لماذا تعد مصر حليفا سيئا يجب التخلي عنه؟

  لماذا تعد مصر حليفا سيئا يجب التخلي عنه؟ تقديم نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالا مشتركا لكل من أندرو ميللر وريتشارد سوكلوسكي، يناقشان فيه طبيعة العلاقة المصرية الأمريكية في الوقت الراهن،ويشككان في جدوي هذه العلاقة نظراً لتراجع دور مصر –تحت حكم السيسي- كحليف جيد قادر علي خدمة المصالح الأمريكية وبالتالي لا تستحق كل هذا الكم من المعونات العسكرية، وهذه الرؤية التي عرضتها النيويورك تايمز تختلف عن رؤية الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب التي كانت تراهن علي السيسي منذ البداية، وتختلف عن رؤية بعض الكتاب الآخرين مثل ستيفن كوك الذي يركز علي ضرورة استمرار المعونة العسكرية للنظام في مصر من أجل دحر التمرد الإسلامي. وقد جاء هذا المقال ليرفض الحجج التي تستند عليها ادارة ترامب وما يقوله سيتفن كوك مع دعوة الكونجرس لتخفيض المعونة العسكرية. المقال:  يبدأ الكاتبان مقالهما، الذي جاء تحت عنوان "في الحقيقة مصر حليف فظيع" قائلين: "عندما يزور نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس هذا الأربعاء مصر (قبل تأجيل الزيارة إلي منتصف يناير) فإنه سيسير على خطى عدد لا يحصى من المسؤولين الأمريكيين، الذين توقفوا في القاهرة ليثنوا على الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة الأمريكية ومصر، وقد أصبحت هذه نقطة سيئة عفا عليها الزمن، وهو الكلام ذاته الذي صغناه عندما كنا في الحكومة الأمريكية، وعلى بينس ألا يقدم دعما لهذا كله".   ويشير الكاتبان في مقالهما، إلى أن "العلاقات بين البلدين تتباين، ولم يعد هناك ما يجمعها كما في الماضي، ويجب على بينس أن يكون واضحا مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في الحاجة لإعادة ترتيب العلاقة، بدءا من تخفيض كبير للمساعدة العسكرية الأمريكية".  ويقول الكاتبان إنه "بالإضافة إلى توفير أموال دافعي الضرائب الأمريكيين فإن ذلك من شأنه أن يرسل رسالة مهمة لمن يتلقون الدعم الأمريكي بأن المساعدة الأمريكية ليست مشروطة، وسيسهم في وقف الترتيبات التي شوهت العلاقات المصرية الأمريكية".  ويرى الكاتبان أن "أي شك في توقف العلاقة الاستراتيجية بين البلدين تم القضاء عليه، من خلال الاتفاق المبدئي المصري الروسي، الذي سمح للدولتين باستخدام القواعد الجوية لكل منهما، وهذا هو آخر مثال للتصرف غير الصديق من قبل حليف من المفترض أنه صديق، ففي ليبيا قدمت مصر الدعم العسكري للجنرال خليفة حفتر، الذي اشتبكت قواته مع الحكومة المدعومة دوليا ومن الولايات المتحدة، وفي مجلس الأمن الدولي اتخذت مصر موقفا معارضا للولايات المتحدة في القضايا التي تتراوح من سوريا إلى فلسطين/ إسرائيل، وكشف هذا العام عن علاقات عسكرية لمصر مع كوريا الشمالية".  ويقول الكاتبان إنه "حتى عندما تتوافق الأهداف الأمريكية المصرية، فإن مصر تواجه مشكلة في نشر الأهداف المتبادلة والدفاع عنها؛ والسبب هو أن واشنطن لم تتفهم بعد الواقع الجديد، وهو أن مصر، ونتيجة للتحلل الداخلي، لم تعد القوة المهيمنة في المنطقة، التي تقوم بتطبيق السياسة الأمريكية". ويلفت الكاتبان إلى أن "حكومة السيسي أسهمت، وبشكل قليل وصادم، في الحملة ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا، وتجاهلت القاهرة بشكل مستمر عروض الولايات المتحدة لتدريب القوات المصرية على أساليب مكافحة التمرد في سيناء، ولم يعد الحصول على استخدام الأجواء الجوية المصرية مهما بدرجة كبيرة للأمريكيين، بالإضافة إلى أن المزايا التي يتمتع بها الأمريكيون في قناة السويس مبالغ فيها، وبعيدا عن الحقيقة فلا تحصل السفن الأمريكية على حق الأولوية في الطابور، ولا يسمح لها بالمرور قبل بقية السفن الأخرى".  ويبين الكاتبان أنه "في الوقت الذي كان فيه البلدان يحصلان على المنافع المتبادلة، بما في ذلك الدعم المصري الذي يوثق به للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، إلا أن الولايات المتحدة وخلال العقد الماضي ضخت 13 مليار دولار لمصر دون نتائج يمكن أن تظهرها باستثناء خلق فرص عمل للصناعة العسكرية، وتصدير مواد غير مناسبة للمؤسسة الدفاعية المصرية، بشكل سمح للحفاظ على نظام الرعاية الذي شوه الاقتصاد وغذى الفساد". ويعلق الكاتبان قائلين إن "الولايات المتحدة أعطت ولوقت طويل مصر انطباعا بأن المساعدة العسكرية السنوية هي حق لها مقابل الحفاظ على معاهدة السلام مع إسرائيل، ولم تحاسب الولايات المتحدة مصر على الكيفية التي أنفقت فيها هذه المساعدات، وعما إذا كانت تخدم الأهداف الأمريكية الأوسع في المنطقة، بشكل منح مصر خدمة مجانية من الكرم الأمريكي، واتخذت إدارة باراك أوباما الخطوات الأولى، وجعلت من المساعدة أقل كرما، وحددت طبيعة الأسلحة التي يمكن لمصر الحصول عليها عبر المال الأمريكي، وقامت إدارة ترامب بتعليق أو إعادة برمجة 200 مليون من المساعدات العسكرية، وهذه بداية ويجب أن تتبعها خطوات أخرى".  ويجد الكاتبان أنه "في ظل تراجع الأهمية الاستراتيجية لمصر وتصرفها الإشكالي، فإنه يجب تخفيض المساعدة العسكرية السنوية حوالي 500 – 800 مليون دولار؛ من أجل مواءمة مصادرنا مع أولوياتنا، وتخفيض المساعدة لمصر سيحرر الأموال التي يحتاج إليها بشكل لمستوى يتواءم مع القيمة الحقيقية التي تشتقها الولايات المتحدة من العلاقة، وسيلقى ذلك ترحيبا من الكونغرس، الذي عبر عن إحباطه من القاهرة". ويعتقد الكاتبان أن "المخاطر محدودة، فلن تغير مصر تصرفاتها عندما يقل الدعم، ولن تلغي مصر معاهدة السلام مع إسرائيل، ولن تتوقف عن التعاون في مجال مكافحة الإرهاب مع أمريكا، وستواصل بالطبع قتال الجهاديين المحليين". ويورد الكاتبان نقلا عن المدافعين عن التعاون مع مصر، قولهم إن تخفيض المعونة السنوية سيجعلها أقل استعدادا للقبول بالتدريب الأمريكي.  ويعلق الكاتبان قائلين: "لا توجد أدلة تشير إلى أن سنوات من المساعدة الكريمة ساهمت في تقوية الرغبة في مصر للحصول على تدريب إضافي وفرص في مجالات حيوية مثل مكافحة التمرد، بل على العكس فحرمان مصر من الشعور أنها تستحق الدعم قد يعطي نوعا من النفوذ للحصول على تنازلات من القاهرة، وفي الوقت الذي يعد فيه غياب الاستقرار في مصر أمرا مشروعا، فإننا نوهم أنفسنا عندما نعتقد أن الدعم الأمريكي هو الفرق بين النظام والفوضى".  وينوه الكاتبان إلى أنه "بدلا من الاعتراف بأن دور مصر قد تراجع، فإن الرئيس ترامب قام بمضاعفة العلاقة، ووعد بأن تكون الولايات المتحدة (صديقا وفيا) لمصر، وكال المديح للسيسي، والتزم البيت الأبيض بالصمت حول الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان، التي تغذي الراديكالية، وتزيد من التهديد الإرهابي على العالم، ومن خلال ربط الولايات المتحدة بسياسات السيسي القمعية فإن الإدارة تقوم بالتأكيد أن ملايين الشبان المصريين المهمشين سينظرون إليها بنوع من العدوانية".  ويختم الكاتبان مقالهما بالقول إن "أمريكا تحصل على صفقة سيئة مع مصر، وهذه مفارقة من رئيس يفتخر بأنه مفاوض جيد، ومن هنا فإن زيارة بينس هي فرصة لفتح صفحة جديدة، والتأكد من حصول الولايات المتحدة على تعويضات مقابل التزامها تجاه البلد، وفي حال اتخذت إدارة ترامب هذه الخطوة الصغيرة، لكنها مهمة، فإنها ستعيد مصداقية الولايات المتحدة وسمعتها اللتين تشوهتا في المنطقة"

تابع القراءة

اعدام السياسين فى مصر بين الصدمة والرعب

 الاعدامات السياسية في مصر والادارة بالصدمة والرعب   في اعقاب انقلاب 3 يوليه 2013،حرص عبدالفتاح السيسي علي طرح جملة تهديدات لجماعة الاخوان المسلمين، غلقها بغلاف أنيق على انها رد فعل على "تهديدات" قال انها من خيرت الشاطر ببحر من الدماء ما لم يتم التراجع عن الانقلاب، ان تهتم بما عرف بسياسية  "الصدمة والرعب" المتمثلة في تنفيذ جملة مجازر بالرصاص الحي بداية من مجزرة الحرس الجمهوري، ومرورا برابعة وغيرها في المحافظات. هذه الخطة التي اتبعها السيسي، بالتعاون مع جنرالات الجيش والشرطة، كانت تقوم على تخويف مؤيدي الانقلاب من أنهما لم يتم ردع مظاهرات واعتصامات الاخوان فسوف يكون الثمن رقابهم، ولذلك أكثر من تكرار ماقال انه "تهديدات الشاطر" ،وحملت ضمن محاولات لجذب التعاطف الشعبي من مؤيدي الانقلاب لهذه السياسة القائمة على القتل الجماعي. هذه الخطة اعتمدت أيضا على أسلوب الحشد الاعلامي والديني ،فظهرت الفتاوي التي تبيح قتل المتظاهرين، وشارك في الاعلام في نسج صورة شيطانية للمعارضين في الميادين بلغت شططا مضحكا حين جري الحديث عن مقبرة جماعية أسفل منصة رابعة وقنبلة نووية وصواريخ في الاعتصامات، وهو ماتم نفيه في الجلسات الاخيرة لمحاكمات رابعة ديسمبر 2017. وبسبب حالة الحشد الامني والعسكري والاعلامي والديني ضد الاخوان خصوصا، وتصويرهم كشياطين يريدون حكما لمصريين أو قتلهم، أصبحت الاجابة على تساؤلات مثل : كيف صمتت نسبة كبيرة من المصريين على هذه المجازر بل وايدوها؟ وما سر هذا الانقلاب في مفاهيم التسامح لدي المصريين؟، أصبحت الاجابة معروفة. وبسبب هذه السياسة القمعية الدموية الغاشمة نجح الانقلاب في تثبيت أركانه، بفضل "الصدمة والرعب" التي لم يكن أي معارض يتوقعها والتي بلغت حد استخدام طائرات هليكوبتر في ميدان رمسيس لقتل المتظاهرين، ومشاركة وحدات من الجيش في قنص وقتل العشرات والاشتباك معهم في مشاهد لم يعتادها المصريون حتى في عهد عبدالناصر . الادارة بالصدمة والرعب . هذه السياسة القائمة على إدارة عملية تثبيت اركان حكمه بالصدمة والرعب، التي اتبعها السيسي وجنرالاته، لاتزال تواجه رغم مرور خمسة أعوام على الانقلاب، عناصر زعزعتها وانهيارها ولكن لأسباب لاتتعلق هذه المرة بتهديدات الاخوان كما حاول اظهار الامر في بداية الانقلاب. وانما لأسباب تتعلق بمصير نظامه واستقراره، أبرزها التحديات الداخلية المتمثلة في التدهور الاقتصادي وحالة الغليان من تحميل المواطن فاتورة الديون والقروض واتفاق صندوق النقد الدولي ورفع اسعار السلع والخدمات بصورة لم يعتادها المصريون منذ ايام الملكية. من هذه الاسباب الأخرى الذي تحمل بذور فناء نظام السيسي، التحديات الخارجية وأبرزها مشكلة المياه بعدما قدم تنازلات خطيرة لأثيوبيا أصبح ثمنها هو عطش المصريين، فضلا عن تحول نظامه العبء على داعميه الخارجيين خاصة الغرب، ما طرح افكارا لاتزال طور التفكير عن ابداله بجنرال اخر يبرد حالة الاحتقان والغضب الشعبي التي توشك ان تتحول لثورة اخري. ولأن نظام السيسي قام على فكرة التخويف من خطر الاخوان والاسلاميين، وانتقل للتخويف من الارهاب ككل لجذب الدعم الغربي، بعد فشله في صد هجمات داعش في سيناء والتي امتدت للقاهرة، كما أن التفويض الذي طلبه كان "محاربة الارهاب"، فقد ظل الحائط الذي يستند له هو الادعاء أنه يحارب الارهاب لصالح المصريين والعالم ككل. الاهم أنه يدركو كذا كافة مدارس التفكير الاستراتيجي الغربية، وحتى باعتراف المعارضين اليساريين والليبراليين المصريين أن القوة الوحيدة المعارضة القوية المنظمة لاتزال هم الاخوان المسلمون برغم كل ماوجهه لهم من ضربات وقتل واعتقال وتشريد ومصادرة شركاتهم وتجاراتهم، لهذا عاد اعلامه للتحذير من أن سقوطهم عنا هو مجيء الاخوان مرة أخري. وعاد العزف من جانب أركان حكم السيسي على وتران عودة الاخوان مع اناها معاناة المصريين، ومعناها تضرر مصالح الغرب في مصر، وجري استغلال عمليات الارهاب الفعلية التي تحدث في سيناء، والتي يعارضها الاخوان، لوضع كل معارضي السيسي في سلة واحدة، ومن ثم تمرير بعض عمليات الاعدام لجس النبض الشعبي والعالمي. ومع تصاعد المشكلات الداخلية التي يواجهها نظام السيسي وارتفاع فاتورة فشله في حل الازمة الاقتصادية أو حماية الاقباط أو وقف العنف في سيناء الذي طال تفجير طائرة وزيري الدفاع والداخلية، وثقل ملف الانتهاكات الحقوقية تجاه كافة معارضيه لا الاخوان فقط، يبدوان هنا كعودة لسياسة الصدمة والرعب في صورة الاعدامات الجماعية لتخويف كافة المعارضين .   1 _ أن الاهداف التي يسعي من وراءها السيسي وهو يعيد تطبيق سياسية الصدمة والرعب، ولكن في صورة تنفيذ أحكام اعدام لأبرياء بغطاء قضائي، بدل سفك الدماء في الشوارع خارج إطار القانون، منذ بداية انقلابه عديدة منها : 1-      توجيه رسائل مباشرة لجماعة الاخوان وقادتها من انقطار الاعدامات قد يطال القيادات والشباب على السواء، بهدف اثناءه معن استمرارالمعارضة،والقبول بتسوية تضمن بقاء السيسي واستقرار نظامه، أو محاولة تنفيذ موجة جديدة من الصدمة والرعب لتحجيم الجماعة التي لاتزال تشكلها جسا للنظام. 2-      توجيه رسائل لداعمي الاخوان في تركيا أو قطر او الغرب بأن الاستمرار في دعمهم سيكلف الجماعة خسارة صف جديدة من قادتها وشبابها بالإعدامات التي تخطت الالف حالة منها 42 حالة جاهزة للتنفيذ تم بالفعل قتل 23 منهم وباق 29. 3-      تمرير تمثيلية استفتاء الرئاسة لإبقاء السيسي رئيسا 4 سنوات اخري لاعطاؤه شرعية جديدة يحكم بها في ظل تصاعد المعارضة له داخليا وخارجيا. 4-      العام الجديد 2018 سيشهد موجة ثانية قاسية من رفع اسعار الوقود والكهرباء والمياه وكافة السلع والخدمات في ظل تردي وتعاظم حالات الفقر وانتشار البطالة، ومثل ماجري تمرير الموجة الاولي عام 2017 بالقوة الامنية ،يحتاج السيسي هذه المرة إلى "القوة الغاشمة" بحسب تعبيره هو لتمرير هذه الحزمة من القرارات الاقتصادية التي يدفع ثمنها الشعب وحده والفقراء لا الاثرياء، ويستفيد منها بيزنس الجيش، وليس أفضل من الاعدامات عنوان القوته الغاشمة. 5-      الفشل الامني في سيناء يزيد من اصوات الداعين داخل نظام السيسي لإخلاء العريش او سيناء كلها من أهلها، بدعاوي محاربة الارهاب بينما هناك اهداف اخري خفية تتعلق بصفقة القرن وغيرها، وليس هنا كأفضل من القوة الغاشمة والاعدامات لتنفيذ هذه الخطة. ماهي عقيدة الصدمة والرعب ؟ تسمي رغبة الانظمة العسكرية في "الهيمنة السريعة" بـ "عقيدة الصدمة والرعب" ،وهي عقيدة عسكرية قائمة على استخدام القوة المفرطة والساحقة للسيطرة على وشل تصور ورؤية العد وفي ميدان الحرب وتدمير إرادته القتالية. وتطبيقها الانظمة العسكرية التي تقوم بانقلابات عسكرية داخل بلدانها القيام بعمليات قتل ومذابح جماعية للخصوم واعدامات مستمرة بهدف فرض سيطرتها ومنع المعارضين من التصدي لها. وقد وضع عقيدة الصدمة والرعب كل من"هارلان أولمان " و " جيمس وايد " في عام 1996 وبدعم من جامعة الدفاع القومي للولايات المتحدة الأميركية. وتعمد تلك العقيدة الى أيقاع أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين وتدمير البنى التحتية لتكون عامل نفسي مساعد على حسم المعركة وبشكل سري عوقد استعملت تلك العقيدة في اجتياح العراق 2003 وحرب لبنان 2006 (رغم فشلها في تدمير حزب الله .    

تابع القراءة

الاحتجاجات الايرانية والدلالات المتوقعة

 الاحتجاجات الإيرانية التوقيت والدلالات والسيناريوهات المتوقعة تشهد مختلف المدن الإيرانية مظاهرات احتجاجية شعبية عارمة من أقصي الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي وردد المتظاهرون هتافات ضد المرشد والرئيس الإيرانيين رافضين التدخل الإيراني في المنطقة، وهو ما يجعلنا نطرح بعض التساؤلات التي تسعى تلك الورقة للإجابة عليها؛ مثل: ما سبب تلك الاحتجاجات؟ ما هو حجم الاحتجاجات وانتشارها؟ من يقف وراءها؟ كيف تعامل النظام معها؟ وما هو تأثيرها على الحركة الإسلامية في مصر؟ أولاً: حجم الاحتجاجات وسرعة انتشارها: تراوح حجم الحشود بين المئات وبضع الآلاف، وبالنسبة للمواقع التي انطلقت منها المظاهرات فهذه المرة لم تقتصر على أوساط المهمشين مثل الأكراد بالشمال الغربي أو سكان الأهواز بالجنوب الغربي أو البلوش بالجنوب الشرقي، ولكنها انطلقت من بين أوساط السكان الأساسيين، في مدن من بينها مشهد ثاني أكبر المدن الإيرانية ومعقل المحافظين السياسيين وموطن ضريح الإمام الرضا أحد أقدس المواقع لدى الشيعة[1]، وامتدت لمناطق أخرى مثل نيشابور وكاشمر وشاهرود، حيث أفاد ناشطون إيرانيون صباح الجمعة بأن مظاهرات جابت شوارع مدينة كرمانشاه وشيراز ولرستان والمحمرة وأصفهان وحمدان حتى وصلت الاحتجاجات إلى مدينة قم، مدينة لرجال الدين الأقوياء في إيران. في مدينة كرمانشاه غرب إيران ذات الأغلبية الكردية، ردد المتظاهرون شعارات تطالب بالإفراج عن السجناء السياسيين وضد الفساد في البلاد، وأطلق المحتجون شعارات تشير بوضوح إلى المرشد الإيراني علي خامنئي حيث هتفوا: "الشعب يلجأ للتسول والآقا (خامنئي) يعيش في نعيم"، وطالب المتظاهرون في كرمانشاه بقية المدن الإيرانية بالانضمام إلى الاحتجاجات التي من المتوقع أن تتوسع بعد أن دعا لها نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كما كرر المتظاهرون في مدينتي كرمانشاه وشيراز شعارات أطلقها محتجون الخميس في مدينة مشهد وهي "الموت لروحاني" و"الموت للديكتاتور" و"لاغزة ولا لبنان"، "روحي فداء لإيران"، في إشارة إلى الدعم السخي الذي يقدمه النظام في بلادهم إلى ميليشيات موالية لإيران في المنطقة. ثانياً التفسير: التشابك بين الاقتصادي الحاضر بقوة والسياسي – الأيديولوجي الكامن: تتعدد الأسباب خلف الاحتجاجات وبعضها ظاهر يرتبط بالأوضاع الاقتصادية ولكن بعضها كامن وذو دلالات سياسية؛ يعتقد البعض أنها جاءت نتيجة موجة الغلاء التي وصلت حد تجويع الشعب وسموها "ثورة الغلاء" لكن البعض الآخر يرى أن الغلاء في الواقع هو القشة التي قسمت ظهر البعير، فالسياسات التي انتهجها النظام الإيراني مست حياة الشعب الإيراني السياسية والاجتماعية والاقتصادية قبل أن تضر الشعوب الأخرى في المنطقة[2]، كل هذا بالإضافة إلى أنباء عن تفاقم صراعات الأجنحة داخل النظام الإيراني والتي بدأت تظهر للعلن جوانبها وأسرارها على غير عادة أقطاب هذه الاجنحة، بحيث تعطي انطباعاً بأن ما يدور ليس أمراً اعتيادياً ومألوفاً، وأن هناك ما يدعو للاعتقاد بأن الأوضاع السياسية بين النخب الحاكمة في طهران ليست على ما يرام[3]. ومن الملفت أن الكثير من الشعارات في المظاهرات لها علاقة بقضايا السياسية الخارجية، فعلي الرغم من الانتصارات السياسة الإيرانية على الصعيد الخارجي، ونجاحها في تحقيق انتصارات ملموسة في العراق وسورية واليمن، يلاحظ أن المتظاهرين ينددون بهذه السياسات ويطالبون بوقف الدعم وتطالبه بوقف الدعم المقدم للنظام السوري وحزب الله وقطاع غزة، لما لذلك من تداعيات سلبية على المواطن الإيراني الفقير. وعلي العكس من بعض التحليلات التي تشير لأصابع خارجية في الداخل الإيراني، يبدو من مضمون الشعارات التي يرفعها المتظاهرون وشكل وحجم الاحتجاجات التي تتصاعد وتنتقل من مكان إلى آخر أن السبب الرئيسي وراء تلك التحركات هو العامل الاقتصادي بالأساس، حيث يبدو أن قطاعات عريضة من الشعب الإيراني يعاني من الفقر ومن تدني المستويات المعيشية، يضاف إلي ذلك أن هناك عدد كبير من الشركات التي أعلنت افلاسها الفترة الماضية مما تسبب في إضرار قطاع عريض من الشعب الإيراني الذي سأم الدور الإيراني الخارجي في مقابل حالة الإهمال التي يعاني منها الشعب الإيراني منذ فترة طويلة، فحسب التقديرات العلمية يقوم النظام الإيراني بإنفاق مئات الملايين من الدولارات شهريا علي النظام السوري وغيرها من القوى التي يدعمها نظام الملالي في سورية والعراق واليمن وكذلك في لبنان، يضاف إلى ذلك هناك انتشار كبير للفساد في مؤسسات الدولة الإيرانية ما يجعل الشعب الإيراني يتحمل فاتورة كبيرة منذ فترة طويلة دون أن يستطيع التعبير عن هذا الغضب، إلا أن تزايد حالة الاحتقان وعدم القدرة علي التحمل قد تكون الدافع الأكبر وراء تلك الاحتجاجات.  ثالثا: القوي المستفيدة والقادرة على توظيف الاحتجاجات لصالحها: في ظل ماسبق نكون أمام احتمالين؛ أولهما: أن تكون التظاهرات في سياق صراع الأجنحة داخل النظام الإيراني بين خامنئي وروحاني. كما جاء على لسان إسحق جهانكيري نائب الرئيس وحليفه المقرب، الذي اعتبر أن معارضي الرئيس المحافظين قد يكونون من بدأوا الاحتجاجات" وأن "هذه المظاهرات لها أسباب أخرى"، لم يحددها[4]، إلا أن هذا الاحتمال تبطله التظاهرات وما رفعته من شعارات نادت بسقوط كليهما – خامنئي وروحاني – وحتى سقوط ما يُمكن تسميته بالدولة الإيرانية العميقة عابرة الحدود حيث نادى المتظاهرون "لا غزة ولا لبنان"، أما وهناك قرائن قوية علي تورط جناح أحمدي نجاد المحافظ الراديكالي في تظاهرات مدينة مشهد الأولي نظراً لصراعه التاريخي مع المرشد خامنئي، ولكن الأمور يبدو أنها خرجت عن السيطرة بانضمام شرائح شعبية واسعة وقطاعات من المحافظات؛ ثانيهما: فهو أن يكون وراء تلك التظاهرات المحور السعودي الإماراتي بدعم أمريكي وإسرائيلي، وهو الاحتمال الذي يرجحه التصريحات المتفائلة لضاحي خلفان بخصوص العام الجديد في إيران، بالإضافة لكون فريق التواصل التابع للخارجية الأمريكية هو الجهة الوحيدة التي استطاعت بث التظاهرات بالرغم من التعتيم الإيراني الشديد عليها[5]، وهو ما دفع الحرس الثوري الإيراني لإصدار بيان حمَّل فيه ما أسماه بـ "الثالوث الخبيث" (وهي الولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا) بالتعاون مع الأنظمة الرجعية في المنطقة المسئولية عن الأحداث، وذلك بانتهاج "استراتيجيات خفية وعلنية" وتشويه الحقائق التاريخية و"تطهير أصحاب الفتنة والبغاة ضد النظام"، وذلك من خلال عمليات نفسية واسعة "لقلب الحقائق والإيحاء بمؤشرات خاطئة ومنحرفة"[6]. رابعاً: استراتيجية النظام: على الرغم من قوة النظام الإيراني ألا أن حجم الاحتجاجات وانتشارها وآثارها أصابته بالارتباك، ويبدو من رد فعل النظام الإيراني أنه فوجيء بتلك المظاهرات، وذلك على الرغم من قيامه بقتل ما يقرب من 15 مواطناً، إذ لايزال خطاب الحكومة الإيرانية يحاول امتصاص الغضب الجماهيري، وألا ينجر إلى استخدام العنف المفرط مع المتظاهرين مثلما فعل بشار الأسد، وذلك خوفا من انفلات الأمور وصعوبة السيطرة على الجماهير الغاضبة في إيران. وقد اعتقلت قوات الأمن الإيرانية مئات المتظاهرين واستخدمت الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه من أجل تفريق المتظاهرين، وحدثت اشتباكات بين المتظاهرين والشرطة في مدينة شيراز، وقد ارتفع أعداد القتلى إلى 15 شخص بين مدني ورجال أمن، وأعلن مسئول في الأمن الإيراني بمدينة مشهد عن اعتقال 52 متظاهر إثر اندلاع مظاهرات في شوارعها، وذلك بعد أن هتف المحتجون بشعارات ضد الرئيس حسن روحاني والمرشد علي خامنئي.[7] ويتوقع أن يتزايد التوظيف الخارجي لتلك التظاهرات والعمل على تغذيتها، خاصة وأنها تبدو قوية،…

تابع القراءة

ما هي دلالة جولة أردوغان الإفريقية وصراع المحاور في العالم الإسلامي ؟

 دلالة جولة أردوغان الإفريقية وصراع المحاور في العالم الإسلامي (محدث)   جاءت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للسودان في بداية جولة إفريقية للسودان وتشاد وتونس، بما يعكس تنامي الدور التركي في العالم العربي والإسلامي، وقد تجلي ذلك في أزمة القدس الأخيرة حيث ظهر أردوغان كزعيم للعالم السني والإسلامي بشكل عام. والحقيقة أن الدور التركي في العالم العربي والإسلامي صار يتخذ أدوات وخطابات أكثر قوة وظهوراً منذا فشل محاولة الانقلاب العسكري في يوليو 2016. ويستعيد الدور التركي الجديد فكرة العثمانية الجديدة التي ارتبطت بحزب العدالة والتنمية. كما أن التحرك التركي يجد دعماً كبيراً من الاتجاهات الاسلامية المرتبطة بمدرسة الاخوان المسلمين ولكنه يقابل بتحفظ وعداء من المدرسة السلفية الوهابية المرتبطة بالأسرة الحاكمة في السعودية. ولا يتحرك اردوغان بشكل منفرد ولكنه يجد دعماً ويتحرك بالتنسيق مع قطر مما افسح المجال لتواجد عسكري تركي في الخليج للمرة الأولي منذ سقوط الخلافة العثمانية. وقد أخذ هذا التوسع التركي – القطري ينشط في الساحة الأفريقية من أجل حصار الدور الاماراتي السعودي في المنطقة الافريقية. تأتي زيارة أردوغان بعد توتر الأوضاع بين مصر والسودان بسبب مشكلة سد النهضة من جهة والتصعيد السوداني بشأن حلايب وشلاتين من جهة أخرى ورفض السودان لاتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية لاعتمادها مثلث حلايب وشلاتين المتنازع عليه بين مصر والسودان جزءاً من مصر. مما يشير لتصعيد سوداني باتجاه السعودية كذلك خاصة في ظل انتقادات لوجود قواتها باليمن. وربما نتج تصريح سامح شكري وزير الخارجية المصري باستعداد مصر لتحسين العلاقات مع تركيا عن خطوة أردوغان بزيارة السودان والتي استقبلته كبطل قومي أثناء زيارته التي تُعد هي الأولى من نوعها على المستوى الرئاسي التركي للسودان. كما يأتي توسع الدور التركي جنوب مصر وغرب المملكة العربية السعودية بعد زيارة السيسي لقبرص والتعاون المصري القبرصي اليوناني المدعوم اسرائيلياً ضد تركيا،  وهكذا يتزايد حضور المحور التركي القطري الذي يضم إليه السودان بشكل تدريجي في مواجهة المحور السعودي الإماراتي المصري الذي كان يسعى لدور بارز في القارة –كما ظهر في تمويل السعودية والإمارات لقوة المشتركة بدول الساحل. وفي سياق مُتصل جاءت زيارة البشير للدوحة والأردن وحضور قمة اسطنبول الإسلامية مما نتح عنه مطالبات دولية في مجلس الأمن بفرض عقوبات على الأردن لاستقبالها البشير المُلاحق دولياً والتي ربما تكون لها صلة بصفقة القرن. وتسعي توسع الدور التركي القطر على خلفية قمة دول الساحل التي دعت لها فرنسا بحضور ممثلين عن الاتحاد الأوروبي وأمريكا وإيطاليا والسعودية والإمارات بجانب الدول الخمس (بوركينا فاسو، مالي، النيجر، موريتانيا، تشاد) في إطار المحاولات الفرنسية لتأمين الدعم اللازم للقوة الأمنية المشتركة للدول الخمس في تلك المنطقة، والتي تمثل بالنسبة لفرنسا ثغرة أمنية حيث الهجرة غير الشرعية وتصدير الإرهاب. وظهر فيها صعوداً للمحور السعودي الإماراتي في تلك المنطقة بالمشاركة بما يصل لمايزيد عن نصف تمويل القوة المشتركة. إذن يتبلور محور تركي قطري سوداني جديد في المنطقة والعالم العربي والإسلامي في مواجهة محور الثورات المضادة المدعوم اسرائيلياً، وانطلاق هذا المحور على أرضية اسلامية وداعمة للقدس والثورات العربية يشكل منعطفاً هاماً في مواجهة المحور الآخر الذي لا يجمعه سوي العداء للثورات والحركات الإسلامية والتطبيع مع الكيان الصهيوني. ومن الجدير بالذكر أن هناك تركيز تركي علي افريقيا خصوصاً السودان وتشاد وتونس. والاهتمام التركي المتزايد بأفريقيا يعد جزءا من هدف أوسع يتمثل في محاولة استعادة النفوذ الذي كانت تتمتع به الدولة العثمانية، اضافة إلى عدد من الاهداف المرتبطة بالظرف الراهن؛ منها: التجارة والاستثمار والاستفادة من القوة التصويتية الكبيرة للقارة الافريقية في الأمم المتحدة، ومنها: السيطرة على المدارس التركية التي كانت تشرف عليها منظمة فتح الله جولن في أفريقيا، فقد أنشأت تركيا مؤسسة المعارف للسيطرة على هذه المدارس فى افريقيا، ومنها: ما يرتبط بالأمن والسياسة، فقد تم افتتاح اكبر قاعدة عسكرية تركية فى مقديشو فى سبتمبر الماضى حيث يتمركز ضباط اتراك لتدريب الالاف من الجنود الصوماليين، وطبقا لتصريحات وزير الخارجية السوداني فإن تركيا ستعيد بناء مدينة ومرفأ سواكن على ساحل البحر الاحمر في السودان، وسيصبح لتركيا موضع قدم في منطقة البحر الأحمر التي تتداعي عليها القوى الدولية بدءا من فرنسا والولايات المتحدة وليس انتهاء بالصين مما يعزز من وضع تركيا في السياسات الاقليمية والدولية. جدير بالذكر أن هذه هي الزيارة الثانية للقارة الافريقية التي يقوم بها الرئيس التركي هذا العام، بعد زيارته لتنزانيا وموزمبيق ومدغشقر فى يناير 2017. ومن جهة أخري يمكن الربط بين الزيارة ورحلة السيسي لـ "قبرص" وتوتر الأوضاع بين مصر والسودان بسبب مشكلة سد النهضة من جهة والتصعيد السوداني بشأن حلايب وشلاتين من جهة أخرى، خاصة مع رفض السودان لاتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية لاعتمادها مثلث حلايب وشلاتين المتنازع عليه بين مصر والسودان جزءاً من مصر، وهو ما يشير كذلك لتصعيد سوداني باتجاه السعودية في ظل انتقادات لعدم دعمها الموقف السوداني علي الرغم من وجود القوات السودانية باليمن لقتال الحوثيين. وفي خطاب إلى الأمم المتحدة أعلنت السودان رفضها اتفاقية "تيران وصنافير" بين مصر والسعودية، وتطالب بضم حلايب وشلاتين إليها. والاعلام المصري يهاجم السودان ويزعم أن قطر والإخوان وراء افتعال هذه الأزمة. ويبقي التصعيد المصري بحق السودان غير مفهوم واشكالي، خاصة في ظل حاجة القاهرة الشديدة للدعم السوداني في نزاعها مع اثيوبيا حول سد النهضة، وكأن كراهية النظام للإسلاميين مدفوعاً بضغط الإمارات والسعودية يحول بينه وبين رعاية المصلحة القومية المصرية وما تستدعيه في الوقت الراهن من التقارب مع السودان لا مواصلة الهجوم عليها. وقد برزت محاولة لتهدئة الخلاف المصري التركي من خلال اعراب وزير الخارجية المصري عن رغبته في تجاوز التوتر مع تركيا بشرط توقف انقرة عن التدخل في الشأن الداخلي للقاهرة. والحقيقة أن هناك عوامل كثيرة تدفع للتوتر وأخري للتقارب بين الطرفين، وما تزال اشكالية  حضور ودور الاسلاميين قائمة علي الرغم من التهدئة التركية في هذا السياق، ولكن يعتقد أن الحائل الأساسي الآن دون تطوير علاقاتها مع النظام المصري؛ هو تبعية هذا النظام للإمارات والسعودية؛ خاصة في ظل التوتر القائم بين تركيا وحكومة ابو ظبي، وقناعة النظام التركي أن السيسي لن يقايض على علاقته بـ "محمد بن زايد"، وعلمه بالتحديات الاقتصادية بل والأمنية الكبيرة التي يعانيها النظام في مصر، ما يجعل المستقبل مفتوحاً على كل السيناريوهات، ويبقي قدرة النظام على البقاء محل نظر، وبالتالي يظل رهان التقارب مع النظام المصري مستبعداً، ولا ننسى في هذا السياق، أن التحالف القائم بين مصر والسعودية والامارات على العداء لكل القوى ذات الخلفيات الإسلامية بما فيها النظام التركي، والصراع المحموم بين هذه القوى والدوحة الحليف الوثيق لتركيا في المنطقة، هذه العوامل مجتمعة تجعل التقارب بين الجانبين مستبعداً، مهما قيل من تصريحات.  

تابع القراءة

تصريحات هنية وافتضاح صفقة القرن الأمريكية

 تصريحات هنية وافتضاح صفقة القرن الأمريكية كشف رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس النقاب عن صفقة القرن التي ترعاها الولايات المتحدة بمباركة كل من القاهرة والرياض، مشيراً إلي أن الصفقة تتضمن التنازل عن القدس الشريف، واختيار بلدة أبوديس كعاصمة للدولة الفلسطينية المقترحة وإقامة كيان سياسي في قطاع غزة وتقطيع أواصل الضفة الغربية، وهو ما رفضته حركة حماس وغيرها من حركات المقاومة لما لذلك من انعكاسات خطيرة من شأنها أن تقضي ليس فقط علي المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة وإنما كذلك علي حلم إقامة دولة فلسطينية حقيقية علي حدود عام 1967. وعلى الرغم من فضح حركة المقاومة الإسلامية حماس لتلك الصفقة وفضح الدور الأمريكي المتآمر على القضية، إلا أن الولايات المتحدة تمضي بمباركة شركاءها في المنطقة قدما في تلك الخطة، بل وتحاول أن تسرع الخطى من أجل استغلال الأوضاع المتردية وحالة الانقسام الكبيرة في المنطقة من أجل الانتهاء من تلك الخطة بأي شكل من الأشكال ووضع الفلسطينيين أمام الأمر الواقع، فإما القبول بهذه الصفقة وإما الدخول في آتون حرباً غير متكافئة مع الكيان الصهيوني. فكما هو واضح لم تعد الولايات المتحدة تعبأ بالمؤسسات الدولية وعلي رأسها مجلس الأمن والأمم المتحدة واللذين صوتا بأغلبية كبيرة ضد قرار الإدارة الأمريكية الخاص باعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني، وبدلاً من التراجع عن القرار فوجئ الرأي العام العالمي بالمندوبة الأمريكية تكيل الاتهامات للدول المؤيدة للقرار ووتهددهم بسحب الدعم الأمريكي المقدم لبعضهم، وكأن الولايات المتحدة قد أصبحت وصية علي العالم وأنه ليس من حق احد الاعتراض علي ما تصدره من قرارات حتى ولو كانت مخالفة للأعراف والمواثيق والقوانين الدولية. والحقيقة أن الولايات المتحدة لها سوابق في هذا الأمر، والحرب التي شنتها علي الرئيس العراقي صدام حسين ليست منا ببعيد، وذلك بالمخالفة للقوانين الدولية، بل ووصل الأمر بالإدارة الأمريكية وقتذاك لخداع الشعب الأمريكي والكذب عليه، وهو ما يتوقع ان تقوم به إدارة ترمب من أجل تمرير مشروعها في الأراضي الفلسطينية بالرغم من اضراره الشديد بالدور والمصالح الأمريكية في المنطقة والعالم. وفي الواقع أن العقبة الكبيرة التي يحسب لها ترمب حساب، ليست المواقف العربية الرسمية ولا العالمية الرافضة لقراره، وإنما الغضب الجماهيري المتصاعد في المنطقة، حيث يخشى من تزايدة الغضبة الشعبية العربية والإسلامية ضد الولايات المتحدة في الفترة الأخيرة، الأمر الذي قد يقلب أمامها كل المعادلات ويدفعها للتراجع بشكل مباشر عن تلك القرارات الخاطئة، ومن ثم فشل كل المخططات التي يتم الإعداد لها منذ فترة طويلة. وتعلم الإدارة الأمريكية أن تلك الغضبة لن تطال فقط مشروعها ومشروع حليفها الاستراتيجي في المنطقة الكيان الصهيوني، وإنما ستطال كذلك حلفاءها من الدول العربية، وهو ما قد يتسبب في ضياع الدور الأمريكي وخسارته الكثير من مقومات ومسوغات بقاءه في المنطقة واستغلال ثرواتها ونهب خيراتها برضا زعمائها الحاليين. لذلك فإن إفشال تلك الصفقة إنما يتطلب تضافرا للجهود الشعبية العربية مع الجهود الشعبية الفلسطينية من إجال الإبقاء علي جذوة الغضب الشعبي، وتنويع خيارات مقاومة الوجود الأمريكي في المنطقة خاصة الاقتصادي من أجل إشعار الشعب الأمريكي بخطورة الإدارة الحالية علي المصالح الأمريكية، واجبارها علي الضغط عليها من أجل تغيير مواقفها، والعمل علي التواصل الجاد والمثمر مع الدول الرافضة لقرار ترمب لمواصلة الضغط علي الولايات المتحدة من أجل احترام القوانين الدولية الصادرة عن مجلس الأمن، كما يجب كذلك الوعي بخطورة الاشتغالات التي يحاول الكيان الصهيوني وشركاءه في المنطقة خلقها في الفترة الحالية من أجل الهاء الشعوب والدول العربية بأمور هامشية من أجل تمرير صفقة القرن في غفلة من الجميع.  

تابع القراءة

اعدام الأبرياء

 إعدام 15 سيناوي مقدمة "المحاكم عندنا إيدها خفيفة قوى وهي بتدي حكم بالإعدام، وإيدها تقيلة قوى وهي بترجع الحقوق لأصحابها[1]" – أحمد راتب في فيلم الإرهاب والكباب   بالبحث عن أبشع جرائم الإعدام التى يحكى عنها التاريخ نجد الذاكرة سرعان ما ترشدنا إلى حادثة دنشواى[2] وبالنظر إلى تفاصيلها نجد أن وقتذاك تم إعدام 4 فقط. الآن نحن بصدد إعدام 15 شاب مصري مدني أمام محكمة عسكرية في دولة مدنية وفقًا لدستورها. يوم السبت الماضي الموافق 23 ديسمبر 2017 كان الرئيس عبد الفتاح السيسي يفتتح عدد من المشروعات في مدينة الاسماعيلية وذكر في كلمته أن القوات المسلحة ستقوم بكل العنف، بكل العنف، بكل العنف، ولازم بفضل الله نضع حد للإرهاب الموجود في سيناء، وإحنا نموت كلنا ولا حد يقرب من أرضنا[3]. بدأ بالأمس الثلاثاء 26 ديسمبر 2017 عنف القوات المسلحة متمثلًا في محاكمة عسكرية تنتهي بحكم الإعدام شنقًا لخمسة عشر (15) شابًا مدنيًا من سكان سيناء تمت إدانتهم في عام 2013 بالهجوم المسلح على كمين الصفا بالعريش[4]. جانب من ردود الأفعال –          الحقوقي حسام بهجت: متابع قضايا الإعدام من ١٨ سنة بالظبط والنهارده اول مرة اشوف ١٥ شخص بيتشنقوا في يوم واحد في قضية واحدة حكمت فيها محكمة مُشكّلة من ضباط قوات مسلحة[5]. –          شبكة رصد: أنتجت فيديو قصير لا يتعدى 30 ثانية يتضمن رصد بأن من بين هؤلاء أربعة أشقاء، ويتضمن أيضًا تشكيك الحقوقي هيثم غنيم في أوراق القضية بأن هؤلاء تم القبض عليهم بشكل ظالم[6]. –          الدبلوماسي والأديب عز الدين شكرى فشير: كان قد كتب مقالاً في فترة سابقة على الاعدامات الراهنة في جريدة المصري اليوم موجهًا خطابًا طويلًا لرئيس الجمهورية حيث أنه الوحيد الذي يملك حق العفو عن هؤلاء ويدور المقال حول فكرة العفو عن الأسري الأعداء، فلماذا لا نعفو عن هؤلاء؟ فضلًا عن إعدامهم لن يغير في مستقبل الأمور فإعدام سيد قطب لم يكبل الجماعة، وهذا بافتراض أن التهم مثبوته على هؤلاء. أسماء الخمسة عشر شاب الذين أعدموا بالأمس:[7] م الاسم م الاسم 1 2 3 4 5 6 7 8 أحمد عزمي حسن محمد عبده (طبيب أسنان) عبد الرحمن سلامة سالم سلامة أبوعيطة علاء كامل سليم سلامة مسعد حمدان سالم سلامة حليم عواد سليمان إبراهيم سالم حماد محمد السماعنة إسماعيل عبد الله حمدان فيشاوي حسن سلامة جمعة مسلم 9 10 11 12 13 14 15 فؤاد سلامة جمعة يوسف عياد سليمان عواد محمد عايش غنام سلامة صابر سليم سلامة دهب عواد سليمان محمد سلامة طلال سليمان أحمد سلامة طلال سليمان   خاتمة في مثل هذه الأحداث الفريدة من نوعها وما أكثرها في فترة حكم السيسي تنحصر عدد التعبيرات اللغوية ما بين ظلم وزور وبهتان، فبالنظر إلى الوثيقة التى جاءت في الفيديو القصير الذي أنتجته شبكة رصد فيمكننا بكل ثقة اتهام المحكمة والتشكيك في صحة الحكم. صلة القرابة بين هؤلاء المعدومين ربما لا تعكس أمرًا تكتيكيًا بل قد تعبر عن واقع الحياة القبلية في سيناء والأسر التى تسكن قرب بعضها ما بين أخوة وأولاد عم؛ الأمر الذي يعكس شئيًا غريبًا هو وجود طبيب أسنان بين هؤلاء.    

تابع القراءة

من 21 ديسمبر الى 28 ديسمبر 2017

 المشهد السياسي المشهد المصري المشهد السياسي: 3    "إيجل كابيتال" تستحوذ على حصة أبو هشيمة في مجموعة (إعلام المصريين). مجموعة إعلام المصريين هي شركة قابضة تملك بدورها، إلى جانب شبكة "أون تي في"، ستة من الصحف والمواقع الإخبارية، أكبرها موقع وجريدة (اليوم السابع)، وشركتين للإنتاج الدرامي والسينمائي، وسبعة من شركات الخدمات الإعلامية والإعلانية، وشركة للأمن والحراسة، كما تمتلك حصة تقترب من النصف من "سي بي سي"، التي لا تزال الحصة الحاكمة فيها مملوكة لرجل الأعمال محمد الأمين وأسرته؛ أما "إيجل كابيتال للاستثمارات المالية ش.م.م" التي ترأسها داليا خورشيد – وزيرة الاستثمار السابقة – الطرف الثاني في الصفقة، هي صندوق استثمار مباشر مملوك لجهاز المخابرات العامة المصرية، جرى تأسيسه مؤخرًا ليتولى إدارة جميع الاستثمارات المدنية للجهاز في عدد كبير من الشركات المملوكة للمخابرات جزئيًا أو كليًا؛ وبعد الصفقة باتت المخابرات العامة المالكة بشكل كامل لـ "إعلام المصريين" خاصة أن من المعروف أن حصة "أبو هشيمة" لم تتجاوز أبدًا عددًا محدودًا من الأسهم في الشركة، حيث أن دوره كرئيس لمجلس إدارة الشركة، انحصر بالأساس في تمثيلها كواجهة إعلامية، وتوقيع التعاقدات باسمها؛ بينما كانت الحصة الحاكمة من الشركة مملوكة بالفعل لجهاز المخابرات العامة؛ وبحسب مصادر فإن أبو هشيمة خرج من "إعلام المصريين" ضد إرادته؛ من جهة أخرى، تظهر الصفقة أن الأجهزة الأمنية تعمل في مجال الإعلام الآن بغرض واحد هو التحكم الكامل في الرسائل الإعلامية عبر شرائها من المنبع وعدم الاكتفاء بتعاون ملاك وسائل الإعلام أو الضغط عليهم؛ وقد توقع المسؤول السابق بمجموعة شركات "أبو هشيمة" أن تقوم داليا خورشيد، رئيسة (إيجل كابيتال)، في خطوتها التالية بشراء أسهمه في "حديد المصريين" بالكامل، تمهيدًا لإخراجه منها كما حدث مع "إعلام المصريين"؛ على أن تتفاوض خورشيد بعدها مع رجل الأعمال القطري محمد بن سحيم على شراء حصته من الشركة، والتي قدرها المسئول السابق بحوالي 70% من أسهم (حديد المصريين)[1]. 3    ائتلاف الأغلبية في البرلمان "دعم مصر" يتخذ من فيلا مملوكة للاستخبارات المصرية، في منطقة التجمع الخامس، مقراً رئيسياً له، وهي الفيلا ذاتها التي كانت مخصصة لإدارة حملة السيسي الانتخابية في عام 2014، والموضوعة تحت حراسة مشددة من شركة "فالكون" التابعة لجهاز الاستخبارات الحربية[2]. أجهزة المخابرات التي انحدر منها السيسي، باتت أكثر من أية وقت مضى متحكمة في مجمل مجريات المشهد السياسي، فهي يد النظام الطويلة؛ التي يسعى عبرها للسيطرة على كل شيء؛ بداية من الإعلام، مروراً بالبرلمان، وصولاً للجيش القابع تحت قيادة صدقي صبحي الرجل القوي الذي يتمنى السيسي التخلص منه؛ ليس لأن الرجل يناصب السيسي العداء؛ لكن لأن النظام لا يؤمن مطلقاً بتقاسم القوى بين مؤسسات الدولة؛ ويبدو المشهد خاضعاً بصورة كاملة لنزوات النظام وسيطرته؛ لكن هذا الوضع الذي ترقب فيه مؤسسة الرئاسة بعين الشك كل ما يتحرك، سيحمل مراكز القوى الأخرى لحماية وجودها ومصالحها من نظام جامح نزق؛ وبالتالي يبقى صراع مراكز القوى قريب الوقوع للغاية مهما بدت معادلة الحكم المطبقة راسخة وقادرة على البقاء وتحقيق الاستقرار. 3    الحكومة تضغط على مجلسي الدولة والقضاء الأعلى لمنع الاعتراض على استثمار الجامعات الحكومية؛ القانون يهدف إلى فتح المجال أمام الجامعات لممارسة أنشطة هادفة للربح والمساهمة في ذلك مع مستثمرين آخرين، وقد علمت الحكومة بوجود معارضة قضائية لتمرير هذا المشروع الذي مازال يراجع في مجلس الدولة، لشبهة تعارضه الصريح مع المادة 21 من الدستور الحالي، التي تنص على أن "تكفل الدولة استقلال الجامعات والمجامع العلمية واللغوية، وتوفير التعليم الجامعي وفقاً لمعايير الجودة العالمية، وتعمل على تطوير التعليم الجامعي وتكفل مجانية التعليم في جامعات الدولة ومعاهدها، وتعمل على تشجيع إنشاء الجامعات الأهلية (أي الخاصة التي لا تبتغي الربح)، وتلتزم بضمان جودة التعليم في الجامعات الخاصة والأهلية"؛ يتكامل هذا الاتجاه الحكومي الذي يترجمه مشروع القانون المذكور مع خطة لتحويل الخدمات الجامعية الحكومية إلى خدمات مدفوعة بنسبة لا تقلّ عن 75% تدريجياً، والتدرّج في تحويل بعض الجامعات الإقليمية إلى جامعات أهلية، فيتشارك القطاع الخاص مع الدولة في إدارتها، ليتحمّل المستثمرون جزءاً من الأعباء التي تتحملها الدولة حالياً، على أنّ تكون الأولوية للمستثمرين المتخصصين في مجال التعليم والثقافة، أي بمعنى أدقّ إدارات الجامعات والمدارس والأكاديميات والمعاهد الخاصة الهادفة أصلاً إلى الربح في النهاية؛ الحرص على الخصخصة والهوس بالاستثمارات بصرف النظر عن التكلفة سيولد حزمة من التغيرات قد يسهم خلقها وتناميها في تهديد بقاء النظام ذاته؛ فخصخصة التعليم ستخلق أفراد أكثر وعياً بحقوقهم وأكثر قدرة في الدفاع عنها والمطالبة بها، وأكثر طلباً للديمقراطية وتقليص سلطة الدولة والحد من سطوة الأجهزة الأمنية ومحاسبة المسئولين، وهو من جهة أخرى سيزيد من حدة الفروق الطبقية، وبالتالي سيراكم ويغذي سخط الفئات المعوزة والمتوسطة، المتضررة من السياسات القائمة، وعليه سيضاعف من حالة عدم الاستقرار التي سيغذيها التوتر القائم بين الرئاسة وباقي مراكز القوى التي ترى في سياسات الرئاسة والأجهزة المخابراتية الداعمة له، خطراً على بقائم ونفوذهم. 3    نائب رئيس حزب الحركة الوطنية: شفيق سيكون منافسا عتيدًا لكنه لم يحسم أمر الترشح بعد، كافة الإعلاميين رفضوا السماح لنا بالرد على تشويه شفيق، وحول الموقف من النظام: النظام ثابت ويسير على خط مستقيم لم يشهد ارتفاعا أو هبوطا[3]؛ خالد علي: خالد علي يشترط 8 ضمانات لخوض الانتخابات الرئاسية، وعند سؤاله عن موقفه في حال لم تستجب الدولة، يجيب: دعنا لا نسبق الاحداث. تصريحات نائب رئيس حزب أحمد شفيق تظهر رجل داعم للدولة – وعلى أقل تقدير – مجامل للنظام، وهو ما يؤكد أن النظام لا يرغب في تحويل شفيق لبطل شعبي، ويستهدف كذلك ادخاره بحيث يمكن استخدامه في وقت لاحق يصبح فيه أكثر فائدة للنظام، لكن قد يؤكد من جهة أخرى أن شفيق لم يرضخ بعد لضغوط النظام وتضيقاته، وأنه لا زال متمسكاً بموقفه؛ وذلك سر بقاء موقفه بهذا الغموض؛ بينما يبدو موقف "خالد علي" مثير للتساؤلات بقدر ما هو مثير للسخط؛ فلا يعلم أحد علام يراهن خالد علي في تمسكه بالمشاركة في عملية انتخابية لا ناقة له فيها ولا جمل، ولا يمتلك أية مصادر قوة تدعم مشاركته، خاصة أن مشاركته في حد ذاتها مرهونة بموافقة النظام والمؤسسة القضائية، التي تنظر دعوى قد تسفر عن حبس خالد علي . 3    مكرم محمد أحمد: الفريق أحمد شفيق لن يُشارك في الانتخابات الرئاسية المُقبلة، حرصًا منه على وحدة الصف ووحدة الوطن لمواجهة التحديات المُقبلة. التصريح يبدو وكأن الرجل يتكلم عن فئة يتشارك هو و "شفيق" في الانتماء لها، مطالباً شفيق بصيغة مبهمة، متوسلاً بما بينهم من روابط، أن يتراجع عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية؛ حفاظاً على تماسكها؛ وهي تؤكد الاطروحات التي تقول بوجود دولة عميقة ونخبة مهيمنة على الدولة، وإن كانت خفية على الرصد، وتقبع في ركن قصي مظلم عصي على الرصد والكشف، لكن كما أن هذه الفئة تطالب شفيق…

تابع القراءة

“خالد علي” من الشروط إلى الضمانات

"خالد علي" من الشروط إلى الضمانات .."اليسار" وشباب المجتمع المدني يناورون السيسي     مع اقتراب اجراءات الانتخابات الرئاسية يسعي النظام لاقصاء المرشحين الأقوياء أو ابقائهم تحت تهديدات وضغوط مثل أحمد شفيق وسامي عنان خشية قدرتهم علي تشكيل منافس للسيسي من داخل نفس قاعدة النظام الحالي، مع قمع أية امكانية لظهور أية مبادرات من داخل المؤسسة العسكرية مثل الحكم بسجن العقيد أحمد قنصوة بسبب ابدائه رغبته بالترشح وهو يرتدي الزي العسكري، وفي المقابل يسمح بهامش حركة محدود أمام المرشحين المحتملين من المعارضة من ذوي التطلعات المحدودة. وفي هذا الاتجاه جاء الاعلان عن تشكيل الحملة الانتخابية لخالد علي في مؤتمر صحفي غابت عنه وسائل الاعلام الحكومية ولم يحضره سوي فضائيات عربية وأجنبية. في هذا المؤتمر الصحفي تم افتتاح مقر الحملة وأعلن  خالد علي تشكيل الحملة الانتخابية لانتخابات الرئاسة وهي تمثل في الأساس اتجاه اليسار الجديد الشبابي الذين لديهم أحلام كبيرة مثل "حزب العيش والحرية" ولكن بلا قاعدة اجتماعية أو نخبوية. تم تعيين خالد البلشي الصحفي اليساري البارز ، وكيل نقابة الصحفيين سابقاً ، ناطقاً رسمياً باسم الحملة، والبلشي مثله مثل خالد علي اقرب للاتجاهات الشبابية الثورية اليسارية التي دخلت في صدامات مع النظام وبرز دورها في قضية تيران وصنافير مع تبني بعض قضايا الحريات السياسية من خلال نقابة الصحفيين، وقد حصل البلشي علي جائزة دولية مؤخراً لدوره في قضايا الحريات الصحفية، بما يعطيه حضوراً خارجياً جيداً. كما تم تعيين هالة فودة أحد قادة الحزب الديموقراطي الاجتماعي (أمينة المرأة ) رئيساً للحملة، ولكن رئيس الحزب الديموقراطي الاجتماعي فريد زهران يؤكد أن الحزب لم يعلن موقفه بعد من الانتخابات الرئاسية، فهو لا يدعم خالد علي أو يرفضه وأن القرار يمثل فقط هالة فؤاد، ولكنه حتي لم يطالبها بالاستقالة من الحزب بما يعني وجود دعم مبدأي لخالد علي. كان من اللافت ظهور خالد داوود أحد أبرز قيادات حزب الدستور في خلفية الحملة بما يعني دعماً ضمنياً لخالد علي بعد غياب اية مرشح قوي آخر قادر علي تمثيل اليسار أو النخب المدنية والليبرالية في مصر. ويكشف ذلك عن طبيعة تحرك خالد وهو ما يزال في اطار قاعدة اليسار الجديد والاتجاهات الشبابية في القطاع المدني. ويمكن القول أن البقاء في هذه الدائرة يؤكد أن هدفه الأساسي من المشاركة ليس الفوز في الانتخابات، وإنما التأكيد علي رمزية الحضور السياسي بما يكسب الاتجاه اليساري الشبابي الذي يمثله بعض القوة السياسية، وتقليص التراجع في مساحة الحريات من خلال اتاحة فرص لهذا الاتجاه لابداء بعض المعارضة لسياسات النظام بشكل معتدل لا يمكن تجريمه وذلك في صحف المعارضة والقنوات الرسمية. ضمانات ام شروط: انطلقت الحملة تحت شعار "خالد علي 2018..طريق لبكرا"، وطالب خالد علي في مؤتمره الصحفي الثاني بضمانات ثمانية من أجل الوصول لانتخابات نزيهة وحقيقية، تمثل الحد الأدني من الجدية ولكنه لم يرهن مشاركته في الانتخابات بتحقيقها. فهناك فرق بين الشروط والضمانات، فالشروط تعني أنه لن يشارك اذا لم تتحقق، ولكنه اكتفي بالضمانات التي تحتاج إلي موافقة البرلمان أو قرار من رئاسة السيسي نفسه ولذلك فالحملة تخاطب القوي ونواب البرلمان لتنفيذ هذه القرارت، ونظراً لصورية البرلمان الحالي وفي ظل ضيق الوقت لا يعني انه سوف تحدث استجابة حقيقة لهذه المطالب. وربما يراهن خالد علي بعض اعضاء البرلمان من اليسار الذين يمثلهم هيثم الحريري من أجل تحريك موضوع الضمانات كمشروع قانون في البرلمان. وأبرز الضمانات التي طالب بها خالد علي تتمثل في "فتح المجال العام، إطلاق حرية الصحافة والرأي وتداول المعلومات وإلغاء الحجب عن المواقع، إنهاء حالة الطوارئ منذ الإعلان عن فتح باب الترشح، تضمن الإطار التشريعي مدة دعائية معقولة للمواطنين والمرشحين، كفالة حق المرشحين في عقد المؤتمرات والالتقاء بالشعب دون ملاحقة، التزام أجهزة الدولة بالحياد، التزام الأجهزة المشاركة فى العملية الانتخابية بالحياد وحظر إتيانها أي ممارسات لتفضيل مرشح على آخر، وقف استخدام المال العام للدولة عن الدعاية لمرشح أو ضد آخر بطريق صريح أو مستتر، إجراء عملية الاقتراع والفرز بإشراف الجهات القضائية بحضور المرشحين وإثبات اعتراضهم وتسليمهم صور من المحاضر قبل إرسالها للهيئة الوطنية، التأكيد على وجود رقابة شعبية على الانتخابات تتيح لوسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني العربية والدولية المراقبة".   يبقي الحديث عن امكانية المقاطعة والانسحاب إذا لم تتحقق الضمانات والشروط المطلوبة، ويظل ذلك وارداً في أية وقت بالتأكيد، كما أنه ليس هناك ضمان باجراء الانتخابات أو السماح لخالد علي بدخول المنافسة. والحقيقة أن دخول مسار الانتخابات والاندماج فيه سوف يخلق توقعات وادوار لا يمكن له التراجع عنها، فهناك قضية تنتظر خالد علي وسوف تظل سيفاً مسلطاً علي رقبته إلي جانب أية ملفات أمنية يمكن اخراجها من الأدراج، كما أن هناك مزايا ومصالح سوف تظهر تدريجياً مثل الظهور الاعلامي ودعم بعض رجال الأعمال وربما السفارات الأجنبية لمثل تلك الأجواء مثلما ظهر من حرص الفضائيات الأجنبية مثل بي بي سي علي الحضور. هذا المستوي من المشاركة بالتأكيد لا يزعج النظام، ويبقي الانتخابات تحت السيطرة، ولكن خالد علي والاتجاه الذي يمثله يبرر المشاركة الحالية يؤكد أنه يستهدف توسيع مجال الحريات المغلق، وقد تظهر معطيات دولية أو اقليمية أثناء الحملة الانتخابية تؤدي إلي تحسين فرص المشاركة من البقاء علي الهامش وتكرار تجربة حمدين صباحي الديكورية إلي منافس أو معارض للسيسي يحصل علي نسبة 10-15% من الأصوات. كما تبقي هناك امكانية لدخول بعض القوي الخارجية علي خط الحملات الانتخابية لدعم بعض المرشحين والحملات مما يكسبها قوة وحضور نسبي تجعلها تفضل أن تحصل علي موقع مرشح رئاسي أفضل من المقاطعة باحث : عادل محروس  

تابع القراءة

من 8 ديسمبر الى 14 ديسمبر 2017

 قضية القدس  انعقدت قمة استثنائية لمجلس التعاون الإسلامي بإسطنبول بناء على دعوة من الرئيس التركي، كان على رأس جدول أعمال القمة بحث قرار الرئيس الأمريكي ترامب بخصوص الاعتراف بمدينة القدس كعاصمة للكيان الصهيوني، وشارك في القمة رؤساء ووزراء خارجية 48 دولة إسلامية، بالإضافة لمشاركة روسيا كدولة مراقب، ولم تخرج القمة بفرض عقوبات على الكيان الصهيوني أو أمريكا، ولكن دعت للاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وشهدت القمة غياب قادة كل من مصر والسعودية والإمارات؛ كما تم اجتماع الجامعة العربية – على مستوى وزراء الخارجية – يدعو لتدويل القضية واللجوء للأمم المتحدة؛ التحركات العربية والإسلامية الرسمية بشأن القدس ذات دلالة رمزية كبيرة مما أدي إلي فرض حصار سياسي علي إعلان ترامب ولكنها اكتفت بالتحرك تحت سقف الحد الأدنى المرتبط بقرارت الأمم المتحدة ومسار حل الدولتين وشددت على رفضها للقرار الأمريكي الأحادي، في نفس الوقت لم تتجاوز البيانات الصادرة عن الفاعليات التي نظمتها الدول العربية والإسلامية حدود الشجب والاستنكار دون أن تتطرق لقرارات حقيقية للرد على القرار الأمريكي إنما كان الاكتفاء بالاستنكار، وهو ما يظهر عجز الدول المهتمة باتخاذ قرار حقيقي ومؤثر كـ تركيا، قطر، إيران، للتصعيد في ظل قبول محور "مصر، السعودية، الإمارات" بالقرار الأمريكي والتداعيات المترتبة عليه، ويدعم أيضاً وجهة النظر التي ترى أن هناك صفقة للقرن وتسوية نهائية للقضية بمشاركة أمريكية إسرائيلية وقبول سعودي مصري إماراتي.  احتفاء صحفي واعلامي بالغضب العالمي ضد القرار الأمريكي. تظهر العناوين الرئيسية للجرائد المصرية أن هناك احتفال بالغضب الشعبي عالمياً على القرار الأمريكي، وأن هناك احتفاء بالرفض الدولي لقرار واشنطن، حتى عندما نشرت الأخبار تصريح تيلرسون بأن "وضع القدس النهائي متروك للتفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين" وصفت التصريح بأنه مراوغة أمريكية لامتصاص الغضب العربي؛ هذا التصعيد يأتي في سياق إظهار إقناع الشعوب والمجتمعات العربية الغاضبة باهتمام القادة والحكام في مصر والمنطقة بالقضية الفلسطينية وبالقدس، وامتصاص غضب الشارع ورفضه للقرار الأمريكي، وتنفيس هذا الغضب في اتجاهات أمنة ومسيطر عليها، وتمرير القرار مع تجنب المردودات المفاجئة وغير المتوقعة من الشعوب. ثانياً: المشهد المصري : المشهد السياسي:  الداخلية ترفض طلب الأحزاب بالتظاهر أمام الجامعة العربية؛ رفض الداخلية طلب الأحزاب المدنية التظاهر أمام الجامعة العربية والقريبة من ميدان التحرير يؤكد صدق الزعم الذي يقول بأن النظام مع سماحه بالمظاهرات الرافضة للقرار الأمريكي إلا أنه يظل حريص على ابقاء الفاعليات الرافضة تحت السيطرة بشكل يمكن معه التحكم فيها، وتوظيفها في امتصاص غضب الشارع وفي تأكيد دعمه للقضية الفلسطينية، وفي نفس الوقت يحول دون تطورها في اتجاه الوضع الداخلي أو استغلالها من قبل قوى مناوئة.  وزارة التخطيط: "مدونة سلوك للموظفين المنتقلين لـ "العاصمة الإدارية"؛ تصور العاصمة الإدارية الجديدة كمدينة فاضلة خالية من مشكلات العالم الواقعي؛ أبرز ملامح هذه المثالية سيطرة السلطة الكاملة على المكان والسكان، ومدونة السلوك إحدى وسائل هذه السيطرة المرجوة.  شفيق يبدأ مشاورات لحسم موقفه من الترشح للرئاسة، نائب رئيس الحركة الوطنية: شفيق يعود لمنزله خلال أيام، ويضيف: شفيق في رعاية كريمة من الدولة ولم أناقش معه مسألة ترشحه للرئاسة. الأقرب للواقع أن شفيق رهن الإقامة الجبرية وتحت سيطرة النظام بشكل كامل وليس له أية فرصة للمنافسة على منصب الرئيس في ظل الوضع الراهن، وتصريحات مسئول حزب شفيق يؤكد أن الدولة قد تستخدم الرجل في الانتخابات الرئاسية أو في إلهاء الشارع السياسي بمستقبل شفيق ومستقبل مشاركته أطول فترة ممكنة، ولأن التأكيد بشكل رسمي أن النظام اختطف الرجل ووضعه رهن الإقامة الجبرية ستحول شفيق من مرشح الدولة العميقة إلى بطل ومرشح ثوري في وجه نظام مستبد.  المؤسسة العسكرية تنظم معرضاً للصناعات الدفاعية والعسكرية في ديسمبر 2018؛ القوات المسلحة تحاول تدارك صورتها المتآكلة وتراجع شعبيتها مع اتساع رقعة نشاطها الاقتصادي وانشغالها بالمشروعات الربحية، وابتعادها عن دورها في حفظ الأمن والاستقرار، خاصة مع ارتفاع وتيرة الأعمال الإرهابية وعجز الأجهزة الأمنية والعسكرية عن وضع حد لهذه الأعمال، والخبر يقدم رسالة مفادها أن المؤسسة العسكرية تهتم بالبعد العسكري كما تهتم بالمزارع السمكية بل وحققت طفرات في المجال العسكري يسمح لها بإقامة معرض لبيع الأسلحة المصنوعة والمطورة محلياً.  الرقابة الإدارية تحبط الاستيلاء على أراضي قيمتها 3.9 مليار جنيه، وتواجه تشكيلات الاستيلاء على أراضي الدولة والتهرب الجمركي؛ في النظم السلطوية يملك رأس النظام القدرة على إعادة تخليق النظام بشكل يكرس كل السلطات في عدد من الأجهزة المقربة منه مع إصابة باقي أجهزة النظام بالشلل والعجز، وفي الحالة المصرية نجح نظام ما بعد يونيو 2013 في تكريس كل السلطات في يد مؤسسة الرئاسة وما طورته من أجهزة مثل "الرقابة الإدارية" التي انتزعتها من البرلمان ومنحتها صلاحيات واسعة وباتت شرطة الرئاسة في مواجهة النظام والمجتمع. ولذلك من الممكن أن نقول بأن النظام المصري يتكون من مؤسسة رئاسة متحكمة في كل الملفات، وأجهزة قضائية وتشريعية وتنفيذية تحولت إلى أذرع تنفيذية تضع خطط الرئاسة وتوجهاتها موضع التنفيذ دون أية إرادة أو استقلالية، وبالتالي فإن أية أزمات مستقبلية تحدث بين نخبة الحكم الصغيرة في الاتحادية قد تسفر عن شلل كامل في الدولة، بالإضافة إلى موقف قوى النفوذ في جسد السلطات الثلاث المهمشة "التشريعية، والقضائية، التنفيذية" من هيمنة الرئاسة واستئثارها بالحكم منفردة.  وزير الأوقاف: القدس عربية وستظل ولابد من اصطفاف وطني عربي وقطع أيدي الخونة والعملاء، والإخوان أحفاد والي عكا حاولوا أن يركبوا أحداث القدس. مفتي الجمهورية: إعلان الجهاد حق ثابت لولى الأمر. في التصريحات تأكيد على عروبة القدس ومن ثم عروبة القضية في استبعاد للبعد الإسلامي للقضية، وفي التصريحات مطالبة بقطع أيدي الخونة والعملاء دون توضيح من يقصد بالخونة والعملاء؛ ما يظهر استخدام القضية في استكمال الصراع العربي/العربي والحرب الباردة بين دول دعم الاستقرار ودول دعم التغيير الثوري، وفي التصريحات توظيف للتاريخ في الصراع السياسي، واجتزاء للأحداث التاريخية وتوظيفها في تشويه الخصم واغتياله معنوياً، وهو ما يظهر موقف برجماتي من الدين، حيث يتم توظيفه من قبل أجهزة الدولة في اغتيال خصومها، وفي نفس الوقت ينتقد استخدام خصومها للدين في معركتهم مع الدولة، وفي التصريحات استخدام الدين كأداة في الصراع دون أن يكون له تأثير ووجود فعلي في مجريات الصراع، في النهاية تكشف جملة التصريحات تلك أن مشكلة الدولة ليست في الدين ذاته لكن في تحول الدين من أحد أدوات الدولة للسيطرة على المجتمع وإلى أداة تستخدمها قوى اجتماعية وسياسية في معركتها مع الدولة، وتتقاسم المؤسسات الدينية نفس الرؤية مع الدولة وترى أن القوى الدينية غير الرسمية تنازع المؤسسات الدينية الرسمية حقها الشرعي والحصري في امتلاك الدين وتأويله بما يحمي مصالحها ونخب الحكم المتحالفة معها.  الأهرام: ترامب يشعل المنطقة … والإرهابيون يدمرونها. نظرية المؤامرة حاضرة على صفحات الجريدة الرسمية الأولى، والرسالة التي تطرحها أن قرار ترامب ونشاط التنظيمات العنيفة جزء من…

تابع القراءة

مشروع تعديل قانون الجنسية… البدون في مصر لأول مرة!!

مشروع تعديل قانون الجنسية…                           البدون في مصر لأول مرة!!                    علاقة المواطن بوطنه هي علاقة وجدانية وانسانية تغرس جذورها في عمق التاريخ والثقافة والقيم والهوية والانتماء، وهذه الجذور العميقة لقضية الوطنية والانتماء تعلو علي التحزب السياسي والصراعات علي السلطة، أما النظم المشكوك في ولائها – أو ذات الانتماء السطحي الفارغ المضمون والتي تعاني من نقص الشرعية وهشاشة الانتماء والارتباط الشعوري والوجداني الحقيقي – فإنها تسعي لافتعال واختلاق صيغ من الانتماء الشكلي والهوية المصطنعة القائمة علي المبالغة بالتغني بالوطنية بينما هي تخرب الوطن وتفكك المجتمع وتبيع الأرض والعرض. ونظراً لادراك نخب النظام لزيف الأغاني والشعارات وعدم قناعة المجتمع والأمة بالمشاعر المصطنعة فإنها تلجأ إلي استهداف ذوي الانتماء والحس الوطني المستند إلي عمق ديني وثقافي وقيمي أصيل، فهذه الجماعات والقوي شديدة الانتماء والحب للوطن تفضح زيف شعاراتهم وتبلد مشاعرهم، فحبها للوطن ودفاعها عن الهوية وخوفها علي المجتمع يدفعها لمقارعة الظلم والاستبداد والطغيان. وهنا يكتشف أصحاب الشعارات الجوفاء من النخب التي تسيطر علي السلطة والمال عجزهم عن اقناع المجتمع وقواه الحية بأنهم يمثلون المصالح العامة والعليا للوطن فلا يكون أمامهم سوي القمع ونزع الوطنية عن المعارضة والقوي الحية الأكثر ولاءً وانتماء وتضحية في سبيل الدين والوطن والعرض والأهل.  وفي هذا السياق تلجأ النظم السلطوية إلي استخدام سلاح اسقاط الجنسية عن عدد غير محدود من المواطنين لاتهامهم في قضايا ذات طابع سياسي في المقام الأول، ومن دون اشتراط أن يكونوا قد اكتسبوا جنسية أخرى، أو حاربوا الدولة المصرية لحساب دولة أخرى. ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى ظهور فئة غير المجنسين أو "البدون"، كما يطلق عليهم في بعض الدول، لأول مرة في مصر. هذا المشروع كان مقدماً بالأساس من النائب مصطفى بكري، المعروف بقربه من بعض الأجهزة الأمنية والسيادية المشاركة في الحكم، كجزء من التصعيد الأمني ضد "الإخوان المسلمين" وغيرهم من مجموعات التيار الإسلامي، عقب حادث تفجير الكنيسة البطرسية في ديسمبر 2016. إلّا أن وزير الشئون النيابية مجدي العجاتي، أكد في ذلك الوقت عدم دستورية المقترح لتعارضه مع نص الدستور الحالي، ورفض مناقشته في لجنة الشئون التشريعية بمجلس النواب. ثم وافق مجلس الوزراء يوم الخميس 20 سبتمبر على مشروع قانون أعده وزير العدل حسام عبدالرحيم، يسمح لمجلس الوزراء بإسقاط الجنسية عن المصري المتمتع بها وحدها أو مع جنسية أخرى "في حالة صدور حكم قضائي يثبت الانضمام إلى أي جماعة، أو جمعية، أو جهة، أو منظمة، أو عصابة، أو أي كيان، أياً كانت طبيعته أو شكله القانوني أو الفعلي، سواء كان مقرها داخل البلاد أو خارجها، وتهدف إلى المساس بالنظام العام للدولة، أو تقويض النظام الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي لها بالقوة، أو بأي وسيلة من الوسائل غير المشروعة".              ويُلاحظ من صياغة المشروع أنه لا يوقع قرار إسقاط الجنسية كعقوبة تكميلية للأحكام القضائية الصادرة بالإدانة في قضايا الإرهاب أو العنف أو الاغتيال أو التخابر، بل إنه يتحدث عن الانضمام إلى الجماعات والجمعيات والهيئات في الداخل والخارج. وهذا يعني عدم ضرورة حدوث اعتداءات إرهابية أو أعمال عنف أو أي فعل مادي من الأساس، لتصبح الحكومة قادرة على إسقاط الجنسية عن بعض مواطنيها. ويكفي بالتالي أن تصدر محكمة ما، أياً تكن درجتها القضائية، نصاً في صورة حكم قضائي يثبت صفة "الانضمام" على الشخص المرغوب في إسقاط جنسيته. وحتى لا يكون أمامهم الفرصة للطعن على حكم الإدانة وكذلك العقوبة التكميلية بإسقاط الجنسية أمام محكمة النقض؛ استقر الرأي بعد استشارة عدد من قضاة النقض ومجلس الدولة على نقل هذه السلطة إلى مجلس الوزراء، باعتبارها سلطة تقديرية يراقبها القضاء، وفي الوقت نفسه تملك الحكومة بموجبها أن تسقط الجنسية عن المدانين بحكم نافذ أو حكم بات، حسب الرغبة. وقد وافق قسم التشريع بمجلس الدولة في 18 ديسمبر على مشروع مجلس الوزراء، والذي نص على سحب الجنسية "حال صدور حكم قضائي يثبت انضمام حامل الجنسية إلى أي جماعة أو جمعية أو جهة أو منظمة أو عصابة أو كيان يهدف إلى المساس بالنظام العام للدولة أو تقويض النظام الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي لها بالقوة أو بأي وسيلة من الوسائل غير المشروعة" وليس فقط الأحكام التي تثبت الانتماء لكيانات  إرهابية. كما تضمن المشروع أيضاً، زيادة المدة التي يجوز خلالها سحب الجنسية المصرية من الأجنبي الذي اكتسبها، لتكون خلال 10 سنوات بدلاً من 5 سنوات، إذا حكم عليه في مصر بحكم قضائي بات بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخله بالشرف أو بجريمة مضرة بأمن الدولة من جهة خارجية أو داخلية، أو انقطاعه عن الإقامة في مصر بدون عذر يقبله وزير الداخلية.  وقد صار الطريق مفتوحاً أمام البرلمان لاقرار القانون الذي ينتهك كل القيم والحقوق كوسيلة لعقاب ذوي الانتماء الوطني الأصيل علي قيامهم بواجبهم الوطني في المعارضة ومقاومة الظلم.      الباحث   عادل محروس

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022