تداعيات إلغاء زيارة عباس كامل الرابعة لإسرائيل كانت تستهدف تطوير “التطبيع” وتحجيم حماس و

 تداعيات إلغاء زيارة عباس كامل الرابعة لإسرائيل  كانت تستهدف تطوير "التطبيع" وتحجيم حماس وتمرير بعض بنود "صفقة القرن"   منذ توليه رئاسة جهاز المخابرات العامة (الذي ظل مسئولا عن العلاقات مع الاحتلال الصهيوني منذ عهد مبارك وحتى الان)، زار اللواء عباس كامل، إسرائيل ثلاثة مرات في فترة زمنية لا تتعدي 5 أشهر، وألتقي كافة المسئولين الصهاينة، لتنسيق المواقف بين السيسي ونتنياهو في قضايا سيناء وغزة والتطبيع، وصفقة القرن. وكان "كامل" يستعد لزيارة رابعة لإسرائيل الخميس 18 أكتوبر 2018، في وقت، تتجمع فيه سحب صفقة القرن لتمطر مزيدا من التنازلات السيساوية والفلسطينية، وتتصاعد فيه التهديدات الصهيونية بعدوان جديد على غزة، بغرض تهيئة الأجواء للصفقة دون ازعاج من المقاومة الفلسطينية، قبل أن يتم الغاء الزيارة وتأجيلها ربما للأسبوع المقبل. وقال مراقبون للشأن الفلسطيني ومحللون صهاينة أن تأجيل الزيارة ربما جاء ضمن النوايا المصرية والصهيونية للضغط علي حماس، خاصة انه واكبها ضربات صهيونية على غزة في اعقاب صاروخين مجهولين من غزة يعتقد أن طرف ما يقف وراءه لخدمة مصالح الاحتلال في التصعيد، وتصعيد كلامي صهيوني باتجاه الحرب، وحشد للدبابات على حدود غزة. وهو ما رجحه "ألون بن دافيد" الصحفي والمراسل العسكري للقناة العاشرة الصهيونية مؤكدا أنه "إشارة إلى أن إسرائيل تعتزم ضرب غزة"، أي أن تأجيل زيارة عباس كامل (التي كان من المفترض ان تضع موازين خطة التهدئة) اعتبره الصهاينة ضوء أخضر من سلطة الانقلاب بالموفقة علي ضرب غزة. ويري الصحفي والخبير الفلسطيني الدكتور صالح النعامي أن تأجيل زيارة عباس كامل وانخفاض سقف الحديث عن تهدئة بالتزامن مع تصاعد الضغوط علي حماس، ربما كان مقصودا لاستفادة أطراف عربية (السعودية ومصر والامارات) ودولية (ترامب) من اندلاع حرب في غزة في التغطية على قضية اختفاء الصحافي جمال خاشقجي. ويري "النعامي" أن خيار الحرب الذي تدفع به مصر والسعودية وترامب في غزة "سيؤثر سلبا على مصالح المقاومة، واندلاع هذه المواجهة سيكون بمثابة هدية على طبق من ذهب لكل من إدارة ترامب ونظام الحكم السعودي والدول العربية التي تدور في فلكه". لأن أي مواجهة في غزة تعني تقليص تسليط الأضواء على هذه القضية مما يعني أن لهذه الأطراف العربية المتضررة من قضية خاشقجي مصلحة في تواصل أية حرب على غزة. حصاد زيارات "كامل" لإسرائيل لصالح الاحتلال ويبدو أن زيارات عباس كامل بمجملها كانت اشبه بمهمة ساعي البريد بيد حماس وسلطة الاحتلال، فيما يخص التهدئة وصفقة تبادل الاسري، حيث ترسل المخابرات وفودا امنية لغزة أو تستضيف قادة حماس بالقاهرة، وتنقل ما لديهم لعباس كامل منه لإسرائيل، أو تبلغهم ما لدي إسرائيل عبر عباس كامل أيضا. الضغط علي حماس والاستعداد لصفقة القرن ففي ابريل 2018، وبعدما شعر الاحتلال بوجع الضربات الفلسطينية الشعبية في مسيرات العودة السلمية وإطلاق بالونات حارقة تحرق ارض المستوطنات، زار عباس كامل تل ابيب والتقي جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، ناداف أرغمان، وكشفت هيئة البث الإسرائيلي "مكان" أن رئيس "الشاباك" نقل خلال الاجتماع رسالة إلى حركة "حماس" عبر اللواء عباس كامل، حذر فيها من أن إسرائيل لن تتسامح مع أي محاولة للمساس بأمنها خلال "مسيرة العودة الكبرى عند السياج الأمني. ونقل كامل هذه الرسالة تمهيدا لما سمى حينئذ بـ "يوم الإطارات" الذي خططت له "حماس" بهدف إشعال النيران فيها أثناء التظاهرة عند السياج الفاصل لحجب الرؤية أمام القناصة الإسرائيليين بساتر من الدخان الكثيف. وخلال نفس الزيارة، التقي عباس كامل بالفلسطيني محمود عباس، ونقل له "رسالة هامة" من عبد الفتاح السيسي، قالت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية حينئذ -نقلا عن مصدر فلسطيني مطلع – أنها "تتعلق بخطة السلام الأمريكية المسماة بـ "صفقة القرن"، وقطاع غزة. وبالنسبة لصفقة القرن، أكد رئيس جهاز المخابرات المصرية أن "جهودا كبيرة تبذل لتعديل الصفقة كي تصبح مقبولة لدى الجانبين الفلسطيني والعربي" بحسب الإذاعة الإسرائيلية، وطرح "كامل" على عباس ضمانات مصرية بتسليم قطاع غزة بشكل كامل للسلطة الفلسطينية، وطالبه بمهلة قصيرة لتنفيذ ذلك. مطلوب استثمارات اسرائيلية في سيناء! وفي يونية 2018 كشف صحفي اسرائيلي، عن تواجد رئيس جهاز المخابرات المصرية اللواء عباس كامل في اسرائيل، ونقل الصحفي "إيدي كوهين" عن الصحفي الكردستاني المتواجد في "إسرائيل" مهدي مجيد عبد الله، أن رئيس المخابرات المصرية عباس كامل يتواجد في تل أبيب ضمن زيارة وصفت بالسرية. وبحسب الصحفي الكردستاني، فإن الزيارة "جاءت للتفاوض مع الحكومة الإسرائيلية من أجل استثمار الشركات الإسرائيلية والأمريكية في سيناء مقابل دعم مصر الكامل لخطة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" والمعروفة بـ "صفقة القرن". وأضاف الصحفي الصهيوني: "يرافق عباس في زيارته السرية رجل الأعمال المصري أحمد أبو هشيمة والصحفي خالد صلاح رئيس تحرير صحيفة اليوم السابع المصرية"، ولتأكيد المعلومة قال إن "عباس كامل الان موجود في القدس في اوتيل Crowne plaza غرفة رقم 225"، وأن الزيارة جاءت بأوامر من عبد الفتاح السيسي شخصياً. تحريك اتفاق التهدئة بين حماس واسرائيل وفي اغسطس 2018 كشفت مصادر إسرائيلية عن زيارة وفد مصري برئاسة مدير المخابرات عباس كامل إلى إسرائيل "لبحث بنود اتفاق التسوية مع حركة حماس"، ونقلت القناة 12 العبرية، عن مسؤول إسرائيلي قوله إن رئيس المخابرات المصرية عباس كامل جاء إلى "إسرائيل" وحلّ ضيفا على رئيس مجلس الأمن القومي "مائير بن شبات". وأن عباس كامل اجتمع مع رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" واجتمع أيضا مع رئيس الشاباك "نداف أرغمان"، في "إطار المساعي للدفع باتفاق التسوية بين حماس وإسرائيل". وقالت صحيفة الحياة اللندنية نقلا عن مصادر فلسطينية ان "كامل توجه إلى تل أبيب للبحث في التفاصيل شبه النهائية لاتفاق متكامل يشمل موافقة إسرائيل على التهدئة، وتنفيذ مشروعات إنسانية في قطاع غزة، ولاحقاً مفاوضات غير مباشرة مع حركة حماس لتبادل الأسرى، وكذلك الموافقة على المصالحة الفلسطينية ". وجاءت زيارة كامل بالتزامن مع استضافة القاهرة لقاءات للفصائل الفلسطينية مع المسؤولين المصريين لبحث اتفاق التهدئة. الزيارة الرابعة .. شاملة كل الملفات هذه المرة الرابعة يبدو أن الزيارة -التي تأجلت -ستشمل كافة القضايا، خاصة الضغط علي حماس من جهة واظهار ان عباس كامل يحاول إثناء الصهاينة عن القيام بعدوان جديد ضد غزة، ولكن كل التحركات تتم في سياق التمهيد لتنفيذ بعض بنود صفقة القرن، وليس بالضرورة كلها، خاصة التهدئة مقابل بعض مزايا لغزة لتخفيف الحصار، مع تسليم حكم غزة للسلطة الفلسطينية. حيث أفاد موقع "واللا" العبري، أن عباس كامل، "سيجري خلال جولته هذه، سلسلة مباحثات، حول التهدئة بين إسرائيل وحماس، والمصالحة الفلسطينية الداخلية". ويبدو من زيارة "كامل" المرتقبة هذه المرة أن مسؤولي سلطة الانقلاب وإسرائيل والسعودية يكثفون اللقاءات والاجتماعات لإنقاذ صفقة القرن التي تهاوت مع عرابها ترامب بفضل إرادة شعب فلسطين. ففي اعقاب لقاء السيسي مع نتنياهو في نيويورك ولقاء السيسي وسلمان، أرسل السيسي عباس كامل لتل ابيب واجتمع بنتنياهو ورئيس الموساد (الزيارة الثالثة) لتحريك اتفاق التهدئة بين حماس واسرائيل، ولأن…

تابع القراءة

قانون «الإيجارات القديمة».. تعديلات مرتقبة ومخاطر على بنية المجتمع

 قانون «الإيجارات القديمة».. تعديلات مرتقبة ومخاطر على بنية المجتمع   مع توجهات نظام  جمال عبدالناصر نحو الاشتراكية وإيمانه بشيوع الملكية، تأثرا بعلاقته بالاتحاد السوفيتي في خمسينات وسيتنات منتصف القرن الماضي؛  أجرى على قوانين الإيجارة تعديلات تنحاز إلى المستأجرين على حساب الملاك وتفضي إلى إزالة الفوارق بين عقود االإيجار وعقود الملكية فتحولت الإيجارات إلى التأبيد وهو ما يتصادم مع أحكام الشريعة الإسلامية التي تشترط تحديد المدة لصحة عقد الإيجار؛ وبمرور السنوات تحول الملاك إلى فقراء وتأكلت قيمة الإيجارات حتى باتت فتاتا لا يسمن ولا يغني من جوع وبات أصحاب الملك غير قادرين على الاستفادة من أملاكهم بينما يتمتع المستأجرون بأملاك غيرهم بل يتوارثونها وفقا لهذه القوانين الصادمة. وبعد عقود من العمل بهذه القوانين تراكمت الأزمات وباتت هناك ملايين الشقق والمحلات المستأجرة بالنظام القديم منهم فقراء إذا تم طردهم فلن يجدوا مأوى يستقرون فيه ومنهم الأثرياء الذي يغلقون شققهم ويدفعون الإيجار  جنيهات قليلة؛ فالملاك يصرخون: "نريد أملاكنا" والمستأجرون يحذرون: "وأين نذهب إذا طردتمونا من مساكننا؟" وعلى مر عقود طويلة يتجاهل النظام مخاطر استمرار هذا القانون الذي أفضى إلى تمزيق النسيج المجتمعي وأحال العلاقة بين الملاك والمستأجرين إلى حالة من الكراهية الدائمة والترصد على إيذاء كل منهما الآخر. فحق السكن كفلته الدساتير المصرية المختلفة ويتوجب على الحكومة توفيره لا أن تلقي به على كاهل الملاك المساكين، وبذلك فالمعادلة القائمة هي ملاك مظلومون تم السطو على أملاكهم بقانون مشبوه يخالف أحكام الشريعة ويتصادم مع نظرية الحق القانونية، ومستأجرون بعضهم فقراء يتعين على الحكومة توفير مساكن مناسبة لهم بأسعار مناسبة، وبعضهم أثرياء يؤجرون شققهم من الباطن أو يغلقونها مع دفع قيمة الإيجار البخس. بينما تتهرب الحكومة من استحقاقات توفير سكن مناسب للمستأجرين الفقراء  الذين يمكن أن يمسهم الأذى من إلغاء القانون القديم. في ظل إعلان الحكومة عن أسعار فلكية لأسعار المساكن الشعبية تصل إلى 350 ألف جنيه على أقل تقدير لشقق صغيرة المساحة سيئة  التشطيب وهو ما لا يتوافر لملايين من البسطاء والمهمشين من مستأجري النظام القديم. ومؤخرا  يتجه مجلس النواب  إلى إجراء تعديلات كبيرة على القانون القديم  وسط ترقب ومناشدات من أجل توسيع دائرة النقاش لهذه التعديلات المرتقبة؛ آملين أن تحقق قدرا من التوازن والعدالة في العلاقة بين الطرفين، تمكن الملاك من أملاكهم وترفع قيمة الإيجارات بما يلامس أسعار اليوم، وتلزم الحكومة بتوفير مساكن بديلة للمستأجرين إعمالا لنصوص الدستور الذي يشكو من كثرة  الانتهاكات السلطوية وعدم تفعيل نصوصه.   «4» محطات تاريخية المحطة الأولى، في العهد الناصري ، حيث ظلت العلاقة بين المالك والمستأجر تمضي على وتيرتها دون تدخل من الحكومة؛ حتى حدث التحول الأكبر في منتصف القرن الماضي، حيث فرض جمال عبدالناصر التصورات والآليات الاشتراكية على المصريين إكراها حتى باتت تهيمن على مفاصل الحياة والمجتمع في مصر،  حيث حدث تحول نوعي في تدخل الحكومة في العلاقة الإيجارية بصدور القانون رقم 46 لسنة 1962، فقد كانت تدخلات الدولة في العلاقات الإيجارية حتى صدور هذا القانون دائماً ما تتعلق بالإيجارات الحالية بينما تترك العلاقات الإيجارية المستقبلية حرة دون قيود. وبصدور هذا القانون دخلت الدولة كطرف ثالث في العلاقة الإيجارية بوضعها أسس لتحديد القيمة الإيجارية، حيث صدر هذا القانون بصورة شاملة ليحدد القيمة الإيجارية للمساكن على أساس عائد سنوي قدره 5% من قيمة الأرض، 8% من قيمة المباني. ومنذ هذا التاريخ لم يعد الإيجار مسألة عرض وطلب، ومع حدوث مشكلات عملية عند تطبيق هذا القانون، أصدرت الحكومة القانون رقم 7 لسنة 1965 الذي بموجبه تم تخفيض إيجار الأماكن وقد نص في مادته الأولى على: خفض الإيجار لجميع الأماكن الخاضعة لقوانين التخفيض السابقة بنسبة 20% اعتباراً من شهر مارس 1965 أي أن تلك الأماكن أجرى عليها تخفيضان، الأول بموجب أحد القوانين الثلاث التي أصدرتها حكومات ما بعد حركة يوليو 1952م ( وهى القوانين أرقام 199 لسنة 1952، 55 لسنة 1958، 168 لسنة 1961)، والتخفيض الثاني تم بموجب هذا القانون الصادر في عام 1965 كما شمل هذا القانون أيضا تخفيض إيجار الأماكن الخاضعة لأحكام القانون رقم 46 لسنة 1962 بنسبة 35%". وفي عام 1969 حدث التدخل الأكبر بالقانون 52 لـ 1969، والذي بموجبه استمر العمل بالأحكام المحددة للأجرة بواقع 5% من قيمة الأراضي، 8% من قيمة المباني، مع استحدث نظام التقدير المبدئي، للأجرة بتحديد أجرة مبدئية تتلاءم مع تكلفة المبنى مع إلزام طالب البناء بتقديم بيان بقيمة الأراضي والمباني حيث يمكن للجهة المختصة تقدير الأجرة المبدئية التي يتعاقد المالك مع المستأجر بموجبها. كما استحدث أحكاما جديدة مثل إجازة تبادل الوحدات السكنية بين مستأجر وأخر، وعدم انتهاء عقد إيجار المسكن لوفاة المستأجر[1] ما يعني توريث عقود الإيجار تضمين التأبيد دون الإفصاح به وهو ما يتصادم مع أحكام الشريعة الإسلامية. ولجوء عبدالناصر إلى هذه القوانين كان تهربا من توفير مساكن مناسبة للمستأجرين فأحال هذا الاستحقاق على كاهل الملاك الذي تعرضوا لإجحاف متواصل من جانب النظام. المحطة الثانية، فى عهد  السادات حيث  صدر القانون 136 لعام 81 لمصادرة الملكية، وبمقتضى مواده تقرر امتداد عقود إيجار العقارات إلى مدى الحياة، وذلك طبقاً للمادة 29 من قانون آخر رقم 49 لسنة 1977 وتقرر آنذاك ألا ينتهى عقد إيجار المسكن بوفاة المستأجر أو تركه للعين إذا بقى فيها زوجته أو أولاده أو أى من والديه الذين كانوا مقيمين معه حتى الوفاة أو الترك، وفيما عدا هؤلاء من أقارب المستأجر نسباً أو مصاهرة حتى الدرجة الثالثة، ويشترط لاستمرار عقد الإيجار إقامتهم فى المسكن مدة سنة على الأقل سابقة على وفاة المستأجر أو تركه العين أو مدة شغله للمسكن أيهما أقل، فإذا كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجارى أو صناعى أو مهنى أو حرفى فلا ينتهى العقد بوفاة المستأجر أو تركه للعين ويستمر لصالح ورثته وشركائه فى استعمال العين بحسب الأحوال[2]. والمحطة الثالثة في عهد مبارك، حيث ظلت قوانين تحديد الإيجارات للوحدات السكنية في مصر تحت مسمى “الإيجار القديم”، أكثر من سبعة عقود، حتى ظهر قانون “الإيجار الجديد” عام ١٩٩٦، ليحرر الوحدات السكنية الجديدة أو المخلاة نهائيًّا من قيود تحديد الإيجارات.  خلق القانون الجديد نوعًا من العدالة المتبادلة بين المستأجرين ومالكي الوحدات، على الرغم من ارتفاع أسعاره في بعض المناطق في القاهرة الكبرى والتي لا تتناسب إطلاقًا مع الدخول الشهرية للمستأجرين. كما أدى أخيرًا إلى شكاوى مستمرة من المُستأجرين عن غياب ضبط ومراقبة أسعار السوق للإيجارات الجديدة لعدم تناسب ارتفاعها الطردي مع زيادات دخولهم البسيطة. وبالنسبة للوحدات المؤجرة وفق القانون القديم، عندما حاول المهندس صلاح حسب الله، وزير الإسكان الأسبق تعديل القانون، كان أول ضحايا هذا الاقتراب، فحينما أعلن عن تعديل قانون الإيجارات وتحرير العلاقة بين المالك والمستأجر وتعديل القيمة الإيجارية لتكون الزيادة بنسبة 200٪ سنوياً للوحدات التى تم تأجيرها منذ 60 عاماً، و150٪ للمؤجر…

تابع القراءة

التوترات الروسية الإسرائيلية … إلى أين؟

 التوترات الروسية الإسرائيلية … إلى أين؟   أدت حادثة إسقاط الطائرة الروسية التى تقل 14 عسكرياً روسياً إلي حالة من السخط الشديد في روسيا، وانتظار لرد الفعل الروسي علي ما تسببت فيه الحكومة الصهيونية التى لم تخبر الجانب الروسي بموعد الضربة الجوية الموجهة إلي مدينة اللاذقية السورية إلا قبلها بدقيقة واحدة مما تسبب في استهداف المقاتلة الروسية من قبل المضادات الجوية السورية، وتأتي ردود الفعل الغاضبة بسبب الرد الروسي المخيب للآمال، والذي يختلف كليا عن الرد الموجه إلي تركيا بعد أن تسببت في استهداف طائرة روسية ومقتل طياريها، مما أدي لقيام روسيا بالتهديدات باجراءات عقابية ضد تركيا مالم تعتذر عن هذا الاجراء، وهو ما قام به الرئيس أردوغان إرضاء للشريك الروسي. أما الحكومة الصهيونية فترفض تقديم الاعتذار عما حدث، بل وترفض تحمل تبعية هذا الأمر متهمة النظام السوري باستهداف الطائرة الروسية، الأمر الذي يثير الغضب الروسي، ولكن هذا الغضب لم يترجم حتى الآن إلي فعل حقيقي، إذ لم يتعد رد الفعل الروسي سوى التهديد بإمداد النظام بمنظومة صواريخ اس 300 المضادة للطائرات، ولكن هذا ليس أول مره تفعل فيها ذلك، إذ سبق وأن هددت بارسال هذه المنظومة ولم تقم بهذا الأمر. وفي الواقع تعكس تلك الحادثة عدة أمور في غاية الأهمية منها: 1-     فقدان الصهاينة الثقة في الجانب الروسي، مما يجعلهم لا ينسقون معه إلا في أضيق الحدود قبل توجيه ضربات عسكرية ضد مواقع تابعة للنظام السوري، وذلك خوفا من ابلاغ النظام وقيامه بتأمين تلك المناطق، وهو ما قد يتسبب في حدوث الكثير من التوتر في العلاقات بين الجانبين في المستقبل. 2-     بيان مدى ضعف الجانب الروسي الذي يستخدم قوته فقط لضرب  المعارضة المسلحة الضعيفة في سورية والتنمر علي شركاءه الإقليميين كتركيا، في الوقت الذي يعجز فيه عن اتخاذ اي اجراء للرد علي الصفعة الصهيونية التى وجهت لرجاله في سورية. 3-     أن أمريكا والكيان الصهيوني لا زالتا لهما كلمة عليا في سورية، وأن الأمور تجري في سورية وفقاً للرؤية الأمريكية التى تسعى لتقسيم الدولة وتنويع السيطرة عليها ما بينها وبين الجانب الروسي. 4-     أن إيران هي كلمة السر في توجيه الضربة للجانب الروسي بسبب رفض الروس ممارسة ضغط حقيقي علي الجانب الإيراني لإخراج رجاله من سورية ارضاء للجانب الصهيوني الذي يتخوف من الدعم الايراني الموجه لحزب الله. 5-     أن النظام السوري غير موجود وان الروس هم أصحاب الكلمة العليا في الجانب السوري الذي يسيطر عليه النظام، بالاضافة إلي إيران التى ترفض الخروج بعد كل ما قدمته من تضحيات لدعم النظام الحالي. إن عملية اسقاط الطائرة الروسية من شأنها أن تدفع الروس لإعادة ترتيب أوراقها وتأمين قواتها في سورية، وقد يدفعها ذلك لطلب التنسيق الكامل مع الجانب الصهيوني حتى لا تتكرر مثل تلك الحوادث في المستقبل، وفي نفس الوقت التوافق مع الجانب الأمريكي من أجل الترتيب الكامل للأوضاع المستقبلية في سورية، خاصة وأن فشل الروس في تنفيذ الاملاءات الأمريكية الخاصة بإخراج الإيرانيين من سورية قد أفشل مخططاتهم الخاصة بالسيطرة علي إدلب وإخراج قوات المعارضة منها. لذلك يبدو أن الأوضاع في سورية لن تستقر قريبا وأن الأوضاع قد تشهد المزيد من التوترات في المستقبل، خاصة وأن هناك حالة من القلق من المعارضة وتخوف من نجاحها في توطيد أركانها وتقوية وجودها في إدلب بالشكل الذي يجعل هناك صعوبة في التعامل معها في المستقبل، يضاف إلي ذلك الرغبة في تقزيم الدور التركي وإخراجه هو الاخر من سورية، لذلك فإن مستقبل الأوضاع في سورية ستظل علي صفيح ساخن إلى ان نرى شكل الاتفاق النهائي ما بين الروس والأمريكان بشأن سورية.

تابع القراءة

فتح معسكرات للاجئين فى مصر: بين الدوافع والمعوقات

 فتح معسكرات للاجئين فى مصر: بين الدوافع والمعوقات   يثار الحديث فى الأيام القليلة الماضية عن إمكانية قيام مصر بفتح معسكرات للاجئين على أراضيها مقابل الحصول على معونات مالية من جانب دول الإتحاد الأوروبى، وهو الحديث الذى بدأ يزداد مؤخراً مع تبادل الزيارات الدبلوماسية بين مصر ودول الإتحاد الأوروبى، إلى جانب اللقاءات المصرية مع زعماء الدول الأوروبية على هامش اجتماعات الأمم المتحدة المنعقدة حالياً، وبالتالى تحاول الورقة التعرف على دوافع ومعوقات فتح معسكرات للاجئين فى مصر. سياسة الإتحاد الأوروبى لمواجهة الهجرة غير الشرعية يسعى الإتحاد الأوروبي إلى التخلص من أزمة الهجرة غير الشرعية من خلال اللجوء إلى إنشاء مراكز استقبال في دول خارج الإتحاد الأوروبى خاصة فى شمال إفريقيا، حيث يهدف المشروع إلى إعادة المهاجرين الذين يتم توقيفهم  في البحر الأبيض المتوسط نحو دول شمال إفريقيا، ومنها نحو بلدانهم الأصلية. وكان المفوض الأوروبي المكلف بشؤون الهجرة والمواطنة، ديمتريس أفراموبولوس، قد  تحدث عن فتح مشاورات مع دول شمال أفريقيا لإقامة منصات إنزال على أراضيها لفرز من يتم إنقاذهم في المتوسط، ولكنه رفض الإفصاح عما إذا كانت أي دولة من دول المنطقة قد وافقت بالفعل على مقترحاته، ويتحدث الأوروبيون في هذا الصدد عن دول مثل تونس، الجزائر، المغرب ومصر[1]. موقع مصر من السياسة الاوروبية تشير المفوضية السامية للاجئين أن مصر تستضيف نحو 219 ألف لاجئ، وبذلك تعتبر مصر من أقل دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا استضافة للاجئين. إلا أن هناك مجموعة من اللاجئين الذين لا يدخلون فى حسابات المفوضية، وهم الذين يستقرون فى مصر بصورة نهائية، ويرتبطون فيها بالمواطنات أو المواطنين المصريين، وبالتالى يتم اعتبارهم مواطنين مصريين[2]. ولذلك تؤكد مصر أن عدد اللاجئين فيها يقدر بالملايين، على عكس ما تشير بيانات المفوضية، فقد أعلن السيسي، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره اليوناني بروكوبيس بافلوبولوس، في 23 أبريل 2015، أن مصر بها 5 ملايين لاجئ، وأثناء كلمته بقمة الأمم المتحدة للاجئين في 19 سبتمبر 2016، أكد أن مصر تتحمل 5 مليون لاجئ بين مسجل وغير مسجل، ودون عزلهم بمخيمات للإيواء، ويستفيدون من منظومة الدعم، وهو ما كرره في 19 يناير 2018، بإحدى لقاءاته مع الشباب، دون أن يوضح مصدر الرقم[3]. وتعتبر مصر من الدول الهامة لدى الإتحاد الاوروبى فى موضوع الهجرة غير الشرعية، وتتمثل هذه الاهمية فى وجود ملايين الأجانب الذين يتخذونها كمعبر وسيط لتسهيل الهجرة إلى أوروبا[4]. إلى جانب الدور المصرى القوى فى تقليل الهجرة إلى أوروبا، فقد لعبت مصر دوراً كبيراً فى وقف الهجرة غير الشرعية، وتحديداً منذ إصدار السيسي قانوناً، بالتنسيق مع إيطاليا، يحظر أنشطة الهجرة غير الشرعية والتسفير من دون ترخيص، ويجفف منابع تمويل الشبكات القائمة على هذا النشاط. فضلاً عن تطوير الجهود الأمنية والعسكرية لمنع تحرّك سفن المهاجرين من موانئ غرب الدلتا وغرب الساحل الشمالي المصري، والتي كانت مصدراً لنحو 60 في المائة من رحلات الهجرة غير الشرعية في الفترة بين 2010 و2015، وفق إحصاءات أوروبية[5]. أى أن أهمية مصر تتمثل فى وقف الهجرة وليس فى استضافة اللاجئين. ويسعى الإتحاد الأوروبى مؤخراً إلى فتح معسكرات للاجئين فى مصر مقابل حصول مصر على مزايا مالية، ففى زيارة ميركل للسيسى فى مارس 2017، تم إجراء مباحثات حول إمكانية تاسيس مراكز إيواء للاجئين الأفارقة بمصر ينفق عليها الإتحاد الأوروبي، خاصة بعد تقليل تدفق اللاجئين السوريين والعراقيين والآسيويين عبر تركيا، وقد دفعت ميركل 250 مليون دولار لمصر، مع وعد بمبلغ مماثل في 2018[6]. وقد أشارت صحيفة بوليتيكن الدنماركية فى تقرير لها تحت عنوان "صديق أوروبا الجديد: ديكتاتور مصر"،  إلى أن قمة الإتحاد الأوروبى المنعقدة فى يونيو الماضى، قد أتفقت على إقامة معسكرات للاجئين فى دول خارج حدود الدول الأوروبية، وأن من بين هذه الدول مصر. مشيرة إلى أن الإتحاد الأوروبي سيقدم مزايا وإغراءات للديكتاتور السيسي، ومن بينها تمويل قطاع التعليم، إذا ما قبل التعاون مع ليبيا في مجال وقف الهجرة، حيث يمكن تحويل مصر إلى قاعدة استقبال لمن يجري توقيفهم في عرض البحر المتوسط وتسفيرهم إليها[7]. إلا أن مصر تؤكد على رفضها لفكرة إنشاء معسكرات للاجئين، فقد أكد وزير الخارجية سامح شكري خلال زيارته لبرلين، فى يوليو الماضى، على رفض فكرة إقامة المعسكرات للمهاجرين غير الشرعيين على الأراضى المصرية، مؤكداً أنها ليست قضية أمنية فحسب، وإنما يجب التعامل معها بمنظور اقتصادي واجتماعي، يستطيع من خلاله توفير فرص عمل مناسب للشباب في الدول المصدرة للهجرة[8].  وهو نفس الموقف الذى أكدته السفيرة نائلة جبر، رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، بأن "مصر لا تقبل بمعسكرات الإيواء للاجئين على الإطلاق، ويجب على الدول الأوروبية التعامل مع الدول المصدرة للهجرة غير الشرعية عن طريق المشروعات الاستثمارية"[9]. إمكانية فتح معسكرات للاجئين فى مصر هناك مجموعة من الدوافع التى قد تجعل النظام المصرى يوافق على فتح معسكرات للاجئين تتمثل فى: سياسياً: إمكانية استخدام ذلك كورقة ضغط على الإتحاد الأوروبى لقبول سياساته حتى لو كانت على حساب حقوق الإنسان. ومن أمثلة ذلك، التعاون بين روما والقاهرة، رغم استمرار تعثّر التحقيقات في قضية مقتل الشاب الإيطالي، جوليو ريجيني في فبراير 2015[10]، وهو التعاون الذى كان من بين أسبابه استخدام مصر لورقة وقف الهجرة غير الشرعية عبر أراضيها. مالياً: فقد خصّصت المفوضية السامية للاجئين في عام 2017، نحو 72 مليون دولار لرعاية اللاجئين المتواجدين بمصر، وتقدّر المفوضية احتياجات مصر للعام الحالي 2018 بـ 74.5 مليون دولار، هذا إلى جانب المنح المقدمة من جانب كل دولة على حدة، وتم الحديث عن أن لقاء السيسى بكلاً من رئيس المجلس الأوروبي، دونالد تاسك، والمستشار النمساوي سيباستيان كورتس، على هامش الدورة 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو اللقاء الثانى الذى جاء بعد أيام على لقاء مماثل في القاهرة، جاء لاستكمال المباحثات المصرية النمساوية الأوروبية حول سبل تلقي مصر دعماً مالياً ومهنياً واجتماعياً من أوروبا، وهو الدعم الذى من المتوقع أن يتجاوز مليار يورو، كمكافأة لها على نجاحها في وقف موجات الهجرة غير الشرعية على مدى العامين الماضيين[11]. وبالتالى قد تسعى مصر إلى إقامة معسكرات للاستقبال من أجل الحصول على مزيد من الدعم المالى، خاصة فى ظل الأزمة الاقتصادية التى تعانيها القاهرة. لكن هناك مجموعة من العقبات التى تجعل مصر ترفض هذه الفكرة منها، أن إقامة معسكرات لإيواء اللاجئين بمصر سيجعل مصر مقصداً للاجئين من أفريقيا والشرق الأوسط، وهو ما سيمثل مزيد من الضغوط على الخدمات الحكومية، التى تعانى أساساً من الضغوط نتيجة الزيادة السكانية. كما أن إقامة المعسكرات ينطوي على مخاطر أمنية، فمن المحتمل أن يكون ضمن هؤلاء اللاجئين إرهابيين. وترفض مصر الفكرة أيضاً لأن دول الإتحاد الأوروبي لا تملك إطاراً استراتيجياً بعيد المدى للتصدي للهجرة، وهو ما يمكن أن يحول معسكرات الإيواء بمصر لمشكلة مزمنة تستعصي على الحل مستقبلاً. وهناك من…

تابع القراءة

فتح معسكرات للاجئين فى مصر: بين الدوافع والمعوقات

 فتح معسكرات للاجئين فى مصر: بين الدوافع والمعوقات   يثار الحديث فى الأيام القليلة الماضية عن إمكانية قيام مصر بفتح معسكرات للاجئين على أراضيها مقابل الحصول على معونات مالية من جانب دول الإتحاد الأوروبى، وهو الحديث الذى بدأ يزداد مؤخراً مع تبادل الزيارات الدبلوماسية بين مصر ودول الإتحاد الأوروبى، إلى جانب اللقاءات المصرية مع زعماء الدول الأوروبية على هامش اجتماعات الأمم المتحدة المنعقدة حالياً، وبالتالى تحاول الورقة التعرف على دوافع ومعوقات فتح معسكرات للاجئين فى مصر. سياسة الإتحاد الأوروبى لمواجهة الهجرة غير الشرعية يسعى الإتحاد الأوروبي إلى التخلص من أزمة الهجرة غير الشرعية من خلال اللجوء إلى إنشاء مراكز استقبال في دول خارج الإتحاد الأوروبى خاصة فى شمال إفريقيا، حيث يهدف المشروع إلى إعادة المهاجرين الذين يتم توقيفهم  في البحر الأبيض المتوسط نحو دول شمال إفريقيا، ومنها نحو بلدانهم الأصلية. وكان المفوض الأوروبي المكلف بشؤون الهجرة والمواطنة، ديمتريس أفراموبولوس، قد  تحدث عن فتح مشاورات مع دول شمال أفريقيا لإقامة منصات إنزال على أراضيها لفرز من يتم إنقاذهم في المتوسط، ولكنه رفض الإفصاح عما إذا كانت أي دولة من دول المنطقة قد وافقت بالفعل على مقترحاته، ويتحدث الأوروبيون في هذا الصدد عن دول مثل تونس، الجزائر، المغرب ومصر[1]. موقع مصر من السياسة الاوروبية تشير المفوضية السامية للاجئين أن مصر تستضيف نحو 219 ألف لاجئ، وبذلك تعتبر مصر من أقل دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا استضافة للاجئين. إلا أن هناك مجموعة من اللاجئين الذين لا يدخلون فى حسابات المفوضية، وهم الذين يستقرون فى مصر بصورة نهائية، ويرتبطون فيها بالمواطنات أو المواطنين المصريين، وبالتالى يتم اعتبارهم مواطنين مصريين[2]. ولذلك تؤكد مصر أن عدد اللاجئين فيها يقدر بالملايين، على عكس ما تشير بيانات المفوضية، فقد أعلن السيسي، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره اليوناني بروكوبيس بافلوبولوس، في 23 أبريل 2015، أن مصر بها 5 ملايين لاجئ، وأثناء كلمته بقمة الأمم المتحدة للاجئين في 19 سبتمبر 2016، أكد أن مصر تتحمل 5 مليون لاجئ بين مسجل وغير مسجل، ودون عزلهم بمخيمات للإيواء، ويستفيدون من منظومة الدعم، وهو ما كرره في 19 يناير 2018، بإحدى لقاءاته مع الشباب، دون أن يوضح مصدر الرقم[3]. وتعتبر مصر من الدول الهامة لدى الإتحاد الاوروبى فى موضوع الهجرة غير الشرعية، وتتمثل هذه الاهمية فى وجود ملايين الأجانب الذين يتخذونها كمعبر وسيط لتسهيل الهجرة إلى أوروبا[4]. إلى جانب الدور المصرى القوى فى تقليل الهجرة إلى أوروبا، فقد لعبت مصر دوراً كبيراً فى وقف الهجرة غير الشرعية، وتحديداً منذ إصدار السيسي قانوناً، بالتنسيق مع إيطاليا، يحظر أنشطة الهجرة غير الشرعية والتسفير من دون ترخيص، ويجفف منابع تمويل الشبكات القائمة على هذا النشاط. فضلاً عن تطوير الجهود الأمنية والعسكرية لمنع تحرّك سفن المهاجرين من موانئ غرب الدلتا وغرب الساحل الشمالي المصري، والتي كانت مصدراً لنحو 60 في المائة من رحلات الهجرة غير الشرعية في الفترة بين 2010 و2015، وفق إحصاءات أوروبية[5]. أى أن أهمية مصر تتمثل فى وقف الهجرة وليس فى استضافة اللاجئين. ويسعى الإتحاد الأوروبى مؤخراً إلى فتح معسكرات للاجئين فى مصر مقابل حصول مصر على مزايا مالية، ففى زيارة ميركل للسيسى فى مارس 2017، تم إجراء مباحثات حول إمكانية تاسيس مراكز إيواء للاجئين الأفارقة بمصر ينفق عليها الإتحاد الأوروبي، خاصة بعد تقليل تدفق اللاجئين السوريين والعراقيين والآسيويين عبر تركيا، وقد دفعت ميركل 250 مليون دولار لمصر، مع وعد بمبلغ مماثل في 2018[6]. وقد أشارت صحيفة بوليتيكن الدنماركية فى تقرير لها تحت عنوان "صديق أوروبا الجديد: ديكتاتور مصر"،  إلى أن قمة الإتحاد الأوروبى المنعقدة فى يونيو الماضى، قد أتفقت على إقامة معسكرات للاجئين فى دول خارج حدود الدول الأوروبية، وأن من بين هذه الدول مصر. مشيرة إلى أن الإتحاد الأوروبي سيقدم مزايا وإغراءات للديكتاتور السيسي، ومن بينها تمويل قطاع التعليم، إذا ما قبل التعاون مع ليبيا في مجال وقف الهجرة، حيث يمكن تحويل مصر إلى قاعدة استقبال لمن يجري توقيفهم في عرض البحر المتوسط وتسفيرهم إليها[7]. إلا أن مصر تؤكد على رفضها لفكرة إنشاء معسكرات للاجئين، فقد أكد وزير الخارجية سامح شكري خلال زيارته لبرلين، فى يوليو الماضى، على رفض فكرة إقامة المعسكرات للمهاجرين غير الشرعيين على الأراضى المصرية، مؤكداً أنها ليست قضية أمنية فحسب، وإنما يجب التعامل معها بمنظور اقتصادي واجتماعي، يستطيع من خلاله توفير فرص عمل مناسب للشباب في الدول المصدرة للهجرة[8].  وهو نفس الموقف الذى أكدته السفيرة نائلة جبر، رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، بأن "مصر لا تقبل بمعسكرات الإيواء للاجئين على الإطلاق، ويجب على الدول الأوروبية التعامل مع الدول المصدرة للهجرة غير الشرعية عن طريق المشروعات الاستثمارية"[9]. إمكانية فتح معسكرات للاجئين فى مصر هناك مجموعة من الدوافع التى قد تجعل النظام المصرى يوافق على فتح معسكرات للاجئين تتمثل فى: سياسياً: إمكانية استخدام ذلك كورقة ضغط على الإتحاد الأوروبى لقبول سياساته حتى لو كانت على حساب حقوق الإنسان. ومن أمثلة ذلك، التعاون بين روما والقاهرة، رغم استمرار تعثّر التحقيقات في قضية مقتل الشاب الإيطالي، جوليو ريجيني في فبراير 2015[10]، وهو التعاون الذى كان من بين أسبابه استخدام مصر لورقة وقف الهجرة غير الشرعية عبر أراضيها. مالياً: فقد خصّصت المفوضية السامية للاجئين في عام 2017، نحو 72 مليون دولار لرعاية اللاجئين المتواجدين بمصر، وتقدّر المفوضية احتياجات مصر للعام الحالي 2018 بـ 74.5 مليون دولار، هذا إلى جانب المنح المقدمة من جانب كل دولة على حدة، وتم الحديث عن أن لقاء السيسى بكلاً من رئيس المجلس الأوروبي، دونالد تاسك، والمستشار النمساوي سيباستيان كورتس، على هامش الدورة 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو اللقاء الثانى الذى جاء بعد أيام على لقاء مماثل في القاهرة، جاء لاستكمال المباحثات المصرية النمساوية الأوروبية حول سبل تلقي مصر دعماً مالياً ومهنياً واجتماعياً من أوروبا، وهو الدعم الذى من المتوقع أن يتجاوز مليار يورو، كمكافأة لها على نجاحها في وقف موجات الهجرة غير الشرعية على مدى العامين الماضيين[11]. وبالتالى قد تسعى مصر إلى إقامة معسكرات للاستقبال من أجل الحصول على مزيد من الدعم المالى، خاصة فى ظل الأزمة الاقتصادية التى تعانيها القاهرة. لكن هناك مجموعة من العقبات التى تجعل مصر ترفض هذه الفكرة منها، أن إقامة معسكرات لإيواء اللاجئين بمصر سيجعل مصر مقصداً للاجئين من أفريقيا والشرق الأوسط، وهو ما سيمثل مزيد من الضغوط على الخدمات الحكومية، التى تعانى أساساً من الضغوط نتيجة الزيادة السكانية. كما أن إقامة المعسكرات ينطوي على مخاطر أمنية، فمن المحتمل أن يكون ضمن هؤلاء اللاجئين إرهابيين. وترفض مصر الفكرة أيضاً لأن دول الإتحاد الأوروبي لا تملك إطاراً استراتيجياً بعيد المدى للتصدي للهجرة، وهو ما يمكن أن يحول معسكرات الإيواء بمصر لمشكلة مزمنة تستعصي على الحل مستقبلاً. وهناك من…

تابع القراءة

الكنيسة والنظام في مصر

 الكنيسة والنظام في مصر بين رؤيتين علي هامش زيارة بابا الكنيسة الأرثوذكسية إلي نيويورك لدعم استقبال عبدالفتاح السيسي أثناء مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ثار الكثير من الجدل عن العلاقة بين الكنيسة الارثوذكسية والدولة في مصر، ويهتم التقرير بتحليل اتجاهات النقاش بين اثنين من الكتاب الامريكيين المعنيين بالملف القبطي والسياسة المصرية وهما: ديفيد كيركباتريك، رئيس مكتب نيويورك تايمز في القاهرة، وصامويل تادرس الباحث والكاتب المصري بعدد من مراكز البحث والصحف الأمريكية. كان ثمة إتفاق بين الباحثين فيما يتعلق بوجود تجاوزات بحق المواطنين المسيحيين في مصر، واستمرار التحيزات ضدهم في المعاملة وفي النظام القانوني الذي عكس هذا التحيز ومثل أحد تجلياته، وعن إخفاق النظام الراهن في حماية المسيحيين وكنائسهم من جهة، وفي استمرار التحيز دون معالجة أو مقاومة من منظومة الحكم. لكن الخلاف بين وجهتي النظر تبدت في استفهام كيركباتريك عن سر استمرار الكنيسة الأرثوذكسية في دعم النظام القائم رغم إخفاقه في تحسين شروط حياة المسيحيين في مصر، وفي حمايتهم من التحيز ومن الهجمات الإرهابية والمتطرفة التي تستهدف شخوصهم وممتلكاتهم وكنائسهم. في حين يدفع صامويل تادرس في اتجاه تفٌهم واستيعاب وتوقع استمرار دعم الكنيسة الأرثوذكسية للنظام الحاكم في مصر، رغم قناعته شخصياً "صامويل تادرس" أن الكنيسة تدرك عدم حدوث تغيرات نوعية في حياة المسيحيين وفي تقليص الهجمات الإرهابية والحملات الطائفية والتحيزات بحقهم في ظل النظام القائم.   سر تمسك الكنيسة بدعم السيسي[1]:    يبدأ كيركباترك مقالته بكلمة البابا تاوضروس الثاني، بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، جاء فيها "يمكننا أن نصلي في أمة بدون كنيسة، لكن لا يمكننا الصلاة في كنيسة بدون أمة"، وهي مقولة تحمل أعلى درجات الإيمان بالدولة والتأييد لها، لكنه استعار كلمة الأمة في الحديث عن الدولة لعدم استثارة المشاعر السلبية التي باتت كلمة الدولة بخلفياتها تثيرها في بلادنا، كلمة البابا هي صك دعم مفتوح من الكنيسة للدولة في مصر بغض الطرف عن ممارساتها، وكأن المعركة التي اعلنها النظام على المجتمع –عبر سياساته التقشفية والقمعية- هي معركة الدولة وليست معركة نظام يصارع الأفول. يتسآءل كيركباتريك عن جدوى الصفقة بين نظام السيسي والكنيسة في وقت يجد الأقباط المصريون أنفسهم مستهدفين أكثر من أي وقت مضى من قبل المتشددين الذين يلومون الكنيسة على دعمها الإطاحة بالرئيس محمد مرسي واستبداله بالسيسي منذ 5 سنوات، مع فشل السيسي في حماية المسيحيين من المتشددين، ومن التمييز طويل الأمد الذي واجهه المسيحيين من النظام القانوني المصري. مشيراً إلى أن المسيحيين المصريين وهم حوالي 10% من المجتمع المصري، أكثر من 90% منهم ينتمون إلى الكنيسة الأرثوذكسية، أن هذه الأقلية الكبيرة ومعها المسيحيون العرب مدفوعين بخوفهم من الأغلبيات المسلمة يفضلون بشكل مستمر التحالف مع الديكتاتورية الحاكمة. ثم يستعرض كيركباترك تاريخ العلاقة بين الكنيسة الأرثوذكسية والنظام المصري في عهد مبارك، وكيف أيدت الحكومة توجهات الكنيسة في  في حين دعمت الكنيسة استمرار مبارك في الحكم، وهي العلاقة التي كانت ثورة يناير 2011 مؤذنة بطي صفحتها وبدأ صفحة جديدة واعدة تبشر بقيم الحرية والديمقراطية والمواطنة، وهي التطلعات التي أجهضها-كما يري كيركباترك انتعاش الطائفية مع صعود الإسلاميين في أعقاب الثورة، ثم مذبحة ماسبيرو التي أودت بحياة 23 مواطناً مسيحيا. ومع فوز مرشح الإخوان في الانتخابات زادت مخاوف المسيحيين بشأن المستقبل. وفي يونيو 2013 أيدت الكنيسة الإطاحة بالرئيس مرسي، عندها هاجم بعض الإسلاميين الغاضبين عشرات الكنائس في جميع أنحاء مصر، وحتى بعد عزل الرئيس الإسلامي ظل التحيز ضد المسيحيين؛ فبعد ثلاثة أشهر من تولي السيسي السلطة، أدانت محكمة ثلاثة مسيحيين بقتل مسلم واحد في أعمال شغب طائفية في مدينة الخصوص "قريبة من المرج" بالقرب من القاهرة، حكم على كل مسيحي بالسجن لمدة 15 سنة، لكن لم يدن أي مسلم في قتل أي من المسيحيين الخمسة الذين لقوا حتفهم خلال الأزمة. في السياق ذاته، استمر التنكيل بالأقباط، ولا يزال المسيحيون بحاجة إلى إذن خاص من الأجهزة الأمنية لبناء أي كنائس جديدة، كما فشلت الشرطة في حماية المسيحيين من العنف المتصاعد ضدهم. كل الطرق تقود الكنيسة للتحالف مع النظام[2]: رؤية الكاتب المسيحي صمويل تادرس في تعليقه على مقالة كيركباتريك التي تحمل استفهام وتعجب عن سر استمساك الكنيسة الارثوذكسية بدعم النظام رغم عدم حدوث أية تغيرات نوعية في موقع الأقباط في المجتمع المصري وفي استمرار الأخطار التي تتهددهم، يقول صامويل تادرس: في الحقيقة –وكما تشير مقالة كيركباتريك- فشل السيسي في حماية الأقباط، لكن مقارنة فشله باستمرار دعم الكنيسة يلمح إلى أن علاقة السيسي بالكنيسة علاقة تبادلية (صفقة) ويتجاهل حقيقة أن السيسي هو البديل الوحيد المتاح للأقباط. في الحقيقة لم يكن أبداً أمام الكنيسة حرية في الاختيار بين السيسي ومرشحين آخرين، لم يكن هناك في الواقع أي خيار، أما حكم الإخوان المسلمين فقد شكل تهديدًا وجوديًا للأقباط، هذا ما آمن به الأقباط، وما خبروه عن جماعة الإخوان المسلمين، يكفي فقط ملاحظة "تسونامي" المهاجرين الأقباط من مصر خلال هذه الفترة، فكأن الأقباط يصوتون بأقدامهم (Copts were voting with their feet)[3]، ولم تؤيد الكنيسة السيسي مقابل شيء، فقد اعتقدوا، مثل كثيرين، أن الإخوان يشكلون تهديدًا للهوية الوطنية المصرية. وينتقد تادرس ما اعتبره زعماً من كيركباتريك أن الأقباط نموذج للأقليات الدينية في المشرق –في تحالفهم مع السلطويات الحاكمة، سواء من الناحية التاريخية، أو على صعيد الهوية، أو على مستوى العلاقة مع السلطات عبر القرون. وكما أن سوريا ليست مصر فإن الأقباط (المسيحيون المصريون) يختلفون عن الموارنة أو الأشوريين أو السريانيين. كما لا يصح القول أن "المسيحيين العرب" فضلوا في كثير من الأحيان حماية السلطويات العربية الحاكمة؛ لأن الأقباط ليسوا عربًا بداية، والأهم أن هذا يصور دعم الأقباط للسلطوية الحاكمة باعتباره اختياراً. فيما يتعلق بالعلاقة بين البابا ومبارك، يؤكد تادرس أن علاقة مبارك والبابا شنودة كانت سيئة للغاية؛ خاصة مع ما نسب إلى البابا من رفضه مقابلة مبارك –أثناء حكم السادات- واستنكاره الاجتماع مع بيروقراطي من الدرجة الثانية –أي مبارك- دون سلطة، في حين كان يرى مبارك أن شنودة طائفيا. وبعد وصوله إلى السلطة، أطلق مبارك سراح جميع السجناء السياسيين، بما في ذلك القادة الإسلاميين، بينما الشخص الوحيد الذي قبع في المنفى القسري في الدير كان هو البابا شنودة، وذلك حتى يناير 1985. وبعيداً عن ترحيبه بـ "البابا" في المناسبات العامة، رفض مبارك مقابلة البابا حتى عام 2001 بعد حادثة صحيفة النبأ، لذا فإن فكرة وجود نوع من المحسوبية الخاصة أو الرعاية تتمتع بها الكنيسة لدى الدولة تبقى غير دقيقة. أما فيما يتعلق بالسماح للمسيحيين بالاحتكام لشرائعهم الخاصة وللكنيسة في قضايا الأحوال الشخصية، فليست مستحدثة على عهد مبارك، فقد سمح الحكام المسلمين لغير المسلمين بالاحتكام لشرائعهم طوال 1400 سنة من تاريخ الشرق الأوسط. فيما يرتبط بالروايات المعتادة (اليوتوبية) عن ميدان التحرير؛ فقد شارك بعض الأقباط بالتأكيد في مشهد…

تابع القراءة

الصراع في افغانستان والحوار الامريكي مع “طالبان” .. مكاسب وخسائر كل طرف

 الصراع في افغانستان والحوار الامريكي مع "طالبان" .. مكاسب وخسائر كل طرف   بعد 17 عاما من الغزو الأمريكي لأفغانستان ومحاربة حركة "طالبان" بدعوي إيواءها لتنظيم القاعدة واسامة بن لادن، وفشل الحرب المستمرة هناك منذ ذلك الحين في توفير أجواء للاستقرار والسلام، لم تجد الولايات المتحدة بديلا للخروج من هذا البلد بعدما خرجت أغلب الجيوش الأجنبية التي دعمتها هناك، سوي محادثات سلام مع "طالبان". ويقدر المستشار لدى معهد الأزمات الدولية، غرايمي سميث، إن "الحرب في أفغانستان على وشك أن تتجاوز حصيلة 20 ألف قتيل عام 2018 بما يشمل المدنيين". وقال سميث: "أحصت الأمم المتحدة 1692 قتيلا مدنيا في أفغانستان خلال النصف الأول من العام 2018"، وقدرت الخسائر في صفوف الجيش الأفغاني التي لا تعلن بانها "مرعبة". وقبل إجراء اولى جلسات هذا الحوار الأمريكي الطالباني في قطر، لفتت صحف أمريكية لأن استمرار إلقاء آلاف القنابل والصواريخ على أفغانستان لم يحقق أي استقرار، واستمر نزيف تواجد القوات الامريكية هناك ماديا وعسكريا.  وعلى سبيل المثال، فرغم أن الولايات المتحدة أسقطت 947 قنبلة في أفغانستان عام 2015، كما ألقوا على أفغانستان 1337 قنبلة أمريكية جديدة عام 2016، بخلاف مئات أخرى عامي 2017 و2018، فقد أظهر تحليل لمجلة فورين بوليسي، أن حركة "طالبان" أصبحت تسيطر على مساحة من الأراضي أكثر من أي وقت مضى منذ عام 2001 الذي بدأ فيه الغزو الأمريكي. وهذا ما اعترف به السيناتور الأمريكي الراحل جون ماكين، حين حذر في أغسطس 2017 من هذا بقوله: "نحن نخسر في أفغانستان، لذلك يعد الوقت عاملا جوهريا إذا كنا ننوي تحويل المد لصالحنا"، فيما اعترف الجنرال الأفغاني المتقاعد، عبد الجبار كهرمان، الذي كان يشغل منصب المبعوث العسكري للحكومة الأفغانية في مقاطعة هلمند، في حوار أجراه مع صحيفة نيويورك تايمز، خلال فصل الصيف أن "حركة طالبان تزداد قوة، بينما تتراجع الحكومة وتفقد أراضيها لصالح طالبان يوما بعد يوم". ويبدو أن نجاح استراتيجية طالبان في اثبات أنها هي المنتصرة والمتحكمة في أراضي أفغانستان، و"الولايات المتحدة لا يمكنها الفوز في هذه الحرب"، عبر عمليات تفجير وهجمات يومية تطال القوات الأجنبية في البلاد وقوات الحكومة الأفغانية الموالية للغرب، واعتراف المسئولين ووسائل الإعلام الغربية بأنها "منتصرة"، دفع الامريكان للبحث عن مخرج سلمي من هذا المستنقع عبر فكرة التفاوض لوقف القتال لفترة من الوقت املا في ان ينتهي الامر باتفاق سلام شامل. لماذا التفاوض الان؟ وساهم في دفع الامريكان نحو هذا الحل التفاوضي: الخسائر المتزايدة ماليا وعسكريا ومعنويا في أفغانستان، ولو بإلقاء عشرات القذائف والصواريخ المكلفة ماليا للخزينة لقتل العشرات هناك، وعدم قدرة القوات على الصمود في أجواء غير مواتية، اذ يعد الدافع الاقتصادي من العوامل التي دفعت إدارة «ترامب» إلى إجراء محادثات مع طالبان؛ حيث تؤرق التكلفة الاقتصادية للحرب واشنطن بعدما أظهرت تقديرات لمركز الدراسات الاستراتيجية في واشنطن في أغسطس 2018 أن التكلفة المباشرة للحرب في أفغانستان بلغت 841 مليار دولار، بينما أعلنت تقديرات أخرى أن هذه الحرب قد تجاوزت تريليون دولار، وقد تصل إلى 2 تريليون مستقبلًا، أما على صعيد التكلفة البشرية؛ بلغ عدد قتلى القوات الأمريكية 2350 جنديًّا، إلى جانب إصابة ما يقرب من 20 ألف جندي. أن حركة طالبان غدت منظمة مختلفة اليوم عما كانت عليه في فترة التسعينات عندما حكمت أفغانستان، حيث يديرها الان رئيس القضاء السابق هبة الله آخوند زاده، الذي يشغل منصب رئيس مجلس العلماء في طالبان، أعلى سلطة دينية بالنسبة لهذه الجماعة، وقد حاول آخوند زاده وغيره من قادة طالبان كسب قلوب وعقول الأفغان عن طريق تمويل بعض المشاريع التنموية وإعطاء وعود بإصلاح نظام التعليم في أفغانستان، والأهم انهم منفتحون على فكرة التفاوض. التركيبة السكانية التي تجعل من طالبان ترتبط ارتباطا وثيقا بالجماعة العرقية البشتونية، صاحبة الأغلبية، وتسمح بإيواء القبائل لجنود الحركة وتوفير وسائل الاعاشة لهم، حيث يعتبر قرابة 80 % من كبار قادة طالبان الخمسون، من البشتون الذين يقطنون في مقاطعة قندهار. القناعة أن هذا الصراع سيصل إلى طريق مسدود في المستقبل المنظور، في ظل رغبة طالبان في استعادة كابول، والإطاحة بالحكومة الأفغانية، في ظل صمودها في المناطق الريفية وتمكنها من شن هجمات متكررة رفيعة المستوى في كابول وغيرها من المدن. القناعة أن هناك دعم ما يقدمه جنرالات في باكستان لحركة طالبان منذ عشرات السنين وأن هذا سبب بقاء الحركة قوية وبالمقابل فتور العلاقات الامريكية الباكستانية. ان طالبان بالمقابل من الصعب ان تحقق ما ترنو اليه في ظل استمرار التواجد العسكري الأمريكي هناك لهذا يتمثل الخيار الأفضل للحركة في السعي للتوصل إلى تسوية عن طريق المفاوضات.   لماذا قبلت طالبان التفاوض ومحادثات السلام؟ برغم الحديث المستمر في الداخل والخارج عن قوة وقدرة حركة طالبان على الاستمرار في الحرب بل والتحذير على مستوي القادة والصحف في أمريكا من احتمالات انتصار وشيك لحركة طالبان، إلا أن الحركة تعاني من سلسلة ضغوط اضعفتها ودفعتها الي قبول فكرة التفاوض السلمي. ويمكن في هذا الصدد رصد أسباب ذلك فيما يلي: صعوبة توفير السلاح والدعم المالي في ظل حالة التدهور الاقتصادي للبلاد وهذا ما دفع الغرب لاتهام طالبان بانها تتاجر في المخدرات لتوفير السلاح لقواتها. فشلت طالبان في الإطاحة بالحكومة الأفغانية، أو حتى السيطرة على العاصمة كابول أو أي أراضي أو مدن أفغانية هامة، بسبب استمرار التواجد العسكري الأمريكي واستمرار الضربات الجوية على معاقلها وقتل قادتها، ومنذ اخر عمليات قوية لها عام 2016 وخسارتها المناطق التي احتلتها، خلي سجلها من عمليات حيوية خلال 2017 أو 2018 الحالي، باستثناء الهجمات الفردية وقتل جنود في كابول. تأجيل المفاوضات لن يعزز موقفهم التفاوضي، خاصة بعدما أعلنت إدارة ترامب أنها سوف تلغي المواعيد النهائية التي حددتها إدارة أوباما سابقا لانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، مما يجعل طالبان في مواجهة غريم أعيد تفعيل آلياته. مواقف القوي الإقليمية مثل باكستان قد تتغير من دعمها او تسهيل وصول السلاح اليها في ظل تفاهمات أمريكية باكستانية جديدة ورغبة باكستانية في التركيز على التنمية لا الحروب. تعاني حكومة (غني) الأفغانية، أزمة شرعية، وضعف في السيطرة، حتى على حكّام ولايات يتمرّدون على قراراتها، ما يصب في صالح طالبان. على ماذا سيتم التفاوض؟ تري صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، بحسب تقرير نشرته الأسبوع الماضي، أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تدرس تغيير استراتيجيتها لبدء مفاوضات رسمية وموسعة تؤدي إلى إنهاء الحرب في أفغانستان، ضمن سعيها لتبريد ساحات خلافات أخرى مع كوريا الشمالية وربما إيران بغرض سحب القوات الامريكية (15 ألف جندي أمريكي في أفغانستان) وتوفير نفقات باهظة. ورغم اعتبار الصحف الامريكية -مثل صحيفة "واشنطن بوست" -إن مفاوضات السلام بين واشنطن وطالبان تشكل انفراجه يمكن أن تؤدي إلى نهاية الصراع الدموي في أفغانستان، بعد الأنباء التي تحدثت عن محادثات جرت بين مسؤولين أمريكيين وممثلين عن حركة طالبان الأفغانية، وهي…

تابع القراءة

تجميد مسار العائلة المقدسة بقرار المخابرات العامة تهديد للسياحة المصرية

 تجميد مسار العائلة المقدسة بقرار المخابرات العامة  تهديد للسياحة المصرية   وسط حالة اليأس التي أصابت قطاع السياحة المصري في أعقاب تفجير الطائرة الروسية فوق شبه جزيرة سيناء في 31 أكتوبر 2015م، والتي أسفرت عن مقتل 224 شخصا روسيا بينهم طاقم الطائرة؛ بزغت فكرة إحياء «مسار العائلة المقدسة» والتركيز على السياحة الدينية في محاولة لتدارك نزيف الخسائر المتواصلة في قطاع السياحة الترفيهية والثقافية؛ وذلك بإغراء مليارين من أنصار الكنائس المختلفة بأهمية الحج على خطى رحلة السيد المسيح عليه السلام إلى مصر هروبا من اضطهاد  الملك اليهودي "هيرودس" الذي كان يقتل الأطفال الرضع خوفا من تحقق نبوءة تقول إن طفلا سيولد سوف يرث الملك بدلا من نسل هيرودس". وبعد مرور أكثر من ألفي عام على الرحلة التاريخية للعائلة المقدسة، تسعى حكومة نظام 30 يونيو ممثلة في وزارتي السياحة والآثار، بالتعاون مع الكنيسة الأرثوذكسية، لإعادة اكتشاف محطات مسار الرحلة من جديد من خلال وضع خطة سياحية لاستقطاب السائحين الأجانب، لزيارة تلك المناطق التاريخية والأثرية المهمة التي لا يوجد لها مثيل في العالم. تتمثل فكرة المشروع  فى السياحة الروحية وهى سياحة عالمية، والرحلة محددة بـ25 محطة معظمها فى محافظات فقيرة وقرى مهمشة خاصة فى الصعيد. وفيما يتعلق بمراحل المشروع، فإنها تنقسم إلى ثلاث مراحل وهى المرحلة الأولى ومدتها 3سنوات، وبدأت في 2016م، ويتم فيها تنمية 8 مواقع تم التركيز عليها حاليا والتى تشمل الكنيسة المعلقة بمصر القديمة، وكنيسة العذراء بالمعادى وأديرة البارموس والسريان والأبنا بيشوى بوادى النطرون، وجبل الطير بالمنيا ودير المحرق ودرنكة بأسيوط، وكان من المفترض أن تدخل شجرة مريم بالمطرية، وكنيسة زويلة، ولكن العشوائيات بهذه المناطق تحول دون ذلك فى الوقت الراهن. وتم إنفاق 37 مليون جنيه، بإنشاء دورات مياه وأماكن للجلوس ومظلات ولافتات إرشادية باللغتين العربية والإنجليزية على الطريق وطرق مختصرة مثل الذى تم إنشاؤه فى جبل الطير بالمنيا». أما المرحلة الثانية، فهى مدتها من خمس إلى سبع سنوات، فى حين تستغرق آخر المراحل من سبع إلى عشر سنوات. ما يعني أن المشروع يستغرق ما بين 15 إلى 20 سنة. وتكتسب هذه الفكرة أهمية كبيرة؛ ويعززها عدة عناصر إيجابية: أولا، يعتقد أهل الكتاب من النصاري،  بقدسية نقاط مسار العائلة المقدسة فى مصر، وأن دخولها من قبل السيد المسيح وأمه العذراء مريم عليهما السلام، والرجل الصالح يوسف النجار الذي يصفه النصاري بالقديس، جاء بأمر إلهى وليس اختيارا منهم كما جاء فى الإنجيل: (إِذَا مَلاَكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ لِيُوسُفَ فِي حُلْمٍ قَائِلاً: (قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ، وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ. لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَطْلُبَ الصَّبِيَّ لِيُهْلِكَهُ). فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ لَيْلاً وَانْصَرَفَ إِلَى مِصْرَ. وَكَانَ هُنَاكَ إِلَى وَفَاةِ هِيرُودُسَ). متى "2/13،14"… وهو ما أشار إليه القرآن أيضا {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَىٰ رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} المؤمنون آية رقم "23". كما أن مصر البلد الوحيد الذى عاش فيه السيد المسيح وأمه بعد بيت لحم فى القدس، وأن النقاط الـ25 التى مكث أو مر بها المسيح خلال إقامته فى مصر كانت تتم بوحى وفق معتقدات أهل  الكتاب من النصاري، وهو ما يشير لدلالات على البركة والخير، وهو ما يحظى باهتمام واسع من جانب رعايا جميع الكنائس في العالم. ثانيا، المشروع حال نجاحه له فوائد اقتصادية كبيرة على الوضع الاقتصادي  المأزوم في مصر وعلى قطاع السياحة على وجه الخصوص، وربما يحقق مكاسب استثمارية ضخمة، حيث يشير تقرير منظمة السياحة العالمية إلى أن 350 مليون سائح قصدوا مزارات دينية فى العالم، العام الماضى 2017، وإذا ما تم تسيير الرحلات فعليا لمسار العائلة المقدسة سيكون نصيب مصر من هذا الرقم كبيرا، وهذا يعنى إضافة كبيرة للدخل القومى إذا ما أخذنا فى الاعتبار أن المعدل المتوسط لإنفاق السائح الواحد للمزار الدينى لا يقل عن 120 دولارا فى اليوم.  بخلاف ذلك، فإن موضعا واحدا بالأردن يتضمن مكان تعميد السيد المسيح على نهر الأردن يحظى بزيارة نصف مليون سائح سنويا، بينما تفشل مصر التي تملك مسار العائلة المقدسة في استثمار مواردها بصورة ناجحة تسهم في نمو الاقتصاد وتعافي السياحة وزيادة موارد الدخل القومي.ويؤكد المهندس عادل الجندى مدير العلاقات الدولية والتخطيط الاستراتيجى بهيئة التنمية السياحية بوزارة السياحة، أن المشروع له أهداف تنموية فهو يوفر 4 ملايين فرصة عمل وتقدر أرباحه التى يدرها على البلاد بثلاثين مليار دولار[1]. ثالثا، حظي المشروع بدعم كبير من جانب البابا فرانسيس حبر الفاتيكان  الأعظم، والذي أقام قداسا بهذا الشأن يوم 04 أكتوبر 2017م، بارك فيه ــ وسط أجواء احتفالية ــ أيقونة رحلة العائلة المقدسة إلى مصر بحضور وزير السياحة السابق بحكومة 30 يونيو، يحيى راشد، على رأس وفد رسمي رفيع المستوى، والذى ثمن وقتها الفكرة واعتبروا ذلك بمثابة دعوة للحجاج الكاثوليك على مستوى العالم للحج إلى مصر للتبرك بنقاط مسار العائلة المقدسة والتي تم إدراجها على خريطة السياحة المصرية.   تباطؤ وتلكؤ ورغم الأهمية الكبيرة للمشروع، إلا أن النظام العسكري يتحرك ببطء شديد وبيروقراطية، فلم تشهد الفترة التي تلت مباركة بابا الفاتيكان لمسار العائلة المقدسة في أكتوبر 2017 تحركات جادة ملموسة من جانب النظام تعكس الاهتمام بالمشروع والعزم على تنفيذه؛ وهو ما دفع بعض الأقباط إلى انتقاد الأداء الحكومي. وتساءل د. نجيب جبرائيل: «ماذا فعلت مصر أو بالأحرى وزارة السياحة والأجهزة الحكومية اهتماما لهذه الرحلة المقدسة؟. أعتقد حتى الآن وزارة السياحة لم تعط هذا الحدث الأهمية التى تليق به ولم ترفع رحلة المقدسة كحدث سياحى على المرتبة الأولى على خريطة السياحة فى مصر فوعدت الحكومة المصرية مسارات العائلة المقدسة من رصف الطرق المؤدية إلى مسارات العائلة المقدسة خاصة منطقة وادى النطرون وعمل فندق لاستراحة السائحين وتوفير الأعمدة الكهربائية والإنارة. ولكن للأسف لم نر شيئا من ذلك، فماذا نفهم من ذلك؟ هل الدولة المصرية امتلأت خزانتها من دخل السياحة فى مصر، وأصبحت أعداد السائحين بالملايين؟ أم لأن السياحة الدينية المسيحية لم تروق لمسؤولين لا يهتمون بمصر، هل هناك أيضا تطرف لدى بعض المسؤولين جعلهم لا يهتمون بأى شأن مسيحى حتى لو كان يدر دخلا على البلد؟.»[2]. وطالب جبرائيل السيسي بصفته الرئيس الأعلى للمجلس الأعلى للسياحة  أن يتدخل فى هذا الأمر  منتقدا سماح من وصفه بمسئول متنطع ببناء عمارتين متجاورتين حال دون رؤية كنيسة العذراء الأثرية بمسطرد، وهي إحدى نقاط مسار العائلة المقدسة، كما تحاصر القمامة شجرة مريم  بم لها من قيمة روحية وأثرية كبيرة. الأمر الثاني هو ما كشفه مصدر مسؤول بملف رحلة العائلة المقدسة، أن إدراج مؤسسة "أوبرا رومانا " المسؤولة عن ملف الحج بالفاتيكان، مسار رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، في الكتالوج الخاص بحج الفاتيكان عام 2018، والذي شمل برنامجين لمصر أحدهما يشمل الأماكن التي مرت بها العذراء مريم والسيد المسيح بمصر، والآخر زيارة المناطق الأثرية…

تابع القراءة

المشهد السياسي

المشهد السياسي المشهد الداخلي: 3    المساعدات مقابل التبعية … المؤسسة العسكرية المصرية تتماهى مع الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، عبر عدد من التحركات باتت المؤسسة العسكرية المصرية أكثر انخراطاً في تفعيل وإنجاح الاستراتيجية الامريكية في المنطقة، وأكثر تماهياً مع رؤية واشنطن للشرق الأوسط؛ أبرز هذه التحركات[1]: أولاً: حصار الوجود التركي في البحر الأحمر: صدقت الخرطوم على منْح مصر مليونَي متر مربع من الأراضي تحت مسمى إنشاء منطقة صناعية، على النيل، بالقرب من العاصمة الخرطوم، التحرك المصري نحو منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي في الوقت الراهن يأخذ طابع "الوكالة" للإمارات التي ترتبط بعلاقات وطيدة مع النظام المصري حالياً، إذ تمول أبو ظبي كثيراً من الأنشطة التي تهدف إلى تقوية نفوذها في منطقة البحر الأحمر والقرن الأفريقي، في الوقت ذاته تقوم مصر في الوقت الراهن بدور رأس الحربة في التوجه الإماراتي نحو السودان، واستدراجه تدريجياً، لإنهاء النفوذ التركي – القطري في تلك المنطقة. ثانياً: تعزيز الحضور الأمريكي في القارة السمراء: كشفت المعارضة الاريترية أن الحكومة الإريترية منحت مصر الضوء الأخضر لبناء قاعدة عسكرية داخل أراضيها، ومن الراجح أن كل التحركات العربية في البحر الأحمر يأتي ضمن الاستراتيجية العسكرية والأمنية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، حيث لا يمكن لأياً من الدول العربية المستظلة بالراية الامريكية أن تخرج على هذه الاستراتيجية، وأن كل تحركاتها لا تتجاوز كونها دور وظيفي تابع لواشنطن. ثالثاً: تكثيف التواجد في البحر الأحمر والمحيط الهندي في مواجهة النشاط الإيراني: في الفترة الأخيرة انتشرت البحرية المصرية بشكل مكثف في نطاق البحر الأحمر وذلك نتيجة لما تشهده تلك المنطقة من توترات نتيجة الصراع السعودي اليمني وتحديداً عند باب المندب، خاصة أن مصر تعتبر البحر الأحمر مكانًا استراتيجيا ومهمًا لأمنها القومي، ولأن اقتصادها يعتمد بشكل كبير على ما تدره قناة السويس من مدخول هذا من جهة، كما يأتي كرد في الوقت الحالي على انتشار وتحرك البحرية الإيرانية في البحر الأحمر بشكل ملاحظ خلال الفترة الماضية، كما يأتي نتيجة تخوف كلا من إسرائيل ومصر لاستخدام الميناء أساب في الفترة الحالية من قبل الإيرانيين لتهريب السلاح لحماس وحزب الله. رابعاً: إبرام اتفاقية CISMOA مع الجيش الأمريكي في مارس 2018: وذلك بعد سنوات من رفض الجيش المصري التوقيع على الاتفاقية. تنص الاتفاقية على أن يتم توليف أنظمة الاتصالات العسكرية بين القوات الأمريكية والدولة الموقعة، والسماح للقوات الأمريكية بالحصول على أقصى مساعدة مُمكنة من الدولة الموقعة من قواعد عسكرية ومطارات وموانئ وأيضا الاطلاع والتفتيش على المعدات العسكرية لضمان عدم قيام الدولة بنقل التكنولوجيا الأمريكية لطرف ثالث، في المقابل يتم الإفراج عن التكنولوجيات الأمريكية المحرمة لتحصل عليها الدولة المُوقعة كبعض الأنظمة الحسّاسة من اتصالات وملاحة وأسلحة مُتطورة. ثمن التبعية: صدق وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو على الإفراج عن مساعدات عسكرية لمصر بقيمة 1.2 مليارات دولار، وهي المرة الثانية التي تفرج فيها الإدارة الأمريكية عن مساعدات مجمدة للقاهرة خلال الشهور الماضية، كانت الأولى في يوليو 2018، عندما قررت واشنطن الإفراج عن 195 مليون دولار مساعدات عسكرية لمصر كانت قد قررت حجبها في شهر سبتمبر من العام الماضي. عقب القرار علقت الخارجية الأمريكية، بأن مصر اتخذت خطوات كرد فعل على بواعث قلق الولايات المتحدة. 3    صراع السيطرة على الإعلام يحتدم بين الرئاسة والمخابرات، يحتدم الصراع بين مؤسسة الرئاسة (ممثلة في مدير مكتب الرئيس السيسي، اللواء محسن عبدالنبي، مدير إدارة الشؤون المعنوية السابق في الجيش المصري) والمخابرات العامة (ممثلة في رئيسها اللواء عباس كامل) في سبيل السيطرة على الإعلام المصري والمسموع، ونشوب خلاف كبير بين رئيسي الجهازين جراء الصراع، وشحذ كل طرف لمؤيديه ضد الآخر، ما انعكس بالسلب على المشهد الإعلامي الذي يعاني أكبر عملية تفكيك في تاريخه، على إثر هذا الخلاف تردد قيام "عبدالنبي" باستبعاد رجل "كامل" في الرئاسة، المقدم أحمد شعبان، وانتقاله إلى جهاز المخابرات مع رئيسه الجديد، لاستكمال إدارة ملف الإعلام، ما أدى إلى وجود انقسام بين قطبين كبيرين من رجال السيسي، وقد طالب مدير مكتب السيسي بعودة ملف الإعلام إلى الرئاسة، وأن يترك جهاز المخابرات الملف، ويتفرغ لمهامه الأمنية الكبيرة، المتمثلة في ملفات الصراع في ليبيا، وملف المياه مع إثيوبيا، وملف الحدود مع السودان، وملف المصالحة مع الفلسطينيين، وملف الأزمة السورية، وغيرها من الملفات الأكثر أهمية، وحماية الدولة وتأمينها من الخارج، ومن القرائن الدالة على الصراع تأخر إطلاق قنوات مثل (DMC news)، والقناة الإخبارية العالمية التي ألمح لها السيسي قبل نحو عام، وإغلاق الكثير من القنوات وتشريد مئات الإعلاميين والفنيين والصحفيين[2]، ومن القرائن كذلك أن ترأس "عبدالنبي" في وقت سابق للشئون المعنوية يمنحه ثقة كبيرة بخبراته الإعلامية وقد أدار الجهاز الإعلامي للمؤسسة العسكرية، ويدفعه للمطالبة بحقه في الاستحواذ على الإعلام المدني ومنافسة عباس كامل على الإعلام، خاصة أن الثاني بات بعيداً عن مؤسسة الرئاسة ولديه من الملفات ما يشغله، ومن القرائن كذلك أن "عبدالنبي" يسعى حتماً لكسب ود السيسي وقد بات قريبا منه مع تكليفه بإدارة مكتب السيسي، ومنافسة عباس كامل هيمنته على السيسي، ولا شك أن السيسي يستفيد من تنافس الجنرالات في حبه وإظهار ولائهم له، ومع سيطرة العسكرة على معظم مفاصل الدولة يبدو حينها الحديث عن صراع عسكريين مرموقين على إدارة الإعلام والسيطرة عليه مقبولاً وشديد المنطقية. 3    السلطات المصرية تعتقل نجل الرئيس مرسي بعد حديثه عن صمود الرئيس المعزول إزاء انتهاكات الأجهزة الأمنية بحقه، في وقت لاحق أمر النائب العام بإخلاء سبيل عبدالله نجل الرئيس المصري المعزول محمد مرسي بكفالة في قضية اتهامه بالانضمام "لجماعة محظورة ونشر أخبار كاذبة[3]، اعتقال نجل الرئيس مرسي جاء رداً على حوار أجراه مع وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية، كشف فيه أن "والده في عزلة تامة داخل محبسه، وبلا أي رعاية صحية، وينام على الأرض"، وقد جاءت تصريحات "عبدالله" إثر سماح الأجهزة الأمنية بزيارة العائلة لأول مرة منذ أكثر من عامين، مُنعت فيها الزيارة تماماً عن الرئيس مرسي، بالمخالفة للوائح السجون المنظمة، والاتفاقيات الدولية الموقعة عليها مصر في مجال حقوق الإنسان، وكشف عبد الله للوكالة الإخبارية أن "والده يضرب أروع الأمثلة على الصمود في مواجهة انتقام نظام عبد الفتاح السيسي منه، ومن أسرته"، وأن والده "لا يعلم بمجريات الأمور في البلاد منذ اعتقاله، لأنهم يحاصرونه في السجن الانفرادي، ويعزلونه عن بقية السجناء، ولا يسمحون له بقراءة الصحف، أو يسمحون حتى بإدخال قلم وورقة ليكتب فيها أفكاره"، وأن "والده يعيش في حالة معنوية قوية، رغم العزلة التامة، ومعاناته من اعتلال الصحة، بسبب ظروف احتجازه القاسية، وحرمانه من العلاج أو رؤية أسرته، ليقدم بذلك القدوة والمثل لكل الشرفاء والثوار"، اعتقال نجل الرئيس مرسي كان نتيجة تعليقين لـ "عبدالله مرسي": الأول: أن الرئيس يتعرض لانتهاكات أمنية غير قانونية وغير إنسانية. الثاني: أن الرئيس صامد في محبسه رغم الضغوط التي يتعرض له. ويكشف ذلك…

تابع القراءة

ديفيد هيرست: حُكم الصبية … هكذا انتهى عهد ابن سلمان قبل أن يبدأ

 ديفيد هيرست: حُكم الصبية … هكذا انتهى عهد ابن سلمان قبل أن يبدأ   نشر الصحافي البريطاني المعروف، ديفيد هيرست، مقالًا مثيرًا حول عملية قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وتداعياتها الراهنة والمتوقعة. «عربي21» وقال هيرست، في مقاله الذي نشره في صحيفة ميدل إيست آي وترجمته «عربي21» «إذا كان موت خاشقجي ضربًا من الجنون، فلا بد أن رجلًا مجنونا تمامًا هو الذي أمر بقتله، إنه رجل لا يحكم سلوكه شيء من المنطق، ولا يخضع لشيء من القواعد أو القيود. إنه رجل يتصرف دون خوف من مساءلة أو محاسبة، إنه رجل لا يأمن أحد على نفسه منه». ورأى هيرست أن ما وصفه بـ «الإعصار المدمر» الذي أثاره مقتل خاشقجي قد غير «خط سيره خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية. فلم يعد يحُم فوق مضيق البوسفور في تركيا، ولم يعد مجرد شجار لفظي بين بلدين هناك في أقصى الأرض في الشرق الأوسط (المملكة العربية السعودية وتركيا)». وأضاف: «مع انسياب المعلومات قطرة قطرة طوال الليل حول الطريقة التي تم فيها القتل – بما في ذلك هوية ركاب الطائرتين الخاصتين، ومنشار الحديد الذي استخدم لتقطيع أوصال جسد خاشقجي، وما نشرته أنا من معلومات حصرية حول طريقة جره خارج مكتب القنصل العام، والآن التسجيلات الصوتية والمرئية المرعبة لعملية استجواب، ثم تعذيب، ثم قتل خاشقجي، والتي أطلع الأتراك حلفاءهم الغربيين عليها – تطور الأمر إلى أزمة ضخمة تلقي بثقلها على كاهل البيت الأبيض والولايات المتحدة». واعتبر هيرست أن «ما حصل عمل همجي، ربما لم يخطر ببال تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) » وبعد أن سخر هيرست من نفي الرياض مسؤوليتها عن الجريمة، وعجزها عن تقديم دليل مقنع «وصل إعصار جمال بر فرجينيا، وهو الآن في طريقه إلى البيت الأبيض». وأضاف: «بدأت العاصفة تمزق كل ما يعترضها من مسلمات على طول بنسلفينيا أفنيو (الشارع الذي يوجد فيه البيت الأبيض)، بما في ذلك القول إن ولي العهد محمد بن سلمان – والذي كان من بين حرسه الخاص بعض عناصر فرقة الاغتيال المكونة من 15 عنصرًا – كان «رجلنا»، ومنها القول: «لقد أوصلنا رجلنا إلى الذروة». حيث كان ذلك ما قاله ترامب لأصدقائه، بحسب ما ورد في الكتاب الذي ألفه وولف وصدر في وقت مبكر من هذا العام بعنوان (النار والغضب)». واعتبر هيرست أن كل ما راكمه ابن سلمان من مكانة في الولايات المتحدة عصفت به الرياح في ليلة واحدة، فلم تبق منه ولم تذر، مخلفة حطامًا في كل مكان. وأشار في هذا السياق إلى مواقف الصحافة العاصفة، وإلى انسحاب كثيرين من مبادرة الاستثمار من أجل المستقبل، وهي عبارة عن مؤتمر استثماري سيُعقد في الرياض أواخر هذا الشهر. كما أشار إلى مواقف أعضاء الكونغرس، حيث يجري الآن الإعداد لتحرك مشترك بين أعضاء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في مجلس الشيوخ؛ لفرض عقوبات على محمد بن سلمان بموجب قانون ماجنيتسكي (وهو التشريع الذي استخدم ضد المواطنين الروس المتورطين في جرائم خطيرة). ويتابع: «كما بدأت تتفكك تلك الشبكة المعقدة من جماعات الضغط الموالية للسعودية والإمارات في العاصمة الأمريكية، وهي شبكة تم إنشاؤها خصيصًا لتنظيم وإدارة دخول محمد بن سلمان إلى المسرح الدولي». ويشير هيرست إلى أن الرئيس رجب طيب أردوغان يستعد لاستقبال وفد عالي المستوى يترأسه الأمير خالد الفيصل، أمير مكة والمستشار الخاص للملك. ورأى أنه «تجري حاليا عملية تستهدف عزل الملك سلمان عن أي صلة بهذه الأحداث، وما التحقيق المشترك بين تركيا والحكومة التي ارتكبت هذه الجريمة الفظيعة إلا حكاية تورية ملائمة». ويقول هيرست: إنه «من خلال إطلاع حلفائها الغربيين الليلة الماضية على ما لديها من تسجيلات صوتية ومرئية للحظات المأساوية الأخيرة في حياة جمال خاشقجي، تكون تركيا قد ضمنت نتيجة التحقيق قبل حتى أن يبدأ. والسؤال الوحيد الذي يهيمن على عقول السعوديين الآن هو: كيف يمكنهم عزل الملك الولد عن التداعيات المحتملة لما جرى». ورأى هيرست أن سؤالًا واحد يهيمن على تفكير ترامب الآن، وهو: إذا كان محمد بن سلمان قادرًا على أن يأمر بارتكاب مثل هذا العمل الفظيع وهو في سن الـ33، وفقط بعد 16 شهرًا من تنصيبه وليًا للعهد، إذًا ما هو الفعل الأرعن والجنوني الذي سيكون قادرًا على الإتيان به عندما يصبح ملكًا للبلاد، والتي يعود الفضل في قوتها ونفوذها في الخليج، بل في المنطق بشكل عام، إلى الجيش الأمريكي؟ واعتبر هيرست أنه لا بد من تحقق ثلاثة أشياء حتى يصبح ولي العهد السعودي ملكًا. أما الأول والأهم فهو موافقة البيت الأبيض عليه. وأما الثاني فهو دعم العائلة المالكة له. ويأتي في المرتبة الثالثة وبدرجة أقل أهمية الرأي العام. أهم هذه الأشياء على الإطلاق هو موافقة البيت الأبيض. هذا هو الأمر الواقع. ولكن ترامب لن يتدخل في مجريات العملية محليًا فيما لو سحب موافقته على أن يصبح ولي العهد ملكًا. وينتهي هيرست إلى القول: «لم يعد أمام ترامب بعد الكشف عن محتويات التسجيلات الصوتية والمرئية سوى إجراء واحد ووحيد: لا يمكنه بعد الآن السماح لابن سلمان بأن يصعد إلى العرش.. هذا أقل ما يستحقه جمال خاشقجي والأعداد التي لا تحصى من الناس الذين قتلوا أو عذبوا أو سجنوا على أيدي زبانية النظام السعودي».

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022