إيران وإفريقيا: ماذا بعد مقتل رئيسي؟

فرض الغرب على إيران عقوبات اقتصادية قاسية؛ بسبب برنامجها وطموحها النووي، وهو ما أدخلها في عزلة سياسية، أثَّرت على علاقاتها الدولية سلبًا لأكثر من عقدين من الزمان؛ إلا أن تفاعلات السياسة الخارجية الإيرانية في الآونة الأخيرة، كشفت عن رغبة قادتها في كسر هذه العزلة وتجاوز تلك العقوبات، وهو ما حدا بهم للبدء في عملية انفتاح واسعة النطاق، تهدف إلى استعادة وترميم علاقاتها بالعالم الخارجي، بما في ذلك علاقاتها بالدول الإفريقية. وقد أولى رؤساء إيران السابقون -على تفاوتٍ فيما بينهم- اهتمامًا بالغًا بإفريقيا، باستثناء الرئيس حسن روحاني، الذي خبا النشاط الإيراني في إفريقيا خلال فترة رئاسته بدرجة كبيرة، فلما جاء الرئيس إبراهيم رئيسي، استهل رئاسته بالتأكيد على أهمية القارة، وحِرص إدارته على استعادة وتمتين وتطوير العلاقات الإيرانية الإفريقية. ومن ثمَّ؛ فيُعد حادث تحطُّم مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يوم الأحد 19 مايو 2024، والذي أودى بحياته وجميع من كانوا معه، من الأهمية بمكان يجعلنا نطرح العديد من التساؤلات حول تداعيات هذه الواقعة على ملف السياسة الخارجية الإيرانية تجاه إفريقيا. فما هو تاريخ العلاقات الإيرانية الإفريقية ودوافعها؟ وكيف يُمكن فهم ملامح السياسة الخارجية الإيرانية تجاه إفريقيا خلال عهد رئيسي؟ وكيف يُمكن أن يؤثر مقتل رئيسي على تلك العلاقات؟ تلك هي التساؤلات التي سنسعى للإجابة عنها خلال هذا التقرير..

أولًا: إيران وإفريقيا..

منذ الثورة الإسلامية، بدأ اهتمام جمهورية إيران الإسلامية بإفريقيا، لكن على مدار الخمسة والأربعين عامًا التي تلت الثورة، طرأت بعض التغييرات على سياسة إيران تجاه القارة نتيجة للتطورات التي شهدتها الساحتين الداخلية والخارجية لطهران، ومع ذلك، كان هدف إيران الإستراتيجي واضحًا منذ نشأة الجمهورية الإسلامية؛ وهو إبراز إيران بوصفها قوة تتجاوز كونها قوة إقليمية، والضغط على منافسيها، وخاصة الولايات المتحدة، في مناطق جغرافية أخرى للحصول على مزايا سياسية واقتصادية، وتخفيف تأثير العقوبات عليها، وتحييد إستراتيجية العزلة السياسية الموجهة إليها من خلال تشكيل شبكة من التحالفات القوية. لذا انتهجت إيران سياسة “المحور نحو إفريقيا” استجابةً للحاجة إلى مكافحة العقوبات، وتصدير نظرتها الثورية إلى العالم. وفي هذا السياق، هدفت إيران إلى مكافحة العزلة الإقليمية والدولية من خلال تشكيل شراكات مع الدول، والمناطق الذاتية الحكم، والجهات الفاعلة غير الحكومية، ومن خلال استخدام أدوات القوة الصلبة والناعمة في آنٍ واحد في إفريقيا؛ لتوسيع نفوذها الجغرافي خلال القارة. وفي إطار تلك الرؤية، التزم زعماء إيران على مدى العقود الماضية بترسيخ نفوذهم في القارة السمراء، رغم اختلاف آلياتهم لتحقيق هذا الهدف، فنجد أن إبراهيم رئيسي منذ تولِّيه منصبه في أغسطس 2021، ارتكز على سياسة خارجية تتماشى مع نظرة خامنئي إلى العالم، حيث دعا خطاب خامنئي إلى تنويع جذري في سياسة إيران الخارجية تجاه القوى الآسيوية الناشئة، والمستعمرات الأوروبية السابقة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، وعلى نطاق أوسع، بلدان الجنوب العالمي، فلا تحصر عقيدة خامنئي الامتداد الجيوسياسي لإيران في جوارها المباشر؛ وإنما تدعو إلى رعاية تكتلات مقاومة في جميع أنحاء العالم؛ لذا شجَّع رئيسي على التعاون الإيراني الإفريقي، وهذا ما ظهر بوضوح في تصريحاته المتكررة عن إصرار حكومته على توظيف الموارد الدبلوماسية للبلاد في جهود تفعيل التعاون مع الدول الإفريقية، على عكس سلفه حسن روحاني الذي أهمل التعاون مع القارة الإفريقية كأولوية إستراتيجية، بل تمحورت أجندته الخارجية حول رفع العقوبات من خلال السعي إلى الاتفاق مع الولايات المتحدة؛ ما جعل الاهتمام بالمصالح الإيرانية في القارة السمراء يتراجع.[1]

1. تاريخ العلاقات الإيرانية بإفريقيا: ما أن استقر نظام الحكم في إيران في أعقاب ثورة 1979، حتى توجّه الساسة إلى الفضاء الإفريقي يُعزّزون علاقاتهم بدول القارة، فتتابعت وتكرَّرت زيارات المسؤولين الإيرانيين للدول الإفريقية، وخاصةً على مستوى رؤساء الدولة؛ حيث زار الرئيس علي خامنئي (1981 – 1989) إفريقيا 7 زيارات لـ 6 دول هي: ليبيا والجزائر عام 1984، وتنزانيا وزيمبابوي وأنجولا وموزمبيق عام 1986، ثم عاود زيارة زيمبابوي في نفس العام. ثم واصل الرئيس التالي علي أكبر هاشمي رفسنجاني (1989 – 1997) الاهتمام بإفريقيا، فزارها 8 زيارات لـ 7 دول هي: السنغال والسودان عام 1991، وكينيا وأوغندا والسودان للمرة الثانية وتنزانيا وزيمبابوي وجنوب إفريقيا عام 1996. بعد ذلك زاد اهتمام الرئيس التالي محمد خاتمي (1997– 2005) بالدائرة الإفريقية، فزارها 10 زيارات لـ 10 دول هي: جنوب إفريقيا 1998، والجزائر والسودان عام 2004، ونيجيريا والسنغال وسيراليون ومالي وبنين وزيمبابوي وأوغندا عام 2005، وفي أقصى درجات الاهتمام زار الرئيس التالي محمود أحمدي نجاد إفريقيا 21 زيارة لـ 16 دولة هي: غامبيا والسنغال عام 2006، والسودان والجزائر عام 2007، والسنغال للمرة الثانية عام 2008، وكينيا وجزر القمر وجيبوتي، وغامبيا للمرة الثانية، والسنغال للمرة الثالثة عام 2009، وزيمبابوي وأوغندا ومالي ونيجيريا والجزائر للمرة الثانية عام 2010، وموريتانيا والسودان للمرة الثانية عام 2011، ومصر وبنين والنيجر وغانا عام 2013، بعد ذلك غابت الرئاسة الإيرانية عن الساحة الإفريقية، في عهد الرئيس حسن روحاني (2013-2021)، ثم عادت من جديد مع الرئيس إبراهيم رئيسي، وبدأ بعد سنتين من حُكمه في زيارة العواصم الإفريقية في يوليو 2023.[2] وقد شارك رئيسي في محادثات تهدف إلى تعزيز التعاون البرلماني مع الجمعية الوطنية في جنوب إفريقيا (أكبر شريك تجاري لإيران في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى)، وكذلك في غينيا بيساو، وبعد أشهر عدة، وتحديدًا في يناير 2022، استضاف رئيسي وزير خارجية توغو روبرت دوسي، في طهران؛ لمناقشة مستقبل شراكات اقتصادية وتجارية بين البلدين. وفي يوليو الماضي، قام رئيسي بجولة في ثلاث دول إفريقية شملت كينيا، وأوغندا، وزيمبابوي.

2. أدوات النفوذ الإيراني في إفريقيا: بنت إيران نفوذًا تدريجيًّا في إفريقيا من خلال التبادلات الدبلوماسية، والسياسية، والأمنية والبحرية، والتجارية، والثقافية المُتتابعة، ولتحقيق أهدافها الإستراتيجية، تستخدم إيران سياسات مختلفة على المستوى التكتيكي للتوغل في الداخل الإفريقي: أولها؛ القوة الناعمة: فمنذ الثورة الإسلامية، نفذت طهران هذه الأنشطة من خلال مؤسسات رئيسة، مثل مؤسسة مستضعفان، والهلال الأحمر الإيراني، ووزارة الإرشاد الإسلامي والثقافة، ومنظمة الثقافة والاتصال الإسلامي، وجامعة المصطفى. وبالإضافة إلى هذه المؤسسات، تشارك المجموعات البرلمانية، وجمعيات الصداقة، وغرف التجارة والمنظمات الخيرية، والمعاهد الدينية والجامعات، في تدشين علاقات وثيقة مع شعوب القارة الإفريقية، وتقديم مختلف أنواع الدعم لدول القارة وجماعاتها من خلال برامج التنمية، كما نشطت إيران في بناء تيارات شيعية في ساحل العاج، وليبيريا، والكاميرون، ونيجيريا، والسودان. وثانيها؛ التوغل عبر أذرع إيران الإرهابية: كُلِّف فيلق القدس، التابع للحرس الثوري، بتنفيذ عمليات عبر الحدود، لتوسيع العمق الإستراتيجي للبلاد خارج الشرق الأوسط إلى إفريقيا؛ من خلال عدد من الآليات، مثل تهريب الأسلحة، وتهريب النفط، فضلًا عن توفير الأسلحة للجماعات الإرهابية، والأنشطة التعليمية. وثالثها؛ التدخل المباشر: تطور إيران علاقاتها مع الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية في القارة الإفريقية على ثلاثة مستويات؛ فإذا كانت الدولة تنتمي إلى دين غير الإسلام فإن إيران تُقدِّم مساعدات إنسانية تُلبِّي الاحتياجات على نحوٍ مباشر. وإذا كان الطرف المقابل مسلمًا وليس شيعيًّا، فإن إيران تؤكد الوحدة، بحجة أن الاختلافات الطائفية لا تهم، ووجوب وجود جبهة موحدة ضد أعداء الإسلام. أما المستوى الثالث من التفاعل مع دول إفريقيا فيحدث إذا كان الدولة المستهدفة شيعية، حيث تُبذَل جهود مباشرة لبناء قوة وكيلة داخل محور المقاومة، أما إذا كان التفاعل مع الجماعات المعارضة التي تخضع لهيكل دولة مركزية قوية، فتُجرى أنشطة دعائية لتحقيق مكاسب إيرانية في الدولة المستهدفة، ولكن إذا كانت الجماعة المعارضة تحت هيكل دولة فاشلة، فسيُتَّبَع المسار المؤدي إلى تجارة الأسلحة والمعدات العسكرية. ورابعها؛ الزيارات الرسمية: اعتمدت إيران على توثيق علاقاتها الرسمية مع دول إفريقيا، خاصةً في عهد الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي. وخامسها؛ التغلغل الاقتصادي: تعطي طهران الأولوية للتنمية الشاملة للعلاقات مع الدول الإفريقية، ويُعزِّز هذا التوجه انعقاد المؤتمر الأول للتعاون العلمي والاقتصادي لإيران ودول غرب إفريقيا في مارس 2023 في طهران، وتمَّ خلال هذا المؤتمر التوقيع على 20 اتفاقية ومذكرة تفاهم متعددة الأطراف وثنائية بين إيران ودول غرب إفريقيا من أجل توسيع التعاون الاقتصادي الشامل وتعميقه، وتلاه المؤتمر الاقتصادي الثاني لإيران وإفريقيا، الذي عُقد في طهران في نهاية أبريل الماضي بحضور ممثلين من أكثر من 30 دولة إفريقية. فضلًا عن هذا، تحتفي طهران بالشراكة مع إفريقيا من خلال عمل نحو 10 آلاف شركة إيرانية في القطاعات التكنولوجية والعلمية، ما رفع إجمالي تجارة إيران مع الدول الإفريقية إلى مستوى ملياري دولار سنويًّا. وسادسها؛ شبكة تهريب الأسلحة: عند زيارة ساديو كامارا، وزير الدفاع لشؤون المحاربين القدامى في مالي، إيران في مايو من العام الماضي، أكَّدت إيران قدرتها على تزويد باماكو بالمعدات العسكرية، وتبادل الخبرات في الحرب على الإرهاب، في حين ظهرت في فبراير 2024 تقارير تفيد بأن الجانب الإيراني كان يزود القوات المسلحة السودانية بمسيّرات قتالية متقدمة لاستخدامها ضد قوات الدعم السريع، وكان يُعتقد أن طهران بهذه الطريقة تأمل الوصول إلى ميناء بورتسودان، وهو مرفق يوفر القدرة على استعراض القوة في البحر الأحمر. ولعل الأخطر في شبكة تهريب الأسلحة غير القانونية التي تمكَّنت إيران من بنائها في القرن الإفريقي، أنها تسمح لطهران بتهريب الأسلحة، وتزويد الحكومات والجهات الفاعلة غير الحكومية بها. ومع تصدير الأسلحة إلى بلدان القارة، مثل تزويد الجيش الإثيوبي بطائرات مسيرة من طراز مهاجر-6، وتزويد الجيش السوداني بطائرات مسيرة من الطراز نفسه، يبدو أن طهران تخطط لزيادة مبيعاتها من هذه الطائرات إلى القارة الإفريقية.[3]

3. دوافع وأسباب التوجُّه الإيرانية نحو إفريقيا: يُمكن تلخيص أسباب هذا التوجه الإيراني الطموحة في عدة نقاط: أولها؛ رسائل سياسية للغرب: حيث كان البرنامج النووي الإيراني سببًا في فرض الولايات المتحدة وحلفائها العقوبات تلو الأخرى على إيران؛ هذا وقد زادت السياقات الدولية المضطربة، وبخاصة الحرب الروسية الأوكرانية، من صعوبة هذا الأمر. ومن ثمَّ؛ فقد عمدت إيران إلى توجيه رسائل عملية شديدة اللهجة إلى الغرب، عبر انفتاحها على العالم الخارجي، بما في ذلك الساحة الإفريقية؛ للتأكيد على قدرتها على كسر عزلتها الدولية، والتخفيف من التأثيرات السلبية البالغة للعقوبات الغربية المفروضة عليها، بعيدًا عن ورقة ضغط الملف النووي. وثانيها؛ دعم إيران وتعزيز مكانتها في النظام الدولي: يخضع النظام الدولي حاليًّا لعمليات دقيقة، لا شك في أنها سوف تُغير من ملامحه كثيرًا، ومن هنا يبادر كل الفاعلين الدوليين، إلى تحصيل الأسباب التي تُعزِّز مكانتهم مستقبلاً في النظام الدولي الجديد المُرتقب، وهناك إجماع دولي غير مقصود لذاته، على أن الحضور في الفضاء الإفريقي، يُعد من أهم هذه الأسباب؛ فالأصوات الإفريقية في محافل المجتمع الدولي، لها تأثير لا يُستهان به، ومن هنا تسعى إيران إلى كسب القدر الأكبر من هذه الأصوات الإفريقية في جانبها. وثالثها؛ تعظيم العوائد الاقتصادية: تسعى إيران إلى تأمين وتنويع مصادرها من الموارد الطبيعية، كالمنتجات الزراعية والمعادن، كما تسعى إلى الحصول على خام اليورانيوم، لتغذية برنامجها النووي، في الوقت الذي تُعدّ فيه إفريقيا من ناحية أولى سلة غذاء العالم، والمنجم الأكبر عالميًّا للهيدروكربونات والمعادن والعناصر المهمة، وبخاصة عنصر اليورانيوم؛ حيث تمتلك منه ما يُقدَّر بحوالي 18% من الاحتياطي العالمي. ومن ناحية ثانية تساعد البيئة السياسية والأمنية غير المستقرة في إفريقيا، على تهريب كافة البضائع بما في ذلك اليورانيوم، ومن ناحية ثالثة تُعدّ إفريقيا السوق الأكبر عالميًّا لاستيراد البضائع والخدمات، والتي تَجْني الاقتصادات المتعاملة معها أرباحًا طائلة، يصعب تحقيقها في أيّ مكان آخر حول العالم.[4]

ثانيًا: رئيسي وإفريقيا..

بحسب الخارجية الإيرانية، فقد كان الهدف عند بداية وصول الرئيس إبراهيم رئيسي للحكم، هو زيادة التجارة مع إفريقيا لأكثر من ملياري دولار سنويًا، وكسر العزلة الدولية المفروضة عليها من قبل الولايات المتحدة بعد تخلّي الرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترامب عن الاتفاق النووي عام 2018، وإعادة فرض العقوبات عليها، فضلًا عن تحسين الصورة الذهنية لبلاده لدى القارة بعد تجاهل سلفه حسن روحاني لها. لذا ركزت طهران على دول القرن الإفريقي بمعناه الضيق: “الصومال، إريتريا، إثيوبيا، جيبوتي” وبمعناه الواسع حيث السودان وكينيا. فضلًا عن الرغبة في استعادة العلاقات الدبلوماسية مع بعض الدول الإفريقية؛ مثل: السودان، وجيبوتي بعد قيامهما بقطعها دعمًا للسعودية في خلافها الشهير مع طهران عام 2016. لذا قام الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي في يوليو 2023، بأول جولة لرئيس إيراني للقارة منذ أكثر من 10 سنوات، شملت كينيا، أوغندا، وزيمبابوي، وهي زيارة وصفتها طهران بأنها “بداية جديدة” في العلاقات مع القارة، حيث تمَّ توقيع عدة مذكرات تفاهم في مجالات، مثل: الطاقة، الزراعة، تكنولوجيا المعلومات، والصناعة، كما عهد إلى نائبه “الرئيس المؤقت الحالي” محمد مخبر، برئاسة فريق عمل خاص للترويج للصادرات الإيرانية في إفريقيا. كما نجحت طهران العام الماضي في استعادة العلاقات الدبلوماسية مع جيبوتي، كما سعت طهران لتوطيد علاقاتها مع السودان، سواء في عهد البشير، أو بعد الإطاحة به؛ لإيجاد منفذ لها على البحر الأحمر، “ميناء بورتسودان”، الذي يُمكن من خلاله تزويد الحوثيين بالسلاح، خاصةً بعد معركة “طوفان الأقصى”، وتصاعد هجماتهم في باب المندب.[5]

1. ملامح سياسة رئيسي الخارجية تجاه إفريقيا: تجلَّت السياسة الخارجية لرئيسي تجاه إفريقيا في عدة ملامح: أولها؛ دعم انقلابات الساحل الإفريقي: حيث استغل رئيسي رفض قادة الانقلاب في منطقة الساحل: “مالي، بوركينا فاسو، النيجر” للنفوذ الفرنسي والأميركي، وقدَّم بلاده كأحد الداعمين لهذه الأنظمة الرافضة للهيمنة الاستعمارية، في إشارة لباريس وواشنطن، لذا أشاد، وبعد انقلاب النيجر، “بمقاومة هذه الدول الإفريقية للسياسات الأوروبية المهيمنة والاستعمار”. وفي يناير الماضي وخلال لقاء الرئيس الإيراني المؤقت حاليًا محمد مخبر في طهران برئيس وزراء الانقلاب في النيجر، أكد مخبر إدانة بلاده لما وصفها “بالعقوبات القاسية التي يفرضها نظام الهيمنة”. مؤكدًا مشاركة بلاده: “الخبرات التي لدينا في هذا المجال مع إخواننا في النيجر”. ويتردد أن طهران تستهدف من هذا التقارب الحصول على حصة من يورانيوم النيجر “300 طن”. وثانيها؛ مواجهة الحركات الجهادية السنية: بعد اكتمال انسحاب القوات الفرنسية من مالي في أغسطس 2022، والذي كان أحد أسباب تواجدها مواجهة الجماعات الجهادية في الشمال المتحالفة مع حركة الطوارق الراغبة في انفصال الشمال، قام وزير الخارجية الإيراني الراحل حسين عبد اللهيان بزيارة مالي. وتحدّث عبد اللهيان في الزيارة عن “مكانة مالي المهمة في سياسة طهران الخارجية” و”ثقته في فتح فصل جديد في العلاقات الجديدة بين الجانبين، واستعداد بلاده لتقديم الدعم لحكومة مالي لمواجهة هذه التنظيمات الجهادية “السنية المسلحة”، وهو ما أكَّد عليه أيضًا وزير الدفاع محمد رضا أشتياني، خلال لقائه نظيره المالي في مايو 2023. وثالثها؛ توظيف المستجدات: عمل رئيسي على استغلال المستجدات السياسية والعسكرية لصالح بلاده، وآخر وأبرز أمثلة ذلك استغلاله للرفض الإفريقي الرسمي والشعبي للعدوان الصهيوني على غزة بعد “طوفان الأقصى”، لصالح بلاده في القارة، حيث عمل على تقديم طهران كأحد أبرز الداعمين الأساسيين للمقاومة في غزة رفضًا للظلم والعدوان، وللمطالبة بحق تقرير المصير، وهو أحد المبادئ الأساسية التي قامت عليها منظمة الوحدة الإفريقية، ومن بعدها الاتحاد الإفريقي. عمل أيضًا على استغلال التقارب الروسي الإيراني الأخير، خاصةً في مجال الأمن وتوريد السلاح، كأحد المداخل في توطيد علاقاتها مع دول القارة، مُستغلًا تحالف بلاده المُسبق مع موسكو في سوريا، وبعدها في حرب أوكرانيا. وهنا بدأت إيران تُقدِّم نفسها كأحد بدائل موردي السلاح، خاصةً ما يتعلَّق بالمسيرات التي أثبتت فاعليتها من قبل في أوكرانيا، وفي حرب إثيوبيا ضد التيجراي.[6]

ثالثًا: مقتل رئيسي وتأثيره على سياسة إيران تجاه إفريقيا..

الأسماء التي كانت برفقة الرئيس الإيراني الراحل على متن المروحية هم: حسين أمير عبد اللهيان وزير الخارجية، آل هاشم إمام جمعة تبريز، ومالك رحمتي محافظ أذربيجان الشرقية، وسيد مهدي موسوي رئيس وحدة حماية الرئيس، وعنصر من الحرس الثوري، إضافةً إلى الطيار ومساعد الطيار ومسؤول فني. وبإمعان النظر في الأسماء المذكورة، سنجد أن ثلاثة أسماء على الأقل كان لهم أدوار رئيسة في ملفات إيران الخارجية بصفة عامة، وتجاه إفريقيا بصفة خاصة، يأتي على رأسهم الرئيس الراحل ووزير خارجيته. عبد اللهيان على سبيل المثال، كان قد حصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في العلاقات الدولية من جامعة طهران، وأمضى خمس سنوات نائبًا لوزير الخارجية للشؤون العربية والإفريقية من 2011 وحتى 2016، وهي الفترة التي شهدت الكثير من التفاعلات العربية والإفريقية على حدٍّ سواء، قبل أن يتقلَّد منصبه الأخير وزيرًا للخارجية في أغسطس من عام 2021 حتى وفاته. اللهيان كان طوال هذه السنوات يضع علاقة إيران بجوارها على رأس أولوياته، ومن بينهم العرب والأفارقة على وجه التحديد. وهو نهج مُغاير عن نهج سلفه، محمد جواد ظريف؛ حيث شهدت فترة توليه وزارة الخارجية الإيرانية درجة من الركود في سياسة إيران تجاه إفريقيا.[7]

1. مصير العلاقات الإيرانية الإفريقية بعد مصرع رئيسي: تكثر التكهنات بشأن تداعيات مقتل الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي على العلاقات الخارجية لطهران، خاصةً مع القارة الإفريقية، فربما تتراجع وتيرة تطوير العلاقات بين إيران وإفريقيا؛ نظرًا إلى مستجدات الأوضاع السياسية في إيران، وترتيب المشهد في الداخل الإيراني بعد حادثة وفاة الرئيس. لكن بعد استقرار الأوضاع في الداخل الإيراني، وانتخاب رئيس جديد، من المُرجَّح أن تكون أولوية إيران انتهاز فرصة توتر العلاقات بين الغرب والدول الإفريقية، لاسيما الواقعة في غرب إفريقيا؛ لملء الفراغ الأمني والاقتصادي؛ لتعزيز حضور طهران، ومد نفوذها في غرب إفريقيا. إن المرحلة التالية بعد رئيسي لن تتغير فيما يتعلق بالنهج الذي تسلكه القيادة الإيرانية، حيث المحدد الأساسي لطبيعة النظام السياسي يعود إلى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، الذي يرسم توجهات الدولة؛ ومن ثمَّ فإن الرئيس القادم لإيران سيمضي في تنفيذ توجهاته، ومن ضمن أبرز تلك التوجهات توثيق العلاقات بين إيران ودول إفريقيا، خاصةً تلك الدول التي تتسم علاقاتها مع الغرب بالتوتر؛ لذا ستعود إيران في توظيف كل أدواتها الصلبة والناعمة لتعزيز صورة إيران في القارة السمراء على أنها نموذج تنموي بديل للدول الغربية؛ وهو ما سيؤدي إلى تحقيق عدد من المكاسب الإستراتيجية لإيران، من أهمها تعزيز النفوذ السياسي لإيران في إفريقيا، وتنويع شركائها التجاريين، وفتح أسواق جديدة لمنتجاتها في القارة الإفريقية التي تتمتع بإمكانات اقتصادية كبيرة، إلى جانب كسر العزلة الاقتصادية المفروضة عليها، وتقليل تأثير العقوبات الغربية على اقتصادها. ويدلل على سيناريو عودة العلاقات الوثيقة بين إيران والدول الإفريقية، وعدم تأثرها بوفاة الرئيس الإيراني، أنه بعد أقل من أسبوع على الحادثة المروعة لرئيسي، اتفق وزير الخارجية السوداني حسين عوض والقائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني على باقري، خلال اجتماع جمع بينهما في طهران في 25 مايو الماضي، على تسريع عملية إعادة فتح سفارتي البلدين، وهو ما أنهى حالة القلق التي كشفت عنها ردود الفعل من الزعماء والحكومات الإفريقية بعد وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، الذي عُرف بتصميمه على استعادة حضور إيران ونفوذها في إفريقيا، سواء عن طريق المد الشيعي، أو المد الاقتصادي العيني، أو حتى المد العسكري لبعض الجماعات المُتشددة.[8] إلا أن ذلك لا يمنع أن كل رئيس يُضفي لمسته الخاصة على تلك العلاقات، ومن ثمَّ؛ يُمكن القول أنه ستكون هناك مجموعة من الثوابت والمتغيرات في العلاقات بين الجانبين.

2. الثابت في سياسة إيران تجاه إفريقيا ما بعد رئيسي: على الرغم من صعوبة وجود ثوابت حاكمة في السياسة الخارجية بصفة عامة؛ إلا أن الجوانب التالية تُعتبر بمثابة أركان أساسية في سياسة إيران الخارجية تجاه إفريقيا، حتى على الرغم من التوجُّهات المختلفة نسبيًّا للإدارات المتعاقبة: أولها؛ الحاجة المستمرة لتأمين موطئ قدم في قارة جاذبة للقوى الخارجية الكبرى، وكسب الكتلة التصويتية الإفريقية لصالحها في المحافل الدولية المختلفة. وثانيها؛ إعادة إحياء وتفعيل دبلوماسية القمم المشتركة، كما في قمة طهران إبريل 2024، والتي استهدفت من خلالها توسيع مساحة التعاون الاقتصادي مع الدول الإفريقية. وثالثها؛ التقدُّم ولو خطوة واحدة للأمام في طريق إنشاء أول قاعدة عسكرية لها في إفريقيا، من خلال مُتابعة مجمل التفاعلات الجارية في مختلف الأقاليم الفرعيّة الإفريقية، والتي يغلب عليها الطابع الصراعي على حساب الطابع التعاوني، بما فيها تلك المناطق شديدة الاضطراب والتي تُعتبر بمثابة بيئة مواتية للاختراق، ومن ثمَّ السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية على أراضيها مقابل حصولها على ميزات مالية وأخرى مادية. ورابعها؛ فتح آفاق جديدة لصفقات السلاح الإيراني في المناطق الأكثر اضطرابًا في إفريقيا، حيث تحاول إيران استغلال الأوضاع المعقدة في بعض الدول الإفريقية لعقد صفقات أسلحة سرية ومُعلنة في بعض تلك المناطق، لم تكن أولها حرب تيجراي، ولن يكون آخرها الحرب الأهلية الجارية في السودان؛ حيث قامت مؤخرًا بتزويد الجيش الوطني السوداني بمُسيرات من أجل حسم بعض المعارك في الخرطوم.[9]

3. المُتغير في سياسة إيران تجاه إفريقيا ما بعد رئيسي: على الرغم من وجود سقف لا يُمكن للإدارات الإيرانية المُتعاقبة أن تخرج عنه بسبب نظام الحكم المعمول به، إلا أنه ورغم ذلك هناك قدر من التباين النسبي في توجُّه كل إدارة حاكمة على حدة، تبعًا لترتيب مصالحها والتحديات التي يفرضها الواقع في كل سياق. ومن بين الملفات التي قد تشهد تغيُّرًا تلك المُتعلِّقة بإفريقيا، والتي يمكن أن تشهد تغيُّرًا من الإدارات الإيرانيّة المُتعاقبة: أولها؛ التقديم والتأخير في ترتيب المصالح الإيرانية في إفريقيا، والتي تنحصر في ثلاث مصالح هي: المصالح الأمنية والعسكرية، والمصالح الاقتصادية، والمصالح الدينية. وثانيها؛ موقع المد الشيعي في أجندة إيران الخارجية تجاه إفريقيا، حيث إن إدارات إيران المُتعاقبة لا تتفق في النظر لهذه القضية باعتبارها أمرًا يأتي في مقدمة سلم الأولويات. ودليل ذلك، فتحها لعلاقات ثنائية وثلاثية مع دول لا يُمثِّل الإسلام فيها غالبية، مثل: كينيا وغانا وأوغندا، حتى ولو كان بها تمثيل شيعي طفيف. وثالثها؛ طبيعة وحدود شراكاتها الإفريقية بما في ذلك دعم مشروعات مشتركة وأنشطة خارج الغطاء الدولاري، حيث لا تغفل الإدارات المتعاقبة على إيران، مسألة إبرام شراكات ثنائية وجماعية مع إفريقيا، غير أن حدود هذه الشراكات هي ما تتباين من إدارة لأخرى. على سبيل المثال، شهدت فترة حكم رئيسي تقاربًا كبيرًا في علاقة إيران بدولة جنوب إفريقيا، وبالإضافة لذلك، عملت إيران على بناء علاقات مع دول إفريقية تواجه عقوبات غربية، حيث حصلت على سبيل المثال على اليورانيوم من زيمبابوي مقابل البترول. ورابعها؛ طبيعة وحدود تنافسها مع دول الخليج وتركيا في إفريقيا، والذي يختلف من وقت لآخر باختلاف أولويات السياسة الخارجية لتلك الدول، وتغيرات النظام الدولي. وخامسها؛ شكل وطبيعة الدعم الإيراني لبعض القضايا الإفريقية. أثناء زيارة رئيسي لأوغندا ضمن جولة إفريقية أجراها في يوليو 2023، قام بدعم أوغندا في القانون الذي أصدرته لمناهضة الشذوذ الجنسي ورتّب السجن مدى الحياة كعقوبة لهذه الجريمة، واستنكر الإدانات الغربية الواسعة للقانون الأوغندي. وعلى الرغم من موقف إيران الداعم لأوغندا في هذه القضية؛ إلا أن لإيران مواقف أخرى يُنظَر إليها باعتبارها مُساهمة في إحداث حالة من الاضطراب وعدم الاستقرار في مناطق وملفات أخرى إفريقية. المغرب على سبيل المثال قطع علاقاته معها في عام 2018 معلّلًا ذلك بأنه اكتشف أدلة على توفير إيران تدريب عسكري وإمداد وتموين لجبهة البوليساريو المُنادية بالانفصال عن المغرب. الأمر نفسه بالنسبة لشحنات أسلحة إيرانية وصلت إلى جهات غير حكومية عبر وكلاء في الصومال، فضلًا عن إلقاء الأجهزة الأمنية في غانا والسنغال وتنزانيا القبض على أشخاص يُشتبه في تبعيتهم لفيلق القُدس، أحد أفرع الحرس الثوري الإيراني.[10]

الخُلاصة؛ ستظل إفريقيا هدفًا جذابًا للقوى الدولية والإقليمية، وستظل مُحدِّدًا محوريًّا في علاقة إيران مع الدول الغربية. وعلى عكس حكم الرئيس الأسبق حسن روحاني فترتين متتاليتين، حيث تراجعت علاقات إيران مع إفريقيا، فإن الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي أشار إلى أن إفريقيا ستكون في أولوية علاقاته الخارجية والاقتصادية، ومنذ توليه الحكم عام 2021، ركَّز على تعزيز العلاقات مع الشرق، خاصةً مع روسيا والصين، والاتجاه إلى تأسيس علاقات مع دول الجنوب العالمي، خاصةً مع إفريقيا، ودول أمريكا اللاتينية. ويترك نظام الحكم المعمول به في إيران مساحة محدودة من التغيير بصفة عامة أمام أيٍّ من الإدارات المُتعاقبة، قد تتسع الدائرة قليلًا فيما يخص السياسة الخارجية لإيران؛ إلا إنها لا يُتصوَّر أن تشهد تغيُّرًا جذريًّا من إدارة لأخرى. وذلك بشرط ثبات المُتغيرات بطبيعة الحال في ظل القيادة الحالية. من ناحيةٍ أخرى، يُمكن القول بأن الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، على الرغم من سنوات حكمه القصيرة؛ إلا أنه نجح في تحريك المياه الراكدة بين إيران وإفريقيا، ولعل أمارة ذلك على سبيل المثال، ردود الأفعال الإفريقية إثر تحطم مروحيته والإعلان رسميًّا عن وفاته. لذا، وبغض النظر عن اسم الرئيس الإيراني المُقبل بعد إتمام المرحلة الانتقالية الجارية؛ فإنّ تغييرًا في سياسة إيران الخارجية تجاه إفريقيا يُتصوَّر أن يطال الأفرع فقط فيما يخص طبيعة وحدود شراكاتها مع إفريقيا، وأيٍّ من الدول الإفريقية تعتبرها دولًا محوريَّة، لكن من المُستبعَد أن يطال هذا التغيير الجذور؛ كما لو باتت أكثر انخراطًا في إفريقيا، وأصبحت تُمارس علانيةً أدوارًا لصالح أيٍّ من الأطراف المتصارعة كما تفعل روسيا أو فرنسا على سبيل المثال. وفي كلتا الحالتين، تبقى إفريقيا بالنسبة لإيران لاعبًا لا يُمكن الاستغناء عنه في معاركها المُمتدة مع الولايات المتحدة والغرب.


[1] غدي قنديل، “بعد رحيل رئيسي.. ما مستقبل إيران في قارة الفرص الذهبية؟”، مركز العلاقات العربية الأوراسية CAES، 31/5/2024. متاح على الرابط: https://2u.pw/unlMDMfX

[2] د. سعيد ندا، “إيران تتجاوز النووي.. وتستعيد نشاطها في إفريقيا”، قراءات إفريقية، 21/8/2023. متاح على الرابط: https://2u.pw/V4tjCLoT

[3] غدي قنديل، مرجع سبق ذكره.

[4] د. سعيد ندا، مرجع سبق ذكره.

[5] د. بدر حسن شافعي، “إيران بعد رئيسي.. هل تواصل سياستها الإفريقية؟”، الجزيرة نت، 29/5/2024. متاح على الرابط: https://2u.pw/0W2PcaeR

[6] د. بدر حسن شافعي، مرجع سبق ذكره.

[7] عمار ياسين، “ما بعد “رئيسي”: الثّابت والمُتغيّر في سياسة إيران الخارجيّة تجاه إفريقيا”، قراءات إفريقية، 28/5/2024. متاح على الرابط: https://2u.pw/fXG7ctPF

[8] غدي قنديل، مرجع سبق ذكره.

[9] عمار ياسين، مرجع سبق ذكره.

[10] عمار ياسين، مرجع سبق ذكره.

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022