المشهد السياسي فى 3 يونية 2019

                                                  المشهد السياسي الأسبوعي 2 يونيو 2019
أولاً المشهد المصري
-الأوقاف تحدد موضوع خطبة عيد الفطر وساحات الصلاة.
حددت وزارة الأوقاف فى بيان لها يوم الإثنين27 مايو، عنوان "الأعياد عبادة"،  ليكون موضوعا لخطبة عيد الفطر المبارك التى ستُصلى في 5863 ساحة منتشرة فى جميع  المحافظات، على أن تحمل أخر خطبة جمعة فى شهر رمضان عنوان "رمضان شهر البر والصلة والتعرض لرحمات الله"1.
وقد حددت الوزارة الساحات والمساجد التى ستنعقد فيها الصلاة وشددت على أن صلاة العيد لا تنعقد في الشوارع والزوايا والمصليات ولا في الطرقات العامة، إنما تنعقد في الساحات والمساجد التي تحددها الجهة المنوط بها ذلك، وقد وصفت الوزارة أي صلاة تقام لعيد الفطر المقبل، يتم تنظيمها خارج الساحات والمساجد المحددة من الوزارة، بالتوافق مع باقي أجهزة الدولة، بأنها "افتئات" على الدين والدولة2.
وقد جاء ذلك بعد سلسلة من الإجراءات اتخذتها الوزارة منذ بدء شهر رمضان لمنع أي مظاهر احتفالية أو دينية متعلقة برمضان في المساجد، تمثلت في عدم السماح باستخدام مكبرات الصوت في أثناء صلاة التراويح، ومنع الأدعية غير المعتمدة من الوزارة، ثم منع الاعتكاف وصلاة التهجد بمعظم المساجد في كل المحافظات المصرية.
وتعليقاً على ذلك، فهناك دلالتين  لذلك: الأول/ أن النظام يستمر فى فرض قيوده على المظاهر الإسلامية، ويرغب فى تغليف قراراته بمبرراً شرعياً غير معهود كمحاولة لاستخدام التوظيفات الدينية المنحرفة كورقة لتطويع الشعب لصالح أغراض الدولة والنظام. الثانى/ أن النظام يخشى من أى تجمعات جماهيرية  خصوصاً بعد المظاهرات الأخيرة التى قام بها طلبة الصف الأول الثانوى احتجاجاً على فشل الامتحانات بواسطة جهاز "التابلت"، والتي كشفت للنظام أن كل إجراءاته السابقة في فرض القبضة الأمنية على المصريين لم تأت بنتائجها المرجوة، وبالتالي فإنه يمكن للتجمعات العفوية للصلاة أن تتطور لحركة شعبية، بما يعكس عدم ثقة النظام فى جماهيريته أيضاً3.
شمال سيناء: لن تدخل المقابر إلا بـ«البطاقة» وعودة القتل في المنطقة السكنية بعد تأمينها، وانقطاع الكهرباء تمامًا عن الشيخ زويد، وهجوم اعلام شديد علي تقرير هيومن رايتس ووتش الذي يتهم الجيش بارتكاب جرائم حرب في سيناء
    • شمال سيناء: استمرار انقطاع الكهرباء في الشيخ زويد وعودة حوادث القتل لمدينة العريش و أزمة النظام في التعامل مع مقاتلى ولاية سيناء في العمق المصري.
– الشيخ زويد ما زالت تحت الظلام لانقطاع الكهرباء، في الوقت الذي يشهد محيط منطقة المقابر بالمدينة تشديدات أمنية. وتلقت أطقم إصلاح الكهرباء تهديدات حال استمرارها في العمل أو تعاونها مع قوات اﻷمن، كما نشر عدد من اﻷهالي استغاثات عبر فيسبوك، من تأثير انقطاع الكهرباء على عدد من المرضى الذين يعتمدون في حالات الطوارئ على أجهزة تنفس تعمل بالكهرباء، بالإضافة إلى عدم قدرتهم على حفظ الإنسولين الذي يستخدمه مرضى السكر، والذي يُحفظ في الثلاجات.
– عادت حوادث القتل داخل الكتلة السكنية لمدينة العريش مع اقتحام عناصر تنظيم ولاية سيناء أحد المنازل في حي عاطف السادات شرقي المدينة، وقتل شاب يدعى كريم عزمي البيك، رميًا بالرصاص، بدعوى أن القتيل كان جاسوس للجيش المصري.
– مازالت منطقة شمال سيناء تحت إدارة حالة الاستثناء التي تحكم بشعار لا صوت يعلو صوت البندقية ، إلا أن الأزمة التي ستواجه النظام في المرحلة المقبلة هي تسرب مقاتلي ولاية سيناء إلى العمق المصري في مناطق القاهرة الكبرى، وهو الأمر الذي شهدته الفترة الأخيرة من تفجيرات تطول السياح.4
    • تأميم القوى الناعمة في مصر الاعلام والدراما ومؤخرًا الرياضة؟
يواصل النظام في مصر مسيرة الهيمنة على قطاع الرياضة إعلاميا وإعلانيا من خلال ذراعه الإنتاجي شركة إعلام المصريين، التي يرأسها المنتج تامر مرسي، والتي يقال إنها تابعة لأجهزة المخابرات. ومؤخرًا خرجت منصة "Watch iT" الرقمية، التابعة لإعلام المصريين، "عن حصولها على الحقوق الرقمية الحصرية للدوري المصري لمدة أربع سنوات، و يتيح ذلك لمستخدم المنصة الاستمتاع بكافة الأهداف و المباريات والملخصات".
وزعمت إدارة منصة "Watch iT" أن الحصول على حقوق الدوري المصري الرقمية هو "بداية إثراء المحتوى الرياضي الرقمي على المنصة، وأيضا يمثل حماية لحقوق استخدامه وسيتوالى إضافة الكثير من المحتوى الرقمي في مختلف المجالات".
كما أطلقت مجموعة إعلام المصريين والهيئة الوطنية للإعلام، قناة "تايم سبورت" التي تُذاع على نسختها الأرضية مباريات كأس الأمم الأفريقية 2019، التي ستقام في مصر في الفترة ما بين 21 حزيران/ يونيو و19 تموز/ يوليو المقبل على البث الأرضي الرقمي.
وفي 19 أيار/ مايو الجاري، تم تدشين الموقع الرسمي لحجز تذاكر بطولة كأس الأمم الأفريقية 2019، "تذكرتي" لحجز وبيع تذاكر المباريات، ويتبع الموقع أيضا مؤسسة إعلام المصريين، للسيطرة على نوعية الجمهور الذي سيشاهد المباريات ويحضر في المدرجات.
على الجهة الأخرى، فإن "النظام قرر وضع يده على أي بيزنس بداية من التجارة، مرورا بالمقاولات وصولا إلى الرياضة، وهو بيزنس ضخم جدا، وتدار فيه مبالغ كبيرة من خلال حصيلة الإعلانات".
الجدير بالذكر في هذا السياق، هو الواقعة التي حدثت وهي قيام أحمد مجاهد عضو مجلس اتحاد الكرة، بمنع حصول قناة تايم سبورت على تصاريح لدخول وتصوير ملعب الدفاع الجوي، وفي تفسير وتحليل هذا الموقف، يبدو أن الشركة الراعية لاتحاد الكرة شركة بيرزنتشن، غير راضية عن وجود شركة جديدة تنافسها بقوة وهي شركة إعلام المصريين وأذرعها من قناة تايم سبورت وتطبيق وتش إت، وهو أمر يعبر عن بعض الصراعات التي ستدور في المرحلة المقبلة في سياق السيطرة على المجال الكروي الإعلام ".5

    • تحالف جديد يلوح في الأفق بقيادة الناصري أحمد طنطاوي: انتخابي أم جبهوي سياسي؟
قام النائب أحمد طنطاوي عضو تحالف 25-30 بتشكيل تحالف سياسي معارض جديد بالبرلمان المصري مؤخرا، وهو ما أثار جدلا كبيرا في أوساط المعارضة المصرية، فبينما رحب البعض في فكرته، ورأوا فيه إطارا جامعا لقوى المعارضة، شكك آخرون في استمراريته وقدرته على مواجهة النظام.
ولعل تصريحات رئيس حزب الدستور علاء الخيام الأخيرة لعربي 21 كشفت ذلك بوضوح، حيث أكد على ترحيبه به ودعا المعارضة للالتفاف حوله خاصة الشباب بالإضافة إلى الأحزاب والشخصيات الوطنية، مشيرا إلى أن الكيان الجديد، الذي قال إنه قد يتم الإعلان عنه قريبا، سيكون أكبر وأوسع من حركات سابقة حيث سيشمل باقي الأحزاب والقوى والشخصيات التي لم تكن مشاركة في هذه الكيانات ومنها الحركة المدنية علي سبيل المثال.
في المقابل بدأ الإعلام المصري تشويه هذه المبادرة ومهاجمتها مبكرا، وربطها بأيمن نور تارة وبالإخوان تارة أخرى، في محاولة لإجهاضها مبكرا وتخويف المعارضة بالداخل من التجاوب معها حتى تلحق بالتجارب السابقة ولا يتم تحقيق أهدافها على أرض الواقع كما حدث مع الحركة المدنية وغيرها من التحالفات والمبادرات الأخرى.
وحول هدف هذا التحالف قال النائب هيثم الحريري عضو مجلس النواب ضمن تحالف 25-30  الحريري "إنه تحالف يهدف إلى تجميع القوى السياسية في إطار انتخابي بداية وصولا إلى الشكل السياسي خاصة أن هناك استحقاقات انتخابية في الفترة القادمة سواء انتخابات المحليات أو مجلس النواب العام القادم، وبذلك يكون أمام المواطن المصري بديلان للاختيار بينهما، وهذا نوع من الزخم السياسي ويقود لحالة سياسية وتمثيل حقيقي في المجالس المحلية ومجلس النواب ويكون كل هذا لصالح مصر والمواطن المصري في النهاية خاصة أن مصر تستحق وضعا سياسيا أفضل مما هي فيه الآن حسب الحريري.
وختم عضو 25-30 كلامه بنفي أي علاقة بين هذا التحالف وجماعة الإخوان المسلمين من قريب أو بعيد حسب قوله، رافضا ما يثيره الإعلام حول هذا التحالف وربطه بالإخوان تارة أو ببعض الشخصيات بالخارج تارة أخرى، مشيرا إلى أن هذه مبادرة نابعة من الداخل تماما دون مشاركة أي طرف من خارج مصر.
وهكذا يلاحظ وجود تفاوت في تحليل طبيعة مبادرة طنطاوي، فبينما يري علاء الخيام أن طنطاوي يسعي لتشكيل ائتلاف سياسي معارض واسع فإن هيتم الحريري يعتبره مجرد تحالف انتخابي للمشاركة في المهازل الانتخابية القادمة. ويبدو أن هذا التحالف سيكون صورة غير جديدة عن صورة الحركة المدنية الديمقراطية، لاسيما مع رفضه للحركات الإسلامية، وحرصه على التأكيد على عدم وجود أي اتصالات بينه وبين جماعة الإخوان المسلمين أو المتعاونين معها من التيار المدني، إلا أن وجود هذا التحالف وقدرته على التحرك قد يلقي حجراً في المياه الراكدة إن كانت هناك ما تزال مياه من الأصل.

    • مصر تبيع محطات الكهرباء لسداد الديون.. من المشتري؟
أثار إعلان الحكومة المصرية عزمها بيع ثلاث محطات كهرباء جديدة، جدلا واسعا في الأوساط الاقتصادية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بمصر. حيث كشف وزير الكهرباء المصري محمد شاكر في مقابلة مع وكالة "بلومبرغ" الأمريكية، عن أن مصر تلقت عروضا من شركتي بلاكستون الأمريكية وشركة "إدرا باور" الماليزية لشراء المحطات الثلاث، اللاتي يعملن بنظام الدورة المركبة، وتبلغ طاقتها الإجمالية 14.4 جيجاوات. ورئيس ومؤسس شركة "بلاكستون"، هو رجل الأعمال الأمريكي ستيفن شوارزمان، الذي ولد في فيلاديلفيا، لأب يهودي، ويعد أقرب رجل أعمال إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وصديق جاريد كوشنر زوج إيفانكا ترامب. وشركة "إدرا" الماليزية، هي فرع للشركة الصينية العامة للطاقة النووية، التي تملك بالفعل ثلاث محطات كهربائية حرارية في مصر.
ففي تموز/ يوليو 2018، افتتح السيسي محطات الكهرباء التي أسستها شركة "سيمنس" الألمانية بتكلفة إجمالية بلغت 6 مليارات يورو (سبعة مليارات دولار)، بعدما حصلت مصر على تمويل بقيمة 85 بالمئة من إجمالي التكلفة من قبل مجموعة من المقرضين، بما في ذلك دويتشه بنك وبنك إتش إس بي سي وبنك كي إف دابليو إيبيكس، وهي القروض المدعومة بضمان سيادي. وربطت "بلومبرغ" بين بيع شركات الكهرباء المصرية وتفاقم حجم الدين العام للبلاد خلال السنوات الخمس الأخيرة والذي بلغ، وفقا بيانات البنك المركزي المصري، 338 مليار دولار بنسبة زيادة 130 بالمئة منذ تولي السيسي الحكم، وتستحوذ شركات الكهرباء على نحو 25 بالمئة منها. وبحسب البيان المالي لوزارة المالية المصرية، وصلت نسبة فوائد الديون وأقساطها، في موازنة العام المالي المقبل (2019/ 2020)، إلى 85 بالمئة من إيرادات الدولة التي تمثل الضرائب أكبر مواردها بنسبة 75 بالمئة من إجمالي الموارد الحكومية.6 وقالت "بلومبرغ"، إن الشركات التي ستفوز بالصفقة سوف تتحمل سداد القروض التي بنيت بها تلك المحطات، لتخفيف عبء الديون عن تطوير البنية التحتية في البلاد، مشيرة إلى أنه في حال قبول أحد العرضين، فإن مصر ستشتري الكهرباء المنتجة من تلك المحطات من شركتي "إدرا باور" أو "زارو" التابعة لبلاكستون عبر اتفاقية لشراء الطاقة. هذا على عكس ما يرى الناشط "محمد العنانى" على صفحته بموقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك": "أن ذلك بمثابة بيع لمرافق الدولة ويضع مصر تحت رحمة الشركات الأجنبية فى الحصول على الطاقة، وبالتالى فإذا كانت الدولة تلجأ إلى بيع تلك المحطات فلماذا تقترض من البداية لإنشائهم، هذا بالمثل  ينطبق على القرض الروسى لبناء محطة الضبعة".
ولكن الأزمة الاجتماعية المنتظرة هي إن سداد الديون ببيع الأصول لشركات أجنبية خاصة في قطاعات حيوية كالكهرباء قد يرحل انفجار أزمة الديون المتزايدة، لكنه سيزيد العبء على المواطنين الذين سيدفعون فاتورة احتكار تلك الشركات للكهرباء وبيعها للمصريين بالسعر العالمي خاصة بعد رفع الدعم عن الطاقة. حيث مهدت الحكومة الزيادة الهائلة المنتظرة في أسعار الكهرباء برفع أسعار شرائح استهلاك الكهرباء للاستخدام المنزلي، اعتبارا العام المالي المقبل ويبدأ مطلع يوليو/ تموز المقبل، بنسب تتراوح بين 3.7 – 38.3 بالمائة، وذلك للمرة الخامسة منذ تولي السيسي الحكم في 2014.
-لماذا يعرقل الأمن تنفيذ قرار العفو الرئاسى الأخير؟
كشفت المفوضية المصرية للحقوق والحريات عن تعطيل وزارة الداخلية قرار العفو الرئاسى الصادر فى 17 مايو الجارى الذى شمل560 سجيناً، وقد تقدم الممثل القانونى للمنظمة يوم الأحد الماضى 26 مايو، ببلاغ إلى النائب العام ضد احتجاز المواطنة "أمل صابر إبراهيم كيلانى" فى قسم شرطة دار السلام دون وجه حق ورغم صدور قرار بالعفو عنها7.
فلماذا صدر قرار العفو فى ذلك التوقيت ولماذا يتعنت جهاز الأمن فى تنفيذه؟ يرى "معتز الفجيرى" ، الأمين العام للمنبر المصرى لحقوق الإنسان، أن مشكلة التخلف فى الإجراءات ذات العلاقة بالاعتقال والحبس الاحتياطى والإفراجات، هى مشكلة قديمة فى نظام العدالة الجنائية فى مصر، إلا أنه فى السنوات الأخيرة ومع تزايد أعداد المعتقلين والمحبوسيين احتياطياً أصبح هناك تعنت دائم وملحوظ  نابع من اعتبارات الأمن السياسى وبالتالى تلجأ الأجهزة الأمنية إلى إطالة أمد تلك الإجراءات من أجل الضغط على المفرج عنهم أو تلفيق قضايا جديدة لهم إذا رأت إن خروجهم الآن لا يتناسب مع اعتبارات الأمن السياسى، أو حتى الرغبة فى الحصول على معلومات منهم أو من ذويهم، فضلاً عن أن الثقافة السياسية التى سادت فى مصر فى السنوات السابقة قائمة على استسهال حبس الأفراد واستسهال الاعتداء على حريتهم فى ظل عدم وجود محاسبة لرجال الأمن أو حتى النيابة إذا هم تجاوزوا القانون8.
فلماذا إذا جاء قرار العفو الآن؟. يرى البعض أن قرار العفو جاء برغبة من النظام فى حلحلة الوضع القائم فى مصر خصوصاً أن النظام مُقدم على إتخاذ مجموعة  من القرارات الاقتصادية التى ستؤثر على الوضع الاقتصادى للمصريين وبالتالى فالنظام يعمل على تخفيف حالة الاحتقان قبل اتخاذه لتلك القرارات، والبعض الأخر يرى أن هؤلاء المعفو عنهم لا يمثلون كماً من عدد المعتقلين الآن، فهم نسبة قليلة مقارنة بعدد المعتقلين وبالتالى بالنظر إلى الصورة الكلية فليس هناك توجه أو سياسة من النظام إلا أنه فقط يقوم بتخفيف الضغط نوعاً ما من وقت لآخر خصوصاً أنه مازال هناك قرارات بالحبس بدون مبرر والاجراءات القمعية مازالت مستمرة9.

مصر والخارج:
    • دلالات تسليم حفتر هشام عشماوى إلى مصر:
سلمت قوات اللواء الليبي خليفة حفتر إلى السلطات المصرية، 29 مايو الحالى، المتهم بقضايا تتعلق بالإرهاب هشام عشماوي. وجاء ذلك بعد زيارة قام بها وزير المخابرات العامة المصرية عباس كامل إلى ليبيا. وحسب تقارير محلية بمصر، يتهم عشماوي بالمشاركة في تنفيذ محاولة اغتيال اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية المصري السابق، في سبتمبر 2013. كما يتهم الأمن تنظيم "المرابطون" الذي يقوده عشماوي بالضلوع في اغتيال المستشار هشام بركات، النائب العام السابق في يونيو 2015، وهجوم كمين الفرافرة فى يوليو 2014، والذى قتل فيه 22 شرطياً، وحادثة العريش الثالثة التي وقعت في فبراير 2015، وأسفرت عن مقتل 29 عسكرياً، وكذلك حادث الواحات غربي البلاد في أكتوبر 2017 الذي أسفر عن مقتل 16 شرطياً10.
إلا أن ما يثير التساؤل هو: لماذا قام حفتر بتسليم عشماوى إلى مصر الآن، على الرغم من أن قواته قامت بالقبض عليه في أكتوبر 2018؟
ويمكن الإجابة على هذا التساؤل من خلال 3 نقاط:
1- رغبة حفتر فى إظهار نفسه أمام المجتمع الدولى بأنه الشخص الأجدر على محاربة الإرهاب من أجل دعمه فى حربه الحالية على طرابلس، خاصة وأن هناك توجه دولى لوقف القتال وعمليات إطلاق النار، وإن كان هذا الوقف بغير شروط، ما يعنى استمرار تواجد قوات حفتر فى المواقع التى سيطرت عليها على تخوم العاصمة. إلا أن ذلك لا يرضى حفتر، الذى يسعى إلى السيطرة الكاملة على العاصمة، باعتبارها محتلة من قبل جماعات ومليشيات إرهابية، وبالتالى يسعى حفتر إلى استمرار الدعم الدولى له، أو على الأقل عدم عرقلة مساعيه العسكرية لدخول طرابلس. 
2- أن ورقة العشماوي تعتبر ورقة تفاوضية قوية فى يد حفتر فى تعامله مع مصر، وأن الوقت الحالى هو الوقت الأمثل لاستخدامها، فتسليم عشماوى للقاهرة سيحقق انتصار وهمي للسيسي يظهره أمام انصاره، فى مقابل استمرار السيسى بتقديم دعمه العسكرى لحفتر، خاصة فى ظل الحديث عن تراجع الدعم السعودى لحفتر. بل وحدوث ما يشبه تغير فى الخطاب المصرى الدبلوماسى، الذى ظهر فى تأكيد وزير الخارجية سامح شكرى على وجود مساعي وتنسيقات مع الشركاء من أجل التوصل إلى اتفاق سياسي في ليبيا. ومن الجدير بالذكر هنا، أن القاهرة كانت تمانع قيام حفتر بشن حملة عسكرية على طرابلس، ووصل هذا الرفض المصرى إلى درجة الحديث عن وقوع خلاف بين مصر والإمارات التى كانت تحث حفتر للإسراع بشن هذه الحملة، وربما نجحت الإمارات وحفتر فى إقناع مصر بأنها ستكون حرب خاطفة وقصيرة، وهو ما لم يتحقق. وبالتالى فإن حفتر يخشى من أن القاهرة قد تطالبه بوقف الحرب على طرابلس، والاكتفاء بما حققه إلى الآن من مكاسب، خاصة فى ظل خوف القاهرة من دخول حفتر فى حرب استنزاف كبيرة تؤدى إلى اضعاف قواته فى الشرق، ما يجعل الحدود الغربية للقاهرة عرضة لتسلل الإرهاب إلى داخل مصر. وعليه فإن حفتر قد أراد بتسليم عشماوى التأكيد لمصر بأن حربه على طرابلس لن تكون على حساب تواجده فى الشرق، ومراقبة الحدود، ومنع تسلل الإرهابيين إلى مصر عبر ليبيا.
3- تاتى خطوة حفتر بتسليم عشماوى للقاهرة، فى ظل فشله فى هجومه على طرابلس، بل وخسارته أحد أهم الشخصيات في غرب البلاد، وهو العميد مسعود الضاوي. حيث تقول الرواية الرسمية إنه قتل في اشتباكات على محور عين زارة، إلا أن هناك رواية أخرى تقول بتصفيته داخلياً. وقد أصدرت قبيلة ورشفانة التي ينتمي إليها الرجل بياناً اتهمت فيه اللواء التاسع بتصفيته بعد حضوره اجتماعاً في مدينة ترهونة، وقررت بناءً على ذلك مقاطعة المدينة إلى حين إظهار المسؤولين عن الاغتيال11. وبالتالى يسعى حفتر إلى مزيد من الدعم العسكرى له من قبل حلفائه من أجل حسم معركة طرابلس سريعاً، لأن فشله فى تحقيق ذلك قد يكون مقدمة لتصدع قواته وإنهيار مشروعه بالكامل.
ثانياً: المشهد الإقليمي والدولي
– قمة مكة:
عقدت في مكة المكرمة هذا الاسبوع ثلاث قمم سياسية عربية وإسلامية، دعت إليها المملكة العربية السعودية على وقع توترات مع إيران. وسعت الرياض لمحاولة إظهار أنّ الخليج والعالمين العربي والإسلامي كتلة واحدة في مواجهة إيران، بعدما وجدت المملكة في التوترات الأخيرة مع طهران فرصة لتشديد الضغوط على خصمها الأكبر في المنطقة. وفي تطور لافت منذ الأزمة الخليجية، تلقى أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، دعوة رسمية من العاهل السعودي لحضور القمة الطارئة لمجلس التعاون الخليجي في مكة المكرمة حيث شارك في القمة رئيس الوزراء القطري، وتعكس تلك القمم في حقيقة الأمر المأزق الكبير الذي بدأت تستشعره المملكة خاصة بعد تعمد إيران إيصال رسائل تهديد مباشرة إلي المملكة وإلي الإمارات، في نفس الوقت الذي تراجع فيه الرئيس الأمريكي عن تهديده لإيران الذي وصف نظامها بأنه قد يكون أمامه فرصة لعمل شيء عظيم، ما يعني أنه لا يمكن التعويل علي الولايات المتحدة في حماية أمن واستقرار المملكة وأنه لا بديل عن التعاون العربي العربي، وهذا الخطر الذي تستشعره المملكة قد يدفعها لتقديم تنازلات والتوقف عن التدخل في شئون الدول الأخرى، بل والتعاون مع حركات الإسلام السياسي التى تناصبها العداء.
جولة كوشنر في المنطقة ودعوات شعبية للتصد لصفقة القرن
في إطار مساعيه لتمرير صفقة القرن، التقي كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب، جاريد كوشنر، برئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بعد زيارة قام بها لكل من الأردن والمغرب التقى خلالهما ملكيهما، في إطار دعم "ورشة البحرين" التي تأتي ضمن خطة السلام الأمريكية في المنطقة المسماة "صفقة القرن". وذلك في ظل أزمة تشكيل الحكومة الإسرائيلية، وتأثير ذلك على المضي قدماً بالخطة، التي يرتقب أن يكشف عن شقّها الاقتصادي في نهاية يونيو في المنامة في غياب الفلسطينيين، وتعكس تلك التحركات محاولة الولايات المتحدة ضمان الحصول علي التاييد الرسمي العربي الكامل لتلك الخطة، وإن كان الواضح أن الحصول علي ذلك أمراً في غاية الصعوبة، خاصة وأن الأردن تبدي رفضاً كبيرا للخطة، والمغرب تشهد تحركات شعبية مبكرة للتعبير عن رفض تلك الخطة .
وقد دعت ثلاث جمعيات مغربية، إلى تنظيم وقفة أمام البرلمان الجمعة المقبل، احتجاجاً على المساعي الرامية لتمرير "صفقة القرن" الأمريكية المتعلقة بتسوية القضية الفلسطينية. وفي بيان مشترك قالت "مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين"، و"الجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني"، و"الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة"، إن الوقفة ستنظم تحت شعار "الشعب المغربي ضد مؤامرة صفقة القرن، ومع خيار المقاومة ومواجهة التطبيع". وذكر البيان أن "الوقفة تأتي في سياق الهجمة الصهيوأمريكية على شعوب الأمة العربية الإسلامية، وتنزيل أجندة الفوضى الخلاقة لتصفية قضية فلسطين، وفرض ما يسمى صفقة القرن، بتواطؤ مكشوف مع بعض أنظمة المنطقة".
الدعوة لانتخابات جديدة في الكيان الصهيوني:
صوّت الكنيست "الإسرائيلي"، على حل نفسه، وإعلانه إجراء انتخابات برلمانية جديدة منتصف سبتمبر المقبل. وقالت وسائل إعلام في دولة الاحتلال "الإسرائيلي": إن "الكنيست يمر بمرحلة دراماتيكية وتاريخية، حيث انتهى التصويت بالقراءتين، الثانية والثالثة، على حل الكنيست، ودخول إسرائيل في انتخابات برلمانية جديدة". وأكدت أنه في أعقاب فشل رئيس الوزراء رئيس حزب الليكود الحاكم، بنيامين نتنياهو، في تشكيل حكومة جديدة، فإن أعضاء "الكنيست" صوتوا على حل المجلس البرلماني، على أن تدخل "إسرائيل" في انتخابات مقبلة "للكنيست" رقم 22، في السابع عشر من سبتمبر المقبل. ويلزم القانون الإسرائيلي الرئيس رؤبين ريفلين بتكليف شخصية أخرى بتشكيل حكومة حال فشل نتنياهو بتشكيلها، ما لم يتبنَّ "الكنيست" بأغلبية تزيد على 61 عضواً قانوناً بحل نفسه، وهو ما تم إقراره. ويمثل ما يحدث في الداخل الإسرائيلي أهمية كبيرة للشعب الفلسطيني لأن من شأنه أن يؤجل البت في صفقة القرن، وفي نفس الوقت يزيد الصراع الداخلي، وهو ما قد يسهم في تخفيف الحصار المفروض علي الشعب الفلسطيني وإعطاء الدول العربية الفرصة لالتقاط الانفاس ومواجهة ما يعرف بصفقة القرن.
مؤتمر المنامة الخاص بصفقة القرن… بين التأييد والرفض:
أصدرت الولايات المتحدة والبحرين بياناً مشتركاً، فى26 مايو الحالى، ذكر فيه أن المنامة ستستضيف بالشراكة مع واشنطن، ورشة عمل اقتصادية تحت عنوان "السلام من أجل الازدهار" يومي 25 و26 من الشهر المقبل. وتستهدف الورشة، بحسب البيان، جذب استثمارات إلى المنطقة، بالتزامن مع تحقيق السلام الفلسطيني الإسرائيلي. حيث تعتقد الإدارة الامريكية أن الفلسطينيين سيشعرون بالرضا عن استثمارات وحوافز اقتصادية تنتشلهم من الواقع الاجتماعي والاقتصادي المتراجع كبديل مفترض عن الدولة المستقلة التي يطالب بها الفلسطينيون كشرط لأي مفاوضات سلام دائم مع الإسرائيليين.
ومن الأهداف الأساسية التى يسعى المؤتمر إلى تحقيقها هو إنهاء عمل منظمة الأونروا، فقد نقلت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية، عن مصدر مقرب من البيت الأبيض أن واشنطن ستوصي بإنهاء عمل الأونروا خلال مؤتمر البحرين باعتبارها "أحد أسباب استمرار الصراع". وقد أكدت صحيفة "القدس العربي" على أن موعد مؤتمر البحرين يتعارض مع موعد مؤتمر دعت إليه الأمم المتحدة الدول المانحة للاجئين الفلسطينيين بمقرها في نيويورك نهاية يونيو المقبل لحشد التمويل للمنظمة وتعويض عجز موازنتها. وقال مسؤول كبير في الأونروا، لم تكشف الصحيفة عن اسمه، إن إقامة ورشة البحرين في نفس موعد مؤتمر مقرر للمانحين "عمل مدبر يحمل دلالات خطيرة".
وفى 22 مايو الحالى، طالب مبعوث الولايات المتحدة للشرق الأوسط جيسون غرينبلات بضرورة تفكيك الأونروا خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي، واقترح غرينبلات نقل خدمات الأونروا إلى الحكومات المضيفة أو إلى منظمات غير حكومية دولية أو محلية أخرى حسب الضرورة. لكن المفوض العام للأونروا بيير كراهينبول رفض ذلك مشدداً على أن "تفويض الأونروا أمر يرجع للجمعية العامة للأمم المتحدة بأسرها، وليس إلى دولة واحدة أو دولتين". وكشفت "القدس العربي"، نقلاً عن المسؤول بالوكالة، عن حدوث "تلاسن" بين غرينبلات وكراهينبول خلال الجلسة، إذ قال الأول "لقد انتهى دوركم"، وهذا ما يؤكد وجود مخطط أمريكي لتصفية الوكالة12.
وفيما يتعلق بالموقف الدولى من حضور المؤتمر، فقد رحبت السعودية والإمارات بالإعلان عن ورشة المنامة، ودعمها، والمشاركة فيها. وأوردت وكالة الأنباء السعودية الرسمية واس، أن وزير الاقتصاد والتخطيط محمد التويجري، سيشارك في الورشة.
وفى المقابل، ظهرت حالة كبيرة من الرفض من قبل الفلسطينيين لهذا المؤتمر، الذى يعتبرونه مقدمة لتنفيذ صفقة القرن المعنية بتصفية القضية الفلسطينية، فقد قال رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية، إن "مؤتمر المنامة سيولد ميتاً"، موضحاً "مشكلتنا ليست اقتصادية، صراعنا على الأرض من أجل إنهاء الاحتلال، وإقامة دولتنا وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين". وأكد في وقت سابق خلال جلسة الحكومة الأسبوعية، رفض بلاده لورشة العمل، قائلاً إن "حل الصراع في فلسطين لن يكون إلا بالحل السياسي". كما طالب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، الدول العربية التي وافقت على حضور ورشة عمل المنامة، إعادة النظر في موقفها.
واعتبرت حركة حماس على لسان القيادي فيها سامي أبو زهري، أن الإصرار على عقد ورشة البحرين رغم الرفض الفلسطيني "يشكل تورطاً في صفقة القرن الأمريكية".
ومن جهة أخرى، أعلن سفير الصين لدى فلسطين، كواه وي، أن بلاده وروسيا، لن تشاركا في ورشة البحرين المزمع عقدها الشهر المقبل في العاصمة البحرينية، المنامة. جاء ذلك خلال لقائه نبيل شعث، مستشار الرئيس الفلسطيني للعلاقات الدولية والخارجية، في مكتبه برام الله، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية وفا 13.
وقد أعربت وزارة الخارجية الروسية بشكل رسمى عن معارضتها لهذا المؤتمر، وقد نقلت القناة العبرية السابعة عن الخارجية الروسية قولها: "يبدو أن الولايات المتحدة تخطط لنقل موارد اقتصادية واسعة النطاق لتنفيذ مشاريع تهدف إلى تحسين حياة الفلسطينيين، ونؤكد من جديد على المبدأ الروسي المتمثل في عدم قبول التخلي عن القانون الدولي في الشرق الأوسط، بما في ذلك القرارات التي اتخذتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن"14.
وفى خطوة اعتبرها العديد من المراقبين رافضة لمؤتمر المنامة، تم عقد لقاءاً ثلاثياً بين ملك الأردن والرئيس الفلسطينى والرئيس العراقي أكدوا فيه على مركزية القضية الفلسطينية، وضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود ما قبل يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية15.
بل ظهر رفض من قبل بعض الساسة الإسرائيليين للمؤتمر، فقد هاجم الوزير الإسرائيلى السابق "يوسي بيلين" المؤتمر، موضحاً أن ترامب لا يفهم الفلسطينيين، بدليل قيامه بالفصل بين السلام الاقتصادي وحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المتعلق بالشق السياسى، مطالباً فى الوقت ذاته "بالتنازل عن لقاء البحرين إلى موعد آخر يتم تحديده، حتى يتم إعلان الخطة السياسية الأمريكية"16.

-اضراب السودان:
أعلنت قوى إعلان الحرية والتغيير السودانية نجاح الإضراب العام الذي دعت إليه بنسبة 90%، وأظهر حجم التفويض الواضح لها من قبل المجتمع، فيما اعتبر المجلس العسكري الانتقالي أنّ هذه القوى لا تمثل الشارع السوداني كله، محذراً من انفجار الوضع في البلاد، فيما أكدت أوساط أخري أن نسبة نجاح الاضراب لا تزيد عن 10 في المائة. وقالت قوى الحرية والتغيير، في مؤتمر صحفي الأربعاء، وهددت قوى التغيير بالاتجاه إلى خيار العصيان المدني إذا لم يستجب المجلس العسكري لمطالبها بنقل السلطة للمدنيين وتشكيل مجلس سيادي لإدارة المرحلة الانتقالية تكون أغلبيته مدنية وكذلك رئاسته، وقالت إنّ الحديث عن إجراء انتخابات مبكرة يعتبر إجهاضاً لمسيرة التفاوض بين قوى التغيير والمجلس العسكري. وتعكس التجاذبات المتبادلة بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري والزيارات التى يقوم بها الطرفين للإمارات ومصر أن الثورة السودانية تمر بمأزق كبير وقد لا يكتب لها النجاح في نهاية المطاف، خاصة وأن هناك حالة من الاستقطاب والرغبة في الهيمنة علي الثورة من قبل قوى الحرية والتغيير التى لا تمثل كل الشعب السوداني، وذلك في مقابل عدم رغبة المجلس العسكري السوداني في تسليم السلطة، ما قد يدخل السودان في نفق مظلم في نهاية المطاف.
 اندفاع المجلس العسكرى السودانى نحو محور الثورات المضادة:
قام رئيس المجلس العسكري السوداني عبد الفتاح البرهان بزيارة إلى مصر، وهى أول زيارة خارجية له منذ توليه منصبه، منطلقاً منها إلى الإمارات، والتي تزامنت مع زيارة قام بها نائبه الأول محمد حمدان دقلو (حميدتي) للسعودية.
وهى الزيارات التى تعكس توجه المجلس العسكري السوداني نحو المحور الذي تقوده السعودية والإمارات ومصر والبحرين في مقابل قطر وتركيا. ويفضل المجلس العسكرى السودانى هذا المحور نظراً لارتباطه بالولايات المتحدة وإدارة ترامب علي وجه الخصوص ما يجعل التواصل معه مهم للغاية في مساعي النظام الجديد مع الإدارة الأمريكية لقبول صيغة مشاركة القوى العسكرية كجزء من النظام الانتقالي، وأيضًا لحل المشكلات السياسية المتعلقة برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والاقتصادية المتعلقة برفع العقوبات17.
وفى زيارته للقاهرة، قام البرهان بتأدية التحية العسكرية للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أثناء زيارة الأول للقاهرة، والتى تعبر عن حقيقة ما يطمح إليه المجلس العسكري في السودان بتكرار السيناريو المصري المتمثل فى ركوب ثورة الجماهير وتقديم التنازلات الشكليّة لها ثم الانقضاض عليها وإعادة النظام القديم مع تغطية إقليمية جديدة يمثّلها حلف ‘الثورة المضادة’ في مصر والإمارات والسعودية والبحرين.
ويظهر إعلان حزب الأمة رفض المشاركة في الإضراب العام الذي أعلنته قوى الحرية والتغيير تأثير الإمارات التي كانت تستضيف زعيم حزب الأمة الصادق المهدي لسنوات خلت قبل الثورة، وهذا يعني أن ‘الثورة المضادة’ انتقلت إلى الخطوة الثانية بعد تأمين المجلس العسكري، وهي شق المعارضة18.
وعلى الجانب الأخر، يرى البعض أن هناك اختلاف بين كلاً من مصر والسعودية حول أياً من اعضاء المجلس العسكرى يجب المراهنة عليه، فعلى الرغم من توافق مصر والسعودية على ضرورة دعم المجلس العسكرى الإنتقالى، وتقليل التواجد الإسلامى داخل الجيش، إلا ان الطرفين يختلفان فى طريقة تحقيق ذلك. حيث تسعى الرياض إلى المراهنة على ميليشيا الدعم السريع بقيادة حميدتى، لأن ذلك سيحقق للسعودية عدة مكاسب منها: التخلص من العناصر الإسلامية المتغلغلة في المؤسسة العسكرية، ومن عناصر القوات المسلحة الذين قد يشكلون حجر عثرة أمام تمدد حميدتي داخل الجيش، كما أن ذلك يضمن للرياض استمرار بقاء القوات السودانية في اليمن، بالإضافة إلى الوقوف إلى جانب السعودية ضد إيران فى ظل التصعيد الأمريكى.
بينما تحفظ السيسي فكرة إضعاف الجيش وسعي محور الرياض وأبو ظبي إلى استبدال ميليشيا «الدعم السريع» بالجيش السوداني، وذلك أثناء لقاء جمعه برئيس آلية الاتحاد الأفريقي، ثامبو أمبيكي، في القاهرة، بحسب ما نقلت مصادر مطلعة، مشيرة إلى أنه وصف القرار بالأخرق، كون أن ذلك سيؤدى إلى اضعاف الجيش السوداني، الذى يعتبر مؤسسة عريقة مهما تغيرت الأيديولوجيات المتحكمة بها، فهي قابلة للإصلاح والتطهير، ولا يمكن مقارنتها بقوى قبلية حديثة التكوين19. وبالتالى فإن القاهرة تخشى من أن يقوم حميدتي بدعم من السعودية والإمارات، بتحركات تؤدى إلى تفتيت الجيش السودانى، خاصة فى ظل ما يتردد عن أن قيادات عسكرية سودانية كثيرة لا تستسيغ فكرة وجوده نائباً لرئيس المجلس العسكري. وأخطر من ذلك، فإن حميدتى شرع في مغازلة قبائل الرشايدة والزبيدية في شرق السودان، وهي قبائل عربية تحظى بدعم كبير، مادياً وعسكرياً من الإمارات، في سبيل تشكيل تكتل عربي قوي في السودان. وكانت "الرشايدة" على وشك قرع طبول الحرب مجدّداً، احتجاجاً على سياسات حكم البشير التي أضرّت بمصالحهم، وعلى ما اعتبروه نقضاً من الحكومة لاتفاق السلام في شرق السودان. بل أقدمت على تأسيس تحالفٍ ضم بعض عناصر البجة من معارضي الاتفاق، وخفت صوت هذا الحراك مع اندلاع الثورة في انتظار مآلاتها20.

– أى سيناريوهات أمام الجزائر بعد انتهاء مهلة الترشيحات لإجراء الإنتخابات الرئاسية؟
شهدت المهلة التى تم تحديدها من أجل إيداع الترشيحات للإنتخابات الرئاسية (المزمع عقدها فى الرابع من يوليو القادم) والمنتهية فى 25 مايو الجاري، حالة من الرفض من قبل شخصيات بارزة للترشح لهذه الإنتخابات مثل رئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس، ورئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري، انضمت إليهم شخصياتٌ أخرى منها رؤساء أحزاب، مثل رئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد ورئيس التحالف الوطني الجمهوري بلقاسم ساحلي والمترشح الحر علي غديري21. كما أعلن كلّ من بلقاسم ساحلي الوزير السابق والأمين العام لحزب «التحالف الوطني الجمهوري»، وكذلك عبد العزيز بلعيد رئيس «جبهة المستقبل» والمرشح السابق في رئاسيات 2014، انسحابهما من السباق، وهما الشخصيتان الوحيدتان اللتان قررتا الترشح في السابق22.
وللتعامل مع هذا المأزق، يطرح المراقبين حلين أساسيين: الحل الأول، الحل الدستورى المتمثل فى تأجيل الإنتخابات، حيث يتم تطبيق المادة 103 من الدستور التي تخول للمجلس الدستوري أن يصدر فتوى قانونية تسمح بتأجيل الانتخابات بحجة عدم استيفاء الشروط القانونية أو غياب المترشحين، ما يعنى تمديد فترة الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح لمدة 60 يوماً أخرى، أو لحين انتخاب رئيس جديد.
2- الحل الثانى، يتمثل فى الحل السياسى، فقد طرحت «منظمة المجاهدين» (قدامى المحاربين في الثورة الجزائرية ضد المستعمر الفرنسي) مبادرة سياسية، تتمثل فى تنظيم ندوة وطنية تجمع الأحزاب والنقابات والشخصيات الوطنية والفاعلين في الحراك، من أجل «تزكية أو انتخاب شخصية وطنية أو هيئة تضم عدة شخصيات تتولى الإشراف على إدارة المرحلة الانتقالية لفترة أقصاها سنة». وتقوم هذه الشخصية أو الهيئة، وفق المنظمة، بـ«الإشراف على تسيير المرحلة الانتقالية من خلال تشكيل لجنة مستقلة تتولى الإشراف على كل مراحل الانتخابات، فضلاً عن مباشرة مراجعة القانون المتعلق بنظام الانتخابات». كما اقترحت المنظمة أن يتولى مسيّرو المرحلة الانتقالية تأليف حكومة تكنوقراطية «لا يحق لها أن تكون لها صلة مباشرة بالعملية الانتخابية»، بل يقتصر دورها على توفير مختلف الإمكانات والوسائل التي يتطلبها إجراء هذه الاستحقاقات23.
ولكن الإشكالية الأساسية فى هذين الحلين تتمثل فى رفض الأحزاب السياسية والفاعلين في الحراك الشعبي دخول انتخابات تحت إشراف رئيس الدولة الحالي عبد القادر بن صالح، والوزير الأول نور الدين بدوي، نظراً إلى اعتبارهما امتداداً لنظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، واتهامهما بالتورط في كلّ عمليات التزوير التي طاولت الانتخابات سابقاً، ما يجعلهما في نظر المعارضة غير مؤهلين للإشراف على انتخابات مصيرية ستحدد مستقبل الجزائر بعد الحراك الشعبي.

– التصعيد بين إيران وأمريكا… لا للمواجهات المباشرة ونعم لحروب الوكالة:
على الرغم من حالة الحشود العسكرية الأمريكية الكبيرة فى منطقة الخليج ضد إيران، المتمثلة فى إرسال تعزيزات عسكرية للخليج من أجل "ردع إيران"، تشمل بطاريات صواريخ باتريوت وطائرات استطلاع و1500 جندي، وإرسال حاملة الطائرات "أبرهام لينكولن" وقاذفات B-52. إلى جانب تشديد العقوبات الإقتصادية التى وصلت إلى تصفير صادرات النفط الإيرانى.
إلا أنه من غير المتوقع أن يدخل الطرفين فى مواجهة عسكرية مباشرة، فهناك أحاديث عن وجود محاولات للتوسط بين الطرفين من قبل بعض الدول مثل عمان وألمانيا واليابان. بل وظهرت مؤخراً تصريحات من قبل ترامب تعكس رغبته فى التوصل إلى التهدئة، فقد أكد ترامب، خلال مؤتمر صحفي في العاصمة اليابانية طوكيو: "أعتقد أن إيران لديها الفرصة في أن تكون دولة عظيمة مع القيادة الحالية نفسها، نحن لا نسعى إلى تغيير النظام، أريد توضيح ذلك، نحن نسعى إلى عدم امتلاك إيران السلاح النووي"24. وهو ما رد عليه الرئيس الإيراني حسن روحاني، بأن بلاده مستعدة للحوار مع الولايات المتحدة، إذا ما أوفت الأخيرة بالتزاماتها ورفعت العقوبات عن طهران بموجب الاتفاق النووي25.
وفى حين تتراجع احتمالات المواجهات المباشرة بين الطرفين، فإن احتمالات المواجهات بالوكالة تتصاعد، وهو ما تمثل فى استهداف ميناء الفجيرة الإماراتي، وتفجير أربع سفن تجارية في الميناء، وهو الهجوم التى تتهم إيران بالوقوف خلفه كما جاء على لسان مستشار الأمن القومى الأمريكى جون بولتون، وبعد هذا الهجوم بوقت قصير جدًا هاجم الحوثيون سفن نفط سعودية تابعة لشركة أرامكو على البحر الأحمر.
كما شنت مليشيات مسلحة قريبة من إيران هجوماً صاروخياً على السفارة الأمريكية في بغداد يوم 19 من مايو 2019، بالتزامن مع وصول السفير الأمريكي الجديد للعراق ماثيو تويلر الذي يعرف في أمريكا على أنه "سفير الحرب".
وعلى الجانب الأمريكي، شرعت الولايات المتحدة الأمريكية هي الأخرى بخيارات الرد غير المباشر، إذ شنت "إسرائيل" هجومًا جويًا على بعض المواقع العسكرية داخل سوريا، وتركزت الهجمات الإسرائيلية على المواقع العسكرية التي تنشط فيها ميليشيات حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني في ريف دمشق، وأبرزها مقر الفرقة الأولى في منطقة الكسوة بريف دمشق التي تضم العديد من المواقع التابعة للحرس الثوري الإيراني، ويذكر أن الطائرات الإسرائيلية شنت مطلع الشهر الحاليّ (مايو) غارات على مواقع تابعة للميليشيات الإيرانية في محيط مدينة حلب.
كما نفذت الولايات المتحدة الأمريكية إجراءات رد أخرى، ومنها التوقيع على اتفاقيات عسكرية مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية والبحرين، تم بموجبها الاتفاق على نشر أعداد كبيرة من القوات الأمريكية في مياه الخليج العربي26. كما قامت بعقد صفقات عسكرية مع كلاً من السعودية والإمارات بقيمة 8.1 مليارات دولار.
-أعلن المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، أنّ بلاده لن تتفاوض مطلقاً مع الولايات المتحدة، مشيراً إلى اتفاق السلطات كافة في البلاد على هذا الأمر. وأضاف المرشد خلال لقاء جمعه بعدد من أساتذة الجامعات في العاصمة طهران، متطرقاً خلاله إلى الحديث عن مسألة التفاوض مع الولايات المتحدة. وأكد خامنئي أن بلاده لا تشكل أية مشكلة بالنسبة للبلدان الأخرى، وفي مقدمتها دول الاتحاد الأوروبي، وأن إيران يمكنها التفاوض معهم، مضيفاً: "والمسألة المهمة في التفاوض هي تحديد الموضوع الذي سيتم التفاوض بشأنه". وأردف: "إذ لا يمكننا أن نتفاوض حول المواضيع كافة، فالمبادئ الأساسية للثورة (الإيرانية) وكذلك القدرة الدفاعية للبلاد أمور لا يمكن التفاوض بشأنها".وأشار إلى أن الأجهزة التنفيذية بإيران وكذلك المؤسسات السياسية والدبلوماسية متفقة جميعاً على عدم التفاوض مع الولايات المتحدة، مشدداً على أن "التفاوض معها أمر لا يوصى به".وأكمل مرشد الثورة الإيرانية: "وكما ذكرنا سابقاً، فإن سبب عدم تفاوضنا مع واشنطن: أولاً أنه لا فائدة من ذلك، وثانياً أن الأمر ستكون له أضرار"، لافتاً إلى أن بلاده إذا استخدمت أساليب الضغط، والمتاح لديها من إمكانات بشكل سليم، فإن ضغوط الولايات المتحدة ستقل، وتتوقف. وقال خامنئي: "عند عدم استخدام أدوات الضغط في وقتها، فإن الولايات المتحدة ستواصل سياساتها القائمة، لأنها تعلم أنها لن تواجه أية أضرار أو خسائر؛ لكن عكس ذلك ستبدأ في اتخاذ خطوات مختلفة". وتعكس تصريحات مرشد الثورة الإيراني وعيه بالاستراتيجيات الأمريكية التى يتبعونها من أجل الوصول إلى أهدافهم، وهو ما يعني أن ترامب لن يتمكن من التوصل إلي الاتفاق الذي يسعى إليه مع إيران، وأن ذلك قد يزيد من التوترات بين البلدين ويوصل الأمور إلي نفق مظلم.
– مقترح أمريكي بشأن سوريا:
بعد تشديد الخناق علي إيران، وكسر إرادة النظام السوري، أعلن الممثّل الأمريكي الخاص لشؤون سوريا جيم جيفري أنّ الولايات المتحدة وروسيا تُجريان محادثات حول "مسار محتمل للمضيّ قدمًا" لحلّ الأزمة السورية وهو ما قد يُنهي عزلة النظام السوري إذا تمت الموافقة على سلسلة خطوات من بينها وقف إطلاق نار في محافظة إدلب.بعد اجتماع مغلق لمجلس الأمن الدولي قال المسؤول الأمريكي للصحفيّين إنّ موسكو وواشنطن "تستكشفان مقاربة تدريجيّة، خطوةً بخطوة لإنهاء النزاع السوري المستمرّ منذ ثمانية أعوام، لكنّ هذا يتطلّب اتّخاذ قرارات صعبة"، وفق تعبيره.وأضاف: "لكنّ هذا سيتطلّب اتّخاذ قرارات صعبة، ليس من جانبنا فحسب، ولكن قرارات صعبة من جانب الروس، وفوق كلّ ذلك قرارات صعبة من جانب النظام السوري". وتعكس تصريحات المسئول الأمريكي رغبة بلاده في تثبيت الوضع الراهن في سورية، وبحيث تبقى مقسمة ما بين روسيا والولايات المتحدة وتركيا، وذلك في مقابل السماح لنظام الأسد بالبقاء، وذلك علي اعتبار انه يحقق لهم وللكيان الصهيوني مصلحة كبيرة باعتباره نظاما ضعيفا وفاقدا للشرعية ولا طاقة له لمنازعة تلك القوى وتهديد مصالحها في المستقبل.

adminu

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022