عباس ومحاولاته المستمرة لإحكام الحصار علي حماس
بات رئيس السلطة محمود عباس " أبومازن" يرى أن العدو الحقيقي له وللشعب الفلسطيني ليس الكيان الصهيوني الذي يضيق الخناق عليه يوما بعد آخر، ولكن حركة المقاومة الإسلامية حماس التى يحاول بشتى الطرق كسر إرادتها ودفعها لتسليم القطاع والمقاومة إلي سلطة فتح ومن ثم تسليمه بالكامل إلي الكيان الصهيوني كعربون من أجل منحه سلطة الذاتي علي الأوصال المقطعة من الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ما ترفضه الحركة شكلاً وتفصيلاً، ما دفعه بعد فشل كل محاولات إحكام الحصار عليها في الإعلان عن تشكيل حكومة جديدة من مختلف الفصائل والحركات المنطوية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية، وذلك حتى لا تجد الحركة مخرجاً تعارض من خلاله هذا الإجماع المزعوم الذي يحاول عباس تشكيله من فصائل ضعيفة ولا تعبر عن كل مكونات الشعب الفلسطيني[1].
وإمعاناً في الكيد وحتى تبدو الحركة وكأنها من يقف في وجه مصلحة الشعب الفلسطيني، دفع الحكومة الحالية بقيادة الحمد الله كي تقدم استقالتها، وكأنها تنصاع لإرادة السلطة الفلسطينية ولا تتمسك بالسلطة التى منحها إياها الرئيس عباس، وهو ما ترفضه حركة حماس وبقية الحركات المقاومة التى تعلم خبث القيادة الفلسطينية ورغبتها في كسر إرادة المقاومة الفلسطينية[2].
وفي الواقع أن عباس بما يقوم به تجاه حماس وحركات المقاومة إنما يضعها في حرج شديد، بل ويضع القضية الفلسطينية برمتها في مهب الريح، وذلك ما يصب في صالح العدو الصهيوني الذي يدفع باتجاه زيادة حدة الخصام الفلسطيني، مما يساعده في المضي قدماً في مخططات التهويد وسلب الأراضي وبناء المستوطنات على ما تبقي من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، وفي نفس الوقت فرض رؤاه للحل على الجميع، إذ يترك الخصام السلطة وحركات المقاومة في حالة ضعف شديد في مواجهة هذا العدو المتغطرس.
ويزيد من صعوبة الأوضاع التى تعيشها حماس وغيرها من الحركات الفلسطينية الرافضة لسياسات الرئيس عباس العنصرية، ذلك الدعم العربي الكبير لسياساته، والذي يأتي بالتوازي مع سياسات التطبيع والهرولة لفتح قنوات اتصال مباشر مع العدو الصهيوني، فباستثناء قطر وإيران وتركيا تكاد تكون حركات المقاومة في عزلة تامة، وهو ما يزيد من حدة الضغوط المفروضة عليها.
وكل هذا للأسف الشديد يجعل الظروف مهيئة علي أرض الواقع لتنفيذ ما يعرف بصفقة القرن التى أعلنت عن بعض تفاصيلها الإدارة الأمريكية مؤخراً، وأنه لولا الموقف الشعبي الفلسطيني الرافض لسياسات عباس والهرولة العربية تجاه الكيان الصهيوني، واستمراره في القيام بمسيرات العودة على الرغم من الخسائر الكبيرة في الارواح التى تسقط كل اسبوع لتغيرت الأمور على الأرض ولأصبح موقف حركة حماس وغيرها من حركات المقاومة في غاية الصعوبة والضعف.
وعلى ما يبدو أن: لا عباس ولا العدو الصهيوني يقبل بالتنازلات التى تقدمها حركات المقاومة، فالجميع لا يقبل سوى بالتنازل عن السلاح وتسليمه إلي عباس من أجل التخلص منه ومن المقاومة، لذلك يتوقع أن تكون الفترة القادمة صعبة على الفصائل الغير منضوية تحت منظمة التحرير الفلسطينية، خاصة وأن الواضح أن عباس مصر علي كسر إرادة تلك الفصائل حتى ولو كان ذلك على حساب وجوده، الأمر الذي يستدعي البحث عن بدائل، وإعادة القاء الكره في ملعب السلطة، والالتحام بالشعب الفلسطيني حتى النهاية باعتبار انه صاحب الخيار الآن.