الأموال الإماراتية في مصر..أهداف غير اقتصادية

الأموال الإماراتية في مصر..أهداف غير اقتصادية

 

حادثتان اثارتا تساؤلات حول سعي السعودية والامارات توريط مصر في حرب برية باليمن عبر ضغوط اقتصادية في وقت تمر فيه مصر بأزمات مالية ضخمة، بعدما تزايدت الديون الخارجية 5.3 مليار دولار في 3 أشهر وتضاعفت الديون الداخلية (من 1.8 تريليون جنية الي 3.5 تريليون) واستمر الاقتراض، وضرورة دفع 12 مليار دولار ديونا العام المالي الجاري، وهروب 5 مليار دولار من اموال المستثمرين في الأوراق المالية في أشهر قليلة.

 

حيث اوقفت السعودية مرور ناقلاتها النفطية من باب المندب في اعقاب أنباء مشكوك فيها بشأن هجمات حوثية على ناقلتي نفط سعوديتان في باب المندب، ما يعني توقف مرور الناقلات في قناة السويس ومرورها عبر طريق رأس الرجاء الصالح، ومن ثم ضرب عوائد مصر من القناة باعتبار ان نصف الناقلات التي تمر بالقناة سعودية، ومن ثم تقلص ارباح القناة وضرر فادح لإيراداتها.

 

ويشكل مضيق باب المندب، أهمية بالغة لمصر خاصة أن نحو 98% البضائع والسفن التي تعبر قناة السويس، تمر عبره، وحال إغلاقه يتوقع ان تتراجع موارد مصر للقناة بصورة كبيرة، ويرتفع سعر النفط 5 دولارات للبرميل الواحد على الأقل.

 

وقد نفي المعارض السعودي "مجتهد" إن "السفينة السعودية التي ضُربت قرب باب المندب ناقلة نفط، وأكد أنها كانت "بارجة حربية سعودية لكن ابن سلمان تحاشى أن يعترف أن الحوثيين لديهم قدرة على تدمير سفنه الحربية فزعم أنها ناقلة نفط". وتساءل الخبير الاقتصادي أحمد السيد النجار رئيس مجلس ادارة جريدة الاهرام السابق: "هل تضغط مملكة عائلة سعود على مصر لتوريطها أكثر في حربها المتعثرة في اليمن … وهل يجوز استخدام الضغوط الابتزازية بين الحلفاء؟".

 

وجاء هذا التطور ليؤكد أن السعودية بدأت منحي جديد في الضغط علي السيسي مستغله احوال مصر الاقتصادية المضطربة، بهدف توريط مصر في حرب برية خاصة أن مصر لديها قوات في اليمن بموجب قرار سابق لمجلس الدفاع الذي شكله السيسي يجري تجديد تواجدها كل 6 أشهر ولا يعرف عددها ولا دورها هناك، وتقول سلطة السيسي ان دور مصر في اليمن يقتصر على دور القوات الجوية والبحرية.

 

والملفت هنا أن السعودية اعادت تسيير ناقلاتها النفطية في باب المندب بعد بضعة ايام قليلة من التوقف، ما يؤكد أنه لا يوجد تهديد أو اخطار تعرقل تسيير سفنها في باب المندب ومن ثم قناة السويس، ويشي بأن خطوة وقف الناقلات كانت مؤقتة لإرسال رسالة الي السيسي بدور أكبر في اليمن في ظل الفشل عن حسم الحرب وتطورها الي استنزاف لدول التحالف العربي، خاصة الرياض وابو ظبي.

 

ضغوط الامارات الاقتصادية

 

التطور الثاني الاخطر الذي أظهر في عملية الضغط علي السيسي للمشاركة في حرب اليمن بريا، ولعب دور أكبر في ارسال قوات مصرية تعمل لصالح خطط عسكرية اماراتية نشطة في البحر الاحمر وافريقيا، كان مطالبة الامارات لمصر بسداد فوائد الديون قبل تجديد القروض التي دفعتها لمصر (قرابة 5.5 مليار دولار) والتي كشفت ضغوطا ومطامع في مصر تستهدف السيطرة على وابتلاع الاقتصاد المصري، ضمن محاولات حرجرة مصر للحرب باليمن.

 

ففي ظل ارتفاع الديون الخارجية المصرية قرابة 5.3 مليار دولار (من حوالي 83 مليارا الي 88 مليارا) في الثلاثة أشهر الاولي من العام الجاري 2018، ومطالبة القاهرة بدفع 12 مليار دولار ديون هذا العام، طلبت مصر من الامارات والسعودية والكويت تأجيل سداد 12 مليار دولار بواقع 4 لكل دولة حصلت عليهم عامي 2013 و2014 لدعم الانقلاب، وحان السداد هذا العام.

 

وقبل اتفاق البنك المركزي مع الإمارات على تأجيل سداد الديون، طلبت أبو ظبي فوائد جديدة على الدين بخلاف فوائد السنوات الأربع السابقة، واشترطت سدادها قبل الموافقة على اتفاق تمديد أجل ودائع بقيمة 4 مليارات دولار كانت تستحق الدفع بداية من العام الجاري 2018 وحتى 2023 عبارة عن وديعتين إماراتيتين بقيمة ملياري دولار لكل منهما، ولكل مقابل فائدة اخري 3 و3.5%.

 

وقد أكد هذا الابتزاز الاماراتي – ضمنا – محافظ البنك المركزي الذي رد على سؤال حول أسباب تجديد الودائع الخليجية التي كان من المفترض سدادها خلال عام 2018، قائلا: "إنه جاء بطلب من هذه الدول بسبب سعر الفائدة في مصر"، وهي إشارة لرغبة الامارات في الاستفادة من أسعار الفائدة على الديون المصرية التي تعادل حوالي 3.5% سنويا من فوائد الدين.

 

وعولت الامارات والسعودية على الوضع الاقتصادي الهش لمصر في عمليات الابتزاز الأخيرة، لأنه لو تم سداد الديون من الاحتياطي النقدي مرة واحدة سينهار ولا تتوافر دولارات لاستيراد السلع الرئيسية الحيوية مثل القمح، لهذا طلبت مصر التأجيل.

 

ولا يريد البنك المركزي المصري سداد الديون من الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية الذي يتجاوز حاليًا 44.2 مليار دولار، كي يحافظ على قوة السيولة الدولارية، التي تسمح باستيراد السلع.

 

ومن المقرر أن تسدد مصر ديونا بقيمة 6.3 مليار دولار خلال النصف الثاني من العام الحالي، من إجمالي ديون قدرها 12 مليار دولار تستحق هذا العام، وفقا لما جاء بجريدة المال، وتشمل هذه الديون 850 مليون دولار مستحقة لشركات النفط العالمية.

 

وأظهرت نشرة إحصائية صادرة عن البنك المركزي ارتفاع الدين الخارجي لمصر إلى 82.9 مليار دولار بنهاية ديسمبر الماضي، ليمثل نحو 36.1% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 67.3 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2016.

 

تدخل أولاد زايد بالمال لفرض نفوذهم

 

ويسعي حكام أبو ظبي للتدخل في عدة أجزاء من العالم العربي والدولي من اجل فرض نفوذها بقوة المال، ويضغطون على حكومات عربية وأفريقية ويمولون مراكز أبحاث اجنبية للتأثير على السياسات في دول كبري، ما انعكس على اقتصاد الامارات بالسلب.

 

وأخرما تم فضحه مؤخرا كان ما نشرت صحيفة "الأخبار" اللبنانية 21 يوليه 2018 من وثائق "امارات ليكس"، أو "فضيحة الامارات"، المسربة من سفارات الامارات في مسقط والخرطوم والرباط وبغداد، والتي تكشف استمرار فضائح تدخل أولاد زايد بالمال لفرض نفوذهم في عدة دول أجنبية وعربية.

 

وكانت نفس الصحيفة سبق ان نشرت وثائق ضمن ملف "الإمارات ليكس"  مسربة من سفارتيها في بيروت وواشنطن، في ابريل ويونيه 2017 تذكر معلومات عن أن محمد بن زايد يقوم بالعمل على تفكيك السعودية، وأن الإمارات استخدمت جماعات المصالح لإلحاق الضرر بمصالح أميركا وحلفائها" وأن "ملايين الدولارات استخدمت لتشويه صورة حلفاء الولايات المتحدة".

 

وكشفت مجموعة الوثائق التي نشرتها "صحيفة ديلي بيست" الأميركية و"الاخبار" اللبنانية في أبريل 2018 والمسربة من البريد الإلكتروني للسفير الإماراتي بواشنطن يوسف العتيبة، العديد من التفاصيل المتعلقة بتواصل السفارة الإماراتية في الولايات المتحدة مع شركات علاقات عامة للتأثير على سياسة واشنطن الخارجية لصالح الامارات.

 

وتتحدث المجموعة الجديدة من الوثائق المُسرّبة من السفارات الإماراتية في كلّ من مسقط والخرطوم والرباط وبغداد، عن سعي أبو ظبي لإخضاع سلطنة عمان لنفوذها، بحسب وثائق مسربة من سفير ابوظبي في مسقط.

 

وقالت الصحيفة إن تلك الوثائق المسربة تؤكد أن "أبو ظبي تسعي لمعاقبة دول لم تقف معها في ملف حصار قطر، مثّل الكويت وسلطنة عمان والمملكة الأردنية والسودان والمغرب العربي والقرن الأفريقي كمناطق نفوذ يُفترض حفظها من الهجوم القطري المضاد المدعوم من تركيا والاخوان".

 

وفي 18 يوليو 2018 ، كشف المحقق المستقل روبرت مولر عن سلسلة الاجتماعات التي تمت في سيشل بين شخصيات نافذة من روسيا والولايات المتحدة والإمارات والسعودية، في وجود ولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد، كجزء من التحقيق بالتدخل الروسي المحتمل في الانتخابات الأميركية عام 2016، بهدف معرفة ما إذا كان التمويل الأجنبي من دول الخليج قد أثر على سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإدارته أم لا؟

 

وذكر موقع "نيو جيرسي دوت كوم" الأميركي أن عددا من الروس بعضهم مرتبط بالكرملين شاركوا بالاجتماعات في جزيرة سيشيل في يناير 2017 وفقا لسجلات الطيران ومصادر على معرفة بهذه الاجتماعات وأنهم يخضعون لتحقيقات مستمرة بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية الأميركية.

 

وتركز الكثير من التكهنات على اجتماع ما بين إيريك برينس (مؤسس شركة بلاك ووتر الأمنية) وكيريل ديميتريف (مدير أحد صناديق الثروة السيادية في روسيا) وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد المعروف أيضا باسم “أم بي زد".

 

ومنذ 2013 والامارات تلعب دورا انقلابيا للم نفوذها وتأثيرها السياسي والمالي في عدة دول عربية وأجنبية لتحقيق صالحها وحماية نظامها، وبدأت ذلك بدعم الانقلاب في مصر ومحاولة تنفيذ محاولة مشابهة في تونس ثم تركيا فشل كلاهما.

 

وسعي اولاد زايد عبر تدفقات من الاموال الضخمة التي تحت ايديهم للتدخل في شئون دول اخري خاصة انهم شعروا بالقلق الشديد من احتمالات تصدير الربيع العربي الي الامارة والاطاحة بهم، لذلك كان دورهم الاكبر ممثلا في محاربة الربيع العربي بالمؤامرات المختلفة، والتأثير علي نظام السيسي لاحقا كي يسير في ركابهم للتدخل في حرب اليمن، وتوريطه في حرب ليبيا، والسعي للعب دور دولي أكبر من حجم الامارات.

 

 

 

adminu

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022