاقيات غير القانونية مع موانئ في بحر العرب والبحر الأحمر منها ميناء عدن وميناء دورالي بهدف إجهاض قيام مشاريع يمكن أن تؤثر على نشاط موانئ دولة الإمارات ولاسيما ميناء دبي، كما سعت الإمارات إلى توسيع قاعدتها في القرن الإفريقي وشرق إفريقيا ومنطقة المحيط الهندي، واستأجرت في هذا الصدد العديد من الموانئ، إما لاستخدامها بما يخدم حركة التصدير والاستيراد لأبو ظبي، أو تعطيلها خوفاً من تأثيرها على ميناء جبل علي الإماراتي، وخاصة مع تعاظم أهمية مضيق باب المندب الذي تستخدمه حاملات النفط في العالم، حيث يمرّ به ما يقرب من 4.7 ملايين برميل من النفط يومياً.[2] وكانت كلا من الإمارات وتركيا تتسابق في الحصول على حق إدارة وانتفاع مجموعة من الموانئ في الصومال التي تعاني فقراً شديداً وصراعات أهلية وعمليات إرهابية، بالإضافة إلى قطر التي حصلت على أكبر ميناء على البحر الأحمر بتمويل قطري في السودان. ويمتلك الصومال أطول ساحل في القارة الإفريقية بطول يُقدَّر بأكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر. ويطل أغلبه على المحيط الهندي، بينما تقع سواحله الشمالية على خليج عدن، وسواحله الشرقية على مضيق باب المندب. فتركيا حصلت عبر شركة البيرق التركية، على حق إدارة ميناء مقديشو بعد أن منحتها الحكومة الصومالية الفيدرالية حق تشغيل الميناء لعشرين عاماً في سبتمبر 2014، على أن تعطي 55% من عائداته السنوية لخزانة الحكومة الصومالية.  أما الإمارات فحصلت عبر شركة موانئ دبي على حق إدارة ميناء بربرة من إدارة حكومة "أرض الصومال" –غير المعترف بها دولياً– في عام 2015 ولمدة 30 عام. وفي إريتريا حصلت الإمارات أيضاً على حق إدارة ميناءي مصوع وعصب، عبر شركة موانئ دبي في عام 2015 لمدة ثلاثين عاماً مقابل أن تحصل إريتريا على 30 بالمئة من عائدات الميناء الذي سيبدأ تشغيله في 2018. كما حصلت موانئ دبي عام 2000 على حق إدارة ميناء جيبوتي الذي يقع على مدخل البحر الأحمر الجنوبي.[3]       أولاً: الإمارات في جمهورية جيبوتي والأزمة بينهما.. في عام 2005 وقّع سلطان أحمد بن سليم، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة في دبي وياسين علمي بوح وزير المالية في جمهورية جيبوتي اتفاقية تعاون بين البلدين كان يفترض أن تستمر 21 عاماً، تقوم خلالها الإمارات بإدارة وتطوير الأنظمة والإجراءات الإدارية والمالية لجمارك جيبوتي وتطوير العمليات الجمركية ونظام وإجراءات التفتيش. كما كان يفترض أن توفر جمارك دبي نظاماً متطوراً لتقنية المعلومات إضافة إلى إقامة البرامج التدريبية لمختلف فئات الكادر الوظيفي في جمارك جيبوتي. لكن الاتفاق بين الدولتين توتر  بعد أن اتهمت حكومة جيبوتي موانئ دبي في 2014 بتقديم رشوة لرئيس هيئة الميناء والمنطقة الحرة في جيبوتي آنذاك عبدالرحمن بوريه، لضمان الفوز بعقد امتياز إدارة محطة وميناء دوراليه للنفط، ما دفع بالرئيس إسماعيل عمر غيله لفسخ التعاقد من جانب واحد، لكن محكمة لندن للتحكيم الدولي رفضت في مارس 2016 اتهامات حكومة جيبوتي لموانئ دبي وألزمتها بنفقات الدعوى.[4] وفي يوم الخميس 22 فبراير 2018 قامت السلطات في جيبوتي بإلغاء إدارة الإمارات لمحطة حاويات "دوراليه". مُبررة ذلك بأن ملاحق عقد الامتياز الذي كان ممنوحاً لشركة موانئ دبي وتفاصيله تضمنت شروطاً مجحفة. كما كشفوا أن أرض الصومال يمكن أن تتخذ قراراً مماثلاً في إنهاء الاتفاق مع دبي. وأوضح المسئولون الجيبوتيون أن من تلك الشروط المجحفة منع توسعة مباني الميناء أو إقامة أي مبان جديدة، وأن حصص التملك المتفق عليها لم تكن هي نفسها في توزيع الأرباح، فضلاً عن جعل الإدارة المالية في يد شركة موانئ جبل علي بمجموعة موانئ دبي العالمية. وأضافوا أنهم اكتشفوا لاحقاً أن نسبة 20% من الأرباح كانت تذهب إلى كل من عبد الرحمن بوري، مدير الموانئ الجيبوتية سابقاً (مهندس الصفقة والمقيم بالإمارات حالياً)، وسلطان أحمد بن سليم رئيس مجلس إدارة موانئ دبي العالمية، مما اضطر الحكومة الجيبوتية إلى رفع قضية لرد حقها عام 2012، كما لجأت إلى أبو ظبي التي أخبرتهم أن هذا الأمر يخص حكومة دبي، ولا شأن لها به. كما ذكر الجيبوتيون أيضاً أن شركة موانئ دبي ذهبت إلى إثيوبيا وعرضت عليها نسب تملك في ميناء عصب وميناء أرض الصومال، شريطة التخلي عن التعاون مع ميناء جيبوتي بهدف الإضرار به. وذكروا أنه في لقاء بدبي في 15 فبراير الجاري، جمع بين وزراء من جيبوتي ومسئولين إماراتيين، هددهم سلطان بن سليم رئيس شركة جبل علي بأن شركته سوف تعيد ميناء جيبوتي كما كان عام 2005 مجرد مرسى بدائي. وعلى إثر هذا الكلام أعلنت جيبوتي…

تابع القراءة

ترتيبات الشرق الليبى واحتمالات إخراج التيار السلفي المدخلى من المعادلة

   ترتيبات الشرق الليبى واحتمالات إخراج التيار السلفي المدخلى من المعادلة مقدمة يعتبر التيار المدخلى من أهم الأدوات التى استخدمها حفتر فى تحقيق سيطرته على الشرق الليبى، فقد وفر التيار المدخلى الدعم العسكرى لحفتر، بل والأهم من ذلك فقد وفر له الدعم الدينى، فالتأييد الدينى الذى يوفره التيار المدخلى لحفتر يُظهر حفتر بأنه حاكم شرعى يجمع بين الشرعية الدستورية (دعم البرلمان) والشرعية الدينية التى يقدمها التيار المدخلى لحفتر، وهو ما جعل حفتر حريص على الحصول على دعم هذا التيار فسمح لهم بالسيطرة على الخطاب الدينى ونشر أرائهم وفتاواهم، فى مقابل حصول حفتر على الدعم الدينى والعسكرى. وقد أدى تزايد نفوذ التيار المدخلى داخل قوات حفتر إلى غضب بعض القبائل الحليفة لحفتر من هذه السيطرة، وهو ما دفع هذه القبائل إلى الخروج من التحالف، كما أن إتجاه السعودية إلى ما يشبه الإنقلاب فى علاقاتها مع التيار السلفى الوهابى فى الداخل والخارج قد أثر بصورة كبيرة على علاقة حفتر بالتيار المدخلى، وهو ما تمثل فى سعى حفتر إلى تقليل نفوذ هذا التيار داخل قواته. وعليه تحاول الورقة الإجابة على طبيعة وجود التيار المدخلى فى الشرق الليبى، بالإضافة إلى استراتيجيات حفتر لتقليل نفوذه. طبيعة تواجد التيار المدخلى فى الشرق الليبى تطفى السلفية المدخلية على السلطة فى كل بلد من البلاد التى يتواجدون فيها الشرعية اللا محدودة التى تنزهها حتى عن النقد أو المعارضة داخل إطار الدولة فضلًا عن الخروج عليها بالقول أو الفعل فكل أقوال السلطة مبررة أو على الأقل مسكوت عنها مهما ظهر خطؤها وبان عوارها فهى بردًا وسلامًا على كل سلطة حربًا ونارًا على كل معارض فلا يتورعون فيه ولا يتنزهون عن كل طعن ودهس مهما علا قدره بل ويتحولون فى هذه الحالة الغاضبة من قمة الموادعة للسلطة إلى أعلى قمم الدموية التاريخية المشرعنة بشرع الله فيطالبون السلطات بالسحق والقتل والتغييب والتشريد هكذا فعل المؤسس الأول "محمد أمان الجامى" فى المملكة العربية السعودية مع المعارضين وبنفس القسوة طالب "محمد لطفى عامر" فى مصر النظام المصرى بحصد رقبة كل من يدعو إلى العصيان المدني، ومنهم الدكتور محمد البرادعي والدكتور يوسف القرضاوي، واعتبر أن الدعوة إلي العصيان المدني تعد من أساليب الخوارج ومنازعة السلطان والخروج عليه، وعقوبتها تبدأ من الحبس، ثم الزجر، ثم القتل، ولكن على يد الحكومة، وذلك من باب وأد الفتنة[1]. يرجع وجود السلفية المدخلية في ليبيا إلى العقد الأخير من حكم القذافي، الذي سمح لهم بالتواجد في ليبيا لأنهم يحرمون الانتخابات والديمقراطية، ويدعون إلى الطاعة المطلقة للحكم، وفى ثورة 11 فبراير لم يكتفى المدخلية بعدم مشاركتهم فيها وإنما راحوا يفتون الناس بحرمة الخروج على القذافى وأن الطاعة له واجبة. ورفضت السلفية المدخلية الانتخابات التى عقدت فيما بعد، لكن -بصورة براجماتية- شارك أعضائها فيها في نهاية المطاف، وقد برز دورهم بعد إعلان حفتر انطلاق عملية الكرامة عام 2014، وقد أيدوا حفتر خلافاً لمنهجهم القائم على عدم الخروج على ولي الأمر، الذي كان وقتها “المؤتمر الوطني العام”، ولكن أوضح مراقبون أن التيار قد حصل على فتاوي من رموزه أن المؤتمر الوطني العام انتهت صلاحيته وولايته في السابع عشر من فبراير 2014، وذلك تماهياً مع حركة “لا للتمديد” التي ظهرت بعد هذا التاريخ رافضة استمرار المؤتمر الوطني العام وداعية إلى مرحلة انتقالية ثالثة على رأسها مجلس للنواب[2]، (ويتشابه موقف السلفية المدخلية مع مدخلية الاسكندرية في هذه الفتاوي بالوقوف مع السيسي ضد شرعية الرئيس محمد  مرسي بادعاءات مشابهة ). وقام الشيخ ربيع المدخلي بالإفتاء بضرورة انضمام السلفيين لحفتر لأنه ولي الأمر الشرعي والقتال معه ضد الإخوان، و استجاب المدخلية لشيخهم ربيع المدخلى وخرجت تقاتل بجانب قوات اللواء خليفه حفتر وتحت امرته بكتيبة "التوحيد" السلفية الجناح الدينى للواء خليفة حفتر، أُسست الكتيبة في بنغازي واصطفت مع قوات حفتر، وحلفائه فى مدينتي إجدابيا ودرنة. وقد أرجع مراقبون استهداف رموز مدخلية في سلسلة الاغتيالات التي هزّت بنغازي منذ منتصف العام 2013 حتى بداية 2014 مثل الرمز المدخلي كمال بزازة الشرارة، هو ما دفع كثيراً من التيار إلى التحرّك المسلح، ورأى آخرون أن هذه العمليات مدبرة لدفع التيار دفعاً إلى قتال فصائل الثورة وتنظيم الدولة الإسلامية. وقد مكّن حفتر التيار المدخلى من تولي العديد من المناصب في الجيش، كتولي العقيد ميلود الزوي المدخلي البارز، مهمة الناطق باسم القوات الخاصة في بنغازي، والرائد علي الثابت ناطقاً باسم قوات البحرية في بنغازي، والملازم محمد البوعيشي كآمر لقوة مكافحة الإرهاب في أجدابيا. وحسب شهادات نقلتها مواقع وصحف للمُفرج عنهم من قبل تابعين لحفتر فإن بعض الذين حققوا معهم لمعرفة منهجهم الديني كانوا من التيار المدخلي، حيث كانوا يصنفون المقبوض عليهم، إما منتسبين إلى جماعة الإخوان المسلمين الليبية، أو إلى أحد التيارات السلفية الجهادية. وبعد قرار حفتر بحل الكتائب السلفية المدخلية المعروفة باسم كتائب التوحيد ودمجها وتوزيعها علي كتائب الجيش المختلفة، سيطروا علي مواقع عسكرية في بنغازي وأجدابيا والجبل الأخضر، وعلي فرق عسكرية مهمة مثل الكتيبة 210 مشاة والكتيبة 302 صاعقة[3]. كما اتهمت قيادات معارضة لحفتر المداخلة بتنفيذ عمليات قبض واختطافات في صفوف مقاتلي وقادة سرايا الدفاع عن بنغازي المقيمين في مصراته، بل وتورطهم في تصفية "محمد باكير" القيادي بالسرايا، بعد اختطافه من قوة من قوات المداخلة[4] . وتحالف حفتر مع السلفيين لا يقتصر على وجودهم العسكري، لكن أيضاً يشمل السيطرة على الخطاب الديني الرسمي، من خلال سيطرة التيار السلفي المدخلي علي الخطاب الديني الرسمي في الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية التابعة لحكومة برلمان طبرق، والسيطرة الفعلية على المساجد في الشرق منذ نهاية أكتوبر/تشرين الأول 2014. ويستخدم حفتر الجماعات السلفية لمواجهة الجماعات التكفيرية مثل حركة أنصار الشريعة، بالإضافة إلى مواجهة خصومه السياسيين خاصة جماعة الإخوان المسلمين، ومواجهة خطاب السلفية العلمية التي يتبناها مفتي طرابلس الصادق الغرياني، والمجموعات السلفية في الغرب الليبي متمثلة في قوات الردع الخاصة بقيادة عبد الرؤوف كارة في طرابلس، والتي ترفض حفتر[5]. هل يتم التخلص من التيار المدخلى ظهر فى الأونة الأخيرة ما يشبه إنقلاب فى العلاقة بين التيار المدخلى وحفتر، فقد سعى حفتر إلى إتخاذ مجموعة من الخطوات لتقليل نفوذ التيار المدخلى، وتتمثل أهم هذه الخطوات فى: حل كتائب التيار المدخلى، ففي 23 يناير/كانون الثاني 2015، أعلن حفتر عن حلّ كتائب التوحيد السلفية وتوزيع عناصرها على كتائب قواته، بعد أيام من مقتل آمر كتيبة التوحيد السلفي البارز عز الدين الترهوني، في ظروف غامضة، قيل وقتها إنّها كانت ضمن معارك منطقة سوق الحوت. وبموازاة ذلك، تم توزيع أبرز العناصر السلفية على الأجهزة الأمنية، في مدينتي المرج والبيضاء، بعيداً عن مخازن السلاح والجنود في بنغازي، أما ما بقي من كتائب المدخلية فقد وضعهم حفتر تحت إمرة قادة وضباط تابعين له، كما فعل مع النقيب محمود الورفلي الذي يخضع لأمرة…

تابع القراءة

الأردن: النظام الملكي والإخوان في ظل التهديدات الإقليمية والضغوطات الداخلية (عرض)

 الأردن: النظام الملكي والإخوان في ظل التهديدات الإقليمية والضغوطات الداخلية (عرض) نشر موقع معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى مقالا لشهاب المكاحله[1]، يتناول الاوضاع الأخيرة التي تشهدها الأردن، بدأ المقالة بالقول أن الملك عبد الله الثاني منذ توليه لمنصبه في فبراير 1999، نجح في إبقاء الأردن بمنأى عن المصاعب والتحديات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط برمتها، بدءًا من التطرف إلى الإرهاب. وحاول جاهدًا جعل بلاده نموذجًا للدول الأخرى من ناحية الأمن والاستقرار. وتحولت المملكة من القضايا السياسية والعرقية والإسلامية إلى القضايا الاقتصادية، والتي هي أكثر قابلية للإصلاحات والتسويات التدريجية. عام 2011، حاول الأردنيون صد التدخل الخارجي في شؤونهم المحلية والذي ظهر مع تداعيات الربيع العربي، مستفيدين من موقع بلادهم الجيوستراتيجي في المنطقة من خلال تعزيز أمنهم القومي وقواتهم المسلحة وتدعيمها لمجابهة التهديدات الخارجية. لكن لا يزال الأردن عرضة للتهديدات الداخلية من قبل الأحزاب غير المستقرة بسبب الاضطرابات السياسية الحالية، إضافة إلى الصعوبات الاقتصادية والديون المالية الثقيلة التي تمثل نقطة خلاف. وأشار الكاتب إلى أن طباع الملك وخلفيته الفكرية والاجتماعية -رغم عدم امتلاكه خبرة سابقة في الحكم- لعبت دورًا بارزًا في موقف الأردن من عدة مسائل إقليمية شائكة، وتمكن من معالجة مشاكل شعبه ومخاوفهم، واستثمار طاقات الأجيال الشابة التي تشكل 75% من سكان الأردن. واعتمد خططا دفاعية وعسكرية كثيفة للسيطرة على حدود البلاد، واعتمد على إدارة الاستخبارات العامة للتصدي لمسائل داخلية خطرة أخرى مثل التطرف والإرهاب. مع الربيع العربي، حرص الملك على إدارة النزاع الداخلي للتعامل مع الأطراف الإسلامية وأطراف المعارضة الأخرى. وكان لتعامل الملك مع المعارضة الإسلامية تأثير واضح على علاقته بجبهة العمل الإسلامي، الجناح السياسي للإخوان المسلمين في الأردن. رغم أن تعامله معهم باعتبارهم جزءاً من النسيج الاجتماعي والسياسي الأردني، وضعه في صراع مباشر مع رؤساء دول آخرين سبق أن وضعوا تلك الجماعة في القائمة السوداء. لكن مع الضغوط الإقليمية على الأردن والخطاب الأمريكي الجديد حول "صفقة القرن"، بدأت العلاقة بين الإخوان المسلمين والنظام بالتحول باتجاه مسار سلبي. وفيما مضى، عارض الإخوان المسلمون بشدة محادثات السلام بين الأردن وإسرائيل ورفضوا اتفاقية وادي عربة عام 1994، مما جعلهم يلقون مسئولية الفوضى التي تتعرض لها الأردن في الوقت الراهن على الاتفاق الموقع مع إسرائيل ووضعوا المزيد من الضغوط على الحكومة لعدم قبول القرار الأمريكي بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس. وهناك أيضا معارضة الإسلاميين لخطط صندوق النقد الدولي للأردن، ورفضهم لسياسات التحول الهيكلي في الاقتصاد الأردني وخصخصة بعض الشركات والمؤسسات التابعة للدولة. وأشار الكاتب إلى أن الإخوان في الأردن مروا بثلاث حقب: 1.    الحقبة الأولى (1946 إلى 1989): اتصفت بمزيج معقد قائم على علاقة جيدة مترافقة بالحيطة والحذر من بين الإخوان والقصر. فحاول الملك حسين احتواء الجماعة عوضًا عن مواجهتهم أو محاربتهم، باعتبارهم جزءًا من النسيج الأردني، وسمح بمتابعة أنشطتهم الخيرية. لكن تغير الوضع في الثمانينات مع ترحيل عناصر منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان واندلاع الانتفاضة الأولى وظهور حماس كلاعب جديد أصبح له تأثير على قرارات الإخوان المسلمين في الأردن. 2.    الحقبة الثانية (1989 إلى 2011): أصبحت جبهة العمل الإسلامي لاعبًا مركزيًا في الساحة السياسية الأردنية، خاصة بعد فوز الإسلاميين بـ 22 مقعدا في الانتخابات التشريعية 1989، في ظل سياق إقليمي يتصف بتعزيز الحركات الإسلامية السياسية في دول مختلفة والثورة الإسلامية في إيران. بدأ الصدام حين تم تغيير القانون الانتخابي في 1993، واعتماد نظام "الصوت الواحد لكل ناخب" لخفض عدد النواب الإسلاميين في البرلمان، ودعا الإخوان المسلمون الشعب إلى مقاطعة الانتخابات. 3.    الحقبة الثالثة بدأت بانطلاق الربيع العربي: لم تكن الاعتصامات والتظاهرات التي شهدها الأردن سياسية بل مجرد إضرابات تدعو إلى دعم الشفافية ومحاربة الفساد وتحسين الظروف المعيشية. لكن المسألة التي برزت على الساحة هي مطالبة الإخوان بـ "مملكة دستورية"، مما دفع الملك لقيادة الإصلاحات في المملكة. وعند اندلاع التظاهرات في الأردن، رأى الإخوان أنهم أمام معادلة متعددة المتغيرات تتمثل في علاقتهم مع النظام ومع الإسلاميين الآخرين الذين استلموا السلطة في بعض الدول مثل تونس ومصر، والنزاع في سوريا الذي يهدف إلى الإطاحة ببشار الأسد. حرص قادة الإخوان على عدم تأجيج الغضب في المملكة انطلاقا من إدراك لقدرتهم على حشد الشعب، وقدموا ضمانات بأن التظاهرات ستظل سلمية، لكنهم بدأوا بخوض لعبة "الانتظار والترقب" مع الحكومة، بعدما تم إحباط مساعيهم إلى حشد الأردنيين في 2012، خاصة وأن الملك قد استجاب للمطالبات بإصلاحات سياسية. وأشار الكاتب، إلى وصول عدد نواب الجماعة إلى أدنى مستوياته في انتخابات 2016، فالشرخ بين الحكومة الأردنية والإخوان المسلمين ازداد بسبب دور قيادة حماس عند زيارة قائد حماس خالد مشعل وعناصر من الإخوان المسلمين إيران. وعندها، قررت السلطات الأردنية إغلاق مكتب حماس في عمّان. منذ أواخر 2017 وحتى أواخر مارس 2018، خرجت تظاهرات تطالب الملك بمكافحة الفساد الذي ساهم في ارتفاع مستويات الديون، مما تسبب في صعوبات اقتصادية مثل ارتفاع الأسعار وارتفاع معدلات البطالة وفرض ضرائب جديدة. وعملت الجماعة على تعبئة المزيد من المظاهرات ذات التوجه السياسي في المحافظات التي كانت تتمتع فيها بدعم قوي نسبياً. واستجابة للمظاهرات، عدّل الملك بعض الحقائب الحكومية، لكن يعتقد البعض أن هذا العلاج وهمي وليس علاجا حقيقياً. وبعد حديث رئيس البرلمان الأردني عن إنعاش العلاقات التجارية الأردنية السورية، ينظر بعض الأردنيين إلى سوريا على أنها ملاذهم الوحيد للهروب من الصعوبات التي يعانون منها. اختتم الكاتب مقاله مؤكدا على أن مفتاح استقرار الأردن يتجلى مرة أخرى في العوامل الاقتصادية، وليس في الانقسامات السياسية أو الإسلامية، أو غيرها من الانقسامات شديدة الخطورة التي حدثت في أماكن أخرى من الجوار. [1] شهاب المكاحله، "الأردن بين التهديدات الإقليمية والضغوطات الداخلية: الحل الاقتصادي"، معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، 11/4/2018، متاح على الرابط: http://www.washingtoninstitute.org/ar/fikraforum/view/jordan-between-regional-threats-and-internal-pressures-the-economic-key

تابع القراءة

التغيرات في مجلس الأمن القومي الأمريكي وتداعياتها على السياسة الخارجية

 التغيرات في مجلس الأمن القومي الأمريكي وتداعياتها على السياسة الخارجية نشرت دورية الفورين بوليسي الرصينة تقريراً هاماً عن طبيعة التفاعلات داخل إدراة الرئيس الأمريكي بما يطرحه من تأثيرات علي السياسة الخارجية الأمريكية في العالم العربي والاسلامي خلال الفترة المقبلة. ويشير التقرير إلى زيادة الخلافات داخل البيت الأبيض بين ما يمكن أن يطلق عليهم المعتدليين مثل جيمس ماتيس وزير الدفاع، والمتشددين مثل جون بولتون مستشار الأمن القومى. ومن مظاهر هذا الخلاف، قيام جون بولتون بتعيين ميرا ريكارديل نائبة لمستشار الأمن القومى، وهى التى سبق وأن أخرجها ماتيس من الإدارة الأمريكية، كما لعبت ريكارديل دوراً هاماً فى اسقاط المقربين لماتيس من المناصب العليا في البنتاغون، كما أوقف الخلاف بين ريكاردل وماتيس الترشيحات لمناصب سياسية رئيسية لعدة أشهر. ويبدو أن الأمور تميل إلى ترجيح كفة المتشددين خاصة بعد خروج العديد من المحسوبين على التيار المعتدل فى إدارة ترامب مثل وزير الخارجية تيلرسون، وزيادة عدد المتشددين والذى يأتى على رأسهم جون بولتون، ومايك بومبيو مدير وكالة الاستخبارات المركزية ( والمرشح لأن يكون وزير للخارجية)، ففى الوقت الذى يتجه فيه المعتدلون إلى تقليل اللجوء إلى القوة العسكرية فى السياسة الخارجية، وهو ما ظهر فى نجاح ماتيس بإقناع ترامب بعدم القيام بعمل عسكري واسع النطاق ضد سوريا (فقد أفاد عدد من المراقبين الأميركيّين بأنّ اختلافاً وقع في وجهات النظر بين ماتيس وبولتون حول حجم الضربة الأميركيّة على سوريا، وهذا ما أخّر توافقهم على قرار نهائيّ حول طبيعة الردّ على استخدام السلاح الكيميائيّ)[1]، وعلى الجانب الأخر، يتجه المتشددون إلى مزيد من استخدام القوة العسكرية فى الخارج، فقد كان بولتون قد جادل في السابق من أجل شن ضربات استباقية على كوريا الشمالية وإيران. كما يشير التقرير إلى حرص ترامب على الإتيان بأهل الثقة والولاء وليس أهل الكفاءة والخبرة، فقد أدرج ترامب عشرات من أبرز خبراء السياسة الخارجية الجمهوريين فى قائمة سوداء لمنعهم من الانضمام إلى إدارته رغم كفاءتهم بعد أن وقعوا سلسلة من خطابات "لا لترمب" قبل الإنتخابات أو لإنتقاد ترامب علناً خلال الحملة الإنتخابية. ومن بين من سُحب من وظائف بارزة في البيت الأبيض، جون ليرنر، الذي يشغل حاليًا منصب نائب السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة تحت إشراف نيكي هالي، والذى كان استراتيجيًا واستطلاعيًا جمهوريًا سابقًا. ترجمة تقرير اختيار بولتون كنائب قد يوتر العلاقات مع البنتاجون[2] يأتى إختيار جون بولتون كمستشار للأمن القومى كمزيد من ضمان الولاء للرئيس دونالد ترامب داخل البيت الأبيض، لكنه قد يؤدى إلى مزيد من الخلافات مع وزير الدفاع جيمس ماتيس. ففي يوم الجمعة الماضي، عيّن بولتون ميرا ريكارديل، التي تشغل حاليًا منصب وكيل وزارة التجارة في إدارة التصدير ومدير تنفيذي سابق لشركة بوينج ، كنائب مستشار الأمن القومي. بعد أن عملت بحملة الرئيس ترامب عام 2016 وساعدت الفريق الإنتقالي للبيت الأبيض بعد الإنتخابات، وتاتى ريكارديل بأوراق اعتماد قوية باعتبارها مؤيدة لترامب. وسوف يساعد تاريخها مع ترامب فى تدعيم ثقة ترامب فى بولتون، لكنها قد تخلق مزيدًا من الاحتكاك بين ماتس وبقية فريق الأمن القومي الجديد، وفقًا لأربعة مصادر ذات صلة بالإدارة. وتقول تلك المصادر إن رئيس البنتاجون قام بإخراجهم مع ريكارديل في وقت مبكر من الإدارة. وقد أدى تعيين بولتون وإقالة وزير الخارجية السابق ريكس تيلرسون إلى خلق مشهد غير مؤكد لماتيس، الذي كان له في الغالب تأثير معتدل – بدعم من تيلرسون وغيره – على رئيس غير متمرس وعديم القوة. هذا الشهر، تم التاكيد على أن ماتيس أقنع الرئيس بنجاح بعدم القيام بعمل عسكري واسع النطاق ضد سوريا كان يفضله ترامب في البداية. ويمتلك بولتون، وإلى حد ما، مدير وكالة الاستخبارات المركزية مايك بومبيو – المرشح ليكون وزير الخارجية القادم – وجهات نظر متشددة أكثر تشدداً من ماتيس. على سبيل المثال، كان بولتون قد جادل في السابق من أجل شن ضربات استباقية على كوريا الشمالية وإيران. وتقول المصادر إن "ريكارديل" أكثر توافقاً مع "بولتون" من "ماتيس". وعندما التقى بولتون بماتيس الشهر الماضي بعد أن عين مستشارًا للأمن القومي ، حاول وزير الدفاع إلقاء الضوء على صورة بولتون العامة كصقر متشدد. وقال ماتيس مازحاً بينما كان الاثنان يستقبلان بعضهما البعض أمام الصحفيين خارج البنتاغون "سمعت أنك في الواقع الشيطان المتجسد، وكنت أرغب في مقابلتك". وحتى لو كان ماتيس وبولتون قادرين على العمل معاً، يمكن أن يكون ريكاردل عقبة أمامهما. فبعد انتصار ترامب في الانتخابات عندما أشرفت ريكاردل على موظفي البنتاغون خلال الفترة الانتقالية، اشتبكت مع ماتيس ومساعديه حول من يجب أن يتم تسميته في وظائف مدنية عليا، كما يقول مسؤولون سابقون ومصادر أخرى قريبة من البيت الأبيض. وقد تم إحضار ريكارديل كمسؤول رئيسي في البيت الأبيض عن قرارات الموظفين في وزارة الدفاع بعد تنصيبها، حيث كان فريق ترامب قد استبعد جون غاليغر، الذي كان يعتبر مقربًا جدًا من ماتيس وغيره من كبار الضباط ، كما يقول مساعد جمهوري في الكونغرس. فقد ساعدت ريكارديل مبكراً فى اسقاط المقربين لماتيس من المناصب العليا في البنتاغون، بما في ذلك آن باترسون، وهي دبلوماسي كبير متقاعد عمل سفيراً في باكستان ومصر، لوكيل وزارة الدفاع لشؤون السياسة، وهو المنصب رقم 3 في وزارة الدفاع. كما انتهى ماتيس بالتخلي عن خطط تسمية ميشيل فلورنوي، التي خدمت في البنتاغون خلال إدارة الرئيس باراك أوباما، كنائب لوزير الدفاع. وأوقف الخلاف بين ريكاردل وماتيس الترشيحات لمناصب سياسية رئيسية لعدة أشهر وتم الحديث عن احتمالية أن تقوم ريكاردل بدور وكيل وزارة الدفاع لشؤون السياسة. وفي النهاية، حصلت على وظيفة في وزارة التجارة، واختار ماتيس في وقت لاحق جون رود إلى منصب وكيل الوزارة. ورفض البيت الأبيض والبنتاغون التعليق على ريكاردل أو علاقتها بماتيس. تنتقل ريكارديل إلى دورها الجديد، حيث يقوم العديد من كبار المسؤولين في مجلس الأمن القومي (NSC) بالسير على خطى اتش ار ماكماستر، مستشار الأمن القومى السابق. في الأسبوع الأول لعمل بولتون فى منصبه، كان مايكل أنطون، المتحدث الإعلامي الأعلى لمجلس الأمن القومي. نادية شادلو، نائبة مستشار الأمن القومي للاستراتيجية. وريكي واديل، نائب مستشار الأمن القومي الذي يشرف على العمليات اليومية. وكان شادلو، الذي كتب استراتيجية الرئيس للأمن القومي في منصب النائب فقط منذ يناير. كما أن توم بوسرت، مستشار الأمن الداخلي قد تم إخراجه بشكل غير متوقع من وظيفته هذا الشهر، بناءً على طلب بولتون، ونائبه، منسق الأمن الإلكتروني روب جويس، سيغادر أيضاً ويعود إلى وكالة الأمن القومي. ليس من الواضح ما إذا كان آخرون في مجلس الأمن القومي، بما في ذلك مدير الشرق الأوسط مايكل بيل، سيبقون تحت حكم بولتون، حسبما تقول المصادر. لقد تحول معدل دوران النخبة داخل البيت الأبيض فى عهد ترامب بوتيرة مذهلة وغير مسبوقة، حيث أصبح هناك ثلاث مستشارين للأمن القومي في أكثر…

تابع القراءة

المشهد السياسي من 20 ابريل الى 26 ابريل 2018 م

 المشهد السياسي أولاً: المشهد الداخلي 3    أمطار مفاجئة تفضح سوء الأداء وتدهور مستوي الخدمات والشوارع في القاهرة والتجمع الخامس؛ تصاعدت أجواء النقد والسخرية بسبب غياب الأجهزة والمؤسسات بعد غرق بعض مناطق القاهرة في المياه، والسيسي يعد بعدم تكرار الأزمة، وفي ظل عجز المؤسسات وترهلها يستمر النظام في تغييب دور المجتمع المدني والأهلي القادر على احتواء المخاطر غير المتوقعة. 3     استئناف الحملة على رجال شيخ الأزهر مع تحييد الطيب؛ عاد الهجوم على مؤسسة الأزهر في مصر مرة أخرى، باستثناء التعرّض لمنصب شيخه أحمد الطيب، وهذه المرة عبر بوابة الحديث عن إلغاء التعليم الأزهري، بدمج المعاهد مع المدارس التابعة لوزارة التربية والتعليم، إثر تصريحات منسوبة لوزير التربية والتعليم طارق شوقي، أثارت ضجّة كبيرة داخل مشيخة الأزهر، وفي المقابل، رفضت جامعة الأزهر الدعوات المطالبة بإلغاء التعليم الأزهري أو دمجه، ويأتي هذا في إطار ما تم تداوله مؤخراً عن كون تحركات الطيب خارجياً خلال الأشهر القليلة الماضية، وزياراته لدول عدة وخطابه القوي، كانت سبباً في إحساس السيسي وجهات في الدولة، بتعاظم نفوذ الطيب على حساب السيسي، وهو ما أغضب أركان النظام الحالي، مما أدى لسعي النظام لعزل الطيب من خلال ضرب المقربين منه ومستشاريه، أو تقليص دور الأزهر بالأساس. 3    مصر تمنع زراعة المحاصيل الشرهة للمياه خوفًا من سد النهضة والحبس للمخالفين؛ مشروع القانون الذي مرره مجلس النواب المصري مؤخرا والذي يحظر زراعة المحاصيل التي لديها شراهة للمياه، وسط مخاوف من أن يتسبب سد النهضة في تقليص حصتها من مياه النيل، كما وافق مجلس النواب على إعادة عقوبة الحبس للمخالفين لقرارات وزير الزراعة، وذلك فيما يخص الدورة الزراعية وأقرها المجلس يوم الأحد 22 إبريل لمدة لا تزيد على 6 أشهر مع فرض غرامة مالية، وإزالة المحصول على نفقة الفلاح، مع استثناء مزارع الحكومة، ويُعد هذا القرار استهداف للفلاح بمادة "الحبس" لينضم بذلك إلى قائمة طويلة من المهن والعمل الحقوقي والصحفي والنقابي التي استهدفها النظام بالحبس من خلال قوانين مفصلة لتقييد وتعطيل حرياتهم. 3    دعم مصر: نبحث تعديل قانون البرلمان حول إسقاط العضوية بتغيير الصفة الحزبية؛ قال عمرو غلاب نائب رئيس ائتلاف دعم مصر ورئيس لجنة الشئون الاقتصادية بالبرلمان، إن قيادات الائتلاف سيلتقون بقيادات مجلس تنمية المجتمع بالمحافظات، وأنهم ينتظرون رأى اللجنة المشكلة من الائتلاف لبحث تأسيس حزب سياسي من الناحية القانونية والسياسية، وحول نص المادة 6 بقانون مجلس النواب والتي تنص على إسقاط عضوية النواب عند تغيير الصفة التي انتخب على أساسها العضو بموافقة أغلبية الثلثين في حالة تغيير الصفة الحزبية دون موافقة الحزب قال: "سنبحث إمكانية تعديل هذه المادة من الناحية القانونية للتسهيل على النواب"، ومؤخراً تم انضمام 30 عضو إلى الائتلاف من أعضاء البرلمان وسط جدل بشأن المادة المذكورة، ويأتي ذلك في إطار سعي السيسي لتكوين ظهير شعبي حزبي يدعمه شعبياً كما فعل سابقيه. 3    تعرض عبد المنعم أبو الفتوح لذبحة صدرية في محبسه، وحبس هشام جنينة 5 سنوات؛ أصدر حزب "مصر القوية" بياناً الأحد يستنكر فيه ما تعرض له أبو الفتوح في محبسه الانفرادي، ونقل الحزب عن أسرة أبو الفتوح أنه تعرض لذبحة صدرية مرتين خلال الأيام الماضية كادت تودي بحياته دون أدنى تدخل من إدارة السجن لإسعافه أو نقله إلى أي مستشفى للعلاج، وفي نفس السياق قضت محكمة جنح العسكرية يوم الثلاثاء، بحبس هشام جنينة، الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، 5 سنوات في اتهامه بتصريحات مسيئة لموقع "هاف بوست عربي"، التي زعم فيها إن وثائق تخص الدولة جرى تهريبها للخارج؛ ويأتي هذا في إطار تخلص النظام من معارضيه ممن حاولوا الوقوف ضده في هذلية انتخابات الرئاسة حيث يستخدم النظام القضاء العسكري التابع لسيطرته لمعاقبة المدنيين ورجال السياسة الذين لا يخضعون للنظام. 3    قوي سياسية تعلن رفضها مشروع الموازنة المصرية الجديدة، وقد جاء في حيثيات رفض التحالف الشعبي إن "الموازنة الجديدة تحمّل محدودي الدخل وحدهم أعباء الأزمة الاقتصادية، بينما تنحاز سياسات السلطة الحاكمة لكبار موظفي الدولة، ورجال الأعمال"، معتبراً إياها "موازنة إفقار وتبعية"؛ وأشار إلى أن "مصروفات الموازنة الجديدة بلغت نحو 1.4 تريليون جنيه (80.4 مليار دولار)، والإيرادات المستهدفة 989.1 مليار جنيه (55.8 مليار دولار)، بعجز كلي بلغ 438.6 مليار جنيه (24.6 مليار دولار)، على الرغم من الإجراءات الاقتصادية التي وصفها كل ممثلي النظام بالقاسية، وصدور عشرات التشريعات المنحازة للاستثمار الأجنبي، والقطاع الخاص المحلي، وفرض المزيد من الأعباء على الكادحين، ومحدودي الدخل، والمزيد من الديون". وتابع أن العجز الكلي ارتفع من 279 مليار جنيه عام 2014-2015 إلى 438.6 مليار جنيه عام 2018-2019، وزادت فوائد الدين من 193 ملياراً كانت تمثل 27% من مصروفات الموازنة، إلى 541.3 مليار جنيه تمثل 38% من مصروفات الموازنة الجديدة، ولم تترك الكثير للإنفاق على الأجور والتعليم والصحة وباقي الخدمات الحيوية. 3    جائزة اليونسكو للصحفي المعتقل شوكان والمتحدث باسم الخارجية يدين منح اليونسكو جائزة لمتهم بجرائم القتل العمد والتخريب؛ صرح المستشار أحمد أبوزيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، بأن وزارة الخارجية أحيطت علماً باعتزام منظمة اليونسكو منح المدعو محمود أبوزيد الشهير بـ"شوكان" جائزة دولية لحرية الصحافة، معرباً عن الأسف الشديد لتورط منظمة بمكانة ووضعية اليونسكو في تكريم شخص متهم بارتكاب أعمال إرهابية وجرائم جنائية، منها جرائم القتل العمد والشروع في القتل والتعدي على رجال الشرطة والمواطنين وإحراق وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة، وحذر من مغبة تسييس اليونسكو والتورط في تنفيذ أجندة دول بعينها والانجراف بعيداً عن رسالتها الحضارية والثقافي،. ورغم تلك التصريحات إلا أن الجائزة لم يتم إلغائها وهو الأمر الذي اعتبره ناشطون تأكيد على إهدار النظام المصري لحرية الصحافة وملاحقة الصحفيين. 3    مصر مستعدة للمشاركة بقوات في سوريا بلا مهمات قتالية، كشفت مصادر دبلوماسية مصرية أن القاهرة أبدت استعدادها المشاركة ضمن قوات عربية قد تدخل إلى سوريا لحفظ الأمن في مناطق الشمال الشرقي المحررة من تنظيم داعش، وأوضحت أن الرياض كانت قد "جسّت نبض" عدد من الدول الحليفة عربياً وإسلامياً من المشاركين في "التحالف الإسلامي" للمشاركة بقوات قد تدخل إلى سوريا، لافتة إلى أنّ الأمر حصل منذ أشهر عدة، وأشارت المصادر إلى أنّ القاهرة اشترطت ألا يكون دور القوات التي ستدخل إلى سوريا حال الاستقرار على ذلك القرار قتالياً، وأن يكون دورها متوقّفاً على مهمات حفظ الأمن، وليس من ضمن أهدافها خوض معارك لمواجهة المعارضة المسلحة، ويأتي هذا في إطار التقارب المصري السعودي الذي يتزايد مع الوقت في مواجهة المحور التركي القطري. 3    تنسيق استخباراتي متطور بين مصر وفرنسا بشأن ليبيا، تكثّف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية المصرية والفرنسية التعاون في مجال مراقبة الأوضاع في ليبيا ميدانياً وسياسياً، بالتزامن مع الاستعداد لزيارة الرئيس الفرنسي ماكرون إلى القاهرة خلال النصف الأول من شهر مايو المقبل، ومن المنتظر أن تتطرق الزيارة بشكل أساسي إلى الأوضاع الليبية في ظل الحالة الصحية…

تابع القراءة

تصاعد مخاطر تورط المملكة في مواجهة مباشرة مع الحوثيين

 تصاعد مخاطر تورط المملكة في مواجهة مباشرة مع الحوثيين مقدمة نتائج الحرب لا ترتبط بالبعد الأمنى فقط، بل تتسع سوءات الحرب لتصيب قلب الاقتصاد عادة وتطبيقًا لهذا المبدأ يكتب من عدن فاروق الكمالي تقرير ونشره على العربي الجديد محددًا فيه 3 مخاطر رئيسية تواجه السعودية بسبب صواريخ الحوثيين وهي: ارتفاع تكلفة الحرب في اليمن عبر إنفاق عسكري متزايد، وتهديد خطط طرح 5% من شركة "أرامكو" النفطية، وتعطيل حركة الملاحة البحرية. لقد أطلق الحوثيون، يوم 26 مارس الماضي، سبعة صواريخ باليستية على العاصمة السعودية الرياض، بحسب وزارة الدفاع المدني السعودية، في تطور يترجم المستوى الذي وصلت إليه جماعة الحوثيين، بما يكفي لضرب أهداف اقتصادية مهمة داخل الأراضي السعودية. ولم تجد السعودية خيارًا سوى زيادة إنفاقها العسكري. منذ 2015 والسعودية توقع صفقات أسلحة بمليارات الدولارات وشنت بالفعل عملية عسكرية في اليمن بدعوى تحجيم النفوذ الإيراني هناك بلغت قيمة الإنفاق العسكري في موازنة 2018 فقط نحو 83 مليار دولار أى قرابة ثلث الموازنة، وخصص معظم الإنفاق لشراء أنظمة دفاعية مما يعكس مدى الخوف من صواريخ الحوثيين.  وقد أبرمت المملكة مذكرات تفاهم خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الرياض في 20 مايو من الماضي، شملت عقودا عسكرية بلغت قيمتها 110 مليارات دولار. كما وقعت السعودية، منتصف العام الماضي، مع روسيا عقد شراء منظومة الصواريخ الحديثة للدفاع الجوي "إس-400" المتطورة، فيما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية، في أكتوبر 2017، عن موافقة واشنطن بيع درع صاروخي للسعودية من بينها صفقة لتطوير صواريخ باتريوت بقيمة 1.7 مليار دولار. استهداف أرامكو ذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء، مؤخراً، أن أرامكو السعودية هي شركة النفط الأكثر ربحية في العالم ، لكن الحوثيين لم يتركوا الفرحة تكتمل وقاموا بتوجيه 4 هجمات عليها منذ 22 مارس حتى الآن ،  كما تهدد قوات الحوثيين بضرب موانئ التصدير، وفي 11 ابريل  أعلنوا شن غارات جوية بطائرة من دون طيار من طراز "قاصف1" على مطار أبها، وإطلاق صاروخ باليستي على منشآت أرامكو ، ولكن الشركة ما زالت تقول أن أعمالها تسير بشكل طبيعي. وفي سياق تحليلي لما يفعله الحوثيين تعددت زوايا النظر. الخبير النفطي وباحث في هيئة النفط اليمنية "لبيب ناشر" قال في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن وصول صواريخ الحوثيين إلى حقول ومنشآت النفط السعودية، تصعيد له انعكاسات خطرة للغاية على السعودية وسوق النفط العالمي، وذلك أيضًا يحبط رغبة بن سلمان في بيع 5% من حصصها. وفي حال استهداف بئر نفطى واحد ستصبح النتائج وخيمة ستضطر السعودية إلى إغلاق الحقول وبالأخص في المناطق الجنوبية والغربية القريبة من الحدود اليمنية فضلًا عن ما سينتج عنه من كوارث بيئية. وفي حالة استهداف أحد مباني أرامكوا ستكون ضربة قاصمة للبلاد. تهديد الملاحة: لقد وقعت شركة أرامكو في 7 ديسمبر الماضي، عقداً مع شركة "جنرال ديناميكس آي إس آند تي" لتوفير أنظمة أمنية في منشآتها البحرية التي تقع ضمن مدى صواريخ الحوثيين والخلاصة أن جماعة الحوثيين تشكل الآن خطرًا اقتصاديًا على السعودية بشكل متزايد، ولكن السعودية تتخذ كافة الإجراءات للدفاع عن نفسها وردع ما يأتى من اليمن، ولكن الأمر الجديد فيما يفعله الحوثيين هو عدم الاكتراث بالمملكة السعودية حيث أن لها من الحلفاء ما يستطيع سحق اليمن بين ليلة وضحاها، فمن المعروف عن الحوثيين أنهم لا يبالون بالموت ولديهم حالة من عدم الرهبة تجاه أى كيان. والحقيقة أن مصالح الدول الكبري في السعودية لم تتأثر سلبًا بشكل يجعلهم يتحركون بشكل سريع لإنقاذ السعودية المتورطة، وأنه طالما خزينة السعودية مليئة بالأموال فهم يستطيعون الردع ثم أنه من غير المستبعد أن توجه السعودية ضربات لمعاقل الحوثيين كما فعلت من قبل وذلك يمكن في سياق توجيه رسائل إلى إيران ولكن بدعم من الولايات المتحدة. ولكن يظل دعم الولايات المتحدة مرهون بأشياء أخرى كالمال.  

تابع القراءة

حديث المصالحة بين جماعة الإخوان والنظام المصري

 حديث المصالحة بين جماعة الإخوان والنظام المصري قراءة في حوار عماد أديب يتجدد الحديث عن المصالحة بين جماعة الإخوان المسلمين والنظام المصري بشكل دوري كل فترة كأنه بات جزء رئيسي من جدالات المرحلة الراهنة، تتغير السياقات لكن يبقى الحديث نفسه عصياً على الذوبان، كأنه طائر (الفينيق) الذي ينهض من رماده. عقب انتهاء انتخابات الرئاسة 2018 بنتائجها المتوقعة، وفوز "السيسي" بفترة رئاسية جديدة. خرج الصحفي والإعلامي المقرب من النظام (عماد الدين أديب) بالدعوة إلى الحوار مع المتعاطفين مع جماعة الإخوان المسلمين والمتأثرين بخطابها الإعلامي، وهو ما اعتبره البعض دعوة أطلقها النظام للمصالحة مع الجماعة. وقد إنبرت أقلام وأصوات مناهضة لما طرحه "أديب" رافضة أية محاولة للتقريب بين الجماعة وعناصرها والنظام الحاكم في مصر. وتأجج الجدل مجدداً عن المصالحة بين طرفي الصراع المشتعل منذ يونيو 2013. في هذه السطور نسلط الضوء على الدعوة التي طرحها أديب؛ لكشف مضامينها وتعرية دوافعها وإظهار محدداتها وغاياتها؛ بدافع تقييمها، وبغرض الإسهام الإيجابي في الجدل الدائر حول المصالحة (جدواها وإمكانية تحققها). حقيقة دعوة أديب للمصالحة: ما طرحه أديب في حقيقته –كما يتجلى في حواره مع أحمد موسى- دعوة لتبديد سحر خطاب المظلومية الذي تتبناه الجماعة وتحرير المتأثرين بهذا الخطاب واحتضانهم، فهي موجهة للمتعاطفين مع الجماعة المتأثرين بخطابها الذي تروجه نوافذهم الإعلامية، وهي أقرب للتوعية بمخاطر الجماعة وتهافت خطابها ومسئوليتها منفردة عن فشلها في سدة الحكم وعن مروقها عن القيم المصرية والوطنية الأصيلة، وهي بمثابة استرداد من أغوتهم الآلة الإعلامية للجماعة وردهم للصفوف الوطنية –بحسب وجهة نظر النظام- وفق الطرح الذي يقدمه أديب. وهو معيار يمكن أن يتسع ليشمل المنتسبين للجماعة والأعضاء المغمورين وغير المتورطين في صراعات مباشرة مع الدولة.  والدعوة لا تستهدف -بحال من الأحوال- التنظيم ككيان ومؤسسة، ولا تستهدف الجماعة كمجموعة بشرية متمايزة لها كيان مستقل، إنما هي تتقصد أفراد الجماعة كأفراد (أرقام) لا يجمعهم مع الدولة صدام على مصالح خاصة ومباشرة بين الطرفين (يقول أديب: من تلطخت يده بالدماء لا حوار معه) كما يقول (أنا خصم سياسي لجماعة الإخوان المسلمين، لا أؤمن بالدولة الدينية، أؤمن بالدولة الوطنية، أؤمن بثورة 30 يونيو، كل من حمل السلاح وكل عضو تنظيمي وساهم في نشاطات مناهضة للدولة لا جدوى من الحديث معه)، كما تعمد "أديب" الخلط بين التلوينات المختلفة في خريطة القوى الإسلامية؛ معتبراً أن داعش والقاعدة والإخوان والسلفيين كلها مكون واحد؛ لدرجة اتهام جماعة الإخوان بتفجير مسجد الروضة في سيناء؛ وهو ذات الخطاب الإعلامي الذي تم ترويجه حينها، وتتبناه النوافذ الإعلامية للنظام بشكل متواتر لترسيخ شيطنة الجماعة لدى الرأي العام وفي المخيال الشعبي، حتى مقولات تورط حماس "القسام" وسرايا القدس -وغيرها من قوى المقاومة المسلحة في غزة- في عمليات عنف داخل الحدود المصرية يصر "أديب" على تأكيدها والتشبث بها. بالطبع النظام وأجهزته يعلم التباينات القائمة بين هذه الكيانات، لكن خطاب النظام لا يستقي مفرداته فقط مما يتوفر للنظام من معرفة، إنما ينبني على ما يخدم مصلحة النظام، حتى لو تطلب احياناً ابداء الجهل واخفاء المعلومات وترويج ادعاءات يعلم حتماً أنها تناقض الحقيقة. والدعوة التي وجهها "أديب" تظهر بشكل لا لبس فيه، أن هناك استمساك برؤية النظام للصراع وعدم استعداد لسماع رواية الطرف الآخر –الإخوان- فضلاً عن مناقشتها لتوكيد بعض عناصرها وتفنيد البعض الآخر، ومحاولة لتهميش الجماعة واقصائها على مستوى الخطاب وفي المجال الفكري وعدم الاكتفاء باستبعادها على الصعيد السياسي والمجتمعي فقط، فهي دعوة لاستكمال الاقصاء [1]. بالتالي حتى لو اتسعت الدعوة لتشمل عناصر الجماعة وأعضائها بشكل شخصي فهي مصالحة –إن صحت- أقرب للاستسلام.   محددات الموقف الرسمي من المصالحة: في حواره السابق علي طرح قضية المصالحد مع أحمد موسى أيضاً يرى "أديب" أن المنطقة يتنازعها ثلاثة مشروعات، هي: الإيراني الفارسي ووكلائه من شيعة المنطقة، المشروع الإسرائيلي الصهيوني، المشروع التركي العثماني "العثمانية الجديدة"؛ فلو افترضنا أن أديب هو جزء من النظام ويتقاسمان الرؤية ذاتها، عندها يصبح واضحاً أن النظام ينظر للقوى الإسلامية والإسلام السياسي باعتبارهم وكلاء للعثمانية الجديدة أو -على الأقل- لا يمانعون في دعم هذا المشروع ودفعه، واعتقد أن هذا التصور مسئول بشكل ما عن موقف –القاهرة، الرياض، أبوظبي- من الإسلام السياسي وفاعليه، وهو بالتالي محدد رئيسي من محددات الموقف الرسمي في مصر من التصالح مع جماعة الإخوان المسلمين. ولو استخدمنا طرح "أديب" عن المشروعات الثلاثة التي تتنازع السيطرة على المنطقة، كمقولة تحليلية، يمكن عندها أن تسهم بصورة معقولة في تفسير جزء غير يسير من السياسات الخارجية لهذه الدول، وفي تأويل مواقف حكوماتها من كثير من قضايا المنطقة[2]. في الحوار نفسه، أشار أديب إلى قطر باعتبارها دولة (وظيفية) خادمة للمشروع الأمريكي ومصالح واشنطن في المنطقة، تستخدمها الحكومة الأمريكية في إدارة وتنفيذ العمليات القذرة التي لا تستطيع الولايات المتحدة تنفيذها عبر أجهزتها ومؤسساتها الرسمية؛ ولعل في هذه الرؤية للدور القطري تفسير كذلك للموقف المصري السعودي الإماراتي من الدوحة. لكن كيف يتسق هذا الموقف مع إرتهان هذه الدولة نفسها للبيت الأبيض وخضوعها لسياساته وتلهفها لدعمه؛ يمكن قراءة هذا العداء للدوحة رغم الدوران في فلك المصالح الأمريكية باعتباره منازعة للدوحة على موقعها الهام من المشروع الأمريكي من جهة، ومن جهة أخرى تخوفاً من سياسات قطر المستقلة والبعيدة والمتحررة من سيطرة الدول الثلاث والتي تؤهلها للعب أدواراً وسيطة بين أمريكا والحركات الإسلامية. وتخشي الرؤية الرسمية من علاقة قطر بواشنطن وقناعة حكومات الدول الثلاث بأن واشنطن غير مأمونة الجانب وتتعامل مع حلفائها بنفعية شديدة، قد تدفعها لاستبدال حلفاءها في أية لحظة استشعرت خلالها أن تكلفة الاحتفاظ بهم تفوق تكلفة استبدالهم والتخلي عنهم؛ وعليه فسياسات (دول الاعتدال) تجاه قطر –في ضوء هذه الرؤية- دافعها الخوف ومسكونة بالتشكك، حتى لو بدت مفرطة الثقة[3]. بالطبع من غير المستبعد أن يكون خطاب "أديب" مجرد (بالون) اختبار ومادة للإلهاء، يعي النظام بشكل كامل أنه خطاب متهافت أبعد ما يكون عن الحقيقة وواقع الحال. لكن تبني الورقة لفرضية أن طرح "أديب" تعبير عن رؤية النظام وعقل القائمون على الحكم؛ جاء نتاج القدرة التفسيرية التي يمتلكها الخطاب –لو تعاملنا معه باعتباره مقولة تحليلية- وقدرته على تفسير سياسات النظام في الخارج، وجزء معتبر من سياساته في الداخل، خاصة في علاقته مع قوى الإسلام السياسي، فالرؤية المطروحة في حوار أديب تفسر موقف النظام ودول محور "الاعتدال" من قضايا إقليمية كبرى؛ على غرار موقف هذا المحور من إيران وتركيا وقطر والإسلام السياسي والربيع العربي، وفي حالة الأخير –الإسلام السياسي- والذي بالإضافة لكونه يهدد عروش هذه النظم، فهو من جهة أخرى الباب الذي تتمدد من خلاله –انقرة وطهران وتل أبيب- على حساب نظم الحكم القائمة منذ ما بعد جلاء الاستعمار الغربي عن المنطقة العربية. لذلك يظل سيناريو المصالحة بين النظام المصري وجماعة الإخوان المسلمين أبعد ما يكون الواقع –وهو ما يبدو جلياً في…

تابع القراءة

الضربة الصاروخية علي سوريا النتائج والسيناريوهات المتوقعة

 الضربة الصاروخية علي سوريا النتائج والسيناريوهات المتوقعة في خطوة لم تكن غير متوقعة شن الثلاثي أمريكا وبريطانيا وفرنسا هجوماً جوياً علي المنشآت الكيميائية السورية، وذلك رداً علي الهجوم الكيماوي الذي شنه نظام بشار الأسد علي مدينة دوما السورية بالرغم من اتفاق فصائل المعارضة السورية مع الروس علي الخروج الآمن وتسليم المدينة إليهم، وقد جاءت الضربة بالرغم من التهديد الروسي والإيراني بالرد القاسي علي أي تهديدات توجه للنظام السوري ولقواه العسكرية في مناطق السيطرة والنفوذ الروسية، ولكن علي عكس المتوقع لم تكن الضربة الأمريكية بالقوة المتوقعة، لدرجة أن بعض المحللين يشير إلي أنها كانت مصدر قوة لنظام الأسد بدلاً من أن تضعفه، فضلا عن أنها جاءت متأخرة بعد أن تمكن النظام من تأمين قواه العسكرية خاصة الجوية ونقلها إلي مناطق السيطرة الروسية الآمنة، واستهدفت مناطق تكاد تكون غير مأهوله، لذلك خرج النظام بعد الضربة وكأنه غير مكترث بما جرى، بل نستطيع أن نقول أن الضرب الإسرائيلية لمطار التيفور السوري كانت في مجملها أقوى وأكثر تأثيراً من الضربة التى وجهها الثلاثي الأمريكي والبريطاني والفرنسي علي النظام السوري. لذلك يبدو أن الهدف من توجيه تلك الضربة المتواضعة بالرغم من التهويل الكبير الذي صاحبها إنما يتمثل في عدة نقاط في غاية الأهمية منها ما يلي: 1-     تصدير الأزمة الداخلية التى يعاني منها نظام ترامب إلي الخارج، وإظهار ترامب بمظهر إنساني وكأنه يدافع عن حق الشعب السوري ضد نظامه المجرم. 2-     توجيه رسائل مباشرة قوية إلي الروس بألا يتخطوا الحدود الحمر الأمريكية، وإلا ستكون عاقبة ذلك إفقاد الروس مناطق نفوذهم في سورية وضربها في مقتل. 3-     توصيل رسائل للروس بأن مواقفهم المتعنتة داخل مجلس الأمن لن تمنع الأمريكان وحلفاءهم من استهداف مناطق نفوذهم في سورية وخارجها. 4-     توضيح الأحجام الحقيقية للروس والإيرانيين في سورية، وإعادة تعريفهم بحجم وقوة الوجود الأمريكي في المنطقة وخاصة في سورية. 5-     تهيئة الجميع لخروج القوات الأمريكية من سورية ولكن مع بقاء أمريكا كلاعب أساسي في المشهد السوري لا يمكن تجاوزه بأي حال من الأحوال. 6-     منع النظام السوري من استخدام ورقة السلاح الكيماوي في الحرب الدائرة الآن في سورية حتى لا يضع المجتمع الدولي في حرج شديد مع الرأي العام العالمي خاصة الغربي ومن ثم اتهام الأنظمة الغربية بالتواطؤ والعجز في مواجهة هذا. وبتلك الضربة المحدودة تكون الولايات المتحدة قد نجحت ليس في القضاء علي بشار ولا منعه من استخدام الكيماوي وإنما في التأكيد علي دورها القوي والمؤثر في مستقبل الأوضاع في سورية، وأنها من يملك أوراق اللعب وليس الروس كما يعتقد البعض، وإن كان ذلك لا يقلل من الدور الذي يلعبه الروس في دعم نظام بشار الأسد، ومحاولته امتلاك المزيد من النفوذ في سورية. ويعني ذلك أن لا يتعدي أي طرف سواء الروس او الإيرانيون أو حتى الأتراك تعديل موازين القوى في سورية بما يضر بالمصالح الأمريكية والغربية في المنطقة، وأن الحل النهائي للصراع ليس حلاً عسكريا مثلما يحاول الروس أن يفعلوا وإنما حل سياسي يحفظ لتلك القوى مصالحهم حتى ولو كان ذلك علي حساب الشعب السوري الذي يتم تهجيره وتغيير ديموجرافية سورية لصالح هذا الوضع الجديد الذي يتم تدشينه بموافقة كافة الفرقاء المحليين والإقليميين والدوليين. لذلك فإن السيناريو المتوقع خلال الفترة القادمة أن يحدث توافق ما بين الروس والأمريكان بالإضافة إلي الإيرانيين والأتراك حول مستقبل الأوضاع في سورية، والتى يرجح أن تبقى كل دولة من تلك الدول علي مناطق نفوذها في سورية، وإن كان هذا قد لا يرضى النظام السوري الذي سيسعى إلي مواصلة الأعمال العنيفة التى يقوم بها ضد قوات المعارضة من أجل الحصول علي المزيد من مناطق النفوذ التى تتيح له العودة إلي الأضواء من جديد.

تابع القراءة

السياسة الخارجية المصرية تجاه الصراعات فى الدول العربية “ليبيا- سوريا- فلسطين نموذجاً”

 السياسة الخارجية المصرية تجاه الصراعات فى الدول العربية "ليبيا- سوريا- فلسطين نموذجاً" مقدمة تلعب القاهرة دوراً هاماً فى قضايا المنطقة العربية وفق مجموعة من المحددات التى تحكم السياسة الخارجية المصرية، والتى يأتى فى مقدمتها، الدور التاريخى المصرى كدولة قائد فى المنطقة العربية، وهو الدور الذى لاتزال مصر حريصة على استمراره، وتنظر إليه على أنه من أهم الأدوار الذى يمكنها من لعب دور إقليمى قوى. بالإضافة إلى تأثير الأزمات العربية على الأمن القومى المصرى، بحيث أن هذه الأزمات قد أدت إلى انتشار ظاهرة الإرهاب، والذى قد يتم نقله إلى الأراضى المصرية، وهو ما يحدث فعلياً فى سيناء، وهو ما أنعكس على السياسة الخارجية المصرية بحيث أصبحت قضية الإرهاب (والجماعات الإسلامية بالأخص جماعات الإخوان المسلمين) تحتل القضية ذات الأولوية فى السياسة الخارجية المصرية[1]. وتشهد المنطقة العربية تطورات هامة فى الأيام الأخيرة، يأتى على رأسها الضربة الثلاثية لسوريا، والأخبار عن وفاة خليفة حفتر الحليف الأساسى لمصر فى ليبيا، إلى جانب مسيرات العودة الفلسطينية. وعليه تحاول هذه الورقة استكشاف ملامح السياسة الخارجية المصرية تجاه هذه التطورات. سوريا الموقف المصرى من النظام السوري قبل الضربة الجوية شكل الموقف المصرى تجاه الأزمة السورية حالة من ” الغموض ” يشبه غموض سياسة السيسى أساساً سواء الداخلية أو الخارجية ، فالموقف المصري لم يعلن صراحةً دعمه للنظام السورى فى بداية عهد السيسى ولكن لم يقف وراء ” التحشيد ” السعودى ضده ، إلى أن الأمور بدأت تتكشف خاصة بعد الزيارات المتكررة للواء على مملوك مدير مكتب الأمن القومى السورى الذى زار القاهرة أكثر من مرة ، إضافةً إلى ما نشرته وكالة الأنباء الإيرانية ( تسنيم ) عن وجود عسكريين مصريين فى دمشق بهدف تقديم الإستشارة للجيش السورى، ومما يضفى بعض المصداقية على هذه الأخبار هو عدم النفى من قبل الجانب المصرى ( في وقتها ) والجانب السورى أيضاً. وأيدت مصر التدخل العسكرى الروسى فى سوريا واعتبرته حلاً للتخلص من العناصر الإرهابية ونزع السلاح منها مما أثر على علاقة مصر بالسعودية وأدى إلى وقف الامدادات البترولية لمصر حيث شكل تصويت مصر على المشروع الروسي فى مجلس الأمن وضوحاً لحقيقة موقف مصر من النظام السورى[2] . ويصنّف السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، سياسة مصر تجاه سوريا في فترة السيسي إلى شقين، الأول: سياسة “شعبوية”، تأخذ في الاعتبار رد فعل الشارع المصري تجاه ما يحدث للمدنيين العزل جراء الاشتباكات الحاصلة بين مكونات العملية السياسية في سوريا. ومن هنا كانت سياسة مصر المعلنة عبر وقوفها مع الإرادة الشعبية للمواطنين السوريين، واحترام رغبتهم في التغيير. وللتأكيد على هذا الموقف استقبلت القاهرة تيارات من المعارضة السورية، واحتضنت أعضاء الائتلاف السوري المعارض، وسمحت لهم بمخاطبة المجتمع الدولي من الأراضي المصرية. أما الشق الثاني، فهو موقف الدبلوماسية الرسمية للدولة. وهنا يمكن الحديث عن العلاقة بين النظام المصري والنظام السوري، والتي لم تنقطع طوال مدة الأزمة السورية. وظلت القاهرة تستقبل وفوداً محسوبة بشكل أو بآخر على نظام الأسد، بالإضافة إلى موقف مصر من قضية تسليم مقعد سوريا بجامعة الدول العربية للمعارضة السورية، حيث اتهمت أطراف من المعارضة السورية مصر بأنها من ضمن الدول التي تمانع في تسليمه لها. وفى تصريحات للرئيس السيسي جاءت في مقابلة مع التلفزيون البرتغالي، في شهر نوفمبر 2016، أعلنت القاهرة صراحة وقوفها بجانب دمشق، مع الحفاظ على وحدة واستقرار الدولة، حيث قال السيسى إن بلاده “تدعم الجيش الوطني السوري”. وأضاف أن هناك “حساسيات” في مسألة إرسال قوات مصرية إلى سوريا. ومؤخراً، بدأت السياسة المصرية تجاه الملف السوري تتضح أكثر فأكثر، بعد تصريحات السيسي بشأن تأييده لكل الجيوش النظامية في مواجهة الميليشيات المسلحة والتنظيمات الإرهابية، وهو ما اعتبره البعض يشمل ضمنياً أطراف الصراع في الملف السوري[3].  ونشر موقع "ليبانون فايلز" تسريباً لوزير الدفاع اللبناني السابق عبد الرحيم مراد، يقر فيه بوقوفه خلف تحسين العلاقات بين النظامين السوري والمصري سراً بعد وصول السيسي للسلطة، وتكرار زيارات الوفود الأمنية المصرية لدمشق [4]. كما كشف مصدر سياسي مطلع في القاهرة، أن الحكومة المصرية قدمت سابقاً، ولا زالت حتى الآن، تقدم خدمات عسكرية بشكل سري للنظام السوري، وذلك على الرغم من المقاطعة العربية للنظام والعقوبات الدولية المفروضة عليه، وعلى الرغم أيضاً من الغضب العربي والعالمي من استخدامه السلاح الكيماوي أكثر من مرة في المعارك التي تدور رحاها داخل البلاد. وبحسب المعلومات التي ألقى بها المصدر المصري على "عربي21"، فإن الجيش المصري نفذ أعمال صيانة لصالح سفينتين حربيتين تابعتين لنظام الأسد منذ فترة وجيزة، وذلك في إطار التعاون بين نظام السيسي في مصر ونظام الأسد في سوريا. وقال المصدر إن السفارة السورية في القاهرة طلبت قبل أيام أعمال صيانة لسفينة حربية ثالثة، لكن وزارة الخارجية المصرية التي تلقت الطلب من السفارة السورية في القاهرة أبدت ترددها وتخوفها من موافقة الحكومة على الطلب، وذلك بسبب أن الطلب جاء متزامناً مع المجزرة التي ارتكبتها قوات الأسد في مدينة دوما بالغوطة الشرقية، والتي أدت إلى مقتل العشرات من المدنيين السوريين وتسببت بموجة غضب دولية واسعة[5]. الموقف المصرى بعد الضربة وفيما يتعلق برد الفعل المصرى على الضربة الأمريكية الفرنسية البريطانية على سوريا. –          إعلامياً، فقد ظهر الإعلامي جابر القرموطي، خلال برنامجه على قناة "النهار" يوم الجمعة، مرتدياً قميصاً عليه العلم السوري، مكتوباً عليه "أين الكيماوي في سوريا؟ مؤكداً أن واشنطن تزعم استخدام الأسد للأسلحة الكيماوية لتكرر سيناريو غزوها للعراق.  وقال أحمد موسى، إن الضربة العسكرية على سوريا هي موجة أولى قد يعقبها موجات أخرى ضد الشعب السوري. أما لميس الحديدي، فقالت إن الضربة على سوريا هي ضربة سياسية، مشيرة إلى أن ترامب يحاول صرف انتباه الرأي العام الأمريكي عن الهجوم عليه. وقال الإعلامي نشأت الديهي إنه يتم ذبح دمشق على الهواء، مؤكداً تكالب الغرب على سوريا، وترويج الشائعات؛ بهدف إسقاط الدولة السورية، كما فعلوا في العراق. وأدانت نقابة الصحفيين المصرية، في بيان لها، الضربة العسكرية، ووصفتها بأنها اعتداء غاشم على الشعب السوري، متذرعة بادعاءات مصطنعة حول استخدام الأسلحة الكيميائية. –          أما عن الموقف الرسمي، فأعلنت وزارة الخارجية المصرية عن قلقها البالغ على سلامة الشعب السوري نتيجة هذا التصعيد العسكري، وطالبت بتحقيق دولي شفاف حول مزاعم استخدام الأسلحة الكيماوية. وأضاف وزير الخارجية، سامح شكري، خلال مداخلة هاتفية مع قناة "أون إي"، إن الحل العسكري خلال السنوات الماضية لم يؤدى إلى نتائج، بل خلق المزيد من التعقيدات، وأدى لانتشار الإرهاب، وانهيار مؤسسات الدولة السورية. من جانبه، قال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، بسام راضي، إن مصر تدعم الجيوش الوطنية، وتقف مع الحلول السلمية التي تنهي معاناة الشعوب، مؤكداً أن التصعيد العسكري في سوريا يدعو للقلق الشديد. أما لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب، فقالت إن الاعتداء العسكري على سوريا يمثل خرقاً للقوانين الدولية، مؤكدة…

تابع القراءة

تقنين الجباية من المصريين عبر ترسانة من التشريعات الجديدة

 تقنين الجباية من المصريين عبر ترسانة من التشريعات الجديدة     برلمان 30 يونيو الذي تم اختيار جميع أعضائه وفقا لمعايير الأجهزة الأمنية وسط عزوف شعبي واسع، أصيب ـــ مؤخرا ــــ بحالة هيستريا تشريعية ، حيث أقر عدة تشريعات تستهدف بالأساس تكريس القبضة السلطوية للنظام العسكري، والعمل على استمرار منظومة الحكم لعقود قادمة، وإطلاق يد النظام في نهب أموال الشعب عبر تقنين عمليات الجباية من كل الفئات وتغيير بنية المجتمع بما يسهم في تحكم الموالين للنظام السلطوي في كل مفاصل الدولة، وبسط نفوذ المؤسسة العسكرية سياسيا واقتصاديا وفي كل المجالات. فالقانون الجديد الذي أقره البرلمان، الاثنين الماضي 16 أبريل 2018م، بتقنين عمليات النهب المنظم لأموال قيادات وعناصر جماعة الإخوان المسلمين، تحت ذريعة تجفيف منابع الإرهاب، يأتي في ظل حالة من الإسهال التشريعي يشهدها ــ حاليا ــ برلمان نظام 30 يونيو العسكري، تستهدف بالأساس تقنين ممارسات الجباية التي ينفذها النظام السلطوي بحق جميع فئات الشعب باستثناء الفئات المميزة مثل الجيش والشرطة والقضاء والإعلام والبرلمان وكبار رجال الدولة في المراكز القيادية بالحكومة. ومخطئ من يظن أن المستهدف بالتنكيل هم الإخوان والرافضين للنظام السلطوي العسكري وحدهم، بالتأكيد ما يدفعونه من ضريبه من أجل الحرية ومايتعرضون له من انتهاكات أضعاف ما يتعرض له الآخرون، لكن المؤكد أن الشعب كله يتعرض للتنكيل من جانب نظام 30 يونيو السلطوي. وأقر البرلمان قوانين مصادرة أموال "الجماعات الإرهابية"، ورسوم عربات الطعام المنتقلة، وحماية المستهلك، وهي التشريعات التي تقنن عمليات الجباية، لكن المدهش في الأمر أن البرلمان الذي يأخذ من هؤلاء يبسط يده بالعطاء السخي للحكومة وأركان النظام؛ حيث أقر زيادة مرتبات رئيس الحكومة والوزراء وكذلك زيادة مرتبات العاملين في السلك الدبلوماسي بأثر رجعي، وهي التشريعات التي تأتي في ظل تآكل مرتبات وأجور معظم فئات الشعب المصري، واستئناف الحكومة على حكم القضاء الإداري بضم "80% من الأجر المتغير على أموال المعاشات منذ عام 2006وفقا لحكم سابق للمحكمة الدستورية في أحقية أصحاب المعاشات لهذه الزيادات. كما يناقش برلمان 30 يونيو حاليا مشروعات قوانين (التجارب السريرية، التصالح في مخالفات البناء على الأراضي الزراعية، السايس ومنادي السيارات، تعديلات قانون المرور الجديد، قانون أوبر وكريم وغيرها).   العامل المشترك العامل المشترك في معظم هذه القوانين هو إطلاق يد السلطة في  جباية الأموال وتقنين هذه الممارسات السلطوية رغم المعاناة الكبرى التي تواجه المواطنين بعد قرارات تعويم الجنيه في 3 نوفمبر 2016م، تلبية لشروط صندوق النقد الدولي، وماترتب على ذلك من تآكل قيمة الجنيه لأكثر من النصف في ليلة واحدة ما يعني أن مدخرات المصريين في البنوك قد تآكلت بمقدار النصف على الأقل بهذا القرار. يضاف إلى ذلك ما ترتب على رفع أسعار الوقود "3"مرات منذ قرار التعويم، وكذلك رفع أسعار جميع أنواع السلع والخدمات الحكومية حتى بلغ التضخم مستويات قياسية تصل إلى أكثر من 100% لكن الحكومة أعلنت عن 36% كنسبة تضخم!. فمشروع مصادرة أموال الجماعات الإرهابية، فسَّر الأموال بالأصول أو الممتلكات أياً كان نوعها، سواء أكانت مادية أم معنوية، ثابتة أم منقولة، ومن ضمنها المستندات والعملات الوطنية أو الأجنبية أو الأوراق المالية أو التجارية والصكوك والمحررات المبينة لكل ما تقدم، وأياً كان نوعها أو شكلها، ومن ضمنها الشكل الرقمي أو الإلكتروني مثل "البيتكوين"، وجميع الحقوق المتعلقة بكل منها. وقال عمر مروان، وزير شؤون مجلس النواب، إن ذلك التغيير يعود لتفادي عدم الدستورية، وهو ما أكده أيضاً رئيس مجلس نواب العسكر، علي عبد العال، في إشارة إلى أن القانون يفترض أن يكون عاماً وأشمل وليس مخصوصاً لفئة دون أخرى كما كان في السنوات الماضية حيث تم تفصيل القانون على جماعة الإخوان ما يخالف كل الأعراف الدستورية والقانونية[1]. كما تأتي موافقة مجلس النواب، في جلسته العامة، الأحد 16 أبريل 2018، على مشروع القانون بشأن تنظيم وتشجيع عمل وحدات الطعام المتنقلة. والذي يفرض في المادة الخامسة من القانون رسوما سنوية تصل إلى 5 آلاف جنيه على بائعي الفول والطعمية والبطاطا والترمس وغيرها متسقا مع ذلك الاتجاه الذي يقنن صور الجباية ونهب أموال المواطنين. ويعاقب القانون بالحبس مدة لا تجاوز شهر وبغرامة لا يجاوز حدها الأقصى 20 ألف جنية أو إحداهما، لمن قام بتشغيل وحدة طعام متنقلة دون ترخيص أو قام ببيع أو تحضير أو أعداد الأطعمة عن طريق إحدى وحدات الطعام المتنقلة بالمخالفة لأحكام الترخيص، أو خالف المادة (3) و(9) و(11)، وفى حالة العود تضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى[2]. ويؤكد اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، أن القانون الجديد (حماية المستهلك) يتضمن مواد لتنظيم العلاقة بين المستهلك والتاجر، أبرزها تغليظ العقوبات على المخالفين لتبدأ بـ20 ألف جنيه وتصل لـ 2 مليون، وتتضاعف في حالة تكرار نفس المخالفة لتصل إلى 4 ملايين جنيه[3]. كذلك بالنسبة لمشروعات القوانين المطروحة حاليا أمام المجلس، كلها تمضي في نفس السياق، فالتصالح في مخالفات البناء على الأراضي الزراعية يستهدف در المليارات للنظام[4]، كما جاءت قيمة الغرامات في مشروع قانون المرور الجديد ضخمة للغاية بما يخيف قطاع السائقين ويضمن للنظام جباية مليارات لا ملايين من جيوب السائقين، وتضمن مشروع القانون "10" مخالفات قيمة كل منها "20" ألف جنيه[5]!. الأكثر دهشة في مشروع قانون المرور الجديد، ما تضمنه من تكليف وزير النقل بتنظيم التراخيص لمركبات النقل غير الآلية "حنطور، كارو، عربية اليد" وتحديد خطوط سيرها مع ما يترتب على الترخيص من ضرائب وتأمينات ورسوم إدارية[6]. كما يستهدف النظام من خلال مشروع قانون "أوبر وكريم" المكون من 23 مادة إلزام مثل هذه النوعية من الشركات سواء كانت كبيرة أو صغيرة بدفع رسوم استخدام لوزارتي الداخلية والاتصالات، فضلاً عن دفع الضرائب المستحقة قانوناً، ويلزمها أيضاً بالتأمين على السائقين المشتركين معها والركاب؛ ما يعكس رغبة الحكومة في الحصول على حصة مالية من المكاسب الضخمة للشركتين. أما مشروع القانون المطروح على البرلمان حول عمل «السايس» وتقنين وتنظيم مواقف السيارات فقد تضمن الحبس بما لا يزيد عن 3 أشهر، وغرامات مالية لا تزيد عن ألف جنيه.. عقوبات مقترحة في مشاريع قوانين خاصة بـ “منادي السيارات”، قدمها بعض أعضاء البرلمان وممثلي الحكومة إلى لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان، التي بدأت مناقشة، تقنين أوضاع مهنة “السايس” بحيث لا يسمح للشخص بالعمل بدون رخصة تصدرها لجنة تابعة للمحافظة تضم عدة جهات، بعد إجراء بعض الاختبارات، واستيفاء كافة الشروط[7]. وكذلك مشروع التجارب السريرية والذي تحفظت عليه نقابتا الأطباء والصيادلة[8] في نسخته الحالية أمام البرلمان،  فإنه يجعل من المصريين فئران تجارب للشركات الكبرى، ويهدف إلى جذب الشركات المتعددة الجنسيات للاستثمار عبر إجراء التجارب السريرية على فقراء مصر، لتجريب نوعيات الدواء ومدى فعاليتها، وهو القانون اللاإنساني بصورته الحالية، ما لم يتضمن تعديلات توفر الحماية للفقراء من تغول الشركات، كما يمثل انحيازا من النظام للشركات متعددة الجنسيات على حساب الفقراء والمهمشين.   لماذا يتغول…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022