جاءت مشاركات القادة العرب والدول الاسلامية بكثافة، في قمة الرياض المشتركة، لترفع امال وطموحات الكثيرين، إلا أن ما تمحض عن القمة ، هو نفس، ما كان ينتج عن القمم السابقة من قرارات وتوصيات، لا ترق لمستوى التحديات…
وتميّزت القمّة بمشاركة رفيعة المستوى من قيادات الدول العربيّة والإسلاميّة، حيث شاركت معظم الدول المؤثّرة على مستوى الرؤساء، ما أضافَ لمعنى جمْع القمتَين في قمة واحدة، وقد يكون ذلك وراء رفعِ سقف التوقّعات بخصوص مخرجاتها لدى البعض.
وقد ركّزت كلماتُ معظم القادة المتحدّثين على ضرورة الوقف الفوريّ لإطلاق النار، وإدخال المساعدات لسكّان قطاع غزة، ورفض فكرة التّهجير نحو جنوب القطاع أو مصرَ- كما تدعو حكومة الاحتلال- والتّأكيد على حقوق الشعب الفلسطينيّ، ومنها إقامة دولته المستقلّة.
ويمكن قياس فعالية القمة ومدى نجاحها وأهميتها، بنقييم عدة معايير، منها التوقيت ، والقرارات والبيانات الصادرة عن القمة، والمردود على أرض الواقع من تأثيرات على أطراف الأزمة، سواء ايجابية أم سلبية…وغيرها من المعايير…
أولا:توقيت انعقاد القمة:
وجاء انعقاد القمة الطارئة ، بالرياض، بعد 36 يوما من العدوان الصهيوني على غزة، وهو ما يثير الاستهجان والاستغراب، اذ أن 57 دولة عربية واسلامية، تشاهد العدوان الاجرامي على قطاع غزة، دون حراك فعلي مؤثر على اسرائيل، على عكس دول بعيدة عن فلسطين، في أمريكا الجنوبية، اتخذت قرارات بطرد السفراء الصهاينة وقطع العلاقات مع اسرائيل..
وقد سبق قمة الريااض في 11 نوفمبر، مرور 36 يوما ، من عدوان الجيش الإسرائيلي، الذي يشن حربا جوية وبرية وبحرية على غزة ، دمر خلالها أحياء سكنية على رؤوس ساكنيها، مما أسفر عن استشهاد نحو 11 ألفا و78 فلسطينيا -بينهم 4506 أطفال و3027 سيدة و678 مسنا- وإصابة 27 ألفا و490 بجروح مختلفة، بحسب مصادر رسمية فلسطينية، آنذاك. بل قالت وزارة الصحة في غزة، يوم انعقاد القمة: إنّها “لم تستطع إحصاء عدد الضحايا”؛ بسبب انقطاع الاتصالات والإنترنت. ولا شكّ أن تأخّر القمة- كل هذا الوقت إزاء وضع كارثيّ بهذه الصورة- له دلالاته التي سيكون لها انعكاس مباشر على مخرجاتها وقدرتها على التأثير.
وقد جاءت قمة الرياض، بعد أسابيع من فشل قمة القاهرة للسلام، على خلفية تمسك الدول الأوروبية وأمريكا، بضرورة ادانة حماس، والنص على حق اسرائيل الشرعي، في الدفاع عن نفسها..
ثانيا: نتائج القمة وقراراتها:
وتضمنت القرارات الإحدى والثلاثين: سبعة قرارات إدانة، وثلاثة قرارات رفض، وقرار استنكار، وأربعة قرارات مطالبة، وخمسة قرارات تأكيد، إلى جانب عدد من التكليفات لأمانتي الجامعة العربية ومنظمة التضامن بالقيام ببعض الإجراءات الثانوية.
وحتى القرار الأهم الخاص بوقف إطلاق النار في غزة الذي ينتظره الجميع، فقد تمت مطالبة مجلس الأمن باتخاذه، مع تكليف وزراء خارجية ثماني دول، بالإضافة إلى أميني الجامعة والمنظمة، ببدء تحرك دولي باسم جميع الأعضاء، لبلورة تحرك دولي لوقف الحرب في غزة، الأمر الذي زاد من شكوك الكثير الذين عللوا تأخير موعد القمة لما بعد 35 يوما من نشوب الحرب، بإتاحة المجال للقوات الإسرائيلية للقضاء على حماس خلال تلك الفترة، ولما جاء موعد القمة، وما زالت حماس صامدة، كان لا بد من إتاحة فترة إضافية للقوات الإسرائيلية كي تنهى هدفها المشترك، فيما بينها وبين العديد من قيادات الدول العربية والإسلامية.
أما من كانوا يحلمون بإجراءات عملية من القمة توازي، ولو بشكل محدود، ما قامت به الولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية لتقديم الدعم العسكري والمالي لإسرائيل، فقد صدمتهم قرارات القمة التي تؤكد أن دورها أن تدين وتشجب، تاركة الإجراءات العملية للدول الكبرى، وحتى لحماية الفلسطينيين فقد طالبت بآلية لحماية دولية لتحقيق ذلك.
-قرارات الوهن:
1-ادانات ومناشدات..حصيلة معتادة للقمم العربية:
وكباقي القمم العربية العادية والاستثنائية، منذ تأسيس جامعة الدول العربية، جاء بيان قمة الرياض الختامي، كالمعتاد، متضمنا ثلة من الادانات والشجب، مصحوبا ببعض المطالبات ، التي لم يستمع إليها الاحتلال أو الفاعلين الدوليين، وهو ما دفع وسائل اعلام عبرية، للتأكيد أن القمة كالمعتاد ، كباقي القمم السابقة، وأن معظم القادة العرب، يظهرون بوجه ما خلال القمم والمؤتمرات الرسمية والاعلامية، وبوجه أخر مع الاسرائيليين ، خلال الاتصالات السرية والعلاقات البينية ، بين كل طرف عربي واسلامي مع تل أبيب…
وهو ما يؤكد أن الفعل العربي ، لم ولن يكون له تأثير على اسرائيل، في ظل المنظومة العربية الحاكمة…
اذ لم تحتو توصيات وبيان القمة على قطع علاقات أو ردع اسرائيل اقتصاديا، سواء بوقف تصدير النفط لها او للدول الغربية الداعمة لها، كما لم يسحب أحد سفرائه من اسرائيل، أو يقرروا منع مرور الطيران الاسرائيلي بالأجواء العربية…
وكالمعتاد، دعت القمة العربية الإسلامية الطارئة إلى وقف الحرب في غزة ورفضت تبرير التصرفات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين على أنها دفاع عن النفس.
وأدانت القمة “العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وجرائم الحرب والمجازر الهمجية الوحشية واللاإنسانية التي ترتكبها حكومة الاحتلال الاستعماري“.
كما دعا البيان إلى كسر الحصار على غزة والسماح بدخول قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية إلى القطاع ووقف صادرات الأسلحة والذخائر إلى “إسرائيل“...وهو القرار الوحيد الذي يمكن اعتباره قرارا عمليا مؤثر بشكل ما، لو طبق، اذ ما زالت مصر تنسق مع اسرائيل وأمريكا في ادخال المساعدات عبر معبر رفح، بل ان اسرائيل ما زالت هي المتحكمة في المعبر، عبر خبرائها ومراقبيها، الذي يشرفون على مرور المساعدات..وهو قرار كان يستدعي من مصر اتخاذ خطوات عملية استنادا عليه، بمواجهة اسرائيل، سواء بالاعلان عن الفتح الدائم وغير المشروط لمعبر رفح بالاتجاهين، وادخال مساعدات كافية للقطاع، كما كان يدخل اليه يوميا نحو 500 شاحنة…
ودعا زعماء العالمين العربي والإسلامي جميع الدول إلى “وقف تصدير الأسلحة والذخائر إلى إسرائيل“.
وطالبت القمة بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، وهو ما لم تستمع له اسرائيل، واستمرت في عدوانها الهمجي، بل صعدت من استهداف المدنيين الفلسطينيين في مستشفيات قطاع غزة، والتي وصل قصفها إلى غرف العمليات وغرف الأطفال الخدج دون رحمة او تدخل من أحد…
وذرا للرماد في العيون، دعا ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى توفير ممرات إنسانية للمدنيين في قطاع غزة والوقف الفوري “للعمليات العسكرية“.
وقررت قمة الرياض تكليف وزراء خارجية كل من السعودية، بصفتها رئيسة الدورة الحالية من القمتين العربية والإسلامية، والأردن ومصر وقطر وتركيا وإندونيسيا ونيجيريا وفلسطين، والأمينين العامين لجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، ببدء تحرك دولي لوقف الحرب على غزة والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة لتحقيق السلام الشامل والعادل.
ودعت القمة العربية الإسلامية المحكمة الجنائية الدولية إلى التحقيق في (جرائم الحرب والمجازر الهمجية الوحشية واللاإنسانية التي ترتكبها حكومة إسرائيل) في الأراضي الفلسطينية، حسبما ذكر البيان الختامي.
2-ادانة للتهجير دون اسناد للفلسطينيين على الأرض:
كما دان البيان الختامي المكون من 31 بنداً، تهجير نحو المليون ونصف المليون فلسطيني من شمال قطاع غزة إلى جنوبه، وأكد على ضرورة إطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين والمدنيين. وعلى الرغم من بشاعة مخططات الصهاينة للتهجير تحت قصف النيران، واستحدتم النيران في اجبار الفلسطينيين للنزوح من شمال غزة إلى جنوبها، ثم من جنوبها إلأى نحو الحدود مع مصر، لم يقدم المؤتمرون اسنادا فعلثيا بكسر حصار غزة، بادخال ما يكفي سكان القطاع او يحميهم من نيران الصهاينة.
بل اقتصر الأمر على مجرد مناشدات للمجتمع الدولي وللصهاينة أصحاب الجرم أنفسهم، حيث طالب ملك الأردن عبد الله الثاني بأن تبقى الممرات الإنسانية في غزة آمنة ومفتوحة لإيصال المساعدات بشكل دائم، مؤكدا أن “منع إسرائيل دخول الماء والغذاء والدواء إلى سكان غزة جريمة حرب” وأن “العالم سيدفع ثمن الفشل في حل القضية الفلسطينية“. وهو كلام سمعته سرائيل كثيرا من العرب، وطان أوقع منه أن يفرضض العرب حصارا على اسرائيل ، بقطع العلاقات وطرد السفراء ومنع مرور الطائرات عبر الأجواء العربية، وهو ما كان يلجم اسرائيل ويردعها..
3-عدم تبني الرئاسة الفلسطينية قرارارت ذات تأثير فعلي على اسرائيل:
ومن جهته، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن قوات الاحتلال بدأت حرب إبادة لا مثيل لها بحق الفلسطينيين ، وتخطت كل الخطوط الحمراء” متهما سلطات الاحتلال ومن يساندها بـ “تحمل المسؤولية عن قتل كل طفل وامرأة في هذه الحرب الظالمة“.
وقال الرئيس الفلسطيني “الولايات المتحدة بدعمها الكامل للاحتلال تتحمل مسؤولية عدم التوصل إلى حل سياسي للأزمة” وطالب بـ”حماية دولية واعتماد حل يتم تنفيذه وفقا للشرعية الدولية والمبادرة العربية“.
ورغم الكلمات الرنانة للرئيس الفلسطيني، الذي ذرف الدموع عللى اأطفال غزة، لم تطلق قواتته رصاصة واحدة ضد الصهاينة في الضفة أو القدس ، بل استمر في التنسيق الأمني مع الصهاينة، والتعاطي مع ما تخصصه اسرائيل من أموال الضرائب والجمارك، التي قطعتها عن غزة، رغم أنها حقهم محاسبيا واخلاقيا وقانونيا…
وكان الأحدى بعباس، أن يقرر من جانبه مقاطعة اسرائيل، أو وقف التتنسيق الأمني، أو اتخاذ قرارات اسناد للفلسطينيين بغزة أو غيرها من القرارات، التي تبدو مقبولة دوليا في ظل العدوان على الفلسطينيين المدنيين…
4-التمسك بالسلام وقت الحرب ..هزيمة رسمية!!
ولعل أسوأ ما يمكن قراءته في قرارات القمة المشتركة، هو اعلان العرب تمسكهم بالسلام في وققت تنهمر على رؤوسهم القذائف الصهيونية ويقتل اطفالهم ونسائهم وشيوخهم، وتنتهك حرماات المستشفيات المحمية بالقانون الدولي…
اذ طالب ولي عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح بدولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وأكد أن المأساة في غزة نتيجة لعدم سعي المجتمع الدولي لإيجاد حل دائم للقضية الفلسطينية.
وقال الصباح إن جرائم إسرائيل في غزة تنذر بتداعيات سلبية على أمن واستقرار المنطقة والعالم أجمع، مشيرا إلى أن إسرائيل تمارس عقابا جماعيا لا يمكن تبريره بأي شكل من الأشكال.
وشدد على أن أولى خطوات إحلال السلام في المنطقة هي حل القضية الفلسطينية حلا شاملا ونهائيا، كما أكد أن هذه القضية تتصدر أجندة سياسة الكويت الخارجية.
كما تمسكت القمة بالمبادرة العربية للسلام، في وقت قصف المساجد والكنائس والمدارس والمستشفيات، وتغيير جغرافية غزة..
5-انتقادات للموقف العربي من داخل القمة المشتركة:
وجاءت كلمات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أكثر جرأة، إلا أنها تحتاج المساعدة العربية في المحافل الدولية لتحقيقها، حيث دعا لمحاسبة إسرائيل على جرائمها في غزة، وقال إن على مجلس حقوق الإنسان والمحكمة الجنائية الدولية النظر في تلك الجرائم.
وقال أردوغان إن الكلمات تعجز عن وصف ما يجري في غزة من استهداف للمدنيين والمستشفيات ودور العبادة والمدارس بشكل وحشي، متهما إسرائيل بمحاولة الانتقام، لأحداث السابع من أكتوبر الماضي، بقتل الأبرياء والأطفال والنساء.
وأضاف “غزة التي حرمت من المساعدات الإنسانية تشبه جهنم، ويجب أن نبذل جهودا لمحاسبة إسرائيل على جرائمها. رأينا أمهات يحضن أطفالهن وقد فارقن الحياة وآباء يبحثون عن أفراد عائلاتهم بين الركام والحطام. 73% ممن فقدوا أرواحهم في غزة والضفة من النساء والأطفال، وحالة الجنون هذه لا يمكن تفهمها.”
وانتقد الرئيس التركي الموقف الغربي حيال الحرب الإسرائيلية على غزة، وقال إن الدول الغربية لم تدعُ حتى لوقف إطلاق النار، وأكد أن “من يسكت على الظلم هو شريك فيه“.
وقال أيضا إن الولايات المتحدة والغرب يدّعيان حقوق الإنسان، لكنهما للأسف نسيا ذلك أمام ممارسات إسرائيل.
ودعا أردوغان إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية دون توقف، وإيصال الوقود إلى المستشفيات في هذا القطاع المحاصر.
ثالثا: الخلافات العربية العربية واضعاف مخرجات القمة:
ولعل القرارات التي تعبر عن حالة الوهن العربي، والتي لم ترق لمستوى الجرائم الصهيونية بحق المدنيين العزل، جاءت ابتداء اثر حالة الانقسام والخلافات الحاكمة لمسار العلاقات العربية العربية اساسا…حيث شهدت اروقة القمة العديد من الخلافات، ومنها:
1-الخلافات العربية -العربية تدمج القمتين:
وجاء اعلان وزارة الخارجية السعودية، مساء الجمعة 10 نوفمبر، دمج القمتين الإسلامية والعربية الطارئتين، ليُصار إلى عقدهما كقمة واحدة السبت 11 نوفمبر.
وجاء في بيان الخارجية السعودية، أنه “استجابةً للظروف الاستثنائية التي تشهدها غزة، وبعد تشاور المملكة العربية السعودية مع جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي؛ فقد تقرّر عقد قمة عربية إسلامية مشتركة غير عادية بشكل استثنائي في الرياض السبت، عوضاً عن “القمة العربية غير العادية” و”القمة الإسلامية الاستثنائية” اللتان كانتا من المُقرر أن تُعقدا في التاريخ نفسه“.
وفي محاولة لتجميل الواقع المرير، بررت السعودية القرار بأنه “يأتي استشعاراً من قادة جميع الدول لأهمية توحيد الجهود والخروج بموقف جماعي موحّد يُعبّر عن الإرادة العربية الإسلامية المُشتركة بشأن ما تشهده غزة والأراضي الفلسطينية من تطورات خطيرة وغير مسبوقة تستوجب وحدة الصف العربي والإسلامي في مواجهتها واحتواء تداعياتها“.
إلا أنه بعيدا عن التصريحات الدبلوماسية، فإن ما جرى غير ذلك تماما..
وهو ما كشفته مصادر دبلوماسية عربية ، لصحف عربية، بأن سبب القمة المشتركة، ودمج القمتين، يعود لعدم وجود توافق على قرارات هامة ضد الاحتلال الإسرائيلي، حيث حالت دول متنفذة وازنة في الجامعة العربية دون تبني مقترحات جادة تحمل إجراءات ضاغطة على الاحتلال الإسرائيلي لوقف عدوانه، حيث ضغطت هذه الدول المتنفذة لصالح استبدال الإجراءات بفقرات باهتة.
ويعتبر هذا الأمر مناقضاً لطلب القيادة الفلسطينية التي أصرت على أن تكون القمة العربية الطارئة بمعزل عن قمة منظمة التعاون الإسلامي، وذلك حتى يكون هناك اهتمام أكبر بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وليتسنى للقمة الخروج بتوصيات وقرارات فاعلة.
وقد طلبت ليبيا إضافة 8 مقترحات لمشروع البيان الختامي للقمة، مجددة التعبير عن “تضامنها الدائم والكامل مع الشعب الفلسطيني في مواجهة العدوان الإسرائيلي ووقوفها معه في كل ما من شأنه إنهاء هذا العدوان“.
ومن بين المقترحات الليبية “تأكيد حق الشعب العربي الفلسطيني في مقاومة الاحتلال الصهيوني الغاشم والدفاع عن نفسه وعرضه ووطنه ورفض إعادة احتلال قطاع غزة والتصدي لمحاولات الكيان الصهيوني المعتدي للانحراف في تحديد مفهوم الدفاع الشرعي“.
كذلك شددت ليبيا على ضرورة اتخاذ “خطوات عملية ناجزة” لملاحقة إسرائيل دولياً على جميع جرائمها في حق الشعب الفلسطيني.
وحثت طرابلس على العمل من أجل “توفير الدعم المادي والعاجل لتوفير كل احتياجات الشعب الفلسطيني في غزة” مع إيصال إمدادات الطاقة والماء والدواء والمستشفيات المتنقلة بشكل عاجل، كما اقترحت تشكيل لجنة وزارية عربية مصغرة لتوظيف أدوات وإمكانات الاقتصاد العربي للضغط على الدول المؤثرة لحمل إسرائيل على وقف عدوانها على الفلسطينيين وإلزامها بقرارات الشرعية الدولية، إضافة إلى توسيع قائمة التدابير الاقتصادية ضد تل أبيب، لتشمل إغلاق المجال الجوي العربي أمام الطيران الإسرائيلي إلى حين توقف العدوان على الشعب الفلسطيني.
ومن بين المقترحات التي تم رفض إدراجها ضمن مقررات القمة:
منع استخدام القواعد العسكرية الأميركية وغيرها في الدول العربية لتزويد “إسرائيل” بالسلاح والذخائر، وتجميد العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية العربية مع “إسرائيل“.، والتلويح باستخدام النفط والمقدرات الاقتصادية العربية للضغط من أجل وقف العدوان، ومنع الطيران المدني الإسرائيلي من الطيران في الأجواء العربية.
2-خلافات اجتماع وزراء الخارجية العرب:
وخلال اجتماعهم التحضيري للقمة ، الخميس 9 نوفمبر، اختلف وزراء الخارجية العرب، إذ دعت بعض الدول وعلى رأسها الجزائر إلى قطع جميع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل. بينما مجموعة من الدول العربية، والتي أقامت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، عارضت ذلك، مشددة على ضرورة إبقاء القنوات مفتوحة مع الحكومة الإسرائيلية.
وقد جرى رفض تلك المقترحات ، رغم أنها قدمت بشكل خطي من قبل دول عدة، مثل قطر والكويت وعمان وليبيا وفلسطين واليمن والجزائر وتونس وسورية والعراق ولبنان. وشملت هذه المقترحات أفكاراً مثل:
-منع استخدام القواعد العسكرية الأميركية وغيرها في الدول العربية لتزويد إسرائيل بالسلاح والذخائر.
تجميد العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية العربية مع إسرائيل.
-التلويح باستخدام النفط والمقدرات الاقتصادية العربية للضغط من أجل وقف العدوان.
-منع الطيران المدني الإسرائيلي من الطيران في الأجواء العربية.
– تشكيل لجنة عربية بمستوى وزاري تسافر فوراً إلى نيويورك وواشنطن وبروكسل وجنيف ولندن وباريس من أجل نقل طلب القمة العربية بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة.
وقد وقفت أربع دول عربية ضد المقترحات، فيما التزمت فلسطين الصمت.
فيما انزعجت كلا من العراق والجزائر وتونس من فقرة جرت صياغتها لإدانة قتل المدنيين من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وسجلت هذه الدول تحفظات قوية جداً وخطية على القرار..
فيما دار جدال كبير في قاعة الاجتماع، وتم تعليق الجلسة لساعتين بطلب من ليبيا وتونس والجزائر..
وتحفظ العراق في نص القرار على الآتي: مصطلح (إدانة قتل المدنيين) في الفقرة (4)، ومصطلح (حل الدولتين) أينما وجدت في القرار، ومصطلح (إقامة علاقات طبيعية معها) التي وردت في الفقرة (15)، لأنها لا تتماشى مع القوانين العراقية. كما تحفظت تونس على الفقرة (4) من القرار.
أما الجزائر فتحفظت على عدد من الفقرات، وهي:
أولاً: الفقرة (4)، إذ نأى الوفد الجزائري بنفسه عن المساواة بين الضحية والجلاد، وأسف لعدم تحديد من هم المدنيون المعنيون بالتقتيل، إذ يستفاد من تحرير هذه الفقرة بأن الجرائم المقترفة هي نفسها من كلا الطرفين.
ثانياً: الفقرة (11)، إذ أكد الوفد الجزائري مطالبته بإغفال كل إشارة أو تنويه بدور لجنة القدس لأنه يعتبر أن التحديات المطروحة والظرف لا تسمح بالإشادة بلجان ومؤسسات أثبتت غيابها عن المشهد الحالي وعدم فعاليتها.
ثالثاً: تحفظ الوفد الجزائري على إدراج الفقرة (21) ضمن نص القرار انطلاقاً من كون المهام المنوطة باللجنة الوزارية المصغرة في هذه الفقرة لا تتوافق مع التكليف المنصوص عليه من جهة، ولأن ذات اللجنة الوزارية لم تقم بأي نشاط يُذكر منذ استحداثها قبل ثماني سنوات.
3-
-بناء قرارات القمة على معطيات اسرائيلية:
ورغم إيجابية رفض فكرة تهجير سكان غزّة، والتأكيد على حقّ النازحين في العودة لبيوتهم، فإنّ البند رقْم 14 دانَ “تهجير مليون ونصف مليون فلسطينيّ من شمال قطاع غزّة إلى جنوبه”، وهي صياغة يمكن أن توحي بفراغ شمال القطاع من المدنيين، وهو أمرٌ غير صحيح يمكن أن تستغلّه قوات الاحتلال التي تتبنّى هذه البروباغندا.
ويعبر صياغة قرار رفض التهجير عن غياب عن واقع ا يجري على أرض غزة، اذ أن المقاومة الفلسطينية ما زالت فاعلى على الأرض ، وتحتاج للاسناد فقط، بدعم حياة المدنيين ووقف استهدافهم، وهو ما لم يحدث حتى الآن ، حتى بعد القمة المشتركة…
وعليه، تكون مخرجات القمة العربية – الإسلامية كلامية إنشائية في غالبيتها الساحقة، مفتقرة لمسارات عملية واضحة الخطوات وقادرة على الفعل والتأثير. ويبدو أنّ الخلافات والاختلافات بين الدول الأعضاء قد ساعدت على خروج البنود بهذه الصيغ الفضفاضة الأقرب للمناشدات والأبعد عن المسار العمليّ، بل حتى عن التلويح أو التهديد بأيّ عقوبات ولو دبلوماسية أو شكلية لا لدولة الاحتلال ولا لداعميها. حتى البند المتعلّق برفع الحصار وإدخال المساعدات “بشكل فوري” افتقر لتفصيل آلية تنفيذه، والجهات التي ستقوم على ذلك، وسيكون بالتأكيد أمام محكّ التطبيق العملي، وكذلك ستكون مصداقية القمّة والدول المشاركة بها.
ولذلك، فمحصّلة القمة العربية – الإسلامية، هي تأكيد حالة العالَمَين العربي والإسلامي إزاء العدوان على قطاع غزة، وهي حالة تمزج بين العجز والفشل والخِذلان والتي قد يراها البعض موحية بشيء من التواطؤ. لكن الأكيد أنه ليس في مخرجات القمة أي رادع عملي لسلطات الاحتلال “الإسرائيلي”، ومؤسّستها العسكرية عن الاستمرار في ارتكاب المجازر، وليس فيها ما يضغط على الدول الداعمة لها، وفي مقدمتها الولايات المتّحدة لتخفيف هذا الدعم، فضلًا عن وقف الحرب. ولذلك يُخشى أن تدفع هذه المخرجات ودلالاتها الواضحة دولةَ الاحتلال لتشديد الحصار على غزّة، وتشجيعها على المزيد من المجازر وجرائم الحرب، كما حصل في محطات سابقة.
رابعا: مردودات القمة:
ومن المفترض أن تكون القمة قد أحدثت تغيير في الواقع المعاش على صعيد القضية الفلسطينية، إلا أن الواقع لم يتجاوز شيئا او يتزحزح قيد أنملة، سواء على المستوى العربي العربي، أو على مستوى العدو الصهيوني، اذ استمر القضف الاجرامي للمستشفيات والمدارس والمخابز ومحطات اكطهرباء وابار المياة وجميع البنى التحتية في القطاع، ض اربين عرض الحائط بالقمم العربية والمناشدات والمطالبات والقرارات الصادرة عن القمة المشتركة، وهو ما يعني فشل ذريع جديد للمنظومة العربية…
وهو ما يؤكد عدة حقائق عن القمة وبيانها الختامي ومقرراتها…منها:
1-اعلان الحرب الكلامية:
اذ غلبت على مخرجات القمّة الصياغاتُ الكلاميّة والخطابيّة، مثل المطالبات والمناشدات والتأكيدات والدعوات وإعلان الدعم، في غياب شبه كامل لأيّ خطوات عمليّة يفترض أن تضطلع بها القمة التي جمعت قيادات 57 دولة عربية وإسلامية
وجاءت قرارات القمة كأنها خطب رنانة جوفاء، فتعددت المطالبات والمناشدات والتأكيدات والدعوات وإعلان الدعم، في غياب شبه كامل لأيّ خطوات عمليّة يفترض أن تضطلع بها القمة التي جمعت قيادات 57 دولة عربية وإسلامية، إزاء قضية جامعة كالقضية الفلسطينية، وإجراءات الاحتلال التي وُصفت بكل ما سبق في المقدّمة والديباجة، فضلًا عن الوقائع الميدانيّة.
2-قرارات بلا خطط عملية:
في المقابل، كان القرارُ العمليّ الوحيد- والمتمثّل في كسر الحصار وإدخال المساعدات- فضفاضًا لم تُشرح آليّتُه ولم تُطرح وسائل تطبيقه ولا كيف سيواجه التعنّت “الإسرائيلي” القائم بخصوص إدخال المساعدات للقطاع، فكان أقرب للرغبة والدعوة منه لخُطة عمليّة.
كما أنَّ بنود القرار خلت تمامًا من أي عقوبات على دولة الاحتلال أو داعميها، بل ومن مجرد التلويح بالعقوبات، حتّى في البند الذي يطالب بـ “وقف تصدير السلاح والذخائر إلى سلطات الاحتلال”، مكتفيةً بالإشارة – في البند 12 – إلى استنكار ما أسمته ازدواجية المعايير في تطبيق القانون الدولي، والتأكيد على أنَّ مواقف الدول العربية والإسلامية “ستتأثر” بالمعايير المزدوجة التي “تؤدي إلى صدْع بين الحضارات والثقافات“.
3- اسنبعاد أية فعالية دبلوماسية ذاتية:
حتى الخطوات الدبلوماسية البسيطة المتعارف عليها- مثل سحب السفراء أو طردهم أو التلويح بتجميد العلاقات الدبلوماسية أو قطعها- لم يُؤْتَ على ذكرها صراحةً في القرار، بل استُخدمت صياغة فضفاضة، مثل: “دعوة الدول الأعضاء في المنظمة والجامعة لممارسة الضغوط الدبلوماسية” على سلطات الاحتلال.
خامسا: تأثيرات مستقبلية للقمة:
1-تعميق العجز العربي:
ولعل القراءة المتأنية للبيان الختامي، الصادر عن القمة ، يعبر عن مدى العجز العربي، وعدم القدرة على مواجهة العدو الاسرائييلي..
بل يؤكد البيان الختامي للقمة أنها كانت أبعد ما تكون عن الفعل والتّأثير.
ففي مقابل ما وصفته القمّة بجرائم الحرب والمجازر الشنيعة، أكد قرارها وبنوده على أن السلام هو الحل الوحيد للصراع مع الاحتلال، معيدةً التأكيد على مبادرة السلام العربية، وحلّ الدولتين، مع دعوة لتنظيم مؤتمر للسلام في المنطقة في أقرب وقت.
وذلك في الوقت الذي تتحدث فيه اسرائيل عن ازالة غزة من الخارطة الفلسطينية، وتهجير سكانها، وعدم اعترافها باي كيان فلسطيني ، يتمسك القادة العرب بالسلام!!
2-فقدان الأمل في المنظومة العربية:
وبقت المحصلة النهائية مخيبة للآمال، اذ صدرت قرارات القمة واستمر القصف الضاري للمدنيين وللمستشفيات، مما يشير إلى أنها كانت قمة لغسيل السمعة السيئة للموقف المتخاذل لقيادات الدول العربية والإسلامية، وخداع الشعوب الغاضبة ببعض العبارات مثل الهمجية والوحشية.
وهذا مما أكد صحة ما قامت به بعض الفضائيات من الانتقال من متابعة وقائع القمة، التي دار حديث قياداتها حول الإدانة والمطالبة بحل الدولتين؛ إلى بث خطاب الأمين العام لحزب الله، أملا في أن يحتوي على شيء يهدئ مشاعر الجمهور الغاضب من استمرار القصف الوحشي، ولما لم تجد الفضائيات مبتغاها لدى حسن نصر الله، عادت إلى بث مشاهد القصف والعجز الطبي عن علاج المصابين، بعد تعطل غالبية المستشفيات وحصار الدبابات الإسرائيلية لبعضها.
ولم تكن قرارات القمة الحالية من آليات تحقيق قراراتها مفاجأة للكثيرين، حيث يرى البعض أنها كانت مظاهرة كلامية مقصودة من الجانب السعودي للفت الأنظار إليه، باعتباره بلد الحرمين الشريفين، بعد أن حازت إيران على النصيب الأكبر من اهتمام الشارع العربي والإسلامي لدعمها العسكري للمقاومة في غزة ولبنان وغيرها، وكذلك تركيز الدول الغربية على مسألة إمكانية مشاركة إيران في الحرب، بينما لا يذكر أحد شيئا عن السعودية المشغولة بالمهرجانات الفنية والرياضية.
3-استبعاد خيار المقاومة:
والغريب؛ أن كلمات قادة الدول وقرارات القمة تشير إلى أهمية حل الدولتين، وهو المسار الذي ثبت عمليا فشله منذ اتفاق أوسلو عام 1993 وحتى الآن، أي خلال ثلاثين عاما لم تقم خلالها تلك الدولة، مع الاكتفاء بسلطة منزوعة الصلاحيات تشبه المجلس البلدي. وينسى هؤلاء أنه لولا انتفاضة عام 1987 التي استمرت لسنوات، ما كان مؤتمر مدريد عام 1991 واتفاق أوسلو عام 1993، وأن الدول العربية التي قامت بالتطبيع مع إسرائيل عام 2020 لم تلتزم بالمبادرة العربية بقمة بيروت 2002، التي ربطت بين العلاقات مع إسرائيل، وإتمام الحل الشامل للقضية الفلسطينية. وكأن تلك القمة تكافئ رئيس السلطة الفلسطينية على تخاذله، وتوظيفه للقوات الأمنية التابعة له لحماية أمن إسرائيل واحتجاز المقاومين بالضفة الغربية بالسجون الفلسطينية، ويعتبر المسار الذي يتبعه هو الأفضل على حساب خيار المقاومة المسلحة، الذي اتخذته حماس والجهاد وغيرهما في غزة.
وحتى لا يُصاب البعض بالإحباط بسبب ضعف موقف قيادات الدول العربية والإسلامية، فإن صمود المقاومة في غزة طوال تلك الفترة واستمرار إلحاقها الضرر بقوات الاحتلال الإسرائيلي، رغم التفاوت الكبير في القوة العسكرية، وعدم امتلاكها لطائرات أو دبابات أو مصفحات أو وسائل دفاع جوي، هو الذي سيجبر إسرائيل على قبول وقف إطلاق النار بعد ثبوت صعوبة القضاء على حماس، وكثرة خسائرها (إسرائيل) وتراجع مستهدفاتها من الحرب التي لا تستطيع تحمل طول أمدها لشهور كما تزعم.
ومع التذكير بأن جامعة الدول العربية جاء تأسيسها في الأربعينيات من القرن الماضي باقتراح من بريطانيا، لإبعاد تدخل الدول الإسلامية في حرب فلسطين حينما زادت هجمات اليهود على الفلسطينيين، والزعم بأن قضية فلسطين عربية، فإن منظمة التضامن الإسلامية تعتبر عمليا بمنزلة إحدى الإدارات التابعة لوزارة الخارجية السعودية، تستخدمها لمصالحها حين تريد وتفرض عليها الصمت حين ترغب في ذلك.
4-التظاهرات الشعبية بالغرب تفضح النظم العربية:
ولم تمثل قرارات القمة أية أهمية لدى الرأي العام العالمي والعربي، في ضوء استمرار المجازر تجاه المدنيين في غزة، بل مثلت المظاهرات لتي وقعت بالغرب وعدة دول غير عربية أهمية لافتة وتأثير قوي على الرأي العام العالمي، مثل المظاهرة الحاشدة في لندن، إلى جانب مظاهرات أخرى أقل حجما في باريس وبروكسل وأوسلو وميلانو وجنيف وميونخ، مع خلو غالبية العواصم العربية من مثل تلك التظاهرات الممنوعة.
5-فشل الرهان على مصر:
ومن الغريب أن يأمل البعض في اتخاذ مصر إجراءات عملية تجاه إسرائيل، وهي التي تمنع أي فعاليات جماهيرية ضد إسرائيل، فيما عدا اليوم الذي نُظمت فيه تظاهرات لتفويض السيسي باتخاذ ما يراه من إجراءات، التي استمر بعدها في الإدخال المحدود لشاحنات المساعدات الإنسانية، التي كان متوسطها اليومي قبل الحرب 500 شاحنة، بينما لم يصل عددها منذ بدء إدخال المساعدات وحتى الآن إلى ضعف هذا الرقم.
وهذه الشاحنات تمر أولا على الجانب الإسرائيلى ليستبعد منها ما يشاء، والتي تخلو من الوقود حسب الرغبة الإسرائيلية رغم شدة الحاجة له، كما تدور الأقاويل حول مصر عند الحديث عن اعتراض صواريخ الحوثيين المتجهة إلى إيلات من قبل سفن حربية أمريكية وإسرائيل ودولة عربية.
6-خيبة أمل للشعوب العربية:
أما من كانوا يحلمون بإجراءات عملية من القمة توازي، ولو بشكل محدود، ما قامت به الولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية لتقديم الدعم العسكري والمالي لإسرائيل، فقد صدمتهم قرارات القمة التي تؤكد أن دورها أن تدين وتشجب، تاركة الإجراءات العملية للدول الكبرى، وحتى لحماية الفلسطينيين فقد طالبت بآلية لحماية دولية لتحقيق ذلك.
7-اطلاق يد اسرائيل في عدوانها على غزة ومشاريعها الاستيطانية:
ومع حالة الخوار العربي والاسلامي، وعدم اتخاذ قرارات فاعلة ضد الكيان الصهيوني او داعميه، حيث استمرت المجازر واستهداف المستشفيات ومدارس الايواء ، بلا توقف، في مخططها لتهجير نحو مليون ومائة ألف فلسطيني من سكان غزة نحو جنوب غزة، 4م إلى الحدود المصرية، ضمن المخططات الاستعمارية القديمة..
وتواصل امريكا وشركاء اسرائيل من الأوربيين والغرب في الضغط على مصر، للسماح بتهجير الفلسطينيين واستيعابهم بسيناء، ، ضمن مشروع غزة الكبرى، الساعي لضم سيناء إلى غزة ، ونقل سكان شمال غزة والضفة الغربية…لتأمين الداخل الاسرائيلي وتغيير حغرافية غزة…
وفي ظل الخوار العربي، أعلنت حكومة الاحتلال أنها تنسق مع واشنطن لنشر قوات دولية بمشاركة اقليمية في غزة، اذ انه لم يعد للسلطة الفلسطينية دورا في مستقبل غزة..
ومع استمرار العجز العربي حتى عن ادخال مساعدات كافية لأهالي غزة، لاسناد صمودهم، يستمر الصلف الصهيوني والتمادي في المجازر……..
خاتمة:
أثبتت قرارات القمة العربية الاسلامية المشتركة، خروج العرب والمسلمين عن سياق التاريخ والواقع العربي، في زل تمادي صهيوني غير مسبوق في استباحة قواعد القانون الدولي والانساني، بقتل المدنيين الأبرياء..
مخرجات القمّة غلبت عليها الصياغاتُ الكلاميّة والخطابيّة، مثل المطالبات والمناشدات والتأكيدات والدعوات وإعلان الدعم، في غياب شبه كامل لأيّ خطوات عمليّة يفترض أن تضطلع بها القمة التي جمعت قيادات 57 دولة عربية وإسلامية
كما أنَّ بنود القرار خلت تمامًا من أي عقوبات على دولة الاحتلال أو داعميها، بل ومن مجرد التلويح بالعقوبات، حتّى في البند الذي يطالب بـ “وقف تصدير السلاح والذخائر إلى سلطات الاحتلال”، مكتفيةً بالإشارة – في البند 12 – إلى استنكار ما أسمته ازدواجية المعايير في تطبيق القانون الدولي، والتأكيد على أنَّ مواقف الدول العربية والإسلامية “ستتأثر” بالمعايير المزدوجة التي “تؤدي إلى صدْع بين الحضارات والثقافات“.
حتى الخطوات الدبلوماسية البسيطة المتعارف عليها- مثل سحب السفراء أو طردهم أو التلويح بتجميد العلاقات الدبلوماسية أو قطعها- لم يُؤْتَ على ذكرها صراحةً في القرار، بل استُخدمت صياغة فضفاضة، مثل: “دعوة الدول الأعضاء في المنظمة والجامعة لممارسة الضغوط الدبلوماسية” على سلطات الاحتلال.
وفي مقابل ما وصفته القمّة بجرائم الحرب والمجازر الشنيعة، أكد قرارها وبنوده على أن السلام هو الحل الوحيد للصراع مع الاحتلال، معيدةً التأكيد على مبادرة السلام العربية، وحلّ الدولتين، مع دعوة لتنظيم مؤتمر للسلام في المنطقة في أقرب وقت.
ولذلك، فمحصّلة القمة العربية – الإسلامية، هي تأكيد حالة العالَمَين العربي والإسلامي إزاء العدوان على قطاع غزة، وهي حالة تمزج بين العجز والفشل والخِذلان والتي قد يراها البعض موحية بشيء من التواطؤ. لكن الأكيد أنه ليس في مخرجات القمة أي رادع عملي لسلطات الاحتلال “الإسرائيلي”، ومؤسّستها العسكرية عن الاستمرار في ارتكاب المجازر، وليس فيها ما يضغط على الدول الداعمة لها، وفي مقدمتها الولايات المتّحدة لتخفيف هذا الدعم، فضلًا عن وقف الحرب. ولذلك يُخشى أن تدفع هذه المخرجات ودلالاتها الواضحة دولةَ الاحتلال لتشديد الحصار على غزّة، وتشجيعها على المزيد من المجازر وجرائم الحرب، كما حصل في محطات سابقة.
ومع استمرار العجز العربي فإن مستقبل المنطقة العربية يظ محكوما بالمشاريع الغربية والمخططات الامريكية والغربية…
………
مراجع:
قناة العالم، رويترز تفضح خفايا اجتماع وزراء خارجية الدول العربية في السعودية، 12 نوفمبر 2023
العربي الجديد، خلافات تؤدي إلى دمج القمتين العربية والإسلامية في الرياض،
11 نوفمبر 2023
الأناضول، البيان الختامي لزعماء وقادة الدول المشاركون بالقمة العربية الإسلامية بالرياض، 11/11/2023
CNN الاقتصادية، وقف صادرات السلاح لإسرائيل وإدخال الغذاء والوقود لغزة.. مخرجات قمة الرياض، 12 نوفمبر 2023
التلفزيون العربي، قمة الرياض.. إجماع على التنديد بعدوان إسرائيل، 11 نوفمبر 2023
د. سعيد الحاج، القمة العربية – الإسلامية.. ظاهرة كلامية تؤكد العجز والفشل، الجزيرة، 13/11/2023
ممدوح الولي، خيبة أمل من قمة الرياض بالشارع العربي والإسلامي، عربي 21، 15 نوفمبر 2023
عربي بوست، ” خلافات غيرت شكل انعقاد القمة العربية بالرياض”! ،
2023/11/11
الخليج الجديد، بعد قمة الرياض.. تقدير إسرائيلي: 3 رغبات عربية بينها هزيمة
15 نوفمبر 2023
د. محمد المعموري، انتصرت غزة في “ميدان الوغى” ولم تنتصر قمتهم!،
عربي بوست، 13 نوفمبر 2023