قبل الإعلان عن برنامج طرح (32) شركة للخصخصة، ذهب تقرير لمعهد كارنيجي لأبحاث الشرق الأوسط إلى أن نظام الجنرال عبدالفتاح السيسي يواجه عقبات في الوفاء بشروط صندوق النقد الدولي المتعلقة بالخصخصة وبيع أصول الدولة لتوفير السيولة الدولارية التي يحتاج إليها للخروج من الأزمة التي يواجهها، ومن أهم هذه العقبات على الإطلاق معارضة الجيش لسياسات الخصخصة بشكل عام وليس خصخصة بعض شركاته فقط. يقول المحلل الاقتصادي يزيد الصايغ في التقرير المنشور على موقع المعهد بتاريخ الخميس 12 يناير23م: «المعروف أن المؤسسة العسكرية تعارض بيع أيٍّ من أصول الدولة عمومًا، وليس فقط أصولها هي».
ويبرهن الصايغ على ذلك بـ«اعتراض بعض نواب البرلمان علنا على خطة الحكومة لخصخصة الشركات والأصول الأخرى التابعة لهيئة قناة السويس، والتي تنظر إليها المؤسسة العسكرية على أنها منطقة اقتصادية حصرية خاصة بها، والكثير منهم قام جهازا الاستخبارات العسكرية والمخابرات العامة بانتقائهم أصلًا».
ويضيف أنه «من المحتمل أن تعرقل مشاعر الريبة العسكرية محاولات الرئيس والحكومة جذب استثمارات إماراتية أضخم بشكل خاص، حيث تشكّل منطقة قناة السويس المصلحة التجارية والاستراتيجية الحقيقية الأوحد للإمارات في مصر».
وحسب تقرير صندوق النقد الدولي، فقد تعهدت حكومة السيسي بتأمين 2.5 مليار دولار من بيع أصول مملوكة للدولة بنهاية السنة المالية 2022-2023 والتي سيتم بيعها مباشرة إلى صناديق سيادية إقليمية ومن خلال طرح حصص في البورصة المحلية.
وحصلت الحكومة المصرية على ما يزيد على 4 مليارات دولار من حصيلة بيع أسهم الشركات المملوكة للدولة إلى صناديق الثروة السيادية الخليجية، العام الماضي(2022)، ويعمل صندوق مصر السيادي على خطة لتسويق أكثر من 40 مشروعا بقيمة 140 مليار جنيه (الدولار يساوي 30.30 جنيها).
لكن تقرير معهد كارينجي (الشرق الأوسط) للباحث يزيد الصايغ، قلل من جدية السلطات أو قدرتها على تحقيق ما تعهدت به، خاصة أن “المؤسسة العسكرية تعارض بيع أيٍّ من أصول الدولة عموما، وليس فقط أصولها هي”.
ويذهب إلى القول إن المقاومة العسكرية هي بالتأكيد السبب الرئيس في التأخير المستمر في تعويم الشركات العسكرية من خلال البورصة المصرية أو بيع أسهمها من خلال صندوق الثروة السيادي المصري، مشيرا إلى أن ذلك يخالف تبنّي السيسي المتكرر والعلني لهذا الخيار منذ العام 2018 (إن لم يكن منذ العام 2016)، والإعلان منذ 3 سنوات عن البدء بتحضير عرض 10 شركات عسكرية في السوق، وتصريحات حكومية رسمية بقرب عرض شركتَي “الوطنية” لمحطات الوقود و”صافي” للمياه المعدنية على رأس القائمة.[[1]]
إعلان الحكومة للخصخصة يوم الأربعاء 8 فبراير 2023م، تضمن شركتي وطنية وصافي التابعتين للجيش؛ الأمر الذي قد ينسف أطروحات الصايغ؛ لكن السيسي قبل أن يعلن عن ذلك استرضى الجيش بإجراءين مهمين:
الأول، هو تخصيص نحو 15 ألف كم من أراضي الدولة للجيش على جانبي 31 طريقا استراتيجيا، حيث أصدر السيسي الأحد 29 يناير22م قرارا جمهوريا رقم 17 لسنة 2023م؛ يقضي بتخصيص الأراضي الصحراوية الواقعة بعمق كيلومترين كاملين على جانبي 31 طريقاً رئيسياً لصالح الجيش، ما يحول الأخير فعلياً إلى أكبر مالك للأراضي القابلة للتنمية والترفيق والتطوير والاستثمار في البلاد، ويمنحه ميزة تنافسية على حساب الحكومة وهيئاتها المدنية، وكذلك المستثمرين.[[2]]
القرار يعني بكل وضوح أن السيسي يمنح الجيش باليمين أضعاف ما أخذه منه باليسار في خطة الخصخصة الأخيرة، بما يكرس وضعية الجيش ومركزيته في اقتصاد البلاد؛ وبالتالي فإن أي حديث عن تخارج الجيش من الاقتصاد هي مجرد مسرحية هزلية لا أساس لها من الصحة.
الثاني، هو إعلان السيسي أن صندوق هيئة قناة السويس المرتقب إنشاؤه بعد موافقة البرلمان على قانونه سيكون تحت إدارة مؤسسة سيادية في إشارة إلى الجيش؛ فالسيسي يعد الجيش بمنحه امتياز حق إدارة قناة السويس كتعويض أكبر بكثير من شركتي وطنية وصافي؛ وقد انتهى تحليل أعده الباحث السياسي ماجد مندور والمنشور على موقع “صدى” التابع لمركز مالكوم كير ـ كارنيجي إلى أن هيئة قناة السويس لطالما كانت خاضعة لسلطة المؤسسة العسكرية، حيث يتسلّم ضباط سابقون في البحرية رئاسة الهيئة من دون انقطاع منذ عام 1964، ويؤكد أن الجيش يتقاضى عمولة غير رسمية على جميع المراكب التي تعبر القناة.
وبالتالي فمشروع قانون صندوق هيئة قناة السويس الذي أقره البرلمان مؤخرا يستهدف الحفاظ على هذا التقليد؛ حيث أعلن السيسي أن الصندوق سيكون تحت إشراف “كيان سيادي”، وهو مصطلح مخفَّف تُقصَد به أجهزة الاستخبارات أو المؤسسة العسكرية، أدلى السيسي بهذا الكلام على الرغم من أن التعديل ينصّ على أن سلطة التعيينات في مجلس إدارة الصندوق منوطة بمجلس الوزراء الذي هو – نظريًا – هيئة مدنية سوف يتيح ذلك بصورة أساسية، للجيش الوصول إلى الصندوق غير الخاضع للإشراف، حيث يمكنه سحب مبالغ طائلة من عائدات القناة من دون أي رقابة مدنية.[[3]]
ويضيف التحليل أنه عند التدقيق في دوافع قرار نظام الجنرال عبدالفتاح السيسي لإنشاء صندوق خاص لهيئة قانون السويس، يتّضح أن القرار الذي اتّخذه النظام بإنشاء الصندوق هو مؤشرٌ على غياب الإرادة السياسية لإصلاح الصيغة العسكرية لرأسمالية الدولة. على النقيض، يبدو أن النظام يتمسّك أكثر بسياسته».
ويرى أن نأ الهدف من مشروع قانون صندوق هيئة قناة السويس ــ حسب تصريحات الجنرال عبدالفتاح السيسي ــ هو السماح لهيئة القناة بتكوين احتياطياتها النقدية الخاصة لتمويل المشاريع الإنمائية الضرورية في القناة من دون أن تُضطر إلى العودة إلى وزارة المالية للحصول على الأموال اللازمة.
وحسب مندور فإن تعديلات مشروع القانون ستجعل هيئة قناة السويس مفتوحةً أمام الجهات الاستثمارية الخاصة، في حال اختار الصندوق المقترح بيع بعض أصوله، أو إنشاء شركة مع جهة منتمية إلى القطاع الخاص. ولكن اللافت هو أن التعديل المقترح لم يأتِ على ذكر أي إشراف تشريعي على عمليات الصندوق.
وفي 19 ديسمبر (22م)، أبدى مجلس النواب موافقته المبدئية على تعديل القانون رقم 30 الصادر في عام 1975، المتعلق بتنظيم عمليات هيئة قناة السويس. ينص التعديل على إنشاء “صندوق قناة السويس” حيث يُستثمَر فائض الإيرادات التي يحققها تشغيل القناة.
ويجوز للصندوق أيضًا تأجير الأصول وبيعها وشراؤها، وإنشاء الشركات، والاستثمار في الأدوات المالية. وتَقرّر أن يكون للصندوق مجلس إدارة يعيّنه مجلس الوزراء ويقوده رئيس هيئة قناة السويس.
أطماع الإمارات
من أهم دوافع ترويض السيسي للجيش واسترضائه، ما نشره موقع الاستخبارات الفرنسي «AfricaIntelligence»، الأربعاء 19 أكتوبر 2022م، يزعم فيه بأن الجيش يعارض إجراءات الخصخصة بشكل عام وليس خصخصة بعض شركاته فقط. وأن السيسي يجد نفسه في حيرة بين الاستجابة لطلبات الرئيس الإماراتي الذي يحثه على الإسراع ببيع أصول الدولة للمستثمرين الإماراتيين، وقلق قيادات الجيش المصري الذين عبروا عن ارتيابهم من إجراءات الخصخصة على النحو الذي يعزز الوجود الإماراتي في مواقع استراتيجية مهمة كمنطقة قناة السويس التي يمر بها نحو 12% من التجارة العالمية سنويا.[[4]]
فاللواءات المصريون ــ حسب الموقع الفرنسي ـ لا ينظرون بارتياح للتحمُّس الذي تبديه الإمارات في السباق بين دول الخليج على تأمين استثمارات لنفسها على ضفاف قناة السويس، فأبو ظبي تستهدف ـ حسب الموقع الفرنسي ـ الاستحواذ على “الشركة الوطنية للبترول”؛ لأن الشركة تملك أصولاً من الأراضي في منطقة شرق دلتا النيل، بالقرب من قناة السويس، ومن ثم، فإن بيع الشركة يمكِّن هيئة الإمارات للاستثمار، أي صندوق الثروة السيادي لدولة الإمارات، من أن يستحوذ استحواذاً مباشراً على أصول تقع على ضفاف القناة.
وهو ما يعزز الوجود الإماراتي على ضفتي القناة بعدما سيطرت أبو ظبي على ميناء العين السخنة في صفقة مريبة سنة 2018م. ويشير الموقع الفرنسي إلى أن أبو ظبي ترى في قناة السويس ركناً أساسياً في خطة تنمية التجارة البحرية التي تتمحور حولها استراتيجية الدولة الخليجية للخروج من عصر الاعتماد على النفط. كما يضع بن زايد عينه على «جزيرة الوراق» الواقعة في قلب النيل بين الجيزة والقاهرة، والتي تعمل الحكومة على طرد سكانها لإغراء المطورين العقاريين بالاستثمار فيها.
ويحتاج السيسي إلى موافقة الجيش على استحواذ الإماراتيين على الجزيرة؛ لأن السيسي كان قد أصدر مرسوما رئاسياً منح به القوات المسلحة ملكية عشرات الجزر على النيل، منها جزيرة الوراق. كما يتطلع الرئيس الإماراتي محمد بن زايد أيضاً إلى الاستحواذ على قطعة أرض تقع عليها ناطحة سحاب تابعة لوزارة الخارجية المصرية على ضفاف نهر النيل، ومن المقرر إخلاؤها بعد الانتقال إلى العاصمة الجديدة في موعد لم يُعلن عنه بعد.
الخلاصة أن قطار الخصخصة الذي يقوده السيسي يمضي بأقصى طاقة ممكنة دون اكتراث لرفض الشعب أو موقف بعض الأجنحة داخل المؤسسة العسكرية والمؤسسات الأمنية، ومن أهم ما يدلل على ذلك الإعلان الحكومي الأخير بطرح (32) شركة للخصخصة، وقد سبق ذلك حكم الدستورية الأخير (السبت 14 يناير23م) بمنع الطعن على عقود الخصخصة، وهو تحصين كامل للفساد وحماية لمافيا النهب المنظم. وكانت تصريحات السيسي في هذا الشأن في الجلسة الختامية لـ(المؤتمر الاقتصادية.. مصر 2022) التي نظمت في الثلاثاء 25 أكتوبر 2022م؛ إذ قال السيسي: «أقول لكل الناس إن جميع شركات الدولة مطروحة للقطاع الخاص، بما فيها شركات الجيش، وهذه فرصة للكل، نحن نريد القطاع الخاص معنا في جميع المشروعات».[[5]]
من جهة ثانية فإن النتيجة التي توصل إليها الباحث يزيد الصايغ بمعارضة الجيش للخصخصة بشكل عام، مشكوك فيها؛ فالجيش قد يعارض فعلا خصخصة بعض شركاته والتخلي عنها سواء لمستثمرين أجانب أو مصريين، وقد يعارض خصخصة بعض الشركات التابعة لهيئة قناة السويس لاعتبارات تتعلق بالأهمية الإستراتيجية لقناة السويس كأهم مجرى ملاحي عالمي، لكنه لم يُبد أبدا في أي وقت من الأوقات أي معارضة لخصخصة شركات القطاع العام الأخرى؛ والبرهان على ذلك أن السيسي قد فرط بالفعل في ملكية الدولة لعدد من الشركات والأصول دون معارضة الجيش، والبرهان الثاني هو حكم المحكمة الدستورية الأخير (السبت 14 يناير23م) بشأن منع الطعن على عقود الخصخصة ليحرم الشعب كل الشعب من الرقابة على أداء الحكومة وكشف مواطن الفساد وما أكثرها! والبرهان الثالث أن السيسي يعرف كيف يروض الجيش ويسترضه بالمنح والامتيازات من أجل تخفيف الضغوط التي يتعرض لها من مؤسسات التمويل الدولية.
نعم قد تكون بعض تقديرات الموقف داخل المؤسسة العسكرية متباينة؛ وإذا كان هناك فريق يؤيد السيسي على طول الخط، فإن هناك فريقا آخر لا يظهر ذات الحماسة لتوجهات النظام وسياساته الاقتصادية والاجتماعية؛ وثمة مخاوف من أن تؤدي الأوضاع الاقتصادية المتردية والإذعان الكامل لشروط وإملاءات صندوق النقد الدولي من انفلات سعر الدولار بشكل يضر بالملايين، بالإضافة إلى شرط الإسراع في تنفيذ برنامج الخصخصة، وتفكيك الهيئات الاقتصادية الحكومية وإعادة هيكلتها وطرحها للبيع، ما قد يضر بالكثير من الموظفين أيضاً.
وتقديرات الموقف التي رفعتها الأجهزة الأمنية إلى مكتب السيسي تحذر من عواقب الإذعان الكامل لشروط صندوق النقد، كما تخشى أيضا من اقتناع الكثيرين بأن “سياسة الإصلاح الاقتصادي”، التي وضعها الصندوق وروّج لها النظام على مدار السنوات الماضية، أدت إلى زيادة الفقر وسوء توزيع الدخل وانعدام المساواة، على الرغم من محاولات النظام تحسين صورته الشكلية ببرامج اجتماعية مثل “تكافل وكرامة وحياة كريمة”.
والأهم أن هناك اقتناعاً داخل القوات المسلحة وأجهزة سيادية بالدولة بأن نتيجة القرض الجديد ستكون مزيداً من إفقار المواطنين، لا سيما الطبقة الوسطى منهم والفقراء. في ذات الوقت فإن هناك حالة من القلق تسود المؤسسة العسكرية مع تصاعد حدة الأزمة، خوفاً من أن تتحول إلى تظاهرات غضب جماهيرية يصعب التعامل معها، وقد تؤدي إلى انهيار النظام”.[[6]]
طرح شركات حكومية بالبورصة المصرية.. “بيع للأصول” أم ضرورة للتنمية؟/ الحرة ــ 10 فبراير 2023
جاء إعلان الحكومة المصرية طرح عدد من الشركات المملوكة للدولة في البورصة، ليثير التساؤلات حول أهداف القرار وأسباب اتخاذه في ذلك الوقت تحديدا، بينما يتحدث خبراء لموقع “الحرة” عن أبعاد عملية الطرح وتداعياتها المتوقعة على المواطن المصري.
طرح شركات حكومية بالبورصة
الأربعاء، أعلن مجلس الوزراء المصري، عن اتجاه مصر لطرح أسهم بنحو 32 شركة، وذلك على مدار عام كامل، يبدأ من الربع الحالي من عام 2023، وحتى نهاية الربع الأول من عام 2024، سواء سيكون الطرح عاما من خلال البورصة، أو لمستثمر استراتيجي، أو كليهما.
والشركات الـ32 التي سيتم طرح نسب بها، تشمل 18 قطاعا ونشاطا اقتصاديا، وتضم بنك القاهرة، والمصرف المتحد، والبنك العربي الأفريقي الدولي.
كما تضم شركة مصر لتكنولوجيا التجارة (MTS)، والنصر للإسكان والتعمير، والمعادي للتنمية والتعمير، وشركة المستقبل للتنمية العمرانية، ومصر لأعمال الاسمنت المسلح، وفقا لبيان لـ”مجلس الوزراء”.
وتضم الشركات المزمع طرحها شركة حلوان للأسمدة، والشركة الوطنية للمنتجات البترولية، والشركة المصرية لإنتاج البروبلين والبولي بروبلين، والنصر للتعدين، وشركة المصرية لإنتاج الإيثيلين ومشتقاته (إيثيدكو)، وشركة الحفر للبترول، وشركة المصرية لإنتاج الألكيل بنزين الخطي (إيلاب)، وسيناء للمنجنيز.
وتضم تلك الشركات كذلك المصرية للسبائك الحديدية، والرباط لأنوار السفن، وبورسعيد لتداول الحاويات والبضائع، ودمياط لتداول الحاويات والبضائع، والصالحية للاستثمار والتنمية، والفنادق المملوكة لوزارة قطاع الأعمال العام، ومصر لتأمينات الحياة، ومصر للتأمين.
فضلا عن محطة توليد الرياح بجبل الزيت، ومحطة توليد الرياح بالزعفرانة، ومحطة بني سويف لتوليد الكهرباء، و”صافي” لتعبئة المياه، وتنمية الصناعات الكيماوية – سيد، وشركة البويات والصناعات الكيماوية (باكين)، والأمل الشريف للبلاستيك، ومصر للمستحضرات الطبية.
وستباع حصص في عدة شركات يتم تداول أسهمها بالفعل في البورصة، بما في ذلك شركة البويات والصناعات الكيماوية (باكين)، وشركة بورسعيد لتداول الحاويات والبضائع وشركة دمياط لتداول الحاويات والبضائع، حسب “رويترز”.
وهناك أيضا حصص في شركتين على الأقل تابعتين لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، وهما الوطنية للمنتجات البترولية التي تدير سلسلة من محطات الوقود، والوطنية لإنتاج وتعبئة المياه الطبيعية (صافي). حسب “رويترز”.
ولم يشر بيان مجلس الوزراء المصري إلى “حجم حصص الشركات التي سيتم طرحها”، لكن الحكومة امتنعت عن التخلي عن السيطرة على الأسهم في السنوات القليلة الماضية.
والخميس، أكد الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، أن الحكومة “مستعدة لطرح المزيد من الشركات بالبورصة أو طرحها للشراكة مع القطاع الخاص الذي يمكن أن يسهم بشكل إيجابي في ذلك الإطار بعد أن تحقق الهدف الرئيسي من هذه الشركات في توفير الإنتاج”.
وخلال افتتاح المرحلة الثانية من مدينة الصناعات الغذائية “سايلو فودز” بمدينة السادات بمحافظة المنوفية، قال السيسي “إحنا منزلين شركتين للأطروحات ومستعدين ننزل كل الشركات بجانب شركات قطاع الأعمال أيضا”، موضحا أن جهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة المصرية “مستعد للشراكة”، وتسبب القرار في ضجة بمواقع التواصل الاجتماعي في مصر، وانقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض.
وتحدث خبراء اقتصاديين عدة فوائد عملية الطرح، ووصفها البعض بـ”الخطوة الهامة”، لكن على جانب آخر، استنكر البعض القرار معتبرين أنه “بيع لممتلكات وأصول الدولة”.
ما الأسباب؟
تشهد مصر أزمة اقتصادية صعبة يأتي على رأسها نقص العملة الأجنبية وارتفاع معدل التضخم بعد تخفيض البنك المركزي المصري قيمة العملة المحلية أمام الدولار الأميركي الذي يسجّل حاليا أكثر من 30 جنيها مقابل 15,6 في مارس 2022، حسب “فرانس برس”.
واكتسب بيع الأصول الحكومية إلحاحا جديدا بعد أن تسببت الحرب بأوكرانيا في خروج استثمارات أجنبية كبيرة من الأسواق المالية المصرية، مما أوقع الاقتصاد المصري في أزمة، وفقا لـ”رويترز”.
ووافقت مصر على البيع بعد أن انتهت من خطة إنقاذ بثلاثة مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي في ديسمبر، وتعتمد على “عائدات حملة الخصخصة” للمساعدة في سد العجز المالي خلال برنامج صندوق النقد الدولي الذي يمتد لأربع سنوات، حسب “رويترز”.
ويتحدث الخبير الاقتصادي المصري، البروفيسور عبدالنبي عبدالمطلب، عن ثلاثة أهداف للقرار وهي أنها “رسالة لصندوق النقد الدولي أن مصر ماضية في تعهداتها، وزيادة النقد الأجنبي في البلاد، وخصخصة الشركات الحكومية لزيادة الاستثمارات”.
وفي حديثه لموقع “الحرة”، يشير إلى أن مصر ستقدم تقريرا لصندوق النقد الدولي عن مدى تقدمها في تنفيذ تعهداتها بنهاية مارس 2023، ويقول إن “القرار جاء كمحاولة استباقية قبل تقديم التقرير”.
ولدى مصر مشكلة في توفير النقد الأجنبي وقد أدى ذلك إلى تخفيض التصنيف الائتماني للبلاد من قبل مؤسسة موديز، ولذلك تسعى مصر لزيادة احتياطي العملات الصعبة، وفقا لحديث عبدالنبي عبدالمطلب.
ويقول عبدالنبي إن “الخصخصة تعني توسيع قاعدة الملكية وبالتالي ضخ زيادات في رأس المال أو الاستثمارات ما يعني المزيد من الحيوية بتلك الشركات”.
لماذا الآن؟
تعاني مصر من أزمة حادة في النقد الأجنبي، ساهم فيها خروج قرابة 20 مليار دولار من مصر بسبب قلق المستثمرين عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا.
وهذا الأسبوع، خفضت وكالة موديز إنفستورز سيرفيس (Moody’s Investors Service) التصنيف الائتماني لمصر إلى مستوى أعمق في منطقة غير المرغوب فيها، محذرة من أن الأمر سيستغرق بعض الوقت “لتقليل تعرضها بشكل ملموس” للمخاطر الخارجية مثل ارتفاع تكاليف الاقتراض والضغوط التضخمية، وفقا لوكالة “بلومبرغ”.
وفي يناير، كان الاحتياطي النقدي لدى القاهرة لا يتجاوز 34 مليار دولار، من بينها 28 مليار دولار ودائع من دول الخليج الحليفة، لكن ديون مصر الخارجية تضاعفت بأكثر من ثلاث مرات في السنوات العشر الأخيرة لتصل الى أكثر من 155 مليار دولار، وفقا لـ”فرانس برس”.
ولذلك يؤكد الكاتب والمحلل السياسي المصري، مجدي حمدان، أن “الحكومة تبيع شركات رابحة لسداد ديونها المتراكمة”، وفي حديثه لموقع “الحرة”، يقول إن الحكومة تبيع تلك الشركات بمبالغ “زهيدة”، بما يمثل خسارة هائلة للدولة المصرية.
ويستشهد في حديثه بطرح “بنك القاهرة” في البورصة، ويقول إن “أصوله تتخطى 9 مليار دولار، وحقق في عام 2021 أرباحا تقدر بـ 3.6 مليار جنيه، وفي عام 2022 وصلت أرباحه إلى 4.8 مليار جنيه”.
وحسب حديثه فإن “البنك معروض للبيع بمبلغ يقدر بـ600 مليون دولار بما لا يصل إلى 10 بالمئة من قيمته الحقيقة”، وهو ما يعد “خسارة كبرى”، على حد تعبيره.
لكن الباحث الاقتصادي المصري أحمد أبوعلي، ينفي ذلك الطرح، ولا يرى أن هناك “أي علاقة بين طرح الشركات بالبورصة وبين سداد الديون المصرية”.
ويقول لموقع “الحرة” إن الصندوق السيادي المصري قد استحوذ على بعض الشركات سواء كانت تربح أو تخسر أو حتى الشركات المهدرة، مشيرا إلى أن عملية الاستحواذ قد “عزز قيمة تلك الشركات”.
وتوجب على الحكومة طرح شركات ناجحة بالبورصة ليحدث عليها اكتتاب عالي، حتى يحقق هذا الطرح “جدوى اقتصادية فعلية”، وفقا لحديث أبوعلي.
ويتحدث عن الفائدة الاقتصادية لعملية الطرح، والمتمثلة في “زيادة سعر أسهم الشركات على المدى المتوسط”، وهو ما يعطي إمكانية كبيرة لمصر في التوسع والمنافسة “محليا وعالميا”، على حد قوله.
مجلس النواب المصري يوضح
كشف رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب المصري، البروفيسور فخري الفقي، أن الطروحات الجديدة “مقسمة على عدة أجزاء”.
وفي تصريحات لموقع “الحرة”، يشير إلى أن جزء من الطروحات الجديدة سيذهب إلى “مستثمر استراتيجي، وجزء آخر لتوسيع قاعدة ملكية المساهمين أو المتعاملين بالبورصة المصرية سواءً كانوا مصريين أو أجانب مقيمين في مصر”.
وسيتم بيع بعض الشركات مثل “المصرف المتحد” لمستثمر استراتيجي وسيكون في غالب الأمر من “الأجانب أو العرب”، وفقا لحديثه.
ووفقا للفقي فإن “عمليات الطرح تصب في مساحة إعطاء القطاع الخاص دورا أكبر في النشاط الاقتصادي بمصر، طبقا لوثيقة سياسة ملكية الدولة”.
ويقول إن “الوثيقة تهدف لتحفيز القطاع الخاص على ممارسة دورا حيويا في النشاط الاقتصادي بمصر خلال الفترة القادمة، وتعد الأطروحات أحد الأدوات لتحقيق ذلك”.
ولذلك تطرح الحكومة “حصص أقلية” في بعض الشركات المملوكة للدولة سواء لمستثمر استراتيجي “عربي أو أجنبي”، أو مستثمر مصري “أفراد أو شركات بعينها” بعد استيفاء الشروط المطلوبة.
خصخصة أم مشاركة للقطاع الخاص؟
منذ فترة طويلة تمتد إلى عام 2016، تم الإعلان عن طرح عدد من الحصص، لكن الانكماش الاقتصادي والجائحة وغزو روسيا لأوكرانيا أرجأوا تنفيذ البرنامج، وفقا لـ “رويترز”.
ويقول خبراء اقتصاديون إن “البيروقراطية الجامدة ومعارضة أصحاب مصالح أقوياء داخل الحكومة أعاقتا أيضا خطط الخصخصة”، حسب “رويترز”.
ويؤكد الفقي أن برنامج الأطروحات قائم بالفعل منذ عام 2016، لكن الظروف لم تكن “مواتية لتنفيذه خلال الفترة الماضية بسبب جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية”، ويقول إن الخصخصة تعني “بيع الشركة بالكامل بنسبة 100 بالمئة”، لكن الحكومة ستبيع جزءاً من الشركة بحصة أقلية بين 20 إلى 25 بالمئة، وفقا لحديث الفقي.
ويعني ذلك وجود “شركاء” وهم الحكومة ومعها المشارك بحصة الأقلية، ويتكون وقتها مجلس إدارة الشركة من “قطاع خاص بمشاركة حكومية”، وحسب الفقي فقد تكون “الإدارة للقطاع الخاص لكن الملكية ستكون للحكومة”.
وفي سياق متصل، يقول أبوعلي إن عمليات الطرح “تعزز الحوكمة لدى تلك الشركات”، نافيا كون ذلك القرار “خصخصة الشركات المملوكة للدولة المصرية”.
و”الحوكمة” هي مجموعة من القواعد والقوانين والمعايير والإجراءات التي تجرى بموجبها إدارة المنظمات، والرقابة الفاعلة عليها، ويقع على عاتقها مسؤولية تنظيم العلاقة بين الأطراف الفاعلة في المؤسسة، وأصحاب المصالح، وتساعد القائمين تحديد توجه وأداء المنظمة.
و”حوكمة المؤسسات والشركات” تعني وضع مجموعة السياسات الداخلية التي تشمل النظام والعمليات والأشخاص، وتخدم احتياجات المساهمين وأصحاب المصلحة الآخرين، من خلال توجيه ومراقبة أنشطة إدارة الأعمال الجيدة مع، الموضوعية والمساءلة والنزاهة.
ويشير أبوعلي إلى أن القرار يعني “إتاحة قدر أكبر من المشاركة للقطاع الخاص في عملية التنمية الاقتصادية من خلال طرح الشركات الحكومية للاكتتاب، وابتعاد الدولة عن مزاحمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي”.
لكن على جانب آخر، يؤكد عبدالمطلب أن تنازل الدولة عن سهم واحد من ملكيتها للقطاع غير الحكومي هو “خصخصة”.
ويقول عبدالمطلب إن الخصخصة هي بيع أو تنازل الدولة أو الحكومة عن أي أسهم لشركات تمتلكها لقطاعات غير حكومية والمتمثلة في القطاع الخاص “أفراد أو شركات أو مستثمر رئيسي”.
ويستشهد في حديثه ببنك الإسكندرية، ويقول إن “الدولة تمتلك 20 بالمئة فقط من أسهمه، والحديث عن إدراجه ضمن الشركات المزمع خصخصتها، يعنى أن الدولة تستهدف بيع كامل حصتها في البنك”.
وهذا ينطبق على باقي الشركات، سواء الشركات المدرج أسهمها فعليا في البورصة، أو تلك التي لم يتم طرح أسهمها، وفقا لحديث عبدالمطلب.
ولدي مجدي حمدان رأي ثالث مختلف، فهو يقول إن عمليات الطرح تعني “بيع أصول مملوكة للدولة” ولا تمثل “خصخصة ولا مشاركة للقطاع الخاص في النشاط الاقتصادي”.
ولم تضع الحكومة المصرية رؤية اقتصادية شاملة لحل مشكلات البلاد، لكنها تتجه لبيع “أصول الدولة”، من أجل “سداد الديون والقروض وفوائدهما”، وفقا لحديث حمدان.
ماذا عن المواطن؟
في مصر، يعيش ثلث سكان البلاد البالغ عددهم 104 ملايين تحت خط الفقر، وفق البنك الدولي، بينما ثلث آخر “معرضون لأن يصبحوا فقراء”.
ويتحدث مجدي حمدان عن “تداعيات سلبية لطرح الشركات”، ويقول إن بيع الشركات “سيقلل من فرص الأجيال القادمة لاستفادة من المدخلات الحكومية”.
وحسب حديثه فإن “المواطن البسيط لن يستفاد من السلع والخدمات التي كانت تقدمها الشركات والبنوك التابعة للدولة”، ويقول إن “الأسعار سوف تتضاعف لأن المستثمر يهمه الربح فقط”.
ويرى عبدالمطلب أن بيع الشركات سيزيد من الأعباء على كاهل المواطن، لأن ذلك يعني “حرمان قطاع من الشعب المصري لا يمتلك سوى قوت يومه من الحصول على أسهم الشركات وبالتالي الحصول على أرباحها”.
وهناك ما بين 20 إلى 30 بالمئة من أرباح الشركات لن يتمتع بها المواطن المصري سواءً بالجيل الحالي أو الأجيال القادمة، حسب حديث عبدالمطلب.
لكن على جانب آخر ينفي الفقي ذلك الطرح، ويقول إن “عمليات الطرح ستصب بشكل إيجابي في صالح المواطن البسيط”.
وبيع حصة من الشركات “سيعظم العائد من الأصول المملوكة للدولة، ويساعد على زيادة الإنتاج، ويساهم في تطوير الشركات، وتوسعها”، ما يعني زيادة العائدات وفرص العمل، حسب حديث الفقي.
وحسب حديثه فأن تلك الشركات ستدفع “ضرائب أكثر” تصب في الموازنة العامة للدولة ويمكن استغلال جزء منها لدعم المهمشين والأكثر احتياجا.
ويقول الفقي إن بعد بيع “حصة أقلية بالشركات” أو بيعها بأكملها مثل “المصرف المتحد” سيتم تعزيز كفاءة تلك الشركات وبالتالي زيادة صافي دخلها، وهو ما يصب في صالح موازنة الدولة، وهو ما يمكن استخدامه لدعم “الفئات الأكثر احتياجا”.
ويتحدث عن فوائد اقتصادية تتعلق بـ”زيادة رواتب العاملين والمعاشات، وتقديم منتجات أكثر جودة للمواطن المصري”.
ويتفق معه أبوعلي، الذي يقول إن “عمليات الطرح لا تعني حرمان المواطن المصري من ممتلكاته مستقبلا”.
ويشير أبوعلي إلى أن عمليات الطرح تنعكس إيجابا على المواطن المصري بتوفير “المزيد من فرص عمل وزيادة الإنتاج والصادرات المصرية في الفترة القادمة”.
موقع استخباراتي: قادة الجيش المصري غاضبون من السيسي.. والرئيس يتجه للتضحية برئيس الوزراء/ عربي بوست ــ 25 يناير23م
يطمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أن يشاركه أحد اللوم على تداعيات السياسات الاقتصادية التي اشتدت وطأة تأثيرها على سكان البلاد، وقد يكون التخلص من رئيس الوزراء مصطفى مدبولي وسيلته إلى ذلك، فالمفاوضات جارية بشأن تكوين حكومة جديدة، بينما يواجه السيسي تذمُّراً بين لواءات الجيش.
حسب تقرير لموقع Africa Intelligence الفرنسي نُشر الأربعاء 25 يناير/كانون الثاني 2023، فإنه من المتوقع أن يكون رئيس الوزراء المصري المقبل شخصاً خبيراً في الشؤون المالية، ليعوض مدبولي، الذي يتولى المنصب منذ عام 2018، وكان مهندساً في الأصل ووزيراً سابقاً للإسكان.
يأتي ذلك بينما تواجه مصر حشداً من المشكلات الاقتصادية الكبرى، تشمل انخفاضاً غير مسبوق في قيمة الجنيه المصري، وتضخماً تزيد نسبته على 20%، وحاجة شديدة لدى البنك المركزي المصري إلى العملات الأجنبية، وفق ما أشار إليه الموقع.
فيما أضافت أنه لما زاد إحجام الرعاة الخليجيين عن تمويل السيسي بشيكات مفتوحة، اضطر الرئيس المصري إلى اللجوء لصندوق النقد الدولي، الذي اشترط عليه اتخاذ تدابير صارمة مقابل قرض جديد بقيمة 3 مليارات دولار.
صُرفت الدفعة الأولى من القرض بمبلغ 347 مليون دولار في ديسمبر/كانون الأول، وأشار تقرير صندوق النقد الدولي الصادر في 10 يناير/كانون الثاني إلى أنه تعهَّد في مقابل ذلك بإبطاء وتيرة العمل في كثير من مشروعاته الإنشائية الضخمة، تشمل هذه المشروعات عدة مواقع بناء كبرى في الصحراء، منها موقع بشرق القاهرة يُفترض به أن يكون “العاصمة الإدارية الجديدة” للبلاد.
في هذا السياق، فإن الشركات المصرية الكبرى العاملة في قطاع البناء والأشغال العامة، والتي ركزت نشاطها في هذه المواقع، زاد إفصاح بعضها عن السخط على توجّهات الرئيس الاقتصادية.
انتقاد علني من نجيب ساويرس
الملياردير المصري نجيب ساويرس من أكثر أصحاب هذه الشركات اتصافاً بالذكاء الإعلامي، ويمثل هو وأخواه ناصف ساويرس وسميح ساويرس المساهم الأكبر في شركة أوراسكوم للإنشاءات.
حيث لجأ ساويرس إلى حسابه على موقع تويتر لانتقاد مذيعي التلفزيون الذين يؤيدون الرئيس السيسي في ظل هذه الكارثة، وكانت هذه خطوة انتقاد علنية نادرة في بلد قلَّما تقبل فيه الدولة الانتقادات، وقد شارك كثير من الناس تغريدات ساويرس على وسائل التواصل الاجتماعي.
في الوقت نفسه، يمارس صندوق النقد الدولي ضغوطاً شديدة على السيسي، فقد طالبه بخصخصة حصص كبيرة من القطاع العام، خاصة تلك التي تزدهر فيها الشركات المملوكة للجيش على حساب الشركات الخاصة.
يُشار إلى أن إمبراطورية اللواءات الاقتصادية قد توسعت منذ تولي السيسي السلطة، ومن ثم فإن مهاجمة هذا الوضع تعني إضعاف الرئيس المصري، ويستدل بعضهم على ذلك بالتوتر الذي أثاره البيع المرتقب لشركة “الوطنية” للبترول، وهي شركة بترول تابعة لـ”جهاز مشروعات الخدمة الوطنية”، إحدى أذرع الجيش المصري في قطاع الصناعة.
تذمُّر بين لواءات الجيش المصري
يرى بعض كبار ضباط الجيش أن البيع المحتمل لأصول الشركة الوطنية من الأراضي الواقعة بالقرب من قناة السويس إلى جهاز الإمارات للاستثمار، صندوق الثروة السيادي لدولة الإمارات، ينطوي على انتقاص من السيادة المصرية.
مع ذلك، يُعتقد أن عملية البيع جارية لشركة “الوطنية” ومعها شركة “صافي” لتعبئة المياه المعدنية (المملوكة أيضاً للجيش) بقيادة الصندوق السيادي المصري.
مما أثار بعض الخلاف أيضاً خطوة إنشاء صندوق سيادي لإدارة أرباح قناة السويس، التي تأتي بين أكبر مصادر الدخل الأجنبي في البلاد. واستدعى ذلك مخاوف من خصخصة هيئة قناة السويس التي يرأسها قائد القوات البحرية السابق، الفريق أسامة منير ربيع.
دعم برلماني للجيش والمخابرات
أدى هذا الأمر إلى موجة من الانتقادات في البرلمان، الذي كان الغالب عليه في معظم الأحيان حديث النواب عن دعمهم للجيش وجهاز المخابرات العامة.
فقد أعرب نواب حزب الأغلبية الموالي للحكومة، “مستقبل وطن”، عن مخاوفهم من خطوة إنشاء صندوق لإدارة حصة من أرباح قناة السويس، لكنهم لم يذهبوا إلى حد استهداف السيسي بالاسم. وكان محمد أنور السادات، النائب السابق ورئيس حزب الإصلاح والتنمية، قد حثَّ في وقت سابق من هذا الشهر، على تعيين وزير اقتصاد جديد.
لكن بعيداً عن ذلك كله، يمكن القول إن السخط أقوى حدة بين الشعب المصري، فالناس هم من يعانون التكلفة الكاملة للتدابير التي يريد صندوق النقد الدولي اتخاذها، والتي تشمل: ارتفاع تكلفة المعيشة، وتفشي التضخم الناجم عن انخفاض قيمة الجنيه المصري، وتناقص دعم الطاقة.
————————–
[1] يزيد صايغ/ مصر تعِد بإنهاء المكانة الفريدة للشركات العسكرية لكي تحصل على قرضٍ من صندوق النقد الدولي/ معهد كارنيجي للشرق الأوسط ــ الخميس 12 يناير23م ـــ انظر أيضا: ما الآثار المترتبة على حكم المحكمة الدستورية المصرية برفض الطعن على عقود الحكومة؟/ الجزيرة نت ــ 18 يناير 23م
[2] السيسي يخصص نحو 15 ألف كيلومتر للجيش على جانبي 31 طريقاً/ العربي الجديد ــ 29 يناير 2023// هل يسترضي السيسي الجيش باحتكار مساحات شاسعة حول الطرق؟/ “عربي 21” ــ الإثنين 30 يناير23م
[3] ماجد مندور/ إخفاق السيسي في قناة السويس/ موقع صدى التابع لمركز مالكوم ـ كير كارنيجي ــ 02 فبراير23م
[4] الإمارات تضغط للإسراع ببيع أصول الدولة، وقادة الجيش المصري “يرتابون”.. موقع استخباراتي: السيسي في حيرة/ عربي بوست ــ 19 أكتوبر 2022م
[5] السيسي: جميع شركات الدولة مطروحة للقطاع الخاص.. ومن يتقاضى أقل من 10 آلاف جنيه لا يستطيع العيش / العربي الجديد ــ 25 أكتوبر 2022
[6] مصر: تعثر مفاوضات التمويل يضع الجيش بقلب الأزمة/ العربي الجديد ــ 03 مايو 2022