كلها دوافع سياسية.. «4» أسباب وراء الحملة المنظمة ضد فيلم “ريش”
يتعرض فيلم “ريش” الذي عرض في مهرجان الجونة السينمائي لحملة منظمة من جانب المواقع المؤيدة للنظام العسكري، وذلك في اعقاب انسحاب عدد من الممثلين (منهم شريف منير وأحمد رزق وأشرف عبد الباقي، ويسرا والمخرجة إيناس الدغيدي والمخرج عمر عبد العزيز) وكلهم معرفون بولائهم المطلق لنظام الدكتاتور عبد الفتاح السيسي أثناء العرض الأول للفيلم في الشرق الأوسط، ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في الدورة الخامسة من مهرجان الجونة السينمائي، مبررين ذلك بأن الفيلم يسيء إلى سمعة مصر. في أعقاب هذا الانسحاب تصاعدت حدة الحملة ضد الفيلم حتى إن المواقع التي يشرف عليها جهاز المخابرات (اليوم السابع ــ مبتدأ ــ الوطن ــ الدستور) قامت بحذف الأخبار والتقارير وكل تغطيتها الاحتفائية السابقة عن الفيلم وأبطاله ومخرجه وقت فوزه بجائزتي مهرجان «كان»، من على مواقعها الإلكترونية، حيث فاز الفيلم بجائزتي مسابقة أسبوع النقاد ولجنة تحكيم الاتحاد الدولي لنقاد السينما، في مهرجان «كان» السينمائي الدولي، يوليو الماضي. وهو بذلك أول فيلم مصري يحظى بمثل هذه الجائزة من مهرجان سينمائي كبير له سمعة دولية واسعة. اللافت في الأمر أن هذه الحملة المنظمة ضد الفيلم جاءت رغم تكريم وزيرة الثقافة إيناس عبدالدايم لصناع الفيلم في شهر أغسطس الماضي. بعد فوزه بجائزة مسابقة أسبوع النقاد في الدورة الـ74 من مهرجان «كان». من جهة ثانية، يؤكد محمد حفظي ــ منتج الفيلم ــ أنه لم يتم صناعة الفيلم خارج منظومة الدولة، بل حصل على الموافقات اللازمة، كما أجازته «الرقابة» قبل مشاركته فى المهرجانات، فضلا عن تكريمه من الدولة ممثلة فى وزيرة الثقافة. وانتقد أحمد موسى، عبر برنامجه «على مسئوليتي»، تكريم وزيرة الثقافة، للفيلم وصناعه، لا سيما وأن الوزيرة صرحت أن الفوز بالجائزة يعد إنجازًا تاريخيًا باعتباره أول فيلم مصري يحصل على تلك الجائزة. واتهم نشأت الديهي ــ عبر برنامجه «بالورقة والقلم» ـ صنّاع الفيلم بنفس الاتهام: «تشويه سمعة مصر» داعيًا صناع الفيلم لعدم عودة السينما السوداء. وردًا على حصول الفيلم على جوائز عالمية، قال الديهي «بيحتفوا في ‘كان’ بأي حاجة تشتم مصر». الحملة الإعلامية المنظمة دفعت القائمين على مهرجان الجونة السينمائي (يموله رجل الأعمال المثير للجدل نجيب ساويرس) إلى إصدار بيان رسمي تعليقًا على الأحداث، قالوا فيه إن اختيار فيلم «ريش» جاء متسقًا مع معايير اختيار الأفلام في المهرجان، بناء على ما حققه من نجاحات، سواء حصوله على الجائزة الكبرى لأسبوع النقاد الدولي في «كان»، كأول فيلم مصري يحصل على مثل تلك الجائزة، وكذلك الجائزة الكبرى لمهرجان «بينجياو» في الصين، كما تم اختياره ليُعرض في أيام «قرطاج» السينمائية في دورتها القادمة، كما قامت وزارة الثقافة المصرية بتكريم الفيلم وفريق عمله في فعالية أقيمت قبل بدء مهرجان الجونة السينمائي. لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، وتحول الملف إلى ساحات القضاء في أعقاب تقديم المحامي المقرب من الأجهزة الأمنية سمير صبري بلاغا للنائب العام ونيابة أمن الدولة العليا ضد مخرج وسيناريست ومنتج الفيلم بدعوى الإساءة للدولة المصرية. كما تقدم النائب أحمد مهني، عضو مجلس النواب، بطلب إحاطة لرئيس البرلمان المستشار حنفي جبالي، ورئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزيرة الثقافة، بشأن عرض فيلم «ريش» الذي اتهمه بـ«الإساءة إلى مصر». معتبراً إياه «لا يقدم الصورة الحقيقية لمصر، ويساعد على تشويه الصورة الداخلية لمصر عالمياً». وطالب البرلماني المصري بـ«ضرورة محاسبة من تسبب في إخراج هذا الفيلم».[[1]] ويناقش فيلم «ريش» قصة أم تعيش في كنف زوجها وأبنائها، حياة لا تتغير وأياماً تتكرر بين جدران المنزل الذي لا تغادره ولا تعرف ما يدور خارجه، وذات يوم يحدث التغير المفاجئ ويتحول زوجها إلى دجاجة، فأثناء الاحتفال بيوم ميلاد الابن الأصغر، يخطئ الساحر ويفقد السيطرة ويفشل في إعادة الزوج، الذي كان يدير كل تفاصيل حياة هذه الأسرة، هذا التحول العنيف يجبر هذه الزوجة الخاملة على تحمل المسؤولية بحثاً عن حلول للأزمة واستعادة الزوج، وتحاول النجاة بما تبقى من أسرتها الصغيرة، وخلال الأيام الصعبة تمر الزوجة بتغيرات قاسية. لكن اللافت في موقف الممثلين الذين انسحبوا من الفيلم أنه موقف سياسي لاعلاقة لها بالناحية الفنية؛ معنى ذلك أنه يتم الحكم على العمل سياسيا لا فنيا؛ لأنه على المستوى الفني قد حاز على جائزتين عالميتين. وقد برهن شريف منيري على ذلك في مداخلاته التلفزيونية حيث أكد أنه يتبنى وجهة النظر المعارضة للفيلم، مدعيا أن غيرته على مصر هى التى حركته، مشيرا إلى أننا فى جمهورية جديدة، ومبادرات حياة كريمة، وتكافل وكرامة، والأسمرات، تحارب بها الدولة الفقر، وبالتالى الصورة التى كانت تظهر فى فيلم مثل «حين ميسرة»، لابد أن تبعد العين عنها. لأنه يصدر صورة سلبية عن مصر. مبديا اندهاشه من حصول الفيلم على هذه الجوائز العالمية. الغريب في الأمر أن شريف منير ــ عبر صفحته بموقع فيسبوك ــ ادعى أنه لم يغادر مهرجان الجونة بسبب تحفظه على فيلم «ريش»، ولكن لأن هذا الميعاد كان متفقا عليه مسبقا مع إدارة المهرجان، رغم أن كل مداخلاته التلفزيونية تؤكد أن السبب هو الموقف السياسي من الفيلم.[[2]] من جانبه رفض منتج الفيلم محمد حفظى، تحميله أى بعد سياسى، مؤكدا أن المخرج عمر الزهيرى تناول قضية إنسانية، لسيدة تعانى من القهر، وبالتالى ليس من الطبيعى أن تكون مكافأته الجلوس فى غرفته قلقا ومكتئبا وكأنه ارتكب جريمة، بدلا من تكريمه عن الإنجاز الذى حققه، ليس فقط فى مهرجان كان، حتى لا يقال بأنها جائزة مسيسة من الغرب، فقد حصل بالتوازى مع هذه الأزمة المفتعلة على جائزة كبرى من مهرجان بالصين. نقد لمواقف السلطة واستنكر قطاع كبير من المتابعين والنقاد، اتهام بعض الفنانين والسياسيين صناع الفيلم، بـ«الإساءة لمصر والمصريين»، مشيرين إلى أن توجيه هذه الاتهامات للأعمال الفنية يعد نوعاً من الإساءة، وطالبوا بمواجهة الفن بالفن، وإتاحة الفرصة للمخرجين المستقلين للتعبير عن أفكارهم بحرية تامة. ويرى الناقد الفني خالد محمود، الذي شارك في مهرجان الجونة، أن حالة الغضب والضجة التي افتعلها بعض الفنانين والسياسيين بعد عرض فيلم (ريش) ليست في محلها وغير مستحقة تماماً، ولا سيما أن الفيلم يناقش قضية إنسانية بوجهة نظر مخرجه وبشكل معمق، بالإضافة إلى أن عدداً كبيراً من منتقديه بالقاهرة لم يشاهدوا الفيلم. ويرى أن «أفلام المخرجين المستقلين تحمل طابعاً إنسانياً واجتماعياً عميقاً، لأن إنتاجها يكون ضعيفاً جداً، عكس الأفلام التجارية التي تحقق أرباحاً في دور العرض»، مشيراً إلى «أهمية ترك الفرصة أمام الجمهور للحكم عليها بمفرده». ويصف الناقد الفني طارق الشناوي اتهام الفيلم والقائمين عليه بالإساءة لسمعة مصر بــ «سلاح فشنك»، وذلك في مقال له بصحيفة المصري اليوم بعنوان «سمعة مصر.. سلاح فشنك»!! مطالبا بتكريم القائمين على الفيلم لحصوله على جائزتين عالميتين وقال الشناوي: “كنت أنتظر أن نقول مبروك لمصر على الإنجاز التاريخى، ومبروك ميلاد آخر عناقيد المبدعين عمر الزهيرى، بدلا من استخدام هذا السلاح (الفشنك) سمعة مصر”.[[3]] وقال المخرج كريم الشناوي في…