المبررات والانتقادات
أثار استخدام السفن الإسرائيلية للموانئ المصرية، سواء عبر الرسو أو المرور في ميناء الإسكندرية وقناة السويس، حالة من الانقسام والسجال المحتدم داخل الرأي العام المصري بين الغاضبين من هذا المشهد والمبررين له من الموالين لنظام عبد الفتاح السيسي. وذلك عقب ما أشارت إليه منظمات دولية وسلطات دول مختلفة بأن سفينة “كاثرين” الألمانية – تحمل من بين ما تحمل مواد متفجرة لصالح شركة سلاح إسرائيلية – توقفت في ميناء الإسكندرية، وأفرغت حمولة لصالح السلطات المصرية، برغم رفض العديد من الدول السماح لها بالرسو في موانئها، لأسباب تتعلق في معظمها بالتعاطف مع القضية الفلسطينية1.
وبينما كان الجدل لايزال محتدمًا داخل مصر حول رسو سفينة “كاثرين” في ميناء الإسكندرية، إذ ظهر مقطع فيديو تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي قبل يُظهر عبور سفينة حربية عليها أفراد يرتدون زيًا عسكريًا، ترفع علمي مصر وإسرائيل من قناة السويس. المقطع المتداول ذيل بأصوات عدد من المواطنين المصريين المتواجدين مصادفة في أثناء عبور السفينة، والذين عبروا عن غضبهم إزاء هذا المشهد الفاضح، مستخدمين عبارات تحمل الإساءة للسلطات الحاكمة وتعكس حالة الاحتقان جراء موقف القاهرة المخزي والسماح بمرور سفينة حربية لدعم جيش الاحتلال في الوقت الذي تُشن فيه حرب إبادة مكتملة الأركان ضد الفلسطينيين واللبنانيين منذ أكثر من عام2.
أولًا: استخدام السفن الإسرائيلية للموانئ المصرية في ظل حرب غزة:
قالت منظمة العفو الدولية، إن الحكومة المصرية سمحت لـ”إم في كاثرين” التي ترفع العلم الألماني، والتي يُعتقد أنها تحمل متفجرات متجهة إلى إسرائيل، بالرسو والتفريغ في ميناء الإسكندرية، في 28 أكتوبر 2024، على الرغم من خطر أن تساهم هذه الشحنة في ارتكاب جرائم حرب في غزة. وتابعت المنظمة: “يحظر القانون الدولي الإنساني على الدول نقل الأسلحة إلى طرف في نزاع مسلح حيث يوجد خطر قد يسهم في ارتكاب جرائم حرب/ انتهاكات للقانون الدولي الإنساني. ويجب على مصر ألا تساعد أو تسهل هذا النقل غير القانوني”3.
كما أعلنت حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) عن رسو سفينة “كاثرين”، المحملة بمواد متفجرة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، في ميناء الإسكندرية المصري، بعد رفض دول عديدة استقبالها، من بينها مالطا وناميبيا وأنغولا. وقالت الحركة، في بيان، إن السفينة المتجهة إلى دولة الاحتلال رست في ميناء الإسكندرية، في 28 أكتوبر 2024، فيما يبدو أنها فرغت حمولتها، في انعطافة خطيرة وغير متوقعة في مسار السفينة، نظرًا لرفض بعض الدول استقبالها، كونها تحمل شحنة عسكرية في طريقها لتغذية آلة الحرب الإسرائيلية في حربها الإبادية في قطاع غزة.
وأضافت الحركة أن رسو السفينة في الإسكندرية يثير تساؤلات حول أسباب السماح لها، وهي تنقل شحنة تُستخدم في التصنيع العسكري الإسرائيلي، بالدخول إلى الموانئ المصرية، في وقت تتزايد الضغوط الدولية لمنع تدفق السلاح؛ الذي يسهم في الإبادة الجماعية ضد 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة المحاصر. وتساءلت الحركة: “لماذا يُسمح لسفينة محملة بمواد عسكرية لدعم دولة الاحتلال باستخدام المياه والموانئ المصرية، في خطوة قد تضع السلطات المصرية تحت طائلة المسؤولية القانونية المباشرة، بحسب اتفاقية منع ومعاقبة الإبادة الجماعية؟ فضلًا عن تعارض ذلك مع الموقف الرسمي المعلن، والموقف الشعبي المصري العارم، ضد الحرب الإسرائيلية في غزة”. وتابعت أن تفريغ الشحنة المحظورة دوليًا في مصر يتعارض مع القرارات والمواثيق الدولية، التي تدعو جميع الدول إلى الامتناع عن توفير أي نوع من الدعم للجرائم ضد الإنسانية، والإبادة الجماعية، إذ تلزم الالتزامات الدولية، وفقًا لاتفاقيات مثل ميثاق روما، مصر باعتبارها دولة شقيقة ومجاورة بـ”تجنب أي شراكة غير مباشرة قد تُستخدم في دعم الجرائم الإبادية الإسرائيلية”.
وتشير المعلومات الواردة على موقع ميناء الإسكندرية، الذي يراقب حركة السفن والملاحة، إلى أن شركة المكتب المصري للاستشارات البحرية (EMCO)، هي التي كانت مسؤولة عن استقبال السفينة “كاثرين”، وتفريغ شحنتها الحربية. كما لوحظ إشراف الشركة نفسها على انطلاق سفينة أخرى في اليوم ذاته، متجهة إلى ميناء أشدود الإسرائيلي، ما يدعو للتساؤل حول العلاقة التي تربط الشركة المصرية بمشغلي السفينة المحملة بالمتفجرات.
وطالبت حركة المقاطعة (BDS)، بالضغط على الجهات المسؤولة من أجل فتح تحقيق في ما إذا تم تيسير وصول الشحنات المحملة بالأسلحة والمتفجرات، والمتجهة لإسرائيل، عبر أراض ومياه مصرية. وجددت حركة المقاطعة دعوتها جميع الدول بشأن الالتزام بقرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بفرض حظر عسكري على إسرائيل، كما دعت إلى الضغط الشعبي من أجل قطع جميع العلاقات معها. كذلك، دعت الحركة النقابات العمالية والمهنية، بما فيها نقابات عمال النقل والشحن، بالانضمام إلى مئات النقابيين الذين يساهمون بعزلة نظام الاستعمار والأبارتهايد الإسرائيلي، وذلك بالامتناع عن المشاركة في نقل السلاح4.
وكان محامون معنيون بحقوق الإنسان قدموا التماسا إلى القضاء في برلين من أجل منع شحنة من المتفجرات العسكرية تزن 150 طنًا تحملها سفينة الشحن الألمانية “إم.في كاثرين”، والتي يقولون إنها ستسلم إلى أكبر شركات توريد المواد الدفاعية في إسرائيل. وقال مركز الدعم القانوني الأوروبي، في 30 أكتوبر 2024، إن الدعوى أقيمت بالوكالة عن ثلاثة فلسطينيين من غزة استنادًا إلى أن شحنة المتفجرات من نوع “آر.دي.إكس” يمكن إدخالها في الذخائر المستخدمة في حرب إسرائيل على غزة، مما قد يساهم في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وقالت شركة “لوبيكا مارين” الألمانية، التي تملك “إم.في.كاثرين” إن السفينة “لم يكن مقررًا لها أبدًا التوقف في أي من موانئ إسرائيل” وإنها كانت متجهة في الأصل إلى مدينة “بار” بجمهورية الجبل الأسود. وقال مركز الدعم القانوني الأوروبي إن الشحنة كانت متجهة إلى شركة الصناعات العسكرية الإسرائيلية، وهي وحدة تابعة لشركة “إلبيت سيستمز” التي تعد أكبر مورد للمواد الدفاعية في إسرائيل. وذكر مركز الدعم القانوني أن السفينة “إم في كاثرين” مُنعت من الدخول إلى عدة موانئ أفريقية وأخرى مطلة على البحر المتوسط، بما في ذلك في أنجولا وسلوفينيا والجبل الأسود ومالطا. وأضاف أن السلطات البرتغالية طلبت في الآونة الأخيرة من السفينة رفع العلم الألماني بدلًا من البرتغالي5.
وكانت حركة المقاطعة (BDS) قالت، في بيان، في 15 أكتوبر 2024، أنه نتيجة لضغوط حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) وشركائها المستمرة، حظرت حكومة مالطا سفينة “كاثرين” من الدخول إلى مياهها. وكانت السفينة، التي ترفع علم البرتغال، والمحملة بثماني حاويات من المواد المتفجرة التي تستخدم لتصنيع القنابل شديدة الانفجار، قد انطلقت من فيتنام متجهة إلى العدو الإسرائيلي لتغذية الإبادة ضد 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة المحتل والمحاصر. وسبق أن طالبت الحكومة البرتغالية السفينة بإزالة علم بلادها، وذلك بعد التحقيق الذي أجرته الحكومة بشأنها نتيجة الضغط الشعبي والنقابي، بينما لم تتمكن “كاثرين” من الرسو في أفريقيا الجنوبية، بالذات ناميبيا وأنغولا، التي لم تمنح دولها السفينة حق الرسو في موانئها. ولم تتمكن سفينة “كاثرين” من الرسو في أي ميناء، بفضل جهود ضغط متواصلة من نشطاء ونقابات وحركات شعبية من دول مختلفة لعرقلة مسارها، والتي شملت حملات ضغط متنوعة في ماليزيا ومونتينيغرو وسلوفينيا وغيرها. وفي السياق البرتغالي، كان المركز الأوروبي للدعم القانوني (ELSC) قد أرسل إشعارًا قانونيًا الى الحكومة البرتغالية، في سبتمبر الماضي، يطالبها بإزالة العلم البرتغالي عن سفينة “كاثرين”، موضحًا الأسباب القانونية المتعلقة بمنع التواطؤ حسب اتفاقية منع ومعاقبة الإبادة الجماعية6. وفي وقت سابق من سبتمبر الماضي، كانت سلطات مالطا قد رفضت طلب السفينة للرسو بهدف التزود بالمؤن وتبديل الطاقم، وفقًا لإدارة موانئ مالطا، ما دفع السفينة إلى تغيير علمها من البرتغالي إلى الألماني، والتوجه شمالًا نحو ميناء دوريس بألبانيا7.
وكانت مقررة الأمم المتحدة الخاصة بالأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا البانيز، قد حذرت، في أغسطس 2024، من أن السفينة كاثرين والتي كانت ترفع العلم البرتغالي وقتها، يرجح أن تسلم ثماني حاويات من المتفجرات إلى إسرائيل، مضيفة: “تفيد التقارير أن هذه المتفجرات هي مكونات رئيسية في القنابل والصواريخ التي تنشرها إسرائيل ضد غزة المحاصرة وفي حملة الإبادة الجماعية التي تشنها ضد الفلسطينيين. وبما أن ناميبيا منعت كاثرين من الوصول لموانئها، متمسكة بالقانون الدولي، فإنني آمل أن تحذو أنجولا حذو ناميبيا وألا توافق على إيواء السفينة. قد يكون هذا انتهاكًا خطيرًا لاتفاقية منع الإبادة الجماعية”. وحذرت البانيز، وقتها، من أن “أي نقل عسكري إلى إسرائيل، التي قررت محكمة العدل الدولية أنها قد تكون ارتكبت إبادة جماعية، يرقى إلى مستوى انتهاك لاتفاقية منع الإبادة الجماعية وقرار مجلس حقوق الإنسان رقم 55/L.30 الذي يقضي بفرض حظر على الأسلحة الموجهة لإسرائيل”8.
وكان موقع “صحيح مصر” قد تتبع، باستخدام صور الأقمار الصناعية والخرائط، رحلة السفينة “كاثرين” منذ خروجها من الميناء الفيتنامي وحتى الوصول إلى ميناء الإسكندرية، وفقًا لما يلي:
– يوم 21 يوليو 2024، تحركت السفينة كاثرين ((MV Kathrin، ورقم تسجيلها 9570620، والتي ترفع علم ألمانيا من ميناء “هاي فونج” في فيتنام، في طريقها إلى البحر المتوسط عن طريق رأس الرجاء الصالح، إذ كان مخططًا أن ترسو السفينة في إحدى موانئ مونتينيجرو، لتفريغ حمولتها، قبل نقلها إلى وجهتها النهائية، ولكن رفضت “مونتينيجرو” استقبالها بعد ضغط من منظمات عالمية من بينها منظمة العفو الدولية.
– حسب خبير بحري فضل عدم ذكر اسمه، لم تخطط السفينة للتوجه مباشرة نحو أحد الموانئ الإسرائيلية لواحد من ثلاثة أسباب. الأول هو المسؤولية القانونية على شركة الشحن، خاصة بعد الضجة التي أثيرت حول السفينة. أما السبب الثاني فهو الخوف من استهدافها بطائرات مسيرة من حزب الله، وفي ظل وقوع ميناء حيفا في مرمى نيران صواريخ الحزب، ويُعتقد أن الحزب يراقب اقتراب السفينة. والسبب الأخير قد يكون لوجستيًا ويحدث في عالم النقل البحري، إذ يتم توزيع الشحنات على سفن أصغر حجمًا لتوفير الطاقة.
– وكانت السفينة – التي أبلغ عن حمولتها عمال فيتناميون من نقابة العاملين في الميناء لتعاطفهم مع القضية الفلسطينية – قد قررت الإبحار عبر طريق رأس الرجاء الصالح نظرًا لما يشهده البحر الأحمر من اضطرابات بسبب استهداف جماعة أنصار الله الحوثية للسفن، بعدما أعلنت الحظر البحري على إسرائيل.
– أبطأت السفينة سرعتها قرب سواحل ناميبيا، في 26 أغسطس، قبل أن تلغي سلطات ناميبيا تصريح رسو السفينة في ميناء “والفيس باي”. وقالت السلطات في ناميبيا، في خطابات ومراسلات رسمية إن السفينة تحمل على متنها أطنان من مادة الـTNT بالإضافة إلى 8 حاويات من متفجرات RDX لصالح شركة سلاح إسرائيلية.
– وبحسب وكالة “رويترز”، قدم محامون التماسًا إلى القضاء في ألمانيا لمنع شركة الشحن الألمانية من أجل منع وصول الشحنة، والمخطط تسليمها إلى أكبر شركات توريد المواد الدفاعية في إسرائيل.
– حاولت السفينة مرارًا الرسو في دول أفريقية خلال رحلتها في طريق رأس الرجاء الصالح، إذ أبطأت حركتها قرب بعض الموانئ، وفي المياه الإقليمية لدول مثل أنجولا وليبيريا. لكن مواقع تتبع السفن لا تظهر أنها رست بالفعل في أي منها.
– في 23 سبتمبر، عبرت السفينة مضيق جبل طارق دون المرور على المياه الإقليمية للبرتغال، إذ قبل ذلك بأيام قليلة، أعلن وزير الخارجية البرتغالي منع استقبال السفينة في موانئ بلاده. وفي استجواب برلماني لوزير الخارجية البرتغالي، أعلن رأي سلبي في تصدير المواد العسكرية لإسرائيل، وأعلن أن السلطات البرتغالية أرسلت العديد من الأسئلة لملاك السفينة التي ترفع العلم البرتغالي. ولكن وبعد نحو ثلاثة أسابيع فضل ملاك السفينة تغيير العلم إلى العلم الألماني لتجنب الاستجواب البرتغالي.
– وفي 27 سبتمبر، حاولت السفينة الرسو في مالطا، لكن رفضت مالطا أيضًا استقبالها، ويظهر من التتبع الملاحي أن السفينة أكملت مسيرتها نحو البحر الأدرياتيكي.
– في الطريق حاولت السفينة التوجه إلى ميناء “بار” في مونتينيجرو (الجبل الأسود) وجهتها النهائية، لكن كما تظهر بيانات “AIS”للتتبع الملاحي، بقيت السفينة على حدود المياه الإقليمية لمونتينيجرو أكثر من 27 ساعة، ولم تدخل الميناء، ثم غيرت وجهتها جنوبًا.
– وبحسب موقع”RTCG” في الجبل الأسود، سحبت السفينة طلبها للرسو في ميناء الجبل الأسود، في وقت كانت منظمة العفو الدولية تمارس ضغوط على الحكومة هناك لرفض استقبال السفينة.
– منذ 7 أكتوبر وحتى 22 أكتوبر بقيت السفينة في المياه الدولية حول مالطا مع محاولات للرسو في موانئ مالطية مختلفة، إلا أن السلطات في مالطا رفضت استقبالها.
– في 16 أكتوبر، غيرت السفينة العلم الذي تحمله من البرتغال إلى ألمانيا، بعد الضغط البرتغالي. وغادرت المنطقة حول مالطا باتجاه الشمال الغربي يوم 22 أكتوبر، حيث رُصدت حركتها خلال أوقات مختلفة من يوم 22 ويوم 23 بالقرب من جنوب إيطاليا في البحر الأيوني متجهة نحو الشمال.
– منذ ذلك الحين وفي منتصف يوم 23 أكتوبر تقريبًا أُغلق نظام AIS لتحديد الهوية التلقائي الخاص بالسفينة لتختفي تمامًا عن التتبع، قبل أن يرصدها صحفيون في مؤسسة “بلقان إنسايت” يوم 24 أكتوبر راسية في ميناء صغير في ألبانيا اسمه “MBM” والتقطوا لها صورتين. من غير المعروف ما إذا كان رسوها في ألبانيا بغرض التزود بالوقود أم لتفريغ شحنات، لكن البيانات المسجلة بنظام AIS تظهر أن غاطس السفينة هو 6.4 متر منذ يوم 7 أكتوبر وحتى وصولها ميناء الإسكندرية يوم 28 أكتوبر، كما أن قاعدة بيانات الميناء لم تشير حتى 1 نوفمبر إلى مغادرة أي سفينة إلى أي ميناء إسرائيلي.
– وصلت السفينة ميناء الإسكندرية في ساعة مبكرة من يوم 28 أكتوبر، وسجلت موعد مغادرتها المتوقع في 5 نوفمبر. وبحسب بيانات موقع ميناء الإسكندرية، غادرت السفينة كاثرين الميناء في منتصف يوم 31 أكتوبر، بعدما قامت بتفريغ بضائع مصنفة ضمن “التفريغ العسكري”. لكن وفقًا لأنظمة الرصد والتتبع لا يزال نظام AIS الخاص بها مغلقًا منذ وصولها الإسكندرية في 28 أكتوبر، وأعلنت وزارة النقل المصرية إنها في طريقها نحو إحدى الموانئ التركية9.
وقد تقديم ستة محامين، في 31 أكتوبر 2024، ببلاغ للنائب العام ضد رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، ورئيس هيئة ميناء الإسكندرية، أحمد حواش، على خلفية واقعة رسو السفينة “كاثرين” في ميناء الإسكندرية. وطالب البلاغ باتخاذ إجراءات قانونية لفتح التحقيق “في هذه المعلومات المتداولة والمنشورة عبر وسائل التواصل المختلفة”، والحجز على السفينة في حال ثبوت صحة الواقعة، والتحقيق فيما إذا كان قد تم تفريغ حمولتها إلى سفينة أخرى تسمى “ترانسباي” التي قامت بنقل الشحنة من ميناء الإسكندرية إلي ميناء أسدود الإسرائيلي. كما طالب البلاغ بالتحقيق مع المدير التنفيذي للمكتب المصري للاستشارات البحرية EMCO)) لمساعدته في هذه الجريمة، ووضعه على قوائم الكيانات الإرهابية طبقًا لقانون تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين رقم 8 لسنة 201510.
وبالتزامن مع حادثة السفينة “كاثرين“، فقد انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، فيديو لفرقاطة حربية تحمل علمي مصر وإسرائيل، وتمر من المجرى الملاحي لقناة السويس، وهي اللحظة التي وثقها عدد من أناس كانوا واقفين على الشاطئ بالتزامن مع مرورها، معبرين عن غضبهم واستيائهم من مرور سفينة حربية إسرائيلية عبر مصر11.
ونشرت القناة العاشرة الإسرائيلية تفاصيل عن هذه السفينة الحربية الإسرائيلية، وقالت إنها سفينة صواريخ من طراز “ساعر 5″، تحمل منصات إطلاق لصواريخ بحر- أرض من نوع “لورا”، ومنصات إطلاق تحتوي على صواريخ بحر- بحر من نوع “غابرييل 5”. كما أكدت القناة أن حركة السفينة هي حركة روتينية، وعادة عندما تنطلق سفن الصواريخ الإسرائيلية من حيفا إلى إيلات وبالعكس فإنها تمر عبر قناة السويس. وأشارت القناة إلي أن سفن “ساعر 5” تتمركز منذ بداية الحرب على غزة في إيلات لاعتراض الصواريخ والطائرات بدون طيار التي يطلقها الحوثيون من اليمن، كما أن تمركز هذه الصواريخ على متن سفينة يتيح لإسرائيل الاقتراب بحرًا لسواحل اليمن بما يسمح بضرب أهداف مثل ميناء الحديدة وإلحاق الضرر بالزوارق السريعة للحوثيين12.
ثانيًا: الرواية المصرية الرسمية لتبرير استخدام موانئها من قبل السفن الإسرائيلية:
في البداية نقلت قناة “القاهرة الإخبارية” المصرية، في 31 أكتوبر 2024، عن مصدر مصري رفيع المستوى قوله أنه “لا صحة لما تردد في بعض وسائل الإعلام المغرضة بشأن استقبال ميناء الإسكندرية السفينة “كاثرين” الألمانية التي تحمل مواد عسكرية لصالح إسرائيل”، مضيفًا “تلك الأكاذيب تأتي في محاولة من العناصر والأبواق المناهضة للدولة المصرية لتشويه الدور المصري التاريخي والراسخ في دعم القضية والشعب الفلسطيني”13.
أعقب ذلك صدور بيان للمتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، في 1 نوفمبر 2024، من دون إشارة إلى السفينة كاثرين، قال فيه “تنفي القوات المسلحة المصرية بشكل قاطع ما تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي والحسابات المشبوهة وما يتم ترويجه من مساعدة إسرائيل في عملياتها العسكرية جملة وتفصيلًا، وتؤكد أنه لا يوجد أي شكل من أشكال التعاون مع إسرائيل”14.
وبعد دقائق صدر بيان لوزارة النقل المصرية، في 1 نوفمبر 2024، تنفى فيه ما تم نشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأن الحكومة المصرية سمحت لإحدى السفن الألمانية بالرسو بميناء الإسكندرية. حيث أكدت الوزارة أن هذا الخبر غير صحيح وعار تمامًا من الصحة .. وأنه تم السماح للسفينة “KATHRIN” برتغالية الجنسية وترفع العلم الألمانى بالرسو بميناء الإسكندرية لتفريغ شحنة خاصة بوزارة الإنتاج الحربى وأن السفينة تقدمت بطلب رسمي للسماح لها بمغادرة الميناء في اتجاه ميناء حيدر باشا بدولة تركيا لاستكمال خط سيرها15.
وفيما يتعلق بمرور السفينة الحربية الإسرائيلية بقناة السويس، فقد أصدرت هيئة قناة السويس بيانًا، في 2 نوفمبر 2024، بررت فيه هذا المرور بالتزامها باتفاقية “القسطنطينية 1888”16 التي تشكل ضمانة أساسية للحفاظ على مكانة القناة كأهم ممر بحري في العالم. حيث تنص المادة الأولى للاتفاقية على “أن تكون قناة السويس البحرية على الدوام حرة ومفتوحة سواء في وقت الحرب أو في وقت السلم، لكل سفينة تجارية أو حربية دون تمييز لجنسيتها”17.
وفي هذا السياق، استعرضت فضائية “إكسترا نيوز”، القواعد المنظمة لحركة الملاحة في الممر البحري لقناة السويس، والاتفاقيات الدولية التي تلزم مصر بضمان حرية الملاحة حتى في أوقات الحرب والسلم. وقالت الفضائية أن مصر تضمن على مدار تاريخها حرية الملاحة في المجرى العالمي، وذلك وفقًا للمادة رقم 14 من قانون نظام هيئة قناة السويس رقم 30 لسنة 1975، والتي تنص على أنه: “لا يجوز أن تتخذ الهيئة التي تتولى القيام على شئون المرفق وإدارته أي إجراء يتعارض مع أحكام اتفاقية القسطنطينية الموقعة في الـ29 من أكتوبر من عام 1888، والخاصة بضمان حرية استعمال قناة السويس البحرية”. وأوضحت أنه “لا يجوز للهيئة أن تمنح أي سفينة أو أي شخص – طبيعيًا كان أو اعتباريًا – أي فوائد أو ميزات لا تمنح لغيرها من السفن”. وعرضت القناة سريعًا مواد اتفاقية “القسطنطينية”، التي تنص مادتها الأولى على أن “تكون قناة السويس البحرية على الدوام حرة ومفتوحة، سواء في وقت الحرب أو في وقت السلم، لكل سفينة تجارية أو حربية، دون تمييز لجنسيتها”. وأشارت القناة إلي أن المادة الرابعة من اتفاقية القسطنطينية شددت على أن “القناة البحرية تظل مفتوحة في وقت الحرب كـ(ممر حر)، حتى للسفن الحربية التابعة للمتحاربين، ومنحت لها الحق في عبور القناة، ولكن في وقت أقصر ودون الرسو أو التزود بالوقود”. وبحسب التقرير، فإن “الاتفاقية منعت مصر من حرمان أي سفينة من عبور الممر الملاحي لقناة السويس تحت أي مسمى، وإلا ستكون مخالفة لأحكام القانون الدولي، وقد يعرضها لعقوبات دولية كثيرة”. وأوضح التقرير أنه “بحسب المعاهدة فلا يجوز لمصر وقف الملاحة داخل القناة، وذلك بموجب القانون الدولي – إلا في حالة واحدة – وهي أن تتعرض مصر نفسها لهجوم ما، أو أن تعلن حالة الحرب مع دولة أخرى، بحيث تؤدي العمليات القتالية لانعدام الأمن في المجرى الملاحي في القناة، وهو ما سيؤثر بالفعل على سلامة السفن، فيحق للدولة المصرية وقف الملاحة في تلك الحالة وفقط”18.
وبالعودة إلي بعض الأحداث المشابهة، فقد أشار البعض إلي أن مجلس الأمن الدولي انعقد ثلاث مرات، في جلسات عاجلة بطلب من إسرائيل – التي كانت في حالة عداء مع مصر وقتها -، الأولى عام 1951، والثانية عام 1954، والثالثة في 1967، وفي المرات الثلاث، أيد المجلس بالأغلبية الطلبات الإسرائيلية بخصوص حرية الملاحة في قناة السويس وخليج العقبة ومضيق تيران19.
كما سبق أن أعلن الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس ورئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، أن مصر لا تملك منع السفن القطرية من المرور عبر القناة، لأنها ممر ملاحي عالمي، وتخضع لاتفاقية القسطنطينية التي تسمح بمرور جميع السفن للقناة ما عدا السفن التي تكون في حالة حرب مع مصر. وذلك رغم إعلان مصر عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر وإغلاق حدودها البحرية والجوية أمام كل وسائل النقل القطرية. ولكنه في الوقت نفسه، أكد علي أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس والموانئ التابعة لها ملتزمة بتنفيذ قرارات منع السفن القطرية من المرور في هذه الموانئ أو دخولها؛ حرصًا على الأمن القومي المصري. وأضاف، إن أي قرارات صادرة من الدولة المصرية بشأن هذا الأمر يسري على جميع الموانئ التابعة للمنطقة الاقتصادية؛ لأنها مياه إقليمية، تحكمها الدولة المصرية في مرور السفن من عدمه، لكن لا يسري الأمر على قناة السويس20.
كذلك فقد ردت مصر – عبر مصدر رفيع المستوي بهيئة قناة السويس – على تصريحات بيجن زنغنة وزير النفط الإيراني، التي أكد فيها احتجاز مصر لسفينة إيرانية محملة بالنفط في قناة السويس، كانت متجهة لسوريا؛ التزامًا بالعقوبات الأمريكية على إيران، بأن تلك الأنباء عارية تمامًا من الصحة، وأن مصر ملتزمة بضمان المرور الآمن لكافة السفن التي تعبر القناة تنفيذًا لاتفاقية القسنطينة، وطبقًا لبنودها، وهو التزام أدبي وقانوني، عدا السفن التي تحمل علم دولة في حالة حرب مع مصر، أو السفن التي تشكل خطورة على المجرى الملاحي خلال عبورها، وتسبب أعطالًا كبيرة تعرقل حركة الملاحة21.
أكثر من ذلك، ففي عهد الرئيس الأسبق الراحل محمد مرسي، عبرت ثلاث قطع حربية صينية محملة بالأسلحة قناة السويس، ضمن قافلة الجنوب القادمة من البحر الأحمر في طريقها للبحر المتوسط، ومنه للسواحل السورية. ورغم الانتقادات الشعبية وقتها للسلطات المصرية لعدم منعها عبور تلك السفن في قناة السويس، إلا أن الرد الرسمي أشار إلي أن مصر لا تستطيع منع تلك السفن من المرور في القناة، حيث أن الاتفاقيات الدولية ومنها اتفاقية القسطنطينية 1888 تنص على حرية الملاحة إلا إذا كانت تلك السفن تابعة لدولة في حالة حرب مع مصر، أو إذا كانت تلك السفن تهدد أمن الدولة أو تحمل مواد خطرة22.
وعلى مدار 154 عامًا هو عمر قناة السويس المصرية منذ افتتاحها عام 1869 لم يتم إغلاقها أمام حركة الملاحة العالمية سوى 9 مرات فقط، إما بسبب حروب (توقفت عام 1915 بسبب الحرب العالمية الأولى وبين عامي 1940-1942 بسبب الحرب العالمية الثانية، كذلك خلال الفترة بين هزيمة مصر أمام إسرائيل 1967 وحتى بعد انتصار أكتوبر 1973 بعامين)، وإما بسبب أزمات سياسية (في أعقاب الثورة العرابية عام 1882)، وإما بسبب وجود مواد خطرة (في عام ٢٠٠٦ منعت مصر حاملة طائرات فرنسية كان عليها نفايات خطرة وبقيت الحاملة لأيام في مدخل القناة ثم تم السماح لها بالعبور بعد تقديم السلطات الفرنسية وثائق لمصر تفيد بخلوها من المواد الخطرة23)، فيما كان العدد الأكبر من مرات الغلق بسبب العوامل الجوية وجنوح سفن أو ناقلات.
ومن هنا يرى هذا الفريق أن مصر مجبرة على تمرير السفينة الإسرائيلية بصرف النظر عن حمولتها وما عليها، طالما أنه لا يتعارض مع بنود اتفاقية القسطنطينية، وأنه لا يجوز منعها إلا في حالات الحرب فقط، وفي حال عرقلة هذه السفينة أو منعها من المرور فإن إجراء كهذا من شأنه أن يوقع الدولة المصرية تحت طائلة العقوبات والاستهدافات الدولية، وهو ما تتجنبه القاهرة في الوقت الراهن24.
ثالثًا: انتقادات الرواية الرسمية المصرية للسماح لإسرائيل باستخدام موانئها:
يتضح من البيانات المصرية السابقة بشأن السفينة “كاثرين” أنها لا تتناقض مع بيانات دولية وصور أقمار اصطناعية فحسب، بل إنها ناقضت نفسها أيضًا25. ففي البداية تم نفي رسو السفينة من الأساس في ميناء الإسكندرية. ولكن مع ثبوت الأمر (رسو السفينة)، أقرت البيانات المصرية به، مع التأكيد علي أنه لا يشكل أي نوع من أنواع التعاون مع إسرائيل. واقتصر النفي فقط – وهو ما يثير السخرية – علي أن السفينة برتغالية الجنسية وليست ألمانية، وكأن هذا الأمر هو منبع الغضب المصري. كما أن بيان وزارة النقل أوضح أن السفينة أفرغت جزءًا من حمولتها في الميناء، وإن أشارت إلي أنه خاص بوزارة الإنتاج الحربي، إلا أن ذلك لم يمنع الشكوك – بل زادها – حول إمكانية أن يتم نقل هذه الشحنة من ميناء الإسكندرية إلي ميناء أسدود الإسرائيلي في سفن أصغر. وفي هذا السياق، فقد ربط مراقبون بين قصة السفينة “كاثرين” ومقاطع تفريغ حمولتها بميناء الإسكندرية، وتحميلها على تلك السفينة الحربية الإسرائيلية ومرورها بقناة السويس26.
وفيما يتعلق بمرور السفينة الحربية الإسرائيلية عبر قناة السويس، فإن النظام المصري كان قادرًا على منعها من عبور القناة، وحديثه عن وجود اتفاقيات دولية تلزمه بالسماح لهذه السفينة بالمرور مردود عليه؛ لعدة أسباب:
1- أن هناك مبدأ رئيسي في العلاقات الدولية، يسمى مبدأ “المعاملة بالمثل”، فإذا كان الكيان الصهيوني قد عصف بكل القوانين والاتفاقيات الدولية، بما فيها معاهدة السلام مع مصر، باحتلال قواته محور صلاح الدين (فيلادلفيا) على الحدود مع مصر، واحتلال معبر رفح بالمخالفة لاتفاقيات المعابر التي وقعها الاحتلال مع مصر، فإن مصر لها الحق في أن تقوم بالمثل، وألا تلتزم بمعاهدة القسطنطينية، وبالتالي فمن حقها منع السفن الإسرائيلية من المرور عبر قناة السويس27.
2- أن اتفاقية القسطنطينية تحتوي على بند يسمح لمصر بمنع دخول أي سفن قد تحمل تهديدًا لأمنها القومي العام، كما جاء في المادة العاشرة. وبسحب هذا البند على المشهد المصري الحدودي شرقًا مع غزة، حيث الانتهاكات التي يرتكبها جيش الاحتلال هناك بين الحين والآخر، وسيطرته على محور فيلادلفيا الحدودي واستهدافه بعض الجنود المصريين وتورطه في تجاوز بعض صواريخه للحدود المصرية وسقوطها داخل الأراضي المصرية، فإن ما يحدث هو اختراق واضح ومباشر للأمن العام المصري، وعليه يحق لمصر – وفق اتفاقية القسطنطينية ذاتها – منع مثل تلك السفن الحربية التي تدعم جيش الاحتلال فيما يرتكبه من جرائم وانتهاكات تهدد أمن البلاد وتقوض سيادتها على حدودها. وهنا يجب على الدولة استخدام ما لديها من أوراق وإمكانيات لحماية هذا الأمن، والتي من بينها غلق قناة السويس أمام السفن الإسرائيلية، الحربية على الأقل.
3- إمكانية استناد مصر علي اتفاقية “الدفاع العربي المشترك” لمنع مرور أي سفينة تحمل تهديدًا لأي دولة عربية، لا سيما في ظل وقوع 5 دول عربية دفعة واحدة في مرمى الاستهداف الإسرائيلي (فلسطين – لبنان – سوريا – اليمن – العراق). حيث ينص البند الثاني من تلك الاتفاقية – التي أُبرمت في العاصمة المصرية عام 1950 وضمت بداية الأمر 7 دول عربية فقط هي مصر والأردن وسوريا والعراق والسعودية ولبنان واليمن، ثم انضم إليها تباعًا بقية البلدان العربية بلا استثناء – على: “تعتبر الدول المتعاقدة كل اعتداء مسلح يقع على أي دولة أو أكثر منها أو على قواتها، اعتداء عليها جميعًا، ولذلك فإنها عملًا بحق الدفاع الشرعي (الفردي والجماعي) عن كيانها، تلتزم بأن تبادر إلى معونة الدولة أو الدول المعتدى عليها، وبأن تتخذ على الفور منفردة ومجتمعة جميع التدابير وتستخدم جميع ما لديها من وسائل بما في ذلك استخدام القوة المسلحة لرد الاعتداء ولإعادة الأمن والسلام إلى نصابهما”. وبالتالي كان من الممكن الاستناد إلي هذه الاتفاقية أيضًا لمنع مرور السفينة، باعتبارها سفينة تحمل علم إسرائيل، كما أنها تحمل شحنات عسكرية لجيش الاحتلال سيقتل بها الأشقاء في فلسطين ولبنان واليمن.
4- قد يتحجج البعض بأن هناك فارقًا كبيرًا بين اتفاقية القسطنطينية ذات البعد الدولي ومعاهدة الدفاع العربي المشترك ذات البعد الإقليمي، فالأولى قد يترتب على خرقها عقوبات دولية قاسية، مقارنة بالثانية التي تواجه موتًا سريريًا منذ عقود طويلة، وعليه فإن عدم الالتزام ببنودها لا يترتب عليه تداعيات حساسة أو مقلقة بالنسبة للجانب المصري. لكن الأمور في الغالب لا تحسب بتلك الكيفية، ومثل هذه المقارنات ربما تكون غير موضوعية، وأحيانًا مضللة، وهو ما يرسخه التحرك المصري الأخير لدعم الصومال في مواجهة تهديدات الإثيوبيين، ففي يناير 2024 حذر الرئيس المصري السيسي من أن بلاده لن تسمح بأي تهديد لدولة الصومال، ردًا على ما قالته إثيوبيا إنها ستبحث فكرة الاعتراف باستقلال منطقة “أرض الصومال” ضمن اتفاق سيتيح لأديس أبابا الاستفادة من ميناء بحري. السيسي وفي مؤتمر صحفي له مع نظيره الصومالي، حسن شيخ محمود، في القاهرة برر هذا الموقف بأن “الصومال دولة بالجامعة العربية، ولها حقوق طبقًا لميثاق الجامعة بالدفاع المشترك لأي تهديد لها”، مضيفًا: “مصر لن تسمح لأحد بتهديده (الصومال) أو المساس بأمنه… محدش (لا أحد) يجرب مصر ويحاول يهدد أشقاءها خاصة لو طلبوا منها التدخل”28.
5- أن محكمة العدول الدولية تنظر في قضية الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل بحق الفلسطينيين في غزة، وقد أدانت الاحتلال بشكل مبدئي، فلماذا لا تستغل مصر هذه الثغرة وتمنع عبور السفينة، بحجة مشاركتها في إبادة جماعية وفقًا للقانون الدولي، وباعتراف دول العالم كلها؟. كما أن قدرة إسرائيل علي تقديم شكوي ضد مصر – في حالة قيام مصر بمنع السفن الإسرائيلية من المرور عبر القناة – أمام الأمم المتحدة ومجلس الأمن ستكون ضعيفة، في ظل ما يقوم به الاحتلال من ضرب كل القرارات الصادرة عنهما (مجلس الأمن والأمم المتحدة) عرض الحائط بشكل معلن وفج29. ولا يمكن تخيل أن تقوم اسرائيل بإعلان الحرب مثلًا علي مصر لمجرد منع سفينة لها بالمرور عبر قناة السويس، ولا يمكن تصور أن تقوم الدول بمقاطعة القناة تضامنًا مع إسرائيل، وبالتالي، فلا يوجد ثمن كبير يمكن أن تدفعه مصر من مثل هذا التصرف الأخلاقي والاستراتيجي30.
6- نفترض أن هناك بالفعل ضرر علي مصر سواء قانوني أو اقتصادي، أليست هذه التكلفة من المقبول أن تتحملها مصر في سبيل تحجيم الإبادة الجماعية التي تحدث للإخوة الفلسطينيين، وألا تكون مشاركة فيها؟31.
وفي ضوء العوامل السابقة، ترجح أغلب التحليلات أن عدم إقدام نظام السيسي علي منع السفينة الإسرائيلية من المرور عبر قناة السويس لا يعود إلي القوانين والمعاهدات، وإنما إلي عدم وجود إرادة ورغبة سياسية في وقف الحرب الإسرائيلية علي قطاع غزة. وأن هذا الأمر لم يظهره رسو ومرور السفن الإسرائيلية عبر الموانئ المصرية – وإن أكده وأبرزه -، ولكنه كان واضحًا منذ بداية العدوان الإسرائيلي علي غزة عقب طوفان الأقصى، حيث ظهرت تناقضات نظام السيسي بين مواقف معلنة برفض العدوان الإسرائيلي علي غزة، والمطالبة بوقفه، ورفض تهجير الفلسطينيين من غزة إلي سيناء، وبين مواقف عملية داعمة للعدوان سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وهو ما يمكن توضيحه فيما يلي:
أ- حقيقة موقف النظام المصري تبرز في تعليقات إعلاميين وساسة مؤيدين له، ويتحدثون بلسانه ووفقًا لتوجيهاته، وهم يرون أن مصر ليست طرفًا في الحرب، بل هي في اتفاقية سلام مع إسرائيل، وأن عليها أن تتجنب أي استفزازات تجرها للانخراط في الحرب التي حسب رأيهم “لا ناقة لمصر ولا جمل فيها”.
ب- اختار النظام المصري منذ بداية الحرب أن يلعب دور الوسيط، حتى لو كان صغيرًا، وحتى لو كان فقط مجرد ساعي بريد يحمل الرسائل بين الأطراف المختلفة، وحتى حين خرقت إسرائيل اتفاقية كامب ديفيد باحتلال معبر صلاح الدين لم يعلن إلغاء أو حتى تجميد هذه الاتفاقية32. بل إن الإعلام المصري وبعض المحسوبين على نخبته السياسية والعسكرية، حاولوا ابتلاع الانتهاكات الإسرائيلية بترديد بعض المزاعم للتقليل من عدم رد النظام المصري، على رأسها أن ما حدث لا يمس اتفاقية السلام وأنه أمر فلسطيني في المقام الأول33.
ج- رغم أن السلطات المصرية تشارك في عمليات الوساطة سواء بين المقاومة والكيان، أو بين الفصائل الفلسطينية نفسها، إلا أنها تصر على التعامل معها من خلال المخابرات فقط باعتبارها محض ملف أمني، وليس سياسي، كما هو الحال في بلدان عربية وإسلامية أخرى يستقبل رؤساؤها قادة حماس والمقاومة.
د- إغلاق معبر رفح في وجه قوافل الإغاثة المتجهة إلى غزة ما يعتبر مشاركة في حصار وتجويع أهل القطاع، بل والأدهي من ذلك أن النظام يغلق المعبر بدعوي أنه لا يريد أن يمرر مشروع تهجير الفلسطينيين34.
ه- تقديم الاستشارات وحتى المعلومات الأمنية لقوات الاحتلال للتعامل مع المقاومة، وهو ما كشفه الصحفي الأمريكي “بوب وودوارد” في كتابه “الحرب” الذي صدر في 15 أكتوبر 2024. حيث قدم رئيس المخابرات المصرية عباس كامل لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في إحدى زياراته لمصر عقب السابع من أكتوبر 2023، معلومات وخرائط جمعتها المخابرات المصرية عن أنفاق غزة، وفي رسالة موجزة من كامل لوزير الخارجية الأمريكي، والتي أخبره أن ينقلها إلى نتنياهو، نصح قائلًا: “يجب على إسرائيل أن لا تدخل غزة بريًا دفعة واحدة، بل على مراحل، وأن تنتظر حتى يخرج قادة حماس من جحورهم، وعندها يقطعوا رقابهم”35.
و- كشفت الخارجية الإسرائيلية، في مايو 2024، عن مقتل رجل أعمال إسرائيلي يحمل جواز سفر كندي في مدينة الإسكندرية. وكشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية هوية الرجل الذي يتعمد الأمن المصري إخفاءها ويدعي أن سبب القتل جنائي. وقالت إنه يمتلك في الإسكندرية شركة لتصدير الخضراوات والفاكهة من مصر، وإن سبب القتل يتعلق بالعدوان على غزة. وكشفت بيانات ملاحية تضاعف رحلات سفينة حاويات من الإسكندرية التي يعمل فيها رجل الأعمال الإسرائيلي إلى ميناء أسدود الإسرائيلي بالتزامن مع العدوان على قطاع غزة36.
ويشير العديد من المحللين إلي أن ثمة حسابات واعتبارات تكبل أيدي الدولة المصرية – من وجهة نظر النظام – في استخدام ما لديها من أوراق ضغط ضد إسرائيل في حربها الحالية علي غزة، على رأسها:
– المحدد الأمني والأيديولوجي: المرتبط بتحفظات الجانب الرسمي المصري على التوجه الإسلامي للمقاومة الفلسطينية، في سياق موقفه السلبي من عموم التيار الإسلامي في المنطقة، وخصوصًا في ظل أزمته المتواصلة في العلاقة مع جماعة الإخوان المسلمين المصرية. ويتشكل انطباع بعدم رغبة الجانب المصري والعديد من الأطراف العربية بخروج المقاومة الفلسطينية منتصرة في معركة طوفان الأقصى، خشية تداعيات غير مرغوبة لذلك على الوضع الداخلي المصري وعلى حضور التيار الإسلامي في المنطقة37.
فبعد الانقلاب على انتفاضات “الربيع العربي” التي جاءت بالإسلاميين إلى السلطة، تبدلت المنطقة وتحولت إلى واحة استبدادية في ظل الهيمنة الأمريكية، وظهر مشروع إعادة بناء الشرق الأوسط، وبرزت تصورات جديدة حول مهددات الاستقرار في نظام سلطوي في المنطقة تحت الهيمنة الأمريكية، إذ لم يعد ينظر إلى الحكم الاستبدادي كتهديد وعقبة تحول دون الاستقرار، بل أصبح الاستبداد مطلبًا ضروريًا للاستقرار، ولم يعد يشار إلى وجود الاستعمار الصهيوني الإسرائيلي كمهدد للاستقرار، وتبدلت تعريفات الصديق والعدو، فاختزلت مهددات الاستقرار بوجود حركات “الإسلام السياسي” على اختلاف توجهاتها السياسية سواء الديمقراطية السلمية أو الجهادية الثورية.
فقد تبلورت رؤية جديدة تقوم على تصفية القضية الفلسطينية وإدماج المستوطنة الاستعمارية الإسرائيلية في نسيج المنطقة، من خلال تأسيس تحالف بين الإمبريالية الأمريكية والاستبدادية العربية والاستعمارية الإسرائيلية تحت ذريعة مواجهة خطر مشترك يتمثل بالحركات الإسلامية؛ التي تقوم أيديولوجيتها الدينية السياسية على مناهضة الإمبريالية والاستبدادية والاستعمارية، وأصبحت الأنظمة الاستبدادية العربية متماهية مع الرؤية الإمبريالية الأمريكية والمستعمرة الصهيونية في بناء التصورات الأساسية حول المنطقة، وأصبحت تتبنى السردية الأمريكية الإسرائيلية حول تعريف الاستقرار وماهية الصديق والعدو.
وبلغت الكراهية والعدوانية تجاه الحركات الإسلامية في المنطقة أوجها بعد الانقلاب على “الربيع العربي”، وهو ما تجلى في بناء استراتيجية تقوم على التخلص من الإسلاميين محليًا، وتسليم قيادة المنطقة إقليميًا للمستعمرة الاستيطانية اليهودية، ومحو وإزالة وتصفية القضية الفلسطينية؛ من خلال نسج تحالفات مع الأنظمة العربية الاستبدادية والإمبريالية الأمريكية والمستعمرة الصهيونية، أسفرت عن توقيع اتفاقات السلام “الإبراهيمية”، وبناء تحالفات عسكرية مشتركة، من خلال استراتيجية أمريكية غربية طموحة تسعى إلى إدماج المستعمرة الاستيطانية اليهودية في نسيج المنطقة العربية الإسلامية، تحت ذريعة مواجهة خطر مشترك تم اختزاله بمقولة “الإرهاب” الإسلامي، والذي بات يكافئ مصطلح “الإسلام السياسي” وحركاته المقاومة بنسختيه السنية والشيعية، وممثليه في المنطقة؛ المنظمات السنية المنبثقة عن أيديولوجية الإخوان المسلمين المسندة من تركيا، والحركات السياسية والمقاومة الشيعية المنبثقة عن أيديولوجية ولاية الفقيه المسندة من إيران38.
ويبدو أن الأنظمة الاستبدادية العربية المطبعة كانت في الطريق لوضع حركة حماس على قوائمها الإرهابية بعد أن صنفت جماعة الإخوان المسلمين منظمة “إرهابية”، لكن تعقيدات المشهد الفلسطيني حالت دون ذلك، فعقب إصدار محكمة القاهرة للأمور المستعجلة في 28 فبراير 2015 حكمًا بإدراج حركة حماس ضمن “المنظمات الإرهابية”، ألغت محكمة الأمور المستعجلة في مصر الحكم المذكور في 6 يونيو 2015، وقضت بعدم الاختصاص في نظر الدعوى. وقد خلت القائمة “الإرهابوية” التي أصدرتها السعودية ومصر والإمارات والبحرين في 8 يونيو 2017 والتي تضمنت تصنيف 59 فردًا و12 كيانًا، قالت إنها “مرتبطة بقطر”، من وجود حركة “حماس”39.
وفي هذا السياق؛ فقد قال الدبلوماسي الأمريكي السابق دينيس روس، في 29 أكتوبر 2023، الذي يشغل حاليًا منصب مستشار في معهد واشنطن، وكان من مهندسي ما وصفت بأنها عمليات السلام أثناء حكم كل من جورج بوش الأب وبيل كلينتون، إن دعم الحرب على غزة حتى القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)؛ هي رغبة قادة عرب وليس فقط إسرائيل والولايات المتحدة. فحسب روس، “إسرائيل ليست الوحيدة التي تعتقد أن عليها هزيمة حماس”، مضيفًا: “خلال الأسبوعين الماضيين، عندما تحدثت مع مسؤولين عرب في أنحاء مختلفة من المنطقة أعرفهم منذ فترة طويلة، قال لي كل واحد منهم إنه لا بد من تدمير حماس في غزة”، ونقل عنهم أنه “إذا اعتبرت حماس منتصرة، فإن ذلك سيضفي الشرعية على أيديولوجية الرفض التي تتبناها الجماعة، ويعطي نفوذًا وزخمًا لإيران والمتعاونين معها، ويضع حكوماتهم في موقف دفاعي”40.
إجمالًا لما سبق؛ يمكن القول أن فزع المستبدين العرب تصاعد عقب عملية “طوفان الأقصى” المباغتة في السابع من أكتوبر 2023؛ خوفًا من خطر ظهور موجة جديدة من “الربيع العربي”، وصعود حركات الإسلام السياسي في المنطقة41.
كذلك، فإن سجلات حقوق الإنسان الفظيعة لمصر قد تقدم تفسيرًا آخر لإحجامها عن دعم القضية الفلسطينية كعدم انضمامها إلى جنوب أفريقيا في قضيتها ضد إسرائيل علي سبيل المثال؛ حيث أنها تخشى من أن تؤدي مواجهة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية إلى تعرضها للانتقام، عبر جرها إلى محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية من قبل إسرائيل أو أحد حلفائها. ويمكن اتهام مصر، ومعظم الدول العربية، بارتكاب أنواع عديدة من انتهاكات حقوق الإنسان؛ حيث تسجن مصر آلاف السياسيين والناشطين بتهم ملفقة من قبل نظام قانوني فاسد، كما اتهم العديد من الناشطين والمنظمات الحقوقية السلطات المصرية بالقتل والاعتقال والتهجير القسري لأهالي سيناء بعد هدم مئات المنازل تحت غطاء “مكافحة الإرهاب”42.
– المحدد السياسي والدبلوماسي: المتمثل في الحفاظ علي الدور والمكانة الإقليمية، حيث ترغب القاهرة في الإبقاء على باب العلاقة مع الكيان المحتل مواربًا لإمكانية لعب دور الوسيط بين المقاومة والحكومة الإسرائيلية، وهو الدور الأهم الذي يحافظ علي مكانة مصر كدولة إقليمية ومحورية في المنطقة43.
كما تعتقد معظم الدول العربية – ومنها مصر – أنها لا تستطيع تحدي الموقف الأميركي في القضايا المتعلقة بإسرائيل. وعلى الرغم من أن دول عربية مثل السعودية ومصر تحدتا الولايات المتحدة في السنوات القليلة الماضية بشأن قضايا مثل إنتاج النفط في منظمة أوبك والعلاقات مع الصين وروسيا، إلا أن كلتيهما غير راغبتين في القيام بذلك في المسائل المتعلقة بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني لأنهما تعتقدان أن هذا سيكون بمثابة “خط أحمر” من وجهة النظر الأمريكية. وهذا ما يفسر سلوكهما وسلوك معظم الدول العربية تجاه دولة الاحتلال44. ناهيك عن اعتبار دول عربية أن السلام مع إسرائيل هو ركيزة الأمن الإقليمي، والضمانة الوحيدة للتودد ونيل رضا واشنطن وما يتبعه من رضا وتمويل المؤسسات الدولية45.
– المحدد الاقتصادي والتجاري: والذي يتمثل في بعدين رئيسيين:
البعد الأولي، المتمثل في المصالح الاقتصادية المشتركة بين مصر وإسرائيل، خاصة في مجال الطاقة المستمرة بشكل طبيعي، حتى خلال الحرب، فرغم التوقف المؤقت في تدفق الغاز من إسرائيل إلى مصر في بداية الحرب. لكن الاتصالات سرعان ما عادت لمسارها في مارس 2024، وسجلت واردات الغاز الإسرائيلي لمصر زيادة بنسبة 25% في 2023، ويتوقع أن تزيد في السنوات التالية46.
وقد تحولت موانئ بحرية مصرية (بورسعيد، وأبوقير، والإسكندرية، والدخيلة، ودمياط) إلى محطات رئيسية للعديد من سفن شحن البضائع والأسمنت، التي اقتصرت مهمتها بشكل رئيسي على نقل الحمولات بشكل دوري من وإلى الاحتلال الإسرائيلي (مينائي أشدود وحيفا) خلال فترة الحرب على غزة47.
فيما أظهر تحقيق مشترك لموقعي ميدل “إيست آي” البريطاني و”عربي بوست”، في 24 يونيو 2024، أن مئات المنتجات الغذائية التي تصنعها شركات عربية، وتحمل علامة “كوشر” اليهودية، تصل باستمرار إلى دولة الاحتلال، رغم الحرب على غزة ودعوات المقاطعة، وتبين أن “شركات مصرية تتصدر قائمة الشركات العربية التي تصل منتجاتها الغذائية إلى الكيان الصهيوني؛ 37 شركة بإجمالي 206 من المنتجات”48.
وكان تقرير صادر عن “مكتب الإحصاء المركزي” الإسرائيلي حول حجم التجارة الخارجية لدولة الاحتلال خلال النصف الأول من عام 2024، كشف عن مضاعفة خمس دول عربية (الإمارات – مصر – الأردن – المغرب – البحرين) حجم تجارتها مع تل أبيب، استيرادًا وتصديرًا، منذ بداية حرب غزة، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي49.
البعد الثاني، المتمثل في الحفاظ علي العلاقات مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية، الذين يلعبون الدور الأهم في حل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في مصر، حيث تدخل الاتحاد الأوروبي وأعلن في شهر مارس 2024 عن تقديم مساعدات مالية واستثمارات لمصر بقيمة 7.4 مليار يورو خلال الفترة من 2024 وحتى 2027، من بينها تمويل طارئ بقيمة ملياري دولار يصرف في سنة 202450. وقد تم الربط بين هذه التدخلات الخارجية وبين الموقف المصري من الحرب علي غزة.
ويتحدث البعض عن مطالبات وضغوط من إسرائيل على الإدارة الأمريكية لمحاولة إنقاذ اقتصاد مصر حتى تنتهي الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة51. وفي هذا السياق؛ ربط البعض سماح النظام المصري لرسو السفينة الألمانية المحملة بشحنة عسكرية إسرائيلية بميناء الإسكندرية، ثم مرور سفينة إسرائيلية عسكرية من قناة السويس، بإنهاء حالة الجمود بين صندوق النقد الدولي والقاهرة، إثر تأجيل موعد المراجعة الرابعة مطلع أكتوبر 2024، والتي بموجبها تنال القاهرة 1.3 مليار دولار (من حجم القرض البالغ 8 مليارات دولار)؛ بسبب مطالبات مصرية بتغيير بعض بنود الاتفاق مع الصندوق (مثل تأجيل رفع الدعم عن الوقود والكهرباء، وتأجيل تعويم جديد للجنيه) بحجة التخفيف على المصريين ومواجهة التحديات الإقليمية غير العادية التي تواجهها مصر. حيث أبدت رئيسة الصندوق كريستالينا جورجييفا “تفهمها الكامل لحجم التحديات الكبيرة التي تواجهها مصر في ضوء المستجدات الإقليمية والدولية”، وأكدت علي أن الصندوق “منفتح على تعديل أي برنامج بما يخدم الظروف على أفضل وجه”52.
الخلاصات والاستنتاجات:
- تتعامل الدولة المصرية مع القوانين والمواثيق الدولية وفق أجندة خاصة، تسمح لها باحترام تلك القوانين تارة حين تخدم هدفًا ما، وتتجاهلها تارة أخرى حين لا يكون الأمر في صالحها. فحين تسعى القاهرة للحفاظ على علاقتها مع واشنطن وتل أبيب وتتجنب استثارة غضبهما، وتحاول البقاء على موقعها كحليف ووسيط معتبر، تتشبث بالقانون الدولي (اتفاقية القسطنطينية الموقعة قبل 136 عامًا) الذي يجبرها على تمرير سفن حربية وأسلحة للكيان الإسرائيلي، في الوقت الذي لم يحترم فيه المحتل ذاته نفس تلك الاتفاقيات حين سيطر على محور فيلادلفيا واستهدف الجنود المصريين على الحدود. وحين كان الهدف تهديد أديس أبابا إثر أزمة سد النهضة، كان التحرك لدعم الصومال، التزامًا بمعاهدة الدفاع العربي المشترك بوصفه بلدًا عربيًا يتعرض للتهديد المباشر، لكن في المقابل يغض الطرف عن تلك المعاهدة إزاء المشهد في فلسطين ولبنان وسوريا والعراق واليمن، إذا كان التحرك قد يترتب عليه تبعات لا يقوى النظام المصري على تحملها في الوقت الراهن53. ناهيك عن عدم إعطاء النظام المصري أي اعتبار أو اهتمام بالاتفاقيات الدولية التي وقعتها الدولة المصرية فيما يخص حقوق الإنسان في الداخل.
- أن هذه السياسة المتبعة من قبل النظام المصري في انتقائية الاتفاقيات الدولية متوقعة في ظل أن هذا النظام يستمد شرعيته من الرعاة الدوليين (بما يشمل المنح والقروض) وليس من قبل الشعب المصري.
- أن النظام يصدر للشعب مخاوفه العسكرية من إسرائيل، ويمررها من خلال الإعلام وضيوفه من الخبراء الاستراتيجيين ولجان السوشيال ميديا، حتى يظن المصريون بأن أي رفض لمطلب إسرائيلي، أو التعنت في الاستجابة لشيء يسهل عمليات الإبادة في غزة أو العدوان على لبنان، بمثابة إعلان حرب. وبالتالي مع تفكير جزء من المجتمع في هذه الهواجس العسكرية فإنه يصبح أكثر تعاطفًا وتفهمًا للرواية الرسمية المصرية، علي الرغم من رفض العديد من دول العالم لمرور ورسو السفن التابعة لإسرائيل دون أن يؤدي ذلك إلي حرب مع إسرائيل أو حتي وقوع أي خسارة تذكر.
- إذا كان هناك نية مصرية لعرقلة وإبطاء الإبادة الدائرة في غـزة كان من الممكن الإيعاز لعمال القناة بتعطيلها، مع مظاهرة رمزية منهم ضد مرورها. كما كان يمكن أن تربط مصر بين مرور السفن الإسرائيلية من قناة السويس بانسحاب إسرائيل من محور فيلادلفيا. كما كان يمكن لمصر أن تتحجج بحكم محكمة العدل الدولية لمنع مرور السفينة، ولاستقبال سفينة “كاثرين” ومصادرة شحنتها، خاصة أنه كان من السهل إثبات أنها كانت متجهة لإسرائيل لاستخدامها في عمليات الإبادة الجماعية. كما أن مصر كان من الممكن أن تتحجج باتفاقية “الدفاع العربي المشترك” في ظل شن إسرائيل عدوان علي دول عربية مثل فلسطين ولبنان واليمن. وأخيرًا، كان من الممكن أن يرفض النظام بدعوي أنه غير قادر على تمرير السفن؛ خوفًا من الغضب الشعبي، خاصة وأن السيسي استخدم سلاح المظاهرات والغضب الشعبي والخوف من انفجار الوضع في مصر بسبب فلسطين في بداية الحرب؛ لرفض التهجير من غزة إلي سيناء54.
1 صحيح مصر، “الصفحة الرسمية علي الفيسبوك”، 2/11/2024، الرابط: https://www.facebook.com/SaheehMasr/posts/pfbid02uCeY8mNSUtBBfTunDgCnkKyik9kqPtxhqbQqV8baZGzP3X1wmHVfH1diPmAFc5cnl?_rdc=1&_rdr
2 “عبور سفينة حربية إسرائيلية قناة السويس يثير جدلًا في مصر.. فماذا نعرف عنها؟”، التلفزيون العربي، 4/11/2024، الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=gfOabAqg_zE
3 “الصفحة الرسمية لمنظمة العفو الدولية”، 31/10/2024، الرابط: https://x.com/AmnestyAR/status/1852003093879173607?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1852003093879173607%7Ctwgr%5E18adf728e0eeb84868cb98c188c53d0445245610%7Ctwcon%5Es1_c10&ref_url=https%3A%2F%2Farabi21.com%2Fstory%2F1637319%2FD8A7D984D8B9D981D988-D8A7D984D8AFD988D984D98AD8A9-D985D8B5D8B1-D8B3D985D8ADD8AA-D8A8D8B1D8B3D988-D8B3D981D98AD986D8A9-D8AAD8ADD985D984-D985D8AAD981D8ACD8B1D8A7D8AA-D984D8A5D8B3D8B1D8A7D8A6D98AD984-D8A8D8A7D984D8A5D8B3D983D986D8AFD8B1D98AD8A9-D988D8A7D984D982D8A7D987D8B1D8A9-D8AAD986D981D98A
4 “سفينة السلاح إم في كاثرين تظهر من جديد في ميناء الإسكندرية بمصر”، الصفحة الرسمية لحركة مقاطعة إسرائيل، 31/10/2024، الرابط: https://www.facebook.com/BDSNationalCommittee/posts/944489567722068?ref=embed_post
5 “محامون ألمان يلجؤون للقضاء لوقف سفينة تنقل متفجرات لإسرائيل”، الجزيرة نت، 31/10/2024، الرابط: https://www.ajnet.me/news/2024/10/31/%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%85%D9%88%D9%86-%D8%A3%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D9%84%D8%AC%D8%A4%D9%88%D9%86-%D9%84%D9%84%D9%82%D8%B6%D8%A7%D8%A1-%D9%84%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%B3%D9%81%D9%8A%D9%86%D8%A9
6 “حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) تنجح في عرقلة سفينة “كاثرين” المحمّلة بمواد مُتفجِّرة والمتجهة للاحتلال”، حركة مقاطعة إسرائيل، 15/10/2024، الرابط: https://bdsmovement.net/ar/news/%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B7%D8%B9%D8%A9-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-bds-%D8%AA%D9%86%D8%AC%D8%AD-%D9%81%D9%8A-%D8%B9%D8%B1%D9%82%D9%84%D8%A9-%D8%B3%D9%81%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D9%83%D8%A7%D8%AB%D8%B1%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%85%D9%91%D9%84%D8%A9-%D8%A8%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%AF-%D9%85%D9%8F%D8%AA%D9%81%D8%AC%D9%91%D9%90%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AC%D9%87%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%84
7 “العفو الدولية: مصر سمحت برسو سفينة تحمل متفجرات لإسرائيل بالإسكندرية.. والقاهرة تنفي”، عربي21، 1/11/2024، الرابط: https://arabi21.com/story/1637319/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%81%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%B3%D9%85%D8%AD%D8%AA-%D8%A8%D8%B1%D8%B3%D9%88-%D8%B3%D9%81%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D8%AA%D8%AD%D9%85%D9%84-%D9%85%D8%AA%D9%81%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%83%D9%86%D8%AF%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D9%86%D9%81%D9%8A
8 “الصفحة الرسمية لمقررة الأمم المتحدة الخاصة بالأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا البانيز علي منصة إكس”، 31/8/2024، الربط: https://x.com/FranceskAlbs/status/1829709634912813278
9 صحيح مصر، “الصفحة الرسمية علي الفيسبوك”، 2/11/2024، الرابط: https://www.facebook.com/SaheehMasr/posts/pfbid02uCeY8mNSUtBBfTunDgCnkKyik9kqPtxhqbQqV8baZGzP3X1wmHVfH1diPmAFc5cnl?_rdc=1&_rdr
10 “بلاغ للنائب العام للتحقيق في دخول سفينة ميناء الإسكندرية محملة بشحنة متفجرات لإسرائيل”، مدي مصر، 31/10/2024، الرابط: https://www.madamasr.com/2024/10/31/news/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%A8%D9%84%D8%A7%D8%BA-%D9%84%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%A6%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82-%D9%81%D9%8A-%D8%AF%D8%AE%D9%88%D9%84-%D8%B3%D9%81%D9%8A%D9%86/
11 صحيح مصر، “الصفحة الرسمية علي الفيسبوك”، 3/11/2024، الرابط: https://www.facebook.com/SaheehMasr/posts/pfbid02ntaPqtn6GNzpad9KRt1PXnacygzXQ8nSMudVw5RfURn6AWBjWtHDYRpEuB1RWikkl?locale=ar_AR
12 “الإعلام الإسرائيلي يكشف أسرار سفينة حربية عبرت قناة السويس”، RT عربي، 4/11/2024، الرابط: https://arabic.rt.com/society/1616244-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A-%D9%8A%D9%83%D8%B4%D9%81-%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%B9%D8%A8%D9%88%D8%B1-%D8%B3%D9%81%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D8%AD%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D9%8A%D8%B3/
13 “مصدر رفيع المستوى ينفي استقبال ميناء الإسكندرية سفينة تحمل مواد عسكرية لإسرائيل”، القاهرة الإخبارية، 31/10/2024، الرابط: https://alqaheranews.net/news/102327/%D9%85%D8%B5%D8%AF%D8%B1-%D8%B1%D9%81%D9%8A%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%88%D9%89-%D9%8A%D9%86%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D8%A7%D9%84-%D9%85%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%83%D9%86%D8%AF%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%B3%D9%81%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D8%AA%D8%AD%D9%85%D9%84-%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%AF-%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84
14 “الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري للقوات المسلحة”، 1/11/2024، الرابط: https://www.facebook.com/EgyArmySpox/posts/853841490253806?ref=embed_post
15 “الصفحة الرسمية لوزارة النقل المصرية”، 1/11/2024، الرابط: https://www.facebook.com/MinistryTransportation/posts/pfbid024mKyjor8n9wXWHn4cUUZVgQyYXykATzpmGhUSkC9zdxSnheZaEaun94kPJfyimuwl
16 اتفاقية القسطنطينية هي معاهدة دولية تنظم حركة الملاحة في قناة السويس، وقعت في 29 أكتوبر 1888 بين بريطانيا وفرنسا، بمشاركة دول أخرى، منها روسيا، وإيطاليا، والنمسا والمجر، وإسبانيا، وهولندا، والدولة العثمانية. ونصت المعاهدة على حرية الملاحة في قناة السويس، مع الاعتراف بسيادة مصر عليها. للمزيد انظر: “ماذا تعرف عن “اتفاقية القسطنطينية” التي اتخذتها مصر ذريعة لعبور بوارج الاحتلال؟”، عربي21، 3/11/2024، الرابط: https://arabi21.com/story/1637788/%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D9%81-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B3%D8%B7%D9%86%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A-%D8%A7%D8%AA%D8%AE%D8%B0%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%B0%D8%B1%D9%8A%D8%B9%D8%A9-%D9%84%D8%B9%D8%A8%D9%88%D8%B1-%D8%A8%D9%88%D8%A7%D8%B1%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%84
17 “الصفحة الرسمية لهيئة قناة السويس”، 2/11/2024، الرابط: https://www.facebook.com/SuezCanalAuthorityEG/posts/876355201339166?ref=embed_post
18 “قناة السويس.. أهمية كبرى ودور محوري في حركة الملاحة العالمية”، قناة إكسترا نيوز، 3/11/2024، الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=jh8seLjtcm4
19 “مطالبات مصرية بمنع مرور السفن الحربية الإسرائيلية من قناة السويس”، العربي الجديد، 4/11/2024، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/politics/%D9%85%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D9%85%D9%86%D8%B9-%D9%85%D8%B1%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%81%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D9%8A%D8%B3
20 “منع مرور السفن القطرية في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس”، الشرق الأوسط صحيفة العرب الأولي، 7/7/2017، الرابط: https://aawsat.com/home/article/969061/%D9%85%D9%86%D8%B9-%D9%85%D8%B1%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%81%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%B7%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D9%8A%D8%B3
21 “مصر تكشف حقيقة توقيف سفينة إيرانية في قناة السويس”، العربية نت، 20/5/2020، الرابط: https://www.alarabiya.net/arab-and-world/egypt/2019/07/10/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%AA%D9%83%D8%B4%D9%81-%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D8%AA%D9%88%D9%82%D9%8A%D9%81-%D8%B3%D9%81%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D9%8A%D8%B3
22 “قانونيون: مصر لا تستطيع منع السفن الحربية المتجهة إلى سوريا من عبور القناة.. و”العنانى”: اتفاقية القسطنطينية تنص على حرية الملاحة وحق القاهرة فى منع السفن التى تهدد أمنها أو تحمل مواد خطرة”، اليوم السابع، 30/7/2012، الرابط: https://www.youm7.com/story/2012/7/30/%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86%D9%8A%D9%88%D9%86-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%84%D8%A7-%D8%AA%D8%B3%D8%AA%D8%B7%D9%8A%D8%B9-%D9%85%D9%86%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%81%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AC%D9%87%D8%A9-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7/744408
23 “مصر تسمح أخيرا بعبور حاملة الطائرات الفرنسية كليمنصو”، الجزيرة نت، 15/1/2006، الرابط: https://www.ajnet.me/news/2006/1/15/%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%AA%D8%B3%D9%85%D8%AD-%D8%A3%D8%AE%D9%8A%D8%B1%D8%A7-%D8%A8%D8%B9%D8%A8%D9%88%D8%B1-%D8%AD%D8%A7%D9%85%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D8%A7%D8%AA
24 “عبور السفينة الإسرائيلية عبر قناة السويس.. أزمة إرادة لا أزمة قانون”، نون بوست، 3/11/2024، الرابط: https://www.noonpost.com/263074/
25 ” السفينة كاثرين… روايات مصرية مثيرة”، العربي الجديد، 2/11/2024، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/politics/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%81%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D9%83%D8%A7%D8%AB%D8%B1%D9%8A%D9%86-%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%AB%D9%8A%D8%B1%D8%A9
26 “تطور جديد بملف سفينة الأسلحة “كاثرين” يكشف تضارب 4 روايات مصرية”، عربي21، 2/11/2024، الرابط: https://arabi21.com/story/1637727/%D8%AA%D8%B7%D9%88%D8%B1-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D8%A8%D9%85%D9%84%D9%81-%D8%B3%D9%81%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D9%84%D8%AD%D8%A9-%D9%83%D8%A7%D8%AB%D8%B1%D9%8A%D9%86-%D9%8A%D9%83%D8%B4%D9%81-%D8%AA%D8%B6%D8%A7%D8%B1%D8%A8-4-%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9
27 ” مطالبات مصرية بمنع مرور السفن الحربية الإسرائيلية من قناة السويس”، مرجع سابق.
28 “عبور السفينة الإسرائيلية عبر قناة السويس.. أزمة إرادة لا أزمة قانون”، مرجع سابق.
29 طارق دياب، “الصفحة الرسمية علي الفيسبوك”، الرابط: https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=pfbid02QDuSCwe2i9qLrfZPN4JvyPNH4iPNqXg9cdKXrmBaBLLZMjvChsmyJwjLogBeDCVwl&id=100006757441657&_rdc=1&_rdr
30 تامر أبو عرب، “الصفحة الرسمية علي الفيسبوك”، الرابط: https://web.facebook.com/765509087/posts/10161628617484088/?rdid=w3UMuWmpQSg9shR4
31 طارق دياب، مرجع سابق.
32 “السفينة كاترين ليست الأولى ولا الأخيرة”، عربي21، 3/11/2024، الرابط: https://arabi21.com/story/1637798/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%81%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D9%83%D8%A7%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D9%86-%D9%84%D9%8A%D8%B3%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84%D9%89-%D9%88%D9%84%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AE%D9%8A%D8%B1%D8%A9
33 ذكر المذيع والصحافي المصري أحمد موسى المقرب من السلطة أن محور فيلادلفيا لا يقع ضمن نطاق المنطقة (د) التي تنص عليها اتفاقية كامب ديفيد، وأوضح في برنامجه التلفزيوني أن المنطقة (د) تقع داخل إسرائيل بينما محور فيلادلفيا يقع داخل غزة وهي ليست أراضي إسرائيلية. وعرض الإعلامي المصري خريطة تفصيلية توضح النقاط التي ينطوي عليها المحور الأمني في اتفاقية كامب ديفيد، والتي تظهر النقاط “أ، ب، ج” التي تقع داخل الحدود المصرية والنقطة (د) التي تقع داخل الحدود الإسرائيلية مقتطعًا منها محور فيلادلفيا، وأشار إلى أنه تابع لقطاع غزة ولا تنطوي عليه معاهدة 1979. وقال “هذا المحور لا علاقة له بمصر وهو أرض فلسطينية”، مشدداً بالقول “لا يخضع محور فيلادلفيا للمنطقة (د) الموجودة في الاتفاق بيننا وبين إسرائيل”. انظر: “أحمد موسى: محور فيلادلفيا ليس جزءًا من أرض مصر.. ولم يعتدِ علينا أحد”، الشروق، 8/5/2024، الرابط: https://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=08052024&id=dd15f304-b672-4680-a7ac-c3b790d28b7e
34 “السفينة كاترين ليست الأولى ولا الأخيرة”، مرجع سابق.
35 “هكذا فضح الصحفي الأمريكي بوب ودورد تواطؤ الزعماء العرب مع العدوان على غزة”، موقع لكم، 30/10/2024، الرابط: https://lakome2.com/decryptage/360406/
36 “دعم عربي لإسرائيل وخذلان لأهل غزة”، العربي الجديد، 19/8/2024، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/economy/%D8%AF%D8%B9%D9%85-%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%88%D8%AE%D8%B0%D9%84%D8%A7%D9%86-%D9%84%D8%A3%D9%87%D9%84-%D8%BA%D8%B2%D8%A9
37 “إضاءات سياسية (6): محددات الموقف المصري تجاه معركة طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة”، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 28/3/2024، الرابط: https://www.alzaytouna.net/2024/03/28/%D8%A5%D8%B6%D8%A7%D8%A1%D8%A7%D8%AA-%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9-6-%D9%85%D8%AD%D8%AF%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A-%D8%AA/
38 “فزع النظام الاستبدادي العربي بعد “طوفان الأقصى””، عربي21، 3/3/2024، الرابط: https://arabi21.com/story/1579752/%D9%81%D8%B2%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%AF%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%B7%D9%88%D9%81%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%82%D8%B5%D9%89
39 “كراهية الأنظمة العربية لحركة “حماس””، عربي21، 12/11/2023، الرابط: https://arabi21.com/story/1551474/%D9%83%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%86%D8%B8%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%A9-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%B3
40 ” دينيس روس: مسؤولون عرب أكدوا لي أنه لا بد من تدمير حماس”، الجزيرة نت، 29/10/2023، الرابط: https://www.aljazeera.net/politics/2023/10/29/%D8%AF%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%B3-%D8%B1%D9%88%D8%B3-%D9%82%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%B9%D8%B1%D8%A8-%D8%A3%D9%83%D8%AF%D9%88%D8%A7-%D9%84%D9%8A-%D8%A3%D9%86%D9%87-%D9%84%D8%A7-%D8%A8%D8%AF-%D9%85%D9%86
41 “فزع النظام الاستبدادي العربي بعد “طوفان الأقصى””، مرجع سابق.
42 “لماذا تخاذلت الدول العربية في قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في “العدل الدولية”؟”، عربي21، 23/1/2024، الرابط: https://arabi21.com/story/1568381/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%B0%D9%84%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%82%D8%B6%D9%8A%D8%A9-%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%A8-%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7-%D8%B6%D8%AF-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9
43 “احتلال “إسرائيل” لمحور فيلادلفيا باقٍ.. فهل تتخذ القاهرة موقفًا بسحب سفيرها؟”، نون بوست، 27/7/2024، الرابط: https://www.noonpost.com/231492/
44 “لماذا تخاذلت الدول العربية في قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في “العدل الدولية”؟”، مرجع سابق.
45 “عن تنازلات حماس ومجاعة غزة وخطيئة العرب”، أصوات أونلاين، 15/7/2024، الرابط: https://aswatonline.com/2024/07/15/%d8%b9%d9%86-%d8%aa%d9%86%d8%a7%d8%b2%d9%84%d8%a7%d8%aa-%d8%ad%d9%85%d8%a7%d8%b3-%d9%88%d9%85%d8%ac%d8%a7%d8%b9%d8%a9-%d8%ba%d8%b2%d8%a9-%d9%88%d8%ae%d8%b7%d9%8a%d8%a6%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1/
46 ” بينها محور فيلادلفيا ومعبر رفح والتهجير.. هكذا ينظر الاحتلال لملفات التوتر مع مصر عقب حرب غزة”، عربي بوست، 17/7/2024، الرابط: https://arabicpost.net/%d8%aa%d9%82%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%b1/2024/07/17/%d9%85%d9%84%d9%81%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%88%d8%aa%d8%b1-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d9%85%d8%b5%d8%b1-%d9%88%d8%a5%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d9%84/
47 “5 موانئ مصرية تتحول لمنافذ إمداد رئيسية لإسرائيل خلال حرب غزة.. “عربي بوست” يرصد سفناً تنقل بانتظام بضائع لحيفا وأشدود”، عربي بوست، 22/8/2024، الرابط: https://arabicpost.net/%d8%aa%d8%ad%d9%82%d9%8a%d9%82%d8%a7%d8%aa/2024/08/22/%d9%85%d9%88%d8%a7%d9%86%d8%a6-%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%b3%d9%81%d9%86-%d8%a8%d8%b6%d8%a7%d8%a6%d8%b9-%d8%a5%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d9%84/
48 ” “عرب الكوشير”.. “عربي بوست” يحصل على بيانات رسمية إسرائيلية لآلاف المنتجات من دول عربية وإسلامية في السوق الإسرائيلي”، عربي بوست، 24/6/2024، الرابط: https://arabicpost.net/%d8%aa%d8%ad%d9%82%d9%8a%d9%82%d8%a7%d8%aa/2024/06/24/%d9%85%d9%86%d8%aa%d8%ac%d8%a7%d8%aa-%d8%b9%d8%b1%d8%a8%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a5%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d9%84-%d9%83%d9%88%d8%b4%d9%8a%d8%b1/
49 “5 دول عربية تُنقذ “إسرائيل” اقتصاديًا.. قائمة العار الشريكة في حرب الإبادة”، نون بوست، 13/7/2024، الرابط: https://www.noonpost.com/227905/
50 “إضاءات سياسية (6): محددات الموقف المصري تجاه معركة طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة”، مرجع سابق.
51 “الإصلاحات الاقتصادية في مصر ينبغي أن تستمر”، معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدني، 1/11/2024، الرابط: https://www.washingtoninstitute.org/ar/policy-analysis/alaslahat-alaqtsadyt-fy-msr-ynbghy-tstmr
52 ” كلمة السر.. لماذا استجاب صندوق النقد الدولي لرغبة السيسي؟”، عربي21، 4/11/2024، الرابط: https://arabi21.com/story/1637970/%D9%83%D9%84%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B1-%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%A8-%D8%B5%D9%86%D8%AF%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A-%D9%84%D8%B1%D8%BA%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B3%D9%8A
53 “عبور السفينة الإسرائيلية عبر قناة السويس.. أزمة إرادة لا أزمة قانون”، مرجع سابق.
54 “بوارج العدو في قناة السويس.. كيف أوصلتم مصر لهذا المشهد؟”، الصفحة الرسمية للموقف المصري علي الفيسبوك، 3/11/2024، الرابط: https://www.facebook.com/almawkef.almasry/posts/pfbid02PCvyVW5jPddH1uzP3YpF2hMWffz42kd6WeGVS4dBQQotzNKWiPQEfMP5T7fvNJptl?_rdc=1&_rdr