دراسة: بيع الشركات العامة المصرية ..الدوافع والآليات والمخاطر

على مدى الأيام القليلة الماضية، شهدت العديد من الشركات والقطاعات الاقتصادية الاستراتيجية بمصر موجة خصخصة وتخارج حكومي وبيع لأصول الدولة المصرية، في أكبر موجة تنازل من الدولة عن مسئولياتها الوطنية، تجاه القطاعات الحيوية والإنتاجية، والتي يعد التخلي عنها أكبر خطر يتهدد الأمن القومي المصري.. الشركة المصرية للملاحة حيث قررت الجمعية العمومية للشركة المصرية للملاحة البحرية، التابعة لقطاع الأعمال العام، الاثنين 2 فبراير الجاري، تصفية الشركة، وتذرعت الجمعية العمومية بعدم وجود فرصة لتطوير الشركة. وبحسب البيان، راكمت الشركة ديونًا تجاوزت 800 مليون جنيه في السنوات الماضية، وكانت خسائرها عام 2018، نحو 115 مليون جنيه، بحسب تقرير مراقب الحسابات الذي ذكره النائب هيثم الحريري في تساؤل قدّمه في البرلمان، في ديسمبر الماضي، حول عدم تنفيذ قرارات الجمعية العمومية للشركة، وأكّد فيه أن مجلس إدارة الشركة تقاعس عن تنفيذ قرارات الجمعية العمومية بتبنّي خطة لإعادة هيكلة الشركة وضمان استمراريتها. وفي سياق استهداف النظام تخسير الشركة تمهيدا لبيعها، بالرغم من أنها آخر شركة عامة مصرية متخصصة في خدمات الملاحة البحرية، أكّد حسن غنيم، عضو مجلس إدارة «المصرية للملاحة»، لـ”جريدة المال” أن وزارة الاستثمار لم تستجب لطلب الشركة بإدراجها ضمن الشركات الخاسرة التي كانت تنوى الوزارة ضخ أموال جديدة بها. وأوضح غنيم أن أسطول الشركة انخفض من 60 سفينة تشمل عبارات وناقلات بترول وسفن صب، إلى 8 فقط، وعزا التدهور إلى عدم الإحلال والتجديد وغياب الدعم الحكومي للشركة. تصفية الشركة القومية للأسمنت وكان العام 2018، شاهدا على تصفية شركة القومية للأسمنت، إحدى الشركات التابعة للوزارة. ووافقت الجمعية العامة غير العادية في أكتوبر 2018، على تصفية الشركة القومية للأسمنت بعدما تخطت خسائرها نحو 1.5 مليار جنيه خلال السنوات الأربعة الماضية، بحسب بيان سابق لوزارة قطاع الأعمال، والذي أشار إلى أن الشركة هي الأعلى تحقيقا للخسائر بين شركات القطاع. وأرجعت الوزارة هذه الخسائر إلى النشاط الرئيسي من العملية الإنتاجية، “إذ تزيد تكلفة إنتاج طن الأسمنت في الشركة بنسبة تتجاوز 60% عن متوسط تكلفته في الشركات المنافسة”. وفي الوقت الذي جرى فيه تصفية أكبر قلعة لإنتاج الأسمنت بالشرق الأوسط، افتتح السيسي مجمع للأسمنت تابع للجيش ببني سويف، في تناقض غريب، يكشف مخطط إزاحة الشركات المنافسة من أمام الاقتصاد العسكري، ما تسبب في وجود إنتاج كبير لم يستوعبه السوق المصري، وفشلت إدارة السيسي في تصديره أيضا للخارج، في عشوائية غير مسبوقة في تخطيط الإنتاج والصناعات. شركات الأقطان وفي 1 فبراير الجاري، كشف هشام توفيق، وزير قطاع الأعمال العام، أنه سيتم دمج 9 شركات، تابعة للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج، وتعمل في مجال حليج وتجارة وتصدير الأقطان لتصبح شركة واحدة، وذلك بحلول 30 يونيو المقبل. وأشار في تقرير مرسل لرئاسة مجلس الوزراء، إلى أنه تم البدء في تنفيذ خطة متكاملة لتطوير وتحديث محالج الأقطان، وصولاً لتحسين قدراتها وكفاءتها إلى جانب الاهتمام بجودة القطن المحلوج (الشعر)، وذلك بقيمة تقديرية تصل إلى نحو مليار جنيه. وأوضح أنه تم تنفيذ المرحلة الأولى من هذا الدمج والوصول بعدد الشركات إلى 4 شركات تمهيداً لدمجها في شركة واحدة، بالإضافة إلى تخفيض عدد المحالج الحالية من 25 محلجاً، لتصبح 11 محلجاً بطاقة إنتاجية تقدر بـ 4.4 ملايين قنطار/ سنة بدلاً من 1.5 مليون قنطار/سنة للمحالج القديمة القائمة حالياً. وكانت وزارة قطاع الأعمال قد أعلنت في وقت سابق عن خطتها لتصفية 13 شركة نسيج، تحت مسمى إعادة الهيكلة عن طريق دمج 23 شركة حكومية في 10 شركات والاستفادة من بيع أصولها في عمليات التطوير، بحسب الخطة المعلنة، والتي يستغرق تنفيذها 30 شهرًا بتكلفة تقدر بـ 21 مليار جنيه. وكشف أحمد مصطفي، رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للغزل والنسيج، أنه بعد الانتهاء من تحديث المصانع، فإن القطاع لن يحتاج سوى إلى 7 آلاف عامل، من أصل 54 ألفاً، قوة العمالة الحالية. تصفية مصنع الحديد والصلب مسألة وقت بعد 66 عاما من العطاء والعمل ودوران الآلات والمعدات قررت الحكومة المصرية التخلي عن شركة الحديد والصلب وتصفية أحد أعرق الشركات التي تأسست في الشرق الأوسط منتصف القرن الماضي بعد اختيار بديل لها رغم قلة إنتاجه مقارنة بالشركة الأكبر، إلا أن عدد العمالة الموجودة، التي وصفت بأحد أسباب الخسائر، وراء تأجيل الإعلان الرسمي حتى تدبير تعويضاتهم، بالإضافة إلى توفير البديل الاستراتيجي لها والمتمثل في شركة الدلتا للصلب. وحول موعد الإعلان الرسمي قال المصدر: “إن مجلس الوزراء يدبر حاليا التعويضات التي سيحصل عليها العمال نتيجة إنهاء مسيرتهم ومكافآت نهاية الخدمة التي تقدر بالمليارات سيتم الإعلان رسميا من خلال مجلس الوزراء المصري لصعوبة وحساسية القرار أمام الرأي العام وحساسية الشركة ووضعها التاريخي، وتهيئة الرأي العام باعتبارها شركة وطنية كان لها باع طويل مؤثر في تاريخ مصر إلى جانب ارتفاع عدد العمال بالشركة”. إفلاس مصنع الألومنيوم وفي إطار الصناعات الاستراتيجية التي تنهار بفعل النظام، ما كشفت عنه المؤشرات المالية لشركة مصر للألومنيوم، المحتكر الوحيد لصناعة الألومنيوم في مصر، والتي تتكبد ‏خسائر قدرها ‏‏596 مليون جنيه (38 مليون دولار)، خلال النصف الأول من العام ‏المالي ‏الجاري، في مقابل ‏تحقيق أرباح عن الفترة ‏نفسها من العام المالي السابق تقدر بـ‏‏758 مليون جنيه (48 مليون ‏دولار).‏ ‏وأشارت البيانات إلى تراجع إيرادات الشركة إلى 3.5 مليارات جنيه ‏خلال ‏النصف الأول من العام المالي الجاري، مقابل 7 مليارات ‏جنيه في الفترة ‏المقارنة من العام المالي السابق. وأرجعت الشركة، في بيان مرسل للبورصة المصرية، أسباب تحولها من ‏الأرباح للخسائر، إلى ارتفاع كلفة ‏الطاقة الكهربائية ومستلزمات الإنتاج ‏الأخرى، وانخفاض السعر ‏الأساسي للمعدن ببورصة المعادن العالمية، ‏مع تراجع سعر ‏الدولار مقابل الجنيه، بالإضافة لاستغناء الشركة عن ‏نسبة كبيرة ‏من استثماراتها المالية للوفاء بالتزاماتها المالية، ما أدى ‏لانخفاض ‏العائد من الاستثمارات.‏ خصخصة البنوك ومطلع فبراير الجاري، قال رئيس بنك مصر، محمد الإتربي: إن مصرفه المالك لبنك القاهرة، ثالث أكبر بنك حكومي في مصر، يسعى لطرح ما يصل إلى 45% من أسهم البنك في بورصة مصر خلال النصف الأول من هذا العام، مع إمكانية حصول مستثمر أجنبي على حصة من أسهم البنك خلال الطرح. وأضاف في جلسة نقاشية مع الجمعية المصرية لمخاطر الائتمان، أن يجري القيام بجولة ترويجية لطرح أسهم بنك القاهرة في الولايات المتحدة. وكانت صفقة لبيع البنك المملوك للدولة أُلغيت في 2008، وتكرر تأجيل طرح عام أولي مزمع على مدى الأعوام الأربعة الأخيرة. وقال الإتربي: “تقرر بيع 45% من أسهم بنك القاهرة. البيع سيكون داخل مصر وليس هناك شهادات إيداع دولية. ومن الممكن أن يأخذ مستثمر أجنبي حصة. الجولة الترويجية هي التي تحكم”. بيع الأراضي ويوم 17 سبتمبر صرّح هشام توفيق بأن حكومة عبدالفتاح السيسي ستبيع أراضي 11 محلجاً تصل قيمتها إلى 27 مليار جنيه (تعادل 1.51 مليار دولار)، بعد تغيير نشاطها، وذلك لتطوير بقية شركات الغزل والنسيج. وقال الوزير: إن…

تابع القراءة

الملفات الخارجية الثلاثة التى قد تتسبب فى الإطاحة بالسيسى

شهدت الأيام القليلة الماضية مجموعة من التطورات المتعلقة بالقضايا الخارجية والتى قد تؤثر بالسلب على علاقة نظام السيسى بداعميه الخارجيين، وإثارة الخلافات داخل أجنحة النظام، وزياده السخط الشعبى على السيسى. وقد ظهرت تلك التطورات فى ثلاث قضايا رئيسية هى: تجهيز الإمارات بديل للسيسى، والضغط الإماراتى على السيسى للتدخل العسكرى فى ليبيا، وأخيراً طرح صفقة القرن التى أعلن عنها ترامب فى 28 يناير 2020. أولاً: الإمارات وتجهيز بديل السيسى: بعد سنوات من غيابه بعد أن كان أيقونة ثورة 25 يناير المصرية، عاد وائل غنيم إلى الظهور للعامة مستخدماً حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي (سواء عبر صفحته الشخصية على الفيس بوك وتويتر أو عبر صفحة “كلنا خالد سعيد” التى أعاد تنشيطها)، ولكن بشكل وأيديولوجيا جديدة تمثلت فى1: دعم النظام وتثمينه لمنطق الحوار معه على منطق الخروج عليه، كما دعا الشباب إلى عدم الاستجابة لمطالبات المقاول والممثل المصري محمد علي، بالنزول إلى كافة الميادين تزامناً مع الذكرى التاسعة للثورة المصرية، والمطالبة برحيل الرئيس عبد الفتاح السيسي. ما مثل تخلياً عن مبادئه الثورية. ضد الإسلاميين، حيث نقد قوى المعارضة الإسلامية ووصفها بالضعف والتمزق والعجز عن التغيير وغرقها في مشكلاتها الذاتية. وصم الإعلام المعارض بالفشل وبتلقيه تمويل أجنبي. وطالب بإغلاق قنوات المعارضة المصرية في الخارج وعلى رأسها قناتي الشرق ومكملين، كما طالب باغلاق قناة الجزيرة القطرية. هاجم دولة قطر واتهمها بدعم الإرهاب، وتطاول بالسب والقذف على أميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني2. فى حين اعتذر لولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، عن كل إساءة وجهها له عبر مقاطع فيديو اليوتيوب. وبعد هذه المواقف الجديدة لغنيم، أطلق نشطاء وسم “وائل عميل الإمارات”، مع نشر صور له بصحبة وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، والرئيس السيسي. وكان من أبرز المهاجمين لغنيم أنس حسن، مؤسسة شبكة رصد الإخبارية، الذى أشار فى مجموعة من البوستات على صفحته ب”فيس بوك” إلى أنه تم تجنيده من قبل جهاز أمن أبوظبي بعد 2012، وتم استقطابه بعد الثورة واستخدامه في حملات الاستعداد للإنقلاب، وهو من أدخل صفحة “خالد سعيد” لمعسكر الإنقلاب. كما أشار حسن إلى وجد تسريبات تشير إلى أن غنيم هو أحد رجال يوسف العتيبة في واشنطن ويتلقى تمويل إماراتي3. فضلاً عن استخدامه من قبل الإمارات ومصر للتعرف على المعارضين المتواجدين فى الخارج، وتسهيل القبض عليهم. ويمكن القول، أن الإمارات هى من دفعت وائل غنيم للظهور فى هذا التوقيت لتحقيق هدفين: الأول/ التشويش على دعوات محمد على للتظاهر ضد السيسى فى ذكرى يناير، وبالتالى إفشال الحراك والحفاظ على حليفها المقرب الرئيس السيسى. الثانى/ الاستعداد لإمكانية حدوث حراك حقيقى يطيح بالسيسى، وبالتالى تجهيز بعض القوى السياسية التى تدعم خيارات الإمارات، كما حدث من قبل عندما قامت أبو ظبى بتمويل حركة تمرد للإطاحة بالرئيس مرسى، وهى ذات الحركة التى قدمت الدعم للسيسى. ويعتبر وائل غنيم هو البديل المناسب لحركة تمرد باعتباره محسوب على ثورة يناير، والأهم من ذلك هو توافقه مع الأفكار الإماراتية المعادية للإسلاميين والدول الداعمة لهم مثل قطر. ولكن الملاحظ هنا، أن ظهور وائل غنيم فى هذا التوقيت قد يؤدى إلى احراقه ككارت فى يد الإمارات، وهو ما ظهر فى تصاعد الإنتقادات لغنيم باعتباره عميل للإمارات، والذى ظهر فى وصول هاشتاج # وائل عميل الإمارات إلى المرتبة السادسة فى مصر خلال فترة قصيرة. فضلاً عن إمكانية إدراك السيسى للمساعى الإماراتية بتجهيز بديل له، وهو ما قد يتسبب فى سوء العلاقة بينهما.   ثانياً: الإمارات والضغط على السيسى للتدخل العسكرى فى ليبيا: فى تغريدة للأكاديمى الإماراتى عبدالخالق عبدالله، والمقرب من محمد بن زايد، أكد على أن جيش حفتر إذا لم يتمكن من السيطرة على طرابلس، فإن الجيش المصرى وحده سيكون القادر على حسم الأمور4. كما استضافت مؤسسات رسمية في أبوظبي على مدار يناير الحالي عدداً كبيراً من الكتاب والمفكرين والشخصيات العامة المؤثرة في صناعة القرار المصري، في اجتماعات ولقاءات مع باحثين ومسؤولين إماراتيين تحت مظلة مراكز أبحاث أحدها تابع لوزارة الدفاع الإماراتية، انصبت النقاشات خلالها على حتمية الحسم العسكري للأزمة الليبية، وعدم تحقيق ذلك إلا عبر بوابة الجيش المصري. فضلاً عن وجود أحاديث عن اتصالات رفيعة المستوى بين الإمارات ومصر، سعى خلالها ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد لإقناع القيادة المصرية بحسم الأزمة الليبية عسكرياً في وقت سريع، عبر تدخل مباشر للجيش المصري بعد تعثر اللواء المتقاعد خليفة حفتر وعدم استطاعته حسم المعركة المستمرة للسيطرة على طرابلس منذ إبريل 2019. وأن أبوظبي والرياض ربطتا موافقة الإدارة المصرية على التدخل المباشر في لبيبا بحزمة اقتصادية ضخمة، بالإضافة لتحمل كافة نفقات المعركة هناك، مع تقديم كافة أشكال الدعم المختلفة5. ومن المتوقع أن يتزايد الضغط الإماراتى على مصر بعد قيام الدفاعات الجوية التابعة لحكومة الوفاق بإسقاط طائرة إماراتية مسيرة شرق مدينة مصراتة، شرقي العاصمة طرابلس6، وهو ما قد يشير إلى تحسين القدرات الدفاعية للوفاق بعد تزايد الدعم العسكرى التركى لها. كما سيتزايد الضغط بعد وصول بارجتين حربيتين تركيتين إلى ميناء طرابلس، فى 29 يناير الجارى، حيث أنزلتا جنوداً ومعدات عسكرية لدعم القوات الموالية لحكومة الوفاق، وقد لجأت تركيا إلى الدعم عبر البحر بعد قيام حفتر بإغلاق المجال الجوي لطرابلس ومصراتة7. ولكن القاهرة قد أبلغت أبوظبي بشكل واضح بأن فكرة تدخل الجيش المصرى فى ليبيا مرفوضة تماماً خشية تورط الجيش المصري في معركة طويلة الأمد تستنزف قواته، كما حدث في حرب اليمن إبان حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، موضحة أن إدارة معركة حربية في مسرح عمليات مثل ليبيا، لن تكون بالعملية السهلة كما يروج قادة الإمارات. وهناك أيضاً الحسابات المتعلقة بجوانب السياسية الدولية، وتوازنات القوى والقرار الأوروبي والأميركي، فى ظل تواجد التجاذبات السياسية، وارتباك أحلاف المصالح في منطقة الشرق الأوسط. ولذلك فإن مصر ترفض التدخل العسكرى المباشر فى ليبيا، مع تعهدها بزيادة كافة أشكال الدعم اللوجستي والعسكري لحفتر8. وربما يكون هذا الأمر من الأسباب التى قد تؤدى إلى حدوث خلاف بين الإمارات ومصر، خاصة فى ظل الأحاديث السابقة عن حدوث خلاف بين مصر والإمارات فى ظل رفض القاهرة لحملة حفتر العسكرية على طرابلس، والتى جاءت بدعم إماراتى. كما أن مطالبة الإمارات للجيش المصرى بالتدخل عسكرياً فى ليبيا قد يثير حفيظة بعض القيادات العسكرية داخل الجيش، التى ترى فى ذلك تدخل إماراتى فى القرارات العسكرية المصرية. وربما ذلك ما دفع تلك القيادات العسكرية إلى الضغط على السيسى بعدم الاستجابة للضغوط الإماراتية فى هذا الاتجاه. أكثر من ذلك، فإن تلك القيادات كان لديها مخاوف من إمكانية خضوع السيسى للضغوط الإماراتية، ولذلك فقد طالبت بالحصول على ضمانات من قبل السيسى بعدم السير خلف الإمارات والتورط فى الملف الليبى عبر إرجاع بعض القيادات العسكرية الرافضة للتدخل العسكرى فى ليبيا مثل رئيس الأركان السابق، والمختص بالملف الليبى، الفريق…

تابع القراءة

المشهد السياسي 2 فبراير 2020

أولاً: المشهد الداخلي: فى ذكرى ثورة 25 يناير كيف قرأ المتابعون قرار محمد علي اعتزال العمل السياسي. كان محمد علي قد قرر اعتزال العمل السياسي وإغلاق صفحته التي عكف فيها على نشر أسرار عن المؤسسة العسكرية المصرية خلال الشهور الماضية[1]. ويمكن تقسيم المواقف من قرار محمد علي اعتزال العمل السياسي إلى: (أ) مؤيدي النظام: اعتبروا موقف “علي” دليل فشل يستحق السخرية. وبينما أبدى قطاع من مؤيدي النظام القائم بهجتهم بإعلان محمد علي اعتزال السياسة، واعتبروه دليل فشل لمعارضي السيسي، رأى آخرون أن الفنان المقاول لم يكن يهدف من هذا الظهور إلا إلى الهرب بما سرق من أموال الوطن، وأنه نجح في تحقيق هدفه[2]. وفي تعليق الإعلام المصري المحسوب على النظام على قرار محمد علي باعتزال العمل السياسي، نجد أنهم مع حرصهم على السخرية مما حدث، فقد حرصوا أيضاً على الربط بين محمد علي وجماعة الإخوان المسلمين. هذا الربط بين محمد علي وجماعة الإخوان يمكن تأويله بأنه يستهدف تحقيق ثلاثة نتائج: تشويه محمد علي لدى مؤيديه من مناهضي جماعة الإخوان المسلمين، وهو خطاب قد يؤثر حتى على النخبة المدنية المعارضة، فضلاً عن تأثيره على الشارع من غير مؤيدي الإخوان والإسلام السياسي، فهو يقدم على إما متحالف مع الإخوان وإما مجرد أداة يستخدموها لتحقيق أهدافهم. كما أن إدعاء وجود علاقة بين محمد علي والإخوان، يحمي النظام من تهمة معاداته لكل من يعارضه، فهو لا يعارض سوى الإخوان، ومن ثم يتم إتهام كل من يعارض بأنه من الإخوان أو متعاون معهم أو يستخدموه. التأويل الثالث، والذي رغم ضعفه يتمتع ببعض الوجاهة، وهو أن يكون النظام على علم بوجود تعاون ما  بين محمد علي وجماعة الإخوان وأن دعوات التظاهر التي أطلقها “علي” خلال الأيام الماضية جاءت بتنسيق مع الإخوان في الخارج. (ب) معارضي نظام السيسي: فقد توزعت مواقف هذا الطرف من قرار محمد علي إلى عدد الإتجاهات، وإن اتفقت جميعها على شكر الفنان المقاول على الجهود التي بذلها. المكون الأول: أعلن قبوله بالقرار الذي أعلنه محمد علي، مع الدعوة إلى عدم اليأس وكيف أن الجهود التي بذلها محمد علي قد كشفت النظام أمام المصريين. المكون الثاني: أكد رفضه للقرار مطالباً محمد علي بالتراجع عنه، ومن هذا المكون من طالب علي بدعم الحراك في الشارع وعدم إغلاق صفحته على الـ “فيس بوك”. المكون الثالث: وظف قرار محمد علي باعتزال العمل السياسي في انتقاد المعارضة المصرية في الخارج وتحدث عن إصرارهم على تصدر المشهد رغم فشلهم في إدارته طوال هذه السنوات. أو استخدم القرار في انتقاد طرف من قوى معين من قوى المعارضة. مؤتمر الأزهر للتجديد.. فصل جديد في الجدل حول تجديد الخطاب الديني عقد الأزهر بالقاهرة المؤتمر العالمي للتجديد في الفكر الاسلامي، على مدار يومي (27 – 28) من يناير 2020[3]، ، برعاية السيسي[4]، وممثلين لوزارات الأوقاف ودور الإفتاء والمجالس الإسلامية من 46 دولة من دول العالم الإسلامى[5]. المؤتمر جاء نتيجة لدعوة السيسي لتجديد الخطاب الديني[6]؛ دعوة غرضها تأميم الدين كفكر وممارسة، حتى يصبح الدين والاجتهاد فيه حكراً على المؤسسات الرسمية التي تخدم النظام وتتبنى توجهاته، وأن يعزز هذا التجديد من سيطرة النظام، حيث تمتد هذه السيطرة من الأبعاد المادية للأبعاد الثقافية. وقد جاءت كلمة السيسي في المؤتمر – والتي ألقاها نيابة عنه الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء- تعبر عن وعي النظام بالمساحات التي يؤدي تجديدها إلى تيسير سيطرته على الثقافة والمجتمع، هذه المساحة هي مساحة الفقه والتشريع، وليست مساحة العقيدة وفلسفتها التي يعتقد النظام أنها خارج السياسة، أو مساحة الأخلاق والتصوف، لأنه قد يستفيد منها في شكلها الراهن. أما الجدل الذي أثير بين أحمد الطيب شيخ الأزهر ورئيس جامعة القاهرة عثمان الخشت، فقد أكسبه هذا الزخم أنه جاء بعد أيام من صدور حكم نهائي من المحكمة الإدارية العليا، بتأييد قرار رئيس جامعة القاهرة بحظر ارتداء النقاب لعضوات هيئة التدريس في الجامعة[7]، وجاء إبان إعلان واشنطن عن “صفقة القرن” التي تعد بمثابة تصفية نهائية للقضية الفلسطينية وإهدار تام لحقوق الفلسطينيين[8]، كما جاء في ظل هيمنة شعور عام بالمهانة في المجال العام المصري، مهانة ترافقت مع تصوير كثيرين لشيخ الأزهر باعتباره قلعة المقاومة الأخيرة في مواجهة طوفان السيطرة والقمع للنظام المصري الحاكم؛ في حين نظر كثير من المتابعين للمؤتمر لرئيس جامعة القاهرة باعتباره يمثل وجهة نظر السلطة. وإن كان من الواضح أيضاً أن ردود شيخ الأزهر على “الخشت” جاءت ذات حمولة سياسية كبيرة وواضحة، من الممكن أن “الطيب” لم يكن واعياً بها؛ فهو اعتبر أن السلطة هي التي تستقطب الدين خارج مساحاته بهدف توظيفه في تحقيق أهداف السلطة التي تتعارض مع الدين، وأن أزمتنا الراهنة هي أزمة سياسية، وأن اعتبار أزمة بلادنا ناجمة عن الخطاب الديني السائد هو تصور خاطئ. قوائم الإرهاب وتوسع فى توصيف الكيانات الإرهابية تعديل تشريعي يسمح بإدراج وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي على قوائم الإرهاب. بينما كان قانون الكيانات الإرهابية الصادر في 2015، يتيح إدراج الجمعيات والمنظمات والجماعات والعصابات والخلايا في قائمة الكيانات الإرهابية، وهو ما كان يقضي بحظر الكيان وغلق مقاره وتجميد أمواله وتجريم الانضمام إليه[9]. فإن تعديل مزمع تمريره في البرلمان سيتيح إقراره إدراج محطات إذاعية وتليفزيونية ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من الوسائل الإعلامية على قوائم الإرهاب الحكومية[10]. كما استبدلت لجنة الشؤون التشريعية والدستورية بمجلس النواب تعريف الأموال الواردة بالقانون لتكون (الأموال أو الأصول الأخرى)، لتشمل جميع الأصول المالية والموارد الاقتصادية، ومنها النفط وغيره، أياً كانت وسيلة الحصول عليها والوثائق والأدوات القانونية، بما في ذلك الشكل الرقمى أو الإلكترونى. المشهد الحقوقي: القمع والعفو وجهين لموقف واحد.. مصلحة النظام واستقراره محددا التعامل مع الملف الحقوقي. أعلن قطاع السجون الإفراج عن 498 سجينًا، بعفو رئاسى وإفراج شَرطى، بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ68 لعيد الشرطة، وقد جاء الإفراج استمرارًا لتنفيذ قرار السيسي بشأن العفو عن باقى مدة العقوبة بالنسبة لبعض المحكوم عليهم الذين استوفوا شروط العفو[11]. دون تحديد لماهية تلك الشروط. وقد شمل القرار نشطاء سياسيين وعماليين وإسلاميين[12]، فضلًا عن ضابط شرطة مُدان في قضية تعذيب[13]. في التوقيت ذاته نيابة أمن الدولة العليا تجدد حبس المدون محمد إبراهيم “أوكسجين” 15 يومًا على ذمة القضية رقم 1356 لسنة 2019[14]. كما جددت  النيابة حبس كلًا من أستاذ العلوم السياسية حسن نافعة، والمحامية الحقوقية ماهينور المصري، 15 يومًا على ذمة القضية رقم 488 لسنة 2019[15]. فيما جددت محكمة جنايات القاهرة، حبس المدوّن إسلام الرفاعي “خرم”، والناشط السياسي عبدالرحمن طارق “موكا”، 45 يومًا على ذمة القضية رقم 1331 لسنة 2019، وتجديد حبس كلًا من عمر عبدالتواب، ومحمد فادي، وسامح محمود، وبلال عبدالرازق، 45 يومًا على ذمة القضية رقم 488 لسنة 2019[16]. والحقيقة أن السياسات التعسفية بحق الموقوفين وآلية الحبس الاحتياطي اللاقانونية واللانسانية التي تنشط في إطالة أمد…

تابع القراءة

دراسة.. أبعاد ومخاطر صفقة القرن

بعد طول انتظار وترقب كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، وبحضور رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو، عن خطته الموعودة لتحقيق السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين والتي تعرف بصفقة القرن.   وبحسب وزير الاعلام الكويتي سعد بن طفلة، يمكن اختصار “صفقة القرن” بأنها “صفقة ترمب-بيبي”، أي أنها من إعداد وتقديم وإخراج الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكتب السيناريو صهر الرئيس ترمب ومستشاره جاريد كوشنر، الذي استعجل بتوقيت إعلانها تحسباً لمحاكمة ترمب البرلمانية ولمحاكمة بيبي القضائية. الأول يمكن أن يجبر على الاستقالة، والثاني يمكن أن يحكم بالسجن. وملخص الصفقة كالتالي:   يبقى الوضع على ما هو عليه، احتلال الضفة وضم المستوطنات مع غور الأردن، وسنعطي الفلسطينيين دولة متناثرة عاصمتها بشرق القدس، وتقع تحت الهيمنة الأمنية الإسرائيلية ونعمل على تمويلها بخمسين مليار دولار على مدى سنوات لتحسين الحالة الاقتصادية الفلسطينية.   بنود صادمة الخطة تسمح لإسرائيل بضم ما بين 30 إلى 40% من أراضي المنطقة “ج” بالضفة الغربية. وقسّمت اتفاقية أوسلو الضفة الغربية إلى 3 مناطق، هي “أ” و”ب” و”ج”، وتمثل المناطق “أ” نحو 18% من مساحة الضفة، وتسيطر عليها السلطة الفلسطينية أمنيًا وإداريًا، فيما تمثل المناطق “ب” 21%، وتخضع لإدارة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية.   أما المناطق “ج”، التي تشكّل 61% من مساحة الضفة، فتخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية، ما يستلزم موافقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أي مشاريع أو إجراءات فلسطينية بها.   وخلال فترة التحضير لتنفيذ “صفقة القرن” سيتم تجميد البناء في كل المنطقة “ج” التي تسيطر عليها إسرائيل، ما يعني أن بإمكان إسرائيل مواصلة النشاط الاستيطاني داخل المستوطنات القائمة دون توسيعها.. أيضا  الخطة تنص على إقامة دولة فلسطينية على مساحة تصل إلى نحو 70% من أراضي الضفة الغربية، بما في ذلك 30% من أراضي المنطقة “ج“.   لكن الدولة الفلسطينية وفق “صفقة القرن” ستكون، بدون جيش وبلا سيطرة على المجال الجوي والمعابر الحدودية، وبلا أية صلاحية لعقد اتفاقيات مع دول أجنبية. وتقترح الخطة الأمريكية إقامة “نفق” بين غزة والضفة الغربية يكون بمثابة “ممر آمن“.، وفق  منظومة الأمن الإسرائيلية، نظرا لإمكانية استخدام النفق المذكور في “نقل أسلحة أو مطلوبين”  . وتطالب “صفقة القرن” السلطة الفلسطينية بإعادة السيطرة على قطاع غزة ونزع سلاح حركتي “حماس” والجهاد الإسلامي.   وتبقي الخطة الأمريكية على 15 مستوطنة معزولة تحت السيادة الإسرائيلية رغم عدم وجود تواصل جغرافي لهذه المستوطنات مع إسرائيل، كذلك تطالب الخطة إسرائيل بإخلاء 60 موقعا غير قانوني يعيش فيها نحو 3 آلاف مستوطن.   القدس اسرائيلية وتنص “صفقة القرن” على الإبقاء على مدينة القدس المحتلة تحت “سيادة إسرائيل”، بما في ذلك الحرم القدسي الشريف والأماكن المقدسة التي تدار بشكل مشترك بين إسرائيل والفلسطينيين.   ولا تنص الخطة على تقسيم القدس، لكن سيحصل الفلسطينيون على كل ما هو خارج حدود جدار الفصل المحيط بالمدينة المقدسة، بحسب المصدر ذاته.   وتقترح “صفقة القرن” 50 مليار دولار لتمويل المشروعات في المناطق المخصصة لإقامة الدولة الفلسطينية.   مصادر إسرائيلية قالت إنّ “الأميركيين سينتظرون عدة أسابيع لمعرفة الرد الفلسطيني، وهل سيقبلون الخطة أم سيرفضونها، قبل أن تبدأ إسرائيل بإجراءات ضم نصف مساحة المنطقة (ج)، مما يعني أنه لن يكون بمقدور نتنياهو أن يعرض على الكنيست مشروع ضم غور الأردن قبل الانتخابات المقررة في الثاني من مارس”..وفي نهاية الفترة التحضيرية سيكون بمقدور الفلسطينيين الإعلان عن دولة مستقلة، لكن ستُفرض عليها قيود غير قليلة، أبرزها دولة من دون جيش، ومن دون سيطرة على المجال الجوي، ومن دون سيطرة على المعابر الحدودية، ومن دون قدرة على إبرام تحالفات مع دول أجنبية.   انقلاب على اوسلو وبقرارات أحادية عصفت الإدارة الأمريكية بكل ما حملته سنوات المباحثات العبثية الـ26 الماضية في رعايتها لاتفاق أوسلو فاعترفت بالقدس عاصمة للاحتلال ووقعت ما يشبه شيكا على بياض لضم المزيد من الأراضي والكتل الاستيطانية فيما يستهدف مشروعها الجديد اختراع دولة فلسطينية خارج حدود عام 1967. وبعيدا عما تحمله هذه الإجراءات من قطيعة مع العالم والتاريخ وإسقاط ما عرف بحل الدولتين فإن ما تعنيه بالأساس هو العودة من جديد إلى ما قبل أوسلو والبدء باستنساخ حلول جغرافية بديلة لتسوية الصراع. من هذه النقطة تحديدا تنطلق صفقة القرن في إعادة قراءة الحدود وفق رؤى الاحتلال وأهدافه بداية من مشروع يوشع بن آريه عام 2003 ومرورا بمشروع جيورا إلاند عام 2004 ضمن محاولات مستمرة لتجميل فكرة تمديد حدود غزة في سيناء المصرية وما أعقبهما من خرائط مقترحة لتنفيذ حدود جديدة داخل الأراضي المحتلة ستضم إليها أجزاء من المنطقة المعروفة بغور الأردن.   احتيال وليست صفقة ووصفت افتتاحية “الغارديان” البريطانية الصفقة بانها احتيال، وجاء عنوان الافتتاحية “خطة ترامب للسلام: احتيال وليست صفقة”، بينما عنونت في النسخة الورقية قائلة “ترامب ونتنياهو يساعدان نفسيهما لا عملية السلام“.   تقول الجريدة إن “خطة سلام ترامب تعتمد بشكل غريب على قبول الفلسطينيين دولة بالاسم فقط” مضيفة أنه “منذ مفاوضات أوسلو للسلام عام 1993 كانت الآمال كبيرة في أن يتم تأسيس الدولة الفلسطينية على أغلب أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية لكن خطة ترامب تنكرت لكل ذلك وقلصت حجم الدولة الفلسطينية وشوهتها بحيث لم يعد لها فرصة للوجود“.   وتؤكد الجريدة أن الخطة “تتضمن وضع عوائق لمنع الفلسطينيين من المطالبة بالعدالة في مواجهة جرائم الحرب التي ارتكبت بحقهم ولاتزال ترتكب حتى الآن، بينما يسعى ترامب الذي يصف نفسه بأنه صانع صفقات ليعرض على الفلسطينيين 50 مليار دولار كاستثمارات في مقابل تخليهم عن حقوقهم المدنية وعن حقهم في وطن، لكن الفلسطينيين يرون رجلا محتالا لارغبة لديه لتقديم شيء سوى وعود فارغة“. وتضيف الجريدة “هذه الصفقة تعبير عن رغبات المتطرفين في الولايات المتحدة وإسرائيل وهي تنهي بالفعل أي أمل في أن يلعب ترامب دور الوسيط في الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين“.   وتعتبر الجريدة “أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان محقا عندما اعتبر زيارته الأخيرة لواشنطن هي اللحظة الأفضل في حياته فقد كان يحذر من ان إسرائيل ستبقى في خطر حال وجود دولة فلسطينية إلى جوارها ومن المتوقع ان تصوت حكومة نتنياهو خلال أيام على بدء ضم المستوطنات في الضفة الغربية ووادي الأردن“.     تقدير صهيوني وعلى عكس التيار العام في الكيان الصهيوني الذي يستبشر خيرًا بما تسمى بصفقة القرن، ذهب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، إلى أن هذه “الصفقة” تمثل تهديدًا حقيقيًّا لمستقبل الكيان الصهيوني، مؤكدًا أنها لا تصلح لأن تكون أساسًا لحل الصراع مع الفلسطينيين، وأكد أنها لا تعدو أن تكون مجرد “إنجاز كبير لبنيامين نتنياهو في مجال العلاقات العامة“.   وفي مقالٍ نشرته صحيفة “معاريف”، نوه أولمرت إلى أن خطة ترامب مجرد خطة تمكن إسرائيل من ضم غور الأردن والمستوطنات اليهودية…

تابع القراءة

الخطاب الديني بين ضرورات التجديد ومخاوف التبديد.. قراءة في مؤتمر الأزهر

لم يتوقع نظام الطاغية عبدالفتاح السيسي وآلته الإعلامية أن يقف الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر كالطود العظيم أمام تطاول رئيس جامعة القاهرة الدكتور محمد عثمان الخشت، المعين من جانب نظام انقلاب 30 يونيو، على التراث الإسلامي خلال جلسة «دور المؤسسات الدولية والدينية والأكاديمية في تجديد الفكر الإسلامي»، ضمن فعاليات اليوم الثاني من «مؤتمر الأزهر العالمي لتجديد الفكر والعلوم الإسلامية»، الذى جرى تنظيمه يومي الاثنين والثلاثاء 27 و28 يناير 2020 تحت رعاية زعيم الانقلاب عبدالفتاح السيسي. رسائل الأزهر : وحظي موقف الإمام الأكبر بتقدير واسع بين الدعاة والعلماء والجماهير التي رأت في موقفه رسالة واضحة للطاغية عبدالفتاح السيسي زعيم الانقلاب العسكري ونظام 30 يونيو من عدة جوانب: أولا، أن كلام شيخ الأزهر جاء ارتجاليا؛ ولذلك حمل رسالة بالغة الأهمية تعبّر عن قناعات الرجل التي قد لا يجرؤ على البوح بها في ظل أجواء استثنائية تعيشها مصر منذ الانقلاب العسكري 2013م. ثانيا، أن الأزهر يرى في دعوات التجديد التي اطلقها السيسي منذ عدة سنوات تمثل في حقيقتها وجوهرها تبديدا للخطاب الديني وتطويعه لخدمة أهداف النظام السياسية. ثالثا، أن مشيخة الأزهر حريصة  كل الحرص على عدم الخروج عن الخط المرسوم الذي وضعته السلطة لمؤسسات الدولة؛ لكنه في ذات الوقت يرفض أن يتم توظيفه سياسيا لأهداف سياسية على حساب الإسلام ذاته وأحكامه ومبادئه وثوابته  بدعوى التجديد. الرسالة الرابعة أن الأزهر بمشيخته وهيئة كبار علمائه يضجون بالشكوى من الاتهامات التي تلاحقهم وتلاحق التراث الإسلامي بدعوى التجديد الزائف الذي يرضي السلطة ويفضي إلى اختطاف الدين لخدمة أغراض سياسية بحتة وهو ما انعكس مع الترحيب الحار والتصفيق المتواصل من جانب الحضور في المؤتمر لتعليقات الإمام الأكبر على رئيس جامعة القاهرة. محطات الصدام؟ الخلاف بين الطيب والسيسي يعود إلى مواقف الأول الرافضة لعنف النظام العسكري رغم مشاركته في مشهد انقلاب 3 يوليو، والتي بدأت في أعقاب “أحداث الحرس الجمهوري” في 8 يوليو/تموز 2013، حين قتل السيسي عشرات المعارضين. فقد طالب الطيب بفتح تحقيق قضائي، وتشكيل لجنة للمصالحة الوطنية، وإطلاق سراح جميع المعتقلين. وفي اعقاب مذبحة رابعة العدوية في 14 أغسطس/آب2013م أعلن الطيب حينها في بيان صوتي  تبرؤه مما حدث، قبل أن يعتزل في مسقط رأسه بالأقصر. وفي 11 ديسمبر/كانون الأول 2014 رفض شيخ الأزهر ضغوط إعلام العسكر حول إجباره على إصدار بيان بتكفير تنظيم الدولة، مؤكدا أن الأزهر لن يقع في فخ التكفير المتبادل لأن الأزهر يرفض أساسا فكرة التكفير. ثم توالت الخلافات ومنها أزمة الخطبة الموحدة التي رفضها الأزهر، مرورا بدعوة السيسي لعدم اعتماد الطلاق الشفهي في يناير/كانون الثاني 2017، التي رفضها الأزهر أيضا. لكن الأخطر هو رفض الأزهر في بيانات رسمية محاولات السيسي السطو على أموال الوقف الإسلامي بدعوى الاستثمار وتعظيم الفوائد، بدأت أولا برفض مجمع البحوث الإسلامية لمشروع قانون البرلمان بهذا الشأن بعد أن وافقت الأوقاف ودار الإفتاء وفي اجتماع المجمع في 12 مارس 2018 انتهى إلى رفض مشروع القانون . السيسي وتبديد الخطاب الديني خلال كلمته التي ألقاها مدبولي في افتتاح المؤتمر شدد الطاغية السيسي ، على أن يكون مؤتمر الأزهر فاتحة لسلسلة من من مؤتمرات تجديد الفكر الإسلامي التي تعقد عامًا بعد عام. وبذريعة تغير بعض الأحكام تبعا للتطور وكذلك تغير الفتوى من بلد لبلد ومن عصر لعصر ومن شخص لآخر دعا السيسي إلى تجديد الخطاب الإسلامي وطالب المؤسسات الدينية، وعلى رأسها الأزهر، بأن “تولي أهمية لتجديد الخطاب الديني، وما لمح إليه السيسي في كلمته المقتضبة التي ألقاها مدبولي جاءت كلمة رئيس جامعة القاهرة لتصرح بكل شيء، وتكشف عن توجهات نحو تدبير انقلاب مكتمل الأركان على الإٍسلام ذاته بدعوى التجديد والتي في جوهرها ومحتواها لا تمثل سوى التبديد على غرار ما يفعله ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في بلاد الحرمين الشريفين ردود صاعقة ردود الإمام الأكبر على تطاول الخشت مثلت صاعقة أفحمت من يكيدون للٍإسلام والأزهر من دعاة العلمنة المتطرفة والعسكرة والطغيان الذين يريدون من الإسلام أن يكون خادما للسلطة ومشرعنا لسياساتها مهما كانت شاذة ومهما كانت منحرفة بدعوى طاعة ولي الأمر.([1]) أبدى شيخ الأزهر استنكاره لكلمة رئيس جامعة القاهرة لأنها جاءت نتيجة تداعي الأفكار والخواطر ولم يتم إعدادها علميا؛ وهو بذلك يشير إلى المغالطات العلمية في كلام رئيس جامعة القاهرة. حيث قال الطيب «كنت أود أن كلمة ستلقى في مؤتمر عالمي دولي وفي موضوع دقيق عن التجديد، أن تكون هذه الكلمة معدة سابقا ومدروسة، لا أن تأتي نتيجة تداعي الأفكار وتداعي الخواطر». كما أبدى شيخ الأزهر انتقاده للدعوات التي تهين التراث الإسلامي واعتبرها مزايدة قائلا «الكلام عن التراث كلام عجيب، خسارة ما يقال عن التراث هذا مزايدة على التراث، هذا التراث الذي نهون من شأنه اليوم ونهول في تهوينه، التراث خلق أمة كاملة وتعايش مع التاريخ، قل حضرتك قبل أن نتلقي بالحملة الفرنسية كيف كان يسير العالم الإسلامي كان يسير على قوانين التراث»، مضيفا «الدول الإسلامية والحضارة التي تغيرت، وجاءت قوة فوق قوة كان التراث هو من يحمله، تصوير التراث بأنه يورث الضعف ويورث التراجع هذا مزايدة عليه». التأكيد على أن «”التجديد” مقولة تراثية لا حداثية» مستدلا على ذلك بقوله «نحن نحفظ من الإمام أحمد بن حنبل ما يؤكد أن التجديد مقولة تراثية وليست مقولة حداثية، والحداثيون حين يصدعوننا بهذا الكلام هم يزايدون على التراث ويزايدون على قضية الأمة المعاصرة الآن، والتراث ليس فيه تقديس، وهذا ما تعلمناه من التراث لم نتعلمه من الحداثة». وأضاف أيضا أن الحديث عن النصوص قطعية الدلالة وظنية الدلالة ليست  مقولة الخشت ولا مقولة شيخ الأزهر بل مقولة التراثيين وتعلمناها جميعا من التراث. كان الأخطر في المؤتمر كله ما أكده شيخ الأزهر حول اختطاف السياسة للدين من أجل تحقيق أهداف سياسية لا يرضى عنها الدين، حيث أكد أن الفتنة الكبرى من عهد عثمان رضي الله عنه هي فتنة سياسية وليست تراثية، وأن السياسة تختطف الدين اختطافا في الشرق والغرب، حين يريدون تحقيق غرض لا يرضاه الدين”، مضيفا: “البعض يلجأ للدين عندما يريد اتخاذ مواقف سياسية لتبريرها”. مستشهدا بالحروب الصليبية. وكذلك بالاحتلال الصهيوني الذي يبرر احتلاله لفلسطين بنصوص توراتية ليحققوا أهدافا سياسية.  وأبدى الإمام الاكبر حزنه العميق لأن المسلمين للأسف يشترون الأسلحة بأموال ضخمة من أجل أن يقتل بعضهم بعضا في الوقت الذي يتحكم الآخرون في بلادنا ومشاكلنا، مبديا أسفه وهو يشاهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نتنياهو وهما يبحثان أوضاع الأمة العربية (صفقة القرن) في غياب تام للعرب والمسلمين، وأن المسلمين باتوا لا شيء في عالم اليوم.   التلاعب بمفهوم التجديد بالطبع يحتاج الخطاب الإسلامي إلى تجديد حقيقي، لكن ليس على مقاس النظم العربية المستبدة التي تستهدف تطويع الدين ذاته لخدمة أغراضهم السياسية الدنيئة، وعندما يرفع التيار السيساوي العسكري أو حتى التيار العلماني…

تابع القراءة

موجز المشهد السياسي 26 يناير

أولا: المشهد الداخلى المشهد السياسي: فى ذكرى الثورة – الذكري التاسعة للثورة بين دعوة محمد علي للحراك ثم اعلان انسحابه: أحداث متسارعة شهدتها الحالة المصرية في الساعات الأولي من يوم 25 يناير، بدأت بتظاهرات في الخارج، وتلاها اعتزال قائد الحراك الحالي محمد علي، بعد غياب أي احتجاج في الداخل. كان من الملاحظ أن الحراك سيتصدر في الخارج، من خلال جدول فعاليات منظم في عدد من الدول الأوروبية بصفة خاصة لتهيئة واشعال ونقل حالة التظاهرات للداخل عبر استراتيجية ما، يقودها مجموعات منظمة في الداخل، لاسيما مع تأكيد محمد على أنه ثمة خطة مدروسة وضعها مختصون، وسيقوم بتنفيذها ناس على أرض المحروسة. اتسمت تظاهرات الخارج، بأنها امتداد لتظاهرات التحالف الوطني للشرعية، والصورة التي خرج بها يوم 25 يناير في الداخل تؤكد أن محمد على لم يكن لديه استراتيجية عملية حقيقية ناضج حول آليات اندلاع ثورة، وكان في مخيلته أن دعواته على الفيس كفيلة بتثوير الناس، وغاب عنه أن ثورة يناير بدأت بوجود كيانات اجتماعية استمرت لسنوات،  أي أن الثورة عمل تراكمي يحتاج إلى جهود وليس إلى لقطة سريعة، ناهيك أن 25 يناير بدأت بمجموعات صغيرة نزلت في الشوارع، ثم انضم إليها الناس، وليس العكس. لقد كان قرار على باعتزال السياسة الوجه الأخر لتفكير سياسي متسرع، لا يدرك كيف تستمر معارك السياسة، ورغم التأثير الكبير الذي حققه محمد على مذ تظاهرات 20 سبتمبر، إلا أنه هناك حالة من الاحباط لدي أنصاره والذين راهنوا علي هذا اليوم  خصوصاً بعد أن ظهر في شكل من لا يراعي خوف الناس على حريتهم ومستقبل أولادهم من بعدهم فهذا قصور أيضًا، فالجميع يعلم حجم البطش والقمع الذي يمارسه النظام ضد المعتقلين، وطبيعي أن يكون لدى الناس خوفًا على حياة أسرهم، فكيف لم يراعي محمد على كل ذلك في كلمته الاعتزالية؟ إن تهديد النظام مرارًا وتكرارًا للناس بأن النزول سيحول مصر لجحيم، يجعل الغاضبون يفكروا كثيرًا قبل النزول، وويجب على محمد على وأنصاره أن يعرفوا، أن سببًا رئيسيًا لخروح الناس في 20 سبتمبر أنهم كان يظنون أن الدولة تتحرك من داخلها لرفض السيسي، فمحمد على ظل يجزم أن هناك من ينتظر تحرك المصريين للاطاحة بالسيسي، فصدقه الناس في 20 سبتمبر ونزلوا للشوارع، ولكن لم يحدث شىء بل تم اعتقال العشرات وقمع المئات، وها هو مجددًا يؤكد أن 25 يناير هو نهاية السيسي، دون أي منطق لهذا الجزم. السيسي يثمن دور الشرطة واحتشاد في الاستاد برعاية اتحاد القبائل العربية: جاءت كلمة السيسي في ذكرى الثورة مقتضبة، وجاءت مضامينها والسياقات التي قيلت فيها معبرة؛ فيما يتعلق بالسياق، فقد ألقى السيسي كلمته من أكاديمية الشرطة وليس من ميدان التحرير، وفيما يتعلق بمضامين الكلمة، فقد بدأها بالحديث عن الملحمة التي سطرها رجال الشرطة البواسل، واختتمها بتحية تقدير للجيش والشرطة في معركتهم ضد الإرهاب الأسود، مع إشارة مقتضبة في وسط الكلام عن ثورة يناير نبيلة، دون أن ينسى أن يمتدح دور المصريين في الصبر على التجربة التنموية التي يخوضوها وراء قيادتهم، والتي حولت مصر إلى “واحة من الأمن والاستقرار، وإنجازات اقتصادية، ونهضة عمرانية”. وهذه هي عناصر الكلمة: (أ) رسالة تقدير للشرطة: بدأ السيسي كلمته بالحديث عن عيد الشرطة، عن “الملحمة التي سطرها السابقون من رجال الشرطة البواسل يوم الـ25 من يناير عام 1952” والتي “ستبقى محفورة في وجدان وذاكرة الأجيال المتعاقبة من أبناء هذه الهيئة الوطنية الموقرة، الذي يعيدون صياغة التاريخ للحفاظ على أمن الوطن واستقراره”. وأن احتفالية الشرطة تعطي المجال لاستعادة القيم النبيلة في مقدمتها الولاء والانتماء المطلق لمصر، وهي القيم التي يحاول أهل الشر النيل منها. (ب)  التجربة المصرية: النابعة من قوة الإرادة وصلابة وعزيمة شعب مصر الأبي، الذي صبر وتحمل قسوة إجراءات اقتصادية غير مسبوقة، وقد نتج عن هذه التجربة أن أصبحت مصر “واحة من الأمن والاستقرار، وإنجازات اقتصادية، ونهضة عمرانية”. (ج) ثورة الـ25 من يناير بمطالبها النبيلة لتحقيق سبل العيش الكريم للمواطن المصري. (د) تحية تقدير لهيئة الشرطة ورجال القوات المسلحة البواسل في حربهم المقدسة ضد الإرهاب الأسود. احتفال اتحاد القبائل العربية في الاستاد  وتنيظم سلسلة مؤتمرات بدأها بمؤتمر حاشد في قنا وبعدها مؤتمر المنصورية بالجيزة. وهو الاحتفال الذي يقوم حزب “مستقبل وطن” وحزب “حماة وطن”، بجمع بطاقات آلاف المواطنين لحضوره مع وعد بتقديم وجبات لهم، ونقلهم مجانا. ثمة مجموعة من الملاحظات بشأن مضامين هذه الاحتفالية، الملاحظة الأولى: أن الاحتفالية تأتي بهدف دعم السيسي وليست احتفالاً بالذكرى التاسعة للثورة.  الملاحظة الثانية: أن الاحتفالية من تنظيم مجلس القبائل العربية. ومجلس القبائل إما كيان قديم هامشي استدعاه النظام ليصبح جزء من الكيانات التي يدعم بها النظام سلطويته، فعاود الظهور بداية من 2019، وإما كيان جديد دشن في العامين السابقين لدعم النظام. ويمكن ذكر عدد من الأسباب على هامش تفسير لجوء النظام لهذا الكيان بالذات لتنظيم احتفالية تأييد النظام باستاد القاهرة، منها: أن الكيان هامشي وضعيف وليس لها قيمة حقيقية ومن ثم يسهل التخلص منه عند تراجع الحاجة إليه – أن النظام العسكري لا يحب السياسة ويكره فاعليها ومن ثم كان اللجوء لكيان ذات طبيعة اجتماعية يشبع هاجس النظام الكاره لكل ما هو سياسي، ولذلك لم يلجأ النظام لكيانات سياسية سواء أحزاب مثل مستقبل وطن أو كيانات مثل تنسيقية شباب الأحزاب مثلاً، ومن الممكن أن النظام لا يرغب بتنظيم فاعلية سياسية داعمة فيثير لغط المعارضة واستنكارهم أن “لماذا لا يسمح النظام بتنظيم فاعليات سوى لداعميه؟ – أن النظام يسعى لشغل الساحة بأكبر عدد من الفاعلين الذين يتنازعون بينهم على اللاشيء باعتبار أن المجال العام كله مؤمم وكل القوة والنفوذ حكر على النظام في الحقيقة. الملاحظة الثالثة: لماذا استاد القاهرة وليس ميدان التحرير مثلا؟ والإجابة الأقرب أن النظام خائف، خائف حتى من مؤيديه، ويخاف أن يستغل أحد الفرصة وتنقلب الاحتفالية إلى محفل احتجاجي؛ لذلك فإن استاد القاهرة هو الحل الأمثل؛ ففي النهاية هو مكان مغلق ةيسهل السيطرة عليه، أو قل أنه تحت حصار أجهزة الأمن، بخلاف ميدان التحرير – بيان المتحدث الإعلامي باسم الإخوان المسلمون في ذكرى الثورة… وجّه المتحدث الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين “أحمد عاصم” التحية إلى كل أبطال مصر في الداخل والخارج، الذين يبذلون بصدق من أجل الحفاظ على مقدرات بلادنا وكرامة شعبنا العظيم. وبيّن المتحدث الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين حسن صالح أنه “سيبقى الشعب المصري وحده هو صاحب الحق الوحيد في التعبير عن ثورته وتوجيه دفّتها”، مؤكدا في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي تويتر أنه “سيبقى كل طالب زعامةٍ لا قيمة له ما لم يأخذه الشرعية الحقيقة من جموع الشعب الذي يُعطيها له طواعيةً بحُريةٍ وعزة”. ودعت المتحدثة الإعلامية باسم جماعة الإخوان المسلمين إيمان محمود‎ إلى استمرار العمل من اجل تحقيق مطالب ثورة يناير، فـ “ما أنبلها من…

تابع القراءة

بيزنس الداخلية المصرية.. الأبواب الخلفية للجباية وفرض الإتاوات

هناك إمبراطورية اقتصادية ضخمة تدور شبكتها بين رجال الجيش وضباط الداخلية ورجال أعمال ومنتفعين تقوم على التجارة غير المشروعة، مثل تهريب الآثار وإدخال المواد المخدرة والأدوية، هذا القطاع على أي حال أضخم مما يتوقع البعض. وعلاقات الشرطة بالخارجين عن القانون الذين يتاجرون بالسلاح أو التهريب مع الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك في تجارة السلاح في الجنوب، ناهيك عن الآثار، معلومة علم اليقين؛ وكل  بيزنس له شبكة مافيا موغلة في اختراق أجهزة الدولة وتسخيرها لخدمة ومصالح هذه الشبكة الرهيبة لعوالم المافيا والجريمة المنظمة الخفية. تأتي أهمية أمناء الشرطة في أنهم الأذرع المباشرة لجهاز الشرطة، يتحكم فيهم الضباط بشكل كبير، ويديرون إمبراطوريات اقتصادية سرًّا، خصوصًا في الملفات غير القانونية، تبدأ من الرشاوى وصولًا إلى الإتاوات وتجارة المخدرات وتجاوز القانون، ويأتي انتشارهم في القطاعات غير الشرعية تلك لمحددين؛ الأول: لأنهم مهمشون ماديًّا ومعنويًّا، ثانيًا: لقبول الضباط لنشاطهم بل اشتراك البعض معهم. الوضع الاقتصادي المتضخم للشرطة ينبئ عن عصر جديد من تقاسم المكاسب بين الأجهزة الأمنية، وعودتهم كمنتفعين مباشرين من بقاء نظام انقلاب 30 يونيو، وبالتالي السعي للحفاظ عليه. وبخلاف شبكة الاستثمارات الضخمة التي بدأت الداخلية في تأسيسها سنة 2000  في عهد اللواء حبيب العادلي؛ فإن هناك عشرات بل مئات الأبواب الخلفية التي يمارس من خلالها جهاز الشرطة وضباطه وعناصره صورا  هائلة من البيزنس الحرام في التهريب والرشوة والسرقة وتجارة السلاح والمخدرات والآثار والجريمة المنظمة. لكن البوابة الخلفية الأكبر التي تدر على الداخلية مليارات هائلة بلا حسيب أو رقيب هي “الصناديق الخاصة” التي تحولت إلى مغارة علي بابا  تدر عشرات المليارات التي يتم نهبها وتوزيعها على كبار القادة واللواءات وأصحاب النفوذ وشبكات المافيا  التي تدير عالم التهريب الواسع من الآثار والسلاح والمخدرات إلى كل اشكال البيزنس والتجارة الحرام، إضافة إلى زيادة الرسوم على جميع خدمات الوزارة واستخراج الوثائق الرسمية وهو باب عظيم من أبواب الجباية الذي يدر مليارات لا حصر لها بلا حسيب أو رقيب ومن جيوب الشعب الذي يصل عدد فقرائه إلى 60 مليون مصري. ورغم المصادر الرهيبة التي تدر على الوزارة عشرات المليارات إلا أن مخصصات وزارة الداخلية في الموازنة العامة للدولة  تقفز قفرات واسعة؛ رغم أنه من المنطقي أن تتراجع في ظل وجود موارد أخرى للوزارة تقدر بعشرات المليارات لا يتم رصدها في موارد الدولة بالموازنة العامة.   مخصصات الداخلية بالموازنة ([1]) بلغت مخصصات الشرطة المصرية في موازنة العام المالي الأخير في عهد مبارك  2010/2011 قرابة 18  مليار جنيه، لتحتل المركز الثالث بين الجهات التي تتلقى أكبر المخصصات. منها عشرة مليارات للأجور فقط. ثم ارتفعت مخصصات الداخلية في عهد المجلس العسكري خلال العام المالي 2012/2013م إلى 26.3 مليارا؛ بزيادة قدرها 8 مليارات دفعة واحدة من أجل محاولات المجلس العسكري فرض الحالة الأمنية خلال المرحلة الانتقالية التي أعقبت الإطاحة بمبارك. ثم ارتفعت مجددا في أول موازنة للداخلية بعد انقلاب 30 يونيو وبلغت مخصصات الشرطة في موازنة 2013 – 2014 نحو 32.6 مليار جنيه. وخلال السنوات اللاحقة، ارتفعت مخصصات الشرطة في موازنة 2017/2018 إلى 41.4 مليارا ، زادت بمقدار 7 مليارات في موازنة 2018/2019 لتصل إلى 48.5 مليارا.  لتصل في آخر موازنة خلال العام المالي 2019/2020 إلى (51 مليارًا و582 مليون جنيه) كجزء من مخصصات قدرها “69.68 مليارا” لقطاع النظام العام وشئون السلامة العامة” الذي يضم خدمات الشرطة، والسجون، والمحاكم، ووزارتي الداخلية والعدل، والمحكمة الدستورية، والهيئات القضائية، ودار الإفتاء المصرية، وصندوق تطوير الأحوال المدنية، وصندوق أبنية المحاكم، وصندوق السجل العيني. من خلال هذا الاستعراض فقد ارتفعت مخصصات الشرطة من 14 مليارا في 2011م إلى 51.5 مليارا في 2020 بزيادة قدرها  “37” مليار جنيه دفعة واحدة!  وهي أعلى زيادة بين جميع مخصصات باقي قطاعات  وبنود الموازنة.   بيزنس الصناديق الخاصة قدرت وزارة المالية عدد حسابات الصناديق والحسابات الخاصة في البنك المركزي المصري بـ7306 حسابات، بواقع 1021 حساباً بالعملة الأجنبية و6285 حساباً بالعملة المحلية، بمجموع أرصدة 66 مليار جنيه، وفق آخر حصر في فبراير 2017. في المقابل، تشير تقارير وإحصاءات غير رسمية إلى وجود أكثر من 10 آلاف صندوق، تزيد حساباتها عن تريليون جنيه (61.7 مليار دولار) لا تدخل في موازنة الدولة.([2]) وفي ديسمبر 2016، أكد رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق، المستشار هشام جنينة، أن حديث رئيس الحكومة المهندس شريف إسماعيل عن فتح ملف الصناديق الخاصة، أمر صعب. وأضاف جنينة، في تصريحات لـ «موقع مصر العربية»، أن «الصناديق الخاصة ملف شائك جداً، ويصعب الاقتراب منه؛ ﻷن هناك جهات سيادية ليس من صالحها فتحه».([3]) في سبتمبر 2014، أكد رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق، المستشار هشام جنينة، أن وزارة الداخلية لديها أكثر من 60 صندوقاً، والجهاز لا يستطيع فحص سوى خمسة صناديق فقط. وطالب جنينة حينها بإصدار مرسوم بقانون يُلزم كافة أجهزة الدولة بالإفصاح عن الصناديق الخاصة لديها، وأوجه إنفاقها، والسند القانوني لعمل هذه الصناديق. وبدلا من الاستجابة لجنينه  أطاح الطاغية عبدالفتاح السيسي  بجنيه من رئاسة الجهاز في مارس 2016م،  بناء على القانون رقم 89 لسنة 2015،  الذي سنه السيسي بشأن حالات إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم،  وهو  القانون الذي يجمع خبراء القانون والدستور على بطلانه وعدم دستوريته وتضاربه مع المادة 20 من قانون الجهاز المركزى. وتعد الصناديق الخاصة من المصادر المهولة لإمبراطورية الشرطة الاقتصادية؛  فبعد صدور القرار الجمهورية  للصناديق الخاصة رقم 38 لسنة 1967، في عهد الدكتاتور الراحل جمال عبدالناصر، ثم بقرار في عهد الرئيس الراحل أنور السادات رقم 53 لسنة 1973، ومع لجوء الجهات الحكومية إلى إنشاء أعداد لا حصر لها من الصناديق، انفتح الباب على مصراعيه للفساد المالي والإداري. فقد ذهبت معظم أموال الصناديق في جهاز الشرطة  لشراء هدايا أو لتقديم مكافآت وبدلات لكبار المسؤولين، فاستحوذت تلك البنود وأمثالها على ما يزيد على 90% من إجمالي المنصرف في بعض الحسابات، في حين أن النسبة المقررة هي 20% فقط. وقد نتج عن عدم إحكام الرقابة على الصناديق مخالفات مالية جسيمة؛  فوفقًا للجهاز المركزي للمحاسبات، يدخل أكثر من 60% من جملة مصروفات الحسابات الخاصة في دائرة المخالفات المالية وإهدار المال العام.([4]) وتحولت الصناديق الخاصة إلى «مال سايب» ووصل الفساد فيها «للركب». وبحسب جنينة، يحتوي نحو 38 صندوقا من صناديق الداخلية الخاصة على 12 مليار جنيه، لم يذكر منها جودت الملط رئيس جهاز المحاسبات الأسبق فى أحاديثه الصحفية غير خمسة فقط، وذكر إيراداتها ومصروفاتها عن العام المالى 2009/2010، بخلاف صناديق أخرى أهملها تقرير الجهاز المركزي، منها صندوق «التأمين الخاص لضباط الشرطة»، وصندوق «الولاء لضباط الأمن المركزي» الذي تتبعه مخابز الشرطة والذي يعمل به جنود بالخدمة تتحمل الدوله كافة مخصصاتهم، وصناديق «المرور» التي تودع بها أغلب متحصلات المرور، فضلا عن الحسابات الخاصة لشركة «الفتح» التي تقوم بأعمال وتوريدات وزارة الداخلية بالأمر المباشر، و«مركز صيانة السيارات»…

تابع القراءة

على خطى الجيش.. إمبراطورية الداخلية الاقتصادية .. صراع النفوذ والهيمنة

فكرة تأسيس كيان اقتصادي لوزارة الداخلية، بدأت في عام 2000، خلال ولاية الوزير الأسبق حبيب العادلي، أطول وزراء داخلية  الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك بقاء في المنصب “13 سنة”، والذي تبنى تأسيس منظومة موسعة من الشركات الاستثمارية والتجارية تعمل وفقا لقوانين تأسيس شركات القطاع الخاص من أجل توسيع صلاحيات هذه الشركات في تنفيذ تعاقدات مع جهات ليست حكومية، وأغلب هذه الشركات على خطى شركات الجيش، تستثمر نفوذ الوزارة في احتكار أغلب مناقصات الهيئات الحكومية، أو فرض سطوتها على بعض المشاريع الخاصة. ويتمثل الوجه الخفي للاستفادة المالية الضخمة لهذه الإمبراطورية الاقتصادية الضخمة لوزارة الداخلية وكبار لواءاتها في استخدام بعض القيادات الأمنية صلاحياتهم داخل إدارة هذه الشركة في منح بعض المؤسسات الخاصة، مناقصات واستثمارات تابعة للوزارة وشركاتها يقومون بها من الباطن مقابل مكافآت مالية لهذه القيادات، أو دخولهم في شراكات سرية في هذه الشركات الخاصة التي تعمل مقاولا فرعيا في مشاريع شركات تابعة للوزارة ولغيرها من الوزارات والهيئات الحكومية. وتشير تقارير غير رسمية إلى أن اقتصاد الجيش يتراوح بين 35 – 60% من الاقتصاد المصري عام 2018، وبالمقارنة فإن اقتصاد الشرطة الظاهر يشكل تقريبًا 1% من الاقتصاد المصري، في حين تبلغ قيمة الصناديق التابعة للوزارة 12 مليار جنيه، ولها قيمة سوقية تفوق ذلك، فيما يشير البعض إلى أن حجم تجارة ضباط الشرطة قد تصل إلى أكثر من 10% من حجم الاقتصاد المصري من نفس العام. لكن تجدر الإشارة إلى أن الوجود الأكبر يجري التعبير عنه بشكل أو بآخر بإمبراطورية اقتصادية من الباطن، تتجاوز تلك الصورة النمطية عن التجارة الاقتصادية المباشرة، وتتمثل في المعادلة التالية: (رجال أعمال لكل منطقة + كبار الضباط من مختلف قطاعات الجهاز + موظفون في الجهاز البيروقراطي للدولة). على سبيل المثال سنجد تحالفًا يتشكل بين مديري الأمن والمحافظين لدعم شركات من الباطن هم فيها شركاء، وإرساء المناقصات الخاصة على هذه الشركات. أغلب تلك القطاعات تدور حول الاستيراد والتصدير، وترتيبات التوريد، ثم يأتي في المرتبة الثانية العقارات وصولًا لقطاعات خاصة بكل محافظة، كالقطاع الغذائي والزراعة.([1]) ويعتبر عمر عاشور، أستاذ الدراسات الأمنية والعلوم السياسية بجامعة إكستر البريطانية،  والزميل المشارك بالمعهد الملكي للدراسات الدولية (تشاثام هاوس)، مشاريع وزارة الداخلية المصرية إحدى تجليات صراع أكبر بين وزارتي الداخلية والدفاع على الموارد المالية، والنفوذ الاستثماري، إذ سعت وزارة الداخلية للسير على خطى الجيش في تأسيس إمبراطورية اقتصادية موازية خارج رقابة الأجهزة الرقابية تذهب أرباحها إلي كبار القادة واللواءات وأصحاب النفوذ ثم الأفراد العاملين فيها، موضحاً أن هذه الاستثمارات الضخمة لوزارة الداخلية تعكس الصراع السياسي الذي بدأ في عهد مبارك وامتد إلى مرحلة ما بعد ثورة يناير حتى انقلاب 30 يونيو حيث تعزز نفوذ الجيش في الوقت الذي لم يتم فيه المساس بإمبراطورية الشرطة الاقتصادية باعتبارها ذراع النظام من أجل الحماية والبقاء. توسع نفوذ إمبراطورية الجيش لن يكون على حساب إمبراطورية الشرطة، التي ترى في زيادة نفوذ الجيش مبررا وشرعنة لحقها في بسط النفوذ وتوسيع الإمبراطورية الاقتصادية الخاصة بها وبقادتها وشبكة المافيا التابعة لها. بالتوازي مع مافيا الجيش ونفوذه الواسع. وثمة فارقا جوهريا بين استثمارات الجيش والشرطة، يتمثل في أن معظم قطاعات الاقتصاد التي يديرها الجيش محمية بقوة القوانين، خلافاً لاستثمارات وزارة الداخلية المحمية بالتلاعب والسطوة والتهرب من تنفيذ القانون”. وعلى خطى أحد قيادات المجلس العسكري بعد ثورة يناير عندما أعلن أن الجيش لن يفرط في عرقه وشركاته لأي طرف مهما كان؛ في دلالة على أن الجيش تحول إلى دولة داخل الدولة بل أعلى من الدولة، يشدد  اللواء أحمد جاد منصور، مساعد وزير الداخلية، ورئيس أكاديمية الشرطة الأسبق، أن استثمارات الشرطة «حق مشروع»، لأبناء الوزارة الذين يضحون بحياتهم، قائلا: « “لن تفرط الوزارة في حق أبنائها المستحق تحت أي ظرف» بحسب تصريحاته لصحيفة “العربي الجديد” سنة 2016م.   خريطة شركات الداخلية أولا، صندوق مشروعات أراضي الوزارة، تأسس في  1983، كمكافاة لجهاز الشرطة على خدماته لنظام مبارك، ويُعنى ببيع وإدارة المشروعات العقارية للأراضي المخصصة للوزارة في جميع أنحاء الجمهورية. كما اتخذت العديد من القرارات لزيادة الصناديق الخاصة للوزارة كرعاية الجنود أو الضباط حتى بلغت أكثر من 67 صندوقًا خاصًّا، 4 فقط منهم تخضع للرقابة الإدارية، والشركات التابعة لها غير مدرجة في البورصة المصرية، كما تؤكد العديد من المصادر غياب تلك النشاطات عن الموازنة العامة للدولة. ويعتبر مجمع النخيل التابع لجهاز مشروعات أراضي وزارة الداخلية من أهم المدن السكنية في التجمع الخامس بجوار أكاديمية الشرطة، يقع على مساحة 52.2 كليومتر مربع، تتراوح أسعار الشقق فيه من مليون إلى 3 ملايين جنيه، والفيلات من 10 ملايين إلى 30 مليون جنيه. وتتبع مدينة الخمائل بالشيخ زايد جهاز مدينةـ 6 أكتوبر، وكان رئيس الوزراء الحالي قد أقر توسعة بالمدينة وضم أراضٍ وهو يشغل منصب وزير الإسكان في 2017. كما تمتلك الوزارة أبراج الفيروز في مصر الجديدة، وأبراج الندى بزهراء المعادي، وأبراج السنابل وعمارات أرض النادي بالمعادي، وتمتلك في كل محافظة عددًا من الأبراج العقارية التي تُخصص بعضها لضباط الشرطة، وأخرى تدفع بها للعمل التجاري مثل المحلات. ثانيا، شركة الفتح للتوريدات والاستثمارات، والتي تأسست سنة 2000 بقرار من اللواء حبيب العادلي وزير داخلية حسني مبارك والذي ظل في المنصب 13 سنة، وتعد أولى شركات الإمبراطورية الاقتصادية  لوزارة الداخلية، ترأس مجلس إدارة الشركة اللواء جهاد يوسف عز الدين محمد مساعد الوزير للشئون المالية،  والذي تولى رئاسة 5 إدارات عامة، هي الإدارة العامة للمشروعات والبحوث المالية، والإدارة العامة لإمداد الشرطة، والإدارة العامة للأسلحة والذخائر، وإدارة خدمات ديوان عام الوزارة، والإدارة المركزية للحسابات والميزانية. كما تولى أيضا رئاسة مجلس إدارة صندوق أراضي ومشروعات وزارة الداخلية السكنية والاستثمارية، ورئاسة مجلس إدارة نادي النيل لضباط الشرطة، ومجلس إدارة المنطقة الصناعية لوزارة الداخلية ولجنة الاستثمار، وهي اللجنة التي ترأس جميع صناديق التأمين الخاصة بالضباط، قبل أن يتم إجباره في 23 مايو  عام 2011 على الاستقالة بعد خضوعه لتحقيقات عقب ثورة يناير إثر عدد من البلاغات والشكاوى تتهمه بالفساد المالي والإداري. تتولى شركة الفتح جميع عمليات الإنشاء والصيانة والترميم بجميع جهات الوزارة ومقاولات تأسيس السجون وأقسام الشرطة، فضلا عن تنفيذ عدد من المشاريع الاستثمارية لصالح جهات حكومية وهيئات خاصة، عبر حصر كافة المناقصات التي فازت بها الشركة خلال الفترة من عام 2010 وحتى عام 2015، والتي بلغ عددها 225 مناقصة. وتشمل مشاريع شركة الفتح أيضا إقامة صالات ألعاب رياضية، واستراحات للوزارة بعدد من المحافظات، ومباني تتبع هيئات الأسلحة والذخيرة، وشرطة المسطحات المائية، ومباني للأحوال المدنية، ومشاريع إسكانية لعدد من الوزارات الأخرى، فيما يعد مشروع إعادة تأسيس نادي قضاة إسكندرية، وبناء مدينة القضاة السكنية بمنطقة برج العرب غرب الإسكندرية، أحد أكبر المشاريع التي تولتها الشركة بعد إرساء مناقصة المشروع عليها بالأمر المباشر من قبل المستشار أحمد الزند وزير…

تابع القراءة

الثورة ممكنة في مصر.. متى ساعة الصفر؟  

بقلم: حازم عبد الرحمن منذ وقوع الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013 , اعتاد عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب وأذرعه الإعلامية الإشادة بثورة 25 يناير؛ فنالت عددا من الكلمات في ديباجة دستورهم الباطل (2014), لكن الهلع من تكرار الثورة, مع شعور أنصارها بالغدر والخديعة من جانب العسكر جعل السيسي وعصابة الانقلاب يحسبون كل صيحة عليهم, ويعيشون حالة من القلق الشديد, وينظرون إلى كل دعوة أو تحرك نظر المغشي عليه من الموت؛ فيبذلون جهدهم في القمع والترهيب من التظاهر؛ فاستعدت وزارة الداخلية بإجراءاتها المعتادة لمواجهة أي محاولات لإحياء ذكرى ثورة 25 يناير؛ وتم تكليفها بعمل خطوة استباقية لإجهاض أي محاولة للتظاهر قبل أن تنطلق، والعمل على بث الخوف في نفوس المواطنين ومن يفكر في النزول؛ فرفعت منذ أيام حالة الطوارئ في جميع قطاعاتها، ومنعت الإجازات بين الضباط والمجندين حتى 31 يناير, وشنت حملة على مقاهي وسط البلد القريبة من ميدان التحرير، استهدفت إغلاقها والتأكد من بيانات روادها، كما عادت ظاهرة توقيف المواطنين في الشوارع المحيطة بالميدان وتفتيش هواتفهم المحمولة وإجبارهم على فتح تطبيقات التواصل الاجتماعي مثل “فيسبوك” و”تويتر” و”واتساب”, مع انتشار أفراد شرطة بلباس مدني وآخرين بزي رسمي في محطات مترو الأنفاق. وتزامن ذلك مع دعوات الأذرع الإعلامية للانقلاب إلى أنه لا احتفالات في 25 يناير إلا بعيد الشرطة فقط , مع شن حملة هجوم غير مسبوقة على ثورة 25 يناير ووصفها بالفوضى والتخريب, وحظر بث أي تقارير مصورة عن ذكرى الثورة، أو تناولها في الأخبار، بأي شكل من الأشكال, مع تخصيص بعض القنوات مساحات في برامجها لانتقاد ثورة 25 يناير، ومهاجمة الدعوة للنزول فيها عبر بعض الإعلاميين الذين عرف عنهم مهاجمة الثورة باستمرار, والتحذير من تغطية المظاهرات في حال نزول أي أعداد في ذلك اليوم. وتمثل هذه الحالة من الفزع في أركان الانقلاب امتدادا لما يعيشه السيسي وعصابة العسكر من رعب وارتباك تمثل في قرارات السيسي التي اتخذها في الفترة الأخيرة بإجراء تغييرات في قيادات الحرس الجمهوري وديوان الرئاسة، والمخابرات العامة، والقيادات الأمنية التي تدير ملف الإعلام، وهو ما يؤكد عدم اطمئنان السيسي لبقاء قيادات عسكرية في موقعها فترة طويلة, يمكنها أن تشكل تحالفات فيما بينها, وتطيح به, وتحافظ على هيمنة العسكر حال اندلاع ثورة شعبية تطالب بإسقاطه, على النحو الذي جرى في 25 يناير 2011 , وكذلك محاولة استرضاء عدد من القيادات العسكرية التي تزمرت من تهميشها وعزلها من عضوية المجلس الأعلى للقوات المسلحة مثل اللواء محمد رأفت الدش الذي أعاده السيسي إلى عضوية المجلس بتعيينه قائدا لقوات شرق القناة لمكافحة الإرهاب, بعد أن كان قد تم عزله من المجلس بنقله إلى هيئة التفتيش بالقوات المسلحة, وبالمثل تمت زيادة معاشات رجال الشرطة, وهي زيادة جديدة في الرشاوى لشراء الولاءات للنظام العسكري, وكذلك استخدامهم كعصا غليظة في خدمته. *تطورات المشهد المصري حدث تطور مهم هذا العام في المشهد المصري بمناسبة ذكرى ثورة 25 يناير؛ فقد طرحت وثيقة التوافق المصري لإسقاط السيسي, ثم دعوة المقاول محمد علي للاحتفال بذكرى ثورة 25 يناير؛ والذي أعلن اعتزاله الحياة السياسية بعد إغلاق الشوارع والميادين لمنع خروج المظاهرات, لكن محمد علي خرج من المشهد بعد أن أعلن للشعب ـ كشاهد عيان ـ  تفشي الفساد والرشوة في قيادات الهيئة الهندسية للقوات المسلحة, وبناء السيسي قصورا فاخرة بأموال الشعب (الفقير أوي), وكشف عن عمليات النهب المنظم التي يقوم بها جنرالات الهيئة, بما فيهم اللواء كامل الوزير وزير النقل بحكومة الانقلاب, وفضح دخول هذه القيادات في شراكات كبرى مع رجال أعمال للتغطية على فساد العسكر في نهب المال العام, ولم يستطع السيسي أن ينكر ما كشف عنه محمد علي؛ فاعترف بأنه يبني القصور الفارهة وأنه مستمر في بناء قصور جديدة؛ فاستفز الجماهير الناقمة على سوء أوضاعها المعيشية؛ لتندفع إلى ميدان التحرير للهتاف “ارحل يا سيسي”. وفي20 سبتمبر2019, عندما وجه المقاول محمد علي الدعوة إلى التظاهر مساء الجمعة, تجاوز الشباب الثائر حدود الدعوة التي طلبت منهم الخروج أمام منازلهم وفي غير الشوارع والميادين, انطلق الشباب إلى ميدان التحرير مباشرة؛ ما لفت الأنظار, وأكد أن بركان الثورة ما زال يغلي, وقد أن له أن ينفجر في وجه السيسي وعصابة الحكم العسكري, وهو ما أذهل أذرع الانقلاب, وظهر أحمد موسى ليعترف قائلا:” نحن في أزمة فعلا” بعد أن خرجت المظاهرات في قنا والأقصر وأسوان وسوهاج والمنيا والجيزة, وبادر كثير من المتظاهرين في القاهرة الكبرى إلى ميدان التحرير, ومثلها مظاهرات الإسكندرية, التي طارت إلى الكورنيش, وهم يهتفون: “ارحل يا سيسي”, ما أكد أن روح الثورة باقية, ولن تنطفئ مهما مارس السيسي وعصابته من أساليب القمع والإرهاب ضد الشعب المصري, وكشف عن تصاعد الوعي الشعبي بضرورة إسقاط السيسي بسبب جرائمه وكذبه وخداعه وبنائه القصور لأسرته بالمليارات, بينما هو يرفع الأسعار التي أفقرت نصف عدد السكان. ومن المهم الإشارة إلى أن هناك تغيرا في الموقف الدولي إزاء  إسقاط السيسي الذي بات يشكل عبئا على داعميه في الغرب, ويصنع حالة من عدم الاستقرار في مصر والمنطقة, وهو ما ظهر في الانتقادات الأخيرة للملف الحقوقي في مصر, وسبقتها دعوة غير مباشرة من السفيرة الأمريكية السابقة في القاهرة آن باترسون إلى الانقلاب على السيسي, وبالطبع لا يمكن التعويل على مواقف الخارج عند الحديث عن ثورة شعبية, لكن ذلك يعطي فكرة عن سرعة استعداد الخارج للتخلي عن السيسي؛ فقد حدث في ثورة 25 يناير أن ترددت الإدارة الأمريكية في البداية وقالت إن الحكم في مصر مستقر, ثم عادت لتمتدح الثورة, ويعلن أوباما أن التاريخ تتم صناعته من جديد في مصر . *الأسباب متوفرة تقوم الثورات عادة عندما يحكم الاستبداد, ويسود الظلم, ويتفشى الفساد, ويدرك الشعب خطورة الصمت, وهو نفس ما تشهده مصر حاليا؛ فالسيسي منذ اغتصابه السلطة بانقلاب عسكري, ارتكب كثيرا من الجرائم التي تستوجب محاكمته بتهمة الخيانة العظمى, مثل بيعه جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية, وتنازله عن حصة مصر التاريخية في مياه نهر النيل لصالح إثيوبيا, وكذلك تنازله عن حقوق مصر في الغاز والبترول للعدو الصهيوني, كما أنه طوال ست سنوات منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013 وحالة الاقتصاد تتردى أكثر؛ بسبب قرارات برفع الدعم,  وما ترتب عليها من غلاء الأسعار, وقد اعترف السيسي نفسه بإهدار المال العام في حفر ترعة قناة السويس بحجة رفع معنويات الشعب, وأقر ببناء القصور الفارهة على نفقة المواطنين الفقراء, وبلغت الديون الخارجية 112 مليار دولار, وتجاوز الدين الداخلي أربعة تريليونات, كما تجري جرائم عبد الفتاح السيسي وعصابة الانقلاب تحت حماية القوة الغاشمة للجيش والشرطة وتواطؤ القضاء الخاضع للعسكر, ودفاع الأذرع الإعلامية للانقلاب, وتوالت الأخبار عن فساد السيسي وعصابة الانقلاب, ما زاد من الغليان الشعبي, وجعله ينتظر لحظة الانفجار؛ فالأسباب متوفرة وكل الطرق تؤدي إلى اندلاع الثورة . *سيناريو الثورة…

تابع القراءة

اعلان ترامب عن صفقة القرن..مآلات تصفية القضية الفلسطينية وخطورة الصمت العربي

في الوقت الذي يترقب فيه العالم، إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تفاصيل خطته للسلام في الشرق الأوسط ،التي اشتهرت باسم “صفقة القرن”، والتي قال إنه  سيعلنها الثلاثاء 27 يناير، بمشاركة رئيس حزب “أزرق أبيض” الإسرائيلي، الجنرال بيني غانتس، والمنافس الرئيسي، لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ، سربت صحيفة “يديعوت احرنوت” الاسرائيلية ، مسودة لبعض بنود خطة ترامب…   بنود كارثية   ونصت الوثيقة على أن الخطة ستشمل “فترة تحضير” مدتها 4 سنوات وذلك انطلاقا من قناعة أمريكية بأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سيرفض تنفيذها لكن ربما يقبلها خليفته، وهو ما قد يفسره الصراع الدائر فلسطينيا لافشال المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، وتصعيد السياسي المقرب من اسرائيل محمد دحلان بديلا لأبو مازن.   وتقترح “صفقة القرن” إقامة دولة فلسطينية بلا جيش أو سيادة، على مساحة 70% من الضفة الغربية، يمكن أن تكون عاصمتها بلدة “شعفاط” شمال شرقي القدس.   جاء ذلك وفق ما أفادت به، الأحد، صحيفة “يديعوت أحرونوت” التي نشرت ما قالت إنها تفاصيل جديدة لخطة السلام الأمريكية المعروفة بـ”صفقة القرن”، وفق ما نقلته عن مصادر إسرائيلية، لم تسمها. وبحسب المصدر ذاته، فإن الخطة تسمح لإسرائيل بضم ما بين 30 إلى 40% من أراضي المنطقة “ج” بالضفة الغربية.   وقسّمت اتفاقية أوسلو الضفة الغربية إلى 3 مناطق، هي “أ” و”ب” و”ج”، وتمثل المناطق “أ” نحو 18% من مساحة الضفة، وتسيطر عليها السلطة الفلسطينية أمنيًا وإداريًا، فيما تمثل المناطق “ب” 21%، وتخضع لإدارة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية. أما المناطق “ج”، التي تشكّل 61% من مساحة الضفة، فتخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية، ما يستلزم موافقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أي مشاريع أو إجراءات فلسطينية بها.   وخلال فترة التحضير لتنفيذ “صفقة القرن” سيتم تجميد البناء في كل المنطقة “ج” التي تسيطر عليها إسرائيل، ما يعني أن بإمكان إسرائيل مواصلة النشاط الاستيطاني داخل المستوطنات القائمة دون توسيعها..   ووفق الصحيفة فإن الخطة تنص على إقامة دولة فلسطينية على مساحة تصل إلى نحو 70% من أراضي الضفة الغربية، بما في ذلك 30% من أراضي المنطقة “ج“.   لكن الدولة الفلسطينية وفق “صفقة القرن” ستكون، بحسب “يديعوت”- بدون جيش وبلا سيطرة على المجال الجوي والمعابر الحدودية، وبلا أية صلاحية لعقد اتفاقيات مع دول أجنبية. وتقترح الخطة الأمريكية إقامة “نفق” بين غزة والضفة الغربية يكون بمثابة “ممر آمن“.   وقالت “يديعوت” إن الحديث يدور عن مسألة “حساسة للغاية لم يتم بحثها بعد على يد منظومة الأمن الإسرائيلية، نظرا لإمكانية استخدام النفق المذكور في “نقل أسلحة أو مطلوبين“. وتطالب “صفقة القرن” السلطة الفلسطينية بإعادة السيطرة على قطاع غزة ونزع سلاح حركتي “حماس” والجهاد الإسلامي.   وتبقي الخطة الأمريكية على 15 مستوطنة معزولة تحت السيادة الإسرائيلية رغم عدم وجود تواصل جغرافي لهذه المستوطنات مع إسرائيل. كذلك تطالب الخطة إسرائيل بإخلاء 60 موقعا غير قانوني يعيش فيها نحو 3 آلاف مستوطن. القدس اسرائيلية   ووفق الصحيفة، تنص “صفقة القرن” على الإبقاء على مدينة القدس المحتلة تحت “سيادة إسرائيل”، بما في ذلك الحرم القدسي الشريف والأماكن المقدسة التي تدار بشكل مشترك بين إسرائيل والفلسطينيين.   ولا تنص الخطة على تقسيم القدس، لكن سيحصل الفلسطينيون على كل ما هو خارج حدود جدار الفصل المحيط بالمدينة المقدسة، بحسب المصدر ذاته.   تمويل عربي   وتقترح “صفقة القرن” 50 مليار دولار لتمويل المشروعات في المناطق المخصصة لإقامة الدولة الفلسطينية.     في السياق، نقل موقع “يديعوت أحرونوت” عن مصادر إسرائيلية قولها إنّ “الأميركيين سينتظرون عدة أسابيع لمعرفة الرد الفلسطيني، وهل سيقبلون الخطة أم سيرفضونها، قبل أن تبدأ إسرائيل بإجراءات ضم نصف مساحة المنطقة (ج)، مما يعني أنه لن يكون بمقدور نتنياهو أن يعرض على الكنيست مشروع ضم غور الأردن قبل الانتخابات المقررة في الثاني من مارس” .. وبحسب الموقع، فإن ترامب يراهن على فوزه في الانتخابات، وعندها سيمارس ضغوطاً على الفلسطينيين للعودة إلى طاولة المحادثات.   ووفقاً للموقع فإنه فقط في نهاية الفترة التحضيرية سيكون بمقدور الفلسطينيين الإعلان عن دولة مستقلة، لكن ستُفرض عليها قيود غير قليلة، أبرزها دولة من دون جيش، ومن دون سيطرة على المجال الجوي، ومن دون سيطرة على المعابر الحدودية، ومن دون قدرة على إبرام تحالفات مع دول أجنبية.     توقيت الاعلان ورهانات انتخابية   ويأتي الاعلان الامريكي عن خطة “صفقة القرن”، بعد غياب فترة غير قليلة، عكست تخبّط الإدارة الأميركية في ما يخص ما تقول إنه “خطة للسلام في الشرق الأوسط”. فبعد تسريباتٍ كثيرة عن الخطة، وعقد مؤتمر خاص لها في البحرين، لم يعد هناك حديث عنها، في ظل الرفض الفلسطيني الكبير لها، والذي ترافق مع تفهم أوروبي وروسي وصيني للموقف الفلسطيني، ما جعل إمكانية تطبيق الخطة باعتبارها “مسار الحل” مستحيلة، غير أن ذلك لم يمنع الإدارة الأميركية من المضي في تسريبها فعلياً على أرض الواقع، بدءاً من نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، والاعتراف بالمدينة عاصمة لإسرائيل، مروراً بالمصادقة على ضم الجولان والتغاضي عن إجراءات ضم الضفة، وأخيراً محاولة إنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين، عبر التضييق على وكالة “أونروا” وقطع التمويل عنها. كل هذه الإجراءات ، وفق الباحث الفلسطيني، حسام كنفاني، هي عمليا جزء مما تمكن تسميته “صفعة القرن” للقضية الفلسطينية، وهي فعلياً مطبقة على أرض الواقع من دون الحاجة إلى إعلان رسمي أميركي جديد عن المزيد من الهدايا المجانية لإسرائيل، إلا إذا تم وضعها في إطارها الانتخابي الإسرائيلي والأميركي، وهو ما قد يفسر توقيت الحديث الأميركي من جديد عن الصفقة، وإعادتها إلى سطح الأحداث، رغم المعارضة المستمرة لها من قبل الدول التي يمكن أن تكون فاعلة في تطبيقها وتمويلها. فمن اللافت أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ربط بين الإعلان عن تفاصيل “الصفقة” وزيارة نتنياهو، في وقت يواجه نتنياهو استحقاقاً انتخابياً جديداً في مارس المقبل، وسط اتهامات بالفساد تكاد توصله إلى المحاكمة ولاحقاً السجن. ما يعني أن ترامب يحاول أن يقدم إلى “صديقه” نتنياهو ما يرى أنه “هدية قيمة” من الممكن أن تساعده في مواجهة ما يعانيه في الداخل. وفي محاولة للتغطية على هذه “الهدية”، أعلنت الإدارة الأميركية أنها دعت أيضاً بيني غانتس، وهو خصم نتنياهو الانتخابي، إلى زيارة مماثلة، رغم أن لا صفة رسمية له، باستثناء أنه كان رئيس حكومة مكلفاً، غير أنه فشل في تشكيل ائتلاف داعم له. غانتس لم يعلق على الدعوة، غير أن أوساطه أشارت إلى أنها للتغطية على تحسين وضع نتنياهو الانتخابي، وبالتالي فهو يتجه إلى رفضها. الأمر نفسه ذهب إليه أفيغدور ليبرمان، والذي قلل عملياً مما يسمى “صفقة القرن”، ووضع الدعوة أيضاً في سياق الدعم الأميركي لنتنياهو انتخابياً، ومساعدته في مواجهة تهم الفساد. غير أن نتنياهو ليس وحده من يريد توظيف فلسطين، و”صفقة القرن”، في حملته الانتخابية ومساءلته النيابية، فالأمر ينطبق أيضاً على…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022