دراسة: أبعاد الانسحاب التكتيكي الاماراتي من اليمن وانعكاساته على السعودية وصراعها مع ايران والحوثيين

 دراسة: أبعاد الانسحاب التكتيكي الاماراتي من اليمن وانعكاساته على السعودية وصراعها مع ايران والحوثيين

 

ما بين اعادة التمركز واعادة الانتشار في مناطق الجنوب في سقطري وعدن، وما بين  رفع الغطاء عن بعض القوى التي تستهدفها الفصائل الحوثية والمتعاونين معهم، وما بين الهروب من الكلفة السياسية والعسكرية للحرب في اليمن بعد مرور 5 سنوات من الحرب، جاءت خطوة الامارات بسحب بعض قواتها من اليمن، دون تنسيق مع الجانب السعودي، لتضارب المصالح بين الجانبين…

 

 

وفي 28 يونيو الماضي، كشفت وكالة "رويترز" عن سحب الإمارات جزءاً من قواتها في اليمن، بسبب ارتفاع حدة التوتر بمنطقة الخليج بين إيران وأمريكا، ودخول الإمارات على الخط بعد استهداف 4 سفن في مينائها وإسقاط طائرة أمريكية مسيَّرة أقلعت من أراضيها.

وقامت الإمارات بسحب بعض القوات من ميناء عدن الجنوبي ومن الساحل الغربي لليمن، وهما من أكثر المناطق التي توجد بها قوات إماراتية.

 

مواقع استراتيجية

محافظة مأرب، التي تعد آخر المناطق المعلن انسحاب القوات الإماراتية منها، من أهم المناطق الخصبة الصالحة للزراعة باليمن، وتحتل المرتبة الثالثة من بين محافظات البلاد في إنتاج المحاصيل الزراعية بنسبة (7.6%) من إجمالي إنتاج المحاصيل الزراعية بعد محافظتي الحديدة وصنعاء.

 

وفي هذه المدينة أيضاً بعض المعادن، من أهمها الجرانيت، والأسكوريا، والملح الصخري، والجبس، والرخام والتلك، بالإضافة إلى أنها مدينة غنية بالنفط، فضلاً عن أنها مدينة سياحية بها آثار مهمة، ومن أهم معالمها سد مأرب القديم، ومعبد الشمس ومحرم بلقيس، وأهم مدنها صرواح وحريب.

أما مدينة عدن، فهي تعد البوابة الاقتصادية لليمن، وتعرف بأنها العمود الفقري للاقتصاد في البلاد.

 

وتتمتع عدن بموقع استراتيجي منحها أهمية كبرى على مر العصور، وتوجد فيها كبرى مصافي النفط في البلاد.

 

بدوره يتمتع الشريط الساحلي الغربي المطل على البحر الأحمر بأهمية بالغة؛ نظراً إلى اشتماله على موانئ ومنافذ بحرية عدة ابتداء من ميدي وحتى باب المندب، المضيق البحري الذي يمثل أهمية جيواستراتيجية كأهم المنافذ العالمية؛ حيث يمر منه يومياً 3 ملايين برميل نفطي.

ويعرف الساحل الغربي لليمن باسم "تهامة"، ويبلغ طوله نحو 440 كم، ويتوزع في ثلاث محافظات (تعز، والحديدة، وحجة)، وفضلاً عن أنه يشرف على الممر الدولي بباب المندب، وتقع على امتداده عشرات الجزر اليمنية، أربع منها من أهم الجزر، بالإضافة إلى أنه من أهم نقاط الاتصال مع القرن الأفريقي، ويقصده كثير من المهاجرين الأفارقة.

 

أما محافظة الحديدة، التي تقع على بُعد 226 كم، غربي العاصمة صنعاء، فلها أهمية بالغة.

وتعد الحديدة ثاني كبرى المحافظات اليمنية من حيث عدد السكان، إذ يبلغ عدد سكانها نحو ثلاثة ملايين نسمة، وترتبط المحافظة بأكثر من 250 كم مع الساحل، من خلال تسع مديريات متفاوتة في مساحتها، إضافة إلى جزيرة كمران التي تعتبر من أهم جزر البحر الأحمر.

 

تلك المناطق المهمة كان للإمارات نفوذ عسكري فيها، وبانسحابها منها فإنها تؤكد تلقيها خسارة كبيرة.

 

القدرات العسكرية الاماراتية باليمن

 

ووفقاً لورقة بحثية أصدرها مؤخراً مركز "إيماسك" للدراسات، تمتلك الإمارات 3 أنواع من القوات في اليمن: النوع الأول قوامه 1500 جندي وضابط من الجيش الإماراتي يؤدون غالباً مهام تدريبية.

 

أما القوة الثانية فتتشكل من مجندين يمنيين يتلقون التدريب والتمويل والتسليح والأوامر أيضاً من الإمارات، ولا يخضعون لإشراف قيادة الجيش اليمني.

 

والقوة الثالثة تتكوّن من مجندين من المرتزقة الدوليين بعدد تقريبي (1800 مجند/مرتزق) من كولومبيا وبنما وسلفادور وتشيلي وإرتريا، ويتبعون هيكلياً لقوة حرس الرئاسة الإماراتية.

 

وذكرت دورية "إنتليجينس" الاستخباراتية، في يونيو 2018، أن "الإمارات استأجرت ضباطاً أمريكيين سابقين حاربوا في العراق وأفغانستان، لتحسين أداء

قواتها باليمن".

 

تململ شعبي يمني

 

ولعبت المطالبة بطرد دولة الإمارات من التحالف، بسبب استمرارها في دعم المليشيا الانفصالية، ومحاولتها السيطرة على المناطق الجنوبية باليمن،  دورا مهما في القرار الاماراتي…

ومؤخراً أطلق ناشطون في اليمن حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحمل وسم "#طرد_الإمارات_مطلب_شعبي"، لمطالبة رئيس البلاد عبد ربه منصور هادي بتحقيق هذا الأمر.

وسبق أن اعترف وزير الخارجية المستقيل خالد اليماني، مطلع أبريل الماضي، بوجود "خلل" بين بلاده والتحالف بقيادة السعودية، قائلاً إن الحكومة "الشرعية" لم تستطع إقامة شراكة حقيقية مع التحالف في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

وأواخر فبراير الماضي، دعا نائب رئيس الحكومة وزير الداخلية اليمني، أحمد الميسري، إلى "تصويب" العلاقة مع التحالف، وقال إن خللاً يشوبها، مشيراً إلى أن جهات تنازع سلطات وزارته بالتحكم في الملف الأمني بعدن.

 

فضلاً عن هذا، وُجِّهت اتهامات إلى الإمارات بالتسبب في منع عودة الرئيس اليمني إلى بلاده، إضافة إلى محاولتها المستمرة السيطرة على جزيرة سقطرى، والتي فجَّرت أزمة كبيرة بين الحكومة اليمنية وأبوظبي منتصف العام الماضي.

 

وقوبل قرار الامارات بارتياح شعبي باليمن، إذ انه قواتها حالت دون عودة الحياة لطبيعتها في كثير من مدن الجنوب، حيث خلفت قواتها المزيد من القتلى والمصابين، بجانب اطلاق يد قواتها وميليشياتتها العاملة في الجنوب والغرب ،  مثل قوات الحزام الأمني، والنخبة الشبوانية، لتعيث فساد باليمن، بجانب الاغتيالات من خلال مرتزقة أجانب…

 

يشار إلى أنه قتل أكثر من 90 ألف شخص في الحرب اليمنية، وفقاً لموقع بيانات النزاع وموقع النزاع المسلح، حيث أسفرت الضربات الجوية السعودية وحدها عن مقتل نحو 8 آلاف مدني، وهو رقم قياسي أثار مخاوف كبيرة في واشنطن، فضلاً عن تفشي الكوليرا والمجاعة في اليمن.

 

 

تبريرات اماراتية

 

فيما تبرر أوساط اماراتية ما يحدث بأنه هو عملية نقل للصواريخ المضادة للأجسام الطائرة من مأرب إلى عدن وضواحيها، تحسبا لعمليات استهداف حوثية بالطائرات المسيرة المفخخة للمنطقة العسكرية في عدن والمنشآت الحكومية.

إلا أنه وفي مقابل ذلك، وصف الخبير العسكري اليمني علي الذهب  في تصريحات صحفية للجزيرة، ما يحدث بأنه انسحاب شامل من اليمن في الوقت الراهن، بسبب رد الفعل تجاه مطالب مكونات وقوى تنتمي لقوى ثورة الشباب السلمية في 2011 التي تضعها الإمارات في ميزان واحد مع الحوثيين.

مضيفا أن سحب الإمارات أنظمة صواريخ باتريوت وغيرها من الأنظمة الدفاعية والقوات؛ يعد رفعا للغطاء عن تلك القوى السياسية التي يراد لها أن تكون عرضة لضربات الحوثيين.

وتعود خطوة الامارات لرغبتها في تركيز اهتمامها على مناطق معينة تعتقد أنها أهم لها، مثل مناطق الجنوب، وتحديدا المناطق الساحلية وجزيرة سقطرى.

إلا أن خطوات الإمارات تؤكد صعوبة تمرير أجندتها وكلفتها في اليمن، التي قد تدفع مستقبلا إلى الانسحاب الكامل في حال زادت الكلفة السياسية والاقتصادية لبقائها، وهو أمر متوقع بالنظر إلى حالة الفوضى المتفاقمة التي تعيشها اليمن.

 

التوقيت

ويحمل توقيت القرار الإماراتي الكثير من علامات الاستفهام، إلا أن الأوساط الإماراتية تري ارتباط القرار بمدة الحرب، وإن دخول الصراع والحرب السنة الخامسة ستنتج عنه عواقب تتجاوز النتائج على الأرض.

 

كما أن أن الإمارات ترى أن دورها في اليمن يتركز في إبعاد الحوثيين من الجنوب ومواجهة الأنشطة "الإرهابية" لتنظيم القاعدة وغيره هناك، وتدريب قوات محلية للاستمرار في لعب الدورين، وتم إبعاد الحوثيين قبل نهاية 2017، ويبدو أن الإمارات "تأكدت" حاليا من أن القوات المحلية أصبحت مؤهلة للقيام بدورها مع حاجتها للمساعدة في مكافحة "الإرهاب".

 

إلا أن عسكريين أميركيين يتمتعون بخبرة على الأرض في اليمن يشكون في قدرات هذه القوات المحلية، رغم تدريب الإمارات لها، وأن تركيز التدريب الإماراتي انصب على قوات انفصالية خارج سيطرة الحكومة الشرعية للرئيس هادي، وهو وضع سيؤدي إلى صراع مستقبلي في الجنوب.      

 

 

الدوافع

وبحسب مراقبين عسكريين، يعد الانسحاب الاماراتي، بمثابة إعادة التقاسم المبكر لمكاسب الحرب، وتوزيع مناطق النفوذ في اليمن، خاصة بعد أن بدت الفجوة واضحة في الخطاب الإعلامي غير الرسمي بين السعودية والإمارات.

كما تستهدف الامارات عزل مدينة مأرب وتركها في مواجهة الحوثيين منفردة ومكشوفة، وربما هنالك ترتيب لعمل انقلابي أو تخريبي يفضي إلى واقع يرضي الإمارات وحلفاءها في حزب المؤتمر والمجلس الانتقالي التابع لهما..

وهو ما بدأ بالفعل، حيث قام الحوثيون، بعد ساعات من انسحاب القوات الإماراتية ، بقصف منزل محافظ مأرب…

 

ومن ضمن الدوافع، أيضا، استهدفت الإمارات خلال الفترات الأخيرة "شيطنة" بعض الأطراف اليمنية، والعمل في مسار منفصل عن توجهات السعودية، التي من الواضح أنه بات بينهما صراع خفي سببه تقاسم المصالح والنفوذ باليمن.

بينما أكدت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية أن الإمارات تسعى من وراء هذه الانسحابات للهروب من مستنقع حرب اليمن…

وخسرت الإمارات في تدخلاتها العسكرية خارج حدودها، منذ عام 2015 وحتى يونيو 2018، قرابة 111 فرداً من قواتها العسكرية، أغلبهم في اليمن، فضلاً عن الخسائر المالية.

 

وكانت أكبر ضربة تلقتها الإمارات، بمقتل 48 في هجوم واحد بمأرب (45 قُتلوا في يوم الهجوم نفسه 4 سبتمبر 2015، و3 توفوا في أكتوبر متأثرين بجراحهم).

 

بالإضافة إلى هذا، يهدد الحوثيون مراراً باستهداف العمق الإماراتي؛ حيث بث الحوثيون، في مايو 2019، مقطع فيديو قالوا إنه يرصد استهدافهم منشآت في مطار أبوظبي الدولي عام 2018 بطائرة مسيَّرة، في حين نفت الإمارات تعرض المطار لأي هجوم، وقالت إن الحادث تسببت فيه مركبة إمدادات.

وفي السياق نفسه، كشفت صحيفة الايكومنست، مؤخرا أن امارة دبي لا ترضى على استمرار الحرب في اليمن  وتكلفتها المالية الباهظة، بجانب الضغوط البريطانية المتصاعدة على الامارات ، بجانب تهديدات ايرانية متصاعدة ضد الامارات في حال استمرار العمل العسكري الاماراتي في اليمن، وأن السفن ومؤسسات النفط الاماراتية ستكون هدفا للصواريخ الايرانية…وسبق أن استهدفت ايران مطار أبوظبي بطائرات مسيرة، بجانب استهداف مجهول الجهة حتى الان، استهدف مواني وسفن نفطية في مياة الامارات الاقليمية الشهر الماضي، مثل رسالة ضغط غير مباشرة من قبل ايران..

 

ومن دوافع الانسحاب الإماراتي كذلك، ما تخشاه أبوظبي من أن تكون هي بين أول أهداف الرد الإيراني إذا أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتنفيذ ضربة عسكرية على إيران.

بينما قال أستاذ العلوم السياسية الإماراتي، المستشار السابق لولي عهد أبو ظبي عبد الخالق عبد الله، إن جملة من الأسباب تقف خلف قرار بلاده خفض تواجدها العسكري في اليمن.

عبد الله أوضح في تغريدة له على "تويتر"، أن ذلك يعود لاستمرار الهدنة في مدينة الحديدة (غرب) التي توصل إليها اتفاق السويد نهاية العام الماضي، فضلا عن التحسن الملحوظ في كفاءة وجاهزية القوات الحكومية.

أضاف عبد الله أن من بين الأسباب أيضا، تراجع حدة المواجهات والعمليات العسكرية منذ بدء العام الجاري، "ما دفع الإمارات لخفض قواتها بعد أن أدت مهامها على أكمل وجه، كما أنه يمكنها العودة في أي وقت".

 

 

التداعيات

الانسحاب الاماراتي سينعكس سلبا ويتسبب في حدوث فراغ كبير، خاصة إذا لم يتم استبدال منظومة باتريوت الدفاعية.

وكانت الإمارات سحبت مؤخرا هذه الصواريخ بعد أن كانت استقدمتها في سبتمبر 2015 عندما قُتل عشرات الجنود التابعين للتحالف السعودي الإماراتي إثر هجوم صاروخي على موقع انتشارهم في المدينة.

 

نتائج القرار

وفي تقدير استراتيجي لمعهد واشنطن للدراسات، وصف الانسحاب الإماراتي من اليمن بأنه نقلة إستراتيجية ربما تؤدي إلى عزل السعودية هناك، مرجحا أن يكون إقرارا من أبو ظبي بأنها لم تعد قادرة على تحمل مأزقها السياسي والعسكري والمالي باليمن

 

وكتبت الباحثة في برنامج "بيرنشتاين للسياسة الخليجية والطاقة" بالمعهد إلانا ديلوزييه بموقع المعهد؛ أنه من المؤكد أن يؤدي قرار الإمارات إلى توتر مع السعودية، التي يجب عليها الآن مراجعة نهجها إزاء الحرب في اليمن؛ ففي السابق صبرت الإمارات على مشقة مشاركتها في الحرب، واستمرت في الحفاظ على جبهة موحدة مع السعودية، لكن يبدو أن ذلك قد تغير لدى الإمارات لسبب أو لآخر، الأمر الذي يهدد بالتباعد بين البلدين، وخلق المزيد من التوتر بينهما في وقت عالي الحساسية بمنطقة الخليج.

لافتة إلى أن التباعد بين البلدين مقلق، لكنه ليس مفاجئا أو غير متوقع؛ فرغم أن السعودية والإمارات حافظتا على صورة خارجية مشتركة، فإنه لا يوجد -عموما- تنسيق بين قواتهما في اليمن يجعلهما تعملان جنبا إلى جنب، بل قامت قوات البلدين بتقسيم المسؤوليات بينهما.

وعموما، ظلت القوات السعودية تعمل في الشمال، في حين تعمل القوات الإماراتية في الجنوب، وعندما تدخل واحدة منهما منطقة الثانية تغادر قوات الدولة الأخرى المنطقة.

وعلى سبيل المثال، عندما بدأت الإمارات إدارة العمليات في الحديدة، تقلص الوجود السعودي هناك إلى وجود رمزي؛ وعندما دخلت القوات السعودية المهرة، غادرها الإماراتيون. وحتى وجود ضباط اتصال لأحد الأطراف لدى الطرف الآخر يبدو في كثير من الأحيان -كما تقول الكاتبة- مجرد وجود رمزي.

وتضيف ديلوزييه أن تحاشي تواجد قوات كل بلد مع قوات البلد الآخر يبدو كأنه مقصود، الأمر الذي يثير التساؤل حول آراء الجانب الإماراتي بشأن كفاءة القوات السعودية.

وتمضي الكاتبة في توضيح التباين بين السعودية والإمارات إلى القول إنه وحتى في الوقت الذي تتفق فيه رؤية الجانبين حول التهديدات الإقليمية، فإنهما يرتبان أولويات هذه التهديدات بشكل مختلف، بما في ذلك اليمن.

وعلى سبيل المثال، تركز الإمارات على مواجهة الإخوان المسلمين أكثر من السعودية، وتبدو أقل قلقا من تمكين الانفصاليين اليمنيين في جنوب البلاد. بالإضافة إلى أن البلدين اختلفا في تعاملهما مع التهديد الإيراني خارج اليمن، إذ نجد أن الرياض تحمّل إيران بشكل مباشر مسؤولية الهجمات الأخيرة على السفن في الفجيرة، في حين لم تجرؤ الإمارات على اتهام إيران مباشرة.

 

وخلصت الكاتبة إلى أنه إذا بدأ الوجه المشترك للبلدين يتلاشى، فإن خلافاتهما الموجودة منذ وقت طويل ستتفاقم.

 

انعكاسات الانسحاب على اليمن والسعودية

 

وعلى الصعيد اليمني، وأفق الأزمة الياسية فإن الانسحاب الإماراتي قد يطلق عملية سياسية، لحل الأزمة اليمنية، خاصة مع تكثيف الكونغرس الأميركي ضغوطه في هذا الاتجاه، والآن مع الانسحاب الإماراتي، والقصور العسكري السعودي؛ يبدو أنه لا حل إلا خيار واحد، وهو الحل السياسي.

فالسعوديون لا يمكنهم زعم نجاح كبير في تحقيق أهدافهم العسكرية مع استمرار التهديد الدائم لأراضيهم من قبل الحوثيين، ومع فشلهم في استعادة العاصمة صنعاء لتكون تحت سيطرة حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليا. أما رغبة الإمارات في الاستمرار بدعم الغارات السعودية والعمليات العسكرية السعودية الأخرى شمال اليمن فليست واضحة، حسب تقديرات معهد واشنطن للسياسات..

وتفرض التطورات الميدانية عقب الانسحاب الاماراتي، على  السعوديين التفكير السريع، لأنهم إذا لم يسعوا لحل سياسي بمبادرات نشطة، فسيتركون وحدهم في حرب لا يستطيعون الانتصار فيها.

فالانسحاب الإماراتي وسط الغارات السعودية المستمرة ربما يكون أسوأ خيار، نظرا إلى أن الحوثيين سيرونه فرصة لاختبار قدرات القوات اليمنية في الجنوب. وفي المقابل، فإن انسحابا سعوديا-إماراتيا مشتركا من الممكن أن يوفر إمكانية لمحادثات ثنائية سعودية-حوثية لوقف التصعيد، ربما بإزالة السبب الكامن وراء الهجمات ضد الأراضي السعودية على المدى الطويل، بغض النظر عن استمرار إيران في حثها لهم على الاستمرار في هذه الهجمات.

وهو ما أكده الكاتب والمحلل السياسي البريطاني بيل لاو، في مقال نشره موقع "ميدل إيست آي"- مشيرا إلى أن تغير نظرة السعودية والإمارات لحربهما في اليمن، قائلا إن قرار ولي عهد الإمارات محمد بن زايد سحب قواته قد يمثل البداية التي يحتاج إليها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

 

 

وبحسب سياسيين، فإن دورا كبيرا لواشنطن في هذه المرحلة، لدفع الرياض إلى التفكير في بدء محادثات مباشرة مع الحوثيين، مماثلة لتلك التي تمت في 2016، والعثور على طرق لجعل هذه المحادثات مقبولة لدى حكومة هادي، وتشجيع العملية الأممية، ورعاية محادثات مباشرة بين هادي والحوثيين بهدف التوصل لحل لليمن بأكمله، وليس للحديدة وحدها.

وعلى عكس التقديرات  القائمة حول الانسحاب الاماراتي، تظل تكهنات

حول رغبة اماراتية بتوجيهات بريطانية، بادارة اليمن بالوكالة عبر جيوش موازية للجيش اليمني، عبر مليشياتها التي دربتها، بعيدا عن السعودية وعن الحكومة الشرعية باليمن…

 

 

مآلات مستقبلية

 

فيما يكتنف المستقبل باليمن الكثير من التكهنات، والانقسامات، بحسب المتخصص في الشؤون اليمنية مع مجموعة الأزمات الدولية بيتر ساليسبري، بقوله إن من المؤكد أن الخطوة الإماراتية ستضيف تعقيدا جديدا وتكشف للعلن بعض الانقسامات بين بعض المجموعات المناوئة للحوثيين..

adminu

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022