مستقبل مجهول لانتخابات المحليات يفرضه الغضب الشعبي من الغلاء ومصالح اللواءات

مستقبل مجهول لانتخابات المحليات يفرضه  الغضب الشعبي من الغلاء ومصالح اللواءات   في الوقت الذي تتلهف فيه الأحزاب الموالية للنظام العسكري في مصر على إجراء انتخابات المحليات، تعكس التصريحات الصادرة من البرلمان ولجنة الإدارة المحلية تناقضا يكشف عن حالة من الغموض حول مستقبل هذه الانتخابات؛ هذه التصريحات تراوحت بين التأكيد على أن قانون هذه الانتخابات ينتظر الضوء الأخضر لإجرائها إما أواخر العام الجاري 2018 أو في النصف الأول من العام المقبل 2019، وأخرى تستبعد إقرار القانون خلال دورة الانعقاد الجاري وسط أنباء من مصادر مطلعة بالنظام تؤكد وجود صراع أجهزة  حول الإجراء والتأجيل  أو حتى استبعاد إجرائها في ظل ولاية السيسي الثانية لتباينات في وجهات النظر داخل مؤسسات وأجهزة النظام الأمنية والمخابراتية. ومنذ 10 سنوات لم يتم إجراء انتخابات محليات في مصر، والتي أجريت آخر مرة في 2008 في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، في ذلك العام شُكلت آخر مجالس محلية منتخبة في مصر، واستحوذ عليها آنذاك "الحزب الوطني" الحاكم (تم حله عقب ثورة 2011) بواقع 90 بالمئة، حصد 70 بالمئة منها بالتزكية. ومثل نسبة الـ 10 بالمئة الأخرى مستقلون وأحزاب سياسية، منها "الوفد" (ليبرالي)، و"التجمع" (يساري)، عبر تفاهمات مع الحزب الحاكم.  وفي 2011، صدر حكم قضائي بحل تلك المجالس، ومنذ ذلك الحين تعاني المحافظات حالة فراغ في ما يتعلق بالجوانب الرقابية وتنفيذ خطط التنمية. ورغم اعتراف الجنرال في إبريل 2016، خلال كلمته في منتدى تأهيل الشباب للقيادة، بأن "المحليات مليئة بالفساد"، موجهاً بسرعة إجراء الانتخابات المحلية قبل انتهاء العام 2016، وهو ما تجدد في مناسبات عدة خلال 2017 و2018، وكرره رئيس الحكومة السابق، شريف إسماعيل، ورئيس البرلمان بدوره، دون أن يخرج القانون إلى النور. وكان المتحدث باسم البرلمان، صلاح حسب الله، قد صرح بأن مصر ستجري أول انتخابات للمجالس المحلية منذ 10 سنوات خلال النصف الأول من العام 2019، زاعماً حرص البرلمان على إقرار قانون الإدارة المحلية خلال دور الانعقاد المنقضي، وسبقه في ذلك رئيس الوزراء بالقول أمام البرلمان، في مارس 2016، إن الانتخابات المحلية ستجرى في الربع الأول من العام 2017. ورغم  هذه الوعود المتكررة منذ 2016 من الحكومة ورئاسة الانقلاب بإجرائها، إلا أن التلكؤ والمماطلة يسيطران على توجهات نظام 30 يونيو العسكري، الذي يبدو أنه لا يرحب بانتخابات المحليات في ظل نصوص الدستور الحالي التي تمنح للمحليات صلاحيات واسعة وتتبنى فلسفة اللامركزية بينما رأس النظام يعتمد على المركزية المطلقة في كل شيء؛ وهو ما يفسر هذه المماطلة وذلك التلكؤ.   إلحاح الأحزاب الأحزاب[1] من جانبها تلح على ضرورة إجراء المحليات التي تأخرت كثيرا، مطالبين بسرعة صدور قانون الإدارة المحلية، وأعرب مسئولون كبار بأحزاب الوفد ومستقبل وطن والمؤتمر والتجمع عن دعمهم لهذه المطالب مبرهنين على صحة مطالبهم بالأسباب الآتية: أولا، أعضاء المجالس المحلية الشعبية حسب الصلاحيات التي أقرها لهم الدستور سيكون لهم دور كبير في مواجهة الفساد وتطوير المدن والقرى. ثانيا، الرقابة الشعبية على السلطة التنفيذية تساهم بشكل كبير في الحفاظ على الخدمات والمنشآت ومصالح المواطنين في المحافظات والمدن والقرى. ثالثا، الدولة في حاجة لجيل جديد من أعضاء المحليات يعرفون أهمية الصلاحيات الجديدة لأعضاء المجالس المحلية في الدستور وكيف يستخدمونها ويكونوا نظيفي اليد وعلى درجة كبيرة من الوعي والنشاط والحماس لإنجاز مهامهم. رابعا، الدستور أعطى لعضو المحليات صلاحيات كثيرة من ضمنها حقه في الاستجواب وطرح الثقة بالمسؤولين في المحافظة، وهو ما لم يكن متوافرا من قبل،وستجعل دور أعضاء المجالس المحلية فعالا ومؤثرا. إضافة إلى أن كثيرا من المشروعات في المحليات والخدمات متأخرة بسبب غياب المجالس الرقابية المحلية. خامسا، تأخر الانتخابات المحلية جعل أعضاء مجلس النواب يقومون بالدور الخدمي لأعضاء المجالس المحلية، وإجراء المحليات سيقلل الحمل عن النواب وسيجعلهم أكثر تركيزا على التشريع والرقابة. لكن حزب المصريين الأحرار[2]، كان له رأي مخالف، حيث رفض ما أسماه بالتعجل في إصدار القانون الذي يناقش حاليا في لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان، وقدم لتفسير موقفه عدة ملاحظات: أولها أن المواد الدستورية المتعلقة بالمحليات معيبة، وقانون الإدارة المحلية الذي جرى مناقشته في البرلمان مخالف للدستور وبه مشكلات كثيرة، داعيا مجلس النواب بالتروي وتعديل هذا القانون الذي وصفه بالباطل. ثانيها، أن التقسيم الإداري للدولة لم يصدر حتى الآن وهو الأمر الذي سيمثل أزمة في حال صدور قانون المحليات قبل إصداره، إذ كيف سنصدر قانون للمحليات على تقسيم إداري قديم لن يتوافق مع التقسيم المحلي الجديد الذي أشار إليه قانون الإدارة المحلية.  واشترط الحزب على من يترشح للمحليات بناء على الصلاحيات الواسعة الجديدة أن يحصل المترشح على دورة تدريبية يتعلم خلالها صلاحيات عضو المجالس المحلية المنتخبة. ولم تقف الأحزاب عند مستوى المطالبة بإصدار قانون الانتخابات، بل راحت خلال يوليو الجاري 2018 تعقد اجتماعات من أجل تشكيل تحالفات وترتيبات، فالوفد يبحث التحالف مع أحزاب أخرى لأن المحليات كبيرة على أي حزب بمفرده رافضا فكرة الدمج وأن الوفد أكبر من أن يندمج أو يدمج مع حزب آخر، بينما يؤكد "مستقبل وطن" قدرته على خوض المحليات بمفرده في ظل بدء الحزب افتتاح عدة مقار كبيرة بالمحافظات، بينما يترقب حزب الكرامة صدور القانون حتى يقرر موقفه، ويبحث التجمع التحالف والتنسيق مع أحزاب المؤتمر وحماة وطن[3].   الحلقة الضعيفة البرلمان من جانبه، وهو  أحد الحلقات الضعيفة في المنظومة الحاكمة يبدو واقعا في دائرة الغموض؛ لأنه كيان هش بلا شخصية  وغير مؤثر في صناعة القرار  ويترقب أن تأتيه الأوامر العليا من الأجهزة، يدلل على ذلك تصريحات علي عبدالعال، رئيس البرلمان في مايو الماضي 2018، والتي وعد فيها بتمرير قانون الإدارة المحلية قريبا، وإجراء انتخابات المحليات قبل نهاية العام الجاري 2018م[4]، وهو ما ثبت أنه غير صحيح. كذلك تصريحات أحمد السجينى، رئيس لجنة الإدارة المحلية في 16 يوليو الجاري، والذي يؤكد أن البرلمان انتهى من  مشروع قانون الإدارة المحلية منذ أكثر من عام ، موضحا أنه  يحتوي على 157 مادة، به شق سياسى يتمثل فى مشاركة الأحزاب والمواطنين فى الانتخابات المحلية، وشق مالى يتمثل فى أهمية الانتقال للامركزية المالية، وإعداد موازنات مستقلة على مستوى الوحدات المحلية وفقًا لنص الدستور، وهناك شق إدارى يتمثل فى الصلاحيات الواسعة الممنوحة لرؤساء الوحدات المحلية بدءًا من رئيس القرية وحتى المحافظ. واعتبر أنه من باب الرشد في الإدارة أن يصدر البرلمان القانون ومعه موافقه جميع القطاعات المعنية، معربًا عن أمله فى أن يرى القانون النور قريبًا[5]. وهي التصريحات التي تكشف أولا أن مشروع القانون جاهز منذ أكثر من سنة، وثانيا  أن رئيس اللجنة لا يعرف بالضبط متى يتم مناقشة مشروع القانون، وثالثا، تبرز مناشدته لجهات غير معلومة بضرورة إقرار مشروع القانون بموافقة هذه الجهات واعتبر ذلك من باب الرشد في الإدارة ما يعني أنه يرى حالة التلكؤ  الحالية غير رشيدة ولا عاقلة. لكن رئيس لجنة الإدارة المحلية…

تابع القراءة

أزمة “باب المندب” .. “مفتعلة” لتوريط مصر في حرب برية باليمن أم بركان حرب نفط قادمة؟

أزمة "باب المندب" .. "مفتعلة" لتوريط مصر في حرب برية باليمن أم بركان حرب نفط قادمة؟   تساؤلات عديدة طرحها الاعلان السعودي عن توقف مرور ناقلاتها النفطية عبر باب المندب، ومنها لقناة السويس، بسبب ما أُعلن عن استهداف الحوثيين اثنين منها، تدور حول "حقيقة وصحة الاعلان السعودي"، الذي قد يؤدي لحرق المنطقة بحرب نفطية عسكرية، لو تحقق أيضا تهديد إيران بغلق مضيق هرمز ايضا، أو عدم صحة ما اعلنته الرياض، واحتمالات ان يكون الامر محاولة لتوريط مصر في حرب برية باليمن. سبب هذه البلبلة هو تأكد الحوثيين أنهم استهدفوا بارجة حربية سعودية لا ناقلات نفط، وتأكيد المغرد السعودي الشهير "مجتهد" أن "السفينة التي ضربت قرب باب المندب كانت بارجة حربية سعودية لكن ابن سلمان تحاشى أن يعترف أن الحوثيين لديهم قدرة على تدمير سفنه الحربية فزعم أنها ناقلة نفط". فلو صح أن الاعلان السعودي عن سبب توقف الناقلات السعودية عن المرور من باب المندب ومن ثم قناة السويس، ومرورها عبر رأس الرجاء الصالح، لا يعني الاعتراف بالعجز الكامل عن حماية باب المندب بعد ثلاث سنوات من الحرب، ولكنه يعني ان هناك هدف سعودي أكبر هو استدراج مصر للمشاركة في الحرب البرية في اليمن التي رفضته وقبلت بالمشاركة الجوية والبحرية فقط، لأن هذا يضرب عوائد القناة في مقتل. ويزيد تحول خطوط الملاحة البحرية من الخليج العربي إلى أوروبا وأمريكا عبر رأس الرجاء الصالح بدلاً من قناة السويس يزيد المسافة بنسبة قد تصل الى 100%   أي 12 ألف ميل بحري، وبهذا تزيد مدة الابحار للسفن لفترة تصل الى 33 يوما. وظلت حماية باب المندب الذي يعد ممرا لقناة السويس مهمة شبه تاريخية للبحرية المصرية لضمان السيطرة على البحر الأحمر من باب المندب وحتى بورسعيد، ويشكل غلق المضيق عمليا في وجه الناقلات التي تمر بقناة السويس بسبب التهديدات الحوثية حرب اقتصادية على مصر، ما يستدعي تدخلها. أما لو صح الاعلان السعودي فسيكون باب المندب على موعد لتخليق حرب إقليمية تديرها القوى الكبرى تعمل على قلب أنظمة وتفتيت دول قائمة وتوليد كيانات جديدة صغيرة، ولن يكون وقودها هو الصراع الامريكي الايراني الصهيوني ولكن غالبية دول الخليج، خاصة بعدما أعلن الحوثيون ايضا استهداف مطار ابو ظبي. ففي توقيت واحد: هددت إيران بغلق مضيق هرمز وعدم السماح لناقلات نفط الخليج بالمرور منه لو تم منعها من تصدير نفطها بموجب العقوبات الامريكية، وأوقفت السعودية مرور ناقلتها في مضيق باب المندب بسبب ما قالت انه استهداف الحوثيين لاثنين منها، ما يعني توقف مرور نصف الناقلات عبر قناة السويس. وإذا نفذت إيران تهديداتها بإغلاق مضيق هرمز أمام صادرات النفط الخليجي؛ واستمر إطلاق صواريخ الحوثي على سفن النفط السعودية بالبحر الأحمر؛ وقامت دول الخليج بالمثل بمنع سفنها المحملة بالنفط من العبور عبر مضيق باب المندب واستبدلته بممر رأس الرجاء الصالح لكان ذلك أكبر تهديد لقناة السويس". هل تجر السعودية مصر لحرب برية باليمن؟ شهادة الخبير الاقتصادي، رئيس مجلس ادارة صحيفة الاهرام السابق، "أحمد السيد النجار" في هذا الصدد لا يمكن اغفالها في هذا الصدد خاصة أنه سبق أن دخل في مشادة مع السفير السعودي بالقاهرة أحمد القطان، انتهت بإلقاء كل منهما المياه على الآخر، ولديه بحكم منصبه معلومات من مصادر عدة (فيديو). "النجار" قال إن السعودية "تضغط على مصر لتوريطها أكثر في حربها المتعثرة في اليمن"، وتساءل منتقدا: "هل يجوز استخدام الضغوط الابتزازية بين الحلفاء؟"، قائلا: إنهم (السعوديون) "يتقنون الضغط والابتزاز" بحسب تعبيره. وشدد "النجار" في مقال نشره على موقعه علي فيس بوك على سؤال: "هل ضرب الحوثيون ناقلة نفط تابعة للمملكة مع إشارتها إلى أن الأضرار طفيفة أو لا تُذكر، أم تم ضرب بارجة حربية كما يؤكد الحوثيون؟ وحتى لو تم ضرب ناقلة نفط هل يستدعي ذلك إعلان مملكة عائلة سعود أنها ستوقف عبور ناقلاتها النفطية في البحر الأحمر وبالتالي في قناة السويس مما يمثل ضررا ماليا فادحا لإيرادات القناة خاصة لو سارت الدول الخليجية التابعة للملكة على نفس الدرب؟". ما اشار له النجار متصل بمحاولات سعودية قديمة لتوريط مصر في حرب اليمن تم التراجع عنها بعد حملات شعبية معارضة، وتخوف سلطة الانقلاب من تورطها في اوحال اليمن كما حدث للجيش المصري هناك في الستينات من القرن الماضي، وانتهي لهزيمة العسكر في حرب 67. فقد اقتصرت المشاركة المصرية على قوات جوية وبحرية، ولكن بيانات صدرت عام 2015 و2017 تشير لتمديد مصر مهمة جيشها في باب المندب 6 أشهر عدة مرات بقرار من "مجلس الدفاع الوطني" المصري، وجاء تأكيد اللواء سمير فرج، مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق، أن "إريتريا تؤمن القوات المصرية عند باب المندب" ليؤكد استمرار تواجد قوات مصرية هناك حتي الان والتي لا يعرف عددها ولا دورها. ففي اغسطس 2015 أعلن عن تمديد مشاركة ما سمي "العناصر اللازمة من القوات المسلحة المصرية، في مهمة قتالية خارج الحدود للدفاع عن الأمن القومي المصري والعربي"، في منطقة الخليج العربي والبحر الأحمر وباب المندب، وذلك لمدة 6 أشهر إضافية أو لحين انتهاء مهمتها القتالية أيهما أقرب. وفي يناير 2017 تم الاعلان عن تمديد فترة مشاركة نفس القوات، ولكن دون تحديد فترة العمل الجديدة للقوات المصرية في منطقة مضيق باب المندب. وأعلنت رئاسة الجمهورية مشاركة مصر رسميًا بقوات جوية وبحرية في الحرب ضد معاقل الحوثيين في اليمن 26 من مارس 2015، بدعوي الاستجابة لنداء الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، واستندت السلطات المصرية في مشاركتها إلى اتفاقية الدفاع العربي المشترك وميثاق جامعة الدول العربية. وزادت التكهنات، بشأن مشاركة قوات برية مصرية في عمليات التحالف ضد الحوثيين في اليمن، وهو الأمر الذي نفاه الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته لطلاب الكلية الحربية  عدة مرات. واقتصرت مشاركة مصر بعدد غير معلن من الطائرات المقاتلة، التي استهدفت معاقل ومخازن الأسلحة التي تستولى عليها ميلشيات الحوثي، إضافة إلى مشاركة قطع بحرية من الأسطول المصري لتأمين مضيق باب المندب ومنع وصول الأسلحة للحوثيين. خسائر قناة السويس تشير الاحصاءات الرسمية المصرية لأن إيقاف السعودية ناقلات النفط من المرور في باب المندب وبالتالي البحر الأحمر، قد يشكل ضربة قاصمة لإيرادات القناة والاقتصاد المصري، ما يتطلب تدخل مصر، وربما نجاح المحاولات السعودية لجر مصر للتدخل بريا في حرب اليمن. ويرصد "احمد السيد النجار" حجم الضرر الذي ستتعرض له قناة السويس في حالة توقف مرور الناقلات النفطية فيها، مؤكدا أن البيانات الرسمية تشير إلى أنه في العام المالي 2016/2017 مرت 4322 ناقلة نفط في قناة السويس تعادل 25,4% من إجمالي عدد السفن التي عبرت القناة. وفي الربع الأول من العام الحالي عبرت 1069 ناقلة نفط قناة السويس بما يوازي 25,6% من إجمالي السفن التي عبرت القناة في الربع الاول من عام 2018، و"بالتالي فإن إيقاف المملكة عبور ناقلاتها في البحر…

تابع القراءة

تهميش سنة العراق وسوريا .. ما بين الانتحابات والحرب على “الإرهاب”

 تهميش سنة العراق وسوريا .. ما بين الانتحابات والحرب على "الإرهاب"   سنة سوريا والعراق في خطر .. هذه هي الخلاصة التي يمكن أن يخرج بها غالبية المراقبين للمشهد في البلدين عقب انتخابات العراق الاخيرة، 12 مايو 2018 لاختيار برلمان جديد، والتي غاب فيها التأثير السني كالمعتاد منذ الغزو الامريكي للعراق، واجتياح قوات الاسد "النصيرية" المدعومة من قوات إيران الشيعية والروس لأخر معاقل المقاتلين السنة وأهمها، وهي مدينة "درعا" التي انطلق منها الربيع العربي السوري.   وكذلك بتصدّر تحالف "سائرون" بزعامة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر نتائج الانتخابات التشريعية العراقية، وحلول ائتلاف رئيس الوزراء حيدر العبادي ثالثا، بحسب نتائج نهائية رسمية أعلنتها مفوضية الانتخابات، استمر تهميش سنة العراق، وبدخول الجيش السوري إلى ريف درعا آخر معاقل المعارضة السنية، تطوى آخر صفحات الملحمة الدموية التي دامت 7 سنوات للمقاومة السنية في سوريا وسعيها لتسطير نظام جديد غير طائفي. سقوط درعا يعني ضمنا نهاية للثورة السورية، كقوة مستقلة، فكل المناطق التي لا تخضع للأسد، إما تخضع لسيطرة قوى أجنبية تدعم المعارضة أو تضم مقاتلين من غير العرب السنة، ولذلك هذه المعركة ستُختتم بنهاية الثورية السنية التي كادت أن تنتصر في 2013 لولا التدخلات الدولية لنصرة الاسد وشيعته. واستمرار تهميش سنة العراق وتراجع مقاعدهم في البرلمان والسلطة العراقية لصالح الشيعة والاكراد وباقي الطوائف، يسدل الستار إلى حقبة طويلة من انفراد السنة بالمناصب الكبرى في العراق، وتحولهم لقوة سياسية هامة. وصار السنة نتيجة سيطرة داعش على مدنهم وما تلاها من أزمات، غير قادرين على النظر إلى حقوقهم، فلم يعودوا متمكنين حتى من إبداء رأيهم في كثير من القضايا، ليس لأنّهم لا يريدون ذلك، بل لأن تشتتهم يمنعهم عنه. هدفان للغرب مراقبون كثر يرجعون تهميش سنة العراق وسوريا إلي عوامل داخلية تتعلق بالحرب على ما يسمي "الارهاب" وتصنيف قسم كبير من سنة العراق على انهم ارهابيون لمجرد أنهم سنة ويسكنون المناطق التي كان يسيطر عليها تنظيم الدولة السني (داعش). فتحت ذريعة هذه الحرب على الارهاب، سحقت الأقلية في سوريا الأكثرية السنية المسلمة وشردتها داخلياً وخارجياً ودمرت مناطقها، وكبار الطائفيين في سوريا يقولون الآن أنهم لن يقبلوا بالمسلمين السنة في مناطقهم. وتحت نفس الذريعة تم تصفية وقتل العديد من سنة العراق في المدن التي تم خروج داعش منها مثل الموصل وغيرها. بيد أنه بالنسبة للمخططين في الغرب هناك هدفان استراتيجيان بمنطقتنا العربية يبدو انهما يلعبان دورا حيويا في هذا التهميش هما: 1-  ضمان انقسام المسلمين، سواء عبر المتطرفين الشيعة والسنّة، لأن هذا يحقق مصالحهم بضرب الطرفين بعضهم البعض، وتؤدي إيران هذه المهمة بترويجها التطرف والتطرف المضاد، ويدعمها الميليشيات الشيعية التي ارتكبت جرائم في المدن العراقية والسورية التي تم اخلاء داعش منها، بدعاوي ان سكانها "دواعش". 2-  حماية إسرائيل، وهذه المهمة مسندة إلى نظام الأسد وداعميه من "تحالف الأقليات"، لهذا لم يكن مستغربا أن تدعم تل ابيب سيطرة الاسد علي مدن سورية وترحب بذلك وتقول إنه رجلها في سوريا. وضمن هذه التسويات الغربية يأتي لقاء ترامب وبوتين المرتقب، لتنسيق المواقف في سوريا، وضمنها جرت تسويات ايرانية امريكية في العراق وتحالف بين قوي الطرفين لإخراج داعش من المدن العراقية. دلائل تهميش سنة العراق كانت الانتخابات التي جرت في العراق يوم 12 مايو الماضي 2018، مؤشر جديد على تهميش السنة، فالانتخابات التي شارك فيها 86 ائتلافا وقائمة، وصوت فيها 44.5% من الناخبين، وهي أدنى نسبة مشاركة منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، انتهت بفوز ثلاثة تحالفات شيعية بالمراكز الاولي وحل تحالف "سائرون" الذي يجمع بين التيار الصدري والحزب الشيوعي وتكنوقراط مدنيين؛ في المرتبة الأولى بـ 54 مقعدا من أصل 329. وكانت اغلب الائتلافات المشاركة هي ائتلافات شيعية والقليل منها ضم اعداد من السنة والتيارات الأخرى، مثل ائتلاف "النصر" لرئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي، وائتلاف "الفتح": يرأسه هادي العامري زعيم منظمة بدر وأحد أبرز قادة قوات الحشد الشعبي الشيعية التي لعبت دورا رئيسيا في قمع سنة العراق، و"ائتلاف دولة القانون" برئاسة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وكلها تحالفات شيعية. بجانب تحالف "سائرون نحو الإصلاح" بين رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر والشيوعيين، والذي يجمع ست كتل أغلبيتها علمانية، بينها الحزب الشيوعي والعدالة، إضافة لحزب "الاستقامة"، وهو ممثل رئيسي للتيار الصدري الذي تمثله كتلة الأحرار (33 نائبا) في البرلمان الحالي. وخاضت الأحزاب السنية الانتخابات من خلال قوائم متعددة، أبرزها "ائتلاف الوطنية" بزعامة الشيعي إياد علاوي نائب رئيس الجمهورية الذي يقدم نفسه باعتباره علمانيا، ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري، وكالعادة كان السنة الخاسر الأكبر في الانتخابات الاخيرة بسبب سيطرة تنظيم الدولة على مناطقهم خلال الأعوام الماضية، واتهامهم بأنهم دواعش. وقد أعلنت المفوضية العليا للانتخابات العراقية نتائج الانتخابات البرلمانية، حيث حل "تحالف سائرون" الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر أولا بـ 54 مقعدا من أصل 329، وجاء "تحالف الفتح" الشيعي بزعامة هادي العامري ثانيا، و"ائتلاف النصر" بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي ثالثا. وعلى الرغم من مقاطعة المكون السني الكبيرة للانتخابات ولاسيما في بغداد، إضافة لاتهامات الـ "تلاعب والتزوير" التي رافقت العملية، إلا أنها أظهرت تقدما بأربعة مقاعد عن عدد مقاعدهم في الدورة السابقة، وفقا لإحصاءات رسمية. أيضا أظهرت النتائج حصول السنة على 71 مقعدا من أصل 329 في مختلف القوائم التي كانوا مرشحين عنها وهي: "النصر، الوطنية، القرار، تحالف بغداد، نينوى هويتنا، ائتلاف الجماهير، صلاح الدين هويتنا، ديالى التحدي، بيارق الخير، تمدن، وعابرون. وبالمقابل، حصدت القوائم الشيعية مجتمعة على 177 مقعد ضمنها مقعدين للحزب الشيوعي العراقي، وهي "سائرون، النصر، الفتح، دولة القانون، الحكمة، إرادة، كفاءات، الحزب المدني، رجال العراق. أما تحالف القوى الكردية، فقد حصل على 58 مقعدا توزعت بين الأحزاب التالية: "الديمقراطي، الوطني، الاتحاد الإسلامي، والجماعة الإسلامية، التغيير، الحراك الجديد، والتحالف من أجل الديمقراطية".  في حين حصل المكون التركماني على ثلاثة مقاعد في محافظة كركوك، إضافة لمقعد واحد في محافظة صلاح الدين رشح ضمن قائمة "الفتح" المدعومة من الحشد الشعبي بقيادة هادي العامري. وحصلت الأقليات على 9 مقاعد ضمن نظام الحصص، فنال المكون المسيحي خمسة مقاعد، وكل من المكونات التالية: الشبكي، والإيزيدي والصابئي، والفيلي على مقعد واحد. وعقب كل انتخابات تشريعية تدخل الكتل الفائزة في مفاوضات طويلة لتشكيل حكومة غالبية، وليس بعيدا أن تخسر الكتلة الأولى الفائزة في الانتخابات التشريعية قدرتها على تشكيل الحكومة بفعل تحالفات بين الكتل البرلمانية (الكتلة الأكبر تحتاج إلى 165 مقعدا من إجمالي مقاعد البرلمان البالغة 329). لكن يبدو أن المفاوضات الجديدة ستكون معقدة، وسط التوتر الراهن بين واشنطن وطهران بفعل الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي الإيراني. ولا يمكن للصدر أن يتولى رئاسة الوزراء لأنه لم يرشح نفسه في الانتخابات، لكن فوز كتلته يضعه في موقع يتيح له اختيار من سيتولى المنصب، والصدر خصم…

تابع القراءة

التوترات الأمريكية الإيرانية هل تقود إلي حرب؟

 التوترات الأمريكية الإيرانية هل تقود إلي حرب؟ زادت في الفترة الأخيرة حدة التصريحات المتبادلة ما بين مسئولين إيرانيين وخليجيين حول الأمن في الخليج، وذلك علي خلفية تهديدات إيرانية بمنع مرور حافلات النفط في الخليج أو في البحر الأحمر في حال قيام الولايات المتحدة بتوجيه ضربة عسكرية إلي إيران، ورد بعض المسئولين علي تلك التصريحات بزعم قيامهم بحماية الأمن في الخليج وفي البحر الأحمر، الأمر الذي يعني استمرار الأزمة ما بين إيران والولايات المتحدة من جهة ودول الخليج من جهة أخرى، وعجز دول الاتحاد الأوربي ومعهم الصين وروسيا عن إيجاد حلول حقيقية لتلك الأزمة في ظل تمسك ترامب بمواقفه الرافضة للتحاور مع الإيرانيين والتمسك بضرورة الوقف الكامل للبرنامج النووي دون قيد أو شرط. وكانت المستشارة الألمانية قد صرحت بأن الغرب لا يمكنه تعويض الأضرار التي يمكن أن تسببها العقوبات الأمريكية علي إيران، هذا في الوقت الذي تشترط فيه إيران بألا تتضرر جراء العقوبات الأمريكية الجديدة في حال رغبة المجتمع الدولي في استمرار تمسكها بالاتفاق النووي الموقع مع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما. وبالنظر إلي شكل وتطور الأزمة ما بين إيران من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى، نلحظ أن الطرف الإيراني يجيد التفاوض والمناورة، وهو بذلك لا يصل إلي درجة الصراع مع الغرب وإنما يظل يفاوض حتى يحصل علي أكبر قدر ممكن من المكاسب، وما وصل لما وصل إليه من الاتفاق السابق مع الرئيس الأمريكي أوباما إلا نتيجة لهذا الأمر، وذلك في وقت كانت تتصاعد فيه حدة الأحاديث الخاصة بقيام الكيان الصهيوني بتوجيه ضربة عسكرية إلي إيران، وفي هذا الوقت كانت الولايات المتحدة هي الحاجز أمام الحكومة الصهيونية، وذلك خوفاً من تاثير مثل تلك الضربة علي الأمن الإقليمي وعلي إمدادات النفط في منطقة الشرق الأوسط. وفي الحقيقة أنه رغم عدم امتلاك إيران أوراق لعب مثل تلك التي كانت تملكها في السابق عندما كانت القوات الأمريكية الموجودة في العراق مرمى النيران الإيرانية، وحرص الإدارات الإيرانية علي إشراك إيران في اللعبة السياسية في العراق للاستفادة من الوجود الشيعي، إلا أنها لا تزال تمثل رقم صعب تجاوزه في مستقبل المنطقة خاصة من قبل إدارة ترمب التي تحاول جنى العديد من المكاسب الاقتصادية دون أن تخسر شيء، وهي وإن كانت تضغط علي إيران فإنما تقوم بذلك أرضاءً لحلفاءه في الخليج، وذلك حتى يستمر في استنزاف قدراتهم المالية تحت مزاعم الأمن والحماية من التغول الإيراني في المنطقة. يضاف إلى ذلك ان الإدارة الأمريكية الحالية تحاول بقدر المستطاع تحجيم النفوذ الإيراني في منطقة الخليج، خاصة وأن إيران قد أصبحت قوة لا يمكن أن يستهان بها، ولها أذرع عسكرية في العديد من الدول المؤثرة في المنطقة خاصة في العراق وسورية واليمن وكذلك في لبنان، ولولا الحصار الأمريكي والضغوط التي تمارس ضدها في الوقت الحالي لنجحت في استكمال مشروع الهلال الشيعي التي تعمل على استكماله منذ فترة طويلة. لذلك فإن الاحتمال الأكبر الا يستمر الصراع بهذا الشكل بين الطرفين، خاصة وأن إيران تمثل البعبع الذي يستخدمه الأمريكان والغرب لتخويف الأنظمة الخليجية واستنزاف ثرواتها في نفس الوقت، فضلا عن أن وجود إيران يبقى على الانقسام الحادث في المنطقة، ويجعل احتمالات الحرب ما بين السنة والشيعة قائمة ومستمرة لأطول فترة ممكنة. في الواقع أن الخاسر الأكبر في ذلك الصراع إنما يتمثل في الدول العربية التي ستجد نفسها في نهاية المطاف واقعة بين المطرقة الإيرانية والسندان الأمريكي، وقد ينتهي المطاف بها إلي شبح التقسيم وسقوط الأنظمة الحالية التي لاتزال تعتمد في بقائها على الدعم الأمريكي للحفاظ على أمنها واستقرارها.  

تابع القراءة

المعارضة السورية والخداع الروسي لصالح النظام

 المعارضة السورية والخداع الروسي لصالح النظام كما هو متوقع نجح الروس في الوصول إلي ما كانوا يصبوا إليه منذ بدء الحملة العسكرية علي درعا، حيث اضطرت قوات المعارضة في النهاية إلي القبول بالاتفاق الروسي الذي يقضي بتسليم المعبر الحدودي مع الأردن إلي قوات النظام، وتسليم الأسلحة الثقيلة للمعارضة مقابل انتشار الشرطة العسكرية في مدن وبلدات درعا وانسحاب النظام من البلدات التى دخلها عنوة، إلا أن ذلك الاتفاق لم يطبق منه حتى الآن سوى الأجزاء الخاصة بالمعارضة أما ما يتعلق بالنظام أو روسيا فيتم التملص منه لتجد المعارضة نفسها محاصرة في نهاية المطاف داخل المناطق المتواجدة بها. ويعكس ذلك عدة أمور في غاية الخطورة يأتي في مقدمها ما يلي: –        تخلي المجتمع الدولي وعلي رأسه الولايات المتحدة عن مناطق النفوذ المحدودة التى لا تزال تسيطر عليها المعارضة السورية المعتدلة، وتركهم فريسه لضربات الروس والنظام اللذين يتبعان سياسة الأرض المحروقة في التعامل مع المعارضة، وهو أمر مثير للدهشة والتساؤل، إذ يعني ذلك أن هناك توافق أمريكي وغربي علي ترك سورية للروس وهو ما قد يؤثر علي مصالحهم في المستقبل، إلا إذا كان الاتفاق علي تقسيم سورية إلي قسمين فقط، الأول يسيطر عليه الروس ويقيم عليه قواعده وهو الأرجح، والثاني تسيطر عليه الولايات المتحدة بالتعاون مع الأكراد، وهو ما يعني في الغالب أن الدور المستقبلي سيكون علي إدلب أخر معاقل المعارضة السورية والجزء الأخير المتبقي للثورة السورية. –        رغبة المجتمع الدولي في القضاء التام على الثورة السورية وتوجيه رسائل حاسمة للشعوب العربية بأن هذا سيكون مصير كل من يحاول الخروج علي الأنظمة الحالية الموالية للغرب، ما يعني أن الغرب يمهد السبيل للسيطرة علي المنطقة والشعوب العربية لأجيال قادمة والحكم من خلال تلك الأنظمة التى تدين له بالولاء، وتستمد شرعيتها من قوة الغرب ودعمه لها. –        أن العقبة الوحيدة الآن التى لا تزال تعرقل مخططات التقسيم الصهيو أمريكية بالتعاون مع الروس إنما تتمثل في الوجود الإيراني وممانعة النظام الإيراني الذي يسعى بكل قوة من أجل البقاء فوق الأراضي السورية، لأن الخروج منها يعني خسارة كل التضحيات التى قدمتها إيران من أجل بقاء النظام السوري، وتيقنها من أن الخروج من سورية كذلك يعني تقوقعها في الداخل الإيراني ووقوعها فريسة الحصار الاقتصادي المفروض عليها من قبل الولايات المتحدة، وانهيار مشروعها في المنطقة لصالح الكيان الصهيوني. –        يعتبر الكيان الصهيوني هو المستفيد الأكبر من تلك الترتيبات، حيث باتت حدوده الشمالية مؤمنة من قبل الروس وليس فقط النظام السوري الذي كان يزعم الممانعة في السابق، وذلك بالتزامن مع ضمانات أمريكية بعدم وجود أي شكل إيراني في منطقة الجوار مع سورية. –        قد يتم ترك إدلب تحت الوصاية التركية مع حصارها حصارا كبيرا وجعلها حمل على النظام التركي، حتى يضطر في النهاية للتخلي عنها بمفرده دون تدخل من الروس أو حتى قوات النظام السوري، وذلك بسبب عدم وجود دعم مالي أو معنوي للأعداد الكبيرة من السوريين الموجودين في إدلب والمهجرين من أغلب أراضيهم في المدن والبلدات السورية الأخرى، لنصبح أمام نموذج مشابه لنموذج قطاع غزة في فلسطين. ويعكس النموذج السوري في الواقع صورة مصغرة لما قد يحدث في اليمن أو حتى في ليبيا وكأننا نعود إلى عصور الانتداب من جديد ولكن في وجود أنظمة عميلة تدين بالولاء للغرب بأكثر مما تدين لشعوبها وأوطانها، وهو ما يرجح لاستمرار سيناريو التقسيم الذي ترعاه الولايات المتحدة، ومن ثم الانتهاء من صفقة القرن التى تمثل نهاية السيناريو في المنطقة العربية.

تابع القراءة

المشهد السياسي من 6 يوليو إلى 13 يوليو 2018م

 المشهد السياسي أولاً: المشهد الداخلي 3    أزمة مستشفى 57375 تكشف عن تغلغل شبكات الفساد والمحسوبية وتنازعها داخل النظام والدولة العميقة، النائب العام يستدعي رئيس المجلس الأعلى للإعلام مكرم محمد أحمد بعد قراراه بحظر النشر في موضوع المستشفى الأطفال، إثر مجموعة مقالات نشرها الكاتب وحيد حامد يتهم فيها مدير المستشفى بالفساد وإهدار أموال التبرعات، ومن قبله مقال الكاتب أسامة داوود الذي نشر تحقيقا عن المستشفى ومخالفاته المالية، وأعقب قرار "مكرم" قرار النائب العام بإحالته للتحقيق أمام نيابة أمن الدولة، لأن ما فعله يعد تطاولا على سلطات النائب العام، وفي تقرير على عربي بوست، ذكر أن وحيد حامد لا يمكنه القيام بما فعله من نفسه، خاصة وأن مدير المستشفى الذي لاقى هجوما لم يكن من السهل الهجوم عليه، لذا فما قام به حامد كان بناء على تعليمات من المخابرات، لأن المستشفى أصبحت تجمع أموالا كبيرة ليس عليها رقيب، وأن الهدف إما لتمهيد الطريق أمام السيسي للسيطرة على موارد هذه المؤسسات، وأن يتم فيما بعد إلحاق التبرعات بصندوق تحيا مصر، أو أن الهدف ليس تصفية المستشفى وإنما لأن الكبار لا يريدون تدفق الأموال بعيدا عن أعينهم. 3    استمرار توالي التقارير الموثقة التي تفضح انتهاك حرمة الانسان وحقوقه في مصر ومخالفة كل المعايير الدينية والأخلاقية: صدرت تقارير لأربع منظمات حقوقية مصرية عن شهر يونيو، هي الشبكة العربية لحقوق الإنسان، والتنسيقية المصرية للحقوق والحريات، والمرصد العربي لحرية الإعلام، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، فتم رصد 28 انتهاكًا ضد الصحفيين، بالتزامن مع الذكرى الخامسة ل30 يونيو، وأشارت التقارير إلى أن الانتهاكات الخاصة بأساتذة الجامعات أخذت أشكالًا تختلف عن الأعوام السابقة، وباتت أبرز الجرائم هي: الحرمان الطبي والذي يصل في بعض الأحيان إلى حد القتل، والحبس الانفرادي ومنع الزيارات ومنع دخول الأدوية الخاصة، وذكر تقرير المفوضية المصرية للحقوق والحريات أن الفترة من شهر يونيو 2017 وحتي يونيو 2018 شهدت (86) حالة تعذيب في مقرات للأمن الوطني وأقسام شرطة ومديريات أمن وبعض من السجون الرسمية، بعضٌ منها أدَّى إلى الوفاة، وأوردت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في تقريرها عن مؤشر الاحتجاج، أنَّ شهر يونيو شهد 38 احتجاجًا في يونيو، منهم 20 احتجاجًا عماليًا، و18 احتجاجًا اجتماعيًا، واحتجاجات عديدة يقوم بها تحالف دعم الشرعية في عدد من المحافظات. 3    استمرار تحالف دعم الشرعية في الدعوة للاحتجاجات الأسبوعية، كان التحالف قد دعا لأسبوع مظاهرات تحت شعار "حصاناتكم لن تنقذكم"، وشهدت منطقة فيصل مسيرة منددة بالنظام وبغلاء الأسعار وتردي الأحوال، وفي المسيرة التي شهدتها منطقة أوسيم، كانت هناك مطالبات بعودة المسار الديمقراطي، رافعين بجوار علم مصر صور الرئيس محمد مرسى، وتكرر الأمر في ههيا بالشرقية. 3    الجماعة ترفض أي دعوات لمصالحة النظام من تحت الطاولة، أكد طلعت فهمي – المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين، أن الجماعة لن تجري أي مباحثات من تحت الطاولة، أو محاولة التصالح مع الحكومة المصرية، ونفى صحة أي أخبار تتحدث عن هذا الأمر. 3    نشطاء يدشنون هاشتاج بعنوان امتي مصر هتتقدم على تويتر، للتنديد بسوء الأحوال في مختلف المجالات منذ الانقلاب على الرئيس الشرعي الدكتور محمد مرسي. 3    هجوم متزامن تقوم به النخبة العلمانية والانتهازيين على الاخوان، انتشرت دعوات لنخبة السياسية (وبخاصة شخصيات بارزة مثل حازم حسنى وحسن نافعة وجمال سلطان) بضرورة قيام جماعة الإخوان بمراجعة أفكارها، والاعتراف بأخطائها، والاعتذار للشعب المصري، بل وبضرورة حلها، وهذه الدعوات تثير بعض التساؤلات الحائرة: تم توجيه الانتقادات لجماعة الإخوان المسلمين لعدم تقبل الحوار مع المعارضة قبل 30 يونيو، فلماذا لم تحرص المعارضة على الحوار مع الجماعة بعد الثلاثين من يونيو؟ في ظل استمرار تدهور الاوضاع في مصر بشكل أسوا بكثير مما كان عليه قبلها، خاصة وأن الجماعة ليست في وضع من يرفض يد المصالحة والتقارب مع المعارضة، ولماذا لا تحرص المعارضة الأن أيضاً على الحوار مع الجماعة؟ من المستغرب أن تأتى دعوات التصالح مع الإخوان من جانب النظام (مثل الدعوة التي قام بها كمال الهلباوى وعماد الدين أديب) في مقابل أن ترفض قوى المعارضة العلمانية والليبرالية التصالح مع الإخوان بل تطالب بحلها. هناك إصرار على أن الإخوان هي التي كانت تسيطر على الرئيس محمد مرسى، من أجل إظهاره بالرئيس الضعيف، والتأكيد على أن قرار الإتيان بالسيسي وزيراً للدفاع كان قراراً من جانب الإخوان، ومن أجل إحكام السيطرة على هذه المؤسسة، وليس للمجلس العسكري دخل في اختيار السيسي، ما ينفى وجود مخطط انقلابي من البداية على مرسى. مطالبة الإخوان بالتنازل عن شرعية الرئيس مرسى، منّ مِنْ الإخوان سوف يتنازل عن الشرعية، والقيادات في السجون والمعتقلات. يمكن القول: أن قوى المعارضة المدنية والعلمانية ليست قوية بل ضعيفة وليست معارضة فاعلة في الشارع بل مشاكسات ساذجة من بعض المعارضة لتفتيت صفها ومنعها من التقارب مع الاخوان في مواجهة النظام، فحينها يمكن أن تتغير الكفة. 3    الدكتور حازم حسني يشارك في الحملة ضد الاخوان ويغازل المؤسسة العسكرية، يتزامن تأكيد الدكتور حازم حسنى على خصوصية المؤسسة العسكرية مع القانون الذى يعطى مزيد من الحصانات والمميزات المالية لقادة الجيش، فهل يبرر حسنى هذه الامتيازات بدفاعه عن خصوصية المؤسسة العسكرية؟، "شرعنة الحكم العسكري"، فقد أكد حازم حسنى على ضرورة حصول الرئيس على ثقة المؤسسة العسكرية من أجل الاستمرار في الحكم، وهذا يرسخ توغل المؤسسة العسكرية في الحكم، كما أنه يرسخ لفكرة أن المؤسسة العسكرية مستقلة بذاتها وهى مؤسسة حاكمة وليست خاضعة لرئيس الجمهورية بل العكس هو الصحيح. كما أن ذلك يطرح أسئلة من قبيل ما هي المقاييس التي ينبغي أن تكون لدى الرئيس المنتخب لكي يحظى بالثقة من قبل المؤسسة العسكرية، خاصة وأن المؤسسة العسكرية ترفض أن يكون الرئيس مدنى؟، ماذا لو أتفق الرئيس والجيش على استخدام السلاح ضد المعارضة، هل يكون بذلك للرئيس شرعية لأنه حصل على ثقة الجيش، أم أننا في هذه الحالة يجب علينا مواجهته؟، والحقيقة أنه من الخطأ الاعتقاد بإمكانية حدوث حرب أهلية في 30 يونيو كما يدعي السيسي والمعارضة الديكورية، فقد تم تصوير استدعاء الجيش للتدخل في الحكم بوجود حالة حرب أهلية، وهو تصوير غير صحيح، فالإخوان لم تسعى إلى الاشتباك مع المتظاهرين في 30 يونيو، كما أنه في ظل الانقلاب وما مارسه من قتل ضد الإخوان لم ترد عليه الإخوان بالمثل، وبالتالي فالجيش هو من قام بالترويج لإمكانية حدوث حرب أهلية من أجل إيجاد مبرر للانقلاب، خاصة وأن الجيش كان يسعى إلى الاستيلاء على الحكم بعد الثورة، وهو ما تمثل في انتقال الحكم بعد الإطاحة بمبارك للمجلس العسكري، والرغبة في وضع وثيقة السلمى والمبادئ فوق الدستورية. 3    نظام ضعيف وأجهزة أمنية قوية، أستاذ العلوم السياسية حسن نافعة في حوار له مع عربي 21 قال: أن النظام لن يكون قادرا على الصمود في وجه غضب عارم تظهر مقدماته الآن، حتى برغم…

تابع القراءة

المشهد عين علي الأحداث

 المشهد عين على الأحداث الجمعة 29 يونيو   محويات التقرير: > المصادر > المشهد العام > مراكز أبحاث > مؤسسات وهيئات > تقارير مميزة     م جرائد ومواقع نخب وكُتاب مصر اليوم السابع – الوطن – الأهرام – الحرية والعدالة – الوفد – الفجر – صوت الامة – فيتو – البورصة – شبكة رصد – مصر العربية – نافذة مصر – بوابة الشروق – الموقف المصري – المنصة – المركز المصري للدراسات يسري فودة – خالد علي – أنس حسن – عبد الرحمن يوسف – سامح أبو عرايس – محمد إلهامي – حازم حسني – أسامة جاويش – محمد شوقي – محمد عباس – وائل قنديل   السعودية الرياض – عكاظ – سبق – الجزيرة السعودية –العربية جمال خاشقجي   منال القصيم الإمارات الاتحاد – البيان – الامارات اليوم – الخليج السياسي – مركز الخليج أنور قرقاش الكويت وعمان القبس – وكالة أنباء الكويت – جريدة عمان   قطر الجزيرة – العربي الجديد – عربي21 – الراية – ساسة بوست – مركز الجزيرة   اليمن اليمن الآن – سبأ   تركيا ترك برس – الاناضول – تركيا بوست سعيد الحاج – محمد عثماني الشام والعراق أخبار سوريا الآن – حرية – وكالة أنباء الأردن – الديار – كورد استريت – الزمان – شهاب – عرب48 – إسرائيل بالعربية عزام التميمي – عبد الله معروف – ياسر أبو هلالة   أفريقيا مغرس – الخبر محمد مختار الشنقيطي – وائل علي – الفاتح علي حسنين روسيا شبكة RT – وكالة أخبار روسيا – وكالة أنباء روسيا   أمريكا CNN   بريطانيا BBC – القدس العربي – إيلاف   المشهد العام المصادر             بمتابعة 85 مصدر اخباري واعلامي -نجدها رئيسية في تحديد المشهد الاعلامي- نجد أن التركيز الصحفي العالمي اليوم على ما يلي: 1.      أخيرا وبعد مداولات كثيرة وشد وجذب اتفقت دول الاتحاد الأوربي على قانون تنظيم المهاجرين، واتفق ممثلو الاتحاد الأوربي المجتمعون في بروكسل على إمكانية انشاء مراكز للمهاجرين على الأراضي الأوربة يمكن الاشراف عليها وأن ذلك سيكون تحت اطار العمل التطوعي للدول، مع إمكانية انشاء منصات وصول للمهاجرين خارج أراضي دول الاتحاد بموافقة الأمم المتحدة. 2.      مع استمرار التكهنات المختلفة خلال الأيام الماضية؛ اليوم تم إقرار موعد لقاء ترامب مع بوتن، وكانت وكلات أمريكية وروسية نقلت أن لقاء الزعيمين سيكون في 16 يوليو القادم في العاصمة الفنلندية هلسنكي وقد نقلت عدة تقارير عن مشاعر إيجابية لدى الطرفين منها ما نشر على لسان بوتن من اعجابه بسياسات ترامب الاقتصادية، وهو الأمر التي تخشى منه الدول التي تعمل على عزل بوتن مثل بريطانيا وأوكرانيا، وقد نشرت الخارجية الأمريكية توقع ترامب حلول السلام في مناطق مختلفة بعد لقاءه بوتن، وتعتبر هلسنكي مدينة تاريخية للقاء أمريكيا بروسيا. 3.      كذلك في قمة بروكسل بين قادة الاتحاد الأوربي يقررون مد أمد العقوبات الاقتصادية على روسيا 6 أشهر أخرى، مما يعني استمرار العقوبات على قطاعات البنوك والأموال والطاقة الروسية. 4.      لقي 5 صحفيين أمريكيين مصرعهم إثر إطلاق النار عليهم من بندقية صيد في مقر عملهم في الصحيفة، وكانت الصحيفة قد تلقت العديد من التهديدات بأعمال العنف خلال الفترة الماضية.   وقد جاءت أهم أخبر الدول كما يلي: مصر: قام السيسي بتثبيت مدير مكتبه اللواء عباس كامل لإدارة ملف المخابرات العامة بعد أن كان قائما عليه لتسيير أعماله بدلا من خالد فوزي الذي أقاله السيسي، وعباس يعمل مديرا لمكتب السيسي منذ أن كان مديرا للمخابرات العسكرية وانتقل معه إلى وزارة الدفاع ثم الرئاسة، ويؤكد محللين أن عباس كامل هو الرجل الأقوى الأن في مصر وأن ثقة السيسي فيه كبيرة، كما أن السيسي قد تخلص من صراع الأجهزة وضمن الآن ولاء المخابرات العامة والحربية له إلى غير ذلك من الدلالات،      السعودية: انشغل الرأي العام السعودي بالزيادة المفاجئة والكبيرة في أسعار فواتير الكهرباء، والتي بلغت في بعض الأحيان بنسبة 500% وقد نشر العديد من المواطنين قصصهم مع اعتراضهم على رؤية 2030 التي يببتنها ولي العهد محمد بن سلمان وذلك عبر وسم فاتورة الكهرباء الذي تصدر قائمة التفاعل داخل المملكة، بينما جاء رد وزارة الكهرباء أن الزيادة في الأسعار جاءت بناءا على زيادة استخدام المواطنين للتكييف خلال هذا الشهر.   اليمن: أعلنت ماليزيا سحب قواتها من التحالف العربي المشارك في حرب اليمن، وأعلن وزير الدفاع الماليزي أن جميع الجنود الماليزيين على الأراضي السعودية سيتم سحبهم وأن بلاده تبحث عن علاقات جيدة مع الجميع سوآءا السعودية أو قطر وان قوات بلاده لم تشارك في أيٍ من الهجمات على اليمن. ليبيا: أعلن حفتر في خطاب تلفزيوني سيطرة قواته بالكامل على مدينة درنة الساحلية، وهي المدينة الهامة جدا كونها في الطريق لبنغازي وأيضا موقعها على الساحل الشرقي للبلاد، وكانت المدينة قد تعاقبت جماعات مسلحة على السيطرة على المدينة منذ 2011.   فلسطين: مازالت الأخبار تتوالى حول جديد صفقة القرن وإلى أين وصلت، وللأسبوع الرابع عشر تستمر مسيرات العودة في جمعتها اليوم بعنوان من غزة إلى الضفة حيث خرجت المسيرات من جميع المدن الفلسطينية في مسيرات شعبية سلمية يؤكد منظموها أنهم يقاومون صفقة القرن، وعلى جانب آخر فقد نشرت صحف إسرائيلية عن تفاصيل لقاء مخابرتي عربي مع المخابرات الصهيونية في الأردن وضم اللقاء ممثلي مخابرات كل من مصر والسعودية وفلسطين والأردن، ونقلت مصادر أن كوشنر هو من دعا لهذا اللقاء للضغط على السلطة الفلسطينية لقبول صفقة القرن الذي مازالت المصادر تؤكد رفض عباس لها، وكانت الجزيرة قد عرضت تقرير مفصل للحديث حول هذا اللقاء السري.   تركيا: أكد متحدث الرئاسة التركي أن تركيا لن تستجيب للتهديدات الأمريكية وأنها مقبلة على إتمام صفقة شراء منظومة الدفاع الروسي AS400  وأن تركيا أيضا تنوي نقل تكنلوجيا تصنيع هذه المنظومة لداخل البلاد للتمكن من انتاجها، وقد هددت واشنطن بإلغاء صفقة طائرات F35 مع تركيا مع تطلب من أنقرة التعهد تحجيم استخداماها للمنظومة. وفي الاقتصاد نشرت وكالة الأناضول انفوجراف بعنوان كيف تستعد تركيا لتكون ضمن العشر اقتصاديات الأقوى عالميا                         مراكز أبحاث       -مراكز أبحاث   1.      نشر موقع الموقف المصري تقرير ينتقد فيه قرار الحكومة المصرية بحجب موقع الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان حيث أسسه وكيل نقابة الصحفيين السابق خالد البشلي ثم تفاجأ بعد 9 ساعات فقط من عمله بحجبه داخل مصر لينضم إلى 500 موقع آخر محجوبين دون سند قانوني، وكانت آلاف الزيارات قد تعاقبت على الموقع مع انطلاقه والذي اعتبره البعض انفراجه جديدة لم تكتمل للصحافة في مصر.     2.     نشر موقع المنصة تقرير بعنوان…

تابع القراءة

الجمهورية الثانية الاسلامية تزيح جمهورية اتاتورك العلمانية… دلالات فوز أردوغان

 الجمهورية الثانية الاسلامية تزيح جمهورية  اتاتورك العلمانية… دلالات فوز أردوغان في الانتخابات التركية   "التغيير التدريجي" هو النهج الذي اتبعه اردوغان وحزبه في تركيا منذ دخولهم الساحة السياسية في 22 يونيو 2001، بحزب "العدالة والتنمية" الذي تشكل من النواب المنشقين على حزب "الفضيلة" بزعامة نجم الدين أربكان ووصولهم الحكم لأول مرة في تركيا عام 2002، وحتى فوزه بالرئاسة وتدشينه الجمهورية الثانية بعد جمهورية أتاتورك. اتبع أردوغان وزملاءوه في الحزب تكتيك التدرج في مواجهة العلمانية التي تحرسها دولة عميقة هي الجمهورية التركية الاولي اسسها كمال اتاتورك عقب توليه الرئاسة عام 1927، بعدما أدرك عقب سجنه وهو رئيس بلدية اسطنبول عام 1999 من قبل المدعي العام، بسبب شعر قاله (المآذن حرابنا والمساجد قلاعنا، وقبب المساجد خوذات جنودنا"، أن مواجهة رموز دولة اتاتورك هو الطريق للجمهورية الثانية التي تعيد تركيا لجذورها الاسلامية. بدأ بحل مشاكل الناس وهو رئيس بلدية، من خلال إدارته الذكية للبلدية، وتحقيق نجاحات في مجالات الماء والكهرباء والتلوث والنفايات التي كانت أكوام، فحولها إلى كهرباء ونقود بإنتاج غاز الميثان والكهرباء منها، وانتقل لحل مشاكل تركيا كدولة عجوز برفع كفاءة الاقتصاد وتحسين أحوال الشعب لضمان قاعدة شعبية تقف بجواره ضد رموز الدولة العميقة (الجيش – القضاء – الادارات التعليمية – ألخ). وحين وصل حزبه لأوج قوته بدأ في تفكيك رموز الدولة العلمانية التي اسسها اتاتورك دون أن تُرفع صور أتاتورك أو يقال انه ليس مؤسس تركيا، فبدأها بمعركة التعليم والمحجبات، ثم بمعركة القضاء، ثم الجيش، ليتحقق له ما أراد عقب انقلاب يوليه 2016، بنزول الشعب لمنع الانقلاب واعتقال العسكريين الانقلابيين، ما فتح الطريق أمام أردوغان ليحقق المعادلة الاصعب وهي منع الانقلابات في تركيا إلى غير رجعة. معركة الجمهورية الثانية وجاءت فكرة تحويل تركيا لجمهورية رئاسية بدل البرلمانية واعطاء الرئيس سلطات واسعة عبر تغيير الدستور في استفتاء شعبي فاز به حزب أردوغان، لتحقق ما تبقي من أركان جمهورية أردوغان الثانية وتجعله يتمتع بشعبية تفوق كمال اتاتورك، حيث تضمنت تعديلات تسمح له بإقالة قضاة الدولة العميقة والتحكم في تعيينات الجيش وامتيازات أخرى ما كانت تتحقق قبل سياسة التدرج في التغيير التي اتبعها أردوغان بحنكة وخبرة عالية ليدشن بذلك الجمهورية الثانية على أنقاض جمهورية اتاتورك. وبموجب النظام الرئاسي الجديد، سيتولى اردوغان صلاحيات تنفيذية وقيادة الجيش، وسيكون هو صاحب القرار باستخدام القوات المسلحة التركية عند الضرورة. ويعرض الرئيس القوانين المتعلقة بتغيير الدستور على استفتاء شعبي في حال رآها ضرورية، كما يحق له إصدار مراسيم في مواضيع تتعلق بالسلطة التنفيذية. وسيتمكَّن الرئيس والبرلمان معاً من اختيار أربعة أعضاء في المجلس الأعلى للقضاة والمدعين، المجلس القضائي المهم الذي يعين ويقيل شخصيات في النظام القضائي. وتعتمد فكرة اردوغان ومخططيه الاستراتيجيين خاصة داوود اوغلو وزير الخارجية السابق على أن تقوم هذه الجمهورية الثانية على إعادة عظمة الدولة العثمانية من جديد، ليس بمعني بعث السياسات التوسعية للدولة العثمانية، ولا العودة للماضي الغابر، وإنما التصالح مع ذاتها الحضارية الإسلامية والاعتزاز بماضيها العثماني متعدد الثقافات والأعراق، واستبطان حس العظمة والكبرياء العثماني والاستمرار في الانفتاح على الغرب، مع إقامة علاقات متينة مع الشرق الإسلامي الذي تنتمي إليه. ويرى أنصار هذا التيار العثماني ومنهم أحمد داود أن السبب في تراجع تركيا خلال الحقبة الماضية يعود إلى سياسة (القطيعة) مع ماضي تركيا العثمانية وعمقها الاستراتيجي عن حاضر الجمهورية الكمالية ومحيطها الإقليمي، والتي عمقت أيضًا الانقسام بين العلمانية والإسلامية، وغلبت الأمن على الحرية، وأحدثت أزمة هوية في أوساط النخب التركية، لهذا يتوقع انهاء هذه القطيعة. نظرية العمق الاستراتيجي ويلخص "داوود أوغلو" في كتابه بعنوان: "عمق الاستراتيجية" الذي أعيد طبعه أكثر من 17 مرة منذ صدور طبعته الأولى سنة 2001، اسس هذه العودة للتراث العثماني والانخراط التركي في شئون العالم العربي والاسلامي، بعبارات مثل: (المكانة الدولية لتركيا)، وإخراج تركيا من بلد “طرف”، أو “هامش” يقتصر دورها في كونها عضوًا في محاور وعداوات، إلى بلد “مركز” على مقربة واحدة من الجميع، وفي الوقت نفسه إلى بلد ذي دور فاعل ومبادر في كل القضايا الإقليمية والدولية. وهذا العمق الاستراتيجي كما يتصوره أوغلو ينطوي على أبعاد حضارية، وثقافية، وتاريخية، وجغرافية، ودينية، تشكل في مجملها فرصة كي تقوم تركيا بدور فعال ليس فقط في النظام الإقليمي العربي المحيط بها، وإنما في النظام العالمي أيضًا. دلالات فوز أردوغان وحزبه دخل الرئيس التركي انتخابات الرئاسة والبرلمان المبكرة قبل انتهاء فترته الرئاسية بعام ونصف، مغامرا، ولكنها كانت مُقامرة محسوبة بعِناية لأنه عول على هذا التراكم في تجربته مع الشعب التركي الذي وقف معه لإفشال الانقلاب العسكري عام 2016، ولكنه كان ينظر إلى الظروف المحيطة داخليا وخارجيا ويراها مناسبة لهذا التحول إلى الجمهورية الثانية. فالمعارضة التركية ظلت ضعيفة على مدار سنوات انتخابه هو وحزبه والشعب يختاره بعدما حول حياته إلى الازدهار ورفع تركيا لمصاف الدول الكبرى، وهذه فرصة لإجراء الانتخابات، أيضا العالم يموج باضطرابات وتحولات تجعل القوي الكبرى مشغولة بمعاركها الداخلية والخارجية. وتحقق له ما أراد وخرج الرئيس رجب طيب أردوغان من الانتخابات الرئاسيّة والتشريعية أكثر قُوة وصلابة، وفرض نفسه كزعيم وقائِد لم تَحظ البلاد بمثله مُنذ انتهاء عصر السَّلاطين العُثمانيين، وبشعبية تفوق التي حظَى بِها كمال أتاتورك مُؤسس تركيا الحديثة. بل أن المعجبين بأردوغان يساوون بينه وبين كمال أتاتورك، الأب الروحي لتركيا ومؤسس دولتها الحديثة لأنه في نظرهم قد فاق إرث أتاتورك العلماني بأسلوبه الإسلامي الجديد المتدين وعداوته الشديدة لطبقة النخبة الحاكمة القديمة المتمتعة بالأفضلية. ويرون أنه نجح من الجولة الاولي هو وحزبه رغم توحد المعارضة وتصويت العلمانيين الاتراك ضده لصالح احزاب المعارضة خشية التحول الجديد وإعادة تركيا لجذروها الاسلامية رسميا، حاصدا 53.6% من الأصوات، بينما لم يَحصُل مُنافِسوه السبعة على منصب الرئاسة إلا على 46%، واعترف كبيرهم "اينجه" بخسارته. وجاء انتصار حزب “العدالة والتنمية” الذي يتزعمه الرئيس أردوغان في الانتخابات التشريعية وحُصول ائتلافه مع حزب الحركة الشعبية، على 53% من المقاعد في البَرلمان ليعطي له أغلبية مريحة في البرلمان تنفذ التعديلات المطلوبة وتَطبيق سياساته الداخلية والخارجية دون أي عقبات، وبصلاحيات مُطلقة. ومع هذا فيجب النظر لحصول المرشح العلماني المعارض "محرم اينجه" على قرابة 30% من الاصوات، على أنه مؤشر لمعارضة ثلث الشعب لجمهورية اردوغان الثانية وتخوف البعض من أن تؤدي الصلاحيات الكبيرة التي يعطيها له الدستور كرئيس الي تحوله لديكتاتور. ويمكن تلخيص دلالات فوز اردوغان على النحو التالي: فوز أردوغان مرة أخري، وبدء تفعيل تغيير النظام التركي من برلماني إلى رئاسي، سيدفعه وحزبه للصعود بقوة أكبر والسيطرة على مفاصل الدولة التركية والاستناد إلى شرعية جماهيرية أكبر للشروع في تنفيذ مشروع حزبه "العثمانية الجديدة" الذي يعد رئيس الوزراء الاسبق "أحمد داوود أغلو" هو مهندسه، ويستند على افكار تتعلق بتعميق التعاون مع العالم العربي والاسلامي. خلاصة تجربة أردوغان طوال السنوات الماضية أكدت أن التمترس…

تابع القراءة

أموال التبرعات.. بزنس للمتاجرة بآلام الفقراء بمشاركة السلطة

 أموال التبرعات.. بزنس للمتاجرة بآلام الفقراء بمشاركة السلطة   تبلع "تورتة" النشاط الخيري في مصر عشرات المليارات سنويا، الأمر الذي يفسر الصراع الشرس بين المؤسسات "الخيرية" الكبرى للفوز بأكبر نصيب من هذه التورتة الضخمة، حيث تتنافس "5" مؤسسات كبرى  من بين "48300" جمعية خيرية في مصر للحصول على  تبرعات تصل إلى المليارات سنويا[1]، تغيب عن ادارتها  الشفافية والرقابة، فتضيع هذه الأموال الضخمة؛ ولا تصل أموال الزكاة والصدقات إلى الفقراء والمحتاجي. هذه المؤسسات الخمسة تستحوذ على "80%" من حجم أموال التبرعات السنوية، وهو ما يثير قدرا كبيرا من الشكوك التي وصلت حد الاتهامات للنشاط الخيري في مصر؛ وتتصدر هذه الجمعيات الخمسة، جمعية "الأورمان" – أنشئت عام 1993، ويرأسها اللواء ممدوح شعبان، صاحب التصريحات المثيرة للجدل الخاصة بعدم وجود فقير واحد في مصر -، ثم جمعية "رسالة" – أنشئت عام 1999 – وتتبرع بين الحين والآخر لصندوق "تحيا مصر" آخرها الـ5 ملايين جنيه لحملة علاج فيروس سي، تليها مستشفى (75357) – أنشئت عام 2007 – ثم "بنك الطعام" الذي أُنشئ عام 2006، وآخرها جمعية "مصر الخير" الذي يرأس مجلس أمنائها الدكتور علي جمعة المفتي الأسبق، وأحد أبرز المقربين من نظام 30 يونيو العسكري والتي أنشئت في 2007م[2]. العامل المشترك بين كل هذه المؤسسات الخمسة التي تستحوذ على مجمل النشاط الخيري يتمثل في علاقاتها الوثيقة بالنظام العسكري والفوز برضا القائمين عليه.   حجم أموال التبرعات ليس هناك حصر دقيق لحجم أموال التبرعات سنويا، لكن وفقا لدراسة أعدها مركز دعم المعلومات واتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء بحكومة العسكر، فإن حجم الأموال التي تنفق في أعمال الخير في رمضان، تبلغ نحو ‏4.5‏ مليار جنيه، تنفق على ‏15.8‏ مليون أسرة مصرية يشكلون ‏86‏% من إجمالي عدد الأسر، من بينهم ‏1.8‏ مليار جنيه تُمثّل أموال الزكاة، نحو ‏200‏ مليون جنيه على موائد الرحمن، بينما يبلغ إجمالي حجم التبرعات والصدقات نحو ‏2.5‏ مليار جنيه سنويًّا، بمتوسط ‏272‏ جنيهًا لكل أسرة سنويًّا[3]‏. لكن تصريحات مصطفى زمزم، رئيس مجلس أمناء مؤسسة "صناع الحياة" في مايو الماضي 2018، وهي ليست من المؤسسات الخمس الكبرى، تكشف أن الرقم أكبر من ذلك بكثير؛ حيث كشفت أن حجم التبرعات التي تلقتها المؤسسة في العشر الأوائل من رمضان الماضي بلغت "مليار جنيه" موضحا أن إجمالي التبرعات كانت تصل في السنوات السابقة إلى 5 مليارات جنيه وتوقع وقتها أن تصل حجم التبرعات إلى 7 مليارات جنيه مع نهاية شهر رمضان[4]. دليل آخر على الحجم الهائل لأموال التبرعات يفوق تقدير الدراسة الحكومية بكثير، ما صرحت به غادة والي، وزير التضامن الاجتماعي بحكومة العسكر فى كلمتها خلال جلسة "منظمات المجتمع المدني والتنمية المستدامة"، ضمن فعاليات اليوم الرابع لمنتدى شباب العالم- نوفمبر 2017م، حيث كشفت أن هناك 30 ألف جمعية أهلية نشطة في مصر من أصل 48 ألف جمعية. وأضافت أن أكبر 12 جمعية أهلية في مصر تنفق 10 مليارات جنيه سنويًا[5]. وحسبما قالت دراسة أعدها «مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامى» فإن أموال الزكاة فى مصر بلغت عام 2011 نحو 39 مليار جنيه، وصل منها نحو 15 مليارًا إلى المؤسسات الرسمية، وتوزع الأموال المتبقية على المؤسسات الأخرى، منها بنك الطعام، ومستشفى سرطان الأطفال، وجمعية مصر الخير، وغيرها، وانتقدت الدراسة عدم وجود طفرة في مواجهة الفقر ورعاية الفقراء والمحرومين  تتواكب ما تتلقاه الجمعيات الخيرية من تبرعات وما تنفقه تلك المؤسسات، سواء فى الإعلانات التي تقوم بها أو من خلال بيانات، أو تقارير توضح أين تذهب تلك الأموال، وذلك بعد أن تحول كثير من المؤسسات الخيرية إلى متسول يجمع أموال الشعب دون اكتفاء، وإنفاقها على إعلانات تليفزيونية كثيفة، دون وجود جهة رقابية تشرف على تلك الأموال[6]. لكن تقديرات أخرى تؤكد أن حجم  النشاط الخيري حاليا يصل إلى 55 مليار جنيه، من أصل 655 مليارا على مستوى العالم[7].   تحفظات وانتقادات هناك مجموعة من التحفظات والانتقادات تتعلق بطريقة إدارة العمل الخيري في مصر، وسط مخاوف من تحولها من عمل خيري يستهدف الفقراء والمحتاجين  إلى بزنس ضخم يستهدف منه المقربون من النظام زيادة أرصدتهم في البنوك متاجرين بفقر  الغالبية الساحقة من الشعب وأوجاع وآلام المرضى من جهة أخرى خصوصا في تلك المؤسسات القريبة من النظام والتي يديرها موالون للسلطة سواء كانوا لواءات أو مشايخ سلطان. ومن هذه التحفظات: أولا: غياب الشفافية والرقابة، فحجم التبرعات  تعتبره إدارات هذه المؤسسات سرا عسكريا لا يجوز إفشاؤه، فلا يعلم أحد بالضبط حجم التبرعات التي تتلقاها  كل مؤسسة سنويا؛ وفي دراسة أجرتها مؤسسة "شركاء من أجل الشفافية" للكشف عن أوجه إنفاق التبرعات التي تحصل عليها الجمعيات الخيرية، من باب حق المتبرعين في معرفة أين تذهب أموالهم، كشفت أنه لا توجد جمعية تقوم بنشر حساباتها وموازناتها على موقعها الإلكتروني سوى "بنك الطعام المصري"[8].  أما بقية الجمعيات الأخرى فرفضت الإفصاح عن حجم التبرعات التي تحصل عليها بزعم أنه لا توجد إحصائية بذلك كونها أمورًا سرية لا يجوز لأحد الاضطلاع عليها، وغالبا لا يعلم بحجم التبرعات سوى أمين صندوق المؤسسة لأن الإدارة ترى أنها أرقام خاصة وسرية للغاية، والجمعيات لا تعلن سوى عن الخدمات التي تقدمها للمحتاجين. ثانيا: المبالغة في مرتبات العاملين عليها،.. فمعلوم أن أوجه الزكاة والصدقات تنفق  على 8 أبوب، هي الفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم  وفي الرقاب والغارمين وابن السبيل وفي سبيل الله، لكن هذه المؤسسات خصوصا الكبرى منها تبالغ في مكافأة العاملين بها خصوصا مجالس الإدارة بمرتبات  خيالية؛ الأمر الذي فسره محمود وحيد، رئيس مجلس إدارة مؤسسة "معانا لإنقاذ إنسان" بأن الجمعيات الكبرى لو قدمت كشف حساب حقيقي فلن يتبرع لها أحد؛ لأن المتبرعين سيصدمون من الرواتب الكبيرة التي تخصصها تلك المؤسسات لمجالس إدارتها والعاملين بها، مقدرا حجم هذه المرتبات ب50% من حجم التبرعات!. وتشير الأرقام إلى أن بند الأجور في مؤسسة "57357" بلغ عام 2015 نحو 210 ملايين جنيه، منها 192 مليونًا للعاملين في المستشفى، و18 مليونًا للعاملين في مؤسسة 57، فيما بلغ الإنفاق على العلاج نحو 160 مليون جنيه فقط، بنسبة أقل 20% من الأجور، من قيمة تبرعات بلغت مليار جنيه في هذا العام. ثالثا: سيطرة القبيلة أو العائلة والمحاسيب، وهو ما  كشف عنه كاتب سيناريست شهير في هجومه على مستشفى "57357" حيث يؤكد أن «إدارة هذا المستشفى تهيمن عليها عائلة واحدة هى عائلة الدكتور شريف أبو النجا الذى يقبض بيده على جميع السلطات، ويشغل عدة مناصب فهو المدير العام وعضو مجلس إدارة المجموعة، وعضو مجلس الأمناء وأيضاً أصدقاء المبادرة القومية ومناصب أخرى.. ثم الأستاذ محمود التهامي الذى يشغل منصب المدير التنفيذي للمؤسسة وهو زوج أخت الدكتور شريف أبو النجا، وهو أيضاً عضو مجلس الأمناء وعضو مجلس إدارة المجموعة وأيضاً جمعية المبادرة القومية للسرطان وهو أيضاً الأمين العام.. أما الدكتورة منال زمزم فقد…

تابع القراءة

نخبة معادية للشريعة والاخوان في مجلس الأمن القومي الأمريكي

 نخبة معادية للشريعة والاخوان في  مجلس الأمن القومي الأمريكي اتبع ترامب خلال حملته الانتخابية خطابا عنصريا وكان منها ما وجهه ضد المسلمين، فلا وجود في خطابه لحضارة إسلامية وشعوب مسلمة، ويتعامل مع الأمر من منطلق استعلائي، ووجود شخصيات تؤيده في وجهات نظره داخل الفريق الرئاسي، يعني استمرار السياسة الأمريكية المعادية للإسلام في عهده، ومحاولة تغيير مسماها ولصقها بالإرهاب لتبرير ما سيتم اتخاذه من سياسات، ظهرت البدايات في قرار ترامب بحظر دخول اللاجئين السوريين للولايات المتحدة حتى إشعار آخر، وإيقاف إصدار تأشيرات دخول للولايات المتحدة لرعايا ست دول لمدة ثلاثة أشهر، هذه الدول ذات أغلبية مسلمة. في ضوء هذه الأفكار، نشرت مجلة "ذي أتلاتنك" مقالا[1] حول شخصية جديدة تم تعيينها في فريق جون بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي، وهي فريد فليتز، الذي يأتي من خلفية مناهضة للإسلام والمسلمين، ويشير المقال إلى احتماليات تأثر جماعة الإخوان المسلمين بهذه التوجهات، وما إذا كان من الممكن اعتبارها كمنظمة إرهابية. يؤكد المقال أن تشكيل مجلس الامن القومي الامريكي صار يضم رموز مثل جون بولتون من مركز السياسة الأمنية، والذي تم تجاهله بشكل كبير من قبل المحافظين في واشنطن، ولكنه يستعيد مكانته في عهد ترامب. وقد اختار مستشار الأمن القومي جون بولتون فريد فليتز -الذي عمل طوال السنوات الخمس الماضية كنائب أول للرئيس في مركز السياسة الأمنية- ليكون السكرتير التنفيذي ورئيس الأركان في مجلس الأمن القومي. الذي يجعل هذا الخيار غير عادي هو أن مركز السياسة الأمنية ظل لأكثر من عقد من الزمان يرى أن المسلمين الأمريكيين الذين يلتزمون بالشريعة الإسلامية، لا يستحقون الحماية الخاصة بالتعديل الأول. "النخب الأمريكية لا تزال تتعامل مع الشريعة كنظام ديني فقط"، كما أعلن تقرير المركز لعام 2010، "في الواقع، هو بمثابة برنامج سياسي استبدادي مثلما كان في الشيوعية، والفاشية، والاشتراكية الوطنية، أو الإمبريالية اليابانية". المسلمون الأميركيون الذين يرونهم المركز "ملتزمون بالشريعة"، يجب أن تتم معاملتهم على نحو أقل من اليهود الذين يلتزمون بالقانون اليهودي أو الكاثوليكيين الذين ينتمون إلى قانون الكنسي. وكما قال رئيس المركز "فرانك جافني" لموظفي الكونجرس في عام 2010: "الشريعة تتعلق بالسلطة، وليس بالإيمان… بعيدًا عن الحق في حماية دستورنا وفقًا لمبدأ حرية الدين، فهو في الواقع تحريض على الدستور الذي نحن ملزمون بالاحتكام إليه وليس حمايته". قدم المركز هذه الذرائع والاتهامات ضد الاسلام والشريعة الاسلامية في تقرير عام 2015 الذي وضع له عنوان "استراتيجية ضمان الحرية: خطة للنصر على حركة الجهاد العالمي". كان فليتز أحد المؤلفين المشاركين الستة عشر. دعى التقرير لإلغاء جنسية المسلمين الأمريكيين الذين يتبعون الشريعة الإسلامية، ويدعو التقرير الحكومة لأن "تستخدم الدعوة للالتزام بالشريعة كمقدمات قانونية للترحيل والتجريد من المواطنة الأمريكية". وأضاف التقرير أنه "يجب سحب جنسية الأمريكيين المتجنسين الذين يسعون إلى نشر المعايير المتوافقة مع الشريعة في المجتمع المدني، لأنهم انتهكوا بذلك قسم التجنس والولاء للدفاع عن دستور الولايات المتحدة". لم يتوقف التقرير عند هذا الحد، فأشار إلى أن "أكثر من 80% من المساجد الأمريكية قد ثبت أنها متوافقة مع الشريعة، كما يتضح في مثل هذه الخصائص المرئية مثل اللباس واللحية والفصل بين الذكور والإناث، محتوى الوعظ والخطب والمواد المطبوعة، إنهم حاضنون للتخريب، والعنف وينبغي معاملتهم وفقا لذلك. ولفهم ما ذكره التقرير، فإن الإشارة إلى رقم 80% تأتي بهدف منع السكان من بناء المساجد، ويرى التقرير أن هذه المساجد جزءاً من مؤامرة تقودها جماعة الإخوان المسلمون، التي تسيطر أيضاً سراً على بعض أكبر المنظمات الإسلامية في أميركا، بما في ذلك مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية، وجمعية أمريكا الشمالية، والصندوق الإسلامي في أمريكا الشمالية. لذا يقترح التقرير تشريعًا جديدًا يحظر تعاملات الإخوان والتي تعادي النظام القانوني الأمريكي. وإن لم يكن ذلك ممكنًا، فعلى الحكومة إلغاء إعفاءاتها الضريبية، وأن تكون محفوظة لتلك المؤسسات التي لا تشجع الشريعة بأي شكل من الأشكال. كما يحث التقرير على أن تقوم المؤسسات الأكاديمية الأمريكية بتثبيط أي محاولة للحوار بين الأديان، وغيرها من البرامج التي تهدف إلى تعزيز التسامح بين المسلمين وغير المسلمين، لأن هذا يدعم الشريعة. في وقت قريب، تسبب هذه الآراء في نبذ مركز السياسة الأمنية و"جافني"، ففي 2011 اتخذ اتحاد المحافظين الأمريكي قرار بحظر غير رسمي لـ"جافني" بعد اتهامه للناشط المناهض للضرائب جروفر نوركويست بـ "دعم جهود التخفي لإدخال الشريعة" إلى الولايات المتحدة. وفي 2013، خسر جافني عموده الطويل في صحيفة واشنطن تايمز. وفي 2015، لاحظت صحيفة "ديلي بيست" أن جافني تم تجنبه من قبل الجميع في الدوائر الفكرية المحافظة. لكن هناك فرق كبير حدث، يتمثل في ظهور وزير الخارجية مايك بومبيو، الذي كان عضوا في الكونجرس، في برنامج جافني الإذاعي 24 مرة على الأقل، وأصبح مستشار الأمن القومي جون بولتون متحدثا متكررا في المناسبات التي يرعاها المركز، والذي كان له الفضل في إعادة جافني إلى مؤتمر العمل السياسي المحافظ (CPAC) في 2016. هل يمكن للتوصيات الواردة في التقرير الذي شارك في تأليفه فليتز أن تصبح سياسة حكومية لإدراة ترامب؟ من المحتمل أن تكون الخطوة الأولى هي اعتبار جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، وهو أمر حث عليه مركز السياسة الأمنية لسنوات عديدة، والذي أيده كل من بومبيو وجيف سيسيسيون أثناء وجودهما في الكونجرس. إذا حدث ذلك ، يمكن لوزارة العدل المتحمسة أن تستهدف المنظمات الإسلامية الأمريكية، وحتى المساجد، من خلال الادعاء بأن لها علاقات مع الإخوان المسلمين. كان هناك أمراً تنفيذياً في إدارة بوش يسمح للحكومة بإغلاق منظمة دون إشعار وعلى أساس أدلة سرية وبدون أي مراجعة قضائية، إذا كان المسؤولون يشكون في كونها مرتبطة بجماعة إرهابية. تم الاستشهاد بإحدى الشركات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة في مشروع قانون مجلس الشيوخ لعام 2015. وينتهي التقرير بالقول أنه لا شيء من هذا مرجح في المناخ السياسي الحالي، لكن الأمريكيين لم يروا بعد كيف سيواجه الرئيس ترامب، مسترشداً بهؤلاء المستشارين المعادين للشريعة والاخوان في حالة حدوث هجوم إرهابي كبير على الأراضي الأمريكية. هناك توازٍ بين تصوير تقرير مركز السياسة الأمنية للمسلمين الأمريكيين كإرهابيين وتصوير ترامب الخاص لأمريكا اللاتينية كمغتصبين ومجرمين وأعضاء عصابات. بعد ثمانية عشر شهراً من رئاسة ترامب، يعاني المهاجرون اللاتينيون من عواقب هذا الخطاب. اختيار فريد فليتز يجعل من الأرجح أن المسلمين الأمريكيين في نفس الوضع يوما ما. الخلاصة: ليس من المستبعد أن تصبح هناك استراتيجية معلنة من الإدارة الأمريكية تخص التعامل مع المسلمين، سواء في الداخل الأمريكي، أو في الخارج، وسيساعد في هذا بالطبع السياسيون والفريق الرئاسي الذي يتبنى توجهات عدائية ضد المسلمين. فقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز في إبريل الماضي تقريرا ذكر أن مايك بومبيو وزير الخارجية له سجل طويل معادي للمسلمين والجماعات الدينية، فعندما كان عضوا بالكونجرس عقب تفجيري ماراثون بوسطن 2013، شن هجوما حادا على قادة العالم الإسلامي، واتهمهم بالتواطؤ…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022