هل تلجأ السلطة الفلسطينية وحماس إلى تفعيل أدواتهما لمواجهة صفقة القرن؟

التاريخ: 8 فبراير 2020 بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وبجواره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يوم الثلاثاء 28 يناير 2020، عن الشق السياسي لخطة السلام الأمريكية في الشرق الأوسط، والمعروفة إعلاميًّا بـ “صفقة القرن”. ثار الحديث عن الأدوات الفعالة التي تملكها كل من السلطة الفلسطينية وحماس لمواجهة تلك الصفقة، وتمثلت تلك الأدوات بصورة أساسية في وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل من قبل السلطة، ولجوء حماس إلى التصعيد العسكري ضد إسرائيل في قطاع غزة، وأخيرًا، وليس آخرًا، اتجاه الطرفين نحو تحقيق المصالحة. فهل يتجه الطرفان نحو تفعيل تلك الأدوات لمواجهة الصفقة؟   هل تنفذ السلطة الفسطينية تهديدها بوقف التعاون الأمني مع إسرائيل؟: كشفت قناة التلفزة الإسرائيلية “12”، في 29 يناير 2020، أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بعث برسالة شخصية إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أكد فيها أن الخطة التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعني أن إسرائيل والولايات المتحدة قد ألغتا اتفاقية أوسلو. وقالت المعلقة السياسية للقناة دانا فايس، إن عباس شدد في الرسالة التي سلمها وفد فلسطيني إلى وزير المالية الإسرائيلي موشيه كحلون، لينقلها إلى نتنياهو، على أن السلطة ترى نفسها “غير ملزمة بتنفيذ كل التزاماتها في اتفاقية أوسلو، وضمن ذلك التعاون الأمني مع إسرائيل”. وأضاف عباس في رسالته: “يحق لنا أن نقوم بتحطيم القواعد تمامًا كما تفعلون، من خلال الإجراءات الأحادية الجانب”. وحسب فايس، فإن عباس شدد في رسالته على أنه معنيٌّ بنقل هذه الرسائل الواضحة لنتنياهو، قبل أن يقوم بإبلاغ اجتماع الجامعة العربية بها يوم السبت المقبل (1 فبراير)[1]. وفي كلمته خلال الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب في 1 فبراير الجاري (2020) بالقاهرة، فقد أعلن عباس عن رفض الفلسطينيين لـ “صفقة القرن، ورفض بقاء الولايات المتحدة وسيطًا وحيدًا لأي عملية سلام مستقبلية”. وذكر أنه أبلغ رسميًّا الأمريكيين والإسرائيليين، بقطع كافة أشكال التنسيق الأمني معهما، معلنًا انطلاق المواجهة السلمية لاسترداد الحقوق الفلسطينية. إلا أن أغلب التحليلات التي تناولت تلك التهديدات أكدت على أنه لن يتم تنفيذها، وذلك لمجموعة من الأسباب، منها: 1- أن عباس سبق وأن هدد بوقف التنسيق الأمني مع إسرائيل عدة مرات، كما أن المجلسين المركزي لمنظمة التحرير والوطني اتخذا العديد من القرارات بهذا الشأن عام 2015 بقطع العلاقات مع إسرائيل، وفي 2017 بقطع العلاقات مع الولايات المتحدة، ولم يتم تنفيذ أي منها[2]. 2- أن لغة عباس أصبحت أقل حدة، فقد أشار أبو مازن، خلال ترؤسه اجتماعًا للحكومة الفلسطينية في مدينة رام الله، الاثنين (3 فبراير 2020) إلى أنه أبقى قناة واحدة للتنسيق مع الإدارة الأمريكية والبيت الأبيض، مؤكدًا أنها لن تقطع، ومن ضمنها العلاقات الأمنية. وعن العلاقة مع الجانب الإسرائيلي قال الرئيس الفلسطيني: “كذلك مع إسرائيل، لا يوجد الآن أي علاقة إلا الأغراض التي يبيعوننا إياها ونشتريها منهم، والتنسيق الأمني، ونحن نرفض هذا التنسيق إذا استمروا في هذا الخط”[3]. 3- أن اللقاءات بين الأجهزة الأمنية مستمرة ولم تتوقف، فقد كشفت قناة “كان” العبرية، عن زيارة سرية قامت بها جينا هاسبل مديرة وكالة المخابرات المركزية إلى مدينة رام الله بعد يوم واحد من إعلان تفاصيل “صفقة القرن”، واجتمعت برئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج والوزير حسين الشيخ[4]. فضلا عن إجراء مسؤولي الأمن الإسرائيلي محادثات مع كبار المسؤولين الفلسطينيين وكبار المسؤولين الأمنيين في السلطة الفلسطينية، في محاولة لطمأنتهم بعد إطلاق ترامب لصفقة القرن[5]. أكثر من ذلك، فإن رئيس المخابرات العامة الفلسطينية، ماجد فرج، يبدو أنه من الشخصيات التي عملت على إنجاح الصفقة، فهو كان مجتمعًا مع مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكية، سرًّا قبل الإعلان عن الصفقة. يذكر أن فرج خلال الأعوام الأخيرة، قام بمجموعة من المهام التي مهدت لتمرير بنود الصفقة؛ إذ نجح الرجل -الذي ينادونه بـ «الباشا»- في استئصال حركة حماس وأسلحتها، والحد من نفوذها العسكري كثيرًا في الضفة الغربية[6]. 4- استمرار الاعتقالات السياسية من قبل السلطة، واستجواب المعتقلين من أبناء حركتي حماس والجهاد الإسلامي، والذي يعد مؤشرًا على عدم وجود نية لدى السلطة الفلسطينية بوقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي. 5- حالة الاستقرار الأمني في مدن الضفة الغربية المحتلة بعد إعلان ترمب لخطته للسلام، وعدم وجود مسيرات شعبية قوية ضد أماكن التماس مع الاحتلال الإسرائيلي، ما يعكس درجة التنسيق الأمني بين السلطة وإسرائيل. 6- أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية سمحت لمسيرات بعد إطلاق صفقة القرن؛ ولكنها لم تسمح لهذه التحركات أن تأخذ مدى بعيدًا، أو تصل إلى مستوى يؤثر على الاحتلال الإسرائيلي. 7- كما حرصت الولايات المتحدة على إبقاء التنسيق الأمني بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهو ما ظهر في أنه في حين قامت واشنطن بقطع الدعم المالي عن السلطة، فإنها لم توقف الأموال عن الأجهزة الأمنية[7]. 8- أن عباس يخشى من أن تستغل حماس إطلاق صفقة القرن وما قد ينتج عنها من تسخين الشارع في الضفة الغربية؛ لاستعادة وجودها، والسيطرة مرة أخرى على الضفة؛ ولذلك فقد اتخذ أبو مازن قرارًا باستمرار التنسيق الأمني مع إسرائيل[8]. 9- كما يخشى عباس من أن قطع العلاقات مع إسرائيل يؤدي إلى التسريع في عملية استبداله بغريمه المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، خاصة في ظل العديد من الأجراءات التي تشير إلى استعداد دحلان لتولي رئاسة السلطة، والتي كان آخرها، ترتيب وضع تياره المسمى الإصلاحي ضمن مساعيه لتأسيس أطره النقابية. حيث أنشأ دحلان أخيرًا مكتبًا مركزيًّا لصحافييه على غرار «المكتب الحركي لصحافيي فتح»، فيما يعمل على إنشاء مؤسسات إعلامية في قطاع غزة، مقابل منع عباس نشاطه في الضفة المحتلة. وتترافق تلك الجهود مع العمل على إعادة إحياء مؤتمر “عين السخنة” بنسخته الثانية، الذي يهدف إلى استضافة دورات ومخيمات في مصر، تركز على استهداف طاقات حقوقية وإعلامية، وتحديدًا من فئة الشباب الغزيين، مع دخول مباشر على خط الترويج لدور أكبر للقيادي الفتحاوي مروان البرغوثي، الذي تحول إلى خصم آخر لعباس. وفي هذا السياق، يشتكي مسؤولون مقربون من «أبو مازن» من موقف «الرباعية العربية» (مصر، السعودية، الإمارات، البحرين) التي دعم أطرافها «صفقة القرن»، وهم أنفسهم من يرون في دحلان رجل المرحلة المقبلة. ومن هنا، يُفهم جزء من الأسباب التي تجعل «فتح» مصرّة على زيارة غزة، وعودة العمل على ملف المصالحة[9].   هل تصعد حماس عسكريًّا ضد إسرائيل؟: تشترط خطة السلام الأمريكية تجريد قطاع غزة بالكامل من السلاح، قبل تنفيذ إسرائيل لالتزاماتها الواردة بالخطة، وقبل إحداث أي تحسينات كبيرة لحياة السكان في القطاع. وجاء في المقترحات: “ستنفذ إسرائيل التزاماتها بحسب الاتفاق فقط في حال: سيطرة السلطة الفلسطينية أو أي هيئة وطنية أو دولية أخرى مقبولة لدى دولة إسرائيل بالكامل، ونزع سلاح حماس، والجهاد الإسلامي، وبقية المنظمات في غزة، وتكون غزة منزوعة السلاح”. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتنازل حماس أو فصائل المقاومة الموجودة في قطاع غزة عن سلاحها لأى جهة، حتى إذا كانت تلك…

تابع القراءة

الخرائط المجهولة لمراكز القوى داخل النظام قراءة في خلفيات الجدل حول مشروع قانون المحليات

التاريخ: 8 فبراير 2020 في ديسمبر 2019، وبعد جدل بين رئيس البرلمان المصري وأحزاب محسوبة على الأجهزة الأمنية والاستخباراتية، بخصوص قانون المحليات المقدم من الحكومة، استجاب رئيس البرلمان المصري علي عبد العال لرؤساء الهيئات البرلمانية للأحزاب المقربة من النظام، وتراجع عن مناقشة قانون الإدارة المحلية الجديد في الجلسة العامة، بعد إدراجه على جدول الجلسات العامة، وذلك بعد الهجوم الذي قادته هذه الأحزاب ضد رئيس البرلمان[1]. دارت هذه المعركة -في ذلك التوقيت- حول مشروع القانون بين طرف يمثله رئيس البرلمان علي عبد العال، يؤكد أن “من يقاوم إصدار هذا التشريع هي الدولة العميقة بالمحليات، وأن مصر من دون أجهزة محلية منذ تسع سنوات، ولا يجوز رفض القانون من حيث المبدأ باعتباره التزامًا دستوريًّا”[2]. وطرف آخر يمثله أحزاب ائتلاف «دعم مصر»، والذي يرى أن مشروع القانون لا يحقق الهدف المأمول منه، وأن هناك أسبابًا تُعيق إجراء انتخابات المجالس المحلية، ومنها: “التقسيم الإداري للدولة، وتصويت المصريين بالخارج في انتخابات المحليات، والمواد الدستورية الخاصة بالمحليات، والتي يجب تعديلها، والنظام الانتخابي المقترح”[3]. الغريب أن هذا الخلاف حول القانون قد تفجر، رغم أن مشروع القانون مقدم من السلطة التنفيذية وعلى رأسها السيسي، ومقدم لبرلمان تشكل في غرف المخابرات وأجهزة الأمن، وهو ما يدعم فكرة وجود جهات متنافرة داخل جهاز الدولة، لكل منها رؤيته ومواقفه. بعد ذلك الجدل بأيام فقط، وبالضبط في 25 ديسمبر 2019، خلال لقاء السيسي بالصحفيين على هامش افتتاحات مشروع الثروة الحيوانية في الفيوم، أكد مصطفى بكري أنه توجه بالسؤال للسيسي، عن مدى قدرة الدولة على إجراء ثلاث انتخابات -في إشارة للمحليات والشيوخ والنواب- في عام واحد، فقال السيسي: “أنا مع إجراء الانتخابات في عام واحد، ولكن من الصعوبة إجراءها مرة واحدة”، وأضاف “بكري” أن السيسي طالب بحوار مجتمعي واسع، والتعرف إلى كل وجهات النظر حول انتخابات المحليات[4]. وتبدو من إجابة السيسي أنه أقرب لموقف أحزاب الائتلاف «دعم مصر» وحزب «مستقبل وطن» ضد عبد العال. والسؤال هنا ما سبب الجدل والخلافات إن كان السيسي يدعم أحد طرفي الخلاف، إذا علمنا أن السيسي هو قطب الرحى الذي تلتف حوله كل قوى نظام دولة يوليو 2013؟ التفسير المطروح أن النظام -بما فيه السيسي – لم يحسم موقفه بعدُ من إجراء انتخابات المحليات، وهذا التردد هو سبب ظهور الخلافات بين مكونات النظام.   محددات الموقف المرتبك للنظام من المحليات: بداية يدرك النظام بكل أجهزته القيمة المركزية لـ “الإدارة المحلية”، في ضمان استقرار النظام وسيطرته التامة على المجتمع. فـ (الإدارة المحلية هي الفرع الثالث من السلطة التنفيذية بعد رئيس الجمهورية والحكومة، وقد أفرد لها دستور 2014 فصلًا كاملًا[5] ينظم آلية تقسيم الدولة إلى وحدات إدارية، منها المحافظات، والمدن، والقرى، على أن يكون لكل وحدة إدارية موازنة مستقلة. وألزم البرلمان بإصدار قانون يتضمن شروط وطريقة تعيين أو انتخاب المحافظين، ورؤساء الوحدات الإدارية المحلية الأخرى، واختصاصاتهم، وطريقة انتخاب مجلس محلي لكل وحدة محلية، وتطبيقه بالتدريج خلال خمس سنوات من سريانه في 18 يناير 2014، وهي المدة التي انتهت بالفعل في 18 يناير 2019)[6]. كما يدرك النظام أن سرعة إنجاز انتخابات المحليات أو ترتيبات أخرى بديلة، تعيد تشكيل خريطة المحليات بما يتوافق مع توجهات النظام، ويعبر عن تحالفاته في المجتمع، ويشكل دعمًا كبيرًا للاستقرار، وتعضيدًا لسطوة النظام وسيطرته على المجتمع، وأن تأخر هذه الخطوة قد يفتح مجالًا لعودة القوى المناوئة من باب الفراغ الناجم عن تأخر انتخابات المحليات، وسيسمح للتحالفات في المحليات المتوارثة عن دولة مبارك أن تمثل خاصرة رخوة للنظام؛ فهي تمثل عصب المكون الثالث من مكونات السلطة التنفيذية الثلاث “الرئاسة، الحكومة، المحليات”، وفي الوقت نفسه، فإن ولاءها ليس للنظام. ويدرك النظام في الوقت ذاته أنه رغم هذه الأهمية الكبيرة لانتخابات المحليات، إلا أنه يدرك أيضًا أن إجراء هذه الانتخابات محاط بالمخاطر، وقد يسمح بتسرب قوى مناوئة لداخل الأجهزة المحلية من باب الانتخابات؛ لذلك بالرغم من أن السيسي منذ أبريل 2016 توجه للحكومة بالبدء في تنفيذ إجراءات انتخابات المحليات قبل نهاية هذا العام[7]، وبالرغم من استجابة الحكومة، والتي انتهت من إعداد مشروع القانون في يوليو من العام نفسه[8]، وأرسلته إلى مجلس النواب، الذي أعلن في سبتمبر من العام نفسه تسلم مشروع القانون[9]، إلا أن مشروع القانون ظل حبيس الأدراج منذ انتهت لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان من مراجعته في أبريل 2017، وحتى ديسمبر الماضي 2019.   تفسير الخلاف عبر رصد الخرائط المجهولة لمراكز القوى داخل النظام: إن كان التردد هو سيد الموقف، والارتباك هو المهيمن على تعاطي النظام بمكوناته مع مشروع القانون، فما تفسير هذه الجدالات والاشتباكات بين مراكز القوى داخل النظام على مشروع القانون. ثمة ثلاث تفسيرات؛ التفسير الأول: أن الخلاف الحقيقي حول مشروع القانون حدث بسبب تجدّد الصراع بين جهاز سيادي وأحد الأجهزة الأمنية، وذلك بعدما أُسند الملف السياسي للبلاد (البرلمان والأحزاب) مؤخرًا للجهاز السيادي مرة أخرى، وذلك بعدما أُسند للجهاز الأمني خلال فترة التعديلات الدستورية في 2019. وأن رئيس البرلمان يمثل الجهاز السيادي “المخابرات العامة”، بينما الأحزاب تمثل أحد الأجهزة الأمنية “الأمن الوطني”، وأن المخابرات ارتأت ضرورة إحداث تطور لافت في ملف الانتخابات المحلية في عام 2020؛ بهدف ملء الفراغ السياسي المُسيطر على المشهد المصري، إلا أن جهاز الأمن الوطني كان له رأي مغاير؛ لمنح الجهاز مزيدًا من الوقت لإحكام سيطرته على المحليات[10] بعد انهيار التحالفات -خلال سنوات الثورة- التي أسستها الدولة مع العائلات الكبرى إبان حكم الرئيس الأسبق مبارك، والذي امتد لثلاثين عامًا. هذا التفسير يؤكده مراقبون، وأن ما حدث يمثل مبارزة باتت متكررة في الآونة الأخيرة بين رئيس البرلمان المحسوب على الأجهزة السيادية، و«مستقبل وطن» المحسوب على جهاز أمني، عاد على إثرها القانون إلى الدرج إلى أجل غير مسمى[11]، وما يؤكد هذا الطرح أن من النواب من رأى أن اعتراضات ائتلاف دعم مصر واهية، وأن النواب المعارضين لمشروع القانون لم يتطرقوا إلى أي ملاحظات موضوعية على القانون، وإنما كلها اعتراضات ظاهرية تؤكد أن غالبيتهم لم يقرأوا مسودة القانون من الأساس، وإنما ينفذون أوامر ما، خاصة أن أيًّا من النواب الرافضين لفتح باب المناقشة حول مواد القانون المقترح، لم يتطرقوا للمواد الجدلية، مثل المادة الخاصة باختيار المحافظ بالتعيين وليس بالانتخاب[12]. التفسير الثاني: أن الأحزاب التي رفضت تمرير القانون الذي يمهد لإجراء انتخابات المحليات، غير مستعدة للمجالس المحلية ومجلس النواب خلال عام واحد، وأن القانون يحمل الكثير من النقاط التي تمثل عقبات أمام هيمنة هذه الأحزاب المدعومة من النظام على المحليات. وقد ذكرت هذه الأحزاب أن من أسباب رفضها لمشروع القانون (مطالباتهم بأن تكون انتخابات المجالس المحلية بنظام القائمة المطلقة المغلقة بنسبة 100% بدلا من نسبة 75% المنصوص عليها في مشروع قانون الحكومة، بالإضافة إلى مناداتهم بضرورة اعتماد تخطيط عمراني جديد للدولة، وفصل حدود المحافظات قبل إنفاذ القانون، وتعارض…

تابع القراءة

إدلب تواجه مصيرها.. تقدير موقف للهجوم الروسي السوري

التاريخ: 8 فبراير 2020 لطالما تمتعت إدلب بمكانة خاصة في قلوب أبناء الربيع العربي عامة، والسوريين تحديدًا، ومن ينسى لتلك المحافظة تجديدها دماء الثورة، عندما خرجت عن سيطرة النظام بصورة كاملة في عام 2015؛ حيث كانت الثورة المضادة في عزها، ثم لم تغلق بابها أمام الثوار المهجرين من بلدانهم بعد تهديد النظام وروسيا بحرقها إذا لم يتركوها، فلطالما كانت إدلب هي الملاذ لهم، هذا على المستوى “النوستولوجي[1]” التاريخي. أما المستوى السياسي والقومي والإستراتيجي، فليس من الغريب أن تكون إدلب هي المعركة التي لطالما أخرها المتحاربون؛ لخشيتهم من زلزالها وتداعياتها من جهة، ولأهميتها من جهة أخرى. وعلى الصعيد الإنساني فإن وجود خزان بشري هائل في إدلب ينذر بكارثة إنسانية قد تحدث في حالة عدم حدوث توافقات بين الضامنين الدوليين والإقليميين؛ حيث نشر مكتب التنسيق والدعم التابع لفريق منسقي الاستجابة إحصائية عامة لتعداد السكان الأصليين والمهجرين في عموم محافظة إدلب، وبلغت الإحصاءات العامة للسكان في محافظة إدلب 3.695 مليون نسمة، وبلغ عدد المهجرين وحدهم من مختلف المناطق في سوريا إلى محافظة إدلب 1.2 مليون نسمة، وزاد عدد السكان في المحافظة عن سابقه بعد الحملة التي تعرضت لها مناطق أرياف حماة الشمالية والشرقية؛ حيث بلغ عدد النازحين الوافدين إلى إدلب وقتها 250 ألف نسمة، ليقارب بذلك عدد سكان المحافظة 4 ملايين نسمة. مؤخرًا، شهدت المدينة حملة عسكرية لم تشهدها مناطق الشمال السوري من قبل، وسط تحليق وقصف مكثف من سلاح الجو الروسي، وهجوم بري واسع من قوات النظام والميليشيات الإيرانية. بدأت الحملة مع بداية الشهر الثامن من العام الفائت (2019)، ومستمرة حتى تاريخ اليوم، خسرت المعارضة خلالها معظم مواقعها في ريفي إدلب الشمالي والشرقي، وأبرز تلك المواقع كانت قرى وبلدات خان شيخون وجرجناز ومعرة النعمان، وقد سببت الحملة الأخيرة دمارًا هائلا، وأفرغت جميع المناطق من أهلها جراء آلة القصف العنيفة، وأحدثت كارثة كبيرة إثر حركة النزوح المتواصلة باتجاه باقي مناطق الداخل المحرر. منذ اشتداد وتيرة القصف والعمليات العسكرية من ديسمبر نهاية العام الماضي (2019)، وبحسب توثيقات المرصد السوري لحقوق الإنسان وفريق منسقي الاستجابة، بلغت أعداد النازحين نحو 800 ألف نازح، وتعتبر حركة النزوح هذه الأضخم والأكثر مأساوية خلال 9 سنوات من عمر الحرب في سوريا، في ظل سيطرة الأسد وحلفائه على أكثر من 113 منطقة في أرياف إدلب الجنوبية والشرقية وريفي حلب الغربي والجنوبي. آلاف العائلات تركت القرى والمدن هربًا من أسلحة القصف والدمار، وخوفًا من سيطرة النظام الأسدي وحلفائه على المناطق، تاركين وراءهم أملاكهم وأرزاقهم، وكل أشيائهم إلى ما لا يعلمون[2]. ناهيك على الأهمية التي تمثلها منطقة إدلب لهم، فأنقرة تخشى من عودة الأكراد إلى الشمال السوري، وبالتالي تهديد أمنها القومي، وعودة الحلم بتأسيس دولة كردستان، ونظام بشار يخشى من وجود بقعة إستراتيجية خارج نطاق سيطرته. قوات النظام السوري تتقدم أكثر في عمق إدلب، ضمن تكتيك القضم التدريجي، تحت غطاء جوي روسي لا يترك ريبة لمستريب في أنّ موسكو ليس فقط موافقة على هذه العمليات العسكرية؛ بل يستحيل ألا تكون هي صاحبة الضوء الأخضر في إطلاقها. وهذا تقدّم لا يخلو من مجازفة أولى، هي الاصطدام العسكري مع أنقرة عبر نقاط المراقبة التي يديرها الجيش التركي؛ ومجازفة ثانية، سياسية هذه المرّة، هي الإضرار بتفاهمات أستانة وسوشي بين تركيا وروسيا.   أنقرة ليست قليلة الحيلة: الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يدرك جيدًا أنّ الذهاب أبعد مما ينبغي، في تجاوز حدود اللعبة ليس البتة في صالح موسكو سياسيًّا، كما أنه عسكريًّا نقطة ضعف فادحة في جانب النظام السوري كما أثبتت التجارب السابقة؛ ليس ضمن احتمالات أية مواجهة عسكرية بين جيش النظام والجيش التركي فقط، بل كذلك إذا شاءت أنقرة رفع وتيرة التسليح، كمًّا وكيفًا، لدى كتائب ما يُسمّى بـ ”الجيش الوطني السوري” الملحق بوزارة الدفاع التركية، أو حتى منح الجولاني “غمزة” من نوع ما يقرأها كترخيص بالتصعيد[3]. كما أن عودة واشنطن للمشهد مؤخرًا وتصريحها بأن أنقرة عضو في حلف الناتو، وأنها ترفض أي إضرار بها، قد يكون ورقة جديدة لأردوغان لمزيد من الضغط على روسيا. لكن يبدو أن النظام السوري لم يكتفِ بما حققه بعد السيطرة على مدينة معرة النعمان، وقصفه المستمر على أحياء إدلب وريف حلب، وأنه ينوي السيطرة على مدينة سراقب؛ لكي تسهل من عملية الهجوم على إدلب والقضاء على المعارضة تمامًا. لم تقف تركيا موقف المتفرج، وهي تشاهد التهديد يتزايد على مناطق نفوذها في شرق الفرات ومنطقة غصن الزيتون، خاصة أن هزيمة المعارضة في إدلب ستؤدي إلى خسارة أنقرة أوراقها في التفاوض؛ ولذلك بدأت أنقرة الرد على هجوم النظام جويًّا وبريًا، بتأسيس تسع نقاط مراقبة جديدة لحماية سراقب، وحفر الخنادق والاستعداد للمعركة، كما صرح بذلك أردوغان[4]. وانتشر  تصريح لوزارة الدفاع التركية، أكدت فيه أنها سترد دون أي تردد على أي محاولة من النظام السوري بتهديد نقاط المراقبة التابعة لها في محافظة إدلب[5]. ومن الجهة الأخرى، يحاول النظام السيطرة على سراقب، التي تعد عقدة مواصلات بين دمشق وحلب من جهة، وبين حلب واللاذقية من جهة أخرى، كما أنها تتحكم بطرق مهمة عدة، كما تعتبر سراقب منطقة مهمة جدًّا وإستراتيجية، فهي صلة الوصل بين جنوب حلب وريف إدلب، وبوابة مدينة إدلب الشرقية. ولذلك شن النظام السوري هجومًا على القرى الشرقية والجنوبية التابعة لناحية سراقب. وانقسمت القوات المهاجمة إلى محورين؛ محور انطلق من معردبسة باتجاه تل مرديخ وداديخ وجوباس؛ بهدف تطويق سراقب من الجهة الغربية، وهو ما حصل فعلا، ومنها استمر النظام بالتقدم إلى قريتي الترنبة وسان. ومع نشر القوات التركية نقطة مراقبة قرب الترنبة في مزرعة “حميشو” على طريق (حلب – اللاذقية) “إم 4″، وسعت قوات النظام هجومها غربًا لتطويق النقطة التركية ومنع استمرار التقدم التركي باتجاه أريحا غربًا، وسيطرت على أجزاء واسعة من النيرب، ووصلت إلى حدود قميناس، وسيطرت على معسكر الشبيبة[6]. ووسعت قوات النظام والميليشيات المساندة لها، محيط سيطرتها شمال وغرب نقطة المراقبة في تل الطوقان وسيطرت على كامل طريق (أبو ظهور – سراقب) بعد تقدمها في رأس العين وسليمين والرصافة. هذا التطويق جعل سراقب قاب قوسين من الحصار، فعمليًّا أصبحت شبه محاصرة، وتمكنت قوات النظام من رصد طريق (حلب – دمشق)؛ بسبب تمركزها في مزارع الدوير والقعلولة، واستحالة الانسحاب من طريق (حلب – دمشق) القديم الذي يصل بين سراقب وبلدة تفتناز. ولم يبق أمام مقاتلي وثوار المدينة ومن معهم سوى الانسحاب باتجاه نقطة المراقبة التركية الجديدة في معمل الأدوية (شمال سراقب)، ومنها غربًا إلى بلدة آفس، فيما سلك آخرون الطريق الزراعي باتجاه الشمال أيضًا. لذلك فأهميتها للمعارضة مصيرية، وللنظام إستراتيجية، ومن هنا فإن استعداد الجميع للدفاع عنها قد ينذر بكارثة. ولكنه لا يلغي احتمالية حدوث تفاهمات جديدة بين روسيا وتركيا، والنظر إلى السيناريوهات السابقة التي حصلت وبطريقة مشابهة لمدينة سراقب، كما…

تابع القراءة

موجز المشهد السياسى عن الفترة من 2 إلى 8 فبراير 2020

المشهد الوطني: – في حال تقرر وقف منتدى شباب العالم ومؤتمرات الشباب .. ما البديل؟: نقلت صحيفة العربي الجديد عمن أسمتهم مصادر خاصة، أن هناك اتجاهًا داخل مؤسسة الرئاسة لإلغاء فعاليات “منتدى شباب العالم” السنوي، الذي يجرى تحت رعاية وتوجيه السيسي. وأنّ الأمور تتجه أيضًا داخل مؤسسة الرئاسة إلى الحدّ من مؤتمرات الشباب، وجعلها في أضيق الحدود. وأن السيسي كلّف لجنة بإشراف من رئيس الأركان الأسبق محمود حجازي، بدراسة مدى جدوى مؤتمرات الشباب، وآلية “منتدى شباب العالم”، في ظلّ الإنفاقات الضخمة التي تتحملها خزينة الدولة بسببها، ومع ضعف جدواها، وهو ما تكشف خاصة بعد احتجاجات 20 سبتمبر 2019. وأن هناك تيارًا بات ضعيفًا للغاية ما زال يشير على السيسي بالحفاظ على تلك الآلية -مؤتمرات الشباب ومنتدى شباب العالم- محسوبًا على اللواء عباس كامل بجهاز المخابرات العامة، في حين يرى تيار آخر داخل مؤسسة الرئاسة تخفيض تلك المؤتمرات، واللجوء إليها عند الحاجة فقط، ومن أبرز أصحاب تلك الرؤية مدير مكتب السيسي، اللواء عبد المحسن عبد النبي، واللواء حجازي. لكن ما البديل الذي سيلجأ له النظام لترميم شرعيته المتآكلة. بدافع الخوف .. إبقاء المعارضة غير المدجنة خلف القضبان: في 14 فبراير 2018، قبضت الشرطة على عبد المنعم أبو الفتوح، رئيس حزب مصر القوية، والقيادي السابق في جماعة الإخوان المسلمون، من منزله بالتجمع الخامس، وذلك بعد يومين من عودته إلى القاهرة قادمًا من لندن؛ حيث أجرى عدة حوارات تليفزيونية مع قنوات “الجزيرة” و”التليفزيون العربي” و”بي بي سي عربي”، وشنّ خلالها هجومًا حادًّا على النظام السياسي قُبيل الانتخابات الرئاسية، منددًا بحبس رئيس أركان القوات المسلحة الأسبق سامي عنان، والاعتداء على رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق هشام جنينة. وخلال العامين الماضيين تم إدراجه على ذمة القضية 440 لسنة 2018، وظل طوال عامين محبوسًا على ذمة القضية، وكان من المتوقع إخلاء سبيل “أبو الفتوح” الأسبوعين المقبلين؛ بسبب إتمامه الحد الأقصى لفترة الحبس الاحتياطي، وبعد أن قبلت محكمة النقض الطعن المُقدم من “أبو الفتوح” ضد قرار إدراج اسمه على قوائم الشخصيات الإرهابية، والذي تمّ بعد القبض عليه والتحقيق معه. لكن “أبو الفتوح” وفريق الدفاع عنه فوجئ بضم نيابة أمن الدولة العليا رئيس «مصر القوية» إلى قضية جديدة، هي القضية رقم 1781 لسنة 2019، بتهمتي «تولي قيادة جماعة إرهابية» و«ارتكاب جريمة من جرائم التمويل»؛ ليستمر مجددًا محبوسًا على ذمة التحقيق في قضية جديدة. الحبس الاحتياطي والاعتقال والأحكام العرفية بموجب قانون الطوارئ .. هذه الأدوات وغيرها وسيلة الدولة للإبقاء على المعارضة خلف القضبان، فهي إجراءات احترازية تتبعها سلطة مأزومة ومرتبكة تخشى الاشتباك معها، وتسعى جاهدة للبقاء في مساحة آمنة، بعيدًا عن أية اشتباكات مع المعارضة أو مع المجتمع. كما أن ما حدث في سبتمبر 2019 من احتجاجات كانت تنذر بالتمدد والاتساع بصورة كادت تهدد استقرار النظام الحاكم، وتتهدد حتى بقاءه، هذه الاحتجاجات بدون فاعل واضح ومحدد تزيد من ارتباك الدولة وتخوفاتها من وجود فاعل مجهول، أو حتى تكرار الحدث، فيجد آذانًا مصغية، واستجابة أكبر، فتمثل تهديدًا أكبر، نتائجه غير معروفة. لذلك يلجأ النظام لهذه الإجراءات الاحترازية والتعسفية، مدفوعًا بخوفه وارتباكه، ورغبته الأكيدة في عدم تكرار مشهد يناير 2011، خاصة مع إدراك النظام باستمرار كل المظلوميات التي حركت الناس في يناير 2011، وفي صورة أشد قسوة وقبحًا. المشهد السيناوي: رئيس أركان الجيش يزور سيناء في ظل تزايد عمليات داعش هناك: زرع مسلحون مجهولون عبوات ناسفة أسفل خطّ الغاز المارّ في منطقة التلول شرق مدينة بئر العبد، وفجروه بعد انسحابهم من المنطقة. وقد أدى التفجير إلى عطبٍ في خطّ الغاز واشتعال النيران في المكان، من دون أن تتمكن طواقم الدفاع المدني من السيطرة عليها. عقب ذلك، عزّزت قوات الأمن المصرية من وجودها في المكان، وعمدت إلى تمشيط المنطقة؛ بحثًا عن المنفذين، الذين تمكنوا من الفرار. وقد أعلن تنظيم “ولاية سيناء” الموالي لـ “داعش”، في بيان نشر عبر الحسابات المقربة منه على مواقع التواصل الاجتماعي، مسؤوليته عن الهجوم. وكنتيجة لهذا الحادث، ولسلسلة هجمات دموية وقعت في محافظة شمال سيناء، أسفرت عن مقتل وإصابة عشرات العسكريين، (كان آخرها مقتل 3 عسكريين بينهم ضابط)، قام رئيس أركان حرب القوات المسلحة الفريق محمد فريد، بزيارة محافظة شمال سيناء، وتركزت زيارة رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية على مقر الكتيبة 101، الذي يحوي قيادة عمليات الجيش المصري في سيناء، فيما لم يتمكن الوفد التجول خارج إطار المنطقة العسكرية، أو الانتقال لمدن رفح والشيخ زويد. وبحسب المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية عقيد أركان حرب تامر الرفاعي، فإنّ الفريق فريد تفقد عددًا من الأكمنة والارتكازات الأمنية على الطرق والمحاور الرئيسة بشمال سيناء، كما تابع مراحل سير العمليات العسكرية وإجراءات التأمين من مركز العمليات الدائم بالعريش. وبحسب مصادر فإنّ الزيارة حصلت الأربعاء 5 فبراير، فيما أعلن الجيش المصري عنها الخميس 6 فبراير؛ خوفًا من تعرض الوفد العسكري الزائر لاستهداف من قبل تنظيم “ولاية سيناء”. المشهد الاقتصادي: ماذا يعني خصخصة شركات الجيش عبر الصندوق السيادي؟: جهاز الخدمة الوطنية التابع لوزارة الدفاع، يوقع اتفاقية تعاون مشترك مع الصندوق السيادي -التابع لرئيس الجمهورية ، حيث يستعين الجهاز بخبرات الصندوق لخصخصة بعض أصوله، وذلك في إطار توجيهات السيسي، بطرح شركات القوات المسلحة في البورصة. لا يشمل الاتفاق الأخير مع الصندوق السيادي إلا الشركات التابعة لجهاز الخدمة الوطنية، وهو واحد من ثلاثة أجهزة تابعة للقوات المسلحة تضطلع بالنشاط الاقتصادي المدني، إلى جانب جهاز الخدمات العامة الذي تأسس عام 1981، وجهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة، الذي تأسس في العام نفسه. ربط البعض بين اتفاقية التعاون بين الجهاز والصندوق للتعاون في خصخصة بعض أصول الجهاز وبين الإعلان عن مفاوضات مصرية مع صندوق النقد الدولي حول اتفاق جديد محتمل. وسبب الربط أن مصر كانت قد وقعت مع الصندوق في نوفمبر 2016 اتفاقًا، اقترضت بموجبه 12 مليار دولار، وهو الاتفاق الذي حملت وثائقه المعلنة تلميحات متكررة حول ضرورة التحول إلى «اقتصاد يقوده القطاع الخاص». وهي التلميحات التي تحمل الحكومة على السير في اتجاه الخصخصة كشرط لقبول الصندوق إقراض القاهرة ديونًا جديدة. بينما اعتبر آخرون أن هناك حاجة لمنح شركات الجيش حصانة خاصة، من خلال نقل تبعيتها للصندوق السيادي، وأن الهدف من الاتفاقية، نقل الحصانة القانونية التي يتمتع بها الصندوق السيادي، لكل العمليات الاقتصادية التي ستخضع لها شركات جهاز الخدمة الوطنية، خاصة وأن الصندوق السيادي ليس له خبرة أو سابقة أعمال في إعادة هيكلة مثل هذه الشركات أو غيرها، وهو ما يعني وجود مخطط لبيع هذه الشركات لمستثمرين تابعين لنظام الانقلاب برئاسة السيسي، أو لدول بعينها مثل الإمارات والسعودية، في إطار خطة أشمل لبيع كل الأصول والشركات العامة المملوكة للدولة أو للقوات المسلحة، في تكرار واضح للتجربة الروسية، وأن ما يحدث هو نقل متقن لكل الثروات العامة المصرية لجيوب…

تابع القراءة

الدور المصري في «صفقة القرن»..  الأبعاد والمآلات

يعتبر زعيم الانقلاب عبدالفتاح السيسي هو أول من كشف الغطاء عن مصطلح «صفقة القرن» وذلك خلال زيارته لواشنطن في إبريل 2017م بعد فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية بشهور قليلة. وأبدى السيسي حماسا منقطع النظير في دعم وتسويق هذه الصفقة قائلا: «ستجدني بكل قوة ووضوح داعما لأي مساع لإيجاد حل للقضية الفلسطينية في صفقة القرن، ومتأكد أنك تستطيع أن تحلها». واللافت في الأمر أن السيسي أخرج المصطلح من دائرة “الغرف المغلقة” إلى دائرة الإعلام بهذا التصريح الحماسي، وهو ما قوبل برد ترامب: «سنفعل ذلك سويا، سنحارب الإرهاب سويا وستمتد صداقتنا طويلا». وهي إشارة لا تخفى دلالتها على أن الحرب المزعومة على الإرهاب يراد لها أن تستعر وتستمر من أجل تمرير هذه الصفقة الحرام. ([1]) أما المحطة الثانية في علاقة السيسي بصفقة القرن المشبوهة، فقد جرت في 6 ديسمبر 2017م،  حيث خطا ترامب خطوة واسعة في تنفيذ الصفقة معلنا بشكل رسمي الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على القدس باعتبارها عاصمة موحدة لـ«إسرائيل». وهو ما قوبل من جانب نظام السيسي وعواصم تحالف الثورات المضادة بردود فعل شديدة الضعف والهشاشة؛ ما اعتبر  تواطؤا فجا أمام المؤامرة. المحطة الثالثة، بعد ذلك بشهر واحد وفي يناير2018م ، بثت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية تسريبا لإعلاميين وممثلين مصريين يتلقون توجيهات من ضابط المخابرات أشرف الخولي، وتضمنت التسريبات تعليمات للإعلام بتناول قرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، بشكل يمهد للرأي العام قبول القرار، لكن قناة “مكملين”  بثت تلك التسجيلات الصوتية، حيث ظهر صوت «الخولي» وهو يأمر الإعلاميين بترديد فكرة “ما الفرق بين القدس ورام الله” كعاصمة للدولة الفلسطينية. ومن أسباب الاهتمام الدولي والعربي البالغ بتلك التسريبات، منسوبة إلى توجيهات أمنية من جهات تسمى “سيادية”، أنها تسلط الضوء على ازدواجية الموقف المصري بين ما هو معلن وما هو فعلي في قضية القدس ومستقبلها. المحطة الرابعة، استخدم السيسي ونظامه أسلوب المراوغة؛ من أجل التبرؤ من هذه الدور المتواطئ حد الخيانة، وراح يبدي عكس ما يبطن متظاهرا بدور الرافض للصفقة وتمادى إلى اتهام وسائل الإعلام بأنها المسئولة عن تعبير “صفقة القرن”. ففي 29 يوليو 2018، قال السيسي -خلال فعاليات منتدى الشباب الوطني السادس وكرره في نوفمبر 2018م خلال مؤتمر الشباب العالمى-: إنه لا يمتلك معلومات، وأن صفقة القرن عبارة عن طرح من قبل وسائل الإعلام، مضيفا أنه لا يمكن لمصر الحديث باسم الفلسطينيين أو نيابة عنهم، أو أن تفرض القاهرة عليهم شيئا. واعتبر إعلام العسكر هذه التصريحات وضعت حدا لشائعات “صفقة القرن” وجدد اتهامه لوسائل الإعلام بأنها من أطلق اسم “صفقة القرن” على خطة السلام الأميركية. المحطة الخامسة، مضى نظام السيسي وفق سياسية ازدواجية الموقف بين المعلن الرافض للصفقة والخفي الذي يبذل كل مساعيه من أجل تمرير الصفقة وتكريسها وإجبار الفلسطينيين على القبول بها طوعا أو كرها. ففي يناير 2018، أعلن البيت الأبيض جاريد كوشنر صهر السيسي وعرَّاب الصفقة اجتمع بالسيسي في إطار اجتماعاته بالشرق الأوسط حول خطة مرتقبة منذ فترة طويلة يعدها للسلام بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية. وفي أغسطس 2019، كشفت سفارة الولايات المتحدة في القاهرة عن كواليس لقاء جمع ترامب والسيسي، قبل الاجتماع الثنائي الذي جمعهما على هامش قمة مجموعة السبع في فرنسا، حيث نقلت السفارة -في بيان لها- تأكيد ترامب على أهمية السيسي في تمرير صفقة القرن. وقال ترامب: “الرئيس السيسي هو شخصية مهمة جدا في خطة السلام، ووزير الخارجية يعمل بجهد كبير وبكفاءة على هذا الموضوع، نريد أن نرى إذا كنا نستطيع التوصل إلى إبرام صفقة بالنظر إلى ما يحصل بين الإسرائيليين والفلسطينيين”. يدلل على ذلك أيضا أن موقع “ميدل إيست مونيتور” البريطاني -نقل عن صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية-  في 24 إبريل 2019م أن السيسي يعكف على استقطاب زعماء عرب لحشد تأييدهم للخطة التي تصيغها الإدارة الأميركية، والتي يُطلق عليها وصف “صفقة القرن”. ونقل الموقع عن سمدار بيري كبير محرري شؤون الشرق الأوسط بالصحيفة أن الأمر الجلي بصفقة القرن هو مدى استغراق الرئيس المصري في الاتفاقية. وأوضح بيري في مقاله أنه كان يسود اعتقاد بادئ الأمر أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يحشد الدعم للصفقة، إلا أن السيسي “الصديق الممتاز” للرئيس الأميركي دونالد ترامب وجد نفسه مؤخرا في موقع القيادة. ويقول أيضا: إن حكومته ترى في السيسي “جارا وشريكا مؤازرا لإسرائيل يحرس شبه جزيرة سيناء حيث يقضي آلاف الإسرائيليين عطلة عيد الفصح”. ومضى المقال في التأكيد على أن “مصر ستقود العالم العربي لقبول ما يُسمى بصفقة القرن” وسوف يُطلب منها المساهمة بأفكارها في الخطة قبل استكمال كافة التفاصيل. وبالمقابل، ستحصل على حزمة مساعدات اقتصادية “ضخمة” من الإدارة الأميركية.([2]) المحطة السادسة،  في فبراير 2019م، حيث أبرم السيسي صفقة الغاز مع الصهاينة والتي تقدر بحوالي 20 مليار دولار لمدة 15 سنة وتقضي باستيراد مصر للغاز المصري والفلسطيني المنهوب من جانب الصهاينة بقيمة تزيد بـ3 أضعاف على الأقل من قيمته في السوق العالمي. وهي الخطوة التي تمثل جزءا من الصفقة الحرام بإدماج الكيان الصهيوني في المنطقة وفق نظرية إعادة  هندسة وتصميم التحالفات الإقليمية بجعل إيران والإسلاميين هم العدو الأول للنظم العربية بدلا من الكيان الصهيوني، وهي الرؤية التي تمثل انقلابا شاملا على الأمن القومي المصري والعربي على حد سواء. المحطة السابعة، في يونيو 2019م، شارك نظام السيسي في  ورشة المنامة التي اعتبرها مراقبون الخطة الاقتصادية “لصفقة القرن”. في البداية نفت القاهرة المشاركة في الورشة وسرعان ما تم التراجع والمشاركة رسميا في المؤتمر المشبوه. وقالت: إن المشاركة ستكون بشكل رمزي تحت اسم “مشارك مستمع”. المحطة الثامنة، على مدار السنوات الثلاث الماضية، عبّر العديد من مسؤولي السلطة الفلسطينية مرارًا وتكرارًا عن استيائهم، خارج المحاضر الرسمية، لما اعتبروه ضغوطًا مصرية وإماراتية وسعودية على الفلسطينيين لتجنب رفض «الصفقة». ووفقا لموقع “مدى مصر”، قال هؤلاء المسؤولون مرارًا وتكرارًا: إن هذا الضغط، وخاصةً من مصر، كان بمثابة تحوّل كبير عن الموقف المصري التقليدي الذي ظل ثابتًا على الدوام تجاه المطالب الأساسية لحقوق الفلسطينيين.([3])   الدور الأمني من  الأدوار المشبوهة لنظام السيسي في «صفقة القرن» تحجيم المقاومة الفلسطينية والضغط علي حركتي حماس والجهاد من أجل عدم التصعيد ضد الكيان الصهيوني على خلفية البنود المجحفة في صفقة القرن ومحاولات إقناع فصائل المقاومة بعدم الربط  بين التهدئة في غزة والصفقة الأمريكية. وتستهدف الخطة الأمريكية سيطرة السلطة على قطاع غزة أو أي جهة أخرى ترضى عنها “إسرائيل” بحسب نص الصفقة المنشور على موقع وزارة الخارجية الأمريكية؛ وهو ما يشير إلى وجود أو دراسة توجهات بضم قطاع غزة إلى مصر بحيث يتولى السيسي فعليا  القضاء على المقاومة الفلسطينية لحماية أمن الكيان الصهيوني على أن يتم إظهار السيسي بدور البطل الذي يوسع مساحة أرض مصر واستعادة قطاع غزة الذي كان تحت الحكم المصري حتى هزيمة 5 يونيو 1967م. في هذا السياق، سبق أن كشف…

تابع القراءة

تداعيات ضم النظام المصري الفضائيات ووسائل الإعلام لقانون الإرهاب

وافقت اللجنة التشريعية بالبرلمان المصري، خلال اجتماعها الأحد 9 فبراير، برئاسة المستشار بهاء أبو شقة، بشكل نهائي على مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل قانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة2015، ومن المقرر إحالته إلى اللجنة النوعية المختصة خلال الجلسات القادمة. تهدف التعديلات الجديدة لتوسيع وتحديد تعريف أشمل للأموال الإرهابية وتمويل الإرهاب، وأن يشمل التجريم سفر الأفراد للمساهمة في الأنشطة الإرهابية وتجريم أنشطة الشخصيات الاعتبارية التي تتدخل في عمل إرهابي أسوة بالجماعات الإرهابية، بالإضافة إلى تقرير غرامة إضافية عند تعذر ضبط الأموال أو التصرف فيها للغير بحسن النية.     وقبل عدة أيام، وفي 27 يناير 2020، وافقت لجنة الشؤون التشريعية والدستورية بمجلس النواب برئاسة المستشار بهاء أبو شقة، خلال اجتماع اللجنة لمناقشة مشروع القانون الحكومي، على ضم القنوات الفضائية والمحطات الإذاعية ووسائل ومواقع التواصل الاجتماعي المُحرضة على الإرهاب، وذلك بتعريف الكيان الإرهابي في شأن القانون رقم 8 لسنة 2015 بتنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين. بإضافة عدد من البنود لتعريفات الكيان الإرهابي، في شأن القانون رقم 8 لسنة 2015 بتنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، حيث تستهدف الحكومة ضم القنوات الفضائية المُحرضة على الإرهاب لهذا التعريف، إلا أنه بعد النقاش بين الأعضاء في اللجنة وممثلي الحكومة، توصلوا إلى ضم الفضائيات المسموعة أو المرئية أو المقروءة، بالإضافة إلى المحطات الإذاعية ووسائل ومواقع التواصل الاجتماعي مع مراعاة التشريعات ذات الاختصاص. كما نصت المادة بعد التعديل على استبدال تعريف الكيان الإرهابي والأموال الواردتين بالمادة 1 والمادة 7 من القانون رقم 8 لسنة 2015 حول شأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين.   تعريف الكيان الإرهابي حيث جاء نص المادة 1 حول تعريف الكيان الإرهابي “هي الجمعيات أو المنظمات أو الجماعات أو القنوات الفضائية المسموعة أو المقروءة أو المرئية وكذا المحطات الإذاعية ووسائل ومواقع التواصل الاجتماعي المؤسسة من خلال أشخاص وشركات أو مؤسسات أو العصابات أو الخلايا أو غيرها من التجمعات أياً كان شكلها القانوني أو الواقعي، متى مارست أو كان الغرض منها بأية وسيلة في داخل أو خارج البلاد إلى إيذاء الأفراد أو إلقاء الرعب بينهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو حقوقهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بالمواد الطبيعية أو بالآثار أو بالاتصالات أو المواصلات البرية أو الجوية أو البحرية أو بالأموال أو الأصول الأخرى أو بالمباني أو بالأملاك العامة أو تعريض سلامة المجتمع أو مصالحة أو أمنه للخطر أو تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها أو الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطن وغيرها من الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور والقانون أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي أو الأمن القومي، ويسري ذلك على الجهات والأشخاص المذكورين متى مارسوا أو استهدفوا أو كان غرضهم تنفيذ أي من تلك الأعمال ولو كانت غير موجهة إلى جمهورية مصر العربية“.   وحول الأموال والأصول المالية الأخرى اعتبر مشروع القانون أن جميع الأصول المالية والموارد الاقتصادية ومنها النفط والموارد الطبيعية الممتلكات أيا كان نوعها سواء كانت مادية أو معنوية منقولة أو ثابتة أيا كانت وسيلة الحصول عليها، والوثائق والأدوات القانونية والعملات الوطنية أو الأجنبية والأوراق المالية أو التجارية والصكوك والمحررات المثبتة لكل ما تقدم أيا كان شكلها، بما في ذلك الشكل الرقمي أو الإلكتروني وجميع الحقوق المتعلقة بأي منها بما في ذلك الائتمان المصرفي والشيكات السياحية والشيكات المصرفية والاعتمادات المستندية وأية فوائد أو أرباح أو مصادر دخل أخرى مترتبة على أو متولدة من هذه الأموال أو الأصوال أو أية أصول أخرى يحتمل استخدامها للحصول على تمويل أو منتجات أو خدمات.   ويوم الثلاثاء 4 فبراير، انتهت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالبرلمان من كتابة تقريرها النهائي حول التعديلات المقدمة من الحكومة على “قانون تنظيم الكيانات الإرهابية والإرهابيين”، والتي تشمل عقوبات مغلظة، وتوسيع مفهوم تلك الكيانات بحيث يمكن أن تشمل القنوات الفضائية. وفي  22 يناير 2020 ،  وافق مجلس الوزراء المصري، برئاسة مصطفي مدبولي، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون مكافحة الإرهاب الصادر بالقانون رقم 94 لسنة 2015. وقال المجلس في بيان له: “إن مشروع القانون نص على أن يتضمن تعريف الأموال أو الأصول الوارد بالمادة (1- بند/ و) من قانون مكافحة الإرهاب، جميع الأصول المادية والافتراضية، وعائداتها، والموارد الاقتصادية، وجميع الحقوق المتعلقة بأي منها”، وعدّد بعض الأدوات القانونية المنشأة لتلك الحقوق، كما شمل الأصول الافتراضية، وذلك بالإضافة للعناصر التي شملها التعريف الوارد بالنص القائم.   ونوه التعديل، إلى أن المقصود بتمويل الإرهاب الوارد بالمادة 3 من قانون مكافحة الإرهاب يشمل الأموال والأصول الناتجة عن أي نشاط إرهابي فردي، أو جماعي منظم أو غير منظم في الداخل أو الخارج، بشكل مباشر وغير مباشر.   وذكر المجلس، أن الدعم المتمثل في توفير مكان للتدريب أو ملاذ آمن لإرهابي أو أكثر، أو تزويدهم بأسلحة أو مستندات، أو غيرها، أو بأية وسيلة مساعدة أخرى من وسائل الدعم، أو التمويل أو السفر، مع العلم بذلك، ولو لم يكن لها صلة بالعمل الإرهابي، وذلك بالإضافة للعناصر التي شملها التعريف الوارد بالنص القائم.   كما استبدل مشروع القانون المادة 13 الخاصة بتجريم تمويل الإرهاب؛ بهدف شمول التأثيم تمويل الإرهاب بقصد سفر أفراد لدولة غير دولة إقامتهم أو جنسيتهم لارتكاب العمل الإرهابي، أو التخطيط أو الإعداد له، أو المشاركة فيه، أو تقديم العون أيا كان شكله، كما ساوى في النشاط بين الجريمة التي تقع بواسطة جماعة إرهابية أو شخص اعتباري، لتتضمن الأنشطة الإرهابية للأشخاص الاعتباريين أيضا.     وزعم وكيل اللجنة، النائب “إيهاب الطماوي” في تصريحات صحفية، أن “التعديلات كانت ضرورية لتلائم ظروف المجتمع؛ قائلا: “ثبت أثناء تطبيق قانون الكيانات الإرهابية وجود طرق مستحدثة تستخدمها الكيانات الإرهابية ضد الدولة“. وحسب “الطماوي”، تشمل التعديلات توسيع تعريف الكيان الإرهابي بحيث يمكن أن يضم القنوات الفضائية المؤسسة من خلال أشخاص أو شركات أو مؤسسات.   بدوره، كشف عضو اللجنة التشريعية، النائب “عيد هيكل”، أن التعديلات شملت تغليظ العقوبة لاستئصال هذه الكيانات.   وأشار إلى أن المشروع يتضمن زيادة في الآثار المترتبة على الإدراج على قوائم الإرهابيين والكيانات الإرهابية، ومنها عدم تمتع الإرهابي بشخصه من الدعم التموينى أو أى دعم حكومي، وسقوط عضويته في النقابات ومجالس الشركات والأندية والاتحادات.   واستندت الحكومة في مشروع القانون التي تقدمت به، في مذكرتها الايضاحية، إلى أن نص المادة237 من الدستور ألزم الدولة بمواجهة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله، وأوجب عليها تعقب مصادر تمويله وفق برنامج زمنى محدد، باعتباره تهديدا للوطن وللمواطنين، مع ضمان الحقوق والحريات العامة وفوض القانون تنظيم أحكام وإجراءات مكافحة الإرهاب والتعويض العادل عن الأضرار الناجمة عنه وبسببه.   بنود التعديلات ويمكن إجمال البنود وأهداف التعديلات المتوافق عليها، ما يلي:   –يهدف التعديل الجديد إلى شمول أكثر في…

تابع القراءة

مسارات ليبيا المأزومة بين جنيف والقاهرة ..وقف تصدير النفط والتسليح أبرز التحديات

دائرة مفرغة من الأزمات والتصريحات المتباينة تعيشها القضية الليبية، المتشظية بين مسارات ثلاثة:  عسكري لم يحقق أي تقدم بجنيف سوى تصريحات متضاربة بعيدة عما يدور على الميدان، واقتصادي بالقاهرة، ناقش ملفين ولم يجر تفاهمات فعليه بشأنهما وهما الإصلاح المالي وإصلاح القطاع الخاص، وبحث التوزيع العادل للثروات، فيما أُرجئ ملف الإعمار لارتباطه بالتطورات العسكرية التي ما زالت غير محسومة، فيما زالت مصافي النفط مغلقة، وبات الدخل القومي الليبي من النفط صفرا بعد قرار حفتر إغلاق مصافي النفط قبيل انعقاد مؤتمر برلين بألمانيا، للضغط على الأطراف الأوربية المهمومة بوارداتها من النفط الليبي ، الأقرب لأوروبا. أما المسار السياسي، فما زال بلا أفق في ظل الخروقات الواسعة لقوات حفتر على الأرض، وتقاسم العديد من الأطراف والعواصم العربية والعالمية المواقف، بين تصريحات سياسية محايدة للاتحاد الأفريقي بقمته الأخيرة بأديس أبابا، والقاهرة التي تسعى لتأمين مصالحها مع حفتر وجنيف التي ترعى المسار العسكري، وأوروبا التي ما زالت تتحرك ببراجماتية لوقف التمدد الأوروبي في ليبيا فقط، عبر تضييق الخناق البحري على ليبيا بغية وقف إمدادات السلاح، بينما الأجواء الليبية مفتوحة لجسر جوي من أبوظبي حتى شرق ليبيا بجانب قوات مصرية على الأرض وكتائب مدفعية وهاون تدك مع قوات حفتر جنوب طرابلس.   خروقات ميدانية للمسار العسكري   ويضع مراقبون، أهمية كبيرة لحوار اللجان العسكرية الليبية بالمسار الأمني بل يعتبرونه “العقدة الأساسية” التي لو حلت لتبعتها بقية العقد في المسارات الأخرى، ويربطون نجاحها وفشلها بالمضي قدماً أو التعثر نهائياً في المساعي إلى الحلحلة السلمية للأزمة، عبر المسارين الآخرين الأمني والاقتصادي. ويعزز هذا التحليل، تصريحات من كبار المسؤولين في طرفي الأزمة أكدت على أن فشل مفاوضات المسار الأمني، تعني نسف المسار التفاوضي والعكس صحيح.   وكان المتحدث الرسمي باسم مكتب الإعلام الحربي لعملية “بركان الغضب” التابعة لحكومة “الوفاق”، عبد المالك المدني، كشف في تصريحات صحفية، الاثنين الماضي، عن خروقات قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر للهدنة، التي وصفها بأنها لم تتوقف منذ الإعلان عنها في 12 ينايرالماضي. حيث دمرت  مدفعية “الوفاق”  غرفتين للعمليات المصغرة في محور الأحياء البرية كانت مليشيات حفتر قد أنشأتها قريبا، ما يؤكد على عدم رغبتها في وقف القتال، بجانب استهداف حشداً جديداً لمرتزقة حفتر في محيط معسكر اليرموك وتحركات مريبة في خلة الفرجان. ورغم دفعه بممثليه العسكريين للمشاركة في محادثات المسار العسكري في جنيف، التي انتهت جولتها الأولى، الأحد الماضي، إلا أنّ حفتر لا يبدو راغباً في وقف القتال، فقد أكد رئيس اللجنة العسكرية الممثلة لحكومة “الوفاق” في محادثات جنيف، اللواء أحمد أبوشحمة، رفض ممثلي حفتر “إخلاء المناطق السكنية، التي تشهد الاشتباكات، من المظاهر المسلحة”، وفق تصريح له نشرته الصفحة الرسمية لعملية “بركان الغضب”، الاثنين الماضي. وكان فريق “الوفاق” قدم مقترحاً للبعثة الأممية تضمن “وقف إطلاق النار على كامل التراب الليبي، وفك اشتباك القوات، وعودة المواطنين النازحين والمهجرين، ووقف نزيف الدم بين الليبيين، بينما تعنت ممثلو حفتر الذين رفضوا الموافقة والتوقيع على المقترح. ورغم ذلك الموقف الذي يعبر عن فشل بالمسار العسكري الدائر بجنيف، إلا أن المبعوث الأممي لليبيا غسان سلامة أبدى تفاؤله ، معلنا عن اقتراح جولة جديدة للجنة العسكرية يوم 18 فبراير الجاري. وعلى ما يبدو فإن تصريحات سلامة انطلقت من قابلية الطرفين لتبادل الأسرى والجثامين، وهو ما بنى عليه تصريجاته الإيجابية ، التي أراد من خلالها تصوير وجود توافق بين طرفي اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، من أجل البحث عن أفق لاستمرار الهدنة التي بدأت في 12 يناير  الماضي، وأهمية احترامها وتجنب خرقها، ولتنشيط المسارين الآخرين ؛ السياسي والاقتصادي. فبسبب أهمية نجاح هذا المسار وارتباطه بنجاح المسارين الآخرين، السياسي والاقتصادي، حاول سلامة بتصريحاته المطمئنة ألا يقطع الطريق أمام بدء المسارين الآخرين، آملاً إحراز تقدم فيهما.   فشل حتمي للمسار العسكري الأمني     ولعل مواقف الطرفين، تؤكد أنه لا حلحلة للمواقف، وأن التدخل العسكري الخارجي، هو ما قد يحسم الأزمة في ليبيا، حيث أكد رئيس المجلس الرئاسي خالد المشري” أن الثابت الأول للتوصل إلى تفاهمات أمنية، هو عودة قوات الجيش الوطني الليبي إلى مواقعها ما قبل معركة طرابلس“. بينما شدد اللواء خالد المحجوب على”أن نقاط اللجنة العسكرية في اجتماع جنيف واضحة، هي حل الميلشيات، وتسليم سلاحها إلى الجيش، وبناء على هذا الشق العسكري نتجه إلى الشق السياسي، ومن دون الترتيب العسكري لن يحصل أي ترتيب سياسي“. وهو ما يؤكد صعوبة حل الملفات الآنية بسهولة، وفق ما يقوله الصحفي الليبي محمد العنيزي: “إن أسس نجاح المسار التفاوضي غير موجودة قبل بدء اجتماعات اللجان العسكرية في جنيف”، موضحاً لـ”اندبندنت عربية”  أن “نجاح أي مسار تفاوضي قائم على استعداد أطرافه لتقديم التنازلات في جلسات التفاوض، وتصريحات الطرفين قبل أن تبدأ حوارات جنيف تعبر بوضوح عن مواقف متصلبة، من الصعب اختراقها لخلق تفاهمات وإحداث ثقب في الجدار الكبير الفاصل بين الطرفين”..   المسار الاقتصادي .. لجان بلا انجاز   وعلى المسار الاقتصادي الذي انتهت جولته الاولى بالقاهرة، يوم الاثنين10 فبراير، لم تعلن البعثة الأممية عن نتائج الجولة الأولى التي استمرت ليومين، رغم أنه سبق أن أعلنت عن موعده ومكانه في القاهرة، لكن التسريبات التي أعلنتها بعض وسائل الإعلام بشأن اتفاق المشاركين في لقاء القاهرة على “تشكيل 3 لجان، تختص الأولى بإصلاح القطاع المصرفي والقطاع الخاص، وأخرى للتوزيع العادل للثروات، وثالثة لإعادة الإعمار” تبرز تقدماً نسبياً في الحوار. وبحسب مصادر دبلوماسية، ستبدأ اللجنتان الأولى والثانية أعمالهما، خلال الأسبوعين المقبلين، فيما تم إرجاء أشغال اللجنة الخاصة بإعادة الإعمار إلى وقت غير معلن، مرجعا سبب تأخرها “كونها تتعلق بضرورة إحراز تقدم في المحادثات العسكرية التي من شأنها وقف القتال في المدن المتضررة، خصوصا العاصمة طرابلس.   لكن أحد الأطراف الأساسية في المسار الاقتصادي لا يبدو متفائلاً وراضياً عما وصلت إليه تلك المحادثات، فقد جاءت تصريحات عبد اللطيف التونسي، مدير مكتب محافظ بنك ليبيا المركزي في طرابلس، متشائمة جداً بشأن إمكانية عودة طوابير المواطنين أمام البنوك وارتفاع جديد للأسعار. ودعا التونسي، في تصريح لقناة “ليبيا الأحرار”، ليل الاثنين الماضي، إلى خفض الإنفاق العام إلى أدنى المستويات، والاقتصار فقط في الترتيبات المالية للسنة الجارية على النفقات الضرورية، “بسبب تدني إيرادات النفط إلى الصفر تقريبا”، واصفا قرار إغلاق المنشآت النفطية بأنه “قتل عمد لكل الليبيين”، وهي تصريحات تبدو أنها جاءت كرد ضمني على فشل لقاء القاهرة في مناقشة قضية إغلاق المنشآت النفطية من قبل مجموعات قبلية موالية لحفتر، خصوصا أن البعثة أشارت إلى أن لقاء القاهرة سيناقش القضية. وشارك في الاجتماعات مجموعة من الخبراء في لجنتين مشكلتين من حكومة الوفاق ومجلس النواب، بحضور سلامة، لبحث آليات توحيد المؤسسات الاقتصادية، والتوزيع العادل للثروات وإعادة الإعمار وملفات أخرى أعدتها بعثة الأمم المتحدة. وتهدف المباحثات أيضاً إلى إنشاء هيئة تضم خبراء السياسات العامة الليبيين للانخراط…

تابع القراءة

مؤتمر الأزهر لتجديد الفكر الإسلامي.. المضامين والدلالات

التاريخ: 29 يناير 2020 المؤتمر العالمي للتجديد في الفكر الاسلامي، عقده الأزهر الشريف بالقاهرة، على مدار يومي (27 – 28) من يناير 20201، وقد عُقد المؤتمر اليوم الأول بمركز الأزهر للمؤتمرات بمدينة نصر، واليوم الثاني بأحد فنادق القاهرة، برعاية السيسي2، وممثلين لوزارات الأوقاف ودور الإفتاء والمجالس الإسلامية من 46 دولة من دول العالم الإسلامى بحسب اليوم السابع3، وعند غيرها 41 دولة عربية وإسلامية4. تضمن المؤتمر سبعة جلسات نقاشية، ركزت محاورها على أطر مفاهيم التجديد، وآلياته، وتفكيك المفاهيم المغلوطة، وقضايا المرأة والأسرة، ودور المؤسسات الدولية والدينية والأكاديمية في تجديد الفكر الإسلامي5. المؤتمر جاء نتيجة لدعوة السيسي لتجديد الخطاب الديني6؛ دعوة غرضها تأميم الدين كفكر وممارسة، حتى يصبح الدين والاجتهاد فيه حكراً على المؤسسات الرسمية التي تخدم النظام وتتبنى توجهاته، وبالتالي كان من المرجح أن يمر المؤتمر في هدوء دون لفت للأنظار أو إثارة لأي جدل، لكن يبدو أن السياق الذي انعقد فيه المؤتمر هو ما تسبب في اهتمام الرأي العام المصري بالمؤتمر، ولعل هذا السياق أيضاً هو ما أعطى كل هذا الزخم للجدل الذي شهده المؤتمر بين شيخ الأزهر ورئيس جامعة القاهرة. فقد جاء المؤتمر بعد أيام من تأييد المحكمة الإدارية العليا قرار جامعة القاهرة بحظر ارتداء النقاب بين عضوات هيئة التدريس7، وجاء إبان إعلان واشنطن عن “صفقة القرن” التي تعد بمثابة تصفية نهائية للقضية الفلسطينية وإهدار تام لحقوق الفلسطينيين8، وجاء المؤتمر في ظل هيمنة شعور عام بالمهانة في المجال العام المصري، مهانة ترافقت مع تصوير كثيرين لشيخ الأزهر باعتباره قلعة المقاومة الأخيرة في مواجهة طوفان السيطرة والقمع للنظام المصري الحاكم. هذه السياقات والمشادة بين شيخ الأزهر ورئيس جامعة القاهرة هو ما أعطى للمؤتمر قيمة إضافية، خاصة مع بحث الكثيرين عن إنتصارات “ولو وهمية” تقلل من مرارة الشعور بالانكسار.   النظام وتجديد الخطاب الديني.. بين المعلن والحقيقي: يستهدف النظام من وراء دعوته لتجديد الخطاب الديني أن يعزز هذا التجديد من سيطرة النظام، وأن تمتد هذه السيطرة من الأبعاد المادية للأبعاد الثقافية. يبدو أن النظام يدرك أنه لا يمتلك أيديولوجيا مهيمنة؛ لذلك هو يسعى جاهداً لكسر هيمنة أية أيديولوجيا أخرى؛ والدعوة للتجديد محاولة لكسر الهيمنة، وهو ما يمكن استشفافه من كلمة السيسي خلال المؤتمر، والتي التي ألقاها نيابة عنه مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، حيث يقول “لقد طالبتُ المؤسسات الدينية منذ عدة سنوات، وفي مقدمتها مؤسسة الأزهر الشريف، بأن تولي الأهمية القصوى لموضوع تجديد الخطاب الديني، من منطلق أن أي تقاعس أو تراخي عن الاهتمام بهذا الأمر من شأنه ترك الساحة لأدعياء العلم وأشباه العلماء من غير المتخصصين ليخطفوا عقول الشباب ويزينوا لهم استباحة القتل والنهب والاعتداء على الأموال والأعراض، ويدلسوا عليهم أحكام الشريعة السمحة، وينقلوا لهم الفهم الخاطئ المنحرف في تفسير القرآن الكريم، والتشويه المتعمد للسُنة المطهرة”9. ويمكن تعميم هذا التصنيف الذي طرحه النظام (أدعياء العلم وأشباه العلماء من غير المتخصصين) على كل من يراه النظام يعارض سيطرته وشموليته أو حتى يرى فيه معارض محتمل مستقبلاً. وجاءت كلمة السيسي المكتوبة بعناية في المؤتمر تعبر عن وعي النظام بالمساحات التي يؤدي تجديدها إلى تيسير سيطرته على الثقافة والمجتمع، هذه المساحة هي مساحة الفقه والتشريع، وليست مساحة العقيدة وفلسفتها لأنها خارج السياسة، أو مساحة الأخلاق والتصوف، لأنه قد يستفيد منها في شكلها الراهن. يقول السيسي في كلمته “أن التجديد الذي نتطلع إليه ليس هو التجديد في ثوابت الدين، ولا في العقيدة، أو غيرها من الأحكام، التي اتفق أئمة الدين على إثباتها؛ فلا يوجد مسلم يؤمن بالله وكتبه ورسله يطلب تحليل الحرام، أو إباحة الكبائر، أو أي تشريع جديد يعارض القرآن والسنة الصحيحة، أو يصدم المقاصد العليا للشريعة”10، ثم يضيف: “أن التجديد الذي ننتظره هو التجديد في فقه المعاملات في مجالات الحياة العملية، ونحن متفقون على أن كثيراً من أحكام هذا الفقه تغيرت من جيل إلى جيل على مدى عشرة قرون على الأقل، فلماذا يُحرم جيلنا من هذه الأحكام التي تُيسر الحياة، وجيلنا أحق الأجيال بالتجديد لما يواجه من تحديات تتغير كل يوم بل كل لحظة” ثم يضيف “أن من رحمة الله بنا أن شرع لنا أحكاما ثابتة لا تجديد فيها وأحكامًا تتغير تبعاً للتطور، والفتوى هي الأخرى تتغيّر من بلد إلى بلد، ومن عصر إلى عصر، ومن شخص لآخر”11. ولعل هذا التماسك الذي عكسته كلمة السيسي جاء كنتيجة مباشرة لغيابه، وإلقاء رئيس الحكومة للكلمة نيابة عنه. موقف النظام من قضية التجديد عبر عنه أيضاً وزير الأوقاف في كلمته، التي بعد أن امتدح فيها دور الأزهر باعتباره محافظاً على الثوابت ومفنداً للأفكار الشاذة والمتطرفة، ومجدداً في الفكر الإسلامي، عاد خلالها ليقول أن “جماعات التطرف والإرهاب تعاملت مع نصوص التراث تعاملا لا يمت للإسلام الوسطي بشيء واستخدمتها لتحقيق أغراضها”. وهو تأكيد آخر على أن من الأهداف الأساسية لدعوة النظام لتجديد الخطاب الديني أن يتحول هذا الخطاب إلى محض أداة يستخدمها في تكريس سيطرته وفي تبرير سياساته –الداخلية والخارجية- وإتجاهاته، ومنازعة الحركات الإسلامية هيمنتها في المجال الديني والذي تراجع بالفعل خلال سنوات ما بعد يناير 2011. وتبدو أهداف المؤتمر وحجم توافقها مع سياسات النظام ومواقفه واضحة منذ البداية في ورقة محاور المؤتمر التي وزعت على الحضور، وكان مما جاء فيها: المسئولية الدولية في التصدي للإرهاب والقضاء عليه من الجذور ووقف كل السبل الداعمة له – حقوق الإنسان وترتيبها حسب أولوية الضرورات المحلية وتغيرها بتغير الثقافات واختلاف الحضارات السائدة، وأن يترك للناس اختيار (نماذج) من هذه الحقوق تتواءم وثقافاتهم وموروثاتهم، وأن يكون لهم الحق في استبعاد ما يتنافى مع مع هذه المواريث12. فالمؤتمر عن المسئولية الدولية في محاربة الإرهاب وحق كل دولة في الانتخاب من حقوق الانسان ما يتناسب معها، وهو تعبير سافر عن الرغبة في تبرير وشرعنة التحكم الكامل في المجتمع والثاقفة بما يكرس الهيمنة ويبقيها بصورة مستمرة دون أية معارضة. وهذا الدور المحدد والمحدود للدين كخادم لمصلحة النظم السلطوية الحاكمة، هو موضع توافق مصري – سعودي – إماراتي؛ ولعل هذا التوافق هو الذي دفع منظم المؤتمر أن يختار للتكريم سلطان الرميثى أمين عام مجلسَ حكماء المسلمين، المجلس المحسوب على الإمارات ويرأسه شيخ الأزهر أحمد الطيب، ويكرم عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ، وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالسعودية13.   خلاف رئيس جامعة القاهرة وشيخ الأزهر: يأتي الجدل بين الخشت وشيخ الأزهر حول التجديد والتراث بعد أيام من صدور حكم نهائي من المحكمة الإدارية العليا، بتأييد قرار رئيس جامعة القاهرة بحظر ارتداء النقاب لعضوات هيئة التدريس في الجامعة، القرار الذي استندت المحكمة في تمريره على “أن النقاب يعيق التواصل واستقبال المعلومة أثناء العملية التعليمية14“، هذا السياق يرجع إليه جزء كبير من الزخم الذي اكتسبه الجدل الذي دار بين شيخ الأزهر ورئيس جامعة القاهرة. جدير…

تابع القراءة

ترامب يعلن رسمياً عن صفقة القرن…ما هى أبرز بنودها وردود الفعل عليها؟

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الثلاثاء 28 يناير 2020، أثناء استقباله لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، عن خطة السلام بين الإسرائليين والفلسطينيين والمعروفة إعلامياً باسم “صفقة القرن”. ويسعى هذا التقرير إلى تغطية كل ما يتعلق بهذه الخطة من حيث القرارات التى اتخذتها الإدارة الأمريكية تمهيداُ لتلك الخطة، وأهم بنودها، ودوافع الإعلان عنها فى ذلك التوقيت، وأخيراً، ردود الفعل الفلسطينية والعربية والدولية عليها.   أولاً: القرارات التى اتخذتها الإدارة الأمريكية تمهيداُ لصفقة القرن: سردت ميريام برجر في تقرير لها بصحيفة «واشنطن بوست» جدولًا زمنيًّا يوضح القرارات التى اتخذها ترامب تمهيداً لصفقة القرن التى طرحها فى 28 يناير الجارى (2020)، وتتمثل فى1: ديسمبر 2016: أعلن ترامب عن خطط لترشيح محاميه ديفيد فريدمان – وهو مؤيد سياسي ومالي صريح للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية – سفيرًا للولايات المتحدة في إسرائيل. وقد وافق مجلس الشيوخ على فريدمان في تصويت بأغلبية ضئيلة في مارس 2017. بالإضافة إلى ذلك، عين ترامب جيسون جرينبلات، وهو محام سابق لدى ترامب، ككبير مبعوثي السلام في الشرق الأوسط. وقد واصل كبار المسؤولين الأمريكيين، بما في ذلك جاريد كوشنر، كبير مستشاري ترامب وصهره، في السنوات التالية الإدلاء بتعليقات أساءت للفلسطينيين، مثل التشكيك في قدرتهم على حكم أنفسهم والتعبير عن دعمهم للمستوطنات الإسرائيلية، التي تعد غير قانونية بموجب القانون الدولي. ديسمبر 2017: أعلن ترامب أن الولايات المتحدة ستنقل سفارتها في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس – تضيف برجر – في خرق لسياسة طويلة تتبعها الولايات المتحدة. يناير 2018: هدد ترامب بقطع المساعدات الأمريكية عن الفلسطينيين، بعد أن رفض عباس اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل وتعهدهم برفض أي خطة سلام ترعاها إدارة ترامب. ومضى ترامب يقول إنه سيخفض التمويل الأمريكي لهيئة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا». مايو 2018: افتتحت إدارة ترامب رسميًّا السفارة الأمريكية الجديدة في القدس. أغسطس 2018: أعلنت واشنطن عن تخفيض آخر في المساعدات للفلسطينيين، وهذه المرة 200 مليون دولار لتمويل البرامج في الضفة الغربية وقطاع غزة. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، قررت إدارة ترامب قطع المساعدات المتبقية للأونروا. سبتمبر 2018: قطع ترامب أحد برامج المساعدات الفلسطينية القليلة المتبقية، الذي يوفر 25 مليون دولار كمساعدات لستة مستشفيات في القدس الشرقية. وبعد أيام قليلة، أعلنت الإدارة إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية إلى واشنطن. وفي وقت لاحق من ذلك الشهر خفض ترامب 10 ملايين دولار كمساعدات من أجل حل النزاعات وبرامج التعايش التي تجمع الإسرائيليين والفلسطينيين معًا. فبراير 2019: دخل قانون مكافحة الإرهاب، الذي أقره البيت الأبيض ومجلس الشيوخ بالإجماع في العام السابق بدعم من ترامب، حيز التنفيذ، مما أدى إلى قطع التمويل عن الفلسطينيين. حيث يضع القانون السلطة الفلسطينية أمام دعاوى قضائية في محاكم الولايات المتحدة إذا قبلوا تمويلًا من الولايات المتحدة، بسبب مساعدة السلطة للفلسطينيين المسجونين من قبل إسرائيل، بما في ذلك الذين سجنوا بسبب هجمات ضد الإسرائيليين. مارس 2019: قبل الانتخابات الإسرائيلية، أقر ترامب بضم إسرائيل لمرتفعات الجولان. يونيو 2019: استضاف كوشنر مؤتمرًا في البحرين لعرض جزء من خطة سلام ترامب، التي تركز على العناصر الاقتصادية. وتضمنت الخطة استثمار 50 مليار دولار في مشروعات استثمارية على مدى العقد المقبل، أكثر من نصفها في الضفة الغربية وقطاع غزة، والباقي في الأردن ومصر ولبنان. نوفمبر 2019: قالت الولايات المتحدة إنها لا تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة غير قانونية بموجب القانون الدولي. يناير 2020: أعلن ترامب تفاصيل خطته للسلام، والتي تعد بالنسبة إلى المقترحات السابقة أكثر انحيازًا لإسرائيل. في أعقاب ذلك مباشرة – تختتم برجر بالقول – تقدمت إسرائيل بخطط للتصويت على ضم المستوطنات في أجزاء من الضفة الغربية المحتلة ووادي الأردن.   ثانياً: بنود الخطة: تتمثل أهم بنود الخطة المطروحة من البيت الأبيض، والتى جاءت في نحو 180 صفحة، فى الآتي2: الحدود: نُشرت أمس خريطة مع الخطة ظهرت فيه الدولة الفلسطينية المقترحة على شكل جيوب تتصل بعدة طرق وأنفاق. ويظهر وادي نهر الأردن، وهو ما يمثل نحو ثلث الضفة الغربية، تحت السيادة الإسرائيلية بالكامل. واقترحت الخطة بناء نفق يربط غزة بالضفة الغربية. وفي مقابل التنازل عن نحو 30% من الضفة الغربية، يحصل الفلسطينيون على قطعتي أرض في صحراء غزة. وستتضمن الدولة الفلسطينية المقترحة أكثر من 12 جيبًا إسرائيليًا في داخلها. المستوطنات: تتيح الخطة لإسرائيل أن تضم بشكل فوري مستوطناتها داخل الضفة الغربية المحتلة، مع تجميد بناء المستوطنات في المناطق المخصصة للدولة الفلسطينية المقترحة لمدة أربع سنوات. غير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ، بنيامين نتنياهو، أوضح لاحقًا أثناء ردوده على أسئلة الصحفيين أن هذا ينطبق فقط على المناطق التي لا يوجد بها مستوطنات، كما أن إسرائيل لا تعتزم ضمها، واعتبر أن الخطة لا تفرض أي قيود على بناء المستوطنات. القدس: وفق الخطة، ستصبح القدس عاصمة لإسرائيل، وستبقى القدس الشرقية المحتلة بما في ذلك المدينة القديمة والمسجد الأقصى تحت السيطرة الإسرائيلية. في المقابل، سيُسمح للفلسطينيين بإنشاء عاصمة على الجانب الآخر من جدار الفصل الإسرائيلي، في منطقة تسمى أبو ديس. الأمن: تحتفظ إسرائيل بالمسؤولية الأمنية عن الدولة الفلسطينية التي ستكون بلا قوات مسلحة بشكل كامل. وسيكون للفلسطينيين أجهزتهم الأمنية الداخلية، غير أن إسرائيل ستتحكم في الحدود وكل المعابر. اللاجئون:ترفض الخطة حق العودة أو استيعاب أي لاجئين فلسطينيين داخل دولة إسرائيل. وتنص على أنه يمكن للاجئين العيش داخل دولة فلسطين أو يصبحوا مواطنين في بلاد المهجر أو استيعابهم داخل أي دول أخرى. وستحاول الولايات المتحدة تقديم ««بعض التعويضات»» للاجئين. شروط للفلسطينيين: تنفذ إسرائيل التزاماتها المذكورة في الخطة فقط إذا عاد قطاع غزة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية أو أي جهة أخرى مقبولة من إسرائيل. وأن يتم نزع سلاح حماس وكل القوى المسلحة الأخرى في القطاع بالكامل. إضافات:تطرح الخطة احتمال أن تقوم إسرائيل، في سياق إعادة ترسيم حدودها، بضم منطقة المثلث، التي تحتوي على عدد من القرى والمدن الفلسطينية من بينها أم الفحم ثالث أكبر مدينة فلسطينية داخل إسرائيل، للدولة الفلسطينية وبالتبعية تجريد سكانها من الجنسية الإسرائيلية.   ثالثاً: دوافع الإعلان عن الخطة فى هذا التوقيت: ترجح وجهات نظر محللين ومراكز بحثية أن اختيار التوقيت الحالي للإعلان عن الخطة مرتبط برغبة ترامب ونتنياهو في صرف الأنظار عن مشاكل داخلية، فترامب يواجه محاكمة في مجلس الشيوخ في إطار مساءلة يمكن أن تؤدي إلى عزله، بينما وُجهت إلى نتنياهو تهم فساد في نوفمبر الماضى (2019). الأمر الآخر يتعلق بسعي الأثنين لتوظيف هذه الصفقة سياسيًّا في الإنتخابات المُقبلة، فنتنياهو سيدخل الإنتخابات في مارس بعدما فشل مرتين في الحصول على أغلبية في الكنيست بعد جولتي إنتخابات العام الماضي، وترامب، هو الآخر، سيدخل الإنتخابات في نوفمبر القادم (2020)3.   رابعاً: رد الفعل الفلسطينى: 1- على المستوى الرسمى: الموقف الرسمي للسلطة الفلسطينية ممثلة في الرئيس محمود…

تابع القراءة

قرار محمد علي باعتزال العمل السياسي..قراءة في التعليقات وردود الأفعال

تباينت ردود الأفعال حيال قرار محمد علي إعتزال العمل السياسي، وكان الأخير قد قرر اعتزال العمل السياسي وإغلاق صفحته التي عكف فيها على نشر أسرار عن المؤسسة العسكرية المصرية خلال الشهور الماضية، وأضاف أن عدم إقبال الشعب على التظاهر في 25 يناير كان فيصلا في قراره بإغلاق الصفحة واعتزال العمل السياسي1، وتباينت كذلك تقييمات المتابعين لدلالات موقف “علي”. يمكن تقسيم المواقف من قرار محمد علي اعتزال العمل السياسي إلى:   مؤيدي النظام: فقد وجد أنصار النظام أن ذلك الإعلان دليل فشل يستحق السخرية. وبينما أبدى قطاع من مؤيدي النظام القائم بهجتهم بإعلان محمد علي اعتزال السياسة، واعتبروه دليل فشل لمعارضي السيسي، رأى آخرون أن الفنان المقاول لم يكن يهدف من هذا الظهور إلا إلى الهرب بما سرق من أموال الوطن، وأنه نجح في تحقيق هدفه2. في هذا الصدد قال عمرو أديب في برنامجه “الحكاية”، «هما اللي عملوا فيك كده، عايزين يخلصوا منك، هتوحشنا يا محمد، كلهم بيتخانقوا عشان الشنطة»، بينما سخر أحمد موسى، ببرنامجه “على مسؤوليتي”، وقال: «محمد على ركب على الإخوان ودلدل رجليه وبرضوا المصريين منزلوش، الإخوان صرفوا ملايين لخروج المصريين ولم يخرج أحد»، من جانبه، قال محمد الباز، في برنامجه “90 دقيقة”، «بحكم شغلى بتفرج على الناس اللى زى محمد على وآخر مرة اتفرجت عليه أشفقت عليه لأنه، لا يدرك هو والإخوان حجم ما يتم إنجازه كل يوم من القيادة السياسية للدولة المصرية»3، كما سخر الإعلامي نشأت الديهي، من قرار المقاول الفنان محمد علي، باعتزال العمل السياسي، مؤكداً أن الشعب المصري صفع محمد علي قلم لن ينساه هو وكل من يعرفه، معتبرًا أن محمد على مات بسبب ما حدث له، مشدداً أنه لو تم محاكمة أيمن نور، الذي يمول المقاول محمد علي، على غباءه فقط وليس الخيانة سوف يأخذ إعدام4. وفي تعليق الإعلام المصري المحسوب على النظام على قرار محمد علي باعتزال العمل السياسي نجد أنهم مع حرصهم على السخرية مما حدث، فقد حرصوا أيضاً على الربط بين محمد علي وجماعة الإخوان المسلمين، وإن إختلف طبيعة الرابطة بين الإثنين باختلاف المذيع، بين من يدعي أن جماعة الإخوان استخدمت محمد علي كأداة لحشد المصريين، ومن يفترض أن الطرفين يعملان معاً على خلخلة استقرار النظام وتنفيذ أجندات خارجية، ومن يقول أنهم –أي الإخوان ومحمد علي- جزء من كيان أكبر يضم كل المعارضة في الخارج ويعملون وفق أجندات خارجية على تقويض الاستقرار في مصر، كان النشاز الوحيد عن هذه المعزوفه التي يسوقها الإعلام المحسوب على النظام هو نشأت الديهي الذي ربط بين محمد علي وأيمن نور باعتبار “نور” هو من يقف وراء محمد علي. إذا استثنينا “الديهي” يمكننا القول أن هذا الربط بين محمد علي وجماعة الإخوان يمكن تأويله بأنه يستهدف تحقيق ثلاثة نتائج: تشويه محمد علي لدى مؤيديه من مناهضي جماعة الإخوان المسلمين، وهو خطاب قد يؤثر حتى على النخبة المدنية المعارضة، فضلاً عن تأثيره على الشارع من غير مؤيدي الإخوان والإسلام السياسي، فهو يقدم على إما متحالف مع الإخوان وإما مجرد أداة يستخدموها لتحقيق أهدافهم – يحمي إدعاء وجود علاقة بين محمد علي والإخوان، يحمي النظام من تهمة معاداته لكل من يعارضه، فهو لا يعارض سوى الإخوان، ومن ثم يتم إتهام كل من يعارض بأنه من الإخوان أو متعاون معهم أو يستخدموه، وبالتالي يستمر مسلسل شيطنة الجماعة مع اتهام كل من يعارض بأنه جزء من هذا الشيطان/ الإرهاب الأسود – التأويل الثالث، والذي رغم ضعفه يتمتع ببعض الوجاهة، وهو أن يكون النظام على علم بوجود تعاون فعلي بين محمد علي وجماعة الإخوان وأن دعوات التظاهر التي أطلقها “علي” خلال الأيام الماضية جاءت بتنسيق مع الإخوان في الخارج. من خارج صفوف المعارضة –لكن غير محسوب على النظام أيضاً- من رأى في قرار محمد علي إعتزال العمل السياسي مسلسل يستهدف تلميع الفنان والمقاول من خلال خروج من يطالب محمد علي بالعودة عن قراره، وهو ما سيستجيب له “علي” باعتباره طلب الجماهير؛ فيؤسس بذلك لنفسه شرعية جديدة مبنية على التأييد الشعبي له5. وإذا سرنا مع هذا السيناريو حتى نهايته سنجد أننا أمام إحدى نهايتين؛ إما أن المعارضة تستهدف تلميع “علي” وتكسبه شرعية إضافية وتجهزه لدور أكبر خلال الفترة القادمة، وإما أن هناك قوى داخلية أو خارجية هي التي تحاول تجهيز علي لدور أكبر في الحياة السياسية المصرية. لكن يبدو أن الطرف الذي قدم هذا التصور عن قرار محمد علي إعتزال العمل السياسي، يبدو متأثراً جدا بقرار عبدالناصر التنحي عقب هزيمة 1967، ثم خروج الجماهير لتطالبه بالتراجع عن قراره، وهذا التأثر واضح في التشابه بين التأويل الذي قدمه وهذه الحادثة.   معارضي نظام السيسي: فقد توزعت مواقف هذا الطرف من قرار محمد علي إلى عدد الإتجاهات، وإن اتفقت جميعها على شكر الفنان المقاول على الجهود التي بذلها، وذلك عبر وسمي: #محمد_علي الذي دخل قائمة الأكثر تداولا بموقع تويتر في مصر، و#شكرا_محمد_علي الذي شهد تفاعلا واسعا في مواقع التواصل الاجتماعي6. ويمكن حصر مواقف التيار المعارض من قرار محمد علي في ثلاث مكونات7: المكون الأول: أعلن قبوله بالقرار الذي أعلنه محمد علي، مع الدعوة إلى عدم اليأس وكيف أن الجهود التي بذلها محمد علي قد كشفت النظام أمام المصريين. في هذا الإطار كتب الإعلامي المعارض حسام الشوربجي على صفحته بـ “تويتر”، (الناس اللي مصدومة أو بتهاجم #محمد_علي الراجل قالها بصراحة لو فشلت في حشد الناس هخرج من المشهد فوراً، شكرا على الوفاء بعهدك)8. وكتب الإعلامي المعارض أسامة جاويش على “تويتر” يقول: “يكفيك شرف المحاولة يا #محمد_علي حركت الناس وساهمت في كسر حاجز الخوف ورجعت للناس ثقتهم في نفسهم من تاني #الشعب_يريد_إسقاط_النظام هيفضل هدفنا وحلمنا هيفضل #ثورة_الغضب_25 سعيد بتعاملي معاك الفترة اللي فاتت يا محمد والثورة عبارة عن جولات مش يوم وبيعدي”9. المكون الثاني: أكد رفضه للقرار مطالباً محمد علي بالتراجع عنه، ومن هذا المكون من طالب علي بدعم الحراك في الشارع وعدم إغلاق صفحته على الـ “فيس بوك”. في هذا الصدد كتب الإعلامي بقناة الشرق حسام الغمري يقول “#محمد_على أغلق صفحته بالفعل وفاز باحترام الملايين ودورنا أن نستعيده”10. المكون الثالث: وظف قرار محمد علي باعتزال العمل السياسي في انتقاد المعارضة المصرية في الخارج وتحدث عن إصرارهم على تصدر المشهد رغم فشلهم في إدارته طوال هذه السنوات. أو استخدم القرار في انتقاد طرف من قوى معين من قوى المعارضة. داخل هذا المكون: (أ) إتجاه أصغر استخدم قرار علي في انتقاد المعارضة الإسلامية، خاصة جماعة الإخوان المسلمين، مطالباً قيادتها باعتزال العمل السياسي على غرار ما فعل محمد علي، وفي هذا السياق كتب من يقول “لما يكون رافض الاعتزال هو من يقود أكبر جماعة بلا خطة من فشل إلى فشل.. ويتسبب بسوء إدارته في تفاقم معاناة شبابها…..

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022