جاءت زيارة نتنياهو إلي واشنطن، في 4 فبراير 2025، لتبرز أهمية العلاقات الخاصة والاستثنائية التي تجمع الولايات المتحدة وإسرائيل، حيث كان نتنياهو أول مسؤول أجنبي يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض بعد وصوله الثاني إلى سدة الحكم.وكانت الحرب على غزة محور لقاءات الطرفين التي شارك فيها كبار مسؤولي ملفات السياسة الخارجية الأمريكيين والإسرائيليين، وطرح ترامب للمرة الأولى فكرة تهجير سكان غزة للخارج، وأن تأخذ بلاده القطاع وتطوره كي يصبح “ريفيرا جديدة” في الشرق الأوسط.كذلك ألغى ترامب عقوبات فرضها الرئيس السابق جو بايدن على المستوطنين الذين يرتكبون جرائم ضد الفلسطينيين بالضفة الغربية، وأمر بشحن أسلحة لإسرائيل احتجزها بايدن.
شهد الشهران الماضيان منذ زيارة نتنياهو الأولي وحتي زيارته الثانية في 6 أبريل 2025 تطورات عديدة مثيرة ومهمة فيما يتعلق بالحرب الإسرائيلية علي غزة. وبداية انهار اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الذي تم التوصل إليه يوم 19 يناير 2025، برعاية أمريكية قطرية مصرية مشتركة. ونص الاتفاق على 3 مراحل بما يشمل انسحابًا إسرائيليًا كاملًا من غزة، وهو ما لم يحدث. وخرقت إسرائيل الاتفاق بعد رفضها تنفيذ المرحلة الثانية وطالبت حماس بالإفراج الفوري عن بقية المحتجزين، الأحياء منهم والأموات. وأعادت حربها على القطاع يوم 18 مارس الماضي، وقتلت أكثر من 1300 مواطن وجرحت آلافا آخرين، أضيفوا إلى أكثر من 50 ألف شهيد قتلوا منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة بعد 7 أكتوبر 2023. كما منعت إدخال المساعدات للقطاع منذ أكثر من شهر، في محاولة للضغط على حماس1. وخلال زيارة نتنياهو إلي واشنطن، تصدر ملف الحرب علي غزة محور المباحثات بينه وبين ترامب، ومن المتوقع أن تكون هذه المباحثات قد تركزت حول ثلاثة ملفات رئيسية فيما يتعلق بالحرب علي غزة، تتمثل في:
1- اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسري: خلال الزيارة،التقي نتنياهو مع مبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، لإحياء مفاوضات وقف الحرب علي غزة وتبادل الأسري. وبدعم من ويتكوف، سعت إسرائيل لتأمين مرحلة أولى ممتدة من الاتفاق الموقع في يناير يطلق بموجبها المزيد من المحتجزين الأحياء، بدلًا من الدخول بالمرحلة الثانية من الاتفاق التي ستلزمها بإنهاء الحرب والانسحاب الكامل من غزة2. وحسب التأكيدات الإسرائيلية، لا تزال حماس تحتجز 59 شخصًا في قطاع غزة، يقول جيش الاحتلال إن 35 منهم قُتلوا، وتعتقد الاستخبارات الإسرائيلية أن بينهم 22 ما زالوا على قيد الحياة، بينما وضع اثنين آخرين غير معروف. ومن بين المحتجزين 5 أمريكيين3. بينما يقبع في سجون الاحتلال أكثر من 9500 فلسطيني، يعانون تعذيبًا وتجويعًا وإهمالًا طبيًا، أودى بحياة العديد منهم، بحسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
وفي هذا السياق، قالت صحيفة “يسرائيل هيوم” إن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وافقت على إطلاق سراح 5 محتجزين، لكن إسرائيل تصر على الإفراج عن 11 محتجزًا من الأحياء وإعادة 16 جثمانًا وتقديم معلومات عن جميع المحتجزين الإسرائيليين، مقابل وقف القتال 40 يومًا وإطلاق سراح أسرى فلسطينيين، وهو ما رفضته حماس التي تصر على الالتزام بإنهاء الحرب وإعادة إعمار قطاع غزة. ودعا مقترح المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف إلى وقف إطلاق النار لمدة 40 يومًا مقابل إطلاق سراح 10 أو 11 محتجزًا حيًا، يليه استمرار المحادثات لإنهاء الحرب بشروط تشمل نزع سلاح قطاع غزة وإبعاد حماس عن السلطة، ولكن قيادة حماس تطالب بوقف إطلاق نار يؤدي بالضرورة إلى إنهاء الحرب وانسحاب إسرائيل من غزة وإعادة إعمار القطاع، حسب الصحيفة4. كما أن الحركة ترفض بشكل قاطع تسليم السلاح وتعتبره خطًا أحمر، وإن كانت تبدي مرونة فيما يتعلق بتراجعها عن حكم غزة.
ومؤخرًا، تلقت دولة الاحتلال مقترحًا مصريًا جديدًا لصفقة تبادل أسرى مقابل وقف إطلاق النار في قطاع غزة، يشمل الإفراج عن ثمانية أسرى إسرائيليين أحياء مقابل وقف لإطلاق النار لمدة تصل إلى 70 يومًا. وذكرت “القناة 12” العبرية أن المقترح المصري “يتضمن إعادة 8 أسرى إسرائيليين أحياء، بينهم الجندي الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر، إضافة إلى جثث 8 أسرى، ويتضمن أيضًا إعادة فتح محور نتساريم، وعودة سكان غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية، والنقاش حول المرحلة الثانية، مع ضمانات من الوسطاء”. وأشارت القناة إلى أن “الحديث يدور حول محاولة وساطة للتقريب بين موقف حركة حماس، التي وافقت على الإفراج عن 5 مختطفين، وبين المطلب الإسرائيلي بالإفراج عن 11 مختطفًا”. وتابعت القناة: “ترفض إسرائيل مناقشة المقترح المصري بسبب البند الذي يتطلب مناقشة إنهاء الحرب، وهو الأمر الذي تعارضه إسرائيل بشدة، وحتى الآن تحظى إسرائيل بدعم أمريكي في معارضتها، وتأمل الأطراف أن يساعد لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض في الضغط على إسرائيل”5.
وفي المقابل تطالب قيادات حماس بتطمينات لمدى التزام إسرائيل بوقف إطلاق النار بعد تسليم الرهائن، فتم التوصل لصيغة تقضي بألا يكون تسليم الرهائن الثمانية دفعة واحدة، بل قد يكون الإفراج عن رهينة كل يوم على مدى أسبوع حتى يكتمل العدد المتفق عليه، وأن توقف إسرائيل القصف وتسمح بإدخال المساعدات مع أول تسليم للرهائن، وكذلك الإفراج عن معتقلين في سجون إسرائيل، وبشكل متزامن يتم استئناف المفاوضات من أجل تنفيذ المراحل المتفق عليها في الهدنة الأصلية. لكن الرد النهائي من حماس علي المقترح المصري لم يصل بعد، كما أن الجانب الإسرائيلي يدرس المقترح المعدل، ويبدو أنه سيرد بعد لقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب في واشنطن6.
وتزامنًا مع زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى واشنطن، أجرى قادة مصر وفرنسا والأردن، بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 7 أبريل، مكالمة هاتفية مشتركة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على هامش القمة الثلاثية التي عُقدت في القاهرة، حسب بيان للرئاسة المصرية. وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، السفير محمد الشناوي، إن “القادة الثلاثة ناقشوا مع الرئيس ترامب سبل ضمان وقف إطلاق النار بشكل عاجل في قطاع غزة”. وأكدوا “ضرورة استئناف الوصول الكامل لتقديم المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين على الفور”. وأضاف المتحدث باسم الرئاسة المصرية أن “القادة الثلاثة شددوا على أهمية تهيئة الظروف المناسبة لتحقيق أفق سياسي حقيقي وتعبئة الجهود الدولية لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، واستعادة الأمن والسلام للجميع، وتنفيذ حل الدولتين”7.
ويبدو من زيارة نتنياهو لواشنطن التي جاءت بالتزامن مع القمة الثلاثية بين مصر والأردن وفرنسا أنه في حين يسعي نتنياهو للضغط على الدول الوسيطة، قطر ومصر، من خلال واشنطن؛ للالتزام بالشروط الإسرائيلية في مفاوضات التهدئة وتبادل الأسري مع حماس. فإن هؤلاء الوسطاء يعملون علي محاولة اقناع واشنطن بضرورة الضغط علي إسرائيل لتخفيف شروطها.
2- مخطط التهجير: من المتوقع أن يتناقش نتنياهو مع ترامب حول مخطط التهجير الذي يسرع جيش الاحتلال بتنفيذه عمليًا، فمن المرجح أن تتركز النقاشات حول الخطوة التالية في هذا المخطط، والبحث عن إجابة للسؤالين الملحين: التهجير إلى أين؟ وكيف؟
تشير المؤشرات الأولية إلى استبعاد مصر من خيار استقبال الفلسطينيين المهجرين من قطاع غزة، في ظل موقفها المتشدد إزاء هذه المسألة، وبناءً عليه طُرحت دول أخرى يعتقد أنها مؤهلة للعب هذا الدور، منها الأردن – إذا تخلت عن موقفها الرافض بفعل الضغوط – إلى جانب شمال العراق، الذي سبق أن طُرح كجهة توطين للفلسطينيين إبان تأسيس “الدولة اليهودية”، فضلًا عن المجر وبعض الدول الآسيوية (مثل إندونيسيا) ودول أفريقية (مثل المغرب وأرض الصومال).
أما عن كيفية إخراج الفلسطينيين من القطاع، في ظل عرقلة مصر لفتح حدودها، فيرجح أن تكون السفن البحرية الوسيلة المتاحة حاليًا، وهو ما بدأت حكومة الاحتلال التمهيد له مؤخرًا، من خلال إنشاء إدارة خاصة بملف “التهجير الطوعي”، أُطلق عليها اسم “مديرية نقل سكان غزة طوعيًا إلى دول أخرى”، بعد أن دمرت مقومات الحياة في القطاع، وأخضعت السكان لحصار خانق وسياسة كماشة محكمة، حولت غزة إلى أرض محروقة لا مكان فيها للحياة.
ويحاول نتنياهو من خلال تلك الزيارة المرتقبة تجديد الضوء الأخضر الأمريكي، سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا، لممارسة المزيد من الضغط على حماس وفصائل المقاومة، من خلال الإجهاز على ما تبقى من قطاع غزة، والقضاء على من هم على قيد الحياة من الفلسطينيين، ودفعهم دفعًا- قهرًا لا خيارًا- إلى الهروب والفرار8.
3- مستقبل قطاع غزة: نشر “معهد دراسات الأمن القومي” الإسرائيلي تقريرًا عن المخططات الإسرائيلية لمستقبل قطاع غزة، والتي تتركز حول ثلاثة بدائل:
أ– احتلال قطاع غزة وإنشاء حكم عسكري:إن ميزة الحكم العسكري للقطاع – بالنسبة لإسرائيل – هي بالقدرة على الدفع قدمًا بواسطته بأهداف الحرب المتعلقة بحماس. فإسرائيل هي التي ستحل محل سلطة حماس. وأي توزيع للمساعدات الإنسانية سيجري بواسطة الجيش الإسرائيلي، وستُمنع حماس من بيعها، ومن استخدام التوزيع لمصلحة سيطرتها المدنية. كما أن الوجود الدائم في الميدان سيزيد في احتمالات جمع المعلومات الاستخباراتية، وفي تآكل قدرات حماس، وسيساعد على مراكمة إنجازات عملانية ضدها. وفي المقابل، سيفتقر الحكم العسكري إلى الشرعية وسط سكان القطاع، وفي الساحة الدولية، بالإضافة إلى تكلفته الاقتصادية الكبيرة، وتداعياته على الاقتصاد الإسرائيلي.
الاحتلال بحد ذاته سيكون معقدًا جدًا، لكنه ممكن على مراحل:
- احتلال المنطقة كلها فوق الأرض (سواء بعملية زاحفة، أو من خلال معركة شاملة).
- “تطهير” المنطقة فوق الأرض وتحتها.
- إعادة تقسيم القطاع إلى مناطق إقليمية.
- تعيين ممثل للحكم العسكري في كل مدينة وحي، يكون على تواصل مع القيادة المحلية ويشغل الإدارة المحلية.
- ستجري إدارة شؤون السكان بواسطة إدارة تشمل كل السكان في مناطق القتال، وستعنى بأمنهم وتأمين مأوى للنازحين، وتوزيع الغذاء وتأمين الخدمات الطبية.
- واستنادًا إلى مدة الحكم العسكري، سيكون المطلوب الاستجابة لكل الحاجات المدنية، وسيتصرف مثلما تتصرف الإدارة المدنية.
ولكن هذا الخيار سيواجه تحديات كبيرة:
- سيتطلب الدفاع عن المنطقة عددًا كبيرًا من القوات، وسيكون هذا على حساب القوات في الضفة الغربية، وعلى الحدود الشمالية… والتقدير أن إسرائيل ستكون بحاجة إلى خمسة ألوية في داخل قطاع غزة، ولواءين خارجه. والمقصود حجم كبير من القوات يشمل ما بين 15 و21 كتيبة، أي الحجم الموجود حاليًا في الضفة الغربية، وهو أكبر من حجم القوات المخطط لها على الحدود الشمالية بأربعة أضعاف (هذا الحجم من القوات يتطلب تجنيد احتياطيين، إذا لم يتم تجنيد مكثف للحريديم).
- التكلفة المباشرة: إذا لم تتحمل دول، أو السلطة الفلسطينية، جزءًا من العبء الاقتصادي، فستضطر إسرائيل إلى تمويل كل حاجات المنطقة. وكمعيار على ذلك، في الفترة التي كانت السلطة الفلسطينية تمول القطاع بصورة كاملة، كانت الميزانية 120 مليون دولار شهريًا (5.3 مليار شيكل في السنة).
- تجنيد الاحتياط بحجم كبير سيضر بالاقتصاد الإسرائيلي بصورة غير مباشرة بسبب الغياب الطويل لعناصر الاحتياط عن العمل.
- يمكن أن يؤدي العبء على جنود الاحتياط، ولا سيما أن المقصود قيامهم بمهمات الشرطة، إلى تراجع الحوافز بصورة تعرض الاستجابة لدعوات التجنيد للخطر.
- سيؤثر عدم وجود شرعية دولية، سلبًا، في علاقات إسرائيل التجارية، وفي اقتصادها. ويمكن أن تعتبر دول كثيرة، باستثناء الولايات المتحدة، أن إعادة احتلال القطاع عمل غير قانوني ويتعارض مع قيمها. والتهديد الأخطر هو فرض حظر أوروبي على إسرائيل من دون إعلانه رسميًا.
- أخيرًا، وما لا يقل أهمية، العداء للسامية. من المحتمل أن يزيد الصراع ضد إسرائيل في موجات العداء للسامية ضد الجاليات اليهودية في العالم.
ب– فرض حصار على القطاع: وفق هذا التوجه، تفرض إسرائيل على القطاع الواقع تحت سيطرة حماس حصارًا جزئيًا. ولا تسمح بإعادة البناء والتجارة، وتعمل على تعميق الشرخ بين الحركة وبين السكان. هذه الفكرة التي لم تكن ممكنة في عهد بايدن، يبدو اليوم احتمال تنفيذها أكبر مما كان عليه في فترة إدارة ترامب.
لكن ثمة مشكلة استراتيجية ينطوي عليها خيار الحصار، وهي أن تعتبره حماس انتصارًا ودليلًا على نجاحها في مواجهة تحدي الحرب ضد إسرائيل التي لم تتمكن من القضاء عليها وطردها من القطاع، والآن، هي تواجه الحصار، وهذا الوضع ليس جديدًا عليها. وفي حالة الحصار، تبقى حماس هي التي تسيطر على المساعدات التي تصل إلى القطاع، وستواجه إسرائيل مشكلة في منع وصول المساعدات إلى سكان المنطقة، وستكون أمام معضلة: إما تجويع السكان الذي سيجعل إسرائيل تواجه تهمة ارتكاب جريمة حرب، وإما بقاء حماس في القطاع ضعيفة، لكن قادرة على البقاء. وتدل تجربة الماضي على أن حماس قادرة على توجيه غضب الناس ضد إسرائيل، متهمة إياها بارتكاب جريمة حرب. كما أن الحملة ضد إسرائيل في الساحة الدولية يمكن أن تضر بالاقتصاد الإسرائيلي، على الرغم من أنها ستكون أقل من الضغط الذي ستواجهه إذا احتلت القطاع، وفرضت حكمًا عسكريًا. المشكلة الأساسية التي تنطوي عليها حالة الحصار هي الهزيمة العسكرية. أولًا، لم تنجح دولة إسرائيل في تحقيق أهداف الحرب التي وضعتها، ولم يُطلق سراح المخطوفين، وحماس لا تزال موجودة. والدلالات الاستراتيجية للوضع أكثر اتساعًا، ولا تتعلق بالقطاع وحده. فقد ترى الولايات المتحدة وغيرها من الدول في ذلك علامة ضعف.
وبالنسبة إلى استنزاف حماس وإطاحتها من الداخل – ظهرت مؤشرات أولى إلى تمرد شعبي ضد الحركة ودعوات إلى وقف الحرب وإبعاد قادة حماس عن المنطقة. لا يزال من المبكر تقدير حجم الاحتجاج، وما إذا كان سيكبر ويتوسع، وهل سيضطر قادة حماس إلى مغادرة القطاع، هربًا من غضب الجماهير. في غضون ذلك، أثبتت الحركة استعدادها لوقف مظاهر الاحتجاج ضدها بعنف واضح. في الخلفية، من المحتمل أن يؤدي الواقع المدني الصعب والأزمة الإنسانية إلى تشجيع من لديهم القدرة على الوصول إلى دولة عربية على الهجرة. لكن الأغلبية الفقيرة والضعيفة من سكان غزة ستظهر كضحايا أبرياء لآلة الحرب الإسرائيلية، وستبدأ التبرعات بالتدفق، حتى إلى حماس.
ج– حكم مدني بديل عن حماس: الميزة الكبيرة لهذا البديل هي اقتصادية. ففي ظل حكومة تكنوقراط وحكم مدني بديل، لن تقوم حماس بتوزيع المساعدات الإنسانية، ولن تقوى اقتصاديًا. وستضعف مكانتها المدنية، شيئًا فشيئًا. ويمكن أن تعتبر إسرائيل ذلك تحقيقًا لهدف الحرب. لكن العيب الأساسي في هذا البديل هو استمرار وجود حماس تحت الأرض. وهناك من سيقول إنها مسألة وقت قبل أن يتخلص عناصر حماس من ممثلي الحكم المدني البديل.
هذه السيئات كانت معروفة منذ بداية الحرب عندما قررت الحكومة أن فرض حكم بديل في القطاع هو النموذج المطلوب. وكان الحل الذي جرى التوصل إليه هو احتفاظ إسرائيل بالمسؤولية الأمنية، ومواصلة سحق قدرات حماس من خلال سلسلة عمليات طوال أشهر عديدة، وصولًا إلى إضعافها بصورة كاملة. وقضت الخطة بتدريب نحو 5000 شخص في الأردن، بتمويل أمريكي، وإعادتهم إلى القطاع للقيام بمهمات الشرطة، على أن تُدفع رواتبهم من مصدر غير حماس.
وفي الواقع، هذا النموذج كان خيار الحكومة الإسرائيلية في بداية الحرب، لكنه لم يطبق بسبب عدم مناقشة الصلاحيات المدنية للسلطة البديلة من حماس. ويعتبر الاقتراحان المصري والإماراتي بشأن إعادة إعمار القطاع واستقراره، من دون أن تكون الحركة جزءًا من السلطة، هما الأقرب إلى المصلحة الإسرائيلية، لكن إسرائيل رفضتهما. ويتضمن هذان الاقتراحان إنشاء تكتل دولي من دول عربية وغربية ستكون مسؤولة عن إعمار القطاع ومراقبة عمل المجلس المدني فيه. والاقتراحان لا يتضمنان مشاركة السلطة الفلسطينية. والفارق بين الاقتراحين ما يتعلق بهوية الكيان الذي سيسيطر على غزة. فبحسب الاقتراح الإماراتي، ستكون السلطة المعينة بمثابة سلطة عليا، بينما يتحدث الاقتراح المصري عن لجنة مدنية من أهالي غزة الذين لا ينتمون إلى السلطة، ولا إلى حماس.
وقد خلص التقرير إلي:
- قبل زيادة الضغط العسكري على قطاع غزة، يجب أن تحدد إسرائيل الوضع النهائي المرغوب فيه: إن البدائل الثلاثة إشكالية: من الناحية العسكرية، الحكم العسكري هو الأفضل، ومن زاوية الأمن الوطني، ومن خلال نظرة واسعة النطاق (اقتصادية وعسكرية ودبلوماسية)، فإن نموذج حكومة التكنوقراط هو الأفضل؛ وفي جميع الأحوال، استمرار حكم حماس هو الخيار الأسوأ، ويجب منعه، ومن هنا، فإن خيار محاصرة القطاع ليس خيارًا جذابًا.
- الحكم المدني البديل هو الخيار الأقل سوءًا، ويجب مواجهة المشكلات التي ينطوي عليها، ومنع قيام ظاهرة “نموذج حزب الله” في قطاع غزة. أي وجود ميليشيات مسلحة لها تأثير كبير في الإطار السياسي يؤدي إلى شلل الحياة السياسية، ويهدد الاستقرار الداخلي.
- يجب بلورة قوة شرطة فلسطينية في القطاع تعمل بالتنسيق مع إسرائيل، وتسمح للجيش الإسرائيلي بالعمل في قطاع غزة، مثلما يعمل في أراضي الضفة الغربية9.
وعند الوقوف علي تصريحات ترامب ونتنياهو خلال المؤتمر الصحفي بالبيت الأبيض، الذي أعقب مباحثاتهما الثنائية، والتي جاء فيها تأكيد ترامب علي أن الحرب في غزة ستتوقف في مرحلة ما، وطرح مجددًا مشروع تهجير أهل القطاع إلى الخارج. كما عاد ترامب للحديث عن السيطرة الأمريكية على القطاع وامتلاكه، معتبرًا أن ذلك “سيكون أمرًا جيدًا”. وردًا على سؤال بخصوص ما يعرفه عن قطاع غزة، أجاب ترامب: “تعرف ما أشعر به تجاه قطاع غزة، وأعتقد أنها قطعة رائعة من العقارات المهمة، وأعتقد أنه شيء سنشارك فيه، لأن كل ما نسمعه هو القتل وحماس والمشاكل، وإذا أخذت الفلسطينيين ونقلتهم إلى بلدان أخرى، وهناك الكثير من البلدان ستفعل، وتصبح لدينا منطقة حرة لن يقتل فيها الناس كل يوم فهذا جيد”.
من جانبه، علق نتنياهو بناء على طلب ترامب بأن “ما يتحدث عنه الرئيس هو بالطبع إعطاء الناس خيارًا للمغادرة بعدما جرى حبسهم”. وزعم نتنياهو أن إسرائيل لا تحاصر سكان غزة وإنما “جرى حبسهم” من جانب آخرين، قبل أن يتساءل: “ما الخطأ في إعطائهم خيارًا”، على حد قوله. وجاء اتهام نتنياهو آخرين بحصار غزة، وإنكار أن إسرائيل هي التي تحاصر القطاع، رغم عدم وجود دول أخرى لديها حدود مع غزة سوى مصر، بينما طرح ترامب تغيير اسم غزة بعد تهجير الفلسطينيين منها إلى “أرض الحرية”، كما طرح فكرة وجود قوة حفظ سلام دولية خاضعة لإشراف أمريكي. وأضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي: “كنا نتحدث أثناء الغداء عن بعض البلدان التي ترغب في قبول سكان غزة، ولكن لن أذكرها الآن، وستستغرق إعادة بناء غزة سنوات، ويمكن أن يكون للناس خيار، والرئيس لديه رؤية، وهناك بلدان تستجيب لهذه الرؤية، ونحن نعمل على ذلك”، دون أن يكشف عن أسماء البلدان المعنية.
وإثر ذلك، استأنف ترامب الترويج لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، متحدثًا عن إعجاب تلقاه خطته. وقال الرئيس الأمريكي في هذا السياق: “أعتقد أن الناس معجبون بخطتي في ما يخص غزة، وما كان لإسرائيل أن تتخلى عنها ولا أعرف لماذا فعلوا ذلك، لقد أعطوها من أجل نية حسنة بالسلام ولم ينجح الأمر، ولا أحب الوضع الحالي في غزة لأنها فخ للموت”، وأشار إلى أن نتنياهو لم يكن ليتخلى عنها لو كان في منصبه آنذاك.
وبادر صحافي إلى سؤال ترامب عن مصير ناخبيه من العرب والمسلمين الذين صوتوا له بناء على وعد بوقف الحرب على غزة. وكان جواب ترامب بأن “الحرب ستتوقف في مرحلة ما، ولن يكون هذا (الوضع الحالي) هو المستقبل البعيد، ولكن لدينا مشكلة في ما يخص قضية الرهائن الذين نحاول إخراجهم، لقد أخرجنا عددًا قليلًا منهم بالفعل، لكنها عملية طويلة ولا ينبغي أن تكون كذلك”، حسب تعبيره.
كذلك أشاد ترامب بتعامل نتنياهو مع الأوضاع في غزة، الذي كان قد رفض تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق إطلاق النار، وأعاد شن العدوان عليها بريًا وجويًا، وعبر عن أمله أن يحصل على التقدير المناسب، وقال: “نتطلع إلى وقف إطلاق نار آخر وسنرى ما يحدث، ولكن الشعب الإسرائيلي يريد خروج الرهائن أكثر من أي شيء آخر، وهذا الرجل (رئيس الوزراء الإسرائيلي) يعمل بجد معنا للقيام بذلك، وآمل أن يتم تقديره لأنه قائد عظيم”.
من جهته، أعلن نتنياهو، في المؤتمر نفسه، أن العمل جار على التوصل إلى اتفاق “جديد” بشأن إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، قائلًا: “نحن نعمل حاليًا على اتفاق آخر نأمل أن ينجح، ونحن ملتزمون بتحرير جميع الرهائن”10.
وبتحليل هذه التصريحات، يتضح أن الرئيسترامب لديه ميلًا واضحًا نحو إنهاء الحرب والتوصل إلى صفقة تبادل أسرى. وفي هذا السياق، ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” نقلًا عن مصادر إسرائيلية أنه “من المتوقع أن يطلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنهاء الحرب على غزة قريبًا”. وأضافت الصحيفة أن مسؤولين أمريكيين أبلغوا نظراءهم الإسرائيليين خلال الأيام الماضية، أن الرئيس ترامب بدأ يفقد صبره، وأنه منح نتنياهو مزيدًا من الوقت لمواصلة القتال، ولكن ليس لفترة طويلة – ربما أسبوعين أو 3 أسابيع- وأنه يريد إنهاء الحرب قريبًا11. فيما يبدو واضحًا أن هذا المسار لا ينسجم مع رغبة نتنياهو، الذي يرى في استمرار الحرب – وإن بوتيرة متراوحة – مصلحة سياسية واستراتيجية مزدوجة: أولًا، لتقويض القطاع ديموغرافيًا، وثانيًا، لتعزيز مكانته الداخلية والحفاظ على تماسك ائتلافه الحكومي12.وبينما منح الأمريكيون تأييدهم لاستئناف القتال الإسرائيلي علي غزة وزيادة الضغط العسكري علي حماس، لكن هذا التأييد ليس من دون حدود، فبينما يزداد عدد القتلى في غزة، فإن العالم يضغط على إسرائيل. لدى ترامب خطة أكبر كثيرًا، وهي التطبيع مع السعودية. ومن أجل هذا الغرض، هناك حاجة إلى الهدوء في غزة وحل مسألة المخطوفين، ولا يوجد كثير من الوقت، إذ ينوي ترامب زيارة الرياض بعد شهر ونصف الشهر13.ويقوم التطبيع مع السعودية أساسًا على تعميق التحالف مع الدول العربية السنية وتشكيل جبهة مشتركة في مواجهة إيران14.
ورغم تمسك ترامب بالشق الأساسي من رؤيته المتعلقة بالتهجير الجماعي لسكان غزة التي سبق أن روج لها، وتلقفها نتنياهو بحماسة، والمعروفة إعلاميًا بـ”خطة ترامب للتهجير”، إلا أن تصريحاته الأخيرة اتسمت بنبرة أقل حدة، وتضمنت إشارات إلى أن خيار “الهجرة الطوعية” قد يكون مطروحًا كأحد البدائل، لا كحل وحيد ونهائي15.
وفيما يتعلق بالحديث عن مستقبل القطاع بعد الحرب، فلم تصدر تصريحات من ترامب ونتنياهو فيما يتعلق بهذا الخصوص، وهو ما يمكن إرجاعه إلي عدم نضج الرؤية الإسرائيلية – الأمريكية حول هذا الأمر. وإن كان هناك اتفاق أمريكي – إسرائيلي علي عدم وجود حماس في مستقبل حكم غزة، لكن الخلاف لا يزال حول بديل حماس هل تكون السلطة الفلسطينية أم حكومة تكنوقراط أم حكم عسكري إسرائيلي مباشر؟
1 “زيارتان في شهرين.. ماذا يريد نتنياهو من ترامب؟”، الجزيرة نت، 7/4/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/politics/2025/4/7/%D8%B2%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%AA%D8%A7%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D8%B4%D9%87%D8%B1%D9%8A%D9%86-%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D9%8A%D8%B1%D9%8A%D8%AF-%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D9%85%D9%86
2 المرجع السابق.
3 “«يُلبي أكبر قدر من الطموحات»… تفاصيل المقترح المصري المعدّل لوقف حرب غزة”، الشرق الأوسط صحيفة العرب الأولي، 8/4/2025، الرابط: https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5129817-%D9%8A%D9%8F%D9%84%D8%A8%D9%8A-%D8%A3%D9%83%D8%A8%D8%B1-%D9%82%D8%AF%D8%B1-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D9%85%D9%88%D8%AD%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B5%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%AA%D8%B1%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%AF%D9%91%D9%84-%D9%84%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%BA%D8%B2%D8%A9%E2%80%8E
4 “يسرائيل هيوم: هذه هي الفجوة بين إسرائيل وحماس في المفاوضات”، الجزيرة نت، 31/3/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/politics/2025/3/31/%D9%8A%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84-%D9%87%D9%8A%D9%88%D9%85-%D9%87%D8%B0%D9%87-%D9%87%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%AC%D9%88%D8%A9-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84
5 “مقترح مصري جديد لوقف إطلاق النار في غزة.. والاحتلال يتحفظ على بعض بنوده”، عربي21، 8/4/2025، الرابط: https://arabi21.com/story/1673301/%D9%85%D9%82%D8%AA%D8%B1%D8%AD-%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D9%84%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A5%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B1-%D9%81%D9%8A-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%84-%D9%8A%D8%AA%D8%AD%D9%81%D8%B8-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A8%D8%B9%D8%B6-%D8%A8%D9%86%D9%88%D8%AF%D9%87
6 “«يُلبي أكبر قدر من الطموحات»… تفاصيل المقترح المصري المعدّل لوقف حرب غزة”، مرجع سابق.
7 “بيان رئاسي يكشف ما ناقشه السيسي وماكرون والملك عبدالله باتصال مشترك مع ترامب”، CNN عربية، 7/4/2025، الرابط: https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2025/04/07/egypt-jordan-and-france-trump-call
8 “التهجير أولًا.. ماذا يدبّر نتنياهو في زيارته الثانية لترامب؟”، نون بوست، 6/4/2025، الرابط: https://www.noonpost.com/304847/
9 “ثلاثة مسارات محتملة لتحقيق أهداف الحرب، واحد منها هو الأفضل”، مختارات من الصحف العبرية، 3/4/2025، الرابط: https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/36629
10 “ترامب ونتنياهو يعودان لخطة تهجير غزة… ماذا قالا عن إيران وتركيا؟”، العربي الجديد، 7/4/2025، الرابط: https://www.alaraby.co.uk/politics/%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%88%D9%86%D8%AA%D9%86%D9%8A%D8%A7%D9%87%D9%88-%D9%8A%D8%B9%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8%A9-%D8%AA%D9%87%D8%AC%D9%8A%D8%B1-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D9%85%D8%A7%D8%B0%D8%A7-%D9%82%D8%A7%D9%84%D8%A7-%D8%B9%D9%86-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7
11 “يديعوت أحرونوت: ترامب قد يطلب من نتنياهو إنهاء الحرب بغزة قريبا”، الجزيرة نت، 10/4/2025، الرابط: https://www.aljazeera.net/news/2025/4/10/%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D8%B9%D9%88%D8%AA-%D8%A3%D8%AD%D8%B1%D9%88%D9%86%D9%88%D8%AA-%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%85%D8%A8-%D9%82%D8%AF-%D9%8A%D8%B7%D9%84%D8%A8-%D9%85%D9%86
12 “نتنياهو في واشنطن: رهانات كبرى تصطدم بحسابات ترامب الشرق الأوسطية”، نون بوست، 8/4/2025، الرابط: https://www.noonpost.com/305270/
13 “الزيارة الطارئة إلى واشنطن: كلّ الموضوعات التي ستُطرح في اجتماع ترامب – نتنياهو”، مختارات من الصحف العبرية، 7/4/2025، الرابط: https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/36642
14 “الفجوات الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل”، مختارات من الصحف العبرية، 2/4/2025، الرابط: https://mukhtaraat.palestine-studies.org/ar/node/36627
15 “نتنياهو في واشنطن: رهانات كبرى تصطدم بحسابات ترامب الشرق الأوسطية”، مرجع سابق.