تمديد العمليات فى سيناء .. الرسائل والدلالات
تمديد العمليات في سيناء.. الرسائل والدلالات جاء طلب رئيس الأركان الفريق محمد فريد حجازي، خلال افتتاح الجنرال عبد الفتاح السيسي مركز قيادة قوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب، يوم الأحد 25 فبراير 2018، بتمديد فترة العملية العسكرية الشاملة “سيناء 2018” لأكثر من 3 أشهر؛ بذريعة استكمال أهداف العملية مثيرا لكثير من الأسئلة حول طبيعة الحرب الدائرة في سيناء والتي تتعمد المؤسسة العسكرية التغطية على أحداثها وضرب سياج من السرية حول المعلومات والأرقام وطبيعة ما يدور هناك حول القتلى والمعتقلين والأهداف التي تعلن عن قصفها. وكان الجنرال السيسي، قد كلف رئيس الأركان خلال الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يوم 29 نوفمبر الماضي 2017، باستخدام «القوة الغاشمة لاستعادة أمن سيناء خلال 3 أشهر، وهي المدة التي كان قد حددها السيسي للقضاء على الإرهاب. لكن المدة انقضت بنهاية فبراير الماضي، ورغم بدء ما أسمتها المؤسسة العسكرية بالحرب الشاملة "سيناء 2018" يوم الجمعة 9 فبراير الماضي، لم يتم القضاء على ما يسمى بــ"الإرهاب"، بل طالبت المؤسسة العسكرية تمديد فترة عمليات القوات لأكثر من 3 شهور التي حددها الجنرال! فلماذا طالبت رئاسة الأركان مد فترة العمليات؟ وهل فشلت المؤسسة العسكرية في تحقيق أهدافها؟ ورغم ما يملكه الجيش من إمكانات ضخمة ومعدات وأسلحة حديثة تتباهي بها وسائل الإعلام الموالية للنظام لماذا أخفق في القضاءعلى عدة مئات من المسلحين في سيناء؟ إزاء هذا المشهد المرتبك تعددت التفسيرات حول أسباب طلب التمديد والهدف من ورائها. لكن الأخطر هو طرح النقيض؛ وهل يستطيع السيسي الإعلان خلال هذه الفترة ـــ وقبل مشهد الانتخابات الرئاسية التي تحولت بفعل الاستبداد إلى مسرحية عبثيةـــ أن يعلن وقف العمليات؟ إن ذلك يتطلب الإعلان بالنصر الحاسم حتى يرمم شعبيته المتآكلة، فماذا لو أعلن عن ذلك ونفذ مسلحون عملية كبيرة قبل الانتهاء من المسرحية؟ لا شك أن ذلك سيضع نظام الجنرال كله في ورطة كبيرة أمام الشعب والعالم. كما أن استمرار العمليات يمثل غطاء مستمرا للإخفاقات المتواصلة على جميع الأصعدة حتى يفرغ من أمرين مهمين الأول مسرحية الرئاسة والثاني صفقة القرن التي ستعلن عنه واشنطن في النصف الثاني من شهر مارس الجاري. انعكاس لحالة الفشل التفسير الأول، يذهب إلى أن طلب تمديد العمليات يعكس فشل المؤسسة العسكرية في تحقيق أهدافها وعدم قدرتها على التعامل مع المتمردين المسلحين الذين يجيدون حروب العصابات التي تعتمد على الكر والفر، والتخفي والهجوم المفاجئ في أضعف نقاط الجيوش النظامية وشن هجمات وحشية شديدة الانتقام توقع كثيرا من القتلى والجرحي وإتلاف المعدات. يضاف إلى ذلك أن الحرب المشتعلة ضد "الإرهاب" تتواصل منذ 5 سنوات منذ طلب الجنرال السيسي تفويضا ضد ما وصفه بالإرهاب المحتمل يوم 26 يوليو 2013م. ونفذ الجيش 7 حملات موسعة(1) ضد الإرهاب داخليا وخارجيا؛ لكن "الإرهاب المحتمل" تحول بفعل سياسات وممارسات السيسي إلى وحش خرافي لم تقو المؤسسة العسكرية المصرية على مواجهته على مدار سنوات! «والحقيقة أن المسألة على هذا النحو محرجة جدا ، ولا تبعث الاطمئنان في نفوسنا كموطنين، لأن قواتنا المسلحة تصنف باعتبارها عاشر أقوى جيش بين التصنيف العالمي فضلا عن الإمكانيات الكبيرة لقوات الأمن ووزارة الداخلية ، ولا يمكن تصور أن عدة مئات من المسلحين ، أيا كان تدريبهم أو تسليحهم أو قدرتهم على المراوغة ، يمكن أن يستغرقوا كل هذا الزمن من أجل دحرهم وإنهاء خطرهم ، أو أننا لم نتمكن من هزيمتهم رغم المعارك على مدار خمس سنوات»(2). والبعض يقارن الحالة المصرية بما جرى في ليبيا عندما استولى تنظيم داعش على مدينة سرت وضواحيها وسط البلاد ، وأعلن ما أسماه "عاصمته" في شمال أفريقيا ، واستقطب قيادات من أنحاء مختلفة ، لكن كتائب مدينة مصراته المسلحة المسماة "درع ليبيا" خاضت معركة عنيفة استمرت حوالي خمسة أشهر ، وتمكنت من إنهاء هذا التحدي والقضاء على "داعش" واسترداد المدينة وإعادة النازحين إليها، وهي ميليشيات مسلحة لا تملك قوات جوية ولا مدرعات كافية ولا أسلحة نوعية كما يملك الجيش المصري! وأيضا في ليبيا نجح ثوار مدينة "درنة" في شرق ليبيا وهي المجاورة للحدود المصرية في طرد تنظيم داعش من المدينة بعد رسوخ قوته هناك وهزموهم هزيمة منكرة خلال اشهر قليلة من المعارك الضارية. ضرورة للنظم المستبدة لكن تفسيرا آخر يذهب إلى أن وجود بل صناعة تنظيم مسلح على غرار "داعش" أو "ولاية سيناء" يمارس عنفا ووحشية مفرطة، كما حدث في جريمة مسجد الروضة سيناء نوفمبر 2017 والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من "300" مصل؛ هو في حد ذاته، حاجة ضرورية للنظم المستبدة، لأسباب عديدة، أهمها أن هذه النظم تسوق نفسها أمام الأمريكان والغرب باعتبارها رأس حربة ضد التنظيم الدموي الذي يخشاه الغرب كثيرا، وثانيا تكتسب هذه النظم بوجوده أو صناعته وتضخمه شرعية مفقودة، وثالثا، تخلط به هذه النظم الأوراق بين التنظيمات المسلحة والحركات الإسلامية المؤمنة بالحريات والانتخابات والاحتكام إلى الشعب مثل جماعة الإخوان المسلمين وحماس والجماعة الإسلامية وغيرها، كما توظف هذه النظم وجود مثل هذه التنظيمات الدموية (داعش/ ولاية سيناء) لإسكات معارضيها بحجة قدسية الحرب على الإرهاب وممارسة انتهاكات صارخة ومصادرة الحريات وتكريس الاستبداد بهذه الحجة الملفقة والشماعة الجاهزة. كما يحقق نظام 30 يونيو من استمرار هذه الحرب ومدها شهورا أخرى خلال المرحلة الراهنة ترميما لشعبية الجنرال السيسي التي تآكلت بفعل السياسات الخاطئة والفشل المتواصل في كل الملفات السياسة والاقتصادية(3)، كما تمنح الجنرال ذريعة تمكنه من فرض هيمنته على المشهد السياسي والإعلامي وإسكات أصوات منتقديه ومعارضيه بحجة التفرغ للحرب على الإرهاب. ويمثل استمرار العمليات كذلك غطاء ممتازا لفشل العملية السياسية وسحق كل من فكر في منافسة الجنرال مثل الفريق شفيق وسامي عنان وغيرهم. «فطلب رئيس الأركان من السيسي تمديد مهلة القضاء على الإرهاب في سيناء "كان متوقعا، معنى هذا أن الحرب ستظل مفتوحة لتؤدي دورها السياسي المطلوب وهو القضاء على الحياة السياسية"، فأن تقضي على الإرهاب يعني أن تبث الروح في الحياة السياسية وهي خطر داهم على النظام الفاشي، وعندما يستمر ويعلو صوت المعركة ضد الإرهاب تستطيع إسكات كل الأصوات والزج بأصحابها خلف القضبان"(4). تفسير ثالث، يتهم السلطات القائمة بافتعال معركة التطرف الديني والإرهاب باسم الدين، مؤكدين أن «وراء هذه الحرب المفتعلة «مافيا» تسترزق من ورائها ولا تريد لها أن تتوقف أبدا بل سيقاومون حتى النهاية من أجل سبوبة الاسترزاق»(5). هذه المافيا التي تقف وراء استمرار الحرب على ما يسمى بالإرهاب وطالبت بتمديدها رغم أنها مستمرة منذ سنوات دون قدرة على الحسم، تتشكل من جنرالات كبار في الجيش والشرطة وتضم قضاة وإعلاميين ورجال أعمال ومراكز بحث وأصحاب أجندات تستهدف استمرار حالة النزيف الذي يفضي في النهاية إلى إضعاف مصر ودخولها في دوامة لا تتوقف، وربما يستهدف البعض جزأرة المشهد المصري أو تدحرجه إلى السيناريو السوري أو الليبي.. حماية خطوط الغاز التفسير الرابع، يعزو أسباب طلب…