أطلقت فصائل المعارضة السورية بقيادة “هيئة تحرير الشام” من محافظة إدلب، في 27 نوفمبر 2024، عملية عسكرية “ردع العدوان” ضد نظام الرئيس بشار الأسد. استمر تقدم الفصائل المعارضة بوتيرة متسارعة، حيث سيطرت علي مدينة حلب بالكامل في 30 نوفمبر، التي تعد ثاني أكبر المدن السورية. وفي 5 ديسمبر تمكنت المعارضة من السيطرة على مدينة حماة، التي تعد عقدة استراتيجية تربط الشمال بالجنوب. التطور الأكثر إثارة حدث يوم 6 ديسمبر، عندما سيطرت المعارضة على محافظة درعا، مهد الثورة السورية. هذا السقوط السريع لدرعا أدي إلي انتقال المعارك إلى الجنوب، بعد أن كان التركيز منصبًا على وسط البلاد وشمالها. وفي 8 ديسمبر، جاءت اللحظة المفصلية عندما أعلنت المعارضة سيطرتها على العاصمة دمشق، بما في ذلك المؤسسات الحيوية مثل وزارة الداخلية ومبنى التلفزيون الرسمي. ومن هناك، بثت المعارضة بيانها الأول معلنة انتصارها وسقوط النظام، بينما تداولت الأنباء عن هروب بشار الأسد إلى وجهة مجهولة (أصبحت معلومة فيما بعد وهي روسيا). وكانت هذه النهاية بمثابة مفاجأة للعديد من الأطراف، حيث إنه رغم سنوات من الحرب، لم تكن هناك توقعات بأن ينهار النظام بهذه السرعة وفي فترة زمنية قصيرة نسبيًا1.
ومما لاشك فيه فإن سقوط نظام الأسد في سوريا سيكون له تداعيات كبيرة علي باقي دول المنطقة العربية والشرق أوسطية، وفي القلب منها ليبيا، لا سيما في ظل تشابه الحالة السورية مع الحالة الليبية. حيث تتخبط الفصائل الليبية منذ سنوات عدة في حالة جمود سياسي حال في الغالب دون نشوب صراع كبير في البلاد، لكنه اعتمد إلى حد بعيد على تفاهم بين روسيا وتركيا اللتين تنتشر قواتهما العسكرية بشكل كبير على الأراضي الليبية. وقد يؤثر سقوط الأسد على هذا التوازن الهش، من خلال تغيير المواقف الاستراتيجية لكل من هاتين القوتين في المنطقة، وبخاصة من خلال قيام موسكو بنقل المقاتلين والأسلحة من سوريا إلى ليبيا2.
أولًا: العلاقات الليبية السورية قبل سقوط نظام الأسد:
في أعقاب ثورات الربيع العربي عام 2011، وبالتحديد عقب الثورة الليبية في فبراير 2011 والثورة السورية في مارس من نفس العام، سعت فصائل المعارضة المسلحة المتعاطفة مع بعضها البعض في ليبيا وسوريا إلى تعميق علاقاتها الاستراتيجية. فعلى سبيل المثال، قدمت السلطات الانتقالية التي تشكلت بعد عام 2011 في ليبيا، الدعم العسكري والمالي للمعارضة السورية المسلحة. وخلال العامين 2012 و2013 تحدثت تقارير دولية عدة عن نقل كميات كبيرة من السلاح الليبي إلى مواقع المعارضة السورية عبر تركيا والأردن، لكن محاولة نقل السلاح عبر لبنان فشلت، وفي أبريل 2012 صادر الجيش اللبناني حمولة ثلاثة مستوعبات من الأسلحة كانت على متن باخرة قادمة من ليبيا ومخصصة للمسلحين السوريين، تم اعتراضها وسوقها إلى مرفأ “سلعاتا” في شمال لبنان، وهي تشمل “رشاشات ثقيلة ومتوسطة وقذائف مدفعية وقذائف وقاذفات آر.بي.جي وكميات من أل.تي.أن.تي وذخائر”3. كما شجع الثوريون في سلطة طرابلس المقاتلين الليبيين المتمردين السابقين على السفر إلى سوريا لمحاربة القوات الموالية لبشار الأسد. ومن بين المجموعات التي سافرت إلي سوريا مجموعة “لواء الأمة”، وهو لواء ذو نزعة إسلامية يقوده “مهدي الحاراتى”، أحد كبار قادة التمرد على معمر القذافي. ولكن كان هذا الدعم لسوريا متقطعًا في الأساس وضعيف التنسيق، ولم يكن فعالًا في إنشاء روابط عسكرية مستدامة بين ليبيا وسوريا4.
ومع تصاعد الأزمة السورية واشتداد الصراع المسلح بين نظام الأسد والمعارضة السورية، وبحلول شهر ديسمبر 2013، أصبح تعداد الجالية السورية في ليبيا يُقدر بنحو 100,000 إلى 200,000 شخص، برغم أن عدد المسجلين رسميًا بصفتهم طالبي لجوء من قبل مفوضية الأمم المتحدة للاجئين كان 18,000 فقط. كانت بنغازي وطرابلس (منطقتا سوق الجمعة وجنزور على وجه الخصوص) من بين المجتمعات الرئيسية المستضيفة لأعداد كبيرة من السوريين. وعلى الرغم من أن ظروف النزاع الليبي بعد انتفاضة عام 2011 قد جعلت ليبيا أقل جاذبية لكثير من المهاجرين، إلا أن الهجرة السورية إلى ليبيا (أو عبرها) لم تبلغ ذروتها إلا بعد عام 2013، بعد فرض متطلبات التأشيرة على المواطنين السوريين في شهر يناير من العام. إلا أن العبور لم يتوقف بالكلية، وأجبرت الأنظمة المشددة للتأشيرات على الاعتماد على المهربين. في البداية على الأقل، كانت مصر ممرًا رئيسيًا إلى ليبيا؛ استطاع السوريون الوصول إلى ليبيا بدفع ما يقرب من 500 دولار أمريكي، واستقر كثيرون منهم في بنغازي قرب الحدود المصرية. وبطبيعة الحال كان كثير من السوريين ينظرون إلى ليبيا على أنها نقطة انطلاق إلى أوروبا. وبحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فقد وصل 10,650 سوريًا إلى السواحل الإيطالية في عام 2013 وحده، وكثير منهم قد أتوا من ليبيا ومصر. وارتفع هذا الرقم في عام 2014 ليصل إلى قرابة 32,681، قبل أن ينخفض انخفاضًا حادًا في عام 2015 ليصل إلى 7,072. وشهدت الأعوام بين 2015-2019 انخفاضًا عامًا في عدد السوريين المسافرين إلى ليبيا نتيجة لقيود التأشيرات أو لاشتداد النزاع. إلا أن إنشاء خطوط الإمداد الروسية والتركية قد خلق بغير قصد البنية التحتية للهجرة السورية إلى ليبيا أو عبرها5.
بعد أن عمد اللواء خليفة حفتر إلى توطيد أركان حكمه في شرق ليبيا، عقب صراع دموي على السلطة في مدينة بنغازي امتد من العام 2014 إلى العام 2017، اتجه حفتر في عام 2019 للسيطرة علي العاصمة طرابلس. وقد جاء هذا التوجه مدعومًا من قبل الإمارات ومصر وروسيا. وقد لعبت موسكو دورًا مهمًا في تشجيع وصول حفتر إلى السلطة بدءًا من أوائل العام 2014، عبر مساندة حملته العسكرية في شرق ليبيا، وتوفير الفنيين والمستشارين وتقديم الدعم الاستخباراتي والدعائي، وطباعة الأوراق النقدية لحكومته غير المعترف بها دوليًا. ومع هجوم حفتر على حكومة طرابلس في العام 2019، زادت روسيا تواجدها في ليبيا من خلال نشر آلاف المرتزقة من مجموعة “فاغنر”، وأفراد عسكريين نظاميين، وطائرات، وأنظمة دفاع جوي. كما قامت روسيا بتسهيل وتنسيق استقدام آلاف المقاتلين السوريين الموالين للأسد إلي ليبيا بتفويض من النظام السوري. وفيما فشلت قوات حفتر في السيطرة على السلطة في العاصمة بسبب التدخل العسكري التركي، تكيفت موسكو بسرعة مع الوضع، واحتفظت بالكثير من عناصرها وأسلحتها في قواعد جوية رئيسة (الجفرة وبراك الشاطئ والقرضابیة) بالقرب من منشآت النفط. وبعد مقتل زعیم مرتزقة ” فاغنر” الروسیة، یفغیني بریغوجین في أغسطس العام 2023، لوحظ زیادة النشاط الروسي في المنطقة بهدف إعادة هيكلة الفاغنر لتأهیلها للتوسع مرة أخرى لیس في لیبیا فقط لكن تم توجیهها أیضًا إلی أفریقیا تحت مسمی “الفیلق الأفریقي”، وبذلك تحولت ليبيا وتحديدًا شرقها كقاعدة روسية حيوية لإرسال مقاتلين وإمدادات عسكرية إلى دول منطقة الساحل الأفريقي6. وفي هذا السياق، أكد مسؤول رفيع بوزارة الخارجية الأمريكية، في تصريح لـ”قناة ليبيا الأحرار”، إن نائب وزير الدفاع الروسي زار ليبيا ست مرات منذ أغسطس 2023، مضيفًا أن موسكو تسعى لتوسيع وجودها العسكري في ليبيا منذ وفاة “بريغوجين” بما في ذلك إنشاء بنية تحتية عسكرية دائمة، وأشار المسؤول الأمريكي إلى تقارير تؤكد زيادة الشحنات العسكرية الروسية إلى ليبيا منذ أغسطس 2024، لافتًا إلى أن السفير الروسي في ليبيا يعترف بوجود قوات روسية وتقديرات تشير إلى نحو 1800 عنصر مدعوم من الكرملين7.
وفي مقابل هذا الدعم الروسي لحفتر، قامت تركيا بإرسال آلاف المرتزقة السوريين الذين قاتلوا نظام الأسد لفترة طويلة إلى طرابلس ومحيطها، أبرزها فصيل “السلطان مراد” وفق اتفاق مع حكومة “الوفاق” السابقة برئاسة فائز السراج، لصد هجوم قوات “الجيش الوطني” على طرابلس، عام 2019، ومنذ توقف الحرب بقيت هذه القوات على حالها. وفي يناير 2024، قال “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، إن عدد عناصر “المرتزقة السوريين” في طرابلس تجاوز 7 آلاف سابقًا، لكن فر منهم نحو 3 آلاف، وتحولوا إلى لاجئين في شمال أفريقيا وأوروبا8.
ومنذ ذلك الحين (منذ محاولة حفتر السيطرة علي طرابلس عام 2019 والدعم السوري والروسي المقدم له)، أقام الأسد وحفتر علاقات وثيقة علي مختلف المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية. حيث أعادت حكومة حفتر ومقرها شرق البلاد افتتاح السفارة الليبية في دمشق في مارس 2020، وقال نائب وزير الخارجية السوري آنذاك فيصل المقداد “عندما تتخذ سوريا قرارًا حاسمًا بعودة العلاقات مع الأشقاء في ليبيا، فهذا اعتراف بأن المعركة التي نقودها نحن في سوريا وفي ليبيا هي معركة واحدة موجهة ضد الإرهاب وضد من يدعم الإرهاب”، في إشارة إلى تركيا9. وحظيت هذه الخطوة (إعادة فتح السفارة الليبية في دمشق) بتشجيع وتسهيل الإمارات العربية المتحدة التي تضطلع منذ فترة طويلة بدور سياسي وعسكري داعم له، وكانت آنذاك تقود الجهود العربية لإعادة تطبيع العلاقات مع النظام السوري. وبدت رمزية هذه الخطوة واضحة للمواطنين في البلدين. فقد مالت الدفة لصالح الثورة المضادة والمناهضة للإسلاميين بعد العام 2011، بقيادة أبو ظبي، وبدرجة أقل المملكة العربية السعودية، وكذلك للسردية القائلة إن الحكام السلطويين ذوي القبضة الحديدية، على غرار حفتر والأسد، هم وحدهم القادرون على ضمان الاستقرار10. وفي فبراير 2023، التقي رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، ضمن زيارة قام بها اتحاد البرلمان العربي إلى دمشق11.
توج التعاون بين الأسد وحفتر باتفاق في عام 2020 لتدريب طياري الجيش الوطني الليبي التابع لحفتر في سوريا. لكن البرنامج أعاقته وفاة طيار من الجيش الوطني الليبي عن طريق الخطأ في ديسمبر 2022، عندما تحطمت طائرته في مطار “كويرس” العسكري بالقرب من ثاني أكبر مدينة في سوريا، حلب. ثم تعطل برنامج تدريب الطيارين الليبيين بسبب استئناف الأعمال القتالية في سوريا حيث بقيت بعض طائرات الجيش الوطني الليبي، فسقطت طائرتان من طراز L39 Albatros مخصصتان للتدريب العسكري في أيدي المعارضة السورية في 2 ديسمبر 2024 عندما استولوا على قاعدة النيرب الجوية، بالقرب من حلب أيضًا. ويذكر أن هذه الطائرات لم تعد صالحة للعمل12. وفي 27 ديسمبر 2024، تحصلت “قناة ليبيا الأحرار” على وثائق خاصة تكشف إنشاء حفتر لمشروع خاص بالطائرات المسيرة بالتعاون مع نظام بشار الأسد في سوريا. حيث تظهر إحدى الوثائق قرارًا بتشكيل مكتب تنسيق مشترك بين الطرفين برئاسة اللواء عبدالكريم محمود، والذي عين مؤخرًا وزيرًا للدفاع في سوريا، قبل الإطاحة بنظام الأسد. من بين الوثائق أيضًا صور بالأقمار الاصطناعية لأماكن حددت شرق ليبيا حيث أظهرت البيانات أن المنطقة تقع في ضواحي منطقة الحمامة شرقي مدينة البيضاء. وبمسح المنطقة طبوغرافيا تبين أن أعمالًا كانت جارية حتى نهاية العام 2020 ثم توقفت حتى تاريخ اليوم13.
إضافة إلى ذلك، ارتبط الشرق الليبي بسورية عبر شبكات متينة ومتداخلة من التجارة غير المشروعة، شملت بيئتين واسعتين من الجريمة المنظمة صب التفاعل بينهما في خدمة الطرفين. فعلى مدى سنوات، نشطت شركة الطيران السورية الخاصة “أجنحة الشام”، التي لطالما دعمت نظام الأسد من خلال نقل الأموال والمخدرات والمعدات والمقاتلين، ومن ضمنهم المرتزقة الروس، في عمليات نقل المهاجرين غير النظاميين من بنغلادش وباكستان وسورية وفلسطين ومصر والهند إلى شرق ليبيا. وبعد وصولهم إلى هناك، تولت الميليشيات المرتبطة بحفتر تيسير وتنسيق رحلتهم المحفوفة بالمخاطر عبر البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا، بقيادة ابنه الطموح صدام الذي حقق أرباحًا طائلة من هذه التجارة. وعلى الرغم من الاتفاقات التي أبرمتها بعض دول الاتحاد الأوروبي مع حفتر لكبح موجات الهجرة، لم تتأثر عمليات نقل المهاجرين عبر “أجنحة الشام” من دمشق إلى شمال شرق ليبيا واستمرت من دون انقطاع. وأصبحت هذه الرحلات جزءًا لا يتجزأ من شبكات الإتجار بالبشر عبر البحر الأبيض المتوسط، وبلغ عدد الذين سافروا على متنها أحيانًا حوالى نصف إجمالي الوافدين إلى دول الاتحاد الأوروبي عبر ليبيا. حققت هذه التجارة إيرادات سنوية بملايين الدولارات، وتم تخصيص جزء كبير منها لتحالف حفتر المسلح.
لم يستفد حكم حفتر في شرق ليبيا من الإتجار بالبشر فحسب، بل أيضًا من التعاون مع النظام السوري في تهريب المخدرات. فقد أصبح إنتاج “الكبتاغون” قطاعًا يدر مليارات الدولارات في سورية خلال عهد الأسد، وانتشرت هذه الحبوب في السوق الليبية عبر ممر دمشق- بنغازي، ما أسهم في إثراء صدام حفتر وشركائه14. وكشف موقع “أفريكا إنتلجنس”، في يوليو 2023، أن قوات خفر السواحل اليونانية أوقفت، نهاية العام 2018، سفينة تحمل بضائع متجهة إلى بنغازي من اللاذقية، كانت تحمل على متنها أكثر من ثلاثة ملايين قرص من مخدر “الكبتاغون”. وأكد الموقع وجود طائرتي نقل عسكريتين تابعتين لسلاح الجو للنظام السوري، تقومان برحلات منتظمة ذهابًا وإيابًا على مطار بنينا في مدينة بنغازي، وفي بعض الأحيان تتوجه الطائرتان إلى إيران قبيل استكمال رحلاتهما إلى بنغازي. ومع أن هذا المخدر الخطير والمسبب للإدمان محظور في الكثير من البلدان، فقد انتقل من ليبيا جنوبًا وغربًا نحو السودان ومنطقة الساحل والجزائر وغيرها. في موازاة ذلك، كانت رحلات “أجنحة الشام” نفسها تُستخدم بصورة منتظمة لنقل الأسلحة من السوق السوداء في سورية إلى ليبيا التي كانت تشهد ازدهارًا في تجارة السلاح.
علاوة على ذلك، ازدهر طريق بحري بين البلدين (يربط بين ميناءي اللاذقية وبنغازي دشنته شركة “الطير للتجارة الدولية والشحن” السورية15)، أتاح نقل شحنات السلع غير المشروعة، بما في ذلك عمليات تهريب الوقود التي انتشرت بشكل واسع في شرق ليبيا خلال السنتين الماضيتين (2022 و 2023) تحت إشراف صدام حفتر. فقد أُعيد، بصورة غير قانونية، تصدير قسم كبير من الوقود الذي استوردته “المؤسسة الوطنية للنفط الليبية”، ووصل بعض هذه الشحنات إلى سورية في نهاية المطاف. وكشف خبراء لدى منظمة “The Sentry” للتحقيقيات الاستقصائية الدولية عن أن قيمة الإيرادات السنوية التي أدرها إجمالي التبادلات التجارية غير المشروعة بين ليبيا وسورية بلغت 300 مليون دولار تقريبًا.
اضطلع ماهر الأسد، شقيق بشار الأصغر وقائد الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة المدرعة النخبوية في الجيش السوري، بدور أساسي في جميع مفاصل شبكة الجريمة المنظمة السورية الليبية، إذ أشرف على إنتاج الكبتاغون وتنسيق عمليات غسل الأموال التي عظمت ثروات الموالين الأساسيين للنظام وساعدته في التهرب من العقوبات الدولية. يُشار إلى أن ماهر الأسد سافر في مارس 2023 إلى شرق ليبيا للقاء صدام حفتر ومناقشة سبل تعزيز تعاونهما في الأنشطة غير المشروعة، ما سلط الضوء على العلاقات الشخصية للغاية والروابط الرفيعة المستوى التي عززت دعم النظام السوري لسلطة حفتر16.
يشار إلى أن حكومة “الوفاق الوطني” الليبية سبق أن اتهمت “هيئة الاستثمار العسكري” التابعة للواء خليفة حفتر بإقامة علاقات مشبوهة، ومنح تأشيرات مزورة لدخول سوريين مقربين من النظام السوري للدخول إلى ليبيا. كما سبق أن ذكرت وزارة الداخلية في حكومة “الوفاق” تقديم النظام السوري المال والسلاح للواء حفتر، في شحنات نقلتها شركة “أجنحة الشام” للطيران، في مقابل وقود الطيران للنظام السوري، في انتهاك للحظر الدولي على الوقود المفروض على النظام السوري منذ أواخر عام 2013. فيما تعرضت شركة “أجنحة السام” لعقوبات أميركية عام 2016، بسبب نشاطها في نقل المرتزقة لدعم نظام بشار الأسد خليفة حفتر17.
ثانيًا: محددات الموقف الليبي من سقوط نظام الأسد في سوريا:
وفي ضوء ما سبق، يمكن الإشارة إلي مجموعة من المحددات التي توضح طبيعة موقف الأطراف الليبية (تتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى معترف بها دوليًا، وهي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التي تدير كامل غرب البلاد من العاصمة طرابلس. أما الثانية، فيرأسها أسامة حماد، والتي عينها مجلس النواب والمدعومة من قبل حفتر، وتدير كامل مدن ومناطق الشرق ومدنًا بالجنوب) من سقوط نظام الأسد في سوريا، كما يلي:
1- المحددات الداخلية: سعت سلطات شرق ليبيا إلى توطيد علاقاتها مع نظام بشار الأسد بينما اعتمدت سلطات غرب ليبيا على ميليشيات المعارضة المسلحة في الشمال السوري. وقد كان لأفكار “الإسلام السياسي” و”الثورة والتغيير” بالمنطقة دورًا مهمًا في تكريس التحالف بين طرابلس والمعارضة السورية ومنها “هيئة تحرير الشام” التي شارك عدد مهم من الليبيين بالقتال في صفوفها عندما كانت تحمل اسم “جبهة النصرة” مع بدايات الحرب الأهلية السورية18. في مقابل أفكار “الدولة القومية” و”الجيوش النظامية” و”الاستقرار” التي لعبت دورًا مهمًا في تكريس التحالف بين بنغازي ونظام الأسد، الذي وفر منذ مدة طويلة، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، الدعم للإدارة القمعية التابعة للمشير خليفة حفتر وأبنائه، عبر شبكات الأعمال غير المشروعة التي ساهمت في تعظيم ثروات النظامين19.
2- المحددات الاقليمية: انتصار الثوار في سوريا وسقوط الأسد ليس انتصارًا محليًا فقط، بل هو أيضًا انتصارًا إقليميًا لتركيا وتعزيزًا لنفوذها الإقليمي عبر ضمان حليف لها في دمشق20. وتتركز الأنظار حاليًا حول ما إذا سيتغير سلوك تركيا في ليبيا، وكيف سيتغير، نتيجة التحول في موازين القوى الإقليمية لصالحها، عقب سقوط الأسد. فلم تكتف حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد ترسيخ الوجود التركي في شمال غرب ليبيا في العام 2020، بالحفاظ على السلام المنقوص في العاصمة طرابلس وحولها. بل سعت إلى تحقيق أهداف اقتصادية على ارتباط متزايد بشرق ليبيا – أي الأراضي التي يحكم قبضته عليها الفصيل التابع لحفتر، والذي خاضت أنقرة سابقًا معارك ضده خلال الحرب من أجل السيطرة على طرابلس عام 2019. لكن منذ العام 2021، بذلت تركيا جهودًا كبيرة لزيادة التعاون مع أسرة حفتر وحلفائها، إذ افتتحت قنصلية في الشرق الليبي الخاضع لسيطرة حفتر، وأدت دورًا فعالًا في ضمان توقيع الشركات التركية الكثير من العقود لتنفيذ مشاريع في مدن مثل بنغازي ودرنة، حيث تجري عملية إعادة الإعمار تحت إشراف أسرة حفتر بشكل يفتقر إلى الشفافية. يسلط هذا المسار الضوء على تركيز تركيا الحازم على توسيع نطاق نفوذها في شرق ليبيا. وكما اتضح في سورية مؤخرًا، عندما ترى تركيا فرصة لتعزيز نفوذها، فهي تغتنمها بصورة سريعة وحاسمة، حتى لو تطلب ذلك الانقلاب على روسيا.
أحد السيناريوهات المحتملة هو أن عملية عرقلة أو تقويض الممر السلس الذي كانت تستخدمه روسيا لتزويد حفتر بالمساعدات بعد سقوط نظام الأسد – كما سنوضحه لاحقًا – قد تشجع الفصائل الليبية المتحالفة مع تركيا في غرب البلاد على تحدي سلطة حفتر في شرق البلاد، نظرًا إلى أن قدرته على فرض حصار نفطي وإملاء الشروط على حكومة طرابلس اعتمدا جزئيًا على القوة الرادعة المتمثلة في الوجود العسكري الروسي. وإذا اعتبرت الفصائل المناهضة لحفتر أن هذا الدعم قد تراجع بسبب إجراء موسكو عملية إعادة تقييم لحساباتها أو إعادة نشر لقواتها في مرحلة ما بعد الأسد، قد تسعى هذه الفصائل إلى انتزاع السيطرة على منشآت نفطية حيوية، معتبرة أن تكلفة المواجهة باتت أقل في الوقت الراهن.
أما السيناريو البديل، والأكثر واقعية، هو احتمال أن تكثف تركيا تواصلها السياسي والاقتصادي مع حفتر، مستفيدة من الفرصة التي يتيحها راهنًا انشغال روسيا في التداعيات الناجمة عن سقوط الأسد. إذا اتبع أردوغان هذا المسار، سيسعى على الأرجح إلى الحفاظ على دور لموسكو على الأرض في ليبيا، ولكنه سيكون أقل من السابق، ما قد يزيد من قيمة تركيا لحلف شمال الأطلسي باعتبارها محاورًا وثقلًا موازيًا. وقد يبدي حفتر استعدادًا لقبول مثل هذه المبادرات من أنقرة، وخصوصًا إذا شعر بأن مكانته على المستوى المحلي قد تتأثر بسبب إضعاف الشبكة السورية الروسية، فيما يتعرض لضغوط أميركية وأوروبية من أجل ثنيه عن منح مزيد من القواعد الدائمة إلى روسيا التي تحاول إعادة تجميع ونشر قواتها بعد انهيار النظام السوري21.
وفي المقابل، فإن الدول الإقليمية الداعمة لحفتر مثل مصر والإمارات قد تضطر إلى مراجعة سياساتها وتوجيه المزيد من الدعم لتحصين موقف حفتر ومنع انتشار النفوذ التركي في ليبيا22. فهذه الدول لن تسمح لتركيا كحد أدنى أن تنتصر أيضًا في ليبيا وتحسم مسألة النفوذ فيها بشكل كامل بما في ذلك شرق البلاد، وكحد أقصى قد تأخذ هذه الأطراف خطوة استباقية وتدفع حفتر لإطلاق عملية عسكرية بها قدر من المخاطرة، للسيطرة على العاصمة طرابلس وإنهاء النفوذ التركي فيها، بعد تعزيز الأخيرة نفوذها في سوريا23.
وكان لافتًا في هذا السياق، الزيارة التي قام بها رئيس المخابرات المصرية حسن رشاد إلى ليبيا، في 29 ديسمبر 2024، وقد جاء البيان الليبي لقيادة قوات شرق ليبيا حول الزيارة مقتضبًا، ولم يذكر سوى الحديث حول آخر التطورات الليبية والإقليمية. وأكد الطرفان “أهمية دعم الجهود للدفع بالعملية السياسية في ليبيا، بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة”. فيما أشارت تقارير إعلامية إلي أن الزيارة شهدت مناقشة ثلاثة ملفات هامة تشغل الجانب المصري في تعامله مع الملف الليبي، وذلك في ضوء تطورات الوضع في سوريا.
الملف الأول، جاء اللقاء المصري مع خليفة حفتر، في ضوء ما حدث داخل ليبيا الأيام القليلة الماضية من هجوم لميليشيا تابعة لصدام خليفة حفتر على فصائل تابعة للمجلس الرئاسي الليبي (معسكر تيندي في مدينة أوباري جنوب غرب ليبيا، حيث يوجد حقل الشرارة النفطي الأكبر في ليبيا)، بالقرب من الخط الفاصل بين شرق ليبيا وغربها، وهو الإجراء الذي رأت فيه القاهرة محاولة لتفجير الوضع الداخلي من جديد في ليبيا، دون تنسيق مع القاهرة. ورغم أن القاهرة يهمها أن “يبسط خليفة حفتر نفوذه على كل ليبيا لإنهاء الوضع المتأزم”، إلا أن القاهرة تدرك جيدًا، وفقًا لتجارب سابقة، أن خليفة حفتر لن يكون قادرًا على دخول طرابلس مرة أخرى مهما كانت الأسباب، في ظل وجود الطرف التركي الداعم لحكومة عبد الحميد الدبيبة. ولذلك كانت القاهرة متفاجئة من تحركات قوات صدام حفتر للاشتباك مع قوات حكومة الدبيبة.
الملف الثاني، ملف الجنود والسلاح الروسيين الذين تم نقلهم خلال الأسابيع الماضية من سوريا بعد فرار بشار الأسد إلى ليبيا. حيث تتخوف القاهرة من أن يكون شرق ليبيا عبارة عن قاعدة عسكرية كبيرة لروسيا في المنطقة، مما يهدد الأمن القومي المصري بشدة، خاصة في حال تسلل عناصر من الفاغنر الروسي أو عناصر سورية تعمل داخل “فيلق إفريقيا الروسي” إلى داخل الأراضي المصرية في ظل حالة السيولة السياسية والعسكرية التي تعيشها المنطقة منذ فترة.
الملف الثالث هو العملية السياسية في ليبيا ومصير الدور المصري هناك. إذ إن مصر لا تريد أن يتم تقزيمها في الملف الليبي ولا تريد أن يتم إخراجها من المشهد السياسي في ظل مساعٍ لأطراف إقليمية ودولية للعب دور في إنهاء الأزمة السياسية في ليبيا. حيث شهدت ليبيا محاولات من جانب الاتحاد الإفريقي وكذلك الأمم المتحدة في الأيام الماضية لإنجاز مسار سياسي جديد في ليبيا، تتحفظ عليه مصر. وبالتالي، تريد مصر أن تكون هي صاحبة اليد العليا في إنهاء الأزمة السياسية في ليبيا، كما تريد القاهرة بشكل واضح أن يكون هناك مسار سياسي يضمن وجود أبناء خليفة حفتر فيه، حتى تضمن استمرار نفوذها في الحالة السياسية في شرق ليبيا.
يجب الإشارة إلى أن زيارة رئيس المخابرات المصرية إلى خليفة حفتر جاءت بعد يوم واحد من لقاء قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، في 28 ديسمبر 2024، مع وفد ممثل للحكومة الليبية المعترف بها دوليًا. وناقش الطرفان العلاقات الدبلوماسية ومسائل الطاقة والهجرة، في إطار حركة دبلوماسية نشطة تشهدها العاصمة السورية منذ سقوط بشار الأسد. هذه الزيارة بطبيعة الحال “تثير غضب الجانب المصري وتثير حفيظته”، خاصة وأن القاهرة تتخوف من أن يكون لأحمد الشرع تحالف مع دولة تعتبرها مصر من ضمن أمنها القومي، مما يهدد علاقة مصر بليبيا24. كما أن انضمام دولة كبيرة مثل سوريا وقبلها ليبيا إلى المحور القطري- التركي يعمق قلق النظام المصري، حيث يرى فيه تعزيزًا لتحالفات إقليمية قد تشكل تهديدًا للتحالفات التقليدية التي يعتمد عليها في المنطقة (التحالف مع السعودية والإمارات)25.
وفي خطوة لافتة، أعلن مفتي ليبيا الشيخ الصادق الغرياني دعمه للدعوات المطالبة بإسقاط الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، معتبرًا أن النظام الحالي في مصر يمثل تهديدًا خطيرًا لمستقبل الدولة وشعبها. وخلال تصريحاته الأخيرة، أكد الغرياني أن الشعب المصري يجب أن “يخرج كرجل واحد” لوقف ما وصفه بـ”الظلم والاستبداد”، مشيرًا إلى أن السيسي قاد مصر إلى نفق مظلم بسبب سياساته الاقتصادية والأمنية القمعية. وتزامنت دعوات الغرياني مع انتشار حملة “جاك الدور يا ديكتاتور”، التي أطلقها المقاتل المصري أحمد منصور من سوريا. وقد لاقت الحملة انتشارًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تصدرت قائمة الترند في مصر وعدة دول عربية للأسبوع الثاني على التوالي. ويعتبر المراقبون أن هذه الحملة أربكت نظام السيسي، الذي أصبح قلقًا من تصاعد موجة الاحتجاجات المطالبة بإسقاطه، خاصة مع اقتراب ذكرى ثورة 25 يناير، التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك في عام 201126.
3- المحددات الدولية: من المرجح أن يدفع سقوط الأسد روسيا إلى مراجعة استراتيجيتها في المنطقة، حيث استخدمت حتى الآن كلًا من سوريا وليبيا كمركزي عبور لنشر المعدات العسكرية لعملياتها في منطقة الساحل الأفريقي. حيث تمر السفن الروسية بانتظام عبر ميناء طرطوس السوري قبل التوقف في طبرق في شرق ليبيا، وهناك تسلم حمولتها من المعدات العسكرية لقوات فيلق إفريقيا (فاغنر سابقًا) وتنقلها برًا إلى الدول المجاورة27.
ومما يدفع روسيا للجوء إلي ليبيا وتحدیدًا شرقها وسواحلها في الشرق باعتبارها البدیل الآمن للقواعد والعتاد الروسي المخزن في قاعدتي حميميم الجوية في اللاذقية وطرطوس البحرية في الساحل السوري؛ العلاقة الاستراتیجیة العسکریة والسیاسیة بین روسیا ومعسكر الشرق اللیبي بشقیها العسكري ممثلًا في حفتر وقواته والسیاسي ممثلًا في عقیلة صالح ومجلس النواب، هذا من جانب، ومن ناحیة أخرى هي طبیعة العلاقة الاستراتیجیة أیضًا بين نظام بشار الأسد المنهار، وبین القوات العسكریة في الشرق اللیبي والرحلات المكررة بینهما بل وتدرب قوات تابعة لحفتر في سوریا، ما یجعل انتقال هذا العتاد أو جز کبیر منه من سواحل سوریا إلی سواحل شرق لیبیا هي رهانات آمنة وخطط بدیلة مضمونة لموسكو. كما أن حالة السیولة السیاسیة والفوضی والانقسام في لیبیا تجعل نقل روسيا لقواتها من سوريا إلي ليبيا لیست صعبة أو بعیدة التحقق، بل ستكون الأطراف اللیبیة الطامحة للسلطة والطامعة في المناصب ملاذًا آمنًا لتنفیذ هذه الرهانات والمخططات، بل وقد تستغلها في معارك تصفیة الحسابات السیاسیة والعسكریة بین الأطراف المتناحرة شرقًا وغربًا. لذا کثفت أجهزة المراقبة والرصد تحرکاتها لرصد أي توجه روسی إلی لیبیا، ومنها موقع ” إیتامیل رادار” الإیطالي المتخصص بالملاحة الجویة، الذي التقطت أجهزته الرصدیة صورًا فضائیة لمیناء طرطوس تظهر أرصفة فارغة وسفنًا روسیة متمرکزة في عرض البحر علي بعد 10 کیلومترات من الساحل، مشیرًا إلی أنه لم یتضح حتی الآن هل یعد هذا الانسحاب مؤقتًا أو دائمًا، وأوصی الموقع الإیطالي بضرورة مراقبة الموانئ الروسیة “الصدیقة”، لتحدید وجهة الأسطول الروسي، خصوصًا میناء طبرق في لیبیا، والذي عده في مقدمة الموانئ التي من الممكن أن ینسحب إلیها الأسطول الروسي28.
ومنذ سقوط نظام بشار الأسد المتحالف مع موسكو في الثامن من ديسمبر 2024، لا يتوقف سيل الأنباء غير المؤكدة رسميًا، حول مواصلة روسيا نقل معداتها العسكرية وحتى نظم كاملة للدفاع الجوي، من سورية إلى ليبيا وسط بحثها عن موطئ قدم بديل في المتوسط يضمن استمرار الدعم اللوجستي لعمليات “الفيلق الأفريقي” تحسبًا لعزوف السلطات السورية الجديدة عن السماح ببقاء القوات الروسية في قاعدتي طرطوس واللاذقیة السوریتین وخشية من تعرضهما لأي هجمات29.
وفي هذا السياق، قال “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، إن القوات الروسية المتمركزة في قاعدة حميميم الجوية بريف اللاذقية “قامت بنقل العشرات من كبار ضباط النظام السوري السابق (حوالي 60 ضابطًا سوريًا من أصحاب الرتب العالية ومن أفرع أمنية مختلفة)، إلى إحدى قواعدها في شمال أفريقيا”. وعملية النقل التي تحدث عنها المرصد، “تمت على دفعتين على الأقل خلال ديسمبر 2024″، دون الإفصاح عن الوجهة النهائية. وحسب مصادر المرصد، فقد جرى نقل الدفعة الأولى في الثامن من ديسمبر، بالتزامن مع مغادرة الرئيس المخلوع بشار الأسد إلى روسيا. ونقلت المجموعة الأولى من الضباط، التي تضم قيادات بارزة في الجيش والمخابرات وشخصيات نافذة في مؤسسات العهد السابق. وفي الثالث عشر من ديسمبر، نُقلت الدفعة الثانية باستخدام طائرة شحن عسكرية روسية، وشملت العملية مجموعة جديدة من كبار الضباط. وأشار المرصد إلى أنه بإجراء “تحقيق بسيط شرق ليببا، يمكن إيجاد هؤلاء الضباط؛ فهم ليسوا مختبئين؛ بل يتحركون بحرية في ليبيا؛ ولا نعلم هل نُقلوا بعلم من القيادة الروسية أو بمساعدة بعض الضباط الروس؟”30. وفي السياق نفسه، أكد ضباط في قاعدة بنينا الجوية لمنصة “فواصل” الإعلامية أن طائرة “أجنحة الشام” هبطت في القاعدة وعلى متنها ضباط سوريون موالون للأسد. ووفق موقع The Warzone، فأن طائرة أخرى قادمة من سوريا هبطت في مطار بنينا في بنغازي، وأن الضباط السوريين نُقلوا إلى قاعدة الجفرة العسكرية تمهيدًا لنقلهم إلى روسيا31.
فيما كشفت مصادر عسكرية ليبية لـ”عربي بوست” أن روسيا قامت، عقب سقوط نظام بشار الأسد مباشرة، بنقل قوات ومعدات عسكرية إلى ليبيا في محاولة منها لإعادة التموضع بعد خسارة نفوذها في سوريا. وقالت المصادر إنه وفقًا للمعلومات المؤكدة، هناك ست طائرات روسية وصلت إلى قاعدة الجفرة في وسط البلاد، حيث وصلت طائرات “إليوشن” إلى القاعدة عبر رحلتين قام بهما الطيران الروسي. وأوضحت المصادر أن الرحلات تضمنت طيرانًا عسكريًا وطيرانًا مدنيًا لنقل الجنود العسكريين الروس، مشيرة إلى أن الرحلات انطلقت من مطار طرطوس السوري مباشرة إلى ليبيا. كما أشارت المصادر إلى وصول رحلات أخرى من بيلاروسيا تحمل عناصر روسية وأخرى سورية، لكن هذه الطائرات هبطت في مطار قاعدة براك الشاطئ الليبي بالقرب من مدينة سبها32.
كما كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية عن قيام روسيا بنقل أنظمة دفاع جوي متطورة وأسلحة أخرى من قواعدها في سوريا إلى ليبيا. وأشارت الصحيفة إلى أن طائرات شحن روسية نقلت معدات دفاع جوي، بما في ذلك رادارات لأنظمة اعتراض إس-400 وإس-300، من سوريا إلى قواعد في شرق ليبيا تسيطر عليها “ميليشيات خليفة حفتر المدعومة من موسكو”. وبحسب الصحيفة، فإن روسيا تسعى الآن لتعزيز وجودها في ليبيا، حيث تدرس إمكانية تطوير منشآتها في طبرق لاستقبال السفن الروسية. وتقول الصحيفة إن مسؤولين بارزين في روسيا التقوا في العام الماضي (2023) مع حفتر لمناقشة حق رسو السفن العسكرية الروسية، ولمدة طويلة في ميناءي بنغازي أو طبرق. وتضيف الصحيفة أن حفتر طلب من روسيا ومن عدة سنوات تزويده بأنظمة دفاع جوي لتعزيز قبضته على الدولة المنقسمة، التي تعاني من الاضطرابات والانقسامات منذ الثورة التي أطاحت بمعمر القذافي في عام 2011. وقال مسؤول أمريكي للصحيفة إنه ليس من الواضح ما إذا كانت أنظمة الأسلحة، بما في ذلك مكونات منظومة إس-400، ستبقى في ليبيا أم سيتم نقلها جوًا إلى روسيا33.
وبحسب “شبكة CNN” أطلقت روسيا في الأسابيع التي تلت الإطاحة ببشار الأسد من سوريا، رحلات جوية متعددة إلى قاعدة جوية في ليبيا. وتظهر بيانات تتبع الرحلات الجوية التي حللتها الشبكة أكثر من رحلة واحدة يوميًا منذ منتصف ديسمبر – بواسطة طائرات النقل العملاقة من طراز أنتونوف AN-124 التابعة لموسكو، بالإضافة إلى طائرات إليوشن IL-76 – من قاعدة حميميم الروسية في سوريا إلى قاعدة الخادم، وهي قاعدة بالقرب من بنغازي في شرق ليبيا. وأشارت الشبكة إلي أن قاعدة حميميم بمثابة المركز الذي تنطلق منه عمليات المرتزقة الروس في إفريقيا (في جمهورية إفريقيا الوسطى والسودان وليبيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر)34.
بناءً علي ما سبق؛ يمكن القول أن خسارة روسيا لحليفها السوري بشار الأسد، وما قد يترتب عليه من احتمالية مرجحة وطبيعية لخسارة نفوذها العسكري في سوريا، وبالتالي فقدانها لتواجدها الجيوسياسي الحيوي في المياه الدافئة علي البحر المتوسط عبر سواحل طرطوس، من المرجح أن ينعكس على الملف الليبي من عدة سيناريوهات:
– السيناريو الاول: من المرجح أن تستميت روسيا في الدفاع عن نفوذها العسكري في شرق ليبيا وعن تحالفها مع خليفة حفتر، لأنه لم يعد أمام روسيا غير ليبيا، لتضمن منفذًا على المياه الدافئة في شرق المتوسط، وهو الهدف الجيوسياسي الذي طالما سعت إليه موسكو. ومن هنا يمكن إدراك طبيعة تحركات الطائرات الروسية ما بين اللاذقية وبنغازي وكذلك القوات التابعة لبشار والتي فرت إلى ليبيا، فعلى الأرجح قد يكون هناك عملية نقل معدات وأسلحة وجنود من قواعدها في سوريا إلى ليبيا. وإذا شعرت روسيا بتهديد أيضًا لنفوذها في شرق ليبيا، قد يصل بها الأمر لدعم ودفع حفتر لإطلاق عملية عسكرية جديدة للسيطرة على العاصمة طرابلس وهزيمة حلفاء تركيا في ليبيا، كما فعلت أنقرة مع حلفاء موسكو في سوريا، وهو ما يمكنها من تعويض خسارتها وتأمين نفوذها في ليبيا. لكن العائق الرئيسي هو انشغال روسيا بحرب أوكرانيا واحتمالية عدم استعدادها لفتح جبهة جديدة، وبالتالي قد يكون لهذه الخطوة نتيجة عكسية تمامًا، تقود لخسارة روسيا المعركة ومعها نفوذها في ليبيا.
– السيناريو الثاني: مع خسارة روسيا لنفوذها في سوريا، قد تجد الولايات المتحدة في ذلك فرصة لمزيد من الضغط على روسيا في منطقة الشرق الأوسط عبر البوابة الليبية، لإضعاف نفوذها في ليبيا وتشتيت جهودها ما بين ليبيا وأوكرانيا، بالأخص خلال الفترة المتبقية لجو بايدن في البيت الأبيض، خاصة وأن الأخير يسعى لزيادة التوتر الجيوسياسي مع روسيا في العديد من الملفات، لقطع الطريق أمام دونالد ترامب في مساعيه المتعلقة بتخفيف التوتر مع روسيا، بشكل يقود لإنهاء الحرب الأوكرانية بصيغة قد لا تصب في صالح الغرب من الناحية الجيواسراتيجية.
وفي ذلك تقف الولايات المتحدة أمام نهجين، الأول محاولة ثني حفتر عن تحالفه المتنامي مع الروس، لذلك تتزايد الزيارات الأمريكية لشرق ليبيا ولقاء حفتر وأبناءه. النهج الثاني احتمالية إشغال روسيا في ليبيا عبر إشعال حرب داخلية من جديد بين شرق وغرب البلاد. أي أن الولايات المتحدة وفقًا لهذا التحليل، هي التي قد تدفع نحو خيار الحرب وليس روسيا.
– السيناريو الثالث: بعد وصول ترامب للبيت الأبيض، هناك احتمالية لعقده صفقة، كعادته في التعامل مع ملفات السياسة الخارجية، قد يكون مضمونها هو الربط والمقايضة بين وقف الحرب الأوكرانية مقابل الاعتراف بالنفوذ الروسي في ليبيا. مع الأخذ في الاعتبار وجهة النظر التي تقول بأن الولايات المتحدة لا تمانع تواجد روسيا في ليبيا، لاستخدامها كفزاعة وأداة ترهيب لحلفائها الأوروبيين وجعلهم باستمرار في حاجة لظهير أمريكي، حيث تواجد روسيا في ليبيا، يجعل الأمن القومي الأوروبي منكشفًا من الجنوب، في ملفات: الهجرة الغير شرعية، الطاقة والانتشار العسكري35.
ثالثًا: أبعاد الموقف الليبي من سقوط نظام الأسد في سوريا:
وفي ضوء هذه المحددات، فقد تباينت ردود فعل جبهتي شرق ليبيا وغربها حيال سقوط نظام الأسد والتعامل مع الإدارة السورية الجديدة، وهو ما يمكن توضيحه كما يلي:
1- علي المستوي الإعلامي والشعبي: تعمدت سلطات غرب ليبيا التظاهر بوجودها ضمن خندق الفريق المنتصر في سوريا، لاسيما في ظل العلاقات المتطورة بينها وبين تركيا وتحالفها مع قوى الإسلام السياسي التي تعتبر الإطاحة بنظام الأسد نصرًا مؤزرًا لها بعد خيبات مرحلة ما بعد الربيع العربي وخاصة في مصر وتونس36. وقد ظهر ذلك في الاحتفالات الشعبية الصاخبة التي شهدتها مدينتا مصراتة وطرابلس في غرب البلاد37. فيما تداول ناشطون صورًا لعناصر من المقاتلین السوریین الموالین لترکیا وهم یحتفلون في وسط مدینة زلیتن، لدخول قادتهم في سوریا لمدینة حمص عقب سقوط حلب38.
وفي المقابل، بدا حفتر وحلفائه في وضع غير مريح، وظهر ذلك جليًا في التغطية المحدودة التي خصصتها وسائل الإعلام الموالية له للأحداث في سورية، فضلًا عن غياب ردود فعل شعبية ملحوظة في المدن الواقعة شرق ليبيا39.
2- علي المستوي السياسي والدبلوماسي: في حين سارعت وزارة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية (حكومة الدبيبة في طرابلس)، عقب سقوط نظام الأسد مباشرة، إلي تأكيد “دعم ليبيا لنضال السوريين المشروع ضد الاستبداد وانحيازها تمامًا لمطالب الشعب السوري العادلة، ووقوفها مع ثورته ضد الطغيان”40. وتلقى وزير الخارجية بالإدارة السورية الجديدة أسعد الشيباني، 25 ديسمبر 2024، اتصالًا هاتفيًا من وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية وليد اللافي، أكد خلاله الأخير دعم بلاده للشعب السوري وإدارته الجديدة عقب سقوط نظام بشار الأسد. كما أرسلت حكومة الوحدة وفدًا حكوميًا إلى سوريا، في 28 ديسمبر، ضم وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية وليد اللافي ومدير الاستخبارات العسكرية اللواء محمود حمزة ووزير العمل والتأهيل علي العابد، التقي بقائد الإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع ووزير خارجيته أسعد الشيباني ورئيس الاستخبارات العامة أنس خطاب. وأكد الوفد الليبي سعيه لوجود سفير بشكل رسمي في دمشق عن طريق افتتاح مقر للسفارة41. ويتردد في بعض وسائل الإعلام وجود “تعهد من حكومة الدبيبة بتقديم 50 مليون دولار لسوريا”42.
وفي المقابل، ورغم مرور عدة أسابيع على التغيرات في سورية، لم يعلن مجلس النواب والحكومة المنبثقة منه في بنغازي عن أي موقف حيالها، غير أن خليفة حفتر، أشار بشكل ضمني إلى موقفه الحذر من التغيرات في سورية. وقال حفتر، في كلمة بمناسبة ذكرى الاستقلال الليبي، في 24 ديسمبر 2024: “نراقب المتغيرات الخطيرة التي تجتاح المنطقة ونحن على الجاهزية التامة لحماية المكتسبات والمقدرات والحفاظ على ما تحقق من أمن واستقرار وسائرون في طريق البناء والإعمار”43. بينما أبدى موالون لنظام القذافي في عمومه أسفًا على سقوط بشار الأسد44.
ومن جانب آخر، ففي حين أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، خلال مشاركته في منتدى الاتصال الحكومي ضمن أيام طرابلس الإعلامية، أن حكومته لن تسمح بتحويل ليبيا إلى ساحة صراع دولي، مشددًا على رفضه لأي تدخلات أجنبية غير مشروعة. وأوضح الدبيبة أن حكومته خاطبت روسيا بشأن مزاعم نقل عتاد عسكري من قاعدة حميميم في سوريا إلى ليبيا، بعد سقوط نظام بشار الأسد، مؤكدًا أن ليبيا لن تسمح بدخول أي قوات أجنبية إلا بموجب اتفاقيات رسمية وضمن إطار التدريب45. في المقابل، نقلت وسائل إعلام عن مسئولين أمنيين وعسكريين عن المنطقة الشرقية، نفيهم ما يتردد بشأن هروب ضباط سوريين من مطار حميميم إلى بنغازي (شرقي البلاد)، مؤكدين أن بلادهم “لن تكون أبدًا ملاذًا للفارين من نظام الأسد”46. فيما حذر رئيس الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، أسامة حماد، الإدارة السورية الجديدة، من نقل مقاتلين سوريين إلى حكومة الوحدة “منتهية الولاية” في العاصمة طرابلس، تحت ذريعة التدريب أو أي سبب آخر من شأنه زعزعة الاستقرار الأمني47.
3- علي المستوي العسكري والأمني: يرجح مراقبون أن الانتصار الملفت الذي حققته “هيئة تحرير الشام” والفصائل المرتبطة بها في سوريا ضد نظام الأسد ستتردد أصدائه في المشهد السياسي في ليبيا48. والذي قد يأخذ أحد الشكلين، الأول أن تقوم قوات غرب ليبيا بعملية عسكرية شبيهة ضد قوات الشرق الليبي، والثاني أن تقوم قوات الشرق بعملية عسكرية استباقية لقطع الطريق أمام تحرك قوات الغرب.
جدير بالذكر هنا، أن الجنوب الليبي يشهد حالة من التوترات الأمنية منذ فترة وسط حالة تكتم وصمت من كل الأطراف العسكرية والسياسية شرقًا وغربًا. وكانت آخر هذه التوترات قيام القوات التابعة لقائد القيادة العامة، خليفة حفتر بالهجوم على معسكر يتبع رئاسة أركان المجلس الرئاسي الليبي والسيطرة عليه والاستيلاء على المعدات والذخائر هناك وطرد قادة المعسكر. وبعد مناوشات بين قوات حفتر وأخرى تابعة للرئاسي الليبي، سيطرت الأولى على معسكر “تيندي” بمنطقة سبها العسكرية التابعة للمجلس الرئاسي في مدينة أوباري (جنوب غرب ليبيا) والذي يترأسه الفريق، علي كنة، دون معرفة أسباب هذه الخطوة المفاجئة. وجاءت الأحداث بعد اتهامات من قبل قادة في قوات حفتر للفريق كنة وقواته بأنهم يخططون لإحداث فوضى في المنطقة الجنوبية والهجوم على معسكرات تابعة لقوات حفتر، لذا اتخذ خطوة استباقية لمنع هذه الفوضى والسيطرة على المعسكر، وفق كلامهم. وذكرت منصات إعلامية محلية أن الخطوة جاءت عبر اقتحام قوات تابعة لرئاسة أركان القوات البرية التي يترأسها، صدام نجل خليفة حفتر للمعسكر، ما يعتبر خرقًا لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الأطراف العسكرية في ليبيا.
وبعد هذه الأحداث تسربت رسالة خطية من رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح موجهة إلى مجلس الأمن الدولي، والاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، بشأن تصاعد وتيرة التهديد والوعيد، التي يطلقها الخصوم السياسيون، وتخوفه من خرق اتفاق إطلاق النار، الذي رعته الأمم المتحدة عام 2020، ووقوع حرب جديدة في ليبيا. وبعد ردود فعل غاضبة ومتسارعة تجاه هذه الرسالة، خرج المكتب الإعلامي التابع لعقيلة صالح لنفي الأمر ووصفه للرسالة أنها “غير صحيحة”، لكن بحسب وسائل إعلامية فأن الرسالة حقيقية لكن عقيلة صالح تراجع عنها بعد ردود الفعل الغاضبة التي اتهمته بالاستقواء بالخارج.
ومن الأحداث الكبرى في جنوب ليبيا أيضًا هي الاستقالة المفاجئة لقائد اللواء 128 بقوات حفتر اللواء، حسن الزادمة، بعد ورود أنباء عن خلافات بينه وبين صدام حفتر ورفضه للتدخل الروسي في البلاد. وكشفت وكالة “نوفا” الإيطالية أن استقالة الزادمة، وهو شخصية عسكرية مؤثرة لعبت دورًا أساسيًا في تعزيز نفوذ حفتر في الجنوب، تعود إلى خلافات بينه وبين صدام حفتر، حول النفوذ والسياسة في المنطقة، بسبب اتصالات الزادمة الخارجية، ومطالبته بمزيد من الاستقلالية. وأشارت الوكالة إلى أن الزادمة، وهو شقيق نائب رئيس الحكومة التابعة للبرلمان الليبي، اشتكى عدة مرات مما أسماه “معاملة مهينة” تعرض لها أفراد من قواته على يد مرتزقة “الفاغنر” الروس المتواجدين في قاعدة القرضابية الجوية49.
ختامًا؛ هل يتكرر السيناريو السوري في ليبيا؟، يمكن القول بأن الساحة الليبية قد تكون الآن مهيأة محليًا وإقليميًا ودوليًا أكثر من أي وقت مضى لاندلاع حرب جديدة بين شرق وغرب البلاد عن طريق عدة محفزات مختلفة؛ فالصراع والتوتر بين المؤسسات الرسمية على أشده، بالأخص ما بين حكومتي الشرق والغرب من ناحية، والمجلس الرئاسي والنواب من ناحية ثانية، وداخل المجلس الأعلى للدولة (علي رئاسة المجلس بين خالد المشري ومحمد تكالة) من ناحية ثالثة. كما أن خسارة روسيا نفوذها في سوريا سيجعلها أكثر تمسكًا بنفوذها في ليبيا، بل وقد تسعى لتعزيز وتوسيع هذا النفوذ نحو العاصمة طرابلس، لتعويض خسارتها في سوريا وتأمين موطأ قدمها الوحيد في المياه الدافئة في البحر المتوسط. وتزامن ذلك مع نهاية فترة بايدن وبداية حكم ترامب، واحتمالية تصعيدهما للتوتر في ليبيا، ولكل منهما حساباته المختلفة من هذا التصعيد. وأخيرًا إخلال تركيا بموازين القوى الإقليمية بعد انتصار حلفائها في سوريا، بما قد يدفع بعض الأطراف لإضعاف نفوذها في ليبيا، لضبط موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط، وهو لن يحدث بدون حرب داخلية جديدة.
لكن ذلك لا يعني أن الحرب حتمية، فهناك احتمالية لتجنبها، خاصة وأن هناك عدة عوامل خارجية قد تعوق اندلاعها؛ كرغبة الأوروبيين في استقرار ليبيا، والتهدئة الحاصلة بين الفاعلين الإقليميين في الشرق الأوسط، بالأخص مصر وتركيا، وانشغال روسيا في الحرب الأوكرانية، واصطدام الولايات المتحدة بمصالح حليفتها تركيا في المنطقة الغربية. فضلًا عن الديناميكيات المحلية الأخرى التي قد تساهم في التهدئة، وهي وجود توازن قوى محكم بين قوات الشرق والغرب الليبيين تجعل حسم الحرب من قبل أحد الطرفين أمرًا ليس بالسهل، فضلًا عن إجراء المجوعة الأولى من انتخابات البلدية وحل أزمة المصرف المركزي، وهي خطوات يمكن البناء عليها للتقدم خطوات للأمام وليس للخلف50.
1 “انهيار النظام السوري.. العوامل المؤثرة ومواقف الدول العربية الفاعلة”، المسار للدراسات الإنسانية، 31/12/2024، الرابط: https://almasarstudies.com/collapse-of-the-syrian-regime/
2 “أصداء سقوط الأسد تتردّد عبر المتوسط”، مركز مالكوم كير- كارنيجي للشرق الأوسط، 17/12/2024، الرابط: https://carnegieendowment.org/middle-east/diwan/2024/12/assads-downfall-echoes-across-the-mediterranean?lang=ar¢er=middle-east
3 ” تطورات الأوضاع في سوريا تعمق حالة الانقسام في ليبيا”، العرب، 30/12/2024، الرابط: https://www.alarab.co.uk/%D8%AA%D8%B7%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B6%D8%A7%D8%B9-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D8%B9%D9%85%D9%82-%D8%AD%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%82%D8%B3%D8%A7%D9%85-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A7
4 ” رابطة الصراع السوري-الليبي من إخوة في الثورة إلي شركاء في الجريمة”، رابطة الصراع السوري- الليبي، 7/7/2022، الرابط: https://www.coar-global.org/2022/07/07/%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A/
5 المرجع السابق.
6 “أصداء سقوط الأسد تتردّد عبر المتوسط”، مرجع سابق.
7 ” الخارجية الأمريكية: روسيا تسعى لتعميق وجودها في ليبيا واستخدامها قاعدة لزعزعة استقرار المنطقة”، ليبيا الأحرار، 19/12/2024، الرابط: https://libyaalahrar.tv/2024/12/19/%d8%a7%d9%84%d8%ae%d8%a7%d8%b1%d8%ac%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%85%d8%b1%d9%8a%d9%83%d9%8a%d8%a9-%d8%b1%d9%88%d8%b3%d9%8a%d8%a7-%d8%aa%d8%b3%d8%b9%d9%89-%d9%84%d8%aa%d8%b9%d9%85%d9%8a%d9%82/
8 “ما إمكانية خروج «المرتزقة السوريين» من ليبيا؟”، الشرق الأوسط، 30/12/2024، الرابط: https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/5096547-%D9%85%D8%A7-%D8%A5%D9%85%D9%83%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%AE%D8%B1%D9%88%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%AA%D8%B2%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%85%D9%86-%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D8%9F?utm_campaign=nabdapp.com&utm_medium=referral&utm_source=nabdapp.com&ocid=Nabd_App&page=8
9 ” تطورات الأوضاع في سوريا تعمق حالة الانقسام في ليبيا”، مرجع سابق.
10 “أصداء سقوط الأسد تتردّد عبر المتوسط”، مرجع سابق.
11 “تباين ليبي حيال التعامل مع الإدارة السورية الجديدة”، الشرق الأوسط، 31/12/2024، الرابط: https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/5096893-%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D9%8A%D9%86-%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84-%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9
12 “ليبيا، ماذا يعني سقوط نظام الأسد لحفتر في ليبيا؟”، إفريقيا انتليجنس (ترجمة: منتدي العاصمة)، 18/12/2024، الرابط: https://capitalforum.net/%d9%84%d9%85-%d9%8a%d9%85%d8%b1-%d8%b3%d9%82%d9%88%d8%b7-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d8%a6%d9%8a%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a-%d8%a8%d8%b4%d8%a7%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b3%d8%af-%d9%81%d9%8a/
13 “الأحرار تتحصل على وثائق تكشف جزءا من التعاون العسكري بين حفتر ونظام الأسد”، ليبيا الأحرار، 27/12/2024، الرابط: https://libyaalahrar.tv/2024/12/27/%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ad%d8%b1%d8%a7%d8%b1-%d8%aa%d8%aa%d8%ad%d8%b5%d9%84-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d9%88%d8%ab%d8%a7%d8%a6%d9%82-%d8%aa%d9%83%d8%b4%d9%81-%d8%ac%d8%b2%d8%a1%d8%a7-%d9%85%d9%86-%d8%a7%d9%84/
14 “أصداء سقوط الأسد تتردّد عبر المتوسط”، مرجع سابق.
15 “تحالف بين ماهر الأسد ونجل خليفة حفتر.. شرقي ليبيا منجم أموال للنظام السوري”، تلفزيون سوريا، 25/7/2023، الرابط: https://www.syria.tv/%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D9%84%D9%81-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D9%85%D8%A7%D9%87%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%AF-%D9%88%D9%86%D8%AC%D9%84-%D8%AE%D9%84%D9%8A%D9%81%D8%A9-%D8%AD%D9%81%D8%AA%D8%B1-%D8%B4%D8%B1%D9%82%D9%8A-%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A7-%D9%85%D9%86%D8%AC%D9%85-%D8%A3%D9%85%D9%88%D8%A7%D9%84-%D9%84%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A
16 “أصداء سقوط الأسد تتردّد عبر المتوسط”، مرجع سابق.
17 “شبيحة ومرتزقة ونفط.. عناصر تجمع حفتر والأسد”، الجزيرة نت، 3/3/2020، الرابط: https://www.aljazeera.net/politics/2020/3/3/%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A7-%D8%A8%D8%B4%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%AF-%D8%AE%D9%84%D9%8A%D9%81%D8%A9-%D8%AD%D8%BA%D8%AA%D8%B1-%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7
18 ” تطورات الأوضاع في سوريا تعمق حالة الانقسام في ليبيا”، مرجع سابق.
19 “أصداء سقوط الأسد تتردّد عبر المتوسط”، مرجع سابق.
20 ” مع خسارة روسيا نفوذها في سوريا بسقوط الأسد.. هل ليبيا ستكون ساحة جديدة للصراع دولي؟”، المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية، 9/12/2024، الرابط: https://lcsms.info/with-russia-losing-its-influence-in-syria-with-the-fall-of-assad-will-libya-be-a-new-arena-for-international-conflict/
21 “أصداء سقوط الأسد تتردّد عبر المتوسط”، مرجع سابق.
22 “مستقبل خليفة حفتر بعد سقوط نظام بشار الأسد”، المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية، 29/12/2024، الرابط: https://www.facebook.com/lcsms.info/posts/pfbid024PC3Xmtdy4KEzspfMG7HytU5fo1ogD1iGntx1M3EXmjpP9K8sq9QexSnCG1ggPDil
23 “مع خسارة روسيا نفوذها في سوريا بسقوط الأسد.. هل ليبيا ستكون ساحة جديدة للصراع دولي؟”، مرجع سابق.
24 ” ملفات روسيا ورحيل الأسد والانتخابات.. تفاصيل أبرز ما دار في لقاء رئيس جهاز المخابرات المصري بخليفة حفتر”، عربي بوست، 2/1/2025، الرابط: https://arabicpost.net/%d8%aa%d9%82%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%b1-%d8%ae%d8%a7%d8%b5%d8%a9/2024/12/31/%d9%85%d9%84%d9%81%d8%a7%d8%aa-%d8%b1%d9%88%d8%b3%d9%8a%d8%a7-%d9%88%d8%b1%d8%ad%d9%8a%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b3%d8%af-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%86%d8%aa%d8%ae%d8%a7%d8%a8%d8%a7%d8%aa-%d8%aa/
25 “انهيار النظام السوري.. العوامل المؤثرة ومواقف الدول العربية الفاعلة”، مرجع سابق.
26 “مفتي ليبيا الصادق الغرياني يدعو المصريين لإسقاط السيسي ويدعم حملة “جاك الدور””، وطن يغرد خارج السرب، 5/1/2025، الرابط: https://www.watanserb.com/2025/01/05/%d9%85%d9%81%d8%aa%d9%8a-%d9%84%d9%8a%d8%a8%d9%8a%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d8%a7%d8%af%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%ba%d8%b1%d9%8a%d8%a7%d9%86%d9%8a-%d9%8a%d8%af%d8%b9%d9%88-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%b1/
27 “ليبيا، ماذا يعني سقوط نظام الأسد لحفتر في ليبيا؟”، مرجع سابق.
28 “تأثير روسيا الجيوسياسي في ليبيا بعد سقوط الأسد هل تتوجه روسيا بثقل جديد عسكريا وسياسيا واقتصاديا وتنقل قواعدها إلى شرق ليبيا لتعويض نفوذها في المنطقة بعد سقوط “بشار الأسد”؟”، المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية، 2/1/2025، الرابط: https://lcsms.info/russias-geopolitical-influence-in-libya-after-the-fall-of-assad-will-russia-move-with-new-military-political-and-economic-weight-and-move-its-bases-to-eastern-libya-to-compensate-for-its-influence/
29 ” عوائق أمام تحول ليبيا إلى موطئ قدم لروسيا في المتوسط خلفاً لسورية”، العربي الجديد، 29/12/2024، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/politics/%D8%B9%D9%88%D8%A7%D8%A6%D9%82-%D8%A3%D9%85%D8%A7%D9%85-%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84-%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A7-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D9%85%D9%88%D8%B7%D8%A6-%D9%82%D8%AF%D9%85-%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D8%AE%D9%84%D9%81%D8%A7%D9%8B-%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9
30 “تقرير: روسيا تنقل كبار ضباط الصف الأول في نظام الأسد إلى شمال أفريقيا”، الحرة، 30/12/2024، الرابط: https://www.alhurra.com/syria/2024/12/30/%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D9%86%D9%82%D9%84-%D9%83%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D8%B6%D8%A8%D8%A7%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%AF-%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7
31 “بينهم سوريون ومنصات دفاع جوي.. تفاصيل وصول جنود وأسلحة روسية إلى ليبيا بعد سقوط الأسد”، عربي بوست، 28/12/2024، الرابط: https://arabicpost.net/%d8%aa%d9%82%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%b1-%d8%ae%d8%a7%d8%b5%d8%a9/2024/12/26/%d8%a8%d9%8a%d9%86%d9%87%d9%85-%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d9%88%d9%86-%d9%88%d9%85%d9%86%d8%b5%d8%a7%d8%aa-%d8%af%d9%81%d8%a7%d8%b9-%d8%ac%d9%88%d9%8a-%d8%aa%d9%81%d8%a7%d8%b5%d9%8a%d9%84-%d9%88%d8%b5/
32 “بينهم سوريون ومنصات دفاع جوي.. تفاصيل وصول جنود وأسلحة روسية إلى ليبيا بعد سقوط الأسد”، عربي بوست، 28/12/2024، الرابط: https://arabicpost.net/%d8%aa%d9%82%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%b1-%d8%ae%d8%a7%d8%b5%d8%a9/2024/12/26/%d8%a8%d9%8a%d9%86%d9%87%d9%85-%d8%b3%d9%88%d8%b1%d9%8a%d9%88%d9%86-%d9%88%d9%85%d9%86%d8%b5%d8%a7%d8%aa-%d8%af%d9%81%d8%a7%d8%b9-%d8%ac%d9%88%d9%8a-%d8%aa%d9%81%d8%a7%d8%b5%d9%8a%d9%84-%d9%88%d8%b5/
33 ” وول ستريت جورنال: روسيا تنقل أنظمة دفاع جوي متطورة من سوريا إلى ليبيا”، ليبيا الأحرار، 18/12/2024، الرابط: https://libyaalahrar.tv/2024/12/18/%d9%88%d9%88%d9%84-%d8%b3%d8%aa%d8%b1%d9%8a%d8%aa-%d8%ac%d9%88%d8%b1%d9%86%d8%a7%d9%84-%d8%b1%d9%88%d8%b3%d9%8a%d8%a7-%d8%aa%d9%86%d9%82%d9%84-%d8%a3%d9%86%d8%b8%d9%85%d8%a9-%d8%af%d9%81%d8%a7%d8%b9/
34 “”سقوط الأسد ضربة لطموحات بوتين بإفريقيا”.. كيف تعيد روسيا تموضعها العسكري في دولة عربية؟”، CNN عربية، 31/12/2024، الرابط: https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2024/12/31/spike-russian-flights-libya-desert-base
35 “مع خسارة روسيا نفوذها في سوريا بسقوط الأسد.. هل ليبيا ستكون ساحة جديدة للصراع دولي؟”، مرجع سابق.
36 ” تطورات الأوضاع في سوريا تعمق حالة الانقسام في ليبيا”، مرجع سابق.
37 “بعد مصراتة..طرابلس والزاوية تحتفلان فرحا بانتصار الثورة وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا”، فواصل، الرابط: https://www.facebook.com/Fawaselmedia/videos/%D8%B4%D8%A7%D9%87%D8%AF-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D9%85%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D8%A9-%D8%B7%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D9%84%D8%B3-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B2%D8%A7%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%AD%D8%AA%D9%81%D9%84%D8%A7%D9%86-%D9%81%D8%B1%D8%AD%D8%A7-%D8%A8%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7-%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D8%A8%D8%B4%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3/2499548213769692/
38 “مع خسارة روسيا نفوذها في سوريا بسقوط الأسد.. هل ليبيا ستكون ساحة جديدة للصراع دولي؟”، مرجع سابق.
39 “أصداء سقوط الأسد تتردّد عبر المتوسط”، مرجع سابق.
40 “بعد سقوط الأسد.. خارجية الدبيبة تؤكد دعم نضال السوريين وتشدد على عودة اللاجئين”، ليبيا الأحرار، 8/12/2024، الرابط: https://libyaalahrar.tv/2024/12/08/%d8%a8%d8%b9%d8%af-%d8%b3%d9%82%d9%88%d8%b7-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b3%d8%af-%d8%ae%d8%a7%d8%b1%d8%ac%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%af%d8%a8%d9%8a%d8%a8%d8%a9-%d8%aa%d8%a4%d9%83%d8%af-%d8%af%d8%b9%d9%85/
41 “وفد حكومي من طرابلس يناقش في دمشق تعزيز العلاقات الثنائية”، العربي الجديد، 28/12/2024، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/politics/%D9%88%D9%81%D8%AF-%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D9%8A-%D9%85%D9%86-%D8%B7%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D9%84%D8%B3-%D9%8A%D9%86%D8%A7%D9%82%D8%B4-%D9%81%D9%8A-%D8%AF%D9%85%D8%B4%D9%82-%D8%AA%D8%B9%D8%B2%D9%8A%D8%B2-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%86%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9
42 “تباين ليبي حيال التعامل مع الإدارة السورية الجديدة”، الشرق الأوسط، 31/12/2024، الرابط: https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/5096893-%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D9%8A%D9%86-%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A-%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84-%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9
43 “”حفتر” يهدد الجميع ويحتمي بالجيش.. هل يخشى مصير بشار الأسد؟”، عربي21، 25/12/2024، الرابط: https://arabi21.com/story/1650141/%D8%AD%D9%81%D8%AA%D8%B1-%D9%8A%D9%87%D8%AF%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D9%8A%D8%B9-%D9%88%D9%8A%D8%AD%D8%AA%D9%85%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D9%87%D9%84-%D9%8A%D8%AE%D8%B4%D9%89-%D9%85%D8%B5%D9%8A%D8%B1-%D8%A8%D8%B4%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%AF
44 “ليبيا: تأييد «حذر» لسقوط الأسد وفق «الهوى السياسي»”، الشرق الأوسط، 8/12/2024، الرابط: https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/5089549-%E2%80%8B%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D8%A3%D9%8A%D9%8A%D8%AF-%D8%AD%D8%B0%D8%B1-%D9%84%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%AF-%D9%88%D9%81%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%88%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A?page=1
45 ” الدبيبة: لن نقبل بدخول أي قوات أجنبية إلا باتفاقات رسمية”، ليبيا الأحرار، 20/12/2024، الرابط: https://libyaalahrar.tv/2024/12/20/%d8%a7%d9%84%d8%af%d8%a8%d9%8a%d8%a8%d8%a9-%d9%84%d9%86-%d9%86%d9%82%d8%a8%d9%84-%d8%a8%d8%af%d8%ae%d9%88%d9%84-%d8%a3%d9%8a-%d9%82%d9%88%d8%a7%d8%aa-%d8%a3%d8%ac%d9%86%d8%a8%d9%8a%d8%a9-%d8%a5%d9%84/
46 ” لوفيغارو: الوجود الكبير للقوات الروسية شرق ليبيا مستقبلا قد يشكل مشكلة لحفتر”، أبعاد، 28/12/2024، الرابط: https://abaad.news/%d9%84%d9%88%d9%81%d9%8a%d8%ba%d8%a7%d8%b1%d9%88-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%ac%d9%88%d8%af-%d8%a7%d9%84%d9%83%d8%a8%d9%8a%d8%b1-%d9%84%d9%84%d9%82%d9%88%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b1%d9%88%d8%b3%d9%8a/
47 “رئيس الحكومة المكلفة يحذر الإدارة السورية من نقل مقاتلين سوريين إلى ليبيا”، الشاهد، 6/1/2025، الرابط: https://lywitness.com/86272/%d8%a3%d8%b3%d8%a7%d9%85%d8%a9-%d8%ad%d9%85%d8%a7%d8%af-3/
48 “أصداء سقوط الأسد تتردّد عبر المتوسط”، مرجع سابق.
49 ” توتر أمني جنوب ليبيا بعد سيطرة “حفتر” على معسكر للرئاسي.. هل تتجدد الحرب؟”، عربي21، 1/1/2025، الرابط: https://arabi21.com/story/1651537/%D8%AA%D9%88%D8%AA%D8%B1-%D8%A3%D9%85%D9%86%D9%8A-%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%A8-%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A7-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%B3%D9%8A%D8%B7%D8%B1%D8%A9-%D8%AD%D9%81%D8%AA%D8%B1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1-%D9%84%D9%84%D8%B1%D8%A6%D8%A7%D8%B3%D9%8A-%D9%87%D9%84-%D8%AA%D8%AA%D8%AC%D8%AF%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8
50 مع خسارة روسيا نفوذها في سوريا بسقوط الأسد.. هل ليبيا ستكون ساحة جديدة للصراع دولي؟”، مرجع سابق.