بقانون الثروة المعدنية الجديد.. هل يقنن السيسي نهب الشركات العالمية لثروات مصر؟

جددت اللائحة التنفيذية التي أصدرها مجلس الوزراء بحكومة الانقلاب في 15 يناير 2020م، والخاصة بقانون الثروة المعدنية رقم 145 لسنة 2019م كثيرا من المخاوف لدى قطاعات واسعة من الخبراء والمختصين وعموم الشعب من توظيف هذه التعديلات ولائحة القانون التنفيذية لتصبح بوابة مشرعة لإهدار ما تبقى من ثروات مصر، عبر تقنين عمليات النهب المنظم الذي تقوم به مافيا المال الحرام التي ترتبط بشكل وثيق بشركات عالمية كبرى متعددة الجنسيات وعابرة للقارات، بخلاف حيتان رجال الأعمال والقادة النافذين في المؤسسة العسكرية الذين يؤسسون شركات خاصة يحققون من ورائها مكاسب هائلة لما يحظون به من نفوذ وسلطات واسعة، ويمارسون بالفعل التنجيم عن الذهب بوسائل غير مشروعة. وكان برلمان الأجهزة الأمنية قد أقر في 7 يوليو 2019م التعديلات التي تقدمت بها الحكومة على قانون رقم 198 لسنة 2014م والخاص بالاستثمار في الثروة المعدنية؛ وصدق عليه رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي في 13 أغسطس 2019م؛ بدعوى فتح أبواب الاستثمار أمام الشركات العالمية والمستثمرين الأجانب بعد أن فشل قانون 2014 في جذب الاستثمار العالمي لقطاع التعدين رغم  أن مصر تضم فرصا هائلة وإمكانات لا تتوافر في كثير من بلاد العالم. وتملك مصر ثروات معدنية كبيرة، أضخمها منجم السكري للذهب، كما يوجد أكثر من 120 منجم ذهب، أغلبها في الصحراء الشرقية، إضافة إلى ثلاثة آلاف محجر، 40% منها بالبحر الأحمر، و20% بالصعيد و15% على خليج السويس، وفق دراسات محلية.([1])  كما تمتلك مصر ثروة هائلة من المناجم المعدنية والحجرية، إذ بها ما يقرب من 39 خامة من المعادن تدخل في جميع الصناعات، ساهمت في تعزيز مكانتها على خارطة التعدين الدولية، ، وتقدر عدد المناجم في مصر  بحوالي  4500 منجم بمختلف أنواعها، تحتل بها المرتبة الثالثة عالميًا في الثروة المحجرية والمعدنية.([2]) كما توجد  ثروات معدنية متعددة ما بين فوسفات وذهب وفلسبار ورمال بيضاء تتطلب إعادة النظر في آليات استخراجها. ولدى مصر حزام فوسفات يبدأ من البحر الأحمر وحتى حدود ليبيا، إلى جانب احتياطي يقدر بنحو 45 مليار طن من الرمال البيضاء، تشجع على صناعات تعدينية ترفع القيمة المضافة عند تصنيعها ليبلغ سعر طن من الرمال لمئة دولار. وظلت مصر تعمل بقانون للثروة المعدنية لقرابة نصف قرن دون تغييره منذ عام 1956 قبل أن يتم إصدار القانون الجديد في عام 2014، وكان ذلك السبب في تدني العوائد مثل رسوم استخراج الذهب (الإتاوات)، التي لا تزيد على 360 مليون جنيه (21.65 مليون دولار)، ولذلك أجرى النظام تعديلات جديدة على القانون سنة 2019م تستهدف زيادة عوائد الدولة”. مخاوف المصريين من القانون الجديد أن يتم توظيفه ليكون بوابة لتقنين أوضاع النهب المنظم بدعوى الاستثمار؛ فالحوافز التي تضمنها القانون تسيل لعاب المستثمرين الأجانب وحيتان البيزنس في مصر من العسكر والقطاع الخاص؛ لأن كنوز مصر في الصحراء الشرقية وجنوب سيناء والصحراء الغربية كثيرة ومتنوعة. وحتى اليوم لا تزال مافيا النهب المنظم تواصل نشاطها غير المشروع رغم افتضاح الأمر؛ الأمر الذي دفع قادة هذه المافيا إلى التفكير بشكل مختلف بما يضمن مزيدا من النهب بدعوى الاستثمار، لهذا تواصل حكومة الانقلاب اتصالاتها مع رجال أعمال من عينة نجيب ساويرس وآخرين من أجل الاستثمار في مجال التعدين وخصوصا التنقيب عن الذهب.   مستهدفات على خطى “التفريعة” التحولات التشريعية والهيكلية التي جرت خلال السنوات الماضية في قطاع التعدين تعود إلى الخطة التي وضعها مكتب “وود ماكنزي Wood Mackenzie”  الذي استعانت به وزارة البترول والثروة المعدنية بحكومة الانقلاب، وهي مجموعة عالمية مقرها “إدنبره” بالمملكة المتحدة البريطانية، متخصصة في أبحاث واستشارات الطاقة، والمعادن والتعدين. وتشتهر دولياً بتوريد البيانات الشاملة، التحليل الكتابي، والتوصيات الاستشارية. واستحوذت الشركة في 2015، على ڤرسيك أناليتيكس، شركة التحليلات وتقييم المخاطر الأمريكية، في صفقة بلغت قيمتها 2.8 بليون دولار. وبحسب تصريحات ريكاردو مونتو التو Ricardo monte alto الرئيس التنفيذي والمتحدث الرسمي لمكتب وود ماكينزى wood mackenzie في نوفمبر 2018م،  فإن الإستراتيجية التي تم وضعها لتطوير قطاع التعدين تقوم على مرحلتين: المرحلة الأولى، تتضمن وضع التصور العام وتقييم التحديات والفرص التعدينية والتصورات الحلول للمشاكل التي تواجه قطاع التعدين، وهذه تم الانتهاء منها. المرحلة الثانية، للإستراتيجية والتي يطلق عليها المرحلة التنفيذية تستغرق ما بين عام والعام والنصف وهى الإستراتيجية التي جرى تنفيذها وإعدادها مع شركة انبي المصرية. وتستهدف الخطة تحقيق استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة مليار دولار في العام الأول لتنفيذها، على أن تصل إلى 10 مليارات دولار على مراحل بعد تطبيق إستراتيجية التعدين الجديدة. وبحسب وزير البترول، فإن مجال التعدين في الدول الكبرى يسهم بنسبة 10% من الدخل القومي، في حين أن نسبة مساهمة المحاجر والمناجم في الدخل القومي المصري ضئيلة للغاية، ولا تتعدى 850 مليون جنيه سنوياً، لافتاً إلى أن العائد من المناجم يصل إلى 2.5 مليار جنيه سنوياً، رغم أنها من الصناعات الجاذبة للاستثمار، والتي تستوعب الأيدي العاملة. وتستهدف خطة الوزارة وضع خطة ترويجية وإعلامية تشجيعاً للاستثمار الخارجي، مدعياً أنه في حال تطبيق هذه الخطة سيكون المستهدف من العوائد أن تصل إلى أكثر من 20 مليار دولار في عام 2030، مع توفير أكثر من 110 آلاف فرصة عمل.([3]) لكن الوزير تراجع عن هذه المستهدفات الحالمة ليجعل الرقم المستهدف 7 مليارات دولار فقط بدلا من 20 مليارا؛ وهو عين ما جرى قبل حفر تفريعة قناة السويس التي ادعت الحكومة أنها سوف تدر 100 مليار دولار ثم تراجعت عن الرقم إلى “13.7” مليارا؛ لكن الإيرادات على العكس تراجعت بعد التفريعة المشئومة عما كان قبلها.   مخاوف مشروعة أولا، في تأكيد على نزوع النظام نحو تعزيز النفوذ الأجنبي في الاقتصاد المصري، التقى المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية بحكومة الانقلاب في ديسمبر 2019م، جيريمى كروزييه رئيس شركة «برينسيبال فيرف إنترناشيونال» البريطانية، وبراين رود المدير التنفيذى لشركة «كابيتال دريلينج». وهما شركتان لهما باع طويل يمتد لحوالي 30 سنة في مجال استكشاف المعادن وصناعة التعدين فى دول أوروبا وأمريكا الشمالية وأفريقيا وأستراليا.([4]) وأبدى مديرا الشركتين اهتماما كبيرا بالاستثمار في مجال التنقيب عن الذهب في صحراء مصر الشرقية. وفي 2 مارس 2020م، بدأ وزير البترول والثروة المعدنية مشاركته في المؤتمر الدولى للتعدين PDAC الذي انعقد في تورنتو بكندا في إطار الترويج للفرص الاستثمارية في قطاع التعدين المصري،  والترويج للمزايدة العالمية الأولى لعام 2020 للبحث عن الذهب والمعادن المصاحبة في عدة قطاعات بالصحراء الشرقية على مساحة حوالى 170 ألف كيلو متر مربع.([5]) ثانيا، التعديلات تقر عمليات التحول إلى “الإتاوة والضرائب والتأجير” بدلا من نظام اقتسام الإنتاج والأرباح، وتقليص مدة التراخيص التي تستغرق أكثر من عام، وإعادة النظر في تحديد مساحات معينة أمام المستثمر للنشاط التعديني، وطرح مساحات دون سقف معين. وهي تعديلات جاءت بضغوط هائلة من الشركات العالمية وحيتان القطاع الخاص؛ حيث كانت شركات التعدين الخاصة والدولية تشكو باستمرار ومنذ فترة طويلة من أن…

تابع القراءة

عشرات الإصابات وحالة وفاة بــ«كورونا» في مصر .. قراءة تحليلية في المخاوف والتوقعات

خلال فبراير 2020م، بدأت تتواتر الأخبار من بلاد مختلفة عن إصابات لسائحين أجانب مصابين بفيروس «كوفيد ــ 19» الشهير بـ«كورونا» عائدين من مصر؛ وبلغت هذه الحالات إلى 32 حالة من فرنسا (19 حالة عائدة من مصر) والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وتايوان واليونان ولبنان والصين([1])؛  بينما كانت حكومة الانقلاب تنفي مرارا  أي إصابات بالفيروس في مصر؛ ولم تعلن سوى عن حالة واحدة فقط في 13 فبراير لمواطن صيني كان يعمل في مول سيتي ستارز بمصر الجديدة؛ الأمر الذي أثار شكوكا واسعة حول تعمد نظام الانقلاب التعتيم على  العدد الحقيقي للمصابين بالفيروس لاعتبارات سياسية واقتصادية؛ إذ كيف تكون مصر خالية من الفيروس وتقوم بتصدير المصابين للخارج في ذات الوقت؟! عزَّز من المخاوف، أن المواطن الصيني الذي تم عزله في مستشفى النجيلة بمرسى مطروح اختلط فعليا بعدد كبير من العاملين معه بنفس الشركة أو حتى المبنى كله الذي يضم عشرات الشركات؛ ولم تجر الحكومة التحاليل المطلوبة إلا بـ5 من المخالطين معه بشكل مباشر، و308 تعاملوا معه بشكل غير مباشر؛ تقول الحكومة إنه تم عزلهم لمدة 14 يوما وأن نتائجهم جميعا جاءت سلبية. لكن  الشكوك تحوم حول معرفة عدد المخالطين له وهل اكتفت الحكومة بالعاملين معهم في الشركة والمبني وهل توصلت إلى الذين احتكوا به في الشارع والمواصلات وغيرها؟   ضغوط ضد التعتيم الحكومي وأمام حالة التعتيم التي فرضها النظام على حالات الاشتباه أو الإصابة بكورونا؛ مارس الرأي العام ضغطا شديدا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي؛ بخلاف تجارب الحكومات الأخرى والتي تؤكد أن التعتيم ليس حلا بل يؤدي إلى تفاقم الأزمة وليس حلها. أولا، تناولت وسائل الإعلام قصة الطبيب الصيني “لي وين ليانج” والذي يعد أول من حذر من تفشي فيروس مشابه لسارس بعد تشخيص سبعة مرضى من سوق المأكولات البحرية في مدينة وهان. لكن الأجهزة الأمنية استدعته ومارست معه التهديد والتوبيخ واتهمته  بنشر الشائعات، عبر الإنترنت”، و”الإخلال بالنظام الاجتماعي بشدة”، بسبب الرسالة التي أرسلها لمجموعة الدردشة. واضطر (لي) إلى توقيع بيان للاعتراف بـ “جريمته” ووعد بعدم ارتكاب “أفعال غير قانونية” أخرى، فقد كان يخشى أن يتم اعتقاله، ولحسن الحظ سُمح له بمغادرة مركز الشرطة بعد ساعة.([2]) ووفقا لشبكة (CNN) فمنذ البداية، أرادت السلطات الصينية السيطرة على المعلومات حول انتشار المرض، وإسكات أي أصوات تختلف عن روايتها، بغض النظر عما إذا كانوا يقولون الحقيقة أم لا. ومع تفشي الفيروس، ثم وفاة الطبيب “لي وين ليانج” لإصابته بالمرض؛ اكتسبت قصته دعما شعبيا هائلا؛ وعلى مدار أسبوعين من الإنكار اضطرت الحكومة الصينية إلى الإعلان عن الفيروس الجديد؛ لكن الكارثة كانت قد حلت بالفعل؛ فقد غادر مدينة “ووهان” بؤرة الفيروس خلال هذين الأسبوعين 5 ملايين شخص لقضاء إجازة رأس السنة في عدد من دول العالم!.. ويؤكد خبراء أن الحكومة الصينية لو أخدت بتحذيرات هذا الطبيب في وقتها لتم احتواء المرض إلى حد بعيد. وحتى كتابة هذه السطور، لقي أكثر من 3 آلاف صيني مصرعهم وأصيب أكثر من 80 آلفا آخرين بينهم أكثر من 6 آلاف حالتهم خطيرة. ثانيا، على خطى التعتيم الصيني مضت الحكومة الإيرانية، وأنكرت انتقال الفيروس إلى أراضيها ومارست ولاتزال تعتيما كبيرا بحق العدد الحقيقي للقتلى والمرضي بالفيروس، واليوم باتت إيران من أكبر 4 بؤر للفيروس على مستوى العالم إلى جانب كل من الصين وكوريا وإيطاليا. حيث لقي حوالي 150 مصرعهم وارتفع عدد  المصابين إلى حوالي 7آلاف. ثالثا، تداول نشطاء  مشهدا  من  المسلسل الأميركي The Last Ship “السفينة الأخيرة” (2014) الذي تدور أحداثه حول انتشار فيروس مجهول في مصر، وادعت الحكومة كذباً أنها احتوته، لينتشر الفيروس بعد ذلك ويقتل معظم سكان الأرض. وشبه مغردون، أحداث المسلسل، بواقع نظام الطاغية عبد الفتاح السيسي في مواجهة فيروس كورونا، وحالة الإنكار التي يعيشها، ليسخروا “حتى المسلسلات الأمريكاني عارفة ان حكومتنا بتكدب”.([3])   تحولات  مارس أمام هذا السيل الجارف من التشكيك في مصداقية حكومة الانقلاب والمعروفة أصلا ليس بانعدام الشفافية فقط بل بتحري الكذب واحتراف الفبركة، اضطر النظام إلى الكشف عن بعض الحقيقة. وفي 2 مارس 2020م، تم الإعلان عن الحالة الثانية لكندي يعمل بإحدى شركات  البترول بالصحراء الغربية؛ حاول الطبيب علاجه من أعراض الإنفلونزا، ولم تتحسن حالته فتم نقله إلى مستشفى العزل وأجريت له التحاليل التي أثبتت أنه حامل للفيروس؛ وبحسب تصريحات وزيرة الصحة فإن المخالطين له بشكل مباشر 3875 فردا منهم 2555 بالشركة، تم وضعهم في العزل الطبي وتوفير 3 عيادات وأطباء لمتابعة حالتهم، بينما يوجد 890 شخصا آخرين من خارج الشركة تقول الوزارة إنه تم عزلهم ذاتيا في منازلهم ومتابعتهم جميعا ولا يوجد لدى أحدهم أي أعراض حتى السبت 7 مارس 2020م. الحالة الثالثة، تم الكشف عنها في 5 مارس 2020م، وهي لمصري عمره 44 عاما كان قادما من صربيا ترانزيت 12 ساعة بباريس وعانى من الأعراض وتوجه إلى مستشفى خاص وتم أخذ عينه له وجاءت نتيجتها إيجابية وتم وضعه في مسشتفى العزل الطبي وتم عمل مسح لعينات 42 شحصا من المخالطين المباشرين وكلها بحسب الوزيرة جاءت سلبية وإن كان الوقت لا يزال مبكرا على الحكم النهائي على كل هذه الحالات بخلاف آخرين ربما احتكوا به ولم تصل إليهم الوزارة.   «الوزيرة في الصين» وأمام هذه التطورات المخيفة،  قامت وزيرة الصحة بحكومة الانقلاب هالة زايد بزيارة إلى الصين؛  يوم الاحد 1 مارس واستغرقت 6 أيام لتعود الجمعة 6 مارس 2020م، تم إظهارها على أنها زيارة دعم للصين مع تقديم بعض المساعدات الطبية؛ لكنها في حقيقتها كانت من أجل طلب المساعدة من الجانب الصيني الذي بات لديه بفعل التجربة خبرات واسعة وأجهزة متطورة للكشف عن فيروس “كورونا”؛ «وأعلنت الوزيرة بالفعل في مؤتمر صحفي أقيم السبت 7 مارس حيث تم  تزويد المعامل المركزية للوزارة بالكواشف الحديثة حيث تم شراء 250 ألف كاشف من الصين. وتم زيادة المعامل المرجعية إلى 8 معامل على مستوى الجمهورية. وبدءا من الثلاثاء 10 مارس سيتم شحن وتوريد كواشف سريعة لوضعها بالمطارات وكل الطائرات القادمة من الدول التي يوجد بها إصابات؛ حيث تظهر النتيجة خلال 30 دقيقة في المطارات».([4]) وبحسب صحيفة “صوت الأمة” فإن الوزيرة عادت من الصين بهديتين: أولاهما ألف كاشف حديث لفيروس «كورونا» المستجد، والأخرى هي الوثائق الفنية المُحدَّثة للإجراءات الاحترازية المُتخذة في الصين لمواجهة الفيروس، والتقرير المشترك لخبراء منظمة الصحة العالمية والخبراء الصينيين حول الزيارة التفقدية الأخيرة لمناطق عديدة في الصين.   «55» إصابة وحالة وفاة! التطور اللافت، جرى بدءا من مارس، حيث تم الإعلان عن الحالتين الثانية والثالثة في 2 و5 مارس، وفي الجمعة 6 مارس تم الإعلان عن اكتشاف 12 إصابة دفعة واحدة؛ والمخيف في الأمر، أن عملية الكشف عن المصابين جرت بذات الطريقة التي تم الإعلان بها عن الحالات السابقة؛ حيث عادت سائحة أمريكية من أصل تايواني…

تابع القراءة

ماذا يجري في السعودية؟

تشهد المملكة العربية السعودية، منذ ليل الأربعاء الماضي، موجة موسعة من الاعتقالات في صفوف العائلة المالكة والوزراء والمسئولين الحاليين والسابقين، بلغت ذروتها، يوم الجمعة الماضية، حيث  شملت عددا كبيرا من الأمراء وأفراد من الأسرة الحاكمة، ومسئولين بالدولة السعودية ورجال أمن وكبار ضباط الداخلية، على خلفية اتهامهم بتدبير محاولة انقلابية. وعلى رأس قائمة الاعتقالات الأمير أحمد  بن عبد العزيز، شقيق الملك سلمان، ومحمد بن نايف ولي العهد السابق، وشقيقه نواف بن نايف، كما استدعت وزير الداخلية الحالي عبد العزيز بن سعود بن نايف، ووالده الأمير سعود بن نايف، أمير المنطقة الشرقية والابن الأكبر للأمير نايف بن عبد العزيز، ولي العهد السعودي الأسبق. وبعد يومين من الاعتقال والتحقيقات، أفرجت السلطات السعودية، عن بعضهم، وفق ما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، الأحد الماضي. وشملت قائمة المفرج عنهم، بحسب الصحيفة، وزير الداخلية السعودي الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف ووالده الأمير سعود بن نايف، كما ذكرت الصحيفة أن قائمة المفرج عنهم ستشمل الأمير أحمد  بن عبد العزيز، شقيق العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، والأمير محمد بن نايف ولي العهد السابق وذلك في وقت متأخر الأحد. ولم ترد معلومات حتى صباح الإثنين حول الإفراج عن الأميرين. فيما ظهر الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز مستقبلا  سفيرين لدى المملكة، وسط حضور صحفي، للتدليل على سلامته الصحية، ورضاه عما يقوم به ولي عهده، نجله محمد، بعد تأكيدات صحفية أن أوامر الاعتقال كانت ممهورة بتوقيع الملك سلمان.   ولعل الاتهامات الموجهة للأمراء بتدبير انقلاب قصر، على سلطات ولي العهد محمد بن سلمان، يبدو أنها تخفي وراءها، مخاوف من قبل ولي العهد من تصاعد غضب شعبي وتململ داخل الأسرة الحاكمة، بعد قرارات وأزمات متصاعدة، في الداخل والخارج، تسبب فيها ابن سلمان، والذي يخشى بدوره من شعبية الأميرين أحمد  بن عبد العزيز والأمير محمد بن نايف، واللذين يتمتعان بشعبية وقبول دولي، من الأوساط البريطانية والأمريكية، وكذا ما يتمتعان به من قبول داخل بيت الحكم وحرية انتقاد لمشروع ابن سلمان. حيث نقل عن الأمير أحمد  بأنه أزال من مجلسه صورتين للملك سلمان ولابنه محمد، مؤخرا، كما انتقد قرار وقف العمرة بالداخل والخارج السعودي. والمعروف أن الأمير “أحمد” من المعارضين لسياسات “ابن سلمان”، قبل أن يعود من منفاه الاختياري بلندن إلى المملكة في 2018، بناءً على دعوتين من شقيقه الملك “سلمان“. وهو أثقل الأمراء مكانة في العائلة، وسبق أن وافق على العودة للسعودية بعد حصوله على ضمانات بريطانية وأمريكية بعدم المساس به، وكان يُعول عليه في كبح جماح “ابن سلمان.” بينما تقول تقارير غربية: إن “ابن نايف” قيد الإقامة الجبرية بقرار من “ابن سلمان”، منذ الإطاحة به من ولاية العهد، في يونيو 2017، ولا يخرج إلا بموافقة ولي العهد. فيما العاهل السعودي يعاني من الزهايمر المتقدم، ولا يسيطر على الأمور السياسية والأمنية في البلاد، التي تبقى في يد ابنه محمد الذي لا يتردد في إزاحة كل من يشك فيه.   تكرار تجربة الريتز   جدير بالذكر أن السلطات السعودية احتجزت العشرات من الأمراء وكبار المسؤولين والوزراء الحاليين والسابقين والمسؤولين ورجال الأعمال في فندق ريتز كارلتون بالرياض بأوامر من ولي العهد محمد بن سلمان في نوفمبر 2017. وكان من بين الموقوفين وزير الحرس الوطني المقال الأمير متعب بن عبد الله نجل الملك الراحل عبد الله، وشقيقه أمير الرياض السابق تركي بن عبد الله، والأمير الملياردير الوليد بن طلال، والأمير فهد بن عبد الله بن محمد نائب قائد القوات الجوية الأسبق. ولاحقا، وسعت السلطات السعودية حملة الملاحقات، وأمرت باعتقالات جديدة شملت نخبا سياسية ودينية ورموزا في عالم المال والأعمال بالمملكة، وامتدت الحملة لتشمل المزيد من أبناء عمومة ولي العهد محمد بن سلمان وأبنائهم وأسرهم.     دور الإمارات وفي سياق متصل، كشفت المصادر أن ولي عهد أبوظبي، “محمد بن زايد” كان على علم بمخطط “ابن سلمان” سالف الذكر، بل شارك في وضع ملامحه. وأشارت “أسوشيتدبرس” إلى تغريدة “حمد المزروعي”، المغرد الشهير والمقرب من “ابن زايد”، عندما كتب قبيل الاعتقالات مباشرة: “كش ملك.” وقال أحد المصادر: إن “محمد بن زايد” كان له دور فعال في كل حركة لـ”محمد بن سلمان”، وكلما زاد عدد الأخطاء التي ارتكبها الأخير، زاد عدم الاستقرار الذي يسببه، زاد تأثير “ابن زايد” على الشؤون السعودية. وهو ما يكشف عن دور متصاعد لابن زايد في الشأن الإقليمي، والذي قد يجر كثيرا من عدم الاستقرار في الداخل السعودي، بينما يرى مراقبون أن الإستراتيجية الإماراتية في قيادة المنطقة العربية تتناغم مع الإستراتيجية الصهيو أمريكية، التي ترى في ابن سلمان شخصية مقبولة، يثق فيها وفي انصياعها للأهداف الأمريكية والصهيونية، في كثير من القضايا، فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وإيران، والتطبيع الخليجي مع الصهاينة..وغيرها من القضايا المحورية.   اتهامات!   حيثيات اتهام الأمير محمد بن سلمان للأمراء المشاركين في عملية الانقلاب المفترضة، حسب مصادر رسميّة سعودية تحدثت لـ”وكالة رويترز”، هي أنهم قاموا «بإجراء اتصالات مع قوى أجنبية، ومنها الأمريكيون»، و ذلك على الرغم من أن الأمير أحمد  بن عبد العزيز عاد للمملكة العربية السعودية نتيجة «اتصالات مع قوى أجنبية»، وأن الأمريكيين قدّموا له ضمانات بسلامته لو عاد للبلاد، وبالتالي فإن عودته تشكّل «بيعة» منه للملك سلمان ولوليّ العهد.   دوافع الاعتقالات   وبحسب مراقبين، فإن التفسير الحقيقي لما حصل هو أن الانقلاب جرى فعلا، ولكن من قبل محمد بن سلمان على تلك «الضمانات» الأمريكية، وعلى الرأسمال السياسي لكامل العائلة المالكة وليس على منافسيه المحتملين فحسب، فـ«السيرة الذاتية» لوليّ العهد السعوديّ، التي امتلأت بأخطاء سياسية كارثية، محلّية وإقليمية وعالمية، أعطت بشكل غير مباشر وزنا ومصداقية كبيرين للأمراء الكبار الآخرين. وقد جاء اعتقال أحمد  بن عبد العزيز، لأنه يعتبر الوريث الطبيعي لخط التسلسل المتبع الذي سارت عليه العائلة السعودية بعد وفاة المؤسس عبد العزيز بن سعود، وكذلك على محمد بن نايف، ولي العهد السابق وشقيقه نواف، لكن المقصود، في الحقيقة، هو أي أمير سعوديّ آخر يتمتع باحترام داخل الأسرة المالكة، أو لديه سيرة سياسية مرموقة وتقدير لدى المنظومة الدولية (وخصوصا الأمريكيين)، وقد نمت هذه المصداقية بالتناظر مع درجة الانحدار السياسي الذي تعرّضت له سمعة الأمير محمد بن سلمان، والسعودية عموما، بسبب أخطائه.   استباق رحيل ترامب   ومن ضمن الدوافع التي تقف وراء حملة الاعتقالات، أنها قد تكون خطوة استباقية لإدارة المخاطر التي قد تحول دون انتقال الحكم من الملك سلمان إلى ابنه، وفقاً لتحليل أجرته مجموعة أوراسيا للأبحاث. واعتبر كلا الأميرين بديلَين محتملَين لابن سلمان. ويرجع سبب تسريع “ابن سلمان” بتلك التحركات هو قلقه من احتمال خسارة الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” للانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة، لاسيما أن جميع منافسي “ترامب” من الحزب الديمقراطي، ينظرون بشكل شديد السلبية لولي العهد السعودي، وانتقدوه بشكل قاس…

تابع القراءة

«48»  إصابة بــ«كورونا» وحالة وفاة بمصر .. قراءة تحليلية في المخاوف والتوقعات

خلال فبراير 2020م، بدأت تتواتر الأخبار من بلاد مختلفة عن إصابات لسائحين أجانب مصابين بفيروس «كوفيد ــ 19» الشهير بـ«كورونا» عائدين من مصر؛ وبلغت هذه الحالات إلى 32 حالة من فرنسا (19 حالة عائدة من مصر) والولايات المتحدة الأمريكية وكندا وتايوان واليونان ولبنان والصين([1])؛  بينما كانت حكومة الانقلاب تنفي مرارا  أي إصابات بالفيروس في مصر؛ ولم تعلن سوى عن حالة واحدة فقط في 13 فبراير لمواطن صيني كان يعمل في مول سيتي ستارز بمصر الجديدة؛ الأمر الذي أثار شكوكا واسعة حول تعمد نظام الانقلاب التعتيم على  العدد الحقيقي للمصابين بالفيروس لاعتبارات سياسية واقتصادية؛ إذا كيف تكون مصر خالية من الفيروس وتقوم بتصدير المصابين للخارج في ذات الوقت؟! عزَّز من المخاوف، أن المواطن الصيني الذي تم عزله في مستشفى النجيلة بمرسى مطروح اختلط فعليا بعدد كبير من العاملين معه بنفس الشركة أو حتى المبنى كله الذي يضم عشرات الشركات؛ ولم تجر الحكومة التحاليل المطلوبة إلا بـ5 من المخالطين معه بشكل مباشر، و308 تعاملوا معه بشكل غير مباشر؛ تقول الحكومة إنه تم عزلهم لمدة 14 يوما وأن نتائجهم جميعا جاءت سلبية. لكن  الشكوك تحوم حول معرفة عدد المخالطين له وهل اكتفت الحكومة بالعاملين معهم في الشركة والمبني وهل توصلت إلى الذين احتكوا به في الشارع والمواصلات وغيرها؟   ضغوط ضد التعتيم الحكومي وأمام حالة التعتيم التي فرضها النظام على حالات الاشتباه أو الإصابة بكورونا؛ مارس الرأي العام ضغطا شديدا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي؛ بخلاف تجارب الحكومات الأخرى والتي تؤكد أن التعتيم ليس حلا بل يؤدي إلى تفاقم الأزمة وليس حلها. أولا، تناولت وسائل الإعلام قصة الطبيب الصيني “لي وين ليانج” والذي يعد أول من حذر من تفشي فيروس مشابه لسارس بعد تشخيص سبعة مرضى من سوق المأكولات البحرية في مدينة وهان. لكن الأجهزة الأمنية استدعته ومارست معه التهديد والتوبيخ واتهمته  بنشر الشائعات، عبر الإنترنت”، و”الإخلال بالنظام الاجتماعي بشدة”، بسبب الرسالة التي أرسلها لمجموعة الدردشة. واضطر لي إلى توقيع بيان للاعتراف بـ “جريمته” ووعد بعدم ارتكاب “أفعال غير قانونية” أخرى، فقد كان يخشى أن يتم اعتقاله، ولحسن الحظ سُمح له بمغادرة مركز الشرطة بعد ساعة.([2]) ووفقا لشبكة (CNN) فمنذ البداية، أرادت السلطات الصينية السيطرة على المعلومات حول انتشار المرض، وإسكات أي أصوات تختلف عن روايتها، بغض النظر عما إذا كانوا يقولون الحقيقة أم لا. ومع تفشي الفيروس ، ثم وفاة الطبيب “لي وين ليانج” لإصابته بالمرض؛ اكتسبت قصته دعما شعبيا هائلا؛ وعلى مدار أسبوعين من الإنكار اضطرت الحكومة الصينية إلى الإعلان عن الفيروس الجديد؛ لكن الكارثة كانت قد حلت بالفعل؛ فقد غادر مدينة “ووهان” بؤرة الفيروس خلال هذين الأسبوعين 5 ملايين شخص لقضاء إجازة رأس السنة في عدد من دول العالم!.. ويؤكد خبراء أن الحكومة الصينية لو أخدت بتحذيرات هذا الطبيب في وقتها لتم احتواء المرض إلى حد بعيد. وحتى كتابة هذه السطور، لقي أكثر من 3 آلاف صيني مصرعهم وأصيب أكثر من 80 آلفا آخرين بينهم أكثر من 6 آلاف حالتهم خطيرة. ثانيا، على خطى التعتيم الصيني مضت الحكومة الإيرانية، وأنكرت انتقال الفيروس إلى أراضيها ومارست ولاتزال تعتيما كبيرا بحق العدد الحقيقي للقتلى والمرضي بالفيروس، واليوم باتت إيران من أكبر 4 بؤر للفيروس على مستوى العالم إلى جانب كل من الصين وكوريا وإيطاليا. حيث لقي حوالي 150 مصرعهم وارتفع عدد  المصابين إلى حوالي 7آلاف. ثالثا، تداول نشطاء  مشهدا  من  المسلسل الأميركي The Last Ship “السفينة الأخيرة” (2014) الذي تدور أحداثه حول انتشار فيروس مجهول في مصر، وادعت الحكومة كذباً أنها احتوته، لينتشر الفيروس بعد ذلك ويقتل معظم سكان الأرض. وشبه مغردون، أحداث المسلسل، بواقع نظام الطاغية عبد الفتاح السيسي في مواجهة فيروس كورونا، وحالة الإنكار التي يعيشها، ليسخروا “حتى المسلسلات الأمريكاني عارفة ان حكومتنا بتكدب”.([3])   تحولات  مارس أمام هذا السيل الجارف من التشكيك في مصداقية حكومة الانقلاب والمعروفة أصلا ليس بانعدام الشافية فقط بل بتحري الكذب واحتراف الفبركة، اضطر النظام إلى الكشف عن بعض الحقيقة. وفي 2 مارس 2020م، تم الإعلان عن الحالة الثانية لكندي يعمل بإحدى شركات  البترول بالصحراء الغربية؛ حاول الطبيب علاجه من أعراض الإنفلونزا، ولم تتحسن حالته فتم نقله إلى مستشفى العزل وأجريت له التحاليل التي أثبتت أنه حامل للفيروس؛ وبحسب تصريحات وزيرة الصحة فإن المخالطين له بشكل مباشر 3875 فردا منهم 2555 بالشركة، تم وضعهم في العزل الطبي وتوفير 3 عيادات وأطباء لمتابعة حالتهم، بينما يوجد 890 شخصا آخرين من خارج الشركة تقول الوزارة إنه تم عزلهم ذاتيا في منازلهم ومتابعتهم جميعا ولا يوجد لدى أحدهم أي أعراض حتى السبت 7 مارس 2020م. الحالة الثالثة، تم الكشف عنها في 5 مارس 2020م، وهي لمصري عمره 44 عاما كان قادما من صربيا ترانزيت 12 ساعة بباريس وعانى من الأعراض وتوجه إلى مستشفى خاص وتم أخذ عينه له وجاءت نتيجتها إيجابية وتم وضعه في مسشتفى العزل الطبي وتم عمل مسح لعينات 42 شحصا من المخالطين المباشرين وكلها بحسب الوزيرة جاءت سلبية وإن كان الوقت لا يزال مبكرا على الحكم النهائي على كل هذه الحالات بخلاف آخرين ربما احتكوا به ولم تصل إليهم الوزارة.   «الوزيرة في الصين» وأمام هذه التطورات المخيفة،  قامت وزيرة الصحة بحكومة الانقلاب هالة زايد بزيارة إلى الصين؛  يوم الاحد 1 مارس واستغرقت 6 أيام لتعود الجمعة 6 مارس 2020م، تم إظهارها على أنها زيارة دعم للصين مع تقديم بعض المساعدات الطبية؛ لكنها في حقيقتها كانت من أجل طلب المساعدة من الجانب الصيني  الذي بات لديه بفعل التجربة خبرات واسعة واجهزة متطورة للكشف عن فيروس “كورونا”؛ «وأعلنت الوزيرة بالفعل في مؤتمر صحفي أقيم السبت 7 مارس حيث تم  تزويد المعامل المركزية للوزارة بالكواشف الحديثة حيث تم شراء 250 ألف كاشف من الصين.  وتم زيادة المعامل المرجعية إلى 8 معامل على مستوى الجمهورية. وبدءا من الثلاثاء 10 مارس سيتم شحن وتوريد كواشف سريعة لوضعها بالمطارات  وكل الطائرات القادمة من الدول التي يوجد بها إصابات؛ حيث تظهر النتيجة خلال 30 دقيقة في المطارات».([4]) وبحسب صحيفة “صوت الأمة” فإن الوزيرة عادت من الصين بهديتين: أولاهما ألف كاشف حديث لفيروس «كورونا» المستجد، والأخرى هي الوثائق الفنية المُحدَّثة للإجراءات الاحترازية المُتخذة في الصين لمواجهة الفيروس، والتقرير المشترك لخبراء منظمة الصحة العالمية والخبراء الصينيين حول الزيارة التفقدية الأخيرة لمناطق عديدة في الصين.   «48» إصابة وحالة وفاة! التطور اللافت، جرى بدءا من مارس، حيث تم الإعلان عن الحالتين الثانية والثالثة في 2 و5 مارس، وفي الجمعة 6 مارس تم الإعلان عن اكتشاف 12 إصابة دفعة واحدة؛ والمخيف في الأمر، أن عملية الكشف عن المصابين جرت بذات الطريقة التي تم الإعلان بها عن الحالات السابقة؛ حيث عادت سائحة أمريكية من أصل…

تابع القراءة

بقانون الثروة المعدنية الجديد.. هل يقنن السيسي نهب الشركات العالمية لثروات مصر؟

جددت اللائحة التنفيذية التي أصدرها مجلس الوزراء بحكومة الانقلاب في 15 يناير 2020م، والخاصة بقانون الثروة المعدنية رقم 145 لسنة 2019م كثيرا من المخاوف لدى قطاعات واسعة من الخبراء والمختصين وعموم الشعب من توظيف هذه التعديلات ولائحة القانون التنفيذية لتصبح بوابة مشرعة لإهدار ما تبقى من ثروات مصر، عبر تقنين عمليات النهب المنظم الذي تقوم به مافيا المال الحرام التي ترتبط بشكل وثيق بشركات عالمية كبرى متعددة الجنسيات وعابرة للقارات، بخلاف حيتان رجال الأعمال والقادة النافذين في المؤسسة العسكرية الذين يؤسسون شركات خاصة يحققون من ورائها مكاسب هائلة لما يحظون به من نفوذ وسلطات واسعة، ويمارسون بالفعل التنجيم عن الذهب بوسائل غير مشروعة. وكان برلمان الأجهزة الأمنية قد أقر في 7 يوليو 2019م التعديلات التي تقدمت بها الحكومة على قانون رقم 198 لسنة 2014م والخاص بالاستثمار في الثروة المعدنية؛ وصدق عليه رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي في 13 أغسطس 2019م؛ بدعوى فتح أبواب الاستثمار أمام الشركات العالمية والمستثمرين الأجانب بعد أن فشل قانون 2014 في جذب الاستثمار العالمي لقطاع التعدين رغم  أن مصر تضم فرصا هائلة وإمكانات لا تتوافر في كثير من بلاد العالم. وتملك مصر ثروات معدنية كبيرة، أضخمها منجم السكري للذهب، كما يوجد أكثر من 120 منجم ذهب، أغلبها في الصحراء الشرقية، إضافة إلى ثلاثة آلاف محجر، 40% منها بالبحر الأحمر، و20% بالصعيد و15% على خليج السويس، وفق دراسات محلية.([1])  كما تمتلك مصر ثروة هائلة من المناجم المعدنية والحجرية، إذ بها ما يقرب من 39 خامة من المعادن تدخل في جميع الصناعات، ساهمت في تعزيز مكانتها على خارطة التعدين الدولية، ، وتقدر عدد المناجم في مصر  بحوالي  4500 منجم بمختلف أنواعها، تحتل بها المرتبة الثالثة عالميًا في الثروة المحجرية والمعدنية.([2]) كما توجد  ثروات معدنية متعددة ما بين فوسفات وذهب وفلسبار ورمال بيضاء تتطلب إعادة النظر في آليات استخراجها. ولدى مصر حزام فوسفات يبدأ من البحر الأحمر وحتى حدود ليبيا، إلى جانب احتياطي يقدر بنحو 45 مليار طن من الرمال البيضاء، تشجع على صناعات تعدينية ترفع القيمة المضافة عند تصنيعها ليبلغ سعر طن من الرمال لمئة دولار. وظلت مصر تعمل بقانون للثروة المعدنية لقرابة نصف قرن دون تغييره منذ عام 1956 قبل أن يتم إصدار القانون الجديد في عام 2014، وكان ذلك السبب في تدني العوائد مثل رسوم استخراج الذهب (الإتاوات)، التي لا تزيد على 360 مليون جنيه (21.65 مليون دولار)، ولذلك أجرى النظام تعديلات جديدة على القانون سنة 2019م تستهدف زيادة عوائد الدولة”. مخاوف المصريين من القانون الجديد أن يتم توظيفه ليكون بوابة لتقنين أوضاع النهب المنظم بدعوى الاستثمار؛ فالحوافز التي تضمنها القانون تسيل لعاب المستثمرين الأجانب وحيتان البيزنس في مصر من العسكر والقطاع الخاص؛ لأن كنوز مصر في الصحراء الشرقية وجنوب سيناء والصحراء الغربية كثيرة ومتنوعة. وحتى اليوم لا تزال مافيا النهب المنظم تواصل نشاطها غير المشروع رغم افتضاح الأمر؛ الأمر الذي دفع قادة هذه المافيا إلى التفكير بشكل مختلف بما يضمن مزيدا من النهب بدعوى الاستثمار، لهذا تواصل حكومة الانقلاب اتصالاتها مع رجال أعمال من عينة نجيب ساويرس وآخرين من أجل الاستثمار في مجال التعدين وخصوصا التنقيب عن الذهب.   مستهدفات على خطى “التفريعة” التحولات التشريعية والهيكلية التي جرت خلال السنوات الماضية في قطاع التعدين تعود إلى الخطة التي وضعها مكتب “وود ماكنزي Wood Mackenzie”  الذي استعانت به وزارة البترول والثروة المعدنية بحكومة الانقلاب، وهي مجموعة عالمية مقرها “إدنبره” بالمملكة المتحدة البريطانية، متخصصة في أبحاث واستشارات الطاقة، والمعادن والتعدين. وتشتهر دولياً بتوريد البيانات الشاملة، التحليل الكتابي، والتوصيات الاستشارية. واستحوذت الشركة في 2015، على ڤرسيك أناليتيكس، شركة التحليلات وتقييم المخاطر الأمريكية، في صفقة بلغت قيمتها 2.8 بليون دولار. وبحسب تصريحات ريكاردو مونتو التو Ricardo monte alto الرئيس التنفيذي والمتحدث الرسمي لمكتب وود ماكينزى wood mackenzie في نوفمبر 2018م،  فإن الإستراتيجية التي تم وضعها لتطوير قطاع التعدين تقوم على مرحلتين: المرحلة الأولى، تتضمن وضع التصور العام وتقييم التحديات والفرص التعدينية والتصورات الحلول للمشاكل التي تواجه قطاع التعدين، وهذه تم الانتهاء منها. المرحلة الثانية، للإستراتيجية والتي يطلق عليها المرحلة التنفيذية تستغرق ما بين عام والعام والنصف وهى الإستراتيجية التي جرى تنفيذها وإعدادها مع شركة انبي المصرية. وتستهدف الخطة تحقيق استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة مليار دولار في العام الأول لتنفيذها، على أن تصل إلى 10 مليارات دولار على مراحل بعد تطبيق إستراتيجية التعدين الجديدة. وبحسب وزير البترول، فإن مجال التعدين في الدول الكبرى يسهم بنسبة 10% من الدخل القومي، في حين أن نسبة مساهمة المحاجر والمناجم في الدخل القومي المصري ضئيلة للغاية، ولا تتعدى 850 مليون جنيه سنوياً، لافتاً إلى أن العائد من المناجم يصل إلى 2.5 مليار جنيه سنوياً، رغم أنها من الصناعات الجاذبة للاستثمار، والتي تستوعب الأيدي العاملة. وتستهدف خطة الوزارة وضع خطة ترويجية وإعلامية تشجيعاً للاستثمار الخارجي، مدعياً أنه في حال تطبيق هذه الخطة سيكون المستهدف من العوائد أن تصل إلى أكثر من 20 مليار دولار في عام 2030، مع توفير أكثر من 110 آلاف فرصة عمل.([3]) لكن الوزير تراجع عن هذه المستهدفات الحالمة ليجعل الرقم المستهدف 7 مليارات دولار فقط بدلا من 20 مليارا؛ وهو عين ما جرى قبل حفر تفريعة قناة السويس التي ادعت الحكومة أنها سوف تدر 100 مليار دولار ثم تراجعت عن الرقم إلى “13.7” مليارا؛ لكن الإيرادات على العكس تراجعت بعد التفريعة المشئومة عما كان قبلها.   مخاوف مشروعة أولا، في تأكيد على نزوع النظام نحو تعزيز النفوذ الأجنبي في الاقتصاد المصري، التقى المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية بحكومة الانقلاب في ديسمبر 2019م، جيريمى كروزييه رئيس شركة «برينسيبال فيرف إنترناشيونال» البريطانية، وبراين رود المدير التنفيذى لشركة «كابيتال دريلينج». وهما شركتان لهما باع طويل يمتد لحوالي 30 سنة في مجال استكشاف المعادن وصناعة التعدين فى دول أوروبا وأمريكا الشمالية وأفريقيا وأستراليا.([4]) وأبدى مديرا الشركتين اهتماما كبيرا بالاستثمار في مجال التنقيب عن الذهب في صحراء مصر الشرقية. وفي 2 مارس 2020م، بدأ وزير البترول والثروة المعدنية مشاركته في المؤتمر الدولى للتعدين PDAC الذي انعقد في تورنتو بكندا في إطار الترويج للفرص الاستثمارية في قطاع التعدين المصري،  والترويج للمزايدة العالمية الأولى لعام 2020 للبحث عن الذهب والمعادن المصاحبة في عدة قطاعات بالصحراء الشرقية على مساحة حوالى 170 ألف كيلو متر مربع.([5]) ثانيا، التعديلات تقر عمليات التحول إلى “الإتاوة والضرائب والتأجير” بدلا من نظام اقتسام الإنتاج والأرباح، وتقليص مدة التراخيص التي تستغرق أكثر من عام، وإعادة النظر في تحديد مساحات معينة أمام المستثمر للنشاط التعديني، وطرح مساحات دون سقف معين. وهي تعديلات جاءت بضغوط هائلة من الشركات العالمية وحيتان القطاع الخاص؛ حيث كانت شركات التعدين الخاصة والدولية تشكو باستمرار ومنذ فترة طويلة من أن…

تابع القراءة

اتفاق الدوحة بين طالبان وأمريكا إنجاز تاريخي بطريق السلام الصعب بأفغانستان

بعد نحو عقدين من الحرب والاقتتال، نجحت الدبلوماسية القطرية في الوصول بالمفاوضات المطولة والعسيرة بين حركة طالبان والولايات المتحدة الأمريكية، إلى اتفاق خفض التصعيد ووقف الحرب بين أمريكا وطالبان، تمهيدا لانسحاب إستراتيجي للقوات الأمريكية، الذي وعد به ترامب ناخبيه بخفض الإنفاق العسكري وعودة الجنود الأمريكيين لأراضيهم، فيما يتبقى الكثير من الصعوبات أمام إنجاز سلام يفضي لاستقرار وتنمية في أفغانستان المنكوبة؛ من إطلاق حوار أفغاني -أفغاني للوصول لسلام داخلي بين  حكومة أفغانستان وحركة طالبان والفصائل المسلحة.   يشار إلى أنه وفي عام 2001، قادت الولايات المتحدة حرباً على أفغانستان من أجل إنهاء حكم حركة طالبان، وذلك بعد أقل من شهر على هجمات 11 سبتمبر، وحشدت لهذه الحرب جيوشاً من مختلف دول العالم، وعلى رأسها قوات حلف الناتو. وبعد مرور أكثر من 18 عاماً على تلك الحرب أدركت الحكومة الأمريكية أهمية التفاوض مع حركة طالبان والخروج بمعاهدة سلام من العاصمة القطرية الدوحة تضمن للطرفين تحقيق مطالبهما بعيداً عن الصراعات المسلحة. وفي ظل فشل عدة مباحثات سابقة بين الولايات المتحدة وحركة طالبان عمد الطرفان إلى تفاهم لـ”خفض العنف” بينهما، بداية يوم السبت (22 فبراير 2020)، استمر لأسبوع، قبل التوقيع على الاتفاق النهائي. وعلى الرغم من تحقيق الاتفاق الصعب، إلا أن طريق وقف الاقتتال ما زال بعيد المنال، بفعل الكثير من العقبات على الأرض، وهو ما يحتم على الجانب القطري والرعاة الدوليين العمل لفترات طويلة لرأب التصدعات، مثلما جرى ليل الثلاثاء الماضي، بتنفيذ بعض أطراف من طالبان، على ما يبدو أنها غير راضية تماما على الاتفاق، بتنفيذ هجمات عسكرية ضد القوات الحكومية، ما دفع الجانب الأمريكي لتنفيذ عملية عسكرية ضد معاقل الحركة موقعة عشرات القتلى والجرحى، بجانب سعي بعض الأطراف الدولية والإقليمية لإفشال الدور القطري، والخلافات الحكومية مع طالبان، حول مسائل المعتقلين لدى الجانبين..وغيرها.   اتفاق تاريخي   ووضع الجانبان، في شهر سبتمبر الماضي، اللمسات الأخيرة على الاتفاق الذي جرى خلال الجولة التاسعة من المفاوضات، وتضمّن سحب أكثر من 13 ألف جندي أميركي من أفغانستان، مع جدول زمني واضح، وهو المطلب الرئيس لحركة “طالبان”، وفي المقابل تلتزم “طالبان” عدمَ استخدام مقاتلين أجانب أراضي أفغانستان.   ويتضمن الاتفاق أيضاً وقفاً لإطلاق النار بين الحركة والأمريكيين، إلا أن المفاوضات فشلت حين أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في الشهر نفسه، أن “مفاوضات السلام مع حركة “طالبان” انتهت”، متهما الحركة بـ”إظهار سوء النية” بعد شنها هجوما في كابول أسفر عن مقتل جندي أميركي، و11 مواطنا أفغانياً، غير أن المفاوضات ما لبثت أن استؤنفت أواخر العام الماضي بين الطرفين، وقادتهما إلى الإعلان عن التوصل إلى اتفاق السلام الذي سيجري توقيعه السبت في الدوحة.   وبعد مفاوضاتٍ مكثفةٍ استمرت أكثر من عام، عبر 11 جولة، أثمرت جهود الوساطة القطرية التي بدأت في عام 2011، السبت 29 فبراير الماضي، عن توقيع اتفاق في الدوحة بين الولايات المتحدة الأميركية وحركة طالبان الأفغانية، بحضور ممثلين عن 30 دولة ومنظمة دولية، بما فيها ممثلون عن الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي. يقضي الاتفاق برحيل القوات الأميركية عن أفغانستان خلال 14 شهراً، ممهداً الطريق لمحادثات بين الفرقاء الأفغان، تنهي أحد أطول الصراعات في العالم.   دور قطري فاعل وتبرز محورية الدور القطري، في إنجاز المفاوضات الأمريكية مع طالبان، بعد جهود طويلة، ودخول أطراف دولية سابقة في الملف ثم فشلت، فمنذ عام 2012، تجرى مباحثات سرية بين الطرفين في عدد من دول العالم، منها السعودية والإمارات وباكستان وروسيا، لكن النتائج الأخيرة التي تكللت بالنجاح جاءت من العاصمة القطرية الدوحة. إذ إن إصرار الدوحة على نجاح الاتفاق يعود لباعها الطويل في اتفاقات السلام والتهدئة؛ حيث قادت على سبيل المثال مفاوضات دارفور لسنوات، وأوقفت حرباً أهلية في لبنان عبر اتفاق الدوحة في العام 2007. ويعتبر نجاح هذا الاتفاق انتصاراً جديداً للجهود القطرية، التي خفضت من حجم التوتر الأمريكي مع إيران في منطقة الخليج بعد مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، في يناير 2020. واستكمالاً لدبلوماسية قطر، حيث نجحت في وقف العنف والقتال بدارفور بتوقيع اتفاق “سلام دارفور” بالدوحة، في مايو 2011، إضافة إلى وساطاتها في سوريا ولبنان وليبيا واليمن وجيبوتي وفلسطين المحتلة.   وينهي اتفاق الدوحة واحدة من أكثر الحروب ضراوة خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً مع توثيق الأمم المتحدة لتجاوز “عدد الضحايا في صفوف المدنيين الـ100 ألف في السنوات العشر الماضية فقط، منذ بدأت بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة في أفغانستان (يوناما) تسجيل الضحايا المدنيين بشكل منتظم“.   وتؤكد الأمم المتحدة أن عام 2018 –قبل بدء المحادثات في الدوحة- كان الأكثر دموية منذ بدء تسجيل الضحايا، حيث لقي 3804 مدنيين حتفهم من جراء الحرب، بينهم 927 طفلاً.     دوافع واشنطن وطالبان   وبحسب دوائر سياسية، مطلعة على مسار الصراع الأمريكي مع طالبان، فإن “سبب لجوء الولايات المتحدة إلى المفاوضات يتمثل في عدة أبعاد:  أولاً: لأن ترامب وعد في حملته الانتخابية عام 2015 بأنه سيوقف التورط الأمريكي في الخارج، وركز بالدرجة الأولى على التورط الأمريكي بأفغانستان باعتبارها أطول حرب أمريكية إلى اليوم، فهو إيفاء بوعد رئاسي لحرب مكلفة إنسانياً ومادياً ومعنوياً للشعب الأمريكي. البعد الثاني: يتمثل بأن المسألة ليست متعلقة بإدارة ترامب فقط، بل إن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما حاول أن ينهي التورط الأمريكي بأفغانستان وخفض عدد القوات الأمريكية بشكل كبير، لكنه واجه ممانعة من داخل المؤسسة العسكرية، الأمر الذي أبقى القوات عند 12 ألف جندي، وكانت مهمتهم تدريب القوات الأفغانية والتصدي للقاعدة بدل المواجهة المباشرة مع طالبان، لكن أوباما لم يستطع أن ينهي الحرب، وإدارته هي التي أشارت على قطر بافتتاح مكتب لطالبان بالدوحة، وهو الذي تتعامل معه إدارة ترامب اليوم“.   فيما يرى أسامة أبو أرشيد، المحلل والباحث المختص بالشأن الأمريكي أن “البعد الأهم في المسألة هو دخول الولايات المتحدة في حرب دون خطة واضحة للانتقام من القاعدة بعد هجمات 11 سبتمبر؛ فأسقطت حكومة طالبان، لكن كان هناك غياب كامل لفهم المجتمع الأفغاني وتفاعلاته الداخلية، ما عقد من الأزمة الأمريكية في أفغانستان، وهي معركة لا أفق لها ولا يمكن الانتصار عسكرياً فيها.” فيما استطاعت طالبان منطقياً أن تفرض على قوى عظمى أن تعترف بوجودها، وأن تجلس إليها في مفاوضات، وأن تعترف بأنها هي من تمتلك خيوط الحل في أفغانستان، وتفاوض واشنطن مع طالبان دون وجود الحكومة الأفغانية المعترف بها دولياً يؤكد أن طالبان عملياً هي من تملك القوة في البلاد.   توازنات القوى   بدا مضمون الاتفاق منسجماً مع الحسابات الشخصية للطرفين الموقّعين عليه، فمن جهة، هناك مبرّر للقلق بشأن الدوافع الحقيقية لحركة طالبان من توقيع اتفاق وصفته بـ “النصر” واحتفت به، ومن جهة أخرى، قد يكون الاتفاق بالنسبة لإدارة الرئيس دونالد ترامب، الباحث عن مخرج من أفغانستان قبل انتخابات نوفمبر، مجرّد غطاء لسحب قواته من…

تابع القراءة

«مشروع قانون دار الإفتاء»..  انسجام مع الديكتاتورية العتيقة وتهديد مباشر للأزهر

ناقش البرلمان المصري الذي صممته الأجهزة الأمنية للطاغية عبدالفتاح السيسي، في جلسته يوم الأحد 23 فبراير 2020 مشروع قانون دار الإفتاء الذي تقدم به رئيس اللجنة الدينية أسامة العبد و60 نائبا آخرين؛ والذي يستهدف تعيين مفتي الديار المصرية بقرار من “رئيس الجمهورية” من بين ثلاثة ترشحهم هيئة كبار العلماء بالأزهر قبل شهرين من خلو المنصب بدلا من انتخابه بالاقتراع السري المباشر لهيئة كبار العلماء برئاسة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر. مشروع القانون، الذي حظي بموافقة ممثلي الحكومة خلال اجتماعات اللجنة الدينية بالبرلمان، ينص على المواد الآتية: أولا، “دار الإفتاء هيئة ذات طابع ديني، تتمتع بالشخصية الاعتبارية، وتتبع وزارة العدل، ويمثلها فضيلة مفتي الديار المصرية، وتقوم على شؤون الإفتاء وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية. ويكون للدار أمين عام من الدرجة الممتازة، ويصدر قرار تعيينه من المفتي”. وكانت دار الإفتاء المصرية استَقلت ماليًّا وإداريًّا عن وزارة العدل في نوفمبر 2007، وأصبح لها لائحة داخلية ومالية تم اعتمادهما ونشرهما في جريدة الوقائع المصرية، وتتبع الدار وزارة العدل تبعية سياسية هيكلية فقط، دون أن يكون للوزارة أي سلطة عليها، وينحصر سبب هذه التبعية فيما تقوم به دار الإفتاء من نظرٍ في قضايا الإعدام وإبداء الرأي الاستشاري فيها. ثانيا، جواز التجديد للمفتي بعد بلوغ السن القانونية المقررة للتقاعد، ومعاملته معاملة الوزراء من الناحية المالية والمراسم والمخصصات، وهو ما اعتبر تمهيدا لاستمرار المفتي الحالي الدكتور شوقي عبدالكريم  موسى علام، الذي يبدي أكبر صور الخضوع والإذعان للنظام العسكري الحاكم، بعد انقضاء مدته الحالية في 4 مارس/آذار 2021، والذي سيبلغ من العمر 60 عاماً (سن التقاعد) بحلول العام المقبل. ثالثا، تضمن مشروع القانون أنه “في حالة خلو منصب المفتي أو قيام مانع لديه، يتولى الأمين العام لدار الإفتاء تسيير شؤون العمل بالدار، فيما عدا ما يتعلق بقضايا الإعدام المُحالة من المحاكم المختصة”. ويلتزم أمناء الفتوى في أداء عملهم وفق معيار “المهنية”، وبذل الوسع والتقيد بمعتمد الفتوى قبل إبداء الرأي الشرعي، ومراعاة المعايير المنظمة لعمل أمناء الفتوى الواردة باللائحة الخاصة بهم. رابعا، ينص مشروع القانون أيضا على تشكيل لجنة أمناء الفتوى بقرار من المفتي، والتي تعتبر الجهة العلمية العليا في دار الإفتاء، واعتماد الرأي الذي تختاره اللجنة من فضيلة المفتي باعتباره الرأي المعبر عن دار الإفتاء، مع جواز ندب أمناء الفتوى كخبراء بالدار لمدة سنة، قابلة للتجديد، بعد بلوغهم سن التقاعد القانونية. خامسا، يمنح مشروع القانون الحصانة القانونية لأمناء الفتوى، وعدم اتخاذ أي إجراءات ضدهم إلا بعد الحصول على إذن من المفتي، واعتماد موازنة مالية مستقلة لدار الإفتاء في الموازنة العامة للدولة، إلى جانب منح المفتي سلطة اعتماد الهيكل التنظيمي والوظيفي والمالي لدار الإفتاء، واللوائح الداخلية لها. ويكون لدار الإفتاء إنشاء حسابات خاصة بالبنك المركزي ضمن حساب الخزانة الموحد، تودع فيها مواردها الذاتية، مع إلزام أجهزة الدولة بمعاونة الدار في أداء مهامها، وتزويدها بما تطلبه من بيانات أو معلومات، وإعفاء الدار من جميع أنواع الضرائب والرسوم والعوائد والدمغات. سادسا، ينظم مشروع القانون إجراءات العقاب وتأديب أمناء الفتوى أمام مجلس تأديب مُشكل من رئيس لجنة أمناء الفتوى رئيساً، وعضوية أقدم عضوين من أعضاء لجنة أمناء الفتوى، وأحد المستشارين المنتدبين بدار الإفتاء، ومدير إدارة الشؤون القانونية، وتوقيع الجزاءات عليهم بأغلبية الآراء، شريطة اعتمادها من المفتي، مع جواز الطعن عليها أمام المحكمة التأديبية. سابعا، استحدث مشروع القانون إنشاء مركز لإعداد المفتين برئاسة مفتي الديار المصرية، بهدف إعداد الكوادر العلمية، وإكسابهم المهارات اللازمة لذلك، بحيث يتكون المركز من إدارتين، إحداهما للتدريب المباشر، والأخرى للتدريب عن بعد، على أن تكون مدة الدراسة في كل منهما ثلاث سنوات. وتعتمد هذه الدرجة من المجلس الأعلى للجامعات.   موقف الأزهر التزمت المشيخة وهيئة كبار العلماء الصمت حيال مشروع القانون ولم يبد الأزهر ولا أحد من هيئة كبار علمائه أي تصريحات بهذا الشأن حتى كتابة هذه السطور؛ وتعاملت المشيخة مع مشروع القانون الجديد بشكل رسمي حيث أرسل الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر خطابا إلى مجلس النواب يطالب فيه بإرسال مشروع القانون لإبداء الرأي فيه، ويتردد أن مجمع البحوث الإسلامية عقد اجتماعا طارئا لمناقشة مشروع القانون. ويوجد وسيلتان للتواصل بين الأزهر الشريف وبرلمان الأجهزة الأمنية، فيما يتعلق بقانون الإفتاء، الوسيلة الأولى أن تطلب اللجنة الدينية مشاركة مندوب رسمي للأزهر، والوسيلة الثانية أن يطلب الأزهر صورة من مشروع القانون، لعرضه على مجمع البحوث وهيئة كبار العلماء، وفقا لتصريح الدكتورة مهجة غالب عضو مجلس النواب وعميد كلية الدراسات الإسلامية الأسبق التي أعلنت تأييدها لمشروع القانون الجديد، مؤكدة في الوقت ذاته أن رأي الأزهر غير ملزم للبرلمان. على خطاها مضى النائب البرلماني المعروف بولائه الشديد للأجهزة الأمنية محمد أبو حامد مؤكدا دعمه لمشروع القانون وأن رأي الأزهر غير ملزم وأن “البرلمان” هو صاحب القول الفصل في مشروع القانون. وراح أبو حامد يغمز في الأزهر ومشيخته وهيئة كبار علمائه مدعيا أن المشيخة ترفض آلية اختيار المفتي بحسب قوله: «موقف الأزهر سلبي متشدد وغير مقبول، وما يفعله الأزهر تعطيل للمراكب السايرة».   قراءة تحليلية وبقراءة تحليلية لمشروع القانون وأبعاد طرحه في هذا التوقيت يمكن رصد الملاحظات الآتية: أولا، من حيث التوقيت فإن طرح مشروع القانون يأتي بعد أقل من شهر على مؤتمر الأزهر حول تجديد الخطاب الديني في 27 و28 يناير 2020م، والذي شهد اتهامات مباشرة من الإمام الأكبر لدعاة التجديد “الزائف” بأن الهدف هو اختطاف الأزهر والدين نفسه لخدمة أهداف سياسية لا يرضاها الدين. وأبدى شيخ الأزهر مخاوفه الشديدة من تبديد الخطاب الديني بدعوى التجديد واعتبر الهجوم على التراث مؤشرا وبرهانا على ذلك وأن معاني التجديد نفسها هي مقولة تراثية لا حداثية. وكانت ردوده على رئيس جامعة القاهرة الدكتور محمد عثمان الخشت قوية ومفحمة ولاقت قبولا جماهيريا واسعا وعبرت الجماهير عن تقديرها لموقف الإمام الأكبر. ثانيا،  كما يأتي طرح مشروع القانون في أعقاب إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ما تبقى من تفاصيل صفقة القرن الأمريكية المشبوهة والتي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وعكست انحيازا  سافرا  للرواية الصهيونية؛ وعبر الأزهر الشريف عن رفضه لهذه الصفقة المشئومة بالإعلان عن تدريس القضية الفلسطينية لجميع طلابه في جميع المراحل التعليمية من الابتدائية حتى الجامعة لتحصين الوعي العربي والإسلامي بقضية المسلمين الأولى في ظل تواطؤ مفضوح من جانب النظم التي تولي عروشها أهمية أكبر من مصالح الأمة والشعوب والمقدسات. كما عبر الأزهر مرارا عن رفضه لعمليات التهويد المستمرة للقدس والاعتراف الأمريكي بها كعاصمة للكيان الصهيوني، وإسقاط حق العودة لملايين اللاجئين؛ وقد أبدى الإمام الأكبر شيئا من هذا خلال ردوده على الخشت  عندما تألم لعدم وجود العرب والمسلمين كقوة ضد ترامب وبنيامين نتنياهو رئيس حكومة الكيان الصهيوني عند إعلان الصفقة. وبالطبع المرحلة القادمة لا تحتاج إلى مؤسسات قوية تعرقل المخططات الأمريكية في المنطقة وعلى رأسها تصفية القضية الفلسطينية؛ ويستهدف مشروع…

تابع القراءة

فشل حكومة علاوي بسبب الانقسامات الشيعية-الشيعية يضع العراق أمام انتخابات مبكرة قد تتجاوز الطائفية

بعد تعثر عملية تشكيله للحكومة العراقية، منذ مطلع فبراير الماضي، أعلن رئيس الوزراء العراقي المكلف ​محمد علاوي​، يوم الأحد الماضي، اعتذاره عن ​مهمة تأليف​ الحكومة. وكتب علاوي في تغريدة على تويتر: “قدمت رسالة إلى رئيس الجمهورية أعتذر فيها عن تكليفي بتشكيل الحكومة. كنت أمام هذه المعادلة، منصب رئيس الوزراء مقابل عدم صدقيتي تجاه شعبي والاستمرار بالمنصب على حساب معاناته. فكان الخيار بسيطاً وواضحاً هو أن أكون مع شعبي الصابر وخصوصاً عندما رأيت أن بعض الجهات السياسية ليست جادة بالإصلاح والإيفاء بوعودها للشعب، ووضعت العراقيل أمام ولادة حكومة مستقلة تعمل من أجل الوطن“. كاشفاً عن “التعرض لضغوط سياسية لتمرير أجندة معينة على الحكومة العراقية التي أشكلها، واصطدمت بأمور لا تمت إلى قضية الوطن ومصلحة العراق”، داعياً في الوقت نفسه المتظاهرين إلى “مواصلة الضغط بالاحتجاجات السلمية لكي لا تضيع التضحيات سدىً“. وقال علاوي، في رسالة وجهها إلى رئيس الجمهورية برهم صالح: “وعدت الشعب بأني سأترك التكليف في حال مورست ضغوط سياسية لغرض تمرير أجندة معينة على الحكومة التي اعتزم تشكيلها، وعليه كان قراري تشكيل حكومة مستقلة من أجل العمل من دون التزامات حزبية أو ضغوطات من أجل الإسراع بتنفيذ مطالب الشعب“. ومضى قائلاً: “ولأني على علم تام بأن الإصرار على هذا الشرط سيكلفني تمرير حكومتي، لأن الجهات التي غرقت بالفساد وتاجرت بالطائفية والعرقية ستكون أول متضرر“. ونبّه إلى أن: “بعض الجهات السياسية ليست جادة بالإصلاح والإيفاء بوعودها للشعب”، مبيناً أن: “بعض الجهات كانت تتفاوض فقط من أجل الحصول على مصالح ضيقة من دون إحساس بالقضية الوطنية“. وجزم بأنه: “لو قدمت التنازلات لكنت الآن أباشر عملي كرئيس لوزراء العراق“. وجاء ذلك بعدما قرر البرلمان العراقي مجدداً إرجاء جلسة استثنائية لإعطاء الثقة لحكومة علاوي كانت مقررة يوم الأحد 1 مارس، لعدم اكتمال النصاب القانوني. وكان النواب العراقيون فشلوا أيضا، الخميس الماضي، في الاتفاق على حكومة جديدة، ما فاقم حالة الجمود وعطّل محاولات لإنهاء اضطرابات شعبية لم يسبق لها مثيل، وأدى إلى تعثر تعافي البلاد من سنوات الحرب. فيما أشارت وكالات أنباء عراقية إلى أنه سيجري “الإعلان في وقت لاحق بموعد الجلسة”، وأن “عدد الحاضرين الكلي كان 108 نواب“…وهو ما تلاه إعلان محمد الحلبوسي رئيس البرلمان عقد الجلسة يوم الاثنين2 مارس، إلا أن اعتذارعلاوي الأحد قوض المحاولة.   وهو ما دفع الرئيس العراقي برهم صالح للإعلان، أن مشاورات ستبدأ لاختيار بديل لعلاوي خلال 15 يوماً. وسيكون لرئيس الجمهورية هذه المرة الحق الدستوري في فرض مرشح جديد لتشكيل الحكومة من دون أن يطلب رأي الكتل البرلمانية الكبرى، بحسب المادة 76 من الدستور العراقي.     آليات الإفشال   كلام علاوي، توافق مع شهادة لأحد الوزراء المرشحين لحكومة علاوي، حيث جرى تفشيل حكومة علاوي، على ما يبدو بفيتو من خارج العراق. إذ انقسمت الكتل السياسية إلى معسكرين، أحدهما داعم لرئيس الوزراء المكلّف، ويتمثل في تحالف “سائرون” المدعوم من التيار الصدري، و”الفتح” (الجناح السياسي لمليشيات الحشد الشعبي)، و”الإنقاذ والتنمية” برئاسة أسامة النجيفي.   مقابل الجبهة الرافضة لعلاوي وهي “تحالف القوى العراقية” برئاسة محمد الحلبوسي، والقوى الكردية، و”ائتلاف دولة القانون” بزعامة نوري المالكي.   وعلى ما يبدو أن هذه التصنيفات كانت ظاهرية، إذ كشف وزير ضمن تشكيلة علاوي، لـ”العربي الجديد”، أن “الأحزاب التي أعلنت دعمها لتشكيل حكومة مستقلة، لم تفِ بوعودها وتنصلت من دعم علاوي”، في إشارة إلى التحالفات العربية الشيعية وأبرزها تحالفا “الفتح” و”سائرون“. وقال مظهر محمد صالح، المرشح ضمن حكومة علاوي لوزارة التخطيط، وهو المستشار المالي لرئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي: إن “خطة محمد توفيق علاوي كانت تقتضي استبدال وزراء عادل عبد المهدي بآخرين قريبين أكثر من الأحداث العراقية، وتحديداً الشخصيات التي من الممكن أن تُحدث نقلة نوعية على مستوى العمل الوزاري وإنهاء المحاصصة التي شرعنتها الأحزاب وهي أساساً ليست شرعية“. وبحسب صالح، فإن “تشكيلة علاوي الوزارية كانت مستقلة، وهي تمثل التكنوقراط الحقيقي الذي طالب به الشعب العراقي عبر التظاهرات”، معتبراً أنها “لو نجحت لكانت قد أسست نظاماً سياسياً واقتصادياً جديداً للعراق، بعيداً عن المحاصصة الحزبية والطائفية، ولكانت ستسيطر على الموازنة المالية العامة وتُبعد الحزبيين عنها“. وأضاف أن “علاوي والوزراء الذين اختارهم كانوا على دراية تامة أن نجاحهم في الحصول على الثقة البرلمانية يعني أنهم سيواجهون معارضة شرسة من القوى السياسية، وكانوا سيضعون العصا بدولاب أعمالهم“. وتابع قائلاً: “كنا مدركين أن المعارضة الشعبية ستكون قاسية علينا أيضاً، لأن المتظاهرين لا يؤمنون بأن المراحل الانتقالية هي أساس التغيير، وليس الثورة السياسية والتغيير النوعي السريع كما يطمح الشبّان في ساحات الاحتجاج“. وعن كواليس فشل جلسة منح الثقة لحكومة علاوي، أكد صالح أن “التشكيلة لم تحظ بأي دعم سياسي وبرلماني من الأحزاب والكتل، وحتى تحالف “سائرون” (الذي يُديره زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر) كان داعماً لعلاوي شكلاً، ولكن على أرض الواقع كان نواب التحالف يجلسون في “كافتيريا البرلمان” ولم يدخلوا قاعة مجلس النواب كي لا يكتمل النصاب القانوني لجلسة منح الثقة“.   وأوضح أن “النواب الذين حضروا جلسة الأحد، وهم حوالي 108، لا نعرف إن كانوا مؤمنين بعلاوي أم لا، لأن مجلس النواب الحالي جاء عبر نظام سياسي تتحكم به الأحزاب“.   ولفت إلى أن “الذين دعموا علاوي كانوا نواباً بأعداد قليلة، أي أنهم دعموا التشكيلة المستقلة الجديدة، بصفاتهم البرلمانية وليس بصفاتهم الحزبية، وهناك بعض النواب من الكتل الحزبية، كانوا مؤيدين لتشكيلة علاوي، لكنهم لم يتخذوا أي إجراء لأنهم لا يريدون أن يخرجوا عن عباءة كتلهم السياسية”، مؤكداً أن “التجمع السياسي الشيعي في البرلمان، الذي أعلن دعمه لعلاوي لم يحضر إلى الجلسة مع أنه كان بإمكانه تشكيل الأغلبية البرلمانية“. يشار إلى أن المتظاهرين رفضوا أيضا، تكليف علاوي، باعتبار أنه قريب من النخبة الحاكمة التي يتظاهرون ضدها ويطالبون برحيلها.     الانقسامات والمحاصصة   ويمكن إجمال أسباب فشل علاويفيما يلي: المحاصصة الطائفية.  والخلافات الشيعية – الشيعية، حول المناصب الوزارية، التي باتت تشترى بالأموال، وهو ما دفع علاوي للاتجاة نحو تشكيل حكومة مستقلة، من دون مشاركة مرشحي الأحزاب السياسية. وقال علاوي في خطاب بثه التليفزيون العراقي، قبل أيام من إعلانه الاعتذار: إنه “إذا فازت الحكومة بالثقة، فإن أول إجراء لها سيكون التحقيق في قتل المتظاهرين وتقديم الجناة إلى العدالة”، كما وعد بإجراء “انتخابات مبكرة حرة ونزيهة بعيداً من تأثيرات المال والسلاح والتدخلات الخارجية“. ودعا علاوي، المتظاهرين إلى منح حكومته فرصة على الرغم من “أزمة الثقة تجاه كل ما له صلة بالشأن السياسي” التي ألقى مسؤوليتها على فشل أسلافه.   ومن ضمن أسباب الفشل أيضا، حالة الانقسام السياسي داخل البرلمان، الذي يعاني، انقساماً هو الأكبر في تاريخه، حيث فشل علاوي في الحصول على تأييد السنة والأكراد. أما النواب الأكراد فلم يبدوا موقفاً واضحاً بشأن الحكومة المقبلة. وكان معظم النواب الشيعة الذين…

تابع القراءة

بعد سنتين على انطلاق «العملية الشاملة».. لماذا فشلت «القوة الغاشمة» في سيناء؟

لا يمكن التدليل على تلاعب الجيش المصري بالأرقام بل تزييفها واختلاق روايات وأرقام مفبركة حول الوضع في سيناء بأكثر من هذه القصة الطريفة والمؤلمة في ذات الوقت، حكاها الإعلامي يسري فودة في مقاله المنشور على موقع “دويتش فيلا” الألماني في يوليو 2016م، ففي إحدى حلقات برنامجه على الإذاعة الألمانية ذكر أرقام ضحايا الحرب على «الإرهاب المزعوم» في سيناء خلال الستة شهور التالية لانقلاب الجيش في 30 يونيو2013م وهي الفترة من يوليو حتى ديسمبر 2013م. والأرقام التي ذكرها هي: (“100” قتيل بصفوف الجيش والشرطة و50 قتيلا و450 مصابا في صفوف المدنيين، و200 قتيل  و200 مصاب في صفوف المسلحين الذين وصفهم فودة بالجماعات التكفيرية اتساقا مع تصورات النظام، واعتقال 800 من المسلحين). وبدأ في مناقشة هذه الأرقام مع ضيوف حلقته اللواء أحمد رجائي عطية مؤسس الفرقة 777 لمكافحة الإرهاب، والدكتور كمال حبيب، المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، وسعيد أعتيق، الناشط السياسي السيناوي. يقول فودة: «حتى انتهت الفقرة الأولى وخرجنا إلى فاصل، فهرول إليّ أحد زملائي وعلى وجهه ابتسامة مندهشة. * أستاذ! الشؤون المعنوية (للقوات المسلحة) اتصلوا وبيسألوني إحنا جبنا الأرقام دي منين؟ – وقلتلهم إيه؟ * قلتلهم زي ما عملنا بالظبط .. وما عمله زميلي مع بقية الزملاء بالضبط وببساطة أنهم جمعوا، بتكليف مني، كل البيانات الرسمية الصادرة عن المتحدث الرسمي للقوات المسلحة خلال الفترة المعنية، من أول يوليو/تموز حتى اليوم (23 ديسمبر/كانون الأول 2013)، بيانًا بيانًا. قاموا بدراستها حرفًا حرفًا وباستخلاص المعلومات والإحصاءات معلومةً معلومة ورقمًا رقمًا، ثم قاموا بمهمة حسابية بسيطة في متناول تلميذ الصف الرابع الابتدائي جمعًا وطرحًا وضربًا وقسمة». ويضيف فودة «لدى هذه النقطة ظننت أن الأمر انتهى وأنه لم يكن ليتعدى مجرد شغف ضابط صغير عندما رأى أرقامًا تبدو كبيرة و ربما فاته من أين استقيناها. لكنّ ما علمته أثناء الفاصل الثاني لم يكن ليقبله أي عقل ولا أي منطق. قال لي زملائي إن اتصالًا هاتفيًا آخر من إدارة الشؤون المعنوية كان غاضبًا وأن ضابطًا كبيرًا قال لهم إنه لم يكن ينبغي عليهم أن يقوموا بجمع أرقام الضحايا حتى لو كانت واردة في بيانات رسمية متفرقة، وأن الوزارة كلها “مقلوبة». ويكمل فودة «كتمت في نفسي بصعوبة لفظاً مصرياً شعبياً يتكون من ثلاثة أحرف وأنا أجهد في تربية مجموعة منتقاة من الصحفيين الشباب المخلصين المهذبين. “ولا يهمّكم .. أنتم صح و هو غلط .. ولو حد اتصل بيكم تاني حوّلوه عليّ». ويعلق فودة على هذا الموقف أن المنطق انتحر والذي جعله عنوانا لمقاله، مضيفا أن المنطق الذي انتحر عندئذ قرر لاحقاً، بعد ذلك بأكثر من عام ونصف العام، أن يعود إلى الحياة مرة ثانية لمدة دقيقة واحدة قبل أن ينتحر مرة أخرى عندما كُشف النقاب، في بداية شهر يوليو/ تموز 2015، عن مشروع قانون لمكافحة الإرهاب. في ظل مشروع القانون هذا “يُعاقَب بالحبس الذي لا تقل مدته عن سنتين كل من تعمد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أي عمليات إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية”. وهو ما يصعب معه مقاومة طرح هذا السؤال: ما هي إذاً عقوبة ضابط يوبخ صحفيّاً التزم حرفيّاً بنصوص “البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية”؟ وماذا عن نشر أخبار أو بيانات حقيقية تخالف البيانات الصادرة عن الجهات المعنية؟»!([1]) ومنذ سن قانون الإرهاب في 2015م، فرض النظام تعتيما كبيرا على ما يجري في سيناء؛ توقفت الأخبار وتوقفت التقارير الجادة والتحقيقات الاستقصائية والمقالات والتحليلات الرصينة ولكن الفبركة والتزييف والأكاذيب لم تتوقف. وللتدليل أيضا على احتراف الجيش عملية الفبركة والتزييف ما ذكره المتحدث العسكري عن حصاد عملية “حق الشهيد” التي انطلقت وانتهت في 2015م عندما أعلن عن قتل 536 واعتقال 596 أخرين من “التكفيريين والمطلوبين” خلال 11 يوما من العمليات التي نفذها الجيش في سيناء من يوم 7 سبتمبر 2015م حتى 29 سبتمبر. رغم أن تقديرات النظام والمسئولين فيه عن عدد المسلحين كانت تدور بين الــ”500 والألف على أقصى تقدير! إضافة إلى ذلك،  بجمع الأرقام المنشورة في البيانات العسكرية الـ 31  الأولى من العملية الشاملة على مدار عام كامل من بدئها (خلال الفترة ما بين 9 فبراير 2018، وحتى 22 يناير2019م)، يمكن رصد قتل الجيش 520 ممن وصفهم بأنهم “إرهابيين”، واعتقال 7970، وصف 162 منهم بـ “الإرهابيين”، وأفرج عن أكثر من 1447 شخصًا ولا يعرف مصير الباقي، بحسب تأكيد المتحدث العسكري. يدلل على الفبركة والتزييف كذلك، أن المتحدث العسكري ذكر في مداخلة مع قناة “العربية” السعودية بعد البيان رقم 28 من العملية الشاملة أنه تم قتل 450 مسلحا برغم أن المتحدث العسكري نفسه أعلن على صفحته على “فيسبوك” أنه تم قتل 320 فقط ما يؤكد عدم دقة بياناته. وسبق لرئيس المخابرات الحربية أن أعلن في فبراير 2017م  أي قبل انطلاق العملية الشاملة بعام كامل قتل 500 من المسلحين في سيناء، وقدَّر عددهم الإجمالي ما بين 500 وألف، ما يعني القضاء عليهم، فكيف يستمرون في مهاجمة الجيش؟ وهل يعني ذلك أن من يجري قتلهم هم أبرياء لا إرهابيين؟ أم أن المتحدث العسكري يقدم بيانات ومعلومات غير دقيقة للشعب؟!([2])   سنتان دون حسم بخلاف الفبركة والتزييف والأكاذيب في بيانات الجيش، فقد مضى على تعهد رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي  في نوفمبر 2017م بالقضاء على «الإرهاب» في سيناء في غضون ثلاثة أشهر فقط،  أكثر من سنتين عندما كلف اللواء محمود فريد، رئيس أركان الجيش وقتها، وزير الداخلية وقتها اللواء مجدي عبدالغفار، باستخدام “القوة الغاشمة” في مواجهة المتطرفين بعد جريمة مسجد الروضة التي راح ضحيتها أكثر من 300 مصل خلال صلاة الجمعة، وهي الجريمة التي تدور حولها شبهات كبرى حول تورط الكيان الصهيوني وأجنحة داخل نظام العسكر في ارتكابها فلم تعلن حتى اليوم أي جهة عن تبنيها لهذه الجريمة المروعة؛ وبعد انتهاء المدة  المحددة؛ لم يعلن السيسي القضاء على الإرهاب كما تعهد بل أطلق في 9 فبراير2018م «العملية الشاملة» التي توصف بكبرى العمليات المسلحة ضد المسلحين في سيناء كلها؛ والتي امتدت حتى اليوم دون أن تحرز أي تقدم ملموس فضلا عن النصر الحاسم الذي وعد به السيسي، وكما روجت وسائل إعلام النظام مرارا وتكرارا منذ انطلاقها. وخلال الأسابيع الماضية مرت الذكرى الثانية لانطلاق «العملية الشاملة» وسط تصاعد هجمات المسلحين وسقوط المزيد من الضحايا من أفراد الجيش والشرطة وكذلك من المدنيين المستهدفين من جانب النظام والمسلحين على حد سواء. أولا، في يوم 10 فبراير وهو ذكرى انطلاق العملية الشاملة شن مسلحو تنظيم “ولاية سيناء” هجمات متزامنة على ثلاثة كمائن تابعة للجيش ضمن سلسلة كمائن «زلزال» الواقعة في محيط قرية الجورة جنوبي مدينة الشيخ زويد؛ وهي الهجمات التي استهدفت التمويه؛ لأن الهجوم الأكبر والأساسي وقع على ارتكاز “زلزال 15” والذي نجح المسلحون في اقتحامه والفتك بقوة التأمين بين…

تابع القراءة

انهيار مفاوضات سد النهضة.. ثبوت تهمة “الخيانة” على السيسي

بقلم: حازم عبد الرحمن رفضت إثيوبيا توقيع حكومة العسكر في مصر على المبادئ التوجيهية وقواعد التشغيل السنوي لسد النهضة في مفاوضات الولايات المتحدة, وأعلنت استمرارها في عمليات بناء سد النهضة بجانب بدء عملية ملء البحيرة، معتبرة أن هذا يتوافق مع التوقيع على اتفاقية إعلان المبادئ مع مصر التي وقعها قائد الانقلاب السيسي في مارس 2015, وطالبت بمواصلة التفاوض مع مصر والسودان لمعالجة المسائل العالقة ووضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق النهائي, وغابت عن المشاركة في الاجتماع الثلاثي حول “سد النهضة”، في الوقت الذي أعلنت فيه حكومة الانقلاب التزامها بالمسار التفاوضي برعاية الولايات المتحدة والبنك الدولي. وقد سبق ذلك اجتماعات مطولة في واشنطن مع الفريق الفني والقانوني في وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولي، والذي صاغ مسودة الاتفاق على قواعد الملء والتشغيل، التي تم تسليمها إلى كل من مصر والسودان وإثيوبيا ، لكن الأخيرة اعتذرت بعدها عن عدم حضور جولة المفاوضات التي كان من المقرر إجراؤها في واشنطن، ما يمثل انقلاباً على المسار التفاوضي، وتفريغ الجولة من مضمونها ويفشل المحاولة الأمريكية لتكون هذه الجولة هي الأخيرة في المفاوضات تمهيداً لتوقيع اتفاق ثلاثي جديد ونهائي يضمن تحقيق جوانب من اهتمامات الأطراف المختلفة. وقد تسبب الانسحاب الإثيوبي من الجولة في ارتباك لدى مندوبي السيسي في المفاوضات, بعد الصفعة الإثيوبية بالانسحاب, واقترح بعضهم العودة إلى مصر وعدم حضور الاجتماع والإعلان عن تعليق المفاوضات, لكن تعليمات وصلتهم من قائد الانقلاب بتأكيد استمرار التفاوض والتمسك به كحل وحيد للأزمة, برغم أن المسودة الأمريكية للاتفاق، التي اعترضت عليها إثيوبيا، تضمن لها  الغالبية العظمى من مطالبها  بتمكينها من الاستمرار في ملء خزان (البحيرة) بالكميات المطلوب تأمينها على حساب حصة مصر من المياه؛ لضمان توليد الكهرباء من السد لمدة خمس سنوات تالية لبدء التوليد في صيف 2021، وكذلك الاقتراب الكبير مما تطالب به من تمرير 35 مليار متر مكعب في فترات الملء لمصر، و32 مليار متر مكعب في فترات الجفاف. واقترحت المسودة ضمان تمرير 37 مليار متر مكعب من المياه لمصر في أوقات الملء والجفاف، كرقم وسط بين الرقمين الإثيوبيين ورقم الـ40 مليار متر مكعب الذي تتمسك به مصر، على أن يترك الرقم الخاص بأوقات عدم الملء والرخاء لآلية التنسيق بين الدول الثلاث, وهو ما يعني عمليا خصم 18 مليار متر مكعب من حصة مصر, مع ما يترتب على ذلك من بوار ملايين الأفدنة من الأراضي الزراعية, ويؤثر بشدة على تأمين غذاء مائة مليون مصري. وقد أبلغت الخزانة الأمريكية مندوبي السيسي بأن إثيوبيا  لا تعتزم العودة للمفاوضات قبل الانتخابات المحلية في أغسطس المقبل؛ ما يعني تأكد المطالبات التي أبدتها  لجميع الأطراف وتحججت بأن بقاء حكومة أبي أحمد في السلطة، وفوز حزبه في الانتخابات المقبلة هو الضامن الوحيد لتنفيذ أي اتفاقات بشأن السد مع مصر والسودان، وبالتالي فعلى جميع الأطراف وقف المفاوضات حتى ذلك الحين, وهذه هي تكملة خطة إثيوبيا في المماطلة في التفاوض لمدة خمس سنوات,  بينما بناء السد يجري على قدم وساق, اعتمادا على توقيع السيسي على اتفاق (الخيانة) المسمى بالمبادئ في مارس 2015 والذي يمثل القيد الأخطر على مصر في أي خيارات. *حقوق مصر ثابتة باتفاقيات دولية تتجسد خيانة قائد الانقلاب السيسي في تجاهله الاتفاقيات التاريخية التي أبرمتها مصر مع جيرانها في حوض نهر النيل, أو أبرمتها الدول الأوروبية التي احتلت إفريقيا وهي: 1- ‏بروتوكول‏ 15‏ أبريل عام‏ 1891‏ المبرم بين بريطانيا وإيطاليا‏: تضمن هذا البروتوكول نصا يفيد تعهد الحكومة الايطالية بعدم إعاقة أي أشغال علي نهر عطبره لأغراض الري‏،‏ يمكن أن تسبب تعديلا محسوسا علي تدفق مياهه إلي نهر النيل‏.‏ 2-‏ المعاهدة المبرمة بين بريطانيا وإثيوبيا لعام‏ 1902:‏ تعهد إمبراطور إثيوبيا ‏”منليك الثاني‏”‏ طبقا لهذه المعاهدة بعدم إقامة أو السماح بإقامة أي أشغال على النيل الأزرق وبحيرة تانا ونهر السوباط، يمكن أن توقف تدفق مياهها إلى نهر النيل‏.‏ ‏3-‏ اتفاق ‏9‏ مايو عام‏ 1906‏ بين بريطانيا والكونغو المستقلة‏:‏ ينص هذا الاتفاق علي تعهد الكونغو بعدم إقامة أو السماح بإقامة أي أشغال علي نهر سيميليكي أو أسانجو أو بجوا يمكن أن يخفض كمية المياه المتدفقة في بحيرة ألبرت‏.‏ 4- اتفاقية مياه النيل 1929: نصت اتفاقية عام 1929 بين مصر وبريطانيا -التي كانت تنوب عن السودان وأوغندا وتنزانيا- على أنه لا تقام بغير اتفاق مسبق مع الحكومة المصرية أي أعمال ري أو كهرومائية أو أي إجراءات أخرى على النيل وفروعه أو على البحيرات التي ينبع منها، سواء في السودان أو في البلاد الواقعة تحت الإدارة البريطانية، والتي من شأنها إنقاص مقدار المياه التي تصل مصر أو تعديل تاريخ وصوله أو تخفيض منسوبه على أي وجه يلحق ضررا بالمصالح المصرية، كما تنص على حق مصر الطبيعي والتاريخي في مياه النيل. 5‏-‏ اتفاقية عام ‏1934الموقعة بين بريطانيا وبلجيكا:‏ ينص هذا الاتفاق علي تعهد كل من بريطانيا وبلجيكا‏،‏ إذا ما قامت بتحويل أية كميات من مياه جزء من النهر يقع كله في حدود تنجانيقا أو رواندا‏ -‏ بوروندي‏،‏ بأن تعيد هذه الكمية دون أي نقصان محسوس إلي مجري النهر عند نقطة معينة قبل أن يدخل النهر حدود الدولة الأخري أو قبل أن يشكل الحدود المشتركة بين إقليمي الدولتين‏.‏ ‏6-‏ المذكرات المتبادلة بين بريطانيا ومصر بخصوص إنشاء محطة توليد الكهرباء من مساقط أوين بأوغندا في الفترة من‏ 1949: 1953, وتنص هذه المذكرات علي احترام أوغندا للاقتسام السابق أو الاستخدامات السابقة وأن تشغيل المحطة لن يخفض كمية المياه التي تصل إلي مصر أو يعدل تاريخ وصولها أو يخفض منسوبها علي نحو يضر بمصالح مصر‏., كما نصت هذه المذكرات علي عدم المساس بمصالح مصر المقررة طبقا لاتفاق‏1929‏ وعدم تأثير أية أعمال تقوم بها محطة كهرباء أوغندا علي تدفق المياه المارة عبر الخزان وفقا للترتيبات المتفق عليها بين الدولتين‏.‏ 7– اتفاقية مياه النيل 1959 الموقعة بالقاهرة في نوفمبر 1959 بين مصر والسودان، وجاءت مكملة لاتفاقية عام 1929 وليست لاغية لها، حيث تشمل الضبط الكامل لمياه النيل الواصلة لكل من مصر والسودان في ظل المتغيرات الجديدة التي ظهرت على الساحة آنذاك وهو الرغبة في إنشاء السد العالي ومشروعات أعالي النيل لزيادة إيراد النهر وإقامة عدد من الخزانات في أسوان, وقد حددت لأول مرة اتفاقية نوفمبر 1959 بين مصر والسودان كمية المياه بـ55.5 مليار متر مكعب سنويا لمصر و18.5 مليارا للسودان. ‏8-‏ الخطابات المتبادلة بين مصر وأوغندا عام‏ 1991:‏ والتي أشارت إلي المذكرات المتبادلة بين بريطانيا ومصر بخصوص إنشاء محطة توليد الكهرباء من مساقط أوين بأوغندا‏ 1949: 1953 (‏على سبيل الخصوص خطاب عام ‏1953)‏، بما يفيد اعتراف أوغندا بالتزاماتها الواردة بهذه الخطابات‏، وبالتالي لا يجوز لها التشكيك في مدي إلزامية هذه الخطابات باعتبار أنها وقعت خلال عهد الاستعمار‏,، حيث أن أوغندا عام‏1991‏ (باعتبارها دولة مستقلة وذات سيادة‏) ‏قد…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022