اتفاق وقف إطلاق النار في غزة: الدوافع والدلالات والتحديات

بعد عدة جولات من التفاوض من أجل التوصل إلي اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس وإنهاء الحرب بينهما والتي استمرت حوالي 15 شهرًا، شن خلالها الاحتلال الإسرائيلي حربًا واسعة على قطاع غزة (للقضاء على قوات المقاومة، وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين، وفرض التهجير لمئات الألوف خارج قطاع غزة) ردًا على عملية طوفان الأقصى، التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر 2023 على مستوطنات غلاف غزة، أعلن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في 15 يناير 2025، بالشراكة مع مصر والولايات المتحدة، التوصل رسميًا لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية (كتائب عزالدين القسام التابعة لحماس وسرايا القدس التابعة للجهاد) في قطاع غزة، علي أن يبدأ تنفيذ الاتفاق في التاسع عشر من يناير 2025، ويُنفذ الاتفاق على ثلاث مراحل تنتهي بوقف دائم لإطلاق النار، وإعادة الإعمار، وضمانات أمنية للجانبين تمنع استئناف الأعمال القتالية بينهما[1]. وقد بدأت إسرائيل وحماس بتنفيذ بنود المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار. وبالرغم من التوتر الذي ساد الساعات الأولى للاتفاق؛ حيث تأخر تسليم أسماء الأسيرات الثلاث لدى حماس، ولم تلتزم إسرائيل بوقف إطلاق النار إلا بعد الساعة الحادية عشر والنصف ظهرًا (كان من المفترض أن يتم في الساعة الثامنة والنصف صباحًا)، إلا أن الطرفين تمسكا بالاتفاق، وتجاوزا هذه النقطة، ومن المتوقع أن تتم المرحلة الأولى دون مشاكل جوهرية رغم العقبات الفنية المحتملة[2].

أولًا: محطات التفاوض السابقة علي اتفاق وقف إطلاق النار في غزة:

توصلت حماس وإسرائيل إلى اتفاق لتبادل الأسرى في نوفمبر 2023، أطلقت حماس حينها بموجبه سراح 80 محتجزًا إسرائيليًا من النساء والأطفال وكبار السن، بالإضافة إلى 25 أجنبيًا، مقابل إطلاق سراح قرابة 250 أسيرة وطفلًا فلسطينيين من السجون الإسرائيلية، وإدخال مساعدات إنسانية من أدوية وأغذية إلى قطاع غزة[3]. كان المأمول فلسطينيًا، وكذلك من قبل الوسطاء (مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية)، أن تسمح هذه الهدنة بمفاوضات أكثر فاعلية من أجل إنهاء الحرب من خلال عمليات تمديد متتالية للهدنة، بيد أن إسرائيل كانت لها رؤيتها المختلفة؛ إذ استأنفت القتال بتاريخ 30 نوفمبر 2023، سبقه حديث واضح حول المصادقة على خطط التوغل البري[4].

شهدت العاصمة الفرنسية باريس، في يناير 2024، اجتماعًا دوليًا بمشاركة ممثلين من مصر وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل، بهدف وضع إطار تفاوضي لإقامة صفقة تبادل للأسرى بين حماس وإسرائيل. ورغم الاتفاق المبدئي على إطار التفاوض، رفض الطرفان المعنيان مخرجات الاجتماع. ونص المقترح على صفقة تبادل للأسرى ووقف للحرب وانسحاب إسرائيل من قطاع غزة والسماح بعودة النازحين والبدء في إعادة الإعمار. وقدمت حركة حماس ردها على المقترحات المقدمة، غير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال إن العرض الذي قدمته حماس “خيالي” وغير قابل للتنفيذ. ورأت حماس في مواقف نتنياهو محاولة لإطالة أمد الحرب، وذكرت بشروطها التي تضمن لها الاحتفاظ بالمحتجزين ما لم توقف إسرائيل حربها، وما لم تفرج عن آلاف الأسرى الفلسطينيين.

عُقد اجتماع ثان في باريس، في 23 فبراير 2024، بحضور الأطراف الدولية والإقليمية ذاتها، إضافة إلى الدولة المضيفة فرنسا، وخلص إلى اتفاق مبدئي على إطار عام لإقامة صفقة تبادل، إلى جانب طرح مسار يهدف إلى تهدئة الأوضاع في قطاع غزة بشكل مرحلي. وانتهت جولتان أساسيتان من المفاوضات على أساس ما عرف بـ”وثيقة مبادئ باريس” دون تحقيق اتفاق المرحلة الأولى من الوثيقة المقسمة إلى ثلاث مراحل.

شهد شهري مارس وإبريل 2024 سلسلة من المحادثات والمفاوضات في القاهرة، تنوعت بين لقاءات الوسطاء وجولات تفاوض غير مباشرة بمشاركة ممثلين عن حماس وإسرائيل. وانتهت المحادثات دون إحراز تقدم جوهري – حسب ما نقل موقع أكسيوس الأميركي- عن مصدر إسرائيلي أوضح أن العقبة الرئيسية بالمفاوضات كانت الخلاف حول عدد الأسرى الفلسطينيين الذين تطالب حماس بالإفراج عنهم مقابل كل محتجز إسرائيلي، لا سيما الجنود الأسري.

في السادس من مايو 2024 قالت حركة حماس إن رئيس مكتبها السياسي آنذاك إسماعيل هنية أجرى اتصالًا هاتفيًا مع رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ومع مدير المخابرات المصرية عباس كامل، وأبلغهما موافقة حماس على مقترح اتفاق وقف إطلاق النار الذي قدمته الورقة المصرية[5]، ليتبعه إعلان إسرائيل، التي فاجأها رد حماس، أن الورقة المصرية، التي وافقت عليها حماس، تختلف عن الورقة التي وافقت عليها تل أبيب، ولتبدأ إسرائيل باجتياح رفح في اليوم التالي، مما أدى لانهيار المفاوضات[6].

وفي 27 مايو 2024 سلمت إسرائيل مقترحًا يعكس التعديلات الإسرائيلية على المسودة التي وافقت عليها حماس في 6 مايو، وفي 31 مايو 2024 أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عما قال إنه “مقترح إسرائيلي شامل لوقف إطلاق النار في 6 أسابيع والإفراج عن جميع المحتجزين” وتبناه مجلس الأمن الدولي في قراره رقم 2735 يوم 10 يونيو 2024. ويتكون المقترح، بحسب ما طرحه بايدن في مؤتمر صحفي، من ثلاث مراحل، وينص على وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة والانسحاب التام لجيش الاحتلال من المناطق المأهولة بقطاع غزة، وتبادل الأسرى، ودخول المساعدات، وإعادة الإعمار، وعودة النازحين[7]. رحبت حركة حماس بالمبادئ التي تلاها بايدن فورًا، في حين سرب نتنياهو من جديد أقواله في الجلسات المغلقة، مفادها أنه لا يوافق على إنهاء الحرب ضمن الإطار الذي قدمه الرئيس بايدن.

بعد تسلم حركة حماس “ورقة بايدن”[8]، عبرت الحركة عن صدمتها من أن ما تلاه بايدن في مؤتمره الصحافي يختلف عما استلمته، وعليه قدمت المقاومة الفلسطينية ورقة تعديلات على ورقة بايدن، في 11 يونيو 2024، وصفت ورقة/ رد حماس من قبل فرق التفاوض الإسرائيلية بأنها “أفضل إجابة تتلقاها من حركة حماس منذ بدء المفاوضات”، لكن ورغم ذلك أصدر مكتب نتنياهو ردًا منسوبًا لمسؤول أمني كبير جاء فيه “إن حماس لا تزال تصر على بند أساسي في الإطار، وهناك المزيد من الثغرات التي لم يتم سدها، وستواصل إسرائيل المفاوضات ومواصلة الضغط العسكري في الوقت نفسه”.

هنا لا بد من عرض مقارنة سريعة بين نص ورقة بايدن وتعديلات المقاومة عليها، كما هو مبين في النقاط التالية:

1- مقدمة الورقتين: أضافة المقاومة الفلسطينية ما يلي: جملة رفع الحصار، وأرفقت مع فقرة أن الاتفاق الإطاري مكون من ثلاث مراحل متصلة، أي أضافت حماس على الفقرة عبارة “متصلة ومترابطة”. وتأتي إضافة فقرة رفع الحصار، انطلاقًا من قناعة الفلسطينيين بأن الحصار أخطر من الحرب، فهو يفتك بالفلسطينيين ويقتلهم ببطء شديد، إذ بلغت مؤشرات الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي معدلات مرعبة ما قبل السابع من أكتوبر 2023، حسب تقارير البنك الدولي، (بلغ مؤشر الفقر 64%، ووصل انعدام الأمن الغذائي في القطاع إلى 68%، وبلغت نسبة البطالة 46% أغلبهم من الشباب والخريجين). أما إضافة كلمة “مترابطة”، فكان الغرض منها إغلاق الطريق على نتنياهو لمنعه من التهرب من استحقاقات الاتفاق بعد انتهاء المرحلة الأولى[9]. وكانت حماس تريد تعهدًا من إسرائيل بأنها لن تستأنف إطلاق النار بغض النظر عن عدم التوصل لتوافقات على المراحل التالية بعد المرحلة الأولى.

2- ملف صفقة التبادل: رفضت حماس أن يكون لإسرائيل حق الاعتراض على أسماء الأسرى الفلسطينيين الذين سيدرجون ضمن صفقة التبادل المرتقبة، خاصة أصحاب الأحكام العالية. ورفضت أيضًا إبعاد من سيفرج عنهم إلى غزة، وطالبت بعودة فلسطينيي عام 1948 والضفة الغربية إلى مناطقهم[10]. كما حددت الورقة الإسرائيلية جنسية الأسرى من الفلسطينيين، وهو ما حذفته حركة حماس بما يمنحها القدرة على الافراج عن أسرى غير فلسطينيين.

3- ملف الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة: تضمنت تعديلات المقاومة إضافة الانسحاب من محور فيلادلفيا، وبما يتضمنه انسحاب من معبر رفح البري[11].

4- ملف إعادة الاعمار ورفع الحصار: طالبت حماس بتقديم عملية إعادة إعمار قطاع غزة من المرحلة الثالثة إلى المرحلة الأولى المخصصة لإطلاق الأسرى[12]. وفي حين تم حذف بند: “إنهاء الحصار عن قطاع غزة” من مقترح بايدن، واقترحت جملة بديلة، تقول: “فتح المعابر الحدودية وتسهيل حركة السكان ونقل البضائع”. ومن رحم التجربة السابقة، يعني النص تحكم إسرائيل الكامل بنوعية السلع والأفراد التي تدخل وتخرج، أي إعادة استنساخ الحصار، وهو ما رفضته المقاومة، وجاء تعديلها بنص واضح وصريح على النحو التالي: “إنهاء الحصار الكامل عن قطاع غزة، بما يشمل فتح المعابر الحدودية، وخاصة معبر رفح، وتسهيل حركة السكان ونقل البضائع، وتوفير الكهرباء على مدار الساعة في جميع مناطق قطاع غزة”.

وفي حين حذف مقترح بايدن اسم “وكالة غوث وتشغيل اللاجئين” (أونروا) من قائمة المنظمات الأممية التي ستعمل في غزة. وأصبحت الفقرة: “ستقوم الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الأخرى بأعمالها لتقديم الخدمات الإنسانية في كل مناطق قطاع غزة، واستمرار ذلك في جميع مراحل الاتفاق”. بينما أصرت المقاومة على دور الأونروا في إدارة ملف المساعدات الإنسانية، التي ستتدفق مع اليوم الأول لتوقيع الاتفاق.

5- ملف عودة النازحين: لا يوجد اختلاف أو خلاف على هذا البند بين الورقتين.

6- ملف الضمانات: حذفت ورقة بايدن اسم الأمم المتحدة كـ”ضامنة” للاتفاق، وأصبح الضامنون فقط: أميركا وقطر ومصر. أضافت تعديلات حماس ضامنين جدد إلى جانب قطر ومصر والولايات المتحدة، هم روسيا والصين وتركيا[13].

قالت الولايات المتحدة إن بعض التعديلات “يمكن العمل عليها وبعضها غير مقبولة لإسرائيل” متهمة حركة حماس بعرقلة التوصل لاتفاق، رغم أن إسرائيل لم تبد موافقتها العلنية على الاقتراح حينها، إلا أن حماس رفضت الاتهامات الأمريكية بل اتهمت أمريكا بعدم الضغط بشكل كاف على حكومة نتنياهو للموافقة على ما ورد في الإعلان.

استضافت الدوحة جولة أخرى من المفاوضات بين حماس وإسرائيل يومي 15 و16 أغسطس 2024، بمشاركة الوسطاء الدوليين والإقليميين، وصدر بيان مشترك عن الولايات المتحدة -وبدعم من قطر ومصر- يعلن تقديم اقتراح جديد لكلا الطرفين بهدف تقليص الفجوات القائمة. وقالت “هيئة البث الإسرائيلية” إن نتنياهو تمسك بشرطين قبيل انطلاق مفاوضات الدوحة، وهما البقاء في محوري نتساريم وفيلادلفيا وتفتيش العائدين لشمال قطاع غزة، وأشارت إلى أنه إذا تم الانسحاب من محور فيلادلفيا فستطالب إسرائيل بإجراءات تمنع اقتراب حماس من حدود مصر.

وفي 9 نوفمبر 2024 أعلن المتحدث الرسمي باسم الخارجية القطرية ماجد محمد الأنصاري تعليق جهود الوساطة القطرية بين إسرائيل وحركة حماس، وذلك نتيجة “عدم جدية” الأطراف المشاركة في المفاوضات.

وفي 4 ديسمبر 2024 نقلت وكالة “رويترز” عن مصدر مطلع أن قطر استأنفت دورها وسيطًا رئيسيًا للتوصل إلى اتفاق بين حركة حماس وإسرائيل، في حين تحدث مستشار للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عن وضع خريطة طريق للتنفيذ خلال شهر أو اثنين في إطار وقف إطلاق النار. وقال المصدر إن ستيفن ويتكوف المبعوث الجديد للرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط التقى رئيس وزراء قطر ورئيس الوزراء الإسرائيلي لبدء الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة وإطلاق سراح المحتجزين قبل توليه منصبه يوم 20 يناير 2025[14].

وقد كشفت تقارير إعلامية عن تفاصيل وكواليس التفاوض غير المباشر بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الدوحة، الذي أفضى لإعلان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة في 15 يناير 2025. وتمثلت أبرز هذه الكواليس في:

  1. كشف مسؤول رفيع المستوى في البيت الأبيض أن وفدي إسرائيل وحماس كانا في المبنى نفسه بالعاصمة القطرية، حيث شغل وفد حماس الطابق الأول، في حين كان الوفد الإسرائيلي في الطابق الثاني. وقام الوسطاء القطريون والمصريون بدور محوري في نقل المقترحات والردود بين طرفي المفاوضات.
  2. مطالبة الوفد الإسرائيلي خلال المرحلة الأخيرة من المفاوضات لقاءً مباشرًا مع وفد حركة حماس لكنها رفضت.
  3. تهرب الاحتلال من تسليم خرائط توضح أماكن الانسحاب والتموضع مع الجداول الزمنية خلال المرحلة الأولى. كما حاول الاحتلال استنساخ تجربة اتفاق لبنان من زاوية حرية حركة الجيش خلال الاتفاق. لكن حماس ظلت متمسكة باستلام خرائط وأن تكون من ملحقات الاتفاق، والاطلاع عليها وإقرارها قبل التوقيع. وكادت هذه النقطة تفشل الاتفاق في ظل تعنت إسرائيلي وإصرار وفد حماس.
  4. طالب الاحتلال بالبقاء بعمق 1500 متر داخل القطاع. في المقابل، أصر وفد حماس على عمق لا يزيد عن 500 متر (في المرحلة الأولى فقط، والانسحاب الكامل في المرحلة الثانية)، فيما استقر الاتفاق أخيرًا على 700 متر. كما تم الاتفاق على الخرائط وفق الوضع الجغرافي والعمراني لقطاع غزة قبل السابع من أكتوبر 2023، وتم تسليمها في 15 يناير[15].
  5. حاولت حركة حماس الانسحاب من بند في الاتفاق يمنح إسرائيل حق النقض على إطلاق سراح أسرى فلسطينيين بارزين، لكن إسرائيل ظلت متمسكة بهذا البند[16].
  6. حاولت إسرائيل تمرير أسماء 9 من الجنود تحت مسمى “مرضى” لمبادلتهم في المرحلة الأولى من الاتفاق كحالات إنسانية، لكن وفد حماس رفض تسليمهم في هذه المرحلة (الجنود سيتم تسليمهم في المرحلة الثانية وفق التفاهمات). لاحقًا، أبدت الحركة مرونة لإطلاق سراحهم في المرحلة الأولى لكن شريطة أن تكون مفاتيح التبادل مختلفة وتناسب وضعهم كجنود. لكن وفد التفاوض الإسرائيلي تعنت وحاول الضغط لتمرير تبادلهم مقابل عدد محدود من الأسرى. وطرحت الحركة مقابلهم 120 فلسطينيًا محكومين بالمؤبد وألفًا من أسرى غزة الذين اعتقلوا بعد السابع من أكتوبر 2023، مما لاقى رفضًا إسرائيليًا قاطعًا. حاول الوفد الإسرائيلي خفض العدد المطلوب إلى النصف (60 مؤبدًا)، وهو ما رفضته حماس، واستقر الأمر في نهاية المطاف على 110 مؤبدات وألف أسير من غزة، شريطة عدم مشاركتهم في هجوم “طوفان الأقصى”[17].

ثانيًا: بنود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة:

يتلخص الاتفاق في أربعة جوانب رئيسية:

  1. تبادل الأسرى بين الجانبين.
  2. انسحاب القوات الإسرائيلية من كامل غزة خلال المراحل الثلاث.
  3. عودة السكان المهجرين إلى شمال القطاع، مع تولي قطر ومصر تفتيش المركبات العائدة حتى لا تكون ناقلة لمقاومين مسلحين.
  4. إعادة فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني وإدخال المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار[18].

وفيما يلي بنود هذا الاتفاق الذي قبل الطرفان (حماس وإسرائيل) تطبيقه على ثلاث مراحل، تبدأ من يوم الأحد 19 يناير 2025:

المرحلة الأولي: تبلغ مدتها 42 يومًا، وتم الاتفاق على أن يطبق فيها ما يلي:

  • وقف العمليات العسكرية المتبادلة من قبل الطرفين مؤقتًا، وانسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي شرقًا وبعيدًا عن المناطق المأهولة بالسكان إلى منطقة بمحاذاة الحدود في جميع مناطق قطاع غزة بما في ذلك “وادي غزة”، وسيتم الانسحاب إلى مسافة 700 متر قبل الحدود اعتمادًا على خرائط ما قبل 7 أكتوبر 2023.
  • تعليق النشاط الجوي الإسرائيلي للأغراض العسكرية والاستطلاع مؤقتًا في قطاع غزة بمعدل 10 ساعات يوميًا، و12 ساعة في أيام إطلاق سراح المحتجزين والأسرى.
  • تخفض إسرائيل قواتها تدريجيًا في منطقة الممر بمحور فيلادلفيا في المرحلة الأولى، وفقًا للخرائط التي اتفق عليها الجانبين.
  • ستفرج إسرائيل في المرحلة الأولى عن نحو ألفي أسير بينهم 250 من المحكومين بالسجن المؤبد، ونحو ألف من المعتقلين بعد 7 أكتوبر 2023.
  • عودة النازحين إلى مناطق سكنهم، والانسحاب من وادي غزة، وفقًا للآتي:
    أ- بعد إطلاق سراح 7 محتجزين إسرائيليين، تنسحب قوات الاحتلال بالكامل في اليوم السابع من الاتفاق من شارع الرشيد شرقًا حتى شارع صلاح الدين، وتبدأ عمليات تفكيك كل المواقع في هذه المنطقة. كما تبدأ عمليات عودة النازحين إلى مناطق سكنهم، وضمان حرية تنقل السكان في جميع القطاع، إضافة إلى دخول المساعدات الإنسانية عبر شارع الرشيد من أول يوم ودون معيقات. ب- في اليوم الـ22 من بدء تنفيذ الاتفاق، تنسحب قوات الاحتلال الإسرائيلي من وسط القطاع، خاصة من “محور نتساريم” و”دوار الكويت”، إلى منطقة قريبة من الحدود، ويتم تفكيك المنشآت العسكرية بالكامل، مع استمرار عودة النازحين إلى أماكن سكنهم، ومنح السكان حرية التنقل في جميع مناطق القطاع. ج- فتح معبر رفح بعد 7 أيام من بدء تطبيق المرحلة الأولى، وتدخل كميات كافية من المساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة والوقود عبر 600 شاحنة يوميًا، تنقل 50 منها الوقود، وتتوجه 300 شاحنة إلى شمال القطاع. د- في اليوم السابع من بدأ سريان الاتفاق، يسمح للمركبات بالعودة شمال محور نتساريم بعد فحصها من شركة خاصة يحددها الوسطاء مع الجانب الإسرائيلي، بناءً على آلية متفق عليها.
  • عمليات تبادل المحتجزين والأسرى من الجانبين وذلك وفقا للآتي:

أ- تطلق حركة المقاومة الإسلامية (حماس) سراح 33 محتجزًا إسرائيليًا (أحياء أو موتى)، بما في ذلك نساء مدنيات ومجندات وأطفال تحت سن الـ19 عامًا وكبار السن الذين تجاوزوا 50 عامًا ومدنيون جرحى ومرضى، مقابل إطلاق أعداد من الأسرى الفلسطينيين من السجون والمعتقلات الإسرائيلية وفقًا لما يلي: مقابل كل محتجز إسرائيلي يتم إطلاقه، تطلق إسرائيل سراح 30 طفلًا وامرأة فلسطينية من سجون الاحتلال.

ب- مقابل إطلاق سراح 30 أسيرًا فلسطينيًا من سجون الاحتلال من كبار السن والمرضى، تطلق حركة حماس سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين الأحياء من كبار السن والمرضى والجرحى المدنيين.

ج- تطلق إسرائيل سراح 50 أسيرًا فلسطينيًا مقابل كل مجندة إسرائيلية محتجزة تطلقها حركة حماس.

  • تجدول عمليات تبادل المحتجزين والأسرى في المرحلة الأولى حسب الآتي:

1- في اليوم الأول من الاتفاق، تطلق حركة حماس سراح 3 محتجزين إسرائيليين مدنيين، وفي اليوم السابع تطلق سراح 4 محتجزين آخرين. بعد ذلك، تطلق حماس سراح 3 محتجزين إسرائيليين كل 7 أيام، وقبل إعادة الجثث تفرج عن جميع المحتجزين الأحياء.

2- في الأسبوع السادس من الاتفاق، تفرج إسرائيل عن 47 من أسرى “صفقة شاليط” الذي أعيد سجنهم بعد إطلاق سراحهم عام 2011.

3- تطلق حركة حماس سراح المحتجزين الإسرائيليين أبراهام منغستو وهشام السيد (جنديين إسرائيليين أعلنت حماس مطلع عام 2016 احتجازهما)، مقابل إطلاق الاحتلال الإسرائيلي سراح 30 أسيرًا فلسطينيًا.

4- إذا لم يصل عدد المحتجزين الإسرائيليين الأحياء المطلق سراحهم إلى 33، يستكمل العدد المتبقي من الجثث. بالمقابل، تطلق إسرائيل في الأسبوع السادس سراح جميع النساء والأطفال الذين اعتقلوا من القطاع بعد 7 أكتوبر 2023.

5- ترتبط عملية التبادل بمدى الالتزام ببنود الاتفاق، وتشمل وقف العمليات العسكرية من الجانبين، وانسحاب قوات الاحتلال، وعودة النازحين، ودخول المساعدات الإنسانية.

6- بعد إطلاق سراح آخر محتجز إسرائيلي في المرحلة الأولى، في اليوم الـ42، تبدأ قوات الاحتلال الإسرائيلي انسحابها وتستكمله بما لا يتجاوز اليوم الـ50 من بدأ سريان الاتفاق.

  • يمنع إعادة اعتقال الأسرى الفلسطينيين الذين أطلق سراحهم بالتهم نفسها التي اعتلقوا بسببها سابقًا، ولن يعاد اعتقالهم من أجل قضاء ما تبقى من محكوميتهم. ولن يطلب من السجناء الفلسطينيين التوقيع على أي وثيقة شرطًا لإطلاق سراحهم.
  • لن تستخدم المعايير الموضوعة بشأن تبادل المحتجزين والأسرى في المرحلة الأولى أساسًا للتبادل في المرحلة الثانية من الاتفاق.
  • تبدأ مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين، بشأن شروط تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق، في موعد أقصاه اليوم الـ16 من دخول الاتفاق حيز التنفيذ، ويجب أن يتوصل إلى اتفاق قبل نهاية الأسبوع الخامس من المرحلة الأولى.
  • تواصل الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية الأخرى، أعمالها في تقديم الخدمات الإنسانية في كافة مناطق قطاع غزة، وتستمر العمليات في جميع مراحل الاتفاق.
  • تبدأ عمليات إعادة تأهيل البنية التحتية في جميع مناطق قطاع غزة، وإدخال المعدات اللازمة لفرق الدفاع المدني، وإزالة الركام والأنقاض، ويستمر ذلك في جميع مراحل الاتفاق.
  • يُسمح بإدخال مستلزمات إنشاء مراكز لإيواء النازحين الذين فقدوا بيوتهم أثناء الحرب، ويشمل ذلك بناء ما لا يقل عن 60 ألف وحدة سكنية مؤقتة و200 ألف خيمة.
  • يُسمح بعبور 50 عسكريًا جريحًا يوميًا عبر معبر رفح من أجل تلقي العلاج الطبي ويرافقهم 3 أفراد يتطلب حصولهم على موافقة من إسرائيل ومصر، مع زيادة عدد الأشخاص الذين يسمح لهم بالمرور عبر المعبر، إضافة إلى إزالة القيود المفروضة على المسافرين عبره، وكذلك على حركة البضائع والتجارة.
  • يتم تشغيل معبر رفح استنادًا إلى مشاورات أغسطس 2024 مع مصر.
  • البدء بتنفيذ الترتيبات والخطط اللازمة من أجل إعادة إعمار شامل للمنازل والبنية التحتية المدنية التي دمرت نتيجة الحرب، وتعويض المتضررين تحت إشراف عدد من الدول والمنظمات، بما في ذلك مصر وقطر والأمم المتحدة.
  • استمرار تنفيذ جميع إجراءات المرحلة الأولى في المرحلة الثانية، طالما استمرت المفاوضات حول الشروط، مع بذل ضامني الاتفاق قصارى جهودهم من أجل ضمان استمرار المفاوضات غير المباشرة حتى يتمكن الطرفان من التوصل إلى اتفاق بشأن شروط تنفيذ المرحلة الثانية.

المرحلة الثانية: تبلغ مدتها 42 يومًا، وتم الاتفاق على أن يطبق فيها ما يلي:

  • إعلان عودة الهدوء المستدام، الذي يشمل الوقف الدائم للعمليات العسكرية والأنشطة العدائية، واستئناف عمليات تبادل المحتجزين والأسرى بين الجانبين، بما في ذلك جميع الرجال الإسرائيليين الأحياء المتبقين، مقابل عدد يتفق عليه من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال. إضافة إلى ذلك تنسحب قوات الاحتلال الإسرائيلي بالكامل خارج قطاع غزة.

المرحلة الثالثة: تبلغ مدتها 42 يومًا، وتم الاتفاق على أن يطبق فيها ما يلي:

  • تبادل جثامين ورفات الموتى الموجودة لدى الطرفين بعد الوصول لهم والتعرف عليهم.
  • بدء تنفيذ خطة إعادة إعمار قطاع غزة على مدى 3 إلى 5 سنوات، ويشمل ذلك المنازل والمباني المدنية والبنية التحتية، إضافة إلى تعويض كافة المتضررين، بإشراف عدد من الدول والمنظمات الراعية للاتفاق.
  • فتح جميع المعابر والسماح بحرية حركة الأشخاص والبضائع.

كما تضمن الاتفاق بندًا ينص على تحسين أوضاع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال[19].

وفي حين ينص الاتفاق علي عودة المعتقلين من غزة إلي القطاع بعد الإفراج عنهم، فقد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن جزءًا من المعتقلين الفلسطينيين (المتهمين بقتل أو التسبب في مقتل إسرائيليين) الذين سيتم الإفراج عنهم ضمن صفقة التبادل ووقف إطلاق النار، لن يعودوا إلى الضفة الغربية بل إلى غزة أو إلى خارج البلاد”. كما أن القائمة التي نشرتها وزارة العدل الإسرائيلية والتي تضم 735 معتقلًا فلسطينيًا سيتم الإفراج عنهم مقابل إطلاق سراح أول دفعة من المحتجزين الإسرائيليين، تشير إلى أن أكثر من 180 منهم سيتم إبعادهم إلى خارج البلاد[20]. وكان مدير مكتب إعلام الأسرى في حركة حماس طاهر النونو، قال إن 189 أسيرًا فلسطينيًا تقرر إبعادهم خارج فلسطين بموجب الاتفاق[21].

ثالثًا: دوافع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة:

يمكن الإشارة إلي مجموعة من الأسباب التي دفعت كلا من إسرائيل وحماس لوقف القتال فيما بينهما، كما يلي:

بالنسبة لإسرائيل:

ظل رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، المتحكم الرئيسي في العملية التفاوضية، فأعضاء مجلس الحرب قبل حله وقبل انسحاب المعسكر الصهيوني، لم يستطيعوا إقناع نتنياهو بالمضي قدمًا في العملية التفاوضية؛ إذ بدا أنهم مقتنعون بعدم إمكانية استعادة الأسرى لدى حركة حماس دون صفقة، وتحديدًا بيني غانتس وغادي آزيزنكوت؛ الأمر الذي أدى إلى ظهور هذه الخلافات بشكل علني والتلويح بالانسحاب من مجلس الحرب إلى أن تم ذلك فعلًا بتاريخ 9 يونيو 2024.

وقد استخدم نتنياهو عدة أدوات لإفراغ المفاوضات من مضمونها، منها المماطلة في إرسال الوفد المفاوض، ومن ثم تقييد صلاحيات الوفد، بل وسحب الصلاحيات تقريبًا والاكتفاء بنقل الرسائل من وإلى الوسطاء[22]، فمع كل تقدم في المفاوضات من الناحية الفنية والتقنية، ينتهي به مرفوضًا من نتنياهو. وضع شروط جديدة في كل جولة تفاوضية، بحيث لم تعد المفاوضات عملية تراكمية، وإنما عودة إلى الصفر مع كل جولة. التصعيد الكبير بالاغتيالات أو بالمجازر، وهو ما أدى إلى تجميد المفاوضات أكثر من مرة. توظيف المفاوضات لإدارة العلاقة مع المعارضة والشارع المحتج، وقد استخدمت كأداة من أدوات الإيهام والاحتواء[23].

ومما يفسر إصرار نتنياهو على الاستمرار في الحرب وعرقلة العملية التفاوضية وإفشالها، قبل الوصول إلى الاتفاق:

  1. أن الحراك الشعبي على المستوى الغربي بعد أن كان قويًا في بداية الحرب علي غزة عاد للفتور، وبالتالي لم يعد يمثل ضغطًا على الحكومات.
    1. الدول التي انفضت من حول إسرائيل ولم تعد جزءًا من المظلة الدولية اكتفت بتعديل الخطاب دون سياسات ملموسة ضاغطة.
    1. الموقف الأميركي المعدل والداعي لإنهاء الحرب والوصول إلى اتفاق لم يستخدم أدوات ضغط كافية على نتنياهو وبقي يشكل دعمًا لإسرائيل وتبنيًا شبه كامل لرؤيتها.
    1. الحراك في الشارع الإسرائيلي من أجل الصفقة تنامى وتغذى على تدفق المعلومات من الميدان بيد أنه لم يطور أدوات الاحتجاج من الاعتصام إلى الإضرابات المفتوحة وبقي حراكًا قابلًا للاحتواء.
    1. المعارضة الإسرائيلية لم تتمكن من طرح مسار بديل قوي منافس لمسار نتنياهو، حتى بعد انسحاب بني غانتس وغادي آيزنكوت من الحكومة، ولا حتى بعد إقالة وزير الدفاع، يوآف غالانت.
    1. انزياح إسرائيل بشكل كبير نحو اليمين وترسيخ مقولاتهم، جعل من شريحة واسعة في إسرائيل مستعدة لتقبل الخسارات المتراكمة بشريًا وماديًا.
    1. استماتة نتنياهو في محاولة الحفاظ على ائتلافه، وفي محاولة إبعاد نفسه عن الملاحقات القضائية[24].

مع مرور الوقت، ظهرت العديد من التطورات الضاغطة علي نتنياهو، والتي جعلته يوافق علي اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس في غزة، تتمثل أبرزها في:

– الضغوط الأمريكية: مارست الولايات المتحدة، خلال الآونة الأخيرة، ضغوطًا مكثفة مزدوجة من خلال الإدارتين الديمقراطية المنتهية ولايتها (إدارة بايدن)، والجمهورية المنتخبة (إدارة ترامب)؛ فمن جهة، أطلق الرئيس الأمريكي المنتخب “دونالد ترامب” تحذيرًا شديد اللهجة، في ديسمبر 2024، حينما أكد أنه إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير 2025، فستكون هناك “مشكلة خطيرة” في الشرق الأوسط. وضاعف “ترامب” تحذيراته في 7 يناير 2025، قائلًا: “إذا لم يتم إطلاق الرهائن بحلول موعد تنصيبي، فإن أبواب الجحيم ستُفتح على مصراعيها”[25].

هذا التلويح وضح للأطراف، بما في ذلك إسرائيل، أن موقف ترمب جدي، ولن يسمح بالاستخفاف به، أو عدم التعامل مع موقفه جديًا. بالإضافة لذلك أرسل ترامب مبعوثه الخاص، ستيف ووتكوف، للإشراف على المفاوضات من خلال وجوده في الدوحة وقيامه بزيارة خاطفة لإسرائيل ولقاء نتنياهو قائلًا له: “ترامب جاد بشأن هذه الصفقة، لا تدمرها”[26]. كما قام ترامب بإعادة تغريد فيديو للاقتصادي الأمريكي، جيفري ساكس، يصف نتنياهو بأنه “الوغد الذي يورط الولايات المتحدة في حروبه”[27]. وهناك أحاديث عن أن ترامب معني بتحقيق هدنة في غزة قبل تنصيبه كرئيس فعلي، وهو على ما يبدو يعتبر هذا الإنجاز جزءًا من إنجازاته اللاحقة في تحقيق مصالحة أوسع بين إسرائيل والفلسطينيين، وفي الوقت نفسه تحقيق هدنة في الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وهذان الإنجازان قد يؤهلاه للحصول على جائزة نوبل للسلام، وهو شغوف بذلك ويتطلع إلى أن يكون ذلك جزءًا من إرثه الرئاسي[28]. ناهيك بالطبع عن أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة سيوفر بيئة إقليمية تمكن ترامب من استئناف اتفاق إبراهام الذي شرع فيه في عهدته الأولى، وأدى إلى تطبيع علاقات إسرائيل مع الإمارات والبحرين والمغرب. فقد يسعى ترامب إلى تطبيع علاقات إسرائيل خلال عهدته الثانية مع عدد من الدول العربية، خاصة الدول الرئيسية وفي القلب منها السعودية. وبذلك يضمن دمج إسرائيل في المنطقة ويعيد الأولوية للاقتصاد في تسوية القضية الفلسطينية[29].

وفي مقابل رضوخ نتنياهو لهذه الضغوط الأمريكية، يبدو أنه حصل علي وعود باستمرار الدعم الأمريكي وتوسيعه، وفتح المجال لإسرائيل للعودة إلى الاعمال الحربية في حال خرق الهدنة من قبل حماس أو في حال عدم تقدمها للمرحلة الثانية والثالثة من المفاوضات، بما يشمل إطلاق سراح باقي الأسرى الإسرائيليين في غزة، والعمل جديًا على معاقبة المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت قبل أشهر قرارًا باعتقال نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت وقيادات عسكرية وجنود بتهمة تنفيذ جرائم في غزة[30]. وفي هذا السياق؛ تشير وسائل إعلام إسرائيلية بأن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن قدم، كتابيًا، تعهدين يتعلقان بصفقة وقف إطلاق النار وتبادل الأسري. ووافق الرئيس ترامب على هذين التعهدين؛ الأول، التعهد ألا يكون هناك انتقال تلقائي في الصفقة من مرحلة إلى مرحلة، والثاني، أنه إذا رأت إسرائيل أن المفاوضات بشأن المرحلة الثانية لن تؤد إلى النتيجة المطلوبة، فإن تجدد القتال لا يعتبر خرقًا للاتفاق[31].

كما قام الرئيس دونالد ترامب، بإلغاء عقوبات فرضتها إدارة بايدن على مستوطنين كانوا متورطين بأعمال عنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، كانت صدرت في فبراير 2024، وتضمنت منع دخولهم إلى الولايات المتحدة وتجميد حساباتهم فيها. وقال وزير الخارجية الأميركي الجديد ماركو روبيو، إنه لا ينوي فرض عقوبات جديدة على المستوطنين. وتجدر الإشارة إلى أن إدارة بايدن فرضت، مؤخرًا، عقوبات على منظمة “أمانا”، الذراع التنفيذية لمجلس “يهودا والسامرة” والكيان المركزي الذي يعمل على إقامة مستوطنات في الضفة الغربية. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية لدى اتخاذ القرار، إن المنظمة “أقامت عشرات البؤر غير القانونية للمستوطنين، وعملت بصورة مباشرة في نهب الأراضي الخاصة بالفلسطينيين”[32].

– القناعة الإسرائيلية بصعوبة حسم حرب غزة: ثمة قناعة لدى إسرائيل، والولايات المتحدة، بصعوبة حسم الحرب في غزة لصالحها؛ فرغم نجاح تل أبيب في تنفيذ اغتيال كبار قادة الفصائل الفلسطينية وحلفائها في المنطقة (في لبنان)، إلا أن الفصائل الفلسطينية لا تزال تنهك الجيش الإسرائيلي، وتقوم بعمليات ينتج عنها مقتل وإصابة العديد من عناصره. ومن ثم، أيقنت الحكومة الإسرائيلية أن هدفها الذي رفعته بالقضاء نهائيًا على حماس لا يبدو واقعيًا، وصعب المنال، حتى لو لم تعلن ذلك صراحة. بالإضافة إلى فشل الجيش الإسرائيلي في تحقيق رهانه الاستراتيجي بالكشف عن مواقع احتجاز الرهائن لدي حماس وتحريرهم بالضغوط العسكرية[33].

وبدا في الأسابيع الأخيرة أن الجيش الإسرائيلي باشر إرسال إشارات واضحة بأنه لا يمكن إنجاز أكثر مما حصل، وأن استمرار القتال لا يتضمن أية أهداف إضافية، حتى إن نائب قائد الجيش، الجنرال أمير برعام، قدم استقالته قبل أيام قائلًا إنه “لم يعد هناك ما يقدمه للحرب في غزة”، وهنالك إشارات إلى أن قائد الجيش، هرتسي هليفي، قد يقدم على مثل ذلك، وقد يطالب بلجنة تحقيق رسمية تشمل مسؤوليته هو ومسؤولية غيره من قادة الجيش والألوية والمناطق، كما تشمل تقديم المسؤولين السياسيين لمثل هذه المساءلة، بما في ذلك بنيامين نتنياهو نفسه[34].

ومن جانب آخر، فقد شرعت بعض الدول في ملاحقة إسرائيليين تورطوا بجرائم ضد الفلسطينيين بعد وصولهم أراضيها، وهي مرحلة انتقلت فيها خسارات إسرائيل من مستوى الصورة والمكانة إلى إجراءات فعلية، قد تستهدف رئيس وزرائها بعد قرار الجنائية الدولية، وليس فقط جنودًا أو ضباطًا خدموا في الجيش[35]. وتشمل هذه الدول؛ جنوب أفريقيا وسريلانكا وبلجيكا وفرنسا والبرازيل[36].

– الأثمان الاقتصادية للحرب: فالحرب على غزة هي أطول حرب خاضتها إسرائيل منذ إقامتها، وهي بالتأكيد الحرب الأكثر كلفة اقتصاديًا. إذ تفيد تقارير إسرائيلية إلى اقتراب تكلفة الحرب إلى حوالي 300 مليار شيكل، أي حوالي 80 مليار دولار. ويشمل ذلك الخسائر المباشرة الناتجة عن العمليات الحربية وتراجع الإنتاج وتجنيد عدد كبير من جنود الاحتياط المنخرطين في العمل التجاري والصناعي المدني. وقد تفاقمت الأزمة الإسرائيلية على ضوء وقف الطيران المدني وتدمير قطاع السياحة، وتوقف الاستيراد والتسويق لدول مركزية مثل تركيا، ووقف وصول المنتجات من الصين والهند بسبب تهديد الحوثيين باستهداف سفن قادمة أو خارجة من الموانئ الإسرائيلية، كما ترتيبات تقليص العمالة من غزة والضفة الغربية وارتفاع أجور عاملي البناء وقطف المحاصيل والتجارة العامة، وكل ذلك أدى إلى تخفيض مستويات التصنيف الائتماني لإسرائيل في كبرى المصارف العالمية.

عمليًا انكمش الاقتصاد الإسرائيلي جديًا، وارتفعت تكلفة العمليات العسكرية جديًا وتكلفة معالجة نقل السكان من أماكن مستهدفة في الجليل وفي منطقة قطاع غزة، وعلاج الآثار المختلفة للحرب، وكل ذلك أصبح عبئًا يؤرق متخذي القرارات في إسرائيل، ويعزز فكرة ضرورة الهدنة في غزة أو استعمال وسائل يمكن أن تؤدي إلى تقليص المصروفات العامة أو تفسح المجال لجمع أكبر نسبة من الضرائب وذلك تكلل برفع الضريبة المضافة بنسبة 1 في المئة، وتجميد الأجور، وتقليص تكاليف الصرف العام على مجمل الخدمات الاجتماعية في إسرائيل، وهي قضايا قد تصيب مشاريع نتنياهو والحكومة في الصميم، وخصوصًا أن جزءًا كبيرًا من ناخبي وداعمي اليمين عمومًا، والليكود بشكل خاص، هم من الفئات الضعيفة في أطراف المدن الكبرى والبلدات الضعيفة نسبيًا من حيث الدخل والأوضاع الاقتصادية.

– استمرار الضغط الشعبي في إسرائيل: فالشوارع الإسرائيلية لا زالت مليئة بالمتظاهرين الإسرائيليين، وعدد كبير منهم، بل أكثريتهم وأكثرية الرأي العام من ورائهم يتهم نتنياهو شخصيًا بعرقلة محاولات الوصول إلى صفقة لوقف إطلاق النار وتبادل الأسري. هذه الأصوات مصممة على الوصول إلى كل مراكز اتخاذ القرار وإزعاج نتنياهو وأعضاء حكومته واتهامهم بعدم الاكتراث بحياة المخطوفين الإسرائيليين، وخصوصًا أن حماس تصرفت بذكاء في هذا الجانب ونشرت كل أسبوع فيديو مصور مع أحد المخطوفين، وأصدرت بيانات تشير إلى أن عددًا من المخطوفين قد لقوا حتفهم بفعل الهجمات الإسرائيلية. بحيث إنها غذت المتظاهرين والرأي العام المساند للصفقة ولوقف الأعمال الحربية بمعلومات أفادت باستمرار الضغط الشعبي على نتنياهو والحكومة[37]. بالإضافة إلي ذلك، فقد اتبعت حماس سياسة جديدة فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الأسرى في حال وجود عمل عسكري إسرائيل في المحيط، بما يجعل من أي عملية عسكرية إسرائيلية حكمًا بالإعدام على هؤلاء الأسرى[38].

– ثقة نتنياهو بأن الصفقة لن تؤدي إلى تفكك الحكومة: إذ وسع نتنياهو التحالف الحكومي عبر ضم حزب “اليمين الرسمي” برئاسة جدعون ساعر وأضاف بذلك أربعة مقاعد للتحالف الحكومي، وقلل من إمكانيات الابتزاز من قبل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، اللذين ضغطا دائمًا لمنع وقف الحرب على غزة ورفضا التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى والمخطوفين، وهو ما مكنه من الذهاب إلى هذا الاتفاق دون تخوف جدي من انهيار الحكومة[39]. كما أن نتنياهو كان متيقنًا من أن أحزاب الصهيونية الدينية بقيادة سموتريتش والقوة اليهودية بقيادة بن غفير ليس أمامها أي بديل أفضل من الحكومة الحالية ومن المؤكد أنها لن تقدم على حل الحكومة وربما التسبب في إقصاء اليمين عن الحكم، كما أنها حصلت من نتنياهو على تطمينات بإجراءات عقابية مستمرة ضد الغزيين وعلى تعهد بدعم أكبر للاستيطان اليهودي في الضفة والقدس، أي إنها مقابل موقفها من الصفقة وحفاظها على عضوية الحكومة حصلت على إنجازات إضافية تجعلها قادرة على عرض ذلك أمام جمهورها من المستوطنين والفاشيين المتطرفين في الشارع الإسرائيلي عمومًا[40].

– رغبة إسرائيل في التفرغ للملف الإيراني: يتصاعد القلق داخل إسرائيل من تطورات الملف الإيراني، وترغب في تكثيف جهودها للحد من التهديدات المحتملة التي تطرحها تلك التطورات، وفق المنظور الأمني الإسرائيلي، خاصة مع ترقب نهاية الاتفاق النووي الإيراني في أكتوبر 2025؛ الأمر الذي ترغب إسرائيل في التركيز عليه، والتنسيق مع حلفائها الغربيين لاتخاذ استراتيجيات استباقية تجاه ذلك الملف، بالإضافة إلى اكتشاف إسرائيل أنها لم تقوض القدرات العسكرية الإيرانية بالقدر الذي تخيلته. ومن ثم فإن هناك قناعة إسرائيلية بأن حجم الضرر الذي تلقاه حزب الله وحماس، لا يجعلانهما على درجة كبيرة من الخطورة، مقارنة بتطورات التسلح الصاروخي والبرنامج النووي في إيران، كما يرتبط بذلك أيضًا التفكير الإسرائيلي في سبل تقويض قدرات الحوثيين في اليمن والبحر الأحمر[41].

بالنسبة لحماس:

أبدت حركة حماس استعدادها للتفاوض بشكل غير مباشر مع الإسرائيليين استجابة لطرح الوسطاء، وقد بدا واضحًا أنها غيرت من استراتيجيتها التفاوضية بعد تجربة الهدنة الإنسانية الأولى في نوفمبر 2023؛ إذ تبين لها حقيقة السعي الإسرائيلي لتوظيف المفاوضات كي توفر للحكومة هامشًا أوسع للتحرك السياسي والعسكري، وعدم الاستعداد لإنهاء الحرب. وقد دأبت الحركة على تسخير العمليات العسكرية التي يقوم بها جناحها العسكري، كتائب القسام، لخدمة العملية التفاوضية وليس العكس، وذلك من أجل تحسين شروط التفاوض للوصول إلى اتفاق يتوج بوقف نهائي للحرب، وانسحاب كامل لقوات الاحتلال وإعادة الإعمار وفك للحصار وإطلاق سراح الأسرى، بيد أن هذه الغايات كانت، وما زالت، تصطدم بالعوامل التالية:

  1. التكلفة الباهظة للحرب والناجمة عن استهدف إسرائيل للمدنيين الفلسطينيين، فأعداد الضحايا من شهداء وجرحى ونازحين تجعل المفاوض الفلسطيني تحت ضغط الحاجة الملحة لوقف هذا النزيف. وهو الأمر الذي يفسر أن أكثر المواضيع حساسية للمفاوض الفلسطيني هي مسألة ضمان عدم استئناف القتال في القطاع.
    1. مستوى التضامن الشعبي العربي والإسلامي لا يكاد يذكر مما يجعله عاملًا غير مؤثر على توجهات الدول العربية نحو غزة، أو أن تدفع باتجاه دور مختلف للولايات المتحدة كحلفاء لها في هذه المنطقة.
    1. فتور التفاعل الفلسطيني الداخلي مع ما يجري في قطاع غزة على المستوى الشعبي، وذلك بالمقارنة مع أحداث عام 2021، حين التحمت الضفة الغربية بما فيها القدس مع قطاع غزة والداخل الفلسطيني والشتات في مشهد مغاير تمامًا لما يجري اليوم. وبالرغم من وجود تفسيرات كثيرة لهذا المشهد يمكن اختصاره بخطوات إسرائيل الاستباقية والقمعية لأي تحرك شعبي أو عسكري، إلا أن هذا لا يغير من حقيقة تأثر المفاوض الفلسطيني سلبيًا بفتور هذه الساحات[42].
    1. تكثيف إسرائيل ضغوطها على حماس التي واجهت تحديات عسكرية وتنظيمية ضخمة، لعل على رأسها مقتل رئيس المكتب السياسي للحركة، ومخطط عملية “طوفان الأقصى” يحيى السنوار، بعد اغتيال سلفه في رئاسة المكتب السياسي للحركة “إسماعيل هنية”، بالإضافة إلى الضغوط العسكرية الإسرائيلية المستمرة، وهو ما يعني أن الحركة تحتاج إلى مزيد من الوقت لإعادة ترتيب أوضاعها الداخلية، واستقطاب المزيد من المقاتلين، وتعزيز قدراتها العسكرية، وبحث التعاطي مع أزمة القيادة داخل الحركة[43].
    1. التحولات الإقليمية الضاغطة علي المقاومة. فمن جهة سبق الاتفاق بأقل من شهرين اتفاق على الجبهة اللبنانية في 27 نوفمبر 2024، أدى إلى خروج “حزب الله اللبناني” من المشاركة في “وحدة الساحات”، بعد أن تكبد الحزب خسائر في بنيته العسكرية وهيكله القيادي، انعكست بشكل سلبي على فعالية ما أطلقت عليه أطراف وحدة الساحات بـ”جبهات الاسناد”، وأبقت الحوثيين بشكل منفرد لا سيما بعد تراجع الهجمات من الفصائل المسلحة العراقية، وتزايد المخاطر المحيطة بإيران خاصة بعد الضربات الجوية الإسرائيلية في 26 أكتوبر 2024، ضد مواقع منشآت للصواريخ الباليستية في إطار ردها على الهجمات الإيرانية الصاروخية مطلع أكتوبر. وفي السياق ذاته؛ شهدت سوريا التي كانت طرفًا في “محور المقاومة” وتلعب دورًا لوجستيًا في “وحدة الساحات”، تحولات دراماتيكية، بعدما تحركت قوات المعارضة السورية (إدارة العمليات العسكرية) من إدلب نحو جنوب وشرق سوريا، ضمن ما أطلقت عليه عملية “ردع العدوان”، والتي انتهت  بسيطرتها على العاصمة دمشق، وإنشائها إدارة انتقالية، وبشكل أدى إلى خروج سوريا مما يعرف بـ”محور المقاومة”[44].
    1. القلق من استمرار الحرب بعد تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب “دونالد ترامب”؛ فبخلاف التهديدات الحادة التي أطلقها “ترامب” حال عدم وقف الحرب قبل بدء فترته الرئاسية، فإن حماس تدرك أيضًا موقف “ترامب” المنحاز بشدة إلى إسرائيل، وعلاقته الوطيدة برئيس الوزراء الإسرائيلي، فضلًا عن توقعات تكثيف الدعم العسكري والسياسي الأمريكي لصالح إسرائيل خلال عهدة “ترامب”؛ لذلك تخشي الحركة أن يدعم الرئيس الأمريكي المنتخب تصعيدًا إسرائيليًا حادًا ضدها[45].

لكن رغم هذه العوامل؛ بقيت حركة حماس قادرة على التماسك في العملية التفاوضية وفرض شروطها، وتقديم المرونة فيما هو غير جوهري، وذلك بالاستناد على صمود الشعب الفلسطيني في قطاع غزة رغم كل ما حل به، وبقاء القدرة على الفعل العسكري للفصائل الفلسطينية في القطاع بعد أشهر من الحرب، ووجود جبهات أخرى مفتوحة أهمها الجبهة اليمنية، وتحولات الرأي العام الغربي، والملاحقة القضائية لإسرائيل، وتغذية الخلافات الإسرائيلية الداخلية عبر ضخ مواد إعلامية مرتبطة بحال الأسرى لدى الفصائل الفلسطينية[46].

رابعًا: دلالات اتفاق وقف إطلاق النار في غزة:

بالنظر إلى هذا الاتفاق فإنه لا يختلف جوهريًا عن المقترح الذي قدمه جو بايدن قبل سبعة أشهر تقريبًا، أي إن التراجع الواضح والصارخ كان في الموقف الإسرائيلي، فالقبول بفكرة التقسيم إلى مراحل قد تمت مسبقًا من الفلسطينيين. إجمالًا، يمكن القول: إن هذا الاتفاق قائم على الركائز التالية:

1- القبول بفكرة التقسيم إلى مراحل رغم ما تحمله من مخاطرة بإمكانية النكوص عن الاتفاق في مرحلة لاحقة، فالتقسيم يتيح للفصائل الفلسطينية تنفيذ الاتفاق بشكل أيسر من الناحية الفنية، بسبب الاحتياجات الأمنية والفنية الخاصة لتنفيذه، بعد ما حل بالقطاع من تدمير وما تعرضت له الفصائل من ضرر، وهو ما لم تخفه حماس بإشاراتها المتكررة لفقدان الاتصال مع المكلفين بحراسة بعض الأسرى. كما أنه يتيح لنتنياهو أن يتجاوز تخوفاته بشأن إمكانية انفراط حكومته إذا ما ذهب لاتفاق ينهي الحرب من اللحظة الأولى، فما زال بحاجة إلى تمرير هذا الاتفاق على قوى اليمين. ورغم وجود شبكة الأمان من زعيم المعارضة يائير لابيد إلا أنه لا يفضل اللجوء إليها ويدرك أنها ستكون مؤقتة، لذلك بذل جهودًا مضنية في إغراء وزير المالية اليميني، بتسلئيل سموتريتش، لعدم اتخاذ موقف مهدد للائتلاف.

2- الاستجابة للأزمة الإنسانية المركبة التي حلت بالقطاع بشكل عاجل في المرحلة الأولى، ورغم أن علاج ما حل بالقطاع يحتاج إلى سنوات طويلة إلا أن تدفق المساعدات بشكل منتظم وفتح المعابر سيخفف بدون شك من الأزمة الإنسانية.

3-القبول بالاتفاق على قاعدة مفادها: أن الضمانات أهم من بنود الاتفاق الحرفية. لذلك يمكن القول: إن تاريخ إسرائيل الطويل في التراجع عما توقعه، جعل التركيز والبناء في آخر جولة تفاوضية، على ما يعبر عنه الوسطاء، وتحديدًا الأمريكي، من التزام بحماية الاتفاق والتواصل بين مراحله، دون أن يكون ذلك مضمونًا بشكل يقيني من قبل الفلسطينيين لكنه قبول الموازن بين الاحتياجات الإنسانية الملحة وبين موازين القوة المختلة لصالح الاحتلال.

4- محاولة حماس الاستفادة من تجاربها التفاوضية السابقة مع إسرائيل وخصوصًا في موضوع التبادل؛ إذ تمت الإشارة مثلًا إلى تعهد الاحتلال بعدم الاعتقال مجددًا للمفرج عنهم بناء على ذات التهم التي اعتُقلوا بسببها. وهذه النقطة وإن بدت هامشية أمام القضايا الكلية الكبرى مثل الانسحاب ووقف الحرب، إلا أنها تعكس التراكمية وبناء الخبرة في التفاوض مع الاحتلال[47].

5- فشل أهداف الحرب الإسرائيلية المعلنة،يشكل الاتفاق إقرارًا دوليًا وإسرائيليًا بفشل الأهداف المعلنة للحرب، والتي حددها رئيس وزراء الاحتلال ومجلس حربه آنذاك، فقد سعت إسرائيل، منذ بداية العدوان، إلى القضاء على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وفرض الاستسلام عليها، وتفكيك حكم حركة حماس، ومنع أي تهديد عسكري مستقبلي من قطاع غزة، واستعادة أسرى الاحتلال دون تقديم تنازلات، لكن الاتفاق أتى ليؤكد أن الاحتلال لم يحقق أيًا من هذه الأهداف، إذ بقيت المقاومة قائمة ومتماسكة، واستعادت إسرائيل أسراها عبر بوابة التفاوض التي فرضتها المقاومة كخيار وحيد.

6- انهيار أطروحات إعادة الاحتلال،في خلال الحرب، عادت أطروحات إعادة الاحتلال لتطفو على السطح ضمن خطط وأفكار تنوعت بين تهجير سكان غزة، وفرض حكم عسكري على القطاع، والسيطرة الأمنية الكاملة، وإعادة الاستيطان، وتقليص مساحة القطاع من خلال السيطرة على شماله. إذ إن الانسحاب التدريجي الذي ينص عليه الاتفاق من محوري نتساريم وفيلادلفيا يمثل اعترافًا ضمنيًا من إسرائيل بانعدام قدرتها على تحمل كلفة إعادة الاحتلال أو فرض واقع أمني جديد في القطاع[48].

خامسًا: تحديات اتفاق وقف إطلاق النار في غزة:

تتمثل أبرز التحديات التي تواجه اتفاق وقف إطلاق النار في غزة فيما يلي:

1- قضية الالتزام: فالانتقال من المرحلة الأولى إلى الثانية سيكون عسيرًا في ظل التركيبة الحكومية الإسرائيلية الحالية، وهناك افتراض وجيه بأن قبول بعض أعضاء الائتلاف به لم يكن ليتم لولا تفاهم غير معلن حول احتمالية العودة للقتال بعد استعادة جزء من الأسرى (في هذا السياق قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بأنه تلقي التزامًا صريحًا من نتنياهو باستئناف الحرب بعد المرحلة الأولي، وأنه إذا لم يتم استئناف الحرب فسيقوم سموتريتش باسقاط الحكومة[49]) وهو أمر قد يضع نتنياهو من جديد أمام معضلة الاختيار بين الانتقال إلى المرحلة الثانية واللجوء إلى شبكة لابيد غير الآمنة وخسارة الائتلاف اليميني، والتخلي عن الاتفاق والتخلي معه عن علاقة سلسة مع إدارة دونالد ترامب. وهذا التحدي قد يخلق مآلات جديدة للاتفاق من بينها الانهيار.

ورغم أنه من المرجح أن تكون الحركة الاحتجاجية أقوى لبقاء جزء من الأسرى لدى حماس، ومن المتوقع أن يكون موقف المؤسسة العسكرية والأمنية أكثر تحفظًا على خيار العودة للقتال[50]، ومن المرجح أيضًا ألا يسمح ترامب بانهيار سريع لما قدمه على أنه إنجاز لإدارته قبل التنصيب[51]. إلا أن الإشارة المتكررة لاحتمالية عودة إسرائيل للقتال إذا ما أخلت حماس بالاتفاق قد تبقي الباب مفتوحًا لهذا الخيار، فهذه مسألة فضفاضة قابلة للتأويل وتتيح لإسرائيل التذرع بما يمكن أن تختلقه في ظل بيئة غزة الجديدة وفي ظل غياب مرجعية محددة حتى اللحظة لتحديد ماهية الإخلال بالاتفاق الذي قد تبرر التراجع عن الاتفاق. ويبدو حتى اللحظة أن إسرائيل هي التي ستحتفظ بالسلطة التقديرية لما يمكن أن يظهر من القطاع أو فيه على أنه مخل بالاتفاق[52].

كما تدل السوابق التاريخية على أن اسرائيل لا تلتزم بأي اتفاق، ولديها القدرة على تأويل النصوص وانتهاز الفرص السانحة دون حدود، خاصة أن تعبير الهدوء المستدام يفتح مجالًا لتأويله كما يشاء نتنياهو وفريقه، فالتفسير الفلسطيني باللغة الانجليزية لهذا المصطلح يعني “الوقف الدائم للعمليات العسكرية والعدائية”، بينما تفصل إسرائيل بين المرحلة الأولى والثانية بكيفية تعني أن استدامة الهدوء مرهون “بعدم قيام المقاومة باستعادة تسليح نفسها وتعزيز قدراتها العسكرية أو تشكيل تهديد مستقبلي لإسرائيل”، وتفسر إسرائيل ذلك على أنه خرق من المقاومة لاستدامة الهدوء.

وثمة احتمال أن تتم مطالبة المقاومة بوقف كافة النشاطات في الضفة الغربية، وقد تتوسع إسرائيل في تفسير الاتفاق بأنه يشمل الضفة الغربية وبالتالي تحميل المقاومة مسؤولية العمليات في الضفة الغربية واعتبارها خرقًا لاتفاق “التهدئة المستدامة” مما يسمح لإسرائيل العودة للقتال في غزة بعد أن تكون تحررت من مأزق الرهائن[53].

2- أصحاب المحكوميات العالية: مع موافقة الحكومة الإسرائيلية على تطبيق وقف إطلاق النار في غزة، والبدء بإطلاق الرهائن الإسرائيليين والسجناء الفلسطينيين، كشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن سجناء وصفتهم بأنهم “شخصيات ثقيلة” تطالب حماس بالإفراج عنهم في المرحلتين الثانية والثالثة. وقالت قناة “كان” الإسرائيلية، إن من الشخصيات الثقيلة التي لن يُفرج عنهم في المرحلة الأولى بينما تصر حماس بأنها ستنجح في الإفراج عنهم خلال المرحلتين الثانية والثالثة، هم؛ عباس السيد و إبراهيم حامد و عبد الله البرغوثي و حسن سلامة. وجرى ترحيل التفاوض بشأن هؤلاء السجناء إلى المرحلة الثانية، حيث ستتضمن تلك المراحل الحديث عن رهائن إسرائيليين من الجنود والضباط والرجال، وحماس ستطالب بالكثير مقابلهم كما تتوقع “كان”[54].

تعارض إسرائيل الإفراج عن أصحاب المحكوميات العالية ليس فقط لكونهم متورطين في قتل إسرائيليين، ولكن أيضًا – وربما هذا الأهم – هو تخوفها من إمكانية تكرار تجربة يحيي السنوار (كان واحدًا من بين أكثر من ألف أسير حرروا مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط ضمن ما سمي صفقة “وفاء الأحرار” عام 2011، ثم بعد ذلك قاد حماس وهندس لعملية طوفان الأقصي ضد إسرائيل). كما أن خروج شخصيات قيادية مثل مروان البرغوثي ضمن صفقة تبادل الأسرى قد يشكل نافذة لإعادة ترتيب المشهد السياسي داخل حركة فتح، ما قد يعزز فرص جديدة للتوافق الوطني مع حماس، ما يضر بالاستراتيجية الإسرائيلية القائمة علي ترسيخ الانقسام الفلسطيني[55]. ناهيك عن الإشكالية المتعلقة بتحديد الدول التي سيتم ترحيل الأسري الفلسطينيين المفرج عنهم إليها.

3- الاطراف الضامنة: بعيدًا عن التضخيم الدبلوماسي لدى كل من المفاوض المصري والقطري ومحاولة الإيحاء بدور “الضامن” فإن الضامن الوحيد هو الولايات المتحدة، وهي طرف – وبخاصة مع ترامب – يستوجب جعل الحذر والشك هو القاعدة للتفكير في استراتيجيته، لذا فإن احتمالات حماية الخرق الإسرائيلي للاتفاق لا يلجمه إلا الطرف الامريكي إذا اراد، أما الطرفين العربيين فلم يتمكنا من إنجاز أي شيء سوى توفير المقر للمفاوضات والقيام بدور ساعي البريد، بل إن دورها هو تنفيذ لبرنامج متفق عليه مع الإدارة الأمريكية. فأحد الطرفين العربيين يتوسل العون المالي من صندوق النقد الأجنبي حيث الثقل الأمريكي في قراراتها، والآخر يضم أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الاوسط. لذلك، فهناك دعوات بأن تعمل المقاومة على جعل رقابة تنفيذ الاتفاق مرتبط بلجان أممية فيها ممثل عن الأمين العام للأمم المتحدة وروسيا والصين وبعض الدول العربية مثل الجزائر ودول أفريقية مثل جنوب أفريقيا، لضمان جهة غير منحازة للطرف الإسرائيلي والأمريكي[56].

4- معركة إعادة الإعمار: فوفق تقديرات الأمم المتحدة فإن مسألة إعادة الإعمار ستكلف أكثر من ثمانين مليار دولار[57]. ورغم التباين الكبير في تقديرات المبالغ المالية والمواد المطلوبة للإعمار، فإن الابتزاز للمقاومة سيكون هو محور هذا الموضوع، وستكون الاستراتيجية الإسرائيلية والأمريكية وبعض الدول الغربية والعربية هو نزع التنازلات من المقاومة التي لم تتمكن معركة السلاح من انتزاعها، وهذه التنازلات ستدور حول ربط كل مبلغ مالي بشروط قاسية مثل:

أ‌- افراغ أي دور تنظيمي أو إداري أو سياسي للمقاومة في إدارة القطاع أو إدارة موارد الإعمار، وقد تسعى الأطراف التي ستقدم المساعدات إلى إيجاد سلطة “لا لون لها ولا وزن” أو العمل على تسهيل تسلل السلطة التنسيق الأمني (السلطة الفلسطينية) إلى دوائر القرار في القطاع ، أو البحث في إدارة مؤقتة ترعاها دول عربية وبمشاركة دولية.

ب‌- قد تعمل إسرائيل على دفع المتبرعين إلى تشكيل لجنة عربية دولية للإشراف على عمليات الإعمار ودخول المواد وتحت رقابة صارمة للمواد التي سيسمح بإدخالها، مع استبعاد أي مواد – بخاصة في المراحل الأولى – التي يمكن أن تستشعر إسرائيل بأنها مواد مزدوجة الاستخدام (أي يمكن أن تستخدم في الأغراض المدنية والعسكرية).

ج‌- قد يتم ربط المساعدات بهيئات لا صلة لها بالأمم المتحدة وبخاصة وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين، وربما يشترط ترامب حل الوكالة لا سيما أنه كان أول رئيس أمريكي يوقف المساعدات الامريكية للوكالة.

د‌- قد يتم مطالبة المقاومة بالإعلان الصريح عن الاعتراف بإسرائيل (وهو ما قد يفتح شقاقًا بين التنظيمات الرئيسية في المقاومة)، أو نزع الأسلحة واشتراط اقتصار حمل السلاح على شرطة التنسيق الأمني التابعين للسلطة الفلسطينية[58].

ه- قد تستخدم عملية إعادة الإعمار وسيلة خلفية لإسرائيل من أجل الضغط علي سكان قطاع غزة لخروجهم تدريجيًا من القطاع من خلال جعل الحياة مستحيلة في غزة. وقد تترافق الهدنة ومنع إعادة الإعمار والتقنين في المساعدات، مع فتح المعابر أمام الغزيين للهجرة الطوعية. وهو ما يسمح بخروج عشرات الآلاف من الذين ضاقت بهم سبل العيش. وقد تسهل إسرائيل خروج الغزيين من خلال معابرها[59].

5- إدارة قطاع غزة: فهناك العديد من الرؤي المختلفة والمتعارضة فيمن سيقوم بإدارة وحكم قطاع غزة عقب انتهاء الحرب.

فمن جانب، هناك حماس، التي وإن ضعفت قوتها العسكرية والسياسية، فإنها لاتزال قادرة علي حكم غزة منفردة. وقد ظهر ذلك مع اليوم الأول لدخول وقف إطلاق النار وتبادل الأسري حيز التنفيذ، حيث خرج مقاتلو كتائب القسام بكامل عتادهم العسكري، وسرعان ما انتشر هؤلاء المقاتلون في جميع أنحاء غزة ببراعة ودقة وتنظيم فائقين. كما أن الحركة لا تسيطر على قوات الأمن في قطاع غزة فقط، بل إن القائمين عليها “يديرون الوزارات والهيئات الحكومية، ويدفعون رواتب الموظفين وينسقون مع المنظمات غير الحكومية الدولية”. في هذا السياق، أشارت وكالة “رويترز” إلى أن مسلحو الحركة يتولون حراسة قوافل المساعدات في القطاع، كما بدأ الآلاف من عناصر الشرطة الفلسطينية الانتشار في مختلف مناطق القطاع، وفقًا لخطة حكومية تهدف إلى حفظ الأمن والنظام، بالتوازي مع بدء البلديات إعادة فتح الشوارع وتأهيلها، بحسب ما أعلنه المكتب الإعلامي الحكومي في غزة. أما وزارة التنمية الاجتماعية، فأعلنت أنها أنهت كل الاستعدادات اللازمة لاستقبال المساعدات القادمة عبر المعابر، بحيث ستقوم بتقديم جميع التسهيلات للمؤسسات المحلية والدولية والأممية، من أجل استلام المساعدات والعمل على توزيعها[60].

لكن حكم حماس لغزة منفردة سيكون مرفوض أمريكيًا وإسرائيليًا ومن أنظمة عربية معنية. وبقاؤها في السلطة قد يحرم السكان من المساعدات الدولية وإعادة الإعمار. وبالتالي، فحماس قد تقبل بعدم الانفراد بحكم غزة والسماح للسلطة الفلسطينية أو غيرها من الأطراف الفلسطينية الأخري بمشاركتها في حكم القطاع، ولكنها لن توافق علي الخروج من السلطة بصورة كاملة لأن ذلك يعني خروجها من المشهد السياسي نهائيًا[61].

ومن المهم الإشارة إلى أن حماس لم تدافع عن بقائها في الحكم بشكل مباشر، بل أعلنت استعدادها للتخلي عن إدارة القطاع، لكن ليس بأي ثمن أو لصالح أية جهة كانت. فقد وضعت الحركة محددات واضحة لتقبل أية صيغة حكم قادمة، منها ضمان دورها بصفتها شريكًا فاعلًا في الإشراف على إدارة القطاع، وضرورة انتقال المسؤوليات على الأرض بسلاسة، مع ترتيبات تضمن الحفاظ على العقيدة الوطنية للملف الأمني، بما يحمي قدرات المقاومة ولا يتعارض معها، فضلًا عن معالجة شاملة لملف موظفي القطاع الحكومي الذين عينتهم الحركة في خلال سنوات حكمها. وقد عملت حماس على تعزيز شراكاتها مع القوى الفلسطينية، بما يشمل قوى فلسطينية من داخل منظمة التحرير، لتوسيع قاعدة الالتفاف الوطني حول الخطوات المستقبلية للقطاع ومنع ترك هذه الخطوات عرضة للرفض أو العرقلة خصوصًا بسبب “الفيتو الفتحاوي”[62]. وقد يُعتقد ـ بحسب تسريبات غير رسمية ـ  أن زعماء من حماس، أبدوا استعدادهم للتخلي عن الحكم المدني في غزة، بيد أنه ـ كما يعتقد كثيرون ـ  لم يتطرق الحديث، والحال كذلك، إلى مستقبل جناحها العسكري[63].

وفي هذا السياق، أكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس، باسم نعيم، في تصريحات إعلامية، أن حماس لن تطالب بالتفرد بالحكم، لكنه شدد على أن الأمر شأن داخلي فلسطيني، قد يحل بتوافق كل مكونات الشعب الفلسطيني في غزة وفي الضفة الغربية، على شكل من أشكال الإدارة ولو مؤقتًا، عبر حكومة وحدة وطنية تحكم قطاع غزة والضفة الغربية والقدس لفترة محدودة وتقوم بمهام محدودة، مثل إعادة إعمار قطاع غزة وتوحيد المؤسسات التي عاشت وعانت من انقسام عمره 17 سنة، والتحضير لانتخابات. في المقابل، عبر عن الرفض التام لحكم القطاع من قبل أي جهة خارجية[64].

ومن جانب ثان، هناك السلطة الفلسطينية في رام الله، التي ترغب في العودة إلى القطاع والسيطرة الكاملة عليه. لكنها لا تزال عاجزة ومرفوضة من إسرائيل. وهي أيضًا ترفض أي تعاون مع حماس. وربما تسعى السلطة إلى السيطرة على معبر رفح حتى تتحكم بحركة النقل والانتقال ويكون بوابتها إلى الداخل، والعمل من خلال البلديات[65].

في هذا السياق، أكد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، أن السلطة الفلسطينية هي الجهة الشرعية الوحيدة التي يجب أن تدير قطاع غزة بعد انتهاء الحرب. وقال مصطفى، في كلمة له خلال مشاركته في مؤتمر دولي بالنرويج، “بينما ننتظر وقف إطلاق النار، من المهم التأكيد على أنه لن يكون مقبولًا لأي كيان آخر أن يحكم قطاع غزة غير القيادة الفلسطينية الشرعية وحكومة دولة فلسطين”. وشدد مصطفى على ضرورة ألا تكون هناك محاولة لفصل غزة عن الضفة الغربية المحتلة كجزء من دولة فلسطينية مستقبلية. وكان تقرير لهيئة البث الإسرائيلية قد أورد أن السلطة الفلسطينية رفضت تشكيل لجنة مشتركة مع حركة حماس لإدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، و”أصرت على إدارته بمفردها”، رغم الاتفاق الذي توسطت فيه مصر للتوصل إلى اتفاق بين السلطة الفلسطينية وحماس بشأن الإدارة المدنية لقطاع غزة[66].

ومن جانب ثالث، هناك إسرائيل، التي ترفض أي دور لحماس في حكم القطاع بعد انتهاء الحرب، لكنها عارضت بنفس القدر تقريبًا حكم السلطة الفلسطينية. وهو ما عبر عنه نتنياهو، بتكراره في مناسبات عديدة، عبارة لا فتحستان ولا حماستان، قاصدًا بذلك أن التنظيمين إرهابيين ولن يسمح لهما بإدارة القطاع. فيما جرت مناقشات بين إسرائيل والإمارات والولايات المتحدة لتشكيل إدارة مؤقتة تدير غزة إلى أن يتسنى للسلطة الفلسطينية بعد إصلاحها تولي المسئولية. كما تحدثت العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية عن قوة دولية ذات تفاصيل غامضة يمكن أن تشارك فيها المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة وحتى الاتحاد الأوروبي[67]. وحاولت إسرائيل ولا تزال تحاول إحياء “روابط القرى” وميليشيات العشائر والعائلات كي تكون شرطيًا لها. فإسرائيل تريد سلطة بغزة تضمن لها حق التدخل برًا وبحرًا وجوًا في كل الشؤون الغزية، وتفتح باب المساعدات متي تشاء إسرائيل، وتمنع وصول الممنوعات، وتتيح لها اصطياد المقاومة واغتيالهم في اللحظة المناسبة وتجريد القطاع من السلاح[68].

وفي هذا السياق، علّق مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، على تقرير ذكر أن السلطة الفلسطينية “هي الجهة التي تدير معبر رفح”. وقال مكتب نتانياهو في بيان، إن “التقرير غير صحيح، رغم محاولات السلطة الفلسطينية خلق انطباع خاطئ بأنها تسيطر على المعبر”. وتابع: “بموجب الاتفاق، فإن قوات الجيش الإسرائيلي منتشرة حول المعبر، ولا يمكن لأحد المرور عبره دون مراقبة وإشراف وموافقة مسبقة من الجيش وجهاز الأمن العام – الشاباك”. وأضاف البيان أن “الإدارة الفنية داخل المعبر تتم من قبل أشخاص من غزة ليسوا من حماس، يخضعون لفحص جهاز الأمن العام – الشاباك، والذين كانوا يديرون الخدمات المدنية في القطاع، مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي، منذ بداية الحرب. ويتم الإشراف على عملهم من قبل القوة الدولية EUBAM”. وأشار مكتب نتانياهو إلى أن “التدخل العملي الوحيد للسلطة الفلسطينية هو ختم السلطة على جوازات السفر، والذي يعتبر، وفقاً للترتيب الدولي القائم، الختم الوحيد الذي يسمح للغزيين بمغادرة القطاع للدخول أو الاستيعاب في بلدان أخرى”. وأشار البيان إلى أن “هذا الترتيب صحيح بالنسبة للمرحلة (أ) من التسوية، وسيتم فحصه لاحقاً”[69].

ومن جانب رابع، هناك الولايات المتحدة الأمريكية، التي شدد وزير خارجيتها أنتوني بلينكن على ضرورة “ضمان عدم قدرة حماس على حكم قطاع غزة، وأن تتولى السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها حكم القطاع، ولكن مع أدوار مؤقتة للأمم المتحدة وأطراف دولية”[70]. من جهته، قال مايك وولتس، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، في مقابلة أجرتها معه شبكة التلفزة الأميركية “سي بي إس”: “إن حماس لن تحكم غزة مطلقًا. هذا غير مقبول تمامًا”[71].

ومن جانب خامس، هناك مصر، التيتتمسك بأن تدير السلطة الفلسطينية القطاع، ولا تريد أي مشاركة لأي قوة أجنبية[72]، وتسعي مصر وقطر إلي الوصول إلى اتفاق بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس وباقي الفصائل الموجودة في غزة لتيسير مسألة إعادة الإعمار ودخول المساعدات الإنسانية وفك الحصار وما إلى ذلك[73].

ختامًا؛ مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، يمكن صياغة بعض السيناريوهات المحتملة لمستقبل قطاع غزة بعد اتفاق وقف إطلاق النار، كما يلي:

السيناريو الأول: الاستقرار الجزئي وإعادة الإعمار: في هذا السيناريو، يتوقع تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بجدية من قبل الطرفين وبدعم دولي وإقليمي قوي، وتخصص الدول المانحة ميزانيات كبيرة؛ من أجل إعادة إعمار القطاع، مع ضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل منتظم، إلا أن هذا السيناريو  بات ضعيفًا في تنفيذه بشكل كامل؛ بسبب عدم جدية إسرائيل في الالتزام بالاتفاقيات، كما هو الحال مؤخرًا في لبنان، فرغم توقيع الاتفاق بين الطرفين، إلا أن الغارات الجوية وعمليات القوات الخاصة مستمرة بشكل تتابعي وتراكمي إلى الآن، فضلًا عن القصف الإسرائيلي  العنيف على القطاع بعد ساعات من إعلان الاتفاق، والذي يعكس انعدام الجدية تجاه أي تفاهم أو تهدئة وغياب النوايا الحقيقية لتل أبيب لإتمام الاتفاق.

السيناريو الثاني: الفصل بين السلطة السياسية المدنية والسيطرة العسكرية الإسرائيلية: قد تسعى إسرائيل في هذا السيناريو لفرض هيمنة عسكرية وأمنية شاملة على قطاع غزة، مستندة إلى مبرر ضمان الأمن والاستقرار؛ ما يؤدي إلى إضعاف الفصائل الفلسطينية ومنع حركة حماس من الانخراط في أي نشاط سياسي أو عسكري، مع السماح للسلطة الفلسطينية بممارسة دور إداري محدود، بالإضافة إلى ذلك، يمكن لإسرائيل استغلال دعم الدول المانحة كشرط للموافقة على تلك الترتيبات الأمنية لتعزيز سيطرتها على القطاع. هذا السيناريو قابل للتحقق بنسبة كبيرة، وفي حال وقوعه، قد يفاقم من الاحتقان الشعبي داخل غزة، ويعزز من احتمالية اندلاع انتفاضة جديدة أو عودة الفصائل للعمل السري.

السيناريو الثالث: فشل الاتفاق وتدخل أطراف خارجية: إذا ما حدث إخفاق في تطبيق الاتفاق وانهيار وقف إطلاق النار؛ فإن القطاع سيدخل مرحلة الفوضى الأمنية والسياسية، وفي هذه الحالة، قد تتدخل قوى إقليمية ودولية بصورة أوسع؛ للسيطرة على الأوضاع داخل القطاع؛ حيث يحتمل فرض إدارة دولية أو إقليمية مؤقتة؛ لضمان إعادة الإعمار وتحقيق الأمان والاستقرار، وقد تتزايد تدخلات الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى دور متزايد للدول العربية كقطر ومصر أيضًا، وعلى المستوى العسكري، قد يتم نشر قوات حفظ سلام أو مراقبين دوليين للمساعدة على استقرار الأوضاع الأمنية، إلا أن هذا السيناريو في حال حدوثه، ربما يواجه برفض شعبي واسع، باعتباره تهديدًا مباشرًا للسيادة الفلسطينية.

السيناريو الرابع: الوحدة الفلسطينية وإعادة الهيكلة: قد تدرك الأطراف الفلسطينية، أهمية تحقيق اتفاق ملموس، وقد تسعى بجد للوصول إلى وحدة وطنية؛ بما يقود نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية، تتولى إدارة شؤون القطاع، ضمن إطار سياسي شامل، يربط بين غزة والضفة الغربية تحت قيادة موحدة، بالإضافة الى  تلقي القطاع دعمًا دوليًا وإقليميًا كبيرًا، خاصة من الدول العربية؛ بهدف إعادة الإعمار وتحسين الوضع الاقتصادي هناك، وسيتم تقليص دور الفصائل المسلحة بشكل تدريجي؛ عن طريق دمجها في مؤسسات أمن وطني موحدة؛ ما يساهم في تخفيف التوترات الأمنية بين الفرقاء المعنيين. ورغم ضعف احتمالية تحقيق هذا السيناريو، إلا أنه يظل ممكنًا؛ متى توافرت إرادة سياسية قوية لدى جميع الأطراف، مع وجود ضمانات دولية لدعم تطبيق الاتفاقات المبرمة[74].


[1]  “الإعلان رسميا عن اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة”، الرسالة نت، 15/1/2025، الرابط: https://alresalah.ps/post/299949/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%86-%D8%B1%D8%B3%D9%85%D9%8A%D8%A7-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A5%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B1-%D8%A8%D9%82%D8%B7%D8%A7%D8%B9-%D8%BA%D8%B2%D8%A9

[2]  “اتفاق وقف إطلاق النار في غزة: فرضته المقاومة الفلسطينية وتخشى تداعياته إسرائيل”، مركز الجزيرة للدراسات، 20/1/2025، الرابط: https://studies.aljazeera.net/ar/article/6131

[3]  “اتفاق وقف إطلاق النار في غزة… والأسئلة المفتوحة”، العربي الجديد، 17/1/2025، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/politics/%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A5%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A6%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%81%D8%AA%D9%88%D8%AD%D8%A9

[4]  “مفاوضات حماس وإسرائيل: المسار والمحددات والمآلات”، مركز الجزيرة للدراسات، 18/7/2024، الرابط: https://studies.aljazeera.net/ar/article/5973

[5]  “محطات تفاوض بارزة سبقت اتفاق وقف إطلاق النار بغزة”، موسوعة الجزيرة، 15/1/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/encyclopedia/2025/1/15/%D9%85%D8%AD%D8%B7%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%88%D8%B6-%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D8%B2%D8%A9-%D8%B3%D8%A8%D9%82%D8%AA-%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A5%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82

[6]  “قراءة في جولات التفاوض الراهنة ومساراتها”، العربي الجديد، 28/7/2024، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/politics/%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%AC%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%88%D8%B6-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%86%D8%A9-%D9%88%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%87%D8%A7

[7] “محطات تفاوض بارزة سبقت اتفاق وقف إطلاق النار بغزة”، مرجع سابق.

[8]  “”المجلة” تنشر “خطة بايدن” لقطاع غزة… تبادل وهدنة وانسحاب وإعمار”، مجلة المجلة، 7/6/2024، الرابط: https://www.majalla.com/node/318656/%D9%88%D8%AB%D8%A7%D8%A6%D9%82-%D9%88%D9%85%D8%B0%D9%83%D8%B1%D8%A7%D8%AA/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%A9-%D8%AA%D9%86%D8%B4%D8%B1-%D8%AE%D8%B7%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D9%8A%D8%AF%D9%86-%D9%84%D9%82%D8%B7%D8%A7%D8%B9-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D8%AA%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D9%84-%D9%88%D9%87%D8%AF%D9%86%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%B3%D8%AD%D8%A7%D8%A8-%D9%88%D8%A5%D8%B9%D9%85%D8%A7%D8%B1

[9]  “قراءة في جولات التفاوض الراهنة ومساراتها”، مرجع سابق.

[10]  “محطات تفاوض بارزة سبقت اتفاق وقف إطلاق النار بغزة”، مرجع سابق.

[11]  “قراءة في جولات التفاوض الراهنة ومساراتها”، مرجع سابق.

[12]  “محطات تفاوض بارزة سبقت اتفاق وقف إطلاق النار بغزة”، مرجع سابق.

[13]  “قراءة في جولات التفاوض الراهنة ومساراتها”، مرجع سابق.

[14]  “محطات تفاوض بارزة سبقت اتفاق وقف إطلاق النار بغزة”، مرجع سابق.

[15]  ” مناورات وأزمة خرائط.. تفاصيل مثيرة عن مفاوضات اتفاق التبادل بغزة”، الجزيرة نت، 16/1/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2025/1/16/%d9%85%d9%86%d8%a7%d9%88%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d9%88%d8%a3%d8%b2%d9%85%d8%a9-%d8%ae%d8%b1%d8%a7%d8%a6%d8%b7-%d8%aa%d9%81%d8%a7%d8%b5%d9%8a%d9%84-%d9%85%d8%ab%d9%8a%d8%b1%d8%a9-%d8%b9%d9%86

[16]  ” “حماس” حاولت منع “إسرائيل” من “الفيتو” حول إطلاق سراح أسرى فلسطينيين بارزين”، عربي21، 16/1/2025، الرابط: https://arabi21.com/story/1654788/%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%B3-%D8%AD%D8%A7%D9%88%D9%84%D8%AA-%D9%85%D9%86%D8%B9-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%8A%D8%AA%D9%88-%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A5%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82-%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%AD-%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D9%89-%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D8%B2%D9%8A%D9%86

[17]  ” مناورات وأزمة خرائط.. تفاصيل مثيرة عن مفاوضات اتفاق التبادل بغزة”، مرجع سابق.

[18] “اتفاق غزة: الالتزامات والتداعيات”، مركز الجزيرة للدراسات، 16/1/2025، الرابط: https://studies.aljazeera.net/ar/article/6123

[19] “بنود اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة يناير 2025″، موسوعة الجزيرة، 16/1/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/encyclopedia/2025/1/16/%d8%a8%d9%86%d9%88%d8%af-%d8%a7%d8%aa%d9%81%d8%a7%d9%82-%d9%88%d9%82%d9%81-%d8%a5%d8%b7%d9%84%d8%a7%d9%82-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%a7%d8%b1-%d9%81%d9%8a-%d9%82%d8%b7%d8%a7%d8%b9-%d8%ba%d8%b2%d8%a9

[20]  ” لماذا تصر إسرائيل على إبعاد معتقلين فلسطينيين خارج الضفة؟”، الجزيرة نت، 19/1/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2025/1/19/%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%AA%D8%B5%D8%B1-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A5%D8%A8%D8%B9%D8%A7%D8%AF-%D9%85%D8%B9%D8%AA%D9%82%D9%84%D9%8A%D9%86

[21]  “حماس: 189 أسيرًا فلسطينيًا تقرر إبعادهم إلى الخارج بموجب الاتفاق”، مصراوي، 18/1/2025، الرابط: https://www.masrawy.com/news/news_publicaffairs/details/2025/1/18/2711458/%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%B3-189-%D8%A3%D8%B3%D9%8A%D8%B1-%D8%A7-%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A-%D8%A7-%D8%AA%D9%82%D8%B1%D8%B1-%D8%A5%D8%A8%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D9%87%D9%85-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC-%D8%A8%D9%85%D9%88%D8%AC%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82

[22] “مفاوضات حماس وإسرائيل: المسار والمحددات والمآلات”، مرجع سابق.

[23]  “اتفاق وقف إطلاق النار في غزة: فرضته المقاومة الفلسطينية وتخشى تداعياته إسرائيل”، مرجع سابق.

[24]  المرجع السابق.

[25]  “ترامب يهدد مجددا بـ”اندلاع الجحيم في الشرق الأوسط” إذا لم يتم الإفراج عن الرهائن بحلول موعد تنصيبه”، CNN عربية، 7/1/2025، الرابط: https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2025/01/08/trump-says-all-hell-will-break-out-in-middle-east-if-hostages-arent-released-by-inauguration

[26]  “رسالة أميركية لنتنياهو.. “ترامب جاد في التوصل لاتفاق فلا تفسده””، العربية نت، 16/1/2025، الرابط: https://www.alarabiya.net/arab-and-world/american-elections-2016/2025/01/16/%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D8%AC%D8%A7%D8%AF-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%B5%D9%84-%D9%84%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D9%81%D9%84%D8%A7-%D8%AA%D9%81%D8%B3%D8%AF%D9%87-

[27]  ” ترامب ينشر فيديو بدون تعليق.. “نتنياهو أدخلنا بحروب لا نهاية لها””، العربية نت، 9/1/2025، الرابط: https://www.alarabiya.net/arab-and-world/american-elections-2016/2025/01/09/%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88  

[28]  “اتفاق غزة: خمسة أسباب لرضوخ نتنياهو”، مجلة المجلة، 17/1/2025، الرابط: https://www.majalla.com/node/323922/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D8%AE%D9%85%D8%B3%D8%A9-%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D9%84%D8%B1%D8%B6%D9%88%D8%AE-%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88

[29] “اتفاق غزة: الالتزامات والتداعيات”، مرجع سابق.

[30] “اتفاق غزة: خمسة أسباب لرضوخ نتنياهو”، مرجع سابق.

[31]  “تعهدات بايدن وترامب لإسرائيل بشأن وقف إطلاق النار”، مختارات من الصحف العبرية، 21/1/2025، الرابط: https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/36158

[32]  ” ترامب ألغى عقوبات فرضتها إدارة بايدن على مستوطنين يهود”، مختارات من الصحف العبرية، 21/1/2025، الرابط: https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/36160

[33]  “اتفاق مُنتظَر: العوامل المفسِّرة لنجاح جهود الوساطة في إقرار هُدنة غزة”، إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية، 16/1/2025، الرابط: https://www.interregional.com/article/%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D9%85%D9%8F%D9%86%D8%AA%D8%B8%D9%8E%D8%B1:/2955/Ar

[34] “اتفاق غزة: خمسة أسباب لرضوخ نتنياهو”، مرجع سابق.

[35]  “اتفاق وقف إطلاق النار في غزة: فرضته المقاومة الفلسطينية وتخشى تداعياته إسرائيل”، مرجع سابق.

[36]  ” الدائرة تتسع.. شبح الإبادة بغزة يطارد جنود إسرائيل حول العالم”، الجزيرة نت، 10/1/2025، الرابط: https://www.ajnet.me/news/2025/1/10/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D8%A9-%D8%AA%D8%AA%D8%B3%D8%B9-%D8%B4%D8%A8%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%A8%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D8%B1%D8%AF

[37]  “اتفاق غزة: خمسة أسباب لرضوخ نتنياهو”، مرجع سابق.

[38]  “اتفاق وقف إطلاق النار في غزة: فرضته المقاومة الفلسطينية وتخشى تداعياته إسرائيل”، مرجع سابق.

[39] “اتفاق وقف إطلاق النار في غزة… والأسئلة المفتوحة”، مرجع سابق.

[40] “اتفاق غزة: خمسة أسباب لرضوخ نتنياهو”، مرجع سابق.

[41]  “اتفاق مُنتظَر: العوامل المفسِّرة لنجاح جهود الوساطة في إقرار هُدنة غزة”، مرجع سابق.

[42]  “مفاوضات حماس وإسرائيل: المسار والمحددات والمآلات”، مرجع سابق.

[43]  “اتفاق مُنتظَر: العوامل المفسِّرة لنجاح جهود الوساطة في إقرار هُدنة غزة”، مرجع سابق.

[44]  “تعقيدات اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة”، ستراتيجيكس، 20/1/2025، الرابط: https://strategiecs.com/ar/analyses/%D8%AA%D8%B9%D9%82%D9%8A%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A5%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D9%82%D8%B7%D8%A7%D8%B9-%D8%BA%D8%B2%D8%A9

[45]  “اتفاق مُنتظَر: العوامل المفسِّرة لنجاح جهود الوساطة في إقرار هُدنة غزة”، مرجع سابق.

[46] “مفاوضات حماس وإسرائيل: المسار والمحددات والمآلات”، مرجع سابق.

[47]  “اتفاق وقف إطلاق النار في غزة: فرضته المقاومة الفلسطينية وتخشى تداعياته إسرائيل”، مرجع سابق.

[48] “التحديات الكبرى تبدأ الآن.. ماذا ينتظر غزة بعد الهدنة؟”، نون بوست، 17/1/2025، الرابط: https://www.noonpost.com/286411/

[49]  “سموتريتش: تلقيت التزاماً صريحاً من نتنياهو باستئناف الحرب”، العربية نت، 21/1/2025، الرابط: https://www.alarabiya.net/arab-and-world/2025/01/21/%D8%B3%D9%85%D9%88%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B4-%D8%AA%D9%84%D9%82%D9%8A%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B2%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%8B-%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%AD%D8%A7%D9%8B-%D9%85%D9%86-%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D8%A8%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%A6%D9%86%D8%A7%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8

[50]  “اتفاق وقف إطلاق النار في غزة: فرضته المقاومة الفلسطينية وتخشى تداعياته إسرائيل”، مرجع سابق.

[51]  ” محلل عسكري إسرائيلي: ترامب لن يسمح بعودة القتال في قطاع غزة”، عربي21، 22/1/2025، الرابط: https://arabi21.com/story/1656169/%D9%85%D8%AD%D9%84%D9%84-%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%84%D9%86-%D9%8A%D8%B3%D9%85%D8%AD-%D8%A8%D8%B9%D9%88%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AA%D8%A7%D9%84-%D9%81%D9%8A-%D9%82%D8%B7%D8%A7%D8%B9-%D8%BA%D8%B2%D8%A9

[52]  “اتفاق وقف إطلاق النار في غزة: فرضته المقاومة الفلسطينية وتخشى تداعياته إسرائيل”، مرجع سابق.

[53]  وليد عبدالحي، الصفحة الرسمية علي الفيسبوك، الرابط: https://www.facebook.com/walid.abdulhay/posts/pfbid0gvW5rkpthWC2xYt9GjnnitSuJLtUDnyFHDxm7WgYwRdALFMU4rKjwhmc4X3b1Nbl

[54]  ” 4 شخصيات فلسطينية “ثقيلة” تُطالب حماس بالإفراج عنها، من هي؟”، BBC عربي، 19/1/2025، الرابط: https://www.bbc.com/arabic/articles/c9831dy937ko

[55] “التحديات الكبرى تبدأ الآن.. ماذا ينتظر غزة بعد الهدنة؟”، مرجع سابق.

[56]  وليد عبدالحي، مرجع سابق.

[57]  “التحدي الهائل لإعادة إعمار قطاع غزة.. حقائق وأرقام”، الجزيرة نت، 20/1/2025، الرابط: https://www.ajnet.me/news/2025/1/20/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D9%84%D8%A5%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%A5%D8%B9%D9%85%D8%A7%D8%B1-%D9%82%D8%B7%D8%A7%D8%B9-%D8%BA%D8%B2%D8%A9 

[58]  وليد عبدالحي، مرجع سابق.

[59]  “غزّة: التّرحيل “الصّامت”… مقابل وقف الإبادة”، أساس ميديا، 18/1/2025، الرابط: https://www.asasmedia.com/83567

[60]  ” “رويترز”: حماس متجذّرة بعمق في غزة.. كيف ظهر ذلك عقب وقف إطلاق النار؟”، الميادين نت (مترجم)، 22/1/2025، الرابط: https://www.almayadeen.net/news/politics/-%D8%B1%D9%88%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D8%B2—%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%B3-%D9%85%D8%AA%D8%AC%D8%B0%D8%B1%D8%A9-%D8%A8%D8%B9%D9%85%D9%82-%D9%81%D9%8A-%D8%BA%D8%B2%D8%A9—%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%B8%D9%87%D8%B1-%D8%B0%D9%84%D9%83-%D8%B9%D9%82%D8%A8-%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A5%D8%B7%D9%84%D8%A7

[61]  “غزّة: التّرحيل “الصّامت”… مقابل وقف الإبادة”، مرجع سابق.

[62]  “حماس تعلن استعدادها للتنحي عن إدارة غزة: كيف ستُرسم معادلة الحكم القادمة؟”، نون بوست، 21/1/2025، الرابط: https://www.noonpost.com/287694/

[63]  ” مستقبل حماس بعد الحرب.. هذا ما لا يمكن تجاهله”، الجزيرة نت، 20/1/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/opinions/2025/1/20/%d9%85%d8%b3%d8%aa%d9%82%d8%a8%d9%84-%d8%ad%d9%85%d8%a7%d8%b3-%d8%a8%d8%b9%d8%af-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d8%a8-%d9%87%d8%b0%d8%a7-%d9%85%d8%a7-%d9%84%d8%a7-%d9%8a%d9%85%d9%83%d9%86

[64]  “من سيحكم قطاع غزة بعد الحرب؟… السؤال الأكبر في مرحلة وقف إطلاق النار”، فرانس24، 17/1/2025، الرابط: https://www.france24.com/ar/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B3%D8%B7/20250117-%D9%85%D9%86-%D8%B3%D9%8A%D8%AD%D9%83%D9%85-%D9%82%D8%B7%D8%A7%D8%B9-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A4%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%83%D8%A8%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9-%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A5%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B1

[65]  “غزّة: التّرحيل “الصّامت”… مقابل وقف الإبادة”، مرجع سابق.

[66]  “من سيحكم قطاع غزة بعد الحرب؟… السؤال الأكبر في مرحلة وقف إطلاق النار”، مرجع سابق.

[67]  المرجع السابق.

[68]  “غزّة: التّرحيل “الصّامت”… مقابل وقف الإبادة”، مرجع سابق.

[69]  ” هل تدير السلطة الفلسطينية معبر رفح؟.. نتانياهو يجيب”، الحرة، 22/1/2025، الرابط: https://www.alhurra.com/palestine/2025/01/22/%D8%AA%D8%AF%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%84%D8%B7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%B9%D8%A8%D8%B1-%D8%B1%D9%81%D8%AD%D8%9F-%D9%86%D8%AA%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A8

[70]  “من سيحكم قطاع غزة بعد الحرب؟… السؤال الأكبر في مرحلة وقف إطلاق النار”، مرجع سابق.

[71]  “بايدن يرحب بوقف إطلاق النار في قطاع غزة ومستشار ترامب يؤكد أن “حماس” لن تحكم القطاع مطلقاً”، مختارات من الصحف العبرية، 20/1/2025، الرابط: https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/36151

[72]  “غزّة: التّرحيل “الصّامت”… مقابل وقف الإبادة”، مرجع سابق.

[73]  “من سيحكم قطاع غزة بعد الحرب؟… السؤال الأكبر في مرحلة وقف إطلاق النار”، مرجع سابق.

[74] “هل يصبح اتفاق وقْف إطلاق النار في غزة بدايةً لمرحلة جديدة؟”، مركز شاف لتحليل الأزمات والدراسات المستقبلية، 17/1/2025، الرابط: https://shafcenter.org/%d9%87%d9%84-%d9%8a%d8%b5%d8%a8%d8%ad-%d8%a7%d8%aa%d9%81%d8%a7%d9%82-%d9%88%d9%82%d9%81-%d8%a5%d8%b7%d9%84%d8%a7%d9%82-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%a7%d8%b1-%d9%81%d9%8a-%d8%ba%d8%b2%d8%a9-%d8%a8%d8%af/

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022