تطورات الملف الأمني الصومالي وتأثيرها على المنطقة

بعد مرور نحو 31 سنة، جاء قرار مجلس الأمن الدولي برفع حظر التسلح عن الصومال ليعيد للبلد القابع في القرن الإفريقي حريته في تعزيز قدرات جيشه، والذي سعى شيخ محمود فورًا بتوظيفه لصالح دعم الملف الأمني للصومال من قِبل القوى المختلفة. ولكنه ما لبث إلا أن تفاجأ بتحرك إثيوبي من شأنه أن يُعرِّض مساعي شيخ محمود للخطر. فماذا كانت دلالات وسياقات قرار مجلس الأمن؟ وماذا كانت تحركات شيخ محمود؟ وكيف أعاق آبي أحمد تلك التحركات؟ وكيف كان رد فعل شيخ محمود؟ تلك هي التساؤلات التي سنسعى للإجابة عليها خلال هذا التقرير..

أولًا: قرار مجلس الأمن..

القرار الذي أعلنه مجلس الأمن، أول ديسمبر الماضي، بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة نصَّ على “رفع حظر الأسلحة المنصوص عليه في القرار 733 الصادر عام 1992، بصيغته المُعدَّلة”. ودعا حكومة الصومال إلى “اتخاذ تدابير عدة؛ بينها: تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لإدارة الأسلحة والذخائر، وتعزيز مزيد من التأهيل المهني والتدريب، وبناء القدرات لجميع مؤسسات الأمن والشرطة الصومالية”. كذلك دعا مجلس الأمن الحكومة الصومالية “لاتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان منع إعادة بيع الأسلحة والذخائر والمعدات العسكرية المستوردة لتستخدمها قوات معينة، وكذلك شركات الأمن الخاصة المرخصة، أو نقلها أو إتاحتها للاستخدام لأي جهة”.

1. سياقات ودلالات القرار: لا يتعلق الأمر بتنفيذ صفقات أسلحة فقط، ولكن يرجع صدور القرار في هذا التوقيت إلى قرب مغادرة قوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقي (أتميس) الصومال. إذ من المُقرَّر انسحابها تدريجيًا، ونقل أنشطتها إلى القوات الصومالية بنهاية عام 2024. ما يستدعي تعزيز بنية الجيش الصومالي، ولا سيما أنه سيكون المسؤول عن حفظ الأمن في البلاد. وقد ظل الجيش الصومالي لفترة طويلة محدود القدرات، وقرار التسليح مرتبط بلا شك بقرب مغادرة قوات أتميس (الإفريقية لحفظ السلام). وقد تزامن قرار رفع حظر التسلح عن الصومال مع قرار ثانٍ بـ”فرض حظر على الأسلحة الموجهة لحركة الشباب، يمنع الجماعات المتطرفة التي تستهدف تقويض الأمن والسلم في الصومال من شراء أسلحة ومعدات عسكرية”. فبالرغم من كون القرار يشير إلى الثقة الدولية في الحكومة الصومالية، بينما تواصل ترسيخ وجودها في البلاد، إلا أنه يظل هناك تخوُّف من أن يكون تأثير قرار رفع حظر التسلح رمزيًا أكثر من كونه عمليًا، ولاسيما أن الصومال كان قادرًا على استيراد معظم الأسلحة من قبل من خلال عملية الإخطار[1]، إضافةً إلى كون الصومال لا يزال يفتقر إلى التمويل اللازم لإجراء صفقات شراء كبيرة للأسلحة.[2]

2. ردود الأفعال حول القرار: فور إعلان القرار الأممي الذي سعى الصومال طويلًا لتحقيقه، توالت بيانات الترحيب المحلي والدولي. وقال الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إن “مقديشو أصبحت الآن حرة في شراء أي نوع من الأسلحة”، وأكد أن “الأسلحة الموجودة بحوزة الحكومة لن تُشكِّل تهديدًا لشعبنا وللعالم”. وأشارت وكالة الاستخبارات والأمن الوطني الصومالية إلى أن القرار “جاء في لحظة حاسمة، خصوصًا مع حرب الحكومة للقضاء على حركة الشباب التي تحاربها منذ 16 سنة”. ووصفت الحكومة الصومالية القرار بأنه “خطوة مهمة إلى الأمام”. أما على الصعيد الدولي فاعتبرت دولة الإمارات العربية المتحدة أن “القرار سيؤثر إيجابيًا على مستقبل البلاد”، كما رحّبت الخارجية التركية بالقرار الذي وصفته بـ “التاريخي”، ورحّب أيضًا البرلمان العربي بالقرار، معربًا عن أمله أن “يساعد في دحر الإرهاب”.[3]

ثانيًا: تحركات حسن شيخ محمود التالية للقرار..

كان أهمها تحركان رئيسيان؛ هما: مؤتمر أمني استضافته نيويورك وترأسه الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، وثانيهما اتفاق دفاعي جديد بين الصومال وإثيوبيا..

1. مؤتمر أمني حول الصومال بنيويورك وخطة شيخ محمود: بالتزامن مع رفع حظر السلاح عن الصومال؛ شاركت 25 دولة وثلاث منظمات دولية (الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية) في مؤتمر استضافته نيويورك لدعم الصومال عسكريًا. وترأَّس المؤتمر الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود. وكان هناك تفاهمات بين الدول المشاركة في المؤتمر والصومال لإيجاد آلية جديدة لدعم مقديشو عسكريًا. وطرح الوفد الصومالي، خلال المؤتمر، احتياجاته العسكرية وسُبل توفيرها عبر آلية جديدة من أجل تعزيز القدرات العسكرية للجيش الصومالي.[4] وخلال المؤتمر؛ ناشد الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود الشركاء الدوليين لمواصلة الدعم لبناء جيش “يتسم بالكفاءة والفعالية” لتعزيز قدرات مواجهة الإرهاب. وأوضح خطة حكومته لبناء قوات أمن صومالية قادرة وخاضعة للمساءلة وبتكلفة معقولة.  وقال إن المرحلة الأولى تبدأ بأولويات فورية تتمثل في تشكيل قوات أمنية كافية ومدربة ومجهزة لتلبية متطلبات العملية الهجومية والحفاظ على الأراضي المحررة. وتركز المرحلة الثانية على بناء القدرات، والحفاظ على المكاسب، والاستجابة للتهديدات الناشئة التي تنقل المسؤوليات من الجيش إلى الشرطة. وتتضمن المرحلة الثالثة من الخطة الاستمرار في بناء وتوسيع قدرة القطاع الأمني ​​ليشمل البحرية والجوية مع التركيز بشكل أكبر على الشرطة والعدالة. وذكر مستشار الأمن القومي الصومالي أن مخرجات المؤتمر تشكل نواة دعم دولي موحد تجاه المجال الأمني والدفاعي. وأشار إلى أن الحكومة ستتعامل مع الدول بشكل ثنائي في خارطة مُتفق عليها دوليًا للحصول على حجم الدعم الذي تستطيع كل واحدة أن تقدمه إلى مقديشو لتنفيذ سياسة الانتقال الأمني.[5]

2. اتفاق دفاعي جديد بين الصومال وإثيوبيا: وقَّعت الصومال وإثيوبيا يوم 8 ديسمبر مذكرة تفاهم جديدة بهدف تعزيز التعاون الدفاعي المشترك بين البلدين استجابةً لمستجدات الوضع الأمني وخاصةً في منطقة القرن الإفريقي. وتُعد بمثابة تجديد لاتفاقية سابقة تم توقيعها في فبراير 2014. ويغطي الاتفاق مجالات مثل التدريب العسكري وتبادل المعلومات الاستخبارية ومكافحة الإرهاب والأمن البحري والمساعدة الإنسانية. وتنص مذكرة التفاهم أيضًا على إنشاء لجان دفاع مشتركة، والتي ستقوم بمراقبة وتسهيل تنفيذ الاتفاقية وتنسيق أنشطة قوات الدفاع في البلدين. وأشاد وزيرا دفاع البلدين بتجديد اتفاقية الدفاع المشترك باعتبارها شهادة على الشراكة القوية والاستراتيجية بين الصومال وإثيوبيا، وخطوة حيوية نحو تعزيز استقرار وازدهار المنطقة. وأكد الجانبان من جديد التزامهم بالعمل معًا لمعالجة التحديات والتهديدات المشتركة التي تواجه البلدين، مثل الإرهاب والتطرف والقرصنة وتغير المناخ.[6] والاتفاقية لم تنص مباشرةً على تشكيل قوات مشتركة ولكن مضمون الاتفاقية -الدفاع المشترك- سيؤدي إلى ذلك حيث أن القوات الإثيوبية تتمركز في الصومال لمشاركة مهمة حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقي- أتميس ولها قواعد عسكرية في وسط وجنوب البلاد.[7]

– توقيت وسياقات وتداعيات الاتفاق: يأتي الاتفاق الدفاعي بالتزامن مع أزمة بين إثيوبيا وإريتريا بعد حديث آبي أحمد عن ضرورة إيجاد منفذ بحري لبلاده، مما جعل الشكوك تحوم حول عزم أديس أبابا الحصول على ميناء على سواحل البحر الأحمر. وفي ظل حديث حول أن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد قد تفرَّغ بعد انتهاء حرب تيجراي لدراسة الخيارات الممكنة لإعادة تغيير الخريطة الإثيوبية بما يضمن تمدُّدها على البحر الأحمر. ويرى البعض أن السبب الأول وراء هذه التحركات هو محاولة من آبي أحمد لتخفيف العبء الداخلي الذي نشأ من الصراعات الأهلية من حرب تيجراي والتمرد الأمهري الأخير، والسبب الثاني هو وجود ضغط دولي- غربي يدفع إثيوبيا إلى النزاع الحدودي مع إريتريا في محاولة لإحداث تغيير في النظام السياسي لأسمرا من خلال اشتعال أزمة حدودية مع جواره وبحيث تكون تلك الأزمة من الأدوات التي تستخدمها القوى الدولية لحصار إريتريا.[8] واتفاقية الدفاع المشترك بين مقديشو وأديس أبابا تتزامن مع توقيت حساس جدًا بالنسبة للصومال الذي يستعد لجولة جديدة من العمليات القتالية ضد حركة الشباب. والاتفاقية تخدم جهود مقديشو في تطوير جيشها بشأن التدريبات العسكرية التي تحتاجها بهدف تغطية الفراغ الذي تتركه قوات حفظ السلام الإفريقية التي تواصل انسحابها التدريجي من البلاد حتى وقت المغادرة النهائية في ديسمبر 2024. والاتفاقية تمنح إطارًا قانونيًا لتحركات القوات الإثيوبية العاملة على الحدود البرية بين البلدين وتحييد نشاطات حركة الشباب التي حاولت اختراق الحدود البرية، وشنت بالفعل هجمات داخل عمق أراضي إثيوبيا.[9]والاتفاق الدفاعي الإثيوبي الصومالي يثير مخاوف أسمرا، ويبدو أن إثيوبيا ماضية في بحثها عن منفذ بحري وتوفير ميناء سيادي لها علي البحر الأحمر، حيث وقَّعت أديس أبابا سابقًا مذكرة تفاهم للتعاون في مجالي الدفاع والأمن مع جيبوتي، تقضي بالتنسيق العسكري والدفاع المشترك في حالة التعرض لأي خطر.[10]

ثالثًا: تحركات إثيوبية تُعرقل التحركات الصومالية..

قام آبي أحمد بخطوة من شأنها عرقلة الجهود الصومالية، ومضاعفة خطر حركة الشباب على المنطقة ككل وليس الصومال فقط؛ حيث قام بإبرام اتفاق مبدئي مع إقليم أرض الصومال..

1. اتفاق إثيوبيا مع أرض الصومال: أبرمت إثيوبيا في الأول من يناير الجاري (2024) اتفاقًا مبدئيًّا مع إقليم أرض الصومال، تتمتع أديس أبابا بموجبه بالوصول إلى البحر الأحمر تمهيدًا لإقامة قاعدة بحرية تجارية إثيوبية بالقرب من ميناء بربرة على مساحة 20 كيلومتر مربع لمدة 50 عامًا بحسب الاتفاق، مقابل اعتراف الحكومة الإثيوبية بأرض الصومال كدولة مستقلة، وحصول أرض الصومال على حصة قدرها 20% من الخطوط الجوية الإثيوبية التي بلغت إيراداتها نحو 6.9 مليار دولار وفقًا لإحصاءات عام 2022. ويُمثِّل هذا الاتفاق جزءًا من لعبة جيوسياسية إقليمية تديرها بعض الأطراف الإقليمية عبر وكيلها آبي أحمد في القرن الإفريقي، والتي تستهدف وضع قواعد جديدة للعبة الإقليمية وإعادة هندسة المنطقة، بما يجعلنا أمام مناورة متعددة الأهداف؛ فمن ناحية تُحقِّق إثيوبيا طموحها القديم لحماية مصالحها الحيوية، وإيجاد موطئ قدم استراتيجي لها في المياه الدافئة، وفي الوقت نفسه، حماية مصالح هذه الأطراف الإقليمية، بما يثير المزيد من التساؤلات حول دورها الحقيقي في تشكيل سياسة آبي أحمد الخارجية خلال السنوات الأخيرة منذ صعوده للسلطة في عام 2018. ومع ذلك، تشكل هذه الخطوة فصلًا جديدًا في سلسلة الأزمات الإقليمية المعقدة التي تشهدها المنطقة على مدار السنوات الماضية، في ظل المخاوف من تنامي التوترات السياسية بين دول المنطقة لاسيما الصومال وإثيوبيا.[11]

2. موقف الصومال من الاتفاق: وقَّع الرئيس الصومالي على قانون بإلغاء الاتفاقية مُشيرًا إلى أن هذا القانون هو الموقف الرسمي للصومال، و”رسالة قوية لكل من يريد الغزو البري والبحري والجوي للشعب الصومالي”. كما استدعت الحكومة الصومالية سفيرها لدى أديس أبابا، مؤكدةً أنها ستتخذ كل الإجراءات القانونية التي تُمكِّنها من الدفاع عن سيادتها شعبًا وأرضًا. وخرج آلاف الصوماليين في العاصمة مقديشو احتجاجًا على المذكرة رافعين لافتات كُتب عليها “بحرنا ليس للبيع”. ويرى مراقبون أن لدى مقديشو خيارات واسعة تُمكِّنها من الضغط على حكومة أرض الصومال؛ مثل: تجييش الشارع والرأي العام الصومالي في الداخل والخارج ضد الاتفاقية، وإبرام معاهدة دفاع مشترك مع إحدى الدول الكبرى إقليميًا أو دوليًا، مما سيؤثِّر سلبًا على الطموح الإثيوبي في الحصول على منفذ عبر السواحل الصومالية، وحتى إعلان القطيعة ووقف التعاون الاقتصادي بين البلدين مع تكثيف الضغط الدبلوماسي على إثيوبيا من خلال الاتجاه إلى المحافل الإقليمية والدولية، كما يُمكن للحكومة الصومالية استخدام ورقة إقليم صول (ثاني أقاليم أرض الصومال مساحةً) والذي يعيش حالة من الاضطراب الأمني منذ أواخر 2022 على خلفية نزاعات بين حكومة أرض الصومال وكبرى عشائر الإقليم، حيث ترفض الأخيرة الانفصال عن الصومال وتسعى لتأسيس كيان خاص بها تابع لمقديشو.[12]

3. تحركات صومالية لاحتواء الأزمة: في إطار جولة إقليمية موسعة لتقديم الرؤية الصومالية تجاه الأزمة مع أديس أبابا والعمل على احتواء التوتر في إطار سياق إقليمي؛ بدأ الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود زيارة عمل رسمية لتنسيق المواقف وتعزيز العلاقات ونزع فتيل الأزمة مع إثيوبيا، حيث توجَّه إلى إريتريا يوم الاثنين 9 يناير لإجراء محادثات مع الرئيس أسياس أفورقي. وفق بيانات رسمية صومالية- إريترية ستناقش الزيارة، التي تستغرق يومين، تعزيز العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك. وتمَّ تداول معلومات عن كون الرئيس حسن شيخ محمود سيناقش مع الرئيس الإريتري الضغط على إثيوبيا للتراجع عن مذكرة التعاون، التي تقول مقديشو إنها “تمس سيادتها”. وأن الرئيس الصومالي سيطلب من إريتريا بناء قوة بحرية صومالية وإعدادها في فترة قياسية من أجل إعادة القوات البحرية الصومالية، بعد رفع حظر الأسلحة المفروض على الصومال ووجود تهديدات حقيقية على الأمن البحري الصومالي. وتزامنًا مع الزيارة، أعلن قصر الرئاسة “فيلا صوماليا” في مقديشو تلقي حسن شيخ محمود دعوة رسمية من عبد الفتاح السيسي لزيارة مصر. وقالت الرئاسة الصومالية، في بيان: “استضاف الرئيس حسن شيخ محمود، الأحد 2024، وفدًا رفيع المستوى من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بقصر الدولة في مقديشو”. وبحسب البيان، فقد نقل الوفد المصري المفوض من السيسي دعوة رسمية للرئيس حسن شيخ لزيارة مصر. وخلال الاجتماع، أكَّد الوفد دعم السيسي الثابت لسيادة الصومال ووحدته وسلامة أراضيه، كما شدَّد الوفد على الأهمية القصوى لاحترام هذه المبادئ الأساسية والإعلان بحزم عن معارضة أي أعمال من شأنها التعدي عليها. كما تأكَّد الموقف المصري في مكالمة هاتفية جمعت السيسي وشيخ محمود لتأكيد وقوف مصر إلى جانب الصومال في احترام سيادته، في حين أصدرت الخارجية المصرية بيانًا شدَّدت فيه على خطورة أي تحركات تستهدف سيادة مقديشو.[13]

الخُلاصة؛ على مدى سنوات فشل حظر الأسلحة عن الصومال في منع حركة الشباب من استيراد أسلحة لا يُسمح للحكومة الصومالية بشرائها. فمحدودية قدرات الصومال وحاجته إلى موافقة الأمم المتحدة لشراء أسلحة ضرورية من أجل كسر شوكة الإرهاب، في حين تشتري حركة الشباب السلاح بشكل غير قانوني، لطالما شكَّل عقبة أمام جهود الحكومة لاجتثاث الإرهاب. ولذا كان قرار رفع الحظر من الأهمية بمكان لتناوله في إطار التطورات الأخيرة على الوضع في الصومال ومنطقة القرن الإفريقي؛ ففي ظل هذا الوضع المُعقَّد لا يُمكن لأحد التنبؤ بمستقبل الصومال عقب انسحاب قوات (أتميس)، وما إذا كان سيقع الصومال فريسة في يد التنظيمات الإرهابية، أم أن الجيش والحكومة الحالية سيكونان قادرين على حفظ الأمن والاستقرار في البلاد، كما نجحا في تخفيف القيود المفروضة على الحكومة طوال سنوات الحظر الماضية.

وتأتي المحاولات الإثيوبية للوصول لمنفذ بحري في اتجاه معاكس لتُفجِّر الأوضاع في الداخل الصومالي -وربما الإقليمي- من جديد؛ حيث اعتبرت الصومال وحتى حركة الشباب خطوة الاتفاق الإثيوبي مع أرض الصومال أنه انتهاك لسيادة مقديشيو على أراضيها، الأمر الذي يُنذر بتصعيد سياسي دبلوماسي من قِبل الحكومة الصومالية، وآخر عسكري من قِبل حركة الشباب، في مواجهة إثيوبيا.

وأخيرًا؛ فإن مسألة اقتلاع حركة الشباب أمر بالغ الصعوبة، يرتهن بعدة عوامل؛ لعل أبرزها: استمرارية الدعم الذي تتلقاه القوات الصومالية من الخارج الإقليمي والدولي، وتدعيم قدراتها القتالية، وتطوير منظومتها التسليحية، بالإضافة إلى إنجاح محاولات رأب الصدع الداخلي، والتفاف العشائر المختلفة حول هدف وطني واحد، وهو القضاء على حركة الشباب، بعيدًا عن حالة الاقتتال الداخلي، التي أفسحت المجال لتمركز وانتشار التنظيمات الإرهابية.

أما عن المواقف المختلفة من التحركات الإثيوبية وعلى رأسها الإريتري والمصري اللذين بادرا بدعم الصومال؛ فهو مفهوم في سياق علاقات البلدين مع كلٍّ من إثيوبيا والصومال. فمن ناحية حالة التوتر بي أسياس أفورقي وآبي أحمد بعد اتفاق الأخير مع جبهة تحرير التيجراي العدو الأكبر للأول، ومن ناحية أخرى التوتر بين السيسي وآبي أحمد على خلفيات أزمة سد النهضة، وهو ما يدفع كلًا من أفورقي والسيسي إلى دعم الجانب الصومالي على حساب الإثيوبي لضمان كسب حليف جديد في مواجهة الغريم الإثيوبي.


[1] حيث كان باستطاعة الحكومة شراء السلاح بعد إخطار اللجنة الأممية المشرفة على تنفيذ العقوبات، والتي كانت عادةً ما تعترض على صفقات الأسلحة الثقيلة.

[2] فتحية الدخاخني، “الصومال ينتظر “التحرّر” من حركة “الشباب””، الشرق الأوسط، 8/12/2023. متاح على الرابط: https://cutt.us/7XmHr

[3] فتحية الدخاخني، “الصومال ينتظر “التحرّر” من حركة “الشباب””، الشرق الأوسط، 8/12/2023. متاح على الرابط: https://cutt.us/7XmHr

[4] نور جيدي، “مؤتمر أمني في نيويورك لدعم الصومال عسكريًا بمشاركة 25 دولة”، العربي الجديد، 12/12/2023. متاح على الرابط: https://cutt.us/RcfPC

[5] “بوصلة “الانتقال الأمني”.. الصومال ينشد دعما دوليا لبناء جيشه”، Microsoft Start، 17/12/2023. متاح على الرابط: https://cutt.us/aK29d

[6] معاوية فارح، “الصومال وإثيوبيا يحاصران الإرهاب باتفاقية دفاع مشترك”، العين الإخبارية، 8/12/2023. متاح على الرابط: https://cutt.us/z3ypY

[7] سميرة إبراهيم، “هل يؤثر اتفاق التعاون الدفاعي بين الصومال وإثيوبيا على القرن الإفريقي؟ (خاص)”، الدستور، 13/12/2023. متاح على الرابط: https://cutt.us/yalF1

[8] سميرة إبراهيم، “هل يؤثر اتفاق التعاون الدفاعي بين الصومال وإثيوبيا على القرن الإفريقي؟ (خاص)”، الدستور، 13/12/2023. متاح على الرابط: https://cutt.us/yalF1

[9] معاوية فارح، “الصومال وإثيوبيا يحاصران الإرهاب باتفاقية دفاع مشترك”، العين الإخبارية، 8/12/2023. متاح على الرابط: https://cutt.us/z3ypY

[10] سميرة إبراهيم، “هل يؤثر اتفاق التعاون الدفاعي بين الصومال وإثيوبيا على القرن الإفريقي؟ (خاص)”، الدستور، 13/12/2023. متاح على الرابط: https://cutt.us/yalF1

[11] أحمد عسكر، “قراءة أوّلية في اتفاق إثيوبيا و”أرض الصومال””، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 5/1/2024. متاح على الرابط: https://2u.pw/9Y1RAf0

[12] عبد القادر محمد علي، “ما خيارات مقديشو لتقويض اتفاق إثيوبيا وأرض الصومال؟”، الجزيرة نت، 7/1/2024. متاح على الرابط: https://2u.pw/deWIKFy

[13] معاوية فارح، “لنزع فتيل الأزمة مع إثيوبيا.. رئيس الصومال بإريتريا وزيارة مرتقبة لمصر”، العين الإخبارية، 9/1/2023. متاح على الرابط: https://2u.pw/C8pg0Xb

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022