مع إعلان حركة حماس موافقتها على المقترح “المصري-القطري” الخاص باتفاق وقف إطلاق النار في غزة، تكون الحركة قد توجت إستراتيجيتها التفاوضية بنجاحها في احتواء أهداف الحرب الإسرائيلية الشرسة على غزة.
وجاء اعلان الحركة موافقتها،يوم الاثنين 6 مايو الجاري، قبل ن تطلق اسرائيل ، ما قالت إنه عملية عسكرية محدودة في مدينة رفح الفلسطينية المطتظة بالنازحين الفلسطينيين من عموم القطاع ، والذين يقدر عددهم بنحو 1,4 مليون فلسطيني..
كما جاءت الموافقة بعد مسار مضن من المفاوضات، التي توسطت خلالها كلا من مصر وقطر وأمريكا، بين المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس واسرائيل، قدمت خلالها العديد من الأوراق والمقترحات، كالورقة الاسرائيلية وأخرى مصرية قطرية، وأخرى قدمتها حماس…
وجاء التوافق على الورقة المصرية، التي جرت عليها عدة تعديلات، لم تحقق كامل ما تصبو إليه حماس، إلا أنها اعتبرتها بداية تدريجية للوصول للهدف النهائي بوقف القتال وعودة النازحين وانسحاب اسرائيل من قطاع غزة، وذلك بعد ضمانات أمريطية، تتحدث تقارير عن أن بعضها، كان بدون علم اسرائيل، بعد حالة كبيرة من تململ إدارة بايدن من ممارسات نتانياهو، وسط ضغوط الشارع الأريكي والغربي، عبر المظاهرات الكبيرة التي ضربت الجامعات الأمريكية والغربية، خاصة قبل شهور قليلة من موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية…
أولا: مسارالمفاوضات حتى الوصول للموافقة الفلسطينية:
- مناوشات ما قبل الاعلان عن موافقة حماس:
وقبل الوصول للحظة موافقة حماس، شهدت الساحة الاسرائيلية العديد من السجالات ، بين المسئولين الاسرائيليين، من أجل التوصل لاتفاق تهددئة وصفقة تبادل، بعدما فشلت الحرب والقوة العسكرية في تحقيق ذلك، وكان أخر السجالات، مطالبة وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، الأحد وقبل يوم واحد من اعلان حماس، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بالموافقة على المقترح المصري لصفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس.
وبحسب وسائل إعلام رسمية عبرية، فإن “غالانت قال في اجتماع مجلس الحرب، إن الصفقة جيدة، ويجب الموافقة عليها، وهذه فرصة لإعادة الأسرى المحتجزين بغزة..”.
كما طالب نتنياهو بشكل شخصي بالموافقة على الصفقة، وخلال الاجتماع، أضاف غالانت: “يجب علينا أن نعيد المحتجزين، أنا لا أتحدث عن ذلك علنا، حتى لا تزيد تكلفة الصفقة، لكن يجب الموافقة عليها“.
وقد حظي مطلب غالانت بتأييد أعضاء كابينيت، لكن نتنياهو أبدى تحفظات، وفق المصادر العبرية.
وعبر كلمة متلفزة في وقت سابق الأحد 5 مايو، وفيما تبدو محاولة للضغط على حركة حماس، توعد غالانت باجتياح مدينة رفح جنوب قطاع غزة في وقت قريب جدا، وزعم أن حماس لا تريد صفقة.
وأعلنت حماس، الأحد 5 مايو، أن وفدها “سلَّم الوسطاء في مصر وقطر رد الحركة (على مقترح اتفاق)، وجرت معهم نقاشات معمقة وجادة”، دون ذكر مزيد من التفاصيل.
وكوال مسار المفاوضات، تتمسكت حركة حماس بإنهاء الحرب، وانسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة، وعودة النازحين، وتكثيف الإغاثة، وبدء الإعمار، ضمن أي اتفاق لتبادل أسرى.
ولعل موقف نتانياهو المعلن، الرافض للتهدئة – رغم ارساله وفدا للتشاور بالقاهرة، الثلاثاء 7 مايو، لاستكمال التفاوض- ينطلق أساسا من خشيته الإقدام على صفقة مع حركة حماس؛ حتى لا يتم تفكيك الائتلاف الوزاري الحالي مع الأحزاب اليهودية اليمينية المتطرفة، التي تهدد بالانسحاب في حال التوقيع على أي اتفاق مع حماس.
- موافقة صعبة من حماس على المقترح المصري:
وقبل اعلان حماس موافقتها، على المقترح المصري المطور، كانت الحركة قد أعلنت عدة مرات عن أن المقترح لا يلبي كامل أهدافها أو ما تصبو إليه..
ويوم 3 مايو، قال مصدر في حركة حماس إن ورقة مقترح الهدنة التي قدمتها مصر ، بعد التعديلات عليها، كانت متطورة بشكل ملحوظ عن سابقاتها، لكنها لا تلبي مطالب الحركة، حيث لم تنص بشكل مباشر على الوقف الكامل لإطلاق النار، حيث تضمنت جُملة «هدنة تمهيدًا لوقف إطلاق النار»، واصفًا إياها بأنها جملة مطاطية تحمل أكثر من معنى.
وأكد المصدر الذي تحدث لـ”وكالة الصحافة الفرنسية” أن «حماس» ليس لديها مانع من عقد الهدنة، ولكن مطلبها الأساسي هو «ضمانات حقيقية مكتوبة وليست شفوية، بعدم استئناف الحرب بعد انقضاء فترة الهدنة”..وهو على ما يبدو كان العئق في الموافقة على الهدنة، الا انه يبدو أن واشنطن قدمت ضمانات مقبولة لدى حماس ، بضمان ذلك…
وكانت حماس ترى هناك غموضًا في بعض بنود الصفقة، أهمها أنها لم تحدد نطاق الانسحاب الإسرائيلي من غزة خلال الهدنة، والوضع الأمني لحدود القطاع مع إسرائيل، ومن الذي سوف يتولى تشغيل معبر رفح.
كما أن الورقة لا تتضمن التزام إسرائيلي بتسهيل عمليات دخول المساعدات إلى كامل القطاع، فضلًا أنها لا تُلزم إسرائيل بعدم القيام بالعملية العسكرية على رفح.
وكالة الأنباء الفرنسية نقلت عن مسؤول مصري مطلع على المحادثات، أن «حماس» طلبت توضيحات حول بعض بنود المقترح، قبل اعلان موقفها، أهمها: عودة النازحين إلى الشمال دون شروط، حيث أن المقترح الحالي لم يوضح من سوف يُسمح له بالعودة إلى الشمال وكيف سيتم ذلك، فضلًا عن وجود ضمانات تُلزم إسرائيل بتنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق والتي تتضمن مناقشة الانسحاب التدريجي ثم الكامل من القطاع.
ووفق مصادر بالقاهرة، فقد أبدت الحركة اعتراضها على بند «عودة المدنيين إلى الشمال دون العسكريين»، وهو ما وصفته بـ«الفخ» الذي يعطي الحق لإسرائيل بالتحكم في عودة النازحين، لأن عمليًا هناك صعوبة في التمييز بين العسكريين من المقاومة والمدنيين، في الوقت الذي تتمسك الحركة بأن يكون حق العودة غير مشروط.
كما أن «حماس» طلبت إضافة كلمة «كامل» بجانب كلمة «الانسحاب» من غزة، لضمان تنفيذ انسحاب كامل للاحتلال من القطاع، في الوقت الذي أكدت المصادر أن الحركة أبدت مرونة تجاه المقترح الإسرائيلي بالانسحاب التدريجي من القطاع.
وتقوم فكرة المبادرة المصرية على أنه «إذا تعذر عقد اتفاق شامل، فليكن متدرجاً يلبي طلبات الطرفين في المرحلة الأولى، مع إرجاء القضايا محل الخلاف إلى المراحل اللاحقة.
وقال مسؤول إسرائيلي مشارك في مفاوضات صفقة التبادل بحسب هيئة البث الإسرائيلية «كان»، إنه «من المتوقع أن يغادر وفد إسرائيلي من الموساد والجيش الإسرائيلي و(الشين بيت) إلى القاهرة الثلاثاء 7 مايو»، بعد إجابة (حماس)”..
وقال مسؤولون إسرائيليون إن مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي سمح لفريق المفاوضات الإسرائيلي للمرة الأولى هذا الأسبوع، بمناقشة إطلاق سراح أقل من 40 رهينة.
ويتوقع الإسرائيليون أن تطلق «حماس» سراح 33 محتجزاً (من النساء وكبار السن وذوي الحالات الطبية الخطيرة)، وفي المقابل ستوافق إسرائيل على السماح للفلسطينيين بالعودة إلى شمال غزة (انسحاب من محور نتساريم)، لكنها لن تعلن نهاية الحرب.
بالإضافة إلى عودة النازحين إلى الشمال واحد من المطالب الرئيسية المهمة لـ«حماس»، إلى جانب وقف الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي بشكل كامل من غزة.
وتحقق المرحلة الأولى لـ«حماس» انسحاباً إسرائيلياً واسعاً وليس كاملاً من غزة وعودة النازحين، وتتبقى مسألة وقف الحرب إلى المرحلة الثانية.
ضمانات أمريكية:
ولعل ما قد يفسرموافقة حماس على الصفقة، عدة ضمانات قدمتها واشنطن لحماس..
وقدمت واشنطن ضمانات لحركة حماس، بخصوص وقف إطلاق النار الدائم في غزة، مقابل توقيعها على الاتفاق.
وحصلت الحركة على ضمانات أمريكية بإنهاء الحرب بشكل دائم، وانسحاب “الجيش الإسرائيلي” من قطاع غزة بحلول نهاية المرحلة الثالثة من الاتفاق المرتقب..
ووفق تقديرات استراتيجية، فإن الحركة قد تكتفي بهذه الضمانات، على اعتبار أن أي تعهد إسرائيلي واضح ومعلن في هذا الموضوع قد يفجر الصفقة لاعتبارات إسرائيلية داخلية محضة لها علاقة باستمرار الحكومة الحالية.
وغير مرة هدد وزيرا الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرفين، إيتمار بن غفير، والمالية بتسيلئيل سموريتش، بالانسحاب من الائتلاف الحكومي في حال إقدام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على إنهاء الحرب في غزة، في إطار أي صفقة مع حركة حماس.
وتتمسك “حماس” بضرورة إنهاء الحرب وانسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة وحرية عودة النازحين إلى مناطقهم خاصة في شمال القطاع، وإدخال مساعدات إنسانية كافية، ضمن أي اتفاق لتبادل الأسرى.
من جانبها نقلت قناة الميادين عن مصادر فلسطينية، قولها إن هناك تطورا واضحا في الورقة الأخيرة، لجهة تراجع الاحتلال عن شروطه بشأن عودة النازحين والانسحاب من غزة.
وأشارت إلى أن القضية الأهم في الورقة لحركة حماس، والتي لم تحسم، هي مسألة وقف إطلاق النار، والنص عليها بشكل صريح.
ولفتت إلى أن الورقة “شكلت أساسا جديا للمفاوضات، والتي يمكن أن تقود قريبا إلى اتفاق شامل“.
ثانيا: الاعلان عن موافقة حماس:
وجاءت موافقة حركة حماس على المقترح المعدل لاتفاق وقف اطلاق النار، الذي قدمته مصر وقطر وأمريكا، الاثنين 6 مايو الجاري، ليزيد ارتباك الجانب الصهيوني، الذي تفاجأ بموافقة حمس، في توقيت ذي دلالة … وبدأت الدوائر الاسرائيلية وكأنها تتصارع مع نفسها، وسط ترحيب من تيار المعارضة وايسار، وتشدد يميني، دفع نتانياهو إلى الذهاب نحو عملية ، يقال عنها أنها محدوودة- في رفح، للايحاء لليمين المتطرف الداعم لحكومته، بأنه مستمر في حربه، رغم الهدنة التي تلوح بالأفق.
فيما شنت أسر الأسرى الاسرائيليين في غزة، حملات هجوم وتظاهرات في مواقع استراتيجية في اسرائيل، مطالبين نتانياهو بالتجاوب مع الموافقة غير المتوقعة من قبل حماس على صفقة التبادل والتهدئة..
وقالت حماس، الإثنين 6 مايو الجاري، إن رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية أبلغ قطر ومصر بموافقة الحركة على مقترح البلدين الوسيطين بشأن اتفاق وقف إطلاق النار مع الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، في مسعى لوقف الحرب المستمرة منذ أكتوبر الماضي.
وقالت الحركة في بيان نشرته عبر موقعها الرسمي، إن “هنية أجرى اتصالاً هاتفيا مع رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومع رئيس المخابرات العامة المصرية عباس كامل، وأبلغهم بموافقة حركة حماس على مقترحهم بشأن اتفاق وقف إطلاق النار”، دون مزيد من التفاصيل.
-العودة للقاهرة لاستكمال المفاوضات بعد موافقة حماس:
والثلاثاء 7 مايو، أعلنت القاهرة عن “استكمال مفاوضات الهدنة في قطاع غزة بين كافة الأطراف” بالقاهرة، الأربعاء، بحسب ما نقلته قناة القاهرة الإخبارية الخاصة ، عن مصدر رفيع المستوى لم تذكر اسمه، غداة قبول حركة حماس بمقترح قطري مصري لوقف إطلاق النار بغزة، قابلته “إسرائيل” بالرفض قبل أن ترسل وفدها الثلاثاء لمحادثات بالقاهرة.
ومساء الثلاثاء، جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في كلمة متلفزة التأكيد على رفض “تل أبيب” لمقترح وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الذي وافقت عليه حركة حماس، الاثنين، مؤكدا تمسكه بالعملية العسكرية البرية على مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
فيما قالت المصادر السياسية المطلعة بالقاهرة، “أبلغنا ’إسرائيل’ بخطورة التصعيد في رفح”..
وكانت القناة ذاتها أفادت في وقت سابق مساء الثلاثاء 7 مايو، بأن “محادثات هدنة غزة، تجرى بحضور وفود من الدوحة وواشنطن و’حماس’، إضافة إلى الوفد الأمني المصري“.
وفي وقت سابق الثلاثاء، وصل الوفد الإسرائيلي المفاوض إلى القاهرة، وسط تظاهرات أمام وزارة الحرب في “تل أبيب” تطالب بمنحه صلاحيات كبيرة من أجل التوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.
فيما ادعى مكتب نتنياهو أن المقترح الذي وافقت عليه حركة حماس “بعيد كل البعد عن تلبية متطلبات” تل أبيب .
- الكرة في ملعب نتانياهو:
ووفق مصادر مصرية، فحماس وافقت على مقترح الوسطاء، بعد أن أخذت منهم ضمانات بعدم تغييره، وأن موقف الحركة بالموافقة على المقترح المقدم، سيتغير إذا تم تعديل الاتفاق، وقد تنسحب الحركة منه.
فيما أكد القيادي في الحركة، أسامة حمدان، في مؤتمر صحفي في بيروت: “نؤكد أن العملية العسكرية في رفح إذا أقدم عليها العدو لن تكون نزهة لجيش الاحتلال “.
وأضاف “الكرة في ملعب نتنياهو وأركان حكومته” معتبرا أن المقترح الأحدث لوقف إطلاق النار الذي وافقت عليه حماس “يمثل الحد الأدنى الذي يستجيب لمطالب شعبنا ومقاومتنا حيث تعاملت الحركة مع مقترح الوسطاء بمرونة عالية وقدمت تنازلات محسوبة ضمن هذا الحد الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم التنازل عنه أو التفريط في جزء منه“.
مؤكد أن الكرة باتت الآن في ملعب كل من إسرائيل والإدارة الأمريكية لأن النص الذي وافقنا عليه اعتمدته واشنطن..
وأضاف أن “موافقة الحركة على مقترح الوسطاء في مصر وقطر، هو نتيجة لمفاوضات طويلة وصعبة ومعقدة ومتواصلة طيلة الأسابيع والأشهر الماضية..
ولفت إلى أنه خلال مراحل المفاوضات “عُرضت مقترحات عديدة، لم تكن تلبي شروط المقاومة، ولا مطالب شعبنا الوطنية، وقد تمسكنا بمطالبنا، وأبدينا المرونة حيث لزم ذلك“.
ووصلت وفود عدة إلى العاصمة المصرية القاهرة، الثلاثاء، لاستئناف التفاوض بغية الوصول إلى وقف لإطلاق النار في غزة، بعد يوم من موافقة حركة المقاومة الإسلامية “حماس” على مقترح قالت دولة الاحتلال إنه لا يلبي مطالبها.
في المقابل، قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان الثلاثاء: “قرر كابينت الحرب (المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية) بالإجماع، أن إسرائيل ستواصل العملية في رفح من أجل ممارسة الضغط العسكري على حماس، بغية الإفراج عن مخطوفينا وتحقيق أهداف الحرب قدما“.
وأضاف: “في موازاة ذلك، وعلى الرغم من أن مقترح حماس بعيد عن مطالب إسرائيل الضرورية، سترسل إسرائيل وفدا إلى الوسطاء من أجل استنفاد إمكانية التوصل إلى اتفاق بشروط ستكون مقبولة على إسرائيل“.
ثالثا: بنود الاتفاق:
ونص الاتفاق الذي وافقت عليه حماس بعد أن أضافت له شرط وقف الحرب بشكل كامل، ورفع الحصار عن قطاع غزة:
ويهدف الاتفاق الإطاري إلى إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين الموجودين في قطاع غزة من مدنيين وجنود سواء كانوا على قيد الحياة أم غير ذلك ومن جميع الفترات والأزمنة مقابل أعداد من الأسرى في السجون الإسرائيلية يتم الاتفاق عليها، والعودة إلى الهدوء المستدام وبما يحقق وقف إطلاق النار الدائم، وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وإعادة الإعمار.
3 مراحل حاكمة:
ويتكون الاتفاق الإطاري من 3 مراحل متصلة ومترابطة، وهي على النحو التالي:
-المرحلة الأولى :42 يوماً:
ويتم فيها الوقف المؤقت للعمليات العسكرية المتبادلة بين الطرفين، وانسحاب القوات الإسرائيلية شرقاً وبعيداً عن المناطق المكتظة بالسكان إلى منطقة بمحاذاة الحدود في جميع مناطق قطاع غزة بما في ذلك وادي غزة – (محور نتساريم ودوار الكويت) ..
وأيضا، وقف الطيران (العسكري والاستطلاع) في قطاع غزة لمدة 10 ساعات في اليوم، ولمدة 12ساعة في أيام إطلاق سراح المحتجزين والأسرى.
وعودة النازحين إلى مناطق سكناهم والانسحاب من وادي غزة (محور نتساريم ودوار الكويت).
وفي اليوم الثالث ، وبعد إطلاق سراح 3 من المحتجزين) تنسحب القوات الإسرائيلية بالكامل عن شارع الرشيد شرقاً حتى شارع صلاح الدين، وتفكيك المواقع والمنشآت العسكرية في هذه المنطقة بالكامل، والبدء بعودة النازحين إلى مناطق سكناهم (بدون حمل سلاح أثناء عودتهم)، وحرية حركة السكان في جميع مناطق القطاع، ودخول المساعدات الإنسانية من شارع الرشيد من اليوم الأول ودون معوقات.
وفي اليوم الـ 22 (بعد إطلاق سراح نصف المحتجزين المدنيين الأحياء بمن فيهم المجندات) تنسحب القوات الإسرائيلية من وسط القطاع (خاصة محور الشهداء نتساريم، ومحور دوار الكويت) شرق طريق صلاح الدين إلى منطقة قريبة بمحاذاة الحدود، وتفكيك المواقع والمنشآت العسكرية بالكامل، واستمرار عودة النازحين إلى أماكن سكناهم شمال القطاع، وحرية حركة السكان في جميع مناطق القطاع.
والبدء من اليوم الأول بإدخال كميات مكثفة وكافية من المساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة والوقود ” 600 شاحنة يومياً على أن تشمل 50 شاحنة وقود، منها 300 للشمال” بما في ذلك الوقود اللازم لتشغيل محطة الكهرباء والتجارة والمعدات اللازمة لإزالة الركام، وإعادة تأهيل وتشغيل المستشفيات والمراكز الصحية والمخابز في كل مناطق قطاع غزة، واستمرار ذلك في جميع مراحل الاتفاق.
تبادل المحتجزين والأسرى بين الجانبين:
وخلال المرحلة الأولى، تطلق حماس سراح 33 من المحتجزين الإسرائيليين (أحياء أو جثامين) من نساء (مدنيات ومجندات) (وأطفال) دون سن الـ 19 من غير الجنود (وكبار السن) فوق سن الـ 50 والمرضى والجرحى المدنيين، بمقابل أعداد من الأسرى في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، وذلك وفقاً للتالي:
• تطلق حماس سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين الأحياء من النساء المدنيات والأطفال(دون سن الـ 19 من غير الجنود)، بالمقابل تطلق إسرائيل سراح 30 من الأطفال والنساء مقابل كل محتجز(ة) إسرائيلي(ة) يتم إطلاق سراحهم، بناءً على قوائم تقدمها حماس حسب الأقدم اعتقالاً.
• تطلق حماس سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين الأحياء كبار السن (فوق سن الـ 50 عاماً) والمرضى والجرحى المدنيين، بالمقابل تطلق إسرائيل سراح 30 أسيراً من كبار السن(فوق الـ50 عاماً)والمرضى مقابل كل محتجز(ة) إسرائيلي(ة)، بناءً على قوائم تقدمها حماس حسب الأقدم اعتقالاً.
• تطلق حماس سراح جميع المجندات الإسرائيليات اللواتي على قيد الحياة، بالمقابل تطلق إسرائيل سراح 50 أسيرا من سجونها مقابل كل مجندة إسرائيلية يتم إطلاق سراحها (30 مؤبداً، 20 أحكام)، بناءً على قوائم تقدمها حماس.
جدولة تبادل المحتجزين والأسرى بين الطرفين في المرحلة الأولى:
• تطلق حماس 3 من المحتجزين الإسرائيليين في اليوم الثالث للاتفاق وبعد ذلك تطلق حماس سراح 3 محتجزين آخرين كل سبعة أيام بدءًا بالنساء ما أمكن ذلك (المدنيات والمجندات). وفي الأسبوع السادس تطلق حماس سراح جميع من تبقى من المحتجزين المدنيين الذين تشملهم هذه المرحلة، بالمقابل تطلق إسرائيل سراح العدد المتفق عليه من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، وفق القوائم التي ستقدمها حماس.
• بحلول اليوم السابع (ما أمكن ذلك) ستقوم حماس بتقديم معلومات عن أعداد المحتجزين الإسرائيليين الذين سيتم الإفراج عنهم في هذه المرحلة.
• وفي اليوم الـ 22، يطلق الجانب الإسرائيلي سراح جميع أسرى صفقة شاليط الذين تم إعادة اعتقالهم.
• في حال لم يصل عدد المحتجزين الإسرائيليين الأحياء المنوي الإفراج عنهم إلى العدد 33، يستكمل العدد من الجثامين من نفس الفئات لهذه المرحلة، بالمقابل، تطلق إسرائيل سراح جميع من تم اعتقالهم من قطاع غزة بعد 7 أكتوبر 2023م من النساء والأطفال(دون سن الـ 19) على أن يتم ذلك في الأسبوع الخامس من هذه المرحلة.
• ترتبط عملية التبادل بمدى الالتزام ببنود الاتفاق، بما فيها إيقاف العمليات العسكرية المتبادلة، وانسحاب القوات الإسرائيلية، وعودة النازحين ودخول المساعدات الإنسانية.
• إتمام الإجراءات القانونية اللازمة التي تضمن عدم اعتقال الأسرى المحررين الفلسطينيين استناداً لنفس التهم التي اعتقلوا عليها سابقاً.
• لا تشكل مفاتيح المرحلة الأولى المبينة أعلاه أساسا للتفاوض على مفاتيح المرحلة الثانية.
• رفع الإجراءات والعقوبات التي تم اتخاذها بحق الأسرى والمعتقلين في سجون ومعسكرات الاعتقال الإسرائيلية بعد 7 أكتوبر 2023، وتحسين أوضاعهم بما في ذلك من تم اعتقالهم بعد هذا التاريخ.
• بما لا يتجاوز اليوم الـ 16 من المرحلة الأولى، يتم البدء بمباحثات غير مباشرة بين الطرفين بشأن الاتفاق على تفاصيل المرحلة الثانية من هذا الاتفاق فيما يتعلق بمفاتيح تبادل الأسرى والمحتجزين من الطرفين (الجنود وما بقي من الرجال)، على أن يتم الانتهاء والاتفاق عليها قبل نهاية الأسبوع الخامس من هذه المرحلة.
• قيام الأمم المتحدة ووكالاتها بما فيها الأونروا والمنظمات الدولية الأخرى بأعمالها في تقديم الخدمات الإنسانية في كل مناطق قطاع غزة، واستمرار ذلك في جميع مراحل الاتفاقية.
• البدء بإعادة تأهيل البنية التحتية (الكهرباء والماء والصرف الصحي والاتصالات والطرق) في جميع مناطق قطاع غزة، وإدخال المعدات اللازمة للدفاع المدني، ولإزالة الركام والأنقاض، واستمرار ذلك في جميع مراحل الاتفاقية.
• تسهيل إدخال المستلزمات والمتطلبات اللازمة لاستيعاب وإيواء النازحين الذين فقدوا بيوتهم خلال الحرب (ما لا يقل عن 60 ألف مسكن مؤقت – كرفان- و200 ألف خيمة).
• بدءًا من اليوم الأول من هذه المرحلة يسمح لعدد متفق عليه (لا يقل عن 50) من العناصر العسكرية الجرحى بالسفر عن طريق معبر رفح لتلقي العلاج الطبي، وزيادة أعداد المسافرين والمرضى والجرحى من خلال معبر رفح ورفع القيود عن المسافرين وعودة حركة البضائع والتجارة دون قيود.
• البدء في الترتيبات والخطط اللازمة لعملية إعادة الإعمار الشامل للبيوت والمنشآت المدنية والبنية التحتية المدنية التي دمرت بسبب الحرب وتعويض المتضررين بإشراف عدد من الدول والمنظمات من ضمنها مصر وقطر والأمم المتحدة.
• جميع الإجراءات في هذه المرحلة بما يشمل الوقف المؤقت للعمليات العسكرية المتبادلة، والإغاثة والإيواء، وانسحاب القوات، الخ، تستمر في المرحلة الثانية لحين إعلان الهدوء المستدام (وقف العمليات العسكرية والعدائية).
-المرحلة الثانية :42 يوماً:
• الإعلان عن عودة الهدوء المستدام (وقف العمليات العسكرية والعدائية) وبدء سريانه قبل البدء بتبادل المحتجزين والأسرى بين الطرفين – جميع من تبقى من الرجال الإسرائيليين الموجودين على قيد الحياة (المدنيين والجنود) – مقابل عدد يتفق عليه من الأسرى في السجون الإسرائيلية ومن المعتقلين في معسكرات الاعتقال الإسرائيلية، وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل خارج قطاع غزة.
المرحلة الثالثة “42 يوماً”:
• تبادل جثامين ورفات الموتى لدى الجانبين بعد الوصول لهم والتعرف عليهم.
• البدء في تنفيذ خطة إعادة إعمار قطاع غزة لمدة من 3 إلى 5 سنوات بما يشمل البيوت والمنشآت المدنية والبنية التحتية، وتعويض المتضررين كافة بإشراف عدد من الدول والمنظمات منها مصر وقطر والأمم المتحدة.
• إنهاء الحصار الكامل عن قطاع غزة.
الضامنون للاتفاق:
ونص الاتفاق على أن قطر ومصر والولايات المتحدة، والأمم المتحدة، هم الضامنوون للاتفاق.
وتقدر تل أبيب وجود 133 أسيرا إسرائيليا في غزة، فيما أعلنت حماس مقتل 70 منهم في غارات عشوائية شنها الاحتلال، والذي يحتجز في سجونه ما لا يقل عن 9 آلاف و500 فلسطيني.
وتواصل دولة الاحتلال العدوان على غزة، رغم صدور قرار من مجلس الأمن بوقف القتال فورا، وكذلك رغم طلب محكمة العدل الدولية منها اتخاذ تدابير فورية لمنع وقوع “إبادة جماعية”، وتحسين الوضع الإنساني بغزة.
رابعا: تداعيات اعلان موافقة حماس على الاتفاق:
- مراوغة نتانياهو:
وعلى الرغم من الموافقة غير المتوقعة والمرونة التي أبدتها حماس، إلا أن مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعلن، الإثنين 6 مايو ، إن مقترح الهدنة وتبادل الأسرى الذي وافقت عليه “حماس”: “بعيد كل البعد عن تلبية متطلبات” دولة الاحتلال، فيما أجمع مجلس حرب الاحتلال على مواصلة العملية العسكرية برفح.
وأضاف المكتب عبر بيان، أن إسرائيل “سترسل، رغم ذلك، وفدا للقاهرة لاستنفاد إمكانية التوصل إلى اتفاق بشروط مقبولة” بشأن تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.
وأشار البيان إلى أن مجلس الحرب الإسرائيلي قرر بـ”الإجماع استمرار العملية العسكرية في مدينة رفح”، جنوبي قطاع غزة؛ بدعوى “ممارسة الضغط على حماس لإطلاق سراح المختطفين وتحقيق أهداف الحرب الأخرى“.
ونفّذت قوات الاحتلال الإسرائيلي، ضربات جوية مكثّفة على رفح مساء الاثنين، بعدما شددت على دعوتها للسكان إخلاء شرق المدينة الواقعة في جنوب غزة.
وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه شن هجوما مباغتا على أهداف لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” في منطقة شرق رفح.
وفي وقت مبكر من يوم الاثنين، بدأت قوات الاحتلال بإجلاء مناطق واسعة شرق محافظة رفح، تمهيدا لبدء عدوان بري، عقب سلسلة من عمليات القصف الليلي المتواصل، والتي أسفرت عن عشرات الشهداء والجرحى.
ونشر المتحدث باسم جيش الاحتلال، أفيخاي أدرعي خريطة للمناطق التي هدد “الجيش” باجتياحها، وتقع في المنطقة الشرقية من رفح، وتشمل محيط معبر رفح، الذي يعد المنفذ الوحيد للفلسطينيين نحو الخارج.
وما بين التصعيد العسكري، والمماطلة الاسرائيلية ، تقف حكومة نتانياو منقسمة، بين مستقبلها المهدد لو ذهبت للاتفاق، وبين فشلها الذريع باستمرار القتال والعدوان، الذي افقد اسرائيل كثيرا من حلفائها في العالم أجمع، مع عدم تحقيق انجاز اساس بالقضاء عل حماي او اعادة اسراها من غزة…لذا فالمراوغة بين الفعل السياسي ، بارسال وفدها للقارة لاكمال التفاوض حول الصفقة، وبين التصريحات الاعلامية والتحركات العسكرية في رفح…
- انكشاف الفشل السياسي لنتانياهو:
ويمكن تفسير الموقف الاسرائيلي، الهارب من استحقاق الاتفاق السياسي حول صفقة تبادل وتهدئة في غزة، بأنه محاولة للتغطية على الفشل الذي منيت به حملة نتانياهو على غزة، وهو ما بات متداولا بالفعل في الاوساط السياسية الاسرائيلية والدولية أيضا..
اذ ما زالت صدمة السابع من أكتوبر تلقي بثقلها على الواقع المرير الذي يعيشه الاحتلال منذ سبعة أشهر، ولا يملك القدرة على تغييره، فالحرب الحالية مع حماس لن تنهي الصراع التاريخي الدموي بين الفلسطينيين ومحتليهم، بحسب دبلوماسي إسرائيلي سابق.
آفي غيل المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، والباحث بمعهد سياسة الشعب اليهودي (JPPI)، أكد أن “الأولوية الأساسية أمام الاحتلال يجب أن تكون استعادة الأسرى من عند حماس التي تصرّ على تضمين “نهاية الحرب” في الاتفاق الذي سيؤدي لإطلاق سراحهم من بين أيديها، كما أنها تطالب بضمانات دولية بأن الاحتلال لن ينتهك هذا الاتفاق، رغم أن الحركة ليست ساذجة إلى الحدّ الذي تضع معه ثقتها في مثل هذه الضمانات، وكأنها تملك القدرة على منع الاحتلال من استغلال أول فرصة تقع في يديها للقضاء على قادتها“.
وأشار إلى أن “رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يرفض الاعتراف بالحقيقة التي يفهمها قادة حماس جيداً، وهي أن أمامنا المزيد من جولات القتال، هذا هو مصير الفلسطينيين والإسرائيليين، طالما أن قادتهم يسعون للنصر الكامل، ويرفضون التسوية المقبولة عليهما، لاسيما نتنياهو الذي يعارض مثل هذه التسوية، لا يستطيع لأسباب شخصية أن يقبل الاستنتاج الوحيد الذي يترتب على غيابها، وتعني المزيد والمزيد من جولات القتال، وهو غير قادر على الاعتراف بأن جولة القتال الحالية تحت قيادته انتهت بفشل ذريع، وهكذا يتمسك بوهم “النصر المطلق”، لأنه يطيل أمد الحرب، ويبعده عن الانكشاف كزعيم فاشل” .
وأكد ، في مقال نشره موقع “واللا” الاسرائيلي أن “الوهم الإسرائيلي بتدمير حماس على وشك أن يتحطم، لسبب بسيط، وهو أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لا يمكن إنهاؤه من خلال القرار العسكري، بل من خلال التسوية السياسية فقط، وهو حلّ الدولتين، ومن دون أفق سياسي يمكن الاعتماد عليه، فإن الجولة المقبلة من القتال لن تكون سوى مسألة وقت، أما وهم “النصر المطلق”، فهو فقط يحمي عرش نتنياهو، ويمنع المختطفين من العودة لمنازلهم، ولذلك فقد رفض أي مقترح لإعادتهم، بزعم أن ذلك يجب أن يسبقه تحقيق تفكيك حماس، وعدم وجود أي وسيلة لإجراء مفاوضات معها، بزعم أن الاحتلال يريد محوها عن وجه الأرض”.
- تصعيد سياسي من نتانياهو لتعظيم مكاسبه عبر ابراز 6 نقاط خلافية:
وكانت وسائل إعلام عبرية كشفت عن البنود التي رفضها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو في اتفاق وقف إطلاق النار الذي وافقت عليه حركة حماس الاثنين.
وكشفت قناة “كان” الرسمية، نقاط الخلاف في المقترح الجديد من وجهة نظر إسرائيل وهي كالتالي:
1– حماس لم تلتزم بالإفراج عن 33 أسيرًا إسرائيليًا من الأحياء، بل أحياء أو أموات.
2– حماس لم توافق على وجود فيتو إسرائيلي على قائمة الأسرى الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم وقدمتها الحركة.
3– حماس ترفض إبعاد الأسرى الفلسطينيين المُفرج عنهم إلى خارج فلسطين أو إلى قطاع غزة.
4– حماس توافق على الإفراج عن 3 أسرى إسرائيليين كل أسبوع، فيما تطالب إسرائيل بالإفراج عن 3 أسرى كل 3 أيام.
5– حماس تقترح بأن يكون الإفراج عن أول 3 أسرى إسرائيليين في اليوم الثالث من دخول الاتفاق حيز التنفيذ، وهذا يعني بقاء الأسرى الإسرائيليين في يدها حتى نهاية المرحلة الأولى من الصفقة.
6– تلتزم إسرائيل بالبدء بمحادثات حول وقف النار الدائم في اليوم الـ16 من المرحلة الأولى، وهو ما ترفضه إسرائيل أو على الأقل نتنياهو شخصيًا.
- انقسام داخلي باسرائيل:
وبدت الحكومة الإسرائيلية مرتبكة حيال رد حماس على مقترح الوسطاء القطريين والمصريين والولايات المتحدة، بشأن التهدئة وصفقة التبادل، وهو رد عمق الشرخ والاستقطاب السياسي بالخارطة الحزبية لدى إسرائيل، والتباين بالمواقف من سير الحرب على غزة وأولويات إعادة الأسرى.
وفي محاولة من حكومة نتنياهو تصدير الأزمة الداخلية عقب رد حماس، سارع الجيش الإسرائيلي -بحسب مراقبين، وبناء على تعليمات المستوى السياسي- إلى تنفيذ عملية برية محدودة شرق رفح، وسط غارات مكثفة وقصف مدفعي عنيف، في رسائل داخلية وخارجية تحمل تناقضات.
ووسط الترحيب الإقليمي والدولي على رد حماس وموقفها الإيجابي من مقترح الوسطاء للتهدئة، بدت إسرائيل منقسمة على ذاتها بكل ما يتعلق في إبرام صفقة تبادل حتى لو كان الثمن وقف إطلاق النار، حيث سارع مجلس الحرب المنبثق عن حكومة الطوارئ إلى الإعلان عن بدء التوغل البري في رفح، كوسيلة ضغط عسكرية مكثفة على حماس في المفاوضات.
- هامش المناورة يتقلص أمام نتانياهو:
ويرى خبراء أن إعلان مجلس الحرب عكس في طياته التناقضات والخلافات بالمشهد السياسي الإسرائيلي حيال أولويات الحرب وما إذا حققت الحرب الأهداف المعلنة، وكذلك الموقف الضبابي لحكومة الطوارئ من موافقة حماس على التهدئة وصفقة التبادل، وهو الموقف الذي وضع نتنياهو على مفترق طرق، حيث يسعى للتنصل من استحقاقات التهدئة التي قد تفرضها الضغوطات الدولية والإدارة الأميركية.
وفي محاولة من نتنياهو للتقليل من الإنجاز الإستراتيجي الذي حققته حماس بقبول مقترح التهدئة، ولكي لا يترسخ الانطباع بالمجتمع الدولي أن إسرائيل هي التي تعرقل مفاوضات التهدئة، وترفض وقف إطلاق النار وصفقة التبادل، وافق مجلس الحرب على إرسال الوفد الإسرائيلي إلى العاصمة المصرية للتفاوض مع الوسطاء لاستنفاذ إمكانية التوصل إلى اتفاق بشروط إسرائيل، على ما أفادت صحيفة “هآرتس“.
وتعمد مكتب نتنياهو القول إن “اقتراح حماس بعيد عن مطالب إسرائيل” وهو ما يضع نتنياهو -وفقا لإجماع المحللين الإسرائيليين- ما بين خيار قبول مقترح الوسطاء ورد حماس أو مواصلة المناورة في هامش يتقلص، والتعنت باستمرار الحرب والتضحية بالأسرى لتجنب تفكك ائتلاف حكومته.
– تفكك حتمي للائتلاف الحكومي:
وأمام تصاعد احتجاجات عائلات الأسرى، وتجدد أصوات عائلات الجنود القتلى في معارك إسرائيل التي تطالب حكومة نتنياهو بالاستمرار بالحرب وعدم الرضوخ لحماس، رجحت التحليلات أن نتنياهو قد يتجه إلى تكثيف العملية العسكرية في رفح لإرضاء شركائه بالائتلاف ومنع تفكك حكومته، في حال استجاب للضغوطات وقبل مقترح الوسطاء واعتبر موافقة حماس على التهدئة وصفقة التبادل.
وفي قراءة أولية للردود والمواقف الإسرائيلية من قبول حماس مقترح وقف إطلاق النار، يقول أمير مخول الباحث في مركز “التقدم العربي للسياسات” والمختص بالشؤون الإسرائيلية “يبدو أنه انسحب البساط من تحت حكومة نتنياهو التي تترنح نحو خط النهاية“.
وقدر الباحث -في حديث للجزيرة نت- أن نتنياهو يقترب من نهاية مساحات المناورة ونهاية الحرب على غزة، وهو ما يشير إلى اشتعال الصراعات السياسية الداخلية. وعليه، لا يستبعد أن تصدر حكومة نتنياهو أزماتها الداخلية نحو اعتماد سياسة تكثيف العدوان السريع والطلقة الأخيرة على رفح، في محاولة لمنع تفكك وانهيار الحكومة.
“التوغل البري في رفح يمكن أن يكون طوق نجاة مؤقتا لحكومة نتنياهو، لكنه لن يجديها نفعا ولن ينقذها من التصدع والتفكك، بحيث لن يحقق نتنياهو وحكومته انتصاره الموعود الذي أكد أنه على بعد خطوة، في وقت لا يملك منافسو نتنياهو بديلا نحو حلول سياسية، وعليه من المتوقع انتخابات قريبة للكنيست قد تكون الخريف المقبل” يضيف مخول.
ومن وجهة النظر الإسرائيلية، يرى المراسل السياسي لصحيفة “يديعوت أحرونوت” إيتمار آيخنر أن إسرائيل تشعر بخيبة أمل من الولايات المتحدة، وسط مخاوف لدى حكومة نتنياهو من مغبة موافقة واشنطن على وقف إطلاق النار، حيث تم وصف مقترح التهدئة بـ”الفخ” الذي يهدف إلى الترويج وتصوير إسرائيل على أنها رافضة للتهدئة وصفقة التبادل.
وتتصاعد حالة من الغضب في إسرائيل من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الذي أعطى الضوء الأخضر لمدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) وليام بيرنز، وذلك لصياغة اتفاق وقف إطلاق النار.
وترى دوائر اسرائيلية، أن الانطباع بإسرائيل، يقوم على أن واشنطن طبخت هذه الخطوة ووعدت الوسطاء فعليا بضمانات بشأن نهاية الحرب، وهو الأمر الذي لم يكن مقبولا لدى إسرائيل التي ستواصل العمل من أجل التوصل إلى صفقة تبادل، بالتزامن مع الحرب في رفح..
وفي الوقت الراهن تتصاعد فجوات كبيرة جدا في رد حماس، الذي لا يتماشى مع الاقتراح المصري الذي قبلته إسرائيل التي اضطرت إلى انتداب وفد إلى القاهرة بغية التحقق مما إذا كان من الممكن سد الفجوات.
وبعيدا عن المسار السياسي والفجوات الإسرائيلية المزعومة في المفاوضات، يعتقد المراسل العسكري للقناة 12 الإسرائيلية، نير دفوري، أن العملية العسكرية في رفح بمثابة محاولة لتليين مواقف حماس، مشيرا إلى أنه بحسب الخطة العملياتية للجيش، فإن إسرائيل ستقوم بتوغل متدرج في رفح.
وأوضح أن العملية المتدرجة في رفح بالتوازي مع استمرار المفاوضات في القاهرة بحضور الوفد الإسرائيلي، يمكن وقفها في أي لحظة مطلوبة إذا حدث تطور إيجابي حقيقي من وجهة نظر إسرائيل في المفاوضات، وفي سياق صفقة إطلاق سراح الأسرى، وختم “أي تحرك عسكري في رفح، يجب أن يكون مدعوما بخطوة سياسية، وإلا فلن يكون من الممكن التوصل إلى النتيجة المرجوة: إطلاق المحتجزين وإلحاق الضرر بحماس”.
خامسا: دلالات اعلان المقاومة القبول بالهدنة وصفقة التبادل:
- نجاح المقاومة بإدارة معركة الحرب والسياسة:
رغم مرارة الخسائر البشرية والمادية في قطاع غزة ، إلا أن المقاومة وثباتها كشفت هشاشة اسرائيل عسكريا، وتناحره الاجتماعي، وتمزقه السياسي..
ما مكَّن المقاومة من توظيف عوامل ضعف الاحتلال إلى أدوات ضاغطةٍ عليه ، وتحقيق انتصار سياسي للمقاومة، حربا ومفاوضات.. بما يوازي الهزيمة الإستراتيجية التي لحقت بالعدو في السابع من أكتوبر الماضي.
وقد نجحت المقاومة في استخدام صد العدوان والقتال لمنح الغطاء السياسي والأفضلية للمفاوضين الذين خاضوا معركة سياسية هائلة وشديدة الضراوة على أرضية بسطتها لهم المقاومة بصلابتها وشهدائها..
تحركت المقاومة في عملياتها الداعمة للمفاوضين على محورين شديديْ الأهمية؛ محور الحفاظ على الأسرى بين أيديها، ومحور تدريج الضغط بنشر صورهم وفيديوهاتهم، مستغلة إما تصاعد الحراك في الداخل المحتل، أو لتحريك الشارع الصهيوني في لحظات التفاوض الهامة التي يتعنت فيها المفاوض الإسرائيلي، وفعلت ذلك ببراعة على مدار أسابيع وشهور المعركة.
وأخذت مسألة الحفاظ على الأسرى أهميتها من أنها جعلت الشارع الإسرائيلي ييأس من الوصول إلى حل لاستعادة المأسورين، ما جعل الحكومة وجيشها واستخباراتها وجميع الأجهزة موضع شك وتساؤل عن مدى كفاءتها، خاصة أن العديد من الأسرى ذهبوا إلى العلاج في مستشفيات القطاع التي تعج بآلاف الجرحى، كما خرج بعضهم للتبادل وعاد آسروهم إلى أماكنهم، لكن الكفاءة الاستخباراتية للمقاومة استطاعت إخراج المرضى وإعادتهم دون الوصول إليهم، واستطاع الآسرون الخروج والدخول بمواعيد معروفة سلفا دون الوصول إلى أماكنهم أيضا، ما يدل على كفاءة استخباراتية غير عادية، وحاضنة شديدة الالتفاف حول مقاوميها لا تبوح بالسر ولا تتفوه بما يكشف أماكنهم، وما يدل أيضا على فشل ذريع للطرف الآخر.
يمتد ذلك الفشل إلى الاستخبارات الأجنبية التي شاركت في البحث مثل الأمريكية والإنجليزية، وكِلا الدولتين قررتا، فيما يبدو، عدم تعظيم إعلان المشاركة في عمليات البحث حتى لا يطالهم الوصم بالفشل أمام استخبارات حركة لا دولة عظمى، ما سيسبب لأجهزة الدولتين حرجا واسعا، نظرا لمساحة القطاع المحدودة وحجم الدمار والتهجير ما يسهل عملية البحث، وبهذا استطاعت المقاومة أن تجعل الورقة الأهم في يد المفاوضين محفوظة، وفي الوقت ذاته زادت الضغط على المستوى السياسي الصهيوني في مجلس حربه والشارع على السواء.
وتوجت المقاومة -وفي القلب منها حركة حماس- مسيرتها التفاوضية بإعلانها الموافقة على المقترح المصري القطري، مساء الاثنين (6 مايو دون مقدمات، بل إن أحد المصادر المصرية صرح لقناة القاهرة الإخبارية بأن الحركة تتحمل فشل المفاوضات بهجومها على معبر كرم أبو سالم، وبغض النظر عن هذا التحميل العبثي لعملية واحدة مقابل عشرات الآلاف من القتلى، فإن الدلالة أن الحركة فاجأت الجميع وفي القلب العدو الصهيوني.
- نجاح ضغوط الشارع الأمريكي على بايدن والدجر من حكومة نتانياهو :
ولعل ما دفع نحو نجاعة توقيت اعلان حماس الموافقة على الهدنة، التدخل الأمريكي وضغوطه على الجانب الاسرائيلي ، ووصل الأمر لتعديله في مقترح الهدنة دون الرجوع إلى نتانياهو، وهو ما أرضى حماس، وساعد في قبولها باللهدنة..
ويُقال في دولة الاحتلال إن الأمريكيين عدَّلوا في المقترح الذي وافقت عليه المقاومة الفلسطينية دون الرجوع إلى كيان الاحتلال، وكان تعليق أحد المسؤولين الصهاينة أنهم أخطأوا بعدم إرسالهم وفدهم التفاوضي إلى القاهرة في الجولة الأخيرة، وحدثت التعديلات بمعزل عنهم…
وإن صحت هذه الرواية (وهذا غير مستبعد) فإن الأمريكيين وصلوا إلى مرحلة من التململ من الأوضاع في المنطقة، فضلا عن الاضطرابات الداخلية نتيجة تصاعد دعم الفلسطينيين داخل الجامعات الأمريكية، فقرروا توريط نتنياهو وجره إلى مسار الصفقة والبحث فيما بعد عن كيفية عزل حماس عن الحكم في القطاع، وربما تصفية قادتها.
- الذهاب للتصعيد العسكري برفح محاولة لاظهار نصر سياسي لنتانياهو:
ومع اتجاه نتانياهو للتصعيد في رفح، عبر عملية عسكرية محدودة، كما يردد الاعلام الصهيوني، يمثل محاولة للفرار من الهزيمة، واليوم التالي لانتهاء الحرب ، وتوقيفه للمساءلة والمقاضاة..
وربما يريد نتنياهو أن يقفز قفزة للأمام بتلك العملية في محاولة بائسة للضغط على جميع الأطراف، والتأكيد أنه خارج أي ضغوط أو إملاءات، لكن قفزته ستكون في الهواء، فقد انطلقت الرصاصة الفلسطينية بإعلان حماس الموافقة على الهدنة، ولا يمكن ردها، وأصبح الاحتلال هو المسؤول عن إفشال وقف إطلاق النار أمام العالم، وأمام عائلات الأسرى الصهاينة، ومحاولة فرض تغييرات على طاولة المفاوضات أصبحت شديدة الصعوبة… فالوضع الآن أصبح إما قبول الاتفاق الذي رعته أمريكا، أو إنهاء المفاوضات تماما، والحالة الأخيرة خيار مرفوض مع تصاعد التوترات الداخلية في أوروبا وأمريكا بسبب زيادة التعاطف مع الفلسطينيين.
- وضع نتنياهو وحكومته وجيشه أمام مسأئلة شديدة من الشارع الاسرائيلي:
ومع اعلان حماس قبول الهدنة، أصبح الخوف داخل الكيان متزايدا بأن نهاية الحرب ستحمل اتهامات لا تطال نتنياهو وحده بل قيادة الجيش معه، ما يفسر سبب التواطؤ بينهما على استمرار الحرب، وسيكون وقف القتال صعبا إذا اتفق المكونان السياسي والعسكري على استمرار الحرب. وبالطبع سيكون قادة المؤسسات السياسية والأمنية والعسكرية في منازلهم في اليوم التالي لإنهاء العدوان، ما يجعل القتال الهمجي والعبثي الحالي في القطاع مجرد دفْع للصهاينة في أتون حرب لا ينتفع منها إلا قادة كيانهم في تأمين مستقبلهم بعد الحرب، خاصة امتيازات السفر والتنزه في أوروبا وأمريكا بعيدا عن المطالبات الجنائية الدولية.
- زيادة المأزق الإسرائيلي:
أدت موافقة حركة حماس المفاجئة على الهدنة، إلى زيادة المأزق الإسرائيلي، إذ ستؤدي موافقة حماس ورفض نتنياهو ومجلس الحرب للعرض المصري إلى زيادة الضغط الداخلي على نتنياهو ومجلسه، لأنه سيظهر مسؤولا أمام جمهوره عن تعطيل تبادل الأسرى الفلسطينيين مع الأسرى “الإسرائيليين” في قطاع غزة. ويختلف الأمر هذه المرة عن الفصول السابقة من المفاوضات، لأن وسائل الإعلام كانت تشيع أن العرض المصري مقبول أو قريب جدا من الموافقة “الإسرائيلية”، فيما كانت مصادر “حماس” توكد على مواقفها السابقة من الهدنة في تلميح إلى أنها سترفض العرض المقدم لها. موافقة “حماس” في ظل هذه الظروف المختلفة جعلت نتنياهو مسؤولا عن تراجع فرص التهدئة، ومن وجهة نظر الجمهور “الإسرائيلي” مسؤولا عن تأخير إطلاق أسرى الاحتلال من قطاع غزة.
ولكن هذا المأزق الذي وُضع فيه نتنياهو لا يعني أنه سيضطره إلى الموافقة على العرض المصري تحت الضغط، لأن هدفه النهائي هو البقاء في الحكم وعدم الدخول للسجن بسبب محاكمات الفساد التي تنتظره، كما أنه لا يزال يتحرك بدافع الانتقام “البدائي” بعد تحمله مسؤولية الإخفاق في 7 أكتوبر.
- مأزق أمريكي:
على الصعيد الأمريكي، درجت إدارة بايدن على تحميل “حماس” مسؤولية عدم الإفراج عن الأسرى “الإسرائيليين” وعن استمرار الحرب لأنها رفضت العروض السابقة لوقف إطلاق النار. بعد موافقة حماس، ستسقط هذه الذريعة وتضع الإدارة في مأزق جديد.
ليس هذا المأزق بالطبع بسبب مزاعم واشنطن “الأخلاقية” ولكنه لأسباب براغماتية وسياسية خالصة. أولى أسباب المأزق هو قرب الانتخابات الرئاسية وعدم رغبة الإدارة باستمرار الحرب بمستواها المرتفع على موعد قريب من الاستحقاق الرئاسي، خصوصا أن “الصوت العربي والمسلم والتقدمي” بات يمثل خطرا على فرص نجاح بايدن بالفوز على ترامب.
أما السبب الثاني فهو ارتفاع مستوى التظاهرات الشعبية الرافضة للعدوان وتعمق أزمة حراك الجامعات الأمريكية، التي أظهرت مستوى القمع الهائل للشرطة، وزادت التعاطف مع الطلاب، وسببت إحراجا مزدوجا جديدا لإدارة بايدن، من قبل الرافضين لعنف الشرطة من جهة، ومن قبل ترامب الذي اتهم منافسه بالضعف، من جهة أخرى.
ثالث مظاهر المأزق الأمريكي بعد موافقة حماس على عرض الهدنة هو ظهور عجز إدارة بايدن في مواجهة نتنياهو. لقد ظهر الأخير “بارعا” في التلاعب بالإدارة، فهو يدرك أنها من ناحية استراتيجية تريد انتصارا كاملا للاحتلال في غزة رغم تصريحاتها التي تبدي خلافا مع نتنياهو، ويعلم مقدار قوة الدعم للعدوان داخل الكونجرس ومجلس الشيوخ وهو ما يحجم قدرة بايدن على الضغط، ويقرأ قوة “اللوبي الإسرائيلي” في واشنطن، ما يجعله قادرا على زيادة مأزق بايدن والتحكم بخيوط كثيرة من لعبة القرار في الإدارة الأمريكية.
- مباغتة حماس للوسيط المصري وكشف انحيازاته:
وقبل ساعات من إعلان حماس موافقتها على العرض المصري، صرح “مصدر رفيع المستوى” لقناة القاهرة الإخبارية بأن هجوم حماس على قوات الاحتلال في معبر “كرم أبو سالم” أدى إلى تعثر صفقة الهدنة. حدث هذا رغم أن مصر لم توجه اللوم خلال الأشهر الماضية لرئيس حكومة الاحتلال نتنياهو الذي كان مسؤولا عن تعثر وقف إطلاق النار بسبب إصراره على عدم الانسحاب من المناطق التي احتلها جيشه في غزة، وعدم عودة النازحين للشمال، إضافة إلى رفضه لوقف دائم للحرب حتى الآن.
أدت موافقة حماس على العرض المصري لوضع القاهرة في مأزق من عدة مظاهر. الأول، هو أن مصر يجب أن تعلن مسؤولية الاحتلال عن تعثر الصفقة بعد رفضها من قبل “مجلس الحرب”، وإلا فإن انحيازها -المعلوم للجميع- سيتأكد أمام من كان على عيونه بعض الغشاوة.
أما المظهر الثاني للمأزق المصري، فهو أنها خسرت رصيدا استراتيجيا كبيرا كانت ستحصل عليه لو تم التوصل لوقف إطلاق النار بناء على العرض الذي قدمته، بعد فشل المفاوضات لمدة أشهر.
ولكن المأزق المصري الأكبر بعد موافقة حماس فهو بسبب موقفها المخزي من هجوم الاحتلال على معبر رفح، بعد ساعات من هذه الموافقة. لقد احتل الجيش الصهيوني معبر رفح من الجهة الفلسطينية، دون مراعاة لأية اتفاقات بين تل أبيب والقاهرة (مثل كامب ديفيد واتفاقية المعابر 2005)، ودون احترام لنداءات ورفض “الحليف المصري” لعدم الاقتراب من منطقة رفح، وها هي القوات الاحتلالية تصل للحدود المصرية نفسها، وترفع العلم الاسرائيلي بصورة مستفزة على المعبر….
احتلال معبر رفح والبدء بمهاجمة المدينة بعد موافقة حماس على العرض المصري، سيجعل القاهرة في مواجهة الاحتلال مباشرة، دون وجود ذرائع بمسؤولية حماس عن الوضع -لو استمرت برفض الصفقة- وسيكون المأزق المصري كبيرا، فعدم قدرة مصر على منع الاحتلال من احتلال معبر رفح ثم المدينة نفسها، سيظهر القاهرة بمزيد من الضعف، بل وسيرى الكثيرون أنها متوافقة أصلا مع الاحتلال على هذه الخطوة.
هل يعني هذا المأزق المصري أن القاهرة ستغير موقفها؟ لا نتوقع ذلك، فقد علمتنا غزة أن الموقف العربي والمصري تحديدا لم يعد فقط غير داعم للشعب الفلسطيني، بل هو وصل لمستوى التواطؤ مع الاحتلال.
- تعميق الخلافات داخل مجلس الحرب الاسرائيلي:
وكان الوزير غانتس طالب بإجراء محادثة جماعية مع نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الموساد ديفيد برنيع للتأكد من عدم الانحراف عما تم الاتفاق عليه، مشيرة إلى أن الواقعة تعكس انعدام الثقة السائد في مجلس الحرب بين نتنياهو من جهة وغانتس وآيزنكوت من جهة أخرى.
ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي اتهامات من داخل مجلس الحرب ومن المعارضة وعائلات الأسرى بتغليب مصالحه السياسية عبر المماطلة في إبرام صفقة لاستعادة الأسرى الإسرائيليين في غزة.
وفي الإطار، قال رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان إن نتنياهو فشل ويعيش الأوهام بحديثه عن النصر الكامل في غزة، وأضاف أنه أوصل إسرائيل إلى أكبر كارثة منذ قيامها، داعيا للتركيز على كيفية إنهاء الحرب وإعادة من وصفهم بالمختطفين، بحسب ما نقلته عنه صحيفة يديعوت أحرونوت.
وفي حين يصر نتنياهو على مواصلة الحرب بعد عملية التبادل المحتملة، تشترط حركة حماس أن يؤدي أي اتفاق إلى وقف العدوان الإسرائيلي وانسحاب قوات الاحتلال من قطاع غزة.
سادسا: سيناريوهات لمستقبل الصفقة:
وأمام تلك المعطيات، يبدو مستقبل صفقة التهدئة ما زالت تحتاج لمزيد من الاتضاج، في ظل خطوة نتانياهو التصعيدية برفح، التي قد تدفع المقاومة الفلسطينية للتراجع عن موافقتها…
وكان عضو المكتب السياسي لحركة “حماس” عزت الرشق أكد في وقت سابق، بأن “أي عدوان عسكري على رفح سيفشل مسار المفاوضات“.
وقال الرشق: “أي عملية عسكرية في رفح ستضع المفاوضات في مهب الريح، وهي لن تكون نزهة لجيش العدو“.
وحمل القيادي في حركة حماس “نتنياهو وحكومته كامل المسؤولية“.
كما أكدت حركة “حماس” في بيان لها أن “الخطوات التي يتخذها الجيش الإسرائيلي، تحضيرا للهجوم على مدينة رفح المكتظة بقرابة المليون ونصف المليون من المواطنين والنازحين، وإنذاره السكان بإخلاء المناطق الشرقية منها، وسط قصف جوي ومدفعي متواصل، هو جريمة تؤكد إصرار حكومة نتنياهو على المضي في حرب الإبادة ضد الفلسطينيين، مدفوعا بحساباته السياسية المرتكزة على التهرُّب من استحقاقات أي اتفاق ينهي العدوان، دون اكتراث للكارثة الإنسانية المتواصلة في القطاع، أو لمصير أسرى العدو في غزة“.
وهو ما يضع موافقة حماس على المحك مجددا، والعودة للخيارات الصفرية، التي تؤرق عموم المنطقة..
- سيناريوهات اسرائيلية:
ووفق صحيفة “إسرائيل اليوم” ، تبدو بالأفق أربعة سيناريوهات حول صفقة تبادل قد تودي بالحكومة الإسرائيلية في حال تمت. وتابعت بأن الصفقة المرتقبة، كفيلة بأن تجلب إلى جانبها تحولات سياسية لدرجة تفكيك الائتلاف الحكومي في دولة الاحتلال.
وأشارت الصحيفة إلى عدد من السيناريوهات التي يمكن أن تحصل في الأيام المقبلة:
السيناريو الأول: حماس ترفض.. الجيش يدخل إلى رفح:
في هذا السيناريو تصر حركة حماس على أن تعلن إسرائيل عن إنهاء الحرب، بحيث يتضمن انسحابا تاما لقوات الجيش من قطاع غزة، أي أن حماس ترفض عمليا تفاصيل الصفقة.
كنتيجة لذلك، تبقى الحكومة على حالها وينظر إلى حماس كمعرقلة للاتفاق في نظر العالم، وإسرائيل تواصل خططها لعملية عسكرية في رفح.
- السيناريو الثاني: حماس توافق.. نتنياهو يقر – حكومة اليمين تتفكك:
في هذا السيناريو توافق حماس على صفقة مع تنازلات واسعة من جانب إسرائيل لكنها تتنازل عن مطلبها لإنهاء الحرب. وفي اللجنة الأمنية يؤيدون مثل هذه الصفقة إلى جانب غانتس وآيزنكوت.
إذا وافق نتنياهو أيضا عليها، فإن وزير المالية بتسالئيل سموتريتش كفيل بأن ينسحب من الحكومة وينبغي التقدير أن تهديداته حقيقية، وإن كان وضعه في الاستطلاعات غير جيد.
بالمقابل، إذا فكك سموتريتش الحكومة عقب الصفقة فإنه كفيل بأن يكسب أصواتا يمينية تعارض الصفقة فيحسن مكانته.
وسيدخل وزير الأمن القومي، المتطرف إيتمار بن غفير على الخط وينسحب من الائتلاف الحكومي.
- السيناريو الثالث: حماس توافق، رئيس الوزراء يقر – بن غفير وسموتريتش وحدهما يعارضان:
حماس وإسرائيل على حد سواء تتفقان على الصفقة، لكن بن غفير وسموتريتش يعارضانها دون أن ينسحبا من الحكومة ويعللان ذلك بأنه لا يجب تفكيك الحكومة في زمن الحرب ويتعهدان بان تتواصل الحرب بعد الهدنة.
إذا لم تتواصل الحرب فالتقدير هو أن يفكك الرجلان الحكومة لكن دون انسحاب فوري.
- السيناريو الرابع:حماس توافق.. نتنياهو يرفض – غانتس ينسحب:
في هذا السيناريو توافق حماس على الصفقة المصرية والعرض الإسرائيلي، لكن نتنياهو يرفض، الحكومة لا تسقط لكن غانتس وآيزنكوت ينسحبان ويدعيان أن نتنياهو رفض بسبب ضغوط من جانب سموتريتش وبن غفير.
وكنتيجة لذلك تتكبد الحكومة ضربة قاضية سواء من حيث شرعيتها الجماهيرية في إسرائيل كحكومة وحدة وطنية وأمام الشرعية الدولية، وينظر إلى إسرائيل كمعرقلة للاتفاق.….
خاتمة:
وتبقى الأيام المقبلة حبلى بكثير من التطورات والتكهنات، التي قد تغير المشهد السياسي تماما في الشأن الفلسطيني..وربما تقع المفاجأة بالذهاب إلى تهدئة تدفع نحوها كلا من مصر وامريكا وقطر، رغم صعوبة الأثمان السياسية التي ستدفع في اتفاق التهدئة..
مراجع:
الجزيرة نت، إسرائيل تدرس دفع “ثمن باهظ” وحماس ترد قريبا على مقترح الصفقة، 2/5/2024
العربي الجديد، اتصالات الساعات الماضية حسمت نقاطاً عالقة بين حماس والاحتلال، 2 مايو 2024
عربي 21، القاهرة تجري اتصالات مكثفة مع حماس والاحتلال لحسم نقاط الخلاف، 2 مايو 2024
الأناضول، وفد من حماس يزور مصر.. وهنية يؤكد التعامل بإيجابية مع مقترح الهدنة، 2 مايو 2024
عربي 21، مصدر دبلوماسي يكشف سبب رفض “حماس” لمقترح الاحتلال الأخير، 6 ابريل 2024
شريف أيمن، قادة المقاومة ودُهاة السياسة، الأناضول،، 8 مايو 2024
رويترز، حماس تعلن انتهاء جولة مفاوضات القاهرة.. وفدها غادر للتشاور، 5 مايو 2024
العربي، تعرف على تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار الذي وافقت عليه حركة حماس، 6 مايو 2024
عربي21، دبلوماسي إسرائيلي: جولة القتال الحالية بقيادة نتنياهو فشلت، 7 مايو 2024
وكـالـة مـعـا الاخـبـارية، 6 نقاط خلافية ترفضها إسرائيل في اتفاق وقف إطلاق النار، 7 مايو 2024
عربي 21، نتنياهو يرفض “موافقة” حماس.. ومجلس الحرب يقرر مواصلة العملية العسكرية برفح، 6 مايو 2024
فراننس 24، حماس توافق على مقترح مصري قطري لوقف إطلاق النار وإسرائيل ترسل وفدا للقاء الوسطاء، 6 مايو 2024
الجزيرة، هكذا ارتبكت حكومة نتنياهو بعد موافقة حماس على مقترح الصفقة، 7/5/2024
فراس أبو هلال، كيف وضعت حماس “الجميع” في مأزق بعد موافقتها على الهدنة؟، 8 مايو 2024
عربي 21، مصدر في حماس : جولة تفاوض جديدة الأربعاء وسنغير موقفنا إذا تغير المقترح، 7 مايو 2024
قدس برس، مصر تعلن استكمال مفاوضات غزة مع “كافة الأطراف” الأربعاء، 8 مايو 2024
الأناضول، حماس ترد على المقترح الإسرائيلي.. “متعنت ولا يلبي أيا من مطالب شعبنا“، ، 2 مايو 2024
السياسة، تحول مثير بمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وضمانات أمريكية لإقناع “حماس” بالتوقيع، 2 كايو 2024
وكالة معا، غالانت: الصفقة الجديدة فرصة لإعادة الأسرى المحتجزين بغزة، 5 ميو 2024
العربي الجديد، مفاوضات “الهدنة” بغزة وصفقة الأسرى قد تستغرق أسبوعا قبل الاتفاق، 5 مايو 2024
رويترز، قيادي بـ”حماس” يتهم نتنياهو بعرقلة المفاوضات وإفشال جهود الهدنة، 4 مايو 2024
سكاي نيوز عربية، الهدنة في غزة.. بين رد حماس والضغوط على نتنياهو، l29 أبريل 2024
رويترز، بلينكن: مصير صفقة التفاوض بيد قيادات حماس في داخل غزة، 4 مايو 2024
الشرق الأوسط، تصاعد الخلافات داخل حكومة نتنياهو بشأن الصفقة الجاري بحثها حاليا مع حماس للتوصل إلى هدنة في غزة.. ماذا وراء هذه الخلافات؟ وما تداعياتها؟، 2 مايو 2024
مدى مصر، ملاحظات «حماس» على المقترح المصري للهدنة، 3 مايو 2024
مونت كارلو الدولية، الهدنة في غزّة غير مؤكّدة: حماس متمسّكة بشرط إنهاء الحرب وإسرائيل تجدد التهديد باجتياح رفح، 02/05/2024
عماد أبو رحمة، آفاق الهدنة بين “حماس” و”إسرائيل” ومخاطرها مركز مسارات ، 2018
عربي 21، “إسرائيل اليوم”: أربعة سيناريوهات للصفقة التي قد تسقط الحكومة، 2 مايو 2024