بعد تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن قطاع غزة يجب إفراغه من سكانه ونقلهم إلى مكان دائم، خطا الرئيس الأمريكي خطوة أبعد في سياسته المعروفة باسم سياسة “الضغط الأقصى”، والتي كان قد اتبعها لأول مرة ضد إيران في ولايته الأولى (2017-2021)، حيث صرح أثناء لقاءه برئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، في 4 فبراير 2025، قائلًا: “إذا استطعنا إيجاد منطقة مناسبة لإعادة توطين أهل غزة بشكل دائم في منازل جيدة سيكون ذلك أمرًا رائعًا”. في بداية تصريحاته المثيرة للجدل والتي بدأ في إطلاقها قبل أقل من أسبوعين من لقاءه بنتنياهو، كان الحديث يدور عن نقل مليون ونصف المليون من سكان قطاع غزة إلى الأردن ومصر “بشكل مؤقت”، ليتحول حاليًا للحديث عن إعادة توطين “دائم”، ويزعم أن مصر والأردن ودولًا أخرى ستكون “الوطن البديل” لسكان غزة، رغم الرد الحاسم من جانب كل الدول التي ذكرها صراحة، أو تلك التي تناولتها التقارير الإعلامية مثل ألبانيا وماليزيا، برفض واستهجان تلك التصريحات. بهذه التصريحات يكون ترامب قد مد سياسة “الضغط الأقصى” التي يفترض أنها مخصصة للتعامل فقط مع الخصوم والدول المعادية للولايات المتحدة، لتصل إلى دول كانت الإدارات الأمريكية المتعاقبة تنظر إليها إما كدول حليفة، أو دول معتدلة لا تهدد المصالح الأمريكية. فما أسباب هذا التحول؟، وما هي تداعيات وفرص نجاح هذه السياسة في المدى المنظور؟1.
أولًا: الخلفية التاريخية لمخططات تهجير الفلسطينيين:
تعتبر فكرة “الوطن البديل” بما يعني تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، هي إحدى الأفكار الصهيونية التي طرحت بين الحين والآخر بهدف التخلص من الفلسطينيين لتسهيل الاستحواذ على الأراضي الفلسطينية، وقد كان مطلبًا للصهيونية منذ مؤتمرها الأول عام 1897 إقامة دولة يهودية على أرض فلسطين. حيث كان يعتقد قادة “الصهيونية الدينية” لاسيما زئيف جابوتنسكي، الذي يعد الملهم الروحي لحزب الليكود، وطالما يذكره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطاباته كمرشد له، أن الفلسطينيين شعب، وأنه لا يتوقع منهم التخلي طوعًا عن حقهم القومي في تقرير المصير. وفي عام 1923 كتب جابوتنسكي أن “الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يوافق بموجبها العرب على دولة يهودية في فلسطين هي القوة التي تسحقهم وتذعنهم”، وليس فتح الحوار معهم. وكان متطلب تهجير الفلسطينيين في العقلية الصهيونية راسخًا إلى الخارج وإلى الدول العربية المحيطة باستثناء منطقة شرق الأردن لأنها تعتبر بالعقيدة التوراتية أنها جزء من “الأرض الموعودة”2.
وقد أصبح تهجير الفلسطينيين بالنسبة للأب المؤسس لإسرائيل وأول رئيس لحكومتها دافيد بن غوريون، بمثابة الهاجس والحل معًا في الفترة ما بين سنة 1936 وسنة 1948. وفي تلك الفترة خاطب بن غوريون اجتماعًا للوكالة اليهودية قائلًا: “أنا أحبذ الترانسفير بالقوة، ولا أجد في ذلك أي شيء يخالف الأخلاق”، كما كتب في مفكرته عام 1937 أن في إمكان الصهيونية أن تسيطر على كل فلسطين الانتدابية في المستقبل (بين نهر الأردن والبحر المتوسط) وعلى مراحل. ومع احتدام الثورة الفلسطينية في ربيع 1938، وهي التي انطلقت ضد الإدارة البريطانية للمطالبة بالاستقلال، وبسبب ذلك وجدت لجنة التقسيم إلى البلاد برئاسة “جون فدهر”، وسعت لـ”تقديم المساعدة لحكومة بريطانيا في تنفيذ مخطط التقسيم الذي اقتُرح من قبل اللجنة الحكومية برئاسة اللورد روبرت بيل في صيف 1937”. ولجنة بيل التي أُقيمت للتحقيق في أسباب الانتفاضة في الثورة الفلسطينية الكبرى التي انطلقت عام 1936، وسعت لقبول كل من العرب واليهود بنصيبهم المقترح حسب مخطط التقسيم؛ لكن العرب جددوا ثورتهم وضاعفوها، أما اليهود فقد حظوا بحماية لمستعمراتهم في أرض فلسطين. اقترحت لجنة بيل إنشاء ثلاثة أقاليم في فلسطين، إقليم تحت الانتداب البريطاني يضم القدس وبيت لحم وممرًا إلى يافا على البحر المتوسط، ودولة يهودية في الجليل، والجزء الأكبر من السواحل الغربية، على أن يتحد باقي فلسطين مع شرق الأردن ويكونان دولة عربية. ويقتضي التقسيم نقل السكان العرب، طوعًا أو كرهًا، من مناطق “الدولة اليهودية” إلى المنطقة العربية الملحقة بالأردن إضافة للدول العربية المجاورة3.
وعندما تم الإعلان عن قيام دولة إسرائيل عام ١٩٤٨ عقب قرار تقسيم فلسطين إلي دولتين عربية ويهودية في نوفمبر 1947، وبعد أن رفض العرب حل الدولتين كان الشغل الشاغل للحكومة الإسرائيلية هناك هو الكيفية التي يمكن بها التغلب على الحقيقة الديموغرافية المتمثلة في أن عدد العرب أكبر من عدد اليهود في فلسطين التاريخية. وكانت واحدة من أهم الأدوات التي تم استخدامها للتغلب على هذه المعضلة هو القيام بالأعمال الإرهابية من أجل إجبار الشعب الفلسطيني على الهجرة، أو بمعنى أدق التهجير نحو الدول المجاورة مثل الأردن وسوريا ولبنان. وخلال شهر واحد فقط (ديسمبر ١٩٤٩) تم تهجير ٧٥٠ ألف فلسطيني وفلسطينية مما تم اعتباره الأراضي الإسرائيلية إلى الأراضي المفترضة لدولة فلسطين (غزة، الضفة الغربية، وأجزاء من صحراء النقب)، بل وإلى خارج فلسطين التاريخية بالكامل.
أمام هذا الإرهاب الإسرائيلي، ولمواجهة الوضع الإنساني المتدهور لهؤلاء اللاجئين، قامت الأمم المتحدة في نفس هذا الشهر (ديسمبر ١٩٤٩) بإنشاء وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التي تعرف باسم “الأونروا”. ورغم أن الأونروا كانت تهدف بالفعل إلى مساعدة اللاجئين إلا أن بعض العاملين بها كان لديهم أفكار خبيثة تتخذ من العمل الإغاثي غطاء نحو التأكد من عدم عودة هؤلاء الفلسطينيين إلى أراضيهم مرة أخرى. كان من ضمن هؤلاء الأمريكي بلاندفورد المفوض العام الثانى للأونروا، حيث تقدم بلاندفورد بمقترح للجمعية العامة لتخصيص ٢٠٠ مليون دولار أمريكي (ما يعادل الآن حوالى ٢.٥ مليار دولار) من أجل “برنامج جديد” يتم فيه بناء معسكرات للاجئين الفلسطينيين في الدول العربية، تقوم هذه المعسكرات على النشاط الزراعي، فمن ناحية يجد اللاجئ مكانًا آمنًا للعيش، ومن ناحية أخرى تقوم نهضة زراعية في الدول العربية وهو ما يتماشى مع سياسة الولايات المتحدة في دعم عملية التنمية في الدول العربية لاستقطابها في الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفيتي آنذاك.
وافقت الجمعية العامة بالفعل على دعم المشروع، كما تحمست الولايات المتحدة لدعمه، لكن ومع نهاية عام ١٩٥١ قررت الأونروا أن يكون أول معسكر لإعادة التوطين في سيناء، حيث ادعى بلاندفورد أن الأزمة الأكبر التي تواجه الأونروا هي في غزة، كون أن هذا القطاع صغير المساحة كان يعيش فيه ٢٠٠ ألف لاجئ ولاجئة وهو ما كان يعادل وقتها ثلاثة أضعاف عدد سكان القطاع الأصليين، كما أن قطاع غزة كان بالفعل تحت السيادة الإدارية المصرية، كذلك أعلن بلاندفور والأونروا أن مشاريع الجدوى أظهرت أن إقامة هذا المشروع العملاق في غزة غير مجد من الناحية الاقتصادية والفنية. وليتم إرسال عدة لجان فنية بواسطة الأونروا إلى سيناء للنظر في مسألة إيصال المياه إلى المكان المفترض فيه إقامة معسكر اللاجئين الزراعي، وكلها أجمعت على عدم جدوى ذلك، ليتوقف المشروع لبضعة أشهر حتى قامت حركة الضباط الأحرار بإنهاء الحكم الملكي في يوليو عام 1952.
عاد المشروع إلى الواجهة مجددًا عام 1953، عندما اقترحت حكومة الاحتلال الإسرائيلي في حينه ترحيل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء المصرية، ضمن مخطط أطلقت عليه اسم “خطة سيناء”، ودعمت الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك الوقت الخطة، وحاولت إقناع الرئيس جمال عبد الناصر بأهمية المشروع لمصر ولتنميتها واكتفائها الذاتي. وعادت اللجان الفنية للعمل في ١٩٥٣ وبعد عامين تقريبًا خلصت اللجان إلى أن المياه ستأتي من النيل عن طريق أنابيب يتم مدها إلى سيناء لتمر من تحت قناة السويس، وأن هناك جدوى اقتصادية لذلك. لم تكن الفكرة في الواقع جديدة، فقد سبق طرحها قبل نصف قرن (١٩٠٢-١٩٠٣) من قبل المنظمة الصهيونية العالمية إلى بريطانيا كي تقوم بتوصيل النيل بسيناء لإقامة وطن يهودي فيها وهو الأمر الذى اقتنعت بريطانيا – بعد إجراء الدراسات – بعدم جدواه. لكن هذه المرة قالت لجان الأونروا أن المشروع له جدوى، بل وزادت أن الأمر حال نجاحه سيشكل ثورة كبرى في الهندسة الزراعية. ولطمأنة عبد الناصر ورفاقه تم تصوير المشروع لمصر وكأنه فرصتها في تأكيد انفكاكها من الاستعمار، بل وتم إعطاء التطمينات الخاصة بمسألة السيادة، فالمشروع سيكون في أرض مصرية، ومن ثم فهو برمته تحت تصرف وإدارة مصر، كذلك فقد تم التأكيد على أن اللاجئين الذين سيقع الاختيار عليهم، سيكونون تحت رقابة تامة من السلطات المصرية، فالأمر أشبه بمعسكر مغلق بإحكام تحت تصرف المصريين.
رفضت مصر الأمر، وعلى عكس ما طمح إليه داعمو المشروع، فإنه تسبب في ثورة وعى لدى أهل غزة ولدى كل الشعب الفلسطيني داخل وخارج فلسطين التاريخية بحقيقة المشروع وأهدافه التي تتخطى الغوث، وتذهب إلى إنهاء القضية الفلسطينية برمتها، وهو ما كان أحد أسباب قيام ثورة في غزة عام ١٩٥٣ والتي عُرفت باسم “انتفاضة مارس”، وكانت هذه هي نقطة النهاية بالنسبة للمشروع الخبيث في هذه الفترة4.
بعد حرب النكسة يونيو عام 1967، واحتلال قطاع غزة مباشرة، طُرحت عدة أفكار في مداولات حكومة الاحتلال حول مستقبل القطاع، وكانت الفكرة الأبرز هي “تشجيع الهجرة” لدى سكان قطاع غزة لدول أخرى، وبعد ذلك ضم القطاع لسيادة الاحتلال بعد أن يكون قد أفرغ من سكانه. فقد اقترح ليفي أشكول، رئيس الوزارء حينها، تجفيف المياه في القطاع لخلق ضائقة إنسانية وتدمير ما تبقى من قطاع الزراعة، المحدودة أصلًا، لتهيئة الظروف الخانقة التي ستجبر جزءًا من السكان على الهجرة لدول أخرى. وقد وضع موشيه ديان، وزير الحرب حينها، هدفًا طموحًا لتقليص عدد سكان القطاع من 450 ألف إلى 100 ألف، إذ قُدر أن دولة الاحتلال تستطيع أن تتعايش مع هذا العدد. وقررت حكومة الاحتلال أن تنفيذ الخطة سيجري بتشجيع سكان القطاع على الهجرة وتقديم المساعدة لاستيعابهم في الدول الأخرى التي سيهاجرون إليها. وقد حرصت حكومة الاحتلال على إبقاء هذه الخطة سرية حتى تتجنب ردات الفعل الدولية. وقال ديان أنه سينكر أي وجود للخطة في حال انكشف أمرها وعقدت لجنة تحقيق حولها.
أخذت الخطة المذكورة أعلاه على محمل الجد. ففي السنة الأولى بعد حرب 1967 أصبحت الخطة هي السياسة المركزية لحكومة الاحتلال تجاه قطاع غزة. وعين رئيس الوزراء، ليفي أشكول، “عداه سرني” مسؤولة عن “مشروع الهجرة”. كانت سرني أرملة أنتسو سرني الذي قُتل في الحرب العالمية الثانية على يد النازيين، وكانت لها علاقات مع دول أوروبا وعملت بعد المحرقة على البحث عن اللاجئين اليهود وإقامة مخيمات لاستيعابهم. حُددت مهمة سرني، حينها، بتشجيع “الهجرة الصامتة” لسكان قطاع غزة من خلال إيجاد دول مستعدة لاستقبال اللاجئين وتقديم محفزات للفلسطينيين المستعدين للهجرة لتلك الدول. وقد كانت الدول المستهدفة، حسب الخطة، باستقبال اللاجئين المهاجرين هي الأردن وممالك الخليج العربي و”كل دولة أخرى مستعدة لاستقبالهم”. اشتملت حوافز تشجيع الهجرة الطوعية، التي قدمت للغزيين تحت بند “سلة الهجرة”، على منحة مالية ومساعدة لوجستية خلال عملية الهجرة ومساعدة لمرة واحدة خلال الهجرة نفسها (تكاليف السفر). ظلت كل النشاطات المتعلقة بتنفيذ الخطة بعيدة عن الأنظار، لأن دولة الاحتلال خشيت من التبعات الدولية إذا اتضحت أنها تنفذ عملية كهذه.
على الرغم من الموارد التي خصصتها حكومة الاحتلال للخطة، إلا أنها منيت بفشل ذريع. إذ استطاعت سرني أن تجد عددًا من الدول الأوروبية المستعدة لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين على أراضيها، ولكن المشكلة الكبرى كانت في إقناع اللاجئين الفلسطينيين أنفسهم بجدوى الهجرة. فقد رفضت الغالبية العظمى من الفلسطينيين العرض المقدم لهم قطعيًا. فلم تسحرهم حياة الرفاهية في الدول الأخرى مطلقًا، وأيضًا لم يتغلب الحافز المالي على تطلعهم بالتمسك بأراضيهم. فبينما كان الهدف الذي حددته حكومة الاحتلال هو هجرة 350 ألف لاجئ، أسفرت النتيجة العملية في نهاية المطاف عن هجرة 20 ألف لاجئ فقط. كانت النجاحات البسيطة، التي تمكنت حكومة الاحتلال من تحقيقها، تتمثل بالأساس في سفر الغزيين من حاملي جوازات السفر الأردنية الذين استغلوا الفرصة التي أتاحها تطبيق خطة الهجرة الطوعية وانتقلوا للأردن. وأيضًا في سفر نساء غزيات ممن يعمل أزواجهن في دول الخليج ليلتئم شمل عائلاتهم. وقد تبين أن لم شمل العائلات كان أحد وسائل الإقناع الأنجح لإقناع الغزيين بالهجرة من أراضيهم، إلا أن هذا النجاح النسبي بذاته كان أحد عوامل إيقاف خطة الهجرة الطوعية؛ لأنه أدى إلى افتضاح أمر الخطة.
إذ توجهت مصر والأردن إلى الأمم المتحدة بشكوى ضد دولة الاحتلال تتهمها بتنفيذ عملية تهجير للفلسطينيين وتجبر اللاجئين على التوقيع على تعهدات بعدم العودة إلى قطاع غزة أو كل الأراضي الفلسطينية. وادعتا في الشكوى أنه بهذه الطريقة أجبرت دولة الاحتلال 35 ألف فلسطيني على الهجرة (ولكن الرقم المتداول لدى حكومة الاحتلال كان أقل من ذلك بكثير، واعتبرت أن تضخيم الرقم يهدف إلى تلطيخ سمعتها الدولية). نوقشت الشكوى في الأمم المتحدة ووجدت دولة الاحتلال نفسها أمام ضغط دولي للسماح بهجرة عكسية للفلسطينيين أيضًا، أي لم شمل العائلات في قطاع غزة عن طريق السماح للفلسطينيين بالعودة من الأردن وغيرها للاجتماع بعائلاتهم. أدى الإذن الإسرائيلي بلم شمل العائلات في قطاع غزة إلى عودة آلاف الفلسطينيين، الذين عوضوا، في الواقع، من ناحية عددية جزءًا من أولئك الذين تركوا القطاع خلال عام 1968. بعد وقت قصير من النقاش في الأمم المتحدة حول الشكوى المصرية الأردنية قررت دولة الاحتلال إنهاء مشروعها الطموح بتهجير سكان القطاع. إذ بعد مرور سنة على بدء تطبيق الخطة والاستثمارات الضخمة التي ضُخت فيها لم تتحقق أي نتائج عملية، فقد ظل 97% من سكان قطاع غزة في أراضيهم وتعرضت دولة الاحتلال لإدانات وضغوط دولية على أثر تنفيذ خطة الهجرة الطوعية5.
وفي عام 1970، تبنى قائد المنطقة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي، أرئيل شارون، الذي أصبح لاحقًا رئيسًا للوزراء، خطة لتفريغ قطاع غزة من سكانه، ونقل المئات منهم لسيناء ومدينة العريش، اللتين كانتا تحت الاحتلال الإسرائيلي وقتها، وهو ما لم يتحقق خاصة بعد أحداث حرب أكتوبر 19736.
منذ احتلال إسرائيل لقطاع غزة عام 1967 وحتي اتفاق أوسلو عام 1993، شرعت دولة الاحتلال في إنشاء إدارة مدنية لقطاع غزة وبدأت بالإدارة الكاملة لحياة الفلسطينيين. مع أنها لم تكن تنوي أن تتحكم بكل سكان قطاع غزة المكتظ، وقد اضطرت لذلك لأنها لم تفلح في تهجيرهم. وبعد فشل خطة التهجير، بدأت حقبة سيطرة دولة الاحتلال على قطاع غزة، وهو وضع بقي على حاله حتى اتفاق أوسلو عام 1993. وخلال تلك السنوات التي سبقت اتفاق أوسلو عرضت دولة الاحتلال على مصر أن تتولى إدارة قطاع غزة كجزء من اتفاق السلام بينهما الذي وُقع عام 1978، ولكن المصريين رفضوا الفكرة رفضًا قاطعًا7.
وعقب توقيع اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، وتحديدًا في عام 1995، انتشرت في وسائل الإعلام حينها أنباء عن وثيقة تحمل اسم “أبو مازن – بيلين“، تضمنت نتائج مباحثات محمود عباس، ويوسي بيلين وزير القضاء الإسرائيلي، التي اعتبرت أن إسرائيل ستعترف بأن العودة للفلسطينيين “حق مبدئي”، بشرط اعتراف الجانب الفلسطيني أن العودة كما نص عليها القرار 194 الأممي8 “صارت أمرًا غير عمليًا”. وكان من المفترض أن يكشف رابين عن تلك المباحثات ضمن البرنامج الانتخابي لحزب العمل المقرر في انتخابات الكنيست سنة 1996، لكن اغتياله سنة 1995 ساهم في إبقاء الاتفاق قيد الكتمان9.
واستمرت المخططات مع عام 2000، مع تقديم رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، غيورا أيلاند، مشروعًا يتضمن: تقديم مصر تنازلًا عن 720 كيلومترًا مربعًا من سيناء لصالح الدولة الفلسطينية المقترحة هناك. هذه الأراضي عبارة عن مستطيل ضلعه الأول 34 كيلومترًا مربعًا، يمتد بطول الساحل من مدينة رفح غربًا وحتى حدود العريش في سيناء، أما الضلع الثاني فطوله 30 كيلومترًا من غرب معبر كرم أبو سالم ويمتد جنوبًا بموازاة الحدود المصرية الإسرائيلية. مصر ستحصل على تبادل للأراضي مع إسرائيل، من جنوب غربي النقب بالمساحة ذاتها مع امتيازات اقتصادية وأمنية. يتنازل الفلسطينيون عن المساحة ذاتها المقترحة للدولة الفلسطينية في سيناء من مساحة الضفة الغربية وضمها إلى السيادة الإسرائيلية10.
وتكرر مقترح آيلاند عام 2004 على يد الرئيس السابق للجامعة العبرية بالقدس، يوشع بن آريه، وتضمن طرح بن آريه تخصيص أراض في سيناء للدولة الفلسطينية المقترحة، وتحديدًا منطقة العريش مع إنشاء ميناء بحري وخط سكك حديد دولي بعيدًا عن إسرائيل، ومدينة كبيرة تحتضن السكان، وبنية تحتية قوية، ومحطة لتوليد الكهرباء، ومشروع لتحلية المياه، وأنابيب لنقل النفط والغاز الطبيعي. في المقابل ستحصل مصر على أراض في صحراء النقب جنوب إسرائيل بنفس المساحة التي ستمنحها للفلسطينيين في سيناء، وتبلغ نحو 700 كيلومتر مربع، مع توفير ضمانات أمنية وسياسية بعدم بناء للمستوطنات في المنطقة الحدودية مع مصر11.
وفي الولاية الأولي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب (2017 – 2020)، بدأ الحديث إعلاميًا في عام 2018، عن خطة أمريكية لتهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية إلي مصر والأردن تحت ما سمي بـ“صفقة القرن“، وفي مارس 2019، أعلن ملك الأردن، عبد الله الثاني، رفض فكرة “الوطن البديل” والتوطين، مؤكدًا أن فلسطين والقدس خط أحمر، وسط مواقف رسمية وإعلامية مصرية متكررة عن رفض مخططات التهجير. وكشف ترامب عن الصفقة رسميًا في ولايته الأولى عام 2020، تحت عنوان “السلام على طريق الازدهار”، ولاقت رفضًا عربيًا صريحًا، ولم تتحقق مع خسارة الرئيس الأمريكي آنذاك الانتخابات الرئاسية أمام منافسه جو بايدن12.
وكانت “حرب غزة” عام 2023، محطة جديدة لعودة إسرائيلية لـ“مخطط التهجير“، حيث دعت وزيرة المخابرات الإسرائيلية، جيلا جمليئيل (تم إلغاء الوزارة في مارس 2024 ونقل صلاحياتها إلى ديوان رئيس الحكومة)، في 13 أكتوبر 2023؛ في وثيقة داخلية سرية إلى خطة لتهجير سكان غزة إلى سيناء عقب انتهاء الحرب على قطاع غزة13. فضلت الوثيقة خيار التهجير على بدائل أخرى، وهي إعادة السلطة الفلسطينية إلى حكم قطاع غزة، أو تأسيس حكم محلي عربي، ورأت في تلك البدائل عيوبًا جوهرية من شأنها أن تؤول إلى تهديدات استراتيجية، ليكون خيار التهجير، بالرغم مما فيه من مخاطر، هو الأكثر مثالية بالنسبة لإسرائيل من الناحية الاستراتيجية، بيد أن هذا الخيار، بحسب معدي الوثيقة، بحاجة إلى موقف حازم من المستوى السياسي، وموافقة من الولايات المتحدة الأمريكية، ومن دول أخرى مناصرة لإسرائيل. وضعت الوثيقة خطة عامة لإعادة احتلال قطاع غزة، تبدأ بتهجير سكانه من شماليه إلى جنوبيه، وفي الأثناء تبدأ حملة تطهير متدرجة لحركة حماس وأنفاقها؛ لأجل نقل السكان في نهاية المطاف من قطاع غزة إلى شمالي سيناء14. ويمكن بالنظر إلى الأنماط التي اتخذتها الحرب الإسرائيلية على غزة، استكشاف أنها بالفعل، كانت تهتدي بهذه الخطة15، بما فيها ما تسمى بـ”خطة الجنرالات” شمال قطاع غزة طوال أكثر من 120 يومًا من المجازر الإسرائيلية بحق المناطق الواقعة شمال محور نتساريم. بل إن الاستهداف العسكري الإسرائيلي الحالي لجنين وطولكرم في الضفة الغربية يبدو أنه يهتدي أيضًا بهذه الخطة من أجل تنفيذ هدف واضح؛ وهو تهجير سكان الضفة باتجاه المملكة الأردنية الهاشمية16.
وفي 17 أكتوبر 2023، نشر معهد “مسجاف” للأمن القومي والاستراتيجية الصهيونية ورقة موقف تدعو إلى “التوطين النهائي لجميع سكان غزة”، وكان ذلك باقتراح غير مسبوق أن يكون ذلك في مدينتي السادس من أكتوبر والعاشر من رمضان وليس فقط على الحدود المصرية في سيناء. وطالبت الورقة باستغلال اللحظة الحالية لتحقيق “هدف صهيوني طويل الأمد يتمثل في إبعاد الفلسطينيين عن أرض فلسطين التاريخية” وأن هناك في الوقت الحالي “فرصة فريدة ونادرة لإخلاء قطاع غزة بأكمله بالتنسيق مع الحكومة المصرية في مقابل دعم للاقتصاد المصري”17.
وفي 14 نوفمبر 2023، دعا وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، إلى تشجيع “الهجرة الطوعية واستيعاب عرب غزة في دول العالم”، وهو موقف أيضًا كرره وزير الأمن القومي المستقيل إيتمار بن غفير18. وأواخر نوفمبر 2024، جدد سموتريتش، الدعوة لتشجيع سكان غزة على الهجرة خلال عامين19. وقد وعد سموتريتش أن دولة الاحتلال ستعمل على تهجير الغالبية العظمى من السكان لتقليل عددهم من 2.2 مليون إلى 100-150 ألف نسمة فقط، وهو عدد تستطيع دولة الاحتلال أن تتعايش معه20.
ومن خلال هذا الاستعراض التاريخي لمحاولات تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، يمكن الوقوف علي مجموعة من الاستنتاجات الهامة، أبرزها:
- أن مسعى تهجير أهالي قطاع غزة والضفة الغربية هو مسعى رافق الاحتلال منذ نشأته عام 1948، وزادت وتيرته بعد عام 1967 عندما احتلت إسرائيل الضفة وغزة، مع أنه في ذلك الوقت لم تكن هناك مقاومة فلسطينية، ولم تكن حركة المقاومة الإسلامية – حماس، وغيرها من فصائل المقاومة، قد تأسست بعد. وهذا يوضح زيف الادعاءات الإسرائيلية والأمريكية – ومن بعض الدول العربية – بأن محاولات التهجير الحالية ليست سوي رد فعل طبيعي علي شن المقاومة الفلسطينية هجومها علي غلاف غزة (طوفان الأقصى).
- مشكلة الاحتلال الأساسية هي في الوجود الفلسطيني بحد ذاته، سواء أكان مقاومًا أو مسالمًا، وهذا منسجم مع طبيعة المشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني الذي يهدف إلى السيطرة على الأرض بأقل عدد من أهلها.
- الواقع الحالي، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية أو أراضي 1948، يشير إلى أن الاحتلال لم يتخل عن سياسة التهجير، ولكنه غير وسائله، فبدل الاعتماد على الحوافز المالية والمادية أصبح يعتمد على وسائل أخرى لدفع الفلسطينيين للهجرة من تلقاء أنفسهم. ففي قطاع غزة يسهم الدمار والقضاء على كل مقومات الحياة في إرغام الفلسطينيين على الهجرة نظرًا إلى انعدام إمكانية البقاء. وفي الضفة الغربية يساهم الاستيطان والظروف المعيشية الصعبة والحصار والتضييق على الأهالي وتصاعد عنف المستوطنين على إقبال الفلسطينيين على الهجرة أيضًا. أما في الداخل المحتل فتصاعد الجريمة في الوسط العربي وانتشار العصابات الإجرامية التي على أقل تقدير تتغاضى عنها حكومة الاحتلال هي أدوات لدفع الفلسطينيين لترك بلادهم21.
- يهدف الاحتلال الإسرائيلي المدعوم من قبل الولايات المتحدة من خلف عملية التهجير إلي تحقيق عدة أهداف، أهمها؛ إعادة رسم المعادلة الديموغرافية التي تقلق إسرائيل وقادتها حيث يتفوق عدد السكان العرب على عدد اليهود. الهدف الثاني أن يتم تفريغ فلسطين التاريخية من أهلها، بحيث يكون حل الدولتين بلا معنى، ويكون الطريق في المستقبل ممهدًا نحو إقامة دولة إسرائيلية عاصمتها القدس. الهدف الثالث، يتمثل في تصدير أزمات الشعب الفلسطيني للدول العربية، بعيدًا عن إسرائيل حتى تتنصل الأخيرة من مسئولياتها أمام القانون الدولي كسلطة احتلال من ناحية، وحتى تكون أي انفجارات أمنية أو سياسية بعيدة عن حدودها، من ناحية أخرى، وهذا بالفعل ما حدث لاحقًا حينما وقعت أحداث سبتمبر الأسود ١٩٧٠ في الأردن، وانطلقت شرارة الحرب الأهلية اللبنانية في ١٩٧٥، وفى هذه الأخيرة تحديدًا فقد احتلت إسرائيل لبنان مرتين ١٩٧٨، ١٩٨٢، تحت دعوى مواجهة المقاومة الفلسطينية. أما الهدف الرابع يتمثل في تحويل القضية الفلسطينية برمتها من كونها قضية أرض تم احتلالها، وشعب تم تهجيره، وسلطة احتلال مسئولة عن هذا وذاك، إلى قضية إنسانية – إدارية بحتة، عنوانها الكبير هو تقديم العون للشعب الفلسطيني بإبعاده عن أرضه مقابل إيجاد وظائف ومأوى له، ومن ثم لا تعد إسرائيل سلطة احتلال، ولا يكون هناك أراض للاجئين للعودة إليها، بل ولربما وجدنا إسرائيل لاحقًا تشارك في هذه الإغاثة كجزء من رسالتها الحضارية – الإنسانية!22.
ثانيًا: إصرار ترامب علي تهجير الفلسطينيين إلي مصر والأردن:
عقب توليه مهام منصبه رسميًا، في 20 يناير 2025، كرئيس للولايات المتحدة في ولايته الثانية، أصدر الرئيس دونالد ترامب عدة تصريحات تطالب مصر والأردن باستقبال الفلسطينيين من غزة. ففي 25 يناير، قال ترامب إنه يتعين على الأردن ومصر استقبال المزيد من الفلسطينيين من غزة، بعد أن تسببت حرب إسرائيل ضد حركة حماس في وضع إنساني صعب بالإضافة إلى مقتل عشرات الآلاف. وعندما سُئل عما إذا كان هذا اقتراحًا مؤقتًا أو طويل الأجل، قال ترامب: “يمكن أن يكون هذا أو ذاك”. وقال ترامب عن اتصاله، في 25 يناير، مع العاهل الأردني الملك عبد الله: “قلت له إنني أود منك أن تستقبل المزيد لأنني أنظر إلى قطاع غزة بأكمله الآن وهو في حالة من الفوضى، إنها فوضى حقيقية. أود منه أن يستقبل أشخاصًا”. وأضاف: “أود أن تستقبل مصر أشخاصًا أيضًا”، مضيفًا أنه سيتحدث إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم (25 يناير). وقال الرئيس الأمريكي: “نتحدث عن مليون ونصف شخص، ونقوم بتطهير المنطقة (التي عصفت بها الحرب) برمتها”. وقال ترامب: “إنه مكان مدمر حرفيًا، تقريبًا كل شيء مدمر والناس يموتون هناك لذلك أفضل المشاركة مع بعض الدول العربية وبناء سكن في موقع مختلف حيث يمكنهم العيش في سلام من أجل التغيير”23.
وجدد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ومضى قدمًا في خطته المثيرة للجدل إلى حد كبير بشأن “تطهير غزة”، مصرًا على أن مصر والأردن ستقبلان اللاجئين الفلسطينيين من قطاع غزة لأن الولايات المتحدة “تفعل الكثير من أجلهم”. وأثناء حديثه للصحفيين في المكتب البيضاوي، في 31 يناير، سُئل ترامب عما إذا كان هناك أي شيء يمكنه القيام به للضغط على الدولتين (مصر والأردن)، وكلاهما من الدول الرئيسية المتلقية للمساعدات الأمريكية لاستقبال الفلسطينيين المطرودين. وأجاب ترامب قائلًا: “سيفعلان ذلك.. سيفعلان ذلك تمامًا.. نحن نفعل الكثير من أجلهما وسيفعلان ذلك”24.
وخلال استقبال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 4 فبراير 2025، رئيس الوزراء الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، في أول زيارة دولة تتم في ولايته الثانية. وعقب اللقاء الذي عُقد بينهما في المكتب البيضاوي، عقد ترامب ونتنياهو مؤتمرًا صحفيًا في البيت الأبيض، اقترح فيه الرئيس الأمريكي تدخلًا أمريكيًا مباشرًا في إدارة قطاع غزة، إذ ذكر أن “الولايات المتحدة ستسيطر على قطاع غزة وستمتلكه”، موضحًا أن إدارته ستكون مسؤولة عن “تفكيك القنابل والأسلحة التي لم تنفجر وهدم المباني المدمرة وإعادة تأهيل الموقع”. وفي رؤية غير متوقعة لمستقبل القطاع، أضاف دونالد ترامب أن “غزة يمكن أن تصبح ريفييرا الشرق الأوسط”، في إشارة ضمنية إلى إمكانية تحويل القطاع الساحلي إلى وجهة سياحية فاخرة بعد إعادة إعماره. وقال إنه “لا يوجد مستقبل دائم للفلسطينيين في غزة”، ذلك إن “غزة الآن غير صالحة للسكن، وليس أمام الفلسطينيين سوى خيار المغادرة”، مقترحًا أن يجري نقلهم إلى دول أخرى في الشرق الأوسط، ومشيرًا إلى “أرض جيدة وجديدة وجميلة” حيث يمكنهم الاستقرار فيها. وتساءل: “لماذا يريدون العودة؟ لقد أصبح هذا المكان جحيمًا”، و”لا أعتقد أن عليهم العودة إلى غزة، فغزة كانت سيئة الحظ بالنسبة لهم، وهي ليست المكان الذي يجب أن يعيشوا فيه”، وأضاف “سيحبون مغادرة غزة، والعيش في مكان آخر إذا أتيحت لهم الفرصة”، يمكن “أن يكون الأردن أو مصر أو دول أخرى”، وذلك بعد أن ذكره أحد الصحفيين بأن غزة هي موطن هؤلاء الناس. وعندما سُئل عن عدد سكان غزة الذين يعتزم نقلهم، أجاب ترامب: “جميعهم، نحن نتحدث على الأرجح عن مليون وسبعمائة ألف شخص…لكنني أعتقد أنهم جميعًا سيتم إعادة توطينهم في مناطق يمكنهم أن يعيشوا فيها حياة جيدة ولا يخشون الموت كل يوم”، وأضاف أن أموال المشروع لن تأتي من بلاده ولكن من “دول غنية حقًا، مستعدة لتقديمها”. وعندما سأله أحد الصحفيين عما إذا كانت هذه الرؤية تعني أنه لا يؤمن بحل الدولتين، تجاهل دونالد ترامب السؤال بقوله: “هذا لا يعني أي شيء على الإطلاق”! وقال أيضًا إن على الدول الأخرى “الانضمام إلى اتفاقات إبراهيم”، معيدًا التذكير بأن “أهوال 7 أكتوبر لم تكن لتحدث لو كنت رئيسًا”.
كما تحدث الرئيس الأمريكي، خلال المؤتمر الصحفي، عن إمكانية ضم إسرائيل الضفة الغربية المحتلة، مشددًا على صغر حجم إسرائيل مقارنة بجيرانها العرب، واستخدم عرضًا بصريًا لتوضيح وجهة نظره، قائلًا: “انظروا إلى هذا القلم، هذا القلم الجميل؛ إذا كانت طاولتي تمثل الشرق الأوسط، فإن رأس القلم هو إسرائيل”، مضيفًا: “هذا ليس جيدًا، أليس كذلك؟ إنه فرق كبير جدًا”، وأوضح الرئيس أن الأمر “كان مجرد تشبيه، للتأكيد على أهميته؛ إنه في الواقع أمر دقيق للغاية، إنها قطعة أرض صغيرة جدًا”، وعبر ترامب عن إعجابه بالإنجازات الإسرائيلية على الرغم من هذا القيد الجغرافي، قائلًا: “من الرائع ما تمكنوا من تحقيقه؛ عندما تفكر في الأمر، تجد أن لديهم الكثير من القدرات الفكرية، لكنها قطعة أرض صغيرة، لا شك في ذلك”، مؤكدًا أنه سيتخذ قراره بصدد مسألة الضم خلال الأسابيع المقبلة25.
وخلال المؤتمر الصحفي الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالملك الأردني عبد الله بن الحسين، في البيت الأبيض بالعاصمة الأمريكية واشنطن، في 11 فبراير 2025، فقد أكد ترامب أنه “لن نشتري أي شيء (يقصد غزة). سوف نحصل عليها ونحتفظ بها. سنعمل على أن يكون هناك سلام، ولن تكون هناك أي مشكلة، دون أن يتشكك أحد. وسندير الأمور بطريقة صحيحة جدًا. وفي النهاية، سيكون هناك تطوير اقتصادي على نطاق واسع جدًا وسنبني الكثير من الأشياء الجيدة هناك، بما في ذلك الفنادق، ومبان إدارية ومساكن، وأشياء أخرى. سنحول ذلك الموقع إلى ما ينبغي أن يكون عليه. ولن يتمكن سكان غزة من البقاء هناك لسنوات لأننا نتحدث عن إعادة تهيئة المكان وإعماره، ومعالجة جميع المشكلات التي يعاني منها حاليًا. مثل الأنفاق”. وبخصوص المكان الذي سيعيش فيه الفلسطينيون، أشار ترامب إلي ” أن الأمر ليس أين أريدهم أنا أن يعيشوا. الأمر يتعلق بالمكان الذي سنختاره في النهاية كمجموعة. أعتقد أننا سنحصل على قطعة أرض في الأردن، وقطعة أرض في مصر. قد يكون لدينا مكان آخر، لكنني أعتقد أنه عندما ننتهي من محادثاتنا، سيكون لدينا مكان يعيشون فيه بسعادة وأمان كبيرين. هم يريدون البقاء في قطاع غزة فقط لأنهم لا يعرفون غيرها، ولم يكن لديهم أي بديل. هم لا يريدون أن يكونوا في قطاع غزة، ولكن ليس لديهم خيار آخر. ويتم قتلهم هناك بمعدلات لم يشهدها أحد من قبل. فلا يوجد مكان في العالم أكثر خطورة من قطاع غزة. لكن عندما يكون لديهم بديل، فلن يرغب أي شخص واحد في البقاء هناك. أنهم يعيشون في الجحيم. أنها مصيدة مميتة”. وعندما سئُل ترامب عن إمكانية التفكير في دول أخرى غير الأردن ومصر، حيث كان هناك حديث عن إندونيسيا وألبانيا كأماكن أخرى، أجاب ترامب ” نعم بالتأكيد. لدينا دول أخرى تريد أن تشارك. هناك شعور كبير بالرغبة في مساعدة الفلسطينيين. وهناك الكثير من الدول لديها حكام ذوي قلوب رحيمة يرغبون في مساعدة الفلسطينيين، وهذا الرجل هنا على رأس القائمة (يقصد الملك عبدالله)”26.
وقد سبق أن قال ترامب، في أكتوبر 2024، أي عندما كان ترامب مرشحًا للرئاسة، في مقابلة إذاعية إن قطاع غزة يمكن أن يكون “واحدًا من أفضل الأماكن في العالم، لكن الفلسطينيين فشلوا في استغلال موقعه الساحلي على البحر الأبيض المتوسط. وأضاف أن غزة “قد تكون أفضل من موناكو” لأنها تتمتع “بأفضل موقع” في الشرق الأوسط. وعاد إلى طرح الفكرة مجددًا بعد وقت قصير من تنصيبه رئيسًا، إذ وصف القطاع بأنه “ذو موقع رائع على البحر ويتمتع بطقس جميل، ويمكن القيام ببعض الأشياء الجميلة فيه، وأضاف أنه قد يكون على استعداد للمساعدة في إعادة الإعمار فيه27.
جدير بالذكر هنا، أن دعوة ترامب إلى إخلاء قطاع غزة من سكانه لم تكن الأولى من نوعها، إذ سبق أن عبر عنها عديد من أركان إدارته وأفراد عائلته. حيث قال جاريد كوشنر، صهر الرئيس ترامب، في أبريل 2024 في فعالية بجامعة هارفارد، إن على إسرائيل ترحيل المدنيين لتطهير قطاع غزة من المقاومة الفلسطينية، إلى صحراء النقب، أو مصر. وأوضح كوشنر أن “الواجهة البحرية في غزة يمكن أن تكون ذات قيمة كبيرة، ويمكن استغلالها إذا ركز الناس على بناء سبل العيش”28.
واللافت هنا أن كلًا من ترامب، وصهره كوشنر، ومبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، وجميعهم يعملون في مجال التطوير العقاري والأعمال، ينظرون إلى قطاع غزة على أنه “صفقة عقارية” يريدون الاستثمار فيها، ليس لمجموعة محددة من الناس (أي أهله من الفلسطينيين)، ولكن لزبائن آخرين؛ ذلك أن سكانه لن يعودوا إليه أبدًا، بل سيجري توطينهم خارجه29.
ومن خلال تصريحات ترامب السابقة، يمكن الوقوف علي بعض ملامح خطته لقطاع غزة، الذي دمرته الحرب الإسرائيلية على مدار أكثر من 15 شهرًا، كما يلي:
1- التهجير: أبدى ترامب إصراره على رحيل سكان غزة عن القطاع، سواء إلي مصر والأردن، أو أندونيسيا وماليزيا وألبانيا، أو حتي المغرب وأرض البنط (بونتلاند) وأرض الصومال (صومالي لاند)30. ويبدو من تصريحات ترامب أنه لن يسمح للفلسطينيين بالعودة مرة أخري إلي قطاع غزة.
2- التهديد: لم يكن إصرار ترامب على تهجير سكان غزة سلميًا بشكل كامل، فقد هدد باللجوء إلى العنف في حال لم تنفذ خطته. وقال الرئيس الأمريكي صراحة: “إذا لم يحدث ذلك فسيجعلنا ذلك أكثر عنفًا”، لكنه لم يوضح تفاصيل أخرى عن مقصده. كما أن ترامب لم يستبعد “نشر قوات أمريكية لدعم إعادة إعمار غزة”.
3- التملك: أكد ترامب أنه يتطلع إلى “ملكية أمريكية طويلة الأمد” لقطاع غزة. وقال ترامب: “الولايات المتحدة سوف تتولى السيطرة على قطاع غزة وسنقوم بعمل هناك أيضًا. سوف نمتلكها”. وأضاف: “سنكون مسؤولين عن تفكيك كل القنابل غير المنفجرة والأسلحة الأخرى الخطيرة في هذا الموقع”.
4- التطوير: قال ترامب إنه يريد إعادة تطوير قطاع غزة، بعد توطين الفلسطينيين في أماكن أخرى خارجه. وذكر ترامب: “سنسوي الموقع بالأرض ونوجد تنمية اقتصادية”، مشيرًا إلى أنه “سيعمل على توفير فرص عمل وإسكان لسكان المنطقة”. لكنه قال إن غزة ينبغي ألا تمر بعملية إعادة الإعمار والسكن “من قبل نفس الأشخاص”، في إشارة إلى سكان القطاع. واعتبر ترامب أن غزة يمكن أن تصبح “ريفييرا الشرق الأوسط”. كما أضاف أنه “يتصور أن يعيش أناس من جميع أنحاء العالم في غزة” بعد خطته31.
وفي سياق متصل، أكد تقرير نشرته صحيفة “الشرق الأوسط”، أن اللقاءات التي أجراها ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، في إسرائيل، أن بين أهدافها خطة لإعمار غزة، وتشمل فعلًا تشجيع مجموعات من الفلسطينيين في غزة على الانتقال للعيش والعمل في دول أخرى عربية وإسلامية، لكنها تقضي بإعادة إعمارها لأجل كل من يريد البقاء منهم في غزة. وقد بنيت الخطة على طريقة البناء الصينية؛ حيث تقام عمارات شاهقة بارتفاع نحو 50 طابقًا، لتُعطى شقة سكنية ملائمة لكل عائلة تقبل السكن الدائم فيها، وعمليًا تتنازل عن حق العودة إلى بلداتها الأصلية التي طردت منها عائلاتهم في زمن النكبة الأولى عام 1948. ويكون السكن لقاء مبلغ رمزي، لمدة 25 سنة، وبعدها تصبح ملكًا شخصيًا لهذه العائلة بلا مقابل إضافي. ومن ضمن شروط الحصول على البيت مجانًا الموافقة على العمل في القطاع في مجال الزراعة أو السياحة أو التكنولوجيا العالية (هايتك)، وهي الموضوعات التي سيتم التركيز عليها خلال الإعمار. وتتضمن الخطة إقامة مجموعة فنادق حديثة على الشاطئ، ومجموعة عمارات تشغيل. وعلى الطريقة الصينية، تكون السكنى في منطقة العمل نفسها. ويتم تحويل أنفاق حماس إلى أنفاق خط سكة حديد لشبكة قطارات، يمكن أن تمتد حتى مصر والسعودية والأردن والضفة الغربية. ويقدر واضعو الخطة أن تستغرق عملية إعادة الإعمار، ما بين 10 و15 عامًا، لكن ستسبقها عملية إفراغ للردم الضخم ومعالجته بشكل مهني طيلة 5 سنوات. ومن ضمن الأمور التي بحثها ويتكوف، مدى الاستعداد لدى القطاع الخاص الإسرائيلي لإقامة شراكات عربية وفلسطينية في هذا المشروع32.
ولم يكتف ترامب بالتصريحات والمطالبات، بل بدأ في اتخاذ إجراءات عملية توضح أن حديثه عن التهجير في الأسبوع الأول من رئاسته لن تكون زوبعة إعلامية سرعان ما تهدأ أو تتوقف. ففي يوم زيارة بنيامين نتنياهو إلي واشنطن، وقع دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يقضي بانسحاب الولايات المتحدة من عدة هيئات تابعة للأمم المتحدة، وفي مقدمها مجلس حقوق الإنسان، ومراجعة تمويل واشنطن للمنظمة الدولية، كما وقع أمرًا تنفيذيًا يمدد تعليق التمويل الأمريكي لوكالة “الأونروا”، كما وقع مذكرة رئاسية تعيد فرض سياسة صارمة على إيران بغية منعها من امتلاك أسلحة نووية والحد من صادراتها النفطية33.
وكان ترامب قد ألغى قرار الرئيس السابق جو بايدن بتعليق إمداد إسرائيل بقنابل “إم كيه 84” الفتاكة والتي تزن طنًا على الأقل، والتي استخدمت في اجتياح رفح بغزة في مايو 202334. كما رفع العقوبات عن المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية35. كما قام بفرض عقوبات علي المحكمة الجنائية الدولية لإصدارها أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت36. يذكر أن ترامب خلال فترة رئاسته الأولي اعترف بالقدس عاصمة أبدية للكيان الصهيوني ونقل السفارة الأمريكية لها، واعترف بالسيادة الصهيونية على الجولان السوري المحتل.
ثالثًا: دوافع اصرار ترامب علي تهجير الفلسطينيين:
تنقسم الإجابة علي أسباب إصرار ترامب علي تهجير الفلسطينيين من غزة إلي مصر والأردن إلي شقين:
الشق الأول: يتعلق بدوافع ترامب المتعلقة بتهجير الفلسطينيين من غزة، وهي الدوافع التي تمت الإشارة إليها أعلاه في الاستنتاجات المتعلقة بالاستعراض التاريخي لمحاولات تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، وإن كان يمكن إضافة بعض الدوافع إليها والتي تتمثل في:
1- أن تهجير الفلسطينيين، بهدف تحقيق أهداف سياسية تحت ذريعة إنسانية، يعد شكلًا من أشكال التطهير العرقي، فهي دعوة تسعى لتوظيف معاناة المدنيين والكارثة الإنسانية التي تسببت فيها إسرائيل بأسلحة أمريكية، لتحقيق هدف التخلص من الشعب الفلسطيني صاحب الأرض، في محاكاة لعقلية الاستيطان الإحلالى الذي نشأت عليه الولايات المتحدة ذاتها قبل إسرائيل، حيث جرى التخلص من السكان الأصليين (الهنود الحمر) في أمريكا عبر إبادة نحو 50 مليونًا منهم.
2- إنكار وجود الشعب الفلسطيني ناهيك عن حقه في تقرير مصيره، وهو موقف يمثل روح الموقف الإسرائيلي؛ فمن المعلوم أن رؤية اليمين الصهيوني المتطرف الحاكم بقيادة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قائمة على رفض الاعتراف بوجود الشعب الفلسطيني، ورفض فكرة الدولة الفلسطينية، والسعي لضم الضفة الغربية وتهويد القدس والمسجد الأقصى، واحتلال قطاع غزة بالقوة العسكرية وتهجير سكانه، مدخلًا لإنهاء القضية الفلسطينية. هذا الموقف يشكل موقفًا لدولة إسرائيل المحتلة وليس موقفًا فقط لحكومة اليمين المتطرف، فقد تبنى الكنيست/ البرلمان الإسرائيلي تشريعًا (قانون أساس)، عرف بقانون القومية اليهودية صدر عام 2018، يعتبر الفلسطينيين أقلية وليسوا شعبًا أو قومية، ولا يحق لهم حق تقرير المصير، في وقت يدعم فيه الاستيطان في الضفة الغربية كقيمة وطنية.
3- الموقف الأمريكي لترحيل الفلسطينيين، يعفي إسرائيل وحكومة بنيامين نتنياهو من المسؤولية عن تدمير 80% من قطاع غزة، وقتل وجرح نحو 160 ألف فلسطيني، ويشجعهم أيضًا على تكرار التجربة في الضفة الغربية لتهجير نحو 2.5 مليون فلسطيني إلى الأردن لصالح المشاريع الاستيطانية وضم الضفة الغربية، طالما أن أكبر دولة في العالم توفر لهم الحماية والدعم37.
4- أن الجغرافيا السياسية جعلت من غزة عقبة أمام مشاريع أمريكية وإسرائيلية كبرى في المنطقة، وعلى رأسها:
أ- مشروع طريق الحرير الأمريكي: الذي يهدف إلى إنشاء ممر تجاري عالمي يربط الشرق الأوسط بالعالم عبر بنية تحتية متطورة، يمتد الممر المقترح عبر بحر العرب من الهند إلى الإمارات العربية المتحدة، ثم يعبر المملكة العربية السعودية والأردن وإسرائيل قبل أن يصل إلى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. وتعد غزة منطقة غير آمنة تهدد استقرار هذا المشروع.
ب- مشروع إعمار النقب: تركز إسرائيل على تطوير منطقة النقب، التي تشكل نحو60% من مساحتها، بهدف تعزيز الاستيطان والبنية التحتية في هذه المنطقة الصحراوية، والذي يخدمها في زيادة عدد السكان اليهود، الأمر الذي يعزز من الوجود الأمني والعسكري الإسرائيلي في النقب. وذلك من خلال إنشاء خطوط نقل برية وسكك حديد تمتد من إيلات إلى موانئ البحر المتوسط، وهو مشروع استراتيجي لإسرائيل، لكنه يواجه تهديدات أمنية في حال بقاء غزة مأهولة بسكانها المقاومين.
ج- مشروع الربط الإسرائيلي بين البحر الأحمر والبحر المتوسط (قناة بن غوريون): يهدف إلى إنشاء ممر مائي يربط بين ميناء إيلات على البحر الأحمر وميناء أسدود على البحر المتوسط، يُنظر إلى هذا المشروع كبديل محتمل لقناة السويس المصرية، ما قد يمنح إسرائيل سيطرة استراتيجية على حركة الملاحة بين البحرين، يعزز من تحكمها بالتجارة الدولية، بالإضافة إلى مساهمة القناة في مشاريع توليد الطاقة وتحلية المياه.
د- مشاريع استخراج الغاز الإسرائيلي من البحر المتوسط: تمتلك إسرائيل حقول غاز ضخمة في البحر المتوسط، من أبرزها حقل ليفياثان وتمار وكاريش، والتي تعد المصدر الرئيسي للطاقة لإسرائيل ولصادراتها إلى أوروبا، أما بالنسبة إلى حقل ماري-ب ، وهو أحد الحقول التي استُنزفت جزئيًا، فهو يقع على بعد 30 كم فقط من سواحل غزة، ما يجعله الأكثر تأثرًا بأي تصعيد أمني في القطاع. بالإضافة إلى ذلك، هناك حقل غزة مارين 30 كم من غزة، الذي يُقدر احتياطيه بنحو 1 تريليون قدم مكعب من الغاز، لكنه ظل غير مستغل بسبب القيود الإسرائيلية المفروضة على الفلسطينيين. ورغم أن ليفاثيان وتمار يقعان شمال فلسطين المحتلة، فإن الصواريخ التي تطلقها المقاومة الفلسطينية تهدد البنية التحتية للغاز، إذ سبق أن تم استهداف منصات الغاز القريبة من عسقلان، ناهيك بأن غزة تعد عائقًا جيوسياسيًا أمام خطط تصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر مصر أو مباشرة عبر البحر المتوسط38.
الشق الثاني: يتعلق بأسباب ثقة ترامب بإمكانية قبول مصر والأردن استقبال الفلسطينيين، وهي الأسباب التي تعود إلي:
1- تجربة كولومبيا: تتحدث دوائر مختلفة في واشنطن عن تبعات تراجع كولومبيا عن تحديها لطلبات ترامب، بقبولها عودة مواطنيها من المهاجرين غير النظاميين، ممن بدأت إدارة ترامب في ترحيلهم لبلدانهم الأصلية. فبعد رفض كولومبيا المبدئي، فرض ترامب رسومًا جمركية وعقوبات انتقامية، منها حظر سفر مسؤوليها للولايات المتحدة، وهو ما أدى لتراجع كولومبيا، فغيرت موقفها ووافقت على استرجاع مواطنيها. وعليه، فإن ممارسة ترامب لضغوطات علي مصر والأردن سيدفعهما إلي التخلي عن موقفهما الرافض للتهجير.
2- تجربة نقل السفارة: في ديسمبر 2017، وخلال فترة حكمه الأولى، أقدم الرئيس ترامب على إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، وأعقبه بقرار نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس، حيث تم افتتاحها في مايو عام 2018. وقال ترامب حينها إنه تم تحذيره من خطورة الإقدام على هذه الخطوة، التي سبق أن رفض القيام بها خمسة رؤساء أمريكيين، هم رونالد ريغان، وجورج بوش الأب، وبيل كلينتون، وجورج بوش الابن، وباراك أوباما، تحسبًا لردود فعل الدول العربية. ورغم أن خطوة ترامب خالفت أسس القانون والشرعية الدوليين وقرارات مجلس الأمن، فإن الدول العربية لم تتخذ أي إجراءات عقابية أو خطوات دبلوماسية تعكس رفضها للقرار وخطورته.
3- سابقة تراجع مصر: يرى خبراء أن ترامب يستدعي تجربة ضغطه الناجحة على مصر في شهر ديسمبر 2016، في الفترة ما بين فوزه بالانتخابات وقبل بدء حكمه، إذ خططت مصر آنذاك لتقديم مشروع قرار في مجلس الأمن يدين استمرار إسرائيل في بناء مستوطنات في أراضي الضفة الغربية، بينما تعهدت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما بعدم استخدام حق الفيتو لعرقلة صدور القرار. بالمقابل، تحدث نتنياهو حينها مع فريق ترامب، وتلقى وعدًا بالتدخل بالضغط على الجانب المصري، وهو ما تم بالفعل حين هاتف ترامب نظيره المصري، وحصل من السيسي على وعد بسحب مشروع القرار، فتم ذلك وغيرت مصر موقفها، واعتذر الوفد المصري لنظيره الأمريكي بمجلس الأمن عما آلت إليه الأمور، مبررًا ذلك بضغوط أمريكية واسعة على القيادة المصرية. لكن ورغم ذلك، نجحت إدارة أوباما في دفع أربع دول لتبني مشروع القرار بدلًا من مصر، وهي نيوزيلندا، والسنغال، وماليزيا، وفنزويلا39.
4- انفراد واشنطن بقيادة النظام الدولي: يعتقد ترامب أن التطورات في النظام الدولي تسير في صالح سياسة “الضغط الأقصى” سواء علي حلفائه أو خصومه. فالمخاوف التقليدية من أن تؤدي مثل هذه السياسة إلى منح روسيا والصين الفرصة لإغراء الدول المُضارة منها، بالتحالف معهما وتشكيل جبهة عالمية لمواجهة السياسة الأمريكية..هذه المخاوف – كما يعتقد ترامب – ليست واقعية، فروسيا لن تحاول تحدي الولايات المتحدة في الشرق الأوسط طمعًا في أن يمنحها ترامب فرصة لتحقيق أغلب أهدافها في أوكرانيا، والصين التي تحاول الولايات المتحدة جرها لحرب تجارية واسعة، وربما أيضًا لنزاع عسكري في آسيا وخاصة في تايوان، من المتوقع ألا تحاول تعزيز وتقوية علاقاتها بالشرق الأوسط على حساب المصالح الأمريكية في هذه الفترة، إما لاضطرارها للتركيز على مواجهة السياسة الأمريكية العدائية ضدها في آسيا دون غيرها، وإما طمعًا في إمكانية فتح مسار تفاوضي يٰخفض من توتر العلاقات بين الجانبين مستقبلًا. وبناءً على ذلك – حسب تصور ترامب أيضًا – فإن الدول العربية التي كانت تستخدم علاقاتها بروسيا والصين لموازنة الضغوط الأمريكية ضدها، لن يكون أمامها فرصة لاتباع مثل هذه السياسة وستتجاوب في النهاية مع المطالب الأمريكية40.
5- أوراق الضغط المتعددة: تمتلك الولايات المتحدة العديد من أوراق الضغط علي القاهرة والأردن تتمثل أبرزها في:
أ– العقوبات العسكرية: قد تقلص واشنطن أو توقف المساعدات العسكرية السنوية لمصر والأردن، أو تفرض حظرًا على بيع بعض الأسلحة المتطورة مثل الطائرات المقاتلة أو أنظمة الدفاع الجوي41. من المعروف أن الولايات المتحدة تقدم لمصر سنويًا منحًا تقدر بـ 2,150 مليار دولار منها 815 مليون دولار منح اقتصادية، و1.3 مليار دولار مساعدات عسكرية، لشراء مستلزمات تحديث وصيانة الأسلحة الأمريكية التي تعد ركيزة التسليح للجيش المصري والتي لا يوجد لها بديل خارجي. وقد وصل حجم المساعدات التي حصلت عليها القاهرة منذ معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية الموقعة في واشنطن عام 1979 ما يتخطى 75 مليار دولار، وتضمن طلب ميزانية الرئيس للسنة المالية 2025 مبلغ 1.4 مليار دولار لمصر42.
أما الأردن فيتلقى سنويًا مساعدات أمريكية بقيمة 1.65 مليار دولار منها 1.197 مليار دولار من وكالة التنمية الأمريكية و425 مليون دولار من وزارة الخارجية43. وبلغ إجمالي المساعدات الثنائية الأمريكية للأردن – التي تشرف عليها وزارتا الخارجية والدفاع – حتى السنة المالية 2020 حوالي 26.4 مليار دولار، طبقًا لدراسة لخدمة أبحاث الكونغرس، كذلك تضمن طلب ميزانية الرئيس للسنة المالية 2025 مبلغ 1.45 مليار دولار للأردن44.
ورغم تأكيد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب علي أنه قد يوقف المساعدات للأردن ومصر إذا لم يستقبلا اللاجئين45. كما أنه قد يلجأ إلي وقف هذه المساعدات لمصر في ظل مزاعم حول انتهاكات مصر لاتفاقية السلام مع إسرائيل. حيث ذكرت صحيفة “يسرائيل هيوم” أن الكونغرس الأمريكي يناقش للمرة الأولى مزاعم حول انتهاكات مصر لاتفاقية السلام مع إسرائيل، وسط قلق متزايد بشأن تزايد التعزيزات العسكرية المصرية في سيناء. وبحسب التقرير، ستُناقش هذه القضية الحساسة مبدئيًا في جلسة مغلقة تضم أعضاء من الحزب الجمهوري. وأشار البند المطروح للنقاش إلى أن مصر تنتهك اتفاقية السلام بشكل جوهري من خلال إدخال قوات ودبابات إلى سيناء، ما يعتبر تهديدًا استراتيجيًا على الحدود مع إسرائيل. وطالب بعض النواب الجمهوريين بإعادة النظر في الدعم المالي الأمريكي لمصر، إلى جانب وضع جدول زمني لسحب القوات المصرية من سيناء46.
إلا أن ترامب قد تعامل مع مصر والأردن في ملف المساعدات الأمريكية، بمعيارين مختلفين، فاستبعد الأردن من المساعدات الاقتصادية والعسكرية خلال التسعين يومًا القادمة، وأبقى المساعدات العسكرية لدولتين فقط هما إسرائيل ومصر47. المنطق الرياضي، يقول إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تربط بين المساعدات وبين انتزاع القبول باستقبال المهجرين الفلسطينيين، فمصر والأردن سواء في استثنائهما من المساعدات إلا إذا حصلت الولايات المتحدة من مصر بتعهدات تخالف تصريحاتها المعلنة برفض سياسة التهجير، وأنها ظلم وجريمة لن تشارك فيها القاهرة. لكن المنطق السياسي يقول شيئًا مختلفًا، فمصر والأردن، لهما موقف واحد ثابت، لا يختلف سره عن علنه، وأن الولايات المتحدة الأمريكية، أرادت قصدًا أن تحدث هذا الفرز والازدواجية في التعامل، حتى يضغط على الأردن أكثر، ويبقي خط التواصل مع مصر، ويمنع من حصول تنسيق فعال بين الأردن ومصر في اتجاه البحث عن موقف عربي مشترك رافض لرؤية ترامب، وداعم للبلدين العربيين48.
جدير بالذكر هنا، أنه بالتزامن مع مطالب ترامب بالتهجير ظهر تحريض إسرائيلي ضد القاهرة، رأى فيه مراقبون محاولة للضغط لقبول خطة ترامب، حيث حذر سفير إسرائيل بالأمم المتحدة، داني دانون، من تنامي الترسانة العسكرية للجيش المصري، في تصريح نادر على المستوى الرسمي في تل أبيب، وطالب المسؤول الإسرائيلي واشنطن بإعادة النظر في تزويد مصر بالسلاح، متسائلًا: “علينا أن نسأل أمريكا لماذا تحتاج مصر كل هذه المعدات؟”49.
وفي السياق ذاته، بدأت بعض مراكز الأبحاث الداعمة لإسرائيل في تحفيز الإدارة الأمريكية على اتخاذ مواقف صلبة ومتشددة تجاه مصر، إذ كتب جوناثان شانزر المدير التنفيذي لـ “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات” وهي مركز بحثي في واشنطن موال لإسرائيل، مقالًا انتقد فيه الدعم الدبلوماسي الأمريكي والمساعدات المالية الدائمة للقاهرة، وشكك في التزام مصر بمكافحة الإرهاب وبخاصة بشأن “حماس”، التي قال إن القاهرة غضت الطرف عن عمليات التهريب لها عبر سيناء، وأن إدارة بايدن حمت مصر خوفًا من زعزعة استقرار أقدم اتفاقية سلام في الشرق الأوسط. وعلى رغم اعتراف شانزر بأهمية العلاقات الأمريكية – المصرية، إلا أنه أشار إلى مواقف مصرية عديدة اعتبر أنها تتعارض مع سياسة الولايات المتحدة بما في ذلك ادعائه بأن القاهرة حاولت تصدير صواريخ إلى روسيا، واقتناء طائرات مقاتلة متطورة من الصين، ومساندة جنوب أفريقيا في دعوى اتهامها إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بارتكاب جرائم حرب، محذرًا من أن العلاقة المريحة سابقًا مع القاهرة قد لا تستمر، وقد يدفع موقف مصر الذي وصفه بغير المفيد إلى إعادة تقييم العلاقة معها بحسب تصوره، وهو ما يشير ربما إلى النهج الذي يمكن أن تستخدمه إدارة ترامب في محاولاتها الضغط على مصر50.
ب– العقوبات الاقتصادية: قد تشمل تقليص أو تعليق قروض جديدة من المؤسسات المالية وأسواق المال الدولية، وعرقلة الحصول على شرائح من القروض القائمة والتي تمت الموافقة عليها بالفعل في وقت سابق، منها مثلًا صرف باقي شرائح قرض صندوق النقد الدولي والبالغة قيمتها الإجمالية ثمانية مليارات دولار تم صرف ثلاث شرائح منها بقيمة تقل عن ملياري دولار. وتجدر الإشارة إلى أن صندوق النقد يتلكأ منذ شهور في الإفراج عن الشريحة الرابعة من القرض والبالغة قيمتها 1.2 مليار دولار، وتأجيل صرف تمويل إضافي بقيمة 1.3 مليار دولار ضمن برنامج الصلابة والاستدامة. ومن المعروف هنا كيف أن الولايات المتحدة تتحكم في دوائر صنع القرار داخل أهم مؤسستين دوليتين، هما صندوق النقد والبنك الدوليان، وكذلك التحكم في المؤسسات الشقيقة أو التابعة لها مثل مؤسستي التمويل الدولية والتنمية الدولية ووكالة ضمان الاستثمار متعدد الأطراف ومجموعة العمل المالي الدولية (الفاتف)، المسؤولة عن مكافحة الجرائم المالية وغسل الأموال وتمويل الإرهاب. كما لواشنطن تأثير قوي على صناعة القرار داخل المؤسسات الإقليمية التي تحصل منها مصر على قروض ضخمة، مثل البنك الآسيوي للتنمية، والبنك الأفريقي للتنمية، والبنك الأفريقي للتصدير والاستيراد، والبنك الإسلامي للتنمية وغيرها، وكذا على مؤسسات التقييم الدولية مثل موديز وفيتش وستاندرد أند بورز، وصناديق الاستثمار الكبرى.
ومن أوراق ترامب التي يمكن استخدامها ضد القاهرة والأردن فرض رسوم جمركية على الصادرات المصرية والأردنية للولايات المتحدة وادخالها آتون الحرب التجارية العالمية أسوة بما يحدث مع الصين وكندا والمكسيك، صحيح أن تلك الرسوم لن تمثل ضربة موجعة للصادرات المصرية قياسًا إلى أن قيمة تلك الصادرات بلغت 1.9 مليار دولار فقط في عام 2023، وبما يمثل 4.6% من صادرات مصر للعالم، قياسًا إلى 2.3 مليار دولار في العام 2022، لكن الخزانة المصرية بحاجة إلى كل دولار في ظل ضخامة الأعباء الخارجية من أقساط ديون وكلفة واردات وغيرها51.
كما يمكن للولايات المتحدة أن تقوم بفرض قيود على المشاريع الكبرى التي تديرها الشركات الأمريكية التي تستثمر في الدولتين. وقد تفرض الولايات المتحدة أيضًا قيودًا على النظام المالي المصري والأردني، خاصة فيما يتعلق بالتحويلات المالية عبر البنوك الأمريكية أو المؤسسات المالية الدولية، مما قد يعرقل قدرة مصر والأردن على إجراء المعاملات المالية الدولية بشكل سلس، علي سبيل المثال؛ قد تقلص واشنطن أو تمنع التعامل مع بعض البنوك المصرية والأردنية في النظام المالي الدولي، مما يؤثر على الاستثمارات والمعاملات التجارية52.
ومن الأوراق الأمريكية أيضًا احتمال ممارسة ضغوط أمريكية على قناة السويس، أهم ممر مائي في العالم، لخفض رسومها أسوة بما يجري حاليًا مع قناة بنما، والتي يهدد ترامب باستعادتها والسيطرة عليها في حال عدم خفض الرسوم المقررة على السفن الأمريكية المارة فيها.
كما يمكن لترامب ممارسة ضغوط على بعض دول الخليج الدائنة لمصر وحثها على عدم مد آجال سداد الودائع الدولارية لدى البنك المركزي المصري ومطالبة القاهرة بسدادها في الموعد المحدد، وعدم تحويلها إلى استثمارات مباشرة كما جرى في فترات سابقة53.
ج– العقوبات السياسية والعزلة الدولية: الولايات المتحدة، باعتبارها قوة عالمية مؤثرة، قد تسعى إلى عزل مصر والأردن دبلوماسيًا على الساحة الدولية. كما قد تسعى واشنطن إلى الضغط على حلفائها في أوروبا والشرق الأوسط لتقليص العلاقات معهما أو منعهما من الحصول على دعم سياسي في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة أو مجلس الأمن لاسيما فيما يتعلق بالقضايا الحيوية مثل سد النهضة الأثيوبي بالنسبة للقاهرة54. وكان لافتًا في الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، في 4 فبراير 2025، أن بيان البيت الأبيض أشار إلى أن الزعيمين ناقشا قضية السد، في حين لم يأت البيان الرئاسي المصري على ذكر هذه النقطة، ما أثار التساؤلات حول ما إذا كانت القضية قد طُرحت في سياق أوسع يشمل ضغوطًا أمريكية على القاهرة في ما يتعلق بملف غزة، وأن إدارة ترامب ربما تحاول إغراء مصر بوعود بحل أزمة سد النهضة مقابل تقديم تنازلات في ملف غزة، مثل استقبال الفلسطينيين النازحين جراء الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة55.
د– العقوبات على الأفراد والكيانات: قد تفرض الولايات المتحدة عقوبات شخصية على كبار المسؤولين الحكوميين أو رجال الأعمال المقربين من الحكومة المصرية والأردنية أو الكيانات المرتبطة بالحكومة، خاصة إذا كانت هناك دلائل على تورطهم في رفض التعاون مع المبادرات الأمريكية. في هذا السياق، قد تشمل العقوبات تجميد الأصول وحظر السفر إلى الولايات المتحدة56.
رابعًا: فرص نجاح خطة ترامب بتهجير الفلسطينيين:
رغم أن العديد من التحليلات تري أن هذه الخطة غير واقعية وصعبة التنفيذ لعدة أسباب، أبرزها:
- رفض الدول العربية، حيث جاء الرفض مباشرة من مصر والأردن اللتين حددهما ترامب بوصفهما مكان لتهجير سكان غزة إليهما، بالإضافة إلى الدول العربية المركزية مثل السعودية والإمارات وقطر اللتين أصدرتا موقفًا معارضًا لتهجير السكان من قطاع غزة، لا بل إن السعودية أصدرت بيانًا بعيد بيان ترامب أكدت فيه على موقفها الداعي لإقامة دولة فلسطينية ومعارضة التهجير، وبهذا تؤكد السعودية على الربط بين التطبيع وحل الدولتين. وحتى بعد تصريح نتنياهو للقناة 14 الإسرائيلية عن إمكانية قيام دولة فلسطينية في السعودية، والتي اعتبرتها وسائل الإعلام الإسرائيلية “مزحة” من نتنياهو، سارعت الدول العربية لإصدار بيانات شديدة اللهجة ضد كلام نتنياهو. وأعلنت جامعة الدول العربية عن تنظيم قمة عربية طارئة في القاهرة في 27 فبراير 2025، لبحث سبل مواجهة خطة ترامب.
- اعتبار الخطة بأنها انتهاك للقانون الدولي وحتى جريمة حرب وفقًا لرأي خبراء بالقانون الدولي، دفع الدول الأوروبية وغيرها إلى رفض الخطة. وهذا التأطير القانوني للخطة سوف يعقد مسألة استعداد دول أخرى غير عربية لاستقبال السكان الفلسطينيين.
- صعوبة تنفيذ الخطة على أرض الواقع، فهي تحتاج إلى احتلال قطاع غزة، وهذا سيواجه بمقاومة مسلحة شديدة بعد أن أعادت الفصائل الفلسطينية ترتيب صفوفها وكوادرها، مما قد يكبد الجيش الإسرائيلي خسائر كبيرة، فضلًا عن غياب الشرعية الدولية لاستئناف الحرب، وبخاصة بعد إبرام الاتفاق بين حماس وإسرائيل، وبدء دخول المساعدات الانسانية لقطاع غزة وعودة النازحين57.
- سيكون لإصرار ترامب على مخطط تهجير سكان قطاع غزة تداعيات كبيرة، خصوصًا أنه يتحدث أيضًا عن أن إدارته ستبت في إمكانية الاعتراف بضم إسرائيل أجزاء واسعة من الضفة الغربية. وتخشى بعض الأوساط في واشنطن من أن مجرد طرحه المقترح قد يؤدي إلى زيادة العنف في المنطقة، وتخريب اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، ولا سيما أن نتنياهو يحاول التنصل بكل طريقة ممكنة من تنفيذ المرحلتين الثانية والثالثة في الاتفاق الذي توسطت فيه قطر ومصر والولايات المتحدة. وفعلًا، فقد صدرت جملة من التصريحات عن وزراء يمينيين إسرائيليين يؤيدون فكرة ترامب بتطهير قطاع غزة عرقيًا، ومن ذلك الأمر الذي أصدره وزير الحرب الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في 6 فبراير 2025، للجيش بإعداد خطة للسماح بالخروج الطوعي للسكان من قطاع غزة.
- يحذر البعض في واشنطن من أن إصرار ترامب على هذا المقترح قد يعوق مساعيه الأخرى لتوسيع دائرة الاتفاقيات الإبراهيمية، خصوصًا بعد إعلان السعودية موقفًا رافضًا لأي مساعي لتهجير الفلسطينيين من القطاع، وتأكيدها أنها لن تطبع مع إسرائيل من دون ضمانات لقيام دولة فلسطينية، وهو ما يرفضه نتنياهو تمامًا. ويقول هؤلاء إن فكرة استيلاء الولايات المتحدة على غزة تقلب الموقف الأمريكي الرسمي، الذي يتبنى منذ عقود طويلة، حل الدولتين رأسًا على عقب، كما أن من شأنه أن يدفع الولايات المتحدة إلى قلب الصراع “الفلسطيني – الإسرائيلي” بطريقة حاول الرؤساء السابقون تجنبها. كما أن الضغوط التي يمارسها ترامب على الأردن ومصر قد تؤدي إلى قلاقل في البلدين الحليفين لأمريكا.
- الانتقادات الكبيرة لخطة ترامب بتهجير الفلسطينيين إلي مصر والأردن، ليس فقط من أطراف عربية ودولية فحسب، ولا من الحزب الديمقراطي وحده58، بل حتى من الجمهوريين أنفسهم الذين رأوا فيها نكوصًا من ترامب عن شعاره الذي يهتدي به في سياسته الخارجية “أميركا أولًا”. ويشير هؤلاء إلى أن طموحاته في السيطرة على واحدة من أسوأ مناطق الكوارث في العالم تتناقض مع انتقاداته لأسلافه في التورط في حروب لا نهاية لها، أو انتقاده لمحاولة جورج بوش الابن إعادة بناء العراق بعد احتلاله عام 2003. وأشار نقاده من الجمهوريين إلى أن نيته السيطرة على قطاع غزة وإعادة إعماره، التي ستكلف عشرات المليارات من الدولارات، تتناقض مع سعيه لإغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID بذريعة أنها تنفق مليارات الدولارات على المساعدات الخارجية سنويًا هباءً59.
- تجربة ترامب في ولايته الأولى التي لم يتمكن خلالها من فرض ما أسماه الإعلام الأمريكي بـ”صفقة القرن” التي طرحها عام 2020 لحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.
- من شأن الدفع بمخطط التهجير أن يزيد من حالة الغضب الشعبي ضد السياسة الأمريكية بما سترتفع معه مخاطر العنف والإرهاب ضد المواطنين والمصالح الأمريكية على حد سواء60.
وفي ضوء هذه التحديات، يبدو أن الرئيس الأمريكي لا يهدف بالضرورة إلى التهجير، وإنما أقصى ما يهدف إليه، يتمثل فيما يلي:
- تقديم المبررات لعدم اتخاذ إدارة ترمب يدًا حازمة مع نتنياهو للحفاظ على وقف إطلاق النار في غزة في المرحلتين القادمتين، وظهرت نظريات تفيد بأن حكومة نتنياهو ربما أبرمت صفقة مع فريق ترمب الانتخابي قبل الانتخابات، حيث زعمت حركة “غير الملتزمين”، وهي المجموعة المؤيدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة التي سعت إلى الضغط على إدارة بايدن والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس بشأن سياستهما تجاه غزة، أن ترمب وعد بدعم التوسع الاستيطاني، وتقليص المساعدات الإنسانية، والعودة إلى العمليات العسكرية في غزة في مقابل تعزيز صورة ترامب من خلال تعهده بالعمل على وقف إطلاق النار61. وهنا، قد يروج ترامب بأن نتنياهو اضطر للعودة إلي القتال في غزة نتيجة رفض الدول العربية لاستقبال الفلسطينيين (مؤقتًا)، والترويج بأن مسئولة اسقاط اتفاق وقف إطلاق النار في غزة تتحملها الدول العربية وليست إسرائيل.
- الضغط على مصر والأردن، للمشاركة في صنع بديل عن حماس لحكم قطاع غزة، فالولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي، تنأى بنفسها جميعًا أن تكون قواتها جزءًا من الحل في غزة، لأنها لا تريد مواجهة مباشرة مع حماس ولا فصائل المقاومة الفلسطينية، لكن في المقابل، لا يوجد أي حل مطروح على الطاولة ما دامت الدول العربية، وفي مقدمتها مصر والأردن ترفض القيام بنفس الدور. وبالتالي، فإن ترامب يضغط لتنفيذ أي من الرؤيتين المطروحتين (المقبولتين أمريكيًا وإسرائيليًا) فيما يتعلق بمستقبل غزة؛ ففي الرؤية الأولي لا تكون حماس حاضرة البتة في حكم القطاع، وفي الثانية تحضر بمشاركة أصغر في الحكم، مع ضمانات أمنية تلتزم بها مصر، وتشديد الرقابة على معبر رفح بمشاركة قوات دولية62.
- الضغط علي الدول العربية لتمرير الرؤية الإسرائيلية الأمريكية في ضم البؤر الاستيطانية والمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، أو حتي ضم مناطق من لبنان وسوريا بعد سيطرة إسرائيل عليها، دون أن يثير ذلك أي اعتراض عربي، بل وربما تضغط الدول العربية علي الفلسطينيين لتمرير تلك الرؤية حتي لا تتعرض هي لضغوطات تهدد أمنها القومي.
- الحفاظ علي الائتلاف الحكومي الإسرائيلي من الانهيار من خلال ضمان عدم انسحاب وزير المالية الإسرائيلي بتسليل سموتريتش من الحكومة في حالة استكمال المرحلتين الثانية والثالثة لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بل وإمكانية عودة وزير الأمن القومي المستقيل إيتمار بن غفير للحكومة؛ وذلك بدعوي أن قدوم ترامب يمثل فرصة لهذا التيار اليميني لتنفيذ كل مخططاته، وبالتالي فإنه يجب عدم تفويت هذه الفرصة من خلال منع سقوط الحكومة اليمينية المتطرفة الحالية. وفي هذا السياق؛ فقد هنأ بن غفير الرئيس الأمريكي على مقترحه (تهجير سكان غزة إلي مصر والأردن)، قائلًا إنه أحد أهم مطالبنا منذ بداية الحرب، مضيفًا “عندما يطرح رئيس أكبر قوة في العالم ترامب الفكرة بنفسه، يجب على الحكومة الإسرائيلية تنفيذها. علينا تشجيع الهجرة الآن”. أما سموتريتش، فاعتبر أن مساعدة أهل غزة على إيجاد أماكن أخرى لهم لبدء حياة جديدة بعد 76 عامًا ظل فيها غالبية سكان القطاع محتجزين بالقوة في ظروف قاسية للحفاظ على طموح تدمير دولة إسرائيل، هي فكرة رائعة، مضيفًا أنه وبعد سنوات من “تقديس الإرهاب” بحسب تعبيره، سيتمكنون من تأسيس حياة جديدة وأفضل في مكان آخر. وأوضح أن المقترح الترامبي تفكير خارج الصندوق لإيجاد حلول جديدة لإنهاء هذا الملف بعد سنوات طويلة قدم خلالها رجال الكيان المحتل حلولًا غير عملية مثل تقسيم الأرض وإقامة دولة فلسطينية، مضيفًا “سأعمل بشكل وثيق مع رئيس الوزراء والمجلس الوزاري المصغر (الكابينت) حتى تكون هناك خطة عملياتية لتنفيذ ذلك في أسرع وقت ممكن”63.
ختامًا؛ علي المستوي الاستراتيجي، تهدف فكرة تهجير الفلسطينيين من أراضيهم إلى حل المعضلات الأمنية والقانونية، بل والأخلاقية لإسرائيل عن طريق تحويل القضية الفلسطينية من قضية أرض محتلة وشعب يبحث عن حقه الشرعي في تقرير مصيره، إلى قضية إنسانية بحتة، تبحث عن تقديم العون للشعب الفلسطيني عن طريق تهجيره من أراضيه، ليس فقط نحو تفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها، بل ونحو تصدير أزمات إسرائيل إلى الدول العربية المحيطة بها حتى إذا ما حدث انفجار تكون توابعه في هذه الدول بعيدة عن الدولة العبرية64. وعلي المستوي التكتيكي، تسعي إسرائيل، ومن خلفها واشنطن، إلي مقايضة عملية تهجير الفلسطينيين بضرورة إيجاد جسم عربي، أو فلسطيني أو دولي، يأخذ على عاتقه السيطرة المدنية على القطاع ويمنع عودة حماس للحكم، حتي لا يتم إلقاء العبء على دولة الاحتلال كما حدث بعد عام 196765. وربما ذلك يفسر ما يشبه التراجع الأمريكي عن تصريحات ترامب، عندما أعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن واشنطن ستمنح البلدان العربية فرصة للتوصل إلى خطة بشأن غزة. وقال روبيو: “سنمنح البلدان العربية فرصة للتوصل إلى خطة بشأن غزة وأعتقد أنهم يعملون بحسن نية”. وأضاف: “إذا كانت لدى الدول العربية خطة أفضل بشأن غزة فهذا أمر جيد”. وتابع: “الشركاء العرب سيجتمعون في السعودية في غضون أسبوعين ثم يعودون إلينا بخطة بشأن غزة”66.
1 “ترامب ونتنياهو وحدود سياسة “الضغط الأقصى””، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 6/2/2025، الرابط: https://acpss.ahram.org.eg/News/21352.aspx#
2 ““يخشون تكرار التاريخ”.. لماذا تصر مصر والأردن على رفض خطة ترامب لتهجير سكان غزة؟”، عربي بوست، 9/2/2025، الرابط: https://arabicpost.net/%d8%aa%d9%82%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%b1-%d8%b4%d8%a7%d8%b1%d8%ad%d8%a9/2025/02/09/%d8%ae%d8%b7%d8%a9-%d8%aa%d8%b1%d8%a7%d9%85%d8%a8-%d9%84%d8%aa%d9%87%d8%ac%d9%8a%d8%b1-%d8%b3%d9%83%d8%a7%d9%86-%d8%ba%d8%b2%d8%a9-2/
3 “”الترانسفير الجديد”.. كيف تعددت خطط ومسميات محاولات تهجير الفلسطينيين؟”، عربي21، 4/2/2025، الرابط: https://arabi21.com/story/1659154/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%86%D8%B3%D9%81%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%AA%D8%B9%D8%AF%D8%AF%D8%AA-%D8%AE%D8%B7%D8%B7-%D9%88%D9%85%D8%B3%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D9%87%D8%AC%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86
4 “التاريخ المخزى لمقترح إعادة التوطين”، الشروق، 1/2/2025، الرابط: https://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=01022025&id=db25bc62-9517-42ad-a853-c2d6f9ffd755
5 “هجرة طوعية” من غزة.. واقعية الطرح وإمكانيات التنفيذ”، مركز يبوس للاستشارات والدراسات الإستراتيجية، 11/3/2024، الرابط: http://www.yabous.info/?id=76
6 “من «خطة سيناء» لـ«صفقة القرن»… محطات تاريخية في محاولات «تهجير الفلسطينيين»”، الشرق الأوسط صحيفة العرب الأولي، 27/1/2025، الرابط: https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7/5105383-%D9%85%D9%86-%D8%AE%D8%B7%D8%A9-%D8%B3%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D9%84%D9%80%D8%B5%D9%81%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D9%86-%D9%85%D8%AD%D8%B7%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D9%87%D8%AC%D9%8A%D8%B1
7 “هجرة طوعية” من غزة.. واقعية الطرح وإمكانيات التنفيذ”، مرجع سابق.
8 ينص علي وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن، للاجئين الراغبين في العودة الى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة الى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر. للإطلاع علي نص القرار، انظر: “نص القرار رقم 194.. العودة والتعويض”، الجزيرة نت، 3/10/2004، الرابط: https://www.ajnet.me/2004/10/03/%D9%86%D8%B5-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%B1%D9%82%D9%85-194-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%88%D8%AF%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D9%88%D9%8A%D8%B6
9 “”الترانسفير الجديد”.. كيف تعددت خطط ومسميات محاولات تهجير الفلسطينيين؟”، مرجع سابق.
10 ““يخشون تكرار التاريخ”.. لماذا تصر مصر والأردن على رفض خطة ترامب لتهجير سكان غزة؟”، مرجع سابق.
11 “”الترانسفير الجديد”.. كيف تعددت خطط ومسميات محاولات تهجير الفلسطينيين؟”، مرجع سابق.
12 “من «خطة سيناء» لـ«صفقة القرن»… محطات تاريخية في محاولات «تهجير الفلسطينيين»”، مرجع سابق.
13 “”الترانسفير الجديد”.. كيف تعددت خطط ومسميات محاولات تهجير الفلسطينيين؟”، مرجع سابق.
14 ” تفاصيل وثيقة إسرائيلية مسربة أوصت باحتلال غزة”، الجزيرة نت، 31/10/2023، الرابط: https://www.ajnet.me/politics/2023/10/31/%D8%A3%D9%88%D8%B5%D8%AA-%D8%A8%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%84-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B5%D9%8A%D9%84-%D9%88%D8%AB%D9%8A%D9%82%D8%A9
15 ” لماذا تصريحات ترامب عن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزّة؟”، الجزيرة نت، 27/1/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/opinions/2025/1/27/%d9%84%d9%85%d8%a7%d8%b0%d8%a7-%d8%aa%d8%b5%d8%b1%d9%8a%d8%ad%d8%a7%d8%aa-%d8%aa%d8%b1%d8%a7%d9%85%d8%a8-%d8%b9%d9%86-%d8%aa%d9%87%d8%ac%d9%8a%d8%b1
16 ” أوراق العرب لإجهاض خطة ترمب”، مركز الدراسات العربية الأوراسية، 30/1/2025، الرابط: https://eurasiaar.org/%d8%a3%d9%88%d8%b1%d8%a7%d9%82-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b1%d8%a8-%d9%84%d8%a5%d8%ac%d9%87%d8%a7%d8%b6-%d8%ae%d8%b7%d8%a9-%d8%aa%d8%b1%d9%85%d8%a8/
17 ” مصادر عبرية: خطة إسرائيلية بمدن مصرية مقابل مليارات الدولارات لمصر”، وكالة قدس برس للأنباء، 23/10/2023، الرابط: https://qudspress.com/88682/
18 “”الترانسفير الجديد”.. كيف تعددت خطط ومسميات محاولات تهجير الفلسطينيين؟”، مرجع سابق.
19 “من «خطة سيناء» لـ«صفقة القرن»… محطات تاريخية في محاولات «تهجير الفلسطينيين»”، مرجع سابق.
20 “هجرة طوعية” من غزة.. واقعية الطرح وإمكانيات التنفيذ”، مرجع سابق.
21 المرجع السابق.
22 “التاريخ المخزى لمقترح إعادة التوطين”، مرجع سابق.
23 ” ترامب يدعو مصر والأردن لاستقبال مزيد من الفلسطينيين”، سكاي نيوز عربية، 26/1/2025، الرابط: https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1772137-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%8A%D8%AF%D8%B9%D9%88-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%94%D8%B1%D8%AF%D9%86-%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D8%A7%D9%84-%D9%85%D8%B2%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86
24 ” “سيفعلان ذلك”.. ترامب يرد على سؤال عن رفض مصر والأردن لخطة استقبال الفلسطينيين من غزة”، CNN عربية، 31/1/2025، الرابط: https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2025/01/31/news-they-will-do-it-says-trump-restating-plan-for-egypt-and-jordan-to-accept-expelled-palestinians?fbclid=IwY2xjawILBQBleHRuA2FlbQIxMAABHd0bEs289MefdtiAAkFZmO-EDsq92GvtGxiDq6M0YezgVyHYQXFcDRfcqw_aem_PF3Lx4uQayOTKq8EDEtHDA
25 ” خطة تطهير عرقي تنطوي على نزعة نيو-إمبريالية وتتطلب رداً حازماً”، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 6/2/2025، الرابط: https://www.palestine-studies.org/ar/node/1656798
26 ” المنصة تنشر النص الكامل للمؤتمر الصحفي بين ترامب والملك عبد الله عن مستقبل غزة”، المنصة، 12/2/2025، الرابط: https://manassa.news/stories/22295
27 “خطة ترامب لتهجير سكان قطاع غزة: أصل الفكرة، آفاقها، وتداعياتها”، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 10/2/2025، الرابط: https://www.dohainstitute.org/ar/PoliticalStudies/Pages/trump-plans-for-ethnic-cleansing-in-gaza.aspx
28 “ترامب من صفقة القرن إلى دعوة التطهير العرقي في قطاع غزة”، الجزيرة نت، 27/1/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/politics/2025/1/27/%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%85%D9%86-%D8%B5%D9%81%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D9%86-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%AF%D8%B9%D9%88%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D9%87%D9%8A%D8%B1
29 “خطة ترامب لتهجير سكان قطاع غزة: أصل الفكرة، آفاقها، وتداعياتها”، مرجع سابق.
30 ” إعلام عبري يكشف وجهات جديدة مطروحة في سياق مقترح ترامب لتهجير الغزيين”، RT عربي، 5/2/2025، الرابط: https://arabic.rt.com/world/1643814-%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%B9%D8%A8%D8%B1%D9%8A-%D9%8A%D9%83%D8%B4%D9%81-%D9%88%D8%AC%D9%87%D8%A7%D8%AA-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D9%85%D8%B7%D8%B1%D9%88%D8%AD%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D9%82-%D9%85%D9%82%D8%AA%D8%B1%D8%AD-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%84%D8%AA%D9%87%D8%AC%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B2%D9%8A%D9%8A%D9%86/
31 “ملامح خطة ترامب لغزة.. تهجير وتهديد و”ملكية طويلة الأمد””، سكاي نيوز عربية، 5/2/2025، الرابط: https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1774681-%D9%85%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%AD-%D8%AE%D8%B7%D8%A9-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%84%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D8%AA%D9%87%D8%AC%D9%8A%D8%B1-%D9%88%D8%AA%D9%87%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D9%88%D9%85%D9%84%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D8%B7%D9%88%D9%8A%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%94%D9%85%D8%AF?fbclid=IwY2xjawIRpU9leHRuA2FlbQIxMAABHYXtO7lqY2F8bayCsg25Pf81aZw7A-3GR-cW3878bdotCvh_QRVXOLrqIA_aem_sYGvFyMMdkxXFEUqnXb6Ow
32 “خطة أميركية لإعمار غزة… على «الطريقة الصينية»”، الشرق الأوسط صحيفة العرب الأولي، 1/2/2025، الرابط: https://aawsat.com/%D8%B4%D8%A4%D9%88%D9%86-%D8%A5%D9%82%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%8A%D8%A9/5107170-%D8%AE%D8%B7%D8%A9-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%A5%D8%B9%D9%85%D8%A7%D8%B1-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9
33 ” خطة تطهير عرقي تنطوي على نزعة نيو-إمبريالية وتتطلب رداً حازماً”، مرجع سابق.
34 “ترامب يلغي قرار بايدن.. ويسمح بإرسال قنابل ثقيلة لإسرائيل”، سكاي نيوز عربية، 25/1/2025، الرابط: https://www.skynewsarabia.com/world/1772093-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%8A%D9%84%D8%BA%D9%8A-%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%A8%D8%A7%D9%8A%D8%AF%D9%86-%D9%88%D9%8A%D8%B3%D9%85%D8%AD-%D8%A8%D8%A7%D9%95%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D9%84-%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A8%D9%84-%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%84%D8%A9-%D9%84%D8%A7%D9%95%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D9%8A%D9%94%D9%8A%D9%84
35 “ترامب يلغي عقوبات على مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية”، سكاي نيوز عربية، 21/1/2025، الرابط: https://www.skynewsarabia.com/middle-east/1770686-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%8A%D9%84%D8%BA%D9%8A-%D8%B9%D9%82%D9%88%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%95%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D9%8A%D9%94%D9%8A%D9%84%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D9%81%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9
36 “بسبب إسرائيل.. ترامب يقر عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية”، سكاي نيوز عربية، 7/2/2025، الرابط: https://www.skynewsarabia.com/world/1775226-%D8%A8%D8%B3%D8%A8%D8%A8-%D8%A7%D9%95%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D9%8A%D9%94%D9%8A%D9%84-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%8A%D9%82%D8%B1-%D8%B9%D9%82%D9%88%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%86%D8%A7%D9%8A%D9%94%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9
37 ” إعمار غزة.. والأمن القومي المصري والأردني”، الجزيرة نت، 2/2/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/opinions/2025/2/2/%D8%A5%D8%B9%D9%85%D8%A7%D8%B1-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%85%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A
38 “ترامب وحلم المسيحانيين الصهاينة: عندما يصبح التهجير سياسة رسمية”، الميادين نت، 8/2/2025، الرابط: https://www.almayadeen.net/articles/%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%88%D8%AD%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%AD%D8%A7%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%87%D8%A7%D9%8A%D9%86%D8%A9–%D8%B9%D9%86%D8%AF%D9%85%D8%A7-%D9%8A%D8%B5%D8%A8%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%87%D8%AC%D9%8A%D8%B1-%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%B1%D8%B3
39 ” 5 أسباب وراء ثقة ترامب بإمكانية تهجير سكان غزة لمصر والأردن”، الجزيرة نت، 2/2/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/politics/2025/2/2/5-%d8%a3%d8%b3%d8%a8%d8%a7%d8%a8-%d9%88%d8%b1%d8%a7%d8%a1-%d8%ab%d9%82%d8%a9-%d8%aa%d8%b1%d8%a7%d9%85%d8%a8-%d8%a8%d8%a5%d9%85%d9%83%d8%a7%d9%86%d9%8a%d8%a9-%d8%aa%d9%87%d8%ac%d9%8a%d8%b1
40 “ترامب ونتنياهو وحدود سياسة “الضغط الأقصى””، مرجع سابق.
41 “العلاقات المصرية-الأمريكية وخطة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء: الموقف المصري والسيناريوهات المتوقعة”، مركز ايجبشن انتربرايز للسياسات والدراسات الاستراتيجية، 2/2/2025، الرابط: https://egyptianenterprise.com/2025/02/%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%85%d8%b1%d9%8a%d9%83%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%ae%d8%b7%d8%a9-%d8%aa%d9%87%d8%ac%d9%8a/
42 ” 5 أسباب وراء ثقة ترامب بإمكانية تهجير سكان غزة لمصر والأردن”، مرجع سابق.
43 “أوراق ترمب وحدود مقاومة نقل الفلسطينيين خارج غزة”، إندبندنت عربية، 3/2/2025، الرابط: https://www.independentarabia.com/node/617026/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%AA%D8%AD%D9%84%DB%8C%D9%84/%D8%A3%D9%88%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D8%AA%D8%B1%D9%85%D8%A8-%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF-%D9%85%D9%82%D8%A7%D9%88%D9%85%D8%A9-%D9%86%D9%82%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D8%AC-%D8%BA%D8%B2%D8%A9?fbclid=IwY2xjawIN6C5leHRuA2FlbQIxMAABHUUJ_g8_MYg37DTRqlNYzRrvGLrTDLt1yT5enB5zhqZAnFP28hHw6_V1rg_aem_BvDPcRChY-QT1yLzWr0W9A
44 ” 5 أسباب وراء ثقة ترامب بإمكانية تهجير سكان غزة لمصر والأردن”، مرجع سابق.
45 “ترامب يهدد بإلغاء اتفاق غزة ووقف المساعدات للأردن ومصر”، الجزيرة نت، 11/2/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2025/2/11/%d8%b9%d8%a7%d8%ac%d9%84-%d8%aa%d8%b1%d8%a7%d9%85%d8%a8-%d8%a5%d8%b0%d8%a7-%d9%84%d9%85-%d8%aa%d8%aa%d9%85-%d8%a5%d8%b9%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%ac%d9%85%d9%8a%d8%b9
46 ” الكونغرس الأمريكي يناقش لأول مرة مزاعم انتهاك مصر لاتفاقية السلام مع إسرائيل”، موقع الدفاع العربي، 24/1/2025، الرابط: https://www.defense-arabic.com/2025/01/24/%d8%a7%d9%84%d9%83%d9%88%d9%86%d8%ba%d8%b1%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%85%d8%b1%d9%8a%d9%83%d9%8a-%d9%8a%d9%86%d8%a7%d9%82%d8%b4-%d9%84%d8%a3%d9%88%d9%84-%d9%85%d8%b1%d8%a9-%d9%85%d8%b2%d8%a7%d8%b9/
47 ” ترامب يستثني مصر وإسرائيل من تعليق المساعدات الخارجية”، الجزيرة نت، 25/1/2025، الرابط: https://www.ajnet.me/news/2025/1/25/%D8%B1%D9%88%D9%8A%D8%AA%D8%B1%D8%B2-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D8%AB%D9%86%D9%8A-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D9%88%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%85%D9%86
48 “في فهم تهديدات ترامب لمصر والأردن بتهجير الفلسطينيين إليهما”، القدس العربي، 30/1/2025، الرابط: https://www.alquds.co.uk/%d9%81%d9%8a-%d9%81%d9%87%d9%85-%d8%aa%d9%87%d8%af%d9%8a%d8%af%d8%a7%d8%aa-%d8%aa%d8%b1%d8%a7%d9%85%d8%a8-%d9%84%d9%85%d8%b5%d8%b1-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b1%d8%af%d9%86-%d8%a8%d8%aa%d9%87%d8%ac/
49 ” الحشد العسكري يدعو للقلق.. سفير إسرائيل بالأمم المتحدة يحرض على مصر”، مصراوي، 31/1/2025، الرابط: https://www.masrawy.com/news/news_publicaffairs/details/2025/1/31/2719391/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B4%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A-%D9%8A%D8%AF%D8%B9%D9%88-%D9%84%D9%84%D9%82%D9%84%D9%82-%D8%B3%D9%81%D9%8A%D8%B1-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9-%D9%8A%D8%AD%D8%B1%D8%B6-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%B5%D8%B1
50 “أوراق ترمب وحدود مقاومة نقل الفلسطينيين خارج غزة”، مرجع سابق.
51 “ترامب وأوراق معاقبة مصر اقتصادياً…ماذا عن أسلحة القاهرة؟”، العربي الجديد، 10/2/2025، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/economy/%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%88%D8%A3%D9%88%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%82%D8%A8%D8%A9-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D9%8B%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D8%B9%D9%86-%D8%A3%D8%B3%D9%84%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9
52 “العلاقات المصرية-الأمريكية وخطة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء: الموقف المصري والسيناريوهات المتوقعة”، مرجع سابق.
53 “ترامب وأوراق معاقبة مصر اقتصادياً…ماذا عن أسلحة القاهرة؟”، مرجع سابق.
54 “العلاقات المصرية-الأمريكية وخطة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء: الموقف المصري والسيناريوهات المتوقعة”، مرجع سابق.
55 “اتصال ترامب والسيسي يحرك قضية سد النهضة”، العربي الجديد، 5/2/2025، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/politics/%D8%A7%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D9%84-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B3%D9%8A-%D9%8A%D8%AD%D8%B1%D9%83-%D9%82%D8%B6%D9%8A%D8%A9-%D8%B3%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9
56 “العلاقات المصرية-الأمريكية وخطة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء: الموقف المصري والسيناريوهات المتوقعة”، مرجع سابق.
57 “تعقيدات من كُلِّ الاتجاهات: خطة ترمب ومستقبل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة”، مركز الإمارات للسياسات، 13/2/2025، الرابط: https://epc.ae/ar/details/scenario/khutat-trump-wamustaqbal-aitifaq-waqf-eitlaq-annar-fi-gaza
58 وجه 143 نائبًا ديمقراطيًا (نحو ثلثي الأعضاء الديمقراطيين بمجلس النواب البالغ عددهم 215) رسالة إلى ترامب طالبوه فيها بالتراجع عن تعليقاته بشأن سيطرة الولايات المتحدة على غزة. انظر: “نواب وحاخامات أميركيون يطالبون ترامب بالتراجع عن مخطط الاستيلاء على غزة”، الجزيرة نت، 14/2/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2025/2/14/%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%A8-%D9%88%D8%AD%D8%A7%D8%AE%D8%A7%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%88%D9%86-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8
59 “خطة ترامب لتهجير سكان قطاع غزة: أصل الفكرة، آفاقها، وتداعياتها”، مرجع سابق.
60 “ترامب ونتنياهو وحدود سياسة “الضغط الأقصى””، مرجع سابق.
61 “أوراق ترمب وحدود مقاومة نقل الفلسطينيين خارج غزة”، مرجع سابق.
62 “في فهم تهديدات ترامب لمصر والأردن بتهجير الفلسطينيين إليهما”، مرجع سابق.
63 ” بن غفير وسموتريتش يعلقان على خطة ترامب لتهجير أهالي غزة”، RT عربي، 5/2/2025، الرابط: https://arabic.rt.com/middle_east/1643742-%D8%A8%D9%86-%D8%BA%D9%81%D9%8A%D8%B1-%D9%88%D8%B3%D9%85%D9%88%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%B4-%D9%8A%D8%B9%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AE%D8%B7%D8%A9-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%84%D8%AA%D9%87%D8%AC%D9%8A%D8%B1-%D8%A3%D9%87%D8%A7%D9%84%D9%8A-%D8%BA%D8%B2%D8%A9/
64 “التاريخ المخزى لمقترح إعادة التوطين”، مرجع سابق.
65 “هجرة طوعية” من غزة.. واقعية الطرح وإمكانيات التنفيذ”، مرجع سابق.
66 ” روبيو: سنمنح البلدان العربية فرصة للتوصل إلى خطة بشأن غزة”، RT عربي، 14/2/2025، الرابط: https://arabic.rt.com/middle_east/1646250-%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A%D9%88-%D8%B3%D9%86%D9%85%D9%86%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%84%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D8%B1%D8%B5%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%AA%D9%88%D8%B5%D9%84-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%AE%D8%B7%D8%A9-%D8%A8%D8%B4%D8%A3%D9%86-%D8%BA%D8%B2%D8%A9/