دراسة: بيع الشركات العامة المصرية ..الدوافع والآليات والمخاطر
على مدى الأيام القليلة الماضية، شهدت العديد من الشركات والقطاعات الاقتصادية الاستراتيجية بمصر موجة خصخصة وتخارج حكومي وبيع لأصول الدولة المصرية، في أكبر موجة تنازل من الدولة عن مسئولياتها الوطنية، تجاه القطاعات الحيوية والإنتاجية، والتي يعد التخلي عنها أكبر خطر يتهدد الأمن القومي المصري.. الشركة المصرية للملاحة حيث قررت الجمعية العمومية للشركة المصرية للملاحة البحرية، التابعة لقطاع الأعمال العام، الاثنين 2 فبراير الجاري، تصفية الشركة، وتذرعت الجمعية العمومية بعدم وجود فرصة لتطوير الشركة. وبحسب البيان، راكمت الشركة ديونًا تجاوزت 800 مليون جنيه في السنوات الماضية، وكانت خسائرها عام 2018، نحو 115 مليون جنيه، بحسب تقرير مراقب الحسابات الذي ذكره النائب هيثم الحريري في تساؤل قدّمه في البرلمان، في ديسمبر الماضي، حول عدم تنفيذ قرارات الجمعية العمومية للشركة، وأكّد فيه أن مجلس إدارة الشركة تقاعس عن تنفيذ قرارات الجمعية العمومية بتبنّي خطة لإعادة هيكلة الشركة وضمان استمراريتها. وفي سياق استهداف النظام تخسير الشركة تمهيدا لبيعها، بالرغم من أنها آخر شركة عامة مصرية متخصصة في خدمات الملاحة البحرية، أكّد حسن غنيم، عضو مجلس إدارة «المصرية للملاحة»، لـ”جريدة المال” أن وزارة الاستثمار لم تستجب لطلب الشركة بإدراجها ضمن الشركات الخاسرة التي كانت تنوى الوزارة ضخ أموال جديدة بها. وأوضح غنيم أن أسطول الشركة انخفض من 60 سفينة تشمل عبارات وناقلات بترول وسفن صب، إلى 8 فقط، وعزا التدهور إلى عدم الإحلال والتجديد وغياب الدعم الحكومي للشركة. تصفية الشركة القومية للأسمنت وكان العام 2018، شاهدا على تصفية شركة القومية للأسمنت، إحدى الشركات التابعة للوزارة. ووافقت الجمعية العامة غير العادية في أكتوبر 2018، على تصفية الشركة القومية للأسمنت بعدما تخطت خسائرها نحو 1.5 مليار جنيه خلال السنوات الأربعة الماضية، بحسب بيان سابق لوزارة قطاع الأعمال، والذي أشار إلى أن الشركة هي الأعلى تحقيقا للخسائر بين شركات القطاع. وأرجعت الوزارة هذه الخسائر إلى النشاط الرئيسي من العملية الإنتاجية، “إذ تزيد تكلفة إنتاج طن الأسمنت في الشركة بنسبة تتجاوز 60% عن متوسط تكلفته في الشركات المنافسة”. وفي الوقت الذي جرى فيه تصفية أكبر قلعة لإنتاج الأسمنت بالشرق الأوسط، افتتح السيسي مجمع للأسمنت تابع للجيش ببني سويف، في تناقض غريب، يكشف مخطط إزاحة الشركات المنافسة من أمام الاقتصاد العسكري، ما تسبب في وجود إنتاج كبير لم يستوعبه السوق المصري، وفشلت إدارة السيسي في تصديره أيضا للخارج، في عشوائية غير مسبوقة في تخطيط الإنتاج والصناعات. شركات الأقطان وفي 1 فبراير الجاري، كشف هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال العام، أنه سيتم دمج 9 شركات، تابعة للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج، وتعمل في مجال حليج وتجارة وتصدير الأقطان لتصبح شركة واحدة، وذلك بحلول 30 يونيو المقبل. وأشار في تقرير مرسل لرئاسة مجلس الوزراء، إلى أنه تم البدء في تنفيذ خطة متكاملة لتطوير وتحديث محالج الأقطان، وصولاً لتحسين قدراتها وكفاءتها إلى جانب الاهتمام بجودة القطن المحلوج (الشعر)، وذلك بقيمة تقديرية تصل إلى نحو مليار جنيه. وأوضح أنه تم تنفيذ المرحلة الأولى من هذا الدمج والوصول بعدد الشركات إلى 4 شركات تمهيداً لدمجها في شركة واحدة، بالإضافة إلى تخفيض عدد المحالج الحالية من 25 محلجاً، لتصبح 11 محلجاً بطاقة إنتاجية تقدر بـ 4.4 ملايين قنطار/ سنة بدلاً من 1.5 مليون قنطار/سنة للمحالج القديمة القائمة حالياً. وكانت وزارة قطاع الأعمال قد أعلنت في وقت سابق عن خطتها لتصفية 13 شركة نسيج، تحت مسمى إعادة الهيكلة عن طريق دمج 23 شركة حكومية في 10 شركات والاستفادة من بيع أصولها في عمليات التطوير، بحسب الخطة المعلنة، والتي يستغرق تنفيذها 30 شهرًا بتكلفة تقدر بـ 21 مليار جنيه. وكشف أحمد مصطفي، رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للغزل والنسيج، أنه بعد الانتهاء من تحديث المصانع، فإن القطاع لن يحتاج سوى إلى 7 آلاف عامل، من أصل 54 ألفاً، قوة العمالة الحالية. تصفية مصنع الحديد والصلب مسألة وقت بعد 66 عاما من العطاء والعمل ودوران الآلات والمعدات قررت الحكومة المصرية التخلي عن شركة الحديد والصلب وتصفية أحد أعرق الشركات التي تأسست في الشرق الأوسط منتصف القرن الماضي بعد اختيار بديل لها رغم قلة إنتاجه مقارنة بالشركة الأكبر، إلا أن عدد العمالة الموجودة، التي وصفت بأحد أسباب الخسائر، وراء تأجيل الإعلان الرسمي حتى تدبير تعويضاتهم، بالإضافة إلى توفير البديل الاستراتيجي لها والمتمثل في شركة الدلتا للصلب. وحول موعد الإعلان الرسمي قال المصدر: “إن مجلس الوزراء يدبر حاليا التعويضات التي سيحصل عليها العمال نتيجة إنهاء مسيرتهم ومكافآت نهاية الخدمة التي تقدر بالمليارات سيتم الإعلان رسميا من خلال مجلس الوزراء المصري لصعوبة وحساسية القرار أمام الرأي العام وحساسية الشركة ووضعها التاريخي، وتهيئة الرأي العام باعتبارها شركة وطنية كان لها باع طويل مؤثر في تاريخ مصر إلى جانب ارتفاع عدد العمال بالشركة”. إفلاس مصنع الألومنيوم وفي إطار الصناعات الاستراتيجية التي تنهار بفعل النظام، ما كشفت عنه المؤشرات المالية لشركة مصر للألومنيوم، المحتكر الوحيد لصناعة الألومنيوم في مصر، والتي تتكبد خسائر قدرها 596 مليون جنيه (38 مليون دولار)، خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، في مقابل تحقيق أرباح عن الفترة نفسها من العام المالي السابق تقدر بـ758 مليون جنيه (48 مليون دولار). وأشارت البيانات إلى تراجع إيرادات الشركة إلى 3.5 مليارات جنيه خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، مقابل 7 مليارات جنيه في الفترة المقارنة من العام المالي السابق. وأرجعت الشركة، في بيان مرسل للبورصة المصرية، أسباب تحولها من الأرباح للخسائر، إلى ارتفاع كلفة الطاقة الكهربائية ومستلزمات الإنتاج الأخرى، وانخفاض السعر الأساسي للمعدن ببورصة المعادن العالمية، مع تراجع سعر الدولار مقابل الجنيه، بالإضافة لاستغناء الشركة عن نسبة كبيرة من استثماراتها المالية للوفاء بالتزاماتها المالية، ما أدى لانخفاض العائد من الاستثمارات. خصخصة البنوك ومطلع فبراير الجاري، قال رئيس بنك مصر، محمد الإتربي: إن مصرفه المالك لبنك القاهرة، ثالث أكبر بنك حكومي في مصر، يسعى لطرح ما يصل إلى 45% من أسهم البنك في بورصة مصر خلال النصف الأول من هذا العام، مع إمكانية حصول مستثمر أجنبي على حصة من أسهم البنك خلال الطرح. وأضاف في جلسة نقاشية مع الجمعية المصرية لمخاطر الائتمان، أن يجري القيام بجولة ترويجية لطرح أسهم بنك القاهرة في الولايات المتحدة. وكانت صفقة لبيع البنك المملوك للدولة أُلغيت في 2008، وتكرر تأجيل طرح عام أولي مزمع على مدى الأعوام الأربعة الأخيرة. وقال الإتربي: “تقرر بيع 45% من أسهم بنك القاهرة. البيع سيكون داخل مصر وليس هناك شهادات إيداع دولية. ومن الممكن أن يأخذ مستثمر أجنبي حصة. الجولة الترويجية هي التي تحكم”. بيع الأراضي ويوم 17 سبتمبر صرّح هشام توفيق بأن حكومة عبدالفتاح السيسي ستبيع أراضي 11 محلجاً تصل قيمتها إلى 27 مليار جنيه (تعادل 1.51 مليار دولار)، بعد تغيير نشاطها، وذلك لتطوير بقية شركات الغزل والنسيج. وقال الوزير: إن…