المشهد السياسي من 7 يونيو إلى 17 يونيو 2018م

 المشهد السياسي أولاً: المشهد الداخلي 3    نظام السيسي يرفع أسعار المواد البترولية بنسب تصل إلى 66.6% في عطلة عيد الفطر المبارك، وهو ما يفضي إلى موجة غلاء تشمل جميع السلع، علاوة على تفاقم أزمة الركود التضخمي، جاء هذا القرار بعد زيادات في أسعار استهلاك الكهرباء، والمياه، وتذاكر مترو الأنفاق، وسلة واسعة من السلع قبلها بأسابيع قليلة، وتعد موجة الغلاء التي تضرب مصر حالياً من أقسى ما شهدته من موجات، ويكتوي بنارها الفقراء، ويمتد لهيبها إلى الطبقة الوسطى بمختلف شرائحها، وكان النظام قد قام خلال السنوات الأربع الماضية مضاعفة أسعار الطاقة بنسب تصل إلى 600% ، واستثنى كالعادة من الزيادة في الأسعار غاز المصانع المحلية المرتبطة بالأجانب والجيش، وفي مقدمتها مصانع الأسمنت التي تصل أرباحها نحو 300%، ويستهدف مشروع الموازنة الحكومية لعام 2018/2019: زيادة الأجور بنسبة ١٠.٩٪  فقط، يتجه معظمها للأجهزة الأمنية والمؤسسة العسكرية والقضائية والمعاشات العسكرية، وذلك بتخفيض دعم المواد البترولية بنسبة ١٩.١٪، وتخفيض دعم الكهرباء بنسبة ٤٦.٧٪، وزيادة حصيلة الضرائب والجباية بنسبة ٢٧.٥٪، ولا شك أن ذلك ضمن سياسة تستهدف عملية افقار متعمدة للمصريين، وعكس لكافة المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية اللي تحققت لهم، فالهدف تحديداً إعادة هيكلة وهندسة وتشكيل بنية المجتمع المصري بإفقار فئات بعينها والزج بها إلى أسفل سلم الحراك الاجتماعي، أو تهميش دورها وتأثيرها ومحاصرتها والتضييق عليها، وفي الوقت الذي يتم فيه دفع فئات أخرى من المنتفعين والموالين للمؤسسة العسكرية والشرطية لشغل المكانة والموقع التي كانت تشغلها هذه الفئات من الموالين والاتباع الذين لا يمكن أن تتسلل إليهم فكرة الثورة على النظام أو الاحتجاج على سياساته ولو للحظة واحدة، ولا يحدثون بها أنفسهم البتة. المبلغ الذي توفره الحكومة من رفع اسعار الوقود، يصل إلى 50 مليار جنيه في العام، ونحو 4 مليار في الشهر، ولكن أين تذهب هذه المبالغ التي يتم توفيرها؟! كانت الحكومة أعلنت العام الماضي عن توفير 40 مليار من القرارات المشابهة ولكن في نهاية العام كان هناك عجزاً أكبر، وارتفاع أكبر في الدين المحلي، والخارجي، وبدلاً من أن تسعي الحكومة لزيادة الانتاج وفرض الضرائب التصاعدية على رجال الاعمال، والبورصة، وشركات الجيش وأنديته وفنادقه أو تخفيض الحد الأقصى للأجور فإنها تتجه للتقشف على حساب الاغلبية الفقيرة والطبقة المتوسطة. والحقيقة أن سياسة التقشف التي توفر للنظام 50 مليار جنيه سيدفع تكلفتها المجتمع، سواء كانت تكلفة اقتصادية موازية بنحو 50 مليار، أو تكلفة اجتماعية تتمثل في حالات طلاق، وتفكك أسرى، وتأجيل جواز، وفسخ خطوبة، ومديونية مشروع، وافلاس تجار، وتسرب تعليمي، وسرقة، ورشوة، وحتى الراعي الأجنبي للنظام لم يعد يقدم معونات اقتصادية مباشرة للنظام بل يفضل أن يدعم دول أخري، فالإمارات تدفع 3 مليار دولار لإثيوبيا لمساعدتها اقتصادياً في نفس الوقت الذي تدفع فيه بعض دول الخليج نحو 5 مليارات للأردن، بينما يتم الاعتماد علي قدرة السيسي علي قمع الشعب وإذلاله، فالسياسة التقشفية للنظام تشبه قرارات الابادة والتعذيب في معسكر مليء بملايين الأبرياء. 3    التعديلات الوزارية تطول وزيري الدفاع والداخلية، اشتملت التعديلات الوزارية الجديدة التي قام بها السيسي في تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة رئيس الوزراء الجديد مصطفى مدبولي على العديد من المفاجآت، حيث قام السيسي بالإطاحة بوزيري الدفاع والداخلية، وكانت كل التوقعات تشير إلى أن هذين المنصبين بالأخص لن يتم الاقتراب منهما، خاصة منصب وزير الدفاع المحصن دستورياً، وتم تعيين الفريق محمد أحمد زكي وزيراً للدفاع، والذى شغل منصب قائد وحدات المظلات، وانتدب للعمل كقائد لوحدات الحرس الجمهوري في عصر الرئيس محمد مرسي، وتولي منصبه كقائد لقوات الحرس الجمهوري في 8 أغسطس 2012، وكان له دور بارز في 30 يونيو من العام 2013 حيث كان يتولى حماية كافة القصور الرئاسية، وكان شاهداً رئيسياً بحكم منصبه في قضية التخابر المتهم بها الرئيس محمد مرسي وآخرون، وفي شهادته أمام المحكمة في قضيتي قتل المتظاهرين والتخابر، زعم محمد أحمد زكي أن الرئيس مرسي أمره مرتين بإطلاق النار على المتظاهرين وفضّ الاعتصام أمام الاتحادية، كما تم تعيين اللواء محمود توفيق وزيراً للداخلية، وعمل اللواء توفيق كرئيس جهاز الأمن الوطني منذ 30 أكتوبر الماضي، وقد نجح السيسي في الإطاحة بوزير الدفاع صدقي صبحى بعدما نجح في السيطرة على المجلس العسكري من خلال زيادة الموالين له، في مقابل إخراج كل من يمثل تهديد له في المستقبل، أو ربما يعترض على قرارات جوهرية مثل إقالة صدقي صبحى، وربما يرجع السبب خلف إقالة صدقي صبحى إلى الإخفاقات الامنية في سيناء وفى تامين الحدود الغربية، ولكن هذا السبب لا يبدو أنه السبب الأساسي حيث أن الأمور مستقرة نسبياً حالياً، فلا يوجد هجوم إرهابي كبير قد يكون مبرر للإطاحة بصدقي صبحى، والحقيقة أن تلك التكهنات حول الأسباب لا تلغي أن القضية الأساسية هي اتجاه السيسي للسيطرة تماماً علي مقاليد السلطة ومنع وجود أية وجوه قوية لها حضور قد يستغل مستقبلاً في التخلص منه اذا حدثت موجهات حراك شعبي متوقعة، فهو يتخلص من كل الشخصيات ذات الحضور القوي التي شاركت في انقلاب 3 يوليو 2013 ولم يبقي منها سوي صدقي صبحي. وهكذا يكون جميع شركاء الانقلاب قد تم التخلص منهم بشكل تدريجي ولم يبق سوي شخصيات ذات حضور ديني رمزي مثل شيخ الأزهر وبابا الأقباط تواضروس، فالانقلاب يأكل أبنائه واحداً تلو الآخر، وبهذا الشكل يكون مصير النظام مفتوحاً على احتمالين إما على نموذج سيطرة للسيسي وأسرته على الحكم لعقد قادم علي الأقل بعد تعديلات دستورية متوقعة أو حالة احتشاد شعبي يتوحد فيها الأغلبية الساحقة من المصريين ضد السيسي وزمرته التي احتكرت السلطة والثروة علي حساب الشعب بمختلف فئاته وطبقاته. 3    تكتل 25-30 يرفض قانون تنظيم الصحافة والإعلام الجديد، فقد وافق مجلس النواب المصري، يوم 11/6، على مجموع مواد مشروع قانون الهيئة الوطنية للإعلام، وقد رفضت المعارضة التنفيسية من تكتل 25-30 القانون ووجهت له العديد من الانتقادات، والتي تتمثل في إعادة الحبس الاحتياطي في جرائم النشر، وهو ما يؤدى إلى تدخل السلطة في العمل الصحفي، بالإضافة إلى أن القانون يعمل على تقليل الأعضاء المنتخبين وزيادة المعينين من جانب الدولة، كما أنهم أكدوا على أن نصوص مشروع الهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام، يفتح الباب أمام خصخصة أو بيع المؤسسات القومية أو إغلاقها، وهو ما يهدد بتشريد مئات الصحفيين، حيث تعطي المادة 5 من قانون الهيئة الوطنية للصحافة الحق لها في الغاء ودمج المؤسسات والإصدارات الصحفية داخل المؤسسة الواحدة، كما أن هناك العديد من المفاهيم المبهمة التي قد تفسر بطريقة تؤدى إلى النيل من العمل الصحفي، مثل مفاهيم الأمن القومي، والدفاع عن البلاد، ومعاداة مبادئ الديمقراطية، والتعصب الجهوي أو التحريض على مخالفة القانون، ووضعها كشروط لاستمرار العمل الصحفي، دون وضع تعريفات واضحة لها، مما يفتح الباب أمام استخدامها للنيل من حرية الصحافة والعمل الصحفي، بالإضافة إلى زيادة الرقابة ومنع حرية التعبير والرأي، من…

تابع القراءة

علي هامش مؤتمر باريس: ليبيا بين التصعيد العسكري والحل السياسي

 علي هامش مؤتمر باريس: ليبيا بين التصعيد العسكري والحل السياسي مقدمة تشهد ليبيا فى الآونة الأخيرة العديد من العمليات العسكرية، وهو ما دفع العديد من المراقبين إلى القول بأن الأزمة الليبية فى طريقها إلى مزيد من التأزم والصراع. وبالتزامن مع هذه العمليات العسكرية، تنعقد العديد من المبادرات والإجتماعات من أجل إيجاد حل سياسى للخروج من المأزق الليبى، وهو ما دفع العديد إلى القول بأن الأزمة الليبية فى طريقها للحل وأن عام 2018 سيشهد إنفراجة كبيرة فى الأزمة الليبية، أهمها إجراء إنتخابات برلمانية ورئاسية. وعليه تحاول هذه الورقة التعرف على المبادرات السياسية التى تمت خلال الأيام القليلة الماضية لحل الأزمة الليبية، وعوامل نجاح الحل السياسى للأزمة الليبية، والمعوقات التى تقف حائل أمام الحل السياسى. التصعيد العسكرى الهجوم على المفوضية العليا للإنتخابات، فقد تم شن هجوم انتحاري نفذه تنظيم الدولة الإسلامية في ٢ أيار/مايو استهدف المفوضية الوطنية العليا للإنتخابات في ليبيا[1]. وقد أسفر عن سقوط نحو 12 قتيلاً والعديد من الجرحى، وهو ما يثير الشكوك حول إمكانية إجراء الإنتخابات، حيث أن المفوضية العليا للإنتخابات هى المقر الرئيسى للإنتخابات التى من المفترض أن تكون مؤمنة بشكل جيد، فكيف سيتم تامين باقى المقرات الفرعية، فى حين أن هناك إخفاق فى حماية المقر الرئيسى. الحرب على درنة، فقد قام حفتر بإعلان بدء العمليات العسكرية لإقتحام المدينة[2]، ليعقبها قصفاً جوياً ومدفعياً مكثفاً، عقب ارتفاع وتيرة الاشتباكات والتصعيد العسكري بين قوات مجلس شورى مجاهدي درنة (الذى قام بحل نفسه، وتشكيل قوة مسلحة تحت أسم قوة حماية المدينة) من جهة، وقوات عملية الكرامة في الجهة المقابلة، وأدت إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى من الجانبين[3]. الصراع فى الجنوب، تشهد مدينة سبها فى الجنوب الليبى اشتباكات طاحنة بين قبيلة أولاد سليمان وقبيلة التبو، أدت إلى مقتل حوالى 4 أشخاص وإصابة 15 أخرين[4]. وتنتشر فى الجنوب الليبى العديد من المليشيات المسلحة الأجنبية من السودان وتشاد والنيجر، كما هناك انقسام بين المليشيات التى تحارب فى الجنوب، فالبعض يدعم حكومة الوفاق، والبعض يدعم حفتر، والبعض الأخر لا يخضع لسيطرة أى منهما. تفجيرات بنغازى، يقدرعدد قتلى التفجيرات في بنغازي منذ مطلع العام الجاري حتى التفجير الأخير فى 25 مايو الحالى بحوالى 46 مدنياً ، في وقت لم تعلن فيه أجهزة أمن المدينة عن نتيجة أي من التحقيقات المفتوحة في الحوادث المتكررة. ففى 23 يناير قتل 37 مدنياً وأصيب أكثر من 80 في تفجير مزدوج، بواسطة سيارتين مفخختين، في شارع جمال وسط المدينة، عرفت إعلامياً بحادث مسجد بيعة الرضوان. وفي 8 فبراير/شباط سقط قتيلان و92 مصاباً في تفجير استهدف مسجد أبو هريرة. وكانت آخر هذه التفجيرات فى 24 مايو الحالى (إثر انفجار سيارة مفخخة في شارع جمال عبد الناصر وسط مدينة بنغازي، والذي وقع قرب فندق تيبستي) الذي راح ضحيته سبعة مدنيين وعشرة مصابين[5]. وهناك من يرى أن من يقف خلف تفجيرات بنغازى مجموعات إرهابية وبقايا خلايا نائمة من شورى بنغازى التى قضى عليها حفتر. فى حين يرى البعض الاخر، أن هذه التفجيرات يقف خلفها حفتر من أجل إحكام سيطرته على بنغازى، وإيجاد مبرر لإحكام قبضته للتخلص من منافسيه بدعوى محاربة الإرهاب. كما أن هذه التفجيرات ربما تعكس حالة الصراع بين قوات حفتر، حيث كان هناك خلاف بين حفتر وقوات الصاعقة، إثر اعتقال حفتر أبرز قادتها وهو الرائد محمود الورفلي، كما أقيل آمرها الأعلى ونيس بوخمادة من رئاسة الغرفة الأمنية بالمدينة، وربما يكون أيضاً فى إطار التنافس على من يكون خليفة لحفتر كما حدث فى محاولة اغتيال رئيس الأركان عبدالرازق الناظورى، الذى كان أبرز المرشحين لخلافة حفتر عند غياب حفتر عن الساحة الليبية. كما أن هذه التفجيرات تأتى فى ظل تزايد السخط بين حفتر وبعض قبائل الشرق مثل قبيلة العواقير، وهو ما تمثل فى محاولة اغتيال صلاح بولغيب آمر إسناد الاستخبارات العسكرية السابق، الذى ينتمى لقبيلة العواقير.  الحل السياسى إجتماع دول الجوار، عقد وزراء خارجية دول الجوار الليبي (وزير الخارجية المصرى سامح شكرى ووزير الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل ووزير الخارجية التونسى خميس الجيهناوي) اجتماعاً تشاورياً في العاصمة الجزائر العاصمة، الأثنين (21 مايو)، حيث بحثوا تطورات الأزمة الليبية وسبل العمل على حلحلتها. وأكد البيان الختامى للإجتماع على موقفهم الداعم للحل السياسى، ودعم خطة غسان سلامة للحل فى ليبيا التى اعتمدها مجلس الامن فى 10 أكتوبر 2017، ودعم الإتفاق السياسى المبرم فى 17 ديسمبر 2015 فى الصخيرات المغربية، كما رفضوا جميع التدخلات الخارجية فى ليبيا، وأتفق الوزراء على مواصلة التنسيق الأمني بين الدول الثلاث لتقييم التهديدات التي تمثّلها التنظيمات الإرهابية على أمن واستقرار ليبيا والدول الثلاث وكذلك بقية دول الجوار وتعزيز تبادل المعلومات ورصد أي انتقال لعناصر إرهابية إلى المنطقة من بؤر الصراعات الإقليمية والدولية[6]. وتلعب دول الجوار دوراً هاماً فى الأزمة الليبية، فمصر تدعم خليفة حفتر والجزائر وتونس أقرب إلى حكومة السراج، وقد تساعد ألية دول الجوار فى حلحلة الجمود السياسى، من خلال تنسيق الرؤى المختلفة بين هذه الدول. وإن كان هناك من يرى ان هذه الدول سبب فى تعقيد الأزمة من خلال دعم أطراف معينة، والسعى إلى تحقيق مصالحها حتى لو كانت على حساب الداخل الليبى. إجتماعات داكار، تواصل حوالى عشرون سياسياً ليبياً يمثلون مختلف الفصائل الليبية فى مدينة داكار السنغالية، من أجل الوصول إلى حل سياسى بليبيا. وأشرفت على هذه المشاورات مؤسسة برازافيل للسلم والأمن في إفريقيا التي يرأسها السياسي الفرنسي جان إيف أوليفييه، ورحب بها وتحدث فيها الرئيس السنغالي مكي صال. وتركزت المشاورات حول سبل التوصل لحل سياسي متوافق عليه يتجاوز الجمود الحالي في المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة والتي توقفت منذ نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي إثر فشل مفاوضين عن المجلسين المتنافسين (مجلس النواب في طبرق ومجلس الدولة الأعلى في طرابلس) فى تعديل إتفاق الصخيرات. وشارك في هذه الاجتماعات عدد من كبار الشخصيات الليبية ذات التأثير الكبير والممثلة لمختلف الأطياف السياسية والإجتماعية في ليبيا بينهم مجموعة سبتمبر التي تمثل أنصار القذافي، ومجموعة فبراير التي تمثل ثوار الربيع العربي إضافة للوزيرين السابقين العجمي العتيري وخليفة الغويل. كما شارك في الاجتماع عبد الحكيم بلحاج الرئيس السابق للمليشيات الجهادية الذي أصبح شخصية سياسية في الواجهة. وكان الدستور والإنتخابات والعدالة، هي القضايا الجوهرية الثلاث التي تناولتها المشاورات. وأكد المشاركون في الاجتماع استعدادهم التام لأي حل للأزمة الليبية بشرط ألا يكون من إملاء الدول الغربية. وكان النقص الوحيد الذي أصاب هذه المشاورات هو رفض ممثلي خليفة حفتر مع وجودهم في داكار، المشاركة في اللقاء. ومع أن هذه المشاورات لم تتمخض عن توقيع اتفاق للمصالحة، إلا أنها حسب مصدر سنغالي مقرب منها، هيأت الأنفس للقاءات ومشاورات أخرى قد تقود لصلح وطني شامل ومستقر[7]. المبادرة الفرنسية، فقد أعلنت الرئاسة الفرنسية الأحد (27 مايو الحالى) بشكل رسمي…

تابع القراءة

تصميم جديد للحياة الحزبية (2)

 تصميم جديد للحياة الحزبية (2) مقدمة  بعد أيام من دعوة السيسي لدمج الأحزاب يشاء القدر لها أن تتفتت، ربما هذا التفتت هو المرحلة التى تسبق الشكل التحالفي والاندماجي الذي يشبع رغبات السيسي ولكن في ظل الاستجابة السريعة فقدت بعض الأحزاب رسميًا هويتها الليبرالية التى تشكلت من أجلها منذ سنوات طويلة كالوفد ولكن هذا غير مهم حيث أن كل شئ أصبح يصنع ، والأيديولوجيا أصبحت وليدة الموقف والحقبة. المشهد الحزبي ومصائر الأحزاب الحالية إذا ما قمنا بقراءة سريعة للأحزاب في مصر سنجد أن الوفد تمت عسكرته بانضمام المتحدث السابق باسم الجيش المصري مما دفع البعض من قياداته إلى الاستقاله، وبالنظر إلى حزب المصريين الأحرار وهذا أيضًا قد كان حزب مهم في المشهد فسنجد أن 51 عضوا استقالوا وذهبوا إلى مستقبل وطن مما صنع مشهدًا عبثيًا كتهديد رئيس المصريين الأحرار أعضائه بأن من يحضر الفطور المجمع في مستقبل وطن يعتبر مُقال. أما حزب النور فهو يظهر وقت اللزوم ووقت احتياج النظام له في كمخلب ضد الاخوان أو القوي السياسية التي تتجاوز خطوط حمراء معينة، ويعتبر حزب النور من أكثر الأحزاب الآمنة في مصر الآن فلا يتعرض إلى أى تهديدات ولا يمتلك النظام عليه أى تعليقات سلبية ووقتما يحتاجه سرعان ما يلبي النداء. تعتبر اللحظة الراهنة للحياة الحزبية في مصر هى لحظة اللاشئ، ومن المتوقع أن المشهد القادم سيكون احترافي ودقيق من حيث خريطة التحالفات بعد ما يستقيل ويقال البعض، وبعد اعتزال البعض للمشهد سيتكون لدينا كتلتين، الأولى مؤيدة للنظام في شكل حزب وطنى جديد والثانية معارضة كرتونية تعارض النظام في المساحة التى حددها لهم وسمح لهم بها. ما يفرق هذا المشهد عن قبل 2011 هو عدم وجود جماعة الاخوان في الساحة.   جذور الضعف من المؤكد أن الدافع وراء دعوة الدمج هى رؤية هذه الأحزاب الكثيرة غير مؤثرة، ولكن إذا ما بحثنا وراء عدم تأثير الأحزاب فمن المحتمل أن نجد السبب في السلطة الحاكمة التى تعمل على تحجيم البعض وتهميش البعض الأخر، ومحتمل أن نجد أن الضعف من قيادات الحزب وعادة ما يكون المشهد الحزبي مسيطر عليه من قبل حزب أن اثنان والباقي حسبما الوصف الدارج "كرتونية".[1] تطورات المشهد في الورقة السابقة كان الحديث عن تحويل إئتلاف دعم مصر صاحب الأغلبية في البرلمان إلى حزب سياسي يكون ظهير للرئيس، ولكن تطور الموقف وأصبح مستقبل وطن صاحب السيطرة ويستقبل الأعضاء من الأحزاب الأخري لينضموا إليه فجأة. ما يحدث لا يمكن تفسيره ببساطة حيث أنه من المتوقع أن تكون هناك أصابع تتحكم في المشهد لا يعلمها سوى من يجلس معهم في المطبخ. ربما اختفت فكرة تحويل الإئتلاف إلى حزب بسبب العائق القانوني الذي يسبب إسقاط العضوية، بغض النظر عن اقتراحات تعديل الدستور التى كانت تخلق انطباعًا سيئًا عن السلطة التشريعية التى تفصل القوانين لتفعل ما تشاء. ولكن في النهاية اختفى دعم مصر وظهر مستقبل وطن الذي صار الفاعل الحزب الأساسي الذي يسيطر على الأغلبية في البرلمان مع تنقلات الأعضاء الأخيرة وذلك بالتعاون مع كتلة ائتلاف دعم مصر، وانطلاقًا ذلك فخطر سقوط عضوية أى نائب لم يعد خطر حيث إسقاط العضوية يتطلب موافقة ثلثي المجلس وهو أصبح يسيطر على الثلثين. وهكذا يمكن القول أن هناك في محاولة لإعادة ترتيب مشهد الحياة السياسية في مصر.. حزبين أحدهما ذراع السلطة والآخر للمعارضة المروضة[2]. فقد صعد حزب (مستقبل وطن) ليصبح ذو الأغلبية البرلمانية بعدما كان في المرتبة الثانية بعد حزب المصريين الأحرار، وسط توقعات بأن يصبح هو الحزب الممثل لـ "السلطة"، وعلى الجانب الأخر يستعد "الوفد" ليمثل حزب المعارضة. تؤكد هذه التغيرات التي شهدها حزب مستقبل وطن أن فكرة تحويل ائتلاف دعم مصر، ذو الأغلبية البرلمانية، لحزب سياسي يمثل السلطة باتت في طي النسيان؛ ولعل ذلك يرجع إلى الخلافات داخل الأحزاب المكونة للائتلاف ورفض بعضهم لتحوله إلى حزب سياسي، إضافة إلى القانون الذي يُقر إسقاط عضوية النائب حال تغيير صفته التي انُتخب على أساسها حيث ينص على أن (يُشترط لاستمرار عضوية أعضاء المجلس أن يبقوا محتفظين بالصفة التي انتخبوا على أساسها، فإذا فقد أحدهم هذه الصفة، أو غَيَّر العضو انتماءه الحزبي المنتخب عنه أو أصبح مستقلاً، أو صار المستقل حزبياً، تسقط عنه العضوية بقرار برلماني وبغالبية ثلثي أعضاء المجلس)، وهناك المادة 110 من الدستور التي تنص على أنه (لا يجوز إسقاط عضوية أحد الأعضاء إلا إذا فقد الثقة والاعتبار، أو فقد أحد شروط العضوية التي انتخب على أساسها، أو أخل بواجباتها، ويجب أن يصدر قرار إسقاط العضوية من مجلس النواب بأغلبية ثلثي الأعضاء). ومع تعثر تحويل "حزب دعم مصر" إلى حزب سياسي، اتجه العديد من النواب إلى الانضمام إلى حزب "مستقبل وطن"، مما يمكن معه القول بأن "مستقبل وطن" سيكون هو حزب السلطة بدلا من "دعم مصر"، فقد أصبح عدد النواب الذين انضموا إلى "مستقبل وطن" نحو 75 نائب، منهم علاء عابد، الذي كان يمثل الهيئة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار، وذلك بعد أن تقدم باستقالته للحزب وأصبح نائبا لرئيس حزب مستقبل وطن، ومنهم نواب عن حزب الوفد؛ ومع حركة التنقلات الجديدة بات حزب مستقبل وطن المسطير على الأغلبية البرلمانية. يقود حزب الوفد تجربة مشابهة، فقد عقد الحزب اجتماع مع أكثر من 40 حزب داخل أروقة "بيت الأمة" على رأسهم أحزاب (النور، المؤتمر، التجمع، حماة الوطن، الغد)، توصلوا خلاله لقائهم رؤية جديدة بشأن الحياة الحزبية، وأن الاجتماع نجح في بلورة رؤية جديدة للحياة الحزبية في مصر، ليفتح الباب أمام ممارسة ديمقراطية حقيقية تساعد في النهوض بالدولة المصرية خلال الفترة المقبلة، وأن توصيات الاجتماع تمثلت في عقد اجتماع آخر للأحزاب من أجل تشكيل لجنة لإعداد وثيقة حزبية متكاملة، على أن تستعين بما تراه من خبراء وفنيين في هذا الشأن هذا، وتشكيل المجلس التنفيذي للتنسيق بين الأحزاب والحكومة. موقع المخابرات في الخريطة "تعليمات أم قوى تنافسية" ثمة علاقة تربط المخابرات بالأحزاب، ولكن ما هى العلاقة التى تربط هذا بذاك ؟ ففي الحقيقة أن المخابرات سواء الحربية والعامة تلعب دورًا في تجنب التهديدات الأمنية التى تأتي من أى جهة، ومن هنا نستطيع أن ندرك أن السياسة أصبحت مصدر قلق أمنى للنظام، فيرتبط تحقيق الأمن من منظور هؤلاء بعدم وجود من يعارضهم. منذ أسبوع تم القبض على حازم عبدالعظيم الذي كان مسئولًا عن لجنة الشباب في حملة ترشح السيسي رئيسًا لمصر في مدته الأولى، ثم انقلب عليهم واعتذر لكل رفقاء الثورة، بمن فيهم الإخوان المسلمون، على دخوله في ركاب السيسي، "قبل اكتشاف حقيقة سياساته "، فكان عبدالعظيم تحدث من مدة عن كيفية صناعة البرلمان داخل أروقة الأجهزة الأمنية، إذ كان حاضرًا اجتماعًا ضم ضباطاً بأجهزة مختلفة وسياسيين لتشكيل قائمة "في حب مصر" التي حازت أغلبية مقاعد البرلمان لاحقًا[3]. وهنا يمكن الارتكاز على…

تابع القراءة

تراجع الليرة التركية بين السياسة والاقتصاد

 تراجع الليرة التركية بين السياسة والاقتصاد وجدت بعض دوائر الحكم في الغرب والخليج في الانتخابات التركية الرئاسية والبرلمانية فرصة مواتية لتوجيه ضربة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان من خلال التلاعب بقيمة العملة التركية. وتقوم الفكرة على أساس أن تدهور قيمة العملة التركية الفاجيء قبل الانتخابات بأسابيع قليلة يعباً قطاعات من الرأي العام ضد سياسات الرئيس ويوفر أداة دعائية لصالح منافسية. فهل تنجح الحرب الاقتصادية علي الليرة في تحقيق ما عجز عنه الانقلاب العسكري؟ لقد فقدت الليرة التركية أكثر من خُمس قيمتها أمام الدولار الأمريكي منذ بداية العام الجاري، ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية التي قرر الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" تبكير موعدها، صرح وزير الخارجية التركي "مولود تشاووش أوغلو" بأن هناك علاقة بين المحاولة الانقلابية الفاشلة في 2016، والتدهور الذي أصاب الليرة التركية أمام الدولار الأمريكي، وأرجع السبب أيضا إلى وجود لوبي الفوائد والدول الغربية الذين يحاولون ضرب الليرة التركية، ولفت إلى وجود دول إسلامية بين هذه الدول، لجأت لمحاولات أخرى لتأمين انهيار الاقتصاد التركي عقب فشل الانقلاب.[1] وقد برزت حملات مدعومة من حكومات خليجية تدعو لمقاطعة البضائع التركية وعدم السفر لتركيا للسياحة بهدف توجيه ضربة للاقتصاد التركي. وفي ظل التوتر التركي مع الغرب والولايات المتحدة، هناك أيضا الموقف التركي من روسيا وإيران والنظام السوري، ففي تصريح مؤخر لوزير الخارجية، قال أن بشار الأسد لن يكون قادرا على حكم البلاد لأنه قتل حوالي مليون شخصا، وأشار إلى التعاون التركي الروسي في محافظة حلب السورية، ثم انضمام إيران للمباحثات، واعتبارها لاعب مهم رغم وجود خلافات في الرأي مع تركيا، ومنها مصير الأسد.[2] ويرى محللون أن التقارب التركي الروسي الإيران أحد أسباب تدهور الليرة التركية، إذ لجأ الغرب للضغط على تركيا عبر المؤسسات المالية ووكالات التصنيف الائتماني، ففي إبريل الماضي أعلنت وكالة موديز للتصنيف الائتماني عن أن الضعف المزمن في العملة التركية سيكون له أثرا سلبيا على تصنيف ديونها السيادية خاصة في ظل تدني احتياطات النقد الأجنبي.[3] ولا شك أن الاقتصاد التركي قوي وحقق معدلات نمو اقتصادية مرتفعة في السنة الماضية وقد يفيد تراجع الليرة في زياردة حجم الصادرات، وتلوح دوماً في الأفق فرص وتهديدات لا شك أن الحكومة التركية قادرة علي استيعابها وتوظيفها بما يخدم المصالح التركية سواء فيما يتعلق بفرض عقوبات اقتصادية علي ايران أو فيما يخص اشتعال الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، إذ تخطط الصين لفرض رسوم جمركية على أكثر من 100 منتج أمريكي. لقد خرج المتحدث باسم الحكومة التركية ليقول أن من يعتقد أن التلاعب بسعر الليرة سيغير نتائج الانتخابات، فهو مخطئ ولن يسمح الشعب التركي لأحد بالنيل من تركيا،[4] فقد تدخل البنك المركزي للحفاظ على قيمة الليرة، وعملت الحكومة على ضخ مزيد من الدولارات. كما دعا الرئيس التركي الشعب التركي للاحتفاظ بالليرة وربطها بالذهب والتخلي عن الدولار. فهل ينساق الشعب وراء المخططات التي لجأت لسلاح الاقتصاد أم يثبت أنه أكثر وعياً وادراكاً لتلك المخططات ويعمل علي افشالها؟   [1] "تشاووش أوغلو: دول إسلامية تحاول ضرب الليرة التركية"، عربي21، 30/5/2018، متاح على الرابط: http://cutt.us/TDNJX [2] "تصريح ناري من وزير الخارجية التركي حول مصير بشار الأسد"، تركيا بالعربي، 31/5/2018، متاح على الرابط: http://cutt.us/Ea225 [3] "الليرة التركية تعاني.. وتؤثر على التصنيف السيادي"، سكاي نيوز عربية، 16/4/2018، متاح على الرابط: http://cutt.us/VY6Ik [4] "هل التقارب التركي مع روسيا وإيران من أسباب استهداف الليرة؟"، ترك برس، 26/5/2018، متاح على الرابط: https://www.turkpress.co/node/49534

تابع القراءة

السعودية والسلفية السكندرية … أية علاقة؟

 السعودية والسلفية السكندرية … أية علاقة؟ شغلت الحركات والتيارات الإسلامية وفي القلب منها القوى السلفية الباحثين والمهتمين بشئون المنطقة، تزايد هذا الأهتمام في الفترة الأخيرة مع الحضور الكبير الذي حققته هذه الكيانات في الفترات الأخيرة مع حدوث الثورات العربية وما تلاها من تطورات، حتى وقتنا الراهن وتقلباته. في هذه المساحة نحاول رسم خريطة توضيحية وتصورية للقوى السلفية في منطقتنا العربية وتلويناتها الأيديولوجية –والتنظيمية إن وجدت- مع تسليط الضوء بشكل خاص على السلفية السكندرية –للدور الذي لعبته في مشهد الثالث من يوليو 2013، والذي لا تزال تلعبه في دعم النظام القائم والوقوف في صفه- ومحاولة استجلاء العلاقة بينها والمملكة السعودية مع تزايد الحديث عن توظيف السعودية للتيارات السلفية (ومنها السلفية السكندرية) في تحقيق مصالحها والحفاظ على نفوذها في المنطقة. خرائط السلفية وتشكيلاتها: يمكن تقسيم السلفية المعاصرة إلى ثلاثة اتجاهات مهمة متمايزة، وهي السلفية العلمية (تيار يهتم في المقام الأول بالنواحي التعليمية المرتبطة بعلوم القرآن والسنة النبوية، ويعد من أكثر أنماط وأطياف السلفية انتشاراً في العالم الإسلامي عموماً، والدول العربية خصوصاً، وينماز منهجها التقليدي بالبعد عن أمور السياسة من جهة، والالتزام بالمناهج التربوية الدعوية العلمية من جهة أخرى، وهو الأمر الذي وفر لها إمكانية التوسع والانتشار دون الدخول في صدام مع الدولة)، والسلفية الجهادية (يُعتبر مفهوم الحاكمية من أهم المفاهيم المركزية المؤسسة لفكر السلفية الجهادية، والمقصود بالحاكمية هو أن الله وحده له الحق في الحكم، ويرتبط بالحاكمية مفهوم آخر، لا يقل عنه أهمية في العقلية الجمعية للسلفية الجهادية المعاصرة، وهو مفهوم "الجاهلية"، وتتبنى السلفية الجهادية التغيير الثوري والعنيف منهجاً لتحقيق أهدافها ومشروعها، والسلفية الجامية (يعرف هذا الاتجاه في بعض الأحيان باسم "السلفية المدخلية" نسبة إلى الشيخ "ربيع بن هادي المدخلي" الذي كان من أبرز تلاميذ الشيخ الجامي، يؤمن المداخلة بحتمية طاعة ولي الأمر، ورفض الاشتغال بالسياسة والعمل الحزبي، ومهاجمة التيارات الدينية المشتغلة بالسياسة واتهامهم بالضلال، ولقد توسعت أفكار الجامية المدخلية، في الكثير من البلاد العربية، ولعبت دوراً بالغ التطرف في مهاجمة الثورات العربية بالتشديد على ضرورة البعد عن السياسة وترك الدولة للساسة ورجال الحكم، وتحريم المشاركة في العملية الانتخابية الديموقراطية، والتأكيد على عدم شرعية المعارضة والاحتجاجات المناهضة للحاكم) [1]. تتشارك السلفية العلمية والسلفية الجامية في الانسحاب من السياسة وعدم الانشغال بالشأن العام، وإن كانت تتباين مواقفهم في تسويغ هذا الفرار من المجال السياسي؛ فبينما تبرر السلفية العلمية مواقفها بشكل عقلي و"مصلحي" باعتبار أن المشاركة غير مجدية من جهة مع اسئثار نخب الحكم بالسلطة، وباعتبار أن المشاركة تكون بقبول الخضوع للديمقراطية، قيم، واجراءات، ومؤسسات، وهو ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية –بحسب وجهة نظرهم. في حين نجد السلفية الجامية تستزرع فرارها من المجال السياسي واستقالتها من الشأن العام في قلب النص الشرعي، وتعتبره مسألة مبدأ، وتشرعن هذا الفرار وتنظر له وتستدل على انفراده بالمشروعية من قبل النصوص الدينية؛ فتشدد على أن الأصل انفراد الحاكم بالسلطة وأن مشاركته أو منافسته ومعارضته يتصادم مع توجيهات الدين الحنيف، وأن الواجب هو دعم الحاكم والانصياع لسلطاته مهما كان استبداده وسلطويته في الحكم. وتبقى السلفية الجهادية هي المكون المغرد خارج سرب الاستقالة من السياسة الذي تتبناه معظم القوى السلفية في عالمنا العربي؛ ولعل هذا الاختلاف يعود إلى أثر النشأة على السلفية الجهادية التي ولدت في قلب الصراع بين القطبين الكبيرين (الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي) واستفادت من هذا الصراع في تلقي الدعم والتشجيع من نظم الحكم العربية وفي توظيفها لصالح واشنطن في الصراع مع السوفييت؛ وهو ما منحها مساحة كبيرة للحركة واعطاها القدرة والحرية لبناء ايديولوجيتها مستفيدة من تنظيرات مفكري الجماعات المسلحة والعنيفة في مصر في آواخر القرن العشرين.    في مصر جاء التيار السلفي –الذي غلب عليه الإتجاهات العلمية والمدخلية- أمتداداً للسلفيات المنتشرة على الصعيد الإقليمي، حيث ظل يتشكل من اتجاهات عقدية وفقهية، ولم يتقولب في حركة أو حزب، وبقى انتشاره عبر شيوع أفكاره وليس عبر بناء أو تبني تنظيمات، ولذلك كانت خصوماته غالبا مع الاطروحات العقدية والسلوكيات "البدعية"؛ فكان شغوف دوما بمحاربة التصوف، والاشتباك مع أشعرية الأزهر، ومع اعتزالية بعض المفكرين الكبار، مع محاربة ظاهرة التيسير الفقهي، وصداماته مع الإخوان ظلت عند حدودها الدنيا –نقد بعض سلوكياتهم واختياراتهم الفقهية- كونهم ليسوا مذهبا عقديا أو فقهيا[2]. أما اشتغال السلفيات بالسياسة كأختيار رابع يختلف عن (العلمية، والجامية، والجهادية)، فقد بدء هذا التحول البنيوي في مسار السلفية (عموماً) مع سلفية الكويت وعلى رأسها الشيخ "عبد الرحمن عبد الخالق"، وسلفية "السرورية" بالسعودية وكانت على يد محمد سرور زين العابدين، وارتأى أصحابها توظيف الانتشار الواسع للحالة السلفية والتيار السلفي في بناء تنظيمات حركية فاعلة. وسرعان ما انتقلت العدوى للداخل المصري، حيث تبنت قطاعات من السلفية ومن بينها سلفية الاسكندرية القادمة أيضا من أصول "تنظيمية" كالجماعات الاسلامية في السبعينات؛ رؤية تأطيرية وتنظيمية لتحويل السلفية لـ"حركة"، لكن هذا التحول انبنى على عدد من المبادئ –أو قل العقائد- الحاكمة للعمل الحركي والتنظيمي؛ أبرزها: عدم مشروعية الدخول في لعبة الديمقراطية كونها لعبة "كفرية" تضع الدين على طاولة التصويت وبجانبه الكفر، وأن عمليات التشريع في ظل الديمقراطية هي عمليات "كفرية"، وأن الجيوش وحكام البلاد هم طواغيت، وبمجرد حكمهم بغير الشريعة قد وقعوا في "الكفر"، وإن لم يُكفَّروا بشخوصهم لعلة غياب إقامة الحجه عليهم، وأن الخروج على الحاكم محرم وغير مشروع –رغم كل ما سبق-  ليس لأنه ولي أمر، وإنما لعلة منع مفسدة أكبر[3]، ما يعني أن هذا التحول جاء في قلب المجموعات المحسوبة على السلفية العلمية، وليس الجامية أو الجهادية. السعودية والسلفية السكندرية.. أية علاقة: يمكن موضعة السلفية السكندرية في مكون السلفية العلمية الذي شهدت بعض تكويناته تحولاً نحو ممارسة دور في المجال العام وفي الشأن السياسي، وقد تضخم هذا الدور مع الحريات الواسعة التي أتاحتها ثورات الربيع العربي. وعن علاقة السلفية السكندرية بالسعودية؛ ثمة دوائر ثلاث يمكن عبر رصد تفاعلاتها استكشاف هذه العلاقة، هذه الدوائر؛ الأولى: دائرة المواقف من التطورات المتلاحقة في الإقليم والتحديات التي تفرضها واللاعبين الاساسيين في هذه التطورات. الثانية: دائرة القناعات والمبادئ والقيم الأساسية الحاكمة لسلوكيات السلفية السكندرية والنظام السعودي. الثالثة: دائرة العلاقات المباشرة بين الطرفين. دائرة المواقف المتطابقة بين النظام السعودي وسلفية الاسكندرية فيما يتعلق بالموقف من التفاعلات الدائرة على مستوى الإقليم، نجد أن هناك توافق كبير بين السعودية والسلفية السكندرية حول عديد من القضايا، منها مثلاً الموقف من ثورات الربيع العربي، فنجد لدى الطرفين نفس الرفض للثورات العربية والتشكيك في شرعيتها والتخويف من نتائجها –رغم استفادتها من مساحات الحرية التي اتاحتها هذه الثورات؛ أبان ثورة يناير جاب شيوخ الدعوة السلفية في الاسكندرية ربوع البلاد للتنديد بالثورة، والدعوة إلى منع التظاهر ضد النظام واعتباره من المفاسد المحرمة، والامتناع عن المشاركة في أحداث ثورة 25 يناير 2011م، وما بعدها من أحداث، معللة بغلبة…

تابع القراءة

الاستعداد لمليونيه القدس والعودة

 الاستعداد لمليونيه القدس والعودة مقدمة بعد مجزرة الاحتلال في حق الفلسطينين حينما حاولوا اجتياز السلك الشائك للعودة إلي بيوتهم التي طردوا منها في عام 1948، صدرت تهديدات من المقاومة تتعلق باحتمالية عسكرة المقاومة إن لم تجدي السلمية نفعًا ووقتذاك كثر الحديث عن ما يسمى بمليونية القدس. وهذا يعد مؤشراً لشحن قواهم ليوم 5 يونيو وذلك لم يمنعهم من الاستعداد لجمعة 1 يونيو التى تسمى (من غزة إلى حيفا) وإصدار البيانات والسعى لنشرها على نطاق واسع. إسرائيل تقصف غزة والمقاومة ترد بقوة: استهدفت القوات الإسرائيلية في هجماتها نحو 17 موقع عسكري لكتائب القسام وسرايا القدس في مختلف مناطق قطاع غزة، في حين صرح الناطق باسم الجيش الاسرائيلي أفيخاي أدرعي، أن "الجيش استهداف أكثر من 65 موقع في جميع أنحاء قطاع غزّة، من مخازن أسلحة، ووسائل قتالية بحرية، ومواقع تدريبات"، وقد سوق جيش الاحتلال الهجوم على غزة بصفته عملية خطيرة وهامة لم تحدث منذ الحرب الأخيرة على القطاع عام 2014. وقد ردت بقوة –بحسب المشاهد التي بثتها عبر مكاتبها الإعلامية – كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح المسلح لحركة "حماس"، وسرايا القدس الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين على العدوان الإسرائيلي على غزة؛ حيث قامت بقصف المواقع والمستوطنات الإسرائيلية التي تحيط بقطاع غزة، بعشرات قذائف الهاون والصواريخ وذلك "وفاء لدماء الشهداء". وفي الوقت الذي لم تعترف إسرائيل رسميا بالتوصل إلى تهدئة، صرح القيادي في حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين، داود شهاب، أن المخابرات المصرية أبلغت حركتي حماس والجهاد، "بدعوتهم لعودة الهدوء وفق تفاهمات عام 2014"، وهو عين ما أكده موقع "المصدر" الإسرائيلي، من أن "مصر وقطر توسطا بين إسرائيل وحماس"، فيما ألمح عضو المجلس الوزاري المصغّر "الكابينت"، المتطرف نفتالي بينيت، إلى أن إسرائيل تقف أمام معضلة؛ فهي تحتاج إلى إيقاف جولة القتال بهدف تركيز جهودها على سوريا، ولكن هذه الخطوة قد تعزز الرغبة لدى حماس والجهاد الإسلامي لاستفزازها"[1]. عسكرة المقاومة أم سلميتها؟ وقتما تحدث السنوار للجزيرة بعد المجزرة قال أن الأشقاء العرب يريدون سلمية المقاومة وهم يفعلون ذلك، ولكن أعلن الاستعداد لعسكرتها حينما تستدعي الظروف، ولكن مثل هذه التصريحات يبدو أنها غير مؤثرة في القرار الصهيونى. أينعم الطائرات الورقية المحملة بقطع قماش نارية تصيب معاقل زراعية[2]، وتزعج الحكومة الصهيونية والمستوطنين، وهنا يظهر ثمة إيمان بأنها خطوة على الطريق الصحيح ولا تتعارض مع السلمية حيث أنها لا يقتربوا من حياة بشر في حين أن الطوب ما زال يُقَابَل بالرصاص برغم أن هناك وسائل كثيرة تردع من يقترب من الحدود. خطوة على طريق إرباك الصهاينة كتب بن مناحيم في مقاله على موقع معهد القدس للشؤون العامة والدولة قال المصلحة الإسرائيلية تكمن في عدم انفجار الوضع في غزة، و ليس هناك من مصلحة إسرائيلية في السيطرة على مليوني إنسان يعيشون في غزة أى أن اعادة احتلال القطاع ليس هدف، وليس الهدف إزالة حكم حماس مما قد يكون بداية لظهور جماعات أكثر تطرفًا (أو حدوث فوضي وخسائر لا يمكن تحملها) ولكن الهدف هو نزع السلاح الحماسي[3]. يبدو أن فقدان جندى واحد لدى الاحتلال يعتبر هزيمة كبري ، في حين سقوط المئات من الطرف الأخر يبدو وكأنه أمرًا عاديًا. حينما يتحدث نتنياهو عن الرد الفلسطيني على التصعيد العسكرى الاسرائيلي ذلك يعكس أن الرد مؤثرًا وإن كان ضعيفًا، فأطلقت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي وكتائب القسام التابعة لحركة حماس 114 قذيفة صاروخية نحو مستوطنات إسرائيلية في محيط قطاع غزة، وذلك عقب غارات إسرائيلية استهدفت مواقع فلسطينية[4]. أسفرت تلك القذائف عن مإصابة جندى وستة مستوطنين بجراح متوسطة مما دفع نتنياهو للتوعد برد قاس عليهم وبالأخص على من أطلقوا قذائف الهاون واتهم حماس بالمسئولية. ويري البعض أن المقاومة بدأت ترسم قواعد اشتباك جديدة، ولذلك التزم العدو الصهيوني وحركات المقاومة بضبط النفس حيث توقف التراشق العسكري لعدم الرغبة في الوصول لخيار حرب جديدة في الوقت الراهن. فالعدو الصهيوني مشغول علي الجبهة الشمالية وليس لديه حل لمشكلة غزة في الوقت الراهن، وحركة حماس والمقاومة تسعي لتجربة واختبار المقاومة المسلمية اللاعنفية فقد تأتي بنتائج أفضل من الحروب المدمرة التي هي آخر الدواء فقط. ويعتقد المحلل السياسي ثابت العمور أنها في حرحلة التدحرج للحرب بينما علق المحلل السياسي أكرم عطا الله على هذا الأمر قائلًا: «حماس لن تقبل إلا بسيناريو كامل لرفع الحصار الإسرائيلي، كما تريد ضمانات قوية وكبيرة من أجل حماية رفع الحصار والوصول إلى الميناء والمطار». ومن وجهة نظر عطا الله فإن الأمر سياسيًا معقد ولكن حتى اللحظة ما يمكن فهمه أن المنطقة «رخوة» قابلة لأي شيء. الدور العربي والغربي ستتحرر القدس بأيدي أصحاب الأرض، لا بالمتضامنين ولا المنددين، ولا من يعربون عن قلقهم، لكن من الأمور المؤسفة أن نجد أكثر المتضامنين والغاضبين هم الغرب لا العرب، فأغلبية الأنظمة العربية هى تسير في طريق التطبيع بشكل غير رسمي، وكل من استدعى السفراء بعد المجزرة هم أنظمة غير عربية مثل تركيا المسلمة وجنوب أفريقيا المنتصرة للحق الفلسطيني، بينما يصول ويجول سفراء الصهاينة وومثليها في مصر والأردن ويتواصل التطبيع بينهم وبين السعودية والامارات. أما بالنسبة لمليونية القدس، فلا يتصدر المشهد سوى أصحابها والكل يضع فرضيات وتوقعات إزاء السيناريوهات المحتملة وفقط، فتساوت الأنظمة العربية بالمؤسسات الصحفية والإخبارية. وحتي كيان مسلح مثل حزب الله  فيكتفي بترديد الخطابات الحنجورية حيث يدعو كل بلدان العالم للوقوف بجوار المقاومة الفلسطينية وأشاد بالدور الباسل للمقاومة حيث أنها هي خيار الشعب الفلسطيني في وجه العدوان وأدان غارات الاحتلال التى تصيب أى مدنى[5]. خاتمة إذا ما نظرنا إلى النتائج الحقيقية والملموسة لتلك المسيرات إلى الآن سنجد تشويه صورة اسرائيل أكثر وأكثر أمام الرأى العام العالمي بما يحطم جزء من أحلامهم إزاء تغيير الصور النمطية المأخوذة عن هؤلاء الصهاينة من خلال منابرهم وأبواقهم على السوشيال ميديا والمنصات المختلفة. وحرق مجموعة أراضي زراعية أزعجت حكوماتهم، وأخيرًا تلك القذائف التى جعلت نتنياهو يوجه تهديدات. إذا ما حاولنا الربط بين التطور في شكل المقاومة وبين المليونية المنتظرة التى ستوافق 5 يونيو فهناك احتمالات بتحقيق قدر من النجاح في فك الحصار أو تخفيفه ولكن اذا استمرت المجازر فهناك ثمة احتمال بالعسكرة والاستعداد للقتال. وأغلب الظن أنها قد تلجأ للقتال حينما تتيقن بعدم وقوف أى من الأنظمة العربية بجوارها وأعتقد أن هذا مشروع، ولكن الفرق في السرعات هو الذي سيكون مؤسف بمعنى أن مهما وصلت عسكرة المقاومة فلن تصل لإمكانيات الجيش الإسرائيلي. والاحتمال الأخر هو أنها ستظل سلمية بالتوازى مع ضربات من حين إلى أخر ومع استمرار هذا الشكل في المقاومة يغطي المقاومة بشئ من الابتذال ويطمئن الصهاينة على المدى البعيد. بقيت نقطة أخيرة فيما يخص الاسم فإنني اعتفد أنه لا نستطيع أن ننكر أن استخدام مصطلح "مليونية" هو وليد موجات الربيع العربي التى…

تابع القراءة

«كارتل ميليشيات» طرابلس … العاصمة بقبضة 4 مجموعات مسلحة

 «كارتل ميليشيات» طرابلس … العاصمة بقبضة 4 مجموعات مسلحة[1]   مقدمة فى دراسة حديثة أعدها المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، تحدثت بشكل أكثر عمقًا عن المليشيات المسيطرة على العاصمة طرابلس، حيث أشارت الدراسة إلى أنه منذ إنشاء حكومة الوفاق الوطني في العاصمة، في مارس 2016، فرضت حفنة من المجموعات المسلحة سيطرتها تدريجيًا على العاصمة، ووقعت طرابلس تحت سيطرة أربع مجموعات مسلحة رئيسة، سمتها الدراسة «كارتل ميليشيات طرابلس». وقال معد الدراسة الباحث، وولفرام لاخر، إن تلك المجموعات المسلحة نمت تدريجياً وتحولت إلى شبكات إجرامية تمتد في أعمال السياسة والاقتصاد والإدارة، حيث أشار إلى أنه خلال العام الذي تلا وصول المجلس الرئاسي إلى طرابلس، فإن هذه المجموعات المسلحة، التي دعمت إنشاء المجلس الرئاسي، شرعت في السيطرة تدريجياً على معظم العاصمة، وطرد المنافسين من خلال سلسلة من الاشتباكات، ومنذ ذلك الوقت، حظيت تلك الحفنة الصغيرة على درجة غير مسبوقة من التأثير والنفوذ على المؤسسات الحكومية في طرابلس. المليشيات المسيطرة على طرابلس ذكرت الدراسة الألمانية أن أكبر أربع مجموعات تسيطر على العاصمة فيما سمته الدراسة "كارتل مليشيات طرابلس" هي «كتيبة ثوار طرابلس» بقيادة هيثم التاجوري، و«كتيبة النواصي»، بقيادة عائلة قدور، وقوات الردع الخاصة بقيادة عبدالرؤوف كارة، ووحدة «أبو سليم» التابعة لجهاز الأمن المركزي، بقيادة عبدالغني الككلي. وتحدثت الدراسة عن تحول المشهد الأمني في طرابلس، من «خليط معقد من المجموعات المسلحة إلى احتكار عدد من الميليشيات الكبرى»، وقالت الدراسة إن بداية ظهور هذا "الكارتل" كانت مع وصول المجلس الرئاسي إلى طرابلس، حينها أعلنت بعض المجموعات المسلحة التزامها بدعمه، بينما رفضت المجموعات الموالية لـ«المؤتمر الوطني العام» المنتخب في 2012 وحكومته، المجلس الرئاسي بزعم أنه «مفروض من الخارج». ولفتت إلى أن «مجموعات من مصراتة انضمت جزئياً إلى قيادات المدينة السياسية في دعم المجلس الرئاسي، بينما تحركت ميليشيا هيثم التاجوري علناً ضد المجلس، فيما أبقت مجموعات مسلحة أخرى خياراتها مفتوحة». وقالت أن «المجلس الرئاسي ركز على الفوز بدعم (كتيبة النواصي) وقوات الردع الخاصة، وكلتاهما متمركز في منطقة سوق الجمعة وتسيطران على المنطقة حول القاعدة البحرية، حيث يتواجد المجلس، وتسيطر قوات الردع على المطار العامل الوحيد في العاصمة». وتابعت الدراسة: «أنه في رد فعل غير محسوب، أعلنت كتيبة التاجوري دعم المجلس الرئاسي قبيل وصوله العاصمة، وبعدها انضمت (وحدة أبو سليم) إلى التحالف. والمجموعات الأربع دخلت في تنافس مع مجموعات أخرى للسيطرة على الأراضي والأصول، وبالتالي وجد منافسوهم أنفسهم في المعسكر المعادي». وتقول الدراسة إنه «بحلول مارس 2017، سيطرت الميليشيات الأربع على وسط طرابلس. وفي مايو 2017، طردوا المجموعات المنافسة من جنوب طرابلس. ولا توجد معارضة سوى في منطقة تاجوراء». موارد هذه المليشيات تعود موارد هذه المليشيات وفقاً للدراسة إلى: –          الرواتب التى تحصل عليها من الدولة، "وكانت ذروة توسع المجموعات المسلحة باستخدام أموال الدولة كان في عامي 2012 – 2013، فيما تراجعت عائدات الميليشيات بحلول منتصف العام 2014. ولم يتغير ذلك مع مجيء المجلس الرئاسي، حيث لم يسمح مصرف ليبيا المركزي للرئاسي بالوصول إلى عائدات الدولة". –          العائدات من أنشطة الخطف، فمع انكماش العائدات الحكومية منذ 2015، قامت المليشيات بزيادة كبيرة في أنشطة الخطف في طرابلس، خلال 2015 – 2016. –          تجارة العملة فى السوق السوداء، فقد توسعت الفجوة بين سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف في الأسواق السوداء، ما وفر هوامش ربح متزايدة لمن يستطيع الحصول على العملة الصعبة بسعر الصرف الرسمي. وهو ما كانت تقوم به المليشيات بالتواطؤ مع العاملين داخل المصارف فى طرابلس. –          العائدات التى تحصل عليها هذه المليشيات من حماية المصارف إلى جانب الشركات والمبانى الحكومية، حيث ظهرت أنشطة «حماية المصارف وفروعها» في طرابلس، وهي أنشطة بدأتها المجموعات المسلحة لتحظى بامتياز الوصول إلى العملة الصعبة بالسعر الرسمي، تقوم بعدها ببيعه في الأسواق السوداء. –          العائدات من خطابات الائتمان، حيث استغلت تلك المجموعات إصدار خطابات الائتمان من أجل استيراد بضائع من الخارج، ثم تقوم باستيراد كمية أقل من تلك المنصوص عليها في الخطاب، ثم تحويل باقي العملة إلى السوق السوداء. وعادة ما يقوم قادة المجموعات المسلحة بابتزاز مديري المصارف، أو التواطؤ معهم من أجل إصدار خطابات الائتمان. –          تمويل من جانب بعض رجال الأعمال، فقد اشارت الدراسة إلى أن نهج الاحتيال الذي تستخدمه تلك المجموعات لإصدار خطابات الائتمان من المصارف أدى إلى ارتباط بعض رجال الأعمال بقادة مجموعات مسلحة للاستفادة من خطابات الائتمان المزورة، مع استثمار جزء من الأرباح في المجموعة المسلحة الموالين لها. –          تعيين عملاء لهذه المجموعات داخل المؤسسات الحكومية، فتشير الدراسة إلى أنه ومنذ نهاية العام 2016، تمت تعيينات جديدة بشكل كبير في الوزارات والهيئات موالين لهذه المليشيات تحت ضغط المجموعات المسلحة، ومن ثم تستطيع الشبكات المرتبطة بالمجموعات المسلحة الرئيسة في العاصمة العمل والتنسيق داخل مؤسسات الدولة. ونوهت الدراسة إلى أن معظم الذين جرى تعيينهم أخيرًا من طرابلس نفسها، مما يقضي على صيغة التنوع الجغرافي الذي تقوم عليه حكومة الوفاق. كما تشير الدراسة إلى أن هذه المليشيات تحصل على الدعم السياسى من جانب حكومة الوفاق، التى تعتبر الواجهة السياسية لهذه المليشيات. كما تحصل هذه المليشيات على دعم ضمنى من قبل الأمم المتحدة، لاعتقادها بأن هذه المليشيات ستساعد حكومة الوفاق الوطنى فى تأسيس حكمها. تأثير سيطرة الكارتل على الوضع فى طرابلس –          تأجيج الصراعات بين المليشيات المسلحة، حيث أشار المعهد الألماني إلى إن «الخناق الذي فرضته (كارتل الميليشيات) على مؤسسات الإدارة يعني أن أرباح أنشطة نهب موارد الدولة تصب لصالح مجموعة صغيرة من الأطراف، وهذا ما يتسبب في تأجيج الصراعات». وتنقل الدراسة عن سياسيين قولهم أن: «بعض مجموعات مصراتة المسلحة تتواجد في طرابلس وتدعم الوضع القائم. لكن جزءاً كبيراً من مجموعات طرابلس المسلحة، وكثيراً من السياسيين، يشعرون بغضب متزايد نتيجة تهميشهم على يد (كارتل الميليشيات الرئيسة)». وفي مدينة الزنتان، التي تضم ثاني أكبر قوات في غرب ليبيا، قالت الدراسة إن «هذا الاستياء والغضب موجود ومصحوب بالرغبة في العودة إلى العاصمة والتخلص من الذل التى لاقته تلك المجموعات في 2014 عندما طُردت من طرابلس قسراً على يد تحالف تقوده مصراتة». واعتبرت الدراسة أن «تعيين بعض رموز الزنتان في مواقع مهمة بطرابلس ليس كافياً لتهدئة تلك الرغبة». ولفتت إلى قوة أخرى تتطلع أيضاً للعاصمة موجودة في ترهونة. وخلال الأشهر الأولى من 2018، حاولت المدن الثلاث بناء تحالف لدخول طرابلس بالقوة، لكن تعقد شبكة التحالفات حول العاصمة، وانخراط البعثة الأممية منع مثل تلك المحاولات، لكن الدراسة حذرت من أنه كلما استمر الوضع الراهن في طرابلس لمدة أطول، زادت احتمالات اشتعال صراع جديد حول العاصمة. –          إعاقة التسويات السياسية، فقد أشارت الدراسة إلى أن التوصل إلى إتفاق جديد حول تقاسم السلطة أو تسليم السلطة إلى مؤسسات منتخبة سيكون صعباً، لطالما أن «هؤلاء من يشغلون المناصب الحكومية الرسمية…

تابع القراءة

المشهد السياسي من 1 يونيو إلى 7 يونيو 2018م

 المشهد السياسي أولاً: المشهد الداخلي 3    هجوم البلطجية على إفطار جماعي نظمته الحركة المدنية الديمقراطية، وإصابة رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي فريد زهران، المهاجمين يهتفون "تحيا مصر، يعيش السيسي، يسقط الخونة والعملاء والجواسيس"، الحضور يتهمون النظام بتدبير الهجوم حيث حضرت الشرطة متأخرة ورفضت إثبات الواقعة بعمل محضر ضد مجهولين، تزامن الإفطار الذي عقد في نادي اجتماعي وليس سياسي مع يوم إفطار "الأسرة المصرية" الذي عقده السيسي، كان للحركة المدنية الديمقراطية مواقف معارضة في الفترة الأخيرة تمثلت في إصدار بيان بعد انسحاب خالد علي والقبض على سامي عنان يدعو لمقاطعة الانتخابات الرئاسية، استخدام هذه الطريقة مع الإفطار يتشابه مع ما حدث للمستشار هشام جنينة بالاعتداء عليه بالضرب، وكأن هناك توجه لترهيب السياسيين المعارضين، والتصدي لفاعليات المعارضة في الفترة المقبلة، وتوالت بيانات الإدانة من معارضين مثل حمدين صباحي والحزب الديمقراطي، ودشن نشطاء على تويتر هاشتاج "نخنوخ يحكم مصر"، في إشارة للعفو الرئاسي عن صبري نخنوخ المحكوم عليه في قضايا بلطجة، وتقدم النائب هيثم الحريري عضو تكتل 25-30 بطلب إحاطة بأن هذه رسائل خطيرة في بداية الفترة الرئاسية الثانية، وتأتي في اتجاه معاكس لخطاب مؤسسة الرئاسة. 3    تقرير لمدى مصر أشار إلى وجود توجهات داخل البرلمان لتنفيذ خطة لتعديل الدستور، ومن المتوقع أن يبدأ الدفع بمشروع تعديل لعدد من مواد الدستور في بداية دور الانعقاد المقبل بداية من أكتوبر، وخاصة المادة 226 والتي تحصن المواد المتعلقة بمدد الرئاسة وبالحقوق والحريات في الدستور، وتحدد إجراءات التعديل الدستوري، وتتداول دوائر السلطة والنظام التي شاركت في إملاء دستور 2014، المبررات، والحجج في ذلك، حيث يري البعض منهم أن الدستور لم يأخذ حظه من التطبيق حتى يتم تعديله، بالإضافة إلى أن المطالبين بتعديل الدستور من أجل بقاء السيسي في الرئاسة فترة أطول يتناسون أن المادة الخاصة بمدد رئيس الجمهورية في الدستور غير قابلة للتعديل، وهناك من يرى أن تعديل الدستور جائز وفق مقتضيات الصالح العام، مثل المادة الخاصة بالقضاء العسكري في الدستور، ليسمح التعديل بإحالة المتهمين في قضايا الإضرار بالأمن القومي إلى القضاء العسكري، بهدف مكافحة الإرهاب، وتحقيق العدالة الناجزة، والمادة المتعلقة بمدة حالة الطوارئ في الدستور، والمادة التي تشترط موافقة البرلمان على قرارات رئيس الجمهورية بإقالة الحكومة أو إجراء تعديل وزاري، وهناك مواد أخرى يسعون لتعديلها مثل المتعلقة بالنسب الدستورية للإنفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمي، والمادة 121 المتعلقة بنصاب التصويت على القوانين المكملة للدستور. 3    انتقادات لضخامة موازنة البرلمان في الموازنة العامة الجديدة التي صارت مليار و400 مليون جنيه، مقارنة بنحو 508 مليون جنيه في الموازنة السابقة، يضاف إلى هذا تخصيص الحكومة 53 مليون جنيه لصالح الهيئة الوطنية للانتخابات، وزيادة مخصصات أعضاء الهيئة من 7 ملايين جنيه في الموازنة الحالية إلى 60 مليون جنيه في الموازنة القادمة، تقرير للعربي الجديد كشف عن دعوة رئيس مجلس النواب لزيادة مخصصات وزارة الداخلية بنسب كبيرة، وضرورة إعادة النظر في مخصصات جهاز الشرطة، وزيادة الدعم المالي المقدم له من الدولة، وهو ما يأتي في إطار العطايا والزبائنية السياسة التي تسترضي تلك الجهات التي تقوم بالدور الأبرز في تبرير سياسات وتوجهات النظام واكسابها طابع الشرعية إلي جانب دعم أجهزة القمع والقوة. 3    احتجاج العاملين بمشروع المحاجر بمحافظة الشرقية بعد قرار المحافظ بتصفية المشروع، قائلين: أن المشروع لا يخسر كما يدعي البعض، بل تحصل المحافظة على نسبة شهرية من مكاسبه. 3    السيسي يحلف اليمين في أجواء كئيبة واغلاق وسط البلد … استقالة حكومة شريف إسماعيل وتكليف وزير الإسكان مصطفى مدبولي، جمال سلطان يضع ملاحظات على خطاب السيسي يوم تنصيبه للفترة الرئاسية الثانية، فلم يحمل أملا بأجواء أكثر شفافية وانفتاح سياسي وتقديرا للضعفاء أمام الضغوط الاقتصادية، فقد اعتمد كعادته لغة خطاب عاطفية فضفاضة لا تحمل برنامجا سياسيا فهو أقرب للمقالات الفكرية والتعبوية، وقد اكتفي السيسي عند تناول ملفات كالتعليم والصحة الثقافة بالعموميات ولم يحدد الاجراءات والميزانيات والتوجهات، الهلباوي: خطاب السيسي يعد قبولا ضمنيا وغير مباشر على مبادرته بحل الأزمة المصرية باعتبار أنه تضمن نفس المصطلحات التي ذكرها في مبادرته للسلم الاجتماعي. وهو ما يشير الي أن الهلباوي يجلس منتظراً أي تصريح عام من السيسي للقول بأن مبادرته تجد تجاوباً ما، وتعد إشارة السيسي لمصطلح "المتاجرين بالحرية والديمقراطية" تمهيداً للهجوم على النخب المدنية والعلمانية التي تعارضه في الوقت الراهن، ومحاولة لنزع خطاب الحرية من ايدي خصومة. 3    على هامش حلف اليمين: نشر موقع المنصة تقريرا عن قصة حقيقية حول كيفية إدارة الأجهزة الأمنية (المخابرات العامة والحربية وجهاز الأمن الوطني) انتخابات الرئاسة عبر شبكات المصالح في المناطق الأكثر تهميشًا في القاهرة الكبرى، عبر رجال الأعمال، ونواب البرلمان الحاليين، ومن أمثلة هذا الأمر تجنيد أفراد بهدف إقناع سكان الأحياء الفقيرة بتحرير توكيلات للسيسي، وقيام أحد النواب السابقين بدفع 50 جنيهًا مقابل كل صوت في اليوم الأول للانتخابات، واستئجار ميكروباصات لنقل المواطنين إلى لجانهم الانتخابية. ووقت نقل التوكيلات للسيسي إلى اللجنة العليا للانتخابات وسط حراسة أمنية مشددة، وأشار التقرير إلى انه تم اختيار مواطنين لهم قضايا مفتوحة تحمل سلسلة من الاتهامات، والتي يمكن بسببها إعادتهم للحبس في أي وقت، وكانت للشرطة دور كبير في المؤتمرات الانتخابية للسيسي، والتي لم يحضر أي منها، امتد هذا الدور لأبعد من التأمين، ليحتضن المؤتمرات والمشاركة في تصويرها، ونوه التقرير إلى وجود أوامر للحكومة بحث المواطنين على المشاركة لزيادة نسبة الحضور، بغض النظر عن اتجاهات التصويت، وألا تقل عن 35% في كل دائرة، ومن أمثلة ذلك، طلب قسم الشرطة في إحدى محافظات الدلتا من الكافيهات والمقاهي بعاصمة المحافظة تأجير "دي جي" يوم الانتخابات لتشغيل أغاني وطنية، وإن لم يفعل المحل؛ عليه أن يغلق أبوابه، كما طُلب من السائقين في مواقف الميكروباصات وضع صورة الرئيس أو علم مصر في أيام الانتخابات وإلا يتعرضون لسحب التراخيص، وأعلن محافظ القليوبية عن رحلتي عمرة لكل حي إذا تجاوزت نسبة التصويت فيه الـ 40%، ثم انتشار لافتات في شوارع القاهرة تحت مسمى حملة "انزل.. شارك". 3    تقرير للعربي الجديد كشف عن توجه حكومي لاقتراض 5 مليارات دولار، لسداد التزامات مالية مستحقة على الدولة، بسبب قلة تكلفة الاقتراض الخارجي مقارنة بتكلفة القروض المحلية، إذ تعيش الحكومة مأزقاً حادّاً بسبب شهادات قناة السويس التي سيحلّ موعد استردادها في العام المقبل. 3    مخطط لنقل حديقة الحيوان إلى العاصمة الإدارية وتغيير معالم القاهرة … نفي رسمي لا يمكن الجزم بمصداقيته من قبل رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان بوزارة الزراعة، والحقيقة أن هذه السياسات تهدف لتقبيح وجه القاهرة الحضاري، واغتيال هويتها، وهدم المباني القديمة وبيع أراضيها لمستثمرين، من أجل استخدام إيرادات البيع في تغطية عجز موازنة الدولة، فقد ذكر تقرير للقدس العربي ما يتم تداوله بشأن وجود مخطط حكومي لتسليم أهم وأغلى مناطق القاهرة الكبرى التي تضم محافظات القاهرة والجيزة…

تابع القراءة

مسألة إرسال قوات عربية إلى سوريا: خبراء يناقشون السيناريوهات

 مسألة إرسال قوات عربية إلى سوريا: خبراء يناقشون السيناريوهات في تصريح للسيسي خلال مؤتمر الشباب الذي عقد قبل مطلع رمضان، أوضح بأن مصر ستحافظ على الأمن القومي المصري والخليجي، لكن دون أن تساهم في أي عمل عسكري من شأنه تأجيج الصراع الإقليمي، وأن "المنطقة لا تحتمل أي حرب جديدة".[1] انطلاقا من هذا التصريح نُشر مقال في الأهرام ويكلي مقالاً تحت عنوان القاهرة استبعدت إرسال قوات برية إلى سوريا[2] لمناقشة فكرة تشكيل قوة عربية تحل محل القوات الأمريكية في سوريا، واستعانت بآراء خبراء ومتخصصين في هذه الفكرة. التبس موقف القاهرة بعد انتشار الشائعات المتداولة بشأن الصراع السوري على خلفية اقتراح واشنطن بأن قوة عربية يمكن أن تحل محل القوات الأمريكية هناك، واكتسبت زخما بعد أن قال وزير الخارجية سامح شكري "هذا ممكن". وفي بيان رسمي صدر يوم الجمعة، قللت وزارة الخارجية من التكهنات، وقالت بشكل قاطع إن القاهرة لن ترسل قوات إلى سوريا. وجاء في البيان توضيح لملاحظات شكري: "ما كان يقصده بـ" ممكن "هو أن الفكرة قد تم طرحها على مصر من قبل الولايات المتحدة". وفي ندوة أخيرة نظمتها مجلة السياسة الدولية في الأهرام قال شكري: "إن فكرة استبدال قوات الولايات المتحدة بالقوى الأخرى، وربما القوات العربية، ممكنة"، وجرت مناقشته في وسائل الإعلام وكذلك بين الحكومات ونحن نحاول تحديد مدى مساهمة هذه الأفكار في الاستقرار في سوريا وإنهاء أزمتها الحالية". "لا أستطيع أن أقول ما إذا كانت الفكرة قد تشكلت بالكامل، أو قد تطورت إلى اقتراح يمكن اتخاذ قرار بشأنه". واستشهدت صحيفة "وول ستريت جورنال" في 16 أبريل بمسؤولين أمريكيين يقولون إن إدارة ترامب تريد تجميع قوة عربية لتحل محل القوة العسكرية الأمريكية في سوريا والمساعدة في استقرار الجزء الشمالي الشرقي من البلاد بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وأفادت المقالة بأن مستشار الأمن القومي الأمريكي المعين حديثًا جون بولتون اتصل مؤخرًا بمدير المخابرات المصرية "عباس كامل" لمعرفة ما إذا كانت القاهرة ستساهم في هذا الجهد أم لا. بعد أقل من أسبوعين، وخلال الندوة التثقيفية الثامنة والعشرين للقوات المسلحة، والتي عقدت في 28 أبريل، ألمح السيسي إلى هذه القضية، قائلاً إن مصر لن تكرر تجربة التدخل العسكري المصري في اليمن من 1962 إلى 1967. وأوضح أن القوات المصرية لن تقاتل على الأرض في الخارج كما كانت خلال الحرب الأهلية اليمنية. الحرب الأهلية اليمنية في الستينيات هي نزاع أشار إليه السيسي من قبل، وخلال حملته الانتخابية لفترة رئاسية ثانية، قال إن مصر فقدت "غطاءها الذهبي" بسبب الإنفاق في اليمن. وتقدر تكلفة تدخل مصر آنذاك بحوالي 40 مليون جنيه سنوياً، بالإضافة إلى حياة 26 ألف جندي مصري. لكن في النهاية، لم يتم حل النزاع بالقتال بل من خلال التسوية السياسية مع المملكة العربية السعودية التي كانت تشن حرباً بالوكالة ضد الفصائل التي تقاتل من أجل الجمهورية اليمنية. قال الملحق العسكري المصري الأول لليمن، الجنرال محمد قشقوش، أستاذ دراسات الأمن القومي في أكاديمية ناصر العسكرية العليا، لصحيفة الأهرام ويكلي: "الوضع السوري معقد، ويتبادر الدرس اليمني إلى الذهن عندما يتعلق الأمر بموضوع المشاركة المحتملة في الحرب خارج حدودنا". "يبدو أن الإدارة الأمريكية تفكر في إدخال تغييرات على التحالف الذي تم تشكيله لمحاربة داعش في سوريا بمجرد انتهاء مهمتها". لا يبدو أن الرئيس ترامب مقتنع بأهمية إبقاء القوات الأمريكية هناك. لكن حتى لو وافق العرب على المشاركة، فلا يمكنهم أن يكونوا بديلاً عن 2000 جندي أمريكي. وقال مصدر مصري مطلع على التفاصيل لصحيفة "ويكلي" إنه من السهل تخمين رؤية القاهرة بإرسال قوات إلى سوريا في ضوء التحديات التي تواجهها مصر. الجيش مشغول في سيناء وعلى طول الحدود الغربية، وفي الجنوب، هناك جبهة أخرى مرتبطة بالأمن في البحر الأحمر، كيف يمكن للجيش أن يفتح جبهة أخرى؟ ويقول قشقوش أن وجود تواجد قوات مصرية بالقرب من باب المندب في إطار التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن، يتماشى مع حسابات الأمن القومي المصري التي تشمل الحاجة إلى تأمين حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر والذي يرتبط بقناة السويس. يشير قشوش إلى وجود اختلافات واضحة في مواقف الحكومات العربية التي قد يُطلب منها المساهمة في أي قوة عربية في سوريا، فتتبنى القاهرة والرياض، على وجه الخصوص، وجهات نظر مختلفة تجاه سوريا، ويخشى أن تتوتر العلاقات بين الاثنين إذا ما ضغطت الرياض على مصر لإرسال قوات برية. في مؤتمر صحفي مشترك مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في 20 أبريل، قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن الرياض ستكون مستعدة لإرسال قوات كجزء من "تحالف إسلامي لمكافحة الإرهاب في سوريا"، كرر الجبير موقفه الذي عبر عنه في أبريل 2017. ظهرت وجهات نظر متباينة بين القاهرة والرياض فيما يتعلق بالتطورات الأخرى في سوريا، في حين ردت المملكة العربية السعودية بشكل إيجابي على الضربة الأمريكية ضد سوريا رداً على مزاعم بأن النظام السوري استخدم الأسلحة الكيماوية في دوما، لكن لم تكن سعيدة بالضربة الأمريكية رغم عدم قدرتها علي اعلان ذلك بشكل صريح. وفقا لتقرير وول ستريت جورنال، فإن دول الخليج ستدفع فاتورة أي عملية عسكرية عربية في سوريا، حيث قالت الرياض أنها مستعدة للمساهمة بمبلغ 4 مليارات دولار. تعد تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مؤتمره الصحفي المشترك الأخير مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ذات أهمية في هذا الصدد، ففي إشارة إلى العرب، قال: "عليهم الآن أن يدفعوا ثمن ما يحدث… إن البلدان الموجودة هناك غنية جدًا، سيكون عليها أن تدفع ثمن ذلك… وسوف يدفعون مقابل ذلك، لن تستمر الولايات المتحدة في الدفع، وسوف يضعون أيضًا الجنود على الأرض". في رؤية تعبر عن بعض دوائر السياسة الامريكية وليس مجمل حقيقتها الفعلية يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة محمد كمال أن واشنطن لم تعد تهتم بالشرق الأوسط كما كان في السابق، وأن "تصريحات ترامب تشير إلى أنه بينما كانت المنطقة مهمة بالنسبة للولايات المتحدة في الماضي، فإنها أقل أهمية اليوم، فهي لا تحصل على أي شئ مقابل ما تنفقه في المنطقة، بالإضافة إلى أنه يركز على أن الدول الغنية في المنطقة يجب أن تدفع التكاليف المتكبدة بسبب القضايا الإقليمية، وليس تكاليف الدفاع فقط". وحتى عندما تشارك الولايات المتحدة في العمليات العسكرية، فإنها تتوقع أن تدفع الدول العربية الغنية ثمن الصواريخ والقنابل التي تستخدمها. وليس من المرجح أن تساهم الولايات المتحدة مالياً في إعادة الإعمار بعد الوصول إلى الاستقرار السياسي في دول مثل سوريا واليمن. وقال عبد الخالق عبد الله، المحلل السياسي الإماراتي، لصحيفة "ويكلي" إنه يدعم فكرة إرسال قوات عربية إلى سوريا، وقال إن الفكرة كانت مطروحة على الطاولة منذ بداية الأزمة في سوريا، فيرى أن "الوجود العربي مهم على الرغم من تعقيدات الوضع الذي سيحل فيه محل القوات الأمريكية المتمركزة…

تابع القراءة

التجربة الماليزية: النجاحات والتحديات.

 التجربة الماليزية: النجاحات والتحديات. مقدمة شهدت ماليزيا فى التاسع من مايو إنتخابات برلمانية، أدت إلى فوز المعارضة بالحكم، فيما يمكن أن نطلق عليه إنقلاب ديمقراطى ناعم؛ لأنها المرة الاولى التى تصل فيها المعارضة إلى الحكم  بعد سيطرة الحزب الحاكم على السلطة لستة عقود متواصلة، كما أن وصول المعارضة إلى الحكم لم يأتى من خلال إنقلاب عسكرى أو نتيجة حروب أهلية، ولكنه جاء بعد إنتخابات برلمانية نزيهة- وإن كان النظام الحاكم حاول التدخل فيها- كما أن النظام الحاكم قد أعترف بالهزيمة ووافق على نقل السلطة إلى المعارضة، لتكون أول قرارات المعارضة بعد وصولها إلى الحكم هو محاكمة رموز النظام السابق فى قضايا الفساد الموجهة لهم. وعليه تحاول الورقة التعرف على أسباب نجاح المعارضة الماليزية فى الوصول إلى الحكم، والتحديات التى تواجهها، مع إشارة إلى التوجهات المتوقعة للسياسة الخارجية الماليزية فى ظل الحكم الجديد. نتائج الانتخابات أجريت الانتخابات العامة الرابعة عشرة فى ماليزيا يوم الأربعاء التاسع من أيّار/مايو 2018، وتقدّر نسبة المشاركين حوالي 76% أي أقل من تلك المسجلة في الانتخابات السابقة عام 2013م وهي 85%، وأعلنت المعارضة أنّ حوالي خمسة عشر مليون ناخب تم حرمانهم من أداء حقهم الانتخابي نتيجة لطول طوابير الناخبين وبطء الإجراءات إذ كان الناخبون يصوتون للبرلمان المركزي وللحكومات المحلية بشكل متزامن، كما أن الصناديق تغلق الساعة الخامسة مساءً حسب القانون، وتم إعلان النتائج الرسمية اليوم التالي العاشر من أيّار/مايو 2018م. وحصل تحالف الأمل (المعارض) PH على 113 مقعداً من مجموع مقاعد البرلمان البالغ 222 مقعداً، أمّا التحالف الوطني (الحاكم) BN بقيادة رئيس الوزراء السابق نجيب عبد الرزاق فقد حصل على 79 مقعداً، فيما حصل الحزب الإسلامي الماليزي PAS 18 مقعداً، أمّا حزب واريسان في ولاية صباح فكان نصيبه 8 مقاعد فيما حصد المستقلون 3 مقاعد[1]. أسباب نجاح المعارضة الماليزية فساد النظام الحاكم، تعد قضايا الفساد التى طالت حكومة رئيس الوزراء السابق (نجيب عبدالرازق) من أهم الأسباب التى أدت إلى فوز المعارضة فى هذه الانتخابات، وبدأت القضية فى عام 2015 حيث تسربت أنباء عن سرقة نحو 700 مليون دولار من الصندوق السيادى الماليزى، وأوضحت التقارير أن تلك الأموال ذهبت إلى حسابات مصرفية شخصية تعود لعبدالرازق. وقد أكدت الولايات المتحدة أن أكثر من 4 مليارات دولار سرقت فى عمليات احتيال تمت تحت إشراف خبير مالى مقرب من نجيب، و كانت قضايا الفساد من أهم أسباب الخلاف بين رزاق ومهاتير، والتى أدت إلى خروج مهاتير محمد من حزب الأمنو الحاكم، الذى وصفه بأنه حزب نجيب، وأنه لا يريد أن يرتبط بحزب متهم بالفساد[2]. كما أصدرت الحكومة الماليزية، تحت قيادة عبد الرزاق، عدة قرارات اقتصادية صعبة، شملت فرض ضرائب جديدة وإلغاء دعم المحروقات، مما تسبب في ارتفاع تكاليف المعيشة وزيادة الغضب الشعبي[3]. وهو ما أدى إلى تراجع شعبيته، فقد حصل حزبه على أدنى عدد من المقاعد البرلمانية في انتخابات 2013، إلا أن النظام الإنتخابى والإئتلافى مكنه من الاستمرار فى الحكم[4]. ليستمر تراجعه والتى أدت إلى أن فقد الأغلبية فى الإنتخابات الحالية. توحيد المعارضة، حيث تم توحيد المعارضة فى تحالف الأمل، والذى يضم 4 أحزاب، هي "عدالة الشعب" بزعامة أنور إبراهيم القيادي الاسلامي المعروف (49 مقعد)، و"العمل الديمقراطي" (الذي يهيمن عليه الصينيون في المعارضة، وأصبح أكبر حزب معارض في ماليزيا، وثاني أكبر حزب سياسي بعد الحزب الحاكم[5])، والذى حصل على 42 مقعد، و"الأمانة الوطنية" الذي انشق عن الحزب الإسلامي (10 مقاعد)، و"وحدة أبناء الأرض" الذي شكله مهاتير بعد انشقاقه عن حزب "أمنو"، والذى حصل على 12 مقعد[6]. كما تم تنحية الخلافات الشخصية التى كانت بين مهاتير محمد وأنور إبراهيم، فقد أقر مهاتير بأنه أساء لأنور إبراهيم–بسبب تهم فساد وتهم جنسية دفعت مهاتير لإقالته من كل مناصبه والزج به فى السجن-، وإنه نادم على ذلك، وطلب منه العفو، وقبل إبراهيم اعتذار مهاتير محمد، ودخل هو وأحزاب المعارضة في ائتلاف مع مهاتير للتخلص من ائتلاف الجبهة الوطنية الحاكم وزعيمه نجيب عبد الرزاق،  وتعهد مهاتير محمد بتولي رئاسة الوزراء لمدة عامين، والعمل على الحصول على عفو ملكي عن زعيم المعارضة أنور إبراهيم، كما تعهد مهاتير بالتنازل عن منصب رئاسة الوزراء لصالح أنور إبراهيم، بعد حصوله على العفو الملكي وتمكنه من دخول البرلمان في انتخابات تكميلية[7]. ترشيح شخصية قوية وذات خبرة، تمثلت فى شخص مهاتير محمد، فقد بدأ مهاتير حياته السياسية كعضو في حزب الأمنو الحاكم، ثم ما لبث أن تركه بسبب انتقاداته الحادة لرئيس الوزراء، وتم منع تداول كتابه «معضلة المالايو» الذي هاجم فيه سياسة الحزب، ليعود إليه بعد ذلك ويتدرج في المناصب حتى يصبح رئيسًا له ورئيسًا للوزراء، ثم يخوض معركة ضد الملك ينجح فيها في تقليص صلاحياته، وتمكن مهاتير خلال رئاسته الأولى للحكومة  تحويل ماليزيا لواحدة من أنجح الاقتصاديات في جنوب آسيا. وعلى الرغم من أن مهاتير محمد يعتبر من أهم كوادر حزب الأمنو الحاكم، إلا أنه أنضم إلى المعارضة بوقوفه بينهم في أغسطس/آب 2015، وطالب رئيس الوزراء (نجيب عبدالرازق) بالاستقالة بعد تزايد قضايا الفساد التى تلاحقه. وقد قوى انضمام مهاتير جبهة المعارضة بسبب ما يتمتع به من ثقل ومصداقية بين الناس. وقامت الحكومة بالتحقيق مع من صدرت منه إهانات أو اتهامات لرئيس الوزراء، وعلى رأسهم «مهاتير» نفسه، الذي رحب بالتحقيق وخضع له أكثر من مرة، وازداد إصراره على إزاحة نجيب. وفي فبراير/شباط 2016 أعلن استقالته من حزب «الأمنو» الحاكم ، وأسس حزبًا جديدًا في أغسطس/آب 2016 اسمه حزب «أبناء الأرض» الماليزي المتحد. وأجرى محادثات مع الأحزاب المعارضة، انتهت باختياره مرشحًا لرئاسة الوزراء[8]. التركيز على القضايا الاقتصادية وتنحية الخلافات الأيديولوجية، تحوذ ملفات التنمية الاقتصادية والاجتماعية المكانة الأبرز في الجدل والتنافس بين القوى السياسية في ماليزيا، ويكون الاختيار الشعبي للطرف الذي يبدو أكثر قدرة على تحقيق التنمية والاستقرار للمجتمع الماليزي، ما يعني أن جدالات العلمنة مقابل الأسلمة وجدالات الديني والسياسي والجدل حول العلاقات المدنية العسكرية وموقع الجيش من الحياة السياسية لا تستهلك القوى السياسية هناك ولا تهيمن على المشهد، تبقى هذه الهيمنة من نصيب ملفات الاقتصاد والتنمية. بالطبع ليس المقصود أن المجتمع الماليزي ونظامه السياسي مثاليان؛ إنما المقصود أن السياق العام هناك أفضل بكثير من السياقات المتحكمة في بلادنا[9]. كما أن هناك غياب للمؤسسات الأمنية والعسكرية عن تفاعلات المشهد السياسي ما أعطي للحوار والتفاوض والتداول السلمي للسلطة والمعارضة المدنية أهمية مركزية في الحياة السياسية هناك؛ مع عجز أياً من القوى السياسية عن حسم الصراعات السياسية والتنافسات بواسطة العنف. واقعية الحركات الإسلامية، فقد أظهرت نتائج الإنتخابات الماليزية حصول الإخوان على 15 مقعد من 222 مقعد في البرلمان، 10 مقاعد حصل عليها "حزب أمانة" برئاسة محمد سابو، وهو حزب منشق عن "الحزب الإسلامي الماليزي"، إضافة الي فوز 5 أعضاء اخرين من الإخوان في قوائم وتحالفات…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022