أقال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، في 5 نوفمبر 2024، وزير الدفاع يوآف غالانت من منصبه، وعين وزير الخارجية يسرائيل كاتس خلفًا له، فيما عين نتنياهو رئيس حزب “اليمين الرسمي (الوطني)” (المنشق عن حزب الليكود) جدعون ساعر في منصب وزير الخارجية خلفًا لكاتس1. وعلي الرغم من أن إقالة غالانت من منصبه لم تشكل مفاجأة لأحد داخل إسرائيل أو خارجها. فقد كانت الخلافات بينه وبين نتنياهو تحتل عناوين وسائل الإعلام الإسرائيلية حتى من قبل هجوم حماس في 7 أكتوبر2023. والأهم من ذلك أن التوقعات بإقالة غالانت أخذت في التصاعد منذ منتصف سبتمبر 2024، والتي رافقها تكهنات بإمكانية حلول جدعون ساعر محل غالانت2. إلا أنها أثارت العديد من التساؤلات، من قبيل؛ لماذا اتخذ نتنياهو قراره بإقالة غالانت في مثل هذا التوقيت ورغم أن إسرائيل تشن عدوانًا واسع النطاق على غزة ولبنان تحديدًا وتحتاج إلى شخصية عسكرية بخبرة غالانت؟، ولماذا لم يخش نتنياهو من احتمال مواجهة مظاهرات عارمة ضد قراره كما حدث في شهر مارس 2023 عندما أطاح بغالانت من منصبه لأول مرة (على خلفية رفض غالانت لخطة التعديلات القضائية) واضطر بعدها بأسبوعين فقط للتراجع عن قرار الإقالة بعد أن كاد قراره يتسبب في حرب أهلية؟، وكيف سيؤثر هذا القرار على إدارة حروب إسرائيل المتعددة الجبهات في الوقت الحالي؟3.
أولًا: أسباب إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت:
فسر نتنياهو، في بيان مصور بثه في 5 نوفمبر 2024، الأسباب التي دفعته لإقالة غالانت، بقوله: “للأسف، خلال الأشهر القليلة الماضية، تبددت الثقة بيني وبين وزير الدفاع. واكتشفت ثغرات كبيرة في إدارة الحرب، وكانت هذه الثغرات مصحوبة بتصريحات وأفعال تتعارض مع قرارات الحكومة والكابينيت (المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية). وأشار نتنياهو إلى أنه قام بمحاولات عديدة لسد هذه الفجوات، لكنها اتسعت. وأضاف: “ووصلت إلى معرفة الجمهور بطريقة غير مقبولة، والأسوأ من ذلك، عرف بها العدو. وسعد أعداؤنا بذلك، واستفادوا منه كثيرًا. إن أزمة الثقة التي اتسعت بيني وبين وزير الدفاع أصبحت معروفة من الجميع، وهذه الأزمة لا تسمح باستمرار إدارة الحرب بشكل سليم”. وذكر نتنياهو أنه كتب في رسالة الإقالة التي بعث بها إلى غالانت أن ولاية هذا الأخير وزيراً للدفاع ستنتهي في غضون 48 ساعة4.
يشير بيان نتنياهو إلي أن إقالة غالانت ليست مرتبطة بمعيار الكفاءة العسكرية ومسألة اقتراب أو ابتعاد إسرائيل عن تحقيق الإنجازات في حربي غزة وجنوب لبنان، وإنما هناك أزمة ثقة بين غالانت ونتنياهو، وخلاف سياسي عميق بين الرجلين بانت معالمه حينما اعترض وزير الدفاع المقال على التعديلات القضائية قبل أكثر من عام ونصف العام5. ولتتصاعد هذه الخلافات عقب هجوم حماس علي غلاف غزة في أكتوبر 2023 في ظل التعارض بينهما حول أولويات أهداف الحرب علي غزة وكيفية إدارتها.
وقد كشف غالانت عن بعض هذه الخلافات في تعليقه علي قرار إقالته، في كلمة في 5 نوفمبر 2024، مشيرًا إلي أن هذه الإقالة تأتي نتيجة خلافات بشأن ثلاث قضايا، هي: الإعفاء من التجنيد لشبان اليهود الحريديم (المتشددون دينيًا)، حيث أشار إلي أن “كل من هو في سن التجنيد يجب أن يلتحق بالجيش، وأن علي الجميع في إسرائيل أن يؤدي الخدمة العسكرية”، في إشارة إلى اليهود المتدينين الذين كانوا معفيين من الخدمة الإلزامية إلى أن أنهت المحكمة العليا هذا الإعفاء في يونيو 2024. وأشار إلى أن الخلاف الثاني يتعلق بإصراره على إعادة المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة بأسرع ما يمكن، “وهذا هدف يمكن تحقيقه بقدر من التنازلات وبعضها مؤلم”. وقال إن الخلاف الثالث يتعلق بإصراره على وجوب تشكيل هيئة تحقيق رسمية في ما حدث بعد 7 أكتوبر 20236.
وخلال لقاء عقده مع عائلات المخطوفين الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، في 7 نوفمبر 2024، قال غالانت، إن الاعتبارات التي تحكم التوصل إلى اتفاق تبادل أسرى ليست عسكرية، ولا سياسية، وشدد على أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو هو وحده من يقرر بشأن ذلك، كما لفت إلى أن البقاء في محور فيلادلفيا الحدودي بين مصر وقطاع غزة لم يكن ضروريًا، وأن الجيش الإسرائيلي كان في وسعه العودة إلى هناك، بعد إبرام اتفاق.
وجاء في بيان صادر عن غالانت أنه التقى عائلات مخطوفين، قبل تركه المنصب بساعات معدودة، لإطلاعهم على تفاصيل المفاوضات التي جرت في شهر يوليو الماضي، والتي تضمنت بندًا يقضي بالإفراج عن المخطوفين، حتى قبل انتهاء القتال. وبحسب مصادر مقربة من غالانت، هو الذي طلب عقد اللقاء لتبليغ العائلات أنه والمؤسسة الأمنية يعتقدان أن شروط صفقة التبادل أصبحت جاهزة. وعلى حد قوله، هناك بند في الاقتراح الذي قدمته حركة حماس يوم 3 يوليو، يتضمن إطلاق سراح المخطوفين، حتى قبل نهاية الحرب. وقال غالانت للعائلات إنه غير متفائل حيال إمكان الافراج عن ذويهم. وأعرب عن خشيته من البقاء في قطاع غزة، مضيفًا أنه تم تحقيق معظم الأهداف العسكرية. ورأى أيضًا أنه لا يوجد أي داع أمني لاستمرار السيطرة على محور فيلادلفيا، وأشار إلى أن موقفه هذا لم يحظ بتأييد “الكابينيت”، وبقي في موقف الأقلية. وأضاف: “ما كان ليحدث شيء لو خرجنا من محور فيلادلفيا مدة 42 يومًا لإعادة المخطوفين إلى ديارهم، ويمكننا العودة إليه، حتى بعد الانسحاب، أما المخطوفون الذين فقدناهم، فلا يمكن إعادتهم”.
وفي ختام اللقاء، أكد غالانت أن الجيش الإسرائيلي أنهى مهمته العسكرية في قطاع غزة، وما فعله الجيش في لبنان وغزة وأماكن أُخرى جعل إسرائيل أقوى، ولم يعد هناك قادة للأعداء لأن إسرائيل قضت عليهم جميعًا. وأضاف: “لقد حققنا إنجازات سيكون من المستحيل تكرارها، نحن أقوياء الآن، ولن نكون أقوى. هناك أشياء لا تجلبها القوة، وما علينا إلا عقد صفقة تبادل، والأمر الآن في يد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وجميع العوامل الأُخرى ثانوية”7.
وتتمثل أبرز القضايا الخلافية بين نتنياهو وغالانت فيما يلي:
1- التعديلات القضائية: تسببت حملة “التعديلات القضائية” في البنية القانونية لإسرائيل التي خاضها الائتلاف الحكومي اليميني برئاسة بنيامين نتنياهو، أو “الانقلاب القضائي” وفقًا لتوصيف معارضيه، وما ترتب عنها من حملة مواجهة واسعة من المعارضة الإسرائيلية والتيار العلماني المسيطر على المؤسسات الرسمية الإسرائيلية خاصة الأمن والجيش، إلى دخول إسرائيل في موجة واسعة من الاحتجاجات على التعديلات التي بدأ الائتلاف في تطبيقها، ووجدوا فيها تهديدًا جوهريًا لتركيبة الدولة والفصل الدقيق بين السلطات.
وقد عكست الأزمة السياسية نفسها على الجيش الإسرائيلي، وبعض المستويات في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، ونشأ عنها ما عُرف بموجة “رفض الخدمة”، في مواجهة التعديلات القضائية للائتلاف الحكومي. توقع نتنياهو من وزيره (غالانت) أن يكون حاسمًا في وجه موجة الاعتراضات داخل جيش الاحتلال، ومنسجمًا مع توجهات الائتلاف الحكومي، وبرنامج التغيير الذي يقوده حزب “الليكود”، إلا أن موقف غالانت جاء مغايرًا. حيث عبر غالانت عن موقف رافض لاستمرار برنامج الائتلاف الحكومي علنًا، وطالب بتعليق العمل بخطة التعديلات القضائية، عادًا أن الاستمرار فيه سيشكل تهديدًا أمنيًا مباشرًا على مصالح دولة الاحتلال. جاء هذا الموقف في ذروة موجة الاعتراضات الشعبية التي قادتها المعارضة، وتجند من أجلها غالبية الجنرالات المتقاعدين ورؤساء الأركان السابقين في دولة الاحتلال، ما أدى إلى إكسابها زخمًا كبيرًا وصل إلى شل مؤسسات الدولة بإضراب عمالي واسع.
واجه نتنياهو هذا الموقف من غالانت بقرار إقالته من موقعه في وزارة الحرب في مارس 2023، وهو قرار سرعان ما اضطر، آنذاك (بالتحديد في 11 أبريل 2023)، إلى التراجع عنه أمام ضغط الشارع وتظاهر مئات آلاف الإسرائيليين، وضغوط كبيرة مارستها الولايات المتحدة، التي وجدت في غالانت حليفًا موثوقًا منحته مساحة واسعة من التأثير، في ضوء علاقة فاترة في حينها بين إدارة بايدن الديمقراطية وحكومة نتنياهو اليمينية التي تضم وزراء متطرفون رفضت إدارة بايدن التعامل معهم؛ مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
لم تعد العلاقة بين نتنياهو ووزير حربه غالانت إلى سابق عهدها، وبقي التوتر سيد الموقف، في وقت أدرك فيه الأخير أن التراجع عن إقالته لن يعدو كونه مرحليًا إلى حين تبريد الشارع، بعد أن جمد الأول خطة التعديلات إلى وقت لاحق بغرض ترتيب أكثر لأوراقه8.
2- صفقة تبادل الأسري: ظهرت خلافات جوهرية بين غالانت ورؤساء المنظومة الأمنية ونتنياهو، أهمها: أن نتنياهو غير مستعد لوقف الحرب في غزة من أجل إطلاق سراح الرهائن، بينما يرى كل من غالانت، ورئيس الأركان هرتسي هليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، ورئيس الموساد ديفيد برنياع، أنه في مقابل إطلاق سراح جميع الرهائن الأحياء يمكن وقف الحرب وإنهاء ما يجب إنهاؤه في قطاع غزة في موعد لاحق. حيث ساد إجماع في المنظومة الأمنية على أن الانتصار على حماس سيتحقق عاجلًا أم آجلًا، لكن نتنياهو لا يقبل هذا الرأي ويريد الاستمرار في الحرب حتى تحقيق “النصر الكامل” عندما تستسلم حماس ثم تطلق سراح الرهائن9.
ونتيجة الخلاف في وجهات النظر تلك؛ فقد منع نتنياهو، في 30 ديسمبر 2023، رئيس الموساد ورئيس الشاباك من المشاركة في جلسة مع غالانت كانت مخصصة لقضية الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين لدى حماس. وفي 12 يناير 2024، نشبت أزمة كبيرة بين نتنياهو وغالانت بعد أن منع الأول مدير مكتب الثاني من حضور اجتماعات مجلس الحرب، كما منعه من الاجتماع مع رئيس الموساد الذي كان يتولى ملف مفاوضات الرهائن، مما أدى إلى انسحاب غالانت من أحد هذه الاجتماعات، وحينها ظهرت تقارير إعلامية تشير إلى أن نتنياهو بدأ في محاصرة غالانت لإجباره على الاستقالة. وبعدها علل نتنياهو قراراته تلك باتهامه لغالانت ورجاله بتسريب ما يجري في اجتماعات مجلس الحرب لوسائل الإعلام10.
وكان غالانت قد طالب، في 12 أغسطس 2024، بانسحاب الجيش الإسرائيلي من محور فيلادلفيا لمدة ستة أسابيع، مقابل عقد صفقة مع حماس للإفراج عن الرهائن، معللًا ذلك بأن التهديد القادم من جنوب غزة لن يكون كبيرًا بعد أن فقدت حماس معظم قوتها العسكرية، كما يمكن للجيش الإسرائيلي العودة إلى هناك في أي وقت يحدده، وهو ما رفضه نتنياهو وكل أعضاء الحكومة المصغرة (الكابينت)11.
3- اليوم التالي للحرب: تفجر خلاف حاد بين نتنياهو وأنصاره من اليمين المتطرف والفاشي من ناحية، والمؤسسة العسكرية والأمنية من ناحية أخرى، بشأن مسألة توفير بديل من حكم حماس في القطاع. فقد أكدت المؤسسة العسكرية والأمنية أن عدم طرح بديل من حكم حماس في اليوم التالي للحرب، كي يحل محلها في الأماكن التي ينسحب منها الجيش الإسرائيلي، يفتح المجال واسعًا لعودة سيطرة حماس في كل مرة ينسحب فيها الحيش الإسرائيلي؛ ما يستدعي العودة إلى احتلالها مجددًا، وهو ما لا يستطيع الجيش الإسرائيلي الاستمرار فيه. وفي مواجهة ذلك طلب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، عقد اجتماع بين المؤسسة العسكرية ونتنياهو، من أجل وضع استراتيجية شاملة لإدارة المواجهات الدائرة في الجنوب والشمال على الحدود مع لبنان بما في ذلك معالجة مسألة اليوم التالي للحرب في قطاع غزة. بيد أن نتنياهو رفض عقد هذا الاجتماع12. وفي 4 يناير 2024 وفي مؤتمر صحفي، أكد غالانت على أن إسرائيل لا تنوي حكم قطاع غزة، وأن إدارة مدنية مكونة من عناصر فلسطينية هي التي ستتولى هذه المهمة بشرط ألا يكون أعضاؤها معادين لدولة إسرائيل ولا يستطيعون العمل ضدها. في المقابل، كان نتنياهو يتجاهل الحديث في هذا الملف، ويلمح إلى احتلال القطاع وإدارته عسكريًا لسنوات طويلة قادمة13.
بعد ذلك، اقترح العميد رومان غوفمان، في وثيقة صاغها في إبريل 2024، في أثناء فترة عمله القصيرة في وحدة تنسيق أعمال الحكومة في الأراضي المحتلة، التابعة للجيش الإسرائيلي، إقامة حكم عسكري اسرائيلي مؤقت في قطاع غزة، بديلًا من حكم حماس. ووزع هذه الوثيقة على أعضاء المجلس الأمني المصغر. وقد أولى نتنياهو الوثيقة اهتمامًا خاصًا، وعين على الأثر العميد غوفمان سكرتيرًا عسكريًا لرئيس الحكومة. أثار رفض نتنياهو المستمر لإجراء بحث معمق لليوم التالي للحرب، وتعيين غوفمان سكرتيرًا عسكريًا لرئيس الحكومة، شكوكًا قوية في المستوي العسكري، بأن نتنياهو يسعى لإقامة حكم عسكري إسرائيلي في قطاع غزة؛ وهو الأمر الذي لم ينفه أو يؤكده. لذا، طلب غالانت في 15 مايو 2024 من نتنياهو “اتخاذ قرار وإعلان أن إسرائيل لن تفرض سيطرة مدنية على قطاع غزة، وأن إسرائيل لن تقيم حكمًا عسكريًا في قطاع غزة، وأنه سيتم طرح بديل لحكم حماس في قطاع غزة على الفور”، ورأى أن رفض نتنياهو إجراء بحث معمق في مسألة اليوم التالي للحرب، لإيجاد بديل من حكم حماس في القطاع، يعني أنه يسعى لإقامة حكم عسكري إسرائيلي فيه، وهو “أمر خطير وسيئ لإسرائيل”؛ إذ سيستنزف ذلك قدرات إسرائيل العسكرية والأمنية، في الوقت الذي تواجه فيه تهديدات استراتيجية أخرى أهم من المخاطر القائمة في القطاع. وبناء عليه، هدد غالانت بالاستقالة من منصبه إذا فرض نتنياهو حكمًا عسكريًا على القطاع14.
فيما يبدو أن نتنياهو – وبالمخالفة لموقف المؤسسة العسكرية – أصبح أكثر قبولًا واستعدادًا للاستيطان في قطاع غزة؛ تنفيذًا لرغبة اليمين المتطرف، خاصة مع عودة دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة15.
4- إعفاء الحريديم من التجنيد: قضت المحكمة العليا الإسرائيلية، في 25 يونيو 2024، بفرض تجنيد اليهود الحريديم (طلاب المعاهد الدينية) في الجيش على الحكومة. كما أمرت المحكمة العليا الإسرائيلية بتجميد ميزانية المدارس الدينية، وقالت في قرارها إنه لا يوجد أساس قانوني لمنع الحكومة تجنيد اليهود الحريديم في الجيش الإسرائيلي. وذكرت المحكمة أنه في ذروة الحرب الصعبة التي تعيشها إسرائيل “أصبح عبء عدم المساواة حادًا أكثر من أي وقت مضى”، بإشارة إلى السنوات التي تمتع بها الحريديم بالإعفاء من الخدمة العسكرية16.
وفي حين هددت الأحزاب الدينية (“شاس” و”يهودات هتوراه”) بالانسحاب من الحكومة إذا ما تم فرض الخدمة العسكرية على أتباعها، علمًا أن هذا الانسحاب لو حدث سيعني سقوط الحكومة، ولذلك يسعى نتنياهو للتوصل إلى اتفاق مع هذه الأحزاب. حيث طرح نتنياهو مشروع قانون لخفض سن الإعفاء من الخدمة الإلزامية للحريديم من 26 عامًا إلى 21 عامًا (في حين أن التجنيد يتم في سن 18 سنة). ورغم تصويت أعضاء الكنيست الإسرائيلي بالقراءة الأولي لصالح مشروع القانون (بـ63 صوتًا مقابل 57)، وإحالته إلى لجنة الخارجية والأمن لمزيد من المداولات والبحث والتصويت في القراءتين الثانية والثالثة، حتى يصبح قانونًا نافذًا، فقد صوت وزير الدفاع غالانت ضد القانون، بعد أن عبر في وقت سابق عن معارضته له بصيغته الحالية، وأعلن أنه لن يؤيده دون اتفاق بين أقطاب الحكومة (التي كان يوجد بها غانتس الذي كان يرفض القانون أيضًا)17، وأعتبر أن “التغييرات الوطنية يجب أن تتم باتفاق واسع”، وسبق لغالانت أن وصف مشروع القانون بأنه “سيرك سياسي” لا يريد المشاركة فيه18. كما عارض غالانت “قانون الحضانات19” الذي يعد في الواقع محورًا بديلًا لتثبيت قانون استثناء الحريديم من التجنيد في الجيش الإسرائيلي20. وفي هذا السياق، فقد أعطي غالانت، في 5 نوفمبر 2024 وقبل عدة ساعات فقط من إقالته، أمرًا للجيش بتجنيد 7000 من طلاب المدارس الدينية من الحريديم، وهو ما زاد في غضب وخوف الحريديم21.
وبالتالي، فإن الإطاحة بغالانت سيكون لها مردود إيجابي على تماسك الائتلاف الحاكم بقيادة نتنياهو. إذ على الرغم من أن مواقف غالانت لم تغير كثيرًا من قرارات الحرب التي اتخذها نتنياهو بالتوافق مع أغلبية في مجلس الوزراء، إلا أن خروج الخلافات بينهما للعلن كان يتسبب في غضب قادة أحزاب الصهيونية الدينية والأحزاب الحريدية، والتي كانت تهدد بالانسحاب من الائتلاف حال الأخذ بآراء غالانت فيما يتعلق بأهداف الحرب ووسائل تحقيقها، أو في حالة تطبيق قانون التجنيد الإجباري على الحريديم22.
كما أن إقالة غالانت ستسهل الأمور أمام تمرير قانون في الكنيست يعفي اليهود المتشددين من الخدمة في الجيش، لإرضاء أطراف كثر في حكومته المتطرفة وعلى رأسهم بن غفير وسموتريتش، ما يضمن استمرار الائتلاف الحكومي واستقرار الحكومة حتى انتهاء ولايتها في أكتوبر 202623. لاسيما وأن كاتس وساعر يتناغمان مع نتنياهو بخصوص استقرار الائتلاف الحكومي والمصادقة على القانون الذي يعفي الحريديم من الخدمة العسكرية بالجيش الإسرائيلي24.
وفي هذا السياق، أشارت صحيفة “معاريف” بأن أحزاب الحريديم رحبت بإقالة غالانت من وراء الكواليس، وأن مسؤولين في حزب “يهدوت هتوراه” قالوا: “إنهم كانوا يأملون بمثل هذه الخطوة، ويستعدون الآن لاحتمال أن يكون من الأسهل تمرير قوانين التجنيد، أو غيرها من القوانين المهمة لأحزاب الحريديم، وكان غالانت أكثر صرامة تجاهها”25. فيما هنأ وزير الأمن إيتمار بن غفير رئيس الحكومة على قرار إقالة غالانت، مشددًا على أنه لا يمكن تحقيق النصر الكامل معه26.
5– فتح تحقيق فيما حدث في 7 أكتوبر: ففي حين يصر غالانت علي فتح تحقيق فيما حدث في 7 أكتوبر 2023، إلا أن نتنياهو يرفض هذا الأمر بشدة؛ لأنه قد يطال رأسه (نتنياهو) باعتباره المسؤول الأول والأخير عن إسرائيل وأمنها، وأي فشل سياسي أو أمني سيتحمله هو في الأساس. ويدرك نتنياهو أن انتهاء الحرب سيفتح التحقيقات حول مسئولية الإخفاقات في السابع من أكتوبر وما بعدها، وأنه لن يكون محميًا من القانون والانتقادات إلا إذا حقق إنجازات سياسية وعسكرية تهدئ المعارضة والرأي العام الإسرائيلي تمكنه من الافلات من أي نوع من العقاب، وتسقط عنه كل التهم الموجهة سواء السابقة المتعلقة بالفساد أو أي تهم تتعلق بطريقة إدارته للحرب. ولذلك، فإن نتنياهو يتحجج بضرورة تحقيق “النصر الكامل” من أجل إطالة فترة الحرب حتى يستطيع تحقيق إنجازات سياسية وعسكرية وتصفية حساباته مع كافة الأصوات التي تعارضه وضمان إما استمرار منصبه كرئيس للوزراء أو ترتيب الخروج الآمن من السلطة بدون محاكمة27.
وفي الآونة الأخيرة، أثارت قضية تسريب وثائق سرية من مكتب بنيامين نتنياهو جدلًا واسعًا في الرأي العام الإسرائيلي، حيث تحولت من قضية جنائية إلى موضوع سياسي مثير. تتمحور القضية حول تسريب مجموعة من الوثائق السرية، التي نُسبت إلى حركة حماس، وعُثر عليها داخل أحد الأنفاق التابعة لها. بدأت القصة بتقرير نشرته صحيفة “جويش كرونيكل” البريطانية خلال شهر سبتمبر 2024، استند إلى وثائق مزعومة لحركة حماس، زعمت فيه أن رئيس الحركة، يحيى السنوار، كان يخطط للهروب مع بعض الأسرى الإسرائيليين عبر محور فيلادلفيا إلى إيران، لكن سرعان ما تبين أن هذه المزاعم غير دقيقة. بعد ذلك، نشرت صحيفة “بيلد” الألمانية تقريرًا آخر، زعمت فيه أنها حصلت على وثيقة سرية يُعتقد أنها تعود إلى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، يحيى السنوار، وقد تم إعدادها في ربيع 2024 تتضمن استراتيجيات الحركة في التفاوض مع إسرائيل بوساطة دولية. كذلك تكشف الوثيقة عن خطط قيادة حماس “لإرباك” المجتمع الدولي واستخدام عائلات الأسرى الإسرائيليين كأداة لتحقيق هدف رئيس متمثل في تعزيز قدرات حماس العسكرية والاستمرار في إدارة قطاع غزة، مما دفع قيادة الجيش الإسرائيلي إلى فتح تحقيق رسمي في تسريب الوثيقة التي اعتمد عليها هذا التقرير، لما تشكله من تهديد خطير للأمن القومي الإسرائيلي، خاصة في ما يتعلق بكشف معلومات حساسة تتعلق بعمليات استخباراتية متقدمة. ورجحت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن هذه التسريبات جزء من حملة أوسع تهدف إلى تشويه الحقائق بشأن قضية الأسرى الإسرائيليين، من خلال نشر معلومات مضللة لتفسير سبب عدم إتمام صفقة تبادل الأسرى. وترى أن هذه التسريبات تتجاوز كونها مجرد تسريبات إعلامية، بل هي جزء من عملية منهجية لتوجيه الرأي العام الإسرائيلي وتبرير سياسات نتنياهو في التعامل مع هذه الأزمة28.
وقد كشفت وسائل إعلام إسرائيلية النقاب عن وجود شبهات متعلقة بتورط بعض موظفي مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في قضايا جنائية من أجل مساعدة نتنياهو في صراعه مع المؤسسة العسكرية والأمنية29. وتتعلق القضية الأولى بمحاولة تغيير وثائق محاضر اجتماعات القيادتين السياسية والعسكرية الإسرائيلية، التي عُقدت في بداية الحرب على غزة، لتتناسب مع رواية نتنياهو قبل أن تطلع عليها أي لجنة من لجان التحقيق. في حين تتعلق القضية الثانية بأن موظفين في مكتب رئيس الحكومة (تساحي برافرمان، الذي يشغل منصب رئيس ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو30) ابتزوا ضابط الاتصال في الجيش الإسرائيلي، من أجل تحصيل وثائق عسكرية سرية ذات حساسية لمصلحة مكتب رئيس الحكومة نتنياهو؛ بنية استعمالها في الصراع الدائر بين نتنياهو والمؤسسة العسكرية والأمنية. أما القضية الثالثة، فتتعلق بتسريب ناطق سابق في مكتب رئيس الحكومة، يدعى إيلي فلدشتاين، معلومات استخبارية مرتبطة بأمن الدولة، وهي ذات حساسية أيضًا، إلى وسائل إعلام أجنبية بعد التلاعب بها على نحو يعزز موقف نتنياهو ويبرئه من إفشال صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس. وقد اعتقلت المخابرات العامة الإسرائيلية فلدشتاين وضابطين يعملان في القسم المسؤول عن المعلومات في شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي بشبهة سرقة وثائق فيها معلومات ذات حساسية وتسليمها لفلدشتاين.
وأعطت المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا تفويضًا للسلطات الإسرائيلية المختصة بالتحقيق مع رئيس الحكومة نتنياهو، إذا اقتضت الضرورة ذلك، في قضية تسريب معلومات من مكتب رئيس الحكومة إلى وسائل الإعلام.
من غير المعروف حتى الوقت الراهن ما يمكن أن تسفر عنه هذه التحقيقات في مكتب رئيس الحكومة، وإن كان من الممكن أن يجري التحقيق مع نتنياهو شخصيًا، وإن كان ذلك يمكن أن يكون مؤثرًا بالنسبة إليه، فضلًا عن درجة هذا التأثير في حال تحققه. وفي الوقت نفسه، تشير هذه الشبهات والتحقيقات في مكتب رئيس الحكومة إلى عمق الصراع واستمراريته بين نتنياهو من ناحية، والمؤسسة العسكرية والأمنية من ناحية أخرى31.
6- شن حرب علي حزب الله: ففي البداية، وعقب هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، دافع غالانت عن وجهة نظره بضرورة البدء في شن حرب على “حزب الله” الذي ساند حماس وقام بشن هجمات من الجنوب اللبناني ضد إسرائيل، مما أجبر الحكومة على اتخاذ قرار بترحيل سكان الشمال بعيدًا عن مسرح القتال. وعلى حين كان غالانت يطبق المبدأ المعروف للمفكر الشهير “كلاوسفيتس” الذي ينص على “أنه في حالة اضطرار دولة ما لخوض حرب متعددة الجبهات، فعليها أن تبدأ بالجبهة الأقوى”، فإن نتنياهو ومجلس الحرب الذي تشكل في 12 أكتوبر 2023، الذي ضم بيني غانتس – رئيس حزب معسكر الدولة المعارض – ومعه عضو الحزب جادي ايزنكوت، إلى جانب غالانت ونتنياهو، ووزير الشئون الاستراتيجية رون دريمز، رفضوا اقتراح غالانت مؤكدين على أولوية جبهة غزة32.
وفيما بعد تركز الخلاف بين غالانت ونتنياهو حول معارضة الأول شن حرب في لبنان قبل التوصل إلى اتفاق لتبادل أسرى ووقف إطلاق النار بغزة، من ناحية أخرى، كان غالانت يفضل استنفاد الاتصالات مع حزب الله من أجل تسوية محتملة قبل أي عملية عسكرية. بينما نتنياهو كان يصر علي شن حرب علي حزب الله، وعدم ربط ذلك باتفاق تبادل الأسري أو استنفاد الوسائل الدبلوماسية، في ظل رغبته باستمرار وإطالة الحرب. وقد نقلت هيئة البث الإسرائيلية، وقتها، عن مسؤول إسرائيلي مقرب من نتنياهو لم تسمه إنه “إذا حاول غالانت إحباط عمل ما، سأستبدله”33.
7- الوضع في الضفة الغربية: ففي حين يسمح نتنياهو لوزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسليل سموتريتش بالعربدة والممارسات الاستفزازية ضد الفلسطينيين والمقدسات الإسلامية في الضفة الغربية والقدس، فإن غالانت حذر من اشتعال فتيل الأزمة هناك ما قد يتسبب في فتح جبهة قتال أخري ضد إسرائيل34.
8- التخلص من أي بديل لنتنياهو: حيث أن الاستطلاعات التي أُجريت بين الجمهور الإسرائيلي، بما في ذلك بين العرب في إسرائيل، منحت غالانت وأداءه درجات عالية جدًا، تفوق كثيرًا ما حققه الوزراء الآخرون، بمن فيهم نتنياهو. وربما يكون هذا أحد الأسباب الرئيسية التي جعلت نتنياهو يرغب في التخلص من غالانت، حيث لم يتحمل نتنياهو قط الأشخاص الذين تفوقوا عليه، أو كانوا خلفاء محتملين له. في الواقع، كان دائمًا يطرد مثل هؤلاء الأشخاص، أو يرسلهم إلى مناصب مرموقة، لكن مناصب لا تسمح لهم بتهديد موقعه كرئيس حكومة35.
ويشير مراقبون إلي أن اقدام نتنياهو للإطاحة بغالانت في هذا التوقيت بالتحديد، يرتبط بعدة تطورات، أبرزها:
أ- انسحاب كل من بيني غانتس وجادي أيزنكوت (ممثلي حزب “معسكر الدولة”)، في يونيو الماضي، من حكومة الطوارئ التي تشكلت عقب هجوم حماس بأيام لإدارة الحرب وكأنها حكومة وحدة وطنية أو على الأقل مجلس للحرب به معارضون لنتنياهو سياسيًا. فخلال الفترة التي أدارت فيه حكومة الطوارئ الحرب، كان التقارب بين غالانت وكل من غانتس وأيزنكوت يضع عائقًا أساسيًا أمام أي محاولة من جانب نتنياهو للتخلص من غالانت36.
ب- منذ خروج حزب “المعسكر الرسمي” بزعامة بيني غانتس، في يونيو 2024، من حكومة الطوارئ، التي تشكلت لقيادة إسرائيل بعد عملية طوفان الأقصى وبدء الحرب على غزة، ضاعف نتنياهو جهوده لتعزيز أغلبيته البرلمانية. وفي سبتمبر 2024، بدأ مفاوضات لضم حزب اليمين الرسمي برئاسة جدعون ساعر، الذي يمتلك أربعة مقاعد في الكنيست، إلى الائتلاف الحكومي. وقد اشترط ساعر مقابل موافقته على دخول الائتلاف الحكومي تعيينه وزيرًا للأمن. لكن شرطه هذا واجه معارضة شديدة من المؤسسة العسكرية والرأي العام الإسرائيلي، ومن داخل حزب الليكود نفسه، لا سيما أنه لا يمتلك خبرة عسكرية، وهو ما أدى إلى تنازله عن ذلك الشرط في مقابل دخوله الائتلاف الحكومي. وفي 29 سبتمبر 2024، وفي إثر شن الجيش الإسرائيلي هجومه البري على جنوب لبنان، وافق على الانضمام إلى الحكومة من دون حقيبة وزارية، على أن يتم الاتفاق لاحقًا على شروط انضمام حزب اليمين الرسمي إلى الائتلاف الحكومي.
وفي 5 نوفمبر 2024، أعلن نتنياهو عن إقالة وزير الأمن وتعيين وزير الخارجية كاتس خلفًا له، وعين ساعر وزيرًا للخارجية. وقد جاء هذا التعيين في سياق اتفاق لتوسيع الائتلاف الحكومي (حيث ارتفعت الأغلبية البرلمانية لنتنياهو بانضمام جدعون ساعر من 64 عضوًا إلى 67 عضوًا (من دون غالانت)) حصل فيه حزب اليمين الرسمي على وزيرين في الحكومة؛ هما ساعر وزئيف إلكين اللذان سيشغلان أيضًا منصبين في الكابينت السياسي- الأمني. وقد جرى الاتفاق على أن يشغل إلكين منصب وزير المالية، وأن يكون المسؤول عن إعادة إعمار منطقة شمال إسرائيل المحاذية للبنان ومنطقة غلاف قطاع غزة في جنوب إسرائيل. وجاء في اتفاق الائتلاف أيضًا أنه لا يجوز سن أي قانون أساس في الكنيست أو تعديله إلا باتفاق جميع رؤساء كتل الائتلاف الحكومي، وأن لحزب اليمين الرسمي حرية التصويت في القضايا المرتبطة بالمنظومة القضائية37.
ج- حدوث عدة تطورات بعد رحيل حكومة الطوارئ زادت من قوة نتنياهو وشعبيته وعلى رأسها:
- قيام الجيش والاستخبارات الإسرائيلية بتدمير معظم قوة حماس العسكرية، وتصفية معظم قياداتها وآخرهم يحيى السنوار (تم اغتياله في شهر أكتوبر الماضي).
- اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وعدد كبير من قياداته ومقاتليه في عدة عمليات نوعية.
- توجيه إسرائيل لضربة قوية ضد إيران في 26 أكتوبر الماضي أدت – حسب ادعاء نتنياهو- إلى تدمير جزء كبير من قدراتها الدفاعية والصاروخية.
د- قيام نتنياهو بإقالة غالانت بعد يومين فقط من الكشف عن قضية التسريبات، يشير إلي محاولته لإظهار الأمر بأنه امتداد لسياسة غالانت في إفشاء ما يدور من مناقشات داخل الحكومة، وداخل الكابينت الأمني، لمحاولة إفشال سياساته (نتنياهو)38. كما أن إقالة غالانت الآن ستتسبب في تحويل اهتمام الجمهور الإسرائيلي عن هذه القضية (تسريب الوثائق السرية) التي تصدرت العناوين في الأيام الأخيرة، والتركيز بصورة أكبر علي قضية إقالة غالانت39. كما أن كاتس – علي عكس غالانت – لن يدعم رئيس هيئة الأركان العامة هرتسي هليفي، أو كبار ضباط الجيش، ورئيس جهاز “الشاباك” رونين بار، عندما يواصل نتنياهو جهوده لتحميلهم المسؤولية الكاملة عن إخفاق 7 أكتوبر 202340.
ه- تزامن اتخاذ قرار الإقالة مع انطلاق الانتخابات الرئاسية الأمريكية ربما يشير إلى أن نتنياهو أراد استغلال انشغال إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بإنجاح مرشحة الحزب الديمقراطي كمالا هاريس، لكى يتفادي أية انتقادات أمريكية لقرار الإطاحة بغالانت، المعروف عنه القرب الشديد من الإدارة الأمريكية، والتي كانت تراهن عليه (أي غالانت) لتقليل تأثير نتنياهو في قرارات إدارة الحروب التي تخوضها إسرائيل، والتي تخشى الولايات المتحدة من توسعها واضطرارها للتورط فيها بشكل كبير41.
وكان غالانت يعتبر رجل واشنطن الوحيد في حكومة نتنياهو بعد خروج غانتس وآيزنكوت منها، ونجح في نسج علاقة وثيقة وجيدة مع البنتاغون، ومع القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم). وكان ذلك واحدًا من القضايا التي ضاعفت توتر العلاقات بين غالانت ونتنياهو. لقد كان نتنياهو يعتقد أن الأمريكيين يتجاوزونه من خلال علاقتهم الوثيقة بغالانت وتواصلهم الحميم معه، ولذلك، على سبيل المثال، لم يسمح له بالسفر إلى الولايات المتحدة، كوسيلة لإجبار الرئيس جو بايدن على التواصل معه (مع نتنياهو)42.
وفي هذا السياق؛ فقد نقل موقع “أكسيوس” عن مسؤول أمريكي قوله: “إن البيت الأبيض تفاجأ بشدة من قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إقالة وزير دفاعه يوآف غالانت”. وأعرب المسؤول عن قلق واشنطن بشأن إقالة غالانت “لأنه شريك موثوق خاصة وسط حربي غزة ولبنان، وبينما تستعد إسرائيل للدفاع ضد هجوم محتمل من إيران”. كما أكد المسؤول الأميركي “أن لا علاقات للإدارة الأميركية بخليفته يسرائيل كاتس، الذي عين خلفًا لغالانت”، معربًا عن “قلقه من أن الأمر سيصبح أكثر صعوبة”. وأشار المسؤول في إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن “أن لدى واشنطن الكثير من الأشياء التي يتعين عليها القيام بها مع إسرائيل في الشهرين المقبلين”. ولذلك قال المسؤول وهو متحدث باسم مجلس الأمن القومي إنه “بصفتنا شركاء مقربين، سنواصل العمل بشكل تعاوني مع وزير الدفاع الإسرائيلي القادم”. وأضاف “لدينا تساؤلات حقيقية حول أسباب فصل غالانت وما الذي يحرك القرار”43.
فيما قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن يوآف غالانت كان “شريكًا موثوقًا به”، وإنها ستواصل العمل عن كثب مع وزير الدفاع الإسرائيلي المقبل. وقال المتحدث باسم البنتاغون باتريك رايدر في بيان إن “التزام أميركا بأمن إسرائيل لا يزال صارمًا، وستواصل وزارة الدفاع الأميركية العمل عن كثب مع وزير الدفاع الإسرائيلي المقبل”44.
و- اطمئنان نتنياهو لعدم اشتعال احتجاجات شعبية هائلة ضد قرار إقالة غالانت، مثلما جرى في المرة السابقة (في مارس 2023)؛ لأن الجمهور الإسرائيلي الذي خرج ليحتج في الشوارع، وغالبه اقتصر على ذوي الأسرى، تضاءل حجمه على مدار العام الماضي خلال الحرب، ولأن جزءًا كبيرًا منه يخدم في سلاح الاحتياط الآن45. كما أن استمرار الحرب الإسرائيلية الحالية في غزة ولبنان، والمسنودة من قبل إيران وأذرعها في اليمن والعراق، والتي يتم تصويرها بأنها حرب وجودية بالنسبة لإسرائيل، ستحد من قدرة الجمهور الإسرائيلي في الحشد ضد قرار نتنياهو بإقالة غالانت، علمًا بأن هذا السبب بالذات كان عاملًا رئيسيًا في عدم توسيع الاحتجاجات الشعبية للإفراج عن الأسري الإسرائيليين لدي حماس؛ ولذلك فمن المتوقع أن يفشل الحشد لقضية سياسية متعلقة بالنخبة الحاكمة بدرجة أكبر من الفشل في الحشد لقضية مجتمعية تخص الشارع الإسرائيلي.
وبالفعل، فإن ردة الفعل الشعبية علي إقالة غالانت قد اقتصرت علي احتجاجات قليلة العدد انطلقت في طريق “أيالون” (وسط إسرائيل)، حيث أغلق متظاهرون الشارع المركزي في منطقة تل أبيب المتجه نحو الجنوب أمام حركة السير، قبل أن تنجح الشرطة في التعامل معهم وتعيد فتح الطريق46.
فيما قدمت منظمتان مدنيتان ورؤساء جامعات بإسرائيل، في 6 نوفمبر 2024، التماسًا إلى محكمة العدل العليا ضد قرار الإقالة. وطلب الملتمس الذي تقدمت به “الحركة من أجل جودة الحكم” ومنتدى “السور الواقي لإسرائيل” من المحكمة إصدار أوامر بتجميد قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بإقالة غالانت ومنع تعيين وزير الخارجية يسرائيل كاتس بديلًا عنه. وادعى الالتماس أن إقالة وزير الدفاع في خضم حرب متعددة الساحات تم لاعتبارات خارجية تتعلق بالحفاظ على الائتلاف، وأن “القرار غير مسئول ويعرض الأمن للخطر”47.
ز- أن حزب الليكود (الذي يأتي منه نتنياهو وغالانت) الآن بات أكثر تكتلًا خلف نتنياهو. ففي مارس عام 2023، عندما أقال نتنياهو غالانت، كان هنالك الكثير من الأصوات التي أبدت امتعاضها من هذه الخطوة من داخل الليكود، لا سيما تلك الأصوات التي رشحت لتقود ثورة ضد نتنياهو إن استمر في التعديلات القضائية. لكن هذه الأصوات غُربلت ولم يعد يُسمع لها أي ضجيج، خاصة أنها لا تملك شرعية ولا زخمًا لأقوالها في خضم حرب مصيرية باتت جزءًا من مصيرهم السياسي، بعدما رهنوا رقابهم في عهدة نتنياهو ما بعد السابع من أكتوبر، ولربما كان لهم حظوظٌ أكثر وفرصة أكبر للتمرد عليه قبل أن يغرقوا معه في وحل هذه الحرب التي لا نصر فيها ولا شيء مطلقًا فيها سوى حكم نتنياهو48.
ح- لطالما كانت المعارضة الحزبية محدودة الصلاحية في كنيست إسرائيل، وعملها لطالما كان مقتصرًا في أغلب الحالات على تقديم استجوابات، وقلما هي المرات التي استطاعت بها إقالة حكومة أو معارضة تشريع قوانين مصيرية. ومع ذلك، لو فرضنا أن المعارضة كانت ستناور، فستجد طبعًا منشقين متمردين من داخل الحكومة؛ لتمرير قانون حجب الثقة عن حكومة نتنياهو، لكنها هذه المرة، خصوصًا بعد انضمام ساعر للحكومة، بحاجة لثمانية أعضاء بالإضافة إلى غالانت، مقارنة بالمرة السابقة (عندما أقال نتنياهو غالانت في مارس 2023) التي احتاجت أربعة أعضاء لا غير49.
وبرصد ردود أفعال المعارضة علي قرار نتنياهو بإقالة غالانت، نجد أن الأمر قد اقتصر علي إطلاق زعماء المعارضة في إسرائيل يائير لابيد وبني غانتس وأفيغدور ليبرمان ويائير غولان، في 6 نوفمبر 2024، بيانًا مشتركًا، قال فيه رئيس حزب “يوجد مستقبل” وزعيم المعارضة الحالي عضو الكنيست يائير لابيد في مستهل البيان المشترك: “تمت إقالة غالانت لأسباب سياسية فقط، لأنه منع نتنياهو من تمرير قوانين التهرب من الخدمة العسكرية. لقد أقيل لأن نتنياهو اختار المراوغين، بدلًا ممن يخدمون الدولة. إن نتنياهو غير كفؤ لمنصبه”.
وقال رئيس حزب “المعسكر الرسمي” عضو الكنيست بني غانتس: “إن توقيت القرار ينطوي على استهتار أمني مطلق. لا يحق لنا التصرف بهذه الطريقة في منطقة الشرق الأوسط. إن إقالة وزير الدفاع، على خلفية الحاجة السياسية إلى تمرير تشريع يعفي اليهود المتشددين (الحريديم) من الخدمة العسكرية، يشكل ضررًا خطراً بالأمن وروح الشعب، لكنه لن يكسرنا”.
من ناحيته، قال رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” عضو الكنيست أفيغدور ليبرمان: “بين أمن الدولة وأمن الائتلاف، اختار نتنياهو أمن الائتلاف. وقال الجيش الإسرائيلي إنه من الواضح أن مثل هذه الخطوة تضر بقدرة إسرائيل على الصمود”.
أما رئيس حزب “الديمقراطيون” يائير غولان، فقال: “أدعو الجميع إلى الإضراب الشامل، هناك حقوق منحنا إياها القانون، ولم نمارسها بعد. لقد نسي نتنياهو معنى أن تثكل أخًا. إن قلبه قاس، ومن أجل المصالح السياسية والبقاء الشخصي، فهو مستعد للإضرار بالمصلحة الوطنية وأمن إسرائيل”50. وكان غولان كتب علي منصة “إكس”: “أناشد جميع رؤساء الجامعات وجميع رؤساء الكليات تعليق الدراسة، وأدعو جميع رؤساء الاقتصاد إلى وقف العمل. وأناشد جميع رؤساء المؤسسة الأمنية أن يطلقوا صرخة أيضًا الآن، وهم يرتدون الزي العسكري. وأدعو جميع سكان إسرائيل إلى النزول إلى الشوارع. إن نتنياهو يدمر إسرائيل، ونحن وحدنا قادرون على إنقاذها”51.
ثانيًا: تداعيات إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت:
أجمع باحثون في الشأن الإسرائيلي على أن إقالة غالانت وتعيين كاتس مكانه تمكن نتنياهو من إدارة الحرب على غزة ولبنان وفقًا لرؤيته ومن دون أي معارضة، ما سيكون له تداعيات خطيرة علي هذه الحرب؛ نظرًا للأسباب التالية:
1- أن وزير الدفاع الجديد يسرائيل كاتس يتمتع بخبرة عسكرية محدودة، ولن يكون عائقًا أمام خطط نتنياهو. حيث تشير العديد من التقارير الإسرائيلية إلي أن نتنياهو – بعد إقالة غالانت – يشغل حاليًا بشكل فعلي منصب رئيس الوزراء ووزير الدفاع في إسرائيل52. على أنه يبقى ثمة سؤال يشكل محط اهتمام عدد من المحللين والخبراء في الإعلام العبري، وهو كيف يصدر قرار إقالة وزير الأمن في زمن الحرب، وفي وقت تهدد فيه إيران بشن هجمات غير مسبوقة على إسرائيل، تستلزم سواء للاستيعاب أو الرد، وزير أمن ذا خلفية عسكرية كغالانت، وليس ككاتس؟53.
2- كان كاتس أحد الوزراء الذين غادروا حكومة شارون في يناير 2006؛ احتجاجًا على خطة الانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة، ويعرف كاتس بمواقفه المتشددة تجاه الفلسطينيين ومسألة التوسع الاستيطاني والحرب في قطاع غزة، ويتبنى وجهة نظر تؤيد ضم الضفة الغربية وتوسيع السيادة الكاملة عليها، ويدعم استمرار بناء المستوطنات فيها. كما يدعو إلى قطع جميع العلاقات مع السلطة الفلسطينية، ويعارض حل الدولتين وإنشاء دولة فلسطينية بأي شكل من الأشكال، ويفضل إنشاء كيان فلسطيني مستقل يرتبط مدنيًا وسياسيًا بالأردن، ويدعو إلى ربط قطاع غزة بمصر، ويعارض أي انسحاب من مرتفعات الجولان، ويعدها جزءًا لا يتجزأ من إسرائيل. واقترح كاتس استخدام إسرائيل عمليات التصفية المدنية المستهدفة، أو الاغتيالات ضد قادة الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل، وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها.
ويعد كاتس صاحب المبادرة المثيرة للجدل، التي ترمي إلى إقامة جزيرة اصطناعية قبالة سواحل غزة، لنقل السكان إليها، تتضمن ميناءً وأبراجًا سكنية ومطارًا مدنيًا، وإحلال مستوطنين يهود مكانهم، وهو مشروع قديم حديث سعى كاتس إلى تمريره منذ 10 سنوات، وقد عاد إلى طرح الفكرة من جديد بعد عملية “طوفان الأقصى” خلال اجتماع له مع نظرائه الأوروبيين. وفي أواخر أغسطس المنصرم دعا كاتس إلى إخلاء الضفة، كما يحدث في قطاع غزة منذ بداية حرب الإبادة المستمرة بعد 7 أكتوبر 2023. وقال كاتس في حينه على حسابه في إكس: “يجب التعامل مع التهديد في الضفة مثل غزة، وتنفيذ إخلاء للسكان. إنها حرب على كل شيء”54.
كما أن كاتس من أنصار استمرار الحرب حتى القضاء على القوة العسكرية لحزب الله، وردع إيران عن تكرار هجماتها ضد إسرائيل حتى لو أدى ذلك إلى حرب شاملة معها55. وجاء في منشور نشره وزير الدفاع الجديد يسرائيل كاتس في منصة “إكس”، أنه “لن يكون هناك وقف لإطلاق النار في لبنان، ولا تهدئة. سنواصل ضرب حزب الله بكل قوة حتى تحقيق أهداف الحرب. ولن توافق إسرائيل على أي تسوية لا تضمن حق إسرائيل في التصدي بنفسها “للإرهاب”، وستتمسك بأهداف الحرب ونزع سلاح حزب الله وانسحابه إلى ما وراء الليطاني والعودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم”56.
3- توجه نتنياهو إلى إقالة رئيس هيئة الأركان العامة هرتسي هاليفي. ورغم تعميم نتنياهو بيانًا كذب فيه التقارير التي أشارت إلى نيته إقالة رئيس هيئة الأركان ورئيس جهاز الأمن العام “الشاباك” رونين بار57، إلا أن الترجيحات تشير إلي أن نتنياهو سيتحين الفرصة المناسبة لإقالة هاليفي، الذي انتقد نتنياهو في السابق بشأن الحرب على محافظة رفح جنوب قطاع غزة وإصرار الأخير على البقاء في ممر فيلادلفيا58. وحتي لو استمر هاليفي في منصبه، فإنه سيكون ضعيفًا أمام نتنياهو، حيث إن اتخاذ القرارات العسكرية كانت في السابق عبارة عن مناورة بين رئيس الحكومة، ووزير دفاعه، ورئيس هيئة الأركان. أما منذ هذه اللحظة، فسيكون على هاليفي المناورة أمام نتنياهو كرئيس للحكومة ونتنياهو كوزير للدفاع، مما يضعه في موقف حرج وصعب.
وبالتالي فإن السيطرة على الجيش من قبل التيار الديني الصهيوني باتت أقرب إلى الواقع، خصوصًا في ظل وجود حكومة قومية دينية يمينية، تملك سلطة التعيينات المطلقة. وأي استقالة أو إقالة لهاليفي ستعني تفردًا واحتكارًا تامًا لليمين المتطرف فيما يخص التعيينات المصيرية لإسرائيل. وهو ما أثار التساؤل حول إمكانية تعيين رئيس هيئة أركان من التيار الصهيوني الديني لأول مرة في تاريخ إسرائيل، وهو ما حلمت به هذه الحكومة منذ بدايات مشروع التعديلات القضائية. والآن، وبعد إزالة “حصان طروادة” الأخير من أروقة الحكومة، وفقًا للمنظور الديني الحريدي والصهيوني القومي، يمكن القول إنها باتت أكثر استقرارًا، تناغمًا، وانسجامًا. بل يمكن القول إن غالانت أصبح مثالًا يُضرب لمن تسول له نفسه إزعاج سير هذه الحكومة59.
4- أن نتنياهو أصبح أكثر اطمئنانًا عقب فوز دونالد ترامب بالرئاسة الأمريكية، إذ يراهن على أن إدارة ترامب ستطلق يده في ما يتصل بالحرب في ساحاتها المتعددة، إن لجهة مسارها واستكمالها، وكذلك توسعة أهدافها ونتائجها، بما يتوافق مع أولويات الحكم الفاشي في إسرائيل وأهدافه60، خاصة لجهة إعادة الاستيطان في غزة التي أصبحت تكتسب زخمًا متزايدًا حاليًا داخل ائتلاف نتنياهو الحكومي. يذكر أن ترامب اعتبر المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة قانونية خلال ولايته الرئاسية الأولى61.
ولكن هذا الرهان يبقى معلقًا، في ما يبدو، على شرط، وهو تمرير الفترة المتبقية من حكم الإدارة الحالية (إدارة بايدن)، لغاية الـ20 من يناير 2025، أي اليوم الذي يتسلم فيه ترامب منصبه رسميًا، علمًا أن التقديرات تشير إلى احتمال أن تتحرك إدارة بايدن، وبلا ضغوط أو خشية من التبعات، لفرض إرادتها62، سواء عبر تحجيم أو حجب المساعدات العسكرية التي تقدمها لإسرائيل، أو عبر فرض رؤيتها السياسية لإدارة الحرب، بما في ذلك الخطة الخاصة باليوم التالي في غزة63.
لكن لا يبدو أن بايدن “الرئيس الصهيوني الأخير” يريد أن ينتهي إرثه “بحظر تصدير السلاح” لإسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، يدرك بايدن أنه حتى لو فرض حظرًا، ففي إمكان ترامب أن يلغيه يوم دخوله إلى البيت الأبيض. من هنا، تبدو فرص الحظر ليست كبيرة. والأكثر منطقية هو أنه إذا أراد بايدن الانتقام من نتنياهو، فسيكون ذلك في مجلس الأمن، ومن خلال عدم استخدام الفيتو ضد قرارات لا تلائم إسرائيل، تمامًا مثلما فعل الرئيس باراك أوباما في ديسمبر 2016.
لكن هناك سيناريو آخر يمكن أن يظهر، إذا قرر نتنياهو السير نحو صفقة في الشهرين ونصف الشهر المتبقية حتى تنصيب ترامب. إذا أعطى بايدن نتنياهو الضوء الأخضر لمهاجمة المنشآت النووية والنفطية الإيرانية، يمكن أن يقبل نتنياهو عقد صفقة مخطوفين تتضمن وقفًا للحرب على غزة، وهذا يصبح مرجحًا أكثر، إذا وافق بايدن على مشاركة الأميركيين في مثل هذه العملية.
هذا الخيار سيكون الأقصى بالنسبة إلى نتنياهو. تقوم الولايات المتحدة وإسرائيل بتدمير المنشآت النووية، بعدها يظهر نتنياهو مرونة إزاء وقف الحرب في غزة، وفي لبنان. وبعد تحييد “رأس الأخطبوط”، ستتراجع أهمية أذرعه التي أصابها الضعف، والتي من الصعب أن تتعافى من جديد. لكن في جميع الأحوال، يُطرح هنا سؤال آخر: هل يفضل نتنياهو الانتظار حتى 20 يناير لكي يقدم لترامب كل هذه الإنجازات؟64.
الخلاصات والاستنتاجات:
- بدأت الخلافات بين نتنياهو وغالانت في الظهور للعلن في مارس 2023 عندما أعلن الأخير رفضه لـ”التعديلات القضائية” التي اقترحها الائتلاف الحكومي بقيادة نتنياهو. تدريجيًا، عد نتنياهو غالانت وزيرًا للجيش في الائتلاف الحكومي، لا العكس، فبدلًا من أن يحمل غالانت توجهات الحكومة ويحولها إلى برنامج عمل لجيش الاحتلال، تبنى وزير الحرب مواقف هيئة الأركان بشكل كامل، في مختلف القضايا، وحملها في مواجهة وزراء نتنياهو، خصوصًا قادة الصهيونية الدينية ومواقفهم الجامحة، وهو ما حول المشهد الحكومي إلى مشهد توتر دائم بين غالانت من جانب، وبن غفير وسموتريتش من جانب آخر. ورغم الدموية والفاشية الكبرى التي عبر عنها يوآف غالانت في قيادته لوزارة الحرب، فإنه لم ينسجم مع طريقة بنيامين نتنياهو في إدارة الحرب، ولا في تحديد أهداف وأولويات الحرب، وشكل انحيازًا مع خصوم الأمس حلفاء مجلس الحرب، بيني غانتس وغادي أيزنكوت، في وجه نتنياهو وائتلافه الحكومي. عبر غالانت، في مواضع متعددة، عن معارضة علنية لسياسات نتنياهو في الحرب، وشكلت تصريحاته عامل ضغط كبير على الأخير، خصوصًا في ملفات مفاوضات التبادل، وسيناريوهات اليوم التالي للحرب، إضافة إلى توسيع الحرب إلى شمال فلسطين المحتلة. وقد شكلت مواقف غالانت – وفي الخلفية منها موقف مؤسسة الجيش – عامل ضغط كبير على نتنياهو، ومحفزًا للمزيد من تحركات المعارضة والضغط الشعبي عليه، وهو ما وجد فيه نتنياهو إصرارًا من غالانت على تحدي سلطته وقيادته، ومضيًا في تأزيم العلاقة المتشنجة أصلًا65.
- حسب التحليلات الإسرائيلية، فإنه يمكن اختصار الخلافات الأساسية بين غالانت نتنياهو في: غالانت يدافع عن مصالح وطنية، بينما يدافع نتنياهو عن مصالح شخصية. غالانت يوجه التحية إلى الذين يخدمون في الجيش، بينما يدافع نتنياهو عن المتهربين من الخدمة العسكرية (اليهود الحريديم). غالانت مصر على إعادة المخطوفين الإسرائيليين، بينما يتخلى نتنياهو عنهم من أجل الاستمرار في حرب لا نهاية لها في غزة. غالانت يقاتل من أجل تشكيل لجنة تحقيق رسمية وتقصي الحقيقة، بينما نتنياهو مشغول بطمسها66.
- تحين بنيامين نتنياهو الفرصة لإقالة غالانت، وهيأ الظرف الأنسب، خصوصًا بعد حل مجلس الحرب، وإعادة ترتيب العلاقة مع خصمه السابق في الليكود ومعارضه جدعون ساعر، الذي سرعان ما انفك عن تحالفه مع بيني غانتس، وعاد إلى ترتيب علاقته مع بنيامين نتنياهو وانضم إلى ائتلافه الحكومي طامعًا في وزارة الحرب، ويبدو أنه اقتنع في الأخير بوزارة الخارجية. وبذلك يكون نتنياهو حقق إنجازًا مهمًا يعزز إمكانية استمرار ائتلافه الحكومي حتى موعد إجراء انتخابات الكنيست في أكتوبر 2026، كما أصبح الائتلاف الحكومي أكثر انسجامًا مع رؤية نتنياهو وسياسته في مجمل القضايا؛ سواء أكان ذلك فيما يخص حرب الإبادة على قطاع غزة خصوصًا والقضية الفلسطينية عمومًا، أم فيما يخص القضايا الخلافية في المجتمع الإسرائيلي التي تشمل المحتجزين الإسرائيليين، والانقلاب القضائي، والموقف من تشكيل لجنة تحقيق رسمية. ومن المتوقع أن يستمر نتنياهو في سياساته، في حال تماسك ائتلافه اليميني المتطرف.
- على صعيد العدوان على الشعب الفلسطيني والتصعيد في المنطقة، لن يحدث هذا التغيير تحولًا جوهريًا، ففي المحصلة كان نتنياهو الممسك الرئيسي بزمام الأمور وقيادة الحرب، ولن يضيف كاتس أية مساهمة نوعية، إلا في إطار المزيد من الضغط على جيش الاحتلال للالتزام بمحددات العمل التي وضعها نتنياهو. وأيضًا للجم التصريحات والسلوك العلني للجيش للضغط على نتنياهو لاتخاذ خطوات ميدانية أو سياسية لا تتلاءم مع توجهاته الحالية، سواء في الجوانب العملياتية ومستقبل البقاء العسكري في قطاع غزة، أو الجوانب السياسية وملف صفقة تبادل الأسرى.
- يعد بنيامين نتنياهو إعدادًا جيدًا للمرحلة القادمة، بحيث يمضي في خوض مسار الحسم الاستراتيجي في الشرق الأوسط، ويزيل كل المسببات والموانع التي يمكن أن تحول بينه وبين تدشين برنامج عمل مشترك مع الرئيس الأمريكي العائد إلى البيت الأبيض دونالد ترمب، الذي يتشجع إلى درجة كبيرة للعمل المشترك مع رئيس وزراء إسرائيل، ويتبنى أطروحات تصفية القضية الفلسطينية والإجهاز على عوامل صمودها وتماسكها67.
1 معاريف، “نتنياهو يقيل وزير الدفاع غالانت بحجة وجود ثغرات كبيرة بينهما بشأن إدارة الحرب ويعيّن وزير الخارجية يسرائيل كاتس خلفاً له”، مختارات من الصحف العبرية، 6/11/2024، الرابط: https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/35635
2 “إعلام إسرائيلي: نتنياهو “اقترب” من عزل غالانت.. والبديل ساعر”، سكاي نيوز عربية، 17/9/2024، الرابط: https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1742191-%D8%A7%D9%95%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%95%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D9%8A%D9%94%D9%8A%D9%84%D9%8A-%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B1%D8%A8-%D8%B9%D8%B2%D9%84-%D8%BA%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D9%8A%D9%84-%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D8%B1
3 “إقالة جالانت: دلالات التوقيت والتأثيرات المحتملة”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 6/11/2024، الرابط: https://acpss.ahram.org.eg/News/21300.aspx
4 معاريف، “نتنياهو يقيل وزير الدفاع غالانت بحجة وجود ثغرات كبيرة بينهما بشأن إدارة الحرب ويعيّن وزير الخارجية يسرائيل كاتس خلفاً له”، مرجع سابق.
5 “أسباب توقيت إقالة غالانت”، عربي21، 9/11/2024، الرابط: https://arabi21.com/story/1639237/%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%AA%D9%88%D9%82%D9%8A%D8%AA-%D8%A5%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%BA%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA
6 “غالانت: 3 أسباب تقف وراء قرار إقالتي”، الجزيرة نت، 6/11/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2024/11/6/%d8%ba%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%86%d8%aa-3-%d8%a3%d8%b3%d8%a8%d8%a7%d8%a8-%d8%aa%d9%82%d9%81-%d9%88%d8%b1%d8%a7%d8%a1-%d9%82%d8%b1%d8%a7%d8%b1-%d8%a5%d9%82%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%8a
7 معاريف، “غالانت لعائلات مخطوفين إسرائيليين: الاعتبارات التي تحكم التوصّل إلى اتفاق تبادُل أسرى ليست عسكرية ولا سياسية، ونتنياهو يتخذ القرارات بمفرده”، مختارات من الصحف العبرية، 8/11/2024، الرابط: https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/35656
8 “إقالة غالانت وتعيين كاتس: نتنياهو يضمن جيشًا مطواعًا لأجنداته”، نون بوست، 6/11/2024، الرابط: https://www.noonpost.com/264365/
9 يديعوت أحرنوت، “منذ الآن، أصبح نتنياهو وزير الدفاع، وقد تطول الحرب”، مختارات من الصحف العبرية، 6/11/2024، الرابط: https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/35632
10 “خلافات نتنياهو وجالانت: في التكتيك لا في الاستراتيجية”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 30/10/2024، الرابط: https://acpss.ahram.org.eg/News/21292.aspx
11 المرجع السابق.
12 “هل تفجر الخلافات حول رؤية اليوم التالي للحرب في غزة حكومة نتنياهو؟”، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 26/5/2024، الرابط: https://www.dohainstitute.org/ar/PoliticalStudies/Pages/will-disagreements-over-day-after-war-gaza-shatter-netanyahu-government.aspx
13 “خلافات نتنياهو وجالانت: في التكتيك لا في الاستراتيجية”، مرجع سابق.
14 “هل تفجر الخلافات حول رؤية اليوم التالي للحرب في غزة حكومة نتنياهو؟”، مرجع سابق.
15 “إعلام إسرائيلي: نتنياهو يمهد لإعادة الاستيطان في غزة فور عودة ترامب للحكم”، الجزيرة نت، 24/10/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2024/10/24/%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A-%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D9%8A%D9%85%D9%87%D8%AF-%D9%84%D8%A5%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%A9
16 ” المحكمة العليا الإسرائيلية تقر تجنيد الحريديم”، الجزيرة نت، 25/6/2024، الرابط: https://www.ajnet.me/news/2024/6/25/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%82%D8%B1-%D8%AA%D8%AC%D9%86%D9%8A%D8%AF
17 ” الكنيست يمرر قانونا يعفي الحريديم من التجنيد ووزير الدفاع يصوت بالرفض”، الجزيرة نت، 11/6/2024، الرابط: https://tinyurl.com/3mnrywfn
18 ” الكنيست يصوت لصالح قانون إعفاء “الحريديم” من التجنيد.. ووزير الدفاع يعارض”، الشرق نيوز، 10/6/2024، الرابط: https://asharq.com/politics/90931/%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%86%D9%8A%D8%B3%D8%AA-%D9%8A%D8%B5%D9%88%D8%AA-%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86-%D8%A5%D8%B9%D9%81%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D9%85-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AC%D9%86%D9%8A%D8%AF-%D9%88%D8%AC%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA-%D9%8A%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D8%B6/
19 هو مشروع قانون تدعمه الأحزاب الحريدية (يهدوت هتوراه وشاس)، ويقترح تعديل شروط الدعم المالي المقدم للأطفال في الحضانات النهارية. حيث يسمح القانون للأسر التي تعمل فيها الأم فقط بالحصول على تخفيض الرسوم (وهذه سمة المجتمع الحريدي، حيث تعمل النساء في وظائف متدنية الأجور، في حين يعمل الذكور في دراسة التوراة). ويقول معارضو القانون أنه دعم مالي لهذه العائلات، بحيث يمكن للرجال عدم الالتحاق بالخدمة العسكرية، وبالتالي الاستفادة من هذه التخفيضات في تكاليف الحضانات، ويعد تقديم امتياز مهم للأسر الحريدية الكثيرة الأطفال، التي تواجه صعوبات في تغطية نفقات الحضانات. وهذا القانون يأتي كبديل من قانون التجنيد الذي يُلزم اليهود من المجتمع الحريدي بالتجنيد العسكري، كما يهدف القانون إلى توفير مزيد من الطرق للتهرب من الخدمة العسكرية من دون فقدان الدعم المالي للعائلات. وتقول الافتراضات أنه بمجرد تطبيق هذا القانون فإنه يؤدي إلى استمرار هذه الأسر في الحصول على التخفيضات على حساب العائلات التي يعمل فيها الوالدان (العائلات العلمانية).
20 يديعوت أحرنوت، “منذ الآن، أصبح نتنياهو وزير الدفاع، وقد تطول الحرب”، مرجع سابق.
21 ” غالانت يوافق على أوامر جديدة باستدعاء آلاف الحريديم للتجنيد”، الجزيرة نت، 5/11/2024، الرابط: https://www.ajnet.me/news/2024/11/5/%D8%BA%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA-%D9%8A%D9%88%D8%A7%D9%81%D9%82-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A3%D9%88%D8%A7%D9%85%D8%B1-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AF%D8%B9%D8%A7%D8%A1
22 “إقالة جالانت: دلالات التوقيت والتأثيرات المحتملة”، مرجع سابق.
23 “أسباب توقيت إقالة غالانت”، مرجع سابق.
24 “محللون: نتنياهو عيّن كاتس وساعر ليتحكم بمسار الحرب”، الجزيرة نت، 8/11/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/politics/2024/11/8/%D9%85%D8%AD%D9%84%D9%84%D9%88%D9%86-%D8%AA%D8%B9%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%83%D8%A7%D8%AA%D8%B3-%D9%88%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D8%B1-%D9%84%D9%8A%D8%AA%D8%AD%D9%83%D9%85
25 معاريف، “نتنياهو يقيل وزير الدفاع غالانت بحجة وجود ثغرات كبيرة بينهما بشأن إدارة الحرب ويعيّن وزير الخارجية يسرائيل كاتس خلفاً له”، مرجع سابق.
26 ” إقالة غالانت.. انتقادات واحتجاجات بالشارع وبن غفير يهنئ وواشنطن متفاجئة”، الجزيرة نت، 5/11/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2024/11/5/%D8%B9%D8%A7%D8%AC%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A9-12-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%86%D8%AF%D9%84%D8%A7%D8%B9
27 “أسباب توقيت إقالة غالانت”، مرجع سابق.
28 “الوثائق المسربة: تهديد للأمن القومي أم أداة لعب سياسية”، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)، 11/11/2024، الرابط: https://www.madarcenter.org/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D9%87%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A/%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B1%D8%8C-%D9%88%D8%AB%D8%A7%D8%A6%D9%82%D8%8C-%D8%AA%D8%BA%D8%B7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%AE%D8%A7%D8%B5%D8%A9/12335-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AB%D8%A7%D8%A6%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%B1%D8%A8%D8%A9-%D8%AA%D9%87%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D9%84%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%85%D9%8A-%D8%A3%D9%85-%D8%A3%D8%AF%D8%A7%D8%A9-%D9%84%D8%B9%D8%A8-%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9%D8%9F
29 “هآرتس: هذه هي الادعاءات الجنائية التي تلاحق مكتب نتنياهو”، الجزيرة نت، 11/11/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2024/11/11/%D9%87%D8%A2%D8%B1%D8%AA%D8%B3-%D9%87%D8%B0%D9%87-%D9%87%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AF%D8%B9%D8%A7%D8%A1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A
30 معاريف، “رئيس ديوان نتنياهو هو المسؤول المشتبه به في ابتزاز ضابط في الجيش الإسرائيلي لتغيير محاضر اجتماعات في وقت الحرب”، مختارات من الصحف العبرية، 11/11/2024، الرابط: https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/35675
31 “إقالة غالانت وتوسيع ائتلاف حكومة نتنياهو: التداعيات والتحديات”، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 12/11/2024، الرابط: https://www.dohainstitute.org/ar/PoliticalStudies/Pages/gallant-dismissal-and-expansion-of-netanyahu-coalition.aspx
32 “خلافات نتنياهو وجالانت: في التكتيك لا في الاستراتيجية”، مرجع سابق.
33 ” “الكابينت” يجتمع الاثنين وسط خلافات بين نتنياهو وغالانت بشأن لبنان”، الأناضول، 16/9/2024، الرابط: https://www.aa.com.tr/ar/%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84/%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D9%86%D8%AA-%D9%8A%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AB%D9%86%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%A7%D8%AA-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D9%88%D8%BA%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA-%D8%A8%D8%B4%D8%A3%D9%86-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86/3331241#
34 “نتنياهو وجالانت: خلافات جوهرية وتداعيات خطيرة!”، مركز الدراسات الاستراتيجية وتنمية القيم، 24/8/2024، الرابط: https://nvdeg.org/%d9%86%d8%aa%d9%86%d9%8a%d8%a7%d9%87%d9%88-%d9%88%d8%ac%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%86%d8%aa-%d8%ae%d9%84%d8%a7%d9%81%d8%a7%d8%aa-%d8%ac%d9%88%d9%87%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%aa%d8%af%d8%a7%d8%b9%d9%8a/
35 يديعوت أحرنوت، “منذ الآن، أصبح نتنياهو وزير الدفاع، وقد تطول الحرب”، مرجع سابق.
36 “إقالة جالانت: دلالات التوقيت والتأثيرات المحتملة”، مرجع سابق.
37 “إقالة غالانت وتوسيع ائتلاف حكومة نتنياهو: التداعيات والتحديات”، مرجع سابق.
38 “إقالة جالانت: دلالات التوقيت والتأثيرات المحتملة”، مرجع سابق.
39 يديعوت أحرنوت، “منذ الآن، أصبح نتنياهو وزير الدفاع، وقد تطول الحرب”، مرجع سابق.
40 “عن توقعات نتنياهو من استعادة ترامب مفاتيح البيت الأبيض وعن مآربه من إقالة غالانت”، المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية (مدار)، 11/11/2024، الرابط: https://www.madarcenter.org/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D9%87%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A/%D9%83%D9%84%D9%85%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%8A%D8%A9/12339-%D8%B9%D9%86-%D8%AA%D9%88%D9%82%D8%B9%D8%A7%D8%AA-%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%85%D9%81%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%A8%D9%8A%D8%B6-%D9%88%D8%B9%D9%86-%D9%85%D8%A2%D8%B1%D8%A8%D9%87-%D9%85%D9%86-%D8%A5%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%BA%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA
41 “إقالة جالانت: دلالات التوقيت والتأثيرات المحتملة”، مرجع سابق.
42 يديعوت أحرنوت، “منذ الآن، أصبح نتنياهو وزير الدفاع، وقد تطول الحرب”، مرجع سابق.
43 “مسؤول أميركي: قلقون من إقالة غالانت ولا علاقات لنا بخليفته”، الجزيرة نت، 8/11/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2024/11/8/%D9%85%D8%B3%D8%A4%D9%88%D9%84-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D9%82%D9%84%D9%82%D9%88%D9%86-%D9%85%D9%86-%D8%A5%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%BA%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA-%D9%88%D9%84%D8%A7
44 “البنتاغون يعلّق على قرار إقالة غالانت”، الجزيرة نت، 6/11/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2024/11/6/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%AA%D8%A7%D8%BA%D9%88%D9%86-%D9%8A%D8%B9%D9%84%D9%82-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%A5%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%BA%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA
45 يديعوت أحرنوت، “منذ الآن، أصبح نتنياهو وزير الدفاع، وقد تطول الحرب”، مرجع سابق.
46 “نتنياهو يقيل وزير الدفاع غالانت بحجة وجود ثغرات كبيرة بينهما بشأن إدارة الحرب ويعيّن وزير الخارجية يسرائيل كاتس خلفاً له”، مرجع سابق.
47 “إسرائيل.. التماس قضائي لإلغاء قرار إقالة غالانت”، الحرة، 6/11/2024، الرابط: https://www.alhurra.com/israel/2024/11/06/%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B3-%D9%82%D8%B6%D8%A7%D8%A6%D9%8A-%D9%84%D8%A5%D9%84%D8%BA%D8%A7%D8%A1-%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%A5%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%BA%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA
48 “لماذا تخلص نتنياهو من غالانت الآن تحديدًا؟”، الجزيرة نت، 6/11/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/opinions/2024/11/6/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%AA%D8%AE%D9%84%D8%B5-%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D9%85%D9%86-%D8%BA%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D9%86
49 المرجع السابق.
50 يديعوت أحرنوت، “زعماء المعارضة في إسرائيل في بيان مشترك: إقالة غالانت تمّت لأسباب سياسية فقط”، مختارات من الصحف العبرية، 7/11/2024، الرابط: https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/35649
51 “نتنياهو يقيل وزير الدفاع غالانت بحجة وجود ثغرات كبيرة بينهما بشأن إدارة الحرب ويعيّن وزير الخارجية يسرائيل كاتس خلفاً له”، مرجع سابق.
52 “صحف عالمية: إقالة غالانت تمنح نتنياهو حرية أكبر بإدارة حروب إسرائيل”، الجزيرة نت، 8/11/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/politics/2024/11/8/%D8%B5%D8%AD%D9%81-%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A5%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%BA%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA-%D8%AA%D9%85%D9%86%D8%AD-%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88
53 “في ما وراء إقالة غالانت: نتنياهو يتحصّن بوجه خصومه”، الأخبار، 7/11/2024، الرابط: https://al-akhbar.com/Palestine/387313/%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%A7-%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%A5%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%BA%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA-%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D9%8A%D8%AA%D8%AD%D8%B5-%D9%86-%D8%A8%D9%88%D8%AC%D9%87-%D8%AE%D8%B5%D9%88%D9%85
54 “عدو المؤسسات الدولية.. من هو يسرائيل كاتس الوزير الجديد لجيش الاحتلال؟”، عربي بوست، 6/11/2024، الرابط: https://arabicpost.net/%d8%a8%d8%b1%d9%88%d9%81%d8%a7%d9%8a%d9%84/2024/11/06/%d9%8a%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d9%84-%d9%83%d8%a7%d8%aa%d8%b3/
55 “إقالة جالانت: دلالات التوقيت والتأثيرات المحتملة”، مرجع سابق.
56 يديعوت أحرنوت، “وزير الدفاع يسرائيل كاتس ضد وقف إطلاق النار ويطالب بنزع سلاح حزب الله”، مختارات من الصحف العبرية، 12/11/2024، الرابط: https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/35682
57 “مكتب نتانياهو يرد على تقارير إقالة هاليفي ورئيسي الموساد والشاباك”، الحرة، 6/11/2024، الرابط: https://www.alhurra.com/israel/2024/11/06/%D9%85%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D9%86%D8%AA%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D9%8A%D8%B1%D8%AF-%D8%AA%D9%82%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D8%A5%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D9%87%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%81%D9%8A-%D9%88%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B3%D8%A7%D8%AF-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D9%83
58 “أسباب توقيت إقالة غالانت”، مرجع سابق.
59 “لماذا تخلص نتنياهو من غالانت الآن تحديدًا؟”، مرجع سابق.
60 “في ما وراء إقالة غالانت: نتنياهو يتحصّن بوجه خصومه”، مرجع سابق.
61 “صحف عالمية: إقالة غالانت تمنح نتنياهو حرية أكبر بإدارة حروب إسرائيل”، مرجع سابق.
62 “في ما وراء إقالة غالانت: نتنياهو يتحصّن بوجه خصومه”، مرجع سابق.
63 يديعوت أحرنوت، “منذ الآن، أصبح نتنياهو وزير الدفاع، وقد تطول الحرب”، مرجع سابق.
64 يديعوت أحرنوت، “هل ينتظر نتنياهو ترامب؟ فرص التوصل إلى صفقة بعد الانقلاب التاريخي في الولايات المتحدة، وبعد إقالة غالانت”، مختارات من الصحف العبرية، 7/11/2024، الرابط: https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/35653
65 “إقالة غالانت وتعيين كاتس: نتنياهو يضمن جيشًا مطواعًا لأجنداته”، مرجع سابق.
66 “عن توقعات نتنياهو من استعادة ترامب مفاتيح البيت الأبيض وعن مآربه من إقالة غالانت”، مرجع سابق.
67 “إقالة غالانت وتعيين كاتس: نتنياهو يضمن جيشًا مطواعًا لأجنداته”، مرجع سابق.