اعتقال جنينة وأبو الفتوح وحركة مدنية عاجزة

 اعتقال جنينة وأبو الفتوح وحركة مدنية عاجزة 

 الحركة المدنية والعجز عن الحركة:

الحركة المدنية الديمقراطية كانت قد أعلنت في بيانها التأسيسي أنها ظهرت من أجل أمور عدة منها الإفراج عن معتقلي الرأى وقضية تيران وصنافير ومن أجل تقويم النظام لفتح المجال العام وتقبل المعارضة وما إلى ذلك من مطالب المعارضة السياسية في مصر، ولكن مع مرور الأيام أصبحت عبارة عن مجرد حركة سياسية يجتمع من خلالها بعض رموز المعارضة لكتابة بيان للتنديد تارة وبيان استنكار تارة، وبين هذا وذاك بيانات تقليدية لتقول ها أنا حركة موجودة على الساحة السياسية ولا نترك أمر سياسي إلا ونتخذ إزاءه موقف ونكوّن رأى ما، ولكن انحصار مواقفهم السياسية في مجموعة بيانات يعد منافياً لبيانهم التأسيسي مما يجعلنا نتجاهل دورهم من حيث الفعالية.

لقد أعلنوا مساء السبت 10 فبراير 2018 البيان[1] الأحدث إلى الآن. بيان يستنكرون فيه التشويه الذي تتعرض له الحركة ويعتبرون ذلك امتداد للاجراءات التعسفية المصاحبة للعملية الانتخابية، فضلًا عن إعلان دعمهم للحرب على الإرهاب وتحيه لصمود أهالى سيناء، وفي النهاية تدعو الحركة لحوار مجتمعي شامل لبلورة رؤى لمواجهة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية بمشاركة علماء ومفكرين مصر

ثم أعلنوا في 15 فبراير[2] استنكارًا اعتقال أبو الفتوح ومطالبه بالإفراج عنه، وتوضيح أن ذلك مخالفًا للدستور ويثير البلبلة والفوضي.

كأى حزب غير مؤثر

نتسائل هل من جديد تقدمه الحركة ولا نجد، البيانات لا تغير من الأمر شيئ مع طبيعة هذا النظام الحاكم الذي يدعي أعضاء الحركة فهم طبيعته وطريقة تفكيرة وشكل تعامله مع المعارضة.

مجرد اجتماع التيار المدنى برموز عديدة لكل منهم شعبيته ومتابعينه قد يكون أمر جيد، ولكن إذا استمر الأمر هكذا ببيانات تدعو العلماء والمفكرين على الاجتماع ستصبح الحركة كأى حزب غير مؤثر في ظل مجال عام مغلق ، فقد كان من الأولى العمل على تحالف هؤلاء العلماء والمفكرين الذين توجه لهم الدعوة الآن قبل تأسيس الحركة.

اعتقال أبوالفتوح وجنينة:

قامت قوات أمن النظام باعتقال عبد المنعم أبو الفتوح وعدد من قيادات حزب "مصر القوية". اعتقال أبوالفتوح جاء بعد يوم من القبض على المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحسابات بمصر، بعد تصريحاته المثيرة، عن امتلاك الفريق سامي عنان رئيس أركان الجيش المصري الأسبق، تسجيلات تدين عدد كبير من قيادات الدولة في الوقت الحالي. ولا شك أن اعتقال رئيس حزب مصر القوية ونائبه يتماشى مع سياسات النظام في اخضاع وتهميش أو إقصاء القوى والعناصر التي قد تبدو مثيرة للمشكلات أو تطمح لحيازة نفوذ أو حضور يتجاوز ما يسمح به جنرالات الحكم، وليس في القرار علامة على حدوث أية تحولات ايجابية في علاقة النظام مع المعارضة، يمكن القول ان هذه الاعتقالات تتماشى مع تجهيزات ما قبل المعركة الانتخابية.

وقد جاء القبض علي جنينة من منزلة بعد حديثه مع هاف بوست عربي وذلك في أعقاب بيان للمتحدث العسكري ينتقد تصريحات "جنينة" ويصفها بأنها تستهدف إثارة الشكوك حول الدولة ومؤسساتها، فى الوقت الذى تخوض فيه القوات المسلحة معركة الوطن فى سيناء لإجتثاث جذور الإرهاب، ويؤكد أن القوات المسلحة "ستستخدم كافة الحقوق التى كفلها لها الدستور والقانون فى حماية الأمن القومى والمحافظة على شرفها وعزتها، وإنها ستحيل الأمر إلى جهات التحقيق المختصة لإتخاذ الإجراءات القانونية قبل المذكورين"[3]. بعدها يؤكد ناصر أمين المحامي الخاص بالفريق سامي عنان أن " كل ماجاء من تصريحات للمستشار هشام جنينة منسوبة للفريق سامى عنان، هى اقوال عارية تماما من الصحة وغير صحيحة، ولا تمت للواقع بصلة"، معلناً "سوف نتخذ الاجراءات القانونية اللازمة ضد كل من ادلى أو يدلى بتصريحات صحفية او اعلامية ينسب فيها اية اقوال او افعال للفريق سامى عنان تؤدى الى المساس بموقفه القانونى وتعرضه لخطر المسالة القانونية والاجتماعية"[4]. في الوقت ذاته أعلنت بعض المصادر الحكومية – في رواية تفتقد للمصداقية – نفى "عنان" إجرائه أي حديث مع جنينة بشأن تلك المستندات، موجهاً له تهمة الإساءة إلى تاريخه العسكري. وقد طلب "جنينة" شهادة كل من السفير السابق معصوم مرزوق، والدكتور حازم حسني، المتحدث باسم الفريق سامي عنان، والناشط حازم عبد العظيم، على صحة تصريحاته بشأن المستندات التي يملكها عنان عن فترة حكم المجلس العسكري بعد ثورة يناير[5].

كان المستشار هشام جنينة قد أكد على وجود وثائق ومستندات في حوزة رئيس الأركان الأسبق الفريق سامي عنان بالخارج، مضيفاً أن في حال تعرّض عنان لأي مكروه فسوف تظهر تلك الوثائق التي ستدين الكثيرين. وألمح جنينة أنها ذات صلة بفترة إدارة المجلس العسكري لمصر بعد ثورة 25 يناير 2011، وما حدث فيها من تجاوزات من قبل قوات الأمن. يذكر أن المعلومات التي ألمح إليها المستشار جنينة، عبارة عن مجموعة شرائط فيديو مصورة (فيديو)، مسجلة من قلب غرفة القيادة العامة للقوات المسلحة، ومن المتعارف عليه أن كافة اجتماعات قيادة القوات المسلحة في مصر يجري تسجيلها صوتاً وصورة، وكان "عنان" بحكم موقعه حينها كرئيس أركان للجيش له حق الولوج إلى تلك الفيديوهات. وأن هذه الوثائق تحمل أدلة متعلقة بأزمات حقيقية مر بها المجتمع المصري، منذ 25 يناير 2011، وصولاً لوقتنا هذا، ومن بينها الحقائق حول أحداث محمد محمود، وكذلك تفاصيل ما جرى في مجزرة ماسبيرو، وأن تلك المستندات تكشف حقيقة الطرف الثالث الذي قام بالعديد من الجرائم السياسية بمصر عقب ثورة 25 يناير، ومنها اغتيال عماد عفت، وكذلك تكشف الحقيقة الخفية حول أحداث 30 يونيو، والجرائم التي تمت بعدها.

وتشير بعض المصادر إلي وجود استياء من الصراع المتصاعد بين أجنحة داخل القوات المسلحة، وعلى وجه الخصوص بين مجموعة السيسي والمخابرات الحربية، وبين رئيس الأركان السابق وأنصاره داخل القوات المسلحة. وبحسب مصادر عسكرية مطلعة، فإن زيارة وزير الخارجية الأميركي "ريكس تيلرسون" للقاهرة في 11/12 فبراير 2018، كانت تتضمن سعيه للصلح بين الطرفين، الفريق سامي عنان من جهة، والسيسي وقيادات الجيش من جهة أخرى[6]. لا جديد في امتلاك عنان –بحكم موقعه العسكري- وثائق تدين المؤسسة العسكرية أبان فترة الانتقال التي تلت تنحي مبارك في 2011، ولا جديد أيضاً في تورط المؤسسة العسكرية –بصورة أو بأخرى- في المجازر التي تلت سقوط مبارك وحتى لحظة الثالث من يوليو 2013، الجديد في الأمر هو استخدام "عنان" هذه الملفات في صراعه مع السيسي، من الصعب في ظل هذا التعقد والضبابية والغموض التوقع بشأن مآلات الصراع الدائر، لكن من المؤكد أن الامور لن تصل إلى نهايتها عند هذه النقطة، ويظل المستقبل مفتوح على كل السيناريوهات. 



[1] الصفحة الرسمية للحركة على موقع فيسبوك، الرابط : https://is.gd/uA4M23

[2] المرجع السابق

[4] رابط تعليق ناصر أمين على صفحته على الفيس بوك: https://www.facebook.com/nasser.amin.792/posts/1938854046431081?pnref=story

[5] "أمام النيابة العسكرية: عنان ينفي «حديث المستندات».. وجنينة يطلب شهادة معصوم مرزوق وحازم حسني وحازم عبد العظيم"، مدى مصر، 14/2/2018، متاح على الرابط: https://is.gd/NYw0tg

[6] "من قلب غرفة القيادة العامة للقوات المسلحة.. تسريب لـ"هاف بوست عربي" يكشف طبيعة الوثائق التي يخفيها الفريق عنان خارج مصر"، هاف بوست عربي، 13/2/2018، متاح على الرابط: http://www.huffpostarabi.com/2018/02/13/story_n_19221494.html

adminu

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022