اعادة تكليف مصطفى مدبولي تشككيل حكومة جديدة بين تحدي السيسي للشعب وتحديات مصر

تقدم رئيس الوزراء، مصطفى مدبولي، يوم 3 يونيو الجاري، باستقالة حكومته إلى عبد الفتاح السيسي، الذي أعاد بدوره تكليفه بتشكيل حكومة جديدة من ذوي الكفاءات والخبرات، حسبما أعلن المتحدث باسم رئاسة الجمهورية. وتولى مدبولي الحكومة لأول مرة في 7 يونيو 2018، وشغل قبلها منصب وزير الإسكان خلال الفترة من فبراير 2014 حتى 6 يونيو 2018. وتشكلت حكومة مدبولي الحالية، بعد فوز السيسي بولايته الرئاسية الثانية في العام 2018، وشهدت تعديلات وزارية عدّة. ومع استمرار مدبولي في منصبه، يستهدف التشكيل الجديد مواصلة  ما أطلق عليه “مسار الإصلاح الاقتصادي”، والتركيز على جذب استثمارات محلية وأجنبية، وتشجيع نمو القطاع الخاص، بحسب بيان الرئاسة، الذي يتباعد تماما مع واقع حال المصريين ، ومع نهج نظام السيسي السلطوي، الذي فاقم أزمات المصريين السياسية والاقتصادية والاجتماعية… قوبل إعادة تكليف مدبولي بالحكومة الجديدة، برفض شعبي كبير، وسط ستغراب  من تحدي النظام للشعب، في ظل  بقاء مدبولي في منصبه الذي يشغله منذ نحو 6 سنوات رغم ما تشهده البلاد من أزمة اقتصادية خانقة، ووسط حديث عن رفع مرتقب لأسعار الكهرباء والأدوية والوقود وسلع أخرى، بعد الخبز المدعم.. ويعد مدبولي، ثالث رئيس للوزراء في عهد السيسي. إذ كُلف وكان وزيرًا للإسكان في عام 2018، بتشكيل الحكومة خلفًا لحكومة شريف إسماعيل الذي تعرض لأزمة صحية لسنوات قبل وفاته عام 2023. وأُجري تعديلين على حكومة محلب؛ الأول في 19 ديسمبر 2019، والثاني في 13 أغسطس 2022. أولا:أبعاد التغيير الوزاري: ويحمل قرر التعديل الوزاري وتكليف مدبولي، العديد من الأبعاد المتعلقة بشخص مدبولي وتوقيت التغييير وأسبابه ودوافعه من قبل النظام، وأيضا ارتداداته المجتمعية على المصريين… 1-صندوق النقد  كلمة السر: ومما لا شك فيه، يرتبط توقيت التغيير الوزاري،  بموعد تواجد بعثة صندوق النقد الدولي في مصر منذ 21 مايو الماضي، لإتمام المراجعة الثالثة للاقتصاد المصري في إطار تمويل الصندوق البالغ 8 مليارات دولار. وقد أراد السيسي ارسال رسالة، بان هناك تغييراً ما ، يجري في مصر، واعادة هيكلة للسياسة والاقتصاد ، وفق معايير الصندوق.. وهو ما  التقطه مدبولي، في أحاديثه الاعلامية مؤخرا، بتأكيده على مدار الأيام الماضية أمام وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية في القاهرة،عن تحريك أسعار الخبز المدعم 4 أضعاف، ورفع الدعم عن الكهرباء، والمنتجات البترولية، فيما جرى الإعلان عن رفع كبير بأسعار أكثر من 200 صنف دوائي. وهو الحديث الذي جاء عقب إعلان السيسي، عن هذا التوجه الحكومي لرفع أسعار تلك السلع والخدمات المدعوم بعضها بقدر من الموازنة العامة المصرية.. وهو ما دفع مراقبين إلى القول إن هذا التكرار والتأكيد قد يكون فيه رسالة لصندوق   النقد  الدولي، لتمرير المراجعة الهامة والحصول على الجزء المقرر من القرض، وطلب تمويل جديد بنحو 1.2 مليار دولار من صندوق الاستدامة التابع للصندوق، وفق تصريح سابق لمدبولي. وذلك لحل أزمة شح الدولار لدى الحكومة المصرية، ولدفع مستحقات بعض الشركات الأجنبية وخاصة شركات التنقيب عن النفط والغاز، وأيضا دفع خدمة دين فاقت الـ168 مليار دولار مع نهاية العام الماضي. وعلى الجانب الآخر، يرى البعض أن ذلك الحديث يعد مؤشرا على تفاقم جديد لأوضاع أكثر من 106 ملايين مصري مع القرارات الجديدة واشتراطات وتعليمات الصندوق. 2-انتهاء دور الحكومة في تمرير القرارات الصعبة: وجاءت استقالة الحكومة، التي كان المفترض أن تستقيل منذ بريل الماضي، موعد حلف السيسي اليمين الدستورية الثالثة، بعد أن تحملت عبء تمرير أصعب القرارات التي ارادها نظام السيسي، سواء بتمرير موازنة العام الجديد، التي تفاقم العجز المالي، وخفض الدعم ومخصصات الصحة والتعليم، علاوة على القرار الأصعب، وهو رفع سعر رغيف الخبز المدعم إلى 20 قرشا.. وقبيل ساعات من استقالته، أعلن مدبولي، عن رفع سعر رغيف الخبز المدعوم إلى 20 قرشا من 5 قروش، وتنفيذ القرار، مطلع يونيو الحالي.. وهو ما عده خبراء مخاطرة جريئة وقد تكون غير محسوبة خاصة أنه لم يتم تحريك سعر الخبز المدعم منذ 30 عاما، وفق تأكيد مدبولي. بل ذهب مدبولي لأبعد من ذلك، بقوله إنه سيتم مناقشة التحول من الدعم العيني إلى النقدي. ويمس ملف الخبز والدعم بشكل مباشر ملايين المصريين من الطبقات الفقيرة والمعدمة من شعب يتغلغل الفقر، والفقر المدقع في مساكنه وشوارعه وحواريه وقراه ونجوعه وعزبه وكفوره. كما تحدث مدبولي، أيضا عن أسعار الخبز والوقود والكهرباء، وقال: “يجب تحريك سعر رغيف الخبز المدعم بصورة تتناسب مع الزيادة الرهيبة في الأسعار، مشيرا إلى إمكانية زيادة أسعار المواد البترولية، وذلك برغم أن حكومته رفعت في مارس الماضي، سعر البنزين من 8 إلى 10%، والسولار بنسبة 21.2% . معلنا عن أنه طالب وزارة الكهرباء بوضع خطة لرفع الدعم عن الكهرباء بالكامل على مدى 4 سنوات…وذلك رغم أنه ملف يؤلم الكثير من المصريين خاصة مع انقطاع الكهرباء بشكل يومي، وفق خطة لتخفيف الأحمال، وتوفير الكهرباء.. وضمن الانتهاء من القرارات المؤلمة جملة واحدة، وعلى لسان المتحدث باسم رئاسة مجلس الوزراء محمد الحمصاني، قال لفضائية “صدى البلد” المحلية، إنه “سيجري رفع الدعم عن بعض السلع بصورة كاملة”. أما وزير المالية محمد معيط، وفي اتصال بفضائية “الحدث اليوم” المحلية، فقد وجه رسالة مقلقة بقوله إن ملف الدعم “أصبح يمثل خطورة على الأمان المالي والاقتصادي للدولة”. تلك التصريحات المعبرة عن توجهات أشد ايلاما للمجتمع، جاءت مع نهاية أيام مدبولي في حكومته القديمة… ينضاف إلى ما سبق، اعلان رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية الدكتور علي عوف، أن هناك زيادة مرتقبة في أسعار 200 صنف دوائي، متوقعا زيادة أسعار 700 صنف خلال 3 أشهر قادمة، ملمحا لاحتمال رفع أسعار أدوية الأمراض المزمنة، 20%، والأمراض الحادة 30% . 3-استجابات مفتوحة من النظام لاملاءات صندوق النقد الدولي والمؤسسات المانحة تضع مصر أمام مجهول كبير: وبالتزامن مع حضور صندوق النقد للقاهرة، وإعلان الحكومة عن رفع أسعارالعديد من السلع والخدمات، عاد الحديث عن ملف الطروحات بقوة، حيث أُعلن قبل أيام عن عروض لشراء شركة “وطنية” التابعة للجيش المصري، والتي يمثل طرحها للبيع إحدى مطالب صندوق النقد الدولي، بدعوى تقليل حصة الجيش في الاقتصاد المحلي. وبعد يوم واحد من وصول بعثة صندوق النقد إلى القاهرة، وفي 22 مايو الجاري، قالت وزيرة التخطيط المصرية هالة السعيد لـ”اقتصاد الشرق مع بلومبرغ”، إن “مصر تلقت 7 عروض عالمية ومحلية للاستحواذ على أسهم “الشركة الوطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية” (وطنية). وإلى جانب ما تشير إليه الأنباء من قرب تنفيذ صفقة “وطنية”، فقد جرت في الأيام الماضية وبالتزامن مع وجود بعثة صندوق النقد في مصر، استحواذات واسعة في القطاع الزراعي، والصحي والطبي، ومنها استحواذ شركة “تريكويرا” الهولندية على حصة جديدة قدرها 22% في “مينا فارم” للأدوية لتصل حصتها 50%، واستحواذ شركة “بريميوم دياجنوستيكس” الإماراتية على حصة أقلية في “سيتي للتحاليل الطبية”، ورفع شركة “غولدمان ساكس إنترناشيونال” الإماراتية حصتها في شركة “مستشفى كليوباترا”. وفي القطاع الزراعي والتعليمي يسعى صندوق…

تابع القراءة

المشهد الأقتصادى 22/6

الحرب تطيح بالقطاع الزراعي في السودان.. والإمارات تسعى لوقف المجاعة يتحمل الشعب السوداني التبعات الوخيمة للحرب المندلعة منذ أبريل نيسان 2023 التي أدت إلى جعل الملايين على شفا المجاعة، وأملأ في منع وقوع هذه المجاعة وقعت دولة الإمارات اتفاقية مهمة مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) لمعالجة الأزمة الأنسانية ّ في السودان ومنع هذا الخطر الوشيك. استلمت منظمة الأغذية والزراعة 5 ماليين دولار من المخصصات المقدمة من دولة الإمارات، التي ستوجه لمشروع تخفيف المجاعة في السودان ودعم أصحاب المشروعات الزراعية الصغيرة والأسر الرعوية المتأثرة بالصراع. https://cnnbusinessarabic.com/economy/67973/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A 8-%D8%AA%D8%B7%D9%8A%D8%AD-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B7%D8 %A7%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D8%B1%D8%A7%D8%B9%D9%8A-%D9%81% D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D9%88%D8%A7 %D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%B3%D8%B 9%D9%89-%D9%84%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8% A7%D8%B9%D8%A9 دول الخليج تجذب 170 مليار دولار استثمارات أجنبية ما بعد كورونا جذبت دول الخليج استثمارات أجنبية مباشرة بإجمالي 169.8 مليار دوالر خلال ثالثة أعوام ما بعد كورونا، في حين شهدت بلدان مجلس التعاون الست تصدير استثمارات بـ185.5 مليار دولار للسنوات 2021 و2022 و،2023 وفق حسابات “الشرق” استناداً إلى بيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية “أونكتاد” الصادرة البارحة الخميس. وأشارت البيانات إلى أنه خلال السنوات الثالث السابقة (2020-2019-2018) بلغ إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إلى دول الخليج الست 67 مليار دولار، متأثرًة بعاملين أساسيين: جائحة كورونا، وتحقيق قطر انكماشاً بصافي هذه الاستثمارات بواقع 7.4 مليار دولار.  https://www.asharqbusiness.com/article/64944/%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84 %D8%AE%D9%84%D9%8A%D8%AC-%D8%AA%D8%AC%D8%B0%D8%A8-170-%D9%85% D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%B1-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%B1-%D8%A7 %D8%B3%D8%AA%D8%AB%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8% AC%D9%86%D8%A8%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%A7-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D 9%83%D9%88%D8%B1%D9%88%D9%86%D8%A7 أردوغان يستقطب المستثمرين الأجانب لكن الأتراك يدفعون الثمن  تسارع التضخم إلى نحو %76 في مايو مقارنة بالعام السابق. ويتوقع البنك المركزي التركي أن تصل وتيرة ارتفاع الأسعار إلى نصف هذه النسبة بحلول نهاية العام، لكن الأتراك لا يشاركونه هذا التفاؤل. ارتفعت أسعار المواد الغذائية بأكثر من ،%50 على أساس سنوي، منذ بداية 2022. كذلك، أصبح الاقتراض بالدولار والاستثمار بالعملة التركية خطوة مفضلة للمستثمرين الأجانب، وكانت هذه الصفقات عبارة عن تجارة الفائدة الأكثر ربحية في الأسواق الناشئة الشهر الماضي.  تشير تقديرات “بلومبرغ إيكونوميكس” إلى أن الدولة شهدت تدفقات داخلة تقارب الـ20 مليار دوالر في تجارة الفائدة منذ نهاية مارس، حيث يقترض المستثمرون من الدول ذات أسعار فائدة منخفضة و يستثمرون في دول أخرى تكون فيها مرتفعة. قال ديفيد أوسترويل، نائب مدير المحفظة للأسواق الناشئة بشركة “فان إيك أسوشيتس” (Associates Eck Van)، إن “المستثمرين أكثر اقتناعا من المواطن العادي في البلاد، الذي يواجه عادة عبء التضخم، وهو أمر طبيعي”، وأضاف أن “الأمر يستغرق ً وقتا أطول ً بكثير حتى يستعيد الناس الثقة في بلدهم، كما أن التضخم يبدو أشبه بقضية سياسية الأن”. أشار صندوق النقد الدولي العام الماضي إلى أن نحو %30 من السكان خرجوا من دائرة الفقر منذ أوائل عقد 2000.  وحتى يحافظ على تقدم الأقتصاد، تخلى أردوغان، ذو الـ70 عاما،ً عن نهجه التقليدي الذي اتبعه لخمسة أعوام، والذي تبنى خلاله سياسة نقدية متساهلة عززت النمو من خلال توفير الأموال الرخيصة. https://www.asharqbusiness.com/article/64950/%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%88%D8%BA %D8%A7%D9%86-%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%B7%D8%A8-%D8%A7%D9% 84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%AB%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9 %84%D8%A3%D8%AC%D8%A7%D9%86%D8%A8-%D9%84%D9%83%D9%86-%D8%A7%D 9%84%D8%A3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D9%83-%D9%8A%D8%AF%D9%81%D8%B9% D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%85%D9%86. Saudi Arabia’s M&A volume hits $955m in Q1, fueled by chemicals sector  RIYADH: Saudi Arabia led the Middle East in mergers and acquisitions in the chemicals sector in the first quarter of 2024, with $500 million worth of deals, according to recent data. Figures from financial markets platform Dealogic showed that the Kingdom’s total M&A deal volume during this period reached $955 million, with the chemicals sector accounting for 52.4 percent of the total. Saudi Arabia was the only country in the region to show activity in this sector, and a report from management consulting firm Kearney earlier this month suggested that chemical executives are expecting more M&As led by strategic investors such as national oil companies. “Recent deals by major players like Aramco and ADNOC underscore the region’s commitment to leveraging M&A as a key growth lever, setting the stage for a dynamic and transformative period ahead,” said Jose Alberich, partner, Middle East and Africa at Kearney at the time. The figures from Dealogic revealed that the professional services sector was the second targeted sector, with deals worth $160 million, accounting for a 16.8 percent share of the Kingdom’s total. Technology was close behind with $138 million in deal value, capturing a 14.5 percent share. Retail and insurance sectors represented 7 percent and 4.1 percent of the total, respectively. https://www.arabnews.com/node/2534776/business-economy

تابع القراءة

القمة الكورية الجنوبية- الإفريقية والمشاركة المصرية

في ظل مساعي القوى الدولية، سواء كانت الكبرى أو الإقليمية الصاعدة، نحو تأسيس علاقات وشراكات أكثر رسوخًا مع القارة الإفريقية، ومع تنامي حضور عدد من القوى الآسيوية على وجه التحديد بالقارة، كالصين واليابان والهند، وتجسيد هذا الحضور في دلالات عدة؛ أبرزها عقد قِمم دورية مشتركة مع بلدان القارة الإفريقية؛ كالقمة الهندية الإفريقية، منتدى التعاون الصيني الإفريقي، القمة اليابانية الإفريقية؛ يبرز في هذا الإطار لاعب آسيوي آخر يتطلع لدور بالمنطقة، وهو كوريا الجنوبية، والتي برزت تحركاتها جليًّا، لاسيما مع إعلان سيول ولأول مرة منذ تأسيسها، تدشين قمة كورية إفريقية مشتركة، عُقدت في سيول في الفترة من 4 إلى 5 يونيو 2024. تحت عنوان “المستقبل الذي نريد صُنعه معًا: النمو المشترك والاستدامة والتضامن”. وقد شكَّلت أول قمة كورية إفريقية علامة تاريخية فارقة، حيث اجتمع رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول وزعماء من 48 دولة إفريقية لتعميق التعاون التجاري والاقتصادي. فما هي الأهداف الكورية في إفريقيا؟ وماذا كانت نتائج القمة، وما هو شكل المشاركة المصرية بها؟ تلك هي التساؤلات التي سنسعى للإجابة عليها خلال هذا التقرير.. أولًا: العلاقات الكورية الإفريقية وتطورها.. لا تقتصر علاقة كوريا الجنوبية بإفريقيا فقط على الوقت الراهن المُتصل بالقمة الكورية الإفريقية 2024، بل تمتلك سيول تاريخًا مُمتدًّا من العلاقات مع البلدان الإفريقية، يعود بعضها لفترات ما قبل استقلالها، لكنَّه اتخذ شكلًا أكثر تبلورًا منذ العام 2006. 1. بداية الانخراط الكوري بالقارة: يُمكن إبراز هذا الانخراط عبر عدة محطات: أولها؛ كانت بداية التضامن بين الجانبين في الخمسينيات عندما قدَّمت الدول الإفريقية الدعم لكوريا خلال الحرب الكورية. وثانيها؛ في الستينيات حيث أقامت كوريا علاقات دبلوماسية مع ست دول إفريقية، وهي: (ساحل العاج، النيجر، بنين، تشاد، الكاميرون، وجمهورية الكونغو). وثالثها؛ في التسعينيات بعد قبول كوريا بعضوية الأمم المتحدة، وإنشاء الوكالة الكورية للتعاون الدولي (KOICA)، والذي من شأنه تعزيز العلاقات الدبلوماسية الكورية مع إفريقيا. ورابعها؛ عام 2005 عندما حصلت سيول على صفة مراقب في الاتحاد الإفريقي. وخامسها؛ خلال عهد الرئيس الكوري “روه مو هيون” (2003-2008)؛ حيث بدأت كوريا في تجديد علاقاتها مع القارة على نحوٍ أكثر جدية. وأعلنت حكومة هيون عن المبادرة الكورية للتنمية الإفريقية في عام 2006، كما أعلن الرئيس الكوري عن أول زيارة رئاسية رسمية إلى إفريقيا منذ 24 عام. وتبعه خليفتاه المباشران، “لي ميونج باك”، و”بارك جيون هاي”، بزياراتهما المُتكررة إلى إفريقيا. كما أن نفس العام (2006) يُعد الأبرز على الإطلاق، بل ونقطة التحول بين علاقات الجانبين الإفريقي والكوري، والذي أُطلق عليه “عام الصداقة مع إفريقيا”. كما تمَّ الإعلان في نفس العام عن المنتدى الكوري-الإفريقي (KOAF)، والمؤتمر الوزاري للتعاون الاقتصادي الكوري-الإفريقي (KOAFEC). وسادسها؛ تمَّ وضع مخطط كوري شامل للتعاون مع إفريقيا في عام 2013، وفي عام 2016 أُعلِن عن شراكة تعاونية بين كوريا وإفريقيا. علاوةً على ذلك، فقد أدَّى إنشاء مؤسسة كوريا وإفريقيا التابعة لوزارة الخارجية الكورية في عام 2018 إلى تعزيز التعاملات المُتنوعة بين الجانبين، كتوسيع تعاونهما في مجالات عدة كالتجارة، الاستثمار، البنية التحتية، المعادن، الطاقة، الدفاع، المعلومات والتقنيات الرقمية. وسابعها؛ عام 2024 حيث قرَّرت كوريا الجنوبية عَقد أول قمة رسمية تجمعها مع القارة الإفريقية، خلال يومي 4 و5 يونيو.[1] 2. لماذا إفريقيا؟ يُجيب عن هذا التساؤل مُمثِّل القمة الكورية الإفريقية قائلًا: “إن إفريقيا هي قارة المستقبل، ونعتقد أن إفريقيا لديها إمكانات هائلة؛ إذ يصل عدد سكانها إلى 1.4 مليار نسمة، ولا تزال مستمرة في التزايد، كما أن 60% من سكانها من الشباب صغير السن تحت سن 25 عامًا، بجانب تمتُّعها بموارد طبيعية هائلة، كما أنه ونتيجة للطبيعة الاستهلاكية لمواطني القارة، تُعدّ سوقًا جذابة للغاية، لذا ستكون القارة شريكًا جيدًا، وأعتقد أن كوريا وإفريقيا يمكن أن تنموا معًا؛ لذلك أرى أن لدينا فرصة عظيمة وإمكانات كبيرة للعمل معًا”. وتتصاعد أهمية القارة لكوريا الجنوبية مع الوضع في الاعتبار أن الأخيرة تسعى لتحقيق مزيد من التقدم الاقتصادي، لاسيما مع ما تمتلكه من براعة هائلة في القطاع التكنولوجي، لكن يُعدّ الحصول على إمدادات معدنية موثوقة أمرًا بالغ الأهمية لضمان عدم توقف نمو صناعة التكنولوجيا الفائقة؛ ومع ذلك، فإن احتياطيات الموارد الطبيعية في كوريا قليلة جدًّا ومتباعدة. لذا تتصاعد لدى سيول ضرورة التعاون مع القارة الإفريقية، لاسيما مع احتياطات القارة من المعادن الحيوية الوفيرة، التي يُمكنها توفير فرص استثمارية واعدة للمستثمرين الكوريين، بالنظر إلى أن القارة تحتوي على حوالي 85% من المنجنيز الموجود في العالم، و80% من البلاتين والكروم، و47% من الكوبالت، فضلًا عن رواسب هائلة من الليثيوم والفوسفات والنيكل. وهكذا؛ تُمَثِّل ثروة إفريقيا من الموارد والسوق الاستهلاكي سُبلًا واعدة لدفع انتقال كوريا إلى المستوى التالي من فرص التنمية. أما الصناعة الرئيسية الأخرى التي قد تستفيد من الإمداد بالمعادن الحيوية فتتمثَّل في قطاع المركبات الكهربائية. والتي تبرز أهميتها مع ارتفاع سوق السيارات الكهربائية العالمي بشكلٍ كبير في السنوات الأخيرة، مع تسارع وتيرة التحول إلى الطاقة النظيفة. وتضاعف مبيعات السيارات الكهربائية أكثر من ثلاثة أضعاف خلال ثلاث سنوات فقط، ومن المُتوقَّع أن يُحافظ هذا السوق على نمو مُطّرد مع ابتعاد العالم عن النفط. وتقود كوريا الجنوبية هذا الاتجاه في آسيا، بفضل نجاحها التكنولوجي وصناعة السيارات التي تقود تقدمها في قطاع السيارات الكهربائية. في هذا الإطار تشتد الحاجة لإفريقيا بما تمتلكه من معادن ضرورية لإنتاج السيارات الكهربائية وتصنيع البطاريات، ومن ثمَّ؛ فإن التعاون مع الدول الإفريقية لاستخراج ومعالجة مثل هذه الموارد سيُوفِّر سلسلة توريد مُستدامة لصناعة السيارات في كوريا. علاوةً على ذلك، مع زيادة أعداد المدن والمراكز الحضرية في إفريقيا، سيشهد سوق السيارات الكهربائية مزيدًا من الانتعاش والازدهار.[2] ثانيًا: سير القمة ونتائجها.. يُمكن القول بأن القمة كانت ناجحة بالنسبة للدولة المضيفة، التي أرادت تأمين سلسلة توريد جديدة للمعادن الأساسية لتقليل اعتمادها على الصين، وهو ما تمَّ التنفيذ. أما بالنسبة للبلدان الإفريقية، فيُمكن أيضًا الترحيب بالحوافز الاستثمارية الكبيرة التي أعلنتها حكومة كوريا الجنوبية. ومن نتائج صيغة القمة أن كل دولة قامت بدورها ودافعت عن مصالحها.[3] 1. سير القمة والتأكيد على الشراكة: حسب وكالة أنباء يونهاب، قال الرئيس يون سيوك يول إن كوريا الجنوبية ستنشئ شراكة للمعادن الحيوية مع الدول الإفريقية الرئيسية لتطوير الموارد في القارة بطريقة مفيدة للطرفين. واعتمدت كوريا الجنوبية ووفود من 48 دولة إفريقية إعلانًا مُشتركًا لتعزيز التجارة والاستثمار والتعاون في مشاريع المعادن المهمة والتنمية. واتفق القادة على إطلاق حوار على مستوى وزاري حول التعاون في مجال المعادن الحيوية لضمان سلسلة توريد مرنة للموارد اللازمة للرقائق والبطاريات والطاقة المتجددة. وقال يون إن دور إفريقيا أصبح في دائرة الضوء المتزايدة وسط تزايد الغموض في سلسلة التوريد العالمية بسبب المخاطر الجيوسياسية الأخيرة. وتابع: “نأمل في توسيع نطاق التعاون في مجال الموارد بما يعود بالمنفعة المشتركة من خلال إقامة شراكة المعادن الحيوية مع الدول الإفريقية الرئيسية”….

تابع القراءة

إيران وإفريقيا: ماذا بعد مقتل رئيسي؟

فرض الغرب على إيران عقوبات اقتصادية قاسية؛ بسبب برنامجها وطموحها النووي، وهو ما أدخلها في عزلة سياسية، أثَّرت على علاقاتها الدولية سلبًا لأكثر من عقدين من الزمان؛ إلا أن تفاعلات السياسة الخارجية الإيرانية في الآونة الأخيرة، كشفت عن رغبة قادتها في كسر هذه العزلة وتجاوز تلك العقوبات، وهو ما حدا بهم للبدء في عملية انفتاح واسعة النطاق، تهدف إلى استعادة وترميم علاقاتها بالعالم الخارجي، بما في ذلك علاقاتها بالدول الإفريقية. وقد أولى رؤساء إيران السابقون -على تفاوتٍ فيما بينهم- اهتمامًا بالغًا بإفريقيا، باستثناء الرئيس حسن روحاني، الذي خبا النشاط الإيراني في إفريقيا خلال فترة رئاسته بدرجة كبيرة، فلما جاء الرئيس إبراهيم رئيسي، استهل رئاسته بالتأكيد على أهمية القارة، وحِرص إدارته على استعادة وتمتين وتطوير العلاقات الإيرانية الإفريقية. ومن ثمَّ؛ فيُعد حادث تحطُّم مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي يوم الأحد 19 مايو 2024، والذي أودى بحياته وجميع من كانوا معه، من الأهمية بمكان يجعلنا نطرح العديد من التساؤلات حول تداعيات هذه الواقعة على ملف السياسة الخارجية الإيرانية تجاه إفريقيا. فما هو تاريخ العلاقات الإيرانية الإفريقية ودوافعها؟ وكيف يُمكن فهم ملامح السياسة الخارجية الإيرانية تجاه إفريقيا خلال عهد رئيسي؟ وكيف يُمكن أن يؤثر مقتل رئيسي على تلك العلاقات؟ تلك هي التساؤلات التي سنسعى للإجابة عنها خلال هذا التقرير.. أولًا: إيران وإفريقيا.. منذ الثورة الإسلامية، بدأ اهتمام جمهورية إيران الإسلامية بإفريقيا، لكن على مدار الخمسة والأربعين عامًا التي تلت الثورة، طرأت بعض التغييرات على سياسة إيران تجاه القارة نتيجة للتطورات التي شهدتها الساحتين الداخلية والخارجية لطهران، ومع ذلك، كان هدف إيران الإستراتيجي واضحًا منذ نشأة الجمهورية الإسلامية؛ وهو إبراز إيران بوصفها قوة تتجاوز كونها قوة إقليمية، والضغط على منافسيها، وخاصة الولايات المتحدة، في مناطق جغرافية أخرى للحصول على مزايا سياسية واقتصادية، وتخفيف تأثير العقوبات عليها، وتحييد إستراتيجية العزلة السياسية الموجهة إليها من خلال تشكيل شبكة من التحالفات القوية. لذا انتهجت إيران سياسة “المحور نحو إفريقيا” استجابةً للحاجة إلى مكافحة العقوبات، وتصدير نظرتها الثورية إلى العالم. وفي هذا السياق، هدفت إيران إلى مكافحة العزلة الإقليمية والدولية من خلال تشكيل شراكات مع الدول، والمناطق الذاتية الحكم، والجهات الفاعلة غير الحكومية، ومن خلال استخدام أدوات القوة الصلبة والناعمة في آنٍ واحد في إفريقيا؛ لتوسيع نفوذها الجغرافي خلال القارة. وفي إطار تلك الرؤية، التزم زعماء إيران على مدى العقود الماضية بترسيخ نفوذهم في القارة السمراء، رغم اختلاف آلياتهم لتحقيق هذا الهدف، فنجد أن إبراهيم رئيسي منذ تولِّيه منصبه في أغسطس 2021، ارتكز على سياسة خارجية تتماشى مع نظرة خامنئي إلى العالم، حيث دعا خطاب خامنئي إلى تنويع جذري في سياسة إيران الخارجية تجاه القوى الآسيوية الناشئة، والمستعمرات الأوروبية السابقة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، وعلى نطاق أوسع، بلدان الجنوب العالمي، فلا تحصر عقيدة خامنئي الامتداد الجيوسياسي لإيران في جوارها المباشر؛ وإنما تدعو إلى رعاية تكتلات مقاومة في جميع أنحاء العالم؛ لذا شجَّع رئيسي على التعاون الإيراني الإفريقي، وهذا ما ظهر بوضوح في تصريحاته المتكررة عن إصرار حكومته على توظيف الموارد الدبلوماسية للبلاد في جهود تفعيل التعاون مع الدول الإفريقية، على عكس سلفه حسن روحاني الذي أهمل التعاون مع القارة الإفريقية كأولوية إستراتيجية، بل تمحورت أجندته الخارجية حول رفع العقوبات من خلال السعي إلى الاتفاق مع الولايات المتحدة؛ ما جعل الاهتمام بالمصالح الإيرانية في القارة السمراء يتراجع.[1] 1. تاريخ العلاقات الإيرانية بإفريقيا: ما أن استقر نظام الحكم في إيران في أعقاب ثورة 1979، حتى توجّه الساسة إلى الفضاء الإفريقي يُعزّزون علاقاتهم بدول القارة، فتتابعت وتكرَّرت زيارات المسؤولين الإيرانيين للدول الإفريقية، وخاصةً على مستوى رؤساء الدولة؛ حيث زار الرئيس علي خامنئي (1981 – 1989) إفريقيا 7 زيارات لـ 6 دول هي: ليبيا والجزائر عام 1984، وتنزانيا وزيمبابوي وأنجولا وموزمبيق عام 1986، ثم عاود زيارة زيمبابوي في نفس العام. ثم واصل الرئيس التالي علي أكبر هاشمي رفسنجاني (1989 – 1997) الاهتمام بإفريقيا، فزارها 8 زيارات لـ 7 دول هي: السنغال والسودان عام 1991، وكينيا وأوغندا والسودان للمرة الثانية وتنزانيا وزيمبابوي وجنوب إفريقيا عام 1996. بعد ذلك زاد اهتمام الرئيس التالي محمد خاتمي (1997– 2005) بالدائرة الإفريقية، فزارها 10 زيارات لـ 10 دول هي: جنوب إفريقيا 1998، والجزائر والسودان عام 2004، ونيجيريا والسنغال وسيراليون ومالي وبنين وزيمبابوي وأوغندا عام 2005، وفي أقصى درجات الاهتمام زار الرئيس التالي محمود أحمدي نجاد إفريقيا 21 زيارة لـ 16 دولة هي: غامبيا والسنغال عام 2006، والسودان والجزائر عام 2007، والسنغال للمرة الثانية عام 2008، وكينيا وجزر القمر وجيبوتي، وغامبيا للمرة الثانية، والسنغال للمرة الثالثة عام 2009، وزيمبابوي وأوغندا ومالي ونيجيريا والجزائر للمرة الثانية عام 2010، وموريتانيا والسودان للمرة الثانية عام 2011، ومصر وبنين والنيجر وغانا عام 2013، بعد ذلك غابت الرئاسة الإيرانية عن الساحة الإفريقية، في عهد الرئيس حسن روحاني (2013-2021)، ثم عادت من جديد مع الرئيس إبراهيم رئيسي، وبدأ بعد سنتين من حُكمه في زيارة العواصم الإفريقية في يوليو 2023.[2] وقد شارك رئيسي في محادثات تهدف إلى تعزيز التعاون البرلماني مع الجمعية الوطنية في جنوب إفريقيا (أكبر شريك تجاري لإيران في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى)، وكذلك في غينيا بيساو، وبعد أشهر عدة، وتحديدًا في يناير 2022، استضاف رئيسي وزير خارجية توغو روبرت دوسي، في طهران؛ لمناقشة مستقبل شراكات اقتصادية وتجارية بين البلدين. وفي يوليو الماضي، قام رئيسي بجولة في ثلاث دول إفريقية شملت كينيا، وأوغندا، وزيمبابوي. 2. أدوات النفوذ الإيراني في إفريقيا: بنت إيران نفوذًا تدريجيًّا في إفريقيا من خلال التبادلات الدبلوماسية، والسياسية، والأمنية والبحرية، والتجارية، والثقافية المُتتابعة، ولتحقيق أهدافها الإستراتيجية، تستخدم إيران سياسات مختلفة على المستوى التكتيكي للتوغل في الداخل الإفريقي: أولها؛ القوة الناعمة: فمنذ الثورة الإسلامية، نفذت طهران هذه الأنشطة من خلال مؤسسات رئيسة، مثل مؤسسة مستضعفان، والهلال الأحمر الإيراني، ووزارة الإرشاد الإسلامي والثقافة، ومنظمة الثقافة والاتصال الإسلامي، وجامعة المصطفى. وبالإضافة إلى هذه المؤسسات، تشارك المجموعات البرلمانية، وجمعيات الصداقة، وغرف التجارة والمنظمات الخيرية، والمعاهد الدينية والجامعات، في تدشين علاقات وثيقة مع شعوب القارة الإفريقية، وتقديم مختلف أنواع الدعم لدول القارة وجماعاتها من خلال برامج التنمية، كما نشطت إيران في بناء تيارات شيعية في ساحل العاج، وليبيريا، والكاميرون، ونيجيريا، والسودان. وثانيها؛ التوغل عبر أذرع إيران الإرهابية: كُلِّف فيلق القدس، التابع للحرس الثوري، بتنفيذ عمليات عبر الحدود، لتوسيع العمق الإستراتيجي للبلاد خارج الشرق الأوسط إلى إفريقيا؛ من خلال عدد من الآليات، مثل تهريب الأسلحة، وتهريب النفط، فضلًا عن توفير الأسلحة للجماعات الإرهابية، والأنشطة التعليمية. وثالثها؛ التدخل المباشر: تطور إيران علاقاتها مع الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية في القارة الإفريقية على ثلاثة مستويات؛ فإذا كانت الدولة تنتمي إلى دين غير الإسلام فإن إيران تُقدِّم مساعدات إنسانية تُلبِّي الاحتياجات على نحوٍ مباشر. وإذا كان الطرف…

تابع القراءة

الاتفاقية الأمنية بين السعودية وأمريكا وآفاق التطبيع مع اسرائيل

منذ نهاية أبريل  الماضي توالت التقارير الصحفية المتعلقة بإبرام اتفاقية أمنية دفاعية بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، عقب اللقاء الذي جمع وزيري خارجية البلدين أنتوني بلينكن والأمير فيصل بن فرحان، على هامش الاجتماع الخاص لمنتدى الاقتصاد العالمي في الرياض. لقاء الوزيرين كان مناسبة رسمية لإعلان “قرب” توقيع الاتفاقية من دون إعطاء المزيد من التفاصيل حول الموعد أو حول نوعية الاتفاقية، ذلك أن لواشنطن أنواعا مختلفة من الاتفاقيات الدفاعية التي تبرمها عادة مع حلفائها، إذ لا تتشابه تلك الاتفاقيات لا في البنود ولا في التعهدات. من جانب واشنطن، أعلن  وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أمام لجنة بالكونغرس،  أن إبرام الاتفاقيات الأمنية والدفاعية مع السعودية قد يتم “بعد أسابيع”، وتشمل الاتفاقيات مجالات الطاقة النووية والتعاون الأمني ​​والدفاعي ضمن مساعي اتفاق أوسع للتطبيع بين الرياض وإسرائيل. وفي حديثه خلال جلسة استماع بمجلس النواب، حذر بلينكن في المقابل من أنه لا يمكن الشروع في عملية التطبيع على نطاق أوسع، ما لم يتحقق هدوء في غزة وما لم يُعبَّد طريق لإقامة دولة فلسطينية. وقال بلينكن أمام لجنة المخصصات بمجلس النواب: “هذه الاتفاقيات من حيث المبدأ قريبة جدا من الاكتمال. الآن بالطبع سنأتي إلى الكونغرس بها حين تكون جاهزة للمراجعة، لكننا، ربما نكون على بعد أسابيع من القدرة على إنجازها“. وكان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان “الصيغة شبه النهائية لاتفاقيات استراتيجية بين الرياض وواشنطن وكذلك سبل إيجاد مسار ذي مصداقية نحو حل الدولتين  في فلسطين.. وذكرت وكالة الأنباء السعودية الأحد 19 مايو 2024،  أن  ولي العهد السعودي  ومستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان التقيا في مدينة الظهران السعودية لبحث “الصيغة شبه النهائية” لاتفاق بين واشنطن والرياض. وجاء في بيان أنه جرى خلال اللقاء “استعراض العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، كما تم بحث الصيغة شبه النهائية لمشروعات الاتفاقيات الاستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية التي قارب العمل على الانتهاء منها“. مضمامين الاتفاق وتأتي المباحثات في أعقاب تقارير ذكرت أن البلدين على وشك التوصل إلى اتفاق بشأن الضمانات الأمنية الأمريكية ومساعدة واشنطن للرياض في مجال  الطاقة النووية المدنية، بيد أن اتفاق التطبيع الإسرائيلي السعودي المأمول في إطار “صفقة كبرى” في الشرق الأوسط لا يزال بعيد المنال. وبحث الأمير محمد بن سلمان وسوليفان الحاجة إلى إيجاد “مسار ذي مصداقية نحو حل الدولتين” لإسرائيل والفلسطينيين وضرورة وقف الحرب في غزة وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية. والسعودية، باعتبارها أكبر مصدر للنفط في العالم، لا تبدو مرشحا بارزا لإبرام اتفاق نووي عادة ما يهدف إلى بناء محطات طاقة لتوليد الكهرباء. لكن المملكة تسعى إلى توليد قدر كبير من الطاقة المتجددة وخفض الانبعاثات بموجب خطة طموح طويلة الأجل. في حين يقول منتقدون للأمر إن الرياض ربما ترغب في اكتساب الخبرة النووية تحسبا لرغبتها يوما في الحصول على أسلحة نووية، وإن كان أي اتفاق مع واشنطن سينص على ضمانات للحيلولة دون ذلك. اتفاق ثنائي: ويسعى المتفاوضون للتوصل إلى اتفاق ثنائي يدعو على الأرجح إلى ضمانات أمريكية رسمية للدفاع عن المملكة، بالإضافة إلى حصول السعودية على أسلحة أمريكية أكثر تقدما، مقابل وقف مشتريات الأسلحة الصينية، والحد من الاستثمارات الصينية في البلاد. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، إن الجانبين اقتربا “أكثر من أي وقت مضى” من اتفاق ثنائي صار الآن “شبه نهائي“. ويسعى مفاوضون أمريكيون وسعوديون إلى التوصل إلى اتفاق ثنائي يدعو على الأرجح إلى ضمانات أمريكية رسمية للدفاع عن المملكة، بالإضافة إلى حصول السعودية على أسلحة أمريكية أكثر تقدما، مقابل وقف مشتريات الأسلحة الصينية والحد من الاستثمارات الصينية في البلاد. وقال مسؤول أمريكي إن المفاوضين يناقشون بيع الولايات المتحدة طائرات مقاتلة من طراز إف-35 وأسلحة أخرى للسعوديين في إطار الاتفاق. وتذهب ترجيحات استراتيجية، إلى أن بيع طائرات إف-35 للسعوديين غير مضمون لعدد من الأسباب، لكن إدراجها في المناقشات له أهمية نظرا لأن الرياض أبدت رغبتها في شراء الطائرة منذ سنوات. ويتعين على أي صفقة الالتزام باتفاق أمريكي إسرائيلي قديم يضمن ألا تضعف الأسلحة التي تبيعها واشنطن بالمنطقة “التفوق العسكري النوعي” لإسرائيل، بحيث تكون الأسلحة الأمريكية المقدمة لإسرائيل “متفوقة في القدرة” على تلك التي تباع لجيرانها. ويحق للجنتي العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، والشؤون الخارجية بمجلس النواب، اللتين انتقد أعضاؤهما دور المملكة في مقتل مدنيين في اليمن، إعادة النظر في مبيعات الأسلحة ومنعها بموجب عملية مراجعة غير رسمية. وأحالت شركة لوكهيد مارتن، المصنعة للطائرة، طلبا للتعليق إلى الحكومة. وقال المسؤول إن الاتفاقية الدفاعية لن ترقى إلى مستوى معاهدة حلف شمال الأطلسي. وقال كيربي إن مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان، أجرى محادثات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ومسؤولين سعوديين آخرين، وإنه أحرز تقدما في هذا الصدد. وقال مسؤول أمريكي ثان “نحن قريبون جدا من التفاهم على العناصر الرئيسية بيننا“. وأضاف “سيتعين علينا بالطبع أيضا العمل بعد ذلك على أجزاء متعلقة بالإسرائيليين والفلسطينيين، وهو عنصر حاسم في أي اتفاق تطبيع محتمل“. ومن المتوقع أيضا أن يتضمن الاتفاق الأمني الأمريكي السعودي تبادل تقنيات ناشئة مع الرياض، ومنها الذكاء الاصطناعي. وبمجرد التوصل إلى الاتفاق فإنه سيكون جزءا من صفقة كبرى تعرض على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ليقرر ما إذا كان سيقدم تنازلات من أجل تطبيع العلاقات مع المملكة. وذكر كيربي أن توقيت إتمام الاتفاق الأمريكي السعودي غير محدد، مشيرا إلى أن هدف الرئيس جو بايدن النهائي هو إقامة دولة فلسطينية. وأضاف أنه مع استمرار الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة، فمن غير المرجح التوصل إلى اتفاق بشأن الدولة قريبا. وأردف قائلا: “ما زال الرئيس ملتزما بالطبع بحل الدولتين“. تقارب وجهات النظر بين الاتفاق والاتفاقية: وفي الجولة الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكي إلى الشرق الأوسط، وزيارته للمملكة العربية السعودية، قيل إن الزيارة لها دلالة تتعلق باقتراب التوصل إلى اتفاق أمني بين الرياض وواشنطن، وإن مسودة الاتفاق قد تكون طُرحت أمام أنظار المسؤولين في السعودية، بعد مجموعة محادثات علنية وسرية، حدثت بين الطرفين على مدى الشهور المنصرمة، لتقريب وجهات النظر في المواضيع الخلافية. خلال زيارة وزير الخارجية الامريكي بلينكن للسعودية مؤخرا، طرحت مسودة الاتفاق بعد سلسلة من المحادثات العلنية والسرية.. لكن ربما ما طرحه بلينكن كان مسودة اتفاق أمني وليس معاهدة أمنية، إضافة إلى بعض الأفكار المتعلقة بالمفاعل النووي السعودي المستقبلي، حيث أشار إلى اتفاقية دفاع ثنائية، واتفاق آخر يتعلق ببرنامج نووي مدني سعودي، وهنا يبدو أن الفجوة قد تقلصت كثيرا بين الطرفين. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الرياض كانت تُركّز على معاهدة دفاع مشترك، وليس اتفاقا إطاريا فقط، لأن الرياض تريد أن تكون هذه الاتفاقية مع الدولة الأمريكية وليس…

تابع القراءة

“اتحاد العرجاني ” للقبائل العربية بين مساري فاجنر وحميدتي..اشكالات الدولة المركزية وتحديات الأمن القومي

في مطلع مايو الحالي، وفي مؤتمر عُقد بمنطقة العجراء، جنوبي مدينة رفح المصرية، أعلن عن تأسيس اتحاد القبائل العربية في مصر، بمشاركة 30 قبيلة سيناوية مصرية، وبرئاسة رجل الأعمال المقرب من النظام إبراهيم العرجاني. وكان مجلس اتحاد القبائل العربية، قد تأسس  عام 2013، بعد انقلاب الجيش على الرئيس المنتخب محمد مرسي، تحت اسم “اتحاد قبائل سيناء”، بقيادة إبراهيم المنيعي. وهدف المجلس في حينه إلى تجنيد الشباب السيناوي المدني للعمل في مجموعات أطلق عليها أهالي سيناء تسمية “البشمركة”، العاملة تحت قيادة القوات المسلحة، بغرض مطاردة المسلحين في سيناء، وهو ما أكده رئيس مجلس شيوخ القبائل العربية، علي فريج، في تصريحات قال فيها إن القبائل في سيناء “أدت، ولا تزال، دوراً كبيراً إلى جنب القوات المسلحة المصرية لاسترداد سيناء“. جدل حول الانتماء والتموضع الاجتماعي والسياسي للاتحاد القبلي: وفي المؤتمر التأسيسي الأول بالعجراء، أعلن النائب والصحفي مصطفى بكري، المتحدث الرسمي باسم “اتحاد القبائل العربية” عن تدشين الاتحاد رسمياً، وأن عبد الفتاح السيسي رئيساً شرفياً له، كما تم الإعلان عن اختيار ابراهيم العرجاني رئيس اتحاد قبائل سيناء، رئيساً لاتحاد القبائل العربية، وتم تغيير اسم قرية العجراء إلى مدينة السيسي. ومع سيل الانتقادات الجارية منذ الإعلان عن تدشين الاتحاد والحديث عن المخاوف والمخاطر التي قد تطال الدولة المصرية جراء ذلك حاول المتحدث الرسمي باسم الاتحاد مصطفى بكري نفي أية اتهامات تطاله بالقول، الخميس 2 مايو الجاري، عبر فضائية “صدى البلد” المحلية: “اعتبره فصيل من فصائل القوات المسلحة وبيشتغل معهم ,ما أثار موجة من الانتقادات والغضب والتساؤلات حول مدى قبول الجيش بمثل هذا الوضع، ومدى حاجته إلى مليشيات تتولى حماية جزء من الدولة، ووضع المواطن عند التعامل مع تلك العناصر. وأمام المشهد المريب والملتبس بمصر تبرز العديد من التساؤلات، حول:  ما هذا الاتحاد؟، وما صفته؟ وهل هو جمعية أهلية، أم أقرب لحزب سياسي؟ وما علاقته بمؤسسات الدولة؟ وما دوره تحديدا؟ وهل هو ظهير شعبي للدولة والحكومة؟ وما حاجتنا الحقيقية له؟ وهل تشكيله يعني فشل الأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية والجمعيات الأهلية؟. وما الفارق بينه وبين النشأة المتشابهة تقريبا لكيانات أخرى كما حدث في السودان؟”، “وكذا كيانات أخرى في لبنان وسوريا والعراق وليبيا واليمن؟ والعرجاني، صاحب السجل الإجرامي السابق في عهد الرئيس الراحل حسني مبارك، والرجل القريب من رأس النظام عبدالفتاح السيسي. ويضم التحالف 30 قبيلة، منها: الترابين، والسواركة، والمساعيد، والعيادية، والسماعنة، والسعديين، والرميلات، والبياضية، والعقايلة، والدواغرة، والرياشات، والعبايدة، والتياهة، والحوات، والنجمات، وبلي، والأخارسة، والصفايحة، وبني فخر، وأولاد سليمان، والأغوات، وحجاب، والحويطات، وغيرها. ومرت علاقة العرجاني مع الدولة بمراحل مختلفة، فالشيخ الذي يقود قبيلة الترابين سبق واحتجز عام 2008 على خلفية الاشتباكات التي جرت بين مجموعات من البدو ورجال الشرطة، وخرج في 2010 لظروف صحية، ومع عام 2014 بدأت العلاقات تتحول مع توسع نشاطه الاقتصادي، وبدء الشراكة مع الجيش، والتعاون في مواجهة الإرهاب من خلال اتحاد قبائل سيناء الذي ضم عناصر مسلحة، كما احتكرت شركته إدخال مواد البناء لإعمار غزة في 2021، بينما توفر شركته “هلا” خدمات السفر من غزة عبر معبر رفح التي تضاعفت رسومها وبلغت آلاف الدولارات منذ العدوان الأخير على غزة. وأعلن اتحاد العرجاني موقفًا من احتلال معبر رفح بعد ساعات قليلة من التحرك الإسرائيلي، واعتبره مراقبون أن رد  الفعل المصري على احتلال معبر رفح كان “هزيلًا جدًا”، واستطرد “اتحاد القبائل طلّع بيان أفضل من بيان وزارة الخارجية، وكأن سيناء مسؤولية شخصية لهذا الكيان“. أولا: الأهداف المعلنة  وغير المعلنة لاتحاد القبائل العربية : وبحسب ما أعلنه المتحدث باسم الاتحاد، يهدف الكيان الجديد وغير المسبوق لخلق إطار شعبي وطني يضم أبناء القبائل، وتوحيد صفها، ودمج الكيانات القبلية، ودعم ثوابت الدولة الوطنية، ومواجهة تحديات تهدد أمنها، وتبني القضايا الوطنية، وأخيرا “دعما للسيسي وأعلن بكري، عن “أهداف عامة كدمج القبائل تحت مظلة وطنية، وجعلها سنداً للدولة لدعم الأمن في المناطق الخاضعة للقبائل، ودعم التنمية، وتأسيس دولة فلسطينية”. وقد ذكر بكري أن الاتحاد  يعتبر فصيلا من القوات المسلحة، ما أثار موجة واسعة من الانتقادات دفعته لإنكار التصريح (المسجل صوتا وصورة!!)، ولكنه زاد الطين بلة بتأكيده على دور الاتحاد في المناطق الحدودية، وهي مهام القوات المسلحة والشرطة أساسا ولا تواجه عجزا فيها تكمله القبائل. أما الأهاف غير المعلنة، فتدور حول: ووفق تقديرات سياسية، فإن الهدف الحقيقي غير المعلن للاتحاد هو بناء ظهير شعبي للسيسي مع فشل تجربة اتحاد القبائل العربية والمصرية، ومع فشل “حزب مستقبل وطن” في بناء هذا الظهير، ولكن هذا الظهير سيكون خطرا كبيرا على الدولة نفسها، إذ أنه فتح الباب فورا للحديث عن تقسيم جديد للشعب المصري بين مصريين أصليين ومصريين عرب وافدين والمؤكد أن هذا الحديث الذي يتسع يوما بعد يوم هو أخطر من الانقسام المجتمعي الذي صنعه الانقلاب بعد 2013 بين مؤيدين ورافضين له، والذي جسدته أغنية على الحجار”انتو شعب وإحنا شعب”، فالانقسام حول الانقلاب تراجع كثيرا مع شمول المظالم لداعميه أيضا، لكن هذا الانقسام الجديد يضرب في عصب المجتمع، وسيكون التماسك الوطني هو الضحية, فقد بدأت تظهر أصوات مسيحية ونوبية منزعجة، وقد تسعى لتأسيس اتحادات مشابهة، وتسعى لتسليح أبنائها بزعم مواجهة أخطار تهددها، كما ستكون القبائل البدوية هي أكثر من يدفع الثمن في هذا الانقسام لكونها أقلية في مواجهة الغالبية.. وفي رؤيته للهدف من تدشين اتحاد القبائل العربية قال الناشط السيناوي وأحد المنتمين للقبائل في شبه الجزيرة المصرية أشرف أيوب، عبر منصة إكس،  إن “اتحاد القبائل قديم، وكان يترأسه سابقا على فريج، وتم استخدامه من قبل النظام الحالي للتمهيد لأحداث 30 يونيو 2013 (الانقلاب العسكري الذي قادة السيسي قائد الجيش على الرئيس الراحل محمد مرسي),فيما النظام الحالي أعاد استخدام الاتحاد في سيناء لمواجهة الإرهاب، ثم حول الاتحاد إلى كيان اقتصادي، ثم كيان سياسي عرقي، وجعل منه بهذا التدشين الرسمي تنظيما عرقيا بديلا عن المواطنة المصرية وذلك لتحقيق هدف واضح وهو إخضاع القبائل العربية لسطوة وسيطرة وقرارات وتوجيهات وإرادة النظام السياسي، وخططه ومشروعاته ومشروعات الجيش وإذ أن كل المشروعات الجديدة في الجمهورية الجديدة يتم تدشينها الآن على حدود الجمهورية القديمة في الصحراء حيث موطن القبائل وإن أغلب مشروعات نظام السيسي، تم تدشينها على الأطراف حيث توجد مناطق سيطرة القبائل، وأنه حين أراد السيطرة على الأراضي القديمة في الوادي والدلتا اصطدم بممتلكات راسخة وثابتة للأهالي حيث مصر المركزية، فأراد الخروج على الأطراف بعيدا في الشرق حيث شمال سيناء وفي الغرب حيث العلمين الجديدة وفي الجنوب، ليقيم مشروعاته وهنا اصطدم بالقبائل وكان عليه ترويضها وإخضاعها، وهذا الاتحاد إحدى خطط السيطرة..كما أن توقيت تدشين الاتحاد يأتي بعد نحو شهرين من صفقة رأس الحكمة غرب البلاد بمشاركة الإمارات،  إلا أن السيسي اصطدم بسيطرة القبائل العربية على مساحات واسعة من الأراضي في مرسى مطروح والعلمين وسيناء ،  ويطلب…

تابع القراءة

أفاق التهدئة في غزة بعد موافقة حماس واطلاق اسرائيل عمليتها العسكرية برفح

مع إعلان حركة حماس موافقتها على المقترح “المصري-القطري” الخاص باتفاق وقف إطلاق النار في غزة، تكون الحركة قد توجت إستراتيجيتها التفاوضية بنجاحها في احتواء أهداف الحرب الإسرائيلية الشرسة على غزة. وجاء اعلان الحركة موافقتها،يوم الاثنين 6  مايو الجاري،  قبل ن تطلق اسرائيل ، ما قالت إنه عملية عسكرية محدودة في مدينة رفح الفلسطينية المطتظة بالنازحين الفلسطينيين من عموم القطاع ، والذين يقدر عددهم بنحو 1,4 مليون فلسطيني.. كما جاءت الموافقة بعد مسار مضن من المفاوضات، التي توسطت خلالها كلا من مصر وقطر وأمريكا، بين المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة حماس واسرائيل، قدمت خلالها العديد من الأوراق والمقترحات، كالورقة الاسرائيلية وأخرى مصرية قطرية، وأخرى قدمتها حماس… وجاء التوافق على الورقة المصرية، التي جرت عليها عدة تعديلات، لم تحقق كامل ما تصبو إليه حماس، إلا أنها اعتبرتها بداية تدريجية للوصول للهدف النهائي بوقف القتال وعودة النازحين وانسحاب اسرائيل  من قطاع غزة، وذلك بعد ضمانات أمريطية، تتحدث تقارير عن أن بعضها، كان بدون علم اسرائيل، بعد حالة كبيرة من تململ إدارة بايدن من ممارسات نتانياهو، وسط ضغوط الشارع الأريكي والغربي، عبر المظاهرات الكبيرة التي ضربت الجامعات الأمريكية والغربية، خاصة قبل شهور قليلة من موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية… أولا: مسارالمفاوضات حتى الوصول للموافقة الفلسطينية: وقبل الوصول للحظة موافقة حماس، شهدت الساحة الاسرائيلية العديد من السجالات ، بين المسئولين الاسرائيليين،  من أجل التوصل لاتفاق تهددئة وصفقة تبادل، بعدما فشلت الحرب والقوة العسكرية في  تحقيق ذلك، وكان أخر السجالات، مطالبة وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، الأحد وقبل يوم واحد من اعلان حماس، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بالموافقة على المقترح المصري لصفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس. وبحسب وسائل إعلام رسمية عبرية، فإن “غالانت قال في اجتماع مجلس الحرب، إن الصفقة جيدة، ويجب الموافقة عليها، وهذه فرصة لإعادة الأسرى المحتجزين بغزة..”. كما طالب نتنياهو بشكل شخصي بالموافقة على الصفقة، وخلال الاجتماع، أضاف غالانت: “يجب علينا أن نعيد المحتجزين، أنا لا أتحدث عن ذلك علنا، حتى لا تزيد تكلفة الصفقة، لكن يجب الموافقة عليها“. وقد حظي مطلب غالانت بتأييد أعضاء كابينيت، لكن نتنياهو أبدى تحفظات، وفق المصادر العبرية. وعبر كلمة متلفزة في وقت سابق الأحد 5 مايو، وفيما تبدو محاولة للضغط على حركة حماس، توعد غالانت باجتياح مدينة رفح جنوب قطاع غزة في وقت قريب جدا، وزعم أن حماس لا تريد صفقة. وأعلنت حماس، الأحد 5 مايو، أن وفدها “سلَّم الوسطاء في مصر وقطر رد الحركة (على مقترح اتفاق)، وجرت معهم نقاشات معمقة وجادة”، دون ذكر مزيد من التفاصيل. وكوال مسار المفاوضات، تتمسكت حركة حماس بإنهاء الحرب، وانسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من قطاع غزة، وعودة النازحين، وتكثيف الإغاثة، وبدء الإعمار، ضمن أي اتفاق لتبادل أسرى. ولعل موقف نتانياهو  المعلن، الرافض للتهدئة – رغم ارساله وفدا للتشاور بالقاهرة، الثلاثاء 7 مايو، لاستكمال التفاوض- ينطلق أساسا من خشيته الإقدام على صفقة مع حركة حماس؛ حتى لا يتم تفكيك الائتلاف الوزاري الحالي مع الأحزاب اليهودية اليمينية المتطرفة، التي تهدد بالانسحاب في حال التوقيع على أي اتفاق مع حماس. وقبل اعلان حماس موافقتها، على المقترح المصري المطور، كانت الحركة قد أعلنت عدة مرات عن أن المقترح لا يلبي كامل أهدافها أو ما تصبو إليه.. ويوم 3 مايو، قال مصدر في حركة حماس إن ورقة مقترح الهدنة التي قدمتها مصر ، بعد التعديلات عليها، كانت متطورة بشكل ملحوظ عن سابقاتها، لكنها لا تلبي مطالب الحركة، حيث لم تنص بشكل مباشر على الوقف الكامل لإطلاق النار، حيث تضمنت جُملة «هدنة تمهيدًا لوقف إطلاق النار»، واصفًا إياها بأنها جملة مطاطية تحمل أكثر من معنى. وأكد المصدر الذي تحدث لـ”وكالة الصحافة الفرنسية” أن «حماس» ليس لديها مانع من عقد الهدنة، ولكن مطلبها الأساسي هو «ضمانات حقيقية مكتوبة وليست شفوية، بعدم استئناف الحرب بعد انقضاء فترة الهدنة”..وهو على ما يبدو كان العئق في الموافقة على الهدنة، الا انه يبدو أن واشنطن قدمت ضمانات مقبولة لدى حماس ، بضمان ذلك… وكانت حماس ترى هناك غموضًا في بعض بنود الصفقة، أهمها أنها لم  تحدد نطاق الانسحاب الإسرائيلي من غزة خلال الهدنة، والوضع الأمني لحدود القطاع مع إسرائيل، ومن الذي سوف يتولى تشغيل معبر رفح. كما أن الورقة لا تتضمن التزام إسرائيلي بتسهيل عمليات دخول المساعدات إلى كامل القطاع، فضلًا أنها لا تُلزم إسرائيل بعدم القيام بالعملية العسكرية على رفح. وكالة الأنباء الفرنسية نقلت عن مسؤول مصري مطلع على المحادثات، أن  «حماس» طلبت توضيحات حول بعض بنود المقترح، قبل اعلان موقفها،  أهمها: عودة النازحين إلى الشمال دون شروط، حيث أن المقترح الحالي لم يوضح من سوف يُسمح له بالعودة إلى الشمال وكيف سيتم ذلك، فضلًا عن وجود ضمانات تُلزم إسرائيل بتنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق والتي تتضمن مناقشة الانسحاب التدريجي ثم الكامل من القطاع. ووفق مصادر بالقاهرة، فقد أبدت الحركة اعتراضها على بند «عودة المدنيين إلى الشمال دون العسكريين»، وهو ما وصفته بـ«الفخ» الذي يعطي الحق لإسرائيل بالتحكم في عودة النازحين، لأن عمليًا هناك صعوبة في التمييز بين العسكريين من المقاومة والمدنيين، في الوقت الذي تتمسك الحركة بأن يكون حق العودة غير مشروط. كما أن  «حماس» طلبت إضافة كلمة «كامل» بجانب كلمة «الانسحاب» من غزة، لضمان تنفيذ انسحاب كامل للاحتلال من القطاع، في الوقت الذي أكدت المصادر أن الحركة أبدت مرونة تجاه المقترح الإسرائيلي بالانسحاب التدريجي من القطاع. وتقوم فكرة المبادرة المصرية على أنه «إذا تعذر عقد اتفاق شامل، فليكن متدرجاً يلبي طلبات الطرفين في المرحلة الأولى، مع إرجاء القضايا محل الخلاف إلى المراحل اللاحقة. وقال مسؤول إسرائيلي مشارك في مفاوضات صفقة التبادل بحسب هيئة البث الإسرائيلية «كان»، إنه «من المتوقع أن يغادر وفد إسرائيلي من الموساد والجيش الإسرائيلي و(الشين بيت) إلى القاهرة الثلاثاء 7 مايو»، بعد إجابة (حماس)”.. وقال مسؤولون إسرائيليون إن مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي سمح لفريق المفاوضات الإسرائيلي للمرة الأولى هذا الأسبوع، بمناقشة إطلاق سراح أقل من 40 رهينة. ويتوقع الإسرائيليون أن تطلق «حماس» سراح 33 محتجزاً (من النساء وكبار السن وذوي الحالات الطبية الخطيرة)، وفي المقابل ستوافق إسرائيل على السماح للفلسطينيين بالعودة إلى شمال غزة (انسحاب من محور نتساريم)، لكنها لن تعلن نهاية الحرب. بالإضافة إلى عودة النازحين إلى الشمال واحد من المطالب الرئيسية المهمة لـ«حماس»، إلى جانب وقف الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي بشكل كامل من غزة. وتحقق المرحلة الأولى لـ«حماس» انسحاباً إسرائيلياً واسعاً وليس كاملاً من غزة وعودة النازحين، وتتبقى مسألة وقف الحرب إلى المرحلة الثانية. ضمانات أمريكية: ولعل ما قد يفسرموافقة حماس على الصفقة، عدة ضمانات قدمتها واشنطن  لحماس.. وقدمت واشنطن ضمانات لحركة حماس، بخصوص وقف إطلاق النار الدائم في غزة، مقابل توقيعها على الاتفاق. وحصلت  الحركة على ضمانات أمريكية بإنهاء الحرب بشكل دائم،…

تابع القراءة
حل مجلس الأمة الكويتي وتعطيل العمل ببعض مواد الدستور..الأبعاد والدلالات

حل مجلس الأمة الكويتي وتعطيل العمل ببعض مواد الدستور..الأبعاد والدلالات

على وقع خلافات مستمرة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، حل أمير الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، مجلس الأمة، وعلّق العمل ببعض مواد الدستور لمدة لا تزيد عن أربع سنوات. وجاء القرار  الأميري، قبل أربعة أيام فقط على الموعد الذي كان مقررا لافتتاح مجلس الأمة الجديد، في الوقت الذي لم يسمّ رئيس الحكومة المكلف الشيخ أحمد العبدالله الصباح تشكيلته الوزارية بعد. أولا: السياق السياسي والاجتماعي: وعلى خلفية التأزيم السياسي، الذي  تعيشه الكويت، منذ فترة، جاءت قرارات الأمير  التي عدها البعض مفاجئة، والبعض الاخر ، قال انها متوقعة، إلا أنها أثارت القلق بالشارع الكويتي، مع تصاعد المخاوف بحدوث تضييقات أمنية وسياسية، لاحقة لقرارات الأمير. وقال الأمير مشعل الصباح، في كلمة بثها تلفزيون الكويت مساء الخميس 10 مايو الجاري: “لن أسمح على الإطلاق بأن تستغل الديمقراطية لتحطيم الدولة”. وذكر تلفزيون الكويت أن اختصاصات مجلس الأمة يتولاها الأمير ومجلس الوزراء. وقال الأمير في كلمته إن “الدستور الكويتي يسمح بتعديله وإعادة النظر في أحكامه بعد مرور خمس سنوات”. وأضاف “لأجل تحقيق هذا الهدف في وقف الانحدار والحيلولة من أن نصل إلى مرحلة الانهيار، لذلك أمرنا بالآتي: حل مجلس الأمة ووقف بعض مواد الدستور لمدة لا تزيد عن أربع سنوات”. وتابع أن هذه السنوات ستشهد “دراسة جميع جوانب المسيرة الديمقراطية ورفع نتائج الدراسة والمراجعة لنا لاتخاذ ما نراه مناسبا”. تأزيم وتصعيد نيابي وتهديدات عدة باستجواب للوزراء قبل تعيينهم : في الأيام الماضية التي سبقت الخطاب المفاجئ لأمير البلاد، وصل التوتر في المشهد السياسي الكويتي ذروته برفض أعضاء المجلس محاولات تأجيل جلسة الافتتاح، وتعذر رئيس الحكومة المكلف على اختيار تشكيلته الوزارية الجديدة. وكان لافتا توعد مجموعة من النواب باستجواب وزراء متوقع تسميتهم في الحكومة الجديدة، وعلى رأسهم وزير الداخلية بالوكالة فهد اليوسف، وذلك فيما يتعلق بملف سحب الجنسيات. كما توعد نواب باستجواب وزيري الاتصالات والمالية مع أولى جلسات البرلمان الجديد، وهو ما اعتُبر مؤشرا على الصدام بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، ما يعني “عدم التعاون” الذي يفضي عادة إلى حل الحكومة أو المجلس. وعقد نواب، قبل أيام من القرارات الأميرية،  اجتماعا شددوا خلاله على “ضرورة إبعاد رئيس الوزراء المكلف الشيخ أحمد العبدالله، وأي عناصر وزارية غير مرغوب فيها من الشعب، محذّرين رئيس الوزراء من استخدام صلاحياتهم وأدواتهم الدستورية كافة، إذا لم يلتزم بالأصل الدستوري في الحكومة الجديدة”. – تأجيل موعد انعقاد مجلس الأمة: وبرزت ملامح الأزمة مطلع أبريل الماضي، بعد صدور مرسوم أميري بتأجيل انعقاد أولى جلسات مجلس الأمة إلى 14 مايو الجاري، علما أن الموعد المقرر كان 17 أبريل الماضي. وبحسب المرسوم الأميري، فإن تأجيل موعد انعقاد مجلس الأمة جاء استنادا على المادة 106 من الدستور، التي تنص على التالي: “للأمير أن يؤجل بمرسوم اجتماع مجلس الأمة لمدة لا تتجاوز شهرا، ولا يتكرر التأجيل في دور الانعقاد إلا بموافقة المجلس ولمدة واحدة، ولا تحسب مدة التأجيل ضمن فترة الانعقاد”. فيما سارع أعضاء مجلس الأمة إلى رفض المرسوم الأميري، معتبرين ذلك مخالفة دستورية لا يمكن تجاوزها. وقال عدد من أعضاء مجلس الأمة؛ إن المرسوم الأميري رغم اعتماده على المادة 106 من الدستور، إلا أنه يخالف نص المادة 87 من دستور الكويت. وتنص المادة على التالي: “استثناء من أحكام المادتين السابقتين، يدعو الأمير مجلس الأمة لأول اجتماع يلي الانتخابات العامة للمجلس في خلال أسبوعين من انتهاء تلك الانتخابات، فإن لم يصدر مرسوم الدعوة خلال تلك المدة، اعتبر المجلس مدعوا للاجتماع في صباح اليوم التالي للأسبوعين المذكورين، مع مراعاة حكم المادة السابقة”. -أزمات حل مجلس الأمة متكررة: ووفق استقراء مسار الحياة السياسية والنيابية بالكويت، القرار الذي أصدره الشيخ مشعل الأحمد، ليس الأول من نوعه في تاريخ الكويت، إذ تم اتخاذ قرارات مشابهة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. ففي عام 1976، أصدر أمير البلاد الأسبق الراحل الشيخ صباح السالم، قرارا بإيقاف العمل ببعض مواد الدستور أيضا، وذلك نتيجة الخلاف الحاد بين الحكومة ومجلس الأمة، وتوقفت الحياة البرلمانية نحو 4 سنوات أيضا لغاية انتخابات عام 1981. وفي العام 1986، أصدر الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح قرارا مماثلا بتعطيل بعض مواد الدستور بعد حل مجلس الأمة نتيجة الخلاف مع الحكومة، وحينها انقطع العمل النيابي 6 سنوات كاملة، وعاد المجلس لأول مرة بعد الغزو العراقي عام 1992. وتتقاطع بعض الأسباب التي دفعت الشيخ مشعل لحل المجلس وتعطيل مواد دستورية مع أسباب أميري البلاد الراحلين صباح السالم وجابر الأحمد، لا سيما فيما يتعلق بـ”كثرة الاستجوابات”. إلا أن تعطيل مواد في الدستور، وحل البرلمان بعهد الشيخ جابر الأحمد، لم يمر على النواب وطيف من الشعب بسلام، إذ أعلن نواب التحدي وأنشؤوا ما يعرف بـ”دواوين الاثنين”، لعقد اجتماعات فيها، وخاض مناصريهم صداما مع الشرطة التي حاولت منع الاجتماعات. وحينها، أسس الشيخ جابر ما يعرف بـ”المجلس الوطني الكويتي”، إلا أن النواب قاطعوه بحجة عدم دستوريته، ليتخذ الأمير قرارا بإعادة المجلس وذلك إبان الغزو العراقي. -مد وجذر سياسي متواصل بين نواب الشعب والحكومات المتتالية: حل مجلس الأمة الأخير وتعطيل بعض مواد الدستور لم تكن الحالة الأولى، بل للمرة الثالثة تشهد التجربة البرلمانية الكويتية الرائدة خليجيا وعربيا إبطال المحكمة الدستورية ثلاثة مجالس أمة، وحل أحد عشر مجلسا منتخبا، آخرهم يوم 10 مايو الجاري. كان الحل غير الدستوري الأول وتعليق مواد دستورية عام 1976 ، وامتد حتى عام 1981. والحل الثاني عام 1986 حتى 1992، وعادت الحياة البرلمانية بعد التحرير من الاحتلال العراقي. أما الحل الثالث وتعليق بعض المواد  الدستورية، في 10/5/2024، ولمدة لا تتجاوز 4 سنوات.  ووفق تقديرات استراتيجية، فإن تلك الوقائع تبدو طبيعية، في تجارب الدول التي باتت مستقرة ومتقدمة والدول النامية. إذ أن الكويت  مرت بالتجربة الديمقراطية، وتتطور وتتقدم وتتراجع وتتعثر. وفي الكويت شهدنا مراحل وفترات جزر ومد المشاركة البرلمانية، حتى اشتدّت وقوي عودها. -تجربة ديمقراطية عالية السقف بالكويت: ولطالما تفاخر وتغنى الكويتيون بالاحتكام إلى الدستور كمرجعية رئيسية ناظمة للعلاقة بين السلطتين. ويعود ذلك لخصوصية العلاقة بين الشعب والأسرة الحاكمة الممتدة والمرتكزة على مبادئّ الشورى والإجماع وبهامش واسع للحريات، يصل لاستجواب وطرح النواب الثقة بوزراء، منهم قياديون في الأسرة الحاكمة، بمن فيهم رؤساء وزراء وأبناء وأحفاد الأمراء، وحتى إلى دفع الحكومات للاستقالة في ممارسة وظاهرة استثنائية في الأنظمة العربية القريبة والبعيدة؛ لذلك لا نستغرب في الكويت تعاقب 45 حكومة منذ عام 1961 و 18 برلمانا، 12 منهم إما أبطلوا أو واجهوا حلّا دستوريا وغير دستوري في مخاض تجربة برلمانية متفردة. وتتميز التجربة ونموذج المجتمع والدولة والنظام السياسي الكويتي، صاحبة أول دستور مكتوب بصلاحيات وتوزيع السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية في المنطقة، لمجتمع ريعي يوفر الرعاية للمواطنين في شتى المجالات من المهد إلى اللحد، بما فيه التوظيف والرعاية الصحية والتعليم.. وكانت وتبقى التجربة والنموذج الكويتي في المشاركة…

تابع القراءة
القمة الإسلامية بغامبيا والموقف الإفريقي من القضية الفلسطينية

القمة الإسلامية بغامبيا والموقف الإفريقي من القضية الفلسطينية

تحت شعار “تعزيز الوحدة والتضامن من خلال الحوار للتنمية المستدامة”، سلَّطت القمة الخامسة عشرة لمنظمة التعاون الإسلامي الضوء على القضايا الراهنة والمُلحة في القدس وغزة، في مُحاولة لصياغة رد إسلامي مُوحَّد وفعَّال، وذلك بمُشاركة 57 دولة، وبعد تجاوُز الحرب على قطاع غزة 200 يوم. وبمناسبة استضافة غامبيا للقمة؛ نسعى من خلال هذا التقرير إلى إلقاء الضوء على المواقف الإفريقية من القضية الفلسطينية وتطورها، ثم التعرُّض إلى القمة الإسلامية الخامسة عشر بغامبيا، وقراءة في مُخرجاتها عبر إعلان بانجول. أولًا: المواقف الإفريقية من القضية الفلسطينية وتطورها.. أدَّى فرض الكيان الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط إلى خلق نظام إقليمي صراعي، حيث أضحى سمة لازمة للتفاعلات العربية الصهيونية، يعني ذلك أن تحرُّك الكيان الصهيوني في تفاعلاته الخارجية، وخصوصًا مع القارة الإفريقية، يرتبط بهذه الوضعية التي أخرجت علاقاته مع دول المنطقة عن مصاف العلاقات الطبيعية بين الدول. وقد ارتبطت العلاقات الصهيونية الإفريقية بالعلاقات العربية الإفريقية، وهو ما أدى إلى النظر إلى القارة الإفريقية بوصفها ساحة للتنافس والصراع بين الكيان الصهيوني والدول العربية. كما تأثَّرت العلاقات بين هذه المجموعات بإرادة النظام العالمي وتوجهاته، سواء القديم أو الجديد. 1. مسارات المواقف الإفريقية من القضية الفلسطينية واتجاهاتها: يُمكن التمييز بين مراحل ثلاث تُشير إلى تباين المواقف الإفريقية إزاء كلٍّ من الكيان الصهيوني والقضية الفلسطينية: أولها؛ الاتجاهات الإفريقية المُبكرة تجاه الكيان الصهيوني: رأى كثير من القادة الأفارقة في النموذج الصهيوني للتنمية، ولاسيما الزراعية، مجالًا للتعاون المشترك، كما أنه في الوقت نفسه لم تساورهم أدنى الشكوك في أن هذا الكيان الصغير يُمكن أن يسعى للهيمنة السياسية للقوى الاستعمارية السابقة. إلا أنه رغم ذلك؛ كان الموقف الإفريقي على المستوى الشعبي خلال عقدي الخمسينيات والستينيات مؤيدًا للقضية الفلسطينية بشكل صريح وواضح، وقد زاد من خطر هذا الموقف على الكيان الصهيوني عدة اعتبارات أهمها: موجة استقلال الدول الإفريقية في الستينيات وهو ما يعنى زيادة قدرتها التصويتية في الأمم المتحدة، وإنشاء منظمة الوحدة الإفريقية عام 1963 وهو ما كان يُمثِّل تحديًا أمام الكيان الذي لا يتمتع بالعضوية في هذا التجمع الأفروعربي، وعضوية مصر ودول عربية أخرى في كلٍّ من جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الإفريقية، وهو ما أسهم في إقامة تحالفات عربية إفريقية. وثانيها؛ التحول في الموقف الإفريقي: اتسمت الفترة بين عامي 1967 – 1973 بوجود تغيُّر مُلاحظ في مدركات الأفارقة تجاه القضية الفلسطينية، وربما يُعزى ذلك إلى نجاح الجهود العربية في منظمة الوحدة الإفريقية وفي الأمم المتحدة في استصدار قرارات بإدانة الكيان الصهيوني وسياساته التوسعية. وثمَّة مجموعة من العوامل أسهمت في دعم الموقف العربي في مواجهة الكيان الصهيوني خلال عقد السبعينيات، مثل: الدعم الصهيوني للحركات الانفصالية الإفريقية على شاكلة بيافرا في نيجيريا وجنوب السودان، وكذلك دعم نظام التفرقة العنصرية في جنوب إفريقيا وتأييده. وثالثها؛ تراجُع المواقف الإفريقية وعودة التأييد للكيان الصهيوني: حيث شهدت هذه المرحلة إعادة تأسيس العلاقات بين الكيان الصهيوني وإفريقيا مرة أخرى، وخصوصًا خلال عامي 1991 و1992، وربما يُعزى ذلك إلى: توقيع معاهدة السلام المصرية مع دولة الكيان واتفاق أوسلو مع الفلسطينيين واتفاق السلام مع الأردن، وخيبة أمل الأفارقة من العون العربي وعدم فعالية حركة التعاون العربي الإفريقي بعد النتائج الهزيلة التي أفرزتها القمة الأفروعربية عام 1977، والتغيرات في جنوب إفريقيا وانضمام دولة الكيان للأمم المتحدة في حملتها من أجل فرض عقوبات على نظام الفصل العنصري هناك، وتفكُّك الاتحاد السوفييتي والذي أثَّر في الدول الإفريقية ذات التوجُّهات الراديكالية الموالية للسوفييت مثل أنجولا وموزمبيق وإثيوبيا وسيشل، وأخيرًا تردِّي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في إفريقيا ابتداءً من نهاية السبعينيات.1 2. خريطة المواقف الإفريقية من طوفان الأقصى: تباينت ردود الأفعال الإفريقية ما بين مؤيد لحق الشعب الفلسطيني في حربه العادلة لنيل حريته، وآخر داعم للحكومة الصهيونية “المُعتدى عليها” من قِبل حماس “المنظمة الإرهابية” -وفقًا لمواقفهم-، وثالث متردد كنتيجة لمصالح مع دولة الكيان، أو أوضاع داخلية مُعقدة. وكان على رأس المواقف الداعمة للشعب الفلسطيني؛ الاتحاد الإفريقي: والذي أعلن على لسان رئيس مفوضيته موسى فقي محمد إلى أن رفض مطلب الفلسطينيين بإقامة دولة مستقلة وذات سيادة، هو السبب الرئيسي للأزمة، ودعا المجتمع الدولي إلى تحمّل المسؤولية لضمان أمن شعوب المنطقة، الأمر الذي يعكس دعمًا تقليديًا للقضية الفلسطينية.2 بالإضافة إلى مجموعة من الدول التي أعلنت دعمها لحق الشعب الفلسطيني في أرضه، وحملت الكيان الصهيوني المسئولية الكاملة عما يحدث وكان على رأسها الجزائر، وتونس3، وموريتانيا، وجنوب إفريقيا التي كان لها موقع خاص على خريطة المواقف الإفريقية، كللته بجهودها في محكمة العدل الدولية لإدانة جرائم الكيان الصهيوني في قطاع غزة ووقف الحرب عليها. أما عن المواقف الداعمة للكيان الصهيوني حتى أنها اعتبرت حماس تقوم بأعمال إرهابية إجرامية؛ فكان على رأسها: كينيا: التي يُعد رئيسها ويليام روتو، حليف رئيسي للغرب، وهو ما تضح في قبوله إرسال قوات أمنية إلى هايتي (على البحر الكاريبي)، وقيادة قوة متعددة الجنسيات لمواجهة عنف العصابات في هذا البلد، استجابةً لقرار مجلس الأمن الدولي الصادر مطلع الشهر الجاري بتشكيل القوة.وتوغو، والسنغال، وغانا، ورواندا، والكاميرون، والكونغو الديمقراطية. إلا أن لهجة خطاب معظم تلك الدول لم تجد استحسان قطاعات من الجماهير، التي أعربت عن دعمها لفلسطين، ومن ثمَّ كان من الطبيعي أن تتطرق بعدها إلى دعم وقف إطلاق النار. وبالنسبة للمواقف المترددة نتيجة لتشابك المصالح والأوضاع الداخلية: فقد جاءت بيانات دول تلك المجموعة رافضة للعنف من الطرفين، وداعية لحل الدولتين، وكان ذلك لأسباب تختلف من دولة لأخرى. فالمغرب: الذي يمتلك علاقات الوثيقة مع تل أبيب، قام بتطبيع العلاقات الدبلوماسية مع الدولة الصهيونية في عام 2020 كجزء من اتفاقيات “أبراهام”، كما أن الكيان الصهيوني قد اعترف بسيادة المغرب على الصحراء يوليو الماضي، والتي تُعد محور السياسية الخارجية المغربية.ونيجيريا: التي تحاول الموازنة بين توجهات نظام الرئيس بولا أحمد تينوبو، وطبيعة المواقف الشعبية المتعاطفة مع القضية الفلسطينية تاريخيًّا، لاسيما في الولايات الشمالية ذات الغالبية المسلمة، أو تلك الواقعة في الوسط حيث تقطن الأقلية الشيعية النيجيرية، علمًا أن الأخيرة هي الأكبر عددًا على مستوى إفريقيا.وعلى نفس الطريق سارت أيضًا تنزانيا، وأوغندا، وغينيا بيساو. 3. تصويت الدول الإفريقية فيما يخص القضية الفلسطينية بالأمم المتحدة: سلَّطت عملية طوفان الأقصى 7 أكتوبر وما تلاها من ردود أفعال، الضوء على الموقف المختلط لدول إفريقيا الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، في الصراع الفلسطيني الصهيوني. حيث نظرة سريعة على تصويت الأمم المتحدة، تعطي فكرة واضحة عن مواقف الدول الإفريقية بشأن هذه المسألة. ففي عام 2017 صوَّتت معظم الدول الإفريقية ضد قرار الولايات المتحدة بفتح سفارة في القدس، خلال اجتماع طارئ للأمم المتحدة. وبعد مرور عام، عندما دعت الولايات المتحدة إلى إدانة حماس في أعقاب الهجمات الصاروخية من قطاع غزة، صوَّتت 7 دول فقط من أصل 54 لصالح القرار. وفي عام 2012، كان التصويت على القرار 67/19 الذي يمنح فلسطين…

تابع القراءة
العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح: الدوافع والتحديات والسيناريوهات

العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح: الدوافع والتحديات والسيناريوهات

شن جيش الاحتلال الإسرائيلي ابتداءً من 6 مايو 2024 “عملية عسكرية محدودة” استهدفت الأحياء الشرقية من مدينة رفح، واستولي خلالها على معبر رفح الذي يربط قطاع غزة بمصر، وتوغل في نحو 3.5 كيلومترات من محور صلاح الدين (فيلادلفيا) الممتد على طول الشريط الحدودي بين قطاع غزة وسيناء1. ولم تشكل هذه العملية أية مفاجأة في ظل التصريحات التي كان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يطلقها منذ شهر فبراير 2024؛ إذ أوضحت هذه التصريحات أن الجانب الإسرائيلي لا يربط بين إنهاء أزمة مواطنيه وجنوده المحتجزين لدى حركة حماس منذ السابع من أكتوبر 2023، وبين تنفيذ عملية عسكرية في رفح تستهدف القضاء على الوجود العسكري لحماس في تلك المنطقة. بل اعتبر نتنياهو أن عملية رفح يمكن أن تحقق الهدفين معًا. ورغم ذلك يمكن القول إن الضغوط الدولية والمصرية من جانب، وضغوط الرأي العام الإسرائيلي من جانب آخر قد نجحت في تأخير بدء العملية العسكرية الإسرائيلية في رفح لعدة أشهر، فهل تنجح نفس الضغوط في وضع حدود لتلك العملية؛ بحيث تحولها من عملية حرب شاملة إلى مجرد عدد من العمليات الخاصة التي تستهدف القضاء على أكبر عدد من قادة ومقاتلي حركة حماس فقط؟2. أولًا: الرؤية الإسرائيلية لعملية رفح: تجتمع القيادات السياسية والأمنية في إسرائيل على حتمية شن عملية عسكرية في رفح؛ لتفكيك آخر أربع كتائب نظامية من حماس، والقضاء علي البنية التحتية المدنية للحركة في المنطقة التي تعد آخر معاقل حكمها في القطاع, والسيطرة على معبر رفح باعتباره رمزًا لسلطة حماس، والسيطرة علي محور “فيلادلفيا” بهدف تدمير الأنفاق الممتدة بين رفح الفلسطينية والمصرية المستخدمة في تهريب الأسلحة لحماس، وللضغط عسكريًا وباستخدام الكارثة الإنسانية كسلاح للضغط على فصائل المقاومة الفلسطينية لإجراء صفقة تبادل أسرى بسقف منخفض وفق الشروط الإسرائيلية3. إلا أن حجم هذه العملية وأولويتها بالنسبة لقضية تحرير المختطفين والمآلات المنتظرة للحرب، يبدو موضعًا للخلاف بين هذه القيادات لأسباب مختلفة. حيث يعتقد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن شن تلك العملية وتحقيق أهدافها الكاملة يجب ألا تعترضه أية عقبات أو تحفظات مثل: تأثير العملية في فرص بقاء الأسرى الإسرائيليين لدى حماس أحياء (تقول حماس إن العمليات العسكرية الإسرائيلية تسببت في موت عدد من الرهائن)، أو الخوف من تأثير عملية رفح في مستقبل العلاقات الأمريكية الإسرائيلية (بسبب رفض واشنطن لعملية عسكرية شاملة تؤدي الى سقوط عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين)4، أو ربط هذه العملية برؤية اليوم التالي للحرب وإدارة قطاع غزة بعد الحرب (يرفض نتنياهو بشكل قاطع عودة السلطة الفلسطينية لحكم القطاع، ويفضل استمرار احتلال قطاع غزة وبناء مستوطنات بداخله). في المقابل، وعلى الرغم من أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية (وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، ورئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هاليفي) تتفق مع المستوى السياسي في شأن الحاجة إلى احتلال رفح، فإنها تتحفظ على القيام بذلك قبل أن تضع الحكومة الإسرائيلية رؤية لما سيكون عليه وضع قطاع غزة في اليوم التالي للحرب. حيث أن غياب رؤية لليوم التالي للحرب، التي تشمل إيجاد بديل من حكم حماس في قطاع غزة، يمهد الطريق أمام استعادة هذه الأخيرة حكمها في المناطق التي ينسحب منها الجيش الإسرائيلي5 مثلما يحدث في جباليا6، وأن أي حكم عسكري إسرائيلي للقطاع سيكون دمويًا ومكلفًا وسيستمر أعوامًا. وبالتالي، فإنهما يفضلان إرجاع السلطة الفلسطينية لحكم القطاع7. وفي سياق متصل، يطالب بعض العسكريين السابقين بضرورة تركيز الجهود العسكرية في مناطق وسط قطاع غزة وشماله، وفصلها عن جنوب القطاع، بدلًا من التركيز علي رفح، باعتبارها الأماكن الأقرب إلى التجمعات السكنية الإسرائيلية8. كما يؤيد الوزيران في حكومة الحرب الإسرائيلية بيني غانتس وغادي آيزنكوت إعطاء الأولوية للتوصل إلى صفقة تبادل تحرر المحتجزين الإسرائيليين، في حين تدفع قوى اليمين في الحكومة إلى إعطاء الأولوية للعملية العسكرية. وقد أعلن غانتس أنه في حالة وضعت على الطاولة صفقة معقولة بالنسبة لإسرائيل، ورفضتها الحكومة بسبب معارضة الوزراء الذين كانوا جزءًا من الإخفاق في السابع من أكتوبر، فإنه لن تكون للحكومة شرعية، مشيرًا إلى أن الصفقة لها الأولوية على العملية في رفح، فالصراع مع حماس سوف يستمر، مؤكدًا أنه لا يؤيد وقف إطلاق النار، ولكنه يعطي الأولوية لإعادة المحتجزين. ويبدو أن غانتس يخشي من أن يؤدي الاجتياح الواسع لرفح إلى موت أغلب، إن لم يكن جميع المحتجزين الإسرائيليين، وهو أمر سيعد كارثة جديدة في المجتمع الإسرائيلي، ليست أقل من كارثة السابع من أكتوبر 2023، وسيتحمل بنفسه مسئولية هذه الكارثة باعتباره وزيرًا في الحكومة الحالية. وفي المقابل، عاد وزير الأمن الإسرائيلي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، إلى التهديد بأنه إذا تم قبول المقترح المصري الأخير للتوصل إلى صفقة بين حماس وإسرائيل فإنه لن تكون هناك حكومة9. وقد هدد غانتس، في 18 مايو 2024، بالانسحاب من حكومة الحرب الإسرائيلية، وحدد شرطه النهائي لبقائه في الائتلاف الحكومي في ظل رفض نتنياهو وضع خطة ما بعد الحرب لحكم قطاع غزة، وطالب حكومة الحرب بخطة من 6 نقاط بحلول الثامن من يونيو المقبل. وتشمل هذه الخطة الانتصار في الحرب، وتقويض حكم حركة حماس بالقطاع، وإعادة مواطني الشمال إلى منازلهم بحلول سبتمبر المقبل، وتعزيز التطبيع مع السعودية، والتجنيد العسكري العادل في إسرائيل. وأضاف أن هناك حاجة لتغيير فوري، داعيًا إلى تشكيل فريق للتحقيق في ما سماه فشل السابع من أكتوبر فورًا. وتابع أنه في حالة عدم تلبية توقعاته فسوف يسحب حزبه المنتمي لتيار الوسط من حكومة الطوارئ التي يرأسها نتنياهو، ويتوجه إلى الشعب الإسرائيلي لإجراء انتخابات عامة. وبدوره، رد نتنياهو سريعًا على تصريحات غانتس بقوله إن شروطه تعني إنهاء الحرب وهزيمة إسرائيل والتضحية بالأسرى والإبقاء على حماس وإقامة دولة فلسطينية10. فيما طالب وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، بإقالة وزير الجيش يوآف غالانت، والوزير بمجلس الحرب بيني غانتس11. ويمكن إرجاع هذه الانقسامات بين أعضاء مجلس الحرب الإسرائيلي في المقام الأول إلى المصالح الشخصية، ومحاولة كل عضو توظيف المشهد لصالح حسابات خاصة، يرسخ بها مرحلة جديدة يكون فيها أحد مكونات المشهد مستقبلًا، في ظل حالة الفوضى التي تخيم على الأجواء بسبب الفشل في تحقيق أي من أهداف الحرب التي أُعلن عنها بداية المواجهات. فالصدام بين نتنياهو وغالانت على سبيل المثال ينبثق في الأساس من خلافات شخصية بين الطرفين يحاول كل منهما تصفيتها بدعوى مصلحة إسرائيل، حيث يرى رئيس الحكومة في وزير الجيش تهديدًا له ولنفوذه ومستقبله في ظل طموحه السياسي الجامح، وهو ما دفعه للحد من صلاحياته وتقويض نفوذه داخل حزب الليكود والمشهد الحزبي الإسرائيلي بصفة عامة. فجرده من وظيفته كـ”منسق أعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية” و”الإدارة المدنية”، وحولها إلى الوزير المتطرف سموتريتش، كما سحب منه مسؤوليته عن فرق حرس الحدود في الضفة الغربية والقدس، ونقلها إلى بن غفير، هذا بخلاف إقالته من منصبه في مارس 2023، بسبب دعمه للاحتجاجات…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022