اليات التدخل الروسي فى الشرق الاوسط ( ترجمة )

 

آليات التدخل الروسي في الشرق الأوسط (ترجمة)
الاستراتيجية الروسية نحو إثبات وجود وحضور أقوى في منطقة الشرق الأوسط، تحديدًا في الخليج، وذلك يتضح من سياسة بوتين الخارجية حيث أنه يعتمد بشكل كلى على علاقة التأثير والتأثر بين التمويل والسياسة.
وتحرص روسيا علي وصف الغرب على أنه غير أخلاقي وفاسد، فضلًا عن اختلافهم عن الأنماط الغربية للديمقراطية، ويري بعض القادة العرب الذين يرون أن نهج روسيا صحيح لأنهم يعتقدون أن الحوكمة القوية ليست مطلوبة في الشرق الأوسط اليوم. وبالتالي، فإن الرؤية الأخلاقية لروسيا التي تنطوي على "السيادة الروحية"، من خلال تكوين ثروة وطنية عظيمة من المعادن والطاقة الاستراتيجية، بالإضافة إلى علاقة موسكو مع الصين تتماشي مع طموحات الشرق الأوسط.
ويعمل الاتحاد الروسي على بناء علاقات مالية قوية مع الدول العربية الرئيسية، والبحث عن فرص استثمار أخرى في المستقبل. وهدف روسيا هو البناء على حسن نية دول الخليج في مختلف قطاعات الأعمال، وبالتالي بناء ميزة جيوسياسية تثير التعاون العربي، وتُتيح لروسيا الدخول في مناطق أخرى من الشرق الأوسط كشريك استراتيجي.
إن تطوير "ممر بين الشمال والجنوب" يستند إلى التمويل والسياسة، الذي بدأه بوتين في عام 2007 ومنذ نشأته، يلعب دورا هاما في ربط المنطقتين. ويمثل الممر بين الشمال والجنوب حقيقة استراتيجية تسمح لعلاقات روسيا مع الدول العربية بأن تكون نقطة انطلاق للمبادرات الاقتصادية الروسية في أفريقيا وجنوب العالم.
وعلى الرغم من المخاوف الاقتصادية المحلية لروسيا، يبدو أن التكتيكات المالية للكرملين الموجهة إلى الشرق الأوسط قائمة على أسس جيدة.
منذ عام 2007 وروسيا تستخدم تكنيكات تتعلق بالتمويل من أجل تحقيق أهدافها الاستراتيجية في الشرق الأوسط، تلك القوة الناعمة التى اعتمد عليها بوتين منذ أن تولى حكم روسيا بطرق عديدة جديدة ومبتكرة وبدون توقف.
هذه التعاملات أو العلاقات التى تدار بين روسيا والشرق الأوسط قد تكون رسمية أو غير رسمية، هى معاملات عامة لكن هناك معاملات تدار في مساحات رمادية بين ما هو رسمى وغير رسمى، تلك المساحات الرمادية لا يتضح ظاهريًا أنها تعتمد على النقود فهى معقدة على عكس ما يصدرها المحللين السياسيين بسلاسة.
تعتبر الدول الشرق أوسطية في نظر الروس سوق خصب للشركات التابعة للحكومة الروسية والخاصة. 
تستطيع الشركات الصناعية العملاقة الروسية التنافس على مناقصات المشاريع بأسعار معقولة ضد منافسين آخرين على الرغم من الأداء الاقتصادي المتدهور لروسيا والعقوبات الغربية القوية على موسكو التي قد تعمل أو لا تعمل.
منذ عام 2007، اتبعت روسيا عدة تكتيكات هي:
خلق ممر اقتصادي شمالي جنوبي قائم على تاريخ روسيا وثقافتها لتأسيس مكانة جيدة في الشرق الأوسط.
تكثيف التواصل بأدوات ناعمة كالمعارض الترويجية بجانب الأعمال الربحية الأخرى.
توقيع اتفاقيات التمويل "الروسية-العربية"، وخاصة بين صناديق الثروة السيادية وغيرها من الجهات الاستثمارية المملوكة للحكومة الخليجية.
طباعة العملات للتوزيع في مناطق الحروب بالشرق الأوسط.
القدرة على إستخدام التمويل كتكتيك هو شئ جديد على الحكومة الروسية تحديدًا فيما يتعلق بالأنشطة التى تدار في دول الخليج العربي.
إن الهدف الأساسي لروسيا هو بناء علاقات أكبر بين الشرق الأوسط وروسيا وتكون روسيا هي المهيمنة في هذه العلاقة. على الرغم من تاريخ بعض الصفقات السيئة خلال الأزمة المالية العالمية. وترى روسيا فائدة ربطها التعاقدي مع الصناديق العربية حيث أن ((Vnesheconombank (VEB,)) يخضع للعقوبات الأمريكية منذ عام 2015. وتقوّض التكتيكات المالية الروسية في الشرق الأوسط السياسة الخارجية الأمريكية، من خلال التلاعب بالاقتصادات المحلية بهدف كسب قلوب وعقول الموظفين المدنيين والجنود وموظفي الدولة في الأراضي العربية التي تدعمها موسكو.
وبالتالي، يمكن الاستقرار على أن جزء كبير من سياسة بوتين الخارجية تجاه الشرق الأوسط يتمثل في رغبة بوتين في الحضور القوى هناك من خلال حسن توظيف المال في السياسة للهيمنة على الجغرافيا السياسية.
 
يري الكريملن أن دور روسيا التاريخي في الشرق الأوسط يؤتي ثماره الآن حيث استخدام روسيا لبعض الأدوات التى تساعد دول الشرق الأوسط على أن تدور في فلك روسيا.
يثير التعاون المالي المتزايد والترابط بين روسيا ودول الشرق الأوسط العربية عددًا من الأسئلة المثيرة للقلق. إلى أي مدى تسمح دول شبه الجزيرة العربية بتمكين الأهداف الأجنبية الروسية؟ وما هو تأثير التكتيكات المالية الروسية على مصالح الحلفاء الأمريكيين في الشرق الأوسط؟ كيف تؤثر هذه الأنشطة على العلاقة مع الولايات المتحدة؟ كيف تتفاعل البُلدان الأسيوية، وبالتحديد صناديقها الإجتماعية، مع صناديق الرعاية الأجتماعية العربية التي تتعامل مع موسكو؟ 
وتُعتبر قدرة روسيا على استخدام التمويل كتكتيك شيئًا جديدًا على الكرملين، مع معظم النشاط المالي الذي حدث في دول الخليج ا
 
 
لعربي. والهدف هو بناء علاقات أكبر بين المنطقتين، الدول العربية التي هي منفتحة على التكتيكات المالية الروسية وتتأقلم معها، تمكن موسكو من تعزيز نفسها في شؤون الشرق الأوسط.
وعمومًا، فإن التكتيكات المالية الروسية في الشرق الأوسط تُقلل من إمكانيات السياسة الخارجية الأمريكية وتسهم في بيئة مالية غير صحية للولايات المتحدة من خلال التلاعب بالإقتصادات المحلية من أجل كسب قلوب وعقول المدنيين وأيضًا موظفي الخدمة المدنية والجنود والعاملين في الدول التي تدعمها موسكو في المنطقة.
إن استخدام روسيا لسياسة التمويل لبناء وجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتحديدًا الخليج، هو جزء هام من سياسة بوتين الخارجية، وستكون الولايات المتحدة حكيمة لتتبع هذه التطورات وتقييم آثارها على استراتيجية واشنطن الأمن الخارجي.
الخلاصة:
بعد عرض هذه الورقة نخلص إلي أننا بصدد حرب باردة جديدة بين نفس الكتلتين، بين معسكر شرقي وأخر غربي وبدأت بالفعل عمليات التعبئة والاستقطاب من قبل المعسكر الشرقي بسياسات واقعية تمس وتتلاقي مع طموحات الشرق الأوسط فالواقع الحالي المالي والمادي في بلدان الشرق الأوسط يتلائم مع سياسات روسيا التمويلية تجاههم فضلًا عن التصور الفكرى عن الغرب والديمقراطية وما هو أخلاقي وما هو غير أخلاقي.
أعتقد أن روسيا تعلمت من هزيمتها في الحرب الباردة الأولى وبدأت تتكيف مع العالم الجديد بقيادة الولايات المتحدة الذي جعل من بلدان شيوعية تتحالف مع شركات رأسمالية من أجل واقع فرض نفسه، فعلى الرغم من أن ذلك انتصار نظرى للأيديولوجية الرأسمالية إلا أن الانتصار الفعلى سيكون على أرض الواقع بنجاح قطب بعينة على الاستقطاب الجيد وخلف خريطة تحالفات جديدة الأمر التى تعمل روسيا عليه الآن بخطى ثابتة.

adminu

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022