دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، بوساطة أميركية، حيز التنفيذ في 27 نوفمبر 2024، لينهي نحو 14 شهرًا من المواجهات بين الطرفين. وكان حزب الله بادر في اليوم التالي لعملية طوفان الأقصى، التي أطلقتها حركة المقاومة الإسلامية “حماس” في 7 أكتوبر 2023، إلى فتح جبهة مواجهة محدودة لمساندة قطاع غزة، حولتها إسرائيل إلى حرب مفتوحة بلغت ذروتها في 23 سبتمبر 2024، عندما أطلقت ما أسمته عملية “سهام الشمال”، وتلا ذلك اجتياح بري لجنوب لبنان في 30 من الشهر نفسه1. واستند اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل إلى تجديد التزام الحكومة اللبنانية والاحتلال الإسرائيلي بالتطبيق الكامل للقرار الأممي 1701 الذي أنهى الحرب عام 2006. وبناءً على ذلك؛ سينسحب جيش الاحتلال من جنوب لبنان في أجل لا يتعدى 60 يومًا، مقابل انتشار نحو 5 آلاف من قوات الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني بما يشمل 33 موقعًا على الحدود مع الأراضي المحتلة. في حين، ينسحب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، الذي يبعد نحو 30 كيلومترًا شمال الحدود. وسوف تشرف على مراقبة تنفيذ الاتفاق آلية ثلاثية قائمة مسبقًا بين قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) والجيش اللبناني وجيش الاحتلال الإسرائيلي، مع توسيعها لتشمل الولايات المتحدة وفرنسا، وسترأس واشنطن هذه المجموعة2. وقد أثار هذا الاتفاق العديد من التساؤلات، من قبيل؛ لماذا وافق حزب الله علي اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل؟ وما هي التحديات التي يمكن أن تحول دون تنفيذ هذا الاتفاق؟ وإلي أي مدي يمكن أن يستمر هذا الاتفاق؟
أولًا: بنود اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل:
لم ينشر أي من الأطراف (لبنان وإسرائيل)، ولا حتى الوسيط الأميركي، نصًا رسميًا للاتفاق. ولكن نشرت صحيفة “الأخبار” المقربة من حزب الله ما قالت أنه نص رسمي للاتفاق، وتتمثل أبرز بنوده في:
- ستنفذ إسرائيل ولبنان وقفًا للأعمال العدائية بدءًا من الساعة 04:00 (بتوقيت شرق أوروبا) في 27 نوفمبر 2024، وفقًا للشروط المفصلة أدناه.
- اعتبارًا من الساعة 04:00 (توقيت شرق أوروبا)، 27 نوفمبر 2024 فصاعدًا، ستمنع حكومة لبنان حزب الله وجميع الجماعات المسلحة الأخرى داخل أراضيها من القيام بأي عمليات ضد إسرائيل. وستوقف إسرائيل جميع العمليات العسكرية الهجومية التي تستهدف الأراضي اللبنانية، بما في ذلك الأهداف المدنية أو العسكرية أو أهداف الدولة الأخرى، برًا أو جوًا أو بحرًا.
- تدرك كل من إسرائيل ولبنان الدور الحاسم لقرار مجلس الأمن الرقم 17013 في تعزيز السلام والأمن الدائمين ويتعهدان باتخاذ خطوات نحو تنفيذه الكامل والحازم.
- لا تقيد هذه الالتزامات إسرائيل أو لبنان من ممارسة حقهما المتأصل في الدفاع عن النفس، بما يتفق مع القانون الدولي.
- دون المساس بدور ومسؤوليات قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفل) أو الالتزامات المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الرقم 1701 وقراراته السابقة، لن يُسمح إلا للقوات العسكرية والأمنية الرسمية اللبنانية والبنية الأساسية والأسلحة في منطقة جنوب الليطاني، كما هو محدد في خطة انتشار القوات المسلحة اللبنانية المرفقة (المشار إليها في ما يلي باسم “منطقة جنوب الليطاني”).
- تماشيًا مع قرار مجلس الأمن الرقم 1701 والقرارات السابقة له، ولمنع إعادة تأسيس وإعادة تسليح الجماعات المسلحة غير التابعة للدولة في لبنان، ستنظم حكومة لبنان بيع وتوريد الأسلحة والمواد ذات الصلة، ويشمل هذا جميع الواردات إلى لبنان وكذلك إنتاج الأسلحة والمواد ذات الصلة.
- من أجل تنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الرقم 1701، وعند بدء وقف الأعمال العدائية كما هو موضح في الفقرة 1، ستمنح حكومة لبنان جميع السلطات اللازمة، بما في ذلك حرية التنقل، للقوات العسكرية والأمنية اللبنانية الرسمية. وتماشيًا مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الرقم 1701 والقرارات السابقة له، ستقوم هذه القوات بما يلي: أ. مراقبة ومنع أي دخول أو حركة غير مصرح بها للأسلحة والمواد ذات الصلة داخل لبنان وفي جميع أنحائه، بما في ذلك من خلال جميع المعابر الحدودية، ووقف أي إنتاج غير مصرح به للأسلحة والمواد ذات الصلة داخل لبنان. ب. البدء بمنطقة جنوب الليطاني لتفكيك جميع المرافق غير المصرح بها التي تشارك في إنتاج الأسلحة والمواد ذات الصلة، وضمان عدم إنشاء أي مرافق جديدة من هذا النوع في المستقبل. ج. البدء بمنطقة جنوب الليطاني، لتفكيك جميع البنية الأساسية والمواقع العسكرية غير المصرح بها، ومصادرة أي أسلحة تتعارض مع هذه الالتزامات.
- تتعهد الولايات المتحدة وفرنسا بدعم هذه الجهود من خلال اللجنة الفنية العسكرية للبنان (MTC4L) من خلال تسهيل نشر عشرة آلاف جندي من القوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان بأسرع وقت ممكن. كما تعتزم الولايات المتحدة وفرنسا العمل مع المجتمع الدولي لتقديم المساعدة اللازمة لتعزيز مستوى انتشار القوات المسلحة اللبنانية وتحسين قدراتها.
- عند بدء وقف الأعمال العدائية كما هو موضح في الفقرة 1، ومن دون المساس بولاية اليونيفل ومسؤولياتها بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الرقم 1701 والقرارات السابقة له، تتفق إسرائيل ولبنان، بالتنسيق مع اليونيفل، على إعادة صياغة وتعزيز الآلية الثلاثية (المشار إليها في ما يلي باسم “الآلية”). وستقوم الآلية المُعادة صياغتها، التي تستضيفها اليونيفل برئاسة الولايات المتحدة، بما في ذلك فرنسا، بمراقبة هذه الالتزامات والتحقق منها والمساعدة في تنفيذها. أ. ستتعاون إسرائيل ولبنان مع الآلية، ويسهلان عملها، ويضمنان سلامة أفرادها. ب. ستتعاون الآلية مع اللجنة الفنية العسكرية للبنان (MTC4L) لتعزيز قدرة القوات المسلحة اللبنانية وتدريبها على تفتيش وتفكيك المواقع والبنية الأساسية غير المصرح بها، سواء فوق الأرض أو تحتها، ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها، ومنع وجود الجماعات المسلحة غير المصرح بها. ج. وفي الوقت نفسه، ستواصل اليونيفل عملها المنوط بها، بما في ذلك الجهود الرامية إلى تعزيز فعالية الآلية من خلال دورها في الدعوة إلى عقد اجتماعات.
- ستقوم إسرائيل ولبنان بإبلاغ الآلية واليونيفل بأي انتهاكات مزعومة، من دون المساس بحقهما في التواصل مباشرة مع مجلس الأمن. وستضع الآلية إجراءات للتشاور والتفتيش وجمع الأدلة لمعالجة الانتهاكات المُبلغ عنها وتنفيذ الالتزامات.
- عند بدء وقف الأعمال العدائية وفقًا للفقرة 1، سينشر لبنان قواته العسكرية والأمنية الرسمية لتأمين جميع الحدود وتنظيم المعابر الحدودية البرية والجوية والبحرية الرسمية وغير الرسمية. بالإضافة إلى ذلك، ستنشئ القوات المسلحة اللبنانية حواجز ونقاط تفتيش على الطرق والجسور على طول الخط الذي يحدد منطقة جنوب الليطاني.
- عند وقف الأعمال العدائية وفقاً للفقرة 1، ستبدأ إسرائيل انسحابًا تدريجيًا لقواتها إلى مواقع جنوب الخط الأزرق. وبالتوازي، ستنتشر القوات المسلحة اللبنانية في مواقع داخل منطقة جنوب الليطاني، كما هو محدد في خطة انتشار القوات المسلحة اللبنانية، وستبدأ التزاماتها بموجب هذه التعهدات، بما في ذلك تفكيك المواقع والبنية التحتية الأساسية غير المصرح بها ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها والمواد ذات الصلة. ستشرف الآلية على الانسحاب التدريجي لجيش الدفاع الإسرائيلي ونشر القوات المسلحة اللبنانية، وتنسيقه، وضمان اكتمال العملية في غضون 60 يومًا.
- تطلب إسرائيل ولبنان بشكل مشترك من الولايات المتحدة، بالشراكة مع الأمم المتحدة، تسهيل المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل ولبنان لحل النقاط المتنازع عليها المتبقية على طول الخط الأزرق، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الرقم 17014.
وجدير بالذكر هنا، أنه قبل التوصل إلي هذا الاتفاق وخلال فترة المفاوضات التي قادها المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين، فإن حزب الله والحكومة اللبنانية (التي مثلها في المفاوضات رئيس الوزراء نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وإن كان الأخير يمثل الحزب بدرجة أكبر من تمثيله للحكومة) كانا يصران على الوقف المتبادل لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، والتطبيق المتبادل للقرار الأممي 1701 وعدم إدخال أي تعديلات عليه من باب الزيادة أو النقصان، وعدم اعتماد أي ترتيبات أو اجراءات تُمكن إسرائيل مستقبلًا من خرق السيادة اللبنانية5.
ولذلك؛ فإن الحزب والحكومة اللبنانية كانا لديهما تحفظات وتساؤلات حول المقترحات التي قدمتها الولايات المتحدة، سواء عبر مبعوثها للشرق الأوسط عاموس هوكشتاين أو عبر السفيرة الأمريكية في لبنان ليزا جونسون، للتوصل إلي وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، تمثلت في:
- الحاجة إلى تفاصيل عمل اللجنة المقترحة للإشراف على تنفيذ القرار 1701، إذ يعتبر الحزب أن هناك آلية موجودة تتمثل باللجنة الثلاثية التي تضم لبنان وإسرائيل برئاسة قوات الأمم المتحدة (اليونيفيل). ورغم عدم ممانعة الحزب انضمام أطراف جديدة إلى اللجنة، إلا أنه لا يرحب بأن تضم ممثلين عن أطراف مثل بريطانيا وألمانيا، على أن يقتصر الأمر على الولايات المتحدة وفرنسا.
- تمسك الحزب بوضع تعريف دقيق لمهمة اللجنة، إذ ان الآلية الحالية تعمل على تسجيل الخروقات من الجانبين، وتتدارس في ما بينها في طريقة تجنبها أو معالجتها. وبما أن الجانب الأميركي يقول إن هذه الآلية لم تكن ناجعة في منع إسرائيل وحزب الله من خرق القرار، فإن المقترح يفتح الباب أمام مهام جديدة للجنة، من شأنها نسف جوهر القرار 1701، سيما أن لبنان مصر على أن الجيش اللبناني هو الجهة الوحيدة التي تتولى العمل على الأرض، وأن القوات الدولية وُجدت لمساعدة الجيش على بسط سلطته لا للحلول محله. وبالتالي، تتركز الهواجس اللبنانية حول ما إذا كان المقترح يريد منح اللجنة صلاحيات إدارة عمليات المراقبة، وحتى اختيار أدواتها التنفيذية.
- إن رفض لبنان المس بسيادته لا يعني فقط عدم موافقته على منح إسرائيل أي حق بالتدخل في تنفيذ القرار، بل يهدف أيضًا إلى الحؤول دون خيارات تقود إلى مواجهات بين القوات الدولية والجيش من جهة، وبين أبناء الجنوب من جهة أخرى، وهو لا يريد مقايضة وقف إطلاق النار مع العدو باحتمال خسارة استقراره الداخلي. وهذا بالتحديد ما يجب توضيحه، والتثبت من الإجراءات العملانية لجهة الإشراف والمراقبة وحرية الحركة، خصوصًا أن إسرائيل تريد ذلك من جانب واحد، أي أن تأخذ اللجنة الجديدة بطلباتها التي ستكون مرفقة ببيانات وخرائط تقدمها قوات الاحتلال، وهو أمر يرفضه لبنان بالمطلق. كما يرفض إطلاق العنان للقوات الدولية للمداهمة والتفتيش بناءً على ادعاءات إسرائيلية.
- ومن نقاط التحفظ اللبنانية التي ترد على شكل أسئلة هي ما يتصل بالداتا والمعلومات التي تعمل عليها القوات الدولية أو اللجنة نفسها، إذ يرفض لبنان مشاركة العدو في الداتا التي تخص الأراضي اللبنانية، وإشراك إسرائيل في النتائج العملانية للقوات الدولية والجيش اللبناني، علمًا أن الأميركيين يتحدثون منذ الآن عن نيتهم دعم المقترح البريطاني بإقامة أبراج مراقبة على طول الحدود مع لبنان، على أن تكون وجهة الكاميرات إلى الأراضي اللبنانية6.
ويبدو أن الحزب قد تراجع بشكل كبير عن هذه التحفظات وتلك الشروط، وهو ما يمكن توضيحه كما يلي:
أ- أن اتفاق وقف إطلاق النار جاء تحت عنوان تطبيق القرار 1701 بحذافيره كما كان يطالب لبنان، لكن جرى تضمينه إضافات غيرت في الشكل والمضمون، وضعها الجانب الأميركي بالتنسيق مع الإسرائيلي؛ ما جعله فعليًا اتفاقًا جديدًا مختلفًا عن سابقه. من أبرز هذه الإضافات توسيع لجنة المراقبة والإشراف على تطبيق الاتفاق لتصبح خماسية، يرأسها جنرال أميركي ويعاونه مساعد فرنسي إلى جانب عضوية لبنان وإسرائيل وقوات حفظ السلام الدولية “اليونيفيل” بعدما كانت ثلاثية تقتصر علي لبنان وإسرائيل واليونيفيل7. ومن اللافت هنا، أن الحزب لم يقبل انضمام الولايات المتحدة إلى اللجنة فقط، بل إنه وافق علي ترؤسها في خطوة غريبة، إذا ما أخذنا بالاعتبار النظرة المريبة للحزب إلى واشنطن وتأييدها المطلق لإسرائيل ودورها في هذه الحرب تحديدًا8. ناهيك عن أن هذا التعديل قد ينطوي على شكل من أشكال الوصاية الأميركية، لاسيما أن دور اللجنة سيتعدى جنوب الليطاني ليشمل المعابر الحدودية لمنع وصول السلاح إلى القوى المسلحة غير الشرعية، في إشارة ضمنية إلى سلاح حزب الله.
ومن جانب آخر؛ ففي حين أن الحزب كان يصر علي أن يكون الدور الأمريكي رقابي فقط، فإن إسرائيل أرادت أن يكون هذا الدور عسكري تنفيذي، وبحسب قراءة البعض فإن الاتفاق قد جعل الدور الأمريكي تنفيذي وليس رقابي فقط. فتوسيع لجنة المراقبة بدخول الولايات المتحدة وفرنسا يعني وجود حوكمة دولية على تنفيذ القرار، علي عكس الآلية الثلاثية التي كانت تجتمع بشكل موضعي عند التبليغ عن خروقات، ولكنها كانت تفتقد للنفوذ اللازم الذي يجبر طرفي الصراع على الانصياع لقراراتها9.
ب- أنه في حين تفضل إسرائيل إشراك دول أوروبية فقط في لجنة المراقبة، فإن لبنان يطالب بإدراج دولة عربية واحدة على الأقل10، ولكن إلي الآن لم يتم الإعلان عن وجود أي دولة عربية في اللجنة. أكثر من ذلك، فقد أبدي الحزب مرونة – بعد ضغط أميركي – بشأن إشراك بريطانيا في لجنة المراقبة11. ويبدو أنه تم التسليم بعدم تمثيل ألمانيا كونها موجودة أصلًا في إطار القوات الدولية للأمم المتحدة (اليونيفيل)12. وفي المقابل أصرت الولايات المتحدة على إشراك فرنسا – بعدما كانت تتحفظ إسرائيل علي مشاركتها – باعتبارها الطرف الأوروبي الوحيد الذي يتواصل مع حزب الله13.
ج- خلافًا للقرار 1701 الذي ينص على الانسحاب “الفوري” لإسرائيل من الأراضي المحتلة، منح الاتفاق الجديد الإسرائيليين مهلة 60 يومًا؛ ما جعل انسحابهم مشروطًا بتنفيذ الاتفاق من جانب حزب الله، ما يعني أن استرجاع الأرض بات مرهونًا بالتزام الحزب ببنود الاتفاق14.
د- صيغ الاتفاق بطريقة تفتح مجالًا واسعًا للتأويل؛ فقد أشار مثلًا إلى أن القرار 1701 يتضمن التنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن السابقة التي استند إليها، بما يشمل القرار 1559 من دون ذكره صراحة، الذي يدعو إلى نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة. وأكد الاتفاق أن للبنان وإسرائيل الحق في الدفاع عن النفس بما يتفق مع القانون الدولي، وقد رأى كثيرون أن هذا يتيح لإسرائيل مجالًا واسعًا لتضرب حزب الله بذريعة “الحق في الدفاع عن النفس”، في حين أن الحزب سوف يحجم عن أي عمل ضدها خوفًا من الانزلاق مجددًا إلى مواجهة مفتوحة معها. كما يري البعض أن هذا البند يمنح حرية الحركة للجيش الإسرائيلي في لبنان بما في ذلك الوجود في المجال الجوي اللبناني والتي أصرت عليها إسرائيل ورفضها لبنان.
ه- جاء في الاتفاق أن الجيش اللبناني، بالتوازي مع انسحاب الجيش الإسرائيلي، سينشر نحو 10 آلاف عنصر في جنوب الليطاني وسيباشر في تنفيذ التزاماته، بما في ذلك تفكيك المواقع والبنى التحتية (غير التابعة للدولة اللبنانية)، ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها (في إشارة ضمنية إلى أسلحة حزب الله ومواقعه وأنفاقه). وستراقب القوات العسكرية والأمنية اللبنانية وصول مختلف أنواع الأسلحة إلى المنظمات غير التابعة للدولة اللبنانية وتمنعه، وفي الوقت نفسه تتولى الحكومة اللبنانية تنظيم إنتاج الأسلحة في لبنان ومراقبته. كانت هذه هي الشروط الإسرائيلية لوقف الحرب، وهي عمليًا أهدافها المعلنة، وقد تضمنها الاتفاق15.
و- فيما أكد الجانب اللبناني أن المقترح الأميركي لا يعطي الجيش الإسرائيلي حرية الحركة في لبنان16، فقد كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن ورقة أطلقت عليها اسم “وثيقة ضمانات أميركية”، وهي وثيقة جانبية إضافية على نص اتفاق وقف القتال مع حزب الله. وفي نص الوثيقة الجانبية، كان أبرز ما في الضمانات الأميركية “منح إسرائيل حق الرد على أي تهديدات قد تكون وشيكة من لبنان”، بالإضافة إلى عزم واشنطن على المشاركة مع إسرائيل في تبادل المعلومات الاستخباراتية الحساسة التي تتعلق بالانتهاكات، و”التعاون مع إسرائيل لكبح أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في لبنان، بما في ذلك منع نقل الأسلحة والمساعدات أو أي أنشطة أخرى تنطلق من الأراضي الإيرانية”17.
ثانيًا: محددات موافقة حزب الله علي وقف إطلاق النار مع إسرائيل:
تتمثل محددات قبول حزب الله اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل في:
1- الخسائر الكبيرة التي تكبدها الحزب: وتحديدًا منذ أن اغتالت إسرائيل القائد العسكري للحزب فؤاد شكر في غارة جوية شنتها على الضاحية الجنوبية لبيروت، في 30 يوليو 2024. ووجهت له ضربات مؤلمة بدأت بتفجير أجهزة البيجر واللاسلكي (توكي ووكي)، يومي 17 و18 سبتمبر، ثم اغتيال قادة وحدة الرضوان في غارة جوية شنتها في 20 من الشهر نفسه، قبل أن تطلق العنان لغارات جوية واسعة بلغت ذروتها باغتيال الأمين العام للحزب، حسن نصر الله، في الضاحية الجنوبية، يوم 27 من الشهر نفسه، ثم تصفية القسم الأعظم من قيادات الصف الأول السياسية والعسكرية، وقطاع واسع من كوادره (خسر الحزب ما يصل إلى أربعة آلاف من المقاتلين)، وتدمير قسم كبير من ترسانة صواريخه الدقيقة البعيدة والمتوسطة المدى، فضلًا عن استهداف شبكة خدماته المالية (مؤسسة القرض الحسن) والصحية والاجتماعية، والقصف الهمجي الذي شمل حاضنته الاجتماعية، بما في ذلك تدمير قرى بأكملها في جنوب لبنان، وأكثر من 400 بناية سكنية في الضاحية الجنوبية، وصولًا إلى البقاع، حيث يتركز أيضًا جزء مهم من بيئة الحزب الاجتماعية (قُدر عدد المساكن التي دُمرت جزئيًا أو كليًا في مختلف أنحاء لبنان بما لا يقل عن مئة ألف مسكن18، فيما نزح أكثر من 1.2 مليون شخص بما يشكل حوالي 20٪ من السكان19). دفع كل ذلك حزب الله، الذي صار وجوده مهددًا ليس فقط بصفته قوة عسكرية لها امتدادات ونشاطات إقليمية، بل أيضًا ضمن المعادلة الداخلية اللبنانية باعتباره التنظيم السياسي والعسكري الأبرز، إلى القبول بوقف إطلاق النار وفق الشروط التي فُرضت عليه20.
وفي المقابل، وعلى الرغم من المقاومة الهائلة التي واجهها الجيش الإسرائيلي، فقد نجح فعلًا في إحراز تقدم وإن محدودًا في محاور الاختراق البري في الجنوب. ولأن الجيش الإسرائيلي سارع إلى تغيير تكتيكاته، فقد تراجعت خسائره بصورة ملحوظة في معظم محاور الاشتباك خلال الشهر الثاني من العملية البرية.
وعلى مستوى تبادل القصف الجوي، ظلت الخسائر التي توقعها صواريخ ومسيرات الحزب في إسرائيل محدودة، ولم تضف الكثير إلى تهجير سكان بلدات ومستعمرات شمالي إسرائيل. لزيادة كلفة الحرب على الجانب الإسرائيلي، أصبح على الحزب اللجوء إلى مستوى نوعي آخر من الصواريخ والمسيرات، وتوسيع نطاق المجال الإسرائيلي المستهدف. ولكن مثل هذا التطور كان سيفضي إلى تطور مواز في نطاق الهجمات الإسرائيلية على لبنان، ومن ثم إلى تدمير البنية التحتية للدولة اللبنانية، وإيقاع خسائر هائلة بالبلاد21.
وعلي ضوء ذلك، فإن الحزب يرى في الاتفاق فرصة لالتقاط الأنفاس، والحد من الضرر الهائل الذي جلبته الحرب له، والتفكير في الكيفية التي تمكنه من التعافي لاحقًا من هذا الضرر22.
2- رغبة إيران في وقف التصعيد مع إسرائيل: لم يقتصر التفاوض على اتفاق وقف إطلاق النار على لبنان (حزب الله) وإسرائيل، بل كانت إيران طرفًا أصيلًا في الاتصالات التي أنتجت الاتفاق. ويعتقد أن الولايات المتحدة، التي لعبت دور الوسيط، تبادلت الرسائل مع طهران بصورة غير مباشرة طوال المسار التفاوضي. علاقة حزب الله بإيران ليست بالأمر الخافي على أحد، ويعرف الأميركيون أن الحزب لم يكن يقبل بالاتفاق حول نهاية الحرب في جبهتها اللبنانية بدون موافقة إيرانية23.
وجدير بالإشارة هنا، أن رد حزب الله بالإيجاب على مشروع وقف إطلاق النار الذي سبق أن نقلته السفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون إلى رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، بوصف الأخير المفوض من حزب الله بالتفاوض نيابة عنه، بعدما زكت طهران هذا التكليف، قد جاء بالتزامن مع زيارة علي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، إلى العاصمة اللبنانية. كما كان لافتًا تصريح رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، حين أبدى استعداد إيران للتفاوض مع فرنسا حول تطبيق القرار 1701، ما دفع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي للتعبير عن استغرابه من الموقف الإيراني، واعتبره “تدخلًا فاضحًا” في الشأن اللبناني، ومحاولة لتكريس وصاية مرفوضة على البلاد، وطلب من وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب استدعاء القائم بأعمال السفارة الإيرانية في لبنان للاحتجاج على تصريح قاليباف24.
وقد أصبحت إيران، بدون إرادة منها أو رغبة لديها، طرفًا في الحرب منذ اندلاعها في أكتوبر 2023، أساسًا بفعل الاتهامات التي وجهتها إسرائيل لإيران بدعمها للمقاومة الفلسطينية، ودعم حزب الله في سياسة مساندة قطاع غزة، إضافة إلى رغبة نتنياهو في استغلال حالة الحرب في الشرق الأوسط لتقويض البرنامج النووي الإيراني. ولكن الإيرانيين حاولوا من البداية النأي بالنفس، وتجنب تحويل أراضيهم إلى بؤرة صراع متسع، يصعب التحكم في مداه وفي أطرافه. ردت إيران على اغتيال رئيس مكتب حماس، إسماعيل هنية، بعملية قصف مركب من صواريخ وطائرات مسيرة، فردت إسرائيل ردًا محدودًا، فشنت إيران ضربة مركبة أوسع تشتمل على صواريخ فرط صوتية، فوجهت إسرائيل ضربة جديدة أوقع أثرًا لمواقع إيرانية متعددة، بما في ذلك أحد مواقع البرنامج النووي، فتوعدت إيران بالرد لكن يبدو أنها أجلته أو قررت التراجع كلية عن تهديداتها السابقة بالرد.
آخذة في الاعتبار التوكيد الأميركي المتكرر بالدفاع عن إسرائيل، والتهديدات الإسرائيلية لسوريا والعراق، وما تسرب من طلب أميركي لإيران بالخروج من سوريا، وجدت طهران أن استمرار الحرب في لبنان يفتح الباب لكافة أنواع المخاطر على وضعها الإقليمي، بل وعلى الأرض الإيرانية ذاتها. لعل إيران قدرت أيضًا أن العملية العسكرية الإسرائيلية في لبنان قد أوقعت خسائر ملموسة بحزب الله وحاضنته الشعبية، وأن استمرار الحرب، بغض النظر عن التكاليف التي تتحملها إسرائيل، قد يؤدي إلى إضعاف الحزب سياسيًا، بل وربما تحييده كلية في الساحة السياسية اللبنانية وتقرير مستقبل لبنان.
ولم يغب عن الإيرانيين موقف عدم الاكتراث الذي التزمه حليفهم الأسد في دمشق، وما يشاع عن تسريبات استخباراتية قامت بها أجهزة نظام الأسد تتعلق بمواقع خاصة بحزب الله وبإيران وبالميليشيات الشيعية التي جلبتها إيران في سوريا. وكان ملاحظًا في لبنان، وحتى قبل بدء العملية العسكرية الإسرائيلية، اندفاع بعض أبرز الأصوات المعروفة بارتباطها مع نظام الأسد إلى توجيه الانتقادات لحزب الله وإيران، وللطريقة التي أديرت بها المواجهة مع إسرائيل. خلال الأسابيع القليلة السابقة على اتفاق وقف النار في لبنان، قام ثلاثة من كبار المسؤولين الإيرانيين، بمن في ذلك قائد أركان الجيش الإيراني، بزيارة دمشق، في محاولات حثيثة، كما يبدو، لتفعيل الموقف السوري وتأمين الدعم الضروري لحزب الله. ولكن من غير الواضح ما إن كانت الضغوط الإيرانية قد أدت إلى أي تغيير ملموس في الموقف السوري.
الأهم في تحديد طبيعة الموقف الإيراني وتأييد طهران لاتفاق وقف النار في لبنان كان بالتأكيد فوز ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية، والإعلان عن المرشحين لشغل مواقع الأمن القومي والسياسة الخارجية في إدارته، الذي يشير إلى أن عددًا منهم من الخصوم المكرسين لإيران. لم تقم طهران بمد خطوط الاتصال مع الدوائر المحيطة بترامب، وحسب، ولكنها أعلنت رسميًا، في تراجع ملموس عن موقفها السابق، استعدادها للتفاوض على اتفاق نووي جديد، بديلًا عن الاتفاق الذي وُقع مع إدارة أوباما وألغاه ترامب في رئاسته الأولى.
ما يحاول الإيرانيون إظهاره، بكلمة أخرى، أنهم غير راغبين في التصعيد أو اتساع نطاق الحرب، وأنهم يدفعون باتجاه نهاية الحرب واحتواء حالة عدم الاستقرار في الجوار الإقليمي، في اتفاق مع المقاربة التي يزعم ترامب أنها ستؤسس لسياسته في الشرق الأوسط، وأنهم فوق ذلك على استعداد حتى للتفاوض مرة أخرى حول برنامجهم النووي25.
3-غياب التضامن العربي: فهناك غياب للتضامن العربي الرسمي مع المجازر التي يشهدها لبنان؛ففي الحالة الفلسطينية وفي موازاة ما شهده قطاع غزة من قتل ودمار، صارت الدوحة عاصمة لحركة حماس ومكانًا للتفاوض وتبادل الأسرى. في المقابل، لا أثر لأي حراك عربي في الحالة اللبنانية، بل إن المساعدات الإغاثية العربية كانت شديدة التواضع ولم تغط أكثر من 15 في المئة من حاجات النازحين، على رغم أن الأبواب كانت مفتوحة لإرسال المساعدات خلافًا لما أصاب قطاع غزة من الحصار26. كما أن الحراك الشعبي المناصر لحزب الله من قبل العرب والمسلمين كان شديد التواضع، وربما كان متأثرًا بالخلافات المذهبية (باعتبار الحزب شيعي) والسياسية (لما قام به الحزب من مجازر بحق الشعب السوري).
ثالثًا: التحديات التي تواجه حزب الله في اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل:
يمكن الإشارة إلي مجموعة من التحديات التي تواجه حزب الله في اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، وتتمثل أبرزها في:
1- ضرب فكرة وحدة الساحات: كان حزب الله يصر على أن مسار الحرب في لبنان مرتبط بمسار الحرب في غزة، وأن وقف إطلاق النار في لبنان لن يتم إلا بالتزامن مع وقف إطلاق النار في غزة، إلا أن ما حصل هو فصل المسارين، وقد استفز نتنياهو الحزب وحلفائه بالقول أن الاتفاق مع لبنان من شأنه أن يزيد تركيز الجيش الإسرائيلي على غزة27.
وبحسب بعض التحليلات، فقد أظهرت الحرب الإسرائيلية علي غزة، أن مشروع محور المقاومة لم يكن يستند إلى أسس استراتيجية صلبة، وأن قدرًا من المبالغة أحاط بصورة هذا المحور من البداية. فنهج المساندة الذي اتبعه حزب الله لقطاع غزة ظل محكومًا بسقف منخفض طوال عام الحرب الأول على غزة؛ وعندما فُرضت الحرب الشاملة على الحزب، لم يتحرك حلفاؤه في إيران والعراق واليمن وسوريا بأي درجة ملموسة لمساندة مقاومته وحاضنته الشعبية. وما ينطبق على الحزب، ينسحب على إيران بصورة ما، ليس فقط لأن إيران لم تستطع الظهور ندًا مكافئًا لإسرائيل، ولكن أيضًا لأن حلفاءها الإقليميين أظهروا فعالية منخفضة، نسبيًا، في التصدي للاعتداءات الإسرائيلية. وحدها المقاومة الفلسطينية لم تزل ثابتة في مواقعها؛ ولكن تحالف المقاومة الفلسطينية مع إيران كان دائمًا تحالفًا جزئيًا ومؤقتًا، ولم تكن المقاومة أبدًا أداة إيرانية، ولا هي أعربت عن التأييد للمشروع التوسعي الإيراني28.
2- نزع سلاح حزب الله: يتضح من بنود هذا الاتفاق أنه يهدف بصورة رئيسية إلي تجريد حزب الله من سلاحه في جنوب نهر الليطاني كمرحلة أولي ثم في جميع أنحاء الدولة اللبنانية كمرحلة لاحقة، وتوكيل هذه المهمة (نزع سلاح الحزب) إلي كل من الولايات المتحدة وإسرائيل والدولة اللبنانية (الجيش بالأساس).
وعلي الرغم من مراهنة حزب الله علي عدم تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، خاصة ما يتعلق بسحب سلاحه من جنوب نهر الليطاني؛ نظرًا إلي: أولًا؛ أن الحزب يبني على تجربة 2006 التي أثبتت أن ما يُكتب على الورق يمكن أن تعدله موازين التنفيذ على الأرض. فواقع الأمر أنه نجح في إفراغ القرار الدولي 1701 من مضمونه، وأبقى على وجوده العسكري جنوب الليطاني29. ثانيًا؛ أن الحزب ليس جيشًا نظاميًا بحيث يمكن التحقق ببساطة من أنه سيسحب قواته وأسلحته بالكامل من المنطقة، كما أن جزءًا كبيرًا من مسلحي الحزب هم من سكان الجنوب30، وعلى عكس تنظيمي “القاعدة” و”داعش”، فإن حزب الله جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والسياسي للبنان31، فضلًا عن الدور الكبير الذي لعبه الحزب من أجل تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي خاصة في حرب 2006، وما تكبده من تضحيات بشرية ومادية هائلة من أجل تحقيق هذا الهدف النبيل32. ثالثًا؛ يراهن الحزب علي خشية الجيش اللبناني من الدخول في صدام مع حزب الله لمنعه من إعادة تسليح نفسه أو لنزع سلاحه بالقوة؛ لأن ذلك قد يؤدي ببساطة إلى إشعال حرب أهلية في الداخل، حيث لايزال الحزب يحظى بحيثية كبيرة بين شيعة لبنان، وأن قوته بالنسبة لهم هي ضمانة لتعزيز حضورهم في السياسة الداخلية، كما هي ضمانة لحمايتهم من أي تهديد إسرائيلي لمناطقهم في المستقبل، بجانب إمكانية أن يؤدي ذلك إلي حالات تمرد وربما انشقاقات داخل الجيش نفسه لوجود مجندين شيعة ومؤيدين للحزب33. رابعًا؛ إدراك اللبنانيين أن الحزب هو الوحيد القادر علي مواجهة إسرائيل، وأن مهمة الجيش اللبناني – بحسب الاتفاق – ستكون ضمان أمن إسرائيل وليس مواجهتها، وبالقوة متى لزم الأمر؛ فالولايات المتحدة والقوات الدولية، ليست في وارد الطلب من الجيش اللبناني أن يتصدى للخروقات الإسرائيلية، وهم أصلًا لن يعطوه السلاح المناسب لمنع العدو من خرق القرار34. خامسًا؛ أن إيران ستعمل علي إعادة تسليح الحزب بالنظر إلى علاقتها الطويلة الممتدة ذات الجذور الأيديولوجية والسياسية والعسكرية العميقة معه35، واعتبارها أن الحزب يمثل رأس الحربة في مشروعها الاقليمي في المنطقة، وبالتالي فهي لن تسمح بتحويله من حزب عسكري إلى مجرد حزب سياسي شيعي لبناني36.
ولكن يبدو أن رهانات الحزب هذه المرة في غير محلها؛ نظرًا لانتقال تنفيذ القرار الدولي عمليًا من عهدة “اليونيفيل” إلى عهدة الولايات المتحدة مباشرة، من خلال رئاستها للجنة المراقبة الخماسية. وإذا كان الحزب قادرًا على “التضييق” على عمل “اليونيفيل”، باعتراض بعض أهالي القرى من حاضنته طريق دوريات اليونيفيل كلما رأوا أنها تجاوزت حدود دورها، فإنه لن يستطيع فعل ذلك مع ضابط أميركي.
أضف إلى ذلك الضوء الأخضر لإسرائيل للتحرك العسكري، وخصوصًا سلاح الجو، متى رأت أن تنفيذ الاتفاق لا يسير على النحو المرسوم له، استنادًا إلى ورقة التفاهمات التي توصلت إليها مع الإدارة الأميركية37. وقد بدأت خرقت إسرائيل الاتفاق منذ اللحظة الأولى لسريانه؛ سواء عبر عمليات القصف التي استمرت في أكثر من منطقة جنوبية، أو عبر عمليات نسف وهدم المباني في بعض البلدات التي لم ينحسب منها الجيش الإسرائيلي بعد، أو حتى عبر منع أهالي الكثير من القرى الجنوبية (شبعا، الهبارية، مرجعيون، أرنون، يحمر، القنطرة، شقرا، برعشيت، ياطر، المنصوري38) من العودة إلى منازلهم39.
كما ألقي الاتفاق على كاهل الدولة اللبنانية المسؤولية عن حمل وتصنيع ونقل وشراء السلاح في كل لبنان، وتفكيك البنى التحتية والمنشآت العسكرية غير الرسمية. ما تعنيه هذه البنود، بصيغة أخرى، أن على الدولة اللبنانية أن تقوم بتجريد الحزب من مقدراته العسكرية والتسليحية، سواء كانت هذه المقدرات ظاهرة للعيان، أو أن معلومات وردتها حولها من أي من أطراف لجنة مراقبة تنفيذ الاتفاق. فإن كان هذا هو التفسير الصحيح لهذه البنود، فإن الحزب قد يكون أمام عدة سيناريوهات صعبة، أكثرها سوءًا؛ فتح المجال لصدامات محتملة بين حزب الله والجيش وقوى الأمن اللبنانية، ليس في الجنوب وحسب، بل وفي مناطق تمركز الحزب الأخرى40. وأقلها سوءًا؛ تعرض الحزب لمساءلة في الداخل تستهدف إخراج السلاح من الحياة السياسية اللبنانية، وإسقاط المعادلة الثلاثية “شعب، وجيش، ومقاومة”، التي تسلح بها الحزب وحلفاؤه، عبر إدراجها في البيانات الوزارية للحكومات اللبنانية المتعاقبة، تحت ذريعة ضرورة بقاء سلاح المقاومة، طالما أن الاحتلال الإسرائيلي لا يزال في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية الغجر ونقاط حدودية أخرى متنازع عليها. لاسيما أن الحزب بالفعل يتعرض راهنًا إلى حملة مساءلة داخلية من بعض القوى، حول “اتخاذه منفردًا” قرار السلم والحرب وفتحه حرب إسناد لغزة من دون أخذ رأي الفرقاء الآخرين في البلد، وتاليًا سيحاول خصومه المحليون تحميله تبعات نتائج هذه الحرب41.
وفي هذا السياق، فقد دعا رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع إلي وضع خطة لتفكيك بنية المقاومة العسكرية شمال الليطاني، ناصحًا حزب الله بإعادة سلاحه الى إيران، ووفق ما قاله جعجع، يجب أن تترك معالجة تلك الخروقات للجيش والحكومة، مؤكدًا أن الحزب هو من ارتكب “جريمة كبيرة بحق اللبنانيين عمومًا، وبحق سكان البقاع والجنوب والضاحية الجنوبية خصوصًا، إذ كنا بغنى عن مقتل أكثر من 4000 لبناني، وعن تهجير من تهجر، وتدمير ما تدمر”. ورفع جعجع من سقف خطابه الى حد التهديد قائلًا: “أوعي حد يفكر إنه ممكن نرجع لمرحلة ما قبل 7 أكتوبر 2023، ومستحيل أن نعود إلى ما كنا عليه سابقًا. وإذا ما أردتم دولة، فالقرار واضح بحصر السلاح في يد الجيش وقوى الأمن والجمارك وشرطة البلدية”42.
وجدير بالذكر هنا أيضًا، أن سقوط النظام السوري ورئيسه بشار الأسد شكل ضربة عسكرية كبيرة على حزب الله. حيث أن سوريا تحت حكم الأسد كانت بمثابة قناة حيوية لإيران لتزويد الحزب بالأسلحة علي طول الحدود الشرقية للبنان. وبحسب المراقبين، فإن أبرز ممرات نقل الأسلحة عبر سوريا، كان معبر البوكمال الذي يعد بوابة العبور من العراق إلى سوريا، والثاني، طريق تدمر والبادية السورية، أما الثالث والأساسي بالنسبة إلى حزب الله فكان طريق القصير في ريف حمص الذي تحول إلى قلعة حزب الله العسكرية، لكنها ما لبثت أن سقطت مع سقوط النظام السوري43.
3– الاستحقاقات السياسية الداخلية: إن الضعف السياسي والعسكري لحزب الله يفتح المجال أمام تعزيز دور القوى المعارضة له في السياسة اللبنانية، وسيكون الاختبار الأول لهذا الاحتمال هو انتخاب رئيس جديد للجمهورية التي تعاني من شغور المنصب منذ أكثر من ثلاثة أعوام (بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في 31 أكتوبر 2022)44.
فقد حاول الفريق المتحالف مع الولايات المتحدة الأميركية، والذي يطلق على نفسه صفة “السيادي والحر”، استغلال الاهتزاز الكبير الذي أصاب حزب الله، فبدأ الإعلاميون والسياسيون الذين يدورون في فلكه بالدعوة إلى انتخاب رئيس سيادي غير مرتهن لإيران ويعمل على سحب سلاح المليشيات (المقصود حزب الله). في المقابل، أعلن الإعلاميون والسياسيون المحسوبون على ما يعرف بفريق “الممانعة”، أنهم يريدون رئيسًا “يحمي ظهر المقاومة، وبالتالي فهم لن يسمحوا بانتخاب رئيس يأتي على ظهر الدبابات الإسرائيلية”، في استحضار لواقعة انتخاب بشير الجميل في عام 1982 خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان، ولبيروت وللجنوب بشكل خاص45. ومن هنا، فإن حزب الله ومعه حليفه حركة أمل (الثنائي الشيعي) يتمسكان بمرشحهما رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، ولم يبديا أي استعداد للتخلي عن ترشيحه. وفي المقابل، تجمع القوى المسيحية الرئيسية (الكتائب – القوات – التيار الوطني الحر) علي الاتفاق على رفض ترشيح فرنجية46. ورغم عقد البرلمان اللبنانى عدة جلسات لاختيار رئيس جديد للبلاد خلفًا “لعون”، إلا أن ذلك لم يتحقق لعدم امتلاك أي فريق سياسي أغلبية تكفيه لانتخاب مرشحه، فوفقًا للدستور اللبنانى “ينتخب رئيس الجمهورية بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب (86 نائبًا من أصل 128 نائبًا) في الدورة الأولى، ويكتفى بالغالبية المطلقة (65 نائبًا) في دورات الاقتراع التي تلي”47.
وعقب الإعلان عن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، برزت عدة تطورات إيجابية بشأن انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية، تمثلت في: أولًا؛ حدد رئيس مجلس النواب نيبه بري، في مستهل الجلسة العامة لمجلس النواب، في 29 نوفمبر 2024، يوم 9 يناير 2025 موعدًا لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية، مشيرًا إلى أنها “ستكون مثمرة وأعطينا مهلة شهر للتوافق في ما بيننا وسأدعو سفراء الدول لحضورها”48. ثانيًا؛ حديث الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم بأنه “بعد وقف العدوان الإسرائيلي علي لبنان، سنقدم مساهمتنا الفعالة لانتخاب رئيس الجمهورية من خلال المجلس النيابي بالطريقة الدستورية، وإن شاء الله يتم ذلك في 9 كانون الثاني (يناير)”49. ثالثًا؛ مدد مجلس النواب لقائد الجيش العماد جوزيف عون لمدة سنة إضافية، وذلك بعد تصويت 48 نائبًا على اقتراح قانون قدمه نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب بالتمديد سنة لرتبة عميد وما فوق. وهذه هي المرة الثانية التي يمدد فيها المجلس لقائد الجيش، وذلك قبل شهرين من موعد انتهاء تمديد الولاية الحالية في 10 يناير المقبل50. واللافت هنا، أن نواب كتل حزب الله قد وافقوا هذه المرة علي التمديد لعون بعدما انسحبوا من جلسة التمديد له في العام الماضي51. رابعًا؛ إن سقوط نظام الأسد في سوريا سيجعل الحزب أكثر قبولًا بانتخاب رئيس توافقي، بل إن بعض القوى الاقليمية مثل السعودية وتركيا قد تسعى لتعزيز نفوذها في لبنان على حساب النفوذ السوري- الإيراني عبر المساهمة في اختيار هذا الرئيس التوافقي52.
ولكن رحلة اختيار “المرشح التوافقي” لا تخلو من عقبات ومخاطر قد تهدد بمزيد من التأخير في انتخاب الرئيس. فالمرشح التوافقي الأبرز الذي كان مطروحًا قبل بداية الحرب هو قائد الجيش العماد جوزيف عون. ولكن بالنظر إلى المهام المستجدة والمتعددة للجيش في الجنوب خلال المرحلة الراهنة، لا يبدو أن رحيل قائد الجيش ليلتحق بالمنصب السياسي الأول في البلاد سيكون محل ترحيب من أغلب الكتل البرلمانية، خاصة أن ذلك سيستتبع الدخول في جدل اختيار قائد جديد للجيش في هذه المرحلة الحرجة من تعدد مهامه جنوبًا، مما يعيد النظر في إمكانية طرح أسماء سياسيين توافقيين بدلًا من اللجوء لطرح أسماء عسكريين متقاعدين أو على وشك التقاعد كما كان الأمر مع العماد جوزيف عون الذي تم التمديد له مؤخرًا53. على أي حال، سيحتاج قائد الجيش في حال التوافق على انتخابه رئيسًا لتعديل دستوري يسمح له بالترشح لموقع الرئيس نظرًا لاشتراط الدستور اللبناني مرور عامين بعد التقاعد وقبل تولي موقع الرئاسة.
ولا تبدو القوى المسيحية مجتمعة على اسم مرشح توافقي، فالقوات اللبنانية وحزب الكتائب ومن يمثل تيار “السيادة” سبق وأن طالبت بانتخاب رئيس يتعهد بنزع سلاح حزب الله، مما يجعل خيار هذا التيار بعيدًا عن مسمى “الرئيس التوافقي”. بينما يرى حلفاء حزب الله – بعد انتهاء أو وقف الحرب – أنهم الأقرب لطرح هذا “الرئيس التوافقي” من بين صفوفهم خاصة بعد الوفاء بمهمة دعم الحزب خلال هذه المرحلة الأخطر من تاريخه. وهنا لا يمكن إغفال أن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لا تزال لديه طموحات سياسية في الوصول إلى موقع الرئاسة. وقد برهن على ذلك خلال الحرب بإطلاق بعض المواقف التي انتقدت أداء حزب الله وبدا معها أنه يأخذ موقعًا وسطًا بين حلفاء الحزب وخصومه ليعطي لنفسه صفة “وسطية” تؤهله أن يكون مقبولًا من خصوم حزب الله. غير أن التجربة السياسية لباسيل خلال فترة رئاسة ميشال عون لاتزال ماثلة في الأذهان، بما قد يجعل الكثير من القوى السياسية تحجم عن تكرارها لست سنوات أخرى.
في المقابل، لا يبدو أن ترشيح سليمان فرنجية لا يزال قائمًا بعد جنوح حزب الله لخيار “المرشح التوافقي”، ففرنجية هو المرشح الأقرب للحزب، ولذا لا ينطبق عليه وصف “التوافقي”. ولكن ربما قد يجد جديد في هذا الخصوص خاصة مع التأييد الفرنسي السابق لفرنجية، ولكونه “صديقًا شخصيًا” لمستشار ترامب للشأن اللبناني مسعد بولس. بينما قد يتنقل الجدل الرئاسي لطرح أسماء تكنوقراط ممن لهم قبول دولي لدى الأمريكيين أو الفرنسيين والجوار العربي، وهذا ينطبق مثلًا على موظفين دوليين لبنانيين سبق أن خدموا في جهات ومؤسسات دولية. وهنا قد تكون الكتل المستقلة هي القوى الوازنة التي تحسم انتخاب أحد هذه الأسماء على أساس توافقي.
ومن المتوقع أن تشهد المرحلة القادمة وحتى جلسة الانتخاب طرح العديد من الأسماء بهدف التوافق عليها بين الكتل54. ومؤخرًا، ظهرت بعض الأسماء الجديدة المرشحة للرئاسة، وهم: النائب إبراهيم كنعان، اللواء الياس البيسري، العميد جورج خوري والنائب نعمة افرام. ويتم الحديث عن أن النائب كنعان هو الأوفر حظًا؛ انطلاقًا من كونه نائبًا، وربطًا بتأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن الرئيس المقبل سيكون من رحم المجلس النيابي. كما أن كنعان هو الأكثر انفتاحًا على مختلف المكونات اللبنانية55.
4- عملية إعادة الاعمار: نظرًا لحجم الأضرار التي لحقت بالقرى والبلدات الحدودية فضلًا عن الضاحية الجنوبية لبيروت، فمن المرجح أن تركز أولوية حزب الله على احتياجات الرعاية الاجتماعية لقاعدته الشعبية بدرجة أكبر من إعادة بناء قدراته العسكرية على الفور56. ووفقًا لوزير الاقتصاد أمين سلام، فإن إعادة الإعمار قد تتطلب ما بين 20 و30 مليار دولار57.
ويعمل الحزب علي معالجة ملف النازحين من خلال إطلاق برنامج “صامدون”، الذي انطلق العمل فيه بداية لتعبئة داتا النازحين، داخل لبنان وخارجه في سوريا والعراق، وبحسب مصادر مطلعة فإن توزيع المساعدات العينية والمالية قد انطلق منذ منتصف شهر نوفمبر 2024. ويعمل الحزب حاليًا علي برامج الدعم لما بعد الحرب، حيث أجرت فرق الحزب إحصاءات شبه شاملة للأضرار في المنازل والشقق والمباني، وهي تزيد على هذه الداتا بحسب مستجدات الحرب، وستعمل بعد وقف إطلاق النار على أكثر من شكل للدعم، سواء بالتعويض المالي أو بإصلاح المنازل المتضررة أو ببناء المنازل المدمرة58.
ولكن من المتوقع أن يواجه الحزب عدة معوقات فيما يتعلق بعملية إعادة الاعمار، منها؛ أنه من غير المتصور أن يبدي المجتمع الدولي استعدادًا لدعم وتمويل عملية إعادة الإعمار بدون ضمان تنفيذ بنود الاتفاق الجديد، وتمكين الدولة اللبنانية من بسط سيطرتها في الجنوب وعلى المعابر والحدود مع سوريا؛ لمنع حزب الله من إعادة تسليح نفسه في المستقبل59. كما أن إمكانية أن يكون لإيران – حليفة الحزب – نصيب الأسد من تمويل عمليات إعادة الإعمار والتعويض، تواجهها تحديات كبيرة إذا ما أخذنا في الاعتبار الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها طهران60.
5- مسألة ترسيم الحدود: إذ يستبعد أن تستجيب إسرائيل في المفاوضات غير المباشرة مع لبنان، والمزمع إجراؤها في الشهور المقبلة، إلى مطلب الانسحاب من الأراضي اللبنانية التي تحتلها منذ فترة طويلة، وتشمل مزارع شبعا وجزءًا من قرية الغجر، فضلًا عن 13 نقطة على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية تصل مساحتها إلى نحو 4850 دونمًا، من ضمنها نقطة الحدود الغربية الواقعة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط عند رأس الناقورة ذات الأهمية الاستراتيجية61؛ فهي ليست مجرد حدود جغرافية، بل مرتفع أرضي يطل على مناطق واسعة، ما يمنحها أهمية عسكرية كبيرة. من جانب الأراضي الفلسطينية المحتلة، تؤمن هذه النقطة إشرافًا بصريًا يصل إلى مدينة حيفا، ما يجعل الاحتلال متمسكًا بها. ويتمسك بها لبنان، لأنها جزءًا أصيلًا من أراضيه وعنصرًا محوريًا لترسيم الحدود البحرية.
أكثر من ذلك يري البعض أن هذا الاتفاق يتماهي مع محاولة الاحتلال فرض الأمر الواقع بتحويل “الخط الأزرق”، الذي أُقر عام 2000 كخط مؤقت لوقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان، إلى حدود دائمة. ويمتد الخط الأزرق على طول 120 كيلومترًا دون اعتراف دولي به كحدود رسمية، ويضم 13 نقطة خلافية تتحفظ عليها لبنان وتعتبرها أراض محتلة. وقد تم التوصل إلى تفاهمات حول 7 نقاط، بينما تبقى 6 نقاط تشكل خلاف. وتتوزع النقاط الـ13 على طول الحدود كالتالي (رأس الناقورة، بلدة البستان، بلدة مروحين، بلدة رميش، مارون الراس، بليدا، ميس الجبل، العديسة، كفركلا، الوزاني). كما يرفع لبنان مطلبًا ثابتًا باسترجاع الجزء الشمالي من بلدة الغجر، إلى جانب أراض حدودية تشمل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. وتعد مزارع شبعا منطقة استراتيجية محتلة من قبل الاحتلال، بينما يتمسك لبنان بحقه السيادي عليها، في حين تصر الأمم المتحدة على اعتبارها جزءًا من الأراضي السورية التي احتلتها إسرائيل عام 196762.
الخلاصات والاستنتاجات:
- يشير اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله إلى تراجع الحزب عن التمسك بـ”وحدة الساحات”، وفصل الحرب في لبنان عن الحرب في غزة، وهو ما سبق أن رفضه الحزب في أكثر من مناسبة، وقدم ثمنًا باهظًا دفاعًا عن هذا الموقف، خاصة اغتيال أمينه العام حسن نصر الله.
- التراجع الإسرائيلي الأساسي هو التخلي عن هدف تدمير قدرات حزب الله والحد من قدرته على استهداف العمق الإسرائيلي، وتبني نهج بديل يقوم على محاصرة حزب الله واحتوائه. أي أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اضطر للقبول بنهج تجاه حزب الله سبق أن رفض مثله إزاء التعامل مع حماس في غزة، وهو تعهد خطوات منسقة وطويلة الأجل لمحاصرة الحزب والإبقاء على تهديده في الحد الأدنى وصولًا إلى إضعافه بصورة استراتيجية مع الوقت. يشمل ذلك قطع خطوط إمداده المالية والعسكرية، وتضييق الخناق عليه محليًا سياسيًا وأمنيًا، وزيادة قدرات الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية لإحكام الخناق على المطارات والموانئ والحدود، فضلًا عن مراقبة تحركات الحزب وأنشطته وبنيته العسكرية.
- لن يكون من المستبعد أن تواصل إسرائيل استهداف بنية الحزب بضربات نوعية، حتى لو عد هذا انتهاكًا للاتفاق، إذ تتيح بعض الصياغات الغامضة للجانبين تبرير انتهاك الاتفاق دون أن يؤدي ذلك بالضرورة لانهياره، إذ تضمن الاتفاق نصوصًا تحفظ حق لبنان وإسرائيل في الدفاع عن النفس63.
- النهاية التي آلت إليها الحرب، وتهاوي سردية الحزب المتعلقة بتصوره عن نفسه وقوته وخسارة قادته وأسلحته الثقيلة، من المرجح أن تجرده من دوره الإقليمي الكبير وتحيله حزبًا سياسيًا محليًا64، ينصب تركيزه على قضايا لبنان الداخلية، والاهتمام بشؤون قواعده الاجتماعية ونصيبها من الدولة اللبنانية في إطار النظام السياسي الطائفي65.
- سيراهن الحزب مستقبلًا على قوته الشعبية وتمثيله الكبير في المجلس النيابي والمجالس المحلية والإدارات والنقابات والجمعيات، وعلى نسج تحالفات مع قوى أساسية في البلاد لتوفير الحماية لبيئته ومكانته السياسية، والبقاء لاعبًا قويًا في المعادلة الداخلية اللبنانية. كما سيعمل على تسويق فكرة المقاومة سياسيًا على الأقل في المرحلة الأولى، في انتظار بلورة ظروف جديدة. وسيجعل من بقاء الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء من الأراضي اللبنانية والمطامع الاسرائيلية في المياه والموارد الغازية، قضية لإبقاء شعار المقاومة مرفوعًا ومطلبًا سياسيًا.
- أن الاتفاق هو وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 60 يومًا، سيكون على الإسرائيليين تنفيذ تعهداتهم تجاه الأميركيين خلال هذين الشهرين، وهي نفس الفترة التي سيخرج فيها بايدن من البيت الأبيض ليدخل ترامب. فإذا استشعر الإسرائيليون بأن الضغط الأمريكي قد خفت أو أن الأولويات قد تغيرت فقد لا ينفذوا الانسحاب من جنوب لبنان، وهنا ربما ينهار الاتفاق أو يتحول من مستدام لمجرد هدنة يليها تصعيد جديد. أما لو جاء ترامب بشهية مفتوحة لعقد اتفاقات وتثبيت سلام في المنطقة، فإنه سيعمل علي تثبيت الهدنة وتحويلها لاتفاق دائم يحل الاشكاليات العالقة في الحدود البرية بين البلدين في نحو 13 نقطة حدودية خلافية. وهنا قد يكون لصهر ترامب من أصل لبناني مسعد بولس نفوذ قوي في تحديد ملامح السياسة الأمريكية الجديدة نحو لبنان66.
1 ” اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله: الدوافع والتحديات”، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2/12/2024، الرابط: https://www.dohainstitute.org/ar/PoliticalStudies/Pages/hezbollah-israel-ceasefire-drivers-and-challenges.aspx
2 “وقف إطلاق النار في لبنان: انسحاب متبادل لكنّ حزب الله أكثر تراجعا”، أسباب، 11/2024، الرابط: https://www.asbab.com/%d9%88%d9%82%d9%81-%d8%a5%d8%b7%d9%84%d8%a7%d9%82-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%a7%d8%b1-%d9%81%d9%8a-%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%a7%d9%86-%d8%a7%d9%86%d8%b3%d8%ad%d8%a7%d8%a8-%d9%85%d8%aa%d8%a8%d8%a7%d8%af%d9%84/
3 القرار 1701 صدر عن مجلس الأمن الدولي في 11 أغسطس 2006، بهدف إنهاء الحرب بين إسرائيل وحزب الله في جنوب لبنان بعد 34 يومًا من الصراع، ويتضمن بنودًا بهدف حفظ الأمن والسلام وإيقاف إطلاق النار. وقد دعا القرار إلى اتخاذ ترتيبات أمنية لمنع استئناف الأعمال القتالية، وإنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أي أفراد مسلحين أو معدات أو أسلحة، بخلاف ما يخص حكومة لبنان وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان. انظر: “مقال توضيحي: ما هو قرار مجلس الأمن رقم 1701؟”، أخبار الأمم المتحدة، 2/10/2024، الرابط: https://news.un.org/ar/story/2024/10/1135306
4 “نصّ «وقف الأعمال العدائية»”، الأخبار، 28/11/2024، الرابط: https://www.al-akhbar.com/lebanon/814158/%D9%86%D8%B5–%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9
5 “وزير الثقافة اللبناني لـ”عربي21”: هذه تفاصيل مفاوضات وقف إطلاق النار (فيديو)”، عربي21، 19/11/2024، الرابط: https://arabi21.com/story/1641374/%D9%88%D8%B2%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D9%84%D9%80-%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A21-%D9%87%D8%B0%D9%87-%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B5%D9%8A%D9%84-%D9%85%D9%81%D8%A7%D9%88%D8%B6%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A5%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B1-%D9%81%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D9%88
6 “الموفد الأميركي إلى باريس فبيروت ثم تل أبيب: تفاؤل حذر في لبنان… وأسئلة تنتظر هوكشتين”، الأخبار، 17/11/2024، الرابط: https://al-akhbar.com/Politics/387683/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D9%81%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B3-%D9%81%D8%A8%D9%8A%D8%B1%D9%88%D8%AA-%D8%AB%D9%85-%D8%AA%D9%84-%D8%A3%D8%A8%D9%8A%D8%A8-%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%A4%D9%84-%D8%AD%D8%B0%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%A3%D8%B3%D8%A6%D9%84%D8%A9-%D8%AA%D9%86%D8%AA%D8%B8%D8%B1-%D9%87%D9%88%D9%83%D8%B4%D8%AA%D9%8A%D9%86
7 ” اتفاق وقف إطلاق النار: ستون يومًا تحدِّد وجه لبنان ووجهة حزب الله”، مركز الجزيرة للدراسات، 3/12/2024، الرابط: https://studies.aljazeera.net/ar/article/6088
8 “الحزب لم ينهزم ولكن…”، النشرة، 2/12/2024، الرابط: https://www.elnashra.com/news/show/1699775/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D9%8A%D9%86%D9%87%D8%B2%D9%85-%D9%88%D9%84%D9%83%D9%86
9 ” اتفاق وقف إطلاق النار: ستون يومًا تحدِّد وجه لبنان ووجهة حزب الله”، مرجع سابق.
10 “لبنان يريد “دولة عربية”.. لماذا تشكّل “آلية المراقبة” عقبة أمام الهدنة؟”، الحرة، 21/11/2024، الرابط: https://www.alhurra.com/lebanon/2024/11/21/%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%B1%D9%8A%D8%AF-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B4%D9%83%D9%91%D9%84-%D8%A2%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%82%D8%A8%D8%A9-%D8%B9%D9%82%D8%A8%D8%A9-%D8%A3%D9%85%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%AF%D9%86%D8%A9%D8%9F
11 ” بري أنجز مع هوكشتين «صياغة تلبّي مصالح لبنان»: اتفاق وقف الحرب بيد نتنياهو”، الأخبار، 20/11/2024، الرابط: https://al-akhbar.com/Politics/387781/%D8%A8%D8%B1%D9%8A-%D8%A3%D9%86%D8%AC%D8%B2-%D9%85%D8%B9-%D9%87%D9%88%D9%83%D8%B4%D8%AA%D9%8A%D9%86-%D8%B5%D9%8A%D8%A7%D8%BA%D8%A9-%D8%AA%D9%84%D8%A8-%D9%8A-%D9%85%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A8%D9%8A%D8%AF-%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87
12 ” بري تسلّم ملاحظات حزب الله ويرسل ردّ لبنان اليوم: هوكشتين يعدّ أوراقه وحذر من مناورات إسرائيلية”، الأخبار، 18/11/2024، الرابط: https://al-akhbar.com/Politics/387719/%D8%A8%D8%B1%D9%8A-%D8%AA%D8%B3%D9%84-%D9%85-%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%B8%D8%A7%D8%AA-%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D9%88%D9%8A%D8%B1%D8%B3%D9%84-%D8%B1%D8%AF-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%85-%D9%87%D9%88%D9%83%D8%B4%D8%AA%D9%8A%D9%86-%D9%8A%D8%B9%D8%AF-%D8%A3%D9%88%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%87-%D9%88%D8%AD%D8%B0%D8%B1-%D9%85%D9%86-%D9%85%D9%86%D8%A7%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9
13 “تسريبات أميركية وإسرائيلية حول اتفاق وشيك: لبنان يرفض التكهنات وينتظر الجواب الرسمي”، الأخبار، 25/11/2024، الرابط: https://al-akhbar.com/Politics/387937/%D8%AA%D8%B3%D8%B1%D9%8A%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D9%88%D8%B4%D9%8A%D9%83-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%B1%D9%81%D8%B6-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%83%D9%87%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D9%88%D9%8A%D9%86%D8%AA%D8%B8%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D8%A7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B3%D9%85
14 ” اتفاق وقف إطلاق النار: ستون يومًا تحدِّد وجه لبنان ووجهة حزب الله”، مرجع سابق.
15 ” اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله: الدوافع والتحديات”، مرجع سابق.
16 “بري يعلق على المقترح الأمريكي لوقف إطلاق النار.. “شرط غير مقبول نهائيا””، عربي21، 16/11/2024، الرابط: https://arabi21.com/story/1640731/%D8%A8%D8%B1%D9%8A-%D9%8A%D8%B9%D9%84%D9%82-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%AA%D8%B1%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A-%D9%84%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A5%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B1-%D8%B4%D8%B1%D8%B7-%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D9%82%D8%A8%D9%88%D9%84-%D9%86%D9%87%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A7
17 “إسرائيل تنشر الضمانات الجانبية الأميركية لحرية حركتها بلبنان”، المدن، 26/11/2024، الرابط: https://www.almodon.com/politics/2024/11/26/%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%AA%D9%86%D8%B4%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D9%85%D8%A7%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9%86%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%AD%D8%B1%D9%83%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D8%A8%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86
18 “وقف النار في لبنان: الردع الهش والمخاطر المحتملة”، مركز الجزيرة للدراسات، 3/12/2024، الرابط: https://studies.aljazeera.net/ar/article/6089
19 “الحرب الإسرائيلية على لبنان: حصيلة قاسية وهدنة هشة”، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2/12/2024، الرابط: https://www.palestine-studies.org/ar/node/1656513
20 ” اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله: الدوافع والتحديات”، مرجع سابق.
21 “وقف النار في لبنان: الردع الهش والمخاطر المحتملة”، مرجع سابق.
22 “لبنان واليوم التالي الأكثر تعقيدًا من الحرب”، الجزيرة نت، 28/11/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/opinions/2024/11/28/%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%a7%d9%86-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%8a%d9%88%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a7%d9%84%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%83%d8%ab%d8%b1-%d8%aa%d8%b9%d9%82%d9%8a%d8%af%d8%a7-%d9%85%d9%86
23 “وقف النار في لبنان: الردع الهش والمخاطر المحتملة”، مرجع سابق.
24 ” لا دور للدولة اللبنانية في المفاوضات مع إسرائيل”، العربي الجديد، 23/11/2024، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/opinion/%D9%84%D8%A7-%D8%AF%D9%88%D8%B1-%D9%84%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D8%A7%D9%88%D8%B6%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B9-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84
25 “وقف النار في لبنان: الردع الهش والمخاطر المحتملة”، مرجع سابق.
26 “المهمّة الفاشلة لهوكستين !”، درج، 19/11/2024، الرابط: https://daraj.media/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%87%d9%85%d9%91%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%a7%d8%b4%d9%84%d8%a9-%d9%84%d9%87%d9%88%d9%83%d8%b3%d8%aa%d9%8a%d9%86/
27 “الحزب لم ينهزم ولكن…”، مرجع سابق.
28 “وقف النار في لبنان: الردع الهش والمخاطر المحتملة”، مرجع سابق.
29 “اليوم التّالي لـ”الحزب”: تعايش السّلاح مع الرّقابة الأميركيّة؟”، أساس ميديا، 27/11/2024، الرابط: https://www.asasmedia.com/80677
30 “لبنان واليوم التالي الأكثر تعقيدًا من الحرب”، الجزيرة نت، 28/11/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/opinions/2024/11/28/%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%a7%d9%86-%d9%88%d8%a7%d9%84%d9%8a%d9%88%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a7%d9%84%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%83%d8%ab%d8%b1-%d8%aa%d8%b9%d9%82%d9%8a%d8%af%d8%a7-%d9%85%d9%86
31 “نيويورك تايمز: هل غيّر عام من الحرب حزب الله؟”، الجزيرة نت، 28/11/2024، الرابط: https://www.aljazeera.net/politics/2024/11/28/%D9%86%D9%8A%D9%88%D9%8A%D9%88%D8%B1%D9%83-%D8%AA%D8%A7%D9%8A%D9%85%D8%B2-%D9%87%D9%84-%D8%BA%D9%8A%D9%91%D8%B1-%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%AD%D8%B2%D8%A8
32 “هل يمكن فصل الجبهة اللبنانية عن باقي ساحات المواجهة؟”، العربي الجديد، 23/11/2024، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/opinion/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A8%D9%87%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A8%D8%A7%D9%82%D9%8A-%D8%B3%D8%A7%D8%AD%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%AC%D9%87%D8%A9
33 “لبنان واليوم التالي الأكثر تعقيدًا من الحرب”، مرجع سابق.
34 “في بيتنا من يتبنّى فهم العدو للقرار 1701!”، الأخبار، 20/11/ 2024، الرابط: https://al-akhbar.com/Politics/387783/%D9%81%D9%8A-%D8%A8%D9%8A%D8%AA%D9%86%D8%A7-%D9%85%D9%86-%D9%8A%D8%AA%D8%A8%D9%86-%D9%89-%D9%81%D9%87%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%88-%D9%84%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1-1701
35 “نيويورك تايمز: هل غيّر عام من الحرب حزب الله؟”، مرجع سابق.
36 “الارتياب باتفاق وقف إطلاق النار واجب في لبنان!”، درج، 26/11/2024، الرابط: https://daraj.media/%d8%a7%d9%84%d8%a7%d8%b1%d8%aa%d9%8a%d8%a7%d8%a8-%d8%a8%d8%a7%d8%aa%d9%81%d8%a7%d9%82-%d9%88%d9%82%d9%81-%d8%a5%d8%b7%d9%84%d8%a7%d9%82-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%a7%d8%b1-%d9%88%d8%a7%d8%ac%d8%a8-%d9%81/
37 “اليوم التّالي لـ”الحزب”: تعايش السّلاح مع الرّقابة الأميركيّة؟”، مرجع سابق.
38 “10 بلدات حدودية استراتيجية.. ما القرى اللبنانية التي يمنع الجيش الإسرائيلي أهالي الجنوب من الوصول إليها؟”، عربي بوست، 29/11/2024، الرابط: https://arabicpost.net/%d8%a3%d8%ae%d8%a8%d8%a7%d8%b1/2024/11/28/%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%b1%d9%89-%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a9-%d8%a5%d8%b3%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d9%8a%d9%84/
39 “الخروقات الإسرائيلية لا تتوقف… هل “ينهار” اتفاق وقف إطلاق النار؟!”، النشرة، 3/12/2024، الرابط: https://www.elnashra.com/news/show/1699897/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B1%D9%88%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%AA%D9%88%D9%82%D9%81-%D9%8A%D9%86%D9%87%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A5%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82-%D8%A7
40 “وقف النار في لبنان: الردع الهش والمخاطر المحتملة”، مرجع سابق.
41 ” اتفاق وقف إطلاق النار: ستون يومًا تحدِّد وجه لبنان ووجهة حزب الله”، مرجع سابق.
42 “جعجع يتطوّع لمهمّة فشل العدوّ في تحقيقها: علينا نزع سلاح حزب الله في كل لبنان فوراً”، الأخبار، 30/11/2024، الرابط: https://www.al-akhbar.com/lebanon/814412/%D8%AC%D8%B9%D8%AC%D8%B9-%D9%8A%D8%AA%D8%B7%D9%88%D8%B9-%D9%84%D9%85%D9%87%D9%85%D8%A9-%D9%81%D8%B4%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%88-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D9%87%D8%A7–%D8%B9%D9%84%D9%8A%D9%86%D8%A7-%D9%86%D8%B2%D8%B9-%D8%B3%D9%84%D8%A7%D8%AD-%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84
43 ” سقوط نظام الأسد… ضربة عسكرية «قاضية» لـ«حزب الله»”، الشرق الأوسط، 9/12/2024، الرابط: https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5089909-%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7-%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%AF-%D8%B6%D8%B1%D8%A8%D8%A9-%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%82%D8%A7%D8%B6%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%80%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87
44 “هل انتهت الحرب بين إسرائيل وحزب الله فعليًا؟”، مركز القرار للدراسات الإعلامية، 28/11/2024، الرابط: https://alqarar.sa/8225
45 ” هل يجب على اللبنانيين انتخاب رئيس الجمهوريّة الآن؟”، الجزيرة نت، 17/10/2024، https://www.ajnet.me/opinions/2024/10/17/%d9%87%d9%84-%d9%8a%d8%ac%d8%a8-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d9%84%d8%a8%d9%86%d8%a7%d9%86%d9%8a%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%86%d8%aa%d8%ae%d8%a7%d8%a8-%d8%b1%d8%a6%d9%8a%d8%b3?fbclid=IwY2xjawHFVOdleHRuA2FlbQIxMAABHTIYEQDqZlk0YJdL9V9V9kP8QiIBULPijBmmbTRpujSE5UbJ_bQZBdG1ew_aem_3DH4-wcAm-_R-4b_dCS0Eg
46 ” تسوية مُرجأة: هل يشهد 2024 انفراجة في الملف الرئاسي في لبنان؟”، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 28/3/2024، الرابط: https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/9120/%D8%AA%D8%B3%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D9%8F%D8%B1%D8%AC%D8%A3%D8%A9-%D9%87%D9%84-%D9%8A%D8%B4%D9%87%D8%AF-2024-%D8%A7%D9%86%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%84%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D8%A7%D8%B3%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86?fbclid=IwY2xjawHFVORleHRuA2FlbQIxMAABHTIYEQDqZlk0YJdL9V9V9kP8QiIBULPijBmmbTRpujSE5UbJ_bQZBdG1ew_aem_3DH4-wcAm-_R-4b_dCS0Eg
47 “لماذا يعود الحديث عن انتخاب رئيس للجمهورية بقوة في لبنان؟”BBC عربي، 9/10/2024، الرابط: https://www.bbc.com/arabic/articles/cx2lre8lprzo?fbclid=IwY2xjawHFVO5leHRuA2FlbQIxMAABHRibDAqypjKhiB_o4kbHHTc-Boj67-zBJ006-m86GsIwtpJUTgO4JCPcDw_aem_kNIWtOK8LXYwa7LfKJfaTw
48 “بري يدعو إلى جلسة «مثمرة» لانتخاب رئيس”، الأخبار، 28/11/2024، الرابط: https://www.al-akhbar.com/lebanon/814172/%D8%A8%D8%B1%D9%8A-%D9%8A%D8%AF%D8%B9%D9%88-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%AC%D9%84%D8%B3%D8%A9-%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8-%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D9%84%D9%84%D8%AC%D9%85%D9%87%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9
49 “نفاوض تحت سقفَيْ وقف العدوان وحفظ السيادة | قاسم: ثمن ضرب بيروت وسط تل أبيب”، الأخبار، 21/11/2024، الرابط: https://al-akhbar.com/Politics/387825/%D9%86%D9%81%D8%A7%D9%88%D8%B6-%D8%AA%D8%AD%D8%AA-%D8%B3%D9%82%D9%81-%D9%8A-%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%88%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%AD%D9%81%D8%B8-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D9%82%D8%A7%D8%B3%D9%85-%D8%AB%D9%85%D9%86-%D8%B6%D8%B1%D8%A8-%D8%A8%D9%8A%D8%B1%D9%88%D8%AA-%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D8%AA%D9%84-%D8%A3%D8%A8%D9%8A
50 “مجلس النواب يمدّد لقائد الجيش”، الأخبار، 28/11/2024، الرابط: https://www.al-akhbar.com/lebanon/814219/%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%A8-%D9%8A%D9%85%D8%AF%D8%AF-%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%A6%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4
51 “بري أحرج النواب بالتصويت العلني | «القوات» تخسر مجدّداً: سقوط مشروع التمديد للقائد حصراً”، الأخبار، 29/11/2024، الرابط: https://www.al-akhbar.com/lebanon/814287/%D8%A8%D8%B1%D9%8A-%D8%A3%D8%AD%D8%B1%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%A8-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B5%D9%88%D9%8A%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%86%D9%8A—-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D8%A7%D8%AA–%D8%AA%D8%AE%D8%B3%D8%B1-%D9%85%D8%AC%D8%AF%D8%AF%D8%A7–%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7
52 ” تداعيات إسقاط نظام الأسد على المشهد السياسي اللبناني”، العربي الجديد، 9/12/2024، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/politics/%D8%AA%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A5%D8%B3%D9%82%D8%A7%D8%B7-%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%AF-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B4%D9%87%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A
53 “مجلس النواب يمدّد لقائد الجيش”، مرجع سابق.
54 “هدنة لبنان: نهاية للحرب أم التقاط أنفاس قبل جولة قتال أخرى؟”، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 30/11/2024، الرابط: https://acpss.ahram.org.eg/News/21310.aspx
55 ” لبنان: عين على رفع الأنقاض وأُخرى على سد الفراغ”، النشرة، 9/12/2024، الرابط: https://www.elnashra.com/news/show/1700917/%D9%84%D8%A8%D9%86%D9%86
56 “هل انتهت الحرب بين إسرائيل وحزب الله فعليًا؟”، مرجع سابق.
57 ” تحديات إعادة إعمار لبنان”، القاهرة الإخبارية، 5/12/2024، الرابط: https://alqaheranews.net/news/107385/%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A5%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%A5%D8%B9%D9%85%D8%A7%D8%B1-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86
58 ” ملف إعادة الإعمار قيد التحضير: أشكال مختلفة للدعم بعد الحرب”، النشرة، 26/11/2024، الرابط: https://www.elnashra.com/news/show/1698713/%D9%85%D9%84%D9%81-%D8%A5%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%85%D8%A7%D8%B1-%D9%82%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%B6%D9%8A%D8%B1-%D8%A3%D8%B4%D9%83%D8%A7%D9%84-%D9%85%D8%AE%D8%AA%D9%84%D9%81%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%AF%D8%B9%D9%85-%D8%A8
59 “لبنان واليوم التالي الأكثر تعقيدًا من الحرب”، مرجع سابق.
60 ” اتفاق وقف إطلاق النار: ستون يومًا تحدِّد وجه لبنان ووجهة حزب الله”، مرجع سابق.
61 ” اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله: الدوافع والتحديات”، مرجع سابق.
62 “حدود دائمًا مهددة.. قصة 13 نقطة لبنانية في مرمى أطماع الاحتلال الإسرائيلي”، مرجع سابق.
63 “وقف إطلاق النار في لبنان: انسحاب متبادل لكنّ حزب الله أكثر تراجعا”، مرجع سابق.
64 ” اتفاق وقف إطلاق النار: ستون يومًا تحدِّد وجه لبنان ووجهة حزب الله”، مرجع سابق.
65 ” اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله: الدوافع والتحديات”، مرجع سابق.
66 ” اتفاق وقف إطلاق النار: ستون يومًا تحدِّد وجه لبنان ووجهة حزب الله”، مرجع سابق.