في مطلع مايو الحالي، وفي مؤتمر عُقد بمنطقة العجراء، جنوبي مدينة رفح المصرية، أعلن عن تأسيس اتحاد القبائل العربية في مصر، بمشاركة 30 قبيلة سيناوية مصرية، وبرئاسة رجل الأعمال المقرب من النظام إبراهيم العرجاني.
وكان مجلس اتحاد القبائل العربية، قد تأسس عام 2013، بعد انقلاب الجيش على الرئيس المنتخب محمد مرسي، تحت اسم “اتحاد قبائل سيناء”، بقيادة إبراهيم المنيعي. وهدف المجلس في حينه إلى تجنيد الشباب السيناوي المدني للعمل في مجموعات أطلق عليها أهالي سيناء تسمية “البشمركة”، العاملة تحت قيادة القوات المسلحة، بغرض مطاردة المسلحين في سيناء، وهو ما أكده رئيس مجلس شيوخ القبائل العربية، علي فريج، في تصريحات قال فيها إن القبائل في سيناء “أدت، ولا تزال، دوراً كبيراً إلى جنب القوات المسلحة المصرية لاسترداد سيناء“.
جدل حول الانتماء والتموضع الاجتماعي والسياسي للاتحاد القبلي:
وفي المؤتمر التأسيسي الأول بالعجراء، أعلن النائب والصحفي مصطفى بكري، المتحدث الرسمي باسم “اتحاد القبائل العربية” عن تدشين الاتحاد رسمياً، وأن عبد الفتاح السيسي رئيساً شرفياً له، كما تم الإعلان عن اختيار ابراهيم العرجاني رئيس اتحاد قبائل سيناء، رئيساً لاتحاد القبائل العربية، وتم تغيير اسم قرية العجراء إلى مدينة السيسي.
ومع سيل الانتقادات الجارية منذ الإعلان عن تدشين الاتحاد والحديث عن المخاوف والمخاطر التي قد تطال الدولة المصرية جراء ذلك حاول المتحدث الرسمي باسم الاتحاد مصطفى بكري نفي أية اتهامات تطاله بالقول، الخميس 2 مايو الجاري، عبر فضائية “صدى البلد” المحلية: “اعتبره فصيل من فصائل القوات المسلحة وبيشتغل معهم ,ما أثار موجة من الانتقادات والغضب والتساؤلات حول مدى قبول الجيش بمثل هذا الوضع، ومدى حاجته إلى مليشيات تتولى حماية جزء من الدولة، ووضع المواطن عند التعامل مع تلك العناصر.
وأمام المشهد المريب والملتبس بمصر تبرز العديد من التساؤلات، حول: ما هذا الاتحاد؟، وما صفته؟ وهل هو جمعية أهلية، أم أقرب لحزب سياسي؟ وما علاقته بمؤسسات الدولة؟ وما دوره تحديدا؟ وهل هو ظهير شعبي للدولة والحكومة؟ وما حاجتنا الحقيقية له؟ وهل تشكيله يعني فشل الأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية والجمعيات الأهلية؟.
وما الفارق بينه وبين النشأة المتشابهة تقريبا لكيانات أخرى كما حدث في السودان؟”، “وكذا كيانات أخرى في لبنان وسوريا والعراق وليبيا واليمن؟ والعرجاني، صاحب السجل الإجرامي السابق في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك، والرجل القريب من رأس النظام عبدالفتاح السيسي.
ويضم التحالف 30 قبيلة، منها: الترابين، والسواركة، والمساعيد، والعيادية، والسماعنة، والسعديين، والرميلات، والبياضية، والعقايلة، والدواغرة، والرياشات، والعبايدة، والتياهة، والحوات، والنجمات، وبلي، والأخارسة، والصفايحة، وبني فخر، وأولاد سليمان، والأغوات، وحجاب، والحويطات، وغيرها.
ومرت علاقة العرجاني مع الدولة بمراحل مختلفة، فالشيخ الذي يقود قبيلة الترابين سبق واحتجز عام 2008 على خلفية الاشتباكات التي جرت بين مجموعات من البدو ورجال الشرطة، وخرج في 2010 لظروف صحية، ومع عام 2014 بدأت العلاقات تتحول مع توسع نشاطه الاقتصادي، وبدء الشراكة مع الجيش، والتعاون في مواجهة الإرهاب من خلال اتحاد قبائل سيناء الذي ضم عناصر مسلحة، كما احتكرت شركته إدخال مواد البناء لإعمار غزة في 2021، بينما توفر شركته “هلا” خدمات السفر من غزة عبر معبر رفح التي تضاعفت رسومها وبلغت آلاف الدولارات منذ العدوان الأخير على غزة.
وأعلن اتحاد العرجاني موقفًا من احتلال معبر رفح بعد ساعات قليلة من التحرك الإسرائيلي، واعتبره مراقبون أن رد الفعل المصري على احتلال معبر رفح كان “هزيلًا جدًا”، واستطرد “اتحاد القبائل طلّع بيان أفضل من بيان وزارة الخارجية، وكأن سيناء مسؤولية شخصية لهذا الكيان“.
أولا: الأهداف المعلنة وغير المعلنة لاتحاد القبائل العربية :
وبحسب ما أعلنه المتحدث باسم الاتحاد، يهدف الكيان الجديد وغير المسبوق لخلق إطار شعبي وطني يضم أبناء القبائل، وتوحيد صفها، ودمج الكيانات القبلية، ودعم ثوابت الدولة الوطنية، ومواجهة تحديات تهدد أمنها، وتبني القضايا الوطنية، وأخيرا “دعما للسيسي وأعلن بكري، عن “أهداف عامة كدمج القبائل تحت مظلة وطنية، وجعلها سنداً للدولة لدعم الأمن في المناطق الخاضعة للقبائل، ودعم التنمية، وتأسيس دولة فلسطينية”.
وقد ذكر بكري أن الاتحاد يعتبر فصيلا من القوات المسلحة، ما أثار موجة واسعة من الانتقادات دفعته لإنكار التصريح (المسجل صوتا وصورة!!)، ولكنه زاد الطين بلة بتأكيده على دور الاتحاد في المناطق الحدودية، وهي مهام القوات المسلحة والشرطة أساسا ولا تواجه عجزا فيها تكمله القبائل.
أما الأهاف غير المعلنة، فتدور حول:
- بناء ظهير شعبي للسيسي:
ووفق تقديرات سياسية، فإن الهدف الحقيقي غير المعلن للاتحاد هو بناء ظهير شعبي للسيسي مع فشل تجربة اتحاد القبائل العربية والمصرية، ومع فشل “حزب مستقبل وطن” في بناء هذا الظهير، ولكن هذا الظهير سيكون خطرا كبيرا على الدولة نفسها، إذ أنه فتح الباب فورا للحديث عن تقسيم جديد للشعب المصري بين مصريين أصليين ومصريين عرب وافدين والمؤكد أن هذا الحديث الذي يتسع يوما بعد يوم هو أخطر من الانقسام المجتمعي الذي صنعه الانقلاب بعد 2013 بين مؤيدين ورافضين له، والذي جسدته أغنية على الحجار”انتو شعب وإحنا شعب”، فالانقسام حول الانقلاب تراجع كثيرا مع شمول المظالم لداعميه أيضا، لكن هذا الانقسام الجديد يضرب في عصب المجتمع، وسيكون التماسك الوطني هو الضحية, فقد بدأت تظهر أصوات مسيحية ونوبية منزعجة، وقد تسعى لتأسيس اتحادات مشابهة، وتسعى لتسليح أبنائها بزعم مواجهة أخطار تهددها، كما ستكون القبائل البدوية هي أكثر من يدفع الثمن في هذا الانقسام لكونها أقلية في مواجهة الغالبية..
- اخضاع القبائل والسيطرة على الأراضي الصحراوية:
وفي رؤيته للهدف من تدشين اتحاد القبائل العربية قال الناشط السيناوي وأحد المنتمين للقبائل في شبه الجزيرة المصرية أشرف أيوب، عبر منصة إكس، إن “اتحاد القبائل قديم، وكان يترأسه سابقا على فريج، وتم استخدامه من قبل النظام الحالي للتمهيد لأحداث 30 يونيو 2013 (الانقلاب العسكري الذي قادة السيسي قائد الجيش على الرئيس الراحل محمد مرسي),فيما النظام الحالي أعاد استخدام الاتحاد في سيناء لمواجهة الإرهاب، ثم حول الاتحاد إلى كيان اقتصادي، ثم كيان سياسي عرقي، وجعل منه بهذا التدشين الرسمي تنظيما عرقيا بديلا عن المواطنة المصرية وذلك لتحقيق هدف واضح وهو إخضاع القبائل العربية لسطوة وسيطرة وقرارات وتوجيهات وإرادة النظام السياسي، وخططه ومشروعاته ومشروعات الجيش وإذ أن كل المشروعات الجديدة في الجمهورية الجديدة يتم تدشينها الآن على حدود الجمهورية القديمة في الصحراء حيث موطن القبائل وإن أغلب مشروعات نظام السيسي، تم تدشينها على الأطراف حيث توجد مناطق سيطرة القبائل، وأنه حين أراد السيطرة على الأراضي القديمة في الوادي والدلتا اصطدم بممتلكات راسخة وثابتة للأهالي حيث مصر المركزية، فأراد الخروج على الأطراف بعيدا في الشرق حيث شمال سيناء وفي الغرب حيث العلمين الجديدة وفي الجنوب، ليقيم مشروعاته وهنا اصطدم بالقبائل وكان عليه ترويضها وإخضاعها، وهذا الاتحاد إحدى خطط السيطرة..كما أن توقيت تدشين الاتحاد يأتي بعد نحو شهرين من صفقة رأس الحكمة غرب البلاد بمشاركة الإمارات، إلا أن السيسي اصطدم بسيطرة القبائل العربية على مساحات واسعة من الأراضي في مرسى مطروح والعلمين وسيناء ، ويطلب تهجيرهم منها وتسليمها لرجال دولته من النيوليبرالية الجديدة، ويسلم بعضها للجيش…يشار إلى أن الدولة دائما ما كانت تقوم بتخوين القبائل على أطراف وحدود مصر في سيناء شرقا وفي مطروح غربا، وفي حلايب وشلاتين وفي توشكى وأرض الورد والنوبة جنوبا وتتهمها بعدم الولاء للدولة المركزية، وبل وجعلتها منبوذة متهمة على مدار التاريخ، وهو هنا أراد أن يستبق أية حالة غضب محتملة بعد السيطرة على أراضي القبائل ووأد أي ثورة قبائلية محتملة.
ثانيا: اشكالات بنيوية:
وقد أثار التشكيل القائم على الأسس العرقية والقبلية، لاتحاد القبائل العربية العديد من التساؤلات والاشكالات المتعلقة بالدولة المصرية وغيرها من الاشكالات السياسية والاجتماعية..ومنها:
- اشكالية الهوية المصرية:
فمع تأسيس اتحاد للقبائل العربية برعاية رسمية، وبرئاسة شرفية من السيسي شخصيا سيفتح باب الجدل حول الهوية العربية لمصر، بعد أن تتصاعد فكرة تقسيم الشعب المصري بين مصريين أصليين (من عاشوا في مصر قبل الفتح العربي الإسلامي) ومصريين عرب أو غير أصليين، وهم من وفدوا إلى مصر مع وبعد الفتح العربي الإسلامي ووفق الدراسات الديمغرافية المصرية، فإن القبائل العربية في مصر متجذرة في النسيج المجتمعي المصري، وبمفهومها الواسع فهي القبائل التي دخلت مصر مع أو بعد الفتح العربي الإسلامي، وهي بهذا المفهوم يمكن أن تمثل نصف المجتمع المصري، ولكن بالمفهوم الضيق فالمقصود هي القبائل العربية البدوية التي سكنت بالأساس المناطق الصحراوية حتى وإن دمجت التوسعات العمرانية الكثير منها في قلب الوادي مباشرة.
- توظيف القبائل لصالح النظام السياسي:
في مصر أربعة تجمعات بدوية رئيسية؛ أولها عرب الشرق في سيناء وما حولها، والتجمع الثاني في الساحل الغربي وقلبه محافظة مرسى مطروح ، ويمتد غربا حتى السلوم على الحدود الليبية، ويمتد شرقا حتى البحيرة؛ والعصب الأساسي لتلك المنطقة هي قبائل أولاد علي بفرعيها (الأحمر والأبيض)، ثم التكتل الثالث في الظهير الصحراوي لمنطقة مصر الوسطى ويمتد من جنوب الجيزة والفيوم شمالا مرورا ببني سويف والمنيا وأسيوط، وقبائل هاتين المنطقتين جاءت من رحلات عكسية من الغرب (تونس وليبيا) إلى الشرق، والتكتل الرابع في الحدود الجنوبية. ولا تخلو المحافظات الأخرى من حضور قبائل بدوية مثل الشرقية والقليوبية والمنوفية.. الخ، وتقدر أعداد هذه القبائل البدوية بـ15 مليون نسمة وحاولت السلطة توظيف القبائل لدعم سياساتها، وأسس نظام مبارك أول اتحاد للقبائل العربية، كما تعاملت المخابرات الحربية مع القبائل الحدودية من خلال مكاتب شئون القبائل، وبعد ثورة 25 يناير 2011 ظهرت عدة اتحادات وائتلافات للقبائل العربية، نال أحدها رعاية السلطة بعد انقلاب الثالث من يوليو 2013، وبدأ الاهتمام الرسمي بالقبائل البدوية في عهد محمد علي، وأصدر الخديوي عباس حلمي قانون العربان سنة 1905، ووثق الجبرتي وجود 75 قبيلة بدوية، وحرصت السلطة المركزية على استقرار تلك القبائل وتطويرها وإدماجها في المجتمع، ونجحت بدرجة اكبر مع القبائل غير الحدودية والتي نالت حظا أفضل من التعليم، وتبوأ بعض أبنائها مراكز عليا في الدولة، لكن الشكوك ظلت قائمة من قبل السلطة المركزية تجاه قبائل سيناء، عقب قيام الكيان الصهيوني، بحكم وجود تلك القبائل على الحدود مباشرة، ورغم المطالب المتعددة بضرورة تنمية سيناء إلا أنها لم تجد أذانا صاغية لعقود طويلة، ما حرم أهل سيناء من أبسط مظاهر التنمية من مستشفيات ومدارس وخدمات أخرى، بل تصر السلطة حتى الآن على حرمان أهل سيناء من عقود ملكية لمنازلهم أو للأراضي التي يتملكونها ويزرعونها، ناهيك عن تهجيرهم من منازلهم لتوسيع الشريط الحدودي ورفض عودتهم حتى الآن، واعتقال الآلاف منهم رغم دورهم في دعم الجيش والشرطة في مواجهة تنظيم داعش.
- هل هو بديل عن الدولة؟
كما تثار اشكاليات وتساؤلات، حول موقع الاتحاد في سيناء، وهل هو بديل عن الدولة؟ وما دوره تحديدا في المنطقة المجاورة لفلسطين المحتلة، خاصة في ظل علاقات العرجاني الممتدة مع اسرائيل!!
ويخشى مراقبون من تداعيات قيام اتحاد القبائل العربية، في ظل رغبة بعض الأطراف في تحويله لبديل عن لمؤسسات الدولة المصرية في معاركها، وقد أهدرت هيبتها على مدى الأيام القليلة الماضية..ولا شكّ أن هذا التشكيل الجديد، إنما ينازع مؤسسات القوة الاختصاصَ وبعوددة اتحاد القبائل وانتشاء المليشيات، تنتعش في الأفاق تجربة الدعم السريع في السودان، أحد خطايا الحكم العسكري هناك!
- الاعتماد على العمل المليشياوي:
وأثارت تصريحات الإعلامي مصطفى بكري، حول اعتبار اتحاد القبائل العربية بمصر جزءاً لا يتجزأ من المنظومة الأمنية القومية، جدلاً واسعاً ، ما أثار الكثير من التخوفات من تحويل الاتحاد إلى “ميليشيات“وتصريحات بكري جاءت خلال برنامجه “حقائق وأسرار” على قناة صدى البلد، مساء الخميس 2 مايو 2024، وقال إن تجربة اتحاد القبائل العربية والعائلات المصرية فريدة من نوعها، مشيراً إلى أن الاتحاد واجه منذ تأسيسه اتهاماتٍ مغرضة من بعض الجهات، زعمت أنه يسعى لتقسيم مصر,كما شدد بكري على أن القبائل العربية المتواجدة على الحدود المصرية تشكل قوةً موحدةً منتميةً لتراب الوطن، مستنكراً هجمات البعض على الاتحاد دون وعيٍ أو معرفةٍ بحقيقته وفي السياق، أشار بكري إلى أن الاتحاد يُشكل جزءاً لا يتجزأ من المنظومة الأمنية القومية المصرية، موضحاً أنّهم تلقوا أكثر من 15 ألف طلب عضوية، مما يؤكد على عمق ارتباطهم بالشعب المصري ودعا منتقدي الاتحاد إلى مراجعة مواقفهم، والتعرف على التضحيات التي قدمها المهندس إبراهيم العرجاني، رئيس الاتحاد، وأفراد أسرته من أجل الوطن!!!.
وعقب تصريحات بكري، انتقد ناشطون فكرة تأسيس اتحاد قبائل عربية في سيناء، إذ قال الناشط المصري مراد علي عبر منصة إكس: “ما قاله مصطفى بكري عن اتحاد القبائل العربية هو بالضبط ما قيل سابقاً في السودان عن حميدتي وعن قوات الدعم السريع“.
وتابع مراد: “مصطفى بكري يقول إن اتحاد قبائل سيناء ليس ميليشيا بل يعتبر (فصيلاً) من فصائل القوات المسلحة، يعني ايه؟ وإيه بقى مؤهلات إبراهيم العرجاني غير سمعته إنه تاجر مخدرات وكان خاطف ضباط شرطة أيام مبارك؟“.
وفقاً للمتحدث باسم الاتحاد، فإن “القبائل العربية لها أدوار تاريخية في حماية الوطن ووقفت خلف القوات المسلحة والشرطة”، لافتاً إلى أن “الاتحاد يضم رموزاً وقيادات لتحقيق أهداف متعددة منها توحيد الصف للقبائل لمواجهة التحديات التي تواجه الوطن”، وفقاً لما نقلته بوابة الأهرام.
ومنذ العام 2021، شهد ظهوراً إعلامياً غير مسبوق للمجموعات القبلية، المساندة لقوات الجيش المصري في محافظة شمال سيناء، وهي تابعة لاتحاد قبلي أسّسه إبراهيم العرجاني، رجل الأعمال المقرب من دوائر الاستخبارات المصرية، بالتزامن مع بدء عودة الأهالي المهجرين إلى قراهم المدمرة في نطاق مدينة الشيخ زويد. ورافق هذا الظهور، عمليات قتل متعمدة لمدنيين خارج إطار القانون.
وبدأ ظهور المجموعات المساندة للجيش، في إبريل 2017، حين وقعت المواجهة الأولى بينها وبين تنظيم “ولاية سيناء”، الموالي لتنظيم داعش الإرهابي، في نطاق منطقة البرث جنوب رفح. وأدت في بداياتها إلى وقوع خسائر فادحة في صفوف هذه المجموعات إلا أن وجود هذه المجموعات تعاظم مع مرور الوقت، حتى أصبحت تقدر بالمئات، وينتشر عناصرها في مناطق واسعة، امتداداً من الحدود المصرية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، مروراً بمدن رفح والشيخ زويد والعريش وبئر العبد، وصولاً إلى القنطرة حيث قناة السويس، وباتجاه الجنوب، حيث مناطق وسط سيناء، كالمغارة وجبل الحلال والحسنة وغيرها ونشر اتحاد القبائل عبر مواقعه على الفيسبووك، مشاهد لمدنيين قُتلوا على يد عناصر الاتحاد، بزعم أنهم إرهابيون، ويعملون في تنظيم “داعش”وظهرت في المشاهد عمليات التنكيل بجثث القتلى، والتجول بهم بواسطة سيارات الجيب، التي منحتهم إياها قوات الجيش، في ظل منع المدنيين من ركوب جيبات الدفع الرباعي في شمال سيناء، عدا المتعاونين مع الجيش وكذلك ظهرت مشاهد قتل مسن مصري كان في “عشة” بمنطقة العجراء جنوب رفح، بالإضافة إلى قتل شابين جنوب مدينة الشيخ زويد، بالتزامن مع عودة الأهالي إلى قراهم.
ورصد عدد من المهجرين العائدين إلى القرى، تكرار حدوث هذه العمليات، بحضور الجيش المصري وأمام ناظريه، ما يشير، وفقاً لتقدير هؤلاء، إلى أن هذه المجموعات القبلية، التي قوامها شباب مدنيون من سكان المحافظة، “حملوا السلاح تقرباً من قوات الجيش، وطمعاً في الاستفادة من العلاقة بالضباط، ولديهم صلاحيات واسعة بالقتل والإصابة والاعتداء على المدنيين بلا أي رادع”وفي التعقيب على ذلك، قال أحد مشايخ شمال سيناء،إن “تغول المجموعات المدعومة من قوات الجيش على المدنيين، والوصول إلى مرحلة القتل العلني، والتنكيل بالقتلى على مرأى ومسمع الجيش وضباطه، بل على مسمع مصر كلها في ظل نشر فيديوهات القتل على مواقع التواصل الاجتماعي، يعني أننا دخلنا مرحلة غير مسبوقة من إعطاء الصلاحيات“وأضاف: “اعتدنا من هؤلاء المتعاونين مع الجيش البلطجة والنهب والسرقة، والوشاية الكاذبة عن المواطنين، تمهيداً لاختطافهم، وكذلك إجبار بعض المواطنين على دفع المبالغ المالية مقابل حمايتهم، أو الاتجار بالحبوب المخدرة والممنوعات، أما أن يصل بهم الحد إلى قتل المواطن المصري بشكل همجي، ومن دون أي مراعاة للحقوق والقانون، يعني أن سيناء باتت غابة، الناس فيها فرائس للجيش والمتعاونين معه” وأضاف الشيخ القبلي، الذي رفض الكشف عن اسمه لوجوده في سيناء، أن “حالة من الرعب تدبّ في نفوس المواطنين في سيناء، بعد المشاهد الأخيرة التي عرضها ما يسمى اتحاد قبائل سيناء، وإمكانية تعرّض أي مواطن للقتل على يد هذه المليشيات تحت أي سبب كان. والتهمة جاهزة والكاميرات مصوبة نحو الجثث، كما الرصاص”واعتبر أن هذا “يستدعي موقفاً وطنياً جامعاً لكبح جماح هذه المليشيات غير القانونية، التي فيها تعدٍّ على حق المواطن في الحياة والعيش بكرامة. ففي الوقت الذي هدأت فيه قوات الجيش عن الإضرار بالمواطن في سيناء، وإيذائه بشكل متعمد، ظهرت المليشيات لتقوم بالدور نفسه، وتعريض حياة المئات من المواطنين لخطر القتل، أو الاختطاف، من دون أي ذنب“..وأشار إلى أن “المشاركين في هذه المجموعات منبوذون وسط المواطنين، ولا يجدون قبولاً لهم، بينما يضطر البعض إلى مجاملتهم والهتاف لهم، درءاً للأذى” وسبق أن نشر الاتحاد بيانات عدة عبر صفحته على “فيسبوك”، لتبني عمليات قتل واعتقال. منها ما قال فيه، مطلع ديسمبر2021 ، إن “مجموعة من نخبة مقاتلي اتحاد قبائل سيناء، بغطاء جوي وميداني من تشكيلات القوات المسلحة المصرية… تم بحمد الله إيقاع قياديَّين تكفيريَّين في كمين محكم، وإلقاء القبض عليهما حيَّين، بكامل معداتهما وعتادهما”.
وفي بيان ثانٍ، قال الاتحاد إنه تمّ “القضاء على مهندسي زرع العبوات الناسفة على طرق الحملات والإمدادات الخاصة بمقاتلي القبائل والجيش”، وأنه عُثِر على عشرات العبوات المعدة للتفجير، وحمولة مواد متفجرة قاربت الطن، وسلاح وعتاد وأجهزة اتصال لاسلكي. ونشر الاتحاد عدة صور للقتلى وبعد أيام، أعلن الاتحاد تمكُن عناصره من “اصطياد تكفيريين خطيرين، كانوا قد أُعدّوا لتفجير أنفسهم بمهاجمة كمائن الجيش والشرطة، إذ جرى الاشتباك مع الإرهابيين من النقطة الصفر، وتكللت المهمة بنجاح”. ونشر صورة قتيلين، بينهما مسنّ، وفق رواية المجموعات القبلية.
- العرجاني خط أحمر غير قابل للنقد:
ومنذ تصدر العرجاني للمشهد السياسي، مؤخرا، ومع توارد أخبار الاتاوات التي تفرضها “شركة هلا” على الفلسطينيين على معبر رح، والتي تتجاوز مبلغ 5 الاف لكل فرد، يريد العبور إلى مصر، فرارا من العدوان الصيوني بغزة، بجأ بعض الصحفيين والاعلاميين انتقاد الأمر، وهو ما كان رد السلطات عليه بالاعتقال والتوقيف ، كما جر مع صحفيين ونشطاء سيسيين انتقدوا ممارسات العرجاني، خلال تظاهرة أمام نقابة الصحفيين، فيما اعتقل متظاهرون بالاسكندرية، رددوا هتافات منتقدة للعرجاني واستغلاله أزمة الشعب الفلسطيني…كما تعهد اعلاميو البغال، الموالين لنظام السيسي، التطبيل للعرجاني وشخصيته وانجازاته، وشركاته…وهو ما حول اسم العرجاني إلى خط أحمر غير قابل للانتقاد، وهو ما يمثل خطرا، كما هو حال السيسي، الذي بات غير قابل للانتقاد ويعتبر العرجاني أحد رجال الأعمال المصريين القلائل الحاصلين على ترخيص لتصدير البضائع إلى غزة من مصر، وهو أحد قيادات قبيلة الترابين في سيناء.
ويمتلك كذلك شركة تتولى الإدارة الحصرية لجميع العقود المتعلقة بجهود إعادة الإعمار في غزة، وفق تقرير لهيومن رايتس ووتش نشر في 14 يونيو 2022 وكان موقع “مدى مصر” قد قال في فبراير إنه تم استدعاء رئيسة تحريره، لينا عطا الله، للتحقيق في النيابة بعد يومين من نشر تحقيق بشأن استحواذ العرجاني على ما وصفه الموقع بـ”بيزنس” المرور من معبر رفح في الاتجاهين عبر شركة هلا: خروج البشر من قطاع غزة، ودخول المساعدات والبضائع من مصر وقالت صحيفة التايمز البريطانية إنه بينما تسعى مصر لمنع تهجير الفلسطينيين، “حققت شركة مصرية خاصة، يُزعم أن لها روابط قوية في الماضي بالدولة، عملاً مربحاً من خلال إرسال عدة مئات من سكان غزة عبر الحدود يومياً“.
وذكر تحقيق لها أن “هلا” التي يملكها العرجاني، ربما جنت 88 مليون دولار منذ بداية مارس/آذار، من إجلاء أكثر من 20 ألف شخص. وقالت الصحيفة إن الشركة “التي تحتكر فعلياً النقل التجاري عبر معبر رفح، تفرض رسوماً على البالغين تصل إلى 5000 دولار، والذين تقل أعمارهم عن 16 عاماً تبلغ 2500 دولار“ولعل ما يؤكد مخاوف ترقية العرجاني لدرحة سيادية ، يستعصي على المصريين نقدها، ما جرى معه، باستقباله استقبالا رسميا، بقاعدة الجورة العسكرية بسيناء، هلال زيارة غير معروفة التفاصيل، وفق منظظمة سيناء لحقوق الانسان، التي رصجت مسار طائرة رسمية تابعة للحكومة من مطار ألماظة بالقاهرة، إلى مطار الجورة العسكري، ثم انتظار الطائرة بمطار العريش عدة ساعات، ثم العودة لمطار الجورة لنقل العرجاني للقاهرة..وذلك يوم السبت 11 مايو الجاري..وكان العرجاني أول مجني تحط طائرته بمطار الجورة العسكري.
- خدمة النظام وليس خدمة الدولة:
ووفق السفير عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، فإن تشكيل فكرة القبائل العربية مرفوضة علي الصعيد المجتمعي ، وأن النظام الحالي يعلنها بكل صراحة أنه سوف يجعل هذا التنظيم العسكري هو بديل للقوات المسلحة المصرية في سيناء ، وإن تزايدت المخاوف من تأسيس اتحاد قبلي لديه قدرة على حمل السلاح، خارج إطار الدولة، وهو ما اعتبره تهديدًا للأمن القومي المصري، ويرسخ فكرة الانفصال العشائري بدلًا من الاندماج الوطني، وهو ما يهدد السلام والاستقرار بالبلاد، كما أن الخطوة تعد خرقا للدستور المصري في مادته رقم 200 والتي تحظر تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية.
ووفق الأشعل، فأن النظام المصري حول اتحاد القبائل بزعامة العرجاني من دوره، ككيان مسلح مساند للجيش المصري في سيناء لمواجهة الجماعات المتطرفة، إلى شريك اقتصادي في ادارة معبر رفح والتجارة في سيناء،إضافة إلى شراكة المشروعات العمرانية والبنية التحتية، ثم إلى مرحلة التوظيف السياسي بمحاولة جمع هذه القبائل وجعلها في خدمة النظام وداعمة له بما توفر لها من قوة..وأكد أن فكرة الاتحاد سيكون داعما للجيش في حماية الأمن القومي المصري ولقرارات القيادة السياسية فيما يختص بسيناء وأهلها. ويلعب دورا بارزا في تنمية سيناء وإقامة مشاريع تخدم سكانها في منتهي الخطورة سوف تقضي علي أبناء سيناء والشعب المصري مستقبلا .
ثالثا: شبهات ومحاذير حول الاتحاد الجديد:
- تهديد لمدنية الدولة:
ووفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور مصطفى كامل السيد فإن الاتحاد يمثل “خطوة غير مسبوقة” في السياسة المصرية، لأنه لم يسبق تقسيم المصريين على أساس قبلي أو طائفي، موضحًا أنه يهدد بتشكيل أصحاب الانتماءات الأخرى تجمعات تعبر عنهم “ما يهدد بتمزيق الوحدة الوطنية “وأضاف السيد أن الاتحاد “لم يأتِ بمبادرة من جانب المواطنين، لكنه يحظى بتأييد وحماس من سلطات رسمية، حيث جرى الإعلان عنه على قنوات التليفزيون الرسمية، والترحيب به من مقدمي برامج حوارية معروفين بولائهم للسلطة“ غير أن المتحدث باسم اتحاد القبائل العربية، مصطفى بكري، دافع عن الاتحاد في تصريحات لقناة الحدث، معتبرًا أن “الاتحاد ليس أمرًا جهويًا، وإنما مصر في تركيبتها السكانية عبارة عن فلاحين وحَضَر وبدو، وأن البدو تم تهميشهم لسنوات كثيرة، والقبائل العربية خاصة في المناطق الحدودية”، وقال إن الاتحاد “لا يعمل خارج إطار الشرعية القانونية، وسيتقدم خلال أسابيع قليلة لوزارة التضامن الاجتماعي من أجل إنشاء جمعية ضمن الجمعيات الأهلية“ وينص قانون الجمعيات الأهلية في المادة 14 على أن الجمعيات الأهلية في حال رغبتها في ممارسة أنشطة بالمناطق الحدودية عليها الحصول على ترخيص بتنفيذ تلك الأعمال من الجهة الإدارية بعد أخذ رأي المحافظ المختص وموافقة الجهات المعنية وتحظر المادة 15 من القانون ذاته على الجمعيات ممارسة الأنشطة السياسية أو الحزبية أو النقابية أو استخدام مقرات الجمعية في ذلك. كما تحظر تكوين الجمعيات السرية أو التشكيلات ذات الطابع السري أو العسكري أو شبه العسكري، أو الدعوة إلى تحبيذ أو تأييد أو تمويل العنف أو “التنظيمات الإرهابية“ويوضح مصطفى كامل السيد أن الاتحاد بادر باتخاذ مواقف سياسية سبق بها الحكومة نفسها “أصدر موقفًا بشأن الانتهاك الإسرائيلي لمعاهدة السلام مع مصر بوجود قوات إسرائيلية بالدبابات والأسلحة الثقيلة في رفح، ومعنى هذا أن الاتحاد يقوم بأدوار سياسية، وهذا يلغي الفارق بين الجمعيات الأهلية والأحزاب السياسية, فيما أعلنت أحزاب الحركة المدنية الديمقراطية رفضها تكوين الاتحاد، سواء عبر بيانات صحفية أو خلال الندوة التي عقدتها الحركة في مقر حزب المحافظين الأربعاء 8 مايووتتفق أحزاب الحركة على رفض هذا الكيان “كونه يمثل تهديدًا حقيقيًا للدولة المدنية المصرية”، فيما أكد العضو بالهيئة العليا لحزب الإصلاح والتنمية أسامة بديع أن موقف الحزب واضح بشأن أي كيان يهدد مدنية الدولة المصرية، في إشارة إلى رفض وجوده,وأوصى عدد من السياسيين والنشطاء خلال مشاركتهم في ندوة الحركة المدنية الديمقراطية بإقامة دعوى قضائية ضد تأسيس اتحاد القبائل العربية، معتبرين أنه يخالف الدستور والقانون، وحذروا من خطورة تكرار تجربة قوات الدعم السريع في السودان.
- مخالفة دستورية فجة:
كما يتصادم تشكيل اتحاد القبائل العربية، مع مواد دستورية واضحة، تحظر التشكيلات العسكرية بعيدا عن أجهزة الدولة..ولعل كون اتحاد القبائل، كصحوات مسلحة أشهرها عبد الفتاح السيسي وبات رئيسها الشرفي، ورئيسها التنفيذي إبراهيم العرجاني الذي كتبت عنه صحيفة “صنداي تايمز” البريطانية، مؤخرا، أنه “ملك المعبر”، في إشارة إلى سيطرته على معبر رفح مؤكدة أنه يجني منه يوميا نحو مليوني دولار على الأقل..وقبل أسابيع طرح مراقبون اسم العرجاني كنائب للسيسي ، بعد تغريدة لمصطفى بكري، زعم فيها أن السيسي يفكر بنائب له وأن ملك المعبر بين عدة أسماء أخرى منها قائد أركان الجيش أسامة عسكر، مرشحين للمنصب,ووفق الباحث في المعهد المصري للدراسات محمود جمال، فإن التشكيل العسكري لصحوات قبائل سيناء التي اسسها العرجاني، تتصادم مع الدستور المصري، خاصة المادة 200 من الدستور، والتي تنص على أن “القوات المسلحة ملك للشعب، مهمتها حماية البلاد، والحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها، والدولة وحدها هي التي تنشئ هذه القوات، ويحظر على أي فرد أو هيئة أو جهة أو جماعة إنشاء تشكيلات أو فرق أو تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية”وحينما أعلن المتحدث الاعلامي باسم الاتحاد، أن اتحاد القبائل جزء من الجيش المصري وداعم له، وشريك ل في عمليات تطهير سيناء من ارهاب، ثارت الكثير من المخاوف في الدوائر الحكومية والعسكرية ، من نوحش الاتحاد في أوقات لاحقة، سواء في ظل حكم السيسي أو بعده، وهو ما قد يهدد النسيج الوطني، ويضرب الدولة المركزية في مقتل..
- صحيفة سوابق قيادات الاتحاد مللوثة:
ومع ما يثار عن السجل الإجرامي للعرجاني، ودوره في قتل مجندين مصريين في سيناء خلال مواجهات مسلحة أثناء عمليات تهريب للمخدرات في عهد حسني مبارك، والحكم عليه بالسجن، ثم ظهوره كمقرب من نظام السيسي في سيناء، ودوره في قيادة مليشيات قبائل سيناء، يظل ظهور اسمه على رأس الاتحاد مقلقا للكثيرين,كما أن بروز اسم العرجاني، لاحقا كرجل أعمال له باع واسع في الكثير من المجالات والأعمال، وبينها إعمار غزة، ثم دور شركته “هلا” في ابتزاز الفلسطينيين الفارين من حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية عليهم منذ 7 أكتوبر الماضي، وتربحه نحو 88 مليون دولار منذ مارس الماضي، من إجلاء نحو 20 ألف فلسطيني من معبر رفح مقابل 5 آلاف دولار لكل فرد وفق تقارير صحفية عديدة، يزيد الشكوك حول أدواره المحتملة ويرى نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في الأهرام، عمرو هاشم ربيع، في تصريحات صحفية، أن دعم الدولة المصرية أو بعض مؤسساتها على الأقل لاتحاد القبائل العربية بعد تأسيسه. أمر خطير، مفسرا ذلك بأن هذا الاتحاد مكوّن من أشخاص سبق اتهامهم بالاتجار في المخدرات أو التورط في خطف ضباط شرطة، ناهيك عن حصولهم على مبالغ تفوق 5 آلاف دولار من كل شخص مقابل عبور المواطنين الفلسطينيين معبر رفح، وهو يقدم رسالة خاطئة حول كيفية إدارة المشهد في مصر، ويعكس أمراً شديد الخطورة على الساحتين السياسية والأمنية في مصر,لافتا إلى أنه كان الأولى لنشر ودعم الاستقرار والتنمية في مصر، ودعم الكيانات الحزبية ومؤسسات المجتمع المدني…متسائلاً عن “الثمن لدعم كيان سمعته ليست فوق الشبهات“.!!! لأن قرار دعم اتحاد كهذا وبهذه التركيبة أمر لا يثير الارتياح، بل يفتح الباب على مصراعيه حول تساؤلات عن أهداف هذا التشكيل وإسباغ الدعم الرسمي عليه…
- فساد مالي للعرجاني على معبر رفح:
ولعل ممارسات العرجاني ورجاله على معبر رفح، تشيء إلى مآلات كارثية قد تضرب مصر في أي مجال، قد يدخله العرجاني واتحاد القبائل، والذي أعلن عن تمديد نشاطاته إلى قلب القاهرة بالجيزة ومناطق المنصورية والهرم والصعيد ومرسى مطروح والعلمين وفي نهاية أبريل الماضي، ذكر تحقيق استقصائي لصحيفة “ذا تايمز” البريطانية أن شركة “هلا” التي يملكها رجل الأعمال إبراهيم جمعة العرجاني قد حققت 88 مليون دولار في غضون أسابيع، من خلال فرض رسوم على الفلسطينيين بأكثر من 5000 دولار للخروج من غزة إلى مصروأكد التحقيق أن الشركة ربما تكون قد حققت ما لا يقل عن 88 مليون دولار منذ بداية مارس من سفر أكثر من 20 ألف شخص وذكر أنه في بداية أبريل ارتفع عدد الأسماء في هذه القوائم كل يوم من نحو 295 إلى 475 شخصا، مما قد يؤدي إلى زيادة متوسط الإيرادات اليومية من 1.25 مليون دولار إلى 2 مليون دولار يوميا، علماً أن بعض المغادرين دفع أحيانا ما يصل إلى 10 آلاف دولاروكما توجد تنسيقيات أخرى تعرف باسم تنسيقيات الخارجية، وهي التي تتم عن طريق أحد الأقارب من الدرجة الأولى في مصر، وبدفع مبالغ تصل إلى 9 آلاف دولار من أجل سفر الأم وأطفالها لمن دون الـ16 عاما ورغم نفي السلطات المصرية للأمر، إلا أن أغلب الصحف العالمية تحدثت عنه وأكدته، وهوما يكشف صفحة من فساد زواج السلطة بالمصالح كع رجال أعمال، مجهولي الهوية المالية سابقا وتستمر شركة “هلا للاستشارات والخدمات السياحية” بتحصيل رسوم سفر على الفلسطينيين النازحين من قطاع غزة بسبب الحرب، ضمن أسعار تصل إلى 5 آلاف دولار على الشخص البالغ، و2.5 ألف دولار على كل طفل، إضافة لسبل “تنسيق سفر” أخرى عبر جهات مشابه وكشفت إحصاءات شبه رسمية من قطاع غزة، أن “العدوان الإسرائيلي، وعمليات الابتزاز الجارية من الجانب المصري للراغبين بالخروج، قد تسبّبت بخروج نحو 600 مليون دولار من الأموال النقدية الموجودة في القطاع”، بحسب ما ذكرت صحيفة “الأخبار“.
وذكرت تقارير مختلفة أن شركة “هلا” مرتبطة بشكل كبير بالنظام المصري، الذي يصر على أن معبر رفح البري، الوحيد بين قطاع غزة ومصر، مفتوح بشكل دائم ولم يغلق منذ بداية الحرب.
رابعا: تداعيات الاعلان عن اتحاد القبائل:
- قلاقل سياسية واجنتماعية:
ووفق الكاتب الصحفي أنور الهواري، بات المصريون قلقون بشكل شديد على مستقبل بلدهم بعد التصريحات الغريبة والمُريبة، حول اعتبار كيان معين فصيلاً من القوات المسلحة وكتب على حسابه على فيس بووك، : “الشعب هو المالك الحقيقي للقوات المسلحة وله الحق في سماع بيان رسمي يوضح الأمور بشكل صحيح”.
– مخاوف من سلاح القبائل:
ومنذ تأسيس اتحاد القبائل العربية في سيناء احتدم الجدل وسط مخاوف من أن القبائل السيناوية المكونة لعصب هذا الاتحاد، مسلحة في معظمها، إذ تشكلت مجموعات قبلية قتالية تحت اسم “فرسان الهيثم”، بهدف محاربة تنظيم داعش في سيناء إلى جوار القوات المسلحة.
كما أن إسباغ الدعم الرسمي على أي تجمع قبلي مهما كان نوعه وتسليحه، يُعد عبثاً على الأمن القومي، وقد يفتح الباب أمام فوضى أمنية في المستقبل، بل هو ضرب لمفاهيم الدولة الحديثة في مقتل، كونه يخالف أبسط المبادئ التي تحصر السلاح في يد المؤسسات الرسمية للدولة…
- البداية كمرشدين للأمن وصولا لمقاومة الأجهزة:
فيما يقلل خبراء أمنيين، من دور اتحاد القبائل، فيما يخص الأمن والتنمية في سيناء ودعم جهود الدولة، لأنه بهذه التركيبة، لن يتجاوز دورهم العمل مرشدين للأجهزة الأمنية والعسكرية في تعقب جماعات العنف، لكنهم، وحتى الآن على الأقل، لن يكون لهم تأثير ذو قيمة في المشهد السياسي والأمني في مصر وسيناء، إلا أن المخاوف كبيرة من دورهم، في المدى الزمني القادم، اذ قد يتحولون إلة مقاومة السلطات ومناكفة الأجهزة، وفر رؤاهم على الصعيد المحلي، مستخدمين النفوذ أو حتى السلاح في تحقيق مطالبهم..
- عبث بالأمن القومي المصري:
ووفق تقديرات استراتيجية، فإن ما تفعله مؤسسات الدولة المصرية من دعم وإنشاء اتحاد القبائل العربية ينسجم مع نهج تاريخي لها منذ مئات السنين، إذ دأبت على استمالة القبائل العربية رغبة في ضمان استقرار مساحات شاسعة من الصحاري المصرية، في ظل صعوبة تأمينها بالقوة النظامية..كما أن الدولة المصرية، وللمرة الأولى ، عملت على تجميع البدو في اتحاد واحد، حتى لو اقتصر الأمر على كونه جمعية أهلية لا علاقة لها بالسياسة.إلا أن الكثير من المخاطر تحوط بالأمر، لا سيما أن اتحاد القبائل العربية يمتلك نفوذاً اقتصادياً هائلاً وله أرض يقف عليها وسلطة قد تجعله يتبنى مطالب ونزوعاً نحو الاستقلال أو الابتعاد عن الدولة المصرية..وتزيد الخطورة بوجود هذا الاتحاد على الحدود، فهو يستطيع التواصل مع بلدان أخرى، وبالقطع سينحو قريباً إلى السياسة سواء الموالية للسلطة كما هو حالياً، أو ضدها في لحظة ما أو مرحلة ما بعد هذه السلطة..خاصة وأن مصر الآن أمام مشكلة في غاية الخطورة، خصوصاً أن السلطة المصرية تبدو شديدة البخل في ما يتعلق بالشفافية وتقديم المعلومات للرأي العام…اذ يفرض التعتيم على الصحافة، والبرلمان المصري حالياً لا يسائل أحداً، والأغلبية الساحقة من المصريين لا تعرف ما طبيعة اتحاد القبائل العربية ولا أسباب تشكيله، وما إذا كان تجمعاً سياسياً أو جمعية أهلية خيرية، وهل فعلاً يساعد الجيش في حربه على الإرهاب، كما قال مصطفى بكري، أم أنها زلة لسان منه؟وأيضا، فإن شح المعلومات المتاحة بخصوص اتحاد القبائل العربية ودوره، يجعل الحديث عن إمكانية تحوله لمليشيا على غرار قوات الدعم السريع في السودان أمراً واردا..إذ كان الأخيرة الهدف الأساسي من تأسيسها هو إنشاء مليشيا تقاتل مع الجيش السوداني في دارفور، وهو نفس الدف الذي قام عليه اتحاد القبائل..ووفق شهادات خاصة، من عناصر سيناوية لـ”الشارع السياسي”، فإن بع الأسلحة التي تمتلكها قوات البشمركة في سيناء متطورة جدا أكثر مما لدى وحدات الجيش المصري، وهو ما يمثل في الوقت ذاته خطورة بالغة..
- نواة لتقسيم مصر:
كما أعرب خبراء وأكاديميون عن مخاوفهم الشديدة من أن يكون ذلك الاتحاد نواة لتقسم البلد العربي الأكثر سكانا بنحو 106 ملايين في الداخل، إلى عدة دويلات، محذرين من أن يكون دور العرجاني المنوط به من قبل جهات أجنبيه وخاصة الاحتلال الإسرائيلي ، العمل على تقسيم مصر وكتب الأكاديمي المصري وأستاذ العلوم السياسية الدكتور عصام عبدالشافي، قائلا عبر موقع “إكس”: “كارثة حقيقية تتم بهدوء شديد في ظل الاهتمام الإعلامي العربي والدولي بأحداث غزة؛ وهي مخطط تقسيم مصر“وأضاف: “السيسي بإعلانه عن تشكيل اتحاد القبائل برئاسة العرجاني يتقدم خطوات في هذا المخطط بتقسيم مصر واقعيا وتعزيز دور ميليشيات العرجاني عمليا لتكون بديلا عن الجيش الذي سيتم تفكيكه“ويرى عبدالشافي، أن “السيسي جاء لهدف محدد، وكل ما قام به منذ انقلاب 2013 هو لتحقيق هذا الهدف”، مضيفا: “مصر سيتم تفكيكها إلى عدة دويلات كما فعلوا ويفعلون بالسودان وسوريا وليبيا واليمن والعراق والصومال”، متسائلا: “هل ينتظر الجيش اكتمال التفكيك أم أنه من بين المتواطئين والمشاركين في التنفيذ؟“.
جيش مواز للفوضى
وتذهب تحليلات عدة إلى أن الموضوع جد خطير؛ لأن السيسي، يجهز جيدا للفوضى كلما يتذكر أن مدده الرئاسية تقترب من نهايتها، حتى يصبح استمراره في الحكم مؤكدا..
فالسيسي يعلم جيدا أنه بمجرد انتهاء حرب غزة، سيعود الحديث مجددا في أمريكا حول من سيخلفه في حكم مصر، وكيفية خروجه الآمن من الحكم..لذا يحافظ السيسي على علاقات جيدة مع روسيا، حتى تسانده في الفوضى التي يؤسس لها منذ بداية حكمه..وقد باتت خيارات السيسي قليلة، وأولها تعديل الدستور للبقاء مدى الحياة، كما فعلها حسني مبارك وأنور السادات من قبله.. أو يلجأ إلى توريث الحكم لأحد أبنائه أو إحداث فوضى، وحرب حتى يستطيع الاستمرار في الحكم مدى الحياة..
- تعميق ظواهر الرشوة والفساد عبر “مدينة السيسي”:
وتزامن الاعلان عن اتحاد القبائل العربيةمع الكشف عن مفاجأة اطلاق اسم “مدينة السيسي” على احدى المشاريع الاسكانية التي أقامهتها شركة العرجاني، بمنطقة العجراء، بعد أن اشترى الأرض بثمن بخس في وقت سابق وكشفت تقارير عن مفاجئة المواطنين في سيناء باللافتات التي وضعت على المدنية (خالية السكان) تحمل هذا الاسم للمرة الأولى كدليل قرب بين السيسي والعرجاني ، كما أنها أقيمت بالقرب من الحدود المصرية مع غزة بمنطقة صحراوية خالية وأقام العرجاني المدينة الجديدة على مساحة 15 كيلومترًا مربّعًا، تحتل فيها المنشآت وحدها مساحة تقدر بنحو 10 آلاف فدان جنوب مدينة الشيخ زويد وفي منطقة “مربعة البرث” – إحدى قرى مركز ومدينة رفح بشمال سيناء- ستقام مدينة رجل الأعمال العرجاني المنتم لقبيلة الترابين ورئيس اتحاد قبائل سيناء ووفق تقديرات استراتيجية، يعد اطلاق اسم السيسي على منشآت نفذتها شركات خاصة، عربون صداقة، له ما بعده، من مناقصات وشراكات، قد يكون الفساد عنوانها…
- تعزيز النعرات القبلية والعرقية:
وتمثل فكرة الاتحاد ، خطرا على الأمن القومي المصري، ويعزز لدى القبائل العربية فكرة التمسك بأصولها وعدم الانخراط في المجتمع المصري، ويحيي النعرات القبلية التي تخلى بعض من أفراد القبائل عنها وانخرطوا في المجتمع المدني وقد كان بيان قبائل الصعيد وغرب مصر المنتمين لنسل شيخ العرب همام، بعدم الاعتراف بقبائل سيناء، أصلا ، كقبائل عربية أصيلة، كاشفا، إذ أكد ان جذور عائلات مصر الأسلية، من تقيم بالصعيد ومناطق غرب مصر، أما قبائل سيناء، فمجرد بقايا ليهود الدونمة وبقايا التتار وبعض العرقيات الأخرى، وهو ما ينزع صفة العربية عن تلك القبائل، ويؤكد أن الهدف من تأسيس الاتحاد ، أمورا أخر تتعلق بالاستحواذ السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لصالح مقربين من أسرة السيسي وأصدرت جماعة تطلق على نفسها “مشايخ القبائل العربية في الصعيد والغرب” في مصر، بياناً اليوم الخميس 9 مايو الجاري ، هاجمت فيه تأسيس ما يسمّى “اتحاد القبائل العربية” الذي تأسس رسمياً قبل أيام برئاسة رجل الأعمال المقرّب من النظام المصري، إبراهيم العرجاني وأشارت الجماعة إلى أنها توجه بيانها للإعلام المصري وقيادة الجيش والشرطة وجميع أجهزة الدولة المصرية، قائلة إن “المدعو إبراهيم العرجاني لا يمثل القبائل العربية في مصر، وإن الاتحاد الوهمي للقبائل العربية، باطل بعرف العرب ولا يستند إلى شرعية“وأوضح البيان أن ذلك لعدة أسباب وهي أن “شيخ القبائل العربية أو أي اتحاد عربي تحت اسم القبائل العربية في مصر، لا بد أن يكون من النسل الهاشمي الشريف حسب عرف القبائل محبة في سيدنا رسول اللّه صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وأن أحفاد شيخ العرب همام أمير الصعيد وبرقة وشمال السودان، هم المكلفون بهذا الأمر مع إخوانهم مشايخ القبائل في الصعيد والغرب، لأن أنسابهم وأصولهم ثابتة وتعود للنسل الهاشمي الشريف“وأضاف أنه “لم يذكر التاريخ أن لقبائل سيناء مشيخة على القبائل العربية في الصعيد والغرب، وذلك لأسباب نسبية حيث إن نسبة 60% إلى 65% من أهالي سيناء لا علاقة لهم بالعرب ولا القبائل العربية، وأصولهم تعود لبقايا التتار والصليبيين ويهود الدونمة الذين انهزموا في مصر مع هولاكو وبقايا جيش ريتشارد قلب الأسد الصليبي بالإضافة إلى الإنجليز” على حد زعم البيان وقال البيان إن “المدعو إبراهيم العرجاني، قام بالمتاجرة بمعاناة أهلنا في فلسطين وغزة واستغلال مأساتهم، حيث إنه يأخذ على (الرأس) عشرة آلف دولار، هو ومجموعة بلطجية، وهذا عار في حق أهالي وقبائل سيناء للأبد، لأن العرب الأصليين يجيرون المستجير ويقفون جنباً إلى جنب مع إخوانهم العرب. وما فعله العرجاني يدل على أنه لا علاقة له بالقبائل العربية ولا ينتمي لها وبالتالي لا يصلح أن يكون ممثلا لأي تجمع أو اتحاد عربي“ ونشر السياسي المصري يحيى القزاز بيان “قبائل الصعيد” على حسابه على منصة “إكس”، معلقاً: “بيان آخر من مشايخ قبائل الصعيد والغرب يستنكر قيام اتحاد القبائل العربية. لم ينجح الاستعمار في إشعال الفتن وفك لحمة الشعب المصري وضرب الوحدة الوطنية بقدر ما نجحت هذه السلطة”. مضيفاً “السلطة أدخلتنا دوامة الصراع القبلي الذي يقضي على الدولة بسهولة“.
خامسا: ملاحظات بنيوية:
ووفق خبراء ومراقبين، فهناك العديد من الملاحظات البنيوية حول التحالف، ومنها:
أولا : القبائل العربية في مصر بمفهومها الواسع أي القبائل التي دخلت مصر مع وبعد الفتح الإسلامي تمثل نصف مصر تقريبا (القحطانيون والعدنانيون والأشراف وهم من يستهدفهم الاتحاد الجديد ) فهل يصح تأسيس اتحاد لنصف سكان مصر ويكون رئيسه الشرفي السيسي؟ وماذا عن النصف الثاني وهل من حقه تأسيس اتحاد آخر ومن سيكون رئيسه؟!
ثانيا : بالمعنى الضيق فإن المقصود بالقبائل العربية، هي القبائل البدوية التي تسكن الصحراء أساسا وان كان الكثير منها الآن أصبح داخل عمق الوادي، وهؤلاء من كانوا يوصفون بالعربان، وقد أصدر الخديوي عباس حلمي قانونا لهم اسمه قانون العربان سنة ١٩٠٥ وعدد تلك القبائل ٧٥ قبيلة كبرى تتفرع إلى فروع أصغر..
ثالثا: بهذا المعنى الضيق للقبائل العربية ، فيوجد ٣ تكتلات أساسية، أولها: سيناء وما حولها، وثانيها الساحل الغربي وقلبه مطروح و يمتد غربا حتى السلوم وشرقا حتى البحيرة، وثالثها مصر الوسطى وهو الظهير الصحراوي الممتد من الفيوم مرورا ببني سويف والمنيا وحتى أسيوط
رابعا : عقب ثورة يناير ثم بعد الانقلاب تأسس أكثر من اتحاد للقبائل، كان أولها ائتلاف القبائل العربية، الذي تأسس عقب ثورةً يناير بمبادرة شعبية ولكنه تجمد بعد الانقلاب، ويوجد اتحاد القبائل في سيناء برئاسة العرجاني والذي خاض معركة الحرب على داعش مع الجيش، وهو الذي تم توسيعه ليصبح اتحاد القبائل العربية في مصر عموما وبرئاسة العرجاني أيضا والرئيس الشرفي السيسي، وثالثها هو اتحاد القبائل العربية والمصرية ويرأسه موسى مصطفى موسى وكان يحظى برعاية رسمية أيضا من السلطة والأجهزة الأمنية ولا نعرف الآن مصيره وغالبا سيتم دمجه في اتحاد العرجاني.
خامسا : من المحتمل ان تشكل قبائل سيناوية ليست على وفاق مع العرجاني اتحادا آخر ، فكيف سيكون الوضع وهل سيسمح لهم؟!
سادسا: كان من الممكن تفهم وجود اتحاد لقبائل لسيناء أو للقبائل العربية في مطروح أو الوادي للفت نظر الدولة إلى احتياجات تلك المناطق التنموية لكن تأسيس اتحاد للقبائل العربية عموما ستكون نتيجته -حتى بدون قصد مؤسسيه ورعاته- هي تقسيم المجتمع المصري إلى مصريين فراعنة ومصريين عرب، وهو ما يستتبعه من أثار وتداعيات.
سابعا : الخيار الأمثل لأبناء القبائل العربية هو المزيد من الاندماج في مؤسسات المجتمع المدني الحديثة من أحزاب ونقابات ونوادي الخ ، خاصة أنه لا يوجد تمييز مقنن ضدهم، وكيف يكون ذلك وقد كان منهم الزعماء الشعبيين مثل أحمد عرابي وحمد الباسل الخ. كما تبوأ أبناءهم أعلى المناصب حساسية مثل المشير عبد الحكيم عامر والمشير أبو غزالة والفريق صفي الدين أبو شناف وغيرهم؟!
ثامنا : هدف الاتحاد الجديد المعلن هو دعم الدولة، وكلمة الدولة هنا تستخدم للدلالة على السلطة، فالدولة بتعرفيها السياسي هي أرض وشعب وسلطة حاكمة، وكلنا جزء من الدولة، اذن المقصود هو دعم السلطة الحالية التي تشعر بتآكل شعبيتها وتريد صناعة ظهير شعبي جديد لها، هذا الظهير قد يساعد السلطة مؤقتا لكنه سيمثل خطرا على الدولة ذاتها وتجربة الدعم السريع في السودان ماثلة للجميع.
تاسعا: اسرائيل المستفيد الأول، اذ يتوقع خبراء أن تكون اسرائيل أول من يعترف بدولة القبائل في سيناء والتفرقة بين أبناء الوططن الواحد أمر مقيت، يدمر الدولة .. .. لماذا الان اتحاد للقبائل وربما غدا اتحاد الصعايدة وبعده اتحاد قبائل مطروح وربما قادما غيره من المناطق والفئات ؟.. لماذا الذهاب إلى العصبيات والإثنيات .. ومصر دولة وجمهورية ومواطنيها يتمتعون بكافة الحقوق وهل سيتم تسليح كل اتحاد او جماعة ؟ولماذا ؟ ..ماذا ينتظرنا إذا سرنا في هذا المسار ؟”.
سادسا: سيناريوهات المستقبل:
-العرجاني بين “حميدتي” و”فاجنر”:
ووفق تقديرات سياسية، يمثل الاتحاد خطرا على السيسي نفسه، ويخشى أن يقود العرجاني تاجر السلاح والمخدرات وصاحب السجل الإجرامي، انقلابا مسلحا على السيسي، أو على من يأتي بعده، كما فعلها من قبل تاجر الجمال السوداني محمد حمدان دقلو (حميدتي) مؤسس قوات “الدعم السريع”، عام 2010، والذي تقود مليشياته حربا على الجيش السوداني منذ أبريل 2023، اقتطعت خلالها نحو نصف السودان واندلعت في منتصف أبريل من العام الماضي حربٌ بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وقدرت الأمم المتحدة في يناير الماضي عدد النازحين جراء الحرب بـ”حوالي 8 ملايين شخص”، مشيرة إلى “مقتل نحو 14 ألف سوداني“.
يشار إلى أنه في الوطن العربي أمثلة عن تجارب تأسيس مليشيات مسلحة بقرار من الدولة ويكن ذلك خطر بالغ على الدول وأمنها..وبقراءة التجارب تتحول تلك التشكيلات إلى قوة مهيمنة ليس فقط في المجال العسكري بل حتى في المجالين السياسي والاقتصادي..ويخدم وجود العرجاني في المشهد السياسي، أهداف القيادي بفتح محمد دخلان، والأكثر ارتباطا اسرائيل والامارات، ويتحول العرجاني إلى اليد الطولى لمحمد دحلان وإسرائيل في مصروقد سبق السيسي الجميع وستخدم العرجاني، لتوريط الرئيس محمد مرسي حين تم اغتيال الجنود والضباط في شهر رمضان في سيناء..وكذا خطف الجنود من على الحدود..والآن يستخدم دحلان العرجاني لزرع ميليشيات مزدوجة المهام تحسبا لما هو قادم حتى يواجهوا الفلسطينيين والمصريين مستقبلا بطريقة غير رسمية شكلا، لكن بتخطيط وتحريض رسمي من السيسي..وعند غياب الدولة وتصدر العصابات المشهد تظهر المليشيات والكيانات الإجرامية للاستحواذ والسيطرة على المشهد..وفكرة اتحاد القبائل برئاسة العرجاني أقرب إلى أن يكون ميليشيا لملء الفراغ في سيناء، وإدارة عمليات إجرامية..كما من المتوقع أن تكون مثل تلك الميليشيات التي تمتلك العتاد والسلاح والأموال أكبر خطرا على الدولة المصرية بل على المنطقة.. كما الخال في السودان، حيث حول حميدتي السودان لساحة حرب وفوضى..الا أن العرجاني، أخطر من حميدتي، وسيناء أكثر خطورة من السودان، فهي هدف الصهاينة والغرب، ومطمع جميع الأعداء، وبوابة مصر الشرقية..وهو ما يقرب أكثر من غطرة شركة فاجنر الروسية، التي تغولت اقتصاديا وعسكريا، حتى كادت تببتلع الدولة في روسيا، وهو ما استدعى بوتين للتخلص من رئيس الشركة في حادث طائرة، مدبر، وذلك لكي يتمطن من السيطرة على العصابات واخضاعها لسلطة بوتين…وهو الأمر الذي قد لا يتحقق للسيسي في حال خرج العرجاني عن التص المرسوم له.
- تفكيك الدولة المركزية:
ويعد تأسيس كيان سياسي على أساس عرقي أو قبلي أو طائفي، حتى وإن تدثر بغطاء جمعية أهلية، مؤسسة طبقا لقانون وزارة التضامن الاجتماعي كما يدعي مؤسسيه، فإنه يتعارض مع أسس الدولة الوطنية القومية ومقوماتها وسلامتها ووحدتها أرضا وشعبا، ويهدد تماسكها وتلاحمها.
وهو ما يستوجب من الأحزاب والقوى الوطنية التصدي لكل مظاهر التقسيم ومشاريعه، بأدواتها وتنوعاتها كافة، وإعلان رفضها لأي ممارسات ومخططات تستهدف سلامة الوطن أرضا وشعبا ويعبر استعانة الدولة المصرية، بمليشيا وتنظيم قبلي، عن اهتراء تلك الدولة تماما، وباتت في درجة من الضعف الذي يلجئها للتعاون مع القبائل وتدفع بقياداتها لسدة الاعلام والاقتصاد والسياسة ، طلبا للدعم..وهو ما يضع المواطن المصري في ورطة غير مسبوقة، اذ لا يعلم موقفه، اذا تعرض لاي تجربة سلبية مع اي عنصر من عناصر هذه الميليشيات؟؟وقد تفاجأ المصريون باستغاثات شعبية عديدة خرجت عبر وسائل الاعلام والميديا، من استغاثات موجهة إلأى الشيخ ابراهيم العرجاني، من قبل أسرة مصرية مقيمة بغزة، للمساعدة باعادتها إلى مصر…وكذا استغاثة إحدى السيدات المصريات بمدير شركة فالكون للأمن ، المجرم السابق صبري نخنوخ لاعادة حقها…وهو ما يعد مؤشر خطير على انسخاب الدولة من مسئولياتها، وتصدير شخصيات مشبوهة للمشهد السياسي والامني والاقتصادي بمصر!!!
- موت السياسة وتصدر العشائرية:
في الوقت الذي كان يُحتفل بتأسيس ما يسمى بـ”اتحاد القبائل العربية” في مصر، الكيان العشائري الجديد الذي يرأسه رجل الأعمال المقرب من النظام إبراهيم العرجاني، والذي أضحى يصدر البيانات التي تخاطب المجتمع الدولي والمنظمات والهيئات الدولية بلسان سياسي “شبه رسمي”، باتت معظم الكيانات السياسية الأخرى تعيش حالة من التفتت والانهيار وانعدام الأثر، حتى إن البعض يذهب للحديث عن قتل السياسة في مصر ضمن مسار بدأ قبل سنوات وتصاعد تدريجياً.ويشهد ما تبقى من أحزاب سياسية انشقاقات واعتصامات ومشكلات داخلية وسيطرة أمنية عليها، والأمثلة كثيرة، آخرها الاعتصامات في الحزب المصري الديمقراطي والاستقالات في حزب الدستور وغيرهما. أما البرلمان فبات، وبحسب شهادات كثر، يُشكّل داخل أروقة الأجهزة الأمنية وأعضاؤه لا يمثلون الشعب تمثيلاً حقيقياً، ولا يمارسون دورهم الطبيعي في التشريع ومراقبة عمل الحكومة. ولا يبدو وضع الجامعات أفضل، إذ إنها بلا صوت وسط كيانات طلابية “مدجنة” تُشكّل بمعرفة الأمن. يُضاف إلى كل ذلك عشرات الآلاف من المعتقلين السياسيين الذين يقبعون في أقبية السجون في ظروف شديدة القسوة بسبب آرائهم السياسية، بعد 11 عاماً من الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013 وتبقى المخاطر مفتحة أبوباها، في ظل هذا الوضع والتكوين، لا سيما في وقت حساس للغاية، يجرى فيه الحديث عن وضع منطقة سيناء في هذا التوقيت من الحرب على غزة، والمخطط الإسرائيلي لتهجير أهالي فلسطين إلى سيناء، خط الحماية الأول بيننا وبين دولة الاحتلال الإسرائيلية، ونفاجأ بهذا الكيان مجهول الهوية الذي يتعارض معارضة كاملة مع الدستور المصري والقانون…بل ويعلن عن عمله لاقامة دولة فلسطينية!!!
……………………
مراجع:
……….
أخبار الغد، أنور االهواري: المصريون قلقون على مستقبل بلدهم بعد إنشاء اتحاد القبائل العربية، 5 مايو 2024
العربي الجديد، اتحاد القبائل العربية في سيناء… مليشيا أم داعم للدولة؟، 5 مايو 2024
عربي 21، شركة “هلا” تحصد 600 مليون دولار من سفر الفلسطينيين من غزة، 4 مايو 2024
العرب، مراقبون: صحوات (اتحاد القبائل العربية) تشكيل مسلح يخرق الدستور، – 4 مايو، 2024
زاوية ثالثة، الاعتراف باتحاد “العرجانى ” ومدنية “السيسى الجديدة” برفح ..قرارات المنقلب بشأن سيناء فى صالح الكيان الصهيونى، 3 مايو 2024
مدى مصر، كيان مريب.. ما خطورة تشكيل “اتحاد العرجاني” على أمن مصر؟، 5 مايو 2024
قطب العربي، القبائل العربية في مصر.. توظيف سياسي وتأزيم اجتماعي، عربي 21، 5 مايو 2024
العربي الجديد، مركز حقوقي مصري يكشف تفاصيل زيارة العرجاني إلى “معسكر الجورة” في سيناء، 12 مايو 2024
سليم عزوز، هل كانوا يخافون على الدولة المصرية فعلا؟، 6 مايو 2024
عربي بوست، اتحاد القبائل العربية بمصر يثير جدلاً بعد تعيين العرجاني رئيساً له.. هل هو فصيل تابع للجيش أم “ميليشيا”؟، 2024/05/3
أخبار الغد، السفير عبدالله الاشعل: “اتحاد القبائل العربية” إعاقة لعمل الدولة وتم إنشاؤه لغرض سياسي يخدم النظام ولا يخدم الوطن، 7 مايو 2024
العربي الجديد، مجموعات سيناء تتوسع بالقتل خارج القانون في وجود الجيش المصري، 30 ديسمبر 2021
المنصة، اتحاد القبائل العربية: التنمية أم الميليشيا؟، 12 مايو 2024
العربي الجديد، “القبائل العربية في الصعيد وغرب مصر”: اتحاد العرجاني باطل ولا يمثلنا، 3 مايو 2024
العربي الجديد، قتل السياسة في مصر: أفول الأحزاب وصعود العشائر، 14 مايو 2024