كريم الأحمدي (محلل اقتصادي أمني)
في ظل التصاعد المتواصل للأزمات في الشرق الأوسط، يبرز الدور المصري الرسمي كأحد العوامل المؤثرة في إعادة تشكيل المواقف الإقليمية تجاه القضية الفلسطينية. تأتي سياسة النظام المصري والتي تهدف ظاهرياً إلى استقرار المنطقة، لكنها في حقيقة الأمر تعزز وجود الاحتلال الإسرائيلي وتدعم مصالحه على حساب التضامن الشعبي والالتزامات الأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني. وتكشف حادثة السفينة الألمانية الأخيرة، والتي زودت الاحتلال الإسرائيلي بالمواد اللازمة لصنع الأسلحة، عن القصور الواضح في التعامل المصري مع ملف الاحتلال والدور المشبوه في تمرير الدعم الذي يُستخدم لاحقاً ضد الفلسطينيين.
السياق والتحليل الأمني:
تعد حادثة عبور السفينة الألمانية المحملة بالمتفجرات المتوجهة إلى إسرائيل عبر ميناء الإسكندرية دلالة واضحة على استعداد النظام المصري للتعاون مع الكيانات التي تسهم في تعزيز قدرة الاحتلال، مما يضع علامات استفهام حول الادعاءات المصرية بشأن دعمها للفلسطينيين. وتشير المعلومات إلى أن مرور هذه الشحنة كان منظماً ومحمياً من قبل السلطات المصرية، مما يفتح المجال للتساؤل حول مدى التزام النظام المصري بسياسات إقليمية تتماشى مع أهداف الشعب الفلسطيني وتطلعاته.
جمع الأموال على حساب القضية الفلسطينية:
أصبح النظام المصري أحد الجهات الأساسية التي تستفيد من دعم الاحتلال عبر طرق غير مباشرة، من خلال دورها في التحكيم على حركة الأموال والمساعدات التي تصل إلى غزة. وفقاً لبعض التقارير، تستقطع مصر جزءاً كبيراً من قيمة المساعدات الداخلة عبر أراضيها أو عبر التنسيق الأمني مع الاحتلال، وتقوم بفرض رسوم وجمارك باهظة على المساعدات الإنسانية، مما يقلل من كفاءتها ويؤخر وصولها لمستحقيها. وتشير إحصاءات رسمية إلى أن حوالي 30% من المساعدات الإنسانية الموجهة لقطاع غزة تتأخر أو يتم تعطيلها لأسباب تنظيمية ترتبط بالسلطات المصرية.
التأثير على التضامن الشعبي:
تُبرز هذه الممارسات الرسمية تعارضاً واضحاً مع مشاعر المجتمع المصري الذي يُعد من أكثر الشعوب العربية تضامناً مع القضية الفلسطينية. وقد أظهرت استطلاعات الرأي أن نحو 80% من المصريين يؤيدون حقوق الفلسطينيين ويعارضون التطبيع مع الاحتلال. وعلى الرغم من ذلك، فإن السلطات المصرية تتجاهل هذا التوجه الشعبي، وتستمر في اتخاذ خطوات تزيد من الانفصال بين المواقف الشعبية وسياسة الدولة، مما يخلق فجوة واسعة بين النظام والشعب ويهدد الاستقرار الداخلي.
دور وسائل الإعلام الرسمية في تحجيم القضية الفلسطينية:
كما يظهر من خلال رصد السياسات الإعلامية المصرية، تُستخدم وسائل الإعلام بشكل ممنهج لتشويه الحقائق حول القضية الفلسطينية وتبسيطها، مما يخلق لدى المواطن المصري صورة مشوشة وغير واقعية. وقد تم رصد انخفاض في عدد المقالات والبرامج التي تتناول القضية الفلسطينية بشكل موضوعي، حيث يتم التركيز على التحذير من الانخراط في “قضايا إقليمية” أو دعم أي “حركات غير قانونية”، مما يساهم في تدعيم سياسة الدولة من خلال تضليل المواطنين وتقديم القضية الفلسطينية كعبء اقتصادي وأمني.
الخاتمة والتوصيات:
في ضوء ما سبق، يتضح أن السياسة المصرية تجاه القضية الفلسطينية تتعارض مع التوجهات الشعبية وتخدم بشكل مباشر الاحتلال الإسرائيلي. يتعين على الجهات الدولية والإقليمية المعنية بالقضية الفلسطينية اتخاذ موقف حاسم تجاه هذه السياسات التي تؤثر سلباً على الأمن الإقليمي، وتضر بالجهود الدولية لدعم الشعب الفلسطيني.