تقرير سياسي عن أحداث الأسبوع

 على الصعيد الدولي تشتعل الخلافات بين تركيا ودول الاتحاد الأوربي بسبب منع عدد كبير من هذه الدول تنظيم فعاليات مؤيدة للتعديلات الدستورية المرتقبة والتي تتيح صلاحيات أكبر للرئيس، ووصل الأمر إلى صدور بيان من الاتحاد الأوربي يدين تركيا بشدة بسبب مواقفها من هولندا والدول التي منعت تنظيم هذه الفعاليات بينما أعلنت تركيا من جانبها أن هذا البيان لا قيمة له عندها وهددت بفتح الحدود أمام المهاجرين الراغبين في الوصول لأوربا في حالة تجميد إنضمام تركيا للإتحاد الأوربي. وفي سياق الحديث عن الإتحاد الأوربي ، صادق البرلمان البريطاني على قانون يسمح للحكومة بالشروع في (البريكست) ، وهي الموافقة التي ستفتح الطريق لإنهاء عملية الخروج من الإتحاد الأوربي قبل نهاية مارس الجاري ، وفي الوقت ذاته صرّحت رئيسة وزراء أسكتلندا عن نيتها طلب إستفتاء للإستقلال عن إنجلترا في نهاية عام 2018 أو بداية عام 2019 ، وذلك بسبب قرار الخروج من الإتحاد الأوربي، الأمر الذي يستدعي إنتباه المراقبين حول مدى تأثير الإنسحاب البريطاني الفعلي في قوة الإتحاد الأوربي وتأثيره على المستوى الإقليمي والعالمي. وترددت مؤخرا أنباء أكدتها وكالة رويترز حول تأجير مصر قاعدة سيدي براني العسكرية غرب البلاد للقوات الروسية بغرض إستخدامها لمساعدة قوات حفتر في ليبيا ، الأمر الذي تم نفيه من قبل الجانبين المصري والروسي على حد سواء. على صعيد آخر ، تصاعد الحديث الإعلامي مجددا عن قضية سد النهضة ، حيث طلب المكتب الفرنسي المتخصص – والموكل بإصدار تقرير محاي حول مشروع سد النهضة ومدى تأثيره على دول المصب- من الجانب الأثيوبي إتاحة قدر أكبر من المعلومات حول سد النهضة وتصوير أماكن معينة عن طريق الأقمار الصناعية حتى يتمكن من أداء عمله مؤكدا أن المعلومات التي وصلته من الجانب الأثيوبي غير كافية ، ومن جانبه إلتقى السيسي بوفد من الصحفيين الأفارقة المشاركين في ورشة العمل التي تنظمها الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في القاهرة مؤكدا لهم حرص مصر على المصالح الأفريقية ودفاع مصر عن الآمال الأفريقية في المحافل الدولية خاصة بصفتها عضو في مجلس الأمن ومعبرا عن آماله في أن يكون نهر النيل مصدر تعاون بين دول الحوض جميعا وألا تحرم دول المنبع من النهضة وكذلك ألا يحرم المصريون من الحياة ، وفي السياق ذاته ، إختتمت اللجنة المصغرة المشكلة من المجلس الوزاري لدول حوض النيل أعمالها بالخرطوم بمشاركة وزير الري المصري حيث دارت نقاشات مطولة إنتهت إلى إستمرار الخلاف حول إتفاقية عنتيبي ، ومن المقرر أن ترفع نتائج هذا الإجتماع إلى المجلس الوزاري في إنعقاده القادم بأوعندا . وعلى الصعيد المحلي أصدر السيسي قائمة العفو الرئاسي الثانية والتي تضمنت الإفراج عن 203 معتقلا على ذمة قضايا تظاهر وتجمهر، ويشكك البعض في نوايا القيادة السياسية التصالحية بحجة أن القائمة تضمنت أسماء معتقلين كانوا على وشك إنهاء فترة العقوبة الخاصة بهم ، إضافة إلى قلة عدد المعفو عنهم نسبة إلى آلاف المعتقلين في السجون. وربما الأمر المثير للتعجب أن يتزامن إصدار قائمة العفو الرئاسي مع وقوع حوادث تصفية جسدية جديدة لعدد من الشباب المعارضين للنظام ، وهو الأمر الذي يمنع المراقب من التفكير في كون قوائم العفو السياسي مؤشر على مبادرات تصالحية من قبل النظام ، حيث شهد هذا الأسبوع تصفية جسدية لثمانية من الشباب ،الأمر الذي دفع جماعة الإخوان المسلمين إلى إصدار بيان شديد اللهجة تطالب فيه بقصاص مجتمعي وشعبي من قتلة هؤلاء الشباب ،وهو الأمر الذي يتنافى مع إمكانية حدوث تهدئة أو مصالحة إجتماعية في الفترات المقبلة ، ولكن جدير بالذكر أن أحداث التصفية سبقت بأيام إعلان السيسي عن قائمة العفو الرئاسي ولعل ذلك يعكس دلالت اخرى. وقد تم تأجيل طرح مشروع قانون السلطة القضائية في البرلمان بسبب معارضة مجلس القضاء الأعلي للقانون الذي يستهدف عدد معين من القضاة ومنعهم من الوصول إلي قمة الهرم القضائي في محكمة النقض ومجلس الدولة. وهذا يعني تأجيل مواجهة بين النظام والقضاة غير الموالين بشكل كامل بعد. ومن جهة أخري ما تزال أزمة حزب المصريين الأحرار تتفاعل وتتصاعد بين جناح ساويرس وجناح علاء عابد وعصام خليل المدعوم من بعض الأجهزة الأمنية.

تابع القراءة

الأزمة الاقتصادية المصرية والاستقرار السياسي

 أعلن وزير المالية المصري عمرو الجارحي في يوليو 2016، عن بدء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي؛ للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار خلال ثلاث سنوات، بواقع أربعة مليارت دولار سنويًّا، وبفائدة تتراوح بين 1 إلى 1.5%، وذلك ضمن برنامج يستهدف جذب تمويلات قيمتها 21 مليار دولار خلال ثلاث سنوات؛ يُجمع بقيتها من خلال إصدار سندات وتمويل من البنك الدولي ومصادر أخرى، ذلك بالإضافة إلى، طرح ما بين خمس إلى ست شركات حكومية في البورصة خلال 2016-2017، وأكد “الوزير” أن مصر تستهدف من خلال هذا القرض، سد الفجوة التمويلية في مشروعاتها، وإعطاء شهادة ثقة للمستثمرين اﻷجانب في إجراءات اﻹصلاح الاقتصادي المصري، والتي سيُشرف عليها الصندوق، لافتًا إلى ارتفاع معدلات عجز موازنة العام المالي الجديد إلى حوالي330 مليار جنيه[1]. القرض وشروط الصندوق: يكشف تتبع خريطة عمل الصندوق في المنطقة العربية وجود شروط متشابهة في مختلف تجارب الإقراض التي يدخل الصندوق طرفاً فيها، ويأتي تقليص عجز الموازنة عموماً على رأس برامج الاتفاقات كلها، في الوقت الذي يتباين فيه بوضوح حجم العجز في ميزانيات الدول المقترضة؛ وعادة ما يدفع الصندوق بأن خفض العجز يساعد على دفع النمو الاقتصادي، ويلجأ الصندوق في تحقيق ذلك إلى المطالبة بتخفيض الإنفاق الحكومي كآلية أساسية لتخفيض عجز الموازنة، من خلال تقليص حجم الانفاق عبر تخفيض الدعم وأجور القطاع الحكومي[2]. وفي الحالة المصرية، وبحسب وثائق القرض التي أعلنها الصندوق، فإن مصر بموجب اتفاقها مع المؤسسة الدولية ملزمة بعدد من الشروط التي يمثل تبنيها إلتزام حرفي بالسياسات النيوليبرالية، والتي تستهدف تخفيض الدعم ورواتب القطاع العام، مع تحرير قطاع الطاقة المصري وإقرار إصلاحات لتشجيع المستثمرين. ولقد استجابت الحكومة المصرية بالفعل للشروط التي وضعها الصندوق[3]. ومن مؤشرات هذه الإستجابة، إصدار قانون الخدمة المدنية[4]، والذي يعد بمثابة أداة الحكومة في التخلص من فائض موظفي الدولة[5]، ومنها إصدار قانون القيمة المضافة[6]، والتي أدت إلى إرتفاع كبير في قيمة السلع والخدمات[7]، ومنها رفع أسعار الوقود تمهيداً لرفع دعم الوقود بشكل كامل[8]، وأخيراً تحرير سعر الصرف[9]. هذا وتلتزم الحكومة خلال الشهور القادمة بضرورة تبني استراتيجية إعادة هيكلة قطاع الطاقة، وبزيادة اﻹنفاق الاجتماعي على برامج الدعم النقدي والمعاش الاجتماعي ووجبات المدارس والتأمين الصحّي والعلاج المجاني للفقراء بمقدار 25 مليار جنيه، وإنفاق 250 مليون جنيه ﻹنشاء حضانات عامة لدعم قدرة المرأة على البحث عن عمل[10].   التحول النيوليبرالي والاستقرار السياسي: السؤال الأساسي الذي نطرحه في هذه المساحة بعد التعريج السريع على التأثيرات السلبية الناجمة عن تبني السياسات النيوليبرالية إستجابة للشروط التي يضعها صندوق النقد الدولي على الدول المقترضة، هو هل يمكن أن ينتج عن تبني هذه السياسات تحركات شعبية كبيرة تمثل تهديداً للإستقرار الهش القائم، وتمثل خطراً على بقاء النظام الحالي؟ ثمة عدد من المتغيرات التي تؤثر بصورة كبيرة على العلاقة بين التردي الإقتصادي وتفجر الغضب الشعبي، منها، أولاً: مدى كفاءة إدارة النخبة الحاكمة للأزمة الاقتصادية؛ فقد لا تؤدي الأزمات الاقتصادية الحادة إلى تعبئة احتجاجية في حالة عدم الاعتقاد بمسئولية الحكومات عنها، وارتباطها بأزمات خارجية، أو في حالة قيام الحكومات باقتراح معالجات ناجحة لها تتضمن تغييرًا في الأشخاص و/أو السياسات. ثانياً: شعبية النظم الحاكمة في بلدانها، فالنظم الأكثر شعبية يقل بالضرورة مساءلتها عن الاخفاقات التي تتسبب فيها، ومن اليسير أن تقدم هذه النظم “كبش فداء” عن أخطائها خاصة في مجتمعات العالم الثالث. ثالثاً: مدى كفاءة الأداة الأمنية في التعاطي مع الاحتجاجات؛ حيث تُمثل الأداة الأمنية آلية أساسية للضبط والسيطرة للحيلولة دون تحول الأزمات الاقتصادية إلى موجات احتجاجية وثورية مهددة للنظم، مع التأكيد على أن الأداة الأمنية سلاح ذو حدين قد يخلق استخدامه بصورة غير احترافية إلى تفاقم الغضب وتفجر الوضع. رابعاً: العلاقة بين النخب الحاكمة والمعارضة ودرجة الصراع فيما بينها، حيث تُشير الدراسات إلى أن زيادة حدة الانقسامات بين النخب الحاكمة والمعارضة مع قوة الأخيرة يزيد احتمالات تحول الأزمات الاقتصادية لمصدر تهديد للنظم. خامساً: السياق الخارجي وتأثيره على دعم/إضعاف النظم القائمة، فالدول تنجح في تجاوز التأثيرات السلبية للأزمات الاقتصادية الحادة حال توافر سياق خارجي داعم ومساند لها، والعكس صحيح. وأخيراً: قد يلعب السياق الإقليمي دورًا مهمًّا في التأثير سلبًا في تطور الحركات الثورية[11]، فالانتكاسات التي تعرّضت لها العديد من الدول العربية -مثل ليبيا وسوريا واليمن- تُقلل من الحافز أمام تجدد الموجات الثورية في المنطقة، خاصةً في ضوء الأوضاع المتدهورة التي تُعاني منها هذه الدول[12]. الخاتمة: بالطبع تظهر قراءة واقع العلاقة بين تفجر الغضب الشعبي والأزمات الإقتصادية الطاحنة في المجال المصري في ضوء المتغيرات الوسيطة المذكورة في السطور السابقة، أن النظام الحالي لا زال قادراً على البقاء والاستمرار، وعلى مواجهة إرتدادت القرارات الٌإقتصادية ذات التأثيرات شديدة الضرر على المجتمع المصري، إلا أن هذه القدرة على الاستمرار تقف على شفا جرف هار من الممكن أن ينهار في أي لحظة، خاصة في ظل استمرار تفاقم الأوضاع وغياب أية شواهد على تحسن الأوضاع في المستقبل المنظور. وكما أن لهذه القرارات تأثيرات سلبية كبيرة على المجتمع، إلا أنها ذات تأثيرات إيجابية كبيرة أيضاً ولكن بعيدة المدى، من أهم هذه التأثيرات أنها تحرر المجتمع من الخضوع الكامل للنظام القائم/الأبوي، وتفطمه من الاعتماد على الدولة في تحقيق الاستقرار والتنمية، وتزرع بداخله الوعي بالحرية والاعتماد على الذات، وبالتالي تنزع عن النظام القائم مسوغات بقائه، وتجرده من شرعيته، وتدفعه للبحث عن مصدر جديد للشرعية بعيداً عن دعاوى تحقيق الرخاء وخدمة المواطن، وهو ما يمهد بدوره إلى صياغة عقد اجتماعي جديد بين المجتمع والدولة، إما يقبل النظام الحالي به، وإما تطيح به رياح التغيير.   [1] ساسة بوست، القصة الكاملة.. قرض صندوق النقد الدولي المثير للجدل في مصر، 29 يوليو 2016، الرابط: https://is.gd/F1dQrv [2] بيسان كساب، خريطة عمل صندوق النقد في المنطقة العربية، مدى مصر، 31 أغسطس 2016، الرابط: https://is.gd/cynlRB [3] إيزابل إيسترمن و حسام بهجت، انفراد: “مدى مصر” ينشر قرار السيسي بتوقيع قرض البنك الدولي، 4 فبراير 2016، الرابط: https://is.gd/4Z43S3 [4] الرئيس السيسى يصدر قانون الخدمة المدنية بعد موافقة مجلس النواب، اليوم السابع، 2 نوفمبر 2016، الرابط: https://is.gd/ohHPaA [5] فاطمة رمضان، مشكلات قانون الخدمة المدنية، مدى مصر، 22 مارس 2015، الرابط: https://is.gd/d8t8Xr [6] قانون القيمة المضافة يصدر رسمياً، برلماني، 8 سبتمبر 2016، الرابط: https://is.gd/kNDUk3 [7] ننشر نص مواد قانون الضريبة على القيمة المضافة بعد إقرارها من البرلمان، اليوم السابع، 29 أغسطس 2016، الرابط: https://is.gd/noWsH6 [8] لينا عطا الله، أسئلة وأجوبة حول رفع الدعم عن الوقود، مدى مصر، 29 يوليو 2014، الرابط: https://is.gd/hYYXVj [9] البنك المركزي المصري يعلن تحريراً كاملاً لسعر الجنيه، العربية، 3 نوفمبر 2016، الرابط: https://is.gd/K4OFuF [10] محمد حمامة، قرض صندوق النقد: الآن صرنا نعرف، مدى مصر، 18 يناير 2017، الرابط: https://is.gd/LeNdvu [11] أيمن الصياد، حتى لا نكون «مثل سوريا والعراق»، بوابة الشروق، الرابط: https://is.gd/Iyz9do…

تابع القراءة

إسرائيل والنظام المصري قراءة في أبعاد العلاقة بعد قمة العقبة السرية

تستهدف هذه الورقة تحليل التصريحات الإسرائيلية عن النظام المصري خلال عام 2016 وبداية 2017. تقوم الدراسة علي قراءة في سياق ظهور التصريحات الرسمية أو الصحفية الإسرائيلية حول الوضع في مصر وسيناء علي وجه التحديد. إن قراءة في مضمون التصريحات والسياق الذي يجري إعلانها فيه يكشف عن طبيعة السياسة الإسرائيلية الفعلية تجاه مصر، ويكشف بعض جوانب الغموض التي اكتنفت هذه العلاقة خلال الفترة الماضية. فقد أصبحت وسائل الإعلام الإسرائيلية مصدراً هاماً للمعلومات عن العلاقة المصرية الإسرائيلية المتنامية في الفترة الماضية، ولكنها استكشاف مراميها وأهدافها الكامنة من خلف هذه التصريحات يحتاج إلي تحليل التوقيت والسياق الدولي والإقليمي الذي تظهر فيه من أجل إدراك أبعاد الصورة الكلية دون تحيزات عاطفية أوسياسية. ففي حين تظهر تلك التصريحات عمق العلاقات بين الطرفين فإنها لا تخفي مطامعها الواضحة في سيناء ومحاولة الاستفادة من السياق الحالي المرتبط بالأزمة في سيناء وتولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مقاليد السلطة للدفع بأطروحة الوطن البديل أو تبادل الأراضي حيث تكون سيناء جزء من لعبة التوزانات الدولية والإقليمية وتدخل في مسار تسوية القضية الفلسطينية وفقاً لحسابات نتانياهو وترامب.   أولاً- تسليح الجيش المصري والوضع في سيناء: هناك ازدواجية في الموقف الإسرائيلي في سيناء فهي سعيدة بالمواجهة الدموية في سيناء مما يتيح لها فرصة التأثير والاستفادة من النزاع، كما أنها سعيدة باحكام الجيش لإغلاق غزة وهدم الأنفاق وتهجير السكان، ولكن تظهر بين آونة وأخري اشارات متوجسة من تزايد نفوذ الجيش المصري في سيناء. وقد أشار المحلل الإسرائيلي للشئون العربية “درور مانور” لوجود مخاوف إسرائيلية من تزايد وتيرة تسلح الجيش المصري، إذ تقوم مصر بشراء أسلحة متطورة باهظة الثمن وبكميات كبيرة (حاملات طائرات وغواصات وأنظمة مضادة للطائرات)، في الوقت الذي تعاني من أزمة اقتصادية خانقة قد تؤدي لعدم استقرار سياسي، ودعا القادة الإسرائيليين لضرورة الاستعداد لفرضية حدوث تغير سياسي كبير في مصر خلال عام 2017 أو 2018، ما قد يجعل أمر التسلح مصر يخلق مشكلة لإسرائيل بغض النظر عن الحديث في الآونة الأخيرة حول تحسن في العلاقات، فهي دائما بالنسبة لإسرائيل عدو مفترض، وأشار إلى أنه منذ اندلاع القتال بسيناء، تخلت إسرائيل عمليا عن الملحق الخاص بنزع السلاح هناك الذي وقع في معاهدة السلام بين الدولتين،[1] وإدخال –للمرة الأولى منذ حرب أكتوبر ١٩٧٣- آلاف الجنود والدبابات والأسلحة الثقيلة إلى سيناء، تمركزت على المنطقة الحدودية مع إسرائيل، لأول مرة منذ توقيع معاهدة السلام، وعدم الاكتفاء بقوات حرس الحدود أو الشرطة، وأن الجيش المصري يشيد المواقع الجديدة، ويكثف من الأنظمة الدفاعية بالمواقع الموجودة ويمد خطوط الكهرباء.[2] من ناحية ثانية، هناك قلق إسرائيلي من احتمال حدوث تحوّل في موقف الإدارة الأمريكية تجاه النظام المصري، وذلك إثر اعتزام الولايات المتحدة سحب قواتها التابعة لقوات حفظ السلام في شبه جزيرة سيناء جزئيًّا، بما قد يشير لتخلي الولايات المتحدة عن دعمها للنظام المصري.[3] بالرغم من هذه المخاوف، إلا أن المخاوف الحالية والخاصة بما سبق ذكره عن الوضع في سيناء والتنظيمات الإرهابية والقلق من حماس، دفعت لنظرة إيجابية تشير إلى أن تحرك السيسي ضد حركة حماس والجماعات المسلحة والأسلحة المنقولة بين سيناء وقطاع غزة بسياسة معاكسة لأسلافه، يعني وجود نقطة انطلاقة جيدة بين الجانبين، وذلك وفقا لما أصدره نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي “يائير جولان”، يضاف إلى ذلك أن هناك ما يشير إلى وجود تعاون أمني استخباراتي بين الجانبين المصري والإسرائيلي بخصوص سيناء، إذ نفذت إسرائيل غارات بواسطة طائرات دون طيار ضد المسلحين في شبه جزيرة سيناء.[4] وقد أعلن موقع الجيش الإسرائيلي على الإنترنت إن فرقة إسرائيلية تعمل على تأمين الحدود مع صحراء سيناء، وتتولى تسيير دوريات الحراسة والاشتباك وزرع ألغام على امتداد الحدود، وخاصة بعد إسقاط الطائرة الروسية بسيناء والذي لفت الانتباه إلى قرب الخطر من إسرائيل،[5] إذ أفادت صحيفة “إسرائيل اليوم” بأن تنظيم الدولة أشار في عدد من بياناته الأخيرة إلى أن التطورات في سيناء ستتسبب في توترات أمنية في الدول المجاورة وتؤثر على علاقات مصر وإسرائيل من خلال القضاء على اتفاقية كامب ديفد، والعمل على فتح جبهة ضد إسرائيل.[6] وفي بداية الأسبوع الثاني من شهر فبراير قام تنظيم داعش في سيناء بإطلاق ثلاثة صواريخ على منطقة إيلات ولكن اعترضتهم القبة الحديدية، وفي سبيل الرد على ذلك أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية على لسان الوزير “أفيغدور ليبرلمان” أن “الجيش الإسرائيلي لا يترك أمرا دون رد” وقال أن “داعش في سيناء لا يعتبر تهديدا جديا للأمن الإسرائيلي… ولا يمكن مقارنته بحماس أو حزب الله”.[7] وبأيام قامت طائرة إسرائيلية بدون طيار بقصف سيارة تابعة للتنظيم في قرية شيبانة قرب مدينة رفح وقتلت أربع عناصر من التنظيم.[8] وفي إطار ما أشير له بشأن التعاون الأمني بين الجانبين المصري والإسرائيلي، يجدر الانتباه إلى التصريح الذي أدلى به مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين المصري الأسبق، والذي أوضح في حديث تليفزيوني له بخصوص جزيرتي تيران وصنافير، أن مصر ليست متأخرة في تسليم الجزيرتين، وإنما هناك إجراءات دستورية وقانونية، وهناك طرف ثالث الذي هو إسرائيل، التي ستتسلم المهام الأمنية التي كانت موكلة لمصر إزاء الجزيرتين، وهذا التسلم والتسليم يجب أن يتم بموافقة السعودية ومصر وإسرائيل.[9] وظهرت بعض الآراء الإسرائيلية التي تدعم توجهات السيسي الأمنية في العديد من المناطق، فأوضح محلل شئون الشرق الأوسط في مركز القدس للشئون العامة “جاك نيرياه” أن الجيش المصرى أثبت مدى تماسكه وقوته، وأن السيسي منذ 30يونيو وهو يعمل على جبهتين في وقت واحد، الأولى في سيناء وما تمثله حركة حماس والجماعات الإرهابية التي بايعت تنظيم داعش، والجبهة الثانية تمثلت في الوضع الفوضوي في ليبيا وانتشار التنظيمات المسلحة والجماعات الإرهابية، ما دفع الجيش المصري بعدم الاكتفاء بنشر قواته على الحدود، بل تحركت البحرية المصرية لمراقبة السفن في البحر الأحمر والبحر المتوسط، إضافة إلى اتخاذ إجراءات لمنع تدفق الأسلحة إلى مصر، وذلك رغم الغضب الإسرائيلي فيما بعد من موقف السيسي المعترض على الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، ودعمه للوصول لتهدئة وهدنة لإنهاء الحرب. [10] ثانياً: زيارة شكري لتل أبيب وعلاقتها بزيارة نتنياهو لأفريقيا: بعد الحديث في العناصر السابقة عن مظاهر الدعم والتعاون بين الجانبين في المجال الاقتصادي والأمني والاستخباراتي، يتناول هذا العنصر المنحى الدبلوماسي، فقد ظهر التطور العلني للعلاقات المصرية- الإسرائيلية من خلال لقاء وزير الخارجية الأسبق “نبيل فهمي” بقيادات المنظمات الصهيونية العالمية في 30 أبريل 2014 خلال زيارته للولايات المتحدة، وهو ما بررته وزارة الخارجية المصرية أنه لمناقشة قضايا “التحول الديمقراطي” في مصر والأوضاع في القارة الإفريقية وسبل التصدي لظاهرة الإرهاب، والعلاقات مع روسيا، لكنه في الواقع عَكَس رغبة الطرفين في المضي قدمًا نحو تنسيق أكثر عمقًا في الملفات المشتركة.[11] وكذلك من خلال مشاركة السفير المصري حازم خيرت في مؤتمر “هرتسيليا” السادس عشر في إسرائيل (يونيو 2016)، وعنوانه “أمل إسرائيلي، رؤيا أم…

تابع القراءة

المشهد الإعلامي من 18 – 28 يناير

المشهد السياسي أولاَ: الرئاسة المصرية تحدثت صحيفة مورين افير عن حكم تيران وصنافير أنه جاء في اطار رفض بعض مؤسسات الدولة لهذه الصفقة بين مصر والسعودية أو ما تحدثنا عنه في صراع في اجنحة النظام الا ان هذا الصراع بدا يظهر في هذه الفترة اكثر وضوحا من السابق ففي المجال القضائي: حكم تيران وصنافير، ثم حكم بإلزام الدولة بالحصول علي تعويضات من إسرائيل للمحاربين في حربي 56و67، ثم تصريحات وزير الدفاع اننا لن نفرط عن حبة تراب من ارض الوطن ونحن علي اعتاب مرحله يكون الشعب فيها هو الأساس (مصر تعيش ميلاداً جديداً لدولة حديثة، السيادة فيها للشعب ولا سيادة على أرض مصر إلا لشعب مصر، وقواتها المسلحة تثبت في كل يوم ولاءها لمصر ولشعبها)، ثم ظهور نشطاء وانتقادهم السيسي بشكل وصل الي المطالبة برحيله، والغريب أن اغلبهم لم يكن يجرؤ علي قول ذلك إلا بدافع من أحد أو جهة مثل خالد علي وحازم عبد العظيم وعبدالله الأشعل وعلاء الأسواني وممدوح حمزه، ثم ظهور البرادعي ثم بعد ذلك حديث بعض العسكريين عن تسليم ام الرشراش لليهود كفتح لجبهه جديده أمام السيسي، فضلا عن تصاعد الأمور في سيناء ودخول إسرائيلي مباشر علي الخط ثم ظهور جناحين في الاعلام جناح يتحدث عن تعديل الدستور لصالح السيسي وهو نفس الجناح الذي يسوق لعودة رجال مبارك مثل سرور ومفيد شهاب وفاروق حسني ويوسف بطرس وغيرهم، وجناح آخر يتحدث عن التغيير وفشل الأوضاع وفي الوقت نفسه تدور تساؤلات وتُطرح الكثير من علامات الاستفهام، حول تعرض رجال موالين للانقلاب في مصر؛ لملاحقات قضائية أو مطالبات ضريبية في الفترة الأخيرة، فهل هو صراع مصالح أم أدوار انتهت لبعض رجال الأعمال الذين روجوا للانقلاب ودعموه؟ وفي هذا السياق، يواجه رجل الأعمال أحمد بهجت؛ حكما نهائيا بالحجز على جميع أملاكه وبيعها لتغطية مديونياته للبنوك المصرية، فيما تطالب مصلحة الضرائب رجل الأعمال نجيب ساويرس بتسديد 7مليارات جنيه للدولة……..والايام المقبلة سوف تبين أي من الجناحين يملك القوة على الأرض وعن مكونات كل جناح بوضوح. اتصال دونالد ترامب المبكر بالسيسي يثير كثير من علامات الاستفهام بعد اعلان ترامب وإدارته عن دخوله في عش دبابير المنطقة مثل نقل سفارة بلاده الي القدس وتصنيف الاخوان ارهابيه وتعاملاته مع قضايا المنطقة بشكل تجاري أي (تدفع اشتغل) ثم الإعلان عن ابرام صفقات سعودية وإماراتية وحديث صحيفة “نيويورك تايمز“الأمريكية لإظهار نزعة الرئيس الأمريكي الجديد “دونالد ترامب“في عسكرة الحكومة الأمريكية، في تشابه كبير مع نظام عبد الفتاح السيسي. مع ادارته في الوقت نفسه تحدث السيسي عن المكالمة بأنه طلب من ترامب مساعدات ماليه وعسكريه لمحاربة الإرهاب ويتحدث الخبراء بترجيح ان يؤجل ترامب نقل سفارته أما موضوع الاخوان فيعتمد على الظروف والأجواء حيث هو أمام توازنين الأول هو قوة الاخوان السياسية والاجتماعية في أمريكا وأروبا وكثير من بلدان العالم الثالث، والتوازن الثاني وقف تنامي قوة التيار الإسلامي الذي يعتبره حلفاء ترامب خطر عليه وقد تحدث ترامب وإدارته عن أولوياته، فأولا تنظيم الدولة، ثم يأتي بعد ذلك الاخوان. مجلس الدفاع الوطني يعقد اجتماعًا برئاسة السيسي لمناقشة الأوضاع الأمنية وجهود مكافحة الإرهاب بسيناء وتمديد مشاركة قوات مصرية في العمليات العسكرية باليمن. ونلاحظ أيضا أن مصر بدأت تغير رؤيتها في التعامل في ملف الازمه اليمنية مما يدل علي تقارب واضح بين مصر والسعودية، وكذلك ناقش الاجتماع الاستعداد لذكري يناير ومن الواضح أن حجم التجهيز الأمني لهذه الذكري أقل من الأعوام الماضية، رغم تصاعد الغضب الشعبي بشكل غير مسبوق مما يدلل علي إحساس النظام بضعف الحشد والقدرة علي التأثير في الشارع من جانب المعارضة. احتفال السيسي والشرطة بذكري 25يناير يحمل العديد من الدلالات المهمة: حرصة على ارسال الرسائل المعهودة مثل محاربة الإرهاب واثارة مشاعر الشعب من خلال الحديث عن المصابين واشغالهم بقضايا مثل (الطلاق)،ويلاحظ على حواره: أولا: الحديث عن يناير أنه وقيعه بين الجيش والشرطة والشعب، ثانيا التودد الشديد للشرطة بشكل غير مسبوق، ثالثا: التهجم علي الثوابت الدينية بطلبه تحويل الطلاق الي طلاق مدني اكثر منه ديني رغم انه لا يستطيع ذلك بالنسبة للمسيحيين، رابعا: هو عودة أسلوب التودد للنساء مره اخري، واستغلال العواطف الأخيرة هو الاستقواء بترامب. 

تابع القراءة

مستقبل العلاقات الأمريكية الأوروبية بعد قمة الناتو

 كشفت قمة الناتو واجتماع الدول السبع الكبرى الذين حضرهما ترامب في أواخر مايو خلال أول جولة خارجية له عقب توليه مهام منصبه، عن نقاط خلافية بين الجانبين الأمريكي والأوروبي، قد تلقي بظلالها سلبا على العلاقات بينهما، هذه النقاط تتمثل في العلاقات مع روسيا واتفاقية المناخ والتجارة الحرة. فإذا كان ترامب جادا في تحسين علاقة بلاده مع روسيا، فإن هذا سيسبب فجوة في العلاقات الأمريكية الأوروبية، إذ ترى أوروبا وعلى رأسها ألمانيا وفرنسا أن عودة روسيا بقوة في السياسة الدولية غير مفيد لمصالحها، خاصة في ظل الأوضاع المأساوية التي أنتجتها الأزمة السورية، بالإضافة إلى الحديث عن تورط روسيا في الانتخابات الرئاسية لعدد من الدول الغربية ودعمها لليمين المتطرف. كذلك مثّل انسحاب ترامب من اتفاقية باريس بشأن التغيرات المناخية[1]، مزيدا من القلق الأوروبي، وكان ترامب قد هاجم الاتفاقية أثناء حملته الانتخابية وتعهد بالخروج منها، لأنه رأى أن الالتزام بالاتفاقية يعني انخفاض الناتج المحلي للولايات المتحدة بمقدار 2.5 تريليون دولار خلال العقد المقبل. ولذلك فإنه يعتبرها اتفاقية غير عادلة للولايات المتحدة ولا تهتم بالمناخ، إنما بتنمية الموارد المالية لبعض الدول، موضحا أن الموافقة على الاتفاقية كان سيعني فقدان مليونين وسبعمئة وظيفة على الأقل بحلول 2025. وفيما يخص اتفاقية التجارة الحرة مع أوروبا، فقد شن ترامب هجوما كبيرا على ضخامة الصادرات الألمانية من السيارات للولايات المتحدة، بالإضافة إلى أنه عقب زيارة ميركل للولايات المتحدة، كتب ترامب على تويتر أن ألمانيا مدينة بمبالغ طائلة لحلف شمال الأطلسي، وأن الولايات المتحدة تتكلف الكثير في ملف الدفاع الذي تقدمه لألمانيا، وانتقدها أيضا حين أشار خلال القمة الأمريكية العربية الإسلامية في الرياض، بأن برلين لا تسعى للحرب مع إيران، لأنها تريد تأمين إمدادتها من الطاقة والأسواق للصادرات الألمانية، ومن ناحية أخرى، تهتم ألمانيا بمشروع "طريق الحرير" لذلك فهي تعارض المواجهة بين الصين والولايات المتحدة. جدير بالذكر أن العلاقات الألمانية الأمريكية شهدت تراجعا منذ عهد أوباما، ومن الواضح أن ترامب سيكمل المهمة، وذلك إذا ما نظرنا إلى التصريح الذي أدلت به ميركل بأن الأوروبيين يجب أن يقرروا مصيرهم بأيديهم، وأن الاعتماد على الآخرين قد مضى، وضرورة عدم الاعتماد على بريطانيا عقب خروجها من الاتحاد الأوروربي، أو على الولايات المتحدة خاصة بعد الحديث عن رفض ترامب المادة التي تتعلق بالدفاع المتبادل في الناتو، وهذا ربما سيكون في صالح روسيا. كل هذا يمكن تحليله في أن أوروبا تسعى للانفصال عن السياسة الأمريكية في ظل سياسة ترامب التي تقلل من الأوروبيين، لكن هذا الانفصال يحتاج لوقت نظرا لارتباطهما بمستويات متعددة عميقة، بالإضافة إلى أن الانفصال يعني خسارة الولايات المتحدة لمفتاح هام في مواجهة روسيا، لهذا قد يسعى مسئولو السياسة الأمريكية لتحجيم توجهات ترامب، لأن روسيا تنتظر فرصة لإحياء علاقتها بأوروبا وممارسة نفوذ واسع فيها، وفي نفس الوقت عليها أن تواجه الصعود الصيني الذي قد يستغل مشكلات أوروبا الاقتصادية للتقرب منها. [2] وعلى مستوى الشرق الأوسط، هناك دول قد تحقق مكاسب من الفتور الأوروبي الأمريكي، مثل تركيا وإيران ومصر، لكن يجب الأخذ في الاعتبار أن الولايات المتحدة قادرة على الإخلال بأنظمة المنطقة، ومن ناحية أخرى لم يبادر الاتحاد الأوروبي بدور قوي تجاه الربيع العربي. ويرى محللون، أن تدهور العلاقات الأمريكية الأوروبية سيضع أوروبا أمام خيارين فيما يخص الشرق الأوسط، إما الانخراط في تحالف الاعتدال السني الإسرائيلي الامريكي أو الانخراط في المشروع الروسي الذي يسعى لتحجيم القوتين الصاعدتين، تركيا وإيران، لكي لا تنفجر المنطقة أكثر، لكن هناك فرصة كبيرة لإقامة شراكة أوروبية عربية قوية، إذا ما استطاعت فرنسا وألمانيا التحالف ولعب دور استراتيجي في قيادة أوروبا، ولكن عليهما معالجة زوايا محددة مثل ملف الأمن الداخلي والخارجي، والإصلاحات المالية في الاتحاد الأوروبي. [1] تهدف الاتفاقية لمنع ارتفاع معدل درجات الحرارة على الكرة الأ{ضية وإٌبائها دون درجتين مئويتين. [2] "أمريكا وأوروبا والعلاقة التي باتت مهددة"، وكالة الرأي الدولية للأنباء، 3/6/2017، متاح على الرابط                                                                                             

تابع القراءة

تقييم سياسي لأثر الضربات الجوية المصرية لدرنة الليبية

 في سيناريو مكرر لما حدث عقب قيام تنظيم داعش بذبح مجموعة من الاقباط المصريين في ليبيا، عمد النظام بعد اجتماع مصغر لمجلس الامن القومي إلي توجيه ضربة جوية إلي بعض المناطق في مدينة درنة في الشرق الليبي، وذلك بزعم أن العناصر التى استهدفت الاقباط في محافظة المنيا بصعيد مصر تلقوا تدريباتهم في تلك المناطق، وذلك بالرغم من عدم وجود دلائل حقيقية تثبت هذه المزاعم، خاصة وأنه معروف عن مجلس شورى ثوار درنة أنه سبق وأن قام بمحاربة تنظيم داعش في ليبيا وإخراجه من المدينة، يضاف إلي ذلك أن مناطق الجوار المصرية، تسيطر عليها قوات قائد جيش الانقلاب الليبي خليفة حفتر حليف النظام والداعم الاكبر لضرباته في ليبيا والذي يحاصر درنة منذ اكثر من عام، فضلاً عن عدم وجود مصلحة حقيقية لثوار درنة في توتير الاجواء مع القاهرة في الوقت الذي بدت فيه خلال الفترة الماضية وكأنها تحاول اتباع سياسة أكثر مرونة مع مختلف الاطراف الليبية بالاتفاق مع الامارات التى قامت برعاية لقاءات ثنائية بين حفتر ورئيس حكومة الوفاق الليبية. وفي إطار هذا السياق تثور العديد من التساؤلات حول أسباب تلك الضربات المتواصلة والسريعة، وأهدافها ونتائجها ومدي قدرتها علي تهدئة الغضب المسيحي جراء حالات الاستهداف المتكررة للأقباط خلال الفترة الأخيرة. والواقع أن ادعاءات النظام الخاصة بمسئولية تلك المدينة عن الاحداث التى شهدتها محافظة المنيا غير واقعية، لعدة اسباب أهمها سرعة تلك الضربات التى جاءت في نفس اليوم الذي تم استهداف الاقباط خلاله، ما يعني أنه لم تتوافر المعلومات الكافية لاثبات تورط اي اطراف خارجية في الحادث، وعلي فرض أن هناك معلومات، فكيف يتم غض الطرف عنها وتركها حتى تحدث الكارثة، خاصة وأنه سبق للولايات المتحدة أن حذرت رعاياها من توخي الحذر خوفا من حدوث عمليات ارهابية في مصر، ما يعني أن هناك معلومات متوفرة وتم غض الطرف عنها وعدم التحرك الا بعد حدوث الكارثة. ورغم أن العديد من المحللين وجه انتقاداته اللاذعة للولايات المتحدة بسبب عدم تبادل المعلومات مع الاجهزة الامنية المصرية فيما يتعلق بالتهديدات المحتملة، إلا أن سرعة رد فعل النظام علي العملية، إنما يعكس علمه بتوقيت العملية، بل قد يكون لاحد اطرافه دور فيها من أجل تسهيل وتبرير عمليات استهدافة لقوات ومناطق تركز الثوار في ليبيا. ويهدف النظام من وراء ذلك إلي دعم خليفة حفترة ومساعدته في كسر شوكة القوات العسكرية في درنة، فعلي عكس العديد من ابناء الشعب الليبي بما في ذلك نواب في مجلس النواب الليبي وحكومة الوفاق الليبية كان حفتر الداعم الاكبر للعملية العسكرية المصرية في ليبيا. يضاف إلي ذلك الاعلان صراحة عن حقيقة الموقف المصري الرافض لحكومة الوفاق، بعد فشل محاولات الاقتراب من حكومة الوفاق والوقوف علي الحياد من الصراع في ليبيا، فعلي ما يبدو أن المحاولات الاماراتية والمصرية التى سبقت تلك الضربة والخاصة باعتماد المسار السياسي خيارا لتحقيق اهدافهم السياسية الخاصة بالتمكين لخليفة حفتر في ليبيا لم تؤتي ثمارها، ما دفعهم للعودة للمسار القديم الخاص بالدعم العسكري واللوجستي لحسم المعركة الليبية لصالحهم. لذلك يتوقع ان تستمر تلك الضربة المصرية، ولكن لا يتوقع أن تحدث النتائج المرجوة، وذلك لتعقد الصراع الليبي ووجود اطراف اقليمية ودولية عديدة مشاركة فيه، وهوما قد يجعل بعض الشركاء خاصة الولايات المتحدة للتدخل من أجل وقف ذلك التدخل، حفاظا علي استقرار الاوضاع الليبية ومنعا لتفاقم الصراع الداخلي بالشكل الذي قد يؤثر علي التدفقات النفطية الخارجية. بل علي العكس سوف تنتج اثارا سلبية لتلك الضربة التى من شأنها ان توتر العلاقات المصرية مع حكومة الوفاق الرافضة لتلك الضربات والتى قد تلجأ لادانة مصر في مجلس الامن،خاصة وان المبررات المصرية غير مقنعة ولا تحمل دلائل حقيقية علي تورط درنة فيما حدث في مصر، وبذلك تكون علاقات مصر بدول الجوار المصرية والليبية قد وصلت الي إدني مستوياتها في ظل النظام الحالي، وهو ما يشكل تهديد حقيقي لاستقرار مصر خلال الفترة المقبلة، خاصة إذا استمر النظام في هذه السياسات التى من شأنها توتير علاقات مصر بجوارها الاقليمي.

تابع القراءة

رؤية إسرائيلية لمآلات التدخل الأمريكي الحالي في سوريا

 نشرت "بوليتيكو"  وهي صحيفة سياسية يومية أمريكية تنشر من واشنطن_ تقريرا بعنوان : ظباط إسرائيليون[1]. جاء التقرير الذي أعده براين بيندر، محرر الامن القومي فى البوليتكو، ومؤلف كتاب "أنت غير منسي"، حول مجموعة من التساؤلات والمعلومات التي توصل إليها من قادة و مسئولين عسكريين اسرائيليين، حول الاستراتيجية الامريكية فى سوريا. بدأ التقرير بتأكيد عدد من المسئولين عن كون قرارات وممارسات الولايات المتحدة الامريكية الاخيرة فى سوريا والعراق، قد تؤدي الى حدوث كارثة حقيقية، خاصة فى الحالة السورية. أشار التقرير إلى عدم تضرر مرتفعات الجولان الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية من جراء الضربات الامريكية ضد مواقع تابعة لداعش، إلا أنه أضاف أن المنطقة الجنوبية، أصبح بها قاعدة عسكرية تابعة لجبهة النصرة، ويرفع عليها علم القاعدة، وقاعدة تدريب أخرى خاضعة لداعش، وهو الأمر الذي يقلق الحكومة الأردنية، نتيجة خشيتها من حدوث مناوشات على الحدود الأردنية – الإسرائيلية فى الجنوب. وأضاف أن المخابرات الإسرائيلية توصلت إلى بعض المعلومات حول مؤامرة تدبر لها داعش، لاستخدام أجهزة الكومبيوتر المحمولة فى تفجير الطائرات، وهو الأمر الذى قد يسبب كارثة بكل ما تحمله الكلمة من معني. إن أكثر ما يخشاه  قادة اسرائيل، أن تؤدي الاستراتيجية الامريكية فى سوريا والعراق، إلي نشأة جيل جديد من الارهابيين الأشد قسوة وعنفاً، نتيجة تعرض السكان المحليين لمعظم هذه الضربات، وهو الأمر الذى سيؤدي الى ميلاد وضع أكثر صعوبة وتعقيداً. هناك شعور بالارتياح داخل الإدارة الامريكية بسهولة هزيمة داعش، وقد أدي هذا الشعور إلى سيادة مستوى من الحيرة وسط عدد غير قليل من قادة الجيش الإسرائيلي، حيث أذن ترامب لقادته الامنيين، بزيادة عدد القوات الامريكية، المشاركة فى العراق وسوريا، بالاضافة الى تصريح وزير الدفاع جيمس ماتيس: بأن الاستراتيجية الامريكية التى ستوجه لداعش، ستكون الأكثر عدوانية، من أجل "إبادة تلك الجماعة"، وهو الأمر الذي يظهر ضمنيا، تهميش الأضرار الجانبية التى ستأتي من وراء هذه الاستراتيجية، حيث ربما تنتج جيل جديد من الجهاديين. تقلل أمريكا من الدعم المحلي، وتشعر أن داعش مرفوضة فى حاضنتها المحلية، إلا أن سيطرة داعش على الموصل مثلًا التى يقطن بداخلها مليون نسمة، من خلال ثمانية الاف مقاتل فقط على اقصي التقديرات، قد يثبت هذا الامر تناقض ما مع الفرضية الامريكية. يركز الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الامريكية، على مواجهة داعش، فى حين أن الوجود الايراني فى سوريا اشد خطورة على امن اسرائيل والغرب من داعش نفسها، حيث دعمت ايران نظام الاسد بميليشات عديدة، يأتي على رأسها مليشيا حزب الله، وفى حالة انتصار الاسد فى الحرب الأهلية المشتعلة، فسوف يرد الجميل الذى قدمته له ايران وحزب الله، ومن الطبيعي أن تجد حزب الله على الحدود الاسرائيلية مواجها لها فى مرتفعات الجولان. ولذا يتمثل الخطر الايراني، فى كونه أكثر دراية بالأمور، وأقوي فى ترسانته، لدرجة تجعله أكثر خطراً من داعش والجماعات الجهادية. "ولكن هل يعني ذلك أن الولايات المتحدة وحلفائها يجب أن يسمحوا داعش بالاحتفاظ بما يسمى بالخلافة في أجزاء من شرق سوريا وشرق العراق؟ "لماذا لا؟" ضابط أطلق النار مرة أخرى. واضاف "عندما سألوا رئيس الوزراء الاسرائيلي الراحل مناحيم بيغن في الحرب العراقية الايرانية في الثمانينيات التي تقف وراءها اسرائيل او ايران، قال" اتمنى الحظ لكلا الطرفين ". يمكن أن يذهبوا إليها، ويقتلون بعضهم بعضا ". الشيء نفسه هنا. لديك داعش قتل القاعدة من قبل الآلاف، تنظيم القاعدة قتل داعش من قبل الآلاف. وهم يقتلون حزب الله والأسد "." التعليق : يشير التقرير الى رغبة اسرائيلية فى عدم التقليل والاستهانة بالاضرار والعواقب العكسية التى ستأتي من القضاء على داعش، كما انها تنتقد فى نفس الوقت ترك الوجود الايراني يتوسع فى سوريا، لذا فما وراء هذا التقرير من معلومات، يمكن أن يفهم منه رغبة فى اعادة الخطر الايراني الى الصدارة مجددا خاصة بعد الهدوء الذى حدث عقب عقد الاتفاق النووي، وعدم حصر الخطر فى داعش والتنظيمات الارهابية، لذا قد يكون من الافضل اسرائيلياً وغربياً، اتاحة المجال لمزيد من الاستمرارية فى المواجهة بين المحور الايراني من جهة، وتنظيم داعش والتنظيمات الجهادية المشابهة من جهة أخرى، حيث ستكون فائدته وفاعليته أكثر، من التورط فى حرب عسكرية غير مأمونة العواقب. [1] Israeli Officers: You’re Doing ISIS Wrong The United States is headed for disaster in Syria, some in Israel are warning. http://www.politico.com/magazine/story/2017/05/22/israeli-officers-to-trump-youre-doing-isis-wrong-215172  

تابع القراءة

زيارة وزير الدفاع الروسي إلى القاهرة الأسباب والنتائج المتوقعة

 قام وزيري الخارجية والدفاع الروسي  بزيارة إلى القاهرة التقى خلالها السيسي ووزير الدفاع المصري، وتناولت المباحثات مواجهة الإرهاب في المنطقة، وبحث سبل التعاون المشترك بين البلدين خصوصاً ملف الضبعة النووي المؤجل وملف عودة السياحة الروسية المتعثر، وذلك في وقت تشهد فيه المنطقة تغييرات وتهديدات جذرية، تدفع القوى الكبري لتعميق تواصلها مع الانظمة الحاكمة في المنطقة، لتحديد شكل التحرك المستقبلي، ومن ثم تعظيم مكاسبها في حال تم الانتهاء من عمليات إعادة التقسيم والترتيب الجارية في العديد من الدول المحورية. كما تأتي الزيارة بعد اقل من أسبوعين علي زيارة الرئيس ترامب للمنطقة ونجاحه في عقد صفقات عسكرية وتجارية مع السعودية تتخطى المائة مليار دولار، الامر الذي من شأنه أن ينعش الخزينة الأمريكية، ويعيد إلي الولايات المتحدة دورها المحوري في المنطقة، ويهدد من جديد النفوذ الروسي المتصاعد، الأمر الذي يحتاج الي إعادة نظر في الدور الروسي بالشكل الذي يحقق لروسيا ما تصبو إليه، خاصة وأنها حتى الآن لم تجن مكاسب من دورها في سورية. وفي الواقع فإن اللقاء الروسي في القاهرة، يمثل مصلحة للطرفين، فكلاهما لم يحقق أي مكاسب، ولا يتوقع لهم أن يحققا أي مكاسب من التعامل مع دول الخليج بعد تقاربها مع الولايات المتحدة، واعتمادها عليها خلال الفترة المقبلة للحفاظ علي أمنها واستقرارها. لذلك لم يعد أمام روسيا ومصر سوى الاتجاه صوب الشقيقة الليبية للاستفادة من التدفقات النفطية الكبيرة التي تملكها ليبيا، والعمل سوياً علي دعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر في معركته ضد حكومة الوفاق، وهوما بدأته مصر بعد قيامها بتوجيه ضربات عسكرية إلي مدينة درنة الليبية بزعم قيامها بتدريب المسئولين عن مجزرة الاقباط في محافظة المنيا المصرية، ولأن استمرار مصر في لعب هذا الدور يحتاج الي دعم دولي، إذاً فليس أمامها سوى روسيا التى تحتاج بدورها الي دور جديد في ليبيا يعوض خسائرها في سورية، خاصة وأن الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي لن يقبل بدور مصري كبير ولا حتى بدور روسيا، إلا أن تعاون الطرفين المصري والروسي ودعمهم لحفتر في ليبيا بشكل حقيقي وواقعي علي أرض المعركة يمكن أن يسهم في تقوية مواقفهم. لذلك لا يستبعد أن يحدث تنسيق مصري روسي خلال تلك الزيارة لتحقيق تقدم علي الارض لصالح خليفة حفتر، علي أن تتولي الإمارات عملية التمويل، الأمر الذي يعني أننا قد نكون بصدد تطوير للمعارك في ليبيا خلال الفترة المقبلة، ومن ثم تعقيد الصراع والقضاء علي المساعي السياسية التى شهدتها ليبيا واسفرت عن تشكيل المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الليبية. لا يمكن القطع بنجاح التعاون الليبي الروسي في الشرق الليبي فنظام السيسي يتحرك في منطقة شديدة الحساسية، فهو يطلب دعم الرئيس الأمريكي للضربات في ليبيا وفي نفس الوقت ينسق علي الأرض مع الروس وحفتر، وكلا الأمرين عليهما تحفظات أمريكية واضحة، فهي إذن لعبة خطرة بالنسبة للنظام.  

تابع القراءة

مواقف الأطراف الليبية والإقليمية من الضربة العسكرية المصرية بليبيا

 أعلنت الحكومة المصرية عن قيام القوات الجوية المصرية –بناء على تعليمات من رئيس الجمهورية وبالمشاركة مع القوات المسلحة الليبية – بتوجيه ضربات انتقامية على 6 مواقع لجماعات في شرق ليبيا تدعي الحكومة تورطها في هجوم المنيا الذي استهدف حافلة للأقباط. وأكدت الحكومة تدمير كامل المركز الرئيسي لتنظيم "شورى مجاهدي درنة الليبي" الذي تقول مصر أنه تابع لتنظيم القاعدة، بالإضافة لمعسكرات أخرى تابعة لتنظيم داعش، وقد نقلت وكالة الأنباء الليبية الموالية لحفتر عن إحدى الصفحات التابعة للجماعات الإرهابية بأن تلك الضربات أدت لمقتل الإرهابي "عبد المنعم سالم" الملقب بـ"أبو طلحة" القيادي بمجلس شورى درنة، وأربعة من أتباعه. وفي اليوم التالي انتقلت الغارات من شرق ليبيا إلى وسطها بمدينة الجفرة حيث يسعى حفتر للسيطرة علي هذه المنطقة، إذ استهدفت القوات المصرية "تمركز كتيبة شهداء أبوسليم في منازل بور بيحهب الظهر الحمر"،و كذلك تمركزات بجهاز البنية التحتية بالمدخل الغربي لمدينة درنة" و"تمركز اخر بالقرب من جهاز البنية التحتية القريبة من جهة الجبل". أثارت هذه الضربات بعض المخاوف بشأن انجرار مصر في الصراع الليبي، وأن ذلك سيكون له عواقب وخيمة على مصر سياسيا وعسكريا، مستشهدين بالتجربة المصرية في اليمن في ستينيات القرن الماضي، بل وقد يخلق جدل وخلافات في الداخل المصري، لكن المقربين من الحكومة يقولون بأن هذا يأتي في نطاق الدفاع عن النفس وأن القوات المسلحة المصرية لن تتوانى عن الانتقام ممن يهدد الأمن المصري. وقد جاءت تلك الضربات قبل إعلان أي جهة مسئوليتها عن الهجوم الإرهابي الذي حدث في المنيا، وذلك إثر الزيارة الأولى التي قام بها رئيس الأركان الفريق "محمود حجازي" لمدينة بنغازي شرقي ليبيا، التقى خلالها "خليفة حفتر"، دون أن يتم إعلان تفاصيل عن اللقاء. وترجع أسباب قيام القوات المصرية بهذه الضربات، إضافة للانتقام من تلك التنظيمات، والرغبة في امتصاص غضب المسيحيين، والتأكيد بأن مقاتلي مدينة درنة يأوون عناصر متطرفة مصرية لهم علاقة بالتفجيرات التي تحدث في مصر، وهناك أسباب وأهداف أخرى قد تتعلق بالرغبة المصرية في تغيير المشهد السياسي الليبي لصالح "حفتر" في درنة التي يحاصرها منذ مدة ولم يستطع دخولها، ومن ثم التخلص من الإسلاميين، لأن داعش – التي أعلنت مسئوليتها عن هجوم المنيا – خرجت من درنة، وأصبح الصراع مقتصرا بين قوات حفتر ومجلس شوى مجاهدي درنة. أو أنها محاولة مصرية للاستفادة من النفط الليبي لتعويض أزمات المشتقات النفطية، أو أن تلك الضربات نوع من أنواع استعراض القوة أمام أية أطراف إقليمية قد تكون داعمة لهذه التنظيمات وتوجهاتها الإرهابية، وقد يعبر هذا أيضا عن التحولات التي تسعى الإدارة الأمريكية الجديدة إقامتها في المنطقة عبر خلق تحالفات داخلها بما يحقق مصالحها، وذلك عبر فرض مصر نفسها كلاعب أساسي في الحرب أمام الولايات المتحدة وروسيا وأوروبا. أما بخصوص موقف الأطراف الليبية من التحركات المصرية، فقد أعلن مجلس النواب الليبي (الداعم لحفتر) في طبرق عبر الناطق باسمه "عبد الله بليحق" تأييده لتلك الضربات، وطالب الأمم المتحدة باتخاذ موقف واضح من الدول الداعمة للإرهاب، مؤكدا أن ذلك يتم بالتنسيق مع القوات المسلحة الليبية، وأكد هذا ما قاله القائد العام لسلاح الجو بالجيش الليبي اللواء "ركن صقر الجروشي"، في حين استهجن المجلس الرئاسي في ليبيا برئاسة "فايز السراج" ما قامت به القوات المصرية دون التنسيق معه كسلطة شرعية معترف بها دوليا، وعبر عن تطلعه للتنسيق في ظل التحالف الدولي والإسلامي لمواجهة العمليات الإرهابية بالداخل والخارج مع الاحترام الكامل للسيادة الوطنية، واستنكر المجلس أيضا ما تم من ضربات في منطقة الجفرة، معتبرا إياها منطقة تعايش وتسامح ولم تكن يوما طرفا في الصراع السياسي أو المواجهات العسكرية التي شهدتها ليبيا في الفترات الأخيرة.لكن عبّر "علي القطراني" نائب رئيس المجلس الرئاسي –والمقاطع لجلسات المجلس- عن تأييده للضربات المصرية وما تقوم به ضد المجموعات الإرهابية في مصر وليبيا حتى يتم هزيمتها ودحرها، واعتبر حزب "العدالة والبناء" الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين الليبية، أن هذه الغارات تمثل انتهاكا لسيادة الدولة الليبية واستقلالها السياسي وتغولا من السلطات المصرية على القانون الدولي والأعراف الدبلوماسية بحجة محاربة الإرهاب، داعيا مبعوث الأمم المتحدة "مارتن كوبلر" إلى إلزام الدول الأعضاء في المنظمة بمبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية الليبية دون تنسيق مع الحكومة الشرعية المعترف بها –حكومة الوفاق الوطني-. وقد قامت مصر عبر بعثتها الدائمة في الأمم المتحدة بتقديم خطاب لرئيس مجلس الأمن يوم 27 مايو تخطره بالضربات التي تمت في مدينة درنة، بأن الضربات التي تقوم بها في ليبيا تأتي في إطار الدفاع عن النفس اتساقا مع المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة. ربما هذا الإخطار يأتي من ضمن أسبابه التخوف من أن يتقدم المجلس الرئاسي الليبي، كونه الطرف الرسمي والمعترف به دوليا الذي اعترض على الضربات، بشكوى للأمم المتحدة بأن ما حدث يعد اختراقا للسيادة الليبية، ويمكن تفسير ذلك بأنه لم يشترك في التنسيق لتلك الضربات، على الرغم من إعلانه المتكرر بدعمه لجهود مصر في محاربة الإرهاب، أي أن استهجان المجلس للضربات لا يعني تأييده للجماعات التي تم توجيه الضربات ضدها[1]، لكنه استهجن عدم تنسيق مصر معه رغم وساطة مصر والإمارات في الاتفاق الذي تم التوصل له بين "حفتر" والمجلس الرئاسي بقيادة "السراج" بشأن تشكيل مجلس يتكون من رئيس مجلس النواب "عقيلة صالح" و"السراج" و"حفتر"، والاتفاق على حل التكشيلات المسلحة وغير النظامية. وقد طالبت الجزائر –بإيعاز من المجلس الرئاسي الليبي- أن توقف مصر ضرباتها الجوية في ليبيا لأن ذلك لن يسهم في حل الأزمات الأمنية التي تعاني منها مصر، وهنا يثور التساؤل عن مدى تأثير تلك الضربات في المستقبل على التنسيق بين دول الجوار الليبي في حل الأزمة الليبية؟يمكن هذا أن يتضح عقب اللقاء المزمع عقده في الأسبوع الأول من الشهر القادم في الجزائر بين وزراء خارجية مصر وتونس والجزائر لوضع تصور ورؤية مشتركة لدول الجوار الليبي من أجل مواجهة الإرهاب والتطرف في ليبيا. ويمكن القول أن الموقف الدولي يقف مترقباً وقد حرص السيسي علي الحصول علي دعم ترامب أساساً قبل توجيه الضربة العسكرية حيث حصلت مناقشات سابقة بين ترامب والسيسي حول هذا الموضوع. أما الموقف الفرنسي فيشهد تحولات هامة، حيث كانت فرنسا تدعم حفتر بالأسلحة والمعلومات الاستخبارتية والقوات الخاصة، وبعد تأكيد وفاة جنود فرنسيين في ليبيا في العام 2016 ،قامت في طرابلس ومصراته احتجاجات ّ مناهضة لتورط فرنسا  في  ليبيا، وبدا أن هذه الاحتجاجات، مقرونة بشكاوى رئيس الوزراء فايز السراج المدعوم من الأمم المتحدة قد أحدثت تغيراً في السياسة الفرنسية.، ففي سبتمبر عام 2016 ، ّ زار السراج الرئيس الفرنيس آنذاك فرنسوا أولاند وعد خلاله أولاند بدعم السراج، ومنذ ذلك الحين انحسر الدعم الذي تقدمه فرنسا لحفتر بشكل ملحوظ[2] . فهل يستمر السيسي في توجيه الضربات العسكرية لليبيا اعتمادا ًعلي دعم ترمب والامارات أم يتوقف خشية مزيد من…

تابع القراءة

المشهد الأسبوعي 8 يونيو 2017

  المشهد الداخلي المصري:                               قضت محكمة القضاء الإداري بإلزام الدولة ممثلة في المجلس القومي لرعاية أسر شهداء ومصابي الثورة باستمرار علاج أحد شباب الثورة المصابين منذ يناير 2011، والذي يتلقى علاجا في الخارج تسعى الدولة لقطعه عنه، ولعل هذا الحكم يعكس استمرار مجلس الدولة في تحدي السلطة التنفيذية. تقرر مناقشة اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية ببرلمان الانقلاب يوم الثاني عشر من الشهر الجاري، وفي هذا الصدد ترددت أنباء حول اجتماع قيادات أمنية مع نواب برلمانيين لترتيب إجراءات إقرار الاتفاقية، وهو ما تصدى له بعض النواب على رأسهم هيثم الحريري بالتوقيع على تعهد بعدم التخلي عن الجزيرتين، وكان تكتل 25/30 هو من أطلق هذه الاستمارة، وجدير بالذكر تبلور مجموعة معارضة داخل البرلمان لا يمكن إغفال دورها خلال الفترة القادمة مهما كان متواضعاً. أقام خالد علي دعوى قضائية للمطالبة بحل مجلس النواب بحجة تقويضه دعائم الحكم، وإهدار نصوص الدستور، والعدوان على استقلال السلطة القضائية بإهدار حجية الأحكام القضائية النهائية والباتة وواجبة النفاذ، وتعريض وحدة البلاد وسلامة أراضيها للخطر، كذلك دعا إلى تبنى حملة إليكترونية تبدأ من يوم السبت القادم فى تمام الساعة التاسعة مساء، حيث يتم استخدام صورة وهشتاج معين للإعلان عن التمسك بملكية الجزيرتين. تبدو في الأفق ملامح تصعيد مسيحي في مصر بسبب تكرار الحوادث الإرهابية التي تستهدفهم، ففي المنيا وبعد أيام قليلة من الحادث الذي استهدف حافلة تقل مسيحيين إلى أحد الأديرة أعلن أقباط قرية «كوم اللوفي» بمركز سمالوط بمحافظة المنيا، الدخول في اعتصام مفتوح داخل مقر الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، لحين استجابة الحكومة لهم في حقهم في بناء كنيسة داخل قريتهم. في إطار مواجهة الدولة لتداعيات الأزمة الاقتصادية تم حبس ٣٢ من عمال أسمنت طرة ٣ سنوات مع الشغل، وهو الأمر الذي يهدف لكبح جماح الحراك العمالي وترهيب الفئات العمالية ومنعها من الحراك مع تزايد الإجراءات الاقتصادية القاسية، ولعل الأمر الملفت للنظر مشاركة القضاء في إطلاق أحكام بسجن نشطاء الحراك العمالي. شهد الشارع المصري عودة على استحياء للحراك الشعبي المعارض من خلال حملة بعنوان "اتحاد الجرابيع" تعتمد على تعليق بوسترات تسئ للنظام الانقلابي بصورة غير مباشرة في مترو الأنفاق، وهو ما يبشر باحتمال ظهور موجة احتجاجية جديدة الفترة القادمة انطلاقا من سوء الأوضاع الاقتصادية. عقد السيسي مؤتمرا مع المحافظين لعرض جهودهم في استرداد أراضي أملاك الدولة، وذلك بعد انتهاء المدة التي قررها مسبقا للانتهاء من هذه المهمة، وأكد السيسي خلال المؤتمر أن الدولة ستفرض أسعارا معينة على واضعي اليد الراغبين في تقنين أوضاعهم، وهي مبالغ كبيرة وصفها السيسي ب " شنط فلوس"، مؤكدا على طرد واضع اليد الغير موافق على شراء الأرض بثمنها كاملا حتى لو كان قد زرع الأرض وعمّرها، وهو ما يؤكد على سياسة الدولة الراغبة في جمع الأموال من المواطنين بأي صورة. أعلن السيسي تعيينه لضياء رشوان رئيسا للهيئة العامة للاستعلامات، وكانت بعض الأحاديث قد ترددت مؤخرا عن وجود خلافات كثيرة بين وزارة الخارجية والهيئة العامة أفضت إلى المطالبة بتعيين رئيس للهيئة من خارج وزارة الخارجية. في إطار مساعي عزل قطر إقليميا أعلنت مؤسسة الأزهر عن تأييدها لخطوة قطع العلاقات مع قطر بحجة مفارقتها لجماعة المسلمين ولعل ذلك يعكس دفع الأزهر لضريبة استعادة سيطرته على المساحات الدينية وتراجع الدولة عن اختراق هذه المساحات، أي العودة للعلاقة الطبيعية بين الأزهر والدولة والمتمثلة في التأييد الكامل من قبل الأزهر للدولة فيما يتعلق بالسياسات بإضفاء الشرعية عليها مقابل ترك المجال للمؤسسة الأزهرية في النواحي الدينية بالكامل وهي العلاقة التي كادت أن تتغير في الفترة الأخيرة بتدخل الدولة السافر في الشئون الدينية. المشهد الاقليمي والدولي: بعد تصاعد الأزمة في العلاقات المصرية السودانية والتصعيد الذي شهده جبل العوينات الأسبوع الماضي، شهد هذا الأسبوع زيارة لوزير الخارجية السوداني إلى مصر لتلطيف الأجواء وسط تصريحات دبلوماسية تؤكد على قوة العلاقات بين البلدين؛ وفي حين أحجمت مصر عن التصعيد الاعلامي مع السودان فإن زيارة وزير الخارجية السوداني رغبة الخرطوم في تهدئة أجواء التوتر، والاكتفاء بالكشف عن تدخلهم المريب في الشأن السوداني، وذلك علي اعتبار أن حكومة الخرطوم تواجه العديد من التحديات، وهي تخشى من الزج باسمها في الحرب الدائرة ضد الارهاب من قبل مصر التي تتمتع بعلاقات جيدة مع واشنطن. لا زال القصف المصري لبعض المناطق الليبية وليس فقط درنه متواصلا وإن كان بشكل متقطع، ما يؤكد أن تلك الضربات ليست ردا على حادث المنيا الأليم، وإنما تأتي في إطار خطط مسبقة هدفها تقديم الدعم لخليفة حفتر في بعض المناطق التي يعجز عن إحراز تقدم حقيقي فيها خاصة درنة التي يحاصرها منذ أكثر من عام ومناطق الوسط والغرب الليبي الواقعة بالكامل تحت سيطرة حكومة الوفاق المناوئة لحفتر. في إطار الأزمة القطرية الخليجية تم اختراق البريد الاليكتروني للسفير الاماراتي في واشنطن، وظهر كأن الموضوع مرتب بدقة بهدف ضرب الامارات بنفس السلاح الذي استخدمته ضد قطر، وكشفها ليس أمام الشعوب وإنما أمام الرأي العام الامريكي والعربي، وقد تمثل رد الفعل الاماراتي السعودي السريع علي ذلك الامر، في تشكيل تحالف خليجي عربي معاد لقطر، حيث أعلنت الامارات والسعودية والبحرين بالإضافة الي مصر قطع العلاقات مع قطر وغلق الحدود البرية والجوية المشتركة. وبدا أن دخول السعودية في هذه الأزمة كان له انعكاسات سلبية على النظام، خاصة بعد تصريحات وزير الخارجية السعودية عادل الجبير الذي أرجع السبب في قطع العلاقات مع قطر في دعمها لحماس والإخوان المسلمين، الأمر الذي أثار ردود فعل شعبية غاضبة، قد يدفعها الي تدارك هذا الخطأ الفادح، وهو ما بدأت ارهاصاته على لسان وزير الخارجية نفسه الذي عاد وأكد على أن دول الخليج لا يحتاج الي وساطة أحد وأنها ستحل الازمة في إطار البيت الخليجي، وذلك في إشارة الي الدور الذي تقوم به الكويت وعمان لحل تلك الازمة. كان لأوروبا دور إيجابي في التعامل مع الازمة القطرية بعد أن أعربت كلا من ألمانيا وفرنسا رفضها للإجراءات الخليجية ضد قطر وإعلانهما دعمهما لقطر، الأمر الذي دفع وزير الخارجية السعودي لسرعة القيام بزيارة لألمانيا لتبرير المواقف الخليجية من قطر، وكأنهم يحاولون تشكيل موقف دولي موحد ضد النظام القطري، وهو مالم ينجح حتى الآن، بسبب تشكك الدول الأوربية في دوافع القرارات الخليجية واعتقادهم بأن ترامب وراء ذلك، وأن هذا في النهاية قد يضر بمصالحهم في منطقة الشرق الاوسط. على الصعيد الأمريكي نفسه ظهر انقسام بين المؤسسات الامريكية والادارة الامريكية، ذلك الانقسام الذي دفع ترامب في النهاية بعد مهاجمته لقطر بدعوتها إلى الولايات المتحدة لمناقشة الأزمة والاتفاق مع بقية دول الخليج علي حلول لتلك الازمة. في المقابل أكدت تركيا تضامنها مع قطر وسعيها لحل الأزمة القائمة حاليا، حيث قامت بإرسال قوات عسكرية تركية…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022