استقبال مصر سفينة المتـ.ـفجرات “كاثرين”

ومرور البوارج الحـ.ـربية الإسـ.ـرائيلية بقناة السويس..

دلالات وتداعيات

في الوقت الذي يدين الكثير من الفاعلين السياسيين الدوليين الممارسات الاسرائيلية، ضد الشعب الفلسطيني، والتي ترقى لجرئم الإبادة الجماعية..

وهو ما تتصاعد إزاء الجهود المدنية والسياسية الدولية، لوقف حرب الإبادة الصهيونية ضد الفلسطينيين ، وسط دعاوى دولية لمنع تصدير الأسلحة لإسرائيل، سمحت مصر -الجار الأقرب لفلسطين والوسيط بين الجانبين- في تناقض تام مع الموقف الرسمي المعلن، بتمرير شحنة أسلحة متفجرات ومواد حربية موجهة إلى إسرائيل، بعد استقبال ميناء الاسكندرية، للسفينة الألمانية، التي كانت تحمل العلم البرتغالي، وهو ما تحركت ضدها لشبونة، وأنزلته، قانونيا، وسط استغراب عالمي من الموقف المصري، الذي كان بامكانه على الأقل الاعتذار عن استقبال السفينة، تمسكا بالقوانين والمواثيق الدولية التي يمكن التمترس بها، لرفض دخول السفينة المياة المصرية..

وعلى إثر انكشاف الموقف المصري، سارع نظام السيسي للتمترس بالنفي والبيانات الرسمية، مؤكدا انحيازه للقضية الفلسطينية ..

اذ أعلن المتحدث الرسمي للجيش أن مصر لا تساعد إسرائيل في عملياتها، ضد الفلسطينيين..

وهي اجابة مستغربة، اذ تعد الاجابة الخطأ عن السوال الصواب!!!

إذ طالب المجتمع المصري بقواه الحية من نشطاء وسياسيين وأحزاب وصحفيين، بتقديم إجابة واضحة عن استقبال السفينة، وهو ما لم ترد عليه التصريحات الرسمية العسكرية والسياسية، بل آثرت الهروب من التساؤلات، بلاعلان عن عدمدعم العمليات الحربية الاسرائيلية ضد غزة!!! وهو موقف ، غير واضح للعيان، إذ لم يتهمأحد النظام ببذلك أساسا، وإن كان يتمبشكل غير مباشر، عبر الصمت عن الانتهاكات الصهيونية على حدود مصر واستهداف جنود مصريين على الحدود والتمركز على محور فلادليفيا، بشكل غير قانوني، وهو ما فاقم صدمة الشعب من حكومته المتمترسة بالأكاذيب..

ثم جاءت الصدمة الثانية، بعد نشر نشطاء ومراقبون صورا لبارجة حربية إسرائيلية، تمر من قناة السويس، وهو ما ردت عليه حكومة السيسي، بأنها لا تستطيع منعها، التزاما باتفاقية القسطنطنية، الموقعة في العام 1888…

وهو ما أثار غضب الجميع، الذين

طالبوا النظام، الذي يتمسك باتفاقية لم توقعها مصر الحديثة، بأن تتمسك بنفس القوانين، وترفض استقبال كارثرين بميناء الاسكندرية…!!

الاستعراض التالي ، يحاول الوقوف على تفاصيل الأزمة، لقراءة دلالاتها وتداعياتها على المشهد السياسي المصري والفلسطيني والعربي..

أولا: أزمة كاثرين في مصر:

جاءت بدايات الأزمة، مع اعلان
“حركة مقاطعة إسرائيل (BDS)”، الأربعاء 30 أكتوبر الماضي، ، عن رسو سفينة “كاثرين”، المحمّلة بمواد متفجرة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، في ميناء الإسكندرية المصري، بعد رفض دول عديدة استقبالها، من بينها مالطا وناميبيا وأنجولا.

وكانت جهود الحركة قد أجبرت عدة دول على رفض استقبال السفينة، كالبرتغال وناميبيا ومالطا..

وقالت الحركة، في بيان، إن السفينة المتجهة إلى دولة الاحتلال رست في ميناء الإسكندرية، مساء الاثنين 28 أكتوبر، فيما يبدو أنها فرغت حمولتها، في انعطافة خطيرة وغير متوقعة في مسار السفينة، نظراً لرفض بعض الدول استقبالها، كونها تحمل شحنة عسكرية في طريقها لتغذية آلة الحرب الإسرائيلية في حرب الإبادة في قطاع غزة.

وأضافت الحركة أن رسو السفينة في الإسكندرية يثير تساؤلات حول أسباب السماح لها، وهي تنقل شحنة تُستخدم في التصنيع العسكري الإسرائيلي، بالدخول إلى الموانئ المصرية، في وقت تتزايد الضغوط الدولية لمنع تدفق السلاح؛ الذي يسهم في الإبادة الجماعية ضد 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة المحاصر.

وتساءلت الحركة: “لماذا يُسمح لسفينة محملة بمواد عسكرية لدعم دولة الاحتلال باستخدام المياه والموانئ المصرية، في خطوة قد تضع السلطات المصرية تحت طائلة المسؤولية القانونية المباشرة، بحسب اتفاقية منع ومعاقبة الإبادة الجماعية؟ فضلاً عن تعارض ذلك مع الموقف الرسمي المعلن، والموقف الشعبي المصري العارم، ضد الحرب الإسرائيلية في غزة”.

ومن جانبها أشارت بيانات مجموعة بورصة لندن وموقع تتبع السفن “مارين ترافيك” إلى أن السفينة “إم في كاترين” شوهدت آخر مرة في الإسكندرية.

بينما ذكر موقع ميناء الإسكندرية أنه تم تفريغ معدات عسكرية من السفينة، لصالح هيئة الانتاج الحربي، مضيفا أنه من المقرر أن تغادر السفينة الميناء في الخامس من نوفمبر…

وكانت منظمة العفو الدولية ، قد قالت في بداية أكتوبر الماضي، إنه يجب على سلوفينيا والجبل الأسود أن يمنعا السفينة ذاتها، التي ترفع العلم البرتغالي-آنذاك- ويُعتقد أنها تحمل متفجرات متجهة إلى إسرائيل، من أن ترسو في موانئهما، نظرا للخطر الواضح بأن “تساهم مثل هذه الشحنة في ارتكاب جرائم حرب في غزة”..

تفاصيل الواقعة والتباساتها:

1-استقبال وتفريغ السفينة بميناء الاسكندرية:

وتشير المعلومات الواردة على موقع ميناء الإسكندرية، الذي يراقب حركة السفن والملاحة، إلى أن شركة “المكتب المصري للاستشارات البحرية (EMCO)”، هي التي كانت مسؤولة عن استقبال السفينة “كاثرين”، وتفريغ شحنتها الحربية. كما لوحظ إشراف الشركة نفسها على انطلاق سفينة أخرى في اليوم ذاته، متجهة إلى ميناء أشدود الإسرائيلي، ما يدعو للتساؤل حول العلاقة التي تربط الشركة المصرية بمشغلي السفينة المحمّلة بالمتفجرات.

وأظهرت صور أقمار اصطناعية عالية الجودة، الأربعاء 30 أكتوبر الماضي، موقع السفينة كاثرين راسية في ميناء الإسكندرية، كما تظهر الصور الملتقطة للسفينة أثناء إفراغ حمولتها في الرصيف الحربي للميناء.

2-تضارب الروايات المصرية وتناقضاتها:

وبدأت قضية السفينة كاثرين حينما رست في ميناء الإسكندرية في 28 أكتوبر الماضي، وهي ترفع العلم الألماني، وكان يشتبه في أنها تحمل شحنة من المواد المتفجرة، كما كان من المتوقع أن تتوجه لاحقاً إلى ميناء أسدود الإسرائيلي.

ونفى أول رد فعل مصري رسمي ما شاع من أن مصر استقبلت سفينة متفجرات متجهة إلى إسرائيل، نفياً تاماً للواقعة برمتها، أذاعته قناة القاهرة الإخبارية منسوباً إلى مصدر رفيع المستوى. أعقب ذلك صدور بيان للمتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، من دون إشارة إلى السفينة كاثرين وفيه “تنفي القوات المسلحة المصرية بشكل قاطع ما تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي والحسابات المشبوهة وما يتم ترويجه من مساعدة إسرائيل في عملياتها العسكرية جملة وتفصيلاً، وتؤكد أنه لا يوجد أي شكل من أشكال التعاون مع إسرائيل”. وبعد دقائق صدر بيان لوزارة النقل يثبت وجود السفينة كاثرين في ميناء الإسكندرية، لكنه ينفي أن تكون متجهة إلى إسرائيل، بل إلى تركيا، وقال إن حمولتها تخص وزارة الإنتاج الحربي.

3-بلاغ للنائب العام:

وكان محامون وحقوقيون قد تقدّموا ببلاغات للنائب العام يطالبون فيها الحكومة بالإفصاح عن حقيقة موقفها تجاه السفينة كاثرين “المشبوهة”، ويسألون عن سبب استقبالها في الإسكندرية؟ ورغم هجوم إعلاميين ولجان إلكترونية مؤيدة للنظام على مثيري القضية، أثبتت البيانات الرسمية صحّة معلومات متداولة، منها أن مصر استقبلت بالفعل السفينة كاثرين بحسب بيانات وزارة النقل وموقع ميناء الإسكندرية المحجوب لاحقاً. كما أثبت البيان الرسمي أن السفينة محمّلة بمواد تخص وزارة الإنتاج الحربي.

3- تفاعل وغضب شعبي:

وأثارت الحادثة تفاعلاً كبيراً من وسائل الإعلام وحركات المقاطعة العالمية، مثل حركة مقاطعة إسرائيل (BDS)، التي ذكرت أن السفينة كاثرين كانت تتجه نحو إسرائيل، محملة بمواد تستخدم لأغراض عسكرية، ووصفت هذه الشحنة بأنها تساهم في التصعيد الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين.

وأثارت الشركة البحرية المصرية “إيمكو”، التي أشرفت على عملية استقبال السفينة كاثرين مزيداً من التساؤلات بشأن دورها، خصوصاً أن تقارير متعددة ذكرت أن رئيسة الشركة، راندا عبد الله، هي ابنة لواء سابق بالجيش يمتلك الشركة، وهي عضو في مجلس إدارة غرفة ملاحة الإسكندرية، وتربطها علاقات وثيقة بالجهات الرسمية المصرية، وأُسندت إليها مشاريع عديدة.

ثانيا: مواقف دولية:

1-الرفض الدولي للسفينة:

وتمكنت حركة المقاطعة (BDS)، ونشطاء ومجموعات وتحالفات عابرة للقارات، من دفع حكومات عديدة، بما في ذلك مالطا، إلى منع السفينة “كاثرين” من دخول مياهها. كما دفع الضغط الشعبي الحكومة البرتغالية إلى فتح تحقيق حول السفينة التي كانت تحمل علم بلادها، وقادت نتائجه إلى مطالبتها بإزالة العلم، وانتهى الأمر بإزالة السفينة العلم البرتغالي، واستبداله بالألماني.

وقبل عدة شهور، تحديدًا في أغسطس الماضي، منعت ناميبيا السفينة كاثرين، التي كانت وقتها ترفع علم البرتغال، الرسو في موانيها، مؤكدة التزامها بموقفها الرافض “للتواطؤ في جرائم الحرب الإسرائيلية”.

وصرّحت وزيرة العدل إيفون دوساب، لصحيفة New Era الحكومية، آنذاك، بأنها طلبت من هيئة المواني في بلادها بعدم السماح للسفينة بالرسو، التزامًا بواجبها في ضمان امتثال ناميبيا للمعاهدات الدولية، وخاصة اتفاقية منع الإبادة الجماعية.

وفي سبتمبر الماضي، علق وزير خارجية البرتغال باولو رانجيل، في مقابلة أجرتها Política، أن “نصف حمولة السفينة تتجه إلى شركة أسلحة إسرائيلية”، وأنها “تنقل مواد ستستخدمها 3 شركات تصنيع أسلحة، واحدة منها إسرائيلية”.

وأوضح الوزير أنه حصل على معلومات إضافية من مالك السفينة تفيد بأن المواد سيتم تفريغها في مينائين على البحر الأدرياتيكي، في الجبل الأسود وسلوفينيا، حيث ستنقل المواد بعد ذلك إلى وجهاتها النهائية، التي تشمل إسرائيل ودولتين من حلف الناتو، هما بولندا وسلوفاكيا.

وأشار الوزير إلى أن “السفينة لا تتجه مباشرة إلى إسرائيل، بل ستفرغ حمولتها في البحر الأدرياتيكي ليتم نقلها لاحقًا، بحرًا أو برًا، إلى بولندا وسلوفاكيا وإسرائيل”. وذكر أن هذه المعلومات تأتي بناءً على استفسارات وجهت إلى مالك السفينة، الذي أكد تفاصيل الشحن بدرجة من المصداقية اعتبرها الوزير مقبولة. وطلبت السلطات البرتغالية، مؤخرًا، من السفينة التحول من العلم البرتغالي إلى العلم الألماني، وفق رويترز.

كما أن نامبيا ليست الوحيدة التي رفضت التعاون مع السفينة، إذ منعت الحكومة المالطية في أكتوبر الماضي كاثرين من دخول مياهها الإقليمية، مؤكدة عدم تسامحها مع أي أنشطة تعد تواطئًا في الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية.

وأكدت حكومة مالطا لصحيفة Times of Malta قرار الحظر، بعد دعوات من حركة “جرافيتي”، التي حذرت من أن السماح للسفينة كاثرين بالرسو في مالطا سيجعل الحكومة “متواطئة في الإبادة الجماعية المستمرة في فلسطين”.

وأوضحت حكومة مالطا أن مالك السفينة طلب إذنًا للتوقف داخل حدودها لتغيير الطاقم، لكن الطلب قوبل بالرفض، كما لم يسمح للسفينة بالتزود بالوقود.

وبعدها حاولت السفينة التوجه إلى ميناء بار في الجبل الأسود، الذي كان وجهتها النهائية. لكن بيانات نظام تتبع السفن AIS أظهرت أنها بقيت على حدود المياه الإقليمية لأكثر من 27 ساعة دون أن تدخل الميناء، ثم غيّرت وجهتها نحو الجنوب.

وفي تقرير لقناة TRT World، قبل أسبوعين، فإن البحر الأدرياتيكي في الأسبوعين الماضيين شهد دراما متعلقة بسفينة تحمل متفجرات متجهة إلى إسرائيل.

وكانت منظمة العفو الدولية، دعت دولتي سلوفينيا والجبل الأسود إلى عدم السماح للسفينة كاثرين بالرسو في موانيهما.

والأسبوع الماضي، رفع محامون مدافعون عن حقوق الإنسان دعوى قضائية في برلين، سعيًا لمنع شحنة وزنها 150 طنًا من المتفجرات ذات الاستخدام العسكري على متن كاثرين، وفق رويترز.

وكذلك، كانت المقررة الخاصة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، قد دعت الحكومة البرتغالية للتحقيق في قضية السفينة “كاثرين”، مسلطة الضوء على الالتزام القانوني للدول بفرض حظر عسكري على إسرائيل.

واعتبرت ألبانيز أن التقاعس عن ذلك “قد يكون خرقاً لاتفاقية الإبادة الجماعية”. وبينت ألبانيز أن “أي نقل لمعدات عسكرية إلى إسرائيل، والتي قررت محكمة العدل الدولية بمعقولية ارتكابها لجريمة الإبادة الجماعية، يرقى إلى انتهاك لاتفاقية الإبادة الجماعية، وقرار مجلس حقوق الإنسان الذي يدعو للحظر على نقل الأسلحة إلى إسرائيل”.

وفي ألمانيا، تقدم محامون مدافعون عن حقوق الإنسان بدعوى استئناف عاجلة في أكتوبر إلى المحكمة الإدارية في العاصمة برلين، سعيًا لمنع شحنة وزنها 150 طنًا من المتفجرات ذات الاستخدام العسكري على متن سفينة الشحن الألمانية “أم في كاثرين”، المتجهة إلى الاحتلال، ونقلت رويترز عن “المركز الأوروبي للدعم القانوني”، قوله إن: “الدعوى رُفعت نيابة عن ثلاثة فلسطينيين من غزة”، وأن الشحنة المأمول وقفها تشمل: “متفجرات من نوع “RDX” يمكن استخدامها في الذخائر المستخدمة في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ما قد يسهم في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.”

2-موقف حركة المقاطعة الدولية:

وإزاء ازمة الشجنة المتفجرة، التي أقلتها “كاثرين” طالبت اللجنة الوطنية الفلسطينية للمقاطعة، وهي أوسع ائتلاف في المجتمع المدني الفلسطيني، وقيادة حركة المقاطعة (BDS)، بالضغط على الجهات المسؤولة من أجل فتح تحقيق في ما إذا تم تيسير وصول الشحنات المحمّلة بالأسلحة والمتفجرات، والمتجهة لإسرائيل، عبر أراضٍ ومياه مصرية.

وجددت حركة المقاطعة دعوتها جميع الدول بشأن الالتزام بقرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بفرض حظر عسكري على إسرائيل، كما تدعو إلى الضغط الشعبي من أجل قطع جميع العلاقات معها.

كذلك، دعت الحركة النقابات العمالية والمهنية، بما فيها نقابات عمال النقل والشحن، بالانضمام إلى مئات النقابيين الذين يساهمون بعزلة نظام الاستعمار والأبارتهايد الإسرائيلي، وذلك بالامتناع عن المشاركة في نقل السلاح.

3-تكذيب ألماني:

فيما صرحت وزارة الاقتصاد الألمانية أن الشحنة التي كانت تحملها “كاثرين” لم تكن موجّهة من الأراضي الألمانية بشكل رسمي. وقدّم مركز الدعم القانوني الأوروبي، الذي يضم محامين معنيين بحقوق الإنسان، التماساً إلى القضاء الألماني من أجل منع شحنة تزن 150 طناً من المتفجرات العسكرية وتحملها السفينة الألمانية كاثرين، من المفترض أن تسلم إلى شركة الصناعات العسكرية الإسرائيلية، التابعة لـ”إلبيت سيستمز”، وهي أكبر مورد للمواد الدفاعية في إسرائيل.

ثالثا: مسار “كاثرين” المأزوم:

1-بوصلة السفينة:

بحسب موقع (MarineTraffic) المختص بمراقبة وتتبع حركة الملاحة الدولية، غادرت السفينة (كاثرين) والتي تحمل رقم (9570620)، ميناء فيتنام في 22 يوليو الماضي، ووصلت إلى ميناء الإسكندرية في 28 أكتوبر الماضي، فيما تشير معلومات إلى أن السفينة لم تبحر إلى موانئ الأراضي المحتلة مباشرة، خشية استهدافها؛ لذلك فضّلت المرور عبر رأس الرجاء الصالح، ما يفسر الوقت الطويل الذي استغرقته في عرض البحر، وكانت السفينة تخطط للرسو في إحدى دول جنوب أفريقيا مثل. ناميبيا أو أنجولا، قبل أن تنجح ضغوط المنظمات الدولية في مقدمتها حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) ومنظمة العفو الدولية، في إقناع العديد من الدول لرفض استضافتها، لترسو نهايةً في مصر.

وخلال رحلتها، وبسبب الضغوط الدولية المتوالية عليها، اضطرت السفينة إلى تغيير العلم البرتغالي، بناء على طلب من الحكومة البرتغالية، ووضعت بدلًا عنه العلم الألماني. وقد أثبتت حركة التتبع على مواقع الملاحة أن السفينة هي نفسها وتحمل نفس الرقم، لكنها غيرت علم الدولة فقط بهدف تجنب الضغط على حكومة البرتغال.

تجدر الإشارة إلى أن المركز الأوروبي للدعم القانوني (ELSC) قد أرسل إشعارًا قانونيًا إلى الحكومة البرتغالية، في سبتمبر الماضي، يطالبها بإزالة العلم البرتغاليّ عن سفينة “كاثرين”، موضحًا الأسباب القانونية المتعلقة بمنع التواطؤ حسب اتفاقية منع ومعاقبة الإبادة الجماعية..

2-حمولة السفينة:

وتؤكد كافة التقارير الدولية خطورة محتويات السفينة، التي تحمل أطنانًا من المواد المتفجرة إلى جيش الاحتلال تزن نحو (150 طنًا) – ووفق حكومة ناميبيا، ووزير الخارجية البرتغالي-، فإن شحنة السفينة “أم في كاثرين” تشمل متفجرات متجهة إلى تل أبيب، وقد رفضت السلطات الناميبية السماح للسفينة بدخول مينائها الرئيسي في أغسطس الماضي، نقلًا عن معلومات من مُشغِّل السفينة تفيد بأن حمولتها تتضمن ثمان حاويات من متفجرات “آر دي إكس هيكسوجن (RDX Hexogen)”، وأشارت البيانات الصادرة عن مكتب رئيس وزراء سلوفينيا ووزير خارجية البرتغال، إلى أن السفينة تتجه إلى الجبل الأسود وميناء كوبر السلوفيني، حيث ستقوم بتفريغ حمولتها. ولم يكن واضحًا حينها كيف ستصل الشحنة بعد ذلك إلى الأراضي المحتلة.

وأصبحت مادة RDX ذات أهمية كبيرة في الحروب منذ استخدامها على نطاق واسع من قبل الولايات المتحدة في حربها ضد شعب فيتنام. وتنفجر الألغام المضادة للأفراد المصنوعة من مادة RDX وترسل رذاذًا من الكرات المعدنية التي تعمل مثل الرصاص، فتمزق الناس والمباني والمركبات.

ومن جهته، ذكر مركز الدعم القانوني الأوروبي إن الشحنة كانت متجهة إلى شركة الصناعات العسكرية الإسرائيلية، وهي وحدة تابعة لشركة (إلبيت سيستمز)، التي تعد أكبر مورد للمواد الدفاعية في تل أبيب، ويقول المركز في تقرير له ، إن “السفينة “إم في كاثرين” كانت تحمل 150 ألف كيلوجرام (ثمان حاويات شحن) من متفجرات “آر دي إكس” مخصصة لشركة الصناعات العسكرية الإسرائيلية، وهي الذراع الإنتاجية للذخائر التابعة لأكبر شركة عسكرية إسرائيلية “إلبيت سيستمز”، وتستخدم شركة “إلبيت سيستمز” متفجرات “آر دي إكس” في تصنيع أسلحة حربية مثل. القنابل الجوية وقذائف الهاون والصواريخ، التي تستخدم في انتهاك للقانون الدولي لارتكاب جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية وجرائم الحرب في قطاع غزة.

3-الجريمة في ميناء الاسكندرية:

وتم تفريغ شحنة السفينة داخل الميناء من جانب شركة خاصة، ولم يشارك به موظفون أو عمال من داخل الميناء، فيما تشير مستندات رسمية وصلتنا نسخة منها إلى أن السفينة دخلت ميناء الإسكندرية بتوكيل من المكتب المصري للاستشارات البحرية (EMCO)، الذي أشرف في اليوم ذاته على مرور سفينة أخرى إلى ميناء أسدود داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، بحسب ما كشفت عنه حركة مقاطعة إسرائيل (BDS)، كما تثبت المستندات ذاتها، أن السفينة تم تفريغها من مواد حربية، (309.712 ton حربي) و(29 count حربي)، وهي المعلومات ذاتها التي نشرها الموقع الرسمي لميناء الإسكندرية، وعاد وحذفها لاحقًا بعد حالة الجدل.

وتعرف شريكة (ايمكو) نفسها على موقعها الرسمي بأنها وكالة شحن متكاملة تقدم خدماتها في جميع الموانئ الرئيسية بمصر، من خلال مكاتبها المنتشرة في الإسكندرية وبورسعيد والسويس. تقوم الشركة بتقديم خدماتها لكافة أنواع السفن والبضائع في الموانئ المصرية، حيث تمتلك خبرة واسعة في التعامل مع سفن الأخشاب، وسفن الشحن العام، والسفن الثقيلة، وسفن الخدمات البترولية البحرية، إضافة إلى الشحنات الخاصة وعمليات العبور عبر قناة السويس، فضلاً عن إجراء المسوحات والعمليات الخاصة.

وفي مجال الخدمات اللوجستية، تتولى “إيمكو لوجستيك” التي تديرها رنده فاروق عبد الله (تشير معلومات إلى أنها ابنة المقدم البحري فاروق عبد الله، عمل سابقًا كـ رائد بحري في هيئة قناة السويس)، مهام الشحن البحري والجوي، والتخليص الجمركي، والتعامل مع شحنات المشاريع، إضافة إلى تقديم خدمات الشحن من الباب إلى الباب لجميع عمليات التصدير والاستيراد. ومن خلال أسطولها الخاص من الشاحنات ذات الأحمال الثقيلة، توفر “إيمكو ترانس” خدمات نقل مخصصة للبضائع داخل مصر.

وكشفت مصادر، أن السفينة رست على الرصيف رقم (22) بميناء الإسكندرية، الخاص والخاضع لإدارة القوات البحرية المصرية، ووفقًا لمصدر قال لـ”صحيح مصر” إن إنزال الشحنة من السفينة تم بمعدات ثقيلة على الرصيف البحري من مساء 29 أكتوبر بل واستخدمت كاسحات حربية لإفراغ السفينة.

وتظهر نتائج البيانات الصادرة من ميناء الإسكندرية أن السفينة كاثرين التي كانت من المقرر أن تغادر الميناء يوم 5 فبراير القادم، سرعت من إجراءات المغادرة يوم 31 اكتوبر.

وعمومًا، لا تسمح القوانين المصرية، وكذلك الاتفاقيات الدولية، بتفريغ أي شحنات إلا بضوابط وموافقات مسبقة، في مقدمتها، إخطار الجهات المعنية سواء وزارة الدفاع أو مجلس الوزراء، وحتى في حالة وجود اتفاقيات عسكرية مع بعض الدول يتطلب تفريغ هذا النوع من الشحنات تنسيق مع إدارة الجمارك والجهات الرسمية، وفق قانون الجمارك.

رابعا: الموقف المصري المتناقض:

1-مرور السفن الحربية الاسرائيلية بقناة السويس رغم نفي مساعدة اسرائيل:

وإلى جانب السفينة الألمانية “كاثرين” التي استقبلها ميناء الاسكندرية، تداول ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مقطعا مصورا يظهر مرور سفينة حربية إسرائيلية (ترفع علمي مصر وإسرائيل) من قناة السويس، ما آثار موجة عارمة من الغضب في الأوساط الشعبية المصرية، يوم الخميس 31 أكتوبر الماضي.

وأظهرت المشاهد أصوات عدد من المصريين وهم يستهجنون ويعلنون رفضهم لمرور السفينة الحربية الإسرائيلية من المياه المصرية.

واستهجن المصريون والنشطاء سماح الدولة المصرية بمرور السفينة بالتزامن مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وعبّر الناشطون عن رفضهم التزام مصر بتطبيق بنود اتفاقية القسطنطينية التي تكفل حرية الملاحة في القناة في ظل خرق إسرائيل بنود اتفاقية السلام بعد احتلالها لمحور فيلادلفيا في قطاع غزة.

والجمعة 1 نوفمبر الجاري، أصدرت هيئة قناة السويس المصرية، بيانا، للرد على ما تم تداوله من تساؤلات بشأن السماح للسفن من جنسيات مختلفة بالعبور من المجرى الملاحي، مؤكدة “التزامها بتطبيق الاتفاقيات الدولية التي تكفل حرية الملاحة البحرية للسفن العابرة للقناة، سواءً كانت تجارية أو حربية، دون تمييز لجنسية السفينة، وذلك اتساقاً مع بنود اتفاقية القسطنطينية التي تشكل ضمانة أساسية للحفاظ على مكانة القناة، كأهم ممر بحري في العالم”.

وأشارت الهيئة في بيانها إلى أن “عبور السفن الحربية لقناة السويس يخضع لإجراءات خاصة”.

وأوضحت أن “اتفاقية القسطنطينية” التي وُقّعت عام 1888 رسمت منذ ذلك الوقت الملامح الأساسية لطبيعة التعامل الدولي لقناة السويس، حيث حفظت حق الدول جميعها في الاستفادة من هذا المرفق العالمي.

وألمحت هيئة قناة السويس إلى أن “الاتفاقية تنص في مادتها الأولى على أن تكون قناة السويس البحرية على الدوام حرة ومفتوحة، سواء في وقت الحرب أو في وقت السلم، لكل سفينة تجارية أو حربية دون تمييز لجنسيتها”.

وتزامنت واقعة مرور السفينة الحربية الإسرائيلية من قناة السويس، بالتزامن مع نفي الجيش، الخميس 300 أكتوبر الماضي، “تقديم أي مساعدة للعمليات العسكرية الإسرائيلية جملة وتفصيلا”…وهو ما يمثل قمة التناقض..!!

2-بيان المتحدث العسكري:

وفي بيان له، شدد المتحدث العسكري المصري على “عدم وجود أي شكل من أشكال التعاون مع إسرائيل”، مطالبا بتحري الدقة فيما يتم تداوله من معلومات.

ولم يقدم البيان العسكري اجابات شافية عن الغضب الشعبي والسياسي الكبير، لتوقيت استقبال السفينة وتفاصيل تفريغها واعادة شحنها لميانء اشدود الاسرائيلي، في وقت تنفذ فيه اسرائيل سلاسل متواصلة من الجرائم والمجازر بحق الفلسطينيين..

3-بيان وزارة النقل يؤكد التضارب الرسمي:

بعد أكثر من 24 ساعة على إعلان حركة مقاطعة إسرائيل، استقبال ميناء الإسكندرية المصري سفينة “كاثرين” المحملة بمواد متفجرة للاحتلال الإسرائيلي، خرجت مصر لتنفي وسط تضارب في البيانات، إذ صدر النفي من مصدر رفيع المستوى وبيانين من المتحدث العسكري ووزارة النقل، وجاءت متناقضة في المعلومات.

في البداية جاء النفي على لسان مصدر مصري رفيع المستوى، نقلت قناة القاهرة الإخبارية تصريحاته التي قال فيها إنه لا صحة لما تردد في بعض وسائل الإعلام المغرضة بشأن استقبال ميناء الإسكندرية السفينة “كاثرين” الألمانية التي تحمل مواد عسكرية لإسرائيل، حسب قوله.

وأضاف: تلك الأكاذيب تأتي في محاولة من العناصر والأبواق المناهضة للدولة المصرية لتشويه الدور المصري التاريخي والراسخ في دعم القضية والشعب الفلسطيني.

تبع ذلك نفي للجيش المصري وجود أي تعاون عسكري مع إسرائيل، دون الإشارة إلى واقعة رسو السفينة.

وقالت القوات المسلحة في بيان نشره المتحدث العسكري المصري على صفحته على “فيسبوك”، إنها تنفي بشكل قاطع ما تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي والحسابات المشبوهة وما يتم ترويجه من مساعدة إسرائيل في عملياتها العسكرية جملة وتفصيلا.

وأهابت القوات المسلحة بالجميع تحري الدقة فيما يتم تداوله من معلومات، وأكدت على أن القوات المسلحة هي درع الوطن وسيفه لحماية مقدراته والزود عن شعبه العظيم.

أما وزارة النقل، فقد خرجت في بيان لتنفي ما نشر على وسائل التواصل الاجتماعي بأن الحكومة المصرية سمحت لإحدى السفن الألمانية بالرسو في ميناء الإسكندرية.

وأكدت في بيان، أن هذا الخبر غير صحيح وعار تماماً من الصحة، لكنها في الوقت نفسه أكدت إنه تم السماح للسفينة “كاثرين” برتغالية الجنسية وترفع العلم الألمانى بالرسو في ميناء الإسكندرية لتفريغ شحنة خاصة بوزارة الإنتاج الحربي، وأن السفينة تقدمت بطلب رسمي للسماح لها بمغادرة الميناء في اتجاه ميناء حيدر باشا في دولة تركيا لاستكمال خط سيرها.

واختتمت بيانها بالقول: وتهيب وزارة النقل الجميع بتحري الدقة والمصداقية فيما يتم نشره من أخبار خاصة بوزارة النقل واستقاء المعلومات من مصادرها الرسمية.

واعتبر خبراء أن التضارب الذي جاء في البيانات لا ينفي دخول السفينة، بل يؤكده، وأن تأخر النفي جاء حتى مغادرة السفينة مصر، رغم إن التاريخ المعلن لرحيلها كان في الخامس من شهر نوفمبر الجاري. كما اعتبروا أن الحملة التي واجهتها مصر بسبب استقبال السفينة دفعت القاهرة للإسراع في طلب مغادرتها الميناء.

وبين الخبراء أن السبب في عدم توجه السفينة مباشرة إلى ميناء حيفا في الأراضي المحتلة، هو الخوف من استهدافها خاصة في ظل المتابعة الدقيقة لتحركاتها خلال الأسابيع الماضية، وفي ظل وقوع ميناء حيفا في مرمى نيران صواريخ حزب “الله اللبناني”.

وأوضحوا أن الهدف كان تفريغ السفينة في سفن أصغر يمكنها نقل شحنات المتفجرات إلى ميناء أسدود.

4-حفظ النائب العام للبلاغات المقدمة بشأن السفينة:

وضمن اللامنطق الذي تدار به مصر، جاء قرار النائب العام بحفظ البلاغ الذي قدمه عدد من النشطاء والحركة المدنية ، بشأن السفية كاثرين، صادما للمصريين..

وكان ستة محامين ومحاميات تقدموا ببلاغ للنائب العام، صباح الخميس 31 أكتوبر الماضي، ضد رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي بصفته، ورئيس هيئة ميناء الإسكندرية بصفته، والمديرة التنفيذية لشركة EMCO (المكتب المصري للاستشارات البحرية) بشأن السفينة الألمانية “كاثرين” التي تحمل حاويات تحتوي على مواد متفجرة متوجهة إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وقد استقبلها ميناء الإسكندرية في 28 أكتوبر 2024، عبر توكيل ملاحي من المكتب المصري للاستشارات البحرية “إیمكو”، بعد أن رفضت عدة دول استقبالها في موانيها. هذه المواد المتفجرة يستخدمها جيش الاحتلال الإسرائيلي لقتل المدنيين في غزة، وحاليا في لبنان، منذ أكثر من عام، بحسب المحامية ماهينور المصري.

وقالت ماهينور: “بعد مقابلة بعض المستشارين من مساعدي النائب العام، أضفنا في البلاغ بعض التقارير الصحفية والحقوقية الخاصة بمسار السفينة، ورفض بعض الدول استقبالها، ثم استقبالها في مصر، وقد طلب منا في النيابة العامة أن نعيد صياغة البلاغ بما يفيد طلبنا التحقيق في صحة هذه الواقعة واتخاذ الإجراءات القانونية في حال ثبوتها. وبالرغم من استلامه، إلا أننا لم نحصل بعد على رقم بالبلاغ، وتم إعلامنا أننا سنحصل على رقم البلاغ السبت القادم.” وتضيف: “دخول هذه الشحنات المتفجرة إلى مصر لا يعد فقط تهديدا للأمن القومي المصري والعربي، بل أنه يظهر مصر كدولة تخالف القرارات الدولية و تساند حرب الإبادة على الأشقاء الفلسطینیین والعدوان على أخواتنا في لبنان، ونحن نرفض أن تكون مصر ممرًا لدخول أيا من أشكال الدعم العسكري وغيره لدولة الاحتلال الإسرائيلي.”

وطالب البلاغ، بعد إثبات الواقعة من قبل النيابة العامة، التحفظ على السفينة فورًا ومنع أي شحنات عسكرية من الوصول إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي عبر أراضينا، ونطالب بالتحقيق العاجل في الواقعة والمسئولين عنها، والتي تعد انتهاكا خطيرا للقوانين والمعاهدات والأعراف الدولية والقوانين المحلية، وتخالف موقف الشعب المصري الدائم الرافض للاحتلال الصھیوني لكافة الأراضي الفلسطینیة، كما نطالب بالتحقيق مع المكتب الاستشاري المصري “ايمكو” لمساعدتها في هذه الجريمة ووضعه على قوائم الكيانات الإرهابية طبقا لقانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية.

خامسا: دلالات استقبال السفينة كاثرين:

1-دعم ملاحي مفضوح من مصر لاسرائيل:

فإلى جانب السفينة كاثرين، تزامن مرور سفينة حربية اسرائيلية، بقناة السويس، وتشدقت الحكومة بالتزامها باتفاقية قسطنطينة، التي تضمن حرية مرور السفن، دون قيد، وذلك بالرغم من اهدار اسرائيل لكل الاتفاقات الدولية، وانتهاك الحدود المصرية، واحتلال معبر رفح ومحور فلادليفيا، بالرغم من اتفاقية السلام الموقعة مع مصر..

وقبل جريمة كاثرين، وفي مايو الماضي، أفاد موقع “port2port” الإخباري العبري، المتخصص في شؤون النقل والمواصلات، أن شركة “ميدكون لاينز” للشحن البحري، قررت افتتاح خط ملاحي جديد يهدف إلى تسهيل عمليات الشحن بين القاهرة وتل أبيب. أوضح الموقع أن الشركة أطلقت خطين جديدين؛ الأول يربط ميناء “رافينا” الإيطالي بميناء الإسكندرية وموانئ أشدود وحيفا في الأراضي المحتلة، أما الخط الثاني فيربط بين موانئ مصر والاحتلال الإسرائيلي مباشرةً، حيث تعمل سفن الحاويات على كلا المسارين.

وتُعد شركة “ميدكون لاينز” إحدى شركات مجموعة “بان مارين” المصرية، التي تأسست عام 1978 ويقع مقرها الرئيسي في مدينة الإسكندرية. وتعمل المجموعة، التي يملكها رجال أعمال مصريون، في مجالات متنوعة تشمل الشحن البحري والخدمات اللوجستية، وتضم خمس شركات أبرزها “بان مارين لخدمات الشحن” و”ميدكون لاينز”.

كذلك، أظهرت بيانات ملاحية أن سفينة الحاويات المصرية “بي إيه إن جي جي” قامت برحلات متواصلة إلى ميناء أسدود الإسرائيلي انطلاقًا من مينائي بورسعيد والدخيلة في مصر، بالتزامن مع حرب الاحتلال الإسرائيلية على غزة.

وكشفت البيانات أن السفينة نفذت 25 رحلة محملة بالبضائع إلى ميناء أسدود بين منتصف فبراير 2023 و8 فبراير الجاري، مع ارتفاع ملحوظ في عدد الرحلات إلى ست رحلات في أكتوبر الماضي مقارنة بمتوسط رحلتين شهريًا. وفي أحدث رحلة، غادرت السفينة من ميناء بورسعيد يوم 8 فبراير ووصلت إلى أسدود في اليوم نفسه. ولم تقم السفينة بأي رحلات خارج مصر باستثناء رحلة واحدة إلى ميناء مرسين التركي في أغسطس الماضي.

وكان تقرير أكد أن خمسة موانئ بحرية مصرية أصبحت محطات رئيسية لنقل الشحنات إلى الاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب على غزة. ورُصد نشاط 19 سفينة مصرية وأجنبية تتحرك بشكل دوري بين الموانئ المصرية والاحتلال الإسرائيلي، مستغلة القرب الجغرافي لخفض تكاليف الشحن.

ويغطي التقرير حركة السفن في ثلاثة أشهر (يونيو، ويوليو، وحتى 22 أغسطس 2024) التي تضمنت عشرات الرحلات لنقل الإسمنت والبضائع بين الإسكندرية، بورسعيد، ودمياط، وحيفا وأسدود.

وتُشير بيانات تتبع السفن إلى أن بعض السفن، مثل “LUCY BORCHARD” الألمانية و”Pan GG” المصرية، قامت برحلات متكررة بين مصر وتل أبيب خلال العامين الماضيين. وزادت مصر من صادراتها ووارداتها من الاحتلال خلال الحرب؛ إذ بلغت صادرات مصر إلى الاحتلال 170.1 مليون دولار، بينما تضاعفت الواردات لتصل إلى 331.6 مليون دولار خلال الفترة ذاتها.

ومن بين السفن الأكثر إبحارًا إلى موانئ مصر وكيان الاحتلال، سفينة شحن البضائع “LUCY BORCHARD” التي تبحر تحت علم “أنتيغوا وباربودا” وتعود ملكيتها إلى شركة في ألمانيا، إضافة إلى سفينة “Pan GG” المصرية، وتظهر البيانات أن سفينة “LUCY BORCHARD” أبحرت خلال العام 2023 لموانئ الاحتلال الإسرائيلي 25 مرة، وموانئ مصر 23 مرة، وخلال العام 2022، أبحرت لموانئ الاحتلال 24 مرة، وموانئ مصر 24 مرة أيضاً.

وتظهر بيانات، زيادة كبيرة في التجارة بين الاحتلال ومصر وصلت قيمتها إلى 35 مليون دولار في يونيو 2024، بزيادة 29% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. وخلال الأشهر الستة الأولى من عام 2024 بلغ إجمالي التبادل التجاري بين البلدين 246.6 مليون دولار، محققا نموا بنسبة 53%مقارنة بالفترة المماثلة من عام 2023.

2- ليست المرة الأولى:

كما أن أزمة السفينة كاثرين، ليست المرة الأولى التي تواجه فيها القاهرة اتهامات وانتقادات لاذعة بسبب موقفها من حرب غزة، ودورها المتخاذل في تعميق مأساة الفلسطينيين في القطاع، ومنع استخدام ما لديها من أوراق ضغط قادرة على تلجيم “إسرائيل” وحلفائها والتي من بينها بطبيعة الحال، قناة السويس، أحد أهم الممرات الملاحية العالمية.

اذ تقوم حكومات مصر منذ عقد من الزمان، باحكام الحصار على قطاع غزة، عبر هدم الافاق التي تعد مصدر اعاشة أساسي للفلسطينيين، وقد بنت أسوارا فولاذية على الحدود مع قطاع غزة، كما تمارس حكومات السيسي ضغوطا سياسية ضد الفلسطينيين، عبر ما كان يعرف بالتنسيق الأمني لدخول الطلاب وسفر العائلات الفلسطينية عبر معبر رفح، إلى جانب السماح لاسرائيل باحتلال معبر فلادليفيا الحدودي، بالمخالفة لاتفاقية كامب ديفيد..

3-انحياز مصري لاسرائيل وتمرير البوارج الحربية:

وضمن سياسات الانبطاح التي يجيدها نظام السيسي العسكري، ما تم تداوله على نطاق واسع، عبر شبكات التواصل الاجتماعي، عن عبور سفينة حربية إسرائيلية، ترفع علمي إسرائيل ومصر، قناة السويس، الجمعة 1 نوفمبر الجاري.

وهو الأمر، الذي تأكدت منه صفحة FactCheck بالعربي من صحة الفيديوهات المتداولة لعبور السفينة الإسرائيلية في قناة السويس، إذ أظهرت المقاطع علامة تحمل الرقم 160 على شارع شهداء اليمن في منطقة بورتوفيق. وبعد التحقق، وُجدت فيديوهات سابقة من نفس الموقع، بما فيها بث مباشر من صفحة أخبار بصراحة يظهر العلامة نفسها، مع لافتة أخرى تبدأ بالرقم 4 أسفلها.

وقالت هيئة قناة السويس في بيان، تبريري لما يحدث، بإنها ملتزمة بتطبيق اتفاقية القسطنطينية الدولية، التي تكفل حرية الملاحة في القناة لكل السفن، سواء التجارية أو الحربية، دون تمييز على أساس الجنسية.

وأوضحت الهيئة أن عبور السفن الحربية “يخضع لإجراءات خاصة تتوافق مع بنود الاتفاقية، التي تضمن حرية المرور في القناة في أوقات السلم والحرب”.

4-الهروب من المسئولية السياسية والأخلاقية بالقانون وازدواجية المعايير:

واتفاقية القسطنطينية هي معاهدة وُقعت في 29 أكتوبر 1888 بين مجموعة من القوى الكبرى في ذلك الوقت، شملت المملكة المتحدة، والإمبراطورية الألمانية، والإمبراطورية النمساوية المجرية، والإمبراطورية الروسية، والدولة العثمانية، وإسبانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وهولندا.

وتنص الاتفاقية على ضمان حرية الملاحة في قناة السويس، واعترفت رسميًا بسيادة مصر على القناة، كما ألزمت الدول الموقعة باحترام سلامة القناة والامتناع عن القيام بأي عمليات عسكرية فيها.

ورغم أن الاتفاقية منحت مصر سيادة شكلية على القناة، إلا أن إدارتها وسيطرتها الفعلية كانت محدودة وتحت نفوذ القوى الاستعمارية حتى تأميم القناة عام 1956.

ووفق قدراسات قانونية، فقد ارتكنت هيئة قانون السويس والإعلام المناصر للنظام المصري، في تبريرهما لمرور السفينة الحربية الإسرائيلية من قناة السويس، والهجوم على الرافضين لهذا المشهد الموصوف بـ”المخزي”، إلى “اتفاقية القسطنطينية” الموقعة في 29 أكتوبر عام 1888، وهي معاهدة دولية خاصة بتنظيم الملاحة في القناة، تم توقيعها بين بريطانيا من جهة وفرنسا من جهة أخرى، ووقعت عليها دول أخرى هي: روسيا وإيطاليا والنمسا والمجر وإسبانيا وهولندا والدولة العثمانية.

وتنص المادة (1) من الاتفاقية على أن “تظل قناة السويس البحرية بصفة دائمة حرة ومفتوحة في زمن السلم كما في زمن الحرب لجميع السفن التجارية والحربية دون تمييز بين جنسياتها، وبناء على ذلك فقد اتفقت الدول العظمى المتعاقدة على عدم إلحاق أي مساس بحرية استعمال القناة سواء في زمن السلم أم في زمن الحرب ولن تكون القناة خاضعة مطلقًا لاستعمال حق الحصار البحرى”.

ويرى أنصار هذا الفريق أن مصر ليس بمقدورها – بسبب هذا البند – عرقلة مرور أي سفينة مهما كانت من عبور هذا الممر الملاحي الذي يحمل الصفة الدولية، مستشهدين بما حدث في 2017 في خضم الأزمة الخليجية بين قطر من جانب ورباعي الحصار (السعودية والبحرين والإمارات ومصر) من جانب آخر، حينها أعلنت رئاسة هيئة قناة السويس والمنطقة الاقتصادية للقناة، منع السفن القطرية من المرور أو الدخول إلى موانئها باعتبارها مياهًا إقليمية تقع تحت سيادة الدولة المصرية، التزامًا بقرار الدول الأربعة بوقف التعامل مع قطر، لكن في الوقت ذاته لم تمنع القاهرة مرور السفن القطرية في قناة السويس.

وعلى مدار 154 عامًا هو عمر قناة السويس المصرية منذ افتتاحها عام 1869 لم يتم إغلاقها أمام حركة الملاحة العالمية سوى 9 مرات فقط، إما بسبب حروب (توقفت عام 1915 بسبب الحرب العالمية الأولى وبين عامي 1940-1942 بسبب الحرب العالمية الثانية، كذلك خلال الفترة بين هزيمة مصر أمام “إسرائيل” 1967 وحتى بعد انتصار أكتوبر 1973 بعامين) وإما بسبب أزمات سياسية (في أعقاب الثورة العرابية عام 1882) فيما كان العدد الأكبر من مرات الغلق بسبب العوامل الجوية وجنوح سفن أو ناقلات.

ومن هنا يرى هذا الفريق أن مصر مجبرة على تمرير السفينة الإسرائيلية بصرف النظر عن حمولتها وما عليها، طالما أنه لا يتعارض مع بنود الاتفاقية، وأنه لا يجوز منعها إلا في حالات الحرب فقط، وفي حال عرقلة هذه السفينة أو منعها من المرور فإن إجراء كهذا من شأنه أن يوقع الدولة المصرية تحت طائلة العقوبات والاستهدافات الدولية، وهو ما تتجنبه القاهرة في الوقت الراهن.

5- غياب الارادة السياسية:

وفي المقابل هناك من يرى أن ذات الاتفاقية تحتوي على بند آخر يسمح لمصر بمنع دخول أي سفن قد تحمل تهديدًا لأمنها القومي، كما جاء في المادة العاشرة التي تنص على “كذلك لا تتعارض أحكام المواد 4 و5 و7 و8 مع التدابير التي قد يرى عظمة السلطان وسمو الخديوي اتخاذها باسم صاحب الجلالة الإمبراطورية ليضعا، بواسطة قواتهما وفى حدود الفرمانات الممنوحة، الدفاع عن مصر وصيانة الأمن العام. وإذا رأى صاحب العظمة الإمبراطورية السلطان أو سمو الخديوي ضرورة استعمال الحقوق الاستثنائية المبينة بهذه المادة يجب على حكومة الإمبراطورية العثمانية أن تخطر بذلك الدول الموقعة على تصريح لندن، ومن المتفق عليه أيضًا أن أحكام المواد الأربع المذكورة لا تتعارض إطلاقًا مع التدابير التي ترى حكومة الدولة العثمانية ضرورة اتخاذها لكى تضمن بواسطة قواتها الخاصة الدفاع عن ممتلكاتها الواقعة على الجانب الشرقى من البحر”.

ويرى مفسرون أن هذا البند يمنح الدولة المصرية الحق في رفض عبور بعض السفن من القناة إذا ما كانت تتضمن تهديدًا لأمنها العام، ويُعرف قانونيون الأمن العام بأنه “قدرة البلد أو الدولة على حماية مواردها وأراضيها ومصالحها من كل التهديدات الخارجية والداخلية”، وذلك من خلال تبني استراتيجية قومية وطنية تتضمن استغلال كامل لجميع القوى الاقتصادية والسياسية للدولة، وذلك في سبيل تحقيق كل الأهداف التي تضمن أمنها وسلامها، والحفاظ على استقلالها وسيادتها.

وبسحب هذا التعريف على المشهد المصري الحدودي شرقًا مع غزة، حيث الانتهاكات التي يرتكبها جيش الاحتلال هناك بين الحين والآخر، وسيطرته على محور فيلادلفيا الحدودي واستهدافه بعض الجنود المصريين وتورطه في تجاوز بعض صواريخه للحدود المصرية وسقوطها داخل الأراضي المصرية، فإن ما يحدث هو اختراق واضح ومباشر للأمن العام المصري وفق التعريف والتفسير السابق، وعليه يحق لمصر – وفق اتفاقية القسطنطينية ذاتها – منع مثل تلك السفن الحربية التي تدعم جيش الاحتلال فيما يرتكبه من جرائم وانتهاكات تهدد أمن البلاد وتقوض سيادتها على حدودها.

ومن ثم يرى هذا الفريق أنه وبعيدًا عن مسألة دعم غزة والقضية الفلسطينية برمتها، فإن ما يمارسه الاحتلال على الحدود المصرية يهدد أمنها بشكل مباشر لا لبس فيها مطلقًا، وهنا يجب على الدولة استخدام ما لديها من أوراق وإمكانيات لحماية هذا الأمن، والتي من بينها غلق قناة السويس أمام السفن الإسرائيلية، الحربية على الأقل.

6- تعطيل معاهدة الدفاع العربي المشترك يفاقم الاعتداءات الاسرائيلية على الفلسطينيين:

ومن جملة ما يثير الاستغراب من الخنوع المصري أمام الاعتداءات الاسرائيلية بالمنطقة ، وتسسهيل مرور السفن إلى الكيان الغاصب، أنه إذا ما كانت مصر ملتزمة فعلًا بالقانون والاتفاقيات والمواثيق.. لماذا لم تستند إلى اتفاقية الدفاع العربي المشترك؟ وهي الاتفاقية التي يمكن توظيفها – إذا أرادت الدولة المصرية – لمنع مرور أي سفينة تحمل تهديدًا لأي دولة عربية، لا سيما في ظل وقوع 5 دول عربية دفعة واحدة في مرمى الاستهداف الإسرائيلي (فلسطين – لبنان – سوريا – اليمن – العراق).

وأُبرمت تلك المعاهدة في العاصمة المصرية عام 1950 وضمت بداية الأمر 7 دول عربية فقط هي مصر والأردن وسوريا والعراق والسعودية ولبنان واليمن، ثم انضم إليها تباعًا بقية البلدان العربية بلا استثناء، وتتضمن 13 بندًا تتمحور حول اعتبار أن أي عدوان على أي دولة موقعة على البروتوكول يعتبر عدوانًا على بقية الدول، وأي مساس بدولة من الدول الموقعة على البروتوكول يعتبر مساسًا صريحًا ببقية الدول الموقعة عليه.

وينص البند الثاني من المعاهدة على: ”تعتبر الدول المتعاقدة كل اعتداء مسلح يقع على أي دولة أو أكثر منها أو على قواتها، اعتداء عليها جميعًا، ولذلك فإنها عملًا بحق الدفاع الشرعي (الفردي والجماعي) عن كيانها، تلتزم بأن تبادر إلى معونة الدولة أو الدول المعتدى عليها، وبأن تتخذ على الفور منفردة ومجتمعة جميع التدابير وتستخدم جميع ما لديها من وسائل بما في ذلك استخدام القوة المسلحة لرد الاعتداء ولإعادة الأمن والسلام إلى نصابهما” فيما أنشأت المعاهدة منظمتين رئيسيتين للجامعة العربية: مجلس الدفاع المشترك، والمجلس الاقتصادي.

ويتساءل البعض: أليس ما يحدث في فلسطين والعراق واليمن وسوريا ولبنان هو اعتداء مباشر وصريح على دولة عربية؟ ألا يتطلب ذلك تحرك بقية الدول العربية لنصرة تلك الدول والدفاع عنها التزامًا بمعاهدة الدفاع العربي المشترك؟ ألا يعد هذا التخاذل خرقًا للمعاهدات والمواثيق التي تستند إليها القاهرة اليوم لتبرير مرور السفينة الحربية الإسرائيلية من قناة السويس؟

كما أنه من ضمن عجائب السياسة المصرية، هو تحرك مصر للدفاع عن الصومال، ضد اثيوبيا، بمقتضى اتفاقية الدفع العربي الشترك!!! ولماذا لم تتحرك لدعم فلسطين التي تفصلها عنها بضعة أمتار قليلة التزامًا بذات المعاهدة؟ ولماذا لم تتحرك لدعم لبنان والعراق واليمن وجميعهم يتعرض لتهديد وجودي من الكيان الإسرائيلي؟ أليست تلك الدول بلدانًا عربية وأعضاء في الجامعة وموقعة على المعاهدة؟ بل السؤال الأكثر حرجًا: كيف تسمح القاهرة بمرور سفن حربية هي تعلم يقينًا أنها تُستخدم لقصف بلدان عربية وإسقاط المئات من الضحايا الأبرياء العرب من نساء وأطفال وشيوخ؟

سادسا: تداعيات “كاثرين” ومرور البوارج الحربية لاسرائيل على مصر:

1-إضرار بسمعة مصر:

ووفق تقديات سياسية، فإن القضية تتسم بخطورة شديدة وتمس سمعة مصر دوليًا، خاصة أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت قرارًا واضحًا يمنع تسليح تل أبيب، ما يعني أن هذا الموضوع له أبعاد دولية قد تؤثر على موقف مصر أمام المجتمع الدولي.

كما أن هذا الأمر لا يقتصر على الأبعاد الدولية فقط، بل يمتد إلى مصداقية مصر وتاريخها الطويل في دعم القضية الفلسطينية، إذ تملك مصر تاريخًا طويلاً من الدعم للقضية الفلسطينية، قدمنا فيه دماء الشهداء، وأجرينا العديد من المفاوضات، وكان للمفاوض المصري دور كبير في هذا الجانب على مدار السنوات، وعندما يتم اتهامنا بمثل هذه الاتهامات، فإن مصداقيتنا في المفاوضات نفسها تصبح محل تساؤل، لأنه إذا كان هذا الاتهام صحيحًا، فنحن نكون قد تحولنا من موقع السعي لـ حلول لقضية عادلة إلى موقع مساعدة العدو الصهيوني المتغطرس.”

أما فيما يتعلق بمصداقية مصر على المستوى الدولي، فإن “هذا الاتهام الخطير يضر بسمعتنا وقدرتنا على القيام بدور فعّال في القضية الفلسطينية، خاصةً أننا قدمنا دعمًا كبيرًا لهذه القضية على مدى العقود. تحولنا من كوننا داعمين رئيسيين للقضية الفلسطينية إلى مساندين للعدو الصهيوني يعد كارثة بكل المقاييس، فهذا العدو هو خصم تاريخي لمصر وللقضية الفلسطينية”، وفق خليل.

2- عقوبات تنتظر مصر لمشاركتها اسرائيل في الابادة الجماعية:

ووفق تصريحات “اللجنة الوطنية الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل”، التي تعد أوسع ائتلاف في المجتمع المدني الفلسطيني وقيادة حركة المقاطعة (BDS) عالميًا، فإن أيّ مساعدة في توريد أو نقل المعدات العسكرية إلى تل أبيب اليوم قد يرقى إلى انتهاك لاتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية. ووفق بيان الحركة، فإن تفريغ الشحنة المحظورة دوليًا في مصر يتعارض مع القرارات والمواثيق الدولية التي تدعو جميع الدول إلى الامتناع عن توفير أي نوع من الدعم للجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية. إذ تُلزم الالتزامات الدولية مصر، وفقًا لاتفاقيات مثل ميثاق روما اتفاقية منع الإبادة الجماعية، باعتبارها دولة شقيقة ومجاورة، بتجنّب أي شراكة غير مباشرة قد تُستخدم في دعم الجرائم الإبادة الإسرائيلية.”

وقالت الحركة: “إذا وضعنا الخرق الجلي للقانون الدولي جانبًا، كيف يمكن لأي جهة مصرية اليوم، من منظور أخلاقي ووطني وقومي، ورغم وقوف الغالبية الساحقة من شعب مصر الشقيق والعظيم مع الحق الفلسطيني، أن تقف في خدمة العدو الإسرائيلي وتمكينه من الاستمرار في إبادته المتلفزة لشعبنا؟ هل نسيت هذه الجهات كون إسرائيل عدو الشعب المصري كذلك.”

3-زيادة الاحتقان الشعبي بالداخل:

ووفق عديد من السياسيين والتحليلات والتقديرات الاستراتتيجية، فهناك احتقان شديد في الداخل المصري حول هذا الأمر، وهو ما عبر عنه الصحفيون والسياسيون بوقفتهم الاحتجاجية، السبت 2 نوفمبر، أمامنققابة الصحفيين..

5-تمدد اسرائيلي بالمنطقة:

وفي ظل توافر الدعم المالي والعسكري الغربي والأمريكي، واللوجستي من قبل مصر، من المؤكد أن تتمدد اسرائيل أكثر وأكثر بالمنطقة، وغالبا ما ستدفع مصر ثمنه، حيث تجاوزت اسرائيل الحديث عن أي اتفاقيات سلام مع العرب، وتحدث وزرائها صراحة، عن نوايا وخطط اسرائيل لاحتلال أجزاء من دول عربية، كمصر والسعودية والأردن والعراق وسوريا…كما ردد الوزير المتطرف سميتوريتش مرار، بذلك.

كما لم تستمعع اسرائيل للمناشدات والمطالب المصرية بالانسحاب من محور فلادليفيا، بين غزة ومصر، بل ذهبت لبناء تمركزات عسكرية، بما يضمن بقاء دائما في المحور الحدودي، ما يهدد الأمن القومي المصري..

6-مخاوف مستقبلية:

ومع استمرار كسر قواعد القانون االدولي، من قبل داعمي اسرائيل الغربيين، عبر تصدير السلاح لاسرئيل، تثور مخاوف لكثير من المراقبين، حول استقبال مصر العديد من الشجنات العسكرية الموجهة لاسرئيل وتمريرها إلى الكيان المحتل..

ومؤخرا، ثارت أزمة شحنتين عسكريتين من الولايات المتحدة الأمريكية، رفضت اسبانيا استقبالهما في موانيها، فيما استقبلهما ميناء طنجة المغربي، في الساعات الماضية…

وسط غضب مغاربي واسع، من الانصياع المغربي، للاملاءات الصهيونية والاملاءات الامريكية…

وتثور المخاوف السياسية من خضوع مصر للسياسات الصهيونية والأمريكية، باجبار مصر على تمرير السلاح لاسرائيل ، بعيدا عن البحر الاحمر واستهدافات الحوثيين للسفن الأمريكية والاسرئيلية…

وتتصادم قرارات مصر الرسمية والمعلنة مع السياسات التي تتم بلا اعلان، من تمرير السفن والأسلحة لاسرائيل..

فمؤخرا، أعلنت مصر انضمامها للخطاب الذي تم توجيهه إلى السكرتير العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن ورئيس الجمعية العامة للمطالبة بوقف تصدير الأسلحة لإسرائيل التي يمكن استخدامها ضد الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك في القدس الشرقية، حسب بيان لوزارة الخارجية المصرية.

وقالت الخارجية المصرية، إن الخطاب حظي بدعم 52 دولة بجانب جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.

وأضافت في بيانها، أن مصر حرصت على أن تكون جزءا من مجموعة الدول التي كانت تعمل خلال الفترة الماضية على حشد الدول للتوقيع على الخطاب.

وبين بيان الخارجية المصرية، أن الخطاب يبرز الانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة للقانون الدولي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويطالب بضرورة اتخاذ خطوات فورية لوقف تصدير الأسلحة لإسرائيل التي تستخدم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويؤكد على أهمية تلك الخطوة لوضع حد للانتهاكات الجسيمة التي ترتكب في حق الشعب الفلسطيني، وبما يتماشى مع القرارات الأممية ذات الصلة. وطالب الخطاب مجلس الأمن بضرورة الاضطلاع بدوره في تحقيق السلم والأمن الدوليين، واتخاذ إجراءات ملموسة لحماية المدنيين وضمان المحاسبة.

ورغم مشاركة مصر في التوقيع على الخطاب الأممي، إلا أن الباب يظل مفتوحا لمزيد من الخنوع المصري الرسمي للمحال الصهيوني، وهو ما يسمح بككزيد من المجازر والابادة ضد الفلسطينيين…

…..

مراجع:

العربي الجديد، السفينة كاثرين… روايات مصرية مثيرة، 2 نوفمبر 2024

فكر تاني، ميناء الإسكندرية يستقبل شحنة متفجرات عسكرية متجهة إلى إسرائيل، 2 نوفمبر 2024

العربي الجديد، رسو سفينة “كاثرين” المحمّلة بمواد متفجرة لإسرائيل في ميناء الإسكندرية المصري، 30 أكتوبر 2024

زاوية ثالثة، من الإسكندرية إلى تل أبيب: سفينة متفجرات تثير استياءً واسعًا ونفيًا عسكريً، 1 نوفمبر, 2024

الجزيرة، الجيش المصري يعلق على أزمة السفينة “إم في كاثرين”، 1 نوفبر 2024

نون بوست، عبور السفينة الإسرائيلية عبر قناة السويس.. أزمة إرادة لا أزمة قانون،3 نوفمبر ,2024

الجزيرة، مصر.. بلاغ للنائب العام

للتحقيق بشأن السفينة “إم في كاثرين” المتجهة لإسرائيل، 31 أكتوبر 2024

القدس العربي، تضارب في البيانات المصرية الرسمية بشأن السفينة “كاثرين”، 1 – نوفمبر – 2024

الجزيرة، حركة BDS تنجح في عرقلة سفينة مُحملة بمواد متفجّرة متجهة لإسرائيل، 16/10/2024

الجزيرة، “حطوا دماغنا في الطينة”.. مصريون يتظاهرون رفضا لمرور سفينة حربية إسرائيلية عبر قناة السويس، 3/11/2024

المنصة، تضارب في التصريحات الحكومية.. ما نعرفه عن “كاثرين” وسفينة أخرى حربية ترفع علم إسرائيل، 2 نوفمبر 2024

العربي، هل التزمت مصر دائماً بمبدأ حرية الملاحة البحرية في قناة السويس؟، 4 نوفمبر 2024

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022