تداعيات التصعيد العسكري للحوثيين بالبحر الأحمر

على إثر العدوان الصهيوني المتواصل على قطاع غزة، وحصار القطاع ومنع المساعدات عنه من مياة ودوواء وغذاء، أطلقت جماعة أنصار الله الحوثي، اليمنية، عملياتهم العسكرية  في البحر الأحمر، وذلك منذ 31 أكتوبر الماضي، منخركين في الحرب ضد إسرائيل انتصارا للمظلومية التاريخية للشعب الفلسطيني، حسب تصريح المتحدث العسكري باسم الحوثيين العميد يحيى سريع…

وهو ما وسع من نطاق الحرب الاسرائيلية إلى آفاق أبعد، حيث المناطق الاستراتيجية التي يسيطر عليها الحوثيون بالبحر الأحمر ومضيق باب المندب…

ورغم محاولات الحشد الدولي المناوئ للحوثيين، استمرت الهجمات وتنوعت بين الاستهداف الصاروخي، والهجوم بطائرات مسيرة،  ضد السفن التي لها ارتباطات بالكيان الصهيوني في البحر الأحمر،  محذرين في بيانات لهم كل السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية من أي جنسية كانت من الملاحة في البحرين العربي والأحمر، حتى إدخال ما يحتاجه الفلسطينيون في قطاع غزة من ماء وغذاء ودواء…

وكان الحوثيون قد هددوا سابقا باستهداف جميع أنواع السفن التي تشغّلها شركات إسرائيلية، أو تعود ملكيتها إلى شركات إسرائيلية، أو تلك التي تحمل العلم الإسرائيلي..

تلك الهجمات وارتداداتها الاستراتتيجية، قد تعزز الصدام العسكري بين القوات الأميركية والحوثيين، على إثر مخاوف سفن الشحن من العبور في البحر الأحمر وقناة السويس، مع تعديل الشركات مسار رحلاتها، بما يحمله ذلك من ارتفاع في تكاليف النقل والتأمين، وزيادة زمن الرحلة ما بين 10 إلى 15 يوما، وخسارة مصر المورد الثالث لدخلها من العملات الصعبة من خلال إيرادات قناة السويس.

وتزداد صعوبة حركة التجارة الدولية مع تهديدات أميركية بشن حملة عسكرية في اليمن، فيما يطالب الحوثيون بإدخال المساعدات الإنسانية لإنقاذ الشعب الفلسطيني من الجوع المفروض عليهم منذ 3 أشهر. فيما يدعو خبراء دول العالم إلى سرعة التصدي للعدوان الإسرائيلي باعتباره مفتاح الحل لأزمة النقل البحري، بدلا من زيادة أعمال العنف في منطقة تصعب السيطرة على مخاطر الحرب فيها.

وقبل الولوج في تحليل المخاطر والتأثيرات المرتبطة بالتصعيد العسكري الحوثي ضد اسرائيل بالبحر الأحمر، نستعرض الأهمية الاستراتيجية للبحر الأحمر، كممر للتجارة الدولية…

أولا:الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية للبحر الأحمر:

يستمد البحر الأحمر أهميته الإستراتيجية والجيوسياسية من موقعه الجغرافي الفريد، ويصفه مستشار الأمن القومي الأميركي السابق زبيغنيو بريجنسكي بكونه يقع في قلب قوس الأزمات أو عدم الاستقرار، الذي يضم الشرق الأوسط والقرن الأفريقي ومنطقة المحيط الهندي، كما أنه يتاخم منابع النفط الرئيسة في العالم.

ويعدّ البحر الأحمر واحدا من أهم طرق الملاحة الرئيسة في العالم، فهو يربط بين 3 قارات؛ وهي: أفريقيا وآسيا وأوروبا، وتمثل قناة السويس في شماله شريانا ملاحيا له أهمية إستراتيجية دولية مهمة ونقطة اختناق أولى.

وتسلك نحو21 ألف سفينة سنويا القناة في طريقها بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الهندي، ويمرّ بها يوميا نحو 30% من حاويات الشحن في العالم، ونحو 10% من تجارة النفط، و8% من تجارة الغاز المسال، ونحو 12% من إجمالي التجارة العالمية من جميع السلع.

وبرزت أهمية قناة السويس شريانا حيويا عالميا خلال العدوان الثلاثي على مصر في 1956 والحروب العربية الإسرائيلية، وكذلك في حوادث عرضية، كما حصل حين عطّل جنوح السفينة “إيفر غرين” الملاحة في القناة في 2021 لمدة 6 أيام.

ويعدّ البحر الأحمر الطريق الرئيس الذى يمر من خلاله نفط الخليج العربي وإيران إلى الأسواق العالمية في أوروبا، إذ تحتاج أوروبا إلى نقل 60% من احتياجاتها من الطاقة عبره، بينما تنقل من خلاله نحو 25% من احتياجات النفط للولايات المتحدة الأميركية.

ينفتح البحر الأحمر غربا وشرقا وشمالا على 9 دول؛ وهي: مصر والسعودية والأردن والسودان واليمن وجيبوتي والصومال وإسرائيل وإريتريا، ويبلغ طوله 1900 كيلومتر، ويترواح عرضه بين 204 كيلومترات ونحو 20 كيلومترا (عند مضيق باب المندب جنوبا)، بينما يبلغ متوسط عمقه 419 مترا. أما امتداد طول الساحل على شاطئيه فيصل إلى 4910 كيلومترات، ويضم عددا كبيرا من الجزر والمضائق المهمة والخلجان.

وتطل 7 دول عربية على البحر الأحمر، وهو ما  يشكّل أهمية إستراتيجية قصوى للأمن القومى العربى، وكانت مضائقه وخلجانه وجزره جزءا من الصراع مع إسرائيل، خاصة أثناء الحروب العربية الإسرائيلية سنوات 1956 (العدوان الثلاثي على مصر) وحربي 1967 و1973، حينما أغلقت مصر واليمن مضيق باب المندب أمام الملاحة الإسرائيلية.

-محورية الموقع العالمي  للبحر الأحمر:

كما اهتمت القوى الكبرى -مثل: الولايات المتحدة وفرنسا وإنجلترا والاتحاد السوفياتي السابق وروسيا حاليا والصين (وكذلك إسرائيل وتركيا)- بالنطاق “الجيوبوليتيكي” للبحر الأحمرعسكريا وأمنيا واقتصاديا، وحرصت على أن يكون لها وجود دائم (قواعد)، أو نقاط ارتكاز فيه كونه ممرا أساسيا لأساطيلها البحرية ونفطها وتجارتها.

كما يقع مضيق باب المندب في المدخل الجنوبي للبحر الأحمرفي اتجاه المحيط الهندي وبحر العرب، على حدود 3 دول؛ وهي: اليمن وجيبوتي وإريتريا، ويفصل عمليا بين قارتي آسيا وأفريقيا، وهو يستمد أهميته الإستراتيجية كونه المنفذ الوحيد الذي يتحكم تماما في البحر الأحمر من الناحيتين العسكرية والتجارية.

ويصل عرض المضيق إلى نحو 30 كيلومترا وفي شرقه توجد جزيرة “بريم،” بمساحة كيلومترين مربعين، وتقسمه إلى قناتين: القناة الشرقية المعروفة باسم “باب إسكندر” بعرض 3 كيلومترات وعمق 30 مترا، و”القناة الغربية” المعروفة باسم “دقة المايون” بعرض نحو 25 كيلومترا وعمق 310 أمتار.

ويسمح عرض المضيق وعمقه بمرور ناقلات النفط الضخمة وسفن الشحن الكبيرة في الاتجاهين، وهو ما سهل انسيابية الحركة التجارية. وحسب موقع “vessel tracking” تمر عبره 22 ألف قطعة بحرية سنويا بمعدل 60 سفينة يوميا، سواء في اتجاه شمال البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط وأوروبا -خاصة بعد افتتاح قناة السويس في 1869- وجنوبا وشرقا إلى خليج عدن وبحر العرب والمحيط الهندي وآسيا.

ويتمتع المضيق بأهمية عسكرية وأمنية كبيرة، ويسمح عرضه ومساحته بإمكانية التحكم فيه عسكريا بالغوصات أو المدمرات أو الأسلحة الأخرى؛ كالصواريخ والمسيرات أو تفخيخه بالألغام البحرية، ومن ثم قطع الملاحة فيه وإرباكها.

-الاستراتيجية الاسرائيلية بالبحر الاحمر:

وتركز إسرائيل ضمن نظرية أمنها القومي على البحر الأحمر رغم قصر ساحلها عليه (11.6 كيلومترا)، وهو يعدّ المنفذ البحري الجنوبي لإسرائيل إلى مينائها الرئيس في إيلات (أم الرشراش)، كما أنه المنفذ الوحيد لها نحو أفريقيا وآسيا.

وخلال حرب 1967 كان إغلاق السلطات المصرية لمضيق تيران في 22 مايو، أمام الملاحة الإسرائيلية ومنع السفن من المرور إلى ميناء إيلات من الأسباب المعلنة للهجوم الإسرائيلي على مصر يوم 5 يونيو.

ومع أطماعها ومحاولاتها للسيطرة على البحر الأحمر والمعلومات عن إقامة قاعدة في “دهلك” بإريتريا، تستفيد إسرائيل من علاقتها بالولايات المتحدة وسردية محاربة الإرهاب والقرصنة، وهي تسوّق أهدافها بالدعوة إلى أن يكون البحر الأحمر ممرا مائيا دوليا يجب أن يظل مفتوحا لسفن الدول جميعا بما فيها إسرائيل، ولا حق للدول العربية في السيطرة عليه، أو تقييد حرية الملاحة فيه.

ثانيا تطورات عسكرية دراماتيكية بالبحر الأحمر:

1-تصعيد عسكري للحوثيين:

ومنذ الخامس عشر من نوفمبر، أعلن زعيم جماعة أنصار الله عبد الملك الحوثي، أن “عيون الجماعة مفتوحة لرصد أي سفن تعود ملكيتها أو تُشغلها شركات إسرائيلية”، رداً على الحرب في غزة، قبل أن توّسع عملياتها تجاه “كل السفن” المتوجهة لإسرائيل.

وفي التاسع من ديسمبر، أعلنت جماعة الحوثي منع مرور السفن المتجهة إلى إسرائيل، إذا لم يتم إدخال ما يكفي من الغذاءِ والدواء إلى غزة

ومنذ إعلان الحوثيين منع السفن الإسرائيلية من المرور في البحر الأحمر في نوفمبر، هاجم الحوثيون عدة سفن بالقرب من باب المندب، وصادروا سفينة جالاكسي ليدر، التي قالوا إن ملكيتها تعود لرجل أعمال إسرائيلي، ولا تزال السفينة وطاقمها المكون من 25 شخصاً محتجزين في اليمن، كما منعت الجماعة أيضاً سفينتين قالت إنهما إسرائيليتان من المرور وهما نمبر ناين، ويونتي إكسبلورر.

هذا التصعيد لاقى تنديداً من الولايات المتحدة ودول غربية عدة، والتي وصفت تلك الأفعال بالقرصنة وبأنها تشكل تهديداً لأمن الملاحة في تلك المنطقة، فيما اعتبرت إسرائيل أفعال الجماعة بمثابة تهديد لأمن الملاحة على المستوى العالمي، وتوعدت بالرد عليها بقوة في عدة تصريحات رسمية.

فيما رفض نائب رئيس الهيئة الإعلامية لجماعة أنصار الله الحوثي، نصر الدين عامر خلال حديث لبي بي سي وصف عمليات جماعة الحوثي بــ”القرصنة أو الإرهاب”، قائلا  إن هذا التصعيد جاء بمثابة “خطوة شرعية ضمن عملية عسكرية معلنة ومشروعة، من أجل تشكيل ضغط سياسي واستراتيجي وعسكري على إسرائيل لوقف الحرب ورفع الحصار“.

ويضيف عامر: ” نحن نقوم بواجبنا من منظور أخلاقي وقيمي، ونحن جزء من حلقة تدافع عن الشعب الفلسطيني، ولنا الحق في مساندته”، مؤكداً أن “الوقوف مع فلسطين هو نقطة تحظى بالتوافق والالتفاف الشعبي في اليمن“.

وردا على هجمات الحوثيين، أغرقت البحرية الأميركية التي تقود تحالف “حارس الازدهار” في البحر الأحمر وخليج عدن، 3 زوارق من بين 4 زوارق تابعة لجماعة الحوثي، أدت إلى مقتل عشرة جنود وإصابة اثنين آخرين، بعد مواجهة مباشرة بين طائرات انطلقت من حاملتي الطائرات “أيزنهاور” و “غرافلي”، على مسافة 55 ميلا بحريا من ميناء الحديدة اليمني.

وبررت القوات الأميركية ضرباتها، بأنها جاءت استجابة لنداءات استغاثة من سفينة الشحن النرويجية “ميرسك هانغتشو”، تحمل علم سنغافورة، عقب إسقاط صاروخين باليستيين مضادين للسفن، أطلقتهما جماعة الحوثي، الماضي، أثناء عبورها جنوب البحر الأحمر قادمة من جنوب آسيا، في طريقها إلى المرور بقناة السويس.

تشير مجلة تايم إلى أن الحوثيين “مجهزون بشكل كبير بالأسلحة التي توفرها لهم إيران، بما في ذلك الطائرات دون طيار الدقيقة، وصواريخ كروز المضادة للسفن والصواريخ الباليستية القادرة على ضرب سفينة متحركة على بعد مئات الكيلومترات. ومع وجود مخزون كبير، يمكنهم الاستمرار في هذه الحملة لفترة طويلة“.

ويضيف التقرير أنه قد يكون من الصعب ردع الحوثيين بالقوة العسكرية على عكس حزب الله، الذي يواجه حربا مباشرة مع إسرائيل، فالحوثيون لا يتعرضون لتهديد فوري يذكر، بعد أن وصلوا الآن إلى حافة النصر في حربهم التي استمرت عقدا من الزمن مع المملكة العربية السعودية -حسب التقرير-، وهذا ما يجعل هذا الوضع تحديا جديا لكل من الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.

2-رسالة الحوثيين:

ويسعى الحوثيون لتوجيه رسالة لشركات الشحن، بأن الأزمة التي دفعتهم لمهاجمة السفن الداعمة لإسرائيل، مازالت مستمرة، وعليهم أن يشاركوا في الحل، بردع العدوان على الفلسطينيين، وإلا سيظل التأثير السلبي على مصالحهم والعالم مستمرا.

ومع اتجاه التحالف الأميركي الدولي نحو المواجهة العسكرية مع جماعة الحوثي، سيزداد الأمر تعقيدا، وينشر عدم أمان بين شركات النقل البحري وفي المنطقة، بما سيؤدي إلى هروب السفن من المرور بالبحر الأحمر، ويرفع من تكاليف نقل البضائع إلى أنحاء العالم.

فيما الصمت الدولي على ما تفعله إسرائيل في غزة، يمكنه أن يوقف 12 % من حركة التجارة العالمية التي تمر بقناة السويس وتحمل كميات هائلة من السلع الأساسية للأسواق الدولية، حيث تنقل سفن الشحن البحري نحو 9.9 مليارات طن على مستوى العالم، يمر منها 1.2 مليار طن بقناة السويس، تصل حاجة مصر منها إلى نحو 7 ملايين حاوية فقط من بين 40 مليون حاوية تنقل عبر القناة.

ثالثا:-تأثيرات  التصعيد العسكري بالبحر الأحمر:

1–تغيير شركات الشحن والملاحة الدولية مساراتها بعيدا عن البحر الأحمر:

بينما تبدو التأثيرات العسكرية محدودة حتى الآن، اذ تشير صحيفة الإيكونوميست البريطانية إلى أن “صناعة الشحن العالمية تتحول إلى وضع الطوارئ” من جراء الهجمات الحوثية، مشيرة إلى أن “هذه الهجمات ستكون لها تداعيات خطيرة، أهمها ما يتعلق بالتأثيرات على الاقتصاد العالمي وعلى دول إقليمة، ومخاطر التصعيد العسكري في الشرق الأوسط“.

ومع تقييد حركة السفن عبر قناة بنما، الطريق التجاري الرئيس بين آسيا والولايات المتحدة، التي تشهد جفافا تاريخيا يجبر السفن على الانتظار لمدة تصل إلى شهر للعبور وفقا لوكالة رويترز، خططت بعض الشركات لإعادة توجيه مسارها إلى البحر الأحمر، لتجنب التأخير في قناة بنما، وهو ما سيجعل لأزمة البحر الأحمر آثارا أكبر قصيرة وبعيدة المدى.

ووفق خبراء نقل بحري، فإنه “أمر غير مسبوق أن تتزامن الاثنتان.. قناتا السويس وبنما غير مغلقتين، الأمر أنهما أصبحتا أقل قابلية للحياة على المدى القصير فقط“.

وحتى يوم 19 ديسمبرالماضي، قررت 13 شركة عالمية كبرى تغيير مسارات سفنها، أو وقف جميع شحنات الحاويات عبر البحر الأحمر؛ وهي: شركة “إيه بي مولر-ميرسك” الدانماركية، ومجموعة الشحن الفرنسية “سي إم إيه – سي جي إم”، وأكبر شركة شحن بحري في العالم “إم إس سي“.

كما أعلنت شركة الشحن البحري التايوانية “يانغ مينغ” وشركة “بريتيش بتروليوم” البريطانية النفطية وقف مرور سفنها عبر البحر الأحمر، وكذلك شركة النفط والغاز النرويجية “إكوينور”ونظيرتيها “فرونت لاين” لناقلات النفط و”لينيوس فيلهلمسن”، وشركة شحن الحاويات الألمانية “هاباغ لويد”، وشركة شحن الحاويات الكورية الجنوبية “إتش إم إم”، وشركة “إن واي كيه” اليابانية.

من جهتها، قررت شركة شحن الحاويات التايوانية “إيفرغرين” التوقف مؤقتا عن قبول البضائع الإسرائيلية بأثر فوري وتعليق الملاحة عبر البحر الأحمر حتى إشعار آخر، بينما أوقفت شركة “أورينت أوفرسيز كونتينر لاين” ومقرها هونغ كونغ بدورها قبول البضائع من إسرائيل وإليها حتى إشعار آخر؛ بسبب مشكلات تشغيلية.

وتستحوذ شركات “إم إس سي” و” إيه بي مولر-ميرسك”، و “سي إم إيه – سي جي إم”، على أكثر من 40% من سوق شحن الحاويات بحرا حول العالم، وتتولى شركة ميرسك أكثر من 20% من التجارة العالمية، وتتعامل مع أكثر من 12 مليون حاوية سنويا، حسب بيانات موقع “ستاتيستا”. وتشير التقديرات إلى أن حركة المرور عبر البحر الأحمر تقلصت تبعا للأحداث الجارية بنسبة 35%.

وستضطر هذه الشركات إلى المرور عبر رأس الرجاء الصالح في أقصى جنوب القارة الأفريقية، بما يطيل الرحلات بين 19 يوما إلى 31 يوما، وهو ما سيؤثر في وضع الشحن بالكامل، وعلى حركة إمداد الدول بالواردات على كل المستويات، من المنتجات النهائية والمواد الخام للقطاعات الصناعية، حسب ما ذكر نوام ريدان، الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في تقرير لموقع “فوا نيوز“.

كما سيؤدي تجنب شركات الشحن العالمية لمضيق باب المندب، والالتفاف حول رأس الرجاء الصالح إلى زيادة التكلفة والتأمين على الحاويات، خاصة المتجهة إلى أوروبا تصل إلى مئات الآلاف من الدولارات..

وبشكل عام يقدّر خبراء ومحللون إلى أن يؤدي الانسداد إلى تعطيل حوالي 9.6 مليارات دولار من التجارة العالمية يوميا، ويتسبب في ارتفاع أسعار النفط في أوروبا خاصة؛ بسبب المخاوف من نقص الإمدادات.

ووفقا للمعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، فإن زيادة وتيرة التهديدات التي تواجه الشحن الدولي في البحر الأحمر سوف تؤدي إلى مشكلات في التزود بالطاقة وانعدام الأمن الغذائي، وتهدد سلاسل التوريد العالمية.

ويقول “جون ستاوبرت”، كبير مديري البيئة والتجارة في الغرفة الدولية للشحن البحري لواشنطن بوست “هذه مشكلة بالنسبة لأوروبا، وهي كذلك بالنسبة لآسيا، من المحتمل أن يكون لها تأثير اقتصادي هائل”، مشيرا إلى أن 40% من التجارة بين آسيا وأوروبا تمر -عادة- عبر باب المندب.

ويقول جواد الحمد، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في الأردن، إن الحوثيين “نجحوا في تشكيل ضغطٍ دولي”، لكنهم يمكن أن يتسببوا في “نقل الاهتمام العالمي والأزمة إلى مربعات أخرى”، لا يحتملها الصراع الدائر حالياً بحسب الحمد.

وأوضح مدير مركز الدراسات لبي بي سي، أن مضيق باب المندب يقع في “منطقة حرجة جداً، تصل بين العالم الغربي والشرقي، إذ أنه أصبح المعبر الرئيس للعالم للتجارة والبوارج الحربية ومحطة رئيسية للبواخر الدولية بعد حفر قناة السويس، وله بعد جيوسياسي واستراتيجي“.

وتحديدا، فقد أعلنت مجموعة اللوجستيات العالمية يوم الجمعة 22ديسمبر أنها غيرت مسار نحو 25 سفينة لتبحر حول طريق رأس الرجاء الصالح الأسبوع الماضي، ومن المرجح أن يستمر هذا العدد في الارتفاع.

ومنها، مجموعة الشحن الفرنسية (سي.إم.إيه – سي.جي.إم) ، التي أعلنت يوم 26 ديسمبر الماضي  إنها تعتزم زيادة عدد السفن التي تعبر قناة السويس تدريجيا. مضيفة في بيان “يستند هذا القرار إلى تقييم مفصل للمشهد الأمني وإلى التزامنا بأمن وسلامة البحارة. وكانت قد غيرت الشركة في السابق مسار العديد من السفن لتأخذ طريق رأس الرجاء الصالح.

وشركة ناقلات النفط البلجيكية ، التي قالت في 18 ديسمبر، إنها ستتجنب منطقة البحر الأحمر لغاية إشعار آخر.

وكذلك، كشفت شركة إيفرغرين التايوانية لشحن الحاويات في 18 ديسمبر أن سفنها المتجهة إلى موانئ البحر الأحمر ستبحر إلى المياه الآمنة القريبة في انتظار إشعار آخر، بينما سيتم تغيير مسار السفن المقرر أن تمر عبر البحر الأحمر إلى طريق رأس الرجاء الصالح. كما توقفت موقتا عن قبول نقل البضائع الإسرائيلية.

ومجموعة “فرونت لاين لناقلات النفط” ومقرها النرويج، والتيقالت  في 18 ديسمبر إن سفنها ستتجنب المرور عبر البحر الأحمر وخليج عدن.     

وشركة الشحن النرويجية المتخصصة في ناقلات شاحنات السيارات، التي أكدت  في 21 ديسمبر إن سفنها لن تمر عبر البحر الأحمر.

وأيضا شركة شحن الحاويات الألمانية هاباغ لويد،والتي أعلنت يوم 21 ديسمبر إنها ستغير مسار 25 سفينة بحلول نهاية العام لتجنب قناة السويس والبحر الأحمر. وأضافت أنها ستتخذ قرارات أخرى في نهاية العام. وكان مقذوف يُعتقد أنه طائرة مسيرة أصاب سفينتها في 15 ديسمبر أثناء إبحارها بالقرب من الساحل اليمني. ولم يصب أي من أفراد الطاقم.

أما شركة شحن الحاويات الكورية الجنوبية إتش.إم.إم ، فأوضحت في 19 ديسمبر أنها أمرت منذ 15 ديسمبر جميع سفنها القادمة من أوروبا والتي عادة ما تمر عبر قناة السويس بأن تغيّر مسارها إلى طريق رأس الرجاء الصالح لفترة زمنية غير محددة.

كما قالت شركة الشحن النرويجية هوغ أوتولاينرز في 20 ديسمبر أنها ستوقف العبور في البحر الأحمر بعد أن رفعت هيئة الملاحة البحرية النرويجية مستوى الإنذار بالنسبة للجزء الجنوبي من البحر إلى أعلى مستوى.

أما مجموعة الشحن الدانماركية فقالت في 24 ديسمبر إنها تستعد لاستئناف عمليات الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وذكرت في بيان “مع تفعيل مبادرة (حارس الازدهار)، نستعد للسماح للسفن باستئناف العبور من البحر الأحمر باتجاه الشرق والغرب“.

وكانت قد ذكرت ميرسك في 19 ديسمبر أنها ستغير مسار سفنها لتبحر حول طريق رأس الرجاء الصالح وأنها ستفرض رسوما إضافية على نقل الحاويات في المسارات المتأثرة بذلك.

ومن جهتها، أفادت شركة البحر المتوسط للشحن (إم.إس.سي) يوم 16 ديسمبر أن سفنها لن تمر عبر قناة السويس وأن بعضها تم تحويل مساره بالفعل لرأس الرجاء الصالح بعد يوم من إطلاق الحوثيين صاروخين عابريْن للقارات على إحدى سفنها.

وفي 19 ديسمبر، قالت أوشن نتورك أكسبرس (وان)، وهي مشروع ياباني مشترك بين شركات ميتسوي أو.إس.كيه لاينز ونيبون يوسن وكاواساكي كيسن كايشا، إنها قررت تغيير مسار السفن بعيدا عن قناة السويس والبحر الأحمر. وبدلا من ذلك، ستبحر سفنها حول رأس الرجاء الصالح أو توقف رحلاتها مؤقتا وتنتقل لمناطق آمنة.

وأوردت شركة أورينت أوفرسيز كونتينر لاين، ومقرها هونغ كونغ، يوم21 ديسمبر أنها أمرت سفنها بتغيير مسارها أو وقف الإبحار إلى مياه البحر الأحمر. كما أوقفت شركة الشحن المملوكة لشركة أورينت أوفرسيز (إنترناشونال) المحدودة قبول البضائع من إسرائيل وإليها إلى غاية إشعار آخر.

كما أفادت مجموعة ولينيوس فيلهلمسن النرويجية في 19 ديسمبر أنها ستوقف جميع رحلاتها في البحر الأحمر حتى إشعار آخر. وذكرت أن تغيير مسار السفن إلى رأس الرجاء الصالح سيرفع زمن الرحلات من أسبوع إلى أسبوعين.

وقالت شركة الشحن البحري التايوانية يانغ مينغ في 18 ديسمبر إنها ستحول مسار سفنها المبحرة عبر البحر الأحمر وخليج عدن إلى رأس الرجاء الصالح خلال الأسبوعين المقبلين.

2- خسائر إسرائيلية:

لا تمتلك إسرائيل تجارة كبيرة عبر البر مع البلدان التي تحدها باستثناء مبادلات قليلة مع مصر والأردن، وهي -من ثم- تعتمد على الممرات المائية في التزود بالمواد الأساسية، وتمر نحو 5% فقط من تجارتها عبر ميناء إيلات على البحر الأحمر.

وحسب بيانات نشرتها صحيفة غلوبس الاقتصادية الإسرائيلية، فإن سعر شحن الحاويات من الصين إلى ميناء أسدود الإسرائيلي ارتفع بنسبة تتراوح بين 9% و14% في الأسبوعين الأخيرين من شهر أكتوبرالماضي.

وأدى ذلك إلى رفع كلفة الشحن بنحو 5% منذ اندلاع الحرب، كما ارتفعت كلفة تأمين  السفن الإسرائيلية بنسبة 250% حسب الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى نوام ريدان.

وقد ذكر موقع أكسيوس الإخباري الأميركي أن ميناء إيلات الإسرائيلي يشهد، بفعل هجمات الحوثيين توقفا شبه كامل لوصول السفن. كما كشف المدير العام للميناء إيلات جدعون غولبر لصحيفة “كالكاليست” الإسرائيلية عن انخفاض بأكثر من 80% في إيرادات الميناء.

ومن المنتظر أن تؤثر زيادة أسعار الشحن وتأخير وصول الشحنات القادمة إلى إسرائيل، خاصة من جنوب شرق آسيا بمعدل أسبوعين على الأقل، إلى تراجع المخزونات من السلع وزيادة الأسعار، وهو ما سيؤثر في الاقتصاد الإسرائيلي المنهك من تبعات الحرب على غزة.

رابعا: الاعلان عن تحالف “حارس الازدهار”:


وردا على العمليات الحوثية، أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الثلاثاء 19 ديسمبر الماضي،  من إسرائيل، إطلاق تحالف “حارس الازدهار”، كقوة حماية بحرية متعددة الجنسيات “من أجل ترسيخ المبدأ الأساسي لحرية الملاحة في البحر الأحمر”، يتكون من 10 بلدان للتصدي لهجمات الحوثيين، وضم دولة عربية واحدة هي البحرين
.

ومنذ هجمات سبتمبر 2001 ، تتولى عمليا قوة أميركية تأمين الملاحة في المضيق تحت ذريعة مواجهة تنظيم القاعدة والقراصنة في المنطقة، كما تسيّر دول أخرى بوارج في المنطقة بما فيها إسرائيل، التي أعلنت رسميا إرسال مدمرتها الحديثة “ساعر 6” إلى البحر الأحمر بعد هجمات الحوثيين.

ورغم تشكيل الولايات المتحدة لقوة دولية لضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر، فإن محمد البخيتي، عضو المجلس السياسي لجماعة الحوثي، قال في لقاء مع قناة الجزيرة “إن جماعته ستواجه أي تحالف تشكله الولايات المتحدة، ويمكن أن ينتشر في البحر الأحمر”. كما أشار في تصريحات أخرى إلى أن “العمليات لن تتوقف إلا بتوقف الإبادة في غزة، والسماح بدخول الغذاء والدواء والوقود، حتى لو نجحت أميركا بحشد العالم كله“.

1- فعالية  التحالف الأمريكي:

ويفتقر التحالف الذي شكلته الولايات المتحدة إلى دعم معلن من الدول العربية السبع المطلة على البحر الأحمر، وهو ما يضعف دوره ويشكك في أهدافه، كما أن الولايات المتحدة تسعى إلى احتواء الأزمة في ارتباطها بالحرب الإسرائيلية على غزة، وما تواجهه من هجمات في العراق وسوريا، ومنعها من التصاعد إلى درجة تصبح فيها إيران متورطة بشكل مباشر، وهو ما يقلص من احتمال تدخلها العسكري المباشر ضد الحوثيين، أو تدخل إسرائيلي مماثل قد يزيد الأوضاع في المنطقة اشتعالا.

وفي إشارة إلى ضعف الردع الأميركي للحوثيين، تشير مجلة تايم إلى أن “ضربات جوية أميركية على غرار تلك التي نفذت في العراق وسوريا، لن تقترب من نوع الضرر الذي تكبدته الجماعة خلال حربها مع المملكة العربية السعودية”، مشيرة إلى أن إدارة بايدن ستشعر مع ذلك بضغوط متزايدة لاتخاذ إجراءات، طالما استمرت هذه الهجمات وآثارها التخريبية، وفقا لتقديرها.

ومع أن نزع فتيل التوتر في البحر الأحمر يبدو يسيرا وفق مطالب الحوثيين في ارتباطها بالحرب الإسرائيلية على غزة، وقد يحصل بالعمل الدولي الجاد على وقف العدوان، يقود البحث في حلول عسكرية محضة نحو مزيد من التصعيد، وهو ما من شأنه أن يعيق حركة التجارة الدولية ويعمّق الأزمة الاقتصادية العالمية، ويؤدي إلى مزيد عسكرة شريان بحري عالمي مهم، وازدحام المدمرات والغواصات والبوارج، ويقوّي احتمال نشوب نزاع أشد وأخطر في المنطقة.

2-غياب السعودية والامارات عن تحالف حماية الازدهار”:

وكان لافتا غياب السعودية عن قائمة “تحالف حماية الازدهار”، اذان السعودية لديها جيش مزود بعتاد أمريكي وتشن حربا على الحوثيين منذ نحو تسع سنوات وتعتمد على موانئ البحر الأحمر في 36 %  من الواردات. لكن المملكة وحليفتها الخليجية الإمارات أعلنتا عدم اهتمامهما بالمشروع الأمريكي. والسبب الرئيسي فيما يبدو لغيابهما هو قلقهما من أن تنتقص المشاركة من هدف استراتيجي طويل الأمد يتمثل في نفض يديهما من حرب عبثية في اليمن ونزاع مدمر مع إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين.

ولا يوجد تأثير مباشر كبير لهجمات الحوثيين على إسرائيل لأن شركات الشحن قالت إن عددا من السفن المستهدفة لم تكن متجهة إليها، لكن الهجمات أضرت بحلفاء إسرائيل الغربيين بتعقيدها لمسار التجارة العالمية. وهدد زعيم الحوثيين بتوسيع هذه الحملة لتشمل السفن الحربية الأمريكية.

وتجنب مسؤولون أمريكيون القول بصراحة إن البلدين لن يشاركا، ولم يرد متحدثون باسم حكومتي السعودية والإمارات على طلبات من رويترز للتعليق.

لكن سواء امتنعا عن المشاركة تماما أو اضطلعا بدور في الدهاليز، يريد كلا البلدين تجنب الظهور بمظهر المشاركين في حملة قد تؤدي إلى الإخلال باستراتيجيتهما الإقليمية طويلة الأمد وتحويل الغضب العربي مما يحدث في غزة ضدهما.

ووفق دوائر استراتيجية خليحية، فإن الغياب السعودي والإماراتي كان  بسبب رغبتهما في تجنب تصعيد التوترات مع إيران أو تعريض جهود السلام في اليمن للخطر، في حال الانضمام إلى أي عمل بحري.

اذ إن حربا أخرى ستعني الانتقال من العملية السياسية إلى عملية عسكرية أخرى قد تفسد الخريطة الجيوسياسية للشرق الأوسط في الوقت الحالي..

وحاولت السعودية والإمارات لسنوات، بدافع من قلقهما بشأن الالتزام الأمريكي طويل الأمد، تغيير توجهات سياستهما الإقليمية، والبحث عن شركاء جدد، وإعادة النظر في العلاقات مع إسرائيل، وتسوية التنافس مع إيران.

وتمثلت أكبر الخطوات في هذه العملية حتى الآن في اتفاق بوساطة صينية بين السعودية وإيران في فبراير الماضي، وإقامة علاقات دبلوماسية بين إسرائيل والإمارات عام 2020.

لكن السعوديين يريدون أيضا إنهاء حربهم الدائرة منذ نحو تسع سنوات في اليمن والتي تحولت إلى مأزق أضر بسمعتهم وتسبب في زعزعة الأمن من خلال هجمات الحوثيين بطائرات مسيرة على مطارات ومحطات طاقة.

صحيح أن الإمارات سحبت الكثير من قواتها في اليمن في عام 2020، لكن السلام هناك مازال مهما لها. وما زالت الإمارات تدعم جماعات في اليمن، واستهدف الحوثيون عاصمتها أبوظبي بهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ العام الماضي.

وكانت السعودية تأمل في أن يسمح حل هذه النزاعات الإقليمية بالتركيز على قائمة طموحة للأولويات تشمل بناء مدن جديدة تستشرف المستقبل واحتلال مكانة أكبر في الساحة الدولية، بما في ذلك استضافة كأس العالم 2034.

وتهدد هذه الحرب بتقويض هذا الحلم السعودي وإلقاء المنطقة في حقبة جديدة من عدم اليقين وإثارة الغضب العربي ضد الغرب وحلفائه في الخليج.

وقال علي شمخاني، وهو مستشار للمرشد الأعلى الإيراني، في تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي، إن “أي دولة تنضم إلى التحالف الأمريكي للتصدي لهذا العمل (الحوثي) هي مشارك مباشر” في قتل إسرائيل للأطفال.

لكن التردد السعودي في العصف باستراتيجية إقليمية تقوم على الوفاق مع إيران والسلام مع الحوثيين ستوازنه حاجة المملكة إلى الأمن في البحر الأحمر عموما واعتمادها المستمر على المظلة الأمنية الأمريكية.

وكان موقع “بريكنج ديفينس”، المعني بالشؤون الدفاعية، قد سلط   الضوء على غياب السعودية والإمارات عن تحالف تأمين ممرات الشحن في البحر الأحمر، الذي أُطلق عليه اسم “عملية حارس الازدهار”، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، مشيرا إلى أن النظامين الملكيين اختارا عدم دعم التحالف علنا ما قد يكون أحدث إشارة إلى وجود خلاف متزايد بين البلدين وبين واشنطن.

ونقل الموقع عن المحلل الاستراتيجي البحريني، يوسف مبارك، قوله إن “السياسة الخارجية الأمريكية ومبادراتها الدفاعية الأخيرة وضعت مصالح الأمن القومي لحلفاء الخليج التاريخيين الرئيسيين مثل السعودية والإمارات في أولوية أقل لصالح المنافسين الإقليميين ووكلائهم، ما جعل العدوان الحوثي الأخير على الحركة البحرية العالمية نتيجة متوقعة”..

وأضاف أن دول الخليج شعرت بأنها “منبوذة” من قبل الولايات المتحدة عندما حاولت، خلال حرب اليمن، دق ناقوس الخطر بشأن الحوثيين، والمسؤولية عن مهاجمة ممرات الشحن بطائرات مسيرة وصواريخ في الآونة الأخيرة، “ولذا قد يترك البلدان هذه الظاهرة المتصاعدة لأولئك الذين رفضوا القضاء عليها في مهدها“.

ويتفق مع مبارك الخبير الاستراتيجي والباحث السياسي المقيم في البحرين، عبد الله الجنيد، قائلا: “إن السياسات الأمريكية يحيط بها الكثير من الغموض فيما يتعلق بكيفية التعامل مع مصادر التهديد لأمن المنطقة عندما تكون تلك المصادر إما إيرانية أو أذرع إيرانية في المنطقة مثل الحوثيين“.

وفي مايو الماضي، عبرت دولة الإمارات عن مشاعر بالإحباط بسبب عدم الرد الأمريكي على التهديدات الإيرانية، وقررت الانسحاب من المشاركة في القوة البحرية المشتركة، التي تقودها الولايات المتحدة.

فيما  السعودية تشعر أنها لا تحتاج إلى تحالف جديد متعدد الجنسيات لحماية مصالحها، حيث قام الأسطول السعودي بتأمين كافة المياه بعمق عملياتي، سواء في البحر أو على الأرض. كما لعبت منظومة الدفاع الجوي السعودية دورا متقدما في اعتراض العديد من الطائرات المسيرة التابعة للحوثيين..

كما أن السععودية لن  ترغب في التنازل عن جزء من قرارها السيادي بشأن عمل أسطولها الغربي لأي طرف حليف..

أما بالنسبة لمشاركة البحرين في “حارس الازدهار”، فقد اتفق عديد المحللين على أن ذلك لم يكن مفاجئًا، في ضوء كونها موطن للأسطول الخامس للبحرية الأمريكية وقوة المهام المشتركة 153، التي تقود العملية.

وفي السياق، يقول الزميل في معهد الشرق الأوسط، المسؤول الكبير في البنتاجون سابقا، ميك مولروي، إن السعودية والإمارات “كانتا قلقتين بشأن التصور العام المتعلق بالحرب المستمرة بين إسرائيل وحماس في غزة”، مضيفا: “أعتقد أن السياسة لها بعض التأثير (في غياب البلدين عن عملية حارس الازدهار)”. حيث تحاول الولايات المتحدة وصف العملية بأنها مرتبطة بالدفاع عن التجارة الدولية وحقوق استخدام الممرات المائية الدولية، وليس لدعم إسرائيل في غزة..

بينما للسعوديين والإماراتيين مصلحة واضحة في تأمين ممرات الشحن، لكنهم لا يريدون أن يُنظر إليهم على أنهم يدعمون إسرائيل..

وقال كبير مستشاري برنامج الأمن الدولي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، مارك كانسيان، إن الولايات المتحدة “تتخذ نهجا أكثر عدوانية ضد هجمات الحوثيين مع استمرار تلك الهجمات وإلحاق أضرار بالسفن“.

يشار إلى أن البيت الأبيض أصدر “بياناً مشتركاً” مع العديد من الحلفاء يدين هجمات الحوثيين في البحر الأحمر. وكانت البحرين من بين المجموعة التي أصدرت البيان، ينما لم تؤيده السعودية والإمارات.

3-اتهامات غربية لايران بدعم تصعيد الحوثيين:

وزعمت سكاي نيوز عربية، أن مسؤولون أمنيون غربيون وإقليميون  قالوا إن السلطات الإيرانية تقدم معلومات استخباراتية وأسلحة بشكل مستمر، بما في المسيّرات والصواريخ، للحوثيين، التي تستخدمها الجماعة اليمنية لاستهداف السفن في البحر الأحمر.

جاء ذلك في تقرير جديد لصحيفة “وول ستريت جورنال”، كشف أن معلومات التتبع التي جمعتها سفينة مراقبة في البحر الأحمر تابعة لقوات عسكرية إيرانية، تم تسليمها إلى الحوثيين، الذين استخدموها لمهاجمة السفن التجارية المارة عبر مضيق باب المندب في الأيام الأخيرة.

وقال المسؤولون إن العديد من السفن المبحرة في المضيق أغلقت أجهزة الراديو الخاصة بها لتجنب تعقبها عبر الإنترنت، لكن “سفينة إيرانية متمركزة في البحر الأحمر تمكن الطائرات من دون طيار والصواريخ الحوثية من استهداف السفن بدقة“.

إلا أن متحدثا باسم الحوثيين قال إن الجماعة لا تحتاج إلى الاعتماد على إيران للمساعدة في هجماتها.

وقال المتحدث: “من الغريب أن ننسب كل شيء إلى إيران وكأنها القوة الأكبر في العالم. لدينا منشآت استخباراتية أثبتت نفسها على مدى سنوات“.

لكن مسؤولا أمنيا غربيا قال لـ”وول ستريت جورنال”: “الحوثيون لا يملكون تكنولوجيا الرادار لاستهداف السفن. إنهم بحاجة إلى المساعدة الإيرانية، ومن دون ذلك ستسقط الصواريخ في الماء“.

ودفعت هجمات الحوثيين شركات الشحن إلى تغيير مساراتها، مما تسبب في اكتظاظ العديد من الموانئ الإفريقية بعدد السفن التي تدخل مياهها.

وقال المحلل في شركة “فورتيكسا” لبيانات الطاقة جاي مارو: “علاوات مخاطر الحرب للناقلات التي تسافر عبر البحر الأحمر ارتفعت في الآونة الأخيرة، مما يجعل الطريق الأطول (رأس الرجاء الصالح) أقل تكلفة بالنسبة للمستأجرين“.

ووفقا لبيانات شركة “إل إس إي جي”، غيرت العديد من الناقلات أو عدلت مسارها لتجنب المرور بالبحر الأحمر.

وحول دوافع استهداف السفن في البحر الأحمر، يرى المستشار السابق في وزارة الخارجية الأمريكية وعضو الحزب الجمهوري حازم الغبرا، أن إيران هي من تقف وراء هجمات جماعة الحوثي، واصفاّ ما يجري “بالنهج الإيراني في خلق النزاعات“.

وأضاف الغبرا طهران “تمادت بشكل لم يعد مقبولاً وهي تشكل تهديداً ملموسًا” عبر ما سمّاها بـ”الأذرع الإرهابية التي تمولها“.

من جهته يقول أستاذ العلاقات الدولية والخبير في الشأن الايراني حكم أمهز إن إيران لا تفرض على حلفائها في “محور المقاومة” بما فيهم اليمنيين، ما يجب فعله، لكنها تبقى داعمة لكل حلفائها، ويضيف أن الولايات المتحدة أرسلت عدة رسائل عبر دول وسيطة إلى إيران بشأن العمليات الأخيرة في البحر الأحمر، لكن طهران كانت تصرّ على أن القرار يعود لليمنيين وحدهم.

ويرفض أمهز الاتهامات الموجهة لطهران بشأن زعزعة أمن واستقرار المنطقة، متهماً وجود الولايات المتحدة بحد ذاته بمثابة التدخل “السافر” وبأنه يشكّل تهديداً لدول المنطقة، ويقول :” الإيرانيون يعتبرون أن هذه المنطقة هي لأهلها ودولها ومن ضمنهم إيران والسعودية وغيرها وهي التي تقرر أمن المنطقة وحفظ الملاحة فيها“.

كما يتهم أمهز تشكيل التحالف الدولي بأنه يحمي المصالح الإسرائيلية فقط، نافيا أن يكون من شأنه حماية التجارة الدولية، ذلك أن اليمنيين أكدوا أنهم لا يستهدفون إلا السفن المتجهة لإسرائيل.

لكن الخبير العسكري هشام خريسات، يقول إن هناك “مخاوف أمريكية من الاصطدام مع الإيرانيين”، إذ أن الولايات المتحدة تتجنب الانجرار لحرب مع طهران، حتى بعد أن أرسلت غواصات وسفن إلى منطقة الخليج والتي كانت قادرة لوحدها أن ترد على هجمات الحوثيين، لكن “واشنطن تتفادى الرد المباشر وتسعى لتشكيل تحالف مع عدة دول للتعامل للتهديدات في البحر الأحمر تجنباً لإيران“.          ..

خامسا: تداعيات التصعيد الاقليمي:

1-تغيير قواعد الاشنباك:

وقد أحدثت  ضربات الحوثيين ، سواء بالصواريخ أو المسيرات، أو بالاستهداف المباشر عبر الزوارق،

 تغيير قواعد الاشتباك في المنطقة، ودخول الحوثيين على خط الصراع، وتصاعدت توترات جبهة ثالثة تمثل تهديدًا جديدًا تمامًا للاقتصاد الإسرائيلي، بعد جبة غزة وجبهة حزب الله للبناني..

 خاصة مع توعد الحوثيين  باستهداف جميع السفن المتجهة إلى إسرائيل بعض النظر عن جنسيتها، وتحذيرهم جميع الشركات العالمية من التعامل مع الموانئ الإسرائيلية، وهو تهديد صريح كخنجر في خاصرة إسرائيل ومصالحها الاقتصادية التي تعتمد على مضيق باب المندب.

ويشكل هذا الممر البحري في البحر الأحمر أهمية بالغة للاقتصاد الإسرائيلي مع ارتفاع التجارة مع آسيا، ففي عام 2006، وصلت نحو 191 ألف حاوية بضائع إلى الموانئ الإسرائيلية من شرق آسيا، في حين وصلت 268 ألف حاوية من أوروبا الغربية، وبحلول عام 2019، كانت الأرقام 278 ألف و260 ألف على التوالي.

وتمر كل هذه البضائع تقريبًا عبر البحر الأحمر، وهو شريان رئيسي للتجارة بين البحر المتوسط والمحيط الهندي، تمر عبره 4 ملايين برميل نفط كل يوم إلى أوروبا، ونحو 25 ألف سفينة تجارية، أي ما يعادل 7% من حجم التجارة العالمية، وجذبت أهميته الحيوية تنافسًا دوليًا لإثبات الحضور فيه، حضور تعزز بعد حرب غزة وتعهدات الحوثيين بتهديد مصالح إسرائيل التجارية.

ومع تصعيد الحوثيين هجماتهم على السفن المرتبطة بـ”إسرائيل” في البحر الأحمر، علَّقت أكبر شركات شحن الحاويات في العالم إبحار سفنها في المناطق المضطربة، خاصة بالقرب من مضيق باب المندب، مهددة بإغلاق طريق تجاري رئيسي للواردات والصادرات الإسرائيلية من الشرق الأقصى ومرورها إلى أوروبا.

2- ضرب الاقتصاد الاسرائيلي:

وإلى جانب الحرب الدائرة في غزة، تواجه إسرائيل حربًا اقتصادية على أكثر من جبهة، أولها الحرب مع المقاومة الفلسطينية التي أجبرتها على استدعاء نحو 360 ألف جندي احتياط وإجلاء عشرات آلاف السكان من منازلهم في الجنوب بينما توقف الكثير من النشاط الاقتصادي هناك، أمَّا الجبهة الثانية فهي الصراع على مستوى أدنى مع “حزب الله”، الذي يتسبب في ضرر اقتصادي في الشمال.

وكانت التكلفة التي تكبدها الاقتصاد الإسرائيلي من هاتين الجبهتين كبيرة، إذ تتوقع الخزانة العامة أن ينكمش الاقتصاد بمعدل سنوي 15% في الربع الرابع، ومع منح العمال إجازة غير مدفوعة الأجر، ارتفعت معدلات البطالة إلى 9.6% في أكتوبر مقارنة بـ3.6% في الشهر السابق، ولا تزال مبيعات التجزئة منخفضة، في حين تراجعت السياحة الوافدة إلى مستويات وباء كورونا.

وتصل أكثر من 98% من واردات “إسرائيل” عبر الموانئ، 40% منها من خلال البحر الأحمر عبر قناة السويس..

وبعد استيلاء الحوثيين على سفينة الشحن جالاكسي ليدر في نوفمبر، وتتصاعد المخاوف العالمية من احتمالية إعلان شركات أخرى تعليق حركة الملاحة البحرية في مضيق باب المندب، ما يعني تذبذبًا في سلاسل الإمدادات العالمية وانعكاسه على مؤشر التضخم وارتفاع تكلفة عمليات الشحن، خاصة أن الشركات التي علَّقت إبحار سفنها تشكل أكثر من 40% من سوق شحن الحاويات بحرًا حول العالم.

وهذا يمثل ضربة للاقتصاد الإسرائيلي الذي يعتمد بشكل كبير على التجارة البحرية، فوفقًا للبيانات، تصل أكثر من 98% من واردات “إسرائيل” عن طريق البحر، 40% منها من خلال البحر الأحمر عبر قناة السويس، لهذا السبب من الضروري أن تبقي الموانئ مفتوحة وتعمل بأي ثمن.

وكما أشارت وزارة الزراعة الأمريكية في تقرير عام 2022، فإن “إسرائيل” تعتمد بشكل شبه حصري على الواردات لاستهلاكها من السكر والزيوت النباتية والبذور الزيتية والأعلاف والحبوب وغيرها من المواد الخام اللازمة للصناعة الغذائية، بينما تعتمد صناعة اللحوم فيها على استيراد الحيوانات الحية، وتستورد ما يقرب من ثلاثة أضعاف ما تصدره من المنتجات الغذائية والزراعية، وتنتقل هذه البضائع عبر موانئ أشدود وحيفا.

وبالنظر إلى خريطة التجارة الإسرائيلية في شهر أكتوبر الماضي، نجد أن إجمالي الواردات الإسرائيلية من السلع بلغ 17.5 مليار شيكل، وجاء نحو 49% من الواردات من دول أوروبية و25% من دول آسيوية، مقابل 20% من صادرات السلع الإسرائيلية كانت لآسيا. والمدخل الرئيسي لهذه الصادرات والواردات هو باب المندب، وبالتالي إغلاق الطرق أمام السفن المتجهة من وإلى “إسرائيل” يعني عزلها عن آسيا، ثاني أهم شريك تجاري لها بعد أوروبا.

يشار إلى أن الموانئ الإسرائيلية باتت خارج الخدمة ، منذ انطلاق عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر الماضي، وأصبخت  الموانئ الإسرائيلية في مرمى النيران، وبعد يومين فقط، اضطر الإسرائيليون إلى إغلاق ميناء عسقلان الموجود ومنشأة النفط التابعة له، على بعد 10 كيلومترات من حدود قطاع غزة، وهو أكبر ميناء لاستيراد النفط في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بسبب خوفهم من تهديدات صواريخ المقاومة الفلسطينية.

زكان للعمليات العسكرية التي ينفذها الحوثيون في البحر الأحمر ضد السفن الإسرائيلية تأثير اقتصادي كبير تسبب في توقف شبه كامل لوصول السفن إلى ميناء “إيلات” الإسرائيلي

اتجهت الأنظار إلى ميناء أسدود، الذي يقع على بعد 25 ميلًا فقط من تل أبيب، وهو ثاني أكبر ميناء إسرائيلي ومركز رئيسي لصادرات البوتاس والبروم، وواردات الغذاء الإسرائيلية، لكن الميناء يقع أيضًا بالقرب من حدود غزة، على بعد نحو 31 ميلًا، ومع تطاير صواريخ حماس في سماء “إسرائيل”، حرصت شركات الشحن على تجنب الوقوف في الميناء، وإرساء الناقلات وتفريغ البضائع في موانئ بديلة.

في 17 أكتوبر كانت شركة النقل البحري التايوانية “إيفر جرين” أول شركة تقوم بتحويل سفينة تابعة لها من ميناء أسدود إلى ميناء حيفا في أقصى الشمال، مشيرة إلى “استمرار الوضع غير الآمن” وإعلان حالة “القوة القاهرة”، وإذا أعلنت المزيد من السفن هذه الحالة، فقد يؤثر ذلك على الإمدادات الغذائية لـ”إسرائيل”.

وتعرضت الموانئ الرئيسية، بما في ذلك تلك الموجودة في حيفا وأسدود، التي تتعامل مع النفط والأسمدة والمواد الكيميائية الأخرى، لقصف صاروخي خلال الحرب، وتباطأت العمليات في ميناء أسدود بسبب نقص الموظفين، حيث تم تجنيد 10% من العمال في الجيش، وعانى الميناء ضعفًا في النشاط التجاري بسبب وجوده في مرمى صواريخ المقاومة، وانخفض عدد السفن المنتظرة يوميًا في الميناء إلى أقل من 5 منذ اندلاع الحرب مقارنة بأكثر من 15 سفينة في المتوسط قبل الحرب، وفقًا لبيانات “إيفر ستريم”، وهي شركة عالمية لرسم خرائط سلسلة التوريد وتحليل المخاطر.

بهذا الشكل، حُرم الاحتلال من اثنين من أهم الموانئ الموجودة على البحر المتوسط، واضطرت السفن إلى التوجه إلى ميناء حيفا الذي يستقبل خُمس واردات الإسرائيليين من النفط، لكن استقرار هذا الميناء مرهون باستقرار الجبهة الشمالية للأراضي المحتلة مع لبنان، ويمكن لتطور الاشتباكات مع حزب الله أن يُخرج الميناء من الخدمة.

وأدَّى ارتفاع حجم التجارة البحرية، وضغطها على ميناء حيفا إلى زيادة كبيرة في قائمة الانتظار التشغيلية للسفن التي تنتظر الدخول،لكن حتى قبل هجمات 7 أكتوبر، كانت الموانئ الإسرائيلية تعاني بالفعل من مشكلة الانتظار الطويل، ففي عام 2021، أشارت التقارير إلى أنه في بعض الحالات، اضطرت السفن إلى الانتظار لأسابيع قبل دخول الميناء مع طوابير تصل إلى 60 سفينة في نفس الوقت.

3-تأثيرات تتجاوز اسرائيل  إلى العالم:

وساهم هذا الموقف بشكل ملحوظ في خنق الكيان الإسرائيلي الذي لجأ إلى طرق بديلة ربما تخفف من وطأة الهجمات الحوثية، وتحدث موقع “والا” العبري عن بدء تشغيل جسر بري من موانئ دبي إلى إسرائيل، مرورًا بالسعودية والأردن، لكن الأردن نفى صحة ذلك، مؤكدًا أن أراضيه لن تكون ممرًا للبضائع الإسرائيلية.

ويطرح صمت بقية الدول المذكورة في التقرير أسئلة عن التواطؤ بين دول عربية والكيان المحتل، فحركة الشحن بين الإمارات وإسرائيل لم تتوقف منذ بداية الحرب، فيما لا تزال مواقف دول أخرى رمادية، لكن حرب غزة كفيلة بكشف حقيقتها في قابل الأيام.

وبسبب الأوضاع في بحر العرب والبحر الأحمر، تقوم شركات مثل شركة الشحن الإسرائيلية “زيم” بإعادة توجيه سفنها بعيدًا عن البحر الأحمر، وجعلها تدور في رحلات أطول حول إفريقيا، وهو التغيير الذي يضيف 13 ألف كيلومتر وما يصل إلى أسبوعين إضافيين للرحلة.

ويؤثر منع مرور السفن الإسرائيلية هناك على حركتها التجارية، ويزيد عبء التكاليف عليها، فقد أعلنت مجموعة الشحن الدنماركية “ميرسك” أنها ستفرض رسوم إضافية على شحنات الحاويات المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية، لتغطية أقساط تأمين المتزايدة اعتبارًا من العام 2024، وأوضحت أنه اعتبارًا من 8 يناير 2024 وحتى إشعار آخر، سيطبق رسم المخاطر الإضافي على البضائع المستوردة من “إسرائيل” على الحجوزات.

ومن شأن استمرار هجمات الحوثيين أن يهدد بجعل رحلات السفن التجارية من وإلى الموانئ الإسرائيلية أكثر تكلفة، فقد ارتفعت بالفعل تكلفة التأمين البحري للسفن الإسرائيلية بنسبة 250% عن غيرها من السفن التجارية، وبعض شركات التأمين لم تعد تغطي السفن الإسرائيلية، كذلك ستضيف رسوم الوقود الإضافية والأجور المزيد من الضغوط المالية على الشركات، كل هذا سيزيد من تكاليف الواردات، التي سيتم نقلها إلى المستهلك الإسرائيلي.

وتواجه السفن المبحرة إلى “إسرائيل” قفزة في علاوة مخاطر الحرب بمقدار عشرة أضعاف في الأسابيع الأخيرة، ما أضاف عشرات آلاف الدولارات إلى كل رحلة، ودفع إلى مطالبة حكومة الاحتلال بالمساعدة في ضمان استمرار وصول الواردات الحيوية.

وتعمق مخاطر التجارة الخارجية لـ”إسرائيل” القلق المتزايد من فاتورة الحرب على غزة، آخر مؤشراته إحجام المستثمرين عن المخاطرة في صفقات جديدة، فالأرقام الرسمية كشفت تراجعًا حادًا في حجم رأس المال المستثمر بنسبة 70% خلال الشهر الماضي، ليهبط من مليار دولار إلى نحو 300 مليون دولار.

ولولا ما أصاب الاحتلال الإسرائيلي من وجع لما نطق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو محدثًا زائره وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن بأن الحصار تهديد لحرية الملاحة في العالم أجمع، وكأن العالم يُختصر في مصالح تل أبيب الحيوية، بينما حياة الناس وموتهم سواء.

يضرب هذا التهويل في صميم الملاحة البحرية، وبالتالي التجارة العالمية، وغرضه الإيحاء بأن طريق السويس مقطوع بالكامل، بينما الحصار مفروض حصرًا على موانئ الاحتلال منعًا للتجارة الإسرائيلية دوليًا كما مُنع عن أهالي غزة الماء والغذاء والدواء.

كما إن محاولة إسرائيل التستر على حجم الضرر، لا تخفي الخسائر، بعد حظر العبور من باب المندب والبحر الأحمر مع ما يعنيه النقل البحري لعصب التجارة الخارجية، فإما وقف للصادرات والواردات مع الشرق وإما إطالة مسار السفن إلى طريق رأس الرجاء الصالح مع تكاليف كبيرة.

والواقع أن الخطورة ليست على تل أبيب وحدها، فأسواق العالم جميعها باتت تترقب ما سيجري في باب المندب، كونه شريانًا من شرايين الاقتصاد العالمي، ويأتي في المرتبة الثالثة عالميًا من حيث الأهمية بعد مضيقي ملقا وهرمز، وتمر عبره نحو 21 ألف قطعة بحرية سنويًا، أي ما يقارب 57 قطعة بحرية يوميًا.

وبلغة الأرقام، يمر عبر المضيق أكثر من 6 ملايين برميل من النفط الخام والمشتقات النفطية، معظمها في طريقها إلى أوروبا، إضافة إلى أكثر من 30% من التجارة العالمية للغاز الطبيعي، ناهيك بأكثر من 10% من إجمالي التجارة العالمية.

وليست الأسواق وحدها التي تترقب، فقناة السويس المصرية تبرز كأحد أكبر المتضررين، في وقت أجبر فيه الجفاف مشغلي قناة بنما، وهي حلقة وصل مهمة أخرى في سلاسل التوريد العالمية، على خفض عدد السفن التي يمكنها استخدام هذا الممر المائي، وتمر نحو 12% من التجارة العالمية عبر قناة السويس، و5% عبر قناة بنما.

4-الاضرار بالاقتصاد المصري:

ومنذ 19 نوفمبر الماضي، جرى توجيه 55 سفينة عبر رأس الرجاء الصالح جراء التصعيد في البحر الأحمر بحسب تصريحات لرئيس قناة السويس أسامة ربيع، ومن المرجح أن يؤدي المزيد من تغيير مسارات السفن إلى الإضرار بالاقتصاد المصري، الذي عانى بالفعل من تضرر السياحة بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة.

وتأتي حالة عدم الاستقرار بالقرب من السعودية والخليج ونفطهم، بل وحتى رؤية الرياضة المعنونة تحت 2030 ستطالها هي الأخرى رياح التغيير، خاصة مدينتها المستقبلية “نيوم” التي تتربع على رأس البحر الأحمر الذي يقف باب المندب بوابة له.

يفتح الحديث عن الممر الأمريكي الذي وُصف بـ”طريق الحرير الأمريكي”، الذي قيل إنه يأتي لتقليص أهمية قناة السويس والبحر الأحمر والمضيق، وهو الممر الذي سينطلق من جنوب أوروبا قاطعًا “إسرائيل” وأراضي الخليج وصولًا إلى الهند، وربما تتضاعف أهمية هذا الطريق الآن بعد أن بسط الحوثيون سيطرتهم على باب المندب، وجعلوه جزءًا من حرب يخشى الجميع أن تتوسع لتطال كامل بالمنطقة.

5-شجيع طرق بديلة لقناة السويس:

يشار إلى أن مسار البحر الأحمر، قناة السويس يجمل نحو 4% من واردات الغاز المسال العالمية، بإيرادات بلغت 9.4 مليارات دولار، نهاية 2023. يتوقع رجال الأعمال المصريون زيادة بقيمة البضائع، والشحن والتأمين البحري، ترفع أسعار جميع السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج خلال الشهر الجاري، في وقت تحتاج فيه الأسواق إلى تدفق ملايين الأطنان من السلع التي تحتاجها البلاد، في ذروة الطلب على المشتريات من الخارج.

وأمام توقف عمليات النقل والشحن البحري عبر البخر الأحمر، تزايدت الاوجاع الاقتصادية على مثر، وباتت تفكر في ايجاد بدائل للطرق التقليدية  للتجارة …

وكانت مصر كشفت في نهاية ديسمبر الماضي، عن تنفيذ مراحل متقدمة من مشروع تجاري ثلاثي للنقل متعدد الوسائط، جرى الاتفاق عليه قبل شهور مع قيادات كل من الأردن والعراق، لتيسير التبادل التجاري، وتسهيل تدفق النفط والبضائع من الشرق حيث ميناء البصرة إلى الغرب، ومنه إلى البحر المتوسط وأوروبا، بحسب بيان لوزارة النقل.

ويتقاطع الخط التجاري الجديد بالأردن مع آخر قادم من الإمارات ماراً بالأردن، الشريك الثالث مع مصر والعراق في الخط الأصلي، واصلا إلى إسرائيل بمشاركة شركة مصرية التحقت بالمشروع مؤخرا، ليجدد أمل تل أبيب في إحياء قناة بن غوريون عبر خليج العقبة.

والخطان الماران بالأردن يتفاديان هجمات جماعة الحوثي اليمنية على سفن الشحن المملوكة لشركات إسرائيلية، أو المتجهة بالبضائع نحو إسرائيل.

وعلى الخريطة، يظهر الخط التجاري الجديد أقصر كثيراً من المرور عبر الخليج العربي ثم المحيط الهندي فالبحر الأحمر، ويختصر هذا الطريق المسافة الطويلة التي كان يتوجب على السفن قطعها، قبل أن تفاقم تهديدات الحوثيين أزمة السفن العابرة بمضيق باب المندب، وتعجل -برأي مراقبين- بتنفيذ المشروع.

وأعلن الأردن أن الاضطرابات الجارية بالبحر الأحمر تدفع نحو تشغيل خط النقل البري والبحري مع مصر، عقب اتخاذ 103 سفن حاويات مسارا طويلا حول أفريقيا لتجنب الهجمات، الأمر الذي يؤدي إلى تكاليف وتأخيرات إضافية، بينما توقعت شركة “إيه بي مولر-ميرسك” ثاني أكبر مشغل لخط شحن حاويات حول العالم “استمرار الفوضى التي تؤثر على الشحن عبر البحر الأحمر لعدة أشهر“.

ويطرح مشروع الخط الجديد جملة من الأسئلة حول تأثيره على عوائد قناة السويس المتناقصة بالفعل بنسبة قدرها مختصون بنحو 40% بعد هجمات الحوثيين، كما يثير التساؤل حول مدى تأثره سلباً أو إيجابا بخطوط تجارية أخرى جرى الإعلان عنها، ومنها مشروع ممر التجارة العالمي الجديد، القادم من الهند مرورا بالخليج العربي ثم إسرائيل ومنه إلى أوروبا.

وأفادت وزارة النقل المصرية -في بيان- أنها تعكف على تنفيذ خطة متكاملة لتنمية وتطوير محاور النقل الدولية متعددة الوسائط “برى سككي نهري بحري” وفى إطار الممر اللوجستى طابا العريش الجاري تنفيذه حاليًا ضمن عدد 7 ممرات لوجستية تنموية دولية متكاملة.

وأكدت الوزارة أنها تقوم حاليًا بتنفيذ المرحلة الثانية من خط التجارة العربي بإنشاء خط سكة حديد “طابا العريش بئر العبد الفردان بطول 500 كيلومتر لزيادة حجم البضائع المستهدف نقلها من الخليج والعراق والأردن إلى أوروبا وأميركا.

ويتكون هذا الطريق -بحسب وزارة النقل المصرية- من ممر سككى يربط بين ميناءي نويبع وطابا المخطط تنفيذه على خليج العقبة بموانئ العريش وشرق بورسعيد على البحر المتوسط، ثم ارتباطاً بكافة الموانئ على البحر المتوسط “دمياط أبوقير الإسكندرية الكبير جرجوب” ومنها إلى الموانئ الأوروبية والأميركية.

وعدّد خبير النقل البحري الأكاديمي أحمد سلطان ميزات طريق التجارة العربي الجديد في زيادة معدلات التجارة البينية العربية، والمساعدة في نقل صادرات الأردن والعراق من الخليج والشرق العربي نحو إلى أوربا، بالنظر إلى أهمية موقع مصر في التجارة الدولية، ودور ذلك في تعظيم استفادة موانئ البلاد.

ويأتي المشروع الجديد إحياء لطريق بري قديم -كان جزءا من مبادرة الحزام والطريق- قلل أهميته ارتفاع كلفته، مقارنة بطريق مضيق باب المندب والبحر الأحمر وصولا لقناة السويس.

ويؤكد سلطان -في حديث للجزيرة نت- أن المشروع خلال عامه الأول سيزيد التبادل التجاري بين الدول الثلاث، كما سيرفع صادرات مصر بنسبة 11%، وصادرات الأردن بنسبة مماثلة، بينما قد تتجاوز صادرات العراق حوالي 6%.

ويجدد المشروع اتفاقية أغادير الخاصة بالتجارة بين مصر وبلدان المغرب العربي، ويسهل وصول صادرات العراق والأردن للمغرب العربي، ويحل المشروع ـ وفقا لسلطان ـ مشكلات استهداف الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر، كما يقضي على محاولات الالتفاف على قناة السويس، مثلما يتردد عن قناة بن غوريون التي تبقي مشروعا غير عملي، وللاستهلاك المحلي داخل إسرائيل فقط

ونفى سلطان أي أثر تنافسي للطرق الدولية على هذا الخط وعلى قناة السويس، فطريق الحرير ينطلق من الصين شمالا مرورا بروسيا وصولا إلى أوروبا، وكذلك ممر التجارة القادم من الهند مرورا بدول الخليج وانتهاء بأوروبا عبر إسرائيل، موضحا أن هذه المشروعات مكلفة جدا، وغير عملية بالمقارنة بقناة السويس، التي تظل أفضل وأرخص ممر لعبور التجارة العالمية.

6-فوائد سياسية  للحوثيين:

وعلى أية حال، سواء حركت ضربات الحوثيين الضغوط الدولية على اسرائيل، للجم عدوانها المتصاعد على غزة، أم استمر العدوان، وتأثرت سبل التجارة الدولية وقناة السويس والممرات التجارية الدولية، فإن ضربات الحوثيين ضد اسرائيل، قد دعمت موقع الحوثيين الاقليمي والدولي..

فاستطاع الحوثيون من خلال الظهور كمدافعين عن القضية الفلسطينية، تعزيز شرعيتهم.

فدخول الحوثيين المدوي على الساحة، جاء في سياق دعم القضية الفلسطينية، وهو ما جعل عملهم يحظى بدعم واسع في اليمن حتى خارج مناطق سيطرتهم، وبالتقدير في العالم العربي الذي يدعم الفلسطينيين، وهو ما قد يعطيهم قدرا من النفوذ الإقليمي، خاصة أن مشاركتهم كانت فعالة إلى حد ما، بحيث أثرت على إمدادات الموانئ الإسرائيلية بشكل مباشر.

ويعكس هذا العمل رغبة الحوثيين في إظهار قوتهم على المستوى الوطني والدولي، وأنهم يمثلون الشرعية في اليمن، كما يوجهون من خلاله رسالة إلى جيرانهم، وخاصة السعودية من أجل رفع سقف المفاوضات معها لكسب بعض التنازلات.

7-معضلة كبيرة لأمريكا:

كما سيواجه التحالف الأميركي معضلة كبيرة  لأن تدخله عسكريا في القواعد التي يوجد فيها الحوثيون قد يؤدي إلى تسريع انعدام الأمن في البحر الأحمر وبالتالي تفاقم المشكلة، أما إذا لم يفعلوا شيئا، فستتعرض التجارة البحرية لمزيد من العوائق، وربما تقرر إسرائيل التدخل بشكل مباشر.

ومع أن رهان الحوثيين هو الفائز حاليا، إلا أنه من الصعب الحكم على مقدار العقلانية في قرارهم، لأنهم ذهبوا بعيدا في اللعبة، وهو ما قد يعرض مكاسبهم الحالية للخطر فيما يتعلق بوقف إطلاق النار والمفاوضات مع السعودية مثلا، وفي تخفيف الحصار على ميناء الحديدة ومطار صنعاء، لأن التحالف والأساطيل المختلفة قد تطبق عليهم الحصار، حتى لا يعبر شيء إليهم، حتى المساعدات الإنسانية، وهو ما سيكون كارثيا.

-خامسا: مستقبل قلق بالبحر الأحمر:

وتثور العديد من الترجيخات المستقبلية حول التصعيد العسكري من قبل الحوثيين، نصرة للفلسطينيين، تجاهالعدوان الصيوني، الذي تجاوز ثلاثة شهور، موقعا أكثر من 30 ألف قتيل ومفقود، وأكثر من 50 ألف مصاب، وقد أورد “أمواج ميديا” ترجيحا بأن يستمر الحوثيون في محاولة تعطيل الشحن بالبحر الأحمر مع عدم ظهور أي علامة على وقف الحرب في غزة، وأن تستمر التوترات في البحر الأحمر في التصاعد مع ترسيخ التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لوجوده، خاصة إذا جرت اشتباكات مع قوات الحوثيين، والتي قد تؤدي إلى زيادة الضغط على إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لفرض عقوبات على الحوثيين وكذلك القيام بعمل عسكري داخل اليمن.

  وفي حين يُعتقد أن إيران زودت الحوثيين بقدرات كبيرة مضادة للسفن، فقد تختارإيران أيضًا توسيع وجودها في منطقة البحر الأحمر. ومع ذلك، وعلى عكس ما يحدث في الخليج ومضيق هرمز الاستراتيجي، فمن غير المرجح أن تشتبك القطع البحرية الإيرانية والأمريكية بشكل مباشر..

وكانت إيران قد رفضت المخاوف التي أعربت عنها بريطانيا بشأن تصاعد التوترات في البحر الأحمر، وأصرت على وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أولا، وأدخلت أسطولا تابعا لها إلى البحر الأحمر، بينما تقول المملكة المتحدة إنها مستعدة لاتخاذ “إجراء مباشر” ضد الحوثيين لحماية الشحن البحري.

وبشكل منفصل، التقى مسؤولون إيرانيون كبار مع متحدث باسم الحوثيين في طهران وأشادوا بالحركة اليمنية.

ومن جانبه، صرح وزير الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، في 31 ديسمبر الماضي، بأنه تحدث مع نظيره الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، حول التوترات في البحر الأحمر، و”أوضح” له أن إيران “تتقاسم المسؤولية عن منع هجمات الحوثيين على السفن التجارية”، مشيرا إلى دعم طهران “طويل الأمد” لجماعة أنصار الله.

وبعد ساعات، كتب أمير عبد اللهيان، على منصة إكس، أنه “حذر” كاميرون من “العواقب الوخيمة للاستمرار في دعم الأعمال الشريرة” لإسرائيل، مؤكدا أن إيران وحلفائها يشكلون دائماً جزءاً إيجابياً من التطورات والأمن الإقليميين، في رد واضح على انتقادات كاميرون للحوثيين ودعم إيران للحركة اليمنية. وبعد يوم من محادثته مع كاميرون، التقى أمير عبد اللهيان بالمتحدث باسم الحوثيين، محمد عبدالسلام، في طهران، وقدم “تقديره وشكره” للحوثيين على دعمهم “القوي والموثوق” للفلسطينيين.

والتقى عبدالسلام أيضًا مسؤولين كبار آخرين في 31 ديسمبر ، بما في ذلك أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي أكبر أحمديان.

ومع تجنب العديد من شركات الشحن الكبرى عبور مضيق باب المندب الاستراتيجي والبحر الأحمر منذ أوائل ديسمبر ، اقترح وزير الدفاع البريطاني، جرانت شابس، في الأول من يناير أن تستعد بريطانيا لاتخاذ “إجراء مباشر” ضد الحوثيين.

وكتب شابس في مقال افتتاحي أن المملكة المتحدة “لن تتردد في اتخاذ المزيد من الإجراءات لردع التهديدات التي تتعرض لها حرية الملاحة في البحر الأحمر“.

جدير بالذكر أن وسائل الإعلام الإيرانية ذكرت في نفس اليوم أن أسطولًا بحريًا تابعا لها دخل البحر الأحمر عبر مضيق باب المندب، تقوده المدمرة “ألبرز“...وهو ما يفتح الباب نحو زيد من التصعيد والقلاقل بالمنطقة…

ووفق تقديرات استراتيجية، فإن

هناك مخاوف أمريكية من الاصطدام مع الإيرانيين، إذ أن الولايات المتحدة تتجنب الانجرار لحرب مع طهران، حتى بعد أن أرسلت غواصات وسفن إلى منطقة الخليج والتي كانت قادرة لوحدها أن ترد على هجمات الحوثيين، لكن “واشنطن تتفادى الرد المباشر وتسعى لتشكيل تحالف مع عدة دول للتعامل مع التهديدات في البحر الأحمر تجنباً لإيران“.

…………………

مراجع:

الجزيرة، خبير فرنسي للوتان: حسابات الحوثيين ما تزال رابحة في البحر الأحمر، 7/1/2024

الخليج الجديد، منظمة: 18 شركة شحن قررت تغيير مسار سفنها بعيدا عن البحر الأحمر بسبب الحوثيين، 5 يناير 2024

العربي الجديد، حرب البحر الأحمر تُثقل التجارة العالمية وتهدد الإمدادات، 05 يناير 2024

الخليج الجديد، محللون: لهذا ترفض السعودية والإمارات الانضمام لتحالف البحر الأحمر بقيادة أمريكا، 4 يناير 2024

الجزيرة، تحالف عسكري ضد الحوثيين بالبحر الأحمر وإسرائيل تدفع بساعر 6.. إلى أين تمضي الأزمة؟، 20/12/2023

DW، أسباب غياب السعودية عن تحالف البحر الأحمر للتصدي للحوثيين، ٢١ ديسمبر ٢٠٢٣

الخليج الجديد، أسطول إيراني بالبحر الأحمر.. مؤشر لهجمات حوثية وصدام مع بريطانيا، 3 يناير 2024

بي بي سي، كيف نقرأ استهداف السفن في البحر الأحمر؟، 20 ديسمبر 2023

فرانس 24، هجمات الحوثيين في البحر الأحمر… كيف تعاملت معها شركات الشحن العالمية؟، 3 ديسمبر 2023

سكاي نيوز عربية، تقرير: “السفينة الجاسوس” وراء دقة ضربات الحوثي بالبحر الأحمر

l 23 ديسمبر 2023

نون بوست، حصار الموانئ.. ما حجم التأثير الذي يفرضه الحوثيون على اقتصاد الاحتلال؟، 23 ديسمبر ,2023

الجزيرة، طريق تجاري مختصر من العراق لمصر.. هل يضر قناة السويس؟ 31/12/2023-

العربي الجديد، مخاطر التجارة الدولية في 2024.. صواريخ الحوثي تتحالف مع قناة بنما لضرب السفن، 4 يناير 2024

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022