زيارة الرئيس الصيني إلي السعودية.. الدوافع والتداعيات

قام الرئيس الصيني شي جين بينغ بزيارة إلى السعودية خلال الفترة 7-9 ديسمبر 2022، شارك خلالها في ثلاث قمم هي: القمة الصينية – السعودية، والقمة الصينية – الخليجية، والقمة الصينية – العربية الأولى، وقد شارك في هذه القمم إلي جانب الرئيس الصيني، قادة دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين وعمان)، وقادة -أو من ينوب عنهم- كل من تونس ومصر وموريتانيا والأردن وفلسطين واليمن والسودان  والجزائر ولبنان والعراق[1].

ويكتسب انعقاد القمة العربية الصينية فى نسختها الأولى أهميته في هذا التوقيت لعدة أسباب؛ أولها، أنها تشكل ترفيعًا للعلاقات المؤسسية ما بين الدول العربية والصين منذ انطلاق المنتدى العربي الصيني في 2004، وهو الإطار المؤسسي الذي أسهم في تعزيز التعاون الاستراتيجي بين الجانبين، وكان من ضمن توصيات المنتدى في نسخته التاسعة التي عُقدت في 2021، هي عقد قمة عربية صينية.

وثانيها أنها بمثابة القمة الأولى ما بين العرب والصين، التي تعقد في المنطقة العربية، وتأتي تجسيدًا للشراكة الاستراتيجية العربية الصينية، فقد أصبحت الصين منذ عام 2020 الشريك التجاري الأول لمعظم الاقتصادات الكبرى، ويأتي ذلك بعد أن ارتفع نصيب الصين من الاقتصاد العالمي إلى 18,5 % عام 2021، وأصبحت الصين ثاني أكبر اقتصاد عالمي بعد الولايات المتحدة الأمريكية بناتج محلى إجمالي 17,7 تريليون دولار، كما بلغ احتياطي النقد الأجنبي 3.1 تريليون دولار وهو الأكبر في العالم.

وثالثها أن انعقاد القمة يأتي عقب إعادة انتخاب الرئيس الصيني شي جين بينج في أكتوبر 2022 أمينًا عامًا للحزب الشيوعي، مما يرسخ موقعه كأقوى حاكم للصين منذ ماوتسي تونج، وانتخابه أيضًا رئيسًا للجنة العسكرية المركزية للحزب، بما يمهد الطريق لإعادة انتخابه لولاية ثالثة في مارس 2023[2].

ورابعها، حفاوة استقبال السعودية للرئيس الصيني وهي الحفاوة التي لم ينلها الرئيس الأميركي جو بايدن خلال زيارته إلى الرياض في يوليو 2022؛ إذ عُقِدت أيضًا قمة جمعته بقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الست إضافة إلى مصر والأردن والعراق[3].

فقد شهدت زيارة الرئيس الصيني إلى الرياض ترحيبًا كبيرًا من المملكة العربية السعودية، واهتمامًا واسعًا، حيث استقبلت مقاتلات سلاح الجو الملكي السعودي طائرة الرئيس الضيف بألوان العلم الصيني.

وخامسها، أن العالم العربي مجتمع لم يعقد لقاءات دولية قبل هذا التاريخ سوى عام 2019 الذي عُقدت فيه قمة عربية أوروبية جمعت الطرفين الأوروبي والعربي، وبالتالي يعد اجتماع العرب بالرئيس الصيني، هو اللقاء الثاني تاريخيًا، الذي جمع الأطراف العربية بطرف دولي قوي، وهو ما يعطى دلالة لأهمية القمة العربية الصينية، وما تكتسبه من زخم سياسي واقتصادي واستراتيجي[4].

وعليه سنحاول في هذه الورقة التعرف علي دوافع وسياقات تلك الزيارة، وما أسفرت عنه من نتائج علي مستوي توثيق العلاقات بين الصين والدول العربية، مع إبراز أهم التحديات التي قد تحول دون الارتقاء بهذه العلاقات إلي مستويات عالية.

 

أولًا: سياقات زيارة الرئيس الصيني إلي السعودية ودوافعها:

يمكن الإشارة إلي مجموعة من الدوافع التي تقف خلف رغبة الصين والدول العربية في توثيق العلاقات بينهما، لعل أهمها:

1- الدوافع السياسية:

أالتغيرات القائمة في النظام العالمي: يشهد الهيكل العام للنظام العالمي تطورات كبيرة أدت إلى تغيرات جوهرية فيه، لعل أهمها بروز مفهوم «التعددية القطبية» وهبوط مركز الولايات المتحدة العالمي، وظهور القوتين الصينية والروسية كحليفين رئيسيين لمواجهة هيمنة الغرب على النظام العالمي.

ومن ثم فإن التغيرات المتسارعة في هيكلة النظام الدولي أدت إلى تفاعل الدول الخليجية معها، وحتمت عليها إيجاد موقع متوازن في علاقاتها مع جميع القوى الدولية، وعدم الاكتفاء بالحلفاء التقليديين (أمريكا)[5].

وفي هذا السياق، فهناك توجه عربي متزايد للمشاركة في المنظمات الدولية التي تقودها الصين. حيث تعد الإمارات والبحرين ومصر والكويت وقطر والسعودية شركاء حوار حاليين أو محتملين في “منظمة شنجهاي للتعاون”، وهي مجموعة سياسية واقتصادية وأمنية تتمحور حول الصين وتوصف أحياناً بأنها بديل لـ”حلف الناتو”، وتضم كلًّا من كازاخستان والهند وروسيا وقيرغيزستان وطاجيكستان وباكستان وأوزبكستان وإيران.

كما تفيد تقارير بأن الرياض والقاهرة أعربتا عن اهتمامهما بالانضمام إلى منظمة “بريكس”، وهي منظمة سياسية تضم الدول ذوات الاقتصادات الصاعدة وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا[6].

ب– تدهور العلاقات الأمريكية- العربية عمومًا والخليجية خصوصًا: فقد أعربت الجهات الفاعلة في الخليج عن مخاوفها بشأن وفاء الولايات المتحدة بالتزاماتها تجاه المنطقة العربية والخليجية، خاصة بعدما أدى صعود إنتاج النفط الصخري والغاز في الولايات المتحدة إلى تصاعد الحديث عن تراجع اهتمام الولايات المتحدة بالمنطقة.

كما شعرت دول الخليج بالقلق فعليًا منذ اندلاع ثورات الربيع العربي في عام 2010 حيث رأوا في استجابة الولايات المتحدة دعمًا للثورات التي اعتبروها مزعزعة للاستقرار، كما رأت فيها تخليًا أميركيًا عن أبرز حلفائها في المنطقة (نظام الرئيس حسني مبارك في مصر).

وتعززت هذه المخاوف مع توقيع الاتفاق النووي مع إيران في 2015 وتوجه “باراك أوباما” نحو آسيا وفشل “دونالد ترامب” في الرد بقوة على الهجمات الإيرانية على البنية التحتية للنفط في السعودية، خصوصًا الهجمات على منشآت أرامكو في سبتمبر 2019 والتي أخرجت نصف الإنتاج النفطي السعودي من الخدمة، ما أثار شكوكًا متزايدة لدى الرياض حول مدى التزام واشنطن بأمنها[7].

ومؤخرًا، فقد أظهر موقف مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية بشأن الحرب في أوكرانيا شقاقاً كبيراً بين تلك الدول وحليفتها التقليدية الولايات المتحدة. وإذ رفضت الرياض الاستجابة لطلبات الرئيس جو بايدن بإدانة روسيا في تلك الحرب، فقد امتنعت أبو ظبي عن التصويت في مجلس الأمن لصالح قرار أمريكي-ألباني يدين الهجوم الروسي[8].

كما قررت السعودية، في أكتوبر الماضي، خفض حصص إنتاج “أوبك+” بمقدار مليونَي برميل يومياً، بدءاً من نوفمبر الحالي، وخفض إنتاجها الخاص بأكثر من 500 ألف برميل يوميًا، بالرغم من طلبات الولايات المتحدة زيادة الإنتاج. وقال السعوديون إنهم اتخذوا القرار بناءً على دوافع اقتصادية وليس سياسية في إشارة إلى اتهام واشنطن للرياض بدعم روسيا في حربها ضد أوكرانيا[9].

وعلي خلفية هذا القرار السعودي، فقد أعتبرت الإدارة الأمريكية أن دول مجموعة “أوبك+” تحالفت بقرارها المعلن مع موسكو، في نقد صريح كان موجهاً للمملكة السعودية تحديداً، باعتبارها أكبر منتج في المجموعة. وليؤكد الرئيس الأمريكي جو بايدن إن بلاده “ستعيد تقييم” علاقاتها مع السعودية.

وهو ما أكده أيضاً منسق الاتصالات الاستراتيجية لمجلس الأمن القومي جون كيربي في حديث للصحفيين بأنه “في ضوء التطورات الأخيرة، وقرار أوبك بلس بشأن إنتاج النفط، يعتقد الرئيس أنه يجب علينا مراجعة العلاقات الثنائية مع السعودية، لمعرفة ما إذا كانت هذه العلاقة هي المكان الذي يجب أن تكون فيه، وأنها تخدم مصالح أمننا القومي”[10].

ومن هنا، فإن السعودية ترغب في وجود حليف قوي (الصين) تؤكد من خلاله للولايات المتحدة أن الرياض لديها داعم قوي، وفي المقابل، فإن الصين تري في الموقف المستقل إلى حد ما الذي ابتكره حلفاء الولايات المتحدة في الخليج العربي للرد على الصراع في أوكرانيا قد يدفع المزيد من شركاء الولايات المتحدة نحو إقامة حياد استراتيجي، ويعتقد القادة الصينيون أن أوكرانيا مؤشر ملموس على رد فعل دول مجلس التعاون الخليجي، بخاصة الرياض وأبو ظبي، على أي صراع مستقبلي حول استقلال تايوان[11].

ت- الاحترام السياسي المتبادل ورفض التدخل في الشؤون الداخلية: يعني مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية؛ عدم التعليق على السياسة المحلية أو انتقاد سجلات حقوق الإنسان.

ووفقًا لهذا المبدأ، فقد انسجمت أيديولوجية الصين المعتمدة على التعاون الاقتصادي وبناء الشراكات التجارية مع العقيدة الدبلوماسية لدول الخليج التي تفضل بقاء شؤونها الداخلية المحلية بعيداً عن التأثير الخارجي، وهو ما وجدته حالياً في السياسة الخارجية الصينية التي ترفع شعار النأي بالنفس عن التدخل في شؤون الدول الداخلية[12].

وفي المقابل، فإن إحدى العقبات الرئيسية التي تعقد علاقة السعودية بالولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى، هي الانتقاد المتكرر للسياسة الداخلية والخارجية، وكان أبرز ما يتعلق بتلك السياسيات مقتل كاتب العمود في صحيفة واشنطن بوست “جمال خاشقجي”، وحرب اليمن.

والصين لديها استياء مماثل تجاه الغرب وسط مخاوف دولية بشأن تايوان، وهي جزيرة محكومة ديمقراطيًا يبلغ عدد سكانها 24 مليون نسمة، وتزعم بكين أنها ضمن أراضيها، فضلاً عن انتهاكات حقوق الإنسان ضد الأويجور والمجموعات العرقية الأخرى في منطقة شينجيانج بغرب الصين[13].

يذكر أن دول الخليج كانت من أوائل الدول التي دعمت الصين في موقفها الرافض لزيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، لتايوان مطلع أغسطس الماضي، واتضح ذلك من خلال تصريحات عديدة دعمت فيها دول الخليج مبدأ الصين الواحدة، واعترافها ببكين ممثلاً وحيداً للشعب الصيني، وهو ما جعل الصين تبادل دول الخليج الموقف ذاته بشأن حماية سيادتها الوطنية وحدودها القومية[14].

2- الدوافع الاقتصادية:

أ- إمدادات الطاقة: تعد الطاقة عنصرًا مركزيًا في العلاقات العربية – الصينية عمومًا، والخليجية الصينية خصوصًا، إذ تستورد الصين أكثر من 50% من حاجتها من النفط والغاز من الدول العربية. وقد برز هذا العامل بوضوح بعد أن توقف الغرب عن أن يصبح زبونًا رئيسًا للطاقة في المنطقة العربية نتيجة ميل دول الاتحاد الأوروبي نحو الاعتماد على الطاقة الروسية بعد انتهاء الحرب الباردة من خلال إنشاء جملة من المشاريع الخاصة بنقل النفط والغاز؛ منها: خط أنابيب “يامال” (المار بروسيا البيضاء إلى بولندا)، وخط نورد ستريم 1 (عبر البلطيق)، وخط “الأخوة” (عبر أوكرانيا)، وخط السيل الجنوبي الذي تحول لاحقًا إلى السيل التركي، وخط نورد ستريم 2. نقلت هذه المشاريع ما يصل إلى 80 في المئة من صادرات الطاقة الروسية قبل حرب أوكرانيا إلى أوروبا، ولبّت نحو نصف احتياجات هذه الأخيرة من الطاقة.

أما الولايات المتحدة فقد تقلص اعتمادها على الطاقة من منطقة الخليج العربية خلال العقد الأخير، بعد أن تحولت – نتيجة تطور تقنية استخراج النفط والغاز الصخري – إلى أكبر منتج للطاقة في العالم، وباتت تلبّي جزءًا كبيرًا من احتياجاتها، وتُنافس منتجين آخرين على أسواق الطاقة العالمية. وبحسب وكالة الطاقة الأميركية، بلغ إنتاج الولايات المتحدة عام 2021 نحو 18.9 مليون برميل يوميًا، تشمل النفط الخام وأنواع المشتقات البترولية الأخرى (20 في المئة تقريبًا من إنتاج العالم). في حين بلغ إنتاجها من الغاز في العام نفسه 935 مليار متر مكعب، متجاوزة روسيا (700 مليار متر مكعب).

وقد أدى هذا التطور الذي قادته التكنولوجيا إلى تغييرين مهمين؛ تمثل الأول بتقلص أهمية منطقة الخليج العربية بوصفها مصدرًا للطاقة بالنسبة إلى الاقتصاد الأميركي (وإن زادت أهميتها بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي)، وتجسد الثاني في تحول أسواق الطاقة لدول الخليج العربية من الغرب إلى الشرق؛ إذ بات الجزء الأكبر من نفط المنطقة وغازها يتجه نحو آسيا وخصوصًا إلى الصين التي باتت المستورد الأول للطاقة في العالم بدءًا من عام 2013.

وتستورد الصين حاليًا ما يقارب 11 مليون برميل من النفط يوميًا، وبحلول 2026 سوف تستهلك 16 مليون برميل نفط يوميًا (تستورد منها 13 مليون برميل)، معظمها سيأتي من منطقة الخليج. وفي عام 2020 استوردت الصين نحو 101 مليون طن من الغاز، وبحلول عام 2040 يُتوقع أن تستهلك الصين 620 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا.

ومنذ عام 2019 أصبحت السعودية أكبر مُصدّر للنفط إلى الصين بطاقة إجمالية بلغت نحو 1.8 مليون برميل في اليوم، كما باتت الصين أحد أكبر مستوردي الغاز المسال القطري. وفي نوفمبر 2022 وقّعت قطر أطول عقد في تاريخ صناعة الغاز المسال لتزويد الصين بـ 4 ملايين طن لمدة 27 عامًا، بداية من عام 2026[15].

ب- مشاريع البنية التحتية: تشغل الدول العربية مكانًا بارزًا في مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، التي تستثمر الصين فيها أكثر من تريليون دولار، أغلبها في مجال إنشاء الموانئ والطرق السريعة والسكك الحديدية، لتسهيل التجارة مع بلدان العالم، ومن ضمنها الدول العربية. وقد انضمَّت إلى المبادرة 20 دولة عربية، بلغ حجم الاستثمارات الصينية فيها أكثر من 200 مليار دولار[16].

وتتمثل أبرز مشاريع البنية التحتية التي تقوم بها الصين في العالم العربي في؛ مشروع ميناء الوسط بالجزائر، ومشروع السكك الحديدية بمدينة العاشر من رمضان في مصر، بجانب خطوط شبكات الكهرباء الوطنية وخطوط إنتاج الألياف الزجاجية، ومشروع مركز تجميع وتكامل واختبار الأقمار الصناعية، والعاصمة الإدارية الجديدة.

فضلًا عن السكك الحديدية والطرقات والموانئ والمنشآت الرياضية والصحية التي أنجزتها بيكين في عدد من الدول على غرار تونس والسودان والمغرب والإمارات وموريتانيا والأردن وعمان[17].

ونتيجة ذلك، تحولت الصين إلى أكبر شريك تجاري للدول العربية مجتمعة، والمستثمر الأول فيها، ووفق المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “ألكسو”، فقد وصل التبادل التجاري الصيني العربي في عام 2021 ما يقرب من 330 مليار دولار أمريكي، مقابل 36.7 مليار دولار في عام 2004. كما تنامت الاستثمارات الصينية في الدول العربية، والتي بلغت خلال الفترة من 2005 حتى 2021 ما يقرب من 213.9 مليار دولار.

وجاء ترتيب الدول العربية من حيث حجم الاستثمارات الصينية في نفس الفترة، كالتالي: السعودية في المرتبة الأولي 43.5 مليار دولار، بنسبة 21 في المائة من الاستثمارات الصينية في المنطقة العربية، والإمارات في المرتبة الثانية باستثمارات 36.2 مليار بنسبة 17 في المائة، والعراق في المرتبة الثالثة باستثمارات 30,1 مليار دولار بنسبة 14 في المائة، ومصر في المرتبة الرابعة باستثمارات تقدر بـ 25.8 مليار دولار بنسبة 12 في المائة، فيما جاءت الجزائر في المرتبة الخامسة باستثمارات 25.7 وبنسبة 12 في المائة من الاستثمارات الصينية في المنطقة العربية[18].

ت- التعاون التكنولوجي: يمثل التعاون التكنولوجي العربي الصيني أحد ركائز الشراكة الاستراتيجية، حيث قامت الشركات الصينية العاملة في مجال التكنولوجيا المتقدمة بتنفيذ العديد من المشروعات في عدد من الدول العربية يأتي في مقدمتها الحدائق الصناعية بالمناطق الاقتصادية المنتشرة في عدة دول منها مصر(منطقة السويس) والسعودية (نيوم) والإمارات (منطقة خليفة).

كما شهدت التجارة الإلكترونية رواجًا بين الجانبين فوفقًا لتقرير صادر عن شركة كيرني ميدل إيست للاستشارات العالمية فإنها تتوقع أن يرتفع إجمالي مبيعات التجارة الإلكترونية في دول الخليج إلى 29 مليار دولار بما يعزز من فرص التعاون الصيني العربي في الاقتصاد الرقمي[19].

ث- تقوية العملة الصينية: ففي مارس الماضي، كشفت تقارير إعلامية أن السعودية تتشاور مع الصين لتسعير بعض صادراتها النفطية باليوان، في خطوة تعد ضربة في عمق سيادة الدولار بأسواق النفط العالمية، بتحالف أكبر مستورد في العالم للنفط مع أكبر مصدر له.

جدير بالذكر أن الدولار الأمريكي يعتمد كثيراً في إنعاش قيمته على “البترودولار”، وهي فائضات احتياطياته الناتجة عن المعاملات التجارية النفطية في فترات ارتفاع أسعار البرميل، كالفترة التي تمر بها في هذه الأيام الأسواق العالمية.

بالمقابل يصدر نحو ربع الإنتاج السعودي من الذهب الأسود نحو الصين، وبالتالي سيسحب تسعير تلك الصادرات باليوان البساط من تحت أقدام العملة الأمريكية، ويساهم في تقوية العملة الصينية[20].

3- الدوافع العسكرية:

أ- مبيعات الأسلحة: كشفت أرقام معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، أن الصين زادت حجم صادراتها من الأسلحة إلى السعودية بنحو 386 في المئة، وإلى الإمارات بنحو 169 في المئة في الفترة 2016-2020، مقارنةً بالفترة 2011-2015[21].

ب- تطوير الصناعات العسكرية: ففي عام 1988، زودت الصين السعودية بخمسين صاروخاً باليستياً متوسط المدى من طراز “سي إس إس-2”. وقد تم عرض تلك الصواريخ مرة واحدة فقط، وذلك في عام 2014، ومنذ ذلك الحين تم استبدالها بنسخ صينية أكثر حداثة.

بالإضافة إلى ذلك، تم رصد ذخائر قصيرة المدى، يبدو أنها صواريخ صينية من نوع “أم-11” في القواعد السعودية، وربما تم توفير معدات تصنيع هذه الأسلحة عبر باكستان.

ووفقاً لبعض التقارير زودت الصين السعوديين ببعض المدفعيات والطائرات المسيرة التي استخدموها في حربهم المستمرة ضد المتمردين الحوثيين في اليمن. ففي عام 2017، منحت بكين المملكة ترخيصاً لإنتاج طائرات مسيرة صينية محلياً، في دلالة على محاولة التهرب من ضغوط الولايات المتحدة التي سعت منذ فترة طويلة إلى تقييد التكتيكات التي تستخدمها الرياض في الصراع[22].

علاوة على ذلك، فقد وقعت شركة سعودية في مارس 2022 صفقة مع عملاق دفاعي صيني مملوك للدولة لتصنيع طائرات مسيرة في المملكة[23].

ت- الوجود العسكري الصيني في الخليج: ففي إبريل 2022، أرسل الرئيس الأمريكي جو بايدن، رئيس المخابرات المركزية بيل بيرنز، إلى الرياض لإقناع السعودية بوقف شراء صفقة أسلحة صينية كبيرة بعد أن كشفت صحف أميركية عن بناء الصين منشأة لإنتاج الصواريخ الباليستية شمال الرياض. وحصل الأمر نفسه مع الإمارات، ففي أواخر عام 2021، تدخل بايدن لوقف إنشاء ما وُصِفَ حينها بقاعدة صينية في ميناء خليفة في أبوظبي.

وذكرت تقارير صحفية أميركية أخرى أن أحد أسباب تخلي الإمارات عن صفقة “إف 35” هو اشتراط الولايات المتحدة وقف مشروع “G5” الذي تنفذه شركة هواوي الصينية في الإمارات[24].

ث- التعاون النووي: ففي عام 2020، ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن الصين ساعدت السعوديين على بناء منشأة لمعالجة خام اليورانيوم المستخرج محلياً لاستخلاص كعكة اليورانيوم الصفراء. وعلى الرغم من الاستخدامات السلمية المتاحة لمثل هذه الأعمال (على سبيل المثال، إنتاج الأسمدة)، إلا أنها قد تشكل أيضاً خطوة مبكرة نحو صنع مركّب اليورانيوم اللازم في محطات التخصيب، والقادر بدوره على إنتاج المواد اللازمة لصنع سلاح نووي.

وفي حين نفت المملكة وجود أي نية عسكرية، إلا أنها لا تزال مترددة في الإرتقاء بمستوى التزاماتها لاستيفاء الضمانات لـ “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” لأن ذلك قد يتطلب عمليات تفتيش أكثر تشدداً لأنشطتها النووية.

ولكن ما ينذر بالسوء هو أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان كان قد حذّر في عام 2018 من أنه “إذا طورت إيران قنبلة نووية، فسوف نحذو حذوها في أسرع وقت ممكن”. وخلال تواصل الرياض مع المحاورين الأجانب، أظهرت بوضوح أنها تدعي الحق في مضاهاة قدرات طهران على تخصيب اليورانيوم إذا رغبت في ذلك. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الانخراط الصيني المحتمل مثير للقلق بشكل خاص بسبب عملها سابقاً في انتشار المواد النووية وتصميمات الأسلحة إلى باكستان[25].

ج- التدريبات العسكرية المشتركة: فقد تزايد إجراء الجيش الصيني تدريباتٍ مع جيوش دول المنطقة، ففي عام 2019 أجرت الصين والسعودية تمريناً مشتركاً لمكافحة القرصنة، وفي العام ذاته شاركت مدمرة صينية في مناورة مشتركة لمكافحة القرصنة مع البحرية المصرية[26]. وفي عام 2021، أجرت القوات الصينية والسعودية مناورات عسكرية مشتركة بينها مناورات بحرية[27].

4- الدوافع الثقافية:

يتوافق العرب والصينيون على أهمية التعددية والتنوع الحضاري والتعايش بين الثقافات والشعوب دون اللجوء لفرض نموذج قيمي محدد أو ما يسمى بالتنميط الثقافي، لذلك اتجه الجانبان لرفض مقولات صراع الحضارات والتفوق الحضاري، وتبني الدعوة إلى تعزيز التعاون في مجالات الأديان والثقافة والتعليم، وهو ما تجسد في إنشاء العديد من الجامعات الصينية في عدد من الدول العربية، وزيادة الأقسام المتخصصة لتعليم اللغة الصينية في الجامعات العربية، وقدمت الصين منذ 2013 وحتى 2022 ما يقرب من 11 ألف منحة دراسية حكومية للطلاب العرب، وتجاوز عدد الطلاب الوافدين العرب إلى الصين 20 ألف طالب كل عام دراسي، فضلاً عن افتتاح العديد من معاهد كونفوشيوس المعنية بنشر الثقافة الصينية ومبادئها.

في حين اهتمت الصين بإيفاد عدد من طلابها إلى الجامعات العربية لتعلم اللغة العربية وافتتاح أقسام بعدد من الجامعات الصينية لتعلم اللغة العربية وآدابها[28].

 

ثانيًا: نتائج الزيارة ومدي تأثيرها علي العلاقات الصينية- العربية:

يمكن الإشارة إلي مجموعة من النتائج التي أسفرت عنها زيارة الرئيس الصيني إلي السعودية، كما يلي:

1- علي المستوي السياسي:

فقد عززت الزيارة حالة التناغم السياسي التي برزت سابقاً تجاه بعض الملفات العربية والصينية، وهو ما يمكن تلمسه من خلال البيان الختامي الصادر عن القمة الصينية- العربية. فقد أكد البيان علي:

أ- ضرورة أن يكون التعاون الدولي في مجال حقوق الإنسان قائمًا على أساس المساواة والاحترام المتبادل، ورفض تسييس قضايا حقوق الإنسان واستخدامها كأداة لممارسة الضغوط على الدول والتدخل في شئونها الداخلية، كما طالب الإعلان بحق شعوب العالم في اختيار الطرق لتطور الديمقراطية والنظم الاجتماعية والسياسية التي تتناسب مع ظروفها الوطنية بإرادتها المستقلة، ورفض التدخل في شئون الدول الداخلية بذريعة الحفاظ على الديمقراطية.

ب-  التزام الدول العربية الثابت بمبدأ الصين الواحدة، ودعمها لجهود الصين في الحفاظ على سيادتها ووحدة أراضيها، والتأكيد مجددًا أن تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، ورفض استقلال تايوان بكل أشكاله، ودعم الموقف الصيني في ملف هونج كونج[29].

وفي المقابل، فقد أكد البيان الختامي علي دعم مبادرة ومساعي دولة الإمارات للتوصل إلى حل تفاوضي وسلمي لقضية الجزر الثلاث (أبو موسى، طنب الكبرى، وطنب الصغرى)، التي تزعم إيران أنّها ضمن أراضيها، بالإضافة إلى مطالبة إيران بالانخراط بشكل جاد في المفاوضات للعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني.

وهو ما تسبب في غضب إيران، حيث أعلن ناصر كنعاني، المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، في 10 ديسمبر 2022، استدعاء سفير الصين لدى طهران، للتعبير عن استياء بلاده مما ورد في بيان القمة الخليجية الصينية في الرياض، واعتبر وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان الجزر الثلاث “جزءًا لا يتجزأ” من أراضي بلاده، ولفت في تغريدة على تويتر، إلى أن إيران لن تجامل أي طرف فيما يتعلق بـ”احترام وحدة أراضيها”[30].

وفي هذا الإطار أيضًا، تحدثت العديد من التقارير الإعلامية عن استياء الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، من الخطوة الصينية الأخيرة، وأشارت إلى أن طهران غاضبة جدًّا من البيان المشترَك الصادر عن القمّتَين الخليجية-الصينية والصينية-السعودية، الذي يؤيّد الاتهامات لإيران بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، ويعتبر سلوكها السبب الرئيسي لحالة عدم الاستقرار في منطقة الخليج، وأن الرئيس الإيراني أمرَ أيضًا بتأجيل توقيع عدد من الاتفاقيات مع بكين، وطلب إبلاغ الصينيين أن طهران لم تعد معنية بتأمين أي حماية للشركات الصينية العاملة في العراق أو سوريا.

كما أشارت إلى أن رئيسي أوعز بدراسة طلب نشطاء من أقلية الإيغور المسلمة، التي تقول دول غربية إنها مضطهدة في الصين، لتأسيس مكتب لها في طهران وإعطاء بعضها حق اللجوء السياسي، ردًّا على قيام التلفزيون الصيني الرسمي بإجراء مقابلة مع أحمد ابن الشاه المخلوع محمد رضا بهلوي، بالتزامن مع استمرار الاحتجاجات التي تشهدها إيران.

وتدرك إيران أن العلاقات الوثيقة مع الصين تصبّ بالنهاية في خدمة موقعها ضمن معادلة التوازنات الإقليمية بالمنطقة، فالظهير الدولي يؤدي دورًا مهمًّا في هذا الإطار، وفي ظل التعثر والانشغال الروسي بالأزمة الأوكرانية، لم يتبقَّ أمام إيران إلّا الورقة الصينية كي تناور بها أمام القوى الإقليمية الأخرى، أبرزها السعودية وتركيا، ومن ثم إن دخول السعودية على خط العلاقات الفاعلة مع الصين، إلى جانب الإغراءات الاقتصادية التي يمكن أن تقدّمها، قد يدفعا الصين بالنهاية إلى تقليل التزامها الاستراتيجي بإيران، وهو ما يشكّل خشية رئيسية لإيران.

ليس هذا فحسب، بل إن إمكانية حصول الصين على بيئة استثمارية أكثر أمانًا من إيران التي تواجه الاحتجاجات، والعراق الذي يواجه حالة عدم استقرار سياسي وأمني، عبر الاستثمار في الدول الخليجية، قد يسحب بدوره ممرًّا اقتصاديًّا مهمًّا تمكّنت من خلاله إيران التحايل على العقوبات الأمريكية طيلة الفترة الماضية، وهو ما يضيف بدوره مزيدًا من الضغوط على إيران، التي راهنت منذ ثلاث سنوات ماضية على خيار التوجه نحو الشرق، كردّ فعل مباشر على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، والعجز الأوروبي على إعادة إحياء الاتفاق من جديد[31].

2- علي المستوي الاقتصادي:

أنتجت الزيارة مجموعة من الاتفاقيات وتنسيق الرؤي حول السياسات الاقتصادية، وهو ما يمكن توضيحه كما يلي:

أ- أسفر الاجتماع بين الرئيس “بينج” مع العاهل السعودي الملك “سلمان بن عبد العزيز” عن توقيع عددًا كبيرًا من الاتفاقات بين الرياض وبكين بلغت قيمتها الإجمالية نحو 30 مليار دولار، شملت، بحسب وكالة الأنباء السعودية، مجالات الطاقة الخضراء والهيدروجين الأخضر، والطاقة الشمسية الكهروضوئية، وتقنية المعلومات والخدمات السحابية، والنقل والخدمات اللوجستية، والصناعات الطبية، والإسكان، ومصانع البناء[32].

فضلاً عن توقيع مذكرات تفاهم لـ”مواءمة” مبادرة “الحزام والطريق” الصينية مع خطة التنويع الخاصة برؤية المملكة العربية السعودية 2030[33].

ب- خلال القمة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، قال “شي” إن الصين تريد البناء على التعاون الحالي في مجال الطاقة بين دول مجلس التعاون الخليجي والصين. كما أكد أن بلاده ستواصل “استيراد النفط الخام بطريقة متسقة وبكميات كبيرة من دول مجلس التعاون الخليجي، فضلاً عن زيادة وارداتها من الغاز الطبيعي من دول المجلس”.

وفي سياق متصل، فقد أعلنتا شركة النفط الوطنية السعودية العملاقة “أرامكو” ومجموعة “شاندونج” الصينية للطاقة، في 9 ديسمبر الحالي، أنهما تستكشفان التعاون في مجال التكرير المتكامل وفرص البتروكيماويات في الصين. وقد سبق أن نفذت المملكة هذا العام (2022) بالفعل أحد أكبر استثماراتها في الصين باستثمار أرامكو لـ  10 مليارات دولار في مصفاة ومجمع للبتروكيماويات في شمال شرق الصين[34].

ت- حث “شي” نظراءه في دول مجلس التعاون الخليجي على “الاستفادة الكاملة من بورصة شنغهاي للبترول والغاز كمنصة لإجراء مبيعات النفط والغاز باستخدام العملة الصينية (اليوان)، وهي خطوة من شأنها أن تجعل الصين أقرب إلى هدفها المتمثل في تعزيز عملتها دوليًا، وإضعاف الدولار الأمريكي بشكل كبير.

وفي حين، انتظر كثيرون قرارات بشأن التحول المزعوم من الدولار الأمريكي إلى اليوان الصيني فيما يتعلق بتداول النفط، لم تصدر أي إعلانات على هذا الصعيد في زيارة “شي”، ولم تؤكد بكين والرياض شائعات بأن الجانبين يناقشان التخلي عن البترودولار.

وفي المقابل، يرى المحللون أن القرار تطور منطقي في علاقة الطاقة بين الصين والسعودية، لكنهم يقولون إنه ربما يستغرق المزيد من الوقت[35].

3- علي المستوي العسكري:

تعد الملفات العسكرية والأمنية في العلاقات الخليجية الصينية أقل بروزاً بالنسبة للعلاقات الثنائية، فهي علاقات اقتصادية بالدرجة الأساسية. إلا أن ذلك لا ينفي خلو العلاقات الثنائية من تنسيق مشترك في مجال الأمن، خاصة مع تطور القطاع العسكري لدى الصين؛ من مجال الصناعات العسكرية التقليدية إلى تطوير تكنولوجية عسكرية متقدمة ومتفوقة.

لذلك قد يظهر من نتائج الزيارة توسيع التجارة العسكرية بين الجانبين لا سيما في الأسلحة المتطورة التي تنتجها الصين، مثل الأسلحة الحربية ذات القدرة على المناورة والأسلحة الليزرية والأسلحة فوق الصوتية والمدافع الكهرومغناطيسية والروبوتات الذكية والمضادات للهجمات الجوية، وغيرها من التقنيات المتقدمة[36].

4- علي المستوي الثقافي:

شدد البيان الختامي للقمة الصينية- العربية علي أهمية تعزيز الحوار بين الحضارات واحترام الثقافات المختلفة، ونبذ دعاوى الكراهية والتطرف وصراع الحضارات بين أتباع الأديان والثقافات، وتأكيد أن الحضارتين العربية والصينية قدمتا مساهمات فريدة في تقدم الحضارة البشرية، وتحرصان على مواصلة الدعوة إلى الحوار والتواصل بين الحضارات والحفاظ على التنوع الحضاري العالمي ونبذ التمييز والتحيز ضد حضارة معينة ورفض نظرية صراع الحضارات[37].

وخلال تلك القمم، تم الإعلان عن إطلاق جائزة الأمير محمد بن سلمان للتعاون الثقافي بين السعودية والصين[38].

 

ثالثًا: التحديات التي قد تحول دون تطوير العلاقات الصينية- العربية:

تتمثل أبرز التحديات التي قد تحول دون تطوير العلاقات الصينية- العربية بصورة رئيسية فيما يلي:

1- محدودية الانخراط الصيني في القضايا العربية: كان يُؤخذ على العلاقات العربية – الصينية أنها لم تكن تشمل تحولات عميقة في الجوانب السياسية والأمنية؛ نتيجة للاستراتيجية الصينية الراغبة في أن تكون “صديقة للجميع”، لأنها لا تريد أن تخسر أحداً، وكان أبرز مثال على ذلك موقفها من التدخلات الإيرانية في الشأن العربي، حيث لم تكن بكين تُبدي أي موقف ضد طهران[39].

أكثر من ذلك، فإن علاقات الصين بإيران تتجه إلى الاستقرار، فقد وقعتا مطلع 2021 على اتفاقية “شراكة استراتيجية” مدتها 25 عامًا تضخ الصين وفقًا لها استثمارات بقيمة 400 مليار دولار في الاقتصاد الإيراني على مدار ربع قرن، وتستهدف قطاعَي النفط والغاز خصوصًا[40].

أضف إلي ذلك، فأن الانخراط الصيني في التعامل مع أزمات دول الصراعات العربية مثل ليبيا وسوريا والعراق واليمن، لايزال دون المأمول لاسيما وأنها تدرك التكلفة السياسية لمواجهة تلك الأزمات[41].

2- الحضور الأمريكي القوي في المنطقة العربية: في مقابل المحدودية الصينية، فإن المنطقة لازالت تشهد وجودًا أمريكيًا في العديد من الملفات، وفى مقدمتها القضية الفلسطينية وإن كان بمعايير مزدوجة، وقضايا دول الصراعات العربية في سوريا وليبيا واليمن، كما أن لديها مبعوثين دوليين في ملفات المنطقة المختلفة، فضلًا عن قيادتها للتحالف الدولي لمواجهة تنظيم “داعش”[42].

ومن غير المتوقع أن تغادر واشنطن هذه المنطقة في المدي المنظور، فعلي الرغم من أن تلك المنطقة لا تمثل ساحة التنافس الرئيسية لأمريكا مع الصين، بعكس شرق آسيا والمحيط الهادئ، فإن الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأمريكية، يرى أن المنطقة تمثل مركز المنافسة الاستراتيجية لأمريكا مع روسيا والصين، وهو ما يشاركه فيه العديد من الخبراء الأمريكيين الذين يحذرون من توظيف الصين لتواجدها في قطاعات الموانئ والاتصالات بدول المنطقة، في جمع معلومات عن القوات والمعدات الأمريكية، وسرقة التكنولوجيا الخاصة بها، واستخدام الوجود المدني لتعزيز الوجود العسكري مستقبلاً، بحجة حماية الاستثمارات والمصالح الصينية[43].

وعليه، فمن غير المتوقع أن تتنازل واشنطن عن موقعها في المنطقة باعتبارها الحليف الأمني الأول للدول الخليجية، وهو ما يلاحظ من التصريحات الأمريكية بشأن مخاوفها من التهديدات الإيرانية المزعومة للسعودية، وأنها لن تتردد في الرد إذا لزم الأمر، حسب تعبيرها، وقد صرحت واشنطن بذلك في 3 نوفمبر، أي بعد الإعلان عن الزيارة الصينية إلى الرياض، وفي 7 نوفمبر ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن القيادة الأمريكية الوسطى أطلقت مقاتلات باتجاه إيران كجزء من حالة التأهب الشاملة للقوات الأمريكية السعودية.

ربما تشير هذه التصريحات إلى المساعي الأمريكية لإعادة مراجعة حضورها في منطقة الخليج بعد خفوت الحضور مؤقتاً والانشغال بمنطقة الشرق الآسيوي، وهو ما يجعل مستقبل العلاقة الخليجية الصينية، خصوصاً في الملفين السياسي والأمني، مرهونة بشكل مباشر بمدى تقدم أو تراجع الرؤية الأمريكية بشأن الحضور في منطقة الخليج[44].

3- صعوبة تخلي الدول العربية والخليجية عن المظلة الأمنية الأمريكية: فهذه الدول لا تزال تعتمد في مجالَي الأمن والتسليح بشكل كبير على الولايات المتحدة. فالدولة الوحيدة التي لا تزال تضمن أمن الملاحة في الخليج هي الولايات المتحدة خصوصاً عبر أسطولها الخامس الذي يتخذ من البحرين مقراً له[45].

ولذلك، لم تظهر حتي الآن أي مؤشرات حقيقية حول نية تلك الدول عن التخلي عن تحالفها مع الولايات المتحدة. وهو ما يمكن تلمسه حتي في زيارة الرئيس الصيني الأخيرة إلي السعودية؛ فلم يجرِ، خلال القِمم الثلاث، الإعلان عن أي أمر يثير استفزاز الأميركيين، من نوع مبيعات أسلحة حساسة محسومة أو مشاركة صينية مثبتة في بناء معامل للصواريخ الباليستية أو الطائرات المسيرة أو الطاقة النووية في السعودية (على رغم أن ثمّة شكوكاً أميركية في وجود مِثل هذا التعاون)، أو اعتماد اليوان جزئياً أو كلّياً في مبيعات النفط السعودية لبكين، والتي تبلغ 1.8 مليون برميل يومياً، أي ما يعادل ربع الاستهلاك الصيني.

وعلي الرغم من أنه تم الإعلان عن 46 اتفاقية ثنائية ومذكرة تفاهم بين السعودية والصين، ورغم تقارير وسائل الإعلام الحكومية السعودية، التي أشارت إلى أن تلك الاتفاقيات بلغت قيمتها نحو 30 مليار دولار[46]، وهذا رقم كبير، بيد أنه ليس أكبر من الرقم الذي سبقه عندما زار الملك سلمان بكين قبل خمس سنوات، وأبرم اتفاقات معها بقيمة تناهز الـ 65 مليار دولار[47].

وفي هذا السياق، يمكن تفهم التصريحات الأمريكية الهادئة تجاه تلك الزيارة، حيث أعلنت الولايات المتحدة في تعليقها على زيارة الرئيس الصيني للسعودية أنها لا تطلب من الدول الأخرى الاختيار بينها وبين الصين[48]

حيث صرح نيد برايس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، خلال مؤتمر صحفي في الأول من نوفمبر الجاري إلى أن بلاده لا تطلب من الدول أن تختار بينها وبين دولة أخرى، وأن هدف واشنطن هو «منح الدول خياراً، وجعل اختيار الولايات المتحدة وما تطرحه على الطاولة الخيار الأكثر جاذبية»[49].

كما أكد جون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، أنه “إذا أراد أصدقاؤنا وشركاؤنا في الشرق الأوسط مقابلة الرئيس شي جين بينغ والتحدث معه حول مجموعة من القضايا، فمن المؤكد أن هذا حقهم ونحن نحترم ذلك”، موضحاً أن ما تركز عليه الولايات المتحدة هو “علاقاتها ومصالحها الأمنية في الشرق الأوسط، على المستوى الثنائي والمتعدد الأطراف”.

وكان متحدث باسم الخارجية الأمريكية، قد علّق على زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية، في تصريحات لقناة “الحرة”، بأن الولايات المتحدة “لديها علاقة مع الصين، وكذلك حلفاؤنا وشركاؤنا في جميع أنحاء العالم”.

وقال المتحدث، “لا يحق لنا أن نقول كيف يجب أن تبدو العلاقة الثنائية بين أي دولتين عندما لا تكون الولايات المتحدة من بين هذين البلدين”، وأشار المتحدث، حسب القناة، إلى أن “الدول ستتخذ قراراتها السيادية بشأن سياستها الخارجية وعلاقاتها وشراكاتها وتحالفاتها. هدفنا هو منح البلدان في جميع أنحاء العالم خياراً، وجعل اختيار الولايات المتحدة وما نطرحه على الطاولة الخيار الأكثر جاذبية من بين كل الخيارات المتوفرة”[50].

 

رابعًا: الموقف المصري من المشاركة في القمة العربية- الصينية:

يمكن حصر أهم الدوافع التي تقف خلف مشاركة مصر في هذه القمة العربية- الصينية في مجموعة من الأسباب، أبرزها:

1- انسياق مصر خلف التوجهات الخارجية لكلًا من السعودية والإمارات، فقد استطاعت الدولتين خلق علاقة قوية مع مصر تقوم على “دبلوماسية المساعدات” لتوطيد هذه العلاقة[51].

ظهر ذلك في أكثر من موقف، لعل أهمها؛ الانفتاح المصري الأخير علي قطر وتركيا بعدما توجهت السعودية والإمارات لتحسين العلاقات معهما، ورغم وجود تحفظات مصرية علي تحسين هذه العلاقات.

2- إن حضور مصر في القمة جاء في ظل السياسة التي ينتهجها عدد من الدول النامية، ومنها مصر، والقائمة على بناء علاقات متوازنة مع جميع الدول، وعلى وجه الخصوص الخمسة الكبار. وإن كانت مصر – علي عكس الدول العربية – تواجه صعوبات كبيرة لتحقيق هذه السياسة تتمثل أبرزها؛ في أنه اعتباراً من 1980، تتلقى مصر ثاني أكبر معونة عسكرية واقتصادية من الولايات المتحدة، بموجب مذكرة التفاهم المصرية الأميركية الموقعة في العام ذاته، بشرط أن تحافظ مصر على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية المبرمة في كامب ديفيد في مارس 1979.

3- الرغبة في زيادة السياحة والاستثمارات الصينية في مصر، في وقت تعاني فيه الأخيرة من نقص الاستثمارات الأجنبية المباشرة.

4- تبقى قضية التمويل الصيني لسد النهضة الإثيوبي أساسية بالنسبة للقاهرة في أي مناسبة تجمع مسؤوليها بنظرائهم الصينيين، وسط عجز الدبلوماسية المصرية عن إقناع بكين بوقف تمويل المشروع إلا لفترة وجيزة لم تستمر طويلاً[52].

 

خامسًا: الخلاصات والاستنتاجات:

– تركز الصين في علاقاتها مع الدول العربية عمومًا والخليجية خصوصًا علي البحث عن موضع قدم لتعزيز حضورها الاقتصادي، حيث توجد احتياطيات النفط الخام والغاز الطبيعي والأسواق المالية ذات الدخل المرتفع، فضلاً عن الموانئ المهمة للخدمات اللوجستية الدولية والاستثمارات التكنولوجية ومبيعات الأسلحة[53].

وفي المقابل، فمع أن دول الخليج لا تترد في التأكيد علي علاقاتها الأمنية الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، لكن ما دام هناك سيولة في النظام الدولي، فإن تنويع الشراكات الاستراتيجية يعد خيارًا أساسيًا لدول المنطقة، لحفظ مصالحها الوطنية[54].

أضف إلي ذلك، حالة الغضب العربي من الحليف الأمريكي وتحديداً خلال إدارة الرئيس جو بايدن الساعي نحو التخلي عن الثوابت الأساسية في العلاقات الاستراتيجية القائمة على الحفاظ على أمن المنطقة مقابل الطاقة، وذلك إما بالتقليل من أهمية الشرق الأوسط أو من خلال السعي لتوقيع الاتفاق النووي مع إيران[55].

– تتمثل أبرز محفزات تطوير العلاقات بين الصين والدول العربية أنها لا ترتبط بشروط ومعايير من نوع “الدمقرطة” و”احترام حقوق الانسان”، حيث لا تكترث هذه الدول بهذه المنظومة من القيم والمبادئ، ويتجاهرون بأن واشنطن لا تكترث بها كذلك، وأنها بالنسبة إليها، ليست سوى أوراق ضغط و”ابتزاز”، تستخدمها ضد خصومها ومُجادليها، وأن احترام “الخصوصية”، الثقافية والحضارية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، واحترام شعار “عالمية المصالح” بدلاً عن “عالمية القيم”، هي القواعد التي يجب أن تحكم النظام العالمي والعلاقات الدولية، وبخلاف ذلك، ليس سوى تعبير عن الاستعلاء والإحساس بالتفوق ورغبة في إدامة الهيمنة السياسية والثقافية[56].

– تتمثل أبرز معوقات تطوير العلاقات بين الصين والدول العربية عمومًا والخليجية خصوصًا، في أن الشراكة الخليجية المتنامية مع الصين لا تزال ترتكز على القضايا النفطية والاقتصادية، حيث أضحت الصين أكبر مستهلك للنفط الخليجي. لكن لا يمكن لتكل الشراكة أن تعوض بالكامل الفراغ الأمني الذي تتركه أميركا في المنطقة. فعلى عكس تركيا وإيران اللتين استطاعتا تطوير قدراتهما العسكرية في العقدين الأخيرين، وأصبحتا أكثر اعتماداً على نفسيهما، فإن دول الخليج تفتقر إلى المقومات العسكرية الذاتية ولا تزال تعتمد على الشراكة الأمنية مع الولايات المتحدة[57].

– الغياب الواضح لاختراقات في القضايا الحساسة مثل الدفاع والاتصالات بين الصين ودول الخليج، يفترض أن يسمح بتهدئة مخاوف الولايات المتحدة بشأن مخاطر أمنية محتملة في استخدام تكنولوجيا الشركات الصينية، التي شاركت بتأسيس شبكات الجيل الخامس في معظم دول الخليج[58].

– في المحصلة، بينما تعمل أمريكا على تشكيل وتعزيز تحالفاتها في المحيط الهادئ وشرق آسيا لحصار التمدد الصيني، تُعزّز بكين حضورها في منطقة ظلت تُعتبر منطقة نفوذ أمريكي خالصة، خلال العقود الأخيرة، وتخشى واشنطن من أن يؤدي النفوذ الاقتصادي الصيني بالمنطقة إلى توليد نفوذ سياسي وأمني وعسكري، يجذب حلفاء أمريكا بعيداً عنها، وهو التخوف الذي يزيد من وتيرته انعقاد القمة العربية الصينية الأولى المرتقبة، ولعل هذا ما يفسر عدم لجوء إدارة بايدن لاتخاذ إجراءات انتقامية ضد الرياض، رداً على قرار تخفيض إنتاج النفط، فضلاً عن تسريع أمريكا وتيرة بناء نظام إقليمي أمني جديد في الشرق الأوسط يقوم على التعاون بين إسرائيل وعدة دول عربية، ما يساعد واشنطن على توجيه مواردها تجاه المناطق التي ترى أنها أكثر أهمية في كبح النفوذ الصيني، وهي استراتيجية تحمل في طيّاتها مخاطر عدة، وتكشف عن تآكل في قوة الردع الأمريكية، وعدم القدرة على العمل في عدة مناطق في وقت متزامن، في مواجهة تحديات مختلفة[59].

 

 

 

[1] ” الحاضرون والغائبون عن القمة العربية الصينية في السعودية”، أر تي عربي، 9/12/2022، الرابط: https://bit.ly/3uW1QXr

[2] “شراكات مرتقبة.. كيف تنعكس فعاليات القمة العربية الصينية على العلاقات بين أطرافها؟”، القاهرة الإخبارية، 8/12/2022، الرابط: https://bit.ly/3j4y4Nw

[3] “زيارة شي جين بينغ إلى السعودية وآفاق العلاقات مع الصين”، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 12/12/2022، الرابط: https://bit.ly/3BAyfqn

[4] “مكتسبات متعددة.. ماذا تحقق من القمة العربية الصينية بالسعودية؟”، القاهرة الإخبارية، 10/12/2022، الرابط: https://bit.ly/3j3MCx6

[5] “انعكاسات زيارة الرئيس الصيني المرتقبة على العلاقات الخليجية الصينية”، مرجع سابق.

[6] “العامل الصيني: كيف تتعامل دول الشرق الأوسط مع عالم متعدد الأقطاب؟”، إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية، 12/12/2022، الرابط: https://bit.ly/3UYMBI7

[7] “توجيه السعودية بوصلتها تجاه الصين.. دوافع وتداعيات”، الخليج الجديد (مترجم)، 15/12/2022، الرابط: https://bit.ly/3uQg0JV

[8] ” “شراكة شاملة”.. هل ساهمت أزمتا النفط وأوكرانيا في تقارب صيني-سعودي؟”، تي أر تي عربي، 9/12/2022، الرابط: https://bit.ly/3FQYyuV

[9] “توجيه السعودية بوصلتها تجاه الصين.. دوافع وتداعيات”، مرجع سابق.

[10] ” “شراكة شاملة”.. هل ساهمت أزمتا النفط وأوكرانيا في تقارب صيني-سعودي؟”، مرجع سابق.

[11] المرجع السابق.

[12] “انعكاسات زيارة الرئيس الصيني المرتقبة على العلاقات الخليجية الصينية”، مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، 9/11/2022، الرابط: https://bit.ly/3HEnp6z

[13] ” مصالح مشتركة ومبدأ مقدس.. 5 دلالات رئيسية لزيارة الرئيس الصيني إلى السعودية”، الخليج الجديد، 11/12/2022، الرابط: https://bit.ly/3FsLqej

[14] “انعكاسات زيارة الرئيس الصيني المرتقبة على العلاقات الخليجية الصينية”، مرجع سابق.

[15] “زيارة شي جين بينغ إلى السعودية وآفاق العلاقات مع الصين”، مرجع سابق.

[16] المرجع السابق.

[17] “ثلاث قمم مع العرب.. المارد الصيني يهدد النفوذ الغربي”، نون بوست، 7/12/2022، الرابط: https://bit.ly/3W8mGP8

[18] “شراكات مرتقبة.. كيف تنعكس فعاليات القمة العربية الصينية على العلاقات بين أطرافها؟”، مرجع سابق.

[19] المرجع السابق.

[20] ” “شراكة شاملة”.. هل ساهمت أزمتا النفط وأوكرانيا في تقارب صيني-سعودي؟”، مرجع سابق.

[21] “زيارة شي جين بينغ إلى السعودية وآفاق العلاقات مع الصين”، مرجع سابق.

[22] “ما تريده السعودية من زيارة الرئيس شي”، معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني، 7/12/2022، الرابط: https://bit.ly/3FPjrXA

[23] “الشرق الأوسط يتكيف مع عالم متحول”، الجزيرة نت، 12/12/2022، الرابط: https://bit.ly/3Po4RJL

[24] “زيارة شي جين بينغ إلى السعودية وآفاق العلاقات مع الصين”، مرجع سابق.

[25] “ما تريده السعودية من زيارة الرئيس شي”، مرجع سابق.

[26] “أول قمة عربية صينية في السعودية.. إلى أين يصل التنافس الصيني الأمريكي في الشرق الأوسط؟”، عربي بوست، 7/12/2022، الرابط: https://bit.ly/3Bvyvaf

[27] “ما تريده السعودية من زيارة الرئيس شي”، مرجع سابق.

[28] “شراكات مرتقبة.. كيف تنعكس فعاليات القمة العربية الصينية على العلاقات بين أطرافها؟”، مرجع سابق.

[29] “”إعلان الرياض”.. ما مخرجات القمة العربية-الصينية؟”، القاهرة الإخبارية، 11/12/2022، الرابط: https://bit.ly/3j5M2Pd

[30] “هل تتأثر العلاقات الصينية الإيرانية بتوجه بكين نحو الخليج؟”، القاهرة الإخبارية، 12/12/2022، الرابط: https://bit.ly/3uQuXeQ

[31] “كيف تعاطت إيران مع مخرجات القمة العربية الصينية؟”، نون بوست، 12/12/2022، الرابط: https://bit.ly/3uTicAl

[32] “زيارة شي جين بينغ إلى السعودية وآفاق العلاقات مع الصين”، مرجع سابق.

[33] “العامل الصيني: كيف تتعامل دول الشرق الأوسط مع عالم متعدد الأقطاب؟”، مرجع سابق.

[34] ” مصالح مشتركة ومبدأ مقدس.. 5 دلالات رئيسية لزيارة الرئيس الصيني إلى السعودية”، مرجع سابق.

[35] المرجع السابق.

[36] “انعكاسات زيارة الرئيس الصيني المرتقبة على العلاقات الخليجية الصينية”، مرجع سابق.

[37] “”إعلان الرياض”.. ما مخرجات القمة العربية-الصينية؟”، مرجع سابق.

[38] ” الحاضرون والغائبون عن القمة العربية الصينية في السعودية”، مرجع سابق.

[39] “مسار العلاقات العربية – الصينية بعد قمم الرياض”، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 12/12/2022، الرابط: https://bit.ly/3FOIYjs

[40] “زيارة شي جين بينغ إلى السعودية وآفاق العلاقات مع الصين”، مرجع سابق.

[41] “شراكات مرتقبة.. كيف تنعكس فعاليات القمة العربية الصينية على العلاقات بين أطرافها؟”، مرجع سابق.

[42] المرجع السابق.

[43] “أول قمة عربية صينية في السعودية.. إلى أين يصل التنافس الصيني الأمريكي في الشرق الأوسط؟”، عربي بوست، 7/12/2022، الرابط: https://bit.ly/3Bvyvaf

[44] “انعكاسات زيارة الرئيس الصيني المرتقبة على العلاقات الخليجية الصينية”، مرجع سابق.

[45] ” استقبال السعودية للرئيس الصيني ومعادلة التحالفات المرنة”، تي أر تي عربي، 11/12/2022، الرابط: https://bit.ly/3YktHhJ

[46] “حصاد قمم الرئيس الصيني بالسعودية.. تعاون اقتصادي وسياسي واسع دون إثارة أمريكا”، الخليج الجديد، 11/12/2022، الرابط: https://bit.ly/3Weo5ng

[47] “قمم “شي”.. ومستقبل علاقات الرياض ببكين وواشنطن”، الحرة، 11/12/2022، الرابط: https://arbne.ws/3WgoHZt

[48] “النأي بالشَّراكات عن الاستقطابات: زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية وأبعادها الجيوسياسية”، مركز الإمارات للسياسات، 7/12/2022، الرابط: https://bit.ly/3Ymo56B

[49] “انعكاسات زيارة الرئيس الصيني المرتقبة على العلاقات الخليجية الصينية”، مرجع سابق.

[50] “النأي بالشَّراكات عن الاستقطابات: زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية وأبعادها الجيوسياسية”، مرجع سابق.

[51] “السعودية بوابة الصين إلى الشرق الأوسط”، القدس العربي، 6/12/2022، الرابط: https://bit.ly/3uROXxC

[52] “الأجندة المصرية في القمة العربية -الصينية: الاقتصاد أولاً”، العربي الجديد، 10/12/2022، الرابط: https://bit.ly/3BAqpgu

[53] ” “شراكة شاملة”.. هل ساهمت أزمتا النفط وأوكرانيا في تقارب صيني-سعودي؟”، مرجع سابق.

[54] “النأي بالشَّراكات عن الاستقطابات: زيارة الرئيس الصيني إلى السعودية وأبعادها الجيوسياسية”، مرجع سابق.

[55] “مسار العلاقات العربية – الصينية بعد قمم الرياض”، مرجع سابق.

[56] “قمم “شي”.. ومستقبل علاقات الرياض ببكين وواشنطن”، مرجع سابق.

[57] “الشرق الأوسط يتكيف مع عالم متحول”، مرجع سابق.

[58] “حصاد قمم الرئيس الصيني بالسعودية.. تعاون اقتصادي وسياسي واسع دون إثارة أمريكا”، مرجع سابق.

[59] “أول قمة عربية صينية في السعودية.. إلى أين يصل التنافس الصيني الأمريكي في الشرق الأوسط؟”، مرجع سابق.

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022