سيطرة الدولة على المحتوى الإعلامي والفني في رمضان

بدأت فكرة احتكار الإنتاج الفني التابع لسياسة الدولة منذ عام 2015 بعد وصول “عبد الفتاح السيسي” إلى الحكم في عام 2014؛ وذلك لأنه في أحد تصريحاته بشأن الدراما المصرية خلال مؤتمر الشباب، قال لأحد الفنانين: “والله هتتحاسبوا على ده، عايزين ندي للناس أمل في بكرة ونحسن من قيمنا وأخلاقنا، وده هيكون رمضان الجاي وهشوف”[1]، جاءت هذه التصريحات في ظل وجود بعض المسلسلات التي تنتقد الواقع المصري وما به من سلبيات، سواء كانت اجتماعية أو سياسية، لنرى في 2020 مجموعة من المسلسلات التي يتم تصويرها في المناطق الراقية و”الكومباوند”؛ ليتم نشر صورة إيجابية خيالية عن الواقع المصري، كما يتم عرض عدة مسلسلات توضح أن ظباط الجيش أو الشرطة هم أشخاص ليس لهم أي سلبيات ولا أخطاء، ويجب تقديسهم. وفي هذا الإطار أوضحت صحيفة “نيو يورك تايمز” أن أجهزة النظام المصرية أصدرت أوامر للمخرجين ومنتجي مسلسلات رمضان، بضرورة التقيد ببعض الإجراءات الواجب مراعاتها في المسلسلات، ووجهت لهم أوامر بتحسين صورة الجيش، وتعظيم قياداته، وتشويه الجماعات الإسلامية، ، وهددت المخالفين بالاستبعاد[2]، وهذا ما حدث بالفعل هذا العام في مسلسل “الاختيار”؛ فاختارت الدولة قصة شخص حقيقي لتدعيم فكرتها في تمجيد الجيش، وهذا الظابط الذي استشهد في هجوم مسلح تم على الموقع العسكري الموجود به، وبداخل السيناريو تم التركيز على فكرة أن ظباط الجيش ليس لديهم أي أخطاء وعيوب، والتركيز على أن كل شخص ملتحٍ ومتدين هو مشروع إرهابي من الدرجة الأولى، ويمكن استقطابه للاشتراك في الجماعات الإرهابية والتكفيرية.   دعم الدولة للاحتكار الفني: منذ العام الماضي تم إغلاق بعض المنصات الإعلامية المجانية، والتي كان يعتمد عليها المصريون في مشاهدة المسلسلات المحجوبة من العرض على القنوات التليفزيونية بأمر من وزارة الإعلام؛ لأنها معارضة للنظام، وتم الاعتماد على شركة تابعة للمخابرات المصرية، وهي شركة “إعلام المصريين”، أو “سينرجي” المملوكة للمنتج “تامر مرسي” ورجل الأعمال المصري “أحمد أبو هشيمة”، والتي تحظى بدعم أمني كبير، والتي أعلنت مؤخرًا إطلاق أول تطبيق لتدفق الفيديو في مصر مقابل اشتراك شهري، وهو تطبيق “Watch it“؛ لعرض مسلسلات رمضان وبرامج إعلامية[3]. وفي هذا الإطار، دعمت الدولة شركة إنتاج رئيسة “سينرجي”؛ حتى تقوم بالسيطرة على المحتوى المقدم داخل مسلسلات رمضان، والتي تدخل كل بيت مصري، ويمكن من خلالها بث أفكار تدعم الدولة وسياستها، سواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر؛ لدعم الاستقرار الداخلي، فمنذ تسلم حكومة “السيسي” الحكم في 2014 كانت تزيد السيطرة، وتحكم قبضتها على وسائل الإعلام، وفرضت حظرًا على بعض المواقع الإلكترونية الأكثر شعبية؛ لضمان عدم قرصنة المسلسلات والخروج عن سيطرتها المباشرة، بالإضافة إلى تلقي الكثير من مقدمي البرامج التلفزيونية أمرًا بتعديل خطابهم، ومن لا يلتزم يتم إبعاده، وهذا ما حدث مع مجموعة من مقدمي برامج شبكة قنوات “النهار”. فمسئولو الأمن في مصر يعتقدون أن وسائل الإعلام بالغت بشكل كبير في عرض مشاكل البلاد الداخلية، ولذا حذر “السيسي” كثيرًا بأنه سيتم الرقابة على وسائل الإعلام، وخاصة في خطابه الذي ألقاه في يونيه 2017؛ فحذر بأن الدولة سوف تستعيد تأثيرها الكامل على السوق[4].   المسلسلات التي حققت نسبة مشاهدة عالية نتيجة تدعيم الدولة وأجهزتها لها: مسلسل “الاختيار”، بطولة “أمير كرارة” و”أحمد العوضي” و”دينا فؤاد”، وإخراج “بيتر ميمي”، تصدر قائمة أفضل مسلسلات رمضان من جانب القصة والسيناريو، وذلك باعتبار أن المسلسل يجسد قصة وطنية وأحداثًا حقيقية، كانت قصة معروفة لكثير من المصريين، وهو قائد الكتيبة “103” صاعقة، العميد “أحمد المنسي”، والذي قُتل في عام 2017 في انفجار بعبوة ناسفة شمال جزيرة سيناء، كما يعرض انفصال بعض ظباط الجيش والتحاقهم ببعض الجماعات التكفيرية، وركز بشكل أساسي على شخصية الظابط “هشام عشماوي”، والذي تم إعدامه بعد إدانته بتهمة التحريض على القتل وممارسة العمل الإرهابي[5]. حاز هذا المسلسل على أعلى نسبة مشاهدة؛ نتيجة انتظار الجمهور عمل درامي يوضح ما يحدث في سيناء من عمليات عسكرية لمواجهة الإرهابيين والمتطرفين، الذين يتخذون سيناء ملجأ لهم، ولكن بالرغم من أن القصة حقيقية، إلا أن بها بعض المبالغات، سواء في تعامل قيادات الجيش مع العساكر الأقل رتبة، من حيث الحوار الدائم الذي يتسم بالمودة، وقلما يحدث هذا في الواقع، أو من حيث التعامل مع الإرهابيين بشكل مبالغ فيه، وتشبيه أي شخص ملتحٍ بأنه إرهابي، أو من حيث الأسباب التي دفعت بعض ظباط الجيش إلى الانشقاق والانضمام إلى الجماعات الإرهابية. جاء في المرتبة الثانية مسلسل “البرنس”، بطولة “محمد رمضان”، و”أحمد زاهر” و”نور”، وإخراج “محمد سامي”، جسد المسلسل قصة واقعية تحدث في كثير من الأسر المصرية؛ نتيجة الصراع على فكرة الميراث، الذي قد يصل إلى العداء بين الإخوة، ويمكن أن يصل إلى القتل، فهذه القصة نقرؤها كل يوم في صفحات الحوادث، أو نشاهدها في البرامج، أصبحت مألوفة بالنسبة للمشاهد المصري، وخلال عرض المسلسل تعايش الجمهور مع القصة، وتوحد مع البطل، وتعاطف مع قضيته وظلم الإخوة له، خاصة وأن المسلسل تم تصويره داخل حارة مصرية. ويعتبر المسلسل جزءًا من سلسلة المسلسلات التي أنتجها ” تامر مرسي” لترسيخ فكرة اجتماعية، وهي الصراع بين الخير والشر داخل الأسرة الواحدة، وأن الأفكار اللاأخلاقية المنتشرة داخل المجتمع نابعة من النفوس البشرية وليس من المجتمع المحيط أو الظروف التي يعيشها الأفراد وتفرضها الدولة عليهم. جاء في المرتبة الثالثة مسلسل “النهاية”، بطولة الفنان “يوسف الشريف” والفنانة “سهر الصايغ”، وقد اتخذ المسلسل شكلًا جديدًا على الدراما المصرية، وهو الخيال العلمي، وحاز في بداية عرضه على جدل كبير؛ وذلك لأن أحداثه تدور في مدينة القدس، وتنبأ في بداية عرضه بزوال دولة إسرائيل بعد 100 عام؛ مما أدى إلى غضب السفارة الإسرائيلية، وقيام بعض الصحف الإسرائيلية بمهاجمة صناع المسلسل، وأنه يخالف السياسات القائمة بين البلدين مصر وإسرائيل، كما شاهد جدلًا كبيرًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أنه وصل إلى صدارة القوائم الأعلى تداولًا لمدة ثلاثة أيام. وبالرغم من أن الشركة المنتجة هي “سينرجي” التابعة لسيطرة الحكومة المصرية، إلا أنها لم ترد على هذه المهاجمات، أو حتى توضيح فكرة المسلسل الأساسية، ولكن شهد المسلسل تغيرات بعد هذا الهجوم، وتحولت أحداثه، ولم يتم ذكر أي هجوم على إسرائيل مرة أخرى، فربما لم يتم وقف المسلسل لأنه حاز على مشاهدة عالية من الجمهور المصري، وهذا القرار سيواجه غضبًا كبيرًا، أو أن الحكومة المصرية أو الأجهزة الرقابية الإعلامية التي فرضتها قررت عدم الانصياع بشكل مباشر لغضب الإعلام الإسرائيلي؛ حتى لا تهتز صورة مصر، واكتفت بإنذار صناع المسلسل بعدم الاقتراب من الكيان الصهيوني بأي تلميحات؛ حفاظًا على العلاقات المصرية الإسرائيلية. رمضان هذا العام كانت تدور في شكل اجتماعي بعيد تمامًا عن المعارضة أو السياسة. [1] موقع DARAJK، دراما رمضان في مصر .. الاحتكار يعود ليحكم البلاد، متوفر عبر الرابط: https://daraj.com/18279/ [2] موقع نون بوست، احتكار الفن .. دراما رمضان في مصر تحت السيطرة والرقابة، متوفر عبر…

تابع القراءة

المبادرة المصرية لحل الأزمة الليبية .. الدوافع وإمكانات النجاح

أعلن السيسي في 6 يونيه الجاري، عن مبادرة جديدة تحت اسم “إعلان القاهرة” لحل الأزمة الليبية، وذلك بحضور كل من المنقلب خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب في طبرق عقيلة صالح، وقد أثارت تلك المبادرة العديد من التساؤلات حول: دوافعها وإمكانات نجاحها، وإمكانية أن تكون تلك المبادرة مقدمة للتدخل العسكري المصري في ليبيا.   أولًا: بنود المبادرة: تتمثل أبرز بنود المبادرة في: – وقف إطلاق النار اعتبارًا من يوم 8/6/2020. – الارتكاز على مخرجات قمة “برلين”، واستكمال أعمال مسار اللجنة العسكرية (5 + 5) بـ “جنيف” برعاية الأمم المتحدة، وبما يترتب عليه إنجاح باقي المسارات (السياسية، والأمنية، والاقتصادية). – إخراج المرتزقة الأجانب من كافة الأراضي الليبية، وتفكيك المليشيات وتسليم أسلحتها للجيش الوطني الليبي. – قيام كل من الأقاليم الليبية الثلاثة (المنطقة الشرقية – المنطقة الغربية – المنطقة الجنوبية) باختيار أعضائها لمجلسي النواب والدولة، سواء بالتوافق أو الانتخاب، على أن يتم ذلك تحت رعاية الأمم المتحدة، وخلال مدة لا تتجاوز 90 يومًا. – اختيار كل إقليم ممثله للمجلس الرئاسي؛ بهدف تشكيل مجلس رئاسة من رئيس ونائبين،  بجانب حصول كل إقليم على عدد متناسب من الحقائب الوزارية، على ألا يجمع أي إقليم أكثر من رئاسة للسلطات الثلاث (المجلس الرئاسي –  مجلس النواب – مجلس الوزراء)؛ بحيث يحصل إقليم طرابلس على 9 وزارات، وإقليم برقة على 7 وزارات، وإقليم فزان على 5 وزارات، على أن يتم تقسيم الـ 6 وزارات السيادية على الأقاليم الثلاثة بشكل متساو (وزارتين لكل إقليم)، مع تعيين نائبين لكل وزير من الإقليمين الآخرين. – قيام مجلس النواب الليبي برئاسة عقيلة صالح بالعمل على تعديل الإعلان الدستوري، وذلك عقب تشكيل لجنة تضم ممثلي أعضاء مجلسي النواب والدولة، وبعد الاتفاق على النقاط الواجب تعديلها في الإعلان الدستوري في مدة لا تتجاوز 30 يومًا، بدءًا من تاريخ انعقاد أول جلسة. – تحديد المدة الزمنية للفترة الانتقالية بـ 18 شهرًا قابلة للزيادة، بحد أقصى 6 أشهر، يتم خلالها إعادة تنظيم كافة مؤسسات الدولة الليبية، خاصة المؤسسات الاقتصادية الرئيسة (المصرف المركزي – المؤسسة الوطنية للنفط – المؤسسة الليبية للاستثمار)، وتنتهي المرحلة الانتقالية بتنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية[1].   ثانيًا: دوافع المبادرة: يمكن الإشارة إلى مجموعة من الدوافع التي تقف خلف إطلاق تلك المبادرة، منها: 1- وقف انتصارات حكومة الوفاق: فقد نجحت حكومة الوفاق في بسط سيطرتها على جميع المعسكرات في جنوب طرابلس التي كانت بحوزة قوات المشير خليفة حفتر، وذلك بعد سيطرتها على مطار طرابلس الدولي، ثم مدينة ترهونة، وأخيرًا مطار بني وليد في 5 يونيه الحالي. هذه الانتصارات لصالح الوفاق ليست إلا حلقة مكملة في سلسلة المكاسب التي حققتها على مدى الشهرين الأخيرين، بداية من سيطرتها على الشريط الساحلي الممتد إلى الحدود مع تونس، ثم قاعدة الوِطْيَة الجوية، وما تبعها من بلدات. ويبدو أن حكومة الوفاق لا ترغب في التوقف عند هذا الحد، فيبدو أنها تسعى إلى السيطرة على منطقة “سرت” وقاعدة “الجفرة”، وهو ما يمكن تلمسه في تصريحات رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج، بعد لقاء مع الرئيس رجب طيب أردوغان في أنقرة، 4 يونيه الجاري، بأن قواته “عازمة على استعادة ليبيا كاملة”. ويمكن تلمس ذلك أيضًا، في الزيارة التي قام بها نائب رئيس المجلس الرئاسي أحمد معيتيق إلى موسكو، حيث التقى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ورغم عدم تسرب تفاصيل كثيرة، إلا أنه من المحتمل أن تكون المباحثات شملت التفاوض على إطلاق الروسيين المعتقلين لدى حكومة الوفاق، والمتهمين بمحاولة التأثير على الحياة السياسية، وربما شمل التفاوض أيضًا رهائن من شركة فاغنر، لم تعلن الوفاق عنهم، ويبدو أنه ستحصل تطورات في الملف كما ألمح معيتيق، لكن ذلك لن يكون بلا مقابل[2]. وربما يكون هذا المقابل هو سماح روسيا لحكومة الوفاق بالسيطرة على منطقة سرت، وقاعدة الجفرة الجوية، التي تشهد تمركز المرتزقة والطائرات الروسية. 2- رأب الصدع بين حفتر وصالح: فالمبادرة عملت على المصالحة بين حفتر ورئيس مجلس نواب طبرق عقيلة صالح، خاصة بعد الخلافات التي ظهرت بينهما مؤخرًا، عقب إعلان حفتر إلغاء اتفاق الصخيرات، وتنصيب نفسه رئيسًا للبلاد، وهي الخطوة التي تم تفسيرها على أنها تأتي لقطع الطريق على المبادرة السياسية التي أطلقها عقيلة صالح في نهاية أبريل الماضي؛ بل واعتبارها بمثابة انقلاب من قبل حفتر على مجلس النواب الذي يقوده صالح. وبالتالي، فقد جاء إعلان السيسي للمبادرة بوجود الرجلين؛ للتأكيد على أن الخلافات بين حفتر وعقيلة صالح قد تم حلها، فضلًا عن محاولة إعادة تدوير مبادرة صالح الأخيرة (خاصة وأن المبادرة المصرية متطابقة تمامًا مع المبادرة التي أطلقها صالح)، وأخيرًا محاولة فرض وإعادة حفتر للمشهد السياسي[3]. 3- الحفاظ على الدور المصري في الملف الليبي: حيث تسعى مصر من خلف مبادرتها إلى منع تركيا من تحقيق مزيد من المكاسب في الملف الليبي، وذلك عبر طريقتين؛ الأولى: جعل هذه المبادرة أساسًا لأي حل سياسي للأزمة الليبية، بما يتوافق مع الرؤية المصرية. الطريقة الثانية: ربما تمهد مصر بهذه المبادرة للتدخل العسكري، ففي حالة رفض حكومة الوفاق وتركيا لهذه المبادرة، فإن مصر قد تجد في ذلك مبررًا لتدخلها العسكري في ليبيا؛ بدعوى أنها مضطرة للتدخل عسكريًّا للحفاظ على أمنها القومي، بعد أن فشلت الحلول السياسية في تحقيق ذلك[4].   ثالثًا: إمكانات نجاح المبادرة: هناك مجموعة من المؤشرات على إمكانية نجاح تلك المبادرة، منها: 1- أنها تتوافق مع الدعوات الدولية التي ظهرت مؤخرًا لوقف القتال في ليبيا، ومن تلك الدعوات إعلان بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في 2 يونيه الجاري، قبول حكومة الوفاق ومليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر استئناف مباحثات وقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية المرتبطة بها. وكذلك، تنديد المتحدث باسم أمين عام الأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك، في 1 يونيه الجاري، باستمرار تدفق السلاح والمرتزقة على ليبيا “برًّا وبحرًا وجوًّا”، وتجديده الدعوة إلى الوقف الفوري للقتال، والتفرغ لمواجهة فيروس كورونا[5]. فضلًا عن التحركات الدبلوماسية من قبل طرفي الصراع الليبي؛ تمهيدًا لعودة المسار السياسي، والمتمثلة في زيارة رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج لأنقرة، وزيارة أحمد معيتيق، نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي رفقة وزير خارجيته محمد الطاهر سيالة، إلى العاصمة الروسية موسكو، ولقائهما بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف. وأخيرًا، لقاء معيتيق مع السفير الأمريكي ريتشار نورلاند. وعلى الجانب الآخر، فقد زار كل من حفتر وعقيلة صالح القاهرة[6]، وهي الزيارة التي شهدت الإعلان عن “مبادرة القاهرة لحل الأزمة الليبية”. 2- رغم أن هناك من يعارض وقف إطلاق النار من قبل حكومة الوفاق؛ بحجة أن ذلك سيكسر سلسلة انتصارات الجيش الليبي على مليشيات حفتر بالمنطقة الغربية، ويسمح لها بإعادة تعزيز عناصرها على جبهات القتال، إلا أن حكومة الوفاق قد وضعت شرطًا ذكيًّا، يتمثل في عودة هذه المليشيات إلى النقاط التي انطلقت منها في 4 أبريل 2019. وكان هذا الشرط مرفوضًا بشكل…

تابع القراءة

الاحتجاجات في الولايات المتحدة قراءة في الخلفيات السياسية والثقافية والاجتماعية

بدأت الاحتجاجات في أمريكا في الأول من يونيه 2020، من مدينة منيابوليس، بولاية مينيسوتا، في وسط البلاد، ووصلت نيرانها وجمرها إلى 75 مدينة، من نيويورك في الشمال إلى ميامي في الجنوب، ومن فيلادلفيا في الشرق إلى لوس أنجلوس في الغرب. وذلك بعد أن شاهد ملايين من الأمريكيين “ديريك تشوفن” الشرطي الأبيض الذي يضع ركبته اليسرى وثقل جسده على رقبة “جورج فلويد”، المواطن الأمريكي الأسود، والبالغ من العمر 46 سنة، والذي كان مكبل اليدين وممددًا على الطريق قرب سيارة الشرطة، بعد أن رماه تشوفن وثلاثة شرطيين آخرين على الأرض، وقد اعتقل بعد الاشتباه باستخدامه لعملة مزورة. ولثماني دقائق كاملة، ظل “فلويد” ممددًا على الأرض، عاجزًا عن التقاط أنفاسه، جراء الضغط الشديد المتواصل من الشرطي الأمريكي الأبيض على رقبته، ويصرخ ويردد بصوت مبحوح “لا أستطيع التنفس”، ولكن مناشداته لم تصل إلى أذني الرجل الذي كان يحرمه من أنفاسه الأخيرة، وقد حدث ذلك في الخامس والعشرين من مايو[1]. بدأت التظاهرات هادئة، لكن بمرور الوقت اتخذت الاحتجاجات مظاهر أكثر عنفًا؛ حيث أقدم بعض المتظاهرين على حرق الأماكن العامة والخاصة، وممارسة النهب. وهو ما برر قرار وزارة الدفاع “البنتاغون”، نشر قوات الحرس الوطني في الولايات لمواجهة الاحتجاجات[2]. وقد ذكر شهود عيان أن عمليات التخريب والنهب ارتكبها بيض؛ بغرض الإساءة إلى الأمريكيين من أصل أفريقي، واستفزاز مواجهات عنصرية مع قوات الأمن[3]. تأتي هذه الشهادة ضمن الاتهامات المتبادلة بين البيت الأبيض والمتظاهرين حول الجهات المسؤولة عن العنف والتخريب وعمليات النهب التي وقعت أثناء التظاهرات؛ حيث اتهم متظاهرون عنصريون بيض بأنهم وراء عمليات التخريب، في المقابل اتهم دونالد ترامب ومسؤولو البيت الأبيض يساريين، وتحديدًا جماعة Antifa[4]  بأنها المسؤولة عن أعمال العنف[5]. نحاول في هذه السطور فهم الخلفيات التي أشعلت التظاهرات المنددة بحادث قتل جورج فلويد بهذه الصورة غير المسبوقة. خاصة إذا علمنا أن الاعتداءات التي يمارسها عنصريون بيض بحق مواطنين أمريكيين سود، هي حوادث متكررة في السنوات الأخيرة؛ حيث قتل العشرات من المواطنين السود في حوادث مماثلة، ويكفي أن نعلم أنه خلال الأشهر الأربعة الماضية فقدت ثلاث عوائل أمريكية -من ذوي الأصول الأفريقية- فردا من أفردها؛ إما على أيدي رجال الشرطة، أو مدنيين مسلحين في كل من ولاية جورجيا وكنتاكي ومينيسوتا. ففي ظهيرة 22 فبراير، أطلق مسلح النار على الشاب أحمد أربيري أثناء ممارسته رياضة الجري في ضواحي مدينة برنزويك بولاية جورجيا. وفي الساعات الأولى من صباح 13 مارس، أطلق رجال شرطة كانوا يرتدون ملابس مدنية النار على الشابة بريانا تايلور، فأردوها قتيلة داخل منزلها بمدينة لويزفيل بولاية كنتاكي.  وفي 25 مايو، قتل الشرطي ديرك شوفين الأربعيني جورج فلويد خنقًا بعد أن وطئ بركبته على رقبة فلويد لأكثر من ثمانية دقائق حتى فارق الحياة في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا[6]. بالتالي يصبح التساؤل مشروعًا عن الخلفيات التي تجعل من حادثة مقتل جورج فلويد مختلفة عما سبقتها من حوادث اعتداء وقعت بحق مواطنين أمريكيين سود، دفع الكثير منهم حياته بسبب هذه الاعتداءات. ومن ثم تعالج الدراسة فرضية مفادها، أن الزخم الكبير الذي اكتسبته التظاهرات هذه المرة يرجع لعدة عوامل، بعض هذه العوامل خاص بأزمات يعاني منها المجتمع الأمريكي، والبعض الآخر يرتبط بأزمة الديمقراطية في العالم الغربي ككل. وهو ما سنحاول اختباره.   العنصرية البنيوية في أمريكا: هناك شبه اتفاق بين عدد كبير من المراقبين والهمتمين بالشأن الأمريكي، أن حوادث قتل السود في الولايات المتحدة ليست حوادث عرضية ناجمة عن إساءة استخدام السلطة، وإنما اللجوء للعنف المفرط من جانب بعض رجال السلطة، إنما هو نتيجة لقناعة مترسخة لدى العديد من الأمريكيين البيض، أنهم أعلى شأنًا، وأرفع قيمة، وأفضل مكانة من السود. ومن ثم فإن العنصرية ضد الأمريكيين السود هي جزء من بنية النظام الاجتماعي في أمريكا، فعلى الرغم من إلغاء العبودية وتحرير العبيد بعد انتهاء الحرب الأهلية، وذلك منتصف القرن التاسع عشر، وإلغاء الفصل العنصري بين البيض والسود، مع ظهور حركة الحقوق المدنية بقيادة مارتن لوثر كينغ في منتصف القرن الماضي، إلا أن المجتمع الأمريكي لا يزال يعاني من بقايا هذه الثقافة العنصرية في مجالات القضاء والتعليم والصحة والخدمات والوظائف … إلخ[7]. وهي عنصرية تتدرج من مستوى المؤسسات حتى تصل إلى الممارسات الفردية؛ حيث هناك مؤسسات كاملة لا تسمح بصعود الملونين في سلمها الوظيفي؛ لكن تظل هذه التوجهات متفقًا عليها ومعروفة لكنها غير مكتوبة؛ مما يجعل من الصعوبة الإمساك بها. خاصة مع حرص هذه المؤسسات على تبني خطاب يستنكر العنصرية. بل يمكن القول إن هناك مؤسسات أمريكية تفتح المجال أمام السود لكنها تظل تنطوي على توجهات عنصرية، مثلًا: “الدوري الوطني لكرة القدم الأمريكية”، وهو الدوري الرياضي الأول في البلاد، فبالرغم من أن 70% من اللاعبين هم من أصول أفريقية ممن اختيروا غالبًا بفضل جدارتهم، إلا أن لديه أربعة مدربين فقط من أبناء الأقليات، وقد استبعد لاعب وسط جيد، هو كولين كايبرنيك؛ بسبب مشاركته في احتجاجات مناهضة العنف الذي تمارسه الشرطة ضد الملونين[8]. ولعل تورط مؤسسات بعينها في تكريس العنصرية الموجهة ضد الأمريكيين من أصل أفريقي يفسر اعتداء المتظاهرين على مؤسسات بعينها دون غيرها؛ حيث فسره البعض بالفعل بالدور الذي تلعبه هذه المؤسسات في تكريس العنصرية. أما على مستوى الممارسات الفردية، فما أكثر حوادث الاعتداء على السود والملونين. يبقى أن نشير إلى أن ثمة مؤشرات عديدة تشهد على تجذر الممارسات العنصرية بحق المواطنين الأمريكيين السود، نكتفي بذكر عدد منها؛ أولًا: أنه بالرغم من أن الأمريكيين من أصل أفريقي يشكلون أقل من 14% من السكان حسب إحصائيات عام 2019 الرسمية، إلا أنهم كانوا يمثلون أكثر من 23% من بين كل 1000 حالة إطلاق نار أدت إلى القتل على يد الشرطة. بل ثمة تقارير تشير إلى أنه بالنسبة إلى الشبان السود، فإن الموت على يد الشرطة، هو من بين أكثر ستة أسبابٍ للوفاة. وذكرت إحدى الدراسات أن واحدًا من بين ألف رجل وصبي أسود في الولايات المتحدة، يقضون على أيدي الشرطة، وهو ما يشكل ضعفين ونصفَ المعدل القائم ما بين الرجال البيض[9]. ثانيًا: أن معدل اعتقال الأمريكيين من أصل أفريقي بتهمة تعاطي المخدرات أعلى بكثير من معدل الأمريكيين البيض، رغم أن الاستبانات تظهر تقارب نسب تعاطي المخدرات بين المواطنين البيض والسود. ففي عام 2018 اعتُقل حوالي 750 شخصًا من بين كل 100 ألف أمريكي من أصل أفريقي بتهمة تعاطي المخدرات، مقارنة بنحو 350 شخصًا من بين كل 100 ألف من البيض[10]. ثالثًا: أن الأمريكيين السود يسجنون بمعدل خمسة أضعاف الأمريكيين البيض، وضعف معدل الأمريكيين من أصل إسباني تقريبًا، وفقًا لأحدث البيانات. ففي عام 2018 شكل الأمريكيون من أصل أفريقي حوالي 13% من سكان الولايات المتحدة، لكنهم كانوا يمثلون ما يقرب من ثلث عدد السجناء في البلاد. بينما شكل الأمريكيون البيض حوالي 30% من…

تابع القراءة

هل تغير الموقف الروسي تجاه أطراف الصراع الليبي؟

أكدت قوات حكومة الوفاق الوطني الليبية، في 25 مايو الماضي، أنه تم إجلاء مئات “المرتزقة” الروس الذين يقاتلون إلى جانب حفتر من مدينة بني وليد الواقعة جنوب شرق العاصمة. وبعد يوم واحد فقط، فقد أعلنت القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم)، في 26 مايو، أن موسكو أرسلت مقاتلات إلى ليبيا؛ لدعم المرتزقة الروس الذين يقاتلون إلى جانب اللواء المتقاعد خليفة حفتر. وهو ما أثار العديد من التساؤلات، لعل أبرزها التساؤل حول إمكانية حدوث تغيرات في الموقف الروسي من أطراف الصراع الليبي.   أولًا: مؤشرات تغير الموقف الروسي لصالح حكومة الوفاق: ظهرت مجموعة من المؤشرات التي تشير إلى تحول في الموقف الروسي من دعم حفتر إلى تقارب مع حكومة الوفاق، ولعل أبرزها: 1- تزايد اللقاءات الرسمية والدبلوماسية بين الروس وممثلي حكومة الوفاق، والتي كان آخرها وصول نائب رئيس حكومة “الوفاق” الليبية أحمد معيتيق، في 3 يونيو الحالي، إلى موسكو؛ من أجل إجراء محادثات رسمية مع الحكومة الروسية بشأن الأوضاع في ليبيا. ورافق معتيق إلى روسيا وزير الخارجية محمد سيالة. والأهم من ذلك، أن تلك الزيارة قد جاءت بالتزامن مع إعلان حكومة الوفاق رسميًّا انطلاق عملية تحرير مطار طرابلس من مليشيا اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وبالتزامن أيضًا مع بدء الجيش الليبي الهجوم على قوات حفتر لاستعادة مدينة ترهونة[1]. ما يشير إلى إمكانية حصول حكومة الوفاق على ضوء أخضر من قبل روسيا للقيام بتلك الخطوة. 2- انسحاب المرتزقة الروس من عناصر شركة فاغنر، وثيقة الصلة بالكرملين، من خطوط المواجهة العسكرية جنوبي طرابلس خلال الأسبوع الأخير من مايو. فقد رُصد انسحاب ما يقدر بـ 1500 عنصر من المرتزقة الروس عبر ترهونة إلى مطار بني وليد، المدينة التي اتخذت موقفًا محايدًا بين حفتر وحكومة الوفاق. وقد غادرت عدة مئات من المرتزقة الروس مطار بني وليد في طائرات نقل روسية إلى مكان غير معروف؛ ولكن ما يرجح، أنها نُقلت إلى طبرق. بينما غادرت مئات آخرون، بني وليد برًّا، بما معهم من وسائل نقل ومعدات عسكرية ثقيلة، والمؤكد أن هذه الكتلة الثانية من المرتزقة اتجهت من بني وليد إلى قاعد الجفرة[2].   ثانيًا: دوافع التغير في الموقف الروسي: يمكن إرجاع هذا التغير في الموقف الروسي إلى مجموعة من الأسباب، منها: 1- انقلاب حفتر على شرعية برلمان طبرق، وهو أحد الأجسام المنبثقة عن “اتفاق الصخيرات” المدعوم دوليًّا، وذلك عندما أعلن حفتر بتاريخ 27 أبريل الماضي، أن الاتفاق السياسي الليبي الذي توسطت فيه الأمم المتحدة -والموقَّع في ديسمبر 2015- أصبح لاغيًا. كما أعلن عن نيته السيطرة على الحكم من خلال التفويض الشعبي. وقد تم تفسير ذلك على أنه محاولة انقلاب ضد حلفائه في شرق ليبيا. وهو ما يراه الروس خروجًا على الاعتراف الدولي الذي يتمتع به عقيلة صالح كرئيس لمجلس النواب في الشرق. وعلى هذا النحو، فإن موسكو قد بدأت بشكل متزايد في التأكيد على أهمية الدور الذي يلعبه صالح، فقد أشار صالح، في 29 أبريل الماضي، أن روسيا شجعت قراره بالسعي إلى التفاوض مع طرابلس والخروج بمبادرته السياسية. كما تسعى موسكو إلى الاستفادة من الاعتراف الدولي الذي يحظى به صالح، واستخدامه مبررًا لانخراطها السياسي والعسكري المتزايد في شرق ليبيا. وهذه هي المقاربة ذاتها التي تتبعها أنقرة مع “حكومة الوفاق الوطني” المعترف بها دوليًّا والمتمركزة في طرابلس. وربما تسعى روسيا إلى توقيع اتفاق مع مجلس النواب المتمركز في الشرق، مماثل لذلك الذي وقّعته تركيا مع “حكومة الوفاق الوطني”، والذي قد تستخدمه روسيا كغطاء قانوني لتدخلها على الأرض في الفترة القادمة. 2- تشكك روسيا في ماضي حفتر وعلاقاته بـ “وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية”، ولعل ذلك ما دفع موسكو نحو تنسيق عودة الشخصيات الرئيسة في نظام القذافي إلى شرق ليبيا. حيث انضم العديد من أنصار النظام السابق لصفوف “الجيش الوطني الليبي”، وهم بمثابة حلقة وصل مهمة بالنسبة لروسيا[3]. 3- تخوف روسيا من توجه حكومة الوفاق لملاحقتها دوليًّا؛ نتيجة تقديمها الدعم العسكري لحفتر، خاصة بعد أن أصبحت حكومة الوفاق أكثر جدية في ملاحقة حفتر وداعميه دوليًّا. وهو ما ظهر في قيام وزارة العدل التابعة للوفاق بتوثيق الانتهاكات الكبيرة التي ارتكبتها مليشيات خليفة حفتر في حربها على العاصمة طرابلس، والتي بدأت في 4 أبريل 2019، بجانب توثيق الدعم المباشر وغير المباشر الذي تقدمه عدد من الدول الأجنبية لمليشيات حفتر؛ وذلك من أجل العمل على ملاحقة حفتر وداعميه أمام المحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة العدل الدولية[4]. كما تخشى موسكو من إمكانية توجه النيابة العامة الليبية نحو توجيه اتهامات رسمية ضد كل من إكسيم شوغالي وسمير سيفان -وهما رجلان روسيان تم القبض عليهما في العاصمة طرابلس في مايو 2019، بتهمة التجسس، ومحاولة التدخل في الانتخابات الليبية مستقبلا، إلا أنه لم يتم تحويلهما إلى المحكمة بعدُ لكي توجه إليهما التهم بشكل رسمي- وذلك بعد أن نشر موقع “بلومبيرغ” الأمريكي تقريرًا أشار فيه إلى أن “حكومة الوفاق ستمضي في خططها لمحاكمة الرجلين رغم الضغوط الروسية”[5]. 4- أن نفوذ الإمارات، الحليفة للولايات المتحدة، على حفتر أكبر بكثير من نفوذ روسيا على الأخير. وهو ما ظهر في رفض حفتر التوقيع على هدنة وقف إطلاق النار في موسكو، في يناير الماضي، وذلك بإيعاز من الإمارات. وظهر ذلك أيضًا في دعم أبو ظبي إعلان حفتر بإلغاء “الاتفاق السياسي الليبي”، وإعلان سيطرته على الحكم في شرق ليبيا، في مقابل رفض روسيا لهذا الإعلان، ودعمها للمبادرة السياسية التي أطلقها عقيلة صالح. كما أن روسيا تسعى -عبر عدم تقديمها الدعم اللازم لحفتر- إلى التأكيد على أن دورها لا يمكن مطابقته من قبل أي من القوى الإقليمية الأخرى الداعمة له. 5- التنسيق الروسي – التركى، فليبيا -مثل سوريا- هي إحدى محطات التنافس والصراع بين البلدين. ورغم ذلك، فقد أظهرت موسكو وأنقرة أيضًا قدرة ومهارة عالية في إدارة خصومتهما الراهنة في ظل خلفية شراكتهما الإستراتيجية طويلة الأجل. وهو ما ظهر في محاولة بوتين وأردوغان الاستيلاء على الدبلوماسية الدولية المعنية بليبيا، من خلال الإعلان عن مبادرة لوقف إطلاق النار أثناء مؤتمرهما الصحفي المشترك في إسطنبول في يناير 2020، بعد افتتاح خط أنابيب جديد لنقل الغاز إلى أوروبا. وربما يحاول كل من أردوغان وبوتين الاستيلاء من جديد على الدبلوماسية الدولية المعنية بليبيا، من خلال عملية شبيهة بعملية أستانا الخاصة بالملف السوري[6]. 6- تصاعد الانتقادات الأمريكية للتدخل الروسي في ليبيا، وهو ما ظهر فيما كشفته القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا “أفريكوم”، في 27 مايو الماضي، عن إخفاء روسيا هوية ما لا يقل عن 14 مقاتلة حربية في قاعدة عسكرية بسوريا، قبل إرسالها إلى ليبيا، وذلك بعد ساعات من نشر بيان مزود بصور لمقاتلات قالت إن روسيا أرسلتها إلى ليبيا. كما طلبت الولايات المتحدة الأمريكية، في 28 مايو، من الدول الأعضاء بمجلس الأمن، المساعدة في سحب المرتزقة من ليبيا، وضمان…

تابع القراءة

تركي ومجلس إدارة الأهلي الطلاق الثالث

هل وصلت العلاقة بين تركي آل الشيخ ومجلس إدارة الاهلي لفصل النهاية، بعدما اتخذت إدارة الأهلي موقفها بسحب الرئاسة الشرفية من المسؤول السعودي، ليكون بذلك أول موقف تتخذه إدارة الأهلي، تجاه تجاوزات تركي المسيئة لتاريخ ومؤسسة الأهلي، الذي لم يتعرض من قبل لمثل تلك التجاوزات؟ لم تكن تجربة تركي في مصر هي الأولى، فقد سبقه رموز ومسؤولون خليجيون جاءوا إلى مصر، وقدموا دعمًا كبيرًا، لأندية الأهلي والزمالك ومع ذلك لم يصدر منهم مثل تلك التجاوزات. يسعى هذا التقرير لقراءة كيف تطورت الأزمة الأخيرة، إلى أن وصلنا تلك النقطة، وما مستقبل دور تركي آل الشيخ في الرياضة المصرية؟ مسار تطور الأحداث: منذ الخلاف الأول الذي حدث بين مجلس إدارة الأهلي ورئيس هيئة الترفيه السعودي تركي آل الشيخ، والعلاقة بينهما متوترة، وليست في أحسن أحوالها، بعد السب والقذف والمعايرة التي قام بها تركي ضد أعضاء مجلس إدارة الأهلي، ولكن المصلحة حكمت وعادوا إلى التصالح، وما هي إلا فترة، وأعلن تركي أنه يستقيل مجددًا من الرئاسة الشرفية للأهلي، وطلب عدم تواصل أي مسؤول منهم معه، حتى جاءت اللحظة قبل الأخيرة مذ أيام، عندما وصف مجلس إدارة الأهلي بأنهم غير رجال؛ لرجوعهم عن اتفاقاتهم ووعودهم معه، وخرج بعدها الكابتن التاريخي للنادي الأهلي والأكثر حصولًا على الألقاب حسام عاشور، ليمدح في تركي آل الشيخ، واصفًا إياه بالرجل المحب والمخلص للأهلي، ووجه عددًا من الانتقادات لمجلس إدارة الأهلي، واتهم أنهم السبب في الأزمات التي تحدث كل فترة مع تركي آل الشيخ[1]. وكان سبب الأزمة الأخيرة، أن مجلس إدارة الأهلي اتفق مع تركي أن يلعب نادي ألميريا مع الأهلي في مبارة اعتزال حسام عاشور؛ حيث يرغب تركي في زيادة شعبية النادي الإسباني في العالم العربي على حساب الأهلي، الذي يتمتع بشعبية جماهيرية هائلة في المنطقة برمتها، فقد تراجع الأهلي في اللحظة الأخيرة عن المبارة، وهو ما استفز تركي واللاعب حسام عاشور أيضًا، الذي خرج للمرة الثانية منتقدًا الإدارة بصورة علنية، معلنًا دعمه لتركي آل الشيخ. أسباب اشتعال الأزمة: ظهر مجموعة من المسؤولين عن صفحات الأهلي الجماهيرية فجأة في منظر مهين؛ ليعتذروا لمرتضى منصور رئيس نادي الزمالك وتركي آل الشيخ، وبعدها سرب تركي مجموعة مكالمات هاتفية لمسؤولين عن صفحات الأهلي؛ ليثبت فيها أن هذه الصفحات تعمل مع مجلس الإدارة، ويتقاضون رواتب شهرية؛ للدعاية لمجلس الخطيب. استفزت الفيديوهات محمود سراج الدين عضو مجلس إدارة الأهلي، وأحد شباب البرنامج الرئاسي للسيسي، الذي جاء من أب ينتمي للمؤسسة العسكرية، وتخرج منها حاصلًا على رتبة لواء .. خرج سراج الدين ليسب مرتضى منصور وتركي آل الشيخ بأقذع الألفاظ، واصفًا الأول بالمكسور عينه والثاني بالقواد؛ ليرد تركي عليه بوصفه بالهلفوت[2]. بهذا المشهد ظهر أن العلاقة بين تركي ومجلس الخطيب قد وصلت للنهاية، وطريق اللاعودة، رغم أن محمود سراج الدين حذف منشوراته التي سب فيها تركي، وأكد أنه لم يكن يقصده إنما كان يقصد مرتضى منصور، ولكن تركي خرج ليطالب بماله وهداياه التي قدمها لمجلس الأهلي كلها. أعلن مجلس الأهلي عن عقده اجتماعًا لمناقشة عدد من القضايا، وخرج ليعلن بعدها عن سحب الرئاسة الشرفية من تركي آل الشيخ، وهو الأمر الذي انقسم معه مشجعي الأهلي بين طرفين؛ الأول: ينتقد مجلس الإدارة، نتيجة تأخر هذا القرار لمدة سنتين، مؤكدين أنهم كانوا متوقعين أن عدم سحب الرئاسة، لأسباب سياسية سيادية متعلقة بالدولة، بينما يثبت قرار المجلس الآن بأنه لم يكن هناك ثمة سبب لحدوث هذه المهزلة، سوى الرغبة في المزيد من الإهانة لتاريخ ومبادئ النادي، على الجهة الأخرى، فرح قطاع كبير من جمهور بِطَيِّ صفحة تركي آل الشيخ، وطالبوا الإدارة بمزيد من القرارات الجيدة لمصالحة الجماهير. وبعدها أعلن تركي الشيح عن تبرعه بالكامل للأموال والهدايا التي قدمها لمجلس الخطيب لصندوق تحيا مصر؛ ليجبر أعضاء الأهلي على إعادة الأموال؛ لأن السيسي لن يترك لهم مبالغ تقدر بنصف مليار بحسب مرتضى وتركي أنفسهم. مستقبل تركي في مصر: رغم ما يردده تركي آل الشيخ دومًا، أنه عاشق محب للكيان، جاء لمساعدته على حصد البطولات، إلا أن الواقع أثبتت نتيجتين؛ الأولى: أن الرجل جاء للاستثمار والكسب من وراء المدينة الرياضية التي كان من المنتظر إنشاؤها تحت مسمى مشروع القرن، كما أن الرجل يحب الشو ويعاني من النرجسية، ويريد أن يخرج الأهلي في الصغيرة والكبيرة ليتغنى بما يقوم به. والجدير بالذكر، أنه تُبدي دول خليجية -وعلى رأسها قطر والإمارات والسعودية- اهتمامًا متزايدًا بالاستثمار الرياضي، وتضعه جزءًا من سياستها الخارجية، على غرار تنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط والغاز، وتعزيز قوتها الدبلوماسية الناعمة، وتحسين صورتها في الساحة العالمية[3]؛ ولكن السعودية جاءت متأخرة، ويبدو أنها ستعاني من وجود تركي آل الشيخ كواجهة للاستثمار الرياضي السعودي، عند مقارنته بمنصور بن زايد الإماراتي أو ناصر الخليفي القطري، وكلاهما يتمتعان بكاريزمة الأمراء. هناك احتمالية كبيرة لبقاء تركي في مصر، إذا أراد العمل مع مجلس إدارة الزمالك، نكاية في الأهلي، ولاستكمال مشروعات السعودية، لا سيما أن تجربة تركي في شراء نادي الأسيوطي، وتأسيس نادي بيراميدز كانت من التجارب الرياضية الناجحة حقًّا، وتمكن النادي من الوصول لنصف نهائي الكونفدرالية، رغم أنه أول مشاركة له في تاريخه. فمع توارد بعض الأنباء عن اتصالات مكثفة تحدث هذه الأيام بين تركي ومرتضى، لا سيما أن الأخير يسعى بقوة لإقناع تركي، بأن يوجه استثماراته في نادي الزمالك، ولكن تركيز الأخير هذه الأيام مرتبط أكثر بالدوري الإسباني؛ لرغبته في الصعود بنادي ألميريا إلى الدوري الممتاز، حيث عالم المال والأعمال الحقيقي. على كل حال، لقد فتح تركي آل الشيخ الباب أمام العيون الخليجية، للاستثمار في الرياضة المصرية، خاصة أن الإمارات تستثمر منذ عام 2017، في استضافة مباريات القمة، التي تشهد حضورًا جماهيريًّا كاملًا، وهو ما يمكن الإمارات من المزيد من حركة السياحة، فضلًا عن الإعلانات والمكاسب المالية، وتعزيز العلاقة بين الحكومة الإماراتية والشعب المصري، لتجاوز كارثة دعمها للانقلاب العسكري؛ لذلك ليس من المستبعد أن يتحول الدوري المصري للقوة التي يتميز بها الدوري السعودي، الذي تستثمر فيه الحكومة بمئات الملايين.   [1] ياسمين عبد العزيز، “أسباب تجدد الخلاف بين تركي آل الشيخ ومحمود الخطيب”، المصري اليوم، 29/5/2020 https://www.almasryalyoum.com/news/details/1981785   [2] ندى الشافعي، “ما هي قصة الأزمة بين تركي آل الشيخ ومجلس إدارة الأهلي؟، في الجول، 2/6/2020 https://www.goal.com/ar/%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A-%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%A7%D8%AF%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%87%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%89-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%AC-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86/twsusdldqfxd13ew37xwy41aw   [3]  هاني زقوت، “شراء أندية ورعاية أخرى .. لماذا تستثمر دول الخليج في المجال الرياضي؟”، نون بوست، 1/6/2020 https://www.noonpost.com/content/37190  

تابع القراءة

المشهد السياسى عن الفترة من 6 يونيه إلى 12 يونيه 2020

أولا : المشهد الداخلي على الصعيد الوطني: الصندوق السيادي كيان فوق المسائلة: وافق مجلس النواب، مبدئيًّا على التعديل المقترح من الحكومة لقانون صندوق مصر السيادي، والذي يقضي بإعفاء كافة المعاملات البينية، ما بين الصندوق والصناديق الفرعية والشركات التي يساهم بها أو المملوكة له، من الضرائب والرسوم وما في حكمها. كما تنص التعديلات على رد ضريبة القيمة المُضافة التي تسددها الصناديق الفرعية، أو الشركات التي يساهم فيها الصندوق بنسبة لا تقل عن 50% من رأسمالها، فضلًا عن تحصين العقود التي يبرمها الصندوق، أو الإجراءات التي يتخذها من الطعن عليها إلا من أحد طرفي العقد أو الإجراء[1]. موافقة البرلمان مبدئيًّا على قانون يحصن العقود التي يبرمها الصندوق السيادي، والإجراءات التي يتخذها من الطعن عليها إلا من أحد طرفي العقد، يأتي بعد أيام من إعلان المدير التنفيذي لصندوق مصر السيادي أيمن سليمان، اعتزام الحكومة التخلص من بعض ديونها ببيع أصول مملوكة للدولة لمستثمرين (عرب وأجانب) بالشراكة مع صندوق مصر السيادي. وكأن القانون محاولة استباق أية طعون متوقعة على صفقات بيع قررت الحكومة إبرامها مع مستثمرين “أجانب” خلال الفترة القادمة. وفي مؤتمر صحفي عبر الفيديو، توقع المدير التنفيذي للصندوق السيادي، أن يجري التحضير لنقل أصول بقيمة تتراوح بين 50 و60 مليار جنيه، من ملكية الحكومة لملكية الصندوق، كحزمة أولية[2]. كما أن إعفاء الصندوق والصناديق الفرعية والشركات التي يساهم بها أو المملوكة له، من الضرائب والرسوم وما في حكمها، يعني أن الصندوق خارج الموازنة العامة للدولة، ولن يساهم فيها بأي مقدار، فلو افترضنا نزاهة النظام، واستبعدنا سيناريو أن يكون الصندوق وسيلة للاستيلاء على المال العام، بعيدًا عن أي رقابة، مع تحصين عقود الصندوق، وتبنينا الخطاب الرسمي، الذي يقول إن مداخيل الصندوق ستستخدم في سداد الدين الخارجي، عندها يمكننا القول إن الصندوق سيستخدم في زيادة معاناة المواطن؛ فبينما يستخدم الجزء الأكبر من مصارف الموازنة العامة للدولة في خدمة الدين، وبالتالي تتقلص الموارد الموجهة للصحة والتعليم وسائر الخدمات العامة، يكون الصندوق وموارده -الواقعة خارج الموازنة- أيضًا في خدمة الدين العام، وكل ذلك يخصم من الموارد الموجهة للمواطن بشكل مباشر. المشهد الحقوقي: النظام يستخدم القضاء في ارتكاب المزيد من الانتهاكات: أيدت محكمة النقض، الأحكام الصادرة من محكمة جنايات القاهرة في أكتوبر 2017، بإعدام سبعة متهمين والمؤبد لـ 50 متهمًا، والسجن المشدد سبع سنوات لعشرة متهمين، والسجن خمس سنوات لـ ثلاثة آخرين، في القضية المعروفة إعلاميًّا بـ «اقتحام قسم شرطة حلوان»[3]. وواجه المتهمون اتهامات بـ«ارتكاب جرائم الإرهاب والتجهمر والقتل العمد مع سبق الإصرار والشروع فيه، وتخريب المباني العامة والأملاك المخصصة للمصالح الحكومية، وحيازة الأسلحة الآلية النارية، وإتلاف سيارات الشرطة والمواطنين». يذكر أن أحداث القضية وقعت يوم 14 أغسطس من عام 2013 بالتزامن مع فض اعتصام رابعة، ونتج عن الأحداث مقتل 3 من ضباط وأفراد قسم شرطة حلوان، وتضرر مبنى القسم بالكامل جراء اندلاع النار فيه، وتحطم نوافذ القسم بالكامل، وإتلاف وتدمير 20 سيارة تابعة للقسم، وتدمير 3 سيارات تابعة للمواطنين. وهو ما يعني -دون كثير تفكير- أن الحكم القضائي اختار أن يوقع حكم الإعدام بـ 7 متهمين والمؤبد لـ 50 متهمًا، والسجن المشدد سبع سنوات لعشرة متهمين، والسجن خمس سنوات لـ ثلاثة آخرين، كل ذلك في حادث مقتل 3 من رجال الأمن. وفي سياق المشهد الحقوقي كذلك، نجد نفس الأمر يتكرر، حيث قضت محكمة جنايات القاهرة بالسجن المشدد 15 سنة بحق 12 متهمًا، والسجن المشدد 10 سنوات لـ 12 آخرين،  والسجن المشدد 7 سنوات لـ 10 متهمين، وألزمت جميع المتهمين بدفع 10 ملايين و101 ألف جنيه قيمة التلفيات التي ألحقوها بقسم شرطة التبين، وذلك في إعادة المحاكمة بالقضية. وكانت النيابة قد أسندت للمتهمين عدة تهم، منها التجمهر والبلطجة والشروع فى قتل عدد من ضباط وأفراد أمن قسم التبين، وإضرام النيران بمبنى القسم وحرق محتوياته، ومحاولة تهريب المسجونين، وحيازة وإحراز أسلحة نارية وبيضاء، والانضمام إلى جماعة على خلاف القانون[4]. وهو ما يعني أن كل هذه الأحكام التي يصل مجموعها إلى 370 سنة أحكام، وغرامات يتجاوز قدرها 10 مليون جنيه، عقوبة للتجمهر بمبنى للشرطة، وهو ما يدفعنا للمقارنة بين هذا المشهد وما يحدث في الاحتجاجات الأمريكية الأخيرة. المشهد الاقتصادي: القاهرة تواصل سياسات الاستدانة: توصل صندوق النقد الدولي، إلى اتفاق على مستوى الخبراء، حول السياسات الاقتصادية التي سيدعمها لحصول مصر على تمويل بقيمة 5.2 مليار دولار خلال 12 شهرًا؛ تمهيدًا لعرض الاتفاق على المجلس التنفيذي للموافقة النهائية عليه خلال أسابيع، بحسب ما ورد ببيان الصندوق[5]. فيما اعتبرت وزارة المالية الاتفاق يدل على «ثقة» الصندوق في سياسات مصر النقدية والمالية في التعامل مع تبعات «جائحة كورونا»[6]. القرض يهدف إلى مواجهة الآثار الاقتصادية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا المُستجد؛ بهدف دعم استقرار الاقتصاد الكلي، وتعزيز شبكات الحماية الاجتماعية، وتحفيز النمو تحت قيادة القطاع الخاص؛ لخلق فرص عمل. وسبق أن حصلت القاهرة في مايو الماضي على ائتمان بقيمة 2.7 مليار دولار من صندوق النقد عبر أداة التمويل العاجل RFI لمدة عام؛ دعمًا لميزان المدفوعات، وللحفاظ على مكاسب برنامج «الإصلاح الاقتصادي»[7]، ثم حصلت على قرض بقيمة 50 مليون دولار من البنك الدولي[8]. ومن الجدير بالذكر أن حجم ديون مصر الخارجية المستحقة بلغ 112.6 مليار دولار بنهاية 2019، بزيادة قدرها 16 مليار دولار عن العام الذي يسبقه[9]. فيما انخفض حجم الاحتياطي النقدي الأجنبي بمقدار مليار دولار، ليسجل 36.004 مليار دولار نهاية مايو الماضي، بحسب ما أعلنه البنك المركزي. وكان احتياطي النقد الأجنبي قد انخفض بمقدار 5 مليار دولار في مارس، و3 مليار دولار في أبريل[10]. الغريب أنه في الوقت الذي تواصل فيه القاهرة سعيها للحصول على قروض خارجية جديدة لسد عجز الموازنة، ولمواجهة التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا، نجد أن النظام المصري يسعى للحصول على صفقات سلاح جديدة بمليارات الدولارات؛ فبحسب الصحيفة الإيطالية «إيل فاتو كوتيديانو»، فقد وافقت الحكومة الإيطالية على بيع فرقاطتين بحريتين متعددتي الأغراض للحكومة المصرية، بما قيمته نحو 1.2 مليار يورو، مشيرة إلى أن بيع الفرقاطتين يأتي ضمن صفقة أكبر لبيع الأسلحة، تتراوح قيمتها بين 9 و10 مليارات يورو؛ مما يجعلها صفقة السلاح الأكبر في تاريخ مصر[11] أسعار الطاقة الجديدة ومزيد من الضغط على المواطنين: بينما أعلنت وزارة الكهرباء تجميد سعر الطاقة للقطاع الصناعي لمدة خمس سنوات قادمة، أعلنت في المقابل رفع أسعار الكهرباء للمنازل بمتوسط 11.7% للعام المالي 2020/2021[12]. هذا القرار -كغيره من قرارات كثيرة اتخذها النظام في الآونة الأخيرة- يكشف التحيزات التي توجه سياسات النظام؛ فهي سياسات موجهة بالأساس لخدمة النخبة الصغيرة الموجودة في الحكم حول الرئيس السيسي، وموجهة للرأسمالية الطفيلية المحيطة بالنظام، والخادمة لسياساته. أخبار كورونا: نسب التعافي ومعدلات الإصابة وأعداد ضحايا الفيروس في أسبوع: أفادت وزارة الصحة، يوم الجمعة 12 يونيه، ارتفاع إجمالي المتعافين من الفيروس إلى 11108 حالة. وأن إجمالي العدد الذي تم…

تابع القراءة

الوجود العسكري المصري في جنوب السودان.. هل تقف المنطقة على أعتاب حرب مياه إقليمية؟

النفي الصادر من وزارة الخارجية بجنوب السودان للتقارير التي كشفت عن موافقة الحكومة الجنوب سودانية على منح مصر قطعة أرض لإقامة قاعدة عسكرية في منطقة «باجاك» التي كانت معقل المعارضة في السابق والتي تقع في  منطقة «مايوت» بولاية أعالي النيل، والتي تبتعد ــ وفقا لصور الاقمار الصناعية ــ  عن سد النهضة مسافة أكثر من 350 كم، وهي منطقة تمتزج فيها الغابات بالجبال ودرجة الحرارة فيها مرتفعة؛ أثار جدلا واسعا في ظل التطورات الراهنة في ملف سد النهضة والخلافات الكبيرة بين مصر من جهة وأثيوبيا من جهة ثانية؛ ذلك أن التأكيد كان رسميا والنفي أيضا كان رسميا. وكانت خارجية جنوب السودان قد أصدرت بيانا بتاريخ 4 يونيو 2020م نفت فيه التقارير التي أكدت منح مصر أرضا بجنوب السودان لإقامة قاعدة عسكرية، ووصفت هذه التقارير بالادعاءات التي يطلقها أعداء السلام الذين يقفون وراء هذه البروباجندا مؤكدة أن لجنوب السلام علاقات تعاون وثيقة مع كل من مصر وأثيوبيا في سبيل تنفيذ اتفاق السلام بعد سنوات من الحرب الأهلية. وتحدث البيان عن جنوب السودان المحبة للسلام والتي ستظل دائما تدعم التعايش السلمي مع دول الجوار والمنطقة والعالم باسره. ([1]) كما نقلت صحيفة “ذا ناشونال كارير” الأمريكية عن مصدر عسكري آخر له رتبة رفيعة نافيا ما بثه تلفزيون “جوبا” بشأن موافقة جنوب السودان على طلب مصري ببناء قاعدة عسكرية في بلاده، قائلا «لدينا اتفاقية دفاع مع إثيوبيا، لا يمكن انتهاكها، لا سيّما وأن إثيوبيا أسهمت في بناء بلدنا».([2]) ورغم النفي الجنوب سوداني إلا أن قراءة التفاصيل وما بين السطور يؤكد أن الهدف من بيان الخارجية هو التغطية على الموقف الحقيقي لجنوب السودان وليس تبيان الحقيقة؛ للأسباب الآتية: أولا، مصدر التقارير التي كشفت عن منح مصر أرضا لإقامة قاعدة عسكرية ليست صحفا أو فضائيات معادية لجنوب السودان بل هو التلفزيون الرسمي بجنوب السودان. ووفقا للتقرير الذي بثه تلفزيون “جوبا”، فإن مسئولا عسكريا رفيع المستوى أوضح أن القاعدة ستضم نحو 250 ضابطا وجنديا مصريا؛ الأمر الذي اعتبر جنوحا من النظام المصري نحو الاستعداد لكافة السيناريوهات المحتملة وعلى رأسها سيناريو شن حرب على السد الذي يهدد الأمن القومي المصري ويحرم القاهرة من حصتها التاريخية في مياه النيل. واعتبر المسئول الجنوب سوداني أن إقامة قاعدة عسكرية مصرية يسهم في تنمية بلاده. كما نشرته “صحيفة أخبار جنوب السودان” الرسمية على لسان مسئول رفيع بالخارجية الجنوب سودانية الذي شدد على أن منح مصر قطعة الأرض في شرق  جنوب السودان، لن يستخدم إلا في  أغراض التنمية التي تعهدت مصر بتوفيرها”. ثانيا، المصدر الذي اعتمد عليه تقرير التلفزيون الجنوب سوداني هو جنرال رفيع بالجيش ومصدر عسكري لم يتم الكشف عن اسمه. ومعلوم أن  الأمور العسكرية في يد كبار الجنرالات الذين يتحكمون تقريبا في كل شيء هناك في البلد الهش الذي يعاني من حرب أهلية تم وقفها منذ شهور قليلة بعد تدخل بابا الفاتيكان. ثالثا،  يعزز من أنباء التواجد العسكري المصري في جنوب السودان أن ضابطا بالمخابرات الجنوب سودانية يبدو أنه على علاقة وثيقة بأثيوبيا، قد سرب مقطع فيديو لقناة محلية يكشف عن ضباط مصريين يدربون جنوداً من بلاده في موقع جبل مابان، على بُعد ثلاثين كيلومتراً من محافظة مايوت القريبة من الحدود مع إثيوبيا. وبثت قناة “رامسيل برودكاستينغ” التسريب، وقالت إنه وصلها عن طريق ضابط مخابرات من جنوب السودان، ذكر أنه قلق للغاية من تورط بلاده في الأزمة بين مصر وإثيوبيا بشأن سد النهضة ومياه النيل التي تعتبرها القاهرة خطاً أحمر وأمناً قومياً بالنسبة لها. وبحسب القناة المحلية فإن ما ظهر في الفيديو هو كتيبة مسلحة من جنوب السودان تُردد صيحات عسكرية باللغة العربية، ونقلت عنها قناة الجزيرة. ([3]) هذه التسريبات تؤكد التواجد العسكري المصري في جنوب السودان، لكنها لا تثبت ولا تنفي الأخبار المتداولة حول منح “جوبا” للقاهرة أرضا لإقامة قاعدة عسكرية بالقرب من الحدود الإثيوبية القريبة من سد النهضة. رابعا، موضوع نشر قوات عسكرية مصرية في جنوب السودان ليس جديدا؛ إذ أشار إلى ذلك موقع «الاستخبارات الأفريقية» في تقرير له منتصف نوفمبر 2019م، وهو موقع يصدر من باريس يهتم بنشر أخبار متخصصة عن قارة أفريقيا. والذي ذكر فيه أن رئيس جنوب السودان سيلفا كير يساعد القاهرة في نشر قوات لها على الأرض في بلاده على الحدود مع إثيوبيا.([4]) خامسا، تأتي هذه التطورات في ظل توثيق القاهرة علاقتها مع جوبا عاصمة جنوب السودان؛ والشهر الماضي أرسل الجيش المصري إلى جوبا طائرتين عسكريتين محملتين بالمساعدات الطبية، لتعزيز قدرة حكومة جوبا على مواجهة انتشار عدوى فيروس “كوفيد ــ19” المعروف بكورونا. وفي مارس  الماضي،  أعلن وزير الري بحكومة السيسي، محمد عبد العاطي، عزم النظام في مصر على إنشاء سد “واو” في جنوب السودان، بالإضافة إلى 12 محطة لمياه الشرب. كما عقد السفير المصري بجنوب السودان محمد قدح يوم الخميس 11 يونيو لقاء بوزيرة الخارجية الجنوب سودانية بياتريسا خميسا؛ حيث تناول اللقاء سبل تعزيز التعاون المشترك بين الجانبين وأهمها الدور المصري في دعم حكومة جنوب  السودان في جهود مكافحة كورونا ، وكذا ملف الترتيبات الأمنية في إطار اتفاق السلام المنشط فى جنوب السودان، فضلاً عن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك. وأصدرت الخارجية السودانية بيانا تؤكد فيه تثمين العلاقات الممتازة مع القاهرة ونفي الشائعات التي تتحدث عن توتر بين جوبا وأديس أبابا.([5])   تحليل موقف جنوب السودان يمكن تفسير هذا الموقف من جنوب السودان بأحد احتمالين: الأول، أن منح القاهرة قطعة أرض لإقامة قاعدة عسكرية هي أنباء صحيحة، صدرت من جنرال مقرب من القاهرة بهدف تعزيز موقفها الهش للغاية في ملف سد النهضة أمام إثيوبيا التي باتت تفرض شروطها على كل من القاهرة والخرطوم من موقف قوة الأمر الواقع. ويرجح من فرص هذا الاحتمال أن تصريحات المسئول العسكري في جنوب السودان تعززت بتصريحات أخرى لمصدر بوزارة الخارجية الجنوب سودانية قبل البيان، أكد فيها لصحيفة ” جنوب السودان نيوز ناو”(SSNN) أن الأرض لن تستخدم إلا لأغراض التنمية التي تعهدت مصر بتوفيرها لأصغر دولة في العالم. مشددا على أن المصريين سيستخدمون هذه الأرض لتوفير التنمية التي تحتاجها بشدة جمهورية جنوب السودان”. مثمنا الدور المصري  الذي كان دائما إلى جوار جنوب السودان منذ استقلالها عن السودان مشيدا بالمساعدات المصرية التي تزود الحكومة المحلية بجنوب السودان حتى اليوم.([6]) وبالتالي فإن بيان الخارجية السودانية استهدف تدارك الموقف؛ لأن هذا من شأنه أن يضع جنوب السودان التي تعيش حاليا مرحلة انتقالية بعد سنوات من الحرب الأهلية في موقف عدائي مع أثيوبيا التي تمثل حاليا ثقلا في القارة الإفريقية ويتعزز نفوذها بشكل واسع منذ تولي آبي أحمد رئاسة الوزراء وحصوله على جائزة نوبل للسلام بعد اتفاق السلام مع إريتريا. الاحتمال الثاني أن هذه الأنباء ربما كانت غير حقيقة، لكن الهدف من ورائها هو…

تابع القراءة

امتحانات بمصر في ذروة تفشي العدوى .. قراءة في أبعاد القرار ومآلاته

كان أمام  حكومة الدكتاتور عبدالفتاح السيسي، «4» سيناريوهات بشأن إجراء الامتحانات الخاصة بالثانوية العامة والفنية (التجارية ــ الصناعية ــ الزراعية ــ الفندقية) والسنوات النهائية بجميع الجامعات المصرية في ظل مخاطر انتشار عدوى فيروس “كوفيد ــ19” المعروف بـ كورونا: الأول، هو تأجيل الامتحانات هذا العام حتى تراجع وانحسار فيروس كورونا أو حتى شهر سبتمبر المقبل. والثاني، هو تأجيل الامتحانات للعام المقبل. الثالث هو استبدال الامتحانات بعمل أبحاث كما جرى في صفوف النقل أو إجرائها إلكترونيا. والرابع هو إجراء الامتحانات مع الإعلان عن حزمة من التدابير الاحترازية والتعقيم المستمر. بالنسبة للسيناريو الأول وهو تأجيل الامتحانات حتى انحسار الفيروس أو حتى شهر سبتمبر المقبل على أقصى تقدير، رفضت الحكومة ذلك بدعوى أن انحسار الفيروس أمر غير محسوم ولا يدري أحد متى ينتهي أو يتراجع خصوصا في ظل عدم وجود لقاح معتمد حتى اليوم، وبرر طارق شوقي وزير التربية والتعليم الفني رفض هذا السيناريو بأن حجم تفشي العدوى ربما يكون في سبتمبر المقبل أعلى بكثير مما هي عليه حاليا. أما بالنسبة للسيناريو الثاني الخاص بتأجيل الامتحانات للعام المقبل؛ فقد رفضت الحكومة ذلك أيضا ، وبرر شوقي ذلك بأن الوزارة لا تملك قدرات وجود دفعتين في دفعة واحدة؛ تفسير  ذلك أن معنى تأجيل الامتحانات للعام المقبل وجود دفعتين في 3 ثانوي العام المقبل، الدفعة الحالية ودفعة 2 ثانوي التي انتقلت إلى الصف الثالث، وهو بالطبع ما سينعكس على الدفعة الجامعية التالية والقبول بالكليات وعدم وجود أماكن مخصصة لدفعتين في وقت واحد، كذلك في شهادات الدبلومات الفنية بأنواعها التجارية والصناعية والزراعية والفندقية، وكذلك في جميع الصفوف  النهائية بجميع الكليات في كافة الجامعات المصرية. ورفضت الحكومة كذلك السيناريو الثالث؛ لأن عمل الأبحاث لا يمثل معيارا موضوعيا للحكم على مستويات الطلاب في ظل نسخ الغالبية الساحقة من التلاميذ هذه الأبحاث من مواقع الإنترنت المختلفة. أما بشأن إجراء الامتحانات إلكترونيا فيعوقها أمران: الأول عدم استعداد الحكومة لهذا الأمر؛ فلم يتم توزيع تابلت خاص بكل طالب بالصف الثالث الثانوي والفني وطلاب الصفوف النهائية بالجامعات. والثاني، أن الامتحانات الإلكترونية عن بعد ثبت بيقين  ــ بعيدا عن تباهي وزير التعليم ــ  أنها تجربة فاشلة وأن الغش  كان سيد الموقف؛ حيث كان طلاب الصفين الأول والثاني الثانوي يتواصلون بشكل مباشر مع مدرسيهم ويتلقون منهم الإجابات على “جروبات” سرية بذلك. أمام هذه الآراء والأفكار،  استقرت حكومة السيسي على السيناريو الرابع، وهو إجراء الامتحانات في ظل هذه الظروف الخطيرة مع الإعلان عن اتخاذ تدابير احترازية وعمليات تعقيم واسعة وتوزيع نحو 33 مليون كمامة وأدوات تعقيم وتطهير وبوابات إلكترونية لتعقيم نحو 5 آلاف لجنة مع تقليل كثافة كل لجنة إلى نحو 14 طالبا  بخلاف مشرفين اثنين في كل لجنة. فما معنى إصرار الحكومة على إجراء الامتحانات بالتزامن مع ذروة تفشي فيروس كورونا في مصر خلال هذه الفترة؟ ألم يحذر مستشار السيسي للشئون الصحية الدكتور محمد عوض تاج الدين من أن ذروة تفشي العدوى بمصر ستبدأ في منتصف يونيو؟ فلماذا تصر حكومة السيسي على إجراء امتحانات الثانوية بدءا من 21 يونيو ولمدة شهر كامل؟ ولماذا تصر على امتحانات الدبلومات الفنية بداية من 25 يوليو المقبل؟ ولماذا تصر الحكومة على إجراء امتحانات الصفوف النهائية بالجامعات في ذات التوقيت وذروة تفشي الوباء؟ أليس ذلك برهانا على أن نظام السيسي يصر على إلقاء ملايين المصريين إلى تهلكة الإصابة بالعدوى مع سبق الإصرار والترصد؟  فما أهداف ومآرب النظام من وراء هذا القرار المشبوه في هذا التوقيت؟   أبعاد القرار الملاحظة الأولى والمهمة أن القرار ليس قرار وزارة؛ حتى لا يتم تحميل طارق شوقي وحده المسئولية عن هذه الكارثة،  وليس حتى قرار الحكومة، بل هو قرار  «دولة»، أو بمعنى أدق قرار ما تسمى بالأجهزة السيادية والأمنية؛ ذلك أن الحكومة في بلد مثل مصر هي مجرد واجهة لحكومة خفية هي من تتخذ القرارات المصيرية بناء على توجيهات الزعيم الدكتاتور، والحكومة الظاهرة هي مجرد واجهة لإعلان قرارات الحكومة الخفية التي تتشكل من كبار القادة والجنرالات في المؤسسة العسكرية والمخابرات وجهاز الأمن الوطني وهي الأجهزة وثيقة الصلة برئيس النظام وقائد الانقلاب. ولذلك دائما ما يكرر طارق شوقي في مداخلاته على فضائيات السلطة أن القرار  ليس قرار وزارة  بل قرار “دولة”. الملاحظة الثانية أن ما يؤكد أن القرار في منتهاه هو قرار السيسي نفسه ومنظومته الأمنية والعسكرية، أن جميع الامتحانات سوف تتم سواء للثانوية العامة (660 ألف طالب وطالبة) والثانوية الفنية بأنواعها الأربعة (التجارية والصناعية والزراعية والفندقية وهؤلاء يقدرون بحوالي 770 ألف طالب وطالبة). وكذلك الثانوية الأزهرية (129 ألف طالب وطالبة). بخلاف طلاب الصفوف النهائية بجميع الكليات وهؤلاء يقدرون بحوالي مليون طالب. معنى ذلك أن النظام سوف يجري امتحانات لنحو «2.5» مليون طالب خلال شهرين فقط هما ذروة تفشي العدوى في مصر بخلاف نحو نصف مليون معلم ومشرف ومراقب على هذه الامتحانات؛ وهو بالطبع ما سوف يسهم في معدلات الازدحام والاحتكاك المباشر وعدم القدرة على توفير أدوات الوقاية والتعقيم لكل هذه الأعداد المهولة؛ وبالتالي فالقرار في حقيقته هو إصرار على زيادة معدلات العدوى والمصابين بين الناس؛ لأهداف سياسية بحتة تخدم مصالح النظام كما يراها هو من زاويته؛ وهو ما يحتاج إلى شرح وتوضيح. ثالثا، للقرار أبعاد مالية تتعلق بالبيزنس الواسع، وبحسب طارق شوقي فإن تكلفة امتحانات الثانوية العامة تبلغ 1.3 مليار جنيه في الميزانية، تشتمل تكلفة التأمين ونقل ورق الأسئلة بالطائرات الحربية وذلك لمنع تسربها. وجرى إضافة نحو 600 مليون جنيه أخرى نظير الإجراءات الاحترازية لمواجهة انتشار العدوى أثناء الامتحانات والتي تتضمن عمليات التعقيم والتطهير وتوزيع الكمامات ومواد التعقيم والقفزات.([1]) لكن تصريحات شوقي تتناقض مع ما أدلى به خلال مناقشة موازنة الوزارة بلجنة التعليم في مجلس النواب في جلسة الأربعاء 6 مايو حيث قال إن “تعقيم لجان امتحانات الثانوية سيكلف نحو 950 مليون جنيه، بخلاف التكلفة السنوية لتأمين اللجان ضد عمليات الغش والتسريب، والبالغة نحو مليار و300 مليون جنيه، وكانت الوزارة قد تعاقدت مع القوات المسلحة للقيام بعمليات التعقيم والتطهير وتوفير بوابات التعقيم الإلكترونية لحوالي 5 آلاف لجنة امتحان.([2]) وأوضح الوزير أنه طالب وزارتي المالية والتخطيط بمخصصات مالية في موازنة العام المالي الجديد، بلغت 132 مليار جنيه، إلا أنه تم تخصيص 109 مليارات جنيه فقط، لأن الموازنة العامة للدولة تواجه ضغطاً كبيراً بسبب أزمة فيروس كورونا”. رابعا، قرار  الحكومة منذ شهر إبريل بالإصرار على إجراء الامتحانات أسهم في مضاعفة أسعار الدروس الخصوصية التي أصرت بعض الأسر  على التزام أولادهم فيها مع اتخاذ التدابير الاحترازية والتعقيم والتباعد؛ وأدى تعليق النشاط التعليمي رسميا إلى وضع الطلاب أمام خيارين: إما اللجوء إلى الدروس الخصوصية وإما الرسوب. ولأنه لا مفرّ من الخيار الأول، استغلّ المدرسون الأمر لرفع الأسعار بشكل جنوني بالنسبة لتلاميذ المرحلة الثانوية. وساهم في زيادة أسعار الدروس…

تابع القراءة

“قانون قيصر” عقاب أمريكي للأسد يدفع ثمنه السوريون على الطريقة العراقية بعهد صدام

بجانب التظاهرات العارمة التي تشهدها معظم المدن السورية، سواء الخاضعة لنظام بشار الأسد أو غير الخاضعة حاليا، إثر انهيار شبه كامل للاقتصاد السوري، وانهيار قيمة الليرة السورية بصورة كبيرة جدا، فاقمت الأزمات المعيشية، دخل قانون “قيصر” المتضمن عقوبات أميركية جديدة على النظام السوري حيز التنفيذ يوم الأربعاء 17 يونيو الجاري. وتعرض “قانون قيصر لحماية المدنيين في سورية لعام 2019″، لعدد من التعديلات قبل التصويت عليه من قبل الكونغرس، كان آخرها في يونيو من العام الماضي، قبل تمريره في مجلسي الكونغرس والشيوخ، وتوقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عليه نهايته العام الماضي.   بنود القانون وينص على فرض عقوبات على الأجانب المتورطين ببعض المعاملات المالية، أو التقنية، مع مؤسسات “الحكومة السورية”، والمتعاقدين العسكريين والمرتزقة الذين يحاربون بالنيابة عن النظام السوري أو روسيا أو إيران، أو أي شخص فُرضت عليه العقوبات الخاصة بسورية قبلاً، وكل من يقدّم الدعم المالي أو التقني أو المعلومات التي تساعد على إصلاح أو توسعة الإنتاج المحلي لسورية من الغاز والنفط أو مشتقاته، ومن يقدّم الطائرات أو قطعها، أو الخدمات المرتبطة بالطيران لأهداف عسكرية في سورية. كما يفرض عقوبات على المسؤولين لجهة انتهاكات حقوق الإنسان ضد المدنيين أو أفراد عائلاتهم، وحدد مجموعة من الشخصيات المُقترح أن تشملهم العقوبات، بينهم رئيس النظام السوري، ورئيس الوزراء ونائبه، وقادة القوات المسلحة، البرية والبحرية والاستخبارات، والمسؤولون في وزارة الداخلية من إدارة الأمن السياسي والمخابرات والشرطة، فضلاً عن قادة الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري، والمسؤولين عن السجون التي يسيطر عليها النظام، ورؤساء الفروع الأمنية، ويستثني القانون المنظمات غير الحكومية التي تقدّم المساعدات في سورية. وعلى الرغم من اللهجة القاسية للمشروع، فإنه يترك الباب مفتوحاً للحل الدبلوماسي، فهو يسمح للرئيس الأميركي برفع هذه العقوبات في حال لمس جدية في التفاوض من قبل نظام الأسد، بشرط وقف الدعم العسكري الروسي والإيراني له. كما يمكّن الرئيس الأميركي من رفع العقوبات لأسباب تتعلق بالأمن القومي الأميركي.   قصة قيصر وجاء القانون، بعد توثيق العديد من جرائم الحرب التي وثّقتها صور الضابط السوري المنشق المكنّى بـ”قيصر” والقابعة في الكونغرس منذ 2014. ففي عام 2014 جلس “قيصر”، وهو الاسم الرمزي لمصور عسكري سابق عمل مع الشرطة العسكرية للنظام السوري، أمام أعضاء من الكونغرس الأمريكي وشرح لهم مضامين 55 ألف صورة تكشف عن جرائم قتل وعمليات تعذيب منظمة أقدمت عليها حكومة نظام الأسد. الصور التي يقول قيصر إنه قد هرّبها خارج البلاد تظهر ألوف الجثث التي جرى اقتلاع أعينها، وجثث أخرى بترت أطرافها وفظاعات أخرى مورست في مراكز الاعتقال السورية، المحققون تأكدوا من حقيقة الصور رغم إعلان وزارة العدل السورية أنها صور مزورة، وقد صور قيصر بتكليف من النظام السوري 6786 سجينًا مقتولاً. والقانون هو  حزمة عقوبات أريد لها أن تعزل كل من يتعامل مع حكومة بشار الأسد، لكن وفي ضوء سنوات الحرب الطويلة التي يرزح تحتها الشعب السوري، يحذر المعارضون لهذه العقوبات من أن تطبيقها سيلحق بالسوريين مزيداً من الضرر، إذ أن العقوبات الأمريكية والأوروبية القائمة حالياً تطال رموز نظام الأسد وقطاع النفط السوري، أما العقوبات الجديدة فيراد لها أن تحقق مستوى أعلى من الشدة، بحسب المراقبين.   رهانات أمريكية وتستهدف عقوبات “قانون قيصر” سد الثغرات الموجودة في العقوبات الحالية، من خلال معاقبة كل من يتعامل مع البنك المركزي السوري والقوى الجوية وقطاع النفط، والمجموعات الأجنبية التي تقاتل إلى جانب بشار الأسد، علاوة على دول مثل الصين، دولة الإمارات وروسيا التي قد تسعى إلى تمويل وتنفيذ عمليات إعادة الإعمار في سوريا. وتراهن واشنطن على القانون الجديد لضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، وتؤكد الإدارة الأميركية عزمها على تطبيق القانون بصورة صارمة لتسديد ضربة إضافية قاسية للاقتصاد السوري الذي ينهار، ولبعث رسالة مفادها أن إعادة إعمار سورية يجب أن تكون برضا الولايات المتحدة. وتستهدف العقوبات أيضاً “حزب الله” اللبناني بهدف تقليص دوره باعتباره الذراع الإيرانية الأهم في المنطقة وأحد الأنابيب الرئيسية لمد الاقتصاد السوري بالأوكسجين اللازم لاستمراره. وفي الحسابات والتقديرات الأميركية فإن مردود القانون من هذه الناحية الجيوسياسية قد يكون الأفعل، فالساحة اللبنانية في حالة اختناق مالي وسياسي يهدد بانفجار كبير، وثمة من يتوقع “انهيار الدولة اللبنانية”. ومن شأن عقوبات قيصر صبّ الزيت على النار ووضع المزيد من الضغوط على “حزب الله” لإجباره على الانكفاء من سورية. فالحزب حسب المعلومات الأميركية، يقوم من خلال شبكة أعماله بعمليات تجارية مع النظام السوري عبر المعابر الحدودية غير الرسمية التي تبلغ نحو 120 معبراً لتهريب البضائع بين البلدين. وهو ما يكبد المصرف المركزي في لبنان سنوياً خسائر بنحو 4 مليارات دولار بسبب تهريب المحروقات المدعومة من الدولة إلى سورية.   توقيت مستهدف أمريكيا ودوليا ويأتي تشديد العقوبات الأمريكية بموجب قانون قيصر، بعد أيام من تمديد العقوبات الأوروبية على سوريا لمدة عام آخر، وأيضا، يأتي ذلك في وقت دعا فيه الأمين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش إلى رفع العقوبات التي تعرقل مكافحة تبعات فيروس كورونا، ولكن الاتحاد الأوروبي مدد العقوبات رغم دعوته أوائل أبريل إلى تخفيفها عن سوريا وفنزويلا وإيران ودول أخرى بهدف مساعدتها على مواجهة فيروس كورونا. وفي تحليل لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى المقرب من الإدارة الأمريكية تحت عنوان “قانون قيصر يدخل حيز التنفيذ: زيادة عزل نظام الأسد” تم التأكيد على أن “العقوبات لم تفلح حتى الآن في ثني الرئيس الرئيس الأسد عن تغيير سياساته.”   عقوبات شاملة النظام والشعب! ويرى عدد من الخبراء الألمان بينهم الكاتب والصحفي ماتياس فون هاين أن “المفارقة في أن العقوبات الأوروبية التي تستند إلى المخاوف على حقوق الإنسان تشمل 14 قطاعا مثل محطات توليد الطاقة ومضخات المياه ومعدات صناعة الطاقة وقطع التبديل والتحويلات المالية، ما يشمل عقوبة جماعية للسوريين ويعيق حصولهم على الكهرباء والأدوية والطعام إلخ.” وهذا يعني أن عقوبات قانون قيصر ستكون أشد وطأة خلال الأيام والأسابيع القادمة، إلا إذا حصل تطورات مفاجئة تدفع الولايات المتحدة إلى التخفيف منها أو تأجيل تنفيذها. وقد يحصل بعض الانفراج أيضا في حال أقدمت الصين مثلا على تقديم المزيد من الدعم لسوريا، لأن روسيا وإيران حليفتا دمشق تعانيان من عقوبات غربية أيضا وليستا في وضع اقتصادي يسمح لهما بمساعدة سوريا على تجاوز المحنة التي تمر بها حاليا. ولا يقتصر قانون “قيصر” على استهداف الجانب التجاري للحزب، بل يشمل أيضاً قطاع الخدمات والبنى التحتية ومجالات الاستثمار والمصارف، وإن كانت هذه الأخيرة منضبطة إلى حد بعيد بحدود العقوبات الأميركية. ويشمل القانون أيضاً الاتفاقات العسكرية وهيئات التنسيق بين سورية ولبنان ومنها “المجلس الأعلى اللبناني السوري” المشكل منذ عام 1991 و”اتفاق الدفاع الأمني” الموقع في 2019.   تداعيات اقتصادية وبحسب مراقبين، يريد الداعمون لحزمة العقوبات الجديدة إعاقة عمليات إعادة الإعمار لسببين: الأول، أن نظام الأسد قد صادر أملاك اللاجئين السورين الذين هربوا من بطشه،…

تابع القراءة

مصر بين مرسي والسيسي..حسابات الربح والخسارة

في 17 يونيو 2019، فقدت مصر الدولة والمجتمع والتاريخ والحضارة والإنسانية،  أول رئيس منتخب في تاريخها القديم والحديث، في أسوأ ظروف إنسانية وسياسية وقضائية. فكشف مقتل الرئيس محمد مرسي أنه لا أخلاق ولا شرف في الخصومة السياسية، ولا عدالة تضمن للسجين أبسط حقوقه الإنسانية، إلا أن خاتمته التي استحقها عن جدارة، جاءت دفاعا عن الحق والعدل بداخل محكمة أرضية، يغلب عليها الهوى ويشوبها الطغيان والظلم، ويغلب عليها منطق تزوير الحقائق وتزييفها . ثم تلاحق العار على النظام العسكري، الذي ظل لست سنوات مرعوبا من خروج صوت مرسي إلى العلن، فارضا حاجزا زجاجيا عليه وسجنا اتفراديا لا يقابل أحدا، حتى لا يفضح المنقلبين، فلم يجرؤ على خروج جنازة رسمية أو غير رسمية للرئيس الشهيد، رعبا من الحشود الشعبية، غير المدجنة أو المتعاطفة مع الرجل، تكشف عوارات ادعاءاته وحملات اذرعه الاعلامية للتشوية. وفرض السيسي جنازة عائلية لا يزيد عدد المشاركين عن اصابع اليدين، من ابناء الرئيس وزوجته وشقيقه، وهو ما يؤكد حقيقة الهزيمة النفسية للسيسي ونظامه أمام ثبات وقوة حجة الرئيس الشهيد، وفق قواعد التحليل النفسي. ووفق تتلك الحالة الانهزامية للسيسي أمام الرئيس الشهيد، جاء تعامل الأجهزة المخابراتية والإعلامية، مع نبأ رحيله، حيث تم تعميم خبر الوفاة بنص موحد، حتى أن مذيعة قناة إكسترا نيوز، قرأت الخبر الذي جاء إليها عبر جهاز سامسونج من المخابرات، مذيلة الخبر بقولها “الرسالة جاءت من جهاز سامسونج” وهو ما يعد أكبر فضيحة إعلامية، ناجمة عن رعب النظام . وعلى أية حال، فقد شاءت إرادة الله أن ينصف محمد مرسي وأن يضع حدا لمعاناته في سجون السيسي الذي منع عنه العلاج وحرمه من أدنى الحقوق، التي يتمتع بها السجناء والأسرى في سجون المحتل الصهيوني، فقد أصدرت أسرة مرسي عدة بيانات في السابق تشتكي عدم السماح لها بزيارته في محبسه، ومن عدم السماح له بتلقي العلاج اللازم. وصرح عبد الله، نجل مرسي الراحل، في مقابلة أجراها مع وكالة “أسوشيتد برس للأنباء” في نوفمبر 2018، أن والده يُمنع من تلقي الرعاية الصحية في محبسه الانفرادي، رغم إصابته بأمراض خطيرة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري، وتوالت بيانات الأسرة حول مخاطر الحبس الانفرادي الذي يواجهه مرسي تعسفيا بمحسبه.. وظل الرئيس مرسي، الرئيس الشرعي لمصر إلى حين استشهاده رسميا، فقد تولى سدة الرئاسة عام 2012 بعد أول انتخابات نزيهة وحرة وشفافة، شهدتها مصر عقب الإطاحة بنظام حسني مبارك، ليكون الرئيس الأول بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، ولم يستمر في الحكم إلا نحو عام،  لتتم الإطاحة به بانقلاب عسكري، قاده وزير الدفاع أنذاك عبد الفتاح السيسي، بمباركة وتأييد من  الكيان الصهيوني أول المستفدين عمليا من إسقاط مرسي- وأي حكم ديمقراطي يعبر عن إرادة عموم الشعب المصري- ومباركة من  الغرب و بعض حكام الخليج.   بين المنتخب والمنقلب ومن ثم تأتي المقارنة بين الرئيس مرسي ومن يحكم مصر بعد 2013، لتكشف مدى الفرق في الكفاءة العلمية والسياسية، فالمؤهلات العلمية للرئيس مرسي تعبر عن خلفية علمية وأكاديمية نادرة بين صفوف حكام مصر الحاليين والسابقين، فتخرج مرسي من كلية هندسة القاهرة 1975، بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وعين معيدا بها وسافر في العام 1978 إلى الولايات المتحدة  للعمل وإكمال الدراسة ، وحصل على الماجستير في الطاقة الشمسية عام 1978، ثم حصل على الدكتوراة عام 1982، في حماية محركات مركبات الفضاء. أما سياسيا فهو خطيب مفوه ومحلل جيد للواقع المصري ومداخلاته بمجلس الشعب المصري في عهد مبارك تؤكد كفاءته وأحقيته لحكم مصر، ومثل مرسي حالة إستثنائية في تاريخ مصر الحديث، فقد حقق نتائج لم يستطع “السيسي” تحقيقها طيلة  6 سنوات، بالرغم مما توفر له من معونات مالية من الخارج ودعم من قبل فلول النظام السابق، وبالرغم من سياسة الحديد والنار وقمع المعارضين و إغلاق الميادين و رمي المعارضين في السجون، إلا أن حكم مرسي نجح بالمؤشرات، ورغم كل العوائق الداخلية والخارجية، في تحقيق نتائج إيجابية، لا ينكرها إلا جاحد، و لو استمر في حكم مصر لكان وضع مصر السياسي و الاقتصادي والاجتماعي مغاير تماما لما هو سائد اليوم   مؤشرات مرسي فعلى المستوى الاقتصادي مثلا ارتفع معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي خلال الأشهر التسعة الأولى من حكم مرسي  من 1.8% إلى 2.4%، وارتفع إجمالي الاستثمارات التي تم تنفيذها خلال المدة نفسها من 170.4 إلى 181.4 مليار جنيه، وزاد الناتج المحلي بسعر السوق من 1175.1 إلى 1307.7 مليارات جنيه. أما إجتماعيا، فقد استفاد نحو 1.9 مليون موظف من رفع الحد الأدنى للأجور، كما استفاد 1.2 مليون معلم من الكادر الخاص بالمعلمين، كما استفاد 750 ألف إداري من تحسين أوضاع العاملين الإداريين بالتربية والتعليم، و استفاد نحو 150 ألف عضو هيئة تدريس و58 ألف خطيب وإمام من تحسين أوضاعهم. وبالنسبة لمحدودي الدخل استفاد 1.2 مليون مواطن من العلاج على نفقة الدولة، واستفادت نحو 90 ألف أسرة من مشروع “ابنِ بيتك”، واستفادت 1.5 مليون أسرة من معاش الضمان الاجتماعي، كما استفادت أكثر من 489 ألف امرأة من التأمين الصحي على المرأة المعيلة، كما استفاد 13.2 مليون طفل دون السن المدرسي من التأمين الصحي. كما تم إعفاء 52.5 ألفا من صغار المزارعين المتعثرين من المديونيات واستفاد 2793 من صغار المزارعين من مشروع تنمية الصعيد. وأيضا استفاد محدودي الدخل من دعم المواد الغذائية، وبلغ عدد المستفيدين 67 مليون مواطن، وتم توفير 74 مليار و400 مليون جنيه لدعم وتوفير المواد البترولية.. وقد تمت هذه الانجازات في ظل احتجاجات شعبية واسعة وتضييق مالي من قبل الداخل والخارج، ومع ذلك، تم تحقيق خطوات سريعة في اتجاه إرساء التحول الديمقراطي، إذ تم إصدار الدستور بموافقة ثلثي الشعب في استفتاء تمت إدارته بنزاهة وشفافية، وتم نقل سلطة التشريع إلى مجلس الشورى المنتخب، إلى جانب حرص الرئيس على تنفيذ أحكام القضاء فيما يتعلق بسلطاته، مثل سحب قرار عودة مجلس الشعب ووقف الدعوة للانتخابات البرلمانية، والتزم الرئيس بكل ما توصل إليه الحوار الوطني والمشاركة المجتمعية، مثل تعديل الإعلان الدستوري وتعيين 90 من الأسماء المقترحة في مجلس الشورى، وإطلاق سراح المدنيين المحكوم عليهم عسكريا بعد تشكيل لجنة حماية الحرية الشخصية، وإلغاء الحبس الاحتياطي في قضايا النشر.   مؤشرات السيسي أما في عهد السيسي،  فعلى الرغم من أن الاقتصاد المصري بدأ يشهد حركة انتعاش شكلية، إلا أن الوقائع على الأرض توحي بأنه تحسن شكلي على الشاشات، فالإصلاحات التي أطلقها نظام السيسي بدءا من 2014، والتي تمت في  إطار اتفاق لنيل قرض من صندوق النقد الدولي عام 2016 ، شملت تعويم الجنيه ورفع الدعم تدريجيا عن أسعار الوقود والطاقة، و زاد حجم الفقر في مصر، وغرقت مصر في المديونية للخارج والداخل، وأصبحت مصر قاب قوسين من الإفلاس، لولا تدفق الإعانات السخية من بلدان الخليج، وهي إعانات مشروطة ومضارها أكثر…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022