التصعيد العسكري بين ايران وباكستان …الدوافع والتداعيات الاقليمية

فجأة، وبلا مقدمات، تصاعدت  التوترات بين الجارتَين: باكستان وإيران، حين أطلقت الأخيرة صواريخ بالستيّة ومسيّرات على ما قيل إنه معاقل لمنظمة “جيش العدل” السُنية التي تتخذ من باكستان مقرًا لها، والتي تتهمها إيران بتنفيذ عمليات داخل أراضيها، وذلك يوم الثلاثاء 16 يناير الجاري…

فيما ردّت باكستان،  فجر الخميس 18 يناير، بقصف جويّ وصاروخي على ما وصفته بمقرات لجماعات انفصالية بلوشية، ممثلة بـ”جيش تحرير بلوشستان” وجبهة “تحرير بلوشستان” اللذين يتخذان من إقليم سيستان البلوشي الإيراني منطلقًا لنشاطاتهما ضد باكستان.

كما استدعت باكستان سفيرها إلى إيران، وطلبت من سفير إيران لديها، الذي يزور طهران، عدم العودة بعد الضربة الإيرانية..

وكان  التصعيد الإيراني العنيف بهذا الشكل غير المسبوق في علاقات البلدين، مثيرة للدهشة لدى المراقبين، لا سيما أن اتصالات عالية المستوى كانت تجري بين مسؤولي البلدين، ولعل آخر مظاهر التنسيق والتقارب ؛ اجتماع وزراء البلدين في دافوس الأسبوع الجاري وإجراء قواتهما البحرية مناورات مشتركة في مضيق هرمز والخليج.

بالإضافة إلى أن عمليات العنف الأخيرة التي ضربت الداخل الايراني من تفجيرات وأحداث عنف، لم يتبنَّها “جيشُ العدل”، وإنما تبنّاها “تنظيم الدولة”، وردّت إيران بقصف ما قالت إنه معاقل لـ”تنظيم الدولة” في محافظة “إدلب” السورية، والتي كانت قد تطّهرت من التنظيم قبل سنوات، في حين الكل يعلم أن الأخير ينشط في مناطق شرق سوريا، حيث تتقاسم جغرافيّة المنطقة المليشيات الموالية لإيران، وروسيا، مع القوات الأميركيّة وقوات “قسد الكردية” الحليفة لها.

أولا: ملابسات التصعيد:

وباستقراء  مسار العلاقات بين الجانبين، يتضح أن علاقة إيران وباكستان قوية جدا منذ تأسيس الأخيرة سنة 1948، إذ أن ما يجمعهما أكثر بكثير مما يفرقهما، لكن المشكل الأكبر تاريخيا، هو العرقية البلوشية المنتشرة بين البلدين، إذ يسعى بلوش باكستان، وعلى رأسهم “جيش العدل” لتحرير إقليم سيستان بلوشستان الإيراني، وهو ما يفسر هجماتهم المنتظمة منذ نحو 30 سنة، من خلال الإغارة على قوى الأمن المتمركزة على الحدود.

في المقابل، يشن البلوش المتمركزون في إيران هجمات أيضا على الإقليم الباكستاني قصد تحريره.

وبدأت شرارة الخلاف، حينما شن إيران ضربات على مقاطعة بلوشستان الباكستانية، مما أسفر عن مقتل طفلين وإصابة عدة آخرين، وفقا للسلطات الباكستانية.

وقالت طهران إنها “استهدفت الإرهابيين الإيرانيين فقط على الأراضي الباكستانية” ولم يتم استهداف أي مواطن باكستاني.

وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان: “استهدفنا مجموعة تسمى جيش العدل… والتي لجأت إلى أجزاء من باكستان“.

وخلف الهجوم غضبا عارما في باكستان التي وصفت الهجوم بأنه “انتهاك فاضح للقانون الدولي وروح العلاقات الثنائية بين باكستان وإيران“.

من جهتها، نقلت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء التابعة للدولة أن الجيش الإيراني استهدف معاقل جماعة “جيش العدل” السنية المتشددة.

وعقب ذلك، ردت باكستان بعد يومين بما وصفته “سلسلة من الضربات العسكرية الدقيقة والمنسقة للغاية” على عدة مخابئ للانفصاليين المزعومين في سيستان وبلوشستان.

وقالت وزارة الخارجية الباكستانية، لدى إعلانها عن الضربات ، إن عددا من المسلحين قتلوا.

-صراع الدولتين مع البلوش:

والاشتباكات المميتة التي تخوضها باكستان وإيران ضد الانفصاليين الذين ينشطون على جانبي حدود كل منهما ليست وليدة اليوم، ولكنها تعود لسنوات طوال..

وقبل أسابيع، وفي شهر ديسمبر 2023، اتهمت إيران مسلحي “جيش العدل” باقتحام مركز للشرطة في سيستان وبلوشستان، مما أدى إلى مقتل 11 ضابط شرطة إيراني، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية تسنيم.

-تصعيد غير متوقع:

يشار إلى أنه في يوم الثلاثاء،16 يناير الجاري، وقبل ساعات من الضربة الايرانية، أجرى رئيس الوزراء الباكستاني محادثات مباشرة مع كبار الدبلوماسيين الإيرانيين في دافوس، وسط تفهمات مشتركة حول الحرب في غزة.

ولكن بعد ساعات، نفذت إيران ما أسمته “هجمات بصواريخ دقيقة وطائرات بدون طيار” على من زعمت أنهم إرهابيون إيرانيون في منطقة بلوشستان الباكستانية.

أدانت باكستان ما وصفته بانتهاك سيادتها، والذي أدى إلى مقتل طفلين على الأقل.

وأدت غارات باكستان لقتل  10 أشخاص على الأقل..

وفي الواقع، نفذت إيران هذا الأسبوع ضربات صاروخية أيضًا ضد شمال العراق وسوريا.

وجاء التصعيد الإيراني، بعد إعلان داعش مسؤوليته عن انفجارين مزدوجين في مدينة كرمان الإيرانية في الثالث من يناير، والذي أودى بحياة العشرات من المدنيين.

وبحسب علي فايز، مدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، فقد “كان هذا في المقام الأول استعراضًا للقوة في مكان اعتقدت إيران أنه سيكون له تداعيات محدودة من حيث خطر التصعيد.

فقد قللت الحسابات الايرانية من شأن الكيفية التي قد يضع بها هذا الأمر الحكومة الباكستانية في موقف صعب…

ثانيا: دوافع  التصعيد :

-خلافات  ممتدة بين الطرفين:

ووفق تقديرات استراتيجية، فهناك بعض الخلافات الإيرانية الباكستانية القديمة ، ووتأزمت مؤخرا، لأن باكستان تعتقد أن إيران تتعاون مع الاستخبارات الهندية في دعم معارضي بلوش لإسلام آباد..

بينما تعتقد إيران أن باكستان تؤوي جماعات من البلوش المعارضين لطهران داخل أراضيها.

-حسابات خاصة للحرس الثوري الايراني:

وتكشف الأحداث الأخيرة أن للحرس الثوري الإيراني حسابات خاطئة، تتعلق برغبته في نقل المشاكل الداخلية إلى خارج الحدود، عبر إظهار قدرته العسكرية وقوة إيران على الردع.

كذلك  أرادت طهران أن توجه لإسرائيل رسالة بأن صواريخها التي وصلت إلى باكستان قادرة على الوصول إلى تل أبيب حال استهدفت إيران، وكذلك رسالة بالقدرة على الردع موجهة لواشنطن والغرب بشأن خلافاتهما معها حول الملف النووي الإيراني.

-رغبة ايران في الهروب من الضغوط المفروضة عليها:

كما إن  السلطات الإيرانية تتعرض حالياً لضغط شديد داخلياً، ومن حلفائها سواءً حماس أو حزب الله أو الحوثيين، للاستمرار بتنفيذ مزيد من العمليات.

فالهجمات الإيرانية في العراق وسوريا وباكستان تسعى لتشتيت الانتباه بعيداً عن القضايا الداخلية، والوضع في الشرق الأوسط.

 بجانب العمليات الاامريكية والبريطانية، في خواصر ايران المتعددة باليمن وسوريا والعراق..

ويقول الدكتور كامران بخاري من معهد نيو لاينز للاستراتيجيات في واشنطن، إن “باكستان قد تكون قررت الانتقام، لأنها لا تريد السماح لإيران بالتصرف داخل أراضيها كما تفعل في العراق“.

-رخاوة مناطق الحدود وضعف الانتشار الأمني:

يشار إلى أنه لم يتم نشر أي جنود على طول الحدود التي يبلغ طولها 1000 كيلومتر بين إيران وباكستان حتى عام 2013، على الرغم من وجود المسلحين ونشاط الاتجار بالبشر وتهريب المخدرات في المنطقة.

على صعيد آخر، لدى البلدين مخاوف مماثلة بشأن المنطقة الحدودية التي ينعدم فيها القانون، وحيث ينشط مهربو المخدرات والجماعات البلوشية المسلحة بشكل كبير. بعد الضربات المتبادلة، بدا كل جانب حريصا على التأكيد على أن ما حدث لا يمثل هجمات على جار شقيق.

وصورت كل من إيران وباكستان لسنوات التمرد في المنطقة الحدودية على أنه مدعوم من الخارج، جزئيا على الأقل. فبينما اتهمت إسلام أباد طهران بغض النظر عن المسلحين الذين ينشطون من إيران، قال مسؤولون إيرانيون في الماضي إن جيش العدل يختبئ في باكستان ويتلقى دعما إسرائيليا.

وبعيدا عن تقاذف التهم بين البلدين، لم يسبق الضربات الإيرانية الأخير ، أي سبب واضح أو هجوم انفصالي كبير. لكن مراقبين يرون أنه وسط التقلبات المتزايدة في الشرق الأوسط، قد تكون طهران رجحت أن هذه كانت لحظة مناسبة لضرب المسلحين الذين هددت منذ فترة طويلة باستهدافهم ما لم تتحرك باكستان بنفسها.

-أوراق انفصالية بيد طرفي الصراع:

أ-جيش وجبهة تحرير شعب بلوشستان:

كانت عدة تنظيمات انفصالية تابعة للبلوش، تنشط في المنطقة الواقعة داخل الحدود الباكستانية مع إيران على مدى عقود، وتبنت هجمات استهدفت عناصر الأمن في باكستان.

أكبر هذه التنظيمات، جيش تحرير بلوشستان، بزعامة بشير زاب، وجبهة تحرير بلوشستان التي يتزعمها الدكتور نزار البلوش.

وكانت السلطات الباكستانية تزعم لسنوات أن المسلحين المرتبطين بالانفصاليين البلوش يتخذون من الأراضي الإيرانية مقراً لهم.

لكن وبعد الغارات الإيرانية داخل باكستان أصدرت جبهة تحرير بلوشستان، بياناً قالت فيه إنها لا تمتلك أي قواعد أو مقاتلين داخل الأراضي الإيرانية.

ومن المعروف أن الجبهة تنشط في المنطقة القريبة من مدينة مكران في إقليم بلوشستان، وتبنت العديد من الهجمات التي استهدفت قوات الأمن الباكستانية.

ومطلع عام 2022، استهدفت الجبهة المحظورة في باكستان، نقطة تفتيش في مدينة غوادار الباكستانية، وقتل 10 جنود خلال الهجوم.

وكلك تُتهم الجبهة بشن هجمات ضد المقيمين، والعمال الأجانب في باكستان.

ونشأت الجبهة في سبعينات القرن الماضي، إثر تمرد شعبي ضد الحكومة الباكستانية في الإقليم الحدودي، إبان فترة حكم ذو الفقار علي بوتو الأولى.

وبعد انقلاب الجنرال ضياء الحق، دخل البلوش في مفاوضات مع الحكومة الباكستانية ما أدى لفترة هدوء مؤقتة للتمرد المسلح.

وعاد الصراع للاشتعال مرة أخرى في ظل حكم الجنرال برفيز مشرف، وتم اعتقال قائد القوميين البلوش، نواب خير بخش، بتهمة قتل قاض في المحكمة العليا، وبدأت بعدها سلسلة من الهجمات على القوات والأهداف الأمنية الباكستانية منذ بداية الألفينات، وانتشر العنف في مختلف أنحاء بلوشستان.

وتبنت جبهة تحرير بلوشستان غالبية تلك الهجمات، فيما أدرجت الحكومة الباكستانية الجبهة في قائمة المنظمات الإرهابية عام 2006.

وتعارض الجبهة اتفاق الممر الاقتصادي الباكستاني الصيني، والذي يتم بموجبه بناء ميناء ضخم في مدينة غوادار في إقليم بلوشستان، وشنت هجمات ضد العاملين الصينيين في المشروع.

وتبنت الحركة هجمات عام 2018، قرب دالباندين، والتي استهدفت حافلة للعمال الصينيين، وكذلك الهجوم على القنصلية الصينية في كراتشي في العام ذاته، بتفجير انتحاري.

ب-جيش العدل المناوئ لايران:

وهناك أيضا جيش العدل، المعارض للحكومة الإيرانية، ويصف نفسه بأنهيدافع عن حقوق الشعب البلوشيداخل الأراضي الإيرانية، وقالت إيران إنها استهدفت مواقع تابعة له في غاراتها الأخيرة.

وتبنى جيش العدل العديد من الهجمات التي استهدفت قوات الأمن الإيرانية، والتي حدث أغلبها في إقليم سيستان وبلوشستان، الشق الواقع في الأراضي الإيرانية من إقليم بلوشستان.

وربطت الاستخبارات الأمريكية جيش العدل بالهجوم على الرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد عام 2005.

واعتقلت إيران عام 2009، عبد الملك ريجي زعيم جيش العدل، بتهمة تفجير قنابل واستهداف قوات الأمن، والعمالة للولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وأعدمته شنقاً في العام التالي.

مواقف جيش العدل المناوئ لايران:

جيش العدل هو مجرد واحد من العديد من الجماعات الانفصالية العاملة داخل إيران. وكان في الأصل جزءًا من جماعة سنية متشددة أكبر تسمى جند الله، والتي انقسمت بعد إعدام زعيمها على يد إيران في عام 2010، وفقًا للمركز الوطني لمكافحة الإرهاب التابع للحكومة الأمريكية. وبدلاً من ذلك، ظهر جيش العدل وتم تصنيفه كمنظمة إرهابية أجنبية من قبل وزارة الخارجية الأمريكية.

وغالباً ما تستهدف المجموعة أفراد الأمن الإيرانيين والمسؤولين الحكوميين والمدنيين الشيعة، وفقاً للمركز الوطني لمكافحة الإرهاب.

وفي عام 2015، أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن هجوم أسفر عن مقتل ثمانية من حرس الحدود الإيرانيين، حيث ورد أن المسلحين عبروا إلى إيران من باكستان. وفي عام 2019، أعلنت مسؤوليتها عن تفجير انتحاري استهدف حافلة تقل أفرادًا من الجيش الإيراني، مما أسفر عن مقتل 23 شخصًا على الأقل في سيستان وبلوشستان.

وفي يوم الأربعاء، أي بعد يوم من الضربات الإيرانية على باكستان، أعلن جيش العدل مسؤوليته عن هجوم على مركبة عسكرية إيرانية في سيستان وبلوشستان.

-أزمة البلوش الممتدة داخل البلدين:

ويعود التمرّد البلوشي في باكستان إلى عام 1973، حين طالبت جماعات بلوشية بمزيد من الحقوق الاقتصادية والسياسية، لاسيما أن إقليم بلوشستان الباكستاني يعد الأكبر مساحة في باكستان، والأقل ديمغرافية فيها، والأغنى بالثروات الطبيعية، مثل الغاز، مع إطلالة على الخليج العربي، وفّرت له لاحقًا أن يحظى بميناء هو الأهم جيوستراتيجيًا وسياسيًا في المنطقة بعد استثمار الصين فيه.

لكن الحاضنة البلوشية ترى في ذلك كله خادمًا للأقاليم الباكستانية الأخرى، وتحديدًا البنجاب الذي يشكل أكثر من 60% من سكان باكستان، بينما أهل الإقليم محرومون حتى من الغاز الذي ينتجه الإقليم،  ومع مرور الوقت تنامى التمرد والغضب وسط الحركات البلوشية التي لجأت لكسب الدعم من روسيا أحيانًا وأميركا والهند وإيران أحيانًا أخرى، وساعد وصول حكومات أفغانية قريبة لروسيا وأميركا في العقود الماضية في تعزيز وجود مثل هذه الجماعات، وتعاظم خطرها وتهديدها، لكن بعد عام 2000 ظهر جيشُ “تحرير بلوشستان”، ثم جبهةُ “تحرير بلوشستان” اللذان يتّخذان بحسب التقديرات الباكستانية من المناطق الإيرانية المجاورة لباكستان منطلقًا لنشاطاتهما.

مع تنامي نشاطات حركة طالبان الأفغانية ضد القوات الأميركية والغربية عمومًا، تنامت نشاطات الجماعات الإسلامية المسلحة في باكستان وعلى الحدود الإيرانية، وكان من بينها جماعة “جند الله” بزعامة عبد الملك ريغي، الذي قامت باكستان بطرده إلى أفغانستان، لتقوم القوات الأميركية- التي كانت فيها- بتسليمه ضمن صفقة كما قيل إلى إيران، وأعدم لاحقًا، وتراجعت على أثر ذلك عمليات “جند الله”، بل وتحجمت، إلى أن ظهر في عام 2012 “جيش العدل” الذي عُدّ امتدادًا لـ”جند الله”، ونشط في عملياته العسكرية والأمنية ضد القوات الإيرانية، وكان آخر أعماله التي أعلن عنها قتل العقيد حسين علي جافادانفار، قائد فيلق سليمان الفارسي في سيستان، وقبله الهجوم الذي استهدف مركزًا للشرطة في ديسمبر الماضي، بشمال شرقي البلاد، وأسفر عن مقتل 11 شخصًا في 2010 …

وتعد عرقية البلوش من قوميين وإسلاميين، ضحايا تلك الصراعات والتسويات الإقليمية والدولية.، خاصة بين باكستان وأفغانستان وإيران..

فيما تستخدم كلا من إيران وباكستان، الجماعات البلوشية كحروب وكالة، بغية امتيازات جيوسياسية واقتصادية، لكن الأوضح أن باكستان تراجعت عن هذه السياسة في تلك الفترة بسبب تخلّي الرئيس برويز مشرف يومها عن دعم وحماية هذه الجماعات، ليصل الأمر حتى لحظر الجماعات الكشميرية. أما إيران فواصلت سياستها المعروفة ببناء مليشيات موالية لها في المناطق المجاورة لها، وحتى البعيدة عنها، فكان تشكيل لواء “زينبيون” الشيعي الباكستاني الذي يقاتل في سوريا الآن، وهو ما يُقلق السلطات الباكسانية في أن يُستخدم لاحقًا كأداة من أدوات حروب الوكالة ليستهدف وجودها.

ثالثا: المواقف الدولية:

وأثارت الضربات الإيرانية خلافا دبلوماسيا، حيث استدعت باكستان سفيرها من إيران وعلقت جميع الزيارات رفيعة المستوى من جارتها. وبعد الضربات الباكستانية، طلبت إيران يوم الخميس 18 يناير “تفسيرا فوريا” من جارتها، حسبما ذكرت وكالة تسنيم.

وقد علقت الدول المجاورة على ما جرى، حيث قالت الهند إنها “لا تتسامح مطلقًا تجاه الإرهاب”، وأن الهجوم كان “مسألة بين إيران وباكستان”. وحثت الصين البلدين على ممارسة ضبط النفس وتجنب تصعيد التوترات بشكل أكبر.

وقال ماثيو ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، يوم الأربعاء 17 يناير، إن واشنطن تعمل على منع الشرق الأوسط من الانزلاق إلى صرع واسع النطاق.

وقال: “لقد رأينا إيران تنتهك الحدود السيادية لثلاثة من جيرانها في اليومين الماضيين فقط”، في إشارة إلى باكستان والعراق وسوريا. وعندما سئل عن احتمال قيام باكستان – الحليف القديم للولايات المتحدة – بالانتقام من إيران، قال ميلر: “نأمل أن تكون هذه قضية يمكن حلها سلميا“.

وتُظهر الضربة الباكستانية اللاحقة على الأراضي الإيرانية أنها قررت الرد بأكثر من مجرد تداعيات دبلوماسية.

ومع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كانت إيران أو باكستان ترغبان في الانزلاق إلى أعمال عدائية شاملة ضد الجماعات الانفصالية التي تعتبرها كل منهما عدوًا.

وأصدر الجانبان بيانات بعد ضرباتهما ألمحت إلى الرغبة في عدم تصعيد الأمور.

ووصفت وزارة الخارجية الباكستانية إيران بأنها “دولة شقيقة” وشددت على ضرورة “إيجاد حلول مشتركة”..

وكرر ذلك وزير الخارجية الإيراني الذي وصف باكستان بأنها “دولة صديقة” في وقت سابق من هذا الأسبوع وقال إن ضرباتها كانت متناسبة واستهدفت المسلحين فقط.

وسعيا لتجنب تطور الوضع نحو الأسوأ، حثت كل من روسيا وواشنطن جميع أطراف التوتر القائم على ضبط النفس.

-الوساطة الصينية:

وانطلاقا من خشية الصين، من الاثار السلبية للتوترات العسكرية ، على مشروعها الاستراتيجي،

مشروع الحزام والطريق

الإستراتيجية، الذي يتضمن طرقًا وموانئ من أجل الوصول إلى أوروبا عبر باكستان وأفغانستان والخليج، وتأتي التوترات الأخيرة، لتنعكس سلبًا إن كان على خارطة الطريق هذه، أو على مشروع الصين الاقتصادي-العسكري الضخم بالاستثمار في ميناء جوادر الباكستاني، والذي يُنظر إليه على أنه تهديد لميناءي تشاربهار الإيراني.

هذا الواقع هو الذي دفع الصين إلى التدخل السريع من أجل تطويق التصعيد الإيراني ـ الباكستاني، لكن الظاهر أن إسلام آباد لم تقبل العرض الصيني بعدم الرد على القصف الإيراني، وهو الأمر الذي ذكّر الباكستانيين بعرض الرئيس الأميركي بيل كلينتون في مايو 1998 يوم عرض على باكستان عدم الرد على التفجيرات النووية الهندية، مقابل حزمة من الدعم الأميركي المُغري لها، وهو الأمر الذي رفضته القيادتان السياسية ممثلة بنواز شريف، والعسكرية ممثلة ببرويز مشرف، وأصرتا على تنفيذ الاختبارات النووية، مما مكن من جعل باكستان دولة نووية معترفًا بها، وحماها غير مرة من أي مغامرة هندية بالتعدي عليها، ما دام الرادع النووي الباكستاني حاضرًا ومخيفًا ليس للهند فقط، وإنما للدول الغربية وحتى الاقليمية  التي كانت تسارع لنزع فتيل أي مواجهة هندية ـ باكستانية لمنع جرّ المنطقة لمواجهة أبعد من باكستان والهند.

وتحدثت تقارير إعلامية باكستانية عن عدم قبول الوساطة.

رابعا: دلالات التصعيد:

-توقيت حرج للتصعيد العسكري:

وجاء التصعيد العسكري المتبادل في توقيت حرج..فباكستان تعيش احتقانا سياسيا، على خلفية توترات داخلية، بالغة الصعوبة، أولها: مواصلة سجن رئيس وزراء منتخب سابق، وذي شعبية عمران خان، وما ترتب عليه من توترات مع المؤسسة العسكرية، مصحوبًا باقتراب باكستان من انتخابات عامة يوم الثامن من فبراير المقبل، وهو الأمر الذي يضع أمامها استحقاقات عدة..

كما لم يرغب الجيش الباكستاني في أن يظهر بموقف الضعيف في قضية تخص السيادة الوطنية، خاصة في ظل تنامي المشاعر المناهضة لتمدد الجيش في المجتمع الباكستاني بعد سجن عمران خان…

 وما يزيد من خطورة الوضع الباكستاني هو حالة البرود أو التوتر في علاقاتها مع حركة طالبان الأفغانية، على خلفية اتهاماتها للأخيرة بتوفير الملاذ الآمن لحركة طالبان باكستان التي تستهدف بشكل متواصل مؤسسات الدولة الباكستانية.

لكن بالمجمل فإن كل من يعرف باكستان وتاريخها يعلم تمامًا أن العسكر الذين حكموا لأكثر من نصف تاريخها، هم من يملكون قرار الحرب والسلم، وبالتالي فإنه مهما كانت الحكومة السياسية ضعيفة أو هشة، فإن القرار النهائي في المحصلة للجيش الباكستاني الذي يعدّ الوارث الحقيقيّ للدولة.

-صدمة إيرانية من الرد الباكستاني:

وكان سرعة الردّ الباكستاني بقطع العلاقات وسحب السفراء والرد العسكري المباشر على القصف الإيراني، شكّل مفاجأة للقيادة الإيرانية، وهي التي ظنّت أن الرد الباكستاني لن يعدو إصدار البيانات والتصريحات، لكن يظلّ التساؤل المليون في إسلام آباد عن سبب هذا التصعيد الإيراني غير المبرّر بنظر النخب الباكستانية، بحيث يتم تحدي دولة نووية، وذات قدرات عسكرية تفوق الطرف الإيراني.

-صب في مصالح الهند:

وتصب عمليات التصعيد بين ايران وباكستان في مصلحة الهند، التي تعد العدو الاستراتيجي لباكستان..

وقد كان واضحا  اختراق المسيرات والمدفعية الايرانية مناطق الحدود مع باكستان، نظرا لتوجيه باكستان كافة اسلحتها ومدفعيتها على الحدود مع    الهند، وهو ما يؤكد أن  باكستان ستخفض من وجودها العسكري على الحدود الهندية ، وهو ما يمثل خصما من قوة باكستان، ويصب في مصلحة الهند..

-قلاقل أمنية بالداخل لدى البلدين:

ووفق تقديرات استراتيجية، فإن تداعيات التصعيد  ستمتد إلى الداخل الباكستاني، فالحكومة المقبلة، والتي بدرجة كبيرة سيتزعمها نواز شريف، وبالتالي ستكون هناك اضطرابات أكثر بين الجانبين الباكستاني والإيراني.

كما تنذر المواقف الغاضبة في باكستان والعراق على إيران، بانتكاسة دبلوماسية لحكومة المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي التي تراهن على مواصلة تقويض عزلتها الإقليمية والدولية، وسط ديناميكيات جيوسياسية تشهدها المنطقة، خصوصاً بعد حرب 7 أكتوبر بين حركة “حماس” وإسرائيل.

-قلاقل اقليمية:

إن المعاناة التي تشهدها باكستان وإيران ضد الانفصاليين الذين ينشطون على جانبي حدود كل منهما ليست جديدة.

ووقعت اشتباكات مميتة على طول الحدود المضطربة بانتظام على مر السنين. وفي الشهر الماضي فقط، اتهمت إيران مسلحي “جيش العدل” باقتحام مركز للشرطة في سيستان وبلوشستان، مما أدى إلى مقتل 11 ضابط شرطة إيراني، بحسب “وكالة تسنيم“.

ومع ذلك، فإن الأمر غير المعتاد إلى حد كبير هو استعداد كل جانب لضرب أهداف عبر تلك الحدود، دون إبلاغ كل منهما الآخر أولاً. ويحدث كل هذا على خلفية القصف الإسرائيلي لغزة، والذي أحدث تداعيات في جميع أنحاء المنطقة.

يقول الخبراء إن الصراع الإقليمي الأكبر ربما شجع إيران على أن تكون أكثر استباقية في ملاحقة أهداف خارج حدودها، خاصة وأن الولايات المتحدة تسير على حبل مشدود بين خفض تصعيد الأعمال العدائية واستعراض قوتها العسكرية لردع المزيد من التحركات من جانب إيران.

وفي اليوم السابق للضربات في باكستان، أطلقت إيران صواريخ باليستية على العراق وسوريا، مدعية أنها تستهدف قاعدة تجسس للقوات الإسرائيلية و”الجماعات الإرهابية المناهضة لإيران“.

في هذه الأثناء، يستمر القتال العنيف بين إسرائيل وجماعة حزب الله القوية المدعومة من إيران عبر الحدود اللبنانية. وتقاتل الولايات المتحدة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، والذين هاجموا السفن في البحر الأحمر..

ووفق تقديرات لمركز كارينغي، فإن موقع إيران الاستراتيجي والمهيمن على الشرق الأوسط، اليمن وسوريا، يعني أنها ستستفيد من عدم الاستقرار الإقليمي و”ملء فراغ السلطة..

وقال الجنرال المتقاعد بالجيش الأمريكي، ويسلي كلارك، القائد الأعلى السابق لحلف شمال الأطلسي، إن الأعمال العدائية المختلفة تعكس “سعي إيران إلى تعزيز دورها كزعيم في المنطقة“.

وهو ما يتواجه بضغوط امريكية واسرائيلية، ومن قبل دول الجوار الخليجي أيضا…وهو ما يضع الشرق الأوسط على شفا  معارك اقليمية غير محسوبة النتائج أو الحدود…

-تصعيد محتمل وتدخلات دولية:

الحرس الثوري لم يكن يتوقع الرد الباكستاني بهذه الدرجة، فقد اعتقد أن أزمات باكستان ستعطلها، لكن جاء الرد الباكستاني أكبر من الضربة الإيرانية..

ومع الرد الباكستاني العنيف، فمن المرجح ألا ترد ايران  على الضربة الباكستانية، لأن إسلام آباد بعثت من ناحيتها برسالة لإيران واضحة وحازمة، بأنه لا مجاملة ولا مهادنة بالنسبة إلى انتهاك أراضيها، كما من المتتوقع أن يقتصر الأمر على الشجب الإعلامي، أو أن تبحث ايران عن تحريك أوراق أخرى، كخلايا نائمة تنفذ تفجيرات، أو زيارات متبادلة مع الهند، الجارة العدو التاريخي لباكستان. اولعل ما يدعم ذلك التوجه، هو الأزمات المتراكمة التي تواجه ايران في البحر الأحمر والتصعيد الأمريكي والبريطاني ضدها في مناطق التماس ، قبالة السواحل اليمنية وفي سوريا وغيرها، والتصعيد الاسرائيلي ضد الحرس الثوري الايراني، علاوة على أزماتها الاقتصادية المتفاقمة…

وتبقى  حدود التصعيد مرهونة بالرد الإيراني على الضربات الباكستانية، فـ”إن استمرت طهران في التصعيد سترد باكستان بتصعيد أكبر”، وذلك ما يمكن استشرافه من خلال التصعيد الأخير لباكستان، إذ أن الرد الباكستاني جاء “غير متوقع”، خاصة أن إسلام آباد ردت بقصف أشد، واستهدفت المناطق التي انطلقت منها الصواريخ الإيرانية، مؤكدة لطهران أن لديها القدرة على المواجهة.

وفي حال وقع التصعيد ، فقد يأخذ طابعا دوليا، لأن باكستان عضو في منظمة “سينتكوم” الأميركية، التي تلزم واشنطن بالدفاع عن باكستان في حال الحرب بينها وبين أي دولة أخرى.

وتذهب  ترجيحات إلى أن كلا الطرفين لا يرغب بالتصعيد ، ورغم تبادل الغارات في أراضي كل منهما تصر باكستان وإيران على أن الطرف الآخر ليس مستهدفاً من جانبها.

خامسا: سيناريوهات المستقبل بين التصعيد والتهدئة:

-فرص التهدئة:

وقد انتهت الجولة الأولى بين البلدين، وباتت الكرة الآن في ساحة النظام الإيراني، وسط توقعات أن تتوقف الهجمات.  اذ أن الهجمات الباكستانية التي استهدفت معارضين مسلحين في إيران، لا مواطنين إيرانيين، ربما ترفع بعض الضغوط عن كاهل إسلام أباد أكثر من طهران، ويدفع الأخيرة لتمرير الأمر دون المزيد من الاستفزازات. خاصة في ظل تصريحات عديدة من قبل الجانبين، بأن الاستهداف طال معارضين مسلحين  لكل طرف وليس ضد  الدولة الأخرى..

ولعل سيناريو التهدئة،  يدعمه تقدير الخبير المتخصص في شؤون الشرق الأوسط” مارك غوتالييه”، الذي يذهب إلى أن “هذه أيضا هي المرة الأولى التي تضرب فيها باكستان إيران، وليست لدى البلدين مصلحة في مواجهة بعضهما البعض، خاصة في الوقت الحالي. لكنه أوضح أنه لا يمكن استبعاد خطر التصعيد نظرا للوضع الإقليمي المتقلب.

يضيف غوتالييه أن أولوية إيران حاليا تتركز في الشرق الأوسط مع ما يحدث في غزة واليمن. وأن أي صراع مع باكستان سيكون في نهاية المطاف دخيلا وزائدا. وهذا ليس في مصلحة إيران، خاصة وأن الأمر لا يشكل تهديدا أمنيا كبيرا لمصالحها.

بالنسبة للجانب الباكستاني، كان لا بد من الرد على ما اعتبره استفزازا إيرانيا، وسط مناخ اقتراب إجراء الانتخابات التشريعية، ما يجعل الوضع الداخلي متوترا للغاية. يقول غوتالييه قبل أن يوضح أن “التهديد الأمني ​​الرئيسي للباكستانيين يكمن في الهند وأفغانستان، لكن كان لا بد من الرد على إيران، كما فعلت باكستان ذلك بكل صراحة وبسرعة“.

وعلى ما يبدو فإن التصعيد ليس هو السيناريو المرجح، إلا أنه ليس مستبعدا بفعل التغيرات المتلاحقة في منطقة الشرق الأوسط.

ومع المخاوف من التصعيد ومحاولات التهدئة،  تواصلت الدوائر الدبلوماسية من أجل خفض التصعيد، أعلنت وزارة الخارجية الباكستانية، أنها اتفقت مع نظيرتها الإيرانية الجمعة  الماضية، على تهدئة التوترات بعد قصف متبادل على أهداف تابعة لمسلحين في أراضي البلدين هذا الأسبوع.

وجاء في بيان باكستاني بشأن مكالمة أجراها وزيرا خارجية البلدين أن الجانبين “اتفقا على ضرورة تعزيز التعاون على مستوى العمل والتنسيق الوثيق بشأن مكافحة الإرهاب وجوانب أخرى ذات اهتمام مشترك“.

وسبق أن أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الباكستانية ممتاز زهرة بلوش في وقت سابق الجمعة، أن بلادها لا ترغب بتصعيد الخلاف مع إيران.

-تصعيد محسوب :

إلا أن فرص تصاعد التوتر بين البلدين ما زال قئما، اذ أن المتشددين في إيران لديهم شكوك متزايدة في باكستان، ويمكن لهم أن يشعلوا الصراع بين البلدين، بالإضافة لقيامهم بسلسلة جديدة من الهجمات في بلوشستان، ما يزيد من تعقيد الوضع الأمني المعقد أساساً..

وهنا سيظلّ المطبخ العسكري والأمني الباكستاني منكبًا ربما لأشهر وهو يحلل هذه الخطوة الإيرانية، وتداعياتها وما سيتبعها.

ويبقى ما يُقلق باكستان الآن هو أن تنشغل على جبهتين، وهما الجبهة الهندية التي يرابط عليها غالبية جيشها، والجبهة مع إيران، وهي ما كانت تبتزها بها أميركا خلال غزوها أفغانستان، بحيث تم توجيه غالبية جيشها إلى الجبهة الشمالية الغربية في مواجهة أفغانستان، الأمر الذي يترتّب عليه إضعاف قدراتها وإمكاناتها.

وكانت بعض الأوساط العسكرية الباكستانية بررت عدم التصدي للغارات والقصف الإيراني، بأن كل مضاداتها ومعداتها العسكرية، إنما هي منصوبة على الجبهة الهندية، ولم تكن تعتقد أن الأمر بحاجة إلى نشر مضادات جوية على الجبهة الإيرانية، مما يعني أن المرحلة القادمة ستفرض على القيادة العسكرية الباكستانية توزيع قواتها وقدراتها العسكرية على جبهتين، الأمر الذي سيصب في صالح عدوتها التقليدية الهند، لاسيما في ظل حكومة مودي الهندوسية المتطرفة، ليس بحق المسلمين الهنود والكشميريين والباكستانيين، وإنما حتى بما يتعلق بالأقليات غير الهندوسية الأخرى مثل السيخ والمسيحيين.

واجمالا ، فإنه اذا نجحت الدبلوماسية في تخفيف التوتر بين البلدين أم لم تنجح، فإن ما بعد السابع عشر من يناير ليس كما هو قبله في المنطقة بشكل عام، خصوصًا أن عوامل ومتغيرات داخلية واقليمية ودولية متعددة متداخلة في القضية، وستتداخل مستقبلًا.

فباكستان التي لم تتوقع في أشد كوابيسها سوءًا مثل هذا الهجوم الإيراني – حيث من المفترض أن تكون إيران بحسب التخمينات الباكستانية منشغلة ومنهمكة في خط التصدي للعدوان على غزة، وكذلك التطورات المتلاحقة في البحر الأحمر – تفاجأ الآن بمهاجمة باكستان التي هي – شعبيًا وحتى مؤسساتيًا – منهمكة وبقوة في الحشد والتعبئة والدعم لغزة، حيث قامت المؤسسة العسكرية بالتعاون مع مؤسسة الخدمة بإرسال عشرات الآلاف من أطنان المواد الغذائية إلى مصر ثم إلى غزة.

وتبقى الأيام المقبلة مهمة جدًا في رسم المشهد الإيراني ـ الباكستاني، والاقليمي  بشكل عام…

وتبقى الجبهة المتوترة بين البلدين مفتوحة على كل الاحتمالات نتيجة لما وصفه خبراء بـ”الحسابات الخاطئة” للحرس الثوري الإيراني، الذي “فوجئ” برد إسلام آباد.

ولعل ما يدعم اختمالات التصعيد، أن التوتر الأخير، يأتي  قبل نحو ثلاثة أسابيع من الانتخابات التشريعية المرتقبة في 8 فبراير 2023 والتي يعد رئيس الوزراء الباكستاني السابق نواز شريف من أبرز الأسماء المرشحة فيها، ما قد يدفع في اتجاه المزيد من التصعيد، نظرا لأن السياسي العائد من منفاه الاختياري بلندن لا تجمعه علاقات ودية مع إيران، ويمكن أن يصطف بقوة إلى جانب المعسكر الأمريك…

………..

مراجع:

أحمد موفق زيدان، التصعيد الإيراني الباكستاني.. الخلفيات والآفاق، الجزيرة،20/1/2024

الخليج الجديد،  الضربة الإيرانية في باكستان.. ماذا تعني؟، 19 يناير  2024

عربي بوست، كان تابعاً لسلطنة عمان.. ما هو إقليم بلوشستان الذي أدى للنزاع بين إيران وباكستان؟، 2024/01/19

سكاي نيوز عربية، بعد الرد “المفاجئ”.. ما حدود التصعيد بين إيران وباكستان؟، 18 يناير 2024

CNN ، تصعيد على مدى 48 ساعة.. قراءة لفهم الصدام الإيراني – الباكستاني وتداعياته على الشرق الأوسط،  19 يناير 2024

بي بي سي عربي، هل يمكن أن يستمر التصعيد بين باكستان وإيران؟، 19 يناير 2024

رويترز، ضربات صاروخية واتهامات متبادلة، ماذا يدور بين باكستان وإيران؟، 18 يناير 2024

فرانس 24، بلوشستان… إقليم مضطرب ينذر بتصاعد حدة التوتر بين إيران وباكستان،  19/01/2024

روسيا اليوم ، الخارجية الباكستانية: إيران وباكستان تتفقان على خفض التصعيد بعد الضربات الجوية،19.01.2024

مونت كارلو الدولية، لماذا تقصف إيران وباكستان أراضي كل منهما وما علاقة ذلك بما يحدث في الشرق الأوسط،  19 يناير 2024

العرب، احتفال البلوش بيوم الهوية في بلوشستان، 19 يناير 2024

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022