حسام نادي – باحث سياسي
في تطور جديد يعكس مجددًا تبعية النظام المصري للمصالح الإسرائيلية والأمريكية، كشفت تقارير دولية عن تفاصيل الدور المصري في خطة إعادة إعمار غزة، وهي الخطة التي تبدو ظاهريًا كمشروع إنساني، لكنها في جوهرها ليست سوى حلقة أخرى من مسلسل تصفية القضية الفلسطينية. فبحسب تقارير نشرتها صحيفة الغارديان ووكالة أسوشيتد برس، يعمل النظام المصري على تنفيذ خطة لإعادة إعمار غزة بآليات أمنية مشددة، تشمل إقامة مناطق “آمنة” داخل القطاع، في خطوة تثير تساؤلات جدية حول الأهداف الحقيقية لهذا المشروع.
التعاون مع الاحتلال تحت ستار الإعمار
تشير التقارير إلى أن مصر تتعاون بشكل وثيق مع الولايات المتحدة وإسرائيل لضمان تنفيذ هذه الخطة، التي تهدف إلى فرض واقع جديد على الفلسطينيين، حيث يتم تأمين هذه المناطق “الآمنة” بوسائل تضمن عدم عودة المقاومة الفلسطينية إلى العمل بحرية داخل القطاع. ووفقًا لتايمز أوف إسرائيل، فإن مصر اقترحت إقامة هذه المناطق لضمان عدم تهديد إسرائيل، مما يعني عمليًا إنشاء جيوب أمنية تحت سيطرة القاهرة وتل أبيب بدلاً من أن تكون غزة خاضعة لسلطة فلسطينية موحدة تمثل إرادة الشعب الفلسطيني.
خدمة للأجندة الصهيونية
أحد أبرز المخاطر في هذه الخطة هو أنها تتماهى مع المقترحات الإسرائيلية التي لطالما سعت إلى تقليص النفوذ الفلسطيني في غزة وإبعاد فصائل المقاومة عن الواجهة. وبينما ترفض دول عربية مثل السعودية والأردن والإمارات خطط ترامب السابقة المتعلقة بغزة، فإن النظام المصري يتصدر المشهد لتنفيذ خطط مشابهة دون أي اعتبار للتداعيات السياسية أو الوطنية. وفقًا لتقرير رويترز، أكد وزير الخارجية المصري أمام السيناتور الأمريكي ماركو روبيو أن بلاده ترفض خطط تهجير الفلسطينيين، ولكن الممارسات الفعلية على الأرض تناقض هذه التصريحات.
الضغط على حماس واستغلال الوضع الإنساني
من الواضح أن النظام المصري يستغل الوضع الإنساني الكارثي في غزة للضغط على حركة حماس للقبول بتسويات تخدم مصالح الاحتلال، حيث أشار تقرير بي بي سي إلى أن القاهرة تستخدم معبر رفح كأداة ضغط سياسي، وهو ما يزيد من معاناة الفلسطينيين بدلًا من تخفيفها. إن التسهيلات التي تقدمها مصر وفقًا لما نشرته وكالة أسوشيتد برس ليست سوى غطاء لفرض واقع جديد يخدم إسرائيل أكثر مما يخدم الفلسطينيين.
النظام المصري: وسيط منحاز أم شريك في التصفية؟
لطالما ادعى النظام المصري أنه “وسيط محايد” في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، لكنه يثبت مرة تلو الأخرى أنه طرف منحاز للعدو، بل وأداة رئيسية في تنفيذ سياسات تصب في صالح الاحتلال. إن هذه الخطة ليست مجرد مشروع إعادة إعمار، بل هي خطوة تهدف إلى تفريغ المقاومة من محتواها، وفرض نموذج أمني يخدم أجندة الاحتلال على حساب الحقوق الفلسطينية.
إن الشعب المصري، الذي حمل راية الدفاع عن فلسطين لعقود، لن يقبل بهذه الخيانة التاريخية. وإذا كانت الأنظمة المستبدة تتلاعب بالقضية الفلسطينية لحماية مصالحها، فإن الوعي الشعبي والمقاومة هما السلاح الحقيقي لإفشال هذه المخططات.