السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسـطينية بعد عودة دونالد ترمب: المحددات والأبعاد

فاز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية التي أُجريت في 5 نوفمبر 2024، متقدمًا بفارق كبير على منافسته كامالا هاريس، نائبة الرئيس جو بايدن، وحصل على 312 صوتًا في المجمع الانتخابي بنسبة 50.2%، مقابل 226 صوتًا في المجمع الانتخابي بنسبة 48.1% لحساب هاريس1. وتأتي عودة ترامب إلى البيت الأبيض مجددًا (بعد ولايته الأولي 2016-2020) والشرق الأوسط في حالة أسوأ مما كان عليه؛ فالمنطقة تعايش حربًا إسرائيلية علي غزة تجاوزت عامها الأول في أكتوبر الماضي، وهي الحرب التي ظهرت آثارها على امتداد الشرق الأوسط ككل (في لبنان واليمن والعراق وسوريا)، لتصبح المنطقة على وشك الانفجار، لاسيما إذا قررت إيران وإسرائيل تجاوز كافة المحاذير والدخول في حرب إقليمية واسعة النطاق. هذه المعطيات تثير تساؤلات معقدة حول مستقبل حرب غزة في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة؛ فالحرب كانت واحدة من الملفات الرئيسية التي طرحها ترمب خلال حملته الانتخابية، وتعهد في أكثر من مناسبة بأنه سوف ينهي الحرب حال عودته إلى البيت الأبيض، ولكن مع ذلك لا تزال ثمة شكوك مطروحة حول رؤية ترمب بشأن إنهاء الحرب، وخاصة أن الوعود التي قدمها كانت شديدة العمومية وخالية من التفاصيل والخطوات المحددة، كما أنها جاءت في سياق انتخابي جعل من حرب غزة مجرد ورقة انتخابية يوظفها ترمب في الضغط على الديمقراطيين، وتقويض فرصهم الانتخابية2.

أولًا: محددات السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية بعد عودة ترمب:

تتمثل أبرز محددات السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية بعد عودة دونالد ترامب إلي رئاسة الولايات المتحدة فيما يلي:

1- السمات الشخصية لترامب: يتفق خبراء النظم السياسية على أن الفروق الفردية بين القيادات العليا أمر لا يجوز تغافله في أي نظام سياسي، لكن طبيعة النظام السياسي (مؤسسي أو شبه مؤسسي أو استبدادي) هي التي تحدد مساحة الفراغ الذي تملأه الفروق الفردية، فكلما طغى وزن البنية المؤسسية ضاقت المساحة أمام بروز الفروق الفردية والعكس صحيح.

ودون مواربة، فإن النظام السياسي الأمريكي هو نظام مؤسسي في ملامحه الرئيسية، مما يجعل الفروق الفردية بين قادة النظام تنحصر في السياسات التكتيكية التنفيذية لا في الرؤى الاستراتيجية، ففي الشرق الأوسط تولى الرئاسة منذ هزيمة 1967 أحد عشر رئيسًا منهم 5 ديموقراطيين و6 جمهوريين، وكلهم وعدوا في تصريحات رسمية وفي مؤتمرات دولية “بتسوية عادلة للقضية الفلسطينية”، ولم يتم تنفيذ أي من هذه الوعود. أما في مجال استخدام “الفيتو” ضد إدانة إسرائيل فتم استخدامه بين 1972 (أول استخدام أمريكي للفيتو لصالح إسرائيل زمن الجمهوري ريتشارد نيكسون) و2024 ما مجموعه 45 مرة، منها 33 مرة زمن الجمهوريين و12 مرة زمن الديموقراطيين، كان آخر 3 منها زمن الديموقراطي جو بايدن، وبالمقارنة فإن الولايات المتحدة استخدمت الفيتو في مختلف قضايا العالم 89 مرة منها أكثر من 50% دفاعًا عن إسرائيل، ولعل هذه المؤشرات كافية لتأكيد ضعف البعد الفردي أمام ثقل المؤسسة، فالسياسة الخارجية الأمريكية ديموقراطية أو جمهورية هي ذاتها من حيث الجوهر، واستقرارها في التوجه نفسه هو مؤشر على محدودية دور الفرد3.

وبالرغم من هذا البناء المؤسسي القوي لمنظومة الدولة الأمريكية، إلا أن قراءة شخصية ترامب تبدو أمرًا مهمًا في توجيه السياسة الأمريكية للسنوات القادمة؛ لأن هذه الشخصية تسعى بطبيعتها لفرض نفسها ورؤيتها ولا تعبأ كثيرًا بالعمل المؤسسي. وقراءتنا لشخصيته تستفيد من استخلاصنا لسلوكه السياسي وتجربته في الحكم (2016-2020)، ومما كُتب ونُشر عنه، مثل دراسة البروفيسور دان مارك آدمز “حالة دونالد ترامب الغريبة: دراسة نفسية”، وكتاب “الخوف” الذي ألفه بوب وودوارد حول شخصية ترامب وغيرها، وفيما يلي أبرز معالم شخصيته4:

  • شخصية التاجر:فترامب رجل أعمال براغماتي أكثر منه سياسي عقائدي، وتشكل ثقافة التاجر والبراجماتية المفرطة في فلسفة الحكم القاعدة لتفسير توجهاته المستقبلية ولكن ضمن القيود المؤسسية، فهو لا يعير أي قيمة للمبادئ والأخلاق والقيم والقانون الدولي إلا بمقدار المردود النفعي لهذه الجوانب، ويخضع فقط لحسابات الربح والخسارة، ويستخدم أوراق القوة التي لديه للابتزاز، وإذا كان أغلب الرؤساء الأمريكيون لا يختلفون في مضامين سياساتهم عن ترامب، إلا أنه يختلف عنهم في أنه لا يلقي بالًا لحقوق الإنسان والديموقراطية، بل تكاد تغيب هذه الشعارات من أدبياته السياسية5.ولأنه بالفعل يدير أعمالًا تجارية، ويملك ثروة تزيد عن ستة مليارات دولار، فإن ذلك يزيد من ثقته بنفسه وقناعاته بقدراته.
  • لا يمكن التنبؤ بسلوكه:شخصيته لا تستند إلى بنية فكرية منظمة واضحة، توجهه بشكل موضوعي نحو اتخاذ القرار، ويتميز بالاندفاع، بل وحتى التهور في العلاقات الخارجية؛ ويبني عددًا من توجهاته بناءً على قراءات غير مكتملة، وتستند إلى معلومات وانطباعات خاطئة. وهو ما دفع، مثلًا، شخصية يهودية صهيونية أميركية مؤثرة كالملياردير حاييم سابان لدعم كامالا هاريس؛ لأنه يخشى أن يغير ترامب سلوكه في أي لحظة، ولأنه بحسب رأي سابان يكره نتنياهو، وكرهه لنتنياهو قد يتحول إلى انتقام.
  • المسيحية الإنجيلية:تلعب الميول الدينية لترامب – خصوصًا تلك المتعلقة بالنبوءات لدى الجماعات المسيحية الإنجيلية حول تجمع اليهود في فلسطين، ونزول المسيح عليه السلام، ومعركة هرمجدون والعهد الألفي السعيد – دورًا مهمًا في صناعة توجهاته في دعم إسرائيل ومشاريعها في المنطقة، دون الاكتراث بمبادئ حقوق الإنسان، وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وحل الدولتين، وغيرها. وهو يستند في جانب كبير من شعبيته إلى المسيحيين الإنجيليين، الذين يشكلون قوة كبيرة في الحزب الجمهوري6. كما أن زوج ابنته يهودي أمريكي (جاريد كوشنر) تربطه بالمؤسسات الصهيونية علاقات مصلحية، وربما أيديولوجية متينة7.

2- تجربة ترامب السابقة في الحكم: خلال فترته الرئاسية الأولى (2016-2020)، كان لترامب سجل حافل من الدعم للاحتلال الإسرائيلي، وفيما يلي نظرة على سياساته تجاه إسرائيل خلال فترة ولايته الرئاسية الأولى:

  • بعد توليه منصبه مباشرة، اعتبر ترامب القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، ثم نقلت الولايات المتحدة، في 14 مايو 2018، سفارتها إليها. قضى ترامب على عقود من الدبلوماسية الحذرة للولايات المتحدة بشأن مدينة القدس. وفي السابق، كان موقف الولايات المتحدة ومعظم الدول قائمًا على أن وضع القدس يجب أن يتحدد من خلال المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وأن “القدس الشرقية” عاصمة فلسطين، بموجب حل الدولتين القائم على حدود عام 1967.
  • في أغسطس 2018، قررت الإدارة الأمريكية برئاسة ترامب، وقف كل المساعدات المقدمة للفلسطينيين.  وشمل ذلك القرار “المساعدات المباشرة للخزينة وغير المباشرة، التي تأتي لصالح مشاريع بنية تحتية ومشاريع تنموية”. حيث أصدر البيت الأبيض بيانًا، جاء فيه أن واشنطن أعادت توجيه أكثر من 200 مليون دولار كانت مخصصة لمساعدات اقتصادية للضفة الغربية وغزة، إلى مشاريع في أماكن أخرى حول العالم. وحتى عام 2012، كان متوسط الدعم الأمريكي للموازنة للفلسطينيين بين 250 – 300 مليون دولار، وفق بيانات الميزانية الفلسطينية.
  • في 31 أغسطس 2018، قطعت إدارة ترامب التمويل الأمريكي عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). ويشكل التمويل الأمريكي للوكالة الأممية ثلث ميزانيتها السنوية البالغة 1.24 مليار دولار، وهو ما يؤثر جذريًا على حياة ملايين اللاجئين الفلسطينيين. وسبق قرار ترامب، تخفيض الدعم السنوي الذي تقدمه الولايات المتحدة للوكالة من 365 مليون دولار إلى 125 مليون مطلع العام 2018، وخلال العام ذاته لم تقدم منها إلا 60 مليون فقط.
  • في 7 سبتمبر 2018، أعلنت الخارجية الأمريكية عن حجبها 25 مليون دولار، كانت تقدمها كمساعدة للمستشفيات الفلسطينية في القدس المحتلة وعددها 6 مستشفيات. وكانت المستشفيات العاملة في شرقي القدس، تقدم خدمات طبية للفلسطينيين من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة، علمًا أن الخدمات الطبية المتوفرة في مستشفيات القدس، غير متوفرة في الضفة الغربية وقطاع غزة مثل علاج الأورام والعيون.
  • في 10 سبتمبر 2018، أعلنت الولايات المتحدة أنها ستغلق مكاتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن. وكانت منظمة التحرير وهي الممثل المعترف به دوليًا للشعب الفلسطيني، قد فتحت مكتبًا لها في العاصمة الأمريكية عام 1994. الخارجية الأمريكية زعمت في ذلك الوقت أن “منظمة التحرير الفلسطينية لم تتخذ أي خطوة لدعم البدء في مفاوضات مباشرة وجادة مع إسرائي”. لكن الخطوة الأمريكية كان سببها الرئيسي إعلان السلطة الفلسطينية الدفع بمحكمة العدل الدولية إلى فتح تحقيق جنائي ضد الاحتلال الإسرائيلي. وفي 16 سبتمبر 2018، قررت إدارة ترامب طرد السفير الفلسطيني لديها، حسام زملط وعائلته.
  • في 25 مارس 2019، وقع ترامب على إعلان رئاسي، اعتبر أن منطقة الجولان السوري المحتل جزء من إسرائيل. وكانت هذه الخطوة أيضًا بمثابة تراجع عن السياسة الأمريكية القديمة بشأن مرتفعات الجولان، التي استولت عليها إسرائيل من سوريا خلال حرب عام 1967. ويأتي المرسوم في انتهاك لقراري مجلس الأمن الدولي رقم 497 و242 اللذين سبق للولايات المتحدة التصويت عليهما، والذي يطالب بانسحاب إسرائيل من الجولان باعتبارها أرض سورية. وتكريمًا لقرار ترامب، خططت الحكومة الإسرائيلية لبناء مستوطنة جديدة في الجولان تحمل اسمه “مرتفعات ترامب”8.
  • في 18 نوفمبر 2019، أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو أن “الولايات المتحدة لم تعد تعتبر أن المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية مخالفة للقانون الدولي”، بما يحمله ذلك من شرعنة للاستيطان الإسرائيلي، الذي تراه عدة دول كما يراه خبراء قانونيون مخالفًا للقانون الدولي9.
  • وفي يناير عام 2020، طرح ترمب “صفقة القرن” لتصفية القضية الفلسطينية، والتي تقع في 181 صفحة. ففي هذه الصفقة لم يعترف ترامب أبدًا بالحقوق القومية والسياسية للشعب الفلسطيني، وتبني فكرة “السلام الاقتصادي”، وكان أقصى ما يمكن للفلسطينيين الحصول عليه في هذه الخطة هو حكم ذاتي للسكان في بعض مناطق الضفة وغزة. حيث أن الخطة كانت تقضي بضم نحو ثلث مساحة الضفة الغربية لإسرائيل10.
  • وفي 15 أغسطس 2022، كشفت صحيفة “جيروزاليم بوست”، عن رسالة سرية وجهها ترمب إلى نتنياهو، بشأن خطته للسلام تتضمن ضم أراض فلسطينية في الضفة الغربية لإسرائيل. وكانت الرسالة تحمل تاريخ 26 يناير 2020، أشار فيها ترمب إلى أن إسرائيل “ستكون قادرة على بسط السيادة على أجزاء من الضفة الغربية، كما هو محدد في الخريطة المدرجة في خطة (صفقة القرن)، إذا وافق نتنياهو على دولة فلسطينية في الأراضي المتبقية على تلك الخريطة”. وأضاف ترامب في رسالته، بحسب الصحيفة: “ستعترف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية على تلك المناطق من الضفة الغربية التي تتصور رؤيته أنها جزء من إسرائيل”11.
  • كما عملت “صفقة القرن” علي إلغاء حق العودة، عندما تحدثت عن “اللاجئين اليهود” مقابل “اللاجئين الفلسطينيين”، وهو مصطلح جديد لم يسبق الحديث عنه، ولا تم طرحه في أية مفاوضات، وهذا ما فهمه الكثيرون على أنه باب جديد للحصول على الأموال من الدول العربية، إضافة إلى محاولة لتذويب قضية اللاجئين الفلسطينيين، الذين يعيش أغلبهم في دول الطوق، وتحديدًا في الأردن وسوريا ولبنان، الأمر الذي يشكل تهديدًا لهذه الدول ولمصالحها الاستراتيجية العليا12.
  • وفي النصف الأخير من عام 2020، ارتفع عدد الدول العربية التي طبعت العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل من دولتين إلى ست دول. حيث أدت الاتفاقيات الجديدة مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، إلى توسيع القائمة التي كانت لعقود طويلة تقتصر فقط على مصر والأردن. وكانت اتفاقيات التطبيع، والتي تسمى بـ”اتفاقيات إبراهيم”، بمثابة بداية لموجة أوسع نطاقًا، والتي كادت أن تشمل دول أخرى (خاصة السعودية)، لكن جهوده تعثرت عندما خسر انتخابات 202013. وجدير بالذكر أن هذه الاتفاقيات قد تجاوزت المبادرة العربية لعام 2002 التي كانت تشترط للتطبيع مع إسرائيل بحل الدولتين وإنشاء دولة فلسطينية.

3- تصريحات ترمب بشأن الحرب علي غزة: يكشف تحليل خطاب دونالد ترمب بشأن الحرب علي غزة عن عدد من الملامح الرئيسية:

  • الوعود الغامضة بإنهاء الحرب سريعًا:عبر ترمب خلال الشهور الماضية، في أكثر من مناسبة، عن رغبته في إنهاء الحرب في غزة سريعًا؛ ففي مقابلة إذاعية، في إبريل 2024، ذكر ترمب: “انتهوا من هذا الأمر، ولنعد إلى السلام ولنتوقف عن قتل الناس”، كما ذكر في منشور على منصة إكس، يوم 30 أكتوبر 2024: “أريد أن يعود الشرق الأوسط إلى السلام الحقيقي والدائم، وسوف نفعل ذلك بشكل صحيح”، وفي خطابه لأنصاره بعد نتائج الفوز الأولية، قال ترمب: “لن أبدأ حروبًا، وسأعمل على إيقافها”. هذه الصيغة التي لطالما طرحها ترمب، كانت في أغلب الأحوال تعبر عن موقف غامض؛ حيث لم يوضح الكيفية التي سيتم بها إنهاء الحرب، ولم يتم وضع خطوات تفصيلية بشأن خطته لإنهاء الحرب، وهو الأمر الذي يجعل البعض يتشكك في تعهداته التي تبدو كأنها كانت مجرد وعود انتخابية.
  • الدعم الضمني لتحركات إسرائيل ضد حماس: ربما كانت السمة الرئيسية الأخرى لخطاب ترامب هي الدعم الضمني لتحركات إسرائيل ضد حركة حماس؛ فاستخدام مصطلح “إنهاء المهمة” في كافة خطاباته الموجهة لإسرائيل، تستحضر بعض التفسيرات المتماشية مع رؤية نتنياهو حول ضرورة “القضاء على حركة حماس”. ويعزز هذه الفرضية الموقف الذي يتبناه ترمب تجاه حماس والأطراف الداعمة لها؛ فعلى سبيل المثال، أشار ترمب، في مؤتمر صحفي في أغسطس 2024، إلى أن المناصرين للفلسطينيين داخل الولايات المتحدة، الذين يطالبون بإنهاء الدعم الأمريكي لحرب إسرائيل “بلطجية من أنصار حماس ومتعاطفون مع التطرف”، داعيًا إلى تعامل أكثر عدوانية مع تلك الاحتجاجات، مشيدًا بجهود الشرطة لإخلاءها بالقوة. ولم يكتف بذلك بل هدد باعتقالهم وترحيلهم من الولايات المتحدة إذا عاد إلى الرئاسة14. كما اقترح أيضًا إلغاء تأشيرات الطلاب الذين يتبنون آراء معادية لإسرائيل. ومن بين 20 وعدًا قدمها الحزب الجمهوري في برنامجه المعتمد للناخبين الأمريكيين، كان الوعد الـ18 هو “طرد المتطرفين المؤيدين لحركة حماس وجعل حرم الجامعات آمنًا ووطنيًا مرة أخرى”15.
  • الربط بين إنهاء الحرب وانتصار نتنياهو:لم يكن ترمب في كافة خطاباته الداعية لإنهاء الحرب في غزة يعبر عن موقف معاد أو مناهض لتل أبيب، بل بالعكس، كان يربط بصورة تلقائية بين إنهاء الحرب وتحقيق الانتصار لإسرائيل. ظهر هذا الأمر صراحة في إفادة ترامب خلال مؤتمر صحفي، في شهر أغسطس الماضي، التي أشار خلالها إلى بعض ما تناوله الاجتماع الذي جمع بينه وبين نتنياهو في شهر يوليو 2024 أثناء زيارة الأخير إلى الولايات المتحدة؛ حيث ذكر ترامب أن “نتنياهو يعرف ما يفعله، شجعته على إنهاء حرب غزة، يجب أن ينتهي بسرعة، لكن بانتصار…. حقق انتصارك وأنه المسألة.. يجب أن يتوقف ذلك، يجب أن يتوقف القتل”16. وصرح ترمب في المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في 19 يوليو الماضي، بأنه “من الأفضل أن يعود الرهائن الإسرائيليون قبل أن أتولى منصبي وإلا سيتم دفع الثمن باهظًا”، متعهدًا بأنه “سيدعم حق إسرائيل في كسب حربها على الإرهاب، بغض النظر عما يحدث”17.
  • الجدل حول فكرة الإطار الزمني للحرب:تثير مقاربة ترمب تجاه الحرب في غزة جدلًا متصاعدًا حول فكرة الإطار الزمني لإنهاء هذه الحرب. صحيح أن ترمب لم يكشف عن تصور محدد للإطار الزمني لإنهاء الحرب، بيد أن بعض التقارير أشارت إلى أن ترمب أبلغ نتنياهو خلال اللقاء بينهما في الولايات المتحدة، في شهر يوليو 2024، أنه يريد إنهاء حرب غزة تزامنًا مع عودته إلى منصبه في البيت الأبيض في يناير 2025. هذا الحديث عن ضرورة إنهاء الحرب بالتزامن مع تولي ترمب منصبه يعكس رغبة الأخير في تحقيق مكسب سياسي في بداية عهده، وحرمان بايدن من أي فرصة للخروج بصورة جيدة من البيت الأبيض، وخاصة أنه كان منخرطًا، بشكل أو بآخر، في الحرب في غزة. ومع ذلك، يظل هذا الإطار الزمني محفوفًا بعدد من التحديات، في مقدمتها رؤية نتنياهو وحساباته الداخلية، وكذلك الوصول إلى صفقة نهائية مع حركة حماس بشأن إطلاق سراح الرهائن.
  • توظيف حرب غزة في الضغط على الديمقراطيين:الأمر المؤكد أن ترمب كان يوظف ملف حرب غزة خلال الشهور الماضية أداة للضغط على الديمقراطيين وفرصهم الانتخابية. وفي هذا الصدد، راح ترمب يهاجم سياسات بايدن وهاريس في كافة المناسبات؛ ففي شهر أغسطس 2024 ذكر ترمب: “منذ البداية تعمل هاريس على تكبيل يد إسرائيل خلف ظهرها، وتطالب بوقف فوري لإطلاق النار”، موضحًا أن أي وقف لإطلاق النار هو لمصلحة حركة حماس؛ لأنه سوف يعطيها الفرصة لالتقاط الأنفاس وتجميع صفوفها وتخطيطها لهجوم جديد يماثل ما قامت به يوم 7 أكتوبر. وقال ترامب في مناظرته الأولى مع بايدن، إن “إسرائيل تريد استمرار الحرب، وينبغي السماح لهم بإنهاء عملهم”. وفي شهر أكتوبر 2024، وخلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا انتقد ترامب بايدن، وذكر: “بايدن يقول لنتنياهو ألا يفعل هذا أو ذاك، وبيبي ببساطة يتجاهل تعليماته ولا يستمع إليه، هل تعلمون؟ لقد عززت إسرائيل موقفها الآن بشكل أكبر مقارنة بما كانت عليه قبل ثلاثة أشهر نتيجة لذلك”18.

أما بخصوص الحرب الإسرائيلية على لبنان، فقد اكتسبت في تصريحات ترمب بعدًا شخصيًا، فابنته الصغرى، تيفاني، تزوجت في عام 2022 من مايكل بولس، وهو أمريكي لبناني، نجل مسعد بولس، الذي هاجر في شبابه إلى الولايات المتحدة. وشارك مسعد بولس في الحملة الانتخابية لترمب، وقام بدور كبير مع الجالية العربية في ولاية ميشيغان. وأشار ترمب إلى أنه تحدث مع مسعد بولس عن كيفية إنهاء الحرب في لبنان19. وفي إطار حديثه إلى الجالية اللبنانية في الولايات المتحدة قبيل الانتخابات، قال ترمب، على منصة إكس يوم 30 أكتوبر 2024: “يستحق أصدقاؤكم وعائلاتكم في لبنان العيش في سلام وازدهار، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا بالسلام والاستقرار في الشرق الأوسط”، وطالب الجالية اللبنانية بالتصويت لصالحه من أجل السلام20.

4- نتائج الانتخابات الأمريكية: فاز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية بفارق كبير على منافسته كامالا هاريس، وحصل على 312 صوتًا في المجمع الانتخابي بنسبة 50.2%، مقابل 226 صوتًا في المجمع الانتخابي بنسبة 48.1% لحساب هاريس. كذلك فاز ترمب بالتصويت الشعبي، بفارق أكثر من خمسة ملايين صوت (علي عكس المرة السابقة في عام 2016 عندما فازت هيلاري كلينتون بالتصويت الشعبي فيما فاز ترمب في المجمع الانتخابي) ما يمنحه شرعية كاملة كقائد منتخب بشكل ديمقراطي. كما حصل ترمب على جميع أصوات الولايات السبع المتأرجحة (بنسلفانيا، وميشيجان، وويسكونسن، وكارولينا الشمالية، وجورجيا، ونيفادا، وأريزونا بواقع 93 صوتًا). فيما تمكن حزبه (الحزب الجمهوري) من تحقيق أغلبية في مجلس الشيوخ (53 مقعدًا من أصل 100 مقعد)، كما حصل الحزب على أغلبية مجلس النواب (218 مقعد من أصل 435 مقعدًا هي العدد الكلي للنواب)21. ما يعني أن ترمب سيعمل بحرية كاملة لتطبيق سياساته، وضمنها السياسات الخارجية للولايات المتحدة، مع التشديد على الشرق الأوسط، وطبعًا العلاقات مع إسرائيل. كما أن ترمب سيكون أكثر تحررًا من جميع الضغوط السياسية خلال ولايته الثانية (باعتبارها الولاية الأخيرة له)22. كذلك فإن ترمب يحمل في عنقه دفع فواتير لأقطاب اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة وعلى رأسهم المليارديرة الصهيونية الأميركية مريم أديلسون التي تبرعت بنحو 100 مليون دولار لحملة ترامب في الانتخابات الأخيرة23.

وفي المقابل، يري البعض أن الانتخابات الأمريكية الأخيرة قد عكست بعض المظاهر الإيجابية لصالح القضية الفلسطينية. فقد كان للصوت العربي والمسلم تأثيرًا في الانتخابات الأمريكية، حيث يبلغ عدد الناخبين العرب والمسلمين 2.5 مليون ناخب أمريكي من أصل 244 مليونًا، وعلى الرغم من أن تصويت الجالية العربية والإسلامية بالعادة لا يكون مهمًا في العملية الانتخابية، فإن الصوت العربي والمسلم تمتع بحضور مهم في الانتخابات الأخيرة، إذ أظهر المرشحان اهتمامًا بأصوات الجالية العربية والمسلمة، وسعى كل منهما إلى استمالة أصواتهم الانتخابية بتقديم وعود خاصة بهم، وقد أثرت أصوات الجالية العربية والمسلمة في تمكين ترمب من الفوز بإحدى الولايات المتأرجحة (ولاية ميشيغان)، بعد قرار جزء كبير من مكونات الجالية بعدم التصويت لهاريس، وكذلك مقاطعة قوائم الديمقراطيين؛ لمعاقبة إدارة بايدن على دعم الحرب في غزة، وربما تشكل انتخابات 2024 مرحلة مؤسسة لدور فعال للجالية العربية والإسلامية في الحياة السياسية الأمريكية.

كما أن الحرب الإسرائيلية علي غزة ولبنان كان لها تأثيرًا علي امتناع بعض الأصوات الديمقراطية من التصويت لصالح هاريس، فقد أظهرت إحصائيات الانتخابات الأخيرة أن كتلة أصوات ترامب بقيت، نوعًا ما، ثابتة عند مقارنتها بانتخابات 2020، فقد حصل ترمب على 74.216.154 صوتًا في 2020، في حين حصل على 75.516.953 صوتًا في 2024. على حين فقد الحزب الديمقراطي حوالي 9 ملايين صوت ناخب في الانتخابات الأخيرة، فبينما حصل جو بايدن في 2020 على 81.268.924 صوتًا، حصلت كامالا هاريس على 72.373.696 صوتًا، ويشير ذلك إلى أن هناك كتلة كبيرة من الحزب الديمقراطي اتجهت إلى الامتناع عن التصويت، فالأصوات لم تتجه إلى دعم ترمب، وإنما امتنعت عن التصويت أو تأييد مرشحة حزب الخضر (جيل ستاين)؛ بسبب تأثير أحداث غزة ولبنان، وضعف سياسات الحزب الديمقراطي في وقف المجازر اليومية بحق المدنيين هناك24.

5- الأسماء المرشحة في الإدارة الجديدة: بعد مرور ما يقرب من أسبوعين على فوز الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية، بدأت ملامح إدارته الجديدة تتشكل بعدما تم الإعلان عن اختياراته لشغل بعض المناصب في الإدارة الجمهورية الجديدة للبيت الأبيض، وخاصة على صعيد السياسة الخارجية. وكان لافتًا فيما يتعلق باختيارات ترمب للشخصيات التي ستشرف على ملفات السياسة الخارجية هو أن أغلبها، إن لم يكن جميعها، شخصيات مؤيدة لإسرائيل. وقد نقلت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، عن دبلوماسي عمل مع نتنياهو قوله إن اليمين الإسرائيلي لم يكن يحلم بمثل هذه التعيينات. وفيما يلي عرض لأبرز المرشحين ومواقفهم من القضية الفلسطينية:

  • ماركو روبيو (وزير الخارجية): يتمتع روبيو بسجل تصويتي مؤيد لإسرائيل في مجلس الشيوخ، ودفع مؤخرًا باتجاه تصنيف منظمة مؤيدة للفلسطينيين كـ”جماعة إرهابية”. كما أعرب روبيو عن دعمه لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، واتهم إدارة بايدن بعدم بذل ما يكفي من الجهد لدعم تل أبيب. وأدان روبيو قرارات بعض الحلفاء الغربيين بتعليق أو تقييد صادرات الأسلحة إلى إسرائيل، بسبب مخاوف بشأن انتهاكات محتملة للقانون الإنساني الدولي. وبعد أن فرضت وزارة الخارجية عقوبات في أغسطس على كيانات إسرائيلية، قالت إنها متورطة في “عنف المستوطنين المتطرفين” في الضفة الغربية، قال روبيو إن الوزارة “تقوض” حليفًا أمريكيًا. وكتب في رسالة إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن: “الإسرائيليون الذين يعيشون بحق في وطنهم التاريخي ليسوا عائقًا أمام السلام؛ بل الفلسطينيون هم العائق”25. وفي فيديو حديث أصبح شائعًا، دعا روبيو إلى “تدمير كل عنصر من عناصر حماس”26.
  • بيت هيغسيث (وزير الدفاع): كان هيغسيث قد اقترح إمكانية إعادة بناء “هيكل جديد على أنقاض جبل الهيكل” وفق التسمية اليهودية للمسجد الأقصى، في خطاب ألقاه في مؤتمر “أروتز شيفع” في القدس المحتلة عام 2018. وهيغسيث من المؤيدين أيضًا لضم المستوطنات الإسرائيلية. كما عارض “حل الدولتين”، قائلًا: “إذا تجولت هناك اليوم، فسوف تدرك أنه لا يوجد نتيجة مثل حل الدولتين. هناك دولة واحدة”. كما دافع عن الانتهاكات التي تعرض لها معتقلون مسلمون في غوانتانامو ودافع ضد إغلاق السجن. وقال هيغسيث في عام 2016: “إذا كنا في حرب مع الإسلام المتطرف، ومع الإسلاموية، فلا يوجد مكان أفضل لإيواء هؤلاء الأشخاص واستجوابهم من خليج غوانتانامو”.
  • مايكل والتز ( مستشار الأمن القومي): نقلت عنه بعض الصحف، في سبتمبر 2024، إن الولايات المتحدة يجب أن تمارس ضغوطًا على حماس وداعميها الإيرانيين، واتهم إدارة بايدن بممارسة “ضغوط أحادية الجانب على إسرائيل لإبرام اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس في غزة”.
  • تولسي جابارد (مديرة الاستخبارات الوطنية): في مسيرتها السياسية، حظيت جابارد بإشادة كبيرة من جانب الجماعات التي تتبنى وجهات نظر معادية للمسلمين ومن أنصار القومية الهندوسية والمؤيدين لإسرائيل. ولسنوات، زعمت أن “الأيديولوجية الإسلامية المتطرفة” تغذي الإرهاب. وانتقدت الرئيس السابق باراك أوباما لعدم استخدامه عبارة “التطرف الإسلامي”. وعلى الرغم من كل آرائها المناهضة للحرب والمناهضة للتدخل الأمريكي، فقد دعمت غابارد حرب إسرائيل على غزة، وعارضت وقف إطلاق النار. وفي الآونة الأخيرة، أدانت جابارد حركة الاحتجاج المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية، واتهمت مئات الآلاف من المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين بأنهم دمى في يد “منظمة إسلامية متطرفة”، في إشارة إلى حماس.
  • ستيف ويتكوف (مبعوث الشرق الأوسط): يعد ويتكوف (اليهودي) من المؤيدين القويين لإسرائيل ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وأشاد بترامب من قبل بشأن كيفية تعامله مع إسرائيل والمنطقة. وحضر خطاب نتنياهو أمام الكونغرس في يوليو الماضي، وقال: “شعرت بالروحانية”، منتقدًا رد فعل الديمقراطيين على خطاب نتنياهو. وقد ساعد مبعوث ترامب الأول إلى الشرق الأوسط، جيسون جرينبلات، في التفاوض على اتفاقيات التطبيع الإسرائيلية مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب.
  • إليز ستيفانيك (سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة): في ديسمبر 2023، شاركت بشكل عدواني في جلسة استجواب لرؤساء الجامعات لعدم بذلهم جهودًا كافية لقمع الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين في الحرم الجامعي في الولايات المتحدة. وأكدت ستيفانيك، وهي حائزة على جائزة أديلسون للمدافعين عن إسرائيل، مرارًا وتكرارًا خلال جلسات الاستماع أن الشعارات المؤيدة للفلسطينيين “من النهر إلى البحر” و”عولمة الانتفاضة” تعادل “دعوات قتل اليهود”. ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، هاجمت ستيفانيك الأمم المتحدة واتهمتها بمعاداة السامية بسبب انتقاداتها للقصف الإسرائيلي على غزة. وفي أكتوبر الماضي، دعت ستيفانيك إلى “إعادة تقييم كاملة” للتمويل الأمريكي للأمم المتحدة، ودفعت باتجاه منع دعم واشنطن لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)27.
  • مايك هاكابي (السفير الأمريكي بتل أبيب): سبق لهاكابي أن أدلى، أكثر من مرة، بتصريحات ترفض حل الدولتين، وتدعم المستوطنات في المناطق المحتلة. وفي مقابلة مع وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية في عام 2015، قال هاكابي، الذي كان آنذاك يترشح لرئاسة الحزب الجمهوري، إن الاعتراف بالضفة الغربية كأرض إسرائيلية سيكون “الموقف الرسمي” لإدارته، مشيرًا إلي أن إسرائيل لديها علاقة تاريخية أقوى بالضفة الغربية من مانهاتن بالولايات المتحدة. وفي مقابلة أجرتها معه قناة “سي إن إن” الأمريكية عام 2017: “هناك كلمات أرفض استخدامها. لا يوجد شيء اسمه الضفة الغربية. هناك يهودا والسامرة. ولا يوجد شيء اسمه استيطان غير قانوني. هناك مجتمعات وأحياء ومدن”. وفي عام 2019، أعرب عن اعتقاده أن لإسرائيل الحق في ضم أجزاء من الضفة الغربية، وجادل بأن أي أرض لدولة فلسطينية مستقبلية يجب أن تؤخذ من الدول العربية وليس من إسرائيل. وكثيرًا ما طالب الحكومة الإسرائيلية بتغيير الوضع القائم في نابلس وغيرها من المدن الفلسطينية كي يتمكن المستوطنون اليهود من الدخول والوصول إلى الأماكن المقدسة الخاصة بهم بحرية ووقتما يشاؤون. وينتمي هاكابي إلى التيارات الإنجيلية المسيحية الأمريكية المؤيدة للصهيونية، ولديه علاقة وثيقة بجماعات جبل الهيكل اليهودية التي تجاهر بسعيها لتدمير المسجد الأقصى من أجل توفير الظروف أمام إعادة بناء الهيكل اليهودي. ويرتبط بشكل خاص بعلاقات قوية مع عضو الكنيست السابق من الليكود الحاخام يهودا غليك، الذي يعد من أبرز قادة جماعات الهيكل في إسرائيل. وكان تحقيق للقناة 12 الإسرائيلية، قبل عام، أورد معطيات أظهرت أن المحسوبين على هذه الجماعات المسيحية المؤيدة للصهيونية في الولايات المتحدة وغيرها يجمعون عشرات الملايين من الدولارات سنويًا ويقدمونها لدعم الاستيطان والجماعات اليهودية التي تعمل على تهويد مدينة القدس، والحركات التي تجاهر بالسعي لتدمير المسجد الأقصى، وأشار التحقيق إلى هاكابي، باعتباره أبرز الداعمين28. وفيما يتعلق بالحرب الإسرائيلية على غزة، دعا هاكابي إلى التهجير القسري للفلسطينيين أثناء الحرب، وانتقد الرئيس جو بايدن بسبب ضغطه على إسرائيل لتخفيف حملتها في غزة، كما عارض دعوات الإدارة الديمقراطية لوقف إطلاق النار هناك، ورأى هاكابي أن الحل الوحيد لإنهاء الحرب في غزة هو استسلام حماس29.

6- تصورات الحكومة الإسرائيلية تجاه ترمب: لم يصرح نتنياهو علانية باسم مرشحه المفضل في الانتخابات الأمريكية؛ لاعتبارات سياسية وتقاليد دبلوماسية تحول دون ذلك، بيد أن المتابع لمواقف نتنياهو يلاحظ أن هناك العديد من الدلائل التي تشير لرغبته في ترجيح كفة الانتخابات الرئاسية لصالح ترمب من خلال إفشاله مساعي إدارة بايدن في توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، خاصة قبل الانتخابات الأمريكية. وهناك أحاديث عن أن نتنياهو ضغط على الناخبين اليهود ليصوتوا لصالح ترامب.

والأمر المرجح أن نتنياهو ينظر بارتياح إلى عودة ترمب إلى البيت الأبيض، وربما يتوقع أن يحصل على المزيد من الدعم الأمريكي في حربه علي غزة ولبنان. كما يعتقد نتنياهو أن فوز ترمب بولاية ثانية سيمنحه حرية أكبر في مواجهة إيران وبرنامجها النووي، وربما استدراج الولايات المتحدة لحرب ضدها، وذلك بما يكنه ترمب من عداء مستحكم ضد الجمهورية الإسلامية. فقد قامت إدارة ترمب بالانسحاب من الاتفاق النووي الذي وقعته إدارة سلفه أوباما في خطوة غير عادية في الأعراف والاتفاقيات الدولية، إذ نادرًا ما ينقض رئيس أميركي اتفاقًا دوليًا وقعت عليه إدارة أمريكية سابقة، دون دفوعات ومسوغات قانونية وسياسية قوية لذلك. وكان ترمب أكثر جرأة من أسلافه الرؤساء الأمريكيين في استهداف القيادات الإيرانية، حينما اغتال الطيران الأمريكي في عملية عسكرية قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني في مطلع عام 2020. لذا يظن نتنياهو أن إدارة ترمب القادمة، إذا حالفه الفوز في هذه الانتخابات، ستكون أكثر خصومة ضد إيران من إدارة هاريس، التي ربما تحاول اتباع الوسائل والضغوط الدبلوماسية قدر المستطاع مع النظام الإيراني30. ناهيك عن أن العلاقات الشخصية بين ترمب ونتنياهو كانت على مستوى متميز على مدار السنوات الماضية، حتى إن نتنياهو وصف ترمب بأنه “أفضل صديق لإسرائيل”31.

ولعل هذه التصورات كانت الدافع خلف مسارعة نتنياهو – الذي كان من أوائل الشخصيات التي سارعت إلى الاتصال بترمب لتهنئته بالفوز – بتهنئة ترمب، قائلًا: “إن عودتك التاريخية إلى البيت الأبيض توفر بداية جديدة لأمريكا والتزامًا متجددًا وقويًا بالتحالف الكبير بين إسرائيل وأميركا. هذا فوز ضخم!”. فيما قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، من على منبر الكنيست بعد تهنئته ترامب: “هذا هو وقت (فرض) السيادة. هذا هو وقت النصر المطلق. هذا هو الوقت المناسب لسن عقوبة الإعدام على الإرهابيين (في إشارة إلى القانون الذي صادق عليه الكنيست في اليوم التالي للسباق الرئاسي الأمريكي والذي يقضي بإبعاد أهالي منفذي العمليات الفدائية داخل إسرائيل). هذا هو الوقت المناسب لمختلف أنواع القوانين، وأنا متأكد من أن رئيس الولايات المتحدة سيتفق معنا فيها. تهانينا لدولة إسرائيل: إلى النصر المطلق”32.

كما تظهر حركات المستوطنين في إسرائيل ترحيبًا بفوز ترمب؛ فعلى سبيل المثال، قال يسرائيل غانتس، رئيس “مجلس يشع”، المنظمة التي تمثل المستوطنين في الضفة الغربية “إن التهديد بإقامة دولة فلسطينية أصبح خارج الحسبان، هذه لحظة تاريخية وفرصة لحركة الاستيطان”. وتابع قائلًا: “مع انتخاب الرئيس ترمب، حان الوقت لتغيير الواقع في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) أيضًا، لضمان بقائها إلى الأبد جزءًا من إسرائيل وضمان أمن الدولة اليهودية”33. ويعلق المستوطنون آمالًا كبيرة على إدارة ترمب في عدة قضايا، أهمها تسهيل إجراءات فرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء من الضفة الغربية، مثل غور الأردن والمستوطنات الكبرى، أو حتى على الضفة الغربية كلها. وستكون لهم مطالب بإلغاء كل العقوبات التي فرضتها إدارة بايدن على عدد من المستوطنات والجمعيات الاستيطانية. إضافة إلى سعيهم إلى الحصول على دعم سياسي وقانوني من إدارة ترمب للاستيطان في شمال قطاع غزة34.

7- موقف حماس من فوز ترمب:  قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في 6 نوفمبر 2024، إن موقفها من الإدارة الأمريكية الجديدة، يعتمد على مواقفها وسلوكها العملي تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة وقضيته العادلة. وأشارت الحركة إلى أن جميع الإدارات الأميركية المتعاقبة، منذ احتلال فلسطين عام 1948، كانت لها مواقف سلبية من القضية الفلسطينية، وكانت دائمًا الداعم الأكبر للاحتلال الإسرائيلي في جميع المجالات. وأضافت أن الإدارة الأميركية السابقة منحت مسارًا منحازًا للاحتلال والعدوان، عبر منح مجرمي الحرب الإسرائيليين غطاءً سياسيًا وعسكريًا، للمضي في أبشع حروب الإبادة، مما أثبت دورها كشريك كامل في قتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين. وطالبت حماس بوقف الانحياز الأعمى للاحتلال الإسرائيلي، والعمل الجاد والحقيقي على وقف حرب الإبادة والعدوان في قطاع غزة والضفة الغربية، ووقف العدوان على الشعب اللبناني، ووقف تقديم الدعم العسكري والغطاء السياسي للاحتلال. وقالت الحركة إن الرئيس الأمريكي المنتخب مطالب بالاستماع للأصوات التي تعالت من المجتمع الأمريكي نفسه منذ أكثر من عام على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، رفضًا للاحتلال والإبادة الجماعية، واعتراضًا على الدعم والانحياز للاحتلال. وتابعت أن على الإدارة الأميركية الجديدة، أن تعي أن الشعب الفلسطيني ماض في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وأنه لن يقبل بأي مسار ينتقص من حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس35.

وربما تلجأ حركة حماس، في هذا السياق، إلى مسارين؛ أحدهما مواصلة الصراع مع إسرائيل وانتظار الخطوة الأولى من ترمب بحيث يقدم مبادرة بشأن الحرب. أما المسار الآخر فيشير إلى إعلان الحركة عن مبادرة لإنهاء الحرب وحل موضوع الرهائن، وهي المبادرة التي ستكون موجهة لإدارة ترمب بهدف الضغط عليها، وربما إحراجها، من أجل ممارسة ضغوط على نتنياهو لإيقاف الحرب36.

ثانيًا: أبعاد السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية بعد عودة ترمب:

في ضوء المحددات السابقة، يمكن استخلاص أبرز أبعاد السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية بعد عودة ترمب كما يلي:

1- الحرب الإسرائيلية على غزة: يمكن القول أن انتخاب ترمب قد يساعد في وقف الحرب الإسرائيلية علي غزة لعدة عوامل، أبرزها:

أ- أن نتنياهو تعمد تخريب محاولات وقف إطلاق النار إلى ما بعد انتهاء الانتخابات الأمريكية بسبب مخاوفه من أن يصب وقف إطلاق النار في صالح بايدن وتضر بفرص فوز ترمب. وعليه، فإنه مع فوز ترمب، لم يعد لدى نتنياهو مانع من الموافقة على إبرام صفقة يساعد بها صديقه ترمب في الظهور بمظهر الرئيس القوي القادر على إيجاد حلول سحرية لأعقد المشكلات الدولية، في مقابل التزام الأخير بتبني سياسة متشددة تجاه إيران، وتقديم دعم أكبر لنتنياهو فيما يتعلق بتصوراته لليوم التالي للحرب سواء فيما يتعلق بإيجاد بديل عن حماس لحكم القطاع أو إنشاء منطقة عازلة أو حتي إعادة الاستيطان في غزة37.

ب- يرى ترمب أن استمرار الحرب الإسرائيلية علي غزة يفرض على الولايات المتحدة تكاليف اقتصادية كبيرة. فقد بلغ إجمالي إنفاق الولايات المتحدة الأمريكية على العمليات العسكرية الإسرائيلية والعمليات الأمريكية ذات الصلة ما لا يقل عن 22.76 مليار دولار، ويشمل هذا الرقم مبلغ 17.9 مليار دولار وافقت عليه حكومة الولايات المتحدة الأمريكية كمساعدات أمنية لإسرائيل في غزة وأماكن أخرى منذ 7 أكتوبر 2023، وإضافة إلى ذلك أوضحت وكالة “أسوشيتد برس” أن 4.86 مليار دولار إضافية ذهبت لتكثيف العمليات العسكرية الأمريكية في المنطقة منذ السابع من أكتوبر العام الماضي، إذ يشمل هذا الرقم الحملة التي تقودها البحرية الأمريكية؛ لقمع الضربات على الشحن التجاري من قبل الحوثيين38. ومن هذا المنظور سيدفع ترمب بشكل أو بآخر نحو إنهاء الحرب، خاصة وأنه يعارض بشدة تقديم مساعدات أمريكية، ويتمسك بتقديم قروض، يجب على الدول إعادة دفعها39.

ج- الأزمات التي تواجهها إسرائيل نتيجة الحرب منذ السابع من أكتوبر 2023، والتي تتمثل أبرزها في؛ الأزمة الاقتصادية، إذ قدرت وزارة المالية التكلفة المباشرة لحرب إسرائيل مع المقاومة الفلسطينية بنحو 100 مليار شيكل (26.4 مليار دولار)، ويعتقد بنك إسرائيل أن المبلغ الإجمالي من المحتمل أن يرتفع إلى 250 مليار شيكل (أي نحو 73 مليار دولار) بحلول نهاية عام 2025، وهو ما يعادل حوالي 12% من الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي، مع التوضيح أن هذه التقديرات جاءت قبل الهجوم البري لإسرائيل على جنوب لبنان ضد حزب الله، ما يعني أن التكلفة المباشرة من المرجح أن ترتفع بشكل كبير مع توسيع جبهة القتال في لبنان40. بجانب أزمة التجنيد، خاصة على أثر استمرار تعطيل ترتيب تجنيد الشباب الحريدي وطلاب المعاهد الدينية، وتراجع نسبة الاستجابة لأوامر التجنيد في قوات الاحتياط التي برزت في الأسابيع الأخيرة. وكان الجيش نشر أخيرًا أن نسبة الاستجابة في قوات الاحتياط تراجعت إلى قرابة 80% في جولة التجنيد الأخيرة، بعد أن فاقت النسبة 100% في بداية الحرب41.

د- قبل أيام قليلة من الانتخابات الأمريكية، ظهر ترمب في أحد المحافل الانتخابية ومعه قادة من المسلمين الأمريكيين الداعمين له. هذا المشهد استبطن وجود تفاهمات بين ترمب وبعض المجتمعات المسلمة داخل الولايات المتحدة حول عدة ملفات، ومنها حرب غزة. وبطبيعة الحال، سيلاحق هذا الوعد ترمب بعد فوزه، وربما ستصعد بعض القوى الداخلية ضغوطها على ترمب للوفاء بوعوده؛ فعلى سبيل المثال، أصدر مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)، بيانًا بعد الانتخابات، طالب فيه ترمب بإعطاء الأولوية للوفاء بتعهده الانتخابي بالسعي إلى السلام في الخارج، بما يشمله ذلك من إنهاء حرب إسرائيل ضد غزة. وقال المدير التنفيذي الوطني لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية نهاد عوض: “نتوقع من جميع المسؤولين المنتخبين أن يعالجوا بصدق المخاوف العاجلة للناخبين المسلمين. وهذا يشمل الرئيس المنتخب ترمب”، وأضاف: “يجب على الرئيس المنتخب أن يفي بتعهد حملته الانتخابية بالسعي إلى السلام في الخارج، بما يشمله ذلك من إنهاء الحرب على غزة. ومع ذلك، يجب أن يكون هذا سلامًا حقيقيًا قائمًا على العدالة والحرية ودولة للشعب الفلسطيني”42.

ه- أن الحديث عن أن فلسطين جزءًا من الصفقة الأكبر التي ستعقد بين ترمب وولي العهد السعودي محمد بن سلمان لتطبيع العلاقات ودمج إسرائيل في المنطقة بوصفها لاعبًا مهيمنًا، مقابل الفتات للفلسطينيين والعرب، أصبح أقل احتمالًا؛ فالآن الرياض والأمير محمد بن سلمان في وضع أفضل عما كانت عليه في العام 2016، وعلاقتها بطهران وأنقرة أفضل من السابق بكثير، وتنوعت علاقاتها على امتداد العالم مع بكين وموسكو وغيرهما، ولم تقتصر على الولايات المتحدة وأوروبا. وبالتالي، فإن السعودية قد تكون في موقف أقوي للتمسك بشروط مثل وقف الحرب علي غزة وانسحاب إسرائيل من القطاع وإقامة دولة فلسطينية علي أراضي الضفة الغربية وغزة مقابل موافقتها علي تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

و- أن الدول الأوروبية ستكون متضررة من السياسة الانعزالية الأمريكية التي ستحمل أوروبا أعباء إضافية، وستمكن من إعطاء فرصة لوقف الحرب الأوكرانية على أساس تثبيت الوضع القائم؛ أي لصالح موسكو نسبيًا على الأقل، وهذا سيجعل أوروبا أو بعض دولها أكثر قدرة على القيام بدور استقلالي أكثر عن واشنطن43، ما يجعلها تضغط بصورة أكبر لوقف الحرب (سواء دبلوماسيًا عبر دعم قرارات إدانة إسرائيل في مجلس الأمن والأمم المتحدة أو سياسيًا عبر الاعتراف بالدولة الفلسطينية أو عسكريًا عبر وقف تصدير السلاح لإسرائيل أو اقتصاديًا عبر تعليق التبادل التجاري واتفاقيات التجارة المشتركة مع إسرائيل أو قضائيًا عبر دعم القضايا المرفوعة ضد إسرائيل في محكمتي العدل والجنائية الدولية)، وعدم السير في فلك السياسة الأمريكية التي تقدم الدعم المطلق لإسرائيل.

ز- لا يمكن إغفال أن بايدن يرغب في الانتقام من نتنياهو ورفاقه في الائتلاف الحاكم من قادة الصهيونية الدينية، لأنه يعتقد أنهم من أسباب خسارة نائبته كامالا هاريس السباق الرئاسي، ويعتبرهم خطرًا على مستقبل دولة الاحتلال التي قال عنها “إن لم تكن هناك إسرائيل لعملنا على إقامتها”. لذا فقد يعمل خلال الفترة المتبقية من ولايته ليس فقط على وقف الحرب، بل قد يدبر مع أجهزة إدارته لإطاحة حكومة نتنياهو الذي بادر إلى إقالة وزير دفاعه يوآف غالانت المعروف بقربه من البيت الأبيض ليلة الانتخابات الأمريكية، في الوقت الذي بدأت فيه تحقيقات قضائية مع موظفين في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بتهم تسريب وتزوير وثائق لها علاقة بالحرب، وهي قضايا تشير بعض التقارير إلى انها كانت تمهد للانقلاب على الائتلاف اليميني الإسرائيلي الحاكم، بدعم أميركي44.

وفي الولايات المتحدة، تُعرف الفترة بين الانتخابات الرئاسية (في نوفمبر) وتنصيب الرئيس الجديد (في 20 يناير من العام التالي) بمرحلة “البطة العرجاء” في إشارة إلى الأيام الأخيرة لبقاء الرئيس في الحكم، واستلام الرئيس المنتخب مهامه رسميًا. وفي هذه الفترة قد يلجأ الرئيس بايدن إلي ممارسة ضغوطات قوية علي إسرائيل من أجل إنهاء الحرب في غزة، حتى لو تطلب ذلك اتخاذ قرارات امتنع عن اتخاذها طوال الفترة السابقة، بينها عرقلة توريد شحنات السلاح الأمريكي إلى إسرائيل، والامتناع عن استخدام حق النقض “الفيتو” ضد القرارات التي قد تدين إسرائيل في مجلس الأمن، وتوسيع دائرة العقوبات ضد عناصر من اليمين المتطرف في إسرائيل45.

يستند هذا التقدير إلى الرسالة التي أرسلها وزيرا الخارجية والدفاع في إدارة بايدن، أنتوني بلينكن ولويد أوستين، والتي حذرا فيها من أنه إن لم تحسن إسرائيل عملية نقل المساعدات الإنسانية إلى غزة في خلال 30 يومًا، وتتجنب التشريع ضد وكالة غوث اللاجئين “أونروا”، وتسمح للصليب الأحمر بزيارة الأسرى الفلسطينيين الذين اعتقلهم الاحتلال منذ بداية الحرب، فإن هذا الأمر قد يؤدي إلى وقف التأييد الأمريكي، بما في ذلك في مجال السلاح46. وفعليًا، فقد انتهت هذه المدة تقريبًا، دون تنفيذ إسرائيل لأي من المطالب الأمريكية.

وفي هذا السياق، دعا ما يقرب من 90 عضوًا ديمقراطيًا في الكونغرس الأمريكي، الرئيس جو بايدن إلى فرض عقوبات على وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير لدورهما في التحريض على عنف المستوطنين في الضفة الغربية، وإضعاف السلطة الفلسطينية، وتسهيل الضم الفعلي وغير القانوني، وزعزعة استقرار الضفة الغربية47.

فيما زعمت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن وزارة الحرب الإسرائيلية وقعت صفقة ضخمة لشراء نحو 130 جرافة من طراز “دي 9” من مصانع “كاتربلر” الأمريكية، لكن واشنطن جمدت الصفقة مؤخرًا بسبب استخدام الجرافات في هدم المنازل بغزة. وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة لا تزال تجمد تسليم مئات القنابل الثقيلة إلى القوات الجوية الإسرائيلية، حيث اشترت إسرائيل من شركة بوينغ حوالي 1300 قنبلة، وقالت: “نصف هذه الشحنة، التي جمدتها الإدارة الأمريكية قبل نحو 6 أشهر وأثارت ضجة، تم الإفراج عنها ووصلت إلى الجيش الإسرائيلي، لكن نصفها تقريبًا لا يزال عالقًا في المستودعات في الولايات المتحدة”. وتابعت بأن “التأخير في نقل الجرافات والقنابل الثقيلة ينضم إلى التجاهل الذي تلقته إسرائيل من الولايات المتحدة أيضا في ما يتعلق بشراء مروحيات أباتشي القتالية”48.

ورغم صعوبة قيام إدارة بايدن بعرقلة شحنات السلاح؛ لأنه لا ينهي إرثه السياسي بمشكلات مع إسرائيل، وهو الذي يعتبر نفسه “صهيونيًا”. بالإضافة إلى ذلك، يدرك بايدن أنه حتى لو فرض حظرًا علي السلاح لإسرائيل، ففي إمكان ترمب أن يلغيه يوم دخوله إلى البيت الأبيض. وبناءً عليه، لا تبدو فرص الحظر كبيرة. والأكثر منطقية، أنه إذا أراد الانتقام من نتنياهو فسيكون ذلك في مجلس الأمن، ومن خلال الامتناع عن استخدام “الفيتو” ضد قرارات لا تلائم إسرائيل، تمامًا مثلما فعل الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، في ديسمبر 2016، عندما سمح أوباما بتمرير قرار إدانة الاستيطان في مجلس الأمن بعد امتناع المندوب الأمريكي عن استخدام “الفيتو” لإيقافه، واعتبرت دولة الاحتلال وقتئذ أن خطوة أوباما ورطتها من الناحية القضائية وربما مهدت الطريق أمام رفع دعاوى ضدها في المحاكم الدولية49.

وفي هذا السياق، كشفت صحيفة “إسرائيل اليوم”، في 19 نوفمبر 2024، عن اعتزام إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي يعارض فرض إسرائيل سيطرتها على الضفة الغربية المحتلة. ونقلت الصحيفة عن مصدر أمريكي مقرب من إدارة بايدن قوله إن القرار سينص على أن “وجود إسرائيل في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) والقدس الشرقية، بما في ذلك البلدة القديمة، ينتهك القانون الدولي”. وأشار المصدر إلى أن مجلس الأمن القومي الأميركي يقوم حاليا بصياغة مشروع القرار، دون تحديد تاريخ لتقديمه إلى مجلس الأمن50.

ويعتقد البعض أن ثمة مخارج لتحقيق ترمب وعده بإنهاء الحرب على غزة، منها الآتي:

  • التدخل الدبلوماسي بشروط إسرائيلية:قد يسعى ترمب إلى إنهاء الحرب عبر مفاوضات أو وساطة، ولكن بشروط تميل لصالح إسرائيل، مثل نزع سلاح حركة حماس ومنعها من حكم القطاع أو الحصول على ضمانات بعدم تدخل حزب الله في النزاع. من شأن ذلك أن يمنح إسرائيل اليد العليا، بينما يمكن لترمب الادعاء بأنه “أوقف الحرب” عبر صفقة تمنع التصعيد.
  • صفقة ضغط سريع لإنهاء النزاع مؤقتًا:يُعرف ترمب بميوله لإنجاز الصفقات بشكل سريع ودرامي. قد يعمل على وقف إطلاق النار عبر فرض شروط قاسية على الأطراف الفلسطينية واللبنانية، مقابل وعود بتحسين الوضع الاقتصادي أو تخفيف الحصار، ولكن من دون حل جذري للصراع، أي أنها ستكون تسوية قصيرة الأجل وليست حلًا دائمًا51.
  • سيناريو إعادة طرح صفقة القرن: وجوهرها التلويح بحوافز اقتصادية واستثمارية للفلسطينيين، يكون من شأنها إعادة الإعمار، وإعادة بناء الاقتصاد، وتحسين مستويات المعيشة. ويتطلب ذلك مبالغ هائلة من المال لن يكون ترمب مستعدًا لتوفيرها من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين؛ ومن ثم سوف يعمل على تحفيز عدد من الدول العربية الغنية ودول الاتحاد الأوروبي للمساهمة في هذا الأمر. ويعترض سبيل هذا السيناريو، الموقف الإسرائيلي المتمثل في إصراره على السيطرة العسكرية، وأنشطة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وموقف الفصائل الفلسطينية الرافض لمثل هذا الحل، عندما لا يرتبط بمسار ينتهي بإقامة دولة فلسطينية.
  • سيناريو عقد ترمب صفقة مع إيران: ينهي بها العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها ويحقق لها بعض طموحاتها، في مقابل توقف برنامجها النووي وتوقفها عن دعم وكلائها بالمال والسلاح؛ ومن ثم يضطرون إلى وقف الحرب. ويعترض سبيل هذا السيناريو أيضًا، الموقف الإيراني ومدى استجابته لمثل هذا الطرح، والموقف الإسرائيلي المصمم على تدمير القدرة النووية الإيرانية52

2- القضاء علي فكرة حل الدولتين: صرح ترمب خلال مقابلة نشرتها مجلة “تايم” الأمريكية في 30 أبريل 2024، بأنه “كان يعتقد أن حل الدولتين قد ينجح، ولكنه الآن يعتقد أن ذلك سيكون صعبًا للغاية تحقيقه”53. ويشير البعض إلي أن ترمب قد يكون أكثر تجاوبًا مع نتنياهو في هذا الشأن، وربما سيكون أكثر قبولًا لسيناريوهات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة والضفة الغربية. فالأردن في خريطة “صفقة القرن” هو البلد الذي يطمح نتنياهو إلى جعله “الوطن البديل”؛ فالقضاء على الطموح الفلسطيني بدولة لا يمكن أن يتم إلا عبر تهجير الفلسطينيين في الضفة الغربية إلي الأردن، ويتخوف الأردن أيضًا من أن يكون ذلك تمهيدًا لضم الضفة الشرقية (أي الأردن) لتنفيذ مخطط إسرائيل الكبرى.

كما أن ذلك يقتضي إحياء طموحات الترانسفير من غزة إلى مصر، وهي طموحات لاحت في بداية الحرب، إلا أن نتنياهو لم يجد من يسهل له تحويلها إلى واقع؛ فالعلاقة بين ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تنطوي على احتمال تحقيق ذلك مقابل دفع بعض الأثمان الاقتصادية. وقد يتم الاتفاق علي تهجير نصف سكان غزة إلي سيناء مقابل إعفاء مصر من ديونها، مضافًا إليها إغراءات استثمارية. وما يتبقى من سكان غزة يمكن تحويلهم إلى قوة عمل في المشهد الاستثماري، بعد أن يتحول القطاع إلى شاطئ سياحي يحاكي المدن السياحية المصرية التي نمت في ظل سلطة السيسي. هذا احتمال يجب علينا ألا نستبعده54.

كذلك فإن الحديث عن اشتراط السعودية “حل الدولتين” للتطبيع مع إسرائيل، وبالمقارنة مع إعلان الإمارات العربية أنها أقدمت على التطبيع لوقف الضم عام 2020، فإنه قد تحصل مساومة من نوع ما في ظل السعي لعقد صفقة تطبيع سعودية إسرائيلية، تحتاج فيها السعودية إلى أي إنجاز، ولو كان شكليًا، فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فإنه يمكن أن تقدم السعودية على التطبيع معلنة وقف ضم الضفة الغربية مقابله55.

ناهيك عن أن الكنيست الصهيوني (البرلمان)، سن قانونًا في يوليو 2024؛ برفض الدولة الفلسطينية بأغلبية ساحقة، حيث صوت 99 نائبًا لصالح القانون من أصل 120 عضو كنيست. أيضًا شرع الكنيست في العام 2018، قانون القومية اليهودية، “قانون أساس”؛ يدعم فيه الاستيطان، ويحصر حق تقرير المصير باليهود على أرض فلسطين التاريخية، أي عدم الاعتراف بالفلسطينيين كشعب أو قومية يحق لهم الاستقلال وتقرير المصير في دولة فلسطينية56.

3- توسيع عملية الاستيطان: عاد مخطط ضم الضفة الغربية المحتلة للسيادة الإسرائيلية إلى النقاش السياسي في إسرائيل، وذلك تزامنًا مع فوز ترمب بانتخابات الرئاسة الأمريكية. فقد سارع عراب مخطط “الضم والتهجير”، وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، بالقول: “أنه يأمل أن توسع إسرائيل سيادتها لتشمل الضفة الغربية المحتلة في 2025، وأنه سيدفع الحكومة نحو التواصل مع إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب لكسب دعم واشنطن”. وأضاف سموتريتش، الذي يضطلع أيضًا بدور الإشراف على المستوطنين في وزارة الدفاع في إطار اتفاق تشكيل الائتلاف الحاكم مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أنه “يأمل أن تعترف إدارة ترمب القادمة بالمسعى الإسرائيلي لفرض السيادة”. ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن سموتريتش قوله إن “ثمة إجماعًا في إسرائيل بعدم السماح بإقامة دولة فلسطينية”، مؤكدًا أنه “وجه ببدء التحضيرات اللازمة لفرض السيادة (الإسرائيلية) على الضفة الغربية”57.

فيما نقلت “هيئة البث” الإسرائيلية عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تأكيده بمحادثات مغلقة خلال الأيام الماضية ضرورة إعادة قضية ضم الضفة الغربية لجدول أعمال حكومته عند تسلم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب مهامه في 20 يناير المقبل. وذكرت هيئة البث نقلًا عمن وصفتهم بالمقربين من نتنياهو قولهم إن “خطط ضم الضفة الغربية لإسرائيل موجودة بالفعل، وعملت عليها إسرائيل منذ عام 2020 خلال الولاية الرئاسية الأولى لترمب كجزء مما تسمى بصفقة القرن”. وأضافوا أن “الخطط تتضمن خرائط مفصلة وأوامر توسيع المستوطنات وصياغة لقرار حكومي”58.

كما التقى نتنياهو برئيس مجلس “بنيامين” الاستيطاني يسرائيل غانتس، لمناقشة تداعيات تغيير الإدارة الأمريكية على مستقبل يهودا والسامرة (أي الضفة الغربية). وقال غانتس لنتنياهو: “يمكنك تحديد مصير إسرائيل لـ100 عام مقبلة، الآن هو الوقت المناسب للتحرك لتعزيز مصير دولة إسرائيل من خلال بسط السيطرة على يهودا والسامرة”. وقالت صحيفة “يسرائيل هيوم” إن أوساطًا مسؤولة في الحكومة بدأت بإعداد خطط في هذا الموضوع، بينما اجتمع في مستوطنة معاليه أدوميم، رؤساء المجالس المحلية لمستوطنات الضفة وقادة المستوطنين بهدف بلورة خطط عمل توطئة للتغيير المرتقب في الإدارة الأمريكية في يناير المقبل59.

وفي خطوة ذات دلالة، فقد عين نتنياهو يحيئيل لايتر سفيرًا لإسرائيل في الولايات المتحدة مكان السفير الحالي مايك هرتسوغ. ويُعرف عن لايتر بأنه ناشط في جماعات الاستيطان في المناطق المحتلة، وخصوصًا في البلدة القديمة في الخليل60. كما أنه ليتر يمثل الجناح الأيديولوجي للمستوطنين والاستيطان، وقضم ومصادرة أراضي الفلسطينيين في الضفة، ما يجعل اختياره محملًا بتطلعات نتنياهو من الإدارة الجديدة: ضم مستوطنات الضفة الغربية، وربما أيضًا ضم شمال قطاع غزة وإن بالتدريج، بعد طرد سكانه الفلسطينيين61.

وعمليًا ثمة خطة جاهزة في إسرائيل منذ عام 2020 تستهدف فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق واسعة في الضفة وليس كل الضفة، ويشمل ذلك منطقة الأغوار الحدودية، وجميع مستوطنات الضفة الغربية، في المنطقة “ج”. وتشكل المنطقة “ج” ثلثي مساحة الضفة، بما في ذلك منطقة الأغوار التي تضم كثيرًا من المستوطنات، وتبلغ مساحتها 28 في المائة من مساحة الضفة. ويوجد في الضفة بشكل عام نحو 144 مستوطنة رسمية وأكثر من 100 بؤرة استيطانية، تجثم على نحو 42 في المائة من مساحة الضفة الغربية (المستوطنات ومناطق نفوذها)، ويعيش فيها نحو 600 ألف مستوطن62.

وتجدر الإشارة إلي أن سياسة الضم قد بلغت أوجها خلال حرب الإبادة على قطاع غزة، وذلك من خلال إجراءات مختلفة، منها التوسع في البناء الاستيطاني، وإقامة البؤر الاستيطانية، ثم التوجه إلى شرعنتها. فمنذ بداية حرب الإبادة على غزة، أقيمت 43 بؤرة استيطانية جديدة في الضفة الغربية، وهو رقم حطم كل الأرقام القياسية السابقة، فمنذ عام 1996 وحتى عام 2023 كانت تقام قرابة 7 بؤر استيطانية جديدة بالمتوسط سنويًا. وقد أعلنت حكومة الاحتلال في يونيو 2024 عن البدء بعملية شرعنة 70 بؤرة استيطانية، واعتبار ثلاثة أخري كأحياء في مستوطنات قائمة، إضافة إلى الإعلان عن إقامة خمس مستوطنات جديدة، وهي في الأساس بؤر استيطانية قائمة منذ مدة، مع الإشارة إلى أن دولة الاحتلال كانت توقفت بشكل رسمي عن إقامة مستوطنات جديدة منذ اتفاق أوسلو، إلا في حالات محددة، ولكنها استمرت في توسيع المستوطنات القائمة ودعم إقامة البؤر الاستيطانية وضمها كأحياء جديدة للمستوطنات القائمة. وقد ترافق ذلك مع تخصيص ميزانيات هائلة لدعم المستوطنات والبؤر الاستيطانية، ومدها بالبنى التحتية من شوارع ومياه وكهرباء وأمن. وإضافة إلى ذلك حدثت طفرة غير مسبوقة في الإعلان عن أراضي الدولة، إذ بلغ عدد الدونمات المعلن كأراضي دولة منذ بدء حرب الإبادة أكثر من 24 ألف دونم، وهو رقم يعادل نصف ما أعلن كأراضي دولة منذ عام 1993 وحتى عام 2023.

من ناحية أخرى، لعلها من الأخطر والأهم، فقد تصاعد تهجير الفلسطينيين من أراضيهم في الضفة الغربية، وقد كان التركيز منصبًا في السنوات الأخيرة على التجمعات البدوية مع التركيز على منطقة الأغوار من شمال الضفة إلى جنوبها، ومنطقة جنوب الخليل، ووسط الضفة الغربية. ومنذ اندلاع حرب الإبادة على قطاع غزة تصاعدت وتيرة التهجير التي تستهدف التجمعات البدوية، في عموم الضفة الغربية، لمستويات مثيرة للقلق، ضمن هدف إفراغ مناطق ج من أي وجود عربي. وقد أدى ذلك إلى تهجير عشرات التجمعات البدوية من أراضيها، وما زالت بقية التجمعات تواجه اعتداءات وانتهاكات يومية لدفعها للهجرة من أرضها. وفي حين تشكل مناطق ج ما نسبته 62% من مساحة الضفة الغربية، فإن عدد سكانها لا يتجاوز 9% من عدد الفلسطينيين في الضفة الغربية على أكثر تقدير63.

وقد وظف سموتريتش الحرب الحالية علي غزة للمضي قدمًا في مخطط الضم ضمن توسيع المستوطنات وتسريع فرض السيادة على الضفة، وذلك عبر نقل مهام الإدارة في الضفة من الجيش الإسرائيلي إلى المدنيين (المستوطنين)؛ لأن لدى المستوطنين قناعات بأن جيش الاحتلال يقف عائقًا أمام المشروع الاستيطاني. حيث أوكل سموتريتش كافة صلاحيات الحياة اليومية للفلسطينيين بالضفة، إلى نائب رئيس الإدارة المدنية هيلل روث، الذي عينه للشروع بتطبيق الخطة على أرض الواقع. وروث هو صاحب القول الفصل في حياة الفلسطينيين بمختلف مناحي الحياة، فهو الذي يحدد مناطق البناء، ويدير سجلات الأراضي، ويطرح المناقصات للاستيطان، ويوقع على أوامر مصادرة الأراضي لشق الطرق الاستيطانية. ويعتزم سموتريتش من خلال هذه الآلية التي يقودها روث إلي تأهيل وبناء عشرات المستوطنات الجديدة، واستقدام نصف مليون مستوطن آخرين إلى الضفة خلال ولاية الحكومة الممتدة حتى أكتوبر 2026، ما يرفع عددهم الإجمالي إلى مليون ونصف المليون.

أما الجزء الثاني من الخطة، فهو الدفع نحو انهيار السلطة والاقتصاد الفلسطيني من خلال سلب عائدات الضرائب وتقويض موازنة السلطة الفلسطينية، واستهداف البنوك والنظام المالي، والكهرباء، والمياه، والبناء والعقارات64.

وهذه الخطط الإسرائيلية لتوسيع الاستيطان في الضفة الغربية تتوافق مع طموحات ترمب الاستيطانية في فلسطين. حيث قال ترامب، في أغسطس الماضي، أن “مساحة إسرائيل تبدو صغيرة على الخارطة ولطالما فكرت كيف يمكن توسيعها”65. وقد ارتبط ترمب بسياسة الاستيطان قبل دخوله مضمار السياسة بأعوام طويلة؛ إذ تبرعت مؤسساته للمشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية بشكل علني على الأقل منذ بداية الألفية الحالية. فارتبط اسمه بمستوطنة “بيت إيل”، شمال مدينة البيرة، بشكل خاص. وبقيت الصلات عميقة بعد دخوله البيت الأبيض؛ إذ بقي ترمب يدور في فلك الاستيطان في الضفة الغربية من نواح عدة؛ كان أبرزها اختياره لديفيد فريدمان صاحب السجل الطويل في تمويل ودعم الاستيطان سفيرًا للولايات المتحدة في إسرائيل. كما أن الدائرة المقربة من ترمب مثل عائلة جاريد كوشنر، صهر ترمب وأحد مساعديه المقربين، متورطة بدعم مشاريع استيطانية في الضفة.

عدا عن دعمه المباشر للاستيطان، يرتبط ترمب بمجموعة من المنظمات الأمريكية التي تتلبس بلبوس “المنظمات الخيرية” وتجمع الأموال لصالح مستوطنات الضفة، بينما تمسك باليد الأخرى الجزرة التي يسعى لها ترمب، وهي تقديم الدعم المالي لحملاته الانتخابية وحشد أصوات الناخبين له. من أبرز هذه المنظمات؛ المنظمة الصهيونية في أمريكا، والائتلاف اليهودي الجمهوري. ولا يقتصر الأمر على المنظمات اليهودية الأمريكية إذ تتفوق عليها المنظمات الصهيونية المسيحية وعلى رأسها منظمة مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل.

كما لا يقتصر الدور المظلم لشراء السياسة بالمال على المنظمات غير الربحية؛ إذ كشفت تحقيقات صحفية أخرى عن تورط شركات أمريكية عملاقة مثل “بنك أميركا” و”شركة فايزر للصناعات الطبية” بتمويل ودعم الاستيطان في الضفة، ولدى تتبع علاقة هذه الشركات العملاقة بإدارة ترمب مسبقًا، يتكشف الدعم المالي الذي قدمته هذه الشركات للإدارة وحملاتها الانتخابية.

وينضم لهؤلاء بعض العائلات الثرية المشهورة الداعمة لترمب والممولة للاستيطان في الآن ذاته، وفي هذا المضمار تحتل عائلة شيلدون أديلسون رأس الهرم، وتعتبر زوجته ميريام أديلسون رأس الحربة في حملة تمويل انتخاب ترمب لعام 2024، كما كانت كذلك في انتخابات 2016 و2020. وقد تسربت الشائعات حول الدعم المالي السخي الذي قدمته العائلة لترمب في انتخابات 2016 كثمن لنقل السفارة الأميركية للقدس، وعرضت العائلة تقديم دعم مالي مباشر لإدارة ترمب كثمن لدعمه خطة ضم الضفة إلى “إسرائيل”. عائلة أخرى هي عائلة المليونير الأميركي روبرت ميركر وابنته ريبيكا ميركر، التي تحتل منصبًا في مجلس إدارة منظمة الصهاينة الأمريكيين المعروفة بتوجهاتها الاستيطانية. الاسم الثالث الذي ينضم لمجموعة المتنفذين والأثرياء الداعمين لترمب والمسوقين في الوقت عينه لسياسة الاستيطان، هو المليونير الأميركي صاحب صندوق هيدج لقبض الديون بول سينجر، الذي يتبرع بمبالغ ضخمة لمؤسسات تعليمية تعمل في المستوطنات أو تمول مشاريعها66.

وفي هذا السياق، ترجح أغلب التحليلات أن تعترف إدارة ترمب الجديدة بالسيادة الإسرائيلية على المستوطنات وليس على كامل الضفة67. حيث أن خطة ترمب للسلام التي كشف عنها صهره جاريد كوشنر في فترة ولايته الأولى كرئيس، تضمنت ضم إسرائيل لثلث الضفة الغربية، وليس كل الضفة، ومن غير المرجح أن ينحرف عن هذا الموقف68. كما تراهن الحكومة الإسرائيلية – وهو أمر مرجح الحدوث بالفعل – علي موافقة ترمب علي ضم شمال قطاع غزة لإعادة استيطانه69، فالقطاع في نظر ترمب ليس سوى شريط ساحلي يستطيع إخلاء سكانها الفلسطينيين منها، وتحويلها إلى منتجعات وملاه بحرية سياحية عالمية70. ومما يدعم هذه الترجيحات، أن ردود الفعل الدولية والعربية التي فشلت في وقف الحرب علي غزة لأكثر من عام لن تكون أقوي من ردة فعلها علي قيام إسرائيل بضم جزء من الضفة الغربية وقطاع غزة. كما أنه في إطار المقايضات التي ستجري بين ترمب ونتنياهو، فمن الممكن أن يقدم الأخير هدية لترمب بوقف الحرب، وفي المقابل سيعده ترمب بامتيازات تتعلق بتوسيع الاستيطان في الضفة وغزة71.

4- مزيد من تهويد الأقصى والقدس:سيوفر ترمب غطاء أكبر وأوسع لنتنياهو وتحالفه للمضي قدمًا في برامج تهويد الأقصى والقدس72. ولن يتردد ترمب في القول إن اليهود لهم حق في الصلاة بمكان خاص ومستقل في المسجد الأقصى بفرض التقسيم المكاني على مستوى رسمي، وقد تنفذ تغييرات على الأرض باقتطاع مساحة عبر وضع الحواجز والسواتر، على غرار ما تم فرضه في الحرم الإبراهيمي بالخليل73. خاصة وأن الحليف الأقوى لنتنياهو في إسرائيل، أي تيار الصهيونية الدينية، يرى أن قضية الأماكن المقدسة وتحديدًا المسجد الأقصى المبارك تعتبر بالنسبة له قضية مبدئية جوهرية لا يمكن أن يتنازل فيها عن هدفه المعلن بتأسيس معبد يهودي في المسجد الأقصى.

ولا يوجد ما يمكن أن يشير إلى أن ترمب لن يكون داعمًا لهذا التوجه، وأن يضع المسجد الأقصي “خارج الطاولة”، بعد أن وضع القدس “خارج الطاولة” عندما اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل عام 2017. ولا ننسى هنا أن صهر ترمب، جاريد كوشنر عراب ما كان يسمى “صفقة القرن”، كان من أشد المنادين بفكرة فتح المسجد الأقصى المبارك “لجميع المؤمنين” لأداء الصلوات على حد تعبيره، وغني عن القول هنا أن هذا التعبير يشير في الحقيقة إلى فتح المسجد الأقصى لصلاة اليهود تحديدًا بحرية كاملة، وهو ما يقوم بتنفيذه حاليًا زعماء تيار الصهيونية الدينية وعلى رأسهم وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير وشرطة الاحتلال على قدم وساق، في مقدمة لبناء معبد داخل المسجد والسيطرة عليه بالكامل.

كما أن التيار المسيحي الخلاصي الذي يسيطر حاليًا على الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة ليس بعيدًا بدوره عن هذه التوجهات والمطالبات، فرجل الدين المسيحي المتطرف جون هاغي – على سبيل المثال – يعد أحد الأصوات المنادية علانية بتحقيق بناء المعبد الثالث في مكان المسجد الأقصى المبارك لتسهيل “نزول المسيح المنتظر”، وهذا الشخص يعتبر من أكثر رجال الدين نفوذًا في تيار المحافظين الجدد بالحزب الجمهوري الأمريكي، وكان يُدعى باستمرار إلى البيت الأبيض في فترة رئاسة ترمب الأولى، وهو ذو كلمة مسموعة بين مؤيدي هذا الحزب74.

5- إزالة الضغوط الدولية علي إسرائيل: فمن المتوقع أن يعمل ترمب على منع أو عرقلة أي ضغوط أو تحقيقات دولية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان التي قد تتهم بها إسرائيل خلال حربها على غزة أو لبنان، مثلما حدث في موقفه السابق من المحكمة الجنائية الدولية في ديسمبر 2019، عندما هدد المحكمة برد سريع وقوي في حال اتخذت أي إجراء يستهدف بلاده أو إسرائيل أو غيرهما من حلفاء واشنطن، وذلك علي خلفية طلب التحقيق في جرائم القوات الأمريكية في أفغانستان. وبالفعل، رفضت الغرفة الابتدائية في المحكمة الجنائية الدولية طلب المدعي العام للمحكمة بشأن فتح تحقيق في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يفترض أنها ارتكبت في أفغانستان، بدءًا من مايو 2003، وعللت قرارها بأن تحقيقا كهذا في المرحلة الحالية لا يخدم مصالح العدل، وأضافت أن “الظروف الراهنة في أفغانستان تحد من آفاق إجراء تحقيق ناجح”. فيما كانت حقيقة الرفض تتعلق بتهديد الإدارة الأمريكية بفرض عقوبات علي المحكمة، ورفض منح تأشيرات لموظفي المحكمة الذين لديهم صلة بالتحقيق في جرائم الجنود الأمريكيين في أفغانستان. كما هددت واشنطن قضاة ومدعي المحكمة، على لسان مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، بتجميد حساباتهم البنكية، ومنعهم من دخول الأراضي الأمريكية، ومحاسبتهم قضائيًا إذا واصلوا التحقيق في جرائم الجنود الأمريكيين والإسرائيليين وغيرهم من مواطني الدول الصديقة لأمريكا75.

كما أن إدارة ترمب، وعبر وزارة الخارجية الأمريكية، قد أعلنت، في أكتوبر 2017، انسحابها من المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، بسبب استمرار انحياز المنظمة ضد إسرائيل76. وقد جاء القرار علي خلفية تعرض المنظمة لتنديد إسرائيلي شديد بسبب انتقاداتها المتكررة احتلال إسرائيل للقدس الشرقية، وتصنيف مواقع أثرية إرثًا فلسطينيًا، وتأمين العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة. ففي عام 2011، أصبحت اليونسكو أول منظمة تابعة للأمم المتحدة تقبل فلسطين كعضو كامل العضوية؛ ونتيجة لذلك، توقفت إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما عن دفع مساهماتها السنوية البالغة 80 مليون دولار، والتي تمثل حوالي 22 بالمائة من الميزانية الإجمالية للمنظمة، فهناك قانون أمريكي ينص على قطع الأموال عن المنظمات التابعة للأمم المتحدة، عندما تعترف بفلسطين كعضو كامل العضوية. وفي عام 2016، أصدرت اليونسكو قرارات تجاهلت علاقات اليهودية بالأماكن المقدسة في القدس، حسبما يقول مسؤولون إسرائيليون؛ فعلى سبيل المثال، تم ذكر مجمع قبة الصخرة باللغتين العربية والإنجليزية فقط، ودون ذكر للاسم العبري. وفي عام 2017، اعتمدت اليونسكو قرارًا آخر، لقي هو أيضًا استنكارًا في إسرائيل؛ فالمنظمة الدولية أعلنت أن البلدة القديمة في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة، “منطقة الحرم الإبراهيمي” بما في ذلك المقبرة التي يسميها اليهود بـ”قبر البطاركة” منطقة محمية من بين مناطق التراث العالمي بصفتها موقعًا “يتمتع بقيمة عالمية استثنائية”، وأدرجت المكان كمنطقة فلسطينية فقط وليس كإسرائيلية أيضًا77.

وفي ضوء ذلك، قد تساهم عودة ترمب في رفع بعض العقوبات التي فرضتها واشنطن على عدد قليل من المستوطنين. وربما تعول إسرائيل على تأثير ترمب لصالحها بالقضية المرفوعة ضدها في المحكمة الجنائية الدولية، وتجنب إصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين آخرين ضالعين في جرائم الحرب في غزة. وقد يؤثر ترمب أيضًا لصالح دولة الاحتلال في الدعوى المرفوعة ضدها في محكمة العدل الدولية في لاهاي وتتهمها بارتكاب جرائم حرب78.

كذلك، سيدعم ترمب توجهات الحكومة الإسرائيلية ضد “الأونروا”، واعتبارها “كيانًا إرهابيًا”، وسيسعى إلى شطبها وإلغائها على المستوى الدولي79؛ نظرًا إلى سجله في معاقبة الفلسطينيين بقطع الإغاثات الإنسانية عنهم، مما يعني مواجهة الشعب الفلسطيني لواقع جديد يزيد من تعقيد الأوضاع السياسية والاقتصادية والإنسانية80.

الخلاصات والاستنتاجات:

  1. بالرغم من كون الفروقات بين الحزبين: الديمقراطي والجمهوري، فيما يتعلق بمبدأ دعم إسرائيل، شبه معدومة، فإنه ينبغي الاعتراف أنه عندما يتعلق الأمر بطريقة دعم إسرائيل فإن هناك اختلافات جوهرية بين الطرفين. فالديمقراطيون يعتبرون أن من واجبهم الحفاظ على إسرائيل حتى من نفسها، وبالتالي فإن نظرتهم إلى التيار اليميني الصهيوني الديني المسيطر حاليًا على إسرائيل نظرة سلبية عمومًا، إذ يرون في هذا التيار خطرًا على مشروع إسرائيل نفسه. أما الحزب الجمهوري فإنه اليوم بات تحت سيطرة التيار الإنجيلي الخلاصي الذي يرى في تيار الصهيونية الدينية الإسرائيلي حليفًا وثيقًا له، وواحدًا من الجهات التي تشاركه جزءًا مهمًا من المبادئ الدينية التي يؤمن بها هذا التيار، وهذا ما يلقي بظلاله على رؤيته وقراراته السياسية، وهذه مسألة ينبغي عدم تجاهلها عند تقييم مقاربات هذه المجموعات الأيديولوجية سواء على صعيد السياسة الخارجية الأمريكية أو السياسة الداخلية الإسرائيلية81.
  2. تكشف الاختيارات الأولية التي أعلن عنها ترمب عن الدعم الكامل لإسرائيل شكلًا ومضمونًا، وعلى المسارات كافة، حيث استحوذ الداعمون للصهيونية وللكيان المحتل على الحقائب الوزارية المشتبكة مع قضايا الشرق الأوسط، وفي القلب منها الصراع العربي الإسرائيلي، وعلى رأسها وزارة الدفاع على المستوى العسكري، ووزارة الخارجية وسفارتي الولايات المتحدة لدى إسرائيل والأمم المتحدة على المستوى السياسي الدبلوماسي، كذلك نائب كبير موظفي البيت الأبيض على المستوى الإداري التنفيذي82.
  3. علي الأرجح سيعمل ترمب علي وقف الحرب الإسرائيلية علي غزة، وقد عبر بالفعل عن رغبته في أن ينهي نتنياهو حربه على غزة قبل بدء ولايته الرئاسية في 20 يناير 2025. غير أنه إن وجد أن نتنياهو ما زال غارقًا في مستنقع الحرب، فإنه قد يحاول تقديم دعم مضاعف وغطاء أقوى لنتنياهو لإنهاء الحرب بالسرعة الممكنة؛ وقد يستمر على ذلك بعض الوقت (ربما أشهرًا)؛ ولكنه إذا وجد أنه لا جدوى من الاستمرار في الحرب، وأن المقاومة صامدة وفعالة، فإنه تجنبًا لمزيد من استنزاف الاقتصاد الأمريكي، والمزيد من الاستنزاف والإنهاك العسكري والاقتصادي والبشري الإسرائيلي، قد يمارس ضغطًا أكبر على نتنياهو لوقف الحرب. وهو الأمر نفسه الذي سيفعله في الحرب الإسرائيلية على لبنان. ولأنه يمثل قمة التطرف الأمريكي الداعم للاحتلال الإسرائيلي، فإنه سيكون في وضع أفضل لممارسة ضغوطه، وسيصعب جدًا أن يزايد عليه أحد في موقفه تجاه إسرائيل83.
  4. من المتوقع أن يتجه ترمب إلى دعم مسارات تنهي الحرب على غزة وفق رؤية تدعم شروط الاحتلال الإسرائيلي فيما يتعلق بتصورات اليوم التالي للحرب، مثل: فرض سيطرة كاملة على الحدود الفلسطينية المصرية، أو تولي الكيان الإسرائيلي لإدارة شؤون القطاع الإدارية والأمنية، أو نزع سلاح حماس وإنهاء حكمها، أو إنشاء منطقة عازلة، أو إعادة الاستيطان في القطاع. وفي المقابل، من الممكن أن يدعم ترمب معالجات جزئية للوضع الإنساني في غزة؛ كإدخال المساعدات، وإطلاق مؤتمرات لإعادة إعمار غزة84.
  5. إن المشهد القادم للمنطقة بعد عودة ترمب لا يرتبط فقط بالموقف الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية، بل ببعدين عربيين هما: الأول، مدى تماسك محور المقاومة وقدرته على دفع الخصوم الإسرائيليين والغربيين لتغيير توجهاتهم. والثاني، مدى استمرار الاسترخاء العربي الرسمي والشعبي بالقدر الذي يجعل صانع القرار في أي دولة كبرى أو صغرى لا يتخوف من أي عواقب لأي سياسات ينتهجها في المنطقة.
  6. إن الإشكالية المنهجية في تحليل السياسات العربية هي في اعتبار المتغير الرئيسي في تشكيل التسويات هو الطرف غير العربي وخصوصًا الأمريكي، والحقيقة أن استمرار السياسات العربية أو تغيرها هو الذي يحمل في طياته شكل التسويات القادمة، ومن هنا يجب طرح التساؤل التالي: ما هي التغيرات المحتملة في البنية العربية التي يمكن أن تقود ترمب أو غيره لتغيير توجهاته؟ إن هذا الرئيس البراجماتي لن يستجيب إلا بمقدار ما ينتفع، لأنه متحرر من أي اعتبارات قيمية، وهو ما يعني أن علينا أن نجيب على السؤال المركزي وهو: هل يوظف العرب والمسلمون إمكانياتهم الكثيرة لإجبار أو غواية هذا البراجماتي ليغير من توجهاته نحو المنطقة؟ هذا هو جوهر الموضوع، فموقف الولايات المتحدة من طرد تايوان من الأمم المتحدة لم يكن نتيجة تغير ذاتي في التوجهات الأمريكية بل كان نتيجة لضغوط وغوايات صينية نفذت من ثقوب البراجماتية في العقل الأمريكي… وهذه هي المشكة لدينا85.

1 “وفقًا لأحدث إحصاء.. ترامب ينال 312 صوتًا للمجمع الانتخابي”، صدي البلد، 10/11/2024، الرابط: https://www.elbalad.news/6379098

2 “رسائل مربكة: مستقبل الحرب في غزة بعد فوز ترامب”، إنترريجونال للدراسات الاستراتيجية، 8/11/2024، الرابط: https://www.interregional.com/article/%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D9%85%D8%B1%D8%A8%D9%83%D8%A9:/2816/Ar

3 “السياسة الخارجية الأمريكية في الرئاسة الثانية لترامب”، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، 9/11/2024، الرابط: https://www.alzaytouna.net/2024/11/09/%d8%aa%d9%82%d8%af%d9%8a%d8%b1-%d9%85%d9%88%d9%82%d9%81-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%a7%d8%b1%d8%ac%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%85%d8%b1%d9%8a%d9%83%d9%8a/

4 “8 سياسات سيتعامل بها ترامب مع الملف الفلسطيني”، الجزيرة نت، 10/11/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/opinions/2024/11/10/%d8%b4%d8%ae%d8%b5%d9%8a%d8%a9-%d8%aa%d8%b1%d8%a7%d9%85%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b1%d8%ac%d8%b3%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%a7%d8%aa-%d8%aa%d8%b9%d8%a7%d9%85%d9%84%d9%87

5 “السياسة الخارجية الأمريكية في الرئاسة الثانية لترامب”، مرجع سابق.

6 “8 سياسات سيتعامل بها ترامب مع الملف الفلسطيني”، مرجع سابق.

7 “معالم الحِقبة الترامبية من منظور نتنياهو”، العربي الجديد، 9/11/2024، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/opinion/%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%90%D9%82%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%86-%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D8%B1-%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88

8 “ماذا سيفعل ترامب مع “حرب غزة”؟.. العالم يترقب، لكن علينا تذكر مواقفه السابقة.. إليك القرارات التي اتخذها لدعم إسرائيل”، عربي بوست، 8/11/2024، الرابط: https://arabicpost.net/%d8%aa%d9%82%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%b1-%d8%b4%d8%a7%d8%b1%d8%ad%d8%a9/2024/11/08/%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d8%b3%d9%8a%d9%81%d8%b9%d9%84-%d8%aa%d8%b1%d8%a7%d9%85%d8%a8-%d9%85%d8%b9-%d8%ad%d8%b1%d8%a8-%d8%ba%d8%b2%d8%a9/

9 “واشنطن لم تعد تعتبر المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانونية”، BBC عربي، 19/11/2019، الرابط: https://www.bbc.com/arabic/middleeast-50469413

10 ” مصير القضية الفلسطينية بين “الخَرِف” و”المجنون””، عروبة22، 13/11/2024، الرابط: https://ourouba22.com/article/4239-%D9%85%D8%B5%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B6%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B1%D9%81-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D9%86%D9%88%D9%86

11 “ماذا سيفعل ترامب مع “حرب غزة”؟.. العالم يترقب، لكن علينا تذكر مواقفه السابقة.. إليك القرارات التي اتخذها لدعم إسرائيل”، مرجع سابق.

12 ” عودة ترامب: هل تتجدد صفقة القرن؟”، القدس العربي، 11/11/2024، الرابط: https://www.alquds.co.uk/%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d8%aa%d8%b1%d8%a7%d9%85%d8%a8-%d9%87%d9%84-%d8%aa%d8%aa%d8%ac%d8%af%d8%af-%d8%b5%d9%81%d9%82%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b1%d9%86%d8%9f/

13 “ماذا سيفعل ترامب مع “حرب غزة”؟.. العالم يترقب، لكن علينا تذكر مواقفه السابقة.. إليك القرارات التي اتخذها لدعم إسرائيل”، مرجع سابق.

14 “رسائل مربكة: مستقبل الحرب في غزة بعد فوز ترامب”، مرجع سابق.

15 “عودة قد تغير حسابات المشهد الإقليمي.. ماذا يعني فوز ترامب بالنسبة لإيران وإسرائيل؟”، مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية، 8/11/2024، الرابط: https://shafcenter.org/%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d9%82%d8%af-%d8%aa%d8%ba%d9%8a%d8%b1-%d8%ad%d8%b3%d8%a7%d8%a8%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b4%d9%87%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%82%d9%84%d9%8a%d9%85%d9%8a-%d9%85%d8%a7/

16 “رسائل مربكة: مستقبل الحرب في غزة بعد فوز ترامب”، مرجع سابق.

17 “عودة قد تغير حسابات المشهد الإقليمي.. ماذا يعني فوز ترامب بالنسبة لإيران وإسرائيل؟”، مرجع سابق.

18 “رسائل مربكة: مستقبل الحرب في غزة بعد فوز ترامب”، مرجع سابق.

19 “هل يستطيع ترامب وقف الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط؟”، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 12/11/2024، الرابط: https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/9809

20 “رسائل مربكة: مستقبل الحرب في غزة بعد فوز ترامب”، مرجع سابق.

21 “فوز ترامب وملف الحرب على غزة .. المحددات والانعكاسات”، مركز الفكر الاستراتيجي للدراسات، 14/11/2024، الرابط: https://fikercenter.com/2024/11/14/%D9%81%D9%88%D8%B2-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%88%D9%85%D9%84%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%AF%D8%AF%D8%A7%D8%AA/

22 قناة N12، “ترامب، من دون كوابح”، مختارات من الصحف العبرية، 10/11/2024، الرابط: https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/35669

23 “مصير القضية الفلسطينية بين “الخَرِف” و”المجنون””، مرجع سابق.

24 “فوز ترامب وملف الحرب على غزة .. المحددات والانعكاسات”، مرجع سابق.

25 “داعمون لإسرائيل و يتبنون آراء متطرفة ..تعرف على أذرع ترامب في السياسة الخارجية”، عربي بوست، 16/11/2024، الرابط: https://arabicpost.net/%d8%aa%d9%82%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%b1-%d8%b4%d8%a7%d8%b1%d8%ad%d8%a9/2024/11/14/%d8%aa%d8%b1%d8%a7%d9%85%d8%a8-%d8%a3%d8%b0%d8%b1%d8%b9-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%a7%d8%b1%d8%ac%d9%8a%d8%a9/

26 “كيف تعكس تعيينات إدارة ترمب تغلغل جماعات الضغط اليهودية الداعمة لإسرائيل؟”، TRT عربي، 15/11/2024، الرابط: https://www.trtarabi.com/explainers/%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%AA%D8%B9%D9%83%D8%B3-%D8%AA%D8%B9%D9%8A%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D8%A5%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D8%B1%D9%85%D8%A8-%D8%AA%D8%BA%D9%84%D8%BA%D9%84-%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%BA%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%87%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%85%D8%A9-%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-18232708

27 “داعمون لإسرائيل و يتبنون آراء متطرفة ..تعرف على أذرع ترامب في السياسة الخارجية”، مرجع سابق.

28 يديعوت أحرنوت، “تقرير: ترامب اختار مايك هاكابي الذي يرفض حلّ الدولتين ويدعم الاستيطان والضم سفيراً للولايات المتحدة في إسرائيل”، مختارات من الصحف العبرية، 13/11/2024، الرابط: https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/35694

29 “داعمون لإسرائيل و يتبنون آراء متطرفة ..تعرف على أذرع ترامب في السياسة الخارجية”، مرجع سابق.

30 “لماذا ترامب هو حلم نتنياهو الأكبر؟”، الجزيرة نت، 3/11/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/opinions/2024/11/3/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%87%D9%88-%D8%AD%D9%84%D9%85-%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%83%D8%A8%D8%B1

31 “رسائل مربكة: مستقبل الحرب في غزة بعد فوز ترامب”، مرجع سابق.

32 ” إسرائيل بمتطرّفيها تحتفي بفوز ترامب: “وقت النصر المطلق””، العربي الجديد، 6/11/2024، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/politics/%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%A8%D9%85%D8%AA%D8%B7%D8%B1%D9%91%D9%81%D9%8A%D9%87%D8%A7-%D8%AA%D8%AD%D8%AA%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D9%81%D9%88%D8%B2-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%88%D9%82%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B7%D9%84%D9%82

33 “ماذا سيفعل ترامب مع “حرب غزة”؟.. العالم يترقب، لكن علينا تذكر مواقفه السابقة.. إليك القرارات التي اتخذها لدعم إسرائيل”، مرجع سابق.

34 “هل ستؤدي عودة ترامب إلى ضم الضفة الغربية؟”، مركز رؤية للتنمية السياسية، 18/11/2024، الرابط: https://vision-pd.org/%d9%87%d9%84-%d8%b3%d8%aa%d8%a4%d8%af%d9%8a-%d8%b9%d9%88%d8%af%d8%a9-%d8%aa%d8%b1%d8%a7%d9%85%d8%a8-%d8%a5%d9%84%d9%89-%d8%b6%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%b6%d9%81%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ba%d8%b1%d8%a8%d9%8a/

35 “حماس: موقفنا من الإدارة الأميركية الجديدة يعتمد على سلوكها تجاه شعبنا”، الجزيرة نت، 6/11/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2024/11/6/%d8%ad%d9%85%d8%a7%d8%b3-%d9%85%d9%88%d9%82%d9%81%d9%86%d8%a7-%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%af%d8%a7%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%85%d9%8a%d8%b1%d9%83%d9%8a%d8%a9

36 “رسائل مربكة: مستقبل الحرب في غزة بعد فوز ترامب”، مرجع سابق.

37 “معالم الحِقبة الترامبية من منظور نتنياهو”، مرجع سابق.

38 “كيف سيتعامل ترامب مع تكلفة حرب إسرائيل في الفترة المُقبلة؟”، القاهرة الإخبارية، 12/11/2024، الرابط: https://alqaheranews.net/news/104065/%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%B3%D9%8A%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%85%D8%B9-%D8%AA%D9%83%D9%84%D9%81%D8%A9-%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AA%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A8%D9%84%D8%A9

39 معهد دراسات الأمن القومي، “فوز ترامب – الدلالات بالنسبة إلى إسرائيل”، مختارات من الصحف العبرية، 6/11/2024، الرابط: https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/35633

40 “كيف سيتعامل ترامب مع تكلفة حرب إسرائيل في الفترة المُقبلة؟”، مرجع سابق.

41 “التفاؤل الإسرائيلي بإدارة ترامب لا يلغي أزمات الاحتلال”، العربي الجديد، 17/11/2024، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/politics/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%A4%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A-%D8%A8%D8%A5%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%84%D8%A7-%D9%8A%D9%84%D8%BA%D9%8A-%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%84

42 “رسائل مربكة: مستقبل الحرب في غزة بعد فوز ترامب”، مرجع سابق.

43 ” ترمب والقضية الفلسطينية وإمكانية تحويل الأزمة إلى فرصة”، المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الإستراتيجية (مسارات)، 12/11/2024، الرابط: https://www.masarat.ps/article/6319/%D8%AA%D8%B1%D9%85%D8%A8-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B6%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A5%D9%85%D9%83%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D9%81%D8%B1%D8%B5%D8%A9

44 ” مصير القضية الفلسطينية بين “الخَرِف” و”المجنون””، مرجع سابق.

45 “مرحلة “البطة العرجاء”: هل ينهي بايدن حرب غزة وينتقم من نتنياهو؟”، نون بوست، 10/11/2024، الرابط: https://www.noonpost.com/265661/

46 ” أمريكا تطالب إسرائيل بتحسين الوضع الإنساني بغزة لتفادي تقييد المساعدات العسكرية”، سويس إنفو، 16/10/2024، الرابط: https://www.swissinfo.ch/ara/%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%A7-%D8%AA%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%A8%D8%AA%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B6%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%B3%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%A8%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D9%84%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%AF%D9%8A-%D8%AA%D9%82%D9%8A%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9/87736080

47 “نحو 90 مشرعا أمريكيا يطالبون بايدن بمعاقبة وزيرين إسرائيليين متشددين برسالة”، CNN عربية، 15/11/2024، الرابط: https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2024/11/15/democrats-israel-biden-sanctions

48 “”يديعوت” تزعم تجميد واشنطن نقل شحنة جرافات لـ”إسرائيل”.. ما السبب؟”، عربي21، 10/11/2024، الرابط: https://arabi21.com/story/1639476/%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D8%B9%D9%88%D8%AA-%D8%AA%D8%B2%D8%B9%D9%85-%D8%AA%D8%AC%D9%85%D9%8A%D8%AF-%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86-%D9%86%D9%82%D9%84-%D8%B4%D8%AD%D9%86%D8%A9-%D8%AC%D8%B1%D8%A7%D9%81%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D9%80-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%85%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A8%D8%A8

49 “مرحلة “البطة العرجاء”: هل ينهي بايدن حرب غزة وينتقم من نتنياهو؟”، مرجع سابق.

50 “صحيفة: واشنطن تعتزم تمرير قرار دولي ضد سيطرة إسرائيل على الضفة”، الجزيرة نت، 19/11/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2024/11/19/%D8%B5%D8%AD%D9%8A%D9%81%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86-%D8%AA%D8%B9%D8%AA%D8%B2%D9%85-%D8%AA%D9%85%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A-%D8%B6%D8%AF

51 “هل سيوقف ترامب الحرب على غزة ولبنان؟”، الجزيرة نت، 6/11/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/politics/2024/11/6/%D9%87%D9%84-%D8%B3%D9%8A%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D9%88%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86

52 “هل يستطيع ترامب وقف الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط؟”، مرجع سابق.

53 ” ترامب يستبعد نجاح حل الدوليتن حاليا”، RT عربي، 30/4/2024، الرابط: https://arabic.rt.com/world/1560792-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D8%AD%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%AA%D9%86-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B9%D8%A8-%D8%A5%D8%AD%D9%84%D8%A7%D9%84%D9%87/

54 ““حلّ الدولتين” الضحيّة الأولى لفوز دونالد ترامب”، درج، 6/11/2024، الرابط: https://daraj.media/%d8%ad%d9%84%d9%91-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d8%aa%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%b6%d8%ad%d9%8a%d9%91%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d9%84%d9%89-%d9%84%d9%81%d9%88%d8%b2-%d8%af%d9%88%d9%86/

55 “هل ستؤدي عودة ترامب إلى ضم الضفة الغربية؟”، مرجع سابق.

56 “ترامب وإعادة رسم الجغرافيا السياسية للمشرق العربي”، الجزيرة نت، 17/11/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/opinions/2024/11/17/%D8%A8%D8%AA%D8%B3%D9%84%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%B3%D9%85%D9%88%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B4-%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B7%D8%B1%D8%A9

57 ” سموتريتش: 2025 عام السيطرة على الضفة الغربية”، الرسالة نت، 12/11/2024، الرابط: https://alresalah.ps/post/298305/%D8%B3%D9%85%D9%88%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B4-2025-%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B7%D8%B1%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9

58 ” نتنياهو يعتزم إعادة قضية ضم الضفة لأجندة حكومته فور تسلم ترامب”، الجزيرة نت، 12/11/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2024/11/12/%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D9%8A%D8%A4%D9%83%D8%AF-%D8%B6%D8%B1%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A5%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%B6%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D9%81%D8%A9

59 “المستوطنون يكثّفون هجماتهم في الضفة منذ فوز ترمب”، الشرق الأوسط صحيفة العرب الأولي، 16/11/2024، الرابط: https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5082287-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%88%D9%86-%D9%8A%D9%83%D8%AB%D9%91%D9%81%D9%88%D9%86-%D9%87%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%AA%D9%87%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D9%81%D8%A9-%D9%85%D9%86%D8%B0-%D9%81%D9%88%D8%B2-%D8%AA%D8%B1%D9%85%D8%A8

60 هآرتس، ” نتنياهو يعيّن مستوطناً سفيراً لإسرائيل في الولايات المتحدة]”، مختارات من الصحف العبرية، 10/11/2024، الرابط: https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/35665

61 ” «إسرائيل الفاشية» تعظّم رهاناتها: ترامب سيحقّق «الحلم الصهيوني»”، الأخبار، 13/11/2024، الرابط: https://al-akhbar.com/Palestine/387538/%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%B4%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B9%D8%B8-%D9%85-%D8%B1%D9%87%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D8%B3%D9%8A%D8%AD%D9%82-%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%87%D9%8A%D9%88%D9%86%D9%8A

62 “المستوطنون يكثّفون هجماتهم في الضفة منذ فوز ترمب”، مرجع سابق.

63 “هل ستؤدي عودة ترامب إلى ضم الضفة الغربية؟”، مرجع سابق.

64 “هل يتحقق حلم المستوطنين بضم الضفة لإسرائيل في عهد ترامب؟”، الجزيرة نت، 13/11/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/politics/2024/11/13/%d9%87%d9%84-%d9%8a%d8%aa%d8%ad%d9%82%d9%82-%d8%ad%d9%84%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%aa%d9%88%d8%b7%d9%86%d9%8a%d9%86-%d8%a8%d8%b6%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%b6%d9%81%d8%a9

65 ” ترامب: مساحة إسرائيل صغيرة ولطالما فكرت كيف يمكن توسيعها”، بوابة الشروق، 16/8/2024، الرابط: https://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=16082024&id=78ada374-b60a-4e4f-b029-69e8bef30170

66 “مستوطن البيت الأبيض.. هكذا يوسع ترمب “إسرائيل””، مرجع سابق.

67 “هل يتحقق حلم المستوطنين بضم الضفة لإسرائيل في عهد ترامب؟”، مرجع سابق.

68 “هذا ما ينتظر الضفة الغربية من إدارة ترامب الثانية”، الجزيرة نت، 13/11/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/politics/2024/11/13/%D9%87%D9%84-%D8%AA%D8%AC%D8%AF-%D8%AE%D8%B7%D8%A9-%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D8%A8%D8%B6%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D9%81%D8%A9-%D8%A2%D8%B0%D8%A7%D9%86%D8%A7

69 ” «إسرائيل الفاشية» تعظّم رهاناتها: ترامب سيحقّق «الحلم الصهيوني»”، مرجع سابق.

70 “لماذا ترامب هو حلم نتنياهو الأكبر؟”، مرجع سابق.

71 “ما الثمن الذي ستدفعه القدس خلال ولاية ترامب الجديدة؟”، الجزيرة نت، 7/11/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/politics/2024/11/7/%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D8%B3-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%B3%D9%81%D8%A7%D8%B1%D8%A9

72 “8 سياسات سيتعامل بها ترامب مع الملف الفلسطيني”، مرجع سابق.

73 “ما الثمن الذي ستدفعه القدس خلال ولاية ترامب الجديدة؟”، مرجع سابق.

74 “ترامب ينوي إنشاء معبد يهودي في المسجد الأقصى”، الجزيرة نت، 7/11/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/opinions/2024/11/7/%d9%85%d8%a7-%d9%85%d8%b5%d9%8a%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%ac%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%82%d8%b5%d9%89-%d9%81%d9%8a-%d8%b9%d9%87%d8%af-%d8%aa%d8%b1%d8%a7%d9%85%d8%a8

75 ” ترامب يهدد المحكمة الجنائية الدولية برد سريع وقوي مدافعا عن إسرائيل”، RT عربي، 12/4/ 2019، الرابط: https://arabic.rt.com/world/1013010-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%8A%D9%87%D8%AF%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%B1%D8%AF-%D8%B3%D8%B1%D9%8A%D8%B9-%D9%88%D9%82%D9%88%D9%8A-%D9%85%D8%AF%D8%A7%D9%81%D8%B9%D8%A7-%D8%B9%D9%86-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84/

76 ” أمريكا تنسحب من اليونسكو بسبب إسرائيل.. والمنظمة: خسارة”، CNN عربية، 12/10/2017، الرابط: https://arabic.cnn.com/world/2017/10/12/us-withdrawal-unesco

77 ” إلى اللقاء- أمريكا وإسرائيل تنسحبان من اليونسكو”، DW عربية، 3/1/2019، الرابط: https://www.dw.com/ar/%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AD%D8%A7%D8%A8-%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%A7-%D9%88%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%83%D9%88-%D9%8A%D8%AF%D8%AE%D9%84-%D8%AD%D9%8A%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D9%81%D9%8A%D8%B0/a-46927712

78 ” إسرائيل بمتطرّفيها تحتفي بفوز ترامب: “وقت النصر المطلق””، مرجع سابق.

79 “8 سياسات سيتعامل بها ترامب مع الملف الفلسطيني”، مرجع سابق.

80 “عودة قد تغير حسابات المشهد الإقليمي.. ماذا يعني فوز ترامب بالنسبة لإيران وإسرائيل؟”، مرجع سابق.

81 “ترامب ينوي إنشاء معبد يهودي في المسجد الأقصى”، مرجع سابق.

82 “عصابة ترامب الجديدة.. فريق موالٍ لـ”إسرائيل” ومعادٍ للمهاجرين”، نون بوست، 14/11/2024، الرابط: https://www.noonpost.com/266955/

83 “8 سياسات سيتعامل بها ترامب مع الملف الفلسطيني”، مرجع سابق.

84 “فوز ترامب وملف الحرب على غزة .. المحددات والانعكاسات”، مرجع سابق.

85 “السياسة الخارجية الأمريكية في الرئاسة الثانية لترامب”، مرجع سابق.

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022