المال الخليجي وسيناء أداة لمعالجة قضايا المنطقة من أجل إتمام صفقة القرن

 المال الخليجي وسيناء أداة لمعالجة قضايا المنطقة من أجل إتمام صفقة القرن

يزور غاريد كوشنر (مستشار البيت الأبيض، وزوج ابنة الرئيس دونالد ترمب، ومبعوثه الشخصي بمنطقة الشرق الأوسط) بصحبة جيسون غرينبلات (المندوب الأمريكي للمنطقة) القاهرة للقاء السيسي. فبعد فترة من التوقف علي وقع الأحداث والتطورات التي تشهدها الأراضي الفلسطينية، قاما المَبعوثان الأمريكيّانبجَولةٍ شرق أوسطيّةٍ تَشمَل خَمس دُوَل هي مِصر والمملكة العربيّة السعوديّة ودولة الاحتلال الإسرائيلي والأُردن وقطر، للتَّرويج لصَفقة القرن، والحُصول على مُوافقاتٍ من الدُّوَل المَذكورة، على هَيكَلِها الرئيسي ومَحطَّاتِها الرئيسيّة. ومن المُتوقَّع أن تلعب الجولة دورًا كبيرًا في تَمرير هذه الصَّفقة التي سَيكون عُنوانها الأبرَز “تسمين” قِطاع غزّة، وتحسين الظُّروف المعيشيّة لمِليونين من سُكَّانِه، وإقامة ميناء بحريّ ومطار جويّ في مِنطَقة رفح المِصريّة المُحاذِية له، إلى جانب محطّة كهرباء عِملاقة، وأُخرى لتَحلِية المِياه، وذلك تمهيدا لإعطاء إدارة قطاع غزة للقاهرة والضفة الغربية إلي الأردن، ومن ثم القضاء نهائيا علي حق العودة وعل حق الشعب الفلسطيني في مدينة القدس، وقد تكون الأزمة التي شهدها الأردن مؤخرا، والحصار المفروض عل قطاع غزة جزءاً من تلك الخطة التي يراد من ورائها تركيع الجميع وكسر إرادتهم حتى يسهل علي الصهاينة تنفيذ مخططاتهم الخبيثة بالتعاون مع الأمريكان.

وأكد العديد من المحللين أن جولة كوشنر فى المنطقة تشير إلى اقتراب الإعلان عن صفقة القرن، وأنه يتم الأن وضع الرتوش الأخيرة لها. وتقوم الصفقة على إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح تشمل قطاع غزة وأجزاءً من سيناء المصرية على أن توفر الدول المانحة (الدول الخليجية) 10 مليارات دولار للبنية التحية للدولة الجديدة، على أن يتم الإعتراف بيهودية إسرائيل وكذلك الاعتراف بالقدس عاصمة لها والغاء حق العودة.

وتشكل حركات المقاومة العقبة الاساسية أمام تلك الصفقة كما أن السلطة الفلسطينية ما تزال مترددة في الانسياق وراء المشروع ولكنها تخدمه باستمرار حصار قطاع غزة والتعاون الامني مع اسرائيل. ويرفض محمود عباس مساعي تخفيف الحصار علي قطاع غزة ويرفض في نفس الوقت خطة إدارة دونالد ترامب لإعادة تأهيل قطاع غزة، مشيراً إلى أن الغرض منها خلق شقاق دبلوماسى بين غزة والضفة الغربية. واتهمّ البيان الصادر عن نبيل أبو ردينة، المتحدث بإسم عباس، الإدارة الأمريكية بالعمل مع إسرائيل لفصل غزة عن الضفة الغربية تحت ستار المساعدات الإنسانية أو إعادة التأهيل.

دور المال الخليجي:

من الواضح أن ما قاله الرئيس الأمريكي ترامب بأن دول الخليج عليها أن تدفع المال في حل قضايا المنطقة، بدأ في الظهور جليا على أرض الواقع، وخاصة ما يسمى صفقة القرن. فقد أشار صحيفة هآرتس الإسرائيلية إلى أن إدارة ترامب تحاول إقناع دول الخليج لاستثمار مئات ملايين الدولارات في مشاريع اقتصادية في قطاع غزة، في محاولة لتهدئة الوضع الأمني ​​هناك، قبل قيام البيت الأبيض بعرض خطته للسلام في الشرق الأوسط.[1] إذ سيتحدث جاريد كوشنر صهر ترامب ومستشاره، وجيسون جرينبلات، المبعوث الخاص للرئيس، هذا الأسبوع مع قادة قطر والسعودية ومصر والأردن وإسرائيل، من أجل ضمان تمويل هذه المشاريع، ومعالجة قضية إمدادات الطاقة لغزة التي عانت من نقص حاد في الكهرباء وانقطاعات في الأشهر الأخيرة.

وذكرت الصحيفة أن أحد الخيارات التي تتم مناقشتها هو مشروع الطاقة الشمسية الذي سيخدم بعض احتياجات الطاقة في غزة، وذكرت أيضا أن البيت الأبيض يأمل أن يتم جمع ما بين 500 مليون دولار ومليار دولار، وذلك من أجل فئتين من المشاريع، أحدها يمكن ترويجها في المستقبل القريب، والآخر سيحتاج لسنوات لتنفيذه.

ومن بين المشاريع طويلة الأجل لخدمة غزة سيتم بناء ميناء في شمال سيناء وبناء محطة لتوليد الكهرباء ومحطة لتحلية المياه، أي أن الإطار العام لمعظم المشاريع هو البناء في شمال سيناء بالقرب من حدود غزة، بما سيوفر آلاف فرص العمل لسكان غزة.

مثل هذه الأفكار كانت محل شك من المصريين، لكن سيعود الاهتمام مجددا لها، خاصة إذا نجح البيت الأبيض في تأمين التمويل الخليجي.

نقطة أخرى تخص توظيف المال الخليجي تتضح في تقرير نشره عربي 21،[2] أشار إلى وجود اتفاق مصري خليجي على تقديم الدعم لإثيوبيا، مقابل تقديم بعض الضمانات لمصر، والتهدئة في المفاوضات حول أزمة مياه النيل، وبناء سد النهضة الإثيوبي.

وأشار التقرير إلى أن الدعم الإماراتي بإثيوبيا بـ3 مليارات دولار خلال زيارة ولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد لأديس أبابا، يعد خير دليل على ذلك الاتفاق، إذ ستودع الإمارات مليار دولار بالبنك المركزي الإثيوبي؛ لتخفيف نقص العملة الأجنبية، وسيتم تخصيص ملياري دولار إضافيين للاستثمار بالبلاد.

وذكر التقرير أنه خلال 18 جولة من المفاوضات الفنية في ملف سد النهضة، كان الخلاف دائما حول حجم خزان سد النهضة (74 مليار متر مكعب)، ومدة ملء بحيرة السد (أكثر من 3 سنوات)، وطريقة إدارته، لكن لم يبد الجانب الإثيوبي أي مرونة.

وفي آخر جولة تم التوقيع على "وثيقة مخرجات سد النهضة"، التي كان أحد بنودها إنشاء صندوق استثماري، يستهدف ضخ مصر أموالا لتأسيس بنية تحتية بمدن إثيوبية، وتأتي بداية هذا الصندوق عن طريق ما دفعته الإمارات، وسيكون للسعودية دور أيضا. وستأخذ السعودية والإمارات في المقابل تهيئة الأجواء للسيسي –بشكل مؤقت- لحين إتمام صفقة القرن، والتي ستكسب في النهاية هي إسرائيل، لأنه بعدما تتم الصفقة، لن تقدم الإمارات ولا السعودية أموالا لإثيوبيا، لكنهما تسعيان لنيل رضا إسرائيل، وضمان عدم معارضة محمد بن سلمان عند توليه حكم السعودية.

وذكر التقرير رأي أحد الخبراء، بأن ما يحدث لن يحل أزمة المياه في مصر، لأن السد صمم في الأصل بهدف حرمان مصر من حصتها، وستتحول مصر من صاحبة حق في المياه إلى منتظرة لمنحة من إثيوبيا.

وأشار التقرير إلى تفاعل وسائل التواصل الاجتماعي مع خبر الدعم الإماراتي لإثيوبيا، فقد تساءل الكاتب الصحفي جمال سلطان: "هل علق سياسي أو إعلامي مصري على الخبر؟ هل لو كان الداعم قطر أو تركيا، كانوا ابتلعوا ألسنتهم؟ هل كسرت الأعين في مصر لهذا الحد؟".

واعتبر حساب على تويتر باسم مجتهد الإمارات، أن هذه مهزلة، قائلا "أموالنا يتم تبديدها"، مطالبا بدعم فقراء الصومال والشام واليمن وفلسطين.

تصاعد نذر المواجهة مع المقاومة رغم الاغراءات المالية:

          لاتزال الأوضاع في قطاع غزة والضفة الغربية متوترة في ظل مسيرات العودة،  وقد تفاعلت الضفة مؤخراً ضد الإجراءات التعسفية التي فرضتها الحكومة الفلسطينية علي سكان القطاع في إطار ما يعرف بإجراءات كسر الإرادة الفلسطينية والضغط علي حركة المقاومة الإسلامية حماس من أجل تسليم القطاع لحكومة فتح دون قيد أو شرط، ما دفع الحكومة الفلسطينية لأن تنفي قيامها بفرض إجراءات عقابية على قطاع غزة، مجددة مطالبة حركة حماس بالتخلي عن سيطرتها على القطاع وإنهاء الانقسام، وتحاول الحكومة بشتى الطرق تحميل حماس مسئولية ذلك متهمة إياها بالقيام بمحاولات تضليل وافتراءات مزعومة لحرف الأنظار عن المسؤولية الحقيقية لمعاناة الشعب الفلسطيني وإرباك الرأي العام، ويعني ذلك في حقيقة الأمر أن الحكومة الفلسطينية قد أصبحت جزءاً من صفقة القرن وأنها تفتقد النية الخالصة لإنهاء الانقسام الفلسطيني، بل هي من يعمل علي تعميقة وشق الصف الفلسطيني من أجل الحصول علي رضا الكفيل الصهيوني، وهو ما يعني أن القضية الفلسطينية ستمر بأوقات عصيبة وسيعاني الشعب الفلسطيني المحاصر في القطاع المزيد من الأزمات كي يحمل حماس ذلك ويدفعها في النهاية للرضوخ للإملاءات الصهيو – أمريكية.

          اعلن الجيش الاسرائيلي انه قصف ليل الثلاثاء والاربعاء حوالى 25 هدفا في قطاع غزة ردا على اطلاق صواريخ من الاراضي الفلسطينية.وقال الجيش في بيان انه احصى نحو ثلاثين قذيفة بينها صواريخ اطلقت ليلا من القطاع على اسرائيل.واضاف الجيش في بيانه ان “منظمة حماس استهدفت المدنيين الاسرائيليين ليلا عبر تعريضهم لهجوم شديد بصواريخ، وتجر قطاع غزة وسكانه المدنيين الى تداعيات اسوأ”، وتعكس الضربات الصهيونية إصرار الكيان الصهوني علي الضغط علي حركة المقاومة الإسلامية حماس والشعب الفلسطيني المحاصر في القطاع من أجل الضغط علي الحركة ودفعها لتسليم القطاع إلي السلطة الفلسطينية المستعدة للقبول بصفقة القرن.

          حرب حماس وإسرائيل القادمة سيكون سببها بالونات الهيليوم والطائرات الورقية

تحليل لصحيفة هآرتس الإسرائيلية يرى أن الطائرات الورقية وبالونات الهيليوم التي تستخدمها المقاومة الفلسطينية وردود جيش الاحتلال الصهيوني، ما هي إلا إشارات لحرب سيكون سببها الأول من نوعه بينها وبين إسرائيل التي تحاول تركيز جهودها في الشمال، مما يعني تكثيف ردود الفعل. وهو ما دفعها لقصف أهداف عسكرية لحماس في قطاع غزة. ويرى التحليل أن الطائرات الورقية والبالونات مفيدة لحماس وتضخم اسرائيل من مخاطر الحرائق التي اصابت بالفعل مناطق زراعية واسعة حول قطاع غزة. وينادي بعض الصهاينة بتوسيع الهجمات الجوية ضد الشباب الذين يطلقون الطائرات بينما يري آخرون أن الهجوم الجوي المفرط لا يناسب الهدف، لأنه من غير المنطقي قتل مجموعة من الناس في غارة جوية لمجرد أن شخصا مشاركا في إطلاق بالون أو طائرة ورقية. واختتم التحليل أن حماس تريد إملاء قواعد اللعبة وتخاطر إسرائيل بالتصعيد وأطلقت ما يقارب 150 صاروخا وقذيفة، إلى أن تدخلت مصر وتوصلت لوقف إطلاق النار.

 الخلاصة أن هناك حاجة ملحة لتنسيق أوضاع دول المنطقة من أجل صفقة القرن، ربما تأتي الخطة الخليجية لإنقاذ الاقتصاد الأردني ضمن هذه التنسيقات، وذلك لضمان هدوء الوضع الداخلي لدولة محورية في قضية القدس وفلسطين. هناك أيضا مصر، والتي –وفقا لما تتداوله التقارير- ستكون صاحبة الأرض التي سيتم بها المساهمة في حل ما تعانيه غزة من أزمات، مما جعل المال الخليجي يظهر هنا لحل أهم ملف خارجي لمصر وهو ملف سد النهضة. يتضح أن البيت الأبيض يضع الأدوار التي يجب على دول المنطقة القيام بها من أجل حماية المصالح الأمريكية ومن ثم الإسرائيلية.



[1] Amir Tibon and Amos Harel, "Trump administration will ask Gulf States to invest up to $1 Billion in Gaza economy", Haartez, 17/6/2018, available at: https://www.haaretz.com/us-news/.premium-trump-admin-wants-gulf-states-to-invest-up-to-1-billion-for-gaza-1.6180191

 

[2] "ما دور المال الخليجي في التهدئة بين مصر وإثيوبيا؟"، عربي21، 18/6/2018، متاح على الرابط: http://cutt.us/HMQHM

adminu

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022