واجه حزب الله اللبناني، في 17 سبتمبر 2024، أكبر اختراق أمني في تاريخه من خلال تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية المعروفة باسم “البيجر” التي يحملها عناصره – سواء العسكريون منهم أو بعض العاملين المدنيين في مؤسساته الصحية والاجتماعية والخدمية – في بيروت وضاحيتها والجنوب والبقاع، وبعض المواقع في سوريا (حيث سُجلت 11 إصابة بين عناصر حزب الله في ضواحي العاصمة السورية دمشق)[1]. وتبعه في اليوم التالي موجة تفجيرات متزامنة أخرى لأجهزة اتصال لاسلكي (ووكي توكي) يحملها عناصر الحزب[2]. وقد أسفرت التفجيرات عن 37 قتيلًا و2931 مصابًا[3].
أولًا: كيف حدثت تفجيرات أجهزة الاتصالات اللاسلكية في لبنان؟:
يعود استخدام عناصر حزب الله لأجهزة “البيجر” في التواصل فيما بينهم عبر الرسائل بالأساس إلي اعتقادهم بأنهم سيتمكنون من تجنب تعقب إسرائيل والتنصت عليهم، وبالتالي تتبع تحركات عناصر الحزب عبر هواتفهم واستهدافهم؛ لأن هذه الأجهزة لا تتطلب إنترنت أو شبكة لاسلكية، ولا تستخدم بيانات تحديد الموقع الجغرافي؛ مما يجعها آمنة نسبيًا مقارنة بالهواتف الذكية[4]. كما أن أجهزة البيجر تعمل عبر بطاريات ليثيوم أيون، التي تتميز بخفة وزنها وطول عمرها وكفاءتها في استهلاك الطاقة[5].
وفي محاولة تفسير كيفية تنفيذ التفجير، فقد طرحت ثلاث فرضيات رئيسية؛ ترجح الفرضية الأولى تنفيذ التفجير بواسطة اختراق بإشارة لاسلكية على الترددات التي تستقبلها هذه الأجهزة بما أدى إلى ارتفاع الجهد الكهربي بها ورفع حرارة البطاريات التي تغذيها فانفجرت البطاريات مُوقعة الإصابات لحاملي هذه الأجهزة. بينما ذهبت الفرضية الثانية إلى أن هذه الأجهزة لم تنفجر باستقبال إشارة لاسلكية أو عملية قرصنة ولكنها كانت تحتوي على أجهزة تفجير معدة مسبقًا وقد تم تفجيرها عن بعد بشكل آلي بما طال كل الأجهزة في كل المناطق اللبنانية وفي سوريا أيضًا في الوقت نفسه. تنافست الفرضيتان الأولى والثانية في التحليلات التي قدمت لبضعة ساعات قبل أن تخرج بعض التسريبات التي تتحدث عن صفقة حديثة لأجهزة الاتصال اللاسلكي تسلمها حزب الله خلال الشهور الأخيرة ووزعها على عناصره[6]، بما يرجح احتمالية الفرضية الثانية، أي أن هذه الأجهزة قد اخترقت على مستوى جسمها الصلبHardware وليس البرمجيات Software. بينما تبرز فرضية ثالثة تربط بين الاحتمالين الأول والثاني، وهي أن هذه الأجهزة قد تم العبث بها فعليًا وزُرع شيء ما بها ولكنه ليس جهاز تفجير بل جهاز استقبال على موجة خاصة تتحكم بها إسرائيل فقط، وعندما انطلقت الإشارة استقبلتها هذه الأجهزة وانفجرت على إثر ذلك عبر التلاعب بالبطاريات الداخلية بها.
الفرضية الأولى تستدعي أن يتم توجيه رسائل لاسلكية على الموجة الترددية التي تستقبلها هذه الأجهزة – أي معرفة هذه الموجة الترددية واختراقها على نطاق واسع يشمل بيروت والجنوب والبقاع ودمشق في الوقت نفسه، وهو أمر من الصعب حدوثه بهذه الدرجة من التزامن الدقيق. ولكن الفرضية الثانية والثالثة تعني أن هذه الأجهزة التي تم استيرادها حديثًا قد تم اختراقها وزُرع بها إما متفجرات دقيقة أو أجهزة استقبال مستقلة قبل أن تصل لعناصر حزب الله ومن ثم تم تفجيرها عن بعد، وهو ما يعني أن سلسلة الإمداد الخاصة بحزب الله قد تم اختراقها لزرع المتفجرات أو المستقبلات في هذه الأجهزة، إما من المصدر، أي من الشركة المُصنعة أو في مراحل النقل والتوريد.
لاحقًا، نُشرت تقارير تشير إلى ترجيح الفرضية الثانية، بما يعني زرع مادة متفجرة داخل الشحنة الأخيرة لأجهزة الاتصال النصية قبل وصولها إلى عناصر حزب الله. ومادة التفجير تلك كانت كفيلة بالتلاعب بالبطارية الداخلية لتحدث هذا الانفجار المحدود ولكنه قد يكون مميتًا إذا ما كان الجهاز قريبًا للغاية من الجسم، وهو عادةً ما يكون الحال لأنه جهاز يُحمل في الجيوب أو يثبت على الأيدي أو في حزام الخصر، وبالتالي يكون ملاصقًا لجسد من يحمله. وقد أعلنت الشركة التايوانية “جولد ابوللو” المصنعة أنه بمطابقة الأجهزة التي تم تفجيرها مع الأجهزة التي تنتجها الشركة، تبين أن الأجهزة التي كانت بحوزة حزب الله لم تصنعها الشركة التايوانية الأم ولكنها صُنعت بواسطة شركة أخرى في أوروبا تحمل رخصة تصنيع من تايوان ولكنها ليست منتجة للأجهزة الأصلية (أشارت تقارير إعلامية إلى أنها شركة (BAC) ومقرها المجر). بينما نشرت وزارة الاقتصاد التايوانية بيانًا يؤيد الشركة المصنعة ويرجح التلاعب بالأجهزة بعد تصديرها خارج تايوان بالفعل، إذ نفت وجود أي سجلات للتصدير المباشر إلى لبنان خلال الفترة الأخيرة[7].
ثانيًا: هل إسرائيل مسئولة عن هذه التفجيرات؟:
عزفت إسرائيل في البداية عن إعلان أي مسئولية لها عن الهجوم على أجهزة اتصالات حزب الله، كما تم توجيه أعضاء الحكومة الإسرائيلية إلى عدم التعليق على الهجوم. فيما ألمح أحد مستشاري رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى مسئولية إسرائيل عن هذا الهجوم قبل أن يتراجع ويحذف تغريدته[8]. وفي أول تصريح رسمي، فقد نفى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، تورط إسرائيل في هجمات أجهزة “البيجر”، في مستهل رده على سؤال “سكاي نيوز” البريطانية عما إذا كانت إسرائيل مسؤولة عن هجمات البيجر واللاسلكي التي وقعت في لبنان، قائلًا إنه “يرفض جملة وتفصيلًا أي صلة بهذه العملية”[9].
إلا أن بعض التفاصيل بدأت تتسرب إلى الإعلام الأمريكي من مصادر يبدو أنها إسرائيلية ولكن غير مسموح لها بالتصريح علنًا. أفادت المصادر الإسرائيلية بأن عملية تفجير أجهزة الاتصالات كانت مُعدة منذ مدة للتنفيذ في حال البدء في حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله بهدف شل حركة الحزب وقطع الاتصالات بين قيادته وعناصره. ولكن تنبه اثنين من عناصر حزب الله لاحتمالية أن يكون جهاز الاستقبال النصي مخترقًا عجل بتنفيذ عملية التفجير الواسعة لإحداث الضرر المرجو منها قبل اكتشاف الحزب لاختراقها وبالتالي استبعادها من الاستخدام[10].
كما نقل موقع “والا” الإسرائيلي عن مصدر إسرائيلي “مطلع على التفاصيل” لم يسمه، قوله: “تمت الموافقة على عملية تفجير أجهزة اللاسلكي من نوع بيجر بداية الأسبوع في إطار سلسلة من المشاورات الأمنية التي أجراها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع كبار الوزراء ورؤساء المؤسسة الأمنية وأجهزة المخابرات”[11]. كما أشار موقع “والا” أن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أجرى اتصالًا هاتفيًا بنظيره الأميركي لويد أوستن قبل دقائق من تفجير أجهزة الاتصال (البيجر)، ونقل الموقع عن مسؤول أميركي لم يسمه، أن غالانت أخبر نظيره الأميركي بأن إسرائيل تعمل على تنفيذ عملية صعبة في لبنان قريبًا، ورفض تزويده بمزيد من التفاصيل بشأن الهدف وكيفية التنفيذ[12].
ومما يرجح مسئولة إسرائيل عن هذه الحادثة، أن تل أبيب لها تاريخ طويل مع مثل هذه العمليات، حيث قامت الأجهزة الإسرائيلية باغتيال عدد من قادة فصائل المقاومة وخصوم آخرين، والأهم من ذلك إن التكنولوجيا لعبت دورًا محوريًا في عدد كبير من هذه العمليات. ففي عام 1996، استشهد المهندس يحيى عياش، الذي كان يعد من أبرز صانعي القنابل في حركة حماس، وذلك بعدما نجح عملاء إسرائيليون في زرع المتفجرات داخل هاتفه، وعندما استخدمه عياش انفجر الجهاز، ما أدى إلى مقتله على الفور. وفي عام 2010، كشف عن برمجية خبيثة تُعرف باسم “ستوكسنت (Stuxnet)”، والتي طورتها الولايات المتحدة وإسرائيل، استهدفت هذه البرمجية أنظمة التحكم الصناعية في منشآت تخصيب اليورانيوم في إيران، حيث تمكنت من تعطيل وتشويه عمل أجهزة الطرد المركزي، ما أدى إلى تأخير البرنامج النووي الإيراني بشكل كبير. كذلك لا يمكن تجاهل دور شركة “إن إس أو غروب (NSO Group) ” الإسرائيلية، التي طورت برنامج التجسس “بيغاسوس”، الذي يمكنه اختراق الهواتف الذكية دون علم المستخدم، ما يتيح الوصول إلى الرسائل والمكالمات والبيانات الشخصية، وحتى تفعيل الكاميرا والميكروفون عن بعد[13].
وبالتالي، فإن استخدام التكنولوجيا في استهداف المعارضين لإسرائيل ليست بالجديدة، ولكن الجديد هنا هو التوسع في استعمال تلك التقنية، بحيث تتخطى الاغتيال أو الضربة شبه الجراحية، لتأخذ صبغة عملية عسكرية واسعة، لا تفرق بين عسكري ومدني، تتساوى في ذلك مع أي قصف صاروخي عشوائي للمدنيين، وبذا تشكل إرهاب دولة بامتياز[14].
ثالثًا: لماذا قامت إسرائيل بهذه التفجيرات في هذا التوقيت؟:
لهذه العملية النوعية التي استهدفت حزب الله سياقان: الأول، بعيد، يتصل بما تُسمى “حرب الإسناد” التي أطلقها حزب الله ضد شمال إسرائيل بعد يوم واحد من عملية “طوفان الأقصى”، وذلك لتخفيف الضغط العسكري على حركة حماس وبقية الفصائل الفلسطينية، ولدفع إسرائيل إلى وقف حربها على القطاع. ومنذ ذلك الوقت تدور حرب استنزاف بين الحزب وإسرائيل على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، أدت إسرائيليًا إلى نزوح أكثر من 80 ألف إسرائيلي من بلدات ومستوطنات الشمال، وهو ما شكل ضغطًا كبيرًا، سياسيًا واقتصاديًا، على الحكومة الإسرائيلية[15].
وقد شهدت الفترة الأخيرة تصعيد كبير في حجم ومستوى عمليات الاستهداف الصاروخي من جنوب لبنان في اتجاه مستوطنات الجليل، وكانت البداية في الرابع عشر من فبراير الماضي، عبر استهداف عدة مناطق في أطراف مدينة “صفد”، منها مقر القيادة العسكرية الشمالية، وقاعدة “ميرون” للمراقبة الجوية، ومن ثم لوحظت زيادة مطردة في عمق الهجمات الصاروخية لحزب الله، التي وسعت دائرة الاشتباك من 4-5 كيلومترات داخل الحدود الإسرائيلية، إلى نحو 10-15 كيلومترًا؛ ما هدد نحو مئة ألف إسرائيلي آخر بالتهجير. وذلك بجانب مداومة الحزب على استهداف أنظمة المراقبة والتصوير والرصد في المستوطنات والمواقع العسكرية الحدودية، وكذلك أنظمة المراقبة الجوية “مناطيد – مسيرات”، وهو تكتيك مكلف على المستوى الإسرائيلي[16].
فيما تم رصد محاولات من جانب حزب الله لتنفيذ عمليات خاصة في العمق الإسرائيلي، من بينها عملية أعلن جهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشين بيت”، – وهو نفس اليوم الذي بدأت فيه التفجيرات التي طالت أجهزة اتصالات حزب الله، عن إحباطه محاولة للحزب، كان يخطط خلالها لاغتيال مسؤول أمني إسرائيلي كبير سابق – يرجح أنه وزير الدفاع السابق موشيه يعلون[17] – باستخدام عبوة ناسفة. وقد أعلن الجيش الإسرائيلي، عن إحباط محاولة تفجير عبوة ناسفة ضد قواته على الحدود مع لبنان، ونشر تسجيلًا من كاميرا كان مزود بها أحد المسلحين التابعين لحزب الله، والذي كان جزءًا من خلية مكونة من فردين، حاولا الاقتراب من الحدود قرب نقطة “تسيبورين” في الجليل الأعلى، لزرع عبوة ناسفة، فرصدهم جنود المراقبة من وحدة جمع المعلومات القتالية 869، واشتبك معهم جنود لواء جولاني وأطلقوا النار عليهم، وتم استهدافهم بالمدفعية، ما أدى إلى مقتلهم[18].
والسياق الثاني، قريب، إذ وقعت هذه العملية على أثر اتخاذ المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت الإسرائيلي)، قرارًا، في 16 سبتمبر 2024، بتوسيع أهداف الحرب عن طريق إدراج هدف “إعادة سكان الشمال إلى مناطقهم بأمان”، وكذلك إبعاد قوات حزب الله عن الحدود، ولا سيما “كتيبة الرضوان”، ونزع قدرته على مهاجمة تلك المستوطنات، مع إنشاء حاجز حدودي حديث معزز بقوات دفاعية من الجيش على طول الحدود مع لبنان، بالتزامن مع تصاعد التهديدات الإسرائيلية بأن الحرب دخلت في مرحلة جديدة، وأن “مركز الثقل للحرب ينتقل إلى الشمال”، وفق تصريح وزير الأمن يوآف غالانت، وتصريح نتنياهو الذي قال فيه إن هناك حاجة إلى “تغيير جذري في الوضع الأمني في الشمال”[19].
وبالنظر إلى أن الحكومة الإسرائيلية التزمت الصمت تجاه تفجيرات أجهزة الاتصالات اللاسلكية التي استهدفت كوادر حزب الله، فإن الحديث عن أهداف هذه العملية في هذا التوقيت بالذات يندرج ضمن إطار التكهنات. ويمكن توقع واحد من الأهداف الآتية:
1- توجيه ضربة مؤلمة إلى حزب الله، ما يضطر الحزب إلى وقف “حرب الإسناد” لغزة والذهاب إلى تسوية سياسية تتيح عودة آمنة للنازحين الإسرائيليين إلى مناطقهم في الشمال. ويبدو أن هذا هو الهدف الحقيقي من العملية، وهو ما أكده الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في خطابه الذي ألقاه عقب التفجيرات، في مساء 19 سبتمبر، حين قال إنه في اليوم الأول للعملية تلقى الحزب رسائل من قنوات مباشرة وغير مباشرة بأن هدف الضربة الإسرائيلية هو دفع الحزب إلى “وقف الجبهة اللبنانية”.
2- قطع خطوط الاتصال لدى حزب الله، وبخاصة في ظل اتساع استخدام أعضاء الحزب لأجهزة الاتصال اللاسلكية، بما يؤدي إلى بث الفوضى والإرباك وزعزعة منظومة القيادة والسيطرة للحزب[20]. وعلاوة على ذلك، أصيب مئات من مقاتلي “حزب الله” في هذه التفجيرات، ومن المؤكد أن بعضهم أصيب بعاهات جسدية، مثل فقدان أصابع أو أيدي أو إصابات أخرى قد تهمشهم ميدانيًا، ولو بشكل مؤقت. وربما تؤدي تلك التفجيرات إلى تغييرات في الطريقة التي يتواصل بها حزب الله مع باقي جبهات المقاومة (حماس في غزة، والحوثيون في اليمن، والميليشيات في العراق وسوريا)، مما قد يؤثر بشكل مباشر على مستوى التنسيق فيما بينها ويعيق قدرتها على شن هجماتها[21]؛ بما يشكل مقدمة أو جزءًا من خطة عملياتية إسرائيلية أكبر ضد حزب الله.
3- استدراج حزب الله لرد يكون قويًا ومتجاوزًا لقواعد الاشتباك السارية، بما يخلق مسوغًا، داخليًا وخارجيًا، للحكومة الإسرائيلية لشن حملة برية ضد حزب الله توقف حرب الاستنزاف وتعزز ردعها وتعيد النازحين إلى مناطقهم[22]. فهناك جهات في إسرائيل تريد الحرب ضد لبنان بكل ثمن، وهناك جهات أخرى تدرك حجم الخسائر والضرر من وراء الحرب، في وقت يمكن تحقيق الهدف من خلال اتفاق سياسي في حال إيقاف الحرب في غزة، وهناك جهات تطالب بالدمج بين العمليات العسكرية الواسعة ذات الأهداف المحدودة، وبين حالة ضبط الميدان لعدم تدحرج العمليات إلى حرب شاملة، من أجل تغيير قواعد الاشتباك مع حزب الله، إلى درجة تعيد لإسرائيل اليد العليا في الجنوب اللبناني[23].
وفي هذا السياق؛ فهناك بعض المستويات العسكرية في إسرائيل تجمع بشكل كبير على ضرورة نقل الزخم القتالي إلى الجبهة اللبنانية في المدى المنظور، وتحجيم النشاط القتالي في قطاع غزة، وهذا يشمل قائد القيادة الشمالية، أوري جوردين، ورئيس مديرية العمليات، عوديد باسيوك، الأكثر تحمسًا لشن عملية عسكرية في لبنان وأقر بشكل كامل في يونيو 2024، الخطط العملياتية لهجوم محتمل على لبنان، وقد صرح أوري جوردين مؤخرًا، بأنه يوصي بعملية حدودية سريعة، لإنشاء منطقة عازلة في جنوب لبنان. فيما يتعلق برئيس الأركان ووزير الدفاع الإسرائيلي، فتبدو آراؤهما في هذا الصدد أكثر تحفظًا، في حين تبدو وجهة نظر رئيس الوزراء الإسرائيلي، مشجعة بشكل كبير على تنفيذ هجوم حاسم على جنوب لبنان.
وهناك خلاف أساسي على المستوى التكتيكي بين كل من وزير الدفاع ورئيس الوزراء الإسرائيليين، حيث يتفق كلاهما على أن هدف إعادة النازحين من مستوطنات الشمال إلى منازلهم هو هدف له أولوية قصوى، وهو ما يتطلب بالضرورة إما خوض مواجهة عسكرية مع حزب الله أو التوصل إلى اتفاق ما، لكن يختلف كلا الرجلين في شكل وكيفية تحقيق هذا الهدف، فنتنياهو يدفع لإطلاق عملية عسكرية واسعة ضد حزب الله، في حين يطالب جالانت بالتريث وإعطاء الوساطة فرصة إضافية قبل شن هجوم قد يتحول إلى حرب شاملة، ويرى أن توسيع القتال الحالي إلى الجبهة الشمالية قبل استنفاد التحركات في غزة (اتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار) هو خطأ استراتيجي.
الخلافات بين الجانبين حول مسألة الهجوم الموسع على لبنان، دفعت رئيس الوزراء الإسرائيلي، بالتهديد مجددًا بإقالة وزير الدفاع، علمًا أن العلاقات بينهما قد دخلت إلى مسارات متوترة منذ شهر مارس 2023، على خلفية عدة ملفات، منها انتقاد جالانت لقانون الإصلاح القضائي، وهو ما دفع نتنياهو لإقالته من منصبه في نفس الشهر، قبل أن يتراجع عن هذه الخطوة بعد نحو أسبوعين. هذا التوتر شمل أيضًا علاقة أعضاء الحكومة بجالانت، حيث يطالب الجزء الأكبر منهم بإقالته، بسبب معارضته لمشروع قانون تجنيد الحريديم الذي تدعمه الحكومة، ومعارضته العلنية لموقف نتنياهو بشأن صفقة الرهائن والسيطرة على محور فيلادلفيا.
خلال الأيام الماضية، بحث نتنياهو بشكل جدي في إمكانية تعيين رئيس حزب “الأمل الجديد”، جدعون ساعر، بديلًا لجالانت، لكن عدة عوامل أدت إلى تراجعه بشكل مؤقت عن هذه الخطوة، من بينها الخشية من تأثيرات ذلك على المؤسسة العسكرية، وكذا عدم تفاعل واشنطن بشكل إيجابي مع هذا الطرح، كما أن إقالة جالانت في هذا التوقيت قد تُخرج مئات آلاف الإسرائيليين للشوارع وتفتح بابًا لم يتوقعه نتنياهو.
لذلك يمكن القول إن الظروف على المستوى الداخلي في إسرائيل تبدو مهيأة لتفعيل تحرك هجومي في اتجاه لبنان، وهي خطوة يرغب فيها معظم الطيف السياسي والعسكري الإسرائيلي منذ ما بعد السابع من أكتوبر، من زاوية أنها تمثل فرصة أخرى لبقاء نتنياهو ودعم سياساته الأمنية، وفي الوقت نفسه تمثل فرصة لإنهاء خطر حزب الله أو تحجيمه، وهو تحرك لن يكون هناك من يعارضه في الداخل الإسرائيلي بقوة، مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية وعدم استطاعة واشنطن في الظروف الحالية، بذل ضغط كبير على تل أبيب في هذا الشأن. هذا التوجه في مجمله، يجعل قرار الحرب في لبنان، قرارًا جماعيًا داخليًا يتصدره نتنياهو، ويبدو صوت غالانت ورئيس الأركان فيه، أقل ظهورًا، ويرجح بشدة أن يؤدي التصعيد بشكل أكبر مع حزب الله إلى تأخير مسألة إقالة جالانت[24]. فضلًا عن أن العملية ستمثل انجازًا لكل من وزير الحرب غالانت، ولرئيس الأركان هاليفي ولقادة الاجهزة الامنية وحصريًا للموساد[25].
4- المصلحة الشخصية والسياسية لنتنياهو؛ حيث يبادر نتنياهو إلى شن حرب شاملة مع لبنان من أجل التخلص من الضغط، الداخلي والخارجي، لإبرام اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس، وهو ما لا يريده لإطالة بقائه السياسي ومنع تفكك حكومته. كما يسعى نتنياهو للحرب للتأثير في فرص كامالا هاريس الانتخابية ومساعدة دونالد ترمب في العودة إلى البيت الأبيض في انتخابات الخامس من نوفمبر القادم[26]. ناهيك عن تعزيز صورة حكومة نتنياهو وتخفيف الانتقادات الداخلية لفشلها في إعادة النازحين، وإثبات أنها تفعل كل ما يلزم لكسر قوة حزب الله وتسريع عودة النازحين. وإن كانت هذه الأهداف ثانوية، إذ إن حجم عملية التفجيرات والوقت الطويل والموارد الهائلة للتحضير لها، كلها تقتضي هدفًا استراتيجيًا أكبر من ذلك[27].
5- رغبة إسرائيل في توجيه رسالة ردع إلى حزب الله، ومن ورائه كل أطراف محور المقاومة، وخصوصًا بعد الهجوم اليمني بصاروخ باليستي فرط صوتي على “تل أبيب”، وهو الأمر الذي أدخل أكثر من مليونين ونصف مليون مستوطن صهيوني إلى الملاجئ، في سابقة لم تحدث من قبل، وشكل مفاجأة مدوية لكل الإسرائيليين الذين عبروا عن سخطهم وغضبهم على حكومتهم وجيشهم الذي فشل في التصدي لصاروخ واحد قادم من مسافة 2000 كلم، وفي ظل امتلاك إسرائيل منظومات دفاع جوي تعد من الأفضل على مستوى العالم[28].
6- أشار موقع “أكسيوس” الأمريكي إلى أنه على الرغم من أن إسرائيل زرعت المتفجرات في أجهزة الاتصال منذ أشهر لاستخدامها في حال نشوب حرب شاملة لشل حزب الله، لكنها عجلت تفجير الأجهزة خشية المخاطرة باكتشاف الحزب للخطة[29]، أي أن هدف العملية وفق هذا الزعم تكتيكي. إلا أن قيام إسرائيل بتفجير أجهزة “الووكي توكي” في اليوم الثاني يقلل من مصداقية هذا الزعم[30].
7- يحظر القانون الإنساني الدولي استهدافًا يعرض أعدادًا كبيرة من المدنيين للخطر، فمهما كانت هوية المستهدف، فالتفجيرات تسببت بإصابة أكثر من أربعة آلاف مواطن لبناني، ولا يمكن إلا أن يكون هذا مقصودًا، فقد تعاملت إسرائيل، وهنا الرسالة الأخطر، مع المدنيين في الضاحية الجنوبية لبيروت تمامًا مثلما تتعامل مع أهالي غزة وعموم فلسطين؛ لا شيء سيوقفها عن قتل من أمامها. وليس الحديث هنا عن حرب إبادة في لبنان، إنما عن استعداد لإبادة مدنيين لبنانيين للقضاء جسديًا وبنيويًا على فصيل (حزب الله) شارك في دعم المقاومة الفلسطينية في نضالها التحرري ضد نظام استيطاني عنصري يريد إنهاء الشعب الفلسطيني وإلغاء هويته.
تقوم الاستراتيجية الصهيونية، قديمًا وحديثًا، على محاولة تصفية المقاومة الفلسطينية ومنع قيام حركة مقاومة في محيط الدولة الصهيونية، فدول الطوق، كما تُسمى، يجب أن تكون “منطقة عازلة” لحماية إسرائيل، شاءت تلك الدول أم أبت، لذا تجري معاقبة الشعوب، فترهيب الشعب اللبناني لم يبدأ منذ بروز حزب الله، وإنما قبله بكثير، فخلال اجتياح جنوب لبنان عام 1978 وغزو لبنان عام 1982، استعملت إسرائيل القنابل العنقودية المتفجرة والقنابل الفراغية التي تسحب الهواء من داخل البنايات، فتتهدم جميع الأسقف والحيطان على السكان في هذه البنايات. كان ذلك بغرض ترويع اللبنانيين وحثهم على رفض وجود المقاومة الفلسطينية بينهم. الفرق حاليًا أن التطور التكنولوجي قدم أدوات قتل ورعب أكبر لدولة لا قيمة فيها للأخلاق والقوانين[31].
ولعل ما شجع إسرائيل للتصعيد بهذا الشكل الكبير والواسع ضد حزب الله في هذا التوقيت ما يلي:
أ- رد “حزب الله” على اغتيال القائد العسكري البارز فؤاد شكر، في 25 أغسطس 2024، وهو الرد الذي جاء محدودًا والذي نجحت إسرائيل في التعامل معه؛ أي أن إسرائيل بعد هذا الرد “المحسوب” لحزب الله تعزز شعورها بالردع، وتأكد لها أن الحزب لا يرغب في فتح حرب شاملة مع إسرائيل؛ الأمر الذي قوى الموقف الإسرائيلي بإطلاق مثل هذه التفجيرات[32]. وينطبق الأمر نفسه علي إيران، حيث لم تمتلك إسرائيل الجرأة في اغتيال هنية لولا أن طهران أظهرت أن أولويتها الرئيسية بعد الهجوم على قنصليتها في دمشق عدم التورط المباشر في الحرب[33].
ب- أن القتال في غزة تحول إلى حرب عصابات للمقاومة الفلسطينية ضد الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي يمكن إسرائيل من المخاطرة بتخفيف قواتها العاملة في قطاع غزة، ونقلها إلى الجبهة الشمالية[34].
ج- أن الدول والحكومات العربية والإسلامية والعالمية ما زالت عاجزة عن كبح العدوان الإسرائيلي[35]. بل أكثر من ذلك، فإن محللين وسياسيين عرب تسابقوا، بشكل غير مسبوق في فجاجته وحتى شماتته بالمصابين والقتلى، إلى وضع اللائمة على حزب الله، وكأنه هو الذي ارتكب جريمة إرهاب ضد اللبنانيين. وهنا، إن يمكن تحميل حزب الله وإيران أخطاء وخطايا كثيرة، واتهامهما بممارسات وسياسات أساءت للبنانيين وشعوب أخرى، لكن تحميل حزب وزر عدوان إسرائيلي متكرر هو، في جوهره، رفض لدعم الشعب الفلسطيني، وخصوصًا أن بعض هؤلاء لا يرى في إسرائيل عدوًا، وإنما صديقًا وحليفًا، وعلى الأقل ينشد الاستسلام وتقاسم ما يمكن من مكاسب التطبيع.
حتي الشعوب العربية بدا أنها أصبحت أكثر استجابة للضخ الإعلامي للتيارات الانعزالية التي ترويج لفكرة أن لا شأن للشعوب العربية بالقضية الفلسطينية، وكأن إسرائيل عدو للشعب الفلسطيني فقط، فإذا نأت الدول العربية عن دعم الفلسطينيين، فلن تحاربها إسرائيل أو تؤذيها[36].
رابعًا: هل نجحت التفجيرات في تحقيق أهدافها:
أوصلت تلك العملية الإسرائيلية رسالة إلى حزب الله وعناصره وأنصاره أن إسرائيل – بقدراتها الاستخبارية والإلكترونية – قادرة على إيقاع خسائر كبيرة بقدرات الحزب دون إطلاق رصاصة واحدة. فضلًا عن أن إصابة نحو ثلاثة آلاف من كوادر الحزب، عسكريين ومدنيين، يعني خروج المئات من هؤلاء من الخدمة الفعلية، ما سينعكس سلبًا على قدرات الحزب التنظيمية والقتالية.
والأخطر أن هذه العملية تمس بدرة التاج لدى حزب الله، وهي شبكة الاتصالات الخاصة به، والمعروف أن حزب الله اجتاح بيروت، في مايو 2008، من أجل منع قرار حكومة فؤاد السنيورة آنذاك بمصادرة شبكة الاتصالات التابعة لسلاح الإشارة الخاصة بالحزب. فنجاح إسرائيل في تعطيل جزء من وسائل الاتصال التي كان يحسبها الحزب آمنة، وكشفها، سيضطره إلى إعادة بناء شبكة الاتصال، وهذا الأمر لن يكون سهلًا، أو سريعًا، في ضوء التحديات التقنية التي سيواجهها الحزب نظرًا للتفوق الإلكتروني والسيبراني الإسرائيلي، فضلًا عن أن هذا التعطيل قد يؤثر سلبًا في خطط تسيير حرب الاستنزاف الحالية مع إسرائيل[37].
ولعل تلك العملية – التي تمثل أكبر خرق مخابراتي تحققه إسرائيل ضد الحزب في تاريخ الصراع بينهما – تجيب عن الكثير من التساؤلات التي فرضت نفسها على المشهد منذ بداية حرب غزة في أكتوبر الماضي، والتي كان معظمها يتأرجح حول حالة التعجب والجدل من كيفية وصول قوات الاحتلال بسهولة لأماكن كبار القادة في حزب الله، وعلى رأسهم فؤاد شكر الذي استهدفه الاحتلال في 30 يوليو الماضي، أو من هم في حماية الحزب كالقيادي في حماس ونائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري الذي استشهد في هجوم استهدف مكتب حماس في الضاحية الجنوبية لبيروت في 2 يناير الماضي.
كما أنها قد تفسر حالة الاختراق الإسرائيلي الاستخباراتي الأمني المعلوماتي للمنظومة الإيرانية. فمنذ بداية الحرب في القطاع استهدفت دولة الاحتلال قرابة 11 قائدًا ومستشارًا عسكريًا إيرانيًا على الأقل، هذا بخلاف استهداف ضيف طهران رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، خلال مشاركته في حفل تنصيب الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان في 31 يوليو الماضي، وهو الاستهداف الذي وضع الإيرانيين وسمعتهم العسكرية والاستخباراتية في حرج كبير أمام العالم. ناهيك عن حادثة سقوط الطائرة الرئاسية في أذربيجان في 19 مايو الماضي، التي أسفرت عن مقتل الرئيس السابق، إبراهيم رئيسي، ووزير خارجيته وعدد من مرافقيه، وكانت السلطات الإيرانية قد أرجعتها للعوامل الجوية والطقس السيئ، وهو المبرر الذي يجب التشكيك فيه مجددًا[38].
وفي المقابل؛ يشير البعض إلي أن هذه العملية وإن مثلت ضربة تكتيكية لحزب الله، لكنها ليست استراتيجية؛فمن جهة أولي، فإن الشحنة المفخخة كانت تضم ما يقارب الخمسة آلاف جهاز، ولكن ما انفجر فعليًا وفق الأرقام المعلنة نحو ثلاثة آلاف فقط، بما يعني أن الحزب قد تنبه فعلًا واستبعد نحو ألفي جهاز، ربما كانت تستخدم في أعلى درجات القيادة. ومن جهة ثانية، فإن الأجهزة القديمة التي كانت تُستخدم قبل الشحنة الأخيرة لم تنفجر ولا تزال تستخدم بكفاءة في الاتصال البيني في حزب الله. أضف إلى ذلك، أن شبكة الاتصالات اللاسلكية تلك هي شبكة ثانوية للاستدعاء السريع، بينما شبكة الاتصالات الرئيسية هي شبكة سلكية تمتد في بنية تحتية موازية للشبكات الأرضية اللبنانية وبالتالي تكون أقل عرضة للاختراق. ولذا، فرغم الترهيب المعمم الذي أحدثته عملية تفجير أجهزة الاتصال التي يحملها بعض عناصر حزب الله، فإن هذه العملية لم تطل شبكة الاتصالات الرئيسية للحزب، بل طالت قسمًا صغيرًا من شبكته الثانوية للاتصالات[39].
ومن جهة ثالثة، فإن العملية لم تجبر الحزب على وقف حرب الاستنزاف، ومن ثم فإنها لن تعيد النازحين إلى شمال إسرائيل، بدليل أن الحزب تابع بعد العملية قصف شمال إسرائيل بالصواريخ والمسيرات، والأهم أن أمينه العام أكد في خطابه الأخير أن الحزب ماض في حرب الإسناد “مهما كانت التضحيات”[40].
يجدر الإشارة هنا إلي أن ثمة مقارنة بين أداء المقاومة في غزة وحزب الله في لبنان، وتحديدًا في ملف مواجهة الاختراقات وإدارة منظومة القيادة والسيطرة والاتصال، إذ فشلت دولة الاحتلال في اختراق المقاومة، ولم تفلح في التسلل إلى منظومة اتصالاتها أو أجهزتها، ولم تحقق هدفها الأكبر بالتوصل إلى أماكن المحتجزين لدى حماس، رغم تنفيذها طلعات جوية على مدار الساعة بالتعاون مع أميركا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا لجمع المعلومات الاستخبارية ومراقبة الاتصالات، واستخدامها لأحدث الأجهزة التكنولوجية المرتبطة بالأقمار الصناعية وأنظمة الذكاء الاصطناعي، وزرع الخلايا التجسسية[41].
خامسًا: كيف تعامل حزب الله مع هذه التفجيرات؟:
في بيانه الأول، أعلن حزب الله عن حدوث تفجيرات لأسباب غامضة في أجهزة اتصال يستخدمها العاملون بمؤسساته ووحداته، وأنه يُجرى التحقيقات اللازمة قبل أن يحدد المسئوليات. كما دعا اللبنانيين إلى عدم الالتفات لدعاية الحرب النفسية التي تباشرها إسرائيل لتهويل الموقف، مؤكدًا على استعداده المتواصل للدفاع عن لبنان. ثم في بيان ثانٍ، أعلن الحزب أنه بعد إجراء تدقيق لكل الوقائع والمعلومات فإن إسرائيل مسئولة عن عملية تفجير أجهزة الاتصالات التي يحملها بعض من يعمل بمؤسساته وأنه سينالها “القصاص العادل على هذا العدوان الآثم من حيث تحتسب ومن حيث لا تحتسب”. وفي بيان جديد صباح اليوم التالي، أعلن الحزب أن هذه المجزرة التي نفذتها إسرائيل تتطلب حسابًا عسيرًا ولكنه مسار منفصل عن مسار جبهة إسناد غزة الذي سيتواصل بالقصف اليومي المعتاد[42].
فيما أقر أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، في خطابه، في 19 سبتمبر 2024، بحجم الضربة الكبيرة التي مُني بها الحزب بعد الهجوم على شبكة اتصالاته، لكنه أظهر بوضوح أن أولويته لا تزال تفضيل حرب الاستنزاف رغم تكاليفها المتزايدة على استدعاء الحرب الشاملة. وقد أكد نصر الله في خطابه علي أن حزب الله معني بالحفاظ على هامش المناورة بين استمرار جبهة الإسناد وتجنب خوض شاملة، لافتًا إلى أن الحزب يريد القول أنه جاهز للتكيف مع الأثمان التي يتكبدها في سبيل منع عودة المستوطنين للشمال قبل وقف حرب غزة.
ما يعني أن استراتيجية حزب الله ترتكز على الدفاع الاستراتيجي والهجوم التكتيكي القائم على الاستنزاف دون الانجرار لحرب واسعة مع إسرائيل[43]. حيث يرى الحزب أن ذلك الاستنزاف يحقق غايته، على الأقل يبقي المستوطنين بعيدين عن الشمال، مما يشكل عامل ضغط كبير على الحكومة الإسرائيلية. كذلك فأن الحزب لن يذهب إلى المعركة الواسعة في التوقيت الإسرائيلي، خصوصًا أن نتنياهو يلعب أخطر معاركه الوجودية في زمن الانشغال الأمريكي بالانتخابات، وضعف البيت الأبيض أمام تل أبيب بسبب حسابات تلك الانتخابات الرئاسية. كما أن حزب الله لا يزال مصرًا علي أن عنوان المواجهة التي يخوضها هي “إسناد غزة” لا غير[44].
ناهيك عن أن إيران (الحليف الإقليمي والمتحكم في جزء كبير من قرارات حزب الله) لا تريد حربًا إقليمية؛ لأنها تدرك أنها تتقدم في المنطقة بصورة أفضل من دون حرب أو مع حرب استنزاف لا أكثر، خصوصًا أن الولايات المتحدة وحلف الأطلسي سيخوضان الحرب إلى جانب دولة الاحتلال، وهذا يعني أن توازن القوى سيكون مختلًا ضد طهران، مما يعني أن الثمن الذي ستدفعه إيران من أي حرب إقليمية سيكون كبيرًا جدًا. صحيح أن إيران أحدثت نوعًا من توازن الردع، ولكنه لا يعني توازنًا للقوى وإلغاء للتفوق العسكري الغربي الاستعماري، خصوصًا في ظل عدم تطور علاقاتها مع بكين وموسكو إلى مستوى العلاقات الأميركية الأطلسية مع إسرائيل، وأكبر دليل على العلاقات العضوية ما حدث في شهر إبريل الماضي حين شاركت القوات الأطلسية وأطراف إقليمية في التصدي للصواريخ والمسيرات الإيرانية التي أطلقت نحو إسرائيل[45].
وعلي الرغم من أن هذه الاستراتيجية أصبحت تواجه تحديًا كبيرًا؛ فبعد عام تقريبًا من الانخراط في مساندة المقاومة الفلسطينية، يجد الحزب نفسه عالقًا في المنتصف. فلا هو قادر على الحد من اندفاعة إسرائيل في تصعيد حرب الاستنزاف ضده، لأن محاولة رفع التكاليف لردعها عن التصعيد قد تؤدي في النهاية إلى استدعاء الحرب الواسعة، ولا هو قادر على التراجع خطوة إلى الخلف، لأن مثل هذا التراجع سيعزز ضعفه، وستكون له عواقب كبيرة عليه في المستقبل المنظور والبعيد[46]. فقد ظل حزب الله متمسكًا بتلك الاستراتيجية حتي بعد وقوع تلك التفجيرات، وإن كان الحزب قد وسع نطاق الاستهداف من خلال استهداف حيفا (حيث مجمعات الصناعات العسكرية لشركة رفائيل المتخصصة في الوسائل والتجهيزات الإلكترونية، وقاعدة ومطار رامات ديفيد) التي تقع علي عمق حوالي 45 كيلومتر بعدما كان يركز استهدافاته علي عمق حوالي 8 و 20 كيلومتر داخل الأراضي المحتلة، كما أدخل الحزب لأول مرة أنواع جديدة من الصواريخ إلي المعركة (فادي1 وفادي2). وقد نجحت هذه الصواريخ في تحقيق أضرار كبيرة داخل إسرائيل، طالت الأشخاص والمنازل والسيارات في منطقة حيفا والكريوت خاصة[47].
سادسًا: هل تدفع هذه التفجيرات نحو اندلاع حرب واسعة بين حزب الله وإسرائيل؟:
عقب التفجيرات اللاسلكية في لبنان، وبالتحديد منذ 20 سبتمبر 2024، شنت إسرائيل عدة غارات جوية علي لبنان والضاحية الجنوبية علي وجه الخصوص، أسفرت عن اغتيال القيادي العسكري، إبراهيم عقيل (المعروف باسم إبراهيم تحسين)، الرجل الثاني في الحزب والذي خلف فؤاد شكر وقائد وحدة الرضوان رأس الحربة القتالية لحزب الله، رفقة أكثر من 15 مقاتلًا، إثر استهداف صاروخي نفذته طائرة مسيرة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت في 20 سبتمبر 2024[48].
السيناريو الأول: عملية عسكرية مكثفة عبر الجو: يرتبط هذا السيناريو بتحقيق هدفًا أساسيًا وهو؛ إجبار حزب الله علي وقف جبهة الاسناد لغزة، وإيقاف هجماته علي المستوطنات في الشمال بما يسمح بعودة المستوطنين الإسرائيليين إليها.
وفقًا لهذا السيناريو، يمكن أن يلجأ الاحتلال إلى استخدام تفوقه الجوي في إطار شن حملة قصف جوي كبيرة يٌستخدم فيها القوة الغاشمة في استهداف القدرات العسكرية والبنى التحتية للحزب، والتركيز بصورة رئيسية علي اغتيال القيادات العسكرية والسياسية الوازنة في الحزب. ووفقًا لهذا السيناريو ستعمد إسرائيل إلى تحديد منطقة عملياتها جغرافيًا في حدود جنوبي لبنان، وسيُتعامل مع تعمق ضربات حزب الله الصاروخية إلى مدن المركز في إسرائيل بالرد في استهداف الضاحية الجنوبية.
يحمل هذا السيناريو شكلًا أكثر سلاسة وعملياتية للاحتلال، وأقل خسائر بالمعنى المباشر في العديد من قواته المهاجمة، كما ينسجم هذا السيناريو مع رغبة نتنياهو في اشتباك كثيف وكبير ومحدود في ذات الوقت ينجح في تعظيم فاتورة الخسائر للحزب اللبناني ودفعه إلى إعادة حساباته جديًا والذهاب إلى تفاهم لوقف إطلاق النار ينفصل فيه الحزب عن الارتباط بمجرى الحرب في قطاع غزة[49]. كما أن مثل هذا السيناريو قد يكون مقبولًا من جانب الولايات المتحدة باعتباره يسمح لإسرائيل باستعادة قوة الردع وتحقيق أهدافها العسكرية دون شن هجومًا بريًا علي حزب الله داخل لبنان قد يصعد الأمور إلي وقوع حرب إقليمية[50].
إلا أن معيار نجاح هذا السيناريو وفشله مرتبط بعدة عوامل، أولها مدى نجاعة تحصينات حزب الله في مواجهة الضربات الإسرائيلية المتوقعة، وثانيها مدى انضباط الحزب للحدود الجغرافية والقواعد التي سيحاول الاحتلال تثبيتها في هذه العملية، خصوصًا أن الحزب اللبناني قد انضبط لشهور في قواعد اشتباكه ارتباطًا بمحددات داخلية في لبنان سيبددها الهجوم الإسرائيلي.
ومن جانب ثانٍ وعطفًا على العامل الأول المرتبط بنجاعة التحصينات، فإن تجربة جيش الاحتلال مع التحصينات في قطاع غزة أثبتت أن العديد من الغارات الجوية لم تنجح في تحييد القدرات العسكرية المؤمنة ضمن منشآت تحت الأرض، مع الأخذ في الحسبان أن طوبغرافيا جنوبي لبنان أعقد وأكثر ملاءمة لتحصينات أكبر وأعمق لمقدرات حزب الله[51].
السيناريو الثاني: عملية عسكرية واسعة برًا وجوًا: يرتبط هذا السيناريو بتحقيق هدفًا أساسيًا وهو؛ إبعاد قوات حزب الله إلى ما خلف نهر الليطاني، وتأمين منطقة عازلة تفصل ما بين الحزب والحدود مع فلسطين المحتلة، وتحيد الخطر المباشر للحزب لسنوات قادمة.
وفقًا لهذا السيناريو، من الممكن أن يلجأ جيش الاحتلال إلى شن عملية عسكرية متدحرجة في جنوبي لبنان، تبدأ مرحلتها الأولى بهجمات جوية موسعة تستهدف الإضرار المباشر بقدرات حزب الله العسكرية، وتستهدف خطوط الإمداد والحركة للحزب، وشبكات الاتصالات وغرف السيطرة والتحكم، يليها تكثيف القصف المركز على مناطق جنوب نهر الليطاني لفرض منطقة عازلة بالنيران، ما يسمح بأن تنفذ القوات البرية تحركًا بريًا محدودًا لتحييد قدرات الحزب المتقدمة على الحدود مع فلسطين المحتلة، وتدمير البنية التحتية، ولن تخرج إسرائيل من المناطق التي ستسيطر عليها إلا باتفاق على إبقاء هذه المناطق مناطق عازلة بلا أي نشاط للحزب اللبناني.
ولعل ما يدفع نحو تنفيذ هذا السيناريو، أنه يحمل نتائج عملياتية أكثر على أرض الواقع – بالنسبة لإسرائيل – في حال نجاح الخطط الإسرائيلية في تحقيق نتائجها[52]، والحاجة إلى ترميم منظومة الردع الإسرائيلية بمواجهة “حزب الله”، والتأييد الواسع لدى الرأي العام الإسرائيلي للحرب، سيما من الجمهور اليميني ومن النازحين من الشمال. ومع تراجع حدة ونطاق العملية العسكرية في قطاع غزة، نقل الجيش الإسرائيلي جزءًا كبيرًا من القوات المنخرطة في حرب غزة إلى المنطقة الشمالية (وآخرها الفرقة 98)، فضلًا عن أن القيادة العسكرية عززت الاستعداد لسيناريو الحرب في لبنان عبر التمرينات والمناورات الميدانية، كما أن تواصل الإمداد العسكري الأمريكي بالعتاد والذخيرة عوض جزءًا كبيرًا من الذخيرة المستنزفة في الحرب على غزة[53].
كما يشكك أنصار هذا السيناريو في حقيقة رفض الولايات المتحدة لشن حرب واسعة علي حزب الله؛ نظرًا إلي أن واشنطن تعتبر الحزب من أهم أعدائها في المنطقة، ولديها سجل دموي غني في ترويع الشعوب ومحاولة قلبها ضد أنظمة وحركات تحرر، فقد استخدمت قنابل النابالم علنًا ضد الشعب الفيتنامي، وقبل ذلك ألقت قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناغازاكي في اليابان، أذابتا أجسادًا وسلختا جلودًا وسببتا جروحًا عميقة لمن بقوا أحياء، في واحدة من أبشع الجرائم في التاريخ، بحجة إنهاء الحرب العالمية الثانية، فانتقمت من الشعب الياباني، وليس من نظامه. ولا ننسى أيضًا ما فعلته بأفغانستان والعراق. أكثر من ذلك، يري أنصار هذا السيناريو أن واشنطن قد تكون مشاركة فعلًا في عمليات التفجير في لبنان، فقد نقل تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية في اليوم التالي للتفجيرات الأولى، عن مصادر أمنية واستخباراتية أميركية أن واشنطن هي التي وفرت التكنولوجيا الضرورية لمثل هذه العملية الكبيرة، وبالتالي استطاعت تصنيع “البيجرز” وأجهزة اللاسلكي المفخخة، وما الشركة الهنغارية (الوسيطة)، كما أفادت الصحيفة، إلا واجهة إسرائيلية. وينسجم ذلك مع استراتيجية واشنطن المعلنة وتعهدها بتوفير التقنيات العسكرية والتكنولوجية لدعم إسرائيل، وتمكينها من تحقيق أهدافها والحفاظ على تفوقها العسكري على كل دول الإقليم[54]. ناهيك عن المساندة العلنية الواضحة للجانب الإسرائيلي، وتمثل ذلك بصورة كبيرة في إعادة نشر حاملات الطائرات الأمريكية في منطقة البحر المتوسط، والحديث المتكرر عن تقديم المساعدات العسكرية والذخائر لتل أبيب والخضوع إلى الابتزاز الذي قام به نتنياهو من خلال الفيديو الذي نشرة واتهم فيه إدارة جو بايدن بعدم المساندة؛ فوافقت واشنطن على صفقة أسلحة ضخمة تتجاوز 18 مليار دولار لإسرائيل؛ بما يعني دعمًا واضحًا لتل أبيب إذا فكرت في توسيع الحرب ضد حزب الله[55].
وفي المقابل، فهناك العديد من العقبات أمام حدوث مثل هذا السيناريو أبرزها:
1- أن الاحتلال الإسرائيلي ما زال غارقًا في مستنقع غزة، وحتى هذه اللحظة لم يحقق أيًا من أهدافه، وما زالت المقاومة فعالة وقوية في القطاع، وما زال الجيش الإسرائيلي مستنزفًا وعاجزًا عن السيطرة على القطاع، وعاجزًا عن تحرير الأسرى الصهاينة.
كما يعاني الجيش الإسرائيلي بشكل كبير من أزمة في موارده البشرية وتوفير عناصر مقاتلة، حيث مدد عمل قوات الاحتياط، وأخذ يدرب عناصر من القوات البحرية للخدمة البرية، كما فتح المجال للمهاجرين الأفارقة لديه للتجنيد، مقابل الحصول على مغريات مادية والإقامة الدائمة في إسرائيل. وثمة أزمة كبيرة في المعدات خصوصًا الدبابات والجرافات وناقلات الجنود، التي دمرت المقاومة أعدادًا ضخمة منها في المواجهات في قطاع غزة. وهناك حالات استقالة واسعة من الجيش الإسرائيلي، كان آخرها إبداء ألف ضابط رغبتهم في إنهاء خدماتهم من الجيش. وعلى هذا، فسيكون من الصعوبة بمكان شن هجوم بري على لبنان، يتم فيه تعبئة نحو 80-120 ألف جندي إسرائيلي[56].
وفي هذا السياق؛ يلفت مراقبون إلى أن ما نُقل عن نتنياهو لم يذكر كلمة “حرب” بل “توسيع العمليات العسكرية”، بما يعني أن إسرائيل ليست بصدد الإعلان عن حرب، كتلك التي عرفها لبنان في عامي 1982 أو 2006 مثلًا، تشمل دخولًا بريًا إلى الأراضي اللبنانية. فيما تجد مراجع عسكرية تناقضًا ما بين إدراج الحكومة الإسرائيلية “هدف إعادة مستوطني الشمال إلى بيوتهم” من ضمن أهداف الحرب الراهنة، مع العزم على “توسيع العمليات العسكرية”، ويعتبر هؤلاء أن المقاربة العسكرية الإسرائيلية لن يمكنها تحقيق أهدافها، بل ستعرض المناطق الشمالية إلى مزيد من الدمار والأخطار[57].
2- أن حزب الله لديه قدرات أكثر تقدمًا وفتكًا وتأثيرًا للتصدي لأي تحرك بري داخل الأراضي اللبنانية، خصوصًا في الأسلحة الموجهة المضادة للدروع، والتي تمتلك فعالية كبيرة في مواجهة المدرعات والآليات الإسرائيلية، وهو ما سيترتب عليه كلفة كبيرة جدًا للتحرك البري. كما أن مثل هذا السيناريو سيدفع الحزب إلى وضع كل أوراقه على الطاولة، وسيقلص هامش الحسابات المنضبطة لصالح إطلاق العنان لاستخدام الحزب كل قدراته في مواجهة الهجوم الإسرائيلي، وهو ما يعني أن حجم التصعيد سيتجاوز حدود سيطرة إسرائيل التي تراهن بدرجة رئيسية على انعدام رغبة حزب الله في خوض حرب واسعة. وسبق أن قدرت العديد من مراكز الأبحاث في إسرائيل أن أي مواجهة واسعة مع الحزب اللبناني ستؤدي إلى تعطيل المطارات والإضرار المباشر بشبكات الكهرباء والاتصالات لأيام، كما ستوقع أضرارًا كبيرة في المنشآت وخسائر في الأرواح.
3- من المتوقع انخراط بقية قوى محور المقاومة في المواجهة حال اندلاعها مع حزب الله، فموقع الحزب اللبناني في هذا المحور متقدم جدًا ووازن ونوعي، والمخاطرة بأن يتلقى الحزب ضربة قوية ستلقي بظلالها على كل شكل وطبيعة حضور هذا المحور في المنطقة، وحتى تركيبة التوازنات الإقليمية القادمة نظرًا إلى الدور الاستراتيجي الذي يلعبه الحزب داخل هذا المحور، وفي تحقيق الحضور الإيراني في الإقليم، وهو ما يعني أن شكل الانخراط سيكون مختلفًا تمامًا عن الانخراط الإسنادي الذي جرى في خلال شهور الحرب في قطاع غزة، وهو ما سيزيد من احتمالات توسع أي جولة اشتباك قادمة إلى حرب إقليمية لا يريدها كل الأطراف إلا أنها قد تتحول إلى مسار إجباري لا يمكن تجاوزه[58].
4- أن الولايات المتحدة الأميركية تدرك أن حرب واسعة مع حزب الله ستعني بالتبعية دخول إيران للحرب، وقد وضعت واشنطن الفيتو على أي حرب تشنها إسرائيل على إيران؛ لأنها تخشى من عواقب هذه الحرب كونها غير مضمونة النتائج في ظل انتشار حلفاء إيران في بلدان عدة (سوريا واليمن والعراق ولبنان) واستعدادهم للمشاركة فيها. وكذلك لأنها تعتقد بأنها قادرة على احتواء مخاطر إيران عبر السعي لتغيير نظامها أو دفعه على تغيير سياساته عبر الحصار والعقوبات وبث القلاقل الداخلية. ويضاف إلى ذلك الخشية من احتمال أن تتحول الحرب إلى عالمية، في ظل احتدام الصراع الأميركي الصيني على قيادة العالم، وتحسبًا من أن تكون الحرب مدخلًا لزيادة النفوذ الصيني في المنطقة حتى لو لم تتحول إلى حرب إقليمية. وكذلك لأن واشنطن مشغولة بالحرب في أوكرانيا وفي استكمال تحقيق مخططها بمحاصرة الصين سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا. وتأكيدًا لعدم الموافقة الأميركية على الحرب الإقليمية، قام الرؤساء الأميركيون باراك أوباما ودونالد ترامب وجو بايدن برفض كل الطلبات الإسرائيلية بشن الحرب على إيران، وخصوصًا استهداف المفاعل النووي، على الرغم من وصول إيران إلى عتبة التحول إلى دولة نووية.
كما أن الإدارة الأميركية الحالية لا تريد حربًا إقليمية الآن ولا حتى مع المقاومة اللبنانية وحدها عشية الانتخابات الرئاسية الأميركية التي تشهد منافسة حادة، وأي حرب ستؤثر في فرص كامالا هاريس بالفوز؛ لأنها ستؤدي إلى رفع الأسعار والتضخم، وهذا العامل يؤثر بشدة في قرار الناخب الأميركي. وهنا، تشير تقارير إعلامية إلى أن الإدارات الأميركية منحت تفويضًا كاملًا للحكومات الإسرائيلية للتعامل مع الفلسطينيين، ولكنها احتفظت بالقرار بخصوص التعامل مع إيران[59].
وفي هذا السياق؛ فقد حاولت واشنطن تقريب وجهات النظر، والاضطلاع بجهود وساطة قادها ممثل الرئيس الأمريكي، عاموس هوكشتاين، خلال زيارات مكوكية لكل من تل أبيب وبيروت، التقى خلالها شخصيات لبنانية مقربة من حزب الله وخاصة نبيه بري، الحليف القوي للحزب.
تركزت جهود هوكشتاين على موافقة حزب الله على انسحاب قواته إلى جنوب نهر الليطاني والعودة إلى تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701، والذي يحدد الخط الأزرق كمنطقة فاصلة بين قوات إسرائيل والقوات العسكرية ويُبقي المنطقة الممتدة من الخط الأزرق إلى جنوب نهر الليطاني خالية من وجود عسكري لحزب الله. وهذا هدف إسرائيلي واضح المعالم منذ فترة؛ وذلك لتوسيع المنطقة العازلة بين الحدود الإسرائيلية والوجود العسكري لحزب الله، وبما يضمن عدم وجود أنفاق أو منصات دفاع جوي للحزب في تلك المنطقة، ويحقق الأمن لشمال إسرائيل بصورة كبيرة[60].
فيما زار هوكشتاين إسرائيل – قبل يوم من الهجوم- واجتمع بكل من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت في محاولة لتخفيف التصعيد ومنع إقدام إسرائيل على أي هجوم يعزز من فرص فتح جبهة لبنان على مصراعيها (وذلك عقب وضع إسرائيل إعادة سكان الشمال إلي بيوتهم كهدف رابع للحرب). وفيما برر كل من نتنياهو وجالانت تنفيذ هجوم ضد حزب الله بإعادة سكان الشمال، اعتبر هوكشتاين أن أي هجوم محتمل لن يُعيد الأسرى ولن يُعيد سكان الشمال بل قد يؤدي إلى حرب مدمرة[61].
وأعلن هوكشتاين أثناء زيارته لتل أبيب، بعد زيارة بيروت، فشل مهمته، وأن كلا الطرفين يسعى إلى زيادة التوتر، وعاد إلى الولايات المتحدة على أمل أن تُبذل جهود أخرى للوساطة تسمح بسحب كل مبررات التوتر والتصعيد الجارية حاليًا[62].
4- كان واضحًا منذ بداية العمليات العسكرية في شمال إسرائيل على الحدود اللبنانية، حجم الاهتمام الأوروبي بتلك التطورات، وخاصة الموقف الفرنسي الحريص على عدم اتساع العمليات العسكرية في لبنان، ومن هنا نشطت الجهود الأوروبية لدعم جهود المبعوث الأمريكي هوكشتاين للتوفيق بين الطرفين، كما جرت اتصالات بين دول أوروبية لها علاقات متميزة بإيران، لوقف هذا التصعيد وعدم تجاوزه للأسقف المحددة والمنضبطة. وينطلق الموقف الأوروبي في أحد جوانبه من القلق من أن تؤدي أية عمليات عسكرية واسعة في لبنان إلى تزايد الهجرة من هذا البلد سواء من اللبنانيين أم اللاجئين السوريين؛ مما يثير المخاوف من موجات هجرة غير شرعية جديدة إلى دول جنوب المتوسط الأوروبية[63].
ووفقًا للمتغيرات السابقة، فإن السيناريو الأقرب انسجامًا مع الهدف الإسرائيلي من جولة المواجهة القادمة يتمثل بالسيناريو الأول الذي تتركز فيه العملية العسكرية الإسرائيلية بالضربات الجوية المكثفة في نطاق جغرافي محدد، يمكن عبره أن تحقق إسرائيل أهدافها بأقل خسائر ممكنة في مقدراتها[64]. إلا أن هذا السيناريو قد يكون مقدمة لتنفيذ السيناريو الثاني المتمثل في قيام إسرائيل بعملية برية في لبنان، وإن كانت هذه العملية في الأغلب ستكون محدودة النطاق.
الخلاصات والاستنتاجات:
1- أظهرت تفجيرات أجهزة الاتصالات اللاسلكية أن بيئة حزب الله مكشوفة أمنيًا إلى حد بعيد، وأن مواطن الهشاشة عالية في ظل التفوق التكنولوجي الإسرائيلي. وكان يمكن لهذه التفجيرات أن تكون أخطر وأكثر ضررًا لو كانت في سياق مواجهة أوسع أو حرب شاملة. ويبدو أن إسرائيل تعجلت في تنفيذ العملية، لأسباب قد تكون استخبارية، وقد تكون استباقية، تفادت من خلالها كشف الحزب لهذا الخرق[65].
2- تشكك مراجع عسكرية إسرائيلية في جدوى “توسيع العمليات” العسكرية في تحقيق الهدف الرئيسي من هذه العمليات والمتمثل في توفير الأمن لعودة سكان مستوطنات الشمال، وسط تأكيد حزب الله أن هدوء جبهة الشمال مرتبط بوقف إطلاق النار في غزة[66]. ولذلك، فإنهم يعزون رغبة نتنياهو وفريقه المتطرف في توسيع الحرب علي لبنان؛ ليس إلى المصالح العليا للكيان، وإنما للرغبة في الاستمرار في الحكم[67].
3- لا تزال إمكانية حرب شاملة (جوية وبرية) غير مضمونة النتيجة ولا التداعيات مسألة مربكة لإسرائيل وهي ليست الخيار الأول لأي من الأطراف (حزب الله وإسرائيل وإيران والولايات المتحدة)، بينما تسعى إسرائيل كما يبدو إلى تصعيد عسكري إضافي نوعي وسريع (من خلال تنشيط عمليات اغتيال قيادات حزب الله عبر الضربات الجوية بالأساس) دون بلوغ مرحلة الاجتياح البري أو إعلان الحرب الشاملة[68].
4- تعي الولايات المتحدة أن المسار بين حزب الله وإسرائيل سيصل إلى التصادم الكبير طالما استمرت الحرب في قطاع غزة، والتي لا يبدو أنها تقترب من نهايتها مع تعنت رئيس وزراء الاحتلال وتعمده المستمر إفشال كل جولات المفاوضات السابقة للوصول إلى صفقة، إلا أن جل ما تحاول فعله الولايات المتحدة في هذا التوقيت تأجيل المحتوم حتى تمرر المرحلة الحرجة حاليًا، سعيًا إلى الامتناع عن التورط في اشتباك واسع بالشرق الأوسط قد يقضي على أي أفق لنجاح نائبة الرئيس بايدن، كاميلا هاريس، في السباق الانتخابي، ويعيد الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض، وهو الخيار الذي يحبذه بنيامين نتنياهو، الذي وصف ترامب بكونه “يتفهم حاجات إسرائيل أكثر”[69].
5- ما وقع في لبنان، أسبابه وآثاره لن تبقى هناك، وتعد بمثابة جرس إنذار من “التبعية التقنية” التي تعيشها كل الدول العربية والإسلامية، المعتمدة على استيراد البنية التكنولوجية لمنظومات القيادة والسيطرة والاتصال، وهذا خطر عظيم فهي إن لم تنفجر يمكن تعطيلها واختراقها من المصدر، أو من يتسلل إليه، وهو أمر يستدعي تعاون هذه الدول في التصنيع العسكري والتكامل الصناعي حفاظًا على الأمن القومي العربي والإسلامي[70].
[1] “عملية أمنية إسرائيلية تجتاح لبنان: 3 آلاف إصابة في دقيقة واحدة | المقاومة تتوعّد بـ«القصاص»… والعدوّ ينتظر الردّ”، الأخبار، 18/9/2024، الرابط: https://al-akhbar.com/Politics/387024/%D8%B9%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D9%85%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%AC%D8%AA%D8%A7%D8%AD-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-3-%D8%A2%D9%84%D8%A7%D9%81-%D8%A5%D8%B5%D8%A7%D8%A8%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%AF%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D8%AD%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%88%D9%85%D8%A9-%D8%AA%D8%AA%D9%88%D8%B9-%D8%AF-%D8%A8%D9%80-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A7%D8%B5–%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%88-%D9%8A%D9%86%D8%AA%D8%B8
[2] ” انفجارات جديدة بأجهزة اتصالات في لبنان.. 14 شهيدا و450 جريحا (شاهد)”، عربي21، 18/9/2024، الرابط: https://arabi21.com/story/1625938/%D8%A7%D9%86%D9%81%D8%AC%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D8%A8%D8%A3%D8%AC%D9%87%D8%B2%D8%A9-%D8%A7%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-14-%D8%B4%D9%87%D9%8A%D8%AF%D8%A7-%D9%88450-%D8%AC%D8%B1%D9%8A%D8%AD%D8%A7-%D8%B4%D8%A7%D9%87%D8%AF
[3] ” لبنان.. 37 قتيلا و2931 مصابا حصيلة تفجيرات أجهزة الاتصال اللاسلكية”، القاهرة الإخبارية، 19/9/2024، الرابط: https://alqaheranews.net/news/96584/%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D9%82%D8%AA%D9%8A%D9%84%D8%A7-%D9%88-%D9%85%D8%B5%D8%A7%D8%A8%D8%A7-%D8%AD%D8%B5%D9%8A%D9%84%D8%A9-%D8%AA%D9%81%D8%AC%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%AC%D9%87%D8%B2%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%B3%D9%84%D9%83%D9%8A%D8%A9
[4] “كل شيء كسلاح:تفجيرات “البيجر” في لبنان.. تكنولوجيا قديمة ومخاطر مستقبلية”، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 18/9/2024، الرابط: https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/9665
[5] “من جهاز اتصال إلى قنبلة موقوتة.. كشف لغز انفجار أجهزة البيجر بعناصر حزب الله”، نون بوست، 18/9/2024، الرابط: https://www.noonpost.com/246322/
[6] نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” و”نيويورك تايمز” الأمريكيتين معلومات تقول إن هناك شحنة من أجهزة بيجر استلمها عناصر حزب الله منذ 5 أشهر تقريبًا، وقد احتوت هذه الشحنة على حوالي 3 آلاف جهاز من فئة AR924 التي تصنعها شركة Gold Apollo التايوانية.
[7] “إسرائيل تستهدف اتصالات حزب الله: تفجير قواعد الاشتباك”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 18/9/2024، الرابط: https://acpss.ahram.org.eg/News/21270.aspx#_edn2
[8] المرجع السابق.
[9] ” هرتسوغ يتحدث عن “دور إسرائيل” في هجمات البيجر”، سكاي نيوز عربية، 22/9/2024، الرابط: https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1743415-%D9%87%D8%B1%D8%AA%D8%B3%D9%88%D8%BA-%D9%8A%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%AB-%D8%AF%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%95%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D9%8A%D9%94%D9%8A%D9%84-%D9%87%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%AC%D8%B1
[10] “إسرائيل تستهدف اتصالات حزب الله: تفجير قواعد الاشتباك”، مرجع سابق.
[11] ” “واللا” يؤكد مصادقة نتنياهو على “انفجارات البيجر” قبل أسبوع.. ومصدر أمني: الأجهزة كانت مفخخة مسبقًا”، عربي بوست، 17/9/2024، الرابط: https://arabicpost.net/%d8%a3%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1/2024/09/17/%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%a7-%d9%8a%d8%a4%d9%83%d8%af-%d9%85%d8%b5%d8%a7%d8%af%d9%82%d8%a9-%d9%86%d8%aa%d9%86%d9%8a%d8%a7%d9%87%d9%88-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%86%d9%81%d8%ac%d8%a7%d8%b1/
[12] ” غالانت اتصل بأوستن قبيل تفجيرات لبنان وأبلغه “بعملية صعبة””، الجزيرة نت، 18/9/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2024/9/18/%D8%B9%D8%A7%D8%AC%D9%84-%D9%85%D9%88%D9%82%D8%B9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A7-%D9%88%D8%B2%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%81%D8%A7%D8%B9
[13] “من جهاز اتصال إلى قنبلة موقوتة.. كشف لغز انفجار أجهزة البيجر بعناصر حزب الله”، مرجع سابق.
[14] “الخطوط الحمراء: حدود المواجهة بين إسرائيل و«حزب الله»”، القدس العربي، 20/9/2024، الرابط: https://www.alquds.co.uk/%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%a1%d8%a9-%d8%a3%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%b6%d8%b1%d8%a8%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d8%ad%d8%b2/
[15] “تصعيد حرب الاستنزاف: ماذا بعد تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية التابعة لحزب الله؟”، مركز الإمارات للسياسات، 20/9/2024، الرابط: https://epc.ae/ar/details/brief/madha-baed-tafjir-ajhizat-alaitisalat-allasilkia-altabiea-lihizbollah
[16] “حتمية التصعيد.. الجبهة اللبنانية بين الاشتعال التدريجي ومخاطر الانفجار”، المرصد المصري، 21/9/2024، الرابط: https://marsad.ecss.com.eg/82497/
[17] “إعلام إسرائيلي: حزب الله كان يسعى لاغتيال موشيه يعالون”، الجزيرة نت، 18/9/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2024/9/18/%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A-%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D9%83%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%B3%D8%B9%D9%89-2
[18] “حتمية التصعيد.. الجبهة اللبنانية بين الاشتعال التدريجي ومخاطر الانفجار”، مرجع سابق.
[19] ” نتانياهو: سنعيد سكان الشمال إلى ديارهم”، الحرة، 18/9/2024، الرابط: https://www.alhurra.com/israel/2024/09/18/%D9%86%D8%AA%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D8%B3%D9%86%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D8%B3%D9%83%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D9%87%D9%85
[20] “تصعيد حرب الاستنزاف: ماذا بعد تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية التابعة لحزب الله؟”، مرجع سابق.
[21]“الهجوم على “بيجر” “حزب الله”… لماذا الآن؟”، مجلة المجلة، 19/9/2024، الرابط: https://www.majalla.com/node/322282/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%AC%D9%88%D9%85-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A8%D9%8A%D8%AC%D8%B1-%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D9%86%D8%9F
[22] “تصعيد حرب الاستنزاف: ماذا بعد تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية التابعة لحزب الله؟”، مرجع سابق.
[23] “هل تستطيع عملية “البيجر” إيقاف جبهة الاستنزاف؟”، الميادين نت، 18/9/2024، الرابط: https://www.almayadeen.net/articles/%D9%87%D9%84-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D8%B7%D9%8A%D8%B9-%D8%B9%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A9–%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%AC%D8%B1–%D8%A5%D9%8A%D9%82%D8%A7%D9%81-%D8%AC%D8%A8%D9%87%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%86%D8%B2%D8%A7%D9%81?__cf_chl_rt_tk=U6NdNmbP11TgU4zlVslFDwmEe.ht6xAa3M8kvFcAWXQ-1727009990-0.0.1.1-4564
[24] “حتمية التصعيد.. الجبهة اللبنانية بين الاشتعال التدريجي ومخاطر الانفجار”، مرجع سابق.
[25] “صورة انتصار وكيٍّ للوعي بينما المعادلات الاستراتيجية على حالها”، مركز التقدم العربي للسياسات، 18/9/2024، الرابط: https://www.arabprogress.org/%d8%b5%d9%88%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%86%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%b1-%d9%88%d9%83%d9%8a%d9%8d%d9%91-%d9%84%d9%84%d9%88%d8%b9%d9%8a-%d8%a8%d9%8a%d9%86%d9%85%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b9%d8%a7%d8%af%d9%84/
[26] “طبول الحرب تُقرَع شمالاً: ما وراء التهديدات الإسرائيلية بعملية بريّة في لبنان؟*”، مركز الإمارات للسياسات، 19/9/2024، الرابط: https://epc.ae/ar/details/brief/tubul-alharb-tuqrau-shmalan-ma-wara-altahdidat-alisraiylia-bieamaliya-bryya-fi-lubnan
[27] “تصعيد حرب الاستنزاف: ماذا بعد تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية التابعة لحزب الله؟”، مرجع سابق.
[28] “أي علاقة لهجوم “البيجر” في لبنان بضربة حزب الله على “غليلوت”؟”، الميادين نت، 18/9/2024، الرابط: https://www.almayadeen.net/articles/%D8%A3%D9%8A-%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A9-%D9%84%D9%87%D8%AC%D9%88%D9%85–%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%AC%D8%B1–%D9%81%D9%8A-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D8%A8%D8%B6%D8%B1%D8%A8%D8%A9-%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%B9%D9%84%D9%89–%D8%BA%D9%84%D9%8A%D9%84%D9%88%D8%AA?__cf_chl_rt_tk=tHLaI8JvveNAcGzBf4sdBnp2eQEOKn7XLnSyl8bN1io-1727009993-0.0.1.1-4863
[29] “إعلام أمريكي: إسرائيل قررت تبكير تفجيرات “البيجر” خشية اكتشاف مخططها”، القدس العربي، 18/9/2024، الرابط: https://www.alquds.co.uk/%d8%a5%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%85-%d8%a3%d9%85%d8%b1%d9%8a%d9%83%d9%8a-%d8%a5%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d9%84-%d9%82%d8%b1%d8%b1%d8%aa-%d8%aa%d8%a8%d9%83%d9%8a%d8%b1-%d8%aa%d9%81%d8%ac%d9%8a%d8%b1/
[30] “تصعيد حرب الاستنزاف: ماذا بعد تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية التابعة لحزب الله؟”، مرجع سابق.
[31] “رسائل مجزرتي الاتصالات والضاحية الجنوبية”، العربي الجديد، 22/9/2024، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/opinion/%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D9%85%D8%AC%D8%B2%D8%B1%D8%AA%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%A7%D8%AD%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%A8%D9%8A%D8%A9
[32] “طبول الحرب تُقرَع شمالاً: ما وراء التهديدات الإسرائيلية بعملية بريّة في لبنان؟*”، مرجع سابق.
[33] “هل بدأت الحرب الكبرى؟”، الجزيرة نت، 18/9/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/opinions/2024/9/18/%D9%87%D9%84-%D9%8A%D9%85%D9%87%D8%AF-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%87%D8%AF%D8%A7%D9%81-%D8%B4%D8%A8%D9%83%D8%A9-%D8%A7%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87
[34] “هل تستطيع عملية “البيجر” إيقاف جبهة الاستنزاف؟”، مرجع سابق.
[35] “هل تتجه الأوضاع إلى حرب إسرائيلية على لبنان؟!”، عربي 21، 20/9/2024، الرابط: https://arabi21.com/story/1627331/%D9%87%D9%84-%D8%AA%D8%AA%D8%AC%D9%87-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B6%D8%A7%D8%B9-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86
[36] “رسائل مجزرتي الاتصالات والضاحية الجنوبية”، العربي الجديد، 22/9/2024، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/opinion/%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D9%85%D8%AC%D8%B2%D8%B1%D8%AA%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%A7%D8%AD%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%A8%D9%8A%D8%A9
[37] “تصعيد حرب الاستنزاف: ماذا بعد تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية التابعة لحزب الله؟”، مرجع سابق.
[38] “مذبحة البيجر.. اختراق خطير آخر لحزب الله يُذكّر بتفوق حماس استخباراتيًا”، نون بوست، 18/9/2024، الرابط: https://www.noonpost.com/246395/
[39] “إسرائيل تستهدف اتصالات حزب الله: تفجير قواعد الاشتباك”، مرجع سابق.
[40] “تصعيد حرب الاستنزاف: ماذا بعد تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية التابعة لحزب الله؟”، مرجع سابق.
[41] “كمين البيجر ودلالاته لبنانياً وعربياً”، العربي الجديد، 19/9/2024، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/investigations/%D9%83%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%AC%D8%B1-%D9%88%D8%AF%D9%84%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D9%87-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%8B-%D9%88%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%8B
[42] “إسرائيل تستهدف اتصالات حزب الله: تفجير قواعد الاشتباك”، مرجع سابق.
[43] ” ما رسائل نصر الله بعد تفجيرات البيجر؟ محللون يجيبون”، الجزيرة نت، 19/9/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/politics/2024/9/19/%D9%85%D8%A7-%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D9%86%D8%B5%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%AA%D9%81%D8%AC%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%AC%D8%B1
[44] “الاستنزاف باق والأهداف المتبادلة عسكرية… ولا حرب شاملة”، النشرة، 21/9/2024، الرابط: https://www.elnashra.com/news/show/1685960/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%86%D8%B2%D8%A7%D9%81-%D8%A8%D8%A7%D9%82-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%87%D8%AF%D8%A7%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D9%84%D8%A9-%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D9%84%D8%A7-%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%B4%D8%A7
[45] “هل ستندلع الحرب على الجبهة الشمالية؟”، المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية (مسارات)، 17/9/2024، الرابط: https://www.masarat.ps/article/6299/%D9%87%D9%84-%D8%B3%D8%AA%D9%86%D8%AF%D9%84%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A8%D9%87%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9%D8%9F
[46] “عن مأزق استراتيجي لحزب الله”، العربي الجديد، 21/9/2024، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/opinion/%D8%B9%D9%86-%D9%85%D8%A3%D8%B2%D9%82-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A-%D9%84%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87
[47]“حزب الله يقصف شمال إسرائيل في “رد أولي على مجزرتي الثلاثاء والأربعاء””، الجزيرة نت، 22/9/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2024/9/22/%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%86%d8%a7%d8%a9-12-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d9%88%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%ae-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%8a
[48] ” حزب الله ينعي قائدين و14 عسكرياً قتلوا في الغارة الإسرائيلية.. وإعلام عبري يتحدث عن تفاصيل العملية”، عربي بوست، 21/9/2024، الرابط: https://arabicpost.net/%d8%a3%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1/2024/09/21/%d8%ad%d8%b2%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%84%d9%87-%d9%8a%d9%86%d8%b9%d9%8a-%d9%82%d8%a7%d8%a6%d8%af%d9%8a%d9%86-%d9%8813-%d8%b9%d8%b3%d9%83%d8%b1%d9%8a%d8%a7%d9%8b-%d9%82%d8%aa%d9%84%d9%88%d8%a7-%d9%81/
[49] “هجوم البيجر هو ضربة أولى.. سيناريوهات الحرب الإسرائيلية ضد حزب الله”، نون بوست، 18/9/2024، الرابط: https://www.noonpost.com/246310/
[50] “إدارة بايدن بين دعوات “التهدئة” وعمليات إسرائيل “الجراحية””، الحرة، 21/9/2024، الرابط: https://www.alhurra.com/israel-hamas-war/2024/09/21/%D8%A5%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D9%8A%D8%AF%D9%86-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%AF%D8%B9%D9%88%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%87%D8%AF%D8%A6%D8%A9-%D9%88%D8%B9%D9%85%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%AD%D9%8A%D8%A9
[51]“هجوم البيجر هو ضربة أولى.. سيناريوهات الحرب الإسرائيلية ضد حزب الله”، نون بوست، 18/9/2024، الرابط: https://www.noonpost.com/246310/
[52] المرجع السابق.
[53] “طبول الحرب تُقرَع شمالاً: ما وراء التهديدات الإسرائيلية بعملية بريّة في لبنان؟*”، مرجع سابق.
[54] “رسائل مجزرتي الاتصالات والضاحية الجنوبية”، مرجع سابق.
[55] “ماذا بعد حادث التفجير الأخير فى لبنان؟..السيناريوهات المفتوحة”، مجلة السياسة الدولية، 18/9/2024، الرابط: https://www.siyassa.org.eg/News/21857/%D8%AA%D8%AD%D9%84%D9%8A%D9%84%D8%A7%D8%AA/%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D8%AB-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%81%D8%AC%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D9%8A%D8%B1-%D9%81%D9%89-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86%D8%9F-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D9%88%D9%87%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D8%AA%D9%88%D8%AD%D8%A9.aspx
[56] “هل تتجه الأوضاع إلى حرب إسرائيلية على لبنان؟!”، مرجع سابق.
[57] “حسابات إسرائيل في التلويح بفتح “جبهة الشمال” ضد لبنان”، مركز التقدم للسياسات، 16/9/2024، الرابط: https://www.arabprogress.org/%d8%ad%d8%b3%d8%a7%d8%a8%d8%a7%d8%aa-%d8%a5%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d9%84-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%84%d9%88%d9%8a%d8%ad-%d8%a8%d9%81%d8%aa%d8%ad-%d8%ac%d8%a8%d9%87%d8%a9-%d8%a7%d9%84/
[58] “هجوم البيجر هو ضربة أولى.. سيناريوهات الحرب الإسرائيلية ضد حزب الله”، مرجع سابق.
[59] “هل ستندلع الحرب على الجبهة الشمالية؟”، مرجع سابق.
[60] “ماذا بعد حادث التفجير الأخير فى لبنان؟..السيناريوهات المفتوحة”، مرجع سابق.
[61] “إسرائيل تستهدف اتصالات حزب الله: تفجير قواعد الاشتباك”، مرجع سابق.
[62] “ماذا بعد حادث التفجير الأخير فى لبنان؟..السيناريوهات المفتوحة”، مرجع سابق.
[63] “ماذا بعد حادث التفجير الأخير فى لبنان؟..السيناريوهات المفتوحة”، مرجع سابق.
[64] “هجوم البيجر هو ضربة أولى.. سيناريوهات الحرب الإسرائيلية ضد حزب الله”، مرجع سابق.
[65] “دلالات تفجير أجهزة “البايجر” في لبنان”، مركز الجزيرة للدراسات، 18/9/2024، الرابط: https://studies.aljazeera.net/ar/article/6028
[66] “حسابات إسرائيل في التلويح بفتح “جبهة الشمال” ضد لبنان”، مرجع سابق.
[67] “هل تتجه الأوضاع إلى حرب إسرائيلية على لبنان؟!”، مرجع سابق.
[68] “صورة انتصار وكيٍّ للوعي بينما المعادلات الاستراتيجية على حالها”، مرجع سابق.
[69] “هجوم البيجر هو ضربة أولى.. سيناريوهات الحرب الإسرائيلية ضد حزب الله”، مرجع سابق.
[70] “كمين البيجر ودلالاته لبنانياً وعربياً”، مرجع سابق.