هل يمكن لمظاهرات شعبية ان تسقط نظام عسكري مذهبي ؟

 احتجاجات إيران ..

هل يمكن لمظاهرات شعبية ان تسقط نظام عسكري مذهبي ؟

 

بدت مظاهرات إيران وكأنها تستنسخ أحداث الربيع العربي ، وخاصة الثورة المصرية التي بدأت أيضا بمطالب اقتصادية وحقوقية ، فرغم أنها بدأت احتجاجا علي رفع أسعار الوقود، فقد تحولت لهتافات ضد الملالين والمرشد العام للثورة لأول مرة، ودعوات لإسقاط الحكم .

وعلى الطريقة المصرية، نجح النظام العسكري المذهبي في إيران في اجهاض المظاهرات مبكرا، وأنطفأ الربيع الإيراني ، عبر القمع الأمني وقتل حوالي 14 متظاهرا واعتقال المئات، وادعاء أن "طرف ثالث "  يقتل المتظاهرين، ليتكرر نفس سيناريو 2009 حين نجح النظام في استيعاب موجة قوية من الربيع الإيراني حينئذ سمي  " الحراك الأخضر "  احتجاجا على خسارة مير حسين مسوي انتخابات الرئاسة.

ولكن تجربة المظاهرات الشعبية الإيرانية الثانية التي يبدو أنها أجهضت وظهر تبدلا منها مظاهرات تساند النظام تثير عدة تساؤلات بشأن هل يمكن للمظاهرات وحدها أن تسقط نظاما عسكريا وخاصة لو كان مذهبيا له حرسه الخاصمث لإيران؟

هل يمكن أن تنجح المظاهرات وحدها دون قوة رديفة سواء كانت داخل النظام أو خارجه في اسقاط النظام؟

ولماذا تفشل مظاهرات قوية مثل التي وقعت في مصر، ولاتزال ، عقب انقلاب 3 يوليه 2013، وقتل فيها برصاص الجيش والشرطة قرابة الفي مصري على الأقل، في إسقاط النظام العسكري؟

وهل صحيح أن إسقاط أي نظام عسكري غاشم لايمكن إلا بانحياز جزء من منظومة القوة لصالح الشارع، أي جزء من الجيش أو القوي الأمنية الأخرى الموازية ؟ وإذا حدث فهو يحدث في الانظمة الشمولية ( سوريا والعراق وليبيا )  وينتهي غالبا بحرب أهلية وانقسام ؟

وهل صحيح أنه ذا البطش الذي يحدث في الأنظمة العسكرية الغاشمة بالمعارضين واي مظاهرات سلمية احتجاجية يمكن أن ينتهي مع هذا الي حرب أهلية  أيضا لو استمرت هذه الاحتجاجات الي ما لانهاية، لأن هذا قد يدفع " قوي إصلاحية "  للاكتفاء من ازهاق الأرواح والبحث عن الاستقرار بعزل القيادات العسكرية وتغييرها ومحاولة تنفيس الطنجرة المحكمة الغلق قبل الانفجار التام؟

ونشير هنا لتوقع الخبير العسكري والباحث المتخصص في العسكرية المصرية، والأكاديمي الامريكي  "روبرت سبرنجبورج "، في أحدث دراسة حول مستقبل مصر في ظل سيطرة السيسي والعسكر أن السيسي سيصل  إلى  خراب  وتفكيك البلاد ويحول مصر الي طريق سوريا ليبيا اليمن .

وحديثه عن 3 سيناريوهات محتملة ، لم يمكن ان تصل اليه مصر علي ايدي السيسي والحكم العسكري، اخطرها انهيار الدولة وتفككها، ما لم ينجح سيناريو استبعاد الجيش للسيسي ،واتخاذ الرئيس الجديد إجراءات ليبرالية ويفتح حوار ات مع كل القوي بما فيها الاسلاميون ، أو أن يصالح السيسي نفسه مع الاسلاميين في نهاية المطاف.

التجربةالايرانية .. لماذافشلت؟

هناك خصوصية للتجربة الإيرانية وفشل المظاهرات التي هتفت لإسقاط النظام مرتين عامي 2009 و2017 ،تتمثل في المذهبية الشيعية التي قام عليها النظام، وتأسيسه حراس الثورة لحمايته، والانفاق ببذخ عليهم، وتجذير عقيدة النظام، واستثمار أي نقد خارجي، وخصوصا الأمريكي في اقناع الإيرانيين أن المظاهرات أو الثورة ضد القيادة الإيرانية "عميله لأمريكا وخائنه".

ووظفت وسائل اعلام النظام الدعم السعودي والامريكي للمظاهرات على أفضل نحو لوسم المتظاهرين بالخيانة والتبعية لأمريكا، وخاصة قول وزير الخارجية  "تيلرسون" خلال شهادة للكونغرس في 14 يونيو 2017 بأنه "يدعم عناصر داخل إيران من شأنها أن تؤدي إلى انتقال سلمي للحكومة وهذه العناصر موجودة بالتأكيد، كما نعلم".

وقالالمسؤولونالإيرانيونإنهذهالاحتجاجاتنجمتعنتحريضخارجيوسخرتمندعمالرئيسالأمريكيدونالدترامبللمحتجين،مادعاكتابأمريكيينللقول: "إذاأردتأنتفشلثورةشعبيةفيالشرقاجعلالولاياتالمتحدةتعلنتأييدهالها".

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز "  أن  " أفضل دعم يقدمه ترامب لثورة الشعب الإيراني أن يلزم الصمت  "،بيد أن ترامب استمر في دعمه للتظاهرات علنا في إيران ما اتي بنتائج عكسية.

وتفجرت المظاهرات المناوئة للحكومة يوم 28 ديسمبر 2017 في مدينة مشهد المقدسة لدى الشيعة بعد إعلان الحكومة خطط الرفع أسعار الوقود وخفض أموال تقدم شهريا لمحدودي الدخل، وامتدت القلق لإلى أكثرمن 80 مدينة وبلدة في الريف وشارك فيها آلاف من الشبان والطبقة العاملة الغاضبين من فساد المسؤولين والبطالة والفجوة الآخذة في الاتساع بين الفقراء والأغنياء.

ونقل التلفزيون الرسمي عن وزيرالداخلية عبدالرضا رحم ان يفضل يقوله إن نحو 42 ألفا هم من شاركوا في الاضطراب ات في أنحاء البلاد ،كما ايد مطالبة المتظاهرين الرئيس الإيراني نفسه ليلتف حولها، والغت الحكومة خططها لخفض الدعم الذي تقدمه لمحدودي الدخل ولرفع أسعار الوقود بهدف تهدئة التوتر ووقف المظاهرات.

مكاسب المظاهرات

ولا يعني توقف المظاهرات أن الثورة فشلت رغم هذا، اذ ان مكامن الغضب الشعبي لاتزال موجودة ،فهناك مكاسب تحققت من المظاهرات منها:

1-      اجبار النظام على التراجع عن الخطوات الاقتصادية التي كانت شرارة الخروج للشارع.

2-      عجز النظام لعدة أيام عن رد عالتحرك الشعبي رغم خروجه بكافة أدواتها لقمعية لقمع المظاهرات واعتقال المئات وإطلاق الرصاص وقتل 14.

3-      ان تزاع غلالة الشرعية عن النظام بل والثورة الإيرانية بعدما هتف المتظاهرون لأول مرة ضد قائد الثورة الإيرانية وهاجموا حراس الثورة ، وبعض المراكز الحكومية.

4-      لفت الأنظار للتورط الإيراني في سوريا بشعار: "اترك سوريا وفكر فينا "، وكشف حجم الانفاق المالي الضخم في سوريا ومغامرات إيران الخارجية على حساب الشعب نفسه ، فقد وصل التضخم إلى 12%  وتصل نسبة البطالة بين الشباب إلى حوالي 40%، وهناك أكثر من 3 مليون إيراني بلا عمل ،وارتفعت مؤخرا ًأسعار بعض السلع الغذائية الأساسية ،كالدجاج والبيض لأكثر من نصف الثمن رغم وعد الرئيس حسن روحاني بأن اتفاق 2015 النووي سيساعد في إيجاد وظائف وتحسين معاييرعيش الناس.

كيف تنجح الثورات الشعبية ؟

لأن الأنظمة الديكتاتورية تتعلم من أخطاء بعضها وتزيد من قوة بطشها للشعب حال خروج مظاهرات ضدها ، تواجه الثورات الشعبية التي تبدأ بمظاهرات صاخبة تعقبها هجمات على المصالح الحكومية ثم فرض سقف ومطالب أعلي للثورة، تواجه تحدي ات متزايدة .

ولأنه لا توجد أجندات لثورات نجحت في الزمن الحديث واستمرت سوي الثورة المصرية والتونسية، وقبلهما بسنوات الثورة الإيرانية سنحاول هنا أن نرصد بعض الأمور التي تجيب على سؤالنا :

1-               رغم التضحيات التي بذلها المصريون والتونسيون والايرانيون وحتى دول الربيع العربي الأخرى مثل ليبيا واليمن وسوريا، فلم تنجح الثورات بشكل كامل ويتنحى الدكتاتور الحاكم إلا حين ان حاز الجيش بكامله للثورة ورفع يده عن الحاكم، سواء للحفاظ على مكاسبه والتخطيط لاحقا للعودة عبر ثورات مضادة، أوعبر دعم أجنبي بل وتدخل عسكري خارجي كما في حالتي ليبيا وسوريا تحديدا.

2- إرادة الجماهير واستمرار المقاومة وشلال الدم في الثورات يخلق ضغطا مستمرا على الجيوش والجهات الحاكمة ويؤدي لتوقف شئون الدولة وشللها ما يضطر القادة العسكريون للقبول بتسويات وسطية أوكبيرة بحسب قوة الجماهير بما يؤدي في النهاية لإعلان النهاية بفوز الثورة ، وهو ما حدث في مصر بعد 18 يوما تظاهر وقتل واستغرق أكثر من ذلك في دول اخري.

3-      حتى الثورة الإيرانية التي يضرب بها المثل ضد نظام ملكي امبراطوري كان من الصعب تصور خلعه ،لم تنجح كليا الا حينب دأ الجنود والضباط ينحازون للثوار الذين كانوا يحاولون استمالتهم بوضع الورود على فوهات بنادقهم ، وتخلخل القيادة الأمنية بعد ان ضم امرج الشرطة للثوار ،فضلا عن العقدية الدينية التي تمسك بها غالبية الثوار من الملالي وعد متمسكهم بحياتهم في مواجهة البنادق.

4-      لا تنجح الثورات إلا حين تضطر القوي الخارجية التي لها مصالح في هذه الدولة لتقديم تنازلات أو الوقوف علي الحياد من أحداث الثورة انتظار المعرفة الفائز كي تضمن حدا أدني من عدم ضياع مصالحها في هذه الدولة والمنطقة، وهو ما فعلته أمريكا في الحالة المصرية تحديدا ،وجاء نكوصها علي أعقابها ودعمها انقلاب 3 يوليو الثورة المضادة للدولة العميقة بعد دعمها ثورة يناير ليؤكد ذلك، وأن المصالح تتقدم علي أي مبادئ لدي الغرب، لهذا يجب أن يشعر الغرب بتضرر مصالحه حال استمرار دعمهل لديكتاتوريات وأن الثورات الديمقراطية هي التي تحفظ مصالح متكافئة لهم عالدول الحرة .

 

adminu

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022