اتفاق وقف إطلاق النار في غزة: حسابات الهزيمة والنصر

ما إن دخل وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ في 19 يناير 2025، حتي اندلعت حرب أخرى، لا تقل عنفًا لفظيًا عن الحرب التي وضعت أوزارها للتو، على وسائط التواصل الاجتماعي وعلى شاشات بعض القنوات العربية، بين من يعتبرون ما جرى ويجري انتصارًا للمقاومة وللشعب الفلسطيني (وأغلبهم من أنصار المقاومة والداعمين لتيار الإسلام السياسي)، ومن ينظرون إليه باعتباره ثاني نكبة تحل بهذا الشعب بعد احتلال أرضه التاريخية عام 1948 (وأغلبهم من معارضي المقاومة وينتمون لمحور التطبيع). ولن ينتهي هذا النقاش، رغم أن وقته ما زال مبكرًا، لأن ما توقف هو المجازر التي كانت ترتكبها إسرائيل، أما الحرب التي بدأت منذ وجد الكيان الصهيوني في المنطقة فما زالت مستمرة، والعدوان الحالي على أهالي غزة هو أحدث فصولها، وليس مستبعدًا أن يُستأنف بعد وقف إطلاق النار المؤقت الذي ينتهي بعد ستة أسابيع، وربما قبل ذلك في حال خرق إسرائيل الاتفاق، كما دأبت دائمًا، بما أنه لا عهد لساستها1. مع ذلك، فالمتاح من المكاسب والخسائر للطرفين (المقاومة والاحتلال) يمكن إجماله في سطور قصيرة، ريثما تضع الحرب أوزارها.

أولًا: حسابات الهزيمة في اتفاق وقف إطلاق النار في غزة:

عند النظر إلى الوضع في غزة من زاوية معينة، ربما يرى البعض أن القطاع لم يحقق النصر في حرب الإبادة الجماعية، ويكمن السبب في المعايير التقليدية التي يقاس بها النصر، كالحسم العسكري، أو استعادة الأرض، أو التأثير المباشر في تغييرات كبيرة في معادلة الصراع. ومن هذه الزاوية، يبدو أن غزة لم تحقق تلك الأهداف، إنما العكس هو الصحيح2، وهو ما يمكن توضيحه فيما يلي:

1- الخسائر البشرية والمادية: التي تعد الأعلى في التاريخ الفلسطيني، حيث قتلت إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 (عملية طوفان الأقصى) ما لا يقل عن 46 ألفًا و707 فلسطينيين، وأصابت 110 آلاف و265 آخرين، أي ما معدله 100 شهيد فلسطيني يوميًا على مدار أيام الحرب الـ467 الماضية. ويقدر عدد سكان قطاع غزة بحوالي 2.3 مليون نسمة، نصفهم من الأطفال. مما يعني أن عدد هؤلاء السكان انخفض بنسبة 6% منذ بدء الحرب. كما أن هنالك 11 ألفًا و160 فلسطينيًا ما زالوا في عداد المفقودين، وغادر 100 ألف فلسطيني غزة. كما نزح حوالي 9 من كل 10 من سكان غزة (أي 90%)، واضطر الكثير منهم إلى النزوح عدة مرات منذ بدء الحرب مما جعلها أعلى موجة نزوح تسجل ضمن الصراعات الحديثة3. بالإضافة إلى حوالي 11 ألف أسير فلسطيني من قطاع غزة والضفة الغربية والداخل المحتل (عرب 48)، احتجزتهم إسرائيل بعد السابع من أكتوبر عام 2023، وهو ضعف عدد الأسري لدي إسرائيل قبل السابع من أكتوبر والمقدر بـ 5200 أسير فلسطيني4.

وعلي الجانب العسكري، فقد أعلن قائد أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، في كلمة متلفزة، أن “الجناح المسلح لحماس تضرر بشكل كبير” مضيفًا “أن إسرائيل قتلت كبار قادة الحركة ونحو 20 ألف عنصر من حماس”5.

وبالنسبة للخسائر المادية، فقد تم تدمير ما لا يقل عن 60% من مباني قطاع غزة، وتركزت غالبية الأضرار بالشمال، حيث كان حوالي 70% من مباني شمال القطاع قد دمرت، وكانت مدينة غزة هي الأكثر تضررًا، حيث دمر 74% من مبانيها. وقد تم مسح أحياء بكاملها من الخريطة بما تضمه من مستشفيات وبنية تعليمية، ناهيك عن انهيار البنية التحتية الحيوية مثل أنظمة الصرف الصحي وخدمات الكهرباء. ويقدر بعض الخبراء أن الأمر سيستغرق عقدًا من الزمن على الأقل لإزالة 42 مليون طن من الأنقاض في غزة. ويفيد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن نصف مستشفيات غزة البالغ عددها 36 مستشفى باتت تعمل بشكل جزئي اعتبارًا من 14 يناير. كما تعرضت 88% من المدارس للضرر أو التدمير (496 من أصل 564)، ودُمرت جميع المباني الجامعية في غزة، وتعرضت 92% ((436 ألفًا) من المنازل للضرر أو التدمير، بالإضافة إلى 80% من المرافق التجارية. وتم تدمير 68% من الأراضي الزراعية، فضلًا عن 68% من إجمالي شبكة الطرق في القطاع6.

ومن المتوقع أن يكون الابتزاز للمقاومة هو محور موضوع إعادة الاعمار، وستكون الاستراتيجية الإسرائيلية والأمريكية وبعض الدول الغربية والعربية هو نزع التنازلات من المقاومة التي لم تتمكن معركة السلاح من انتزاعها، وهذه التنازلات ستدور حول ربط كل مبلغ مالي بشروط قاسية مثل:

أ‌- افراغ أي دور تنظيمي أو إداري أو سياسي للمقاومة في إدارة القطاع أو إدارة موارد الإعمار، وقد تسعى الأطراف التي ستقدم المساعدات إلى إيجاد سلطة “لا لون لها ولا وزن” أو العمل على تسهيل تسلل السلطة التنسيق الأمني (السلطة الفلسطينية) إلى دوائر القرار في القطاع ، أو البحث في إدارة مؤقتة ترعاها دول عربية وبمشاركة دولية.

ب‌- قد تعمل إسرائيل على دفع المتبرعين إلى تشكيل لجنة عربية دولية للإشراف على عمليات الإعمار ودخول المواد وتحت رقابة صارمة للمواد التي سيسمح بإدخالها، مع استبعاد أي مواد – بخاصة في المراحل الأولى – التي يمكن أن تستشعر إسرائيل بأنها مواد مزدوجة الاستخدام (أي يمكن أن تستخدم في الأغراض المدنية والعسكرية).

ج‌- قد يتم ربط المساعدات بهيئات لا صلة لها بالأمم المتحدة وبخاصة وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين، وربما يشترط ترامب حل الوكالة لا سيما أنه كان أول رئيس أمريكي يوقف المساعدات الامريكية للوكالة.

د‌- قد يتم مطالبة المقاومة بالإعلان الصريح عن الاعتراف بإسرائيل (وهو ما قد يفتح شقاقًا بين التنظيمات الرئيسية في المقاومة)، أو نزع الأسلحة واشتراط اقتصار حمل السلاح على شرطة التنسيق الأمني التابعين للسلطة الفلسطينية7.

ه- قد تستخدم عملية إعادة الإعمار وسيلة خلفية لإسرائيل من أجل الضغط علي سكان قطاع غزة لخروجهم تدريجيًا من القطاع من خلال جعل الحياة مستحيلة في غزة. وقد تترافق الهدنة ومنع إعادة الإعمار والتقنين في المساعدات، مع فتح المعابر أمام الغزيين للهجرة الطوعية. وهو ما يسمح بخروج عشرات الآلاف من الذين ضاقت بهم سبل العيش. وقد تسهل إسرائيل خروج الغزيين من خلال معابرها8.

2- التحديات الأمنية: حيث نجحت إسرائيل في فرض معادلة ردع ضد حركات المقاومة الفلسطينية في غزة، حيث ستعيد المقاومة التفكير كثيرًا قبل توجيه أي ضربات موجعة للاحتلال الإسرائيلي مستقبلًا لما قد يترتب عليه من ردة فعل إجرامية حد الإبادة الجماعية المتكاملة الأركان.كما نجحت إسرائيل – إلي حد كبير – في قطع سبل الدعم العسكري الذي كانت تتلقاه الحركة عبر التهريب من إيران عبر سوريا ولبنان (خاصة بعد الضربات الإسرائيلية إلي حزب الله وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا واحتلال إسرائيل لأجزاء في الجنوب السوري). كذلك، ستحاول إسرائيل وحلفاؤها ربط المساعدات الإنسانية للقطاع بوجود نظام حكم عميل في غزة أو قوات مراقبة ونحو ذلك9.

ناهيك بالطبع عن إمكانية عودة الحرب مرة أخري، حتى مع دخول الهدنة حيز التنفيذ وبدء عملية تبادل الأسرى بشروطها المعقدة، خاصة في ظل التصريحات العنترية المتواصلة من رئيس الوزراء المتطرف بنيامين نتنياهو، وتهديداته المتواصلة باستئناف الحرب مع أي خرق للهدنة، وبموافقة أمريكية من ترامب، المعروف بدعمه المطلق لإسرائيل. ومن المؤكد أن ترامب وفريق إدارته الجديد من عتاة الصهاينة الداعمين لإسرائيل من منطلقات دينية لن يمارسوا الضغوط على نتنياهو أو يفرضوا عليه عقوبات لو عاد وقتل عشرات الفلسطينيين أثناء الهدنة بزعم أنهم كانوا يمثلون تهديدًا أمنيًا لإسرائيل. كما لن يقيم ترامب وفريقه الدنيا ويقعدوها لو تأخر جيش الاحتلال في الانسحاب من غزة وفق الجدول الزمني المقرر، لأي دواع سيختلقها وأعضاء حكومته من المتطرفين10.

3- الهزائم السياسية: فقد كان هناك تخاذل عربي واضح في توفير الدعم الكافي لغزة، إذ لم تلب الدول العربية حاجات القطاع، سواء على المستوى السياسي أو الإنساني، بل إن بعض الدول العربية ساعدت بصورة غير مباشرة السياسات الإسرائيلية، عبر صمتها أو دعمها بعض المواقف الإقليمية التي تصب في مصلحة الاحتلال11 (مثل الإمارات ومصر والسعودية، والتي شجعت الجهود الإسرائيلية في القضاء علي حماس، وفقًا لما جاء في كتاب “الحرب” للصحفي الأمريكي الاستقصائي بوب وودورد12). بينما تلقت بعض الأطراف العربية المتعاطفة مع غزة تحذيرات صارمة من الولايات المتحدة وإسرائيل بضرورة الابتعاد تمامًا عن دعم حركة حماس، وهو ما ظهر علي سبيل المثال في الضغط الأمريكي علي قطر لإغلاق المكتب السياسي لحماس في الدوحة وطرد قياداتها. كما نجحت إسرائيل في فرض نفسها كقوة إقليمية، بعد إزاحة إيران، كقوة منافسة في الإقليم، والتمهيد لمرحلة تقود فيها المنطقة العربية تحت لافتة التطبيع معها، عبر الاتفاقيات الإبراهيمية التي يرعاها الرئيس الأمريكي المنتخب حديثًا دونالد ترامب13. أما التواطؤ الغربي، فقد تجلى في الدعم المادي والمعنوي الذي قدمته بعض الدول الكبرى إلى إسرائيل، وهو ما ساهم في استمرارية المعاناة الفلسطينية14.

وفي هذا السياق، يتم الحديث عن أن ترامب قد وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في مقابل موافقته علي وقف إطلاق النار في غزة، بالعديد من الهدايا تتعلق بما يأتي: أولًا، التطبيع مع السعودية وغيرها من الدول العربية والإسلامية ودمجها في المنطقة. ثانيًا، معالجة وضع إيران، وخاصة الملف النووي، سواء بالضغوط القصوى والحصار والتفاوض، أو من خلال توجيه ضربة عسكرية قوية لإيران إذا لم تنجح سياسة العصا والجزرة. ثالثًا، إعطاء ضوء أخضر للسياسات والإجراءات الإسرائيلية في الضفة الغربية. رابعًا، إزالة بعض القيود على توريد الأسلحة والذخيرة الأمريكية إلى إسرائيل15.

4- التجارب التاريخية: إذا نظرنا إلى تجارب الحركة الوطنية الفلسطينية منذ ولادة القضية الفلسطينية وحتى الآن سنجد أن النضالات والتضحيات والبطولات الفلسطينية على ضخامتها لم تحقق إنجازات تتناسب معها، بل كانت المكاسب أقل بكثير، كما أن المقاومة الفلسطينية استطاعت في مرات عدة وفي محطات تاريخية من تحقيق إنجازات في المعارك النضالية والعسكرية، غير أن القيادة السياسية أضاعت هذه الإنجازات إما بسبب انقسامها، أو جراء الاستعجال لقطف الثمار السياسية خشية من ضياع الفرصة، أو الامتناع عن الاستثمار بحجج واهية كتحقيق الأهداف مرة واحدة، أو نتيجة الخضوع لأطراف وتدخلات عربية وإقليمية ودولية، أو بسبب تغليب المصالح الفردية والفئوية على المصالح الوطنية.

يجب أن نتذكر أنه تم عقد “اتفاق أوسلو” عام 1993 بعد “الانتفاضة الأولى” عام 1987، ورغم بعض إنجازات الاتفاق وإيجابياته فإنه كان في المحصلة كارثة بكل معنى الكلمة، ويجب ألا ننسى أنه بعد “الانتفاضة الثانية” عام 2000 حصل الهبوط بالسقف السياسي الفلسطيني إلى أقل من أوسلو، إلى مستوى الالتزام من جانب واحد بالتزامات أوسلو، فضلًا عن وقوع الانقسام السياسي والجغرافي والمؤسسي بين الضفة وغزة. لذا، فهناك تخوف من الهبوط بالسقف السياسي وقبول صيغة سيئة مثل صفقة ترامب، يمكن أن تكون مطروحة بالصفقة الشاملة التي من المتوقع أن يطرحها، حيث يكون التطبيع ودمج إسرائيل في المنطقة مقابل مسار “جدي وموثوق” يؤدي إلى دولة من دون مقومات الدول ومقتطع منها 30% كما هو وارد في “صفقة القرن”16.

ثانيًا: حسابات النصر في اتفاق وقف إطلاق النار في غزة:

يقدم أنصار الرأي القائل بأن المقاومة الفلسطينية قد حققت نصرًا كبيرًا في هذه الحرب، في مقابل تكبد إسرائيل لخسائر فادحة، عدة أسباب ودلائل علي هذا الرأي، تتمثل أبرزها في:

1- فشل إسرائيل في تحقيق أهداف الحرب: في اليوم الأول لهذه الحرب، أي يوم الثامن من أكتوبر 2023، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أنه سيخوض حربًا شاملة، برًا وجوًا ضد غزة، وقال إن لهذه الحرب أهدافًا ثلاثة: أولها استعادة الأسرى الذين تم اختطافهم ونقلهم إلى غزة، وثانيها إسقاط حكم حركة حماس من غزة، وشل قدراتها وسحقها بشكل كامل، أما الهدف الثالث فهو تأمين مستوطنات غلاف غزة وإعادة سكانها الإسرائيليين إليها، بأمان ومن دون خوف17.

لكن بعد عام وثلاثة أشهر، لم ينجح الاحتلال الإسرائيلي إلا في حالات نادرة من استعادة أسرى أحياء ضمن عملياته العسكرية البرية (حوالي 7 أسري في ثلاث عمليات عسكرية)، فيما قالت حركة حماس إن القصف العنيف على القطاع تسبب بمقتل العشرات من الأسرى المحتجزين18.

تمثل الهدف الثاني والأساسي لنتنياهو في إنهاء حكم حماس في غزة، والقضاء على قدراتها العسكرية. لكن لم تنجح الخطط الإسرائيلية المتعلقة بتشكيل بدائل لإدارة قطاع غزة عبر العشائر أو جهات محلية بالقطاع. ووفقًا لتصريحات إسرائيلية وتقارير أجنبية، فإن الحركة تمكنت من إعادة تأهيل نفسها في المناطق التي انسحب منها جيش الاحتلال. فيما قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن تقديراتهم تشير إلى أن حماس تمكنت من تجنيد عدد من المسلحين الجدد يساوي تقريبًا من فقدتهم19. فيما قال مصدران في “الكونغرس” مطلعان على معلومات مخابرات أمريكية إن حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) جندت ما بين 10 آلاف و15 ألفًا منذ بداية الحرب على غزة. وتشير معلومات المخابرات إلى استشهاد عدد مماثل من مقاتلي حماس منذ بداية الحرب20. ناهيك عن التشكيك في المزاعم الأمريكية والإسرائيلية حول عدد قتلي حماس، فأرقام منظمة “بيانات مواقع وأحداث النزاعات المسلحة”، والتي قدرت أن عدد القتلى 8500، علمًا بأن هذا الرقم يشمل كذلك مقاتلين من جماعات مسلحة أخرى وعناصر أخرى غير مسلحة من حماس21.

ومع بدء دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 19 يناير 2025، خرج مقاتلو الجناح العسكري لحركة حماس في موكب عسكري رهيب لتسليم الأسيرات الإسرائيليات إلى الصليب الأحمر، وهو ما ضرب السردية الإسرائيلية بالقضاء بشكل كبير علي مقاتلي حماس في مقتل. كذلك، فمن اللافت أنه رغم قتل مئات الآلاف من الفلسطينيين خرجوا في استقبال المقاتلين في الشوارع والاحتفال معهم بانتهاء الحرب، وهو مشهد لم يكن أحد لا في إسرائيل ولا خارجها يتوقعه، إذ عادة ما يخرج الناس منهكين من أي حرب وناقمين على من تسبب فيها، لكن هذا لم يحدث في غزة. وعليه، فإن إسرائيل قد فشلت إسرائيل في إسقاط حكم حركة حماس، أو حتى زعزعت وجودها وشعبيتها في الشارع، بل إن الظاهر أن حجم التأييد والدعم في غزة لهذه الحركة قد اتسع وزاد بفضل الصمود الأسطوري الذي لم يكن أحد يتوقعه22.

أما الهدف الثالث لنتنياهو، وهو تأمين مستوطنات الغلاف والمناطق المحيطة في غزة وشل المنظومة الصاروخية التي تملكها حماس، فهذا أيضًا يبدو أنه تبدد في الهواء، إذ كشفت وسائل الإعلام العبرية مؤخرًا نقلًا عن مصادر في الجيش الإسرائيلي وأجهزة الاستخبارات، أن حماس بدأت تعيد تشغيل مصانع إنتاج الصواريخ، وهي مصانع لم ينجح الإسرائيليون في الوصول إليها طيلة الـ471 يومًا للحرب، لكن الأكثر خطورة بالنسبة للإسرائيليين هو أنهم اكتشفوا بأن كمية كبيرة من الذخيرة التي ألقوا بها على رؤوس السكان في غزة لم تنفجر، وهذه الذخيرة وصلت إلى أيدي المقاتلين، الذين نجحوا في إعادة تدويرها واستخدامها، وهو ما يعني في نهاية المطاف أن حماس أصبحت تقاتل الإسرائيليين بسلاحهم أيضًا23.

ومع استمرار الحرب علي غزة، بدأت تتكشف بعض الأهداف الإسرائيلية من هذه الحرب؛ ففي تصريحات عدة، أكد نتنياهو تمسكه ببقاء الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا/صلاح الدين علي الحدود مع مصر، زاعمًا أن هذه المنطقة تشكل “أنبوب أكسجين” لحركة حماس تستخدمه لتهريب الأسلحة من مصر إلى القطاع. كما شدد نتنياهو في عدة تصريحات على رفضه انسحاب الجيش الإسرائيلي من ممر نتساريم الذي يقسم شمال القطاع عن جنوبه. ولكن وفقًا لاتفاق وقف إطلاق النار، فإن الجيش الإسرائيلي سيبدأ تدريجيًا الانسحاب من محور نتساريم وجزئيًا من فيلادلفيا خلال المرحلة الأولى، على أن يتم استكمال عملية الانسحاب من فيلادلفيا خلال المرحلة الثانية24.

وكانت إسرائيل ترفض رفضًا قاطعًا أي فكرة لعودة العمل في معبر رفح على الجانب الفلسطيني، وكانت تطالب بنقل المعبر من مكانه الحالي إلى مكان بالقرب من معبر كرم أبو سالم، وبالفعل دمرت في مايو 2024 الجانب الفلسطيني من المعبر، لكن هذا الاتفاق يضمن – بوضوح – عودة المعبر إلى العمل في بداية الأسبوع الثاني من الهدنة بعد إعادة تأهيله، حيث تعهدت إسرائيل بإعادة الانتشار خارج معبر رفح مع بدء تسلم الرهائن الإسرائيليين في 19 يناير 2025، وسوف يسمح هذا الأمر بإعادة عمل معبر رفح وفق الآليات التي كان عليها طوال الـ19 شهرًا التي امتدت من نوفمبر 2005 حتى سيطرة حماس على قطاع غزة عام 2007، وتستعد بعثة الاتحاد الأوروبي للعودة من جديد للعمل كفريق مراقبة على الجانب الفلسطيني من معبر رفح كما كان بعد توقيع اتفاقية المعابر. ومع بداية الأسبوع الثاني من الهدنة سوف يتدفق الجرحى والمصابون الفلسطينيون للخروج من غزة عبر معبر رفح، كما يمكن للعالقين خارج القطاع أن يعودوا مرة أخرى إلى غزة وفق آليات سيُتفق عليها بين إدارة المعابر والجمارك الفلسطينية وإسرائيل وبعثة الاتحاد الأوروبي25.

ويضمن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة عودة السكان الفلسطينيين إلى شمال قطاع غزة في محافظتي غزة وشمال غزة، وتحديدًا إلى بيت لاهيا، وبيت حانون، ومخيم جباليا، وجباليا البلد، ونزلة جباليا، ويضمن هذا الاتفاق الحرية الكاملة لعودة السكان إلى مختلف مناطق قطاع غزة، وهو ما يعني عمليًا فشل “خطة الجنرالات” التي عملت عليها إسرائيل في آخر 140 يومًا من الحرب، والتي كانت تهدف إلى طرد السكان بالكامل شمال وادي غزة (محور نتساريم)، وتحويل المنطقة بالكامل إلى “منطقة عازلة” لعدم تكرار ما جرى في 7 أكتوبر 2023. كما ظلت إسرائيل ترفض منذ مايو 2024 أي نوع من الدعم الإضافي لشمال القطاع لإنقاذ الأطفال والنساء هناك من الموت جوعًا. وفي خطة ممنهجة ومتعمدة، قصفت إسرائيل المنشآت المدنية، مثل المستشفيات، ومباني “الأونروا”، وخطوط المياه والكهرباء، لكن هذا الاتفاق يضمن تخصيص 50% من المساعدات لشمال قطاع غزة؛ أي تخصيص 300 شاحنة يوميًا لشمال القطاع وحده، بما فيها المواد الطبية التي يمكن أن تنقذ الأرواح26.

وكانت إسرائيل تحتفظ بمساحة عازلة قبل 7 أكتوبر 2023 بمسافة 500 متر داخل قطاع غزة، وبعد الحرب قالت إسرائيل إنها تريد أن تبني منطقة عازلة بعمق 2000 حتى لا يتكرر هجوم السابع من أكتوبر، وهدمت بالفعل – وفق كثير من صور الأقمار الصناعية – كل شىء على الحدود بعمق 2000 متر، لكن في اتفاق الهدنة سوف تكون المنطقة العازلة 700 متر فقط، وهو إنجاز حقيقي، يقول بوضوح إن الجيش الإسرائيلي سوف يكون على حدود قطاع غزة، وليس داخل القطاع، وهو ما يسمح للفلسطينيين بإعادة زراعة المناطق التي كانت تنوي إسرائيل قضمها ضمن “المناطق العازلة”، وكان هناك إصرار واضح من المفاوض الفلسطيني على ضرورة تقليص المناطقة العازلة؛ لأن الاستجابة للضغوط الإسرائيلية والأمريكية كانت تعني اقتطاع نحو 90 كم من إجمالي مساحة القطاع التي لا تزيد على 360 كم، فحدود إسرائيل مع القطاع من الشمال والشرق والجنوب تصل إلى نحو 60 كم27.

ويعلم الجميع أن هدف خطة إسرائيل من التدمير هو تحويل قطاع غزة إلى مكان غير قابل للحياة؛ ومن ثم تهجير السكان قسريًا؛ أي تهجير نحو 1.2 مليون نسمة من إجمالي مليوني فلسطيني إلى خارج قطاع غزة. وبعد 15 شهرًا من تدمير كل شىء، بداية من المباني إلى المستشفيات والمدارس، فشلت الخطة الإسرائيلية تمامًا، ومن غادروا غزة لا يتجاوز عددهم 100 ألف، غالبيتهم من الجرحى والمرضى ومرافقيهم، وهؤلاء يستعدون بالفعل للعودة مرة أخرى إلى القطاع، وبهذا فشلت إسرائيل في تحقيق أهم هدف من أهداف الحرب، وهو طرد السكان الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، ومن الضفة الغربية إلى نهر الأردن، وهو ما يعني عمليًا فشل إسرائيل في “تصفية القضية الفلسطينية”28.

وكان اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية يأمل في الحصول على حرية التصرف بالاستيطان في قطاع غزة، ولكن التوصل لوقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق السكنية في المرحلة الأولى وصولًا إلى انسحاب كامل من القطاع بدد أحلامهم29.

وقد شكلت بنود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة نقطة فارقة في تاريخ الصراع، إذ إن هذه البنود لم تكن فقط تحققًا لمطالب المقاومة الفلسطينية، بل أيضًا تمثل قبول الاحتلال الإسرائيلي بشروط تتعارض تمامًا مع أهدافه، فهي؛ عكست موافقة إسرائيل على وقف إطلاق النار بعد أن كانت قد تشددت في موقفها بشأن فصل الحرب عن التفاوض بشأن الأسرى. هذا فضلًا عن قبول الاحتلال بشروط المقاومة فيما يتعلق بعملية تبادل الأسرى؛ فإسرائيل التي أصرت في السابق على إبقاء العديد من الأسرى الفلسطينيين رهن الاعتقال، وافقت على إطلاق سراحهم، وبينهم قادة كبار من حركة حماس، وعلى رأسهم الأسرى الذين كان لهم دور كبير في عمليات المقاومة30.

2- الخسائر الإسرائيلية: التي تعد الأكبر في تاريخ إسرائيل في صراعها مع العرب والفلسطينيين، بما فيها الخسائر التي لحق بإسرائيل في حربها مع مصر في أكتوبر 1973. حيث كبدت المقاومة إسرائيل خسائر غير مسبوقة على الصعيدين البشري والمادي، ففي حين يشير الجيش الإسرائيلي إلي مقتل أكثر من 840 جنديًا إسرائيليًا في أثناء عمليات الاجتياح داخل قطاع غزة، فقد كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، في تقرير لها نشر في أغسطس 2024، أن ما لا يقل عن 10 آلاف جندي قتلوا أو جرحوا خلال أشهر القتال الطويلة في قطاع غزة، وفقًا لبيانات قسم إعادة التأهيل في وزارة الدفاع الإسرائيلية31. وتشير التقارير إلى أن 70% من هؤلاء الجنود يعانون من إعاقات دائمة، نتيجة إصابات خطيرة في أطرافهم. وكشفت هيئة البث الإسرائيلية عن أن 35% من الجنود الجرحى يعانون من اضطرابات نفسية، تشمل القلق والاكتئاب واضطراب ما بعد الصدمة. ناهيك عن تمكن المقاومة من أسر 251 إسرائيليًا، قُتل 36 منهم في القصف الإسرائيلي المكثف على قطاع غزة.

فيما كشفت لجنة فحص ميزانية الأمن والدفاع الإسرائيلية “ناجل” في حديث حول أرقام الحرب ونتائجها، أن تكلفة الحرب على قطاع غزة بلغت ما يقارب 250 مليار شيكل (67.57 مليار دولار) حتى نهاية عام 2024، وهو مبلغ يقتصر على التكاليف الأمنية المباشرة والنفقات المدنية وخسائر الإيرادات، ولا يشمل باقي الجوانب. فيما قالت وزارة المالية الإسرائيلية إن ميزانية الدولة سجلت عجزًا قدره 19.2 مليار شيكل (5.2 مليار دولار)، حتى ديسمبر 2024، وهو الأعلى منذ عام 2020 (عام وباء فيروس كورونا). مشيرة إلى أن نفقات الحرب كاملة (في غزة ولبنان) وصلت إلى 621 مليار شيكل (169.7 مليار دولار)، بزيادة 20% عن العام السابق. وهو ما قد يكون سببًا في رفع ميزانية وزارة الدفاع خلال العقود القادمة. كما تتكلف بلديات المستوطنات التبعات المادية لصواريخ حماس بشكل مستمر، حيث كلف إخلاء مستوطنات الشمال البالغ عددها 28 مستوطنة – حتى فبراير 2024 – حوالي 613 مليون دولار (بتكلفة توازي 163 ألف دولار يوميًا)، فيما خُصص نحو 1.7 مليار دولار لاستمرار عمليات إخلاء السكان وتوفير سكن بديل لهم32.

وعلى الصعيد القانوني تلقت إسرائيل في شهر نوفمبر 2024 صفعة قوية تمثلت في إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الأمن السابق يوآف غالانت، إثر إسناد تهمتين لهما تتعلقان بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية تشمل ارتكاب جريمة حرب متمثلة في التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية متمثلة في القتل والاضطهاد وغيرهما من الأعمال اللاإنسانية. وسبقت قرارات المحكمة الجنائية الدولية ثلاثة قرارات أصدرتها محكمة العدل الدولية استنادًا لقضايا رفعت ضد إسرائيل من جمهورية جنوب إفريقيا، وانضمت إليها لاحقًا عدة دول. ففي شهر يناير 2024 أصدرت المحكمة أمرًا باتخاذ تدابير فورية وفعالة لحماية الفلسطينيين في قطاع غزة المحتل من خطر الإبادة الجماعية، عبر ضمان تدفق المساعدات الإنسانية الكافية وتمكين الخدمات الأساسية. وفي شهر مايو من العام نفسه أصدرت المحكمة قرارًا يطالب إسرائيل “بالوقف الفوري لهجومها العسكري على رفح، وأي عمل آخر قد يفرض على المجموعة الفلسطينية في القطاع ظروفًا معيشية يمكن أن تؤدي إلى تدميرها المادي كليًا أو جزئيًا”. وفي خطوة قضائية غير مسبوقة بشأن عدم شرعية الاحتلال، أصدرت المحكمة في شهر يوليو قرارًا يطالب إسرائيل بوضع حد لاحتلال الأراضي الفلسطينية بعد عام 1967، وإنهاء أي تدابير تسبب تغييرًا ديمغرافيًا أو جغرافيًا، بأسرع وقت ممكن33.

ولم تقتصر التداعيات القانونية على دولة الاحتلال جراء عدوانها على غزة على ذلك، بل إن جهود منظمات حقوقية وإنسانية حول العالم أثمرت بإقناع عدد من الدول بالملاحقة القضائية للجنود والضباط الإسرائيليين أثناء وجودهم داخل أراضيها، الأمر الذي توج فعلًا باستدعاء بعضهم للتحقيق34، قبل أن تتدخل وزارة الخارجية الإسرائيلية وسفاراتها للإفراج عنهم أو حتى تهريبهم بطرق غير قانونية. وباتت الملاحقة القضائية للجنود والضباط الإسرائيليين في الخارج هاجسًا كبيرًا يؤرق السلطات الإسرائيلية35.

وعلي الصعيد الدبلوماسي، تضررت سمعة إسرائيل في العالم، وأبرز مظاهر ذلك تجلى في استنكار وشجب كثير من قادة الدول حول العالم بمن فيهم حلفاء لإسرائيل والمنظمات الأممية، لمجازر الاحتلال واعتبارها إبادة جماعية، كما قطع عدد من الدول، أغلبها في أميركا اللاتينية، علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل.

وعلى الصعيد الشعبي، شهدت دول عدة حول العالم بينها الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية مظاهرات حاشدة، كانت تنتظم بين حين وآخر لاستنكار المجازر الإسرائيلية وللمطالبة بوقفها وإنهاء الاحتلال. ومن مظاهر ذلك ما عرف في الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية بانتفاضة الجامعات، وما تضمنته من وقفات ومظاهرات واعتصامات استمرت لأسابيع، وتخللتها اشتباكات ومواجهات بين الطلبة المحتجين على الجرائم الإسرائيلية من جهة وإدارة جامعاتهم والسلطات المحلية في بلادهم من جهة أخرى36.

وعلي الصعيد السياسي، فقد أثارت معركة “طوفان الأقصى” انقسامًا داخليًا واسعًا في إسرائيل، بين القيادات السياسية والعسكرية من جهة، وبين التيارات الشعبية من جهة أخرى. ظهر هذا الانقسام جليًا في الانتقادات والاحتجاجات المتزايدة لحكومة نتنياهو، والتي فُقدت الثقة فيها إلى حد كبير. كما ظهر هذا الانقسام أيضًا في الاستقالات السياسية والعسكرية خلال الحرب وبعدها. والتي كان أبرزها استقالة رئيس هيئة أركان جيش الاحتلال هرتسي هاليفي، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.

وعلي الصعيد الاستراتيجي، تعرضت إسرائيل لضربة موجعة في سمعتها كقوة لا تُقهر، حيث اخترقت المقاومة منظومتها الأمنية والاستخباراتية، وأظهرت هشاشة في استعدادها الدفاعي37. كما أن إسرائيل لم تعد بالنسبة لمجتمعها واحة الاستقرار والرفاهية، ولا القاعدة الآمنة التي يمكنها حمايتهما ومنع أي طرف من مجرد التفكير في مقاومتها، فضلًا عن مهاجمتها، وقد انعكس ذلك في أعداد الهجرة المتراجعة إليها والمتزايدة منها للخارج. يضاف لذلك خسارة الاحتلال صورة القوة والردع ليس فقط أمام المقاومة الفلسطينية وحلفائها وشركائها، ولكن أيضًا إزاء أطراف ليست بالضرورة في مواجهة مباشرة معه حاليًا، حيث تحدث وزير الخارجية التركي (رئيس جهاز الاستخبارات السابق) عن “الثغرات الكبيرة” التي تبدت في المنظومة الأمنية الإسرائيلية، بينما أقر رئيس جهاز الاستخبارات السعودي السابق تركي الفيصل بأن “عملية حماس حطمت صورة إسرائيل القوية أمام العالم”38.

3- انتصارات المقاومة: استطاعت المقاومة الفلسطينية تحقيق انتصارات سياسية كبيرة، فقد أعادت هذه الحرب القضية الفلسطينية إلى الواجهة الدولية، بعدما كانت قد تعرضت للتهميش. ونتيجة ذلك، فقد زادت الدعوات العالمية إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما ساعد في تعزيز موقف المقاومة الفلسطينية على الساحة الدولية. كذلك، فقد أدت عملية “طوفان الأقصى” وردة الفعل الإجرامية للاحتلال الإسرائيلي عليها إلى توقف إطار التطبيع العربي، وجعل أي عملية من هذا النوع لاحقًا تشكل إحراجًا للدول أمام شعوبها بعد الذي حدث في غزة، فقد عكس هذا الموقف تحولًا في الرأي العام العربي، وأدى إلى تجميد مساعي التطبيع التي كانت قد بدأت تظهر قبيل العدوان39.

كما حققت المقاومة جل ما نادت به شرطًا للاتفاق، أي وقف إطلاق النار، وصفقة لتبادل الأسرى، وإدخال المساعدات، وعودة النازحين، وإعادة الإعمار، وهي مكاسب ستعزز من مكانتها وشعبيتها داخل غزة وخارجها40. ويتيح الاتفاق لحماس إعادة ترتيب أوراقها داخليًا، من خلال تحسين الظروف المعيشية في غزة، وتعزيز قدراتها العسكرية، والتحضير لجولات مستقبلية من المفاوضات أو المواجهات41. كما اضطرت إسرائيل إلى الاعتراف بحقيقة ميدانية جديدة تتمثل في أن حركة حماس، التي كانت تسعى للقضاء عليها، كانت وستظل جزءًا أساسيًا من معادلة الصراع، وهذا التحول في الموقف كان من أبرز المكاسب التي حققتها المقاومة، إذ تمت محادثات دبلوماسية مع وسطاء دوليين كقطر ومصر، وهو ما يمثل اعترافًا ضمنيًا بدور المقاومة في تحديد مسار الأحداث42. بالإضافة إلي أن حماس لا تزال حاضرة في القطاع، على الرغم من اغتيال إسرائيل رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، وخلفه يحيى السنوار. فرغم أن الاغتيالات أضعفت الحركة، ولكنها لا تزال الخيار الوحيد المتواجد حاليًا لتولي زمام الأمور في القطاع، وخصوصًا في ظل غياب أي خطة لتشكيل حكومة في غزة. ورغم الدمار الذي حل بغزة والضعف الذي أصاب سلطة حماس، فإن هيكلها الإداري لا يزال يعمل، وتواصل منظمات الإغاثة التعامل مع نفس المسؤولين من الحركة الذين كانت تتعامل معهم قبل الحرب، مما يعزز مكانتها السياسية43. وعلي الرغم من الاصرار الإسرائيلي والدولي ومن بعض الدول العربية علي أنه لا عودة لحكم حماس كما كان في السادس من أكتوبر، وهذا ما قبلت به حماس من قبل، وستقبل به من بعد، إلا أنه مشروط بأن قطاع غزة لا يحكم من دون حماس44.

وعلي الصعيد الشعبي، فإن الحرب ليست مجرد صراع على الأرض، بل هي صراع على القلوب والعقول. أحد أهم أبعاد النصر في معارك التحرير هو الحفاظ على الروح المعنوية العالية لدى الشعب، حتى وسط أقسى الخسائر. في جنوب إفريقيا، ورغم عقود من القمع والتمييز العنصري، لم ينجح النظام في كسر إرادة الشعب أو إحباط معنوياته، لأن كل خطوة قام بها الشعب بقيادة نيلسون مانديلا كانت تغذي الأمل وتعزز الإيمان بالمستقبل. غزة ليست استثناءً؛ حتى مع الدمار الكبير والخسائر البشرية، فإن الصمود الشعبي والدعم الجماهيري يمثلان أعمدة الانتصار. عندما تخرج الحشود في غزة ترفع شعارات التحدي، فإنها تعيد تعريف النصر بأنه صمود أمام الاحتلال ورفض للهزيمة النفسية.

وعندما نراقب الشارع الفلسطيني بعد وقف إطلاق النار في غزة، نجد أن التضحيات الجسيمة التي قدمت لم تؤد إلى انقسامات عميقة داخل المجتمع الفلسطيني. على العكس، شهدت القضية الفلسطينية درجة ملحوظة من التلاحم، ليس فقط بين الفصائل المقاومة، ولكن أيضًا على مستوى الشارع الفلسطيني داخل وخارج الوطن. رغم وجود بعض الأصوات الفردية المعارضة هنا وهناك، كان هناك إجماع على دعم المقاومة، سواء من داخل غزة أو الضفة أو الشتات الفلسطيني. هذه الوحدة تعكس قدرة الشعب على تجاوز الخلافات والتوحد حول الهدف الأكبر: التحرر الوطني، وأن الوسيلة المثالية – والوحيدة – لتحقيق هذا الهدف هي عبر المقاومة المسلحة45.

كما لعب طوفان الأقصى دورًا كبيرًا في عودة اهتمام الشعوب العربية والإسلامية بالصراع الكبير واعتبار إسرائيل عدوًا، مهما أصيب الوعي بالاختراق والتآكل، وإعادة تجديد دماء القضية عربيًا وإسلاميًا46، والتأكيد مرة أخري علي أن الصراع ليس فلسطيني- إسرائيلي ولكنه صراع عربي/إسلامي – إسرائيلي/صهيوني.

4- التجارب التاريخية: يعلمنا التاريخ أن القوى الاستعمارية مهما ارتكبت المجازر الفظيعة من أجل تحقيق أطماعها، إلا أنها انتهت بالاندحار والفشل الذريع. وفي المقابل، كل الشعوب التي ناضلت من أجل حريتها وكرامتها وقدمت التضحيات الجسيمة والأثمان الكبيرة انتصرت إرادتها في نهاية المطاف. فقد حشدت الولايات المتحدة في حرب فيتنام ثلاثة ملايين جندي أمريكي، واستعملت كل الوسائل المفرطة في القتل والتدمير، وألقت أطنانًا من القنابل تعادل ضعف ما ألقي خلال الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك تعرضت أعظم قوة عسكرية في العالم لأشد هزيمة مرارة في تاريخها47.

كما يعلمنا التاريخ أن الانتصارات الكبرى غالبًا ما تكون نتيجة تراكم مستمر للضربات الصغيرة. في جنوب إفريقيا، استمرت نضالات الشعب عقودًا قبل أن ينتهي نظام الفصل العنصري. الثورة لم تكن حدثًا واحدًا، بل كانت سلسلة من الاحتجاجات، والإضرابات، والمواجهات التي أثمرت في النهاية عن انتصار. كذلك في الجزائر، لم يأت الاستقلال فجأة، بل كان نتيجة ضربات متكررة استنزفت المحتل الفرنسي على مدى سنوات. غزة تسير على هذا النهج؛ فكل معركة، وكل مقاومة، هي لبنة تضاف إلى جدار الصمود، حتى تأتي اللحظة الحاسمة التي تنهي الاحتلال48.

يفسر كل ما سبق، لماذا يرى الكثيرون في إسرائيل أنهم مهزومون، وأن الفلسطينيين انتصروا، وأن بنود الاتفاق كانت لصالح الأخيرين لا لصالح الاحتلال، حتى وصفه بعضهم باتفاق الذل أو الاستسلام49. وفي هذا السياق، فقد قال الجنرال الإسرائيلي المتقاعد غيورا آيلاند المعروف بصاحب “خطة الجنرالات”، عن الحرب الإسرائيلية علي غزة بعد وقف إطلاق النار: “كان هذا فشلًا.. هذه الحرب فاشلة والسبب بسيط جدًا، حماس من جانبها ليس فقط استطاعت منع إسرائيل من تحقيق أهدافها، بل أيضًا حققت أهدافها، وهدفها هو البقاء في الحكم”. وأضاف: “بالمناسبة، الاتفاقية لا تمنعها من إعادة بناء قدراتها، ويمكنها بناء قدراتها، وفي حال قامت بذلك وإسرائيل قامت بالعمل ضدها، فإن إسرائيل هي التي ستخل بالاتفاقية”50.

الخلاصات والاستنتاجات:

  1. تعني الهزيمة، القبول بإملاءات العدو وشروطه، أما النصر، فلا أقل من منع العدو من تحقيق أهداف حربه وعدوانه. فالمقاومة تنتصر عندما تمنع النصر عن عدوها، وتُهزم إن هي سارت في ركابه51. ووفقًا لهذا التعريف، فإن صمود المقاومة الفلسطينية أمام العدوان الإسرائيلي، واستمرارها في القتال رغم التفوق العسكري الإسرائيلي، يمثل انتصارًا بحد ذاته، خاصة مع اضطرار الاحتلال إلى التفاوض بدلًا من تحقيق أهدافه بالقوة. فقد دخلت إسرائيل الحرب واضعة نصب عينيها القضاء على القدرات العسكرية لحماس، واغتيال قادتها، وتحرير أسراها، أي الأسرى الإسرائيليين، بالقوة، إلا أن الواقع الميداني أثبت عجزها عن تحقيق هذه الأهداف رغم حرب الإبادة منذ أكثر من خمسة عشر شهرًا. ومع استمرار الحرب دون حسم، وجدت إسرائيل نفسها أمام معادلة استنزاف أجبرتها على اللجوء إلى المفاوضات، في اعتراف ضمني بإخفاقها في فرض “نصر مطلق”. يضاف إلى ذلك أن جزءًا من استراتيجية الردع الإسرائيلية القائمة على عقلية التدمير الشامل، والتي تعرف بـ “عقيدة الضاحية الجنوبية” الهادفة إلى الفصل بين المقاومة وحاضنتها الشعبية عبر إحداث دمار هائل وإيقاع خسائر بشرية جسيمة، لم تؤت ثمارها. فعلى الرغم من الدمار الواسع الذي لحق بغزة، لم تخرج المقاومة رافعة الراية البيضاء أو ملقية بسلاحها، والأهم لم ينقلب الشعب عليها، وهو ما يعكس فشل الاحتلال في تحقيق أحد أهم أهدافه الاستراتيجية52.
  2. سيبقى سؤال يتردد عند البعض. أنه إذا فشل الاحتلال في تنفيذ أهدافه، وصمدت المقاومة، ثم حققت معظم أو كل أهدافها من الاتفاق، لكن بعض/ معظم ذلك منوط بأمور لم تكن موجودة أصلًا قبل السابع من أكتوبر، فضلًا عن الفاتورة الفادحة، فلماذا كان قرار “الطوفان” إذن؟ وهل كان يستحق كل هذه التضحيات؟ نظريًا ومبدئيًا، فثمة مغالطة خطرة في هذا الطرح، الذي يعرض حرب الإبادة، ضمنًا، وكأنها رد فعل عادي ومنطقي ومتوقع كان ينبغي الاحتياط له أو تجنبه بخطوات محددة، وهذا غير صحيح، وغير أخلاقي كذلك. فهل كان ينبغي على المقاومة الفلسطينية أن تتوقع أن تكون ردة الفعل على مهاجمة قوة غزة استباحة القطاع بالكامل، بناسه وبنيانه ومرافقه، وتنفيذ حرب إبادة وسيناريو تهجير المدنيين، وحصول إسرائيل على دعم غير مسبوق ولا محدود ولا مشروط – بل مشاركة فعلية – من المنظومة الغربية بقيادة الولايات المتحدة، بينما يقف العالم العربي والإسلامي بين متفرج ومتواطئ وعاجز عن إدخال أبسط المساعدات الإنسانية، وأن العالم سيتحمل مشاهد المجازر اليومية على مدى ما يقرب من 500 يوم متواصلة؟ فالإبادة لم تكن ممكنة لولا مواقف مختلف الأطراف طوال العدوان، فكيف يُتغاضى عن هذه الأدوار التي ساهمت بها، بينما يوجه اللوم للطرف الوحيد الذي اضطلع بمسؤولياته بشكل شبه مثالي؟

وبالنسبة للتضحيات الضخمة لأهل القطاع التي تستخدم كقرينة على الهزيمة و/ أو خطأ قرار السابع من أكتوبر 2023، فيجب الإشارة إلي أن الخسائر المادية المباشرة، البشرية والاقتصادية والعمرانية، ليست المعيار الوحيد، وقد لا تكون الأهم (على أهميتها الكبيرة) في تقييم الحروب التقليدية، فما بالنا بالحروب غير المتناظرة وتحديدًا مقاومة الاحتلال، التي تتميز باختلال موازين القوى، واحتمال الطرف الأضعف/ المقاوم خسائر أكثر بكثير من عدوه الأقوى/ المحتل.

وأخيرًا، فإن رفض القيام بعمليات مبادرة أو مهاجمة من باب أن ردة فعل الاحتلال ستكون دموية يقدح في أصل فكرة المقاومة، التي مسؤوليتها ورسالتها التحرير وليس مجرد المناوشة، في ظل أن الاحتلال سيسعى دائمًا لتعظيم الثمن ضمن سياسة كي الوعي، وهو ما يتطلب حذرًا إضافيًا في ترديد سرديات قد تخدم بعض أهدافه في هذا السياق53.

  1. أن احتدام جدل النصر والهزيمة في حرب غزة يعود إلي سببين رئيسيين: الأول الاستقطاب السياسي الحاد بشأن مفهوم المقاومة وأهميتها، خاصة مع فشل ثورات الربيع العربي وتصاعد الحرب الدعائية ضد فصائل المقاومة، باعتبارها امتدادًا لقوى الإسلام السياسي، وتنامي التيار القابل لجوار إسرائيل والتطبيع معها. أما السبب الثاني، فهو شعور الكثيرين بالتقصير تجاه القضية، نتيجة المواقف العربية غير الكافية في أحسن الأحوال والسلبية في أحايين أخرى، ولهم في ذلك كل الحق. لكن هذا الشعور انقلب على ما يبدو إلى رغبة في إضفاء حالة صافية من الانتصار على الصمود الفلسطيني، وكأنه سعي لا شعوري لتكريم المقاومة وشعب غزة، تعويضًا عما فاتنا جميعًا من واجب المساندة والدعم54.
  2. كانت معارك المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة كلها، تبعها دائمًا سجال النصر والهزيمة، بالرغم من اختلافها عن الحرب الراهنة الطويلة والممتدة والتي اتسمت بالإبادة الجماعية. فهذا السجال لم يبدأ من هذه الحرب، وهو ما يعني أن المقاومة في نفسها، عند أصحاب خطاب الهزيمة، هي التي محل السجال، لا نتائجها55. وكان من اللافت أن معظم الأبواق الإعلامية التي راحت تروج لهزيمة غزة كانت من دول عربية، مثل: مصر، والسعودية، والإمارات، سواء كانت قنوات أو أصوات إعلامية وسياسية تتحدث في هذا المضمار56. وهو ما يعكس تخوف هذه الدول من أن تمثل المقاومة الفلسطينية نموذجًا لشعوبها في مقاومة الاستبداد، فضلًا عن كراهية هذه الأنظمة للخلفية الإسلامية لحركات المقاومة الفلسطينية التي تعتبرها هذه الأنظمة عدوها الأول والأبدي. فضلًا عن أن بعض المثقفين الفلسطينيين والعرب يجعل من تجربة الهزائم العربية السابقة في فلسطين العدسة التي يرى من خلالها الأمور57.

1 “ما هو مقياس النصر في غزّة؟”، العربي الجديد، 22/1/2025، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/opinion/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%88-%D9%85%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D8%BA%D8%B2%D9%91%D8%A9

2 “هل انتصرت غزة؟!”، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 21/1/2025، الرابط: https://www.palestine-studies.org/ar/node/1656740

3 “بالأرقام.. خسائر غزة في أطول حروبها”، الجزيرة نت، 22/1/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/politics/longform/2025/1/22/%d8%ae%d8%b3%d8%a7%d8%a6%d8%b1-%d8%ba%d8%b2%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a3%d8%b7%d9%88%d9%84-%d8%ad%d8%b1%d9%88%d8%a8%d9%87%d8%a7

4 “الأسرى الفلسطينيون في زمن الطوفان”، جدلية، 13/11/2023، الرابط: https://www.jadaliyya.com/Details/45510

5 “20 ألفاً.. إسرائيل تعلن عن رقم قتلى حماس لأول مرة”، إيلاف، 21/1/2025، الرابط: https://elaph.com/Web/News/2025/01/1559084.html

6 “بالأرقام.. خسائر غزة في أطول حروبها”، مرجع سابق.

7 ” ما بعد الطوفان”، المنار، 21/1/2025، الرابط: https://manar.com/page-49940-ar.html

8 “غزّة: التّرحيل “الصّامت”… مقابل وقف الإبادة”، أساس ميديا، 18/1/2025، الرابط: https://www.asasmedia.com/83567

9 “اتفاق غزة.. ماذا ربح وخسر الطرفان؟”، رابطة علماء المسلمين، 20/1/2025، الرابط: https://muslimsc.net/publication/%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%B1%D8%A8%D8%AD-%D9%88%D8%AE%D8%B3%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%B1%D9%81%D8%A7%D9%86

10 “حديث النصر والهزيمة المبكر في غزة”، المنصة، 21/1/2025، الرابط: https://manassa.news/stories/21784

11 “هل انتصرت غزة؟!”، مرجع سابق.

12 “كتاب أمريكي يكشف محادثات سرية لدول عربية خلال “طوفان الأقصى””، شبكة قدس الإخبارية، 28/10/2024، الرابط: https://qudsn.co/post/207369/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A-%D9%8A%D9%83%D8%B4%D9%81-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D8%AF%D8%AB%D8%A7%D8%AA-%D8%B3%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%84-%D8%B7%D9%88%D9%81%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%82%D8%B5%D9%89

13 “اتفاق غزة.. ماذا ربح وخسر الطرفان؟”، مرجع سابق.

14 “هل انتصرت غزة؟!”، مرجع سابق.

15 “جدل الانتصار والهزيمة”، المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية (مسارات)، 21/1/2025، الرابط: https://www.masarat.ps/article/6341/%D8%AC%D8%AF%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%B2%D9%8A%D9%85%D8%A9

16 المرجع السابق.

17 ” مكتب نتنياهو بعد استئناف القتال: سنحقق “أهداف الحرب الثلاثة””، سكاي نيوز عربية، 1/12/2023، الرابط: https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1674319-%D9%85%D9%83%D8%AA%D8%A8-%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%8A%D9%94%D9%86%D8%A7%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AA%D8%A7%D9%84-%D8%B3%D9%86%D8%AD%D9%82%D9%82-%D8%A7%D9%94%D9%87%D8%AF%D8%A7%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%84%D8%A7%D8%AB%D8%A9

18 “وعد بنصر مطلق وانتهى بانسحاب مهين.. 4 أهداف كبرى فشل نتنياهو في تحقيقها بغزة”، عربي بوست، 16/1/2025، الرابط: https://arabicpost.net/%d8%aa%d9%82%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%b1-%d8%b4%d8%a7%d8%b1%d8%ad%d8%a9/2025/01/16/%d9%81%d8%b4%d9%84-%d9%86%d8%aa%d9%86%d9%8a%d8%a7%d9%87%d9%88-%d9%81%d9%8a-%d8%ba%d8%b2%d8%a9/

19 ” بلينكن: تقديراتنا أن حماس جندت مسلحين جددا بنفس العدد الذي فقدته في الحرب”، قناة الجزيرة، 14/1/2025، الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=BJZXp58djQs

20 “الاستخبارات الأميركية: حماس جنّدت 15 ألفاً منذ اندلاع الحرب على غزة”، العربي الجديد، 25/1/2025، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/politics/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%B3-%D8%AC%D9%86%D9%91%D8%AF%D8%AA-15-%D8%A3%D9%84%D9%81%D8%A7%D9%8B-%D9%85%D9%86%D8%B0-%D8%A7%D9%86%D8%AF%D9%84%D8%A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%BA%D8%B2%D8%A9

21 “غارديان: لا فائز في غزة وحركة حماس لا تزال صامدة”، الجزيرة نت، 22/1/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/politics/2025/1/22/%D8%BA%D8%A7%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D9%84%D8%A7-%D9%81%D8%A7%D8%A6%D8%B2-%D9%81%D9%8A-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D9%88%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A5%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B1

22 “هل حقق نتنياهو شيئاً من أهدافه؟”، القدس العربي، 20/1/2025، الرابط: https://www.alquds.co.uk/%D9%87%D9%84-%D8%AD%D9%82%D9%82-%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D8%B4%D9%8A%D8%A6%D8%A7%D9%8B-%D9%85%D9%86-%D8%A3%D9%87%D8%AF%D8%A7%D9%81%D9%87%D8%9F/

23 المرجع السابق.

24 “وعد بنصر مطلق وانتهى بانسحاب مهين.. 4 أهداف كبرى فشل نتنياهو في تحقيقها بغزة”، مرجع سابق.

25 “7 مكاسب و4 تحديات في الهدنة بين حماس وإسرائيل!”، مركز الدراسات العربية الأوراسية، 19/1/2025، الرابط: https://eurasiaar.org/7-%d9%85%d9%83%d8%a7%d8%b3%d8%a8-%d9%884-%d8%aa%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%87%d8%af%d9%86%d8%a9-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%ad%d9%85%d8%a7%d8%b3-%d9%88%d8%a5%d8%b3%d8%b1/

26 المرجع السابق.

27 المرجع السابق.

28 المرجع السابق.

29 “وعد بنصر مطلق وانتهى بانسحاب مهين.. 4 أهداف كبرى فشل نتنياهو في تحقيقها بغزة”، مرجع سابق.

30 “هل انتصرت غزة؟!”، مرجع سابق.

31 “صحيفة: مقتل وإصابة 10 آلاف جندي إسرائيلي منذ 7 أكتوبر”، سكاي نيوز عربية، 4/8/2024، الرابط: https://www.skynewsarabia.com/world/1733420-%D8%B5%D8%AD%D9%8A%D9%81%D8%A9-%D9%85%D9%82%D8%AA%D9%84-%D9%88%D8%A7%D9%95%D8%B5%D8%A7%D8%A8%D8%A9-10-%D8%A7%D9%93%D9%84%D8%A7%D9%81-%D8%AC%D9%86%D8%AF%D9%8A-%D8%A7%D9%95%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D9%8A%D9%94%D9%8A%D9%84%D9%8A-7-%D8%A7%D9%94%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%A8%D8%B1?fbclid=IwY2xjawIEU8NleHRuA2FlbQIxMAABHTW8v0_i-SMaeDt5uDCitlgSdCNwF8sU_7y0y–id5tbUE5GHPcsqqTnsw_aem_J9vlZpgWgRKT_MrK2d-BEQ

32 “يألمون كما تألمون.. الفاتورة الباهظة للاحتلال من حربه على غزة”، نون بوست، 18/1/2025، الرابط: https://www.noonpost.com/286976/

33 “حرب غزة بميزان الربح والخسارة.. سمعة سيئة لإسرائيل وملاحقات غير مسبوقة”، التليفزيون العربي، 16/1/2025، الرابط: https://www.alaraby.com/news/%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D8%A8%D9%85%D9%8A%D8%B2%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A8%D8%AD-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B3%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%B3%D9%85%D8%B9%D8%A9-%D8%B3%D9%8A%D8%A6%D8%A9-%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%88%D9%85%D9%84%D8%A7%D8%AD%D9%82%D8%A7%D8%AA-%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D8%B3%D8%A8%D9%88%D9%82%D8%A9

34 ” ارتفاع محاولات استهداف جنود الاحتلال قانونيا بالخارج”، الجزيرة نت، 6/1/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2025/1/6/%D8%A7%D8%B1%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B9-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%87%D8%AF%D8%A7%D9%81-%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%AF

35 ” كيف تمكن جندي إسرائيلي من الهروب من البرازيل بعد صدور مذكرة اعتقال ضده بسبب “ارتكاب جرائم حرب”؟”، BBC عربي، 5/1/2025، الرابط: https://www.bbc.com/arabic/articles/cx2ywxwrk0zo

36 “حرب غزة بميزان الربح والخسارة.. سمعة سيئة لإسرائيل وملاحقات غير مسبوقة”، مرجع سابق.

37 “هل انتصرت غزة؟ معايير النصر في معارك التحرر الوطني”، عربي21، 16/1/2025، الرابط: https://arabi21.com/story/1654877/%D9%87%D9%84-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%B5%D8%B1%D8%AA-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%8A%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A

38 “هل انتصرت المقاومة؟”، الجزيرة نت، 20/1/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/opinions/2025/1/20/%D9%87%D9%84-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%B5%D8%B1%D9%86%D8%A7-%D9%88%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D9%83%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%88%D9%81%D8%A7%D9%86

39 “هل انتصرت غزة؟!”، مرجع سابق.

40 “هل انتصرت المقاومة؟”، مرجع سابق.

41 “لاءات نتنياهو التي حطمتها المقاومة في غزة”، الجزيرة نت، 18/1/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/politics/2025/1/18/%D9%84%D8%A7%D8%A1%D8%A7%D8%AA-%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A-%D8%AD%D8%B7%D9%85%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%88%D9%85%D8%A9-%D9%81%D9%8A

42 “هل انتصرت غزة؟!”، مرجع سابق.

43 “غارديان: لا فائز في غزة وحركة حماس لا تزال صامدة”، مرجع سابق.

44 “عن جدل النصر والهزيمة وغزة ما بعد صمت المدافع”، الجزيرة نت، 21/1/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/opinions/2025/1/21/%D8%B9%D9%86-%D8%AC%D8%AF%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%B2%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D9%88%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D9%85%D8%A7-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%B5%D9%85%D8%AA

45 “هل انتصرت غزة؟ معايير النصر في معارك التحرر الوطني”، مرجع سابق.

46 “هدنة غزة ومعركة السؤال الخاطئ”، المنصة، 20/1/2025، الرابط: https://manassa.news/stories/21768?fbclid=IwY2xjawH_ECJleHRuA2FlbQIxMAABHQ1-j34QjcbLVKWohDF002k7o45m63OVcpOVwPS97sHagTh-YzXMyFQGPQ_aem_RBjoKAGq2IydPOE10eODNA

47 “ما هو مقياس النصر في غزّة؟”، العربي الجديد، 22/1/2025، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/opinion/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%88-%D9%85%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D8%BA%D8%B2%D9%91%D8%A9

48 “هل انتصرت غزة؟ معايير النصر في معارك التحرر الوطني”، مرجع سابق.

49 “هل انتصرت المقاومة؟”، مرجع سابق.

50 “صاحب “خطة الجنرالات”: ما جرى بغزة فشل مدو لنا وانتصار لـ”حماس” (شاهد)”، عربي21، 19/1/2025، الرابط: https://arabi21.com/story/1655462/%D8%B5%D8%A7%D8%AD%D8%A8-%D8%AE%D8%B7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%B1%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%A7-%D8%AC%D8%B1%D9%89-%D8%A8%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D9%81%D8%B4%D9%84-%D9%85%D8%AF%D9%88-%D9%84%D9%86%D8%A7-%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%B1-%D9%84%D9%80-%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%B3-%D8%B4%D8%A7%D9%87%D8%AF

51 “عن جدل النصر والهزيمة وغزة ما بعد صمت المدافع”، مرجع سابق.

52 “جدل النصر في ظل الهدنة: بين الحسابات الاستراتيجية وكلفة الصراع”، صدي نيوز، 17/1/2025، الرابط: https://www.sadanews.ps/articles/184570.html

53 “هل انتصرت المقاومة؟”، مرجع سابق.

54 “هدنة غزة ومعركة السؤال الخاطئ”، مرجع سابق.

55 “هل ثنائية النصر والهزيمة المدخل الصحيح لقراءة حرب غزّة؟!”، عربي21، 21/1/2025، الرابط: https://arabi21.com/story/1656039/%D9%87%D9%84-%D8%AB%D9%86%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%B2%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D8%AE%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%8A%D8%AD-%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A9-%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%BA%D8%B2%D8%A9

56 “في أكتوبر.. لم تنتصر غزة ولم تنتصر مصر!!”، عربي21، 23/1/2025، الرابط: https://arabi21.com/story/1656381/%D9%81%D9%8A-%D8%A3%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%A8%D8%B1-%D9%84%D9%85-%D8%AA%D9%86%D8%AA%D8%B5%D8%B1-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D9%88%D9%84%D9%85-%D8%AA%D9%86%D8%AA%D8%B5%D8%B1-%D9%85%D8%B5%D8%B1

57 “موندويس: وقف إطلاق النار في غزة يكشف هشاشة إسرائيل وقوة المقاومة”، الجزيرة نت، 18/1/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/politics/2025/1/18/%D9%85%D9%88%D9%86%D8%AF%D9%88%D9%8A%D8%B3-%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A5%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D9%8A%D9%83%D8%B4%D9%81

Editor P.S.

كاتب ومدون

جميع المشاركات

المنشورات ذات الصلة

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

الأكثر قراءة

اتبعنا

التصنيفات

آخر المقالات

Edit Template

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022