طرحت عملية “طوفان الأقصي” التي قامت بها حركة حماس ضد إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، والرد الإسرائيلي بإعلان حالة الحرب على الحركة وقطاع غزة، تساؤلات عن احتمالات انخراط حزب الله اللبناني في الحرب، وبخاصة في ظل اندلاع اشتباكات محدودة ومضبوطة بين الطرفين بالقرب من الحدود اللبنانية- الإسرائيلية[1]. حيث شهد جنوب لبنان منذ 8 أكتوبر 2023 اشتباكات متصاعدة ولكن مضبوطة، بدأت بمحاولات حزب الله، وفصائل لبنانية وفلسطينية بتنسيق معه، القيام بعمليات محدودة، في مقابل ردود إسرائيلية تتناسب مع العمليات المنطلقة من جنوب لبنان. ولكن المناوشات خرجت لاحقًا عن إطار الردود المضبوطة لتصبح جزءًا من رغبة إسرائيلية معلنة في تغيير معادلة جنوب لبنان، والمطالبة بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 لعام 2006 في شقه المتعلق بانسحاب حزب الله عسكريًا من جنوب نهر الليطاني، أو إلى مسافة كافية لضمان أمن مستوطنات وبلدات شمال إسرائيل[2]. وفي ظل هذه الأوضاع المعقدة، تدور التساؤلات حول مستقبل جبهة الجنوب اللبناني، وهل ستظل وتيرة التصعيد في هذه الجبهة تحت السيطرة، أم أن هناك احتمالية لتصاعد المواجهة لحرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله؟[3].
أولًا: أبعاد موقف حزب الله من العدوان الإسرائيلي علي غزة:
نفى حزب الله من أول الأمر علمه بعملية “طوفان الأقصى” أو مشاركته فيها، لكنه أثنى عليها في بيان له ودعا إلى “إعلان التأييد والدعم للشعب الفلسطيني وحركات المقاومة التي تؤكد وحدتها الميدانية بالدم والقول والفعل”. وبادر مقاتلو حزب الله منذ اليوم التالي للعملية إلى قصف مواقع للجيش الإسرائيلي في الأراضي اللبنانية التي لا تزال محتلة في مزارع شبعا وتلال كفر شوبا، هي الرادار وزبدين ورويسات العلم، ليسجلوا عمليًا موقفهم بأنهم جزء من الحرب وإلى جانب المقاومة في غزة بمواجهة الحرب الإسرائيلية. وشاركت مجموعات مقاتلة فلسطينية تتبع لحركتي حماس والجهاد الإسلامي في عمليات عسكرية من الجنوب اللبناني، إضافة إلى “قوات الفجر” وهي ذراع عسكرية تتبع للجماعة الإسلامية اللبنانية[4].
وقد أخذ تدخل حزب الله في الحرب إلي جانب المقاومة الفلسطينية منحى تصاعديًا مع امتداد الحرب على غزة، وإن كان هذا المنحى بطيئًا بالنظر إلى تسارع وتضاعف حجم العنف الإسرائيلي الذي انصب على غزة؛ إذ بدأت المواجهات باستهداف أهداف عسكرية في مزارع شبعا المحتلة؛ الرادار وزبدين ورويسات العلم بأعداد كبيرة من قذائف المدفعية والصواريخ، ومن ثم اتسعت لتشمل كل الخط الحدودي على مبدأ “الرد والرد المتبادل”[5].
وفي ظل رغبة إسرائيل بفرض هيمنتها العسكرية على المشهد في الجنوب اللبناني، بدأ القصف الإسرائيلي يستهدف مناطق مأهولة، على عكس القصف السابق الذي كان يطال أراض خالية غير مأهولة. إذ استهدفت إسرائيل تجمعًا للصحفيين في بلدة “عيتا الشعب”، مما أدى إلى مقتل صحفي يعمل بـ”وكالة رويترز” وإصابة ثلاثة آخرين منهم “مراسلة الجزيرة”. كما أدى القصف، في 15 أكتوبر 2023، لقرى شرقي “صور” إلى مقتل مواطنين لبنانيين اثنين يسكنان هذه المناطق. وإزاء هذا التصعيد الجديد الذي أوقع ضحايا من الصحفيين والمدنيين، تحرك حزب الله بقصف دقيق على موقع “الراهب العسكري”، فضلًا عن استهداف الحامية العسكرية لـ”مستوطنة شتولا” قبل أن يوسع قصفه ليشمل 5 مواقع عسكرية في الشمال الإسرائيلي ويوقع إصابات دقيقة. وقال حزب الله في بيانه أنه “كان يرد بشكل متناسب على القصف الإسرائيلي وفق قواعد اشتباك مستقرة ولكن الاستهداف الإسرائيلي لقرى جنوبية مأهولة قد أدى لمقتل مدنيين وصحفيين”، مما يعني أن حزب الله مضطر للتصعيد المقابل وتوسيع استهدافه من مجرد قصف مواقع عسكرية إلى استهداف المستوطنات الشمالية.
وبدأ الاشتباك بالصواريخ المتبادلة يتصاعد على جانبي الحدود اللبنانية-الإسرائيلية منذ 15 أكتوبر، سواء كان مصدر النيران من حزب الله أو من فصائل فلسطينية أخرى، وطال الرد الإسرائيلي قرى الجنوب بطول الخط الحدودي من “العديسة” غربًا إلى “الناقورة” شرقًا مرورًا بـ”رميش” و”عيتا الشعب” و”الضهيرة” و”مروحين” و”طير حرفا” و”علما الشعب”، حيث طالت القذائف مساحات مأهولة من هذه القرى وأوقعت إصابات بالممتلكات والسكان، فيما سقطت بعض القذائف في محيط مقار الجيش اللبناني و”اليونيفل” (قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان) وأوقعت بعض الخسائر في الأبنية. وفي المقابل، استمر حزب الله في استهداف مواقع عسكرية إسرائيلية مثل “راميم” و”برانيت” و”المالكية” و”حانيتا”، فضلاً عن الحاميات العسكرية التي تتمركز في محيط مستوطنات الشمال مثل “المطلة” و”شتولا”. بينما دوت صافرات الإنذار الإسرائيلية في مستوطنات الشمال مثل “نهاريا” و”كريات شمونة”. وتم إعلان المنطقة الحدودية بعمق 4 كيلو متر منطقة عسكرية يمنع دخولها من المدنيين، وتم فرض دخول الملاجئ على سكان المستوطنات الشمالية كافة[6].
وشهد التصعيد بين الطرفين تطورًا ملحوظًا في 14 فبراير 2024 بدءًا من شن حزب الله قصف بالصواريخ استهدف قواعد عسكرية في محيط مدينة “صفد” بـ”الجليل الأعلى” شمال إسرائيل مما أدى إلى مقتل مجندة وإصابة 8 عسكريين. وبحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية فإن ما حدث في “صفد” لم يكن له مثيل منذ اندلاع الحرب وهو حدث استثنائي مع إطلاق الصواريخ نحو منطقة بعيدة نسبيًا عن الحدود. وأكدت إذاعة الجيش الإسرائيلي أنها رصدت 8 صواريخ أطلقت من لبنان استهدفت القيادة الشمالية والقاعدة الجوية في “ميرون” وقاعدة عسكرية في “صفد”[7]. وردت إسرائيل علي هذا القصف عبر تنفيذ ضربات ضد مواقع في جنوب لبنان في نفس اليوم، أسفرت عن مقتل 15 شخصًا، بينهم 10 مدنيين في ضربة استهدفت مدينة “النبطية”، بينما قتل 5 عناصر من حزب الله ضمت قائد “قوات الرضوان” التابعة للحزب، لتسجل تل أبيب أكبر حصيلة من القتلى في يوم واحد منذ بدء التصعيد على الجبهة اللبنانية[8].
ثم قامت إسرائيل بكسر قواعد الاشتباك بصورة كبيرة مع استهدافها نائب رئيس حركة حماس “صالح العاروري” واثنين من قادتها، في 2 يناير 2024، في قلب الضاحية الجنوبية ببيروت التي تعد معقلًا أساسيًا لحزب الله. ويعد ذلك الاغتيال أول استهداف إسرائيلي علني داخل الضاحية منذ حرب 2006، والذي وقع بالرغم من تهديدات الأمين العام لحزب الله “حسن نصر الله” في 14 أبريل 2023 بأنه سيرد بقوة ودون تردد على أي استهداف لشخصية لبنانية أو فلسطينية أو سورية في لبنان. ثم اغتالت إسرائيل في 8 يناير أحد القادة الميدانيين من قوات النخبة بالحزب والمسؤول في وحدة “الرضوان”، وسام طويل، في جنوب لبنان[9].
كما قامت إسرائيل، في 26 فبراير 2024، بشن غارات لضرب أهداف في بعلبك (بمحافظة البقاع، شرق لبنان)، أي داخل العمق اللبناني بنحو 100 كيلومتر، وهي المرة الأولي التي يتم فيها استهداف بعلبك منذ بداية الحرب وحتى منذ حرب يوليو 2006. ويأتي هذا الاستهداف بعدما بات القصف الإسرائيلي جنوب لبنان ومحيطه يطال أحيانًا مدنيين وقرى مأهولة ومنشآت وبنى تحتية. ولم تمض ساعات، حتى أطلق حزب الله وابلًا من نحو 60 صاروخًا نحو مقر قيادة فرقة عسكرية إسرائيلية في الجولان، ردًا على غارات بعلبك[10].
وبناءً علي ما سبق؛ يمكن القول أنه في هذه المرحلة فإن حالة الاشتباك المتصاعدة بين حزب الله وإسرائيل تنتظم وفق ثلاث قواعد رئيسية:
القاعدة الأولى هي معادلة النطاق الجغرافي، فمنذ بداية العمليات استقر الاشتباك في نطاق لا يتجاوز خمسة كيلومترات في الجنوب اللبناني، وفي المقابل لم تخرج عمليات الحزب عن نطاق مستوطنات الشمال، وحاولت إسرائيل كسر هذه القاعدة عبر محاولة اغتيال مسؤول كبير في حماس في بلدة “جدرا”، التي تقع بعمق 40 كيلومترًا من الحدود الإسرائيلية اللبنانية، رد الحزب عليها بقصف قاعدة عسكرية في “صفد”، تقع بعمق 15 كيلومترًا عن الحدود اللبنانية، وهو الهجوم الذي اعتبرته إسرائيل بأنه الأخطر. ولم يكتف الطرفان بتوجيه الرسائل إزاء المعادلة بالنار فحسب، بل بالتصريحات أيضًا، إذ قال وزير الحرب الإسرائيلي يواف غالانت: “لا يمكننا الهجوم فقط على مسافة 20 كيلومترًا، بل أيضًا على مسافة 50 كيلومترًا، وفي بيروت، وفي أي مكان آخر”، فيما رد عليه نصر الله: “أقول ردًا على تصريحات وزير دفاع إسرائيل، إن لدينا قدرة صاروخية دقيقة تجعل يدنا تصل حتى إيلات”.
والقاعدة الثانية، المدنيون مقابل المدنيين، إذ أدى هجوم إسرائيلي على مدينة “النبطية” بلبنان في الرد على ضربة “صفد” إلى مقتل مدنيين، وهو ما عده حزب الله تجاوزًا لمعادلة عدم المس بالمدنيين، وهو ما وصفه نصر الله “تطور يجب التوقف عنده لأنه استهدف مدنيين”. ومن هنا جاء رد الحزب بقصف مستوطنة “كريات شمونة” شمالي إسرائيل بعشرات الصواريخ، وهي من المرات النادرة التي يهاجم فيها الحزب أهدافًا غير عسكرية، إذ أراد ردع إسرائيل عن استهداف المدنيين في لبنان.
وتتمثل القاعدة الثالثة في اغتيال القيادات الذي يقابله تكثيف العمليات، فبالتزامن مع قصفه “كريات شمونة”، هاجم حزب الله 8 مواقع إسرائيلية وهي “بركة ريشا والناقورة البحري ورويسات العلم والسماقة والراهب والمرج ومحيط ثكنة زرعيت، وثكنة زبدين في مزارع شبعا”، وجاءت تلك الضربات ردًا على اغتيال قائد بـ”قوات الرضوان” محمد الدبس ونائبه حسن عيسى في “النبطية”. ورغم أن هذه العمليات تزامنت مع رد حزب الله على استهداف المدنيين في النبطية، لكن السوابق تثبت أن حزب الله يرفع من وتيرة عملياته ردًا على اغتيال قادته، إذ وجه في وقت سابق وفي إطار الرد على اغتيال القائد بالحزب وسام الطويل، ضربات مكثفة شملت مقر قيادة المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال الإسرائيلي في مدينة “صفد”.
هذه المعادلات الثلاث هي ما يحدد نمط ومستوى الاشتباك الحالي بين حزب الله وإسرائيل، بالإضافة إلى ما تفرزه الحرب في قطاع غزة، ومن الملاحظ أن إسرائيل هي الطرف المبادر لإحداث تغيير في هذه المعادلات، فيما يكتفي الحزب برد الفعل للجم إسرائيل عن تغيير القواعد[11].
ولكن علي الرغم من دخول حزب الله في الحرب إلي جانب المقاومة، وعلي الرغم من سقوط قتلى وجرحى للحزب. حيث وصل عدد القتلي من حزب الله حتى 5 فبراير 2024 نحو 179 بحسب تقديرات حزب الله. فيما أشار المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي “دانيال هاغاري”، في 3 فبراير، إلي أن قواته هاجمت أكثر من 50 هدفًا لحزب الله في سوريا و3400 هدف في لبنان منذ بدء الحرب في قطاع غزة، وأشار هاغاري إلى تدمير 150 خلية تابعة لحزب الله في لبنان ومقتل 200 شخص في هذه الضربات[12].
إلا أنه من الواضح أن هدف هذه المواجهات كان مشاغلة إسرائيل فقط دون الدخول في حرب موسعة معها، وفق قادة الحزب أنفسهم، وإجبار جيشها على البقاء مستنفرًا وقلقًا على الحدود، وأن يوزع جهده ما بين الجبهة الشمالية مع لبنان، التي خصص لها ثلاث فرق، والجبهة مع غزة التي خصص لها خمس فرق. ما جعل مشاركة الحزب في الحرب لم تلاق التوقعات التي عززها الحزب بنفسه؛ ذلك أن خطابه كان دائمًا عالي النبرة وحاسمًا بـ”تدمير إسرائيل” لو فكرت بحرب مع لبنان أو مع “محور المقاومة”, واعتماده مصطلح “وحدة الساحات” أي وحدة ساحات المقاومة في مواجهة إسرائيل، والتي تجمعه مع قوى المقاومة الفلسطينية وبقية قوى المحور في اليمن والعراق وسوريا وعلى رأسه طهران[13]. ناهيك عن أن الانخراط المحدود للحزب حاليًا في الحرب علي غزة لا يقارن مطلقًا بالانخراط الواسع سابقًا في الحرب السورية.
ولذلك؛ انطلقت دعوات واضحة من قيادات حركة حماس في الخارج إلى إيران ومحور المقاومة لتقديم المزيد؛ فقد شكر رئيس حركة حماس في الخارج “خالد مشعل”، حزب الله على موقفه من الحرب لكنه رأى أنه غير كاف؛ وقال: “حزب الله قام مشكورًا بخطوات، لكن تقديري أن المعركة تتطلب أكثر، وما يجري لا بأس به لكنه غير كاف”. وبعد أيام من هذا التصريح، أكد مشعل أن “حزب الله وإيران دعمونا بالسلاح والخبرة ونطلب المزيد”. بدت التصريحات وكأنها تحمل اتهامًا مبطنًا للحزب بأنه تخلى عن المقاومة الفلسطينية ولم يقدم ما وعد به. وظهر داخل الحركة من يلوم حزب الله على أدائه غير “مشعل” وهو “موسى أبو مرزوق”، عضو المكتب السياسي للحركة، الذي سبق أن أثار تسريب صوتي له شكوكًا بشأن جدية إيران في دعم المقاومة الفلسطينية؛ ففي تعليقه على رد حزب الله على عملية “طوفان الأقصى”، قال أبو مرزوق: “بمنتهى الصراحة كنا نتوقع أن يكون التفاعل مع الحدث أكثر كثيرًا مما جرى”[14].
ثانيًا: محددات موقف حزب الله من العدوان الإسرائيلي علي غزة:
يمكن الإشارة إلي مجموعة من المحددات التي تقف خلف موقف حزب الله المتمثل في “المشاركة المنضبطة” إلي جانب المقاومة في مواجهة العدوان الإسرائيلي علي غزة كما يلي:
1- المحددات التي تدفع الحزب للمشاركة في مواجهة العدوان الإسرائيلي علي غزة:
أ- انتماء حزب الله لما يسمى “تيار المقاومة أو الممانعة”، ولأنه يمثل القوة العسكرية الأقوى بعد إيران ضمن هذا التيار، فالحزب يتعاطى مع الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة حماس لا بوصفه مراقبًا بل فاعلًا أساسيًا، ومعني بالتالي بمجريات هذه الحرب ونتائجها، إذ أن من مصلحة الحزب دعم حماس وإسنادها في الصراع الدائر حاليًا وعدم ترك إسرائيل تستفرد بها؛ فهزيمة حماس أو نجاح إسرائيل في تقويض قدراتها العسكرية يمثل خسارة لتيار المقاومة، ومنه حزب الله بالطبع[15]. ولهذا أكد رئيس الحزب “حسن نصرالله”، في كلمته في 3 نوفمبر 2023، أن مشاركة حزب الله في الحرب تصاعدية وتطورها مرتبط بأمرين: بتطور مسار الحرب الإسرائيلية على غزة، وبسلوك العدو الصهيوني تجاه لبنان. ووضع لمشاركة الحزب عمليًا هدفين بدعوته إلى تحقيقهما، الأول: وقف الحرب على قطاع غزة، والثاني: أن تنتصر حركة حماس في قطاع غزة[16].
ب- استغلال فرصة الحرب من أجل تغيير قواعد الاشتباك مع إسرائيل وضرب البنية التحتية للمواقع العسكرية الإسرائيلية، فقد دمر الحزب أجهزة التنصت والتشويش والمراقبة لهذه المواقع بشكل ممنهج وضمن رؤية مدروسة بإتقان وبذلك يكون أضعف من قدرة إسرائيل التجسسية وأعطى الحزب مساحة حرية أكبر في التحرك على الحدود.
ج- خلال الحرب السورية حاولت القوى المناوئة له في الداخل والخارج أن تشوه صورته على أنه ميليشيا تهدف الى قتل السنة والسعي الى إجهاض محاولتهم لإسقاط “النظام العلوي” في دمشق. تدخل حزب الله في الحرب الحالية لمنع إسرائيل من التدخل البري في غزة أعاد له شعبيته وعادت الهتافات المؤيدة له في المظاهرات المناصرة للقضية الفلسطينية في العالم العربي.
د- استطاع الحزب من خلال تدخله في الحرب أن يعزز شعبيته على المستوى الداخلي بعد معاناته لفترة طويلة من انقسام طائفي (سني- شيعي)، فقد وقفت الطائفتان الدرزية والسنية معه في هذه المواجهة. حيث أعلن الزعيم الدرزي، وليد جنبلاط، أنه سوف يقف مع الحزب في حال نشبت الحرب، وطالب أبناء الجبل ذات الغالبية الدرزية التجهيز والتحضير لاستقبال النازحين الشيعة في مناطقهم في حال تطور الصراع على الحدود. كذلك الأمر بالنسبة إلى الشيخ حسن مرعب، أحد علماء الدين السنة في لبنان والمعروف بانتقاده الشديد للحزب بسبب تدخله في الحرب السورية، فقد أعلن دعمه له وأن الطائفة السنية سوف تقف معه في حال تطور الصراع مع إسرائيل.
أما الطائفة المسيحية فيسكنها هاجسان، الهاجس الأول هو أنه في حال استطاعت إسرائيل هزيمة حماس فهناك احتمال أن تشن تل أبيب حربًا على حزب الله في لبنان وتترك آثارًا كبيرة على الاقتصاد اللبناني الذي يعاني أصلًا من أزمة عميقة، والهاجس الثاني هو في حال تمكنت إسرائيل من ترحيل الفلسطينيين من غزة فهذا يعني أن عودة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان إلى بلادهم سوف تصبح مستحيلة، وبالتالي سوف يصبح تجنسيهم أمرًا محتومًا، هذا سوف يزيد أعداد المسلمين بشكل كبير ويضعف تأثير الأقلية المسيحية التي تعاني أصلًا من تراجع حجمها الديمغرافي[17].
2- المحددات التي تدفع الحزب لعدم توسعة مشاركته وضبطها في مواجهة إسرائيل:
أ- عدم وجود ملفات ضاغطة: حيث لا يملك حزب الله ملفًا ملحًا كـ”ملف الأسرى” يمكن الاستناد عليه لشن حرب هجومية ضد إسرائيل، فالظروف الداخلية التي دفعت حماس لشن عملية “طوفان الأقصى” ضد إسرائيل تتضمن بالأساس مسألة تحرير الأسرى ومسألة وقف الانتهاكات للمقدسات وخاصة المسجد الأقصى. فيما أن قضية الأسرى اللبنانيين كان حزب الله قد طواها فعليًا منذ تبادل الأسرى في يوليو عام 2008، حيث حرر آنذاك حزب الله كل الأسرى اللبنانيين في تبادل مع جثامين جنود إسرائيليين كان قد أسرهم في العملية الأولى التي سبقت اندلاع حرب عام 2006[18].
ب- ضغوطات الداخل اللبناني: يواجه لبنان أزمة حادة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية منذ سنوات، ويؤدي حزب الله دورًا محوريًا في المشهد الذي أدى إلى هذه الأزمات من جهة، والذي يدير هذه الأزمات كلها من جهة أخرى، ولذلك يمثل الداخل اللبناني عاملًا مهمًا من العوامل الحاكمة للقرار العسكري لحزب الله. وذلك في إطار مجموعة من المحددات: أولها؛ أن انخراط حزب الله في هذه الحرب سيرتب لا محالة ردًا إسرائيليًا على أقل تقدير من شأنه أن يكلف لبنان واللبنانيين الكثير مثلما أكد المسؤولون الإسرائيليون، وهو أمر سيكلف حزب الله على وجه الخصوص الكثير فيما يتعلق بشعبيته في الداخل اللبناني، ولاسيما وأن اللبنانيين ما زالت عالقة في أذهانهم التكلفة المباشرة وغير المباشرة لحرب 2006 والتي استمرت نحو 34 يومًا، فضلًا عن تخوفهم من تكرار تجربة غزة الماثلة حاليًا أمامهم[19].
أما المحدد الثاني فهو أن غالبية القوي السياسية داخل لبنان ترفض جر لبنان إلي حرب مع إسرائيل، فزعيم القوات اللبنانية “سمير جعجع” عبر عن خشيته من إطالة عمر الصراع الذي قد يؤدي إلى انخراط لبناني واسع فيه، في حين قال واحد من نواب الحزب البارزين، “بيار أبو عاصي”، إن “حزب الله سيدمر لبنان في حال انخرط في الصراع الدائر في غزة”. أما المنافس التقليدي لجعجع والحليف المشاكس لحزب الله، زعيم التيار الوطني الحر “جبران باسيل”، فرفض استخدام أرض لبنان من جانب أي طرف غير لبناني منطلقًا لأعمال حربية، ومع أنه أوضح أنه مؤيد للحق الفلسطيني، إلا أن أولويته هي قيام الدولة اللبنانية. أما زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي “وليد جنبلاط”، فقد أكد بعد لقائه “نبيه بري”، زعيم حركة أمل الشيعية ورئيس مجلس النواب، أنه يتمنى أن “يبقى لبنان خارج دائرة الصراع إلا إذا أصر العدو الإسرائيلي على الاعتداء”، في حين أن أحد نواب كتلته عبر عن تفهمه بعض عمليات حزب الله بوصفها تضامنًا مع الفلسطينيين وتلتزم بقواعد الاشتباك، لكنه انتقد جر لبنان إلى حرب هو بغنى عنها، مقترحًا مقاومة إسرائيل انطلاقًا من الجولان السوري لا من لبنان.
من جهة حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، فقد قال وزير الخارجية، “عبد الله بو حبيب”، إن الحكومة تلقت وعدًا من حزب الله بأن لا يتدخل في حرب غزة إلا في حال تحرش إسرائيل بلبنان. وبدوره أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال “نجيب ميقاتي” ضرورة بذل المساعي الدبلوماسية لحماية لبنان، وقال في كلمة عقب اجتماع الحكومة إنه تواصل مع جميع القوى السياسية الفاعلة في لبنان للطلب إليهم ضبط النفس وعدم الانجرار إلى المخططات الإسرائيلية[20].
وبالتالي، يدرك حزب الله أنه في حال توجه للدخول في حرب مع إسرائيل فإن المعارضة الداخلية قد تتزايد ضده، ويعود الحديث مجددًا من قبل المعارضين عن ضرورة سحب سلاح حزب الله[21]. خاصة وأن الحزب قبل “طوفان الأقصي” كان يتعرض لضغوط قوية داخلية بسبب اتهامه بالمسؤولية عما آلت إليه التطورات السياسية في لبنان، بعد تفاقم أزمة الفراغ الرئاسي، عقب انتهاء ولاية الرئيس السابق “ميشال عون” في 31 أكتوبر 2022. فرغم مرور نحو عام على هذه الأزمة، إلا أنه لا توجد مؤشرات تدعم من احتمالات الوصول إلى تسوية قريبة لها. إذ ما زال الحزب مصرًا على تعطيل عملية انتخاب الرئيس، وعلى تسميه مرشح بعينه، هو رئيس تيار المردة “سليمان فرنجية”، في مقابل إصرار القوى السياسية المناوئة لها على تسميه مدير إدارة الشرق الأوسط ووسط آسيا في صندوق النقد الدولي “جهاد أزعور” مرشحًا رئاسيًا[22].
وثالث المحددات هو الأزمة الاقتصادية في لبنان، التي تجعله خاضعًا لرحمة المساعدات الخارجية وخاصة من المؤسسات المالية الدولية ذات التمويل الغربي أو المساعدات من الداعمين الخليجيين والعرب[23]، وهو ما قد يدفع هذه الدول إلي ربط هذه المساعدات بمنع دخول حزب الله في حرب مع إسرائيل، خاصة في ظل الدعم الغربي غير المشروط لها، والموقف العربي والخليجي المتواطئ معها. وكانت هذه الدول المانحة للمساعدات قبل “طوفان الأقصي” تصر علي أن تبني أي مقاربة جدية لمساعدة لبنان على احتواء الأزمة الاقتصادية الحالية لن يتأتى في ظل استمرار انخراط حزب الله في الملف السوري، وفي ظل تصاعد حدة أزمة الفراغ الرئاسي في لبنان[24].
يبرز هنا أيضًا اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل المبرم في أكتوبر 2022، والذي ما كان ليحصل لولا موافقة حزب الله بالكامل. هذا الاتفاق يشكل مدخلًا أساسيًا لابد منه لبدء التنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية واستخراجهما لاحقًا، بما قد ينقذ الاقتصاد اللبناني، وحزب الله بوصفه الحاكم الفعلي للبنان، لم يقدم على خطوة نوعية بترسيم الحدود وإطلاق أعمال التنقيب ليسقطها دفعة واحدة بالانخراط في حرب شاملة مع إسرائيل[25].
ج- الاستعداد للمواجهة المرتقبة مع إسرائيل: حيث يسعي حزب الله إلي الحفاظ علي مخزونه الاستراتيجية من الأسلحة والمقاتلين تحسبًا لإمكانية شن إسرائيل لعملية عسكرية في جنوب لبنان بعد التفرغ من حربها علي غزة، خاصة بعد تعدد التصريحات الصادرة عن القادة الإسرائيليين التي تبعث برسالة واضحة بأن تل أبيب تخطط لتنفيذ عملية عسكرية جنوب لبنان، ولكن الجدل يدور حول توقيت تنفيذها؛ فلقد صرح وزير الخارجية الإسرائيلي “يسرائيل كاتس”، خلال زيارة لوزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورن إلى تل أبيب في 5 فبراير 2024: “إن الوقت ينفد لإيجاد حل دبلوماسي لجنوب لبنان، وأنه إذا لم يتم التوصل لحل سياسي فسيكون هناك تحرك عسكري لإعادة سكان البلدات الإسرائيلية على حدود لبنان”.
بينما أفاد وزير الحرب الإسرائيلي “يوآف غالانت” يوم 29 يناير خلال زيارته للجنود المتمركزين قرب الحدود مع غزة، بأن “الجيش سيتحرك قريبًا جدًا على الحدود الشمالية.. إذ ستعزز القوات في الشمال”، كما أبلغ غالانت الجنود بأنهم سيغادرون المنطقة للانتقال إلى الشمال، مُضيفًا أن جنود احتياط سيتركون مواقعهم استعدادًا لهذه العمليات المستقبلية. وفي تصريح آخر، قال غالانت إن “احتمال وقف الحرب في غزة لن يعني بالضرورة وقف إطلاق النار مع حزب الله”، مضيفًا “أن تحقيق الأمان في الشمال -عسكريًا أو عبر تسوية- هو ما سيجعل إسرائيل قادرة على التحلي بالهدوء”. كما سبق وأن أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي “هرتسي هاليفي” بأن احتمالات الحرب على الجبهة الشمالية الحدودية مع لبنان أعلى مما كانت عليه في الماضي[26].
د- الرغبة الإيرانية في عدم توسيع الصراع: ففي ظل أن التحالف بين حماس والجهاد من ناحية وإيران من ناحية ثانية له طبيعة مختلفة بدرجة تسمح للفصائل الفلسطينية بهامش استقلال كبير في قرارها العسكري والسياسي. حيث أن فصائل المقاومة الفلسطينية سنية وليست شيعية وهدف إيران في الاستثمار فيها هو تأكيد علاقات طبيعية وودية مع محيطها السني الكبير، والثقة في أن دعم المقاومة يمنع عدوتها الإقليمية إسرائيل من الهيمنة على المنطقة، وتهديد مصالح ونفوذ إيران الإقليمية. لكن حزب الله والفصائل الشيعية في العراق وعلى الرغم من أنهم عرب وليسوا فرسًا، إلا أن توافقهم في المذهب وفي اتباع ولاية الفقيه تجعل قراراتهم مرتبطة بعملية التنسيق المسبق مع طهران خاصة لو كان الأمر يتخطى ساحاتهم المحلية ويمتد للتأثير على توازنات الإقليم واستقرار إيران كما ينطبق عليه الحال في حرب غزة[27].
وبالتالي، يبقي قرار حزب الله مرهون بقرار إيران، التي ترغب في بقاء مستوى نشاطها وأذرعها في المنطقة المعادي لإسرائيل ضمن حدود منخفضة السقف يسمح بحفظ ماء الوجه وادعاء دعم حماس في غزة في وجه الحرب الإسرائيلية دون الانزلاق إلى تدخل إيراني مباشر أو حرب مفتوحة قد تؤدي إلى ضرب قدرات حزب الله أو تقويض نفوذه في لبنان. فحركة حماس صاحبة العلاقات الجيدة بإيران، والتي بادرت إلى ما فعلته في 7 أكتوبر دون التنسيق مع إيران وحزب الله، تعد حركة مهمة لإيران، لكن ليس إلى الدرجة التي تخاطر فيها بمقدرات حزب الله في حرب مفتوحة للدفاع عن حماس ومغامرتها في غلاف غزة[28].
ه- الدعم الأمريكي غير المحدود: فعقب عملية “طوفان الأقصى” عززت الولايات المتحدة حضورها العسكري بالمنطقة من خلال نشر مجموعتي حاملتي الطائرات فورد وأيزنهاور وتعزيز الدفاعات الجوية في قواعدها بالمنطقة ونشر قوات خاصة ومستشارين عسكريين لمساعدة إسرائيل في إدارة المعركة، فضلًا عن إمداد إسرائيل بكل الأسلحة والذخائر اللازمة للمعركة. وهي كلها رسائل ردع أكدتها الولايات المتحدة علنًا لمنع تمدد الصراع ودخول إيران ووكلائها وخاصة حزب الله في الحرب الجارية. ومن هذا المنطلق، قد يرى حزب الله أن انخراطه في الحرب قد يعني دفعه ثمنًا باهظًا وتداعيات مدمرة[29].
على الصعيد الدبلوماسي، تركز الولايات المتحدة أيضًا على تخفيف حدة التوتر في جنوب لبنان، ويتضح ذلك من خلال الزيارات الرسمية الأخيرة التي قام بها المبعوث الأمريكي “آموس هوكستين” إلى كل من إسرائيل ولبنان لتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701 سنة 2006، وتشجيع المفاوضات لترسيم الحدود البرية[30]. ووفقًا لما أعلنه موقع “أكسيوس”، في 6 فبراير 2024، فقد اقترحت الولايات المتحدة تحريك جميع قوات حزب الله شمال نهر الليطاني كما يتطلب القرار ١٧٠١، ولكن فقط على بعد 8 إلى 10 كم من الحدود الإسرائيلية. وفي المقابل، ستلتزم إسرائيل بسحب بعض القوات، معظمها من جنود الاحتياط، التي حشدتها على طول الحدود في الأشهر الأربعة الماضية[31].
وفي سياق متصل، قدمت فرنسا اقتراحًا مكتوبًا إلى بيروت يهدف إلى إنهاء الأعمال القتالية مع إسرائيل والتوصل لتسوية بشأن الحدود المتنازع عليها بين الجانبين. وتقترح الخطة أن توقف الجماعات المسلحة اللبنانية وإسرائيل العمليات العسكرية ضد بعضهم البعض، بما يشمل الغارات الجوية الإسرائيلية في لبنان. كما تقترح الوثيقة أن تهدم الجماعات المسلحة اللبنانية جميع المباني والمنشآت القريبة من الحدود وتسحب القوات المقاتلة بما يشمل مقاتلي “قوة الرضوان”، وهي قوة النخبة التابعة لحزب الله، وكذلك القدرات العسكرية مثل الأنظمة المضادة للدبابات إلى مسافة 10 كيلومترات على الأقل شمالي الحدود. ويقضي المقترح أيضًا بأن يتم نشر ما يصل إلى 15 ألف جندي من الجيش اللبناني في منطقتي مزارع شبعا وشمالي قرية الغجر بالمنطقة الحدودية بجنوب لبنان[32]. وقد وصل الأمر بتهديد لبنان بتطبيق القرار بالقوة، تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يجيز استخدام القوة لفرض قرارات المنظمة[33].
ثالثًا: السيناريوهات المحتملة لتطورات الصراع بين حزب الله وإسرائيل:
يمكن الحديث عن ثلاثة سيناريوهات محتملة لتطورات الصراع علي الحدود اللبنانية بين حزب الله وإسرائيل؛ هما:
السيناريو الأول: وهو السيناريو الأرجح؛ استمرار الاشتباكات الحالية المضبوطة والمراعية لقواعد الاشتباك حتى نهاية العملية الإسرائيلية في غزة. يدعم تحقق هذا السيناريو مجموعة من العوامل، أهمها: أن السيناريو يحقق مصالح الطرفين؛ حزب الله الذي يريد تحقيق مشاركة رمزية في وقت لا يشعر فيه بالارتياح إلى ساحته اللبنانية على مستويات عدة ما يمنعه من الذهاب إلى التصعيد، وإسرائيل التي يبدو أنها لا تمانع حدوث اشتباكات مضبوطة تمنع حربًا مفتوحة. كما يعزز هذا السيناريو نجاح حماس في الوقوف أمام العملة البرية الإسرائيلية، وتكبيد إسرائيل خسائر بشرية هائلة تضطرها إلى الانسحاب من القطاع. ويدعم هذا السيناريو أيضًا الضغط الدولي والإقليمي على الطرفين، وبالذات على حزب الله، لعدم الانجرار إلى حرب واسعة[34].
السيناريو الثاني: وهو سيناريو قليل الاحتمال؛ التخلي عن قواعد الاشتباك والانزلاق إلى حرب مفتوحة واسعة النطاق بين حزب الله وإسرائيل، الأمر الذي قد يحصل بسبب حصول تهديد جدي لحركة حماس وإمكانية تحقيق الهدف الإسرائيلي من العملية البرية الإسرائيلية بالقضاء التام علي الحركة، ما يضطر حزب الله إلى فتح الجبهة بين لبنان وإسرائيل على نحو واسع وشامل، بما قد ينقذ حماس[35]. ويرجح هذا السيناريو أيضًا في حالة تنفيذ إسرائيل لعملية عسكرية موسعة في مدينة رفح تتخللها ارتكاب مجازر واسعة بحق الفلسطينيين. في هذه الحالة قد يوسع حزب الله من نطاق استهدافه داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويمكن أن يستهدف الحزب ضرب منشآت عسكرية أكبر تستضيف مئات الجنود، بدلًا من المواقع الصغيرة على طول الحدود. ويمكن لحزب الله أيضًا أن يقرر تجاوز الأهداف العسكرية والبدء في استهداف البنية التحتية الحيوية والمدن والبلدات في شمال إسرائيل[36]، والتي تقع في مرمى صواريخ حزب الله مثل منصات استخراج الغاز من الحقول البحرية الإسرائيلية التي سبق وحذر “حسن نصر الله” من أنها “دخلت في بنك أهداف المقاومة”[37]. وقد يدفع الحزب بقواته الخاصة إلى داخل الأراضي المحتلة لتنفيذ عمليات عسكرية. كما قد يلجأ الحزب إلي شن هجمات داخل المدن الموجودة في العمق الإسرائيلي مثل حيفا[38].
السيناريو الثالث: وهو سيناريو مستبعد؛ قيام إسرائيل بشن عملية عسكرية برية علي حزب الله في لبنان علي غرار عمليتها العسكرية في غزة، ويحفز هذا السيناريو مجموعة من الأسباب، أهمها:
1- أن إسرائيل لم تحصل على مثل هذا الدعم العالمي في حربها الحالية علي غزة منذ حرب أكتوبر 1973، وهي قد تستغل هذا الدعم – الذي تعدى الدبلوماسية والسياسة ليصل إلى تحريك حاملات طائرات – لتوجيه ضربة لحزب الله، باعتبار أن هذه الفرصة من الدعم العالمي لن تتكرر كثيرًا، هذا من جانب.
ومن جانب ثان؛ يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” جر الولايات المتحدة لحرب مع إيران منذ سنوات، وقد فشل في ذلك بسبب رغبة واشنطن بتنظيم العلاقة مع طهران بطريقة تمنع الحرب وفي نفس الوقت تكبح مشروع النووي الإيراني. إن الأوضاع الحالية تمثل فرصة نادرة لنتنياهو لجر أمريكا لحرب – ولو محدودة – ضد إيران، عبر توسيع الحرب ضد حزب الله بعد الانتهاء من العدوان على غزة.
ومن جانب ثالث؛ أثبتت عملية “طوفان الأقصى” أن المقاربة الإسرائيلية التي تعتمد على وضع قواعد اشتباك محددة – غير مكتوبة – بين الاحتلال وحماس لم تفلح في منع هجوم الأخيرة على مستوطنات غلاف غزة. يتبع الاحتلال نفس المقاربة مع حزب الله، ومن الممكن أن تدفعه العملية التي أثبتت فشل “قواعد الاشتباك” هذه إلى حرب كبيرة ضد حزب الله ولبنان لوضع قواعد اشتباك جديدة تضمن عدم تعرض الاحتلال لعملية أكبر من “طوفان الأقصى” من قبل حزب الله[39].
ومن جانب رابع؛ أن الهدف المعلن للحرب الإسرائيلية علي غزة هو القضاء على القدرات العسكرية لحركة حماس، وهو هدف قد لا يتأتى بحصر المواجهة الحالية في قطاع غزة، باعتبار أن الحركة أسست مواقع عسكرية لها في لبنان[40].
ومن جانب خامس؛ رغبة نتنياهو في استمرار الحرب لأطول فترة ممكنة؛ لأن انتهاء العمليات العسكرية قد يعني دق ساعة الحقيقة بالنسبة لمسؤوليته عن أحداث 7 أكتوبر، وانتهاء مستقبله السياسي[41].
2- رفض عودة مستوطني المستوطنات المحاذية للحدود مع لبنان (تم إجلاء قرابة 60 ألف إسرائيلي[42])، حتى ولو انتهت الحرب على جبهة غزة، دون القضاء تمامًا علي الخطر الذي يمثله حزب الله؛ لأن سيناريو السابع من أكتوبر أصبح عالقًا في عقول المستوطنين الذين يخشون أن يتكرر في مستوطنات الشمال، لا سيما وأن حزب الله قد أعلن مرارًا منذ سنوات طويلة أنه في حال فرضت حرب على لبنان فإنه سيحرر الجليل. وما عزز هذه المخاوف أيضًا هو أن جيش الاحتلال قد عثر فعلًا على ستة أنفاق لحزب الله عام 2018، تمتد إلى داخل الأراضي المحتلة.
3- تأكيد عدد من قادة الاحتلال السياسيين والعسكريين بأنهم سيجبرون حزب الله على التراجع لشمال الليطاني بالدبلوماسية أو الحرب، ويتمحور الحل الدبلوماسي في المطلب الإسرائيلي بتطبيق قرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن، الذي أنهى حرب تموز 2006، وخصوصًا في المادة التي تنص على “إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني، بحيث تكون خالية من أي أفراد مسلحين أو معدات أو أسلحة، بخلاف ما يخص حكومة لبنان واليونيفيل”، ما يعني إبعاد حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني في جنوب لبنان، وبذلك تكون هذه المنطقة منطقة عازلة بين حزب الله والاحتلال.
وفي ظل صعوبة تنفيذ فكرة الحل بإبعاد حزب الله إلى ما وراء الليطاني، فحزب الله ليس جيشًا منظمًا له قواعد عسكرية وثكنات ووجود مرئي بالعين، وإنما هو تنظيم يعتمد أسلوب الحرب غير المتناظرة، وقواته ليست نظامية، وهي مكونة من أهالي الجنوب أنفسهم، كما أن عتاده مخزن في مواقع سرية، وفي الأنفاق التي لا تتوفر معلومات عن مكانها وحجمها.
فضلًا عن رفض حزب الله من جهته العودة إلى ما وراء الليطاني، مؤكدًا على أن جبهة جنوب لبنان مرتبطة بجبهة غزة، ولن يكون هناك أي حديث والعدوان مستمر على غزة، ومن الطبيعي أن يرفض الحزب تنفيذ القرار أيضًا، لأن هذا القرار يدعو ضمن بنوده إلى تطبيق قرارات سابقة لمجلس الأمن، من ضمنها القرار 1559 الصادر عام 2004، الذي يدعو إلى “حل جميع المليشيات اللبنانية ونزع سلاحها”. في حين أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية “نجيب ميقاتي” أن بلاده مستعدة لتنفيذ قرار 1701، ولكن بشرط انسحاب الاحتلال من الأراضي اللبنانية المحتلة، وهي مزارع شبعا وتلال كفر شوبا والجزء الشمالي من قرية الغجر.
ولا يستطيع الاحتلال وحلفاؤه على أية حال فرض هذه القرارات على حزب الله، لا سيما وأن الاحتلال لا يفي بما تطالبه به هذه القرارات، وحتى لو اتجه حلفاء الاحتلال إلى مجلس الأمن لتعديل القرار 1701 وإدراجه ضمن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، فإنهم لا يضمنون ألا يستخدم أحد الأعضاء الدائمين للمجلس، وتحديدًا روسيا والصين، حق النقض “الفيتو” ضد إقراراه، وحتى لو تمكنوا من تمريره، فإمكانية تطبيقه بالقوة هي مسألة خطيرة رغم محدوديتها، وقد تؤدي إلى اندلاع حرب يحاول الاحتلال وحلفاؤه تجنبها[43]. وبالتالي، لا يبقى أمام الاحتلال في ظل هذا الواقع المعقد سوى الخيار العسكري.
ولكن هذا السيناريو يواجه تحديات كبيرة، أولها؛ يبدو أن إسرائيل أكثر اهتمامًا بتجميد الجبهة الشمالية والحفاظ على هدوئها لحين السيطرة على جبهة غزة، والتحسب لاشتعال الضفة بانتفاضة أو حتى الداخل في أراضي 48[44].
ثانيها؛ أن لدى حزب الله قدرات عسكرية كبيرة، وقد لا يقف الأمر عند هذا الحد، ففتح جبهة الحرب معه قد يعني فتح جبهات أخرى بصورة أعنف وأقوى، من ضمنها جبهة الجولان السوري، ما يقود إلى سيناريو اندلاع حرب شاملة لا يريدها الاحتلال[45].
ثالثها؛ تكشف التقديرات الاقتصادية عن حجم التداعيات الخطرة على الاقتصاد الإسرائيلي مع طول أمد الحرب على غزة، والتي قد تقف عائق أمام إسرائيل لفتح جبهة قتالية جديدة في شمال البلاد، غير معروف مداها، خاصة أن الكلفة الاقتصادية للحرب تتجاوز البعد العسكري لتشمل أبعاد أخرى تثقل كاهل الاقتصاد الإسرائيلي، مثل تأمين بدل سكن وتعويضات للنازحين من المنطقة الشمالية، إلى جانب تكلفة إعادة إعمار المنازل والمناطق المتضررة، وتكلفة توقف العديد من الأعمال التجارية، وتضرر القطاع السياحي[46]، وهو ما يضاف إلى الأعباء الاقتصادية الكبيرة للحرب الإسرائيلية علي غزة التي فاقت وفق آخر التقديرات 60 مليار دولار (241 مليار شيكل).
رابعها؛ زيادة الأعباء العسكرية، من حيث الإبقاء على مئات الآلاف من جنود الاحتياط في حالة تأهب، ناهيك عن الخسائر العسكرية الإسرائيلية سواء في صفوف الجيش، أو حتى تدمير المنشآت العسكرية والتقنيات المزروعة على الحدود (أنظمة المراقبة والتجسس والاستشعار وغيرها) بعد استهدافها من قبل حزب الله[47].
خامسها؛ ما زالت الولايات المتحدة ترفض بشكل علني تدحرج المواجهة الإسرائيلية مع حزب الله إلى مواجهة شاملة ومفتوحة، وتدفع إسرائيل للتركيز في حربها على قطاع غزة تحسبًا من التدحرج نحو حرب إقليمية (بين إسرائيل وإيران أو حلفاء إيران) لا تريدها واشنطن بخاصة في هذه السنة الانتخابية[48]. وفي هذا السياق؛ قد وردت تقارير أمريكية تفيد بأن نتنياهو كان على وشك إصدار أمر بتنفيذ ضربة استباقية ضد حزب الله في 11 أكتوبر 2023، ولكن الرئيس الأمريكي “جو بايدن” منعه، في حين وردت تقارير إسرائيلية تفيد بأن “نتنياهو” هو الذي رفض طلب وزير الحرب “يؤاف غالانت” بتوجيه ضربة استباقية، وسعى لتشكيل حكومة الحرب وإدخال “بني غانتس” و”غادي آزنكوت”، وهما رئيسا هيئة أركان سابقين، ليتمكن من اتخاذ قرار منع الضربة بدعمهما، وسواء كان من منع الضربة هي أمريكا أم حكومة الاحتلال، فهذا يشير بوضوح إلى أن أي منهما لم تكن لديه رغبة بتوسيع الحرب وفتح جبهة أخرى مع حزب الله في جنوب لبنان، وهذا ما يؤكد عليه الأمريكيون منذ بداية العدوان، بأنهم لا يريدون توسيع الحرب وتحولها إلى حرب إقليمية[49].
وفي ظل هذه التحديات، تشير التقارير العبرية إلى أن الاحتلال خفف من طموحه بإبعاد حزب الله إلى ما وراء الليطاني، واكتفى بالمطالبة بإبعاده بضعة كيلومترات عن الحدود، والمقصود أن يكون حزب الله وقواته بعيدين عن مرأى المستوطنين في الشمال، إذ إن حزب الله كان قبل الحرب قد نشر عشرات نقاط المراقبة على الحدود، وكان عناصره يظهرون علانية بمحاذاتها، وهو مشهد يحاول الاحتلال إبعاده عن أعين مستوطنيه حتى يطمئنهم ليعودوا لمستوطناتهم[50].
وبناءً علي ما سبق؛ يمكن القول أن الطابع الذي يطغى على دور حزب الله العسكري راهنًا وبتحولاته المحتملة يتلخص في ثلاث سمات:
السمة الأولى: هي دور “داعم” لغزة ولن يتقدمها لتصبح الحرب الإسرائيلية على لبنان هي الأساس بدلًا من غزة؛ فهدفه إيقاف الحرب على غزة وليس جلبها على لبنان.
السمة الثانية: هو دور استباقي بمراعاة الحزب للمنظور اللبناني، لأنه لا ضمانة من أن تلتفت إسرائيل إلى لبنان وتستهدفه بذرائع عدة، متى ارتأت أنها حققت أهدافها في غزة.
أما السمة الثالثة، فهي التزام حزب الله دور الدفاع عن “محور المقاومة” في المنطقة إذا ما كان وجوده أو دوره الحيوي مهددًا، ولن يكون تدخل الحزب شاملًا في حرب غزة إلا بناءً على هذا التقدير. ويشمل “الدفاع” معاني وقضايا عدة، منها بالمبدأ الحفاظ على رأس هذا المحور أي إيران، وعلى بقاء واستمرار قواه كل في امتداده، وهذا يشمل غزة[51].
ختامًا؛ يتبني حزب الله استراتيجية لدعم الفصائل الفلسطينية في حربها الجارية، يمكن تسميتها بـ”استراتيجية الإسناد دون التورط”، وهي تقوم على إثارة التوترات على الجبهة الشمالية لإسرائيل من خلال الهجمات على أهداف عسكرية إسرائيلية أو القيام بعمليات تسلل على طول الحدود فضلًا عن السماح لأجنحة الفصائل الفلسطينية في لبنان بالقيام بعمليات استهداف وتسلل، بما يؤدي إلى أن تعزز القوات الإسرائيلية انتشارها العسكري في الجبهة الشمالية، ومن ثم تخفيف الضغط عن قطاع غزة، وتشتيت الجهود العسكرية والاستخبارية الإسرائيلية. ويبدو أن حزب الله لن ينخرط في هذه الحرب بشكل فعلي ومباشر، وإذا ما تطلبت التطورات الميدانية المقبلة أن ينخرط الحزب فإنه سيظل حريصًا على أن يكون تصعيده مناسبًا ومتدرجًا وفي حدوده المنضبطة ضمن معادلة الاشتباك القائمة لكي تبقى احتمالات عدم تطور المواجهة إلى حرب شاملة هي الأكثر ترجيحًا[52].
[1] “نوايا غامضة على الحدود: هل يتجه «حزب الله» إلى فتح جبهة حرب واسعة مع إسرائيل؟”، مركز الإمارات للسياسات، 18/10/2023، الرابط: http://tinyurl.com/4fy2sjru
[2] “كسْر قواعد الاشتباك في لبنان: احتمالات انزلاق حزب الله إلى حرب مفتوحة مع إسرائيل”، مركز الإمارات للسياسات، 19/1/2024، الرابط: http://tinyurl.com/yuvevbbd
[3] “التحديات “الإسرائيلية” على الجبهة الشمالية: هل تقود إلى حرب شاملة؟”، مركز رؤية للتنمية السياسية، 9/1/2024، الرابط: http://tinyurl.com/43w4wft4
[4] “حزب الله والمضامين الجديدة لمحور المقاومة وإستراتيجياته بعد “طوفان الأقصى””، مركز الجزيرة للدراسات، 4/11/2023، الرابط: http://tinyurl.com/yb5suje7
[5] المرجع السابق.
[6] “جبهة حزب الله-إسرائيل: تنامي فرص تصعيد المناوشات إلى حرب أوسع”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 18/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/4khuwpv5
[7] “هل يتطور الصراع على الحدود بين “حزب الله” وإسرائيل ؟”، مركز رع للدراسات الاستراتيجية، 15/2/2024، الرابط: http://tinyurl.com/4rm3vmen
[8] “ما بين الحفاظ على الوضع القائم والتصعيد.. هل تُخطط إسرائيل لتنفيذ عملية عسكرية في جنوب لبنان؟”، المرصد المصري، 17/2/2024، الرابط: https://tinyurl.com/33t7mmhy
[9] “كسْر قواعد الاشتباك في لبنان: احتمالات انزلاق حزب الله إلى حرب مفتوحة مع إسرائيل”، مرجع سابق.
[10] المرجع السابق.
[11] “حزب الله وإسرائيل: الاقتراب نحو حافة الهاوية”، تي أر تي عربي، 27/2/2024، الرابط: https://tinyurl.com/yxb7re9h
[12] ” بالأرقام.. هذه حصيلة المواجهة بين حزب الله وإسرائيل منذ حرب غزة”، الجزيرة نت، 5/2/2024، الرابط: https://tinyurl.com/5n7axmpz
[13] “حزب الله والمضامين الجديدة لمحور المقاومة وإستراتيجياته بعد “طوفان الأقصى””، مرجع سابق.
[14] “”طوفان الأقصى”: كيف يدير “محور المقاومة” المواجهة؟”، مركز الجزيرة للدراسات، 21/2/2024، الرابط: http://tinyurl.com/2s44m6em
[15] “نوايا غامضة على الحدود: هل يتجه «حزب الله» إلى فتح جبهة حرب واسعة مع إسرائيل؟”، مرجع سابق.
[16] “حزب الله والمضامين الجديدة لمحور المقاومة وإستراتيجياته بعد “طوفان الأقصى””، مرجع سابق.
[17] “تداعيات حرب إسرائيل وحماس على حزب الله في لبنان”، صدي مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، 16/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/4ay3vtfy
[18] “أين يقف حزب الله من “طوفان الأقصى”؟”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 8/10/2023، الرابط: http://tinyurl.com/2rfthvkn
[19] ” انخراط منضبط: حسابات حزب الله تجاه الحرب الإسرائيلية على غزة”، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 5/11/2023، الرابط: http://tinyurl.com/29k2mf45
[20] “نوايا غامضة على الحدود: هل يتجه «حزب الله» إلى فتح جبهة حرب واسعة مع إسرائيل؟”، مرجع سابق.
[21] “انخراط منضبط: حسابات حزب الله تجاه الحرب الإسرائيلية على غزة”، مرجع سابق.
[22] “تساؤلات حول كيفية تعامل حزب الله مع تطورات الحرب في غزة”، المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية، 16/10/2023، الرابط: https://cutt.us/DulSJ
[23] “أين يقف حزب الله من “طوفان الأقصى”؟”، مرجع سابق.
[24] “تساؤلات حول كيفية تعامل حزب الله مع تطورات الحرب في غزة”، مرجع سابق.
[25] “نوايا غامضة على الحدود: هل يتجه «حزب الله» إلى فتح جبهة حرب واسعة مع إسرائيل؟”، مرجع سابق.
[26] “ما بين الحفاظ على الوضع القائم والتصعيد.. هل تُخطط إسرائيل لتنفيذ عملية عسكرية في جنوب لبنان؟”، مرجع سابق.
[27] “لماذا كان قرار الحرب بسيطا على حماس ومعقدا على حزب الله؟”، أصوات أونلاين، 26/11/2023، الرابط: http://tinyurl.com/bdfzvd4b
[28] “كسْر قواعد الاشتباك في لبنان: احتمالات انزلاق حزب الله إلى حرب مفتوحة مع إسرائيل”، مرجع سابق.
[29] ” انخراط منضبط: حسابات حزب الله تجاه الحرب الإسرائيلية على غزة”، مرجع سابق.
[30] “كسْر قواعد الاشتباك في لبنان: احتمالات انزلاق حزب الله إلى حرب مفتوحة مع إسرائيل”، مرجع سابق.
[31] “قيود الوساطة:هل تنجح فرنسا في تهدئة التصعيد بين حزب الله وإسرائيل؟”،الحائط العربي، 14/2/2024، الرابط:http://tinyurl.com/yc8dw23s
[32] “من 3 مراحل.. اقتراح فرنسي لإنهاء القتال بين حزب الله وإسرائيل”، العربية نت، 13/2/2024، الرابط: http://tinyurl.com/mrpu5xc9
[33] “التحديات “الإسرائيلية” على الجبهة الشمالية: هل تقود إلى حرب شاملة؟”، مرجع سابق.
[34] “نوايا غامضة على الحدود: هل يتجه «حزب الله» إلى فتح جبهة حرب واسعة مع إسرائيل؟”، مرجع سابق.
[35] المرجع السابق.
[36] “سلم التصعيد لدى “حزب الله””، معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني، 2/11/2023، الرابط: https://tinyurl.com/5n8bvuk7
[37] “جبهة حزب الله-إسرائيل: تنامي فرص تصعيد المناوشات إلى حرب أوسع”، مرجع سابق.
[38] “سلم التصعيد لدى “حزب الله””، مرجع سابق.
[39] “تحليل: هل يكون “حزب الله” هو التالي بعد انتهاء العدوان على غزة؟”، عربي21، 12/10/2023، الرابط: https://tinyurl.com/6f3vkvnk
[40] “تساؤلات حول كيفية تعامل حزب الله مع تطورات الحرب في غزة”، مرجع سابق.
[41] “كسْر قواعد الاشتباك في لبنان: احتمالات انزلاق حزب الله إلى حرب مفتوحة مع إسرائيل”، مرجع سابق.
[42] “وجهة إسرائيل في المواجهة مع حزب الله: حرب مفتوحة أم تسوية تحت الضغط؟”، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)، 22/1/2024، الرابط: https://tinyurl.com/yc2stpw2
[43] “التحديات “الإسرائيلية” على الجبهة الشمالية: هل تقود إلى حرب شاملة؟”، مرجع سابق.
[44] “أين يقف حزب الله من “طوفان الأقصى”؟”، مرجع سابق.
[45] “التحديات “الإسرائيلية” على الجبهة الشمالية: هل تقود إلى حرب شاملة؟”، مركز رؤية للتنمية السياسية، 9/1/2024، الرابط: http://tinyurl.com/43w4wft4
[46] “ما بين الحفاظ على الوضع القائم والتصعيد.. هل تُخطط إسرائيل لتنفيذ عملية عسكرية في جنوب لبنان؟”، مرجع سابق.
[47] “وجهة إسرائيل في المواجهة مع حزب الله: حرب مفتوحة أم تسوية تحت الضغط؟”، مرجع سابق.
[49] “التحديات “الإسرائيلية” على الجبهة الشمالية: هل تقود إلى حرب شاملة؟”، مرجع سابق.
[50] المرجع السابق.
[51] “حزب الله والمضامين الجديدة لمحور المقاومة وإستراتيجياته بعد “طوفان الأقصى””، مرجع سابق.
[52] ” انخراط منضبط: حسابات حزب الله تجاه الحرب الإسرائيلية على غزة”، مرجع سابق.