المؤتمر الثاني لـ"منتدى غاز شرق المتوسط"(EMGF).. مصالح غربية ومعضلات مصرية
على الرغم من حالة الهياج الاعلامي التي تنتاب اعلامي النظام المصري، بعد عقد المؤتمر الثاني لمنتدى غاز شرق المتوسط، بالقاهرة، يوم الخميس الماضي، تواجه مصر العديد من المصاعب والمعضلات، يجري تجاهلها لأهداف سياسية، حيث يتواجه منتدى غاز شرق المتوسط، كمشروع اقليمي، مع مشروع أمريكي سابق يستهدف نفس المنطقة لتحصيل فوائد للشركات العملاقة الأمريكية التي تأتي لاحقة لكبريات الشركات الهولندية والفرنسية والألمانية والايطالية العاملة بالمنطقة…
كما أن مشاركة أمريكا في منتدى شرق المتوسط وتفاعلها المستقبلي مرتبط إلى حد كبير بابتعاد مصر عن روسيا في مجالات التسليح الموسعة بين القاهرة وموسكو، وهو أمر صعب التحقق في الواقع، الا أن دور مصر الكبير في مشروعات صفقة القرن هو ما قد يؤخر القرار الأمريكي المضاد لمصر، كما فعلت مع تركيا بعد اصرارها على استيراد منظومة الدفاع الروسية "إف 30".
وبمشاركة وزراء البترول والطاقة في دول
مصر وقبرص واليونان وإسرائيل وإيطاليا وبحضور وزير الطاقة الامريكي "ريك بيري" ، انعقد المؤتمر الوزاري الثاني لـ"منتدى غاز شرق المتوسط"، الخميس الماضي، في خطوة اعتبرها مراقبون ضد إصرار تركيا على استئناف التنقيب عن الغاز في المنطقة التي تقول قبرص إنها جزء من منطقتها الاقتصادية..
وكانت الاتصالات قد بدأت لإنشاء منتدى غاز شرق المتوسط في أكتوبر 2018، بين مصر وقبرص واليونان، وانضمت لها (إسرائيل) لاحقا، بينما تم استبعاد تركيا ولبنان وسوريا.
وقد بحث "المنتدى" بالقاهرة، لوجيستيات نقل الغاز بين الدول الأعضاء للتسييل وكذلك للدول المستوردة وبحث زيادة الإنتاج، واستكمال ما تم في الاجتماع الذي عُقد في الربع الأول من العام الحالي لمناقشة إنشاء منتدى غاز شرق المتوسط (EMGF).
وأعلن وزراء الطاقة في 7 دول في وقت سابق، من بينها مصر، إنشاء المنتدى الاقتصادي، على أن يكون مقره العاصمة المصرية القاهرة.
والدول المشاركة في إنشاء المنتدى بالإضافة إلى مصر هي: إيطاليا، اليونان، قبرص، الأردن، "إسرائيل"، فلسطين، على أن تكون العضوية مفتوحة لمن يرغب بذلك.
أهداف أمريكية
وتأتي المشاركة الأمريكية في إطار رغبة إدارة الرئيس "دونالد ترامب" في المضي قدماً باتخاذ خطوات تنفيذية لتطوير مشروع القانون المتداول حالياً في الكونغرس، باسم "قانون شراكة الطاقة والأمن في شرق المتوسط"، الذي يحظى بدعم واسع من الدوائر اليهودية وذات الأصول اليونانية بالحزبين الديمقراطي والجمهوري..
ويهدف مشروع القانون، الذي أعده النواب "روبرت مينديز" و"ماركو روبيو" و"كريس فان هولين" و"غاري بيترز" و"كريس كونز"، إلى إنشاء مركز أمريكي للطاقة في المنطقة، ووضع خطة متكاملة لتدشين تعاون استراتيجي مع 3 دول رئيسية، هي اليونان وقبرص و(إسرائيل)، للدفاع عن مصالحها المشتركة في مواجهة تركيا.
وينص المشروع على فتح باب الشراكة في إنشاء المركز للمؤسسات والقطاع الخاص الناشط في مجال الطاقة البحرية، وتأسيس أو استغلال جامعة متخصصة في هندسة البترول بإحدى الدول الثلاث الحليفة، لتدشين تعاون علمي وبحثي في مجال تكنولوجيا الطاقة والغاز الطبيعي وهندسة التعدين وعلوم المياه والبرمجيات.
كما يهدف المشروع إلى التضييق على أنقرة فيما يتعلق باستكشاف حقول الغاز الطبيعي بحجة "معاقبتها على تعدد مصادر شراء السلاح الخاص بها، واستخدام الأسلحة الأمريكية في ترويع وتهديد قبرص".
ومن أهم بنود النسخة الأحدث من مشروع القانون (مؤرخة في 10 يوليو 2019) العمل على إزالة الوجود التركي العسكري من منطقة قبرص التركية (شمال قبرص) غير المعترف بها دوليا، والذي يقدره واضعو المشروع بنحو 40 ألف جندي يستخدمون أسلحة متعددة، من بينها أمريكي الصنع.
ويتضمن المشروع تمويل رفع كفاءة البنية التحتية لقبرص واليونان في مجال التعدين وطاقة البحار، وتمويل برامج التعليم والتدريب العسكري الدولي لليونان وقبرص حتى العام 2022، وإتاحة الفرصة لمنح اليونان 3 مليارات دولار كمساعدة في تحسين وسائل الدفاع، ودعم شبكات إيصال الغاز بين الدول الثلاث، بإشراف الولايات المتحدة الأمريكية، بهدف تسهيل إيصال الغاز غير الروسي إلى وسط وغرب أوروبا.
كما تعتبر محاربة النفوذ الروسي الاقتصادي في تلك المنطقة هدف رئيسي للمشروع أيضا، ويعبر عنها بوضوح الباب الحادي عشر منه، الذي يلزم وزير الخارجية الأمريكي بتقديم تقرير إلى الكونغرس بعد 90 يوماً من إقرار القانون بالآثار "الضارة" للوجود والتأثير الروسي في هذه المنطقة على الاقتصاد الأمريكي، وطبيعة المشاريع الروسية المتصلة، أو المتمركزة في منطقة شرق المتوسط، ومدى التوغل العسكري الروسي في المنطقة بعد الحرب السورية.
المصالح الأمريكية قبل
الاقليمية
وبذلك تدفع الولايات المتحدة دول المنتدى لتلتقي عند نقطة مصلحة جماعية مع المشروع الأميركي الخاص بمركز الطاقة، والذي كان يُنظر له يوماً، في الدوائر الأمريكية، على أنه "قد يكون منافساً للمنتدى".
ورغم ارتباط المشروع في الأساس بحلفاء مصر الاستراتيجيين في المنطقة، إلّا أنه لا يذكرها إلّا في موضع واحد، بالإشارة إلى ازدياد أهمية المنطقة على المستوى الاقتصادي، بعد تعدد اكتشافات الغاز الكبرى في المياه الإقليمية المصرية، ودخول القاهرة في شراكة مع اليونان وقبرص و(إسرائيل) في مجال الاستكشاف والإسالة والتداول.
أهداف دول المنتدى
وتطمح دول المنتدى إلى توسيع شبكة الأنابيب المقامة بين مصر و(إسرائيل)، والمملوكة حالياً لشركة جديدة أسست خصيصاً لامتلاك شبكة الأنابيب، بين شركتي "نوبل إينرجي" الأمريكية و"ديليك" الإسرائيلية" وشركة "غاز الشرق" المملوكة حالياً للدولة، ممثلة في جهاز المخابرات العامة وهيئة البترول.
فيما يراهن عبدالفتاح السيسي على هذه الخطط لتعويض الخسائر المالية المتوالية التي يتكبدها الاقتصاد المصري جراء تعاظم فوائد القروض وبيع الديون.
مأزق السيسي
وفي هذا الإطار، لا يجد "السيسي" غضاضة في الانضمام إلى الشراكة الأمريكية المرتقبة، مقابل العصف بطموحات التنقيب عن الغاز من جانب تركيا..
غير أن العقدة تكمن في مدى واقعية مشاركة مصر للولايات المتحدة في المشروع، في الوقت الذي تواجه فيه ضغوطاً من قبل واشنطن لوقف استيراد الأسلحة الروسية.
حيث ترفض الولايات المتحدة، من حيث المبدأ، شراء دول، كمصر وتركيا والهند، أسلحة روسية، خاصة طائرات "سوخوي- 35" التي تعاقدت القاهرة، في نهاية العام الماضي، رسمياً لشراء 20 منها بين 2021 و2022 مقابل مليارين وربع المليار دولار.
ولأن "السيسي" حريص على إقامة علاقات وطيدة مع موسكو، فإن التشارك بين الولايات المتحدة ومنتدى الغاز سيضعه في "مأزق حقيقي"، بتعبير المصادر، التي أشارت إلى أن "مصلحة مصر هي الإبقاء على شعرة تفصل المشروع الإقليمي والمشروع الأمريكي للحفاظ على فرصها الكاملة في تطوير العلاقات مع كل من واشنطن وموسكو دون التضحية بأي منهما".
وتلوح في الأفق ملامح لإمكانية حل هذه المعضلة عبر تسوية الشق الاقتصادي لخطة السلام التي تروج لها إدارة "ترامب" بالشرق الأوسط تحت مسمى "صفقة القرن"، وتشمل تخصيص مليار و500 مليون دولار لدعم تشارك مصر و(إسرائيل) في إنشاء مركز إقليمي كبير للغاز الطبيعي وتوظيف الإنتاج الكبير من الحقول وتحسين جودة شبكات نقل الغاز والغاز المسال على مدى 5 سنوات.
الموقف التركي
فيما تخشى تركيا إنشاء سوق غاز إقليمية تخدم مصالح الأعضاء من خلال تأمين العرض والطلب، وتنمية الموارد وترشيد كلفة البنية التحتية، وتقديم أسعار تنافسية، وتحسين العلاقات التجارية بين أعضاء المنتدى والشركات الأميركية والأوروبية الكبرى، ما يؤثر بالسلب على الاقتصاد التركي، بحسب المصادر.
ولذا لوح الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" باستخدام القوة في مواجهة قبرص وحلفائها، وأعلنت أنقرة استمرار التنقيب بواسطة شركة "توركيش بتروليوم" الحكومية، التي تملك امتياز تلك المنطقة من وجهة النظر التركية منذ 10 سنوات، رغم تكرار التحذيرات الصادرة من واشنطن والدول الأوروبية.
مصالح اسرائيل
وكانت صحيفة "يسرائيل هيوم" كشفت يوم الخميس الماضي، أن وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتز الذي شارك في لقاء منتدى غاز المتوسط، الخميس، والتقى خلاله بالسيسي، بحث مع نظيره المصري طارق الملا، ليس فقط التعاون في مجال تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر.
وأوضحت الصحيفة أن البحث تطرق أيضاً إلى إطلاق مبادرات أُخرى مشتركة للتعاون المشترك بين البلدين، بعد إكمال عملية تدفق الغاز الإسرائيلي إلى مصر، بما في ذلك مد أنابيب إضافية لنقل الغاز بين البلدين وتصدير الغاز إلى دول الشرق الأقصى.
كما تم بحث سبل تطوير "منتدى غاز المتوسط " في مواجهة تركيا وكبديل للمفاوضات السباقة بين إسرائيل وتركيا لمد أنبوب في مياه المتوسط ينقل الغاز الإسرائيلي المسال، إلى تركيا ومنه إلى القارة الأوروبية.
ولفتت الصحيفة إلى أن شتاينتز التقى أيضا وزيري الطاقة في كل من قبرص واليونان. وسبق اللقاءات اجتماع ثلاثي ضم كلا من وزير الطاقة الأميركي، والوزير الإسرائيلي والوزير المصري ..
وكذلك، قال وزير الطاقة الإسرائيلي إنه تم الانتهاء من اختبار خط نقل الغاز الطبيعي من بلاده إلى مصر، مضيفاً خلال مؤتمر صحافي على هامش اجتماع المنتدى: "تم الانتهاء من اختبار خط نقل الغاز لمصر… نتوقع بدء وصول الغاز لمصر نوفمبر المقبل ونتحدث عن 7 مليارات متر مكعب" سنوياً.
كما توقع وزير الطاقة القبرصي، يورغوس لاكوتريبيس، وصول الغاز الطبيعي من بلاده إلى مصر في 2024-2025، مضيفاً: "نحن في المراحل النهائية للاتفاق على خطة تطوير حقل أفروديت على أن ننتهي منها خلال الأسابيع القليلة القادمة وستتضمن الخطة مد خط لنقل الغاز القبرصي الى مصر. متابعا: نتوقع وصول الغاز القبرصي لمصر في 2024-2025".
تحديات مصرية
كما تزداد المعضلات الاستراتيجة امام مصر، بتشكيل منتدى الغاز، الذي يعد -بحسب دوائر استراتيجية – محاولة لفرض أمر واقع غير متوافق عليه، وقفزة على الصراع السياسي الحدودي المستمر بين تركيا واليونان من ناحية، وتركيا وقبرص من ناحية أخرى، على ترسيم الحدود منذ ثلاثينيات القرن الماضي. ويبدو أن تحركات تركيا، التي تعتمد على نفسها حالياً في عملية التنقيب المرتقبة، تُثير قلق أطراف دولية، اقتصادية وسياسية، كبرى، فالخلاف القائم ليس سياسياً فقط بطبيعة الحال، لكن الجزء الأساسي منه هو منح امتياز التنقيب في المناطق الاقتصادية البحرية لقبرص، واليونان، ومصر، بالإضافة إلى المناطق التي استولت عليها إسرائيل، لشركات إيطالية وفرنسية وبريطانية وأميركية، تراهن على تحقيق إنجازات مالية استثنائية من الاكتشافات الكبرى المتوقعة في هذه المنطقة، الغنية بالغاز الطبيعي تحديداً.
وخلف هذا المعيار الاقتصادي تأتي اعتبارات أخرى، مثل الخلافات السياسية المتزايدة بين الثلاثي مصر وقبرص واليونان مع تركيا، وسعي نظام عبد الفتاح السيسي ، على عكس أسلافه، لتحقيق تقارب استثنائي مع خصمي تركيا الإقليميين، على سبيل تصفية الحسابات مع أنقرة التي كانت تدعم الثورة المصرية في يناير 2011، ثم دعمت نظام حكم الرئيس محمد مرسي، واستضافت الآلاف من المصريين الذين هربوا من قمع السيسي بعد انقلاب يوليو 2013.
وتبقى اسرائيل المستفيد الأول من منتدى الغاز، فرغم أن إسرائيل تحتفظ بعلاقات طبيعية في جميع المجالات مع تركيا، إلا أن انضمامها إلى هذا المنتدى جاء لحماية وإضفاء الشرعية على الثروات التي استولت عليها في المناطق الاقتصادية للبنان وفلسطين في غفلة من الحكومات العربية. ويستند جوهر هذه الحماية إلى الاتفاقية الموقعة بين الحكومة الإسرائيلية وقبرص لترسيم المناطق الاقتصادية، وهي اتفاقية، رغم عدم معقوليتها ووجود مشاكل عديدة فيها، أضحت واقعاً، بعدما رسمت مصر حدودها الاقتصادية مع قبرص بناءً عليها، رغم عدم ترسيم مصر حدودها البحرية مع فلسطين المحتلة.
يذكر أن العديد من الباحثين يرون أن القاهرة تنازلت طوعاً عن حقوقها في عدد من الحقول الغنية في شرق المتوسط بسبب ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص وتقاسم المياه الاقتصادية بين البلدين بالتساوي، إذ سمحت هذه الاتفاقية لكل من قبرص والاحتلال الإسرائيلي، بالمسارعة لاستغلال حقول غاز طبيعية عملاقة، في مناطق تؤكد تقارير جغرافية وملاحية، مصرية وأميركية، أن النقاط الحدودية للدول الثلاث "تتراكب فيها بما لا يعطي حق الملكية المطلقة لأي طرف". وسارعت إسرائيل، بعدما قامت بترسيم منطقتها الاقتصادية مع قبرص، دون الاعتداد بحق مصر في مراجعة ذلك، إلى إعلان اكتشاف حقل "لفيتان" العملاق في شرق المتوسط (المصدر الرئيسي لتصدير الغاز اليوم إلى مصر)، رغم ابتعاده مسافة 235 كيلومتراً عن آخر نقطة ساحلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهي حيفا، وابتعاده 190 كيلومتراً فقط عن ساحل مدينة دمياط المصرية، بحسب دراسات أجراها الباحثان المصريان خالد عودة ونائل الشافعي.
ولعل من جملة المخاطر المتوقعة والمهددة لأمن المنطقة، هو أن الاستحواذ المصري الإسرائيلي بالكيفية المذكورة سلفاً على شبكة الأنابيب لأن يصبح حقل "لفيتان" هو المصدر الرئيس للغاز في منطقة شرق البحر المتوسط، إذ سيتم تصدير الغاز إلى مصر بناءً على الاتفاق الأخير عبر شركة "دولفينوس" المملوكة لمستثمرين محليين، والمتفقة بدورها مع شركة "غاز الشرق" البترولية المصرية، لتوجه الغاز المستورد إلى مصنع الإسالة الموجود في ميناء دمياط والمملوك لتحالف بين شركتي "يونيون فينوسا" الإسبانية و"إيني" الإيطالية، فضلاً عن توجيه كميات أخرى إلى أماكن أخرى داخل مصر. وبدخول قبرص في هذه المعادلة، ستتم مضاعفة الكميات الواردة لمصر بغرض الإسالة ثم إعادة تصديرها. ويتبين من تركيبة المصالح في مشاريع البنية التحتية، وصولاً إلى المشروع المقرر بخلق شراكة مستدامة بين دول المنتدى لبيع منتجاتها بأسعار موحدة أو متقاربة، ومشاركة أكثر من دولة في الإنتاج، أن أي تحرك تركي لن ينال فقط من فرص دول المنتدى في تحقيق ما تصبو إليه من مكاسب، بل سيؤثر سلباً على مصالح شركات عملاقة من جنسيات مختلفة، باتت تشكل اقتصاديات أضخم من اقتصاديات بعض دول المنطقة، الأمر الذي ينذر بعدم حل الأزمة في المستقبل القريب.
ولا تقتصر شبكة المصالح الشرق متوسطية ضد تركيا عند هذا الحد، فمن مهام المنتدى الجديد أيضاً إنشاء سوق غاز إقليمية تخدم مصالح الأعضاء من خلال تأمين العرض والطلب، وتنمية الموارد وترشيد كلفة البنية التحتية، وتقديم أسعار تنافسية، وتحسين العلاقات التجارية بين الأطراف. وفي هذا السياق، أشارت المصادر المصرية إلى طرح العديد من الأفكار بين مصر وإسرائيل وقبرص تحديداً في الفترة الحالية لتنفيذ البند الخاص بالبنية التحتية. ومن المقرر حالياً توسيع شبكة الأنابيب المقامة، والمملوكة حالياً لشركة جديدة أسست خصيصاً لامتلاك شبكة الأنابيب، بين شركتي "نوبل إنيرجي" الأميركية، و"ديليك" الإسرائيلية وشركة "غاز الشرق" المملوكة للدولة المصرية، ممثلة في جهاز الاستخبارات العامة وهيئة البترول، بحيث يتم توسيع الشبكة لتشمل قبرص، بهدف الاستفادة من مصنعي إسالة الغاز في مصر واللذين ستستفيد منهما حكومة الاحتلال أيضاً. وبذلك يضع المنتدى المتوسطي مصر أمام معضلات وتحديات عدة، سواء من الجانب التركي الذي يعمل بالفعل في المنطقة، وأيضا الأطماع الأمريكية التي تستهدف فرض مصالحها وتحقيق مشروعها الاقتصادي السابق لفكرة المنتدى بالأساس، بجانب الفوائد والأطماع الصهيونية غير المحدودة، بالاضافة للمظالم الفلسطينية التي يحققها المنتدى بمشروعاته التي تشرعن السرقات الصهيونية..
ومن جانب آخر ، وفي إطار الخيانة التي يجيدها عبد الفتاح السيسي، جاء اتفاق تصدير الغاز الصهيوني لمصر لتسييله واعادة تصديره لأوروبا، بسعر أعلى من الأسعار العالمية، بعدما سبق وأن صدرت مصر في عهد مبارك الغاز المصري بأقل من سعره العالمي..
وبحسب مراقبين، تشهد اتفاقية تصدير الغاز الصهيونية لمصر تلاعبا كبيرا بغرض تعديل عقد تصدير الغاز لمصر وتقليص كمية التصدير عما تم الاتفاق عليه تلافيا لدفع تعويضات لمصر كما فعلت هي مع دولة الاحتلال حال تأخير تسليم الغاز في موعده، وذلك بموافقة قائد الانقلاب.
وهو ما تم نقاشه خلال زيارة وزير الطاقة الصهيوني يوفال شتاينتز للقاهرة، وسط تأكيده إن إسرائيل ستبدأ تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر في غضون أربعة أشهر (أي في نوفمبر 2019) بعدما كان الاتفاق ينص على التصدير في يونية الماضي، وهو تراجع صهيوني اخر قبله السيسي..
فقد كشفت وكالة بلومبرج ان كل من شركتي ديليك للحفر الإسرائيلية وشريكتها نوبل إنرجي تعملان على تعديل اتفاق تصدير الغاز الإسرائيلي الموقع مع دولفينوس القابضة المصرية في العام الماضي والبالغ قيمته 15 مليار دولار، لزيادة الإمدادات تدريجيا حتى تصل إلى ذروتها مع تقليص خطر حدوث انقطاعات أو تأخير تلافيا لعدم دفع تعويضات للصهاينة مستقبلا بعدما دفع لها الانقلاب بقيمة 500 مليون دولارتعويضات.
ونقلت بلومبرج عن “يوسي أبو” الرئيس التنفيذي لشركة ديليك أنه بموجب العقد الحالي، يتعين على الشركتين توريد 7 مليارات متر مكعب من الغاز سنويا إلى مصر بحلول عام 2020، ولكن نصف الكمية خاضعة للانقطاعات بناء على أوقات الذروة أو الظروف المعاكسة، ولذلك تسعى الشركتان حاليا إلى توريد نحو 4.5 مليار متر مكعب من الغاز من دون انقطاعات بحلول العام المقبل على أن تصل الإمدادات إلى 7 مليارات “لاحقا”!!.
وذكرت المصادر أن الشركاء في حقلي تمار وليفايثان للغاز في إسرائيل، يدرسون زيادة الإمدادات إلى 5.5 مليار متر مكعب في 2021، على أن يصل حجم التدفق 7 مليارات بحلول 2022.
وسبق أن كشفت صحيفة “هأرتس” 5 نوفمبر 2018، ان شبكة خطوط الغاز الإسرائيلية ليس لديها القدرة فنيا على تصدير كميات الغاز الذي جري الاتفاق عليها مع شركة المخابرات المصرية لأن قدرة الأنابيب تتراوح بين 2-3 بليون م³ سنويا، في حين أن حجم اتفاق تصدير الغاز لمصر 3.5 بليون م³ (من حقل لفثيان) بالإضافة لبند أخر ينص على تصدير كمية إضافية قدرها 3.5 بليون م³ (من حقل تمار).…وهو ما يحقق المصالح الصهيونية على حساب المصريين..