قراءة نقدية في.. خطاب السيسي على هامش مؤتمر الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان

قراءة نقدية في.. خطاب السيسي على هامش مؤتمر الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان

  في الحلقة النقاشية التي أقيمت على هامش مؤتمر الإعلان عن “الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان”، وكانت تحت عنوان “حقوق الإنسان بين الحاضر والمستقبل”، كان للسيسي كلمة طويلة كان مما جاء فيها حديثه عن الإخوان المسلمين وأنه لا يختلف معهم طالما لم يعارضوا مساره أو يستهدفوه. وقد أثارت هذه الكلمة جدلاً واسعاً بين المعنيين بالأمر والمراقبين المهتمين بالشأن المصري ومسألة العلاقة بين جماعة الإخوان والنظام المصري. ولقد كان الجدل بخصوص كلمة السيسي وما جاء فيها ودلالاته هو الدافع الأول للاهتمام بخطاب السيسي على هامش المؤتمر. أما الدافع الثاني فقد كان محاولة تقييم الرؤية التي ترى في خطابات السيسي مجرد تصريحات مفككة تنم عن حالة من السذاجة والخفة والجهل ولا تقدم أية تبرير أو تفسير لسياساته، وبالضرورة لا تكشف عن رؤيته -أي السيسي- للمشهد المصري وفلسفته في التعامل مع قضاياه المختلفة. وفي الحقيقة تعد محاولات الوقوف على رؤية السيسي للمشهد العام في مصر، وأهم ملامح وقسمات هذه الرؤية، ومحاولات الوقوف على الحلول والمقاربات التي يطرحها للتعاطي مع مشكلات الواقع المصري، أمور مهمة للغاية في فهم وتفسير جزء غير قليل من سياسات النظام، وفي التعرف على الحدود القصوى التي يمكن أن يذهب إليها في سبيل تنفيذ رؤاه وتصوراته تلك. والافتراض الذي يطرحه الباحث بخصوص ذلك: أن نظرة متفحصة لخطاب السيسي وتصريحاته، تجد أن رغم عدم الوضوح، إلا أن هذا الخطاب يقوم على عدد من القناعات الصلبة الواضحة، ويطرح عدد من الأفكار التي يتبناها ويؤمن بها ويروجها ويبرر من خلالها سياساته. ذلك ما سنحاول الوقوف عليه في هذه السطور، مع محاولة الاشتباك مع هذه الأفكار وكشف نقاط ضعفها. وذلك من خلال استراتيجية تقوم على خطوات ثلاث: (1) ذكر أهم الأفكار التي طرحها السيسي خلال كلمته كعناوين عريضة. (2) ذكر موقع هذه الأفكار من الخطاب. (3) الاشتباك مع هذه الأفكار وكشف نقاط القصور فيها بعد ذكر الحجج التي يعتمد عليها في تدعيم هذه الأفكار وتبريرها. الفكرة الأولى: أن الدولة تعاني من مشكلات حقيقية لكن الثورة ليست الطريق الأنسب للتغيير: يذكر عند هذه النقطة أنه ألتقى[1] الصحفي إبراهيم عيسى والإعلامي شريف عامر بعد أحداث 2011، وأنه قال في حديثه معهم أن الدولة المصرية لديها تحديات كثيرة “التحديات دي تحدي اقتصادي وتحدي سياسي، وتحدي اجتماعي وتحدي ثقافي، وتحدي ديني وتحدي إعلامي”، ثم يضيف “وكان المعنى اللي أنا عايز أقوله هنا (..) 2011 كان إعلان لشهادة وفاة الدولة المصرية. هذين التصريحين جاءا في أول فقرتين من الكلمة التي ألقاها السيسي خلال الحلقة؛ وقد يبدو أن التصريحين متناقضان؛ فالأول يعترف فيه أن الدولة المصرية تعاني من مشكلات حقيقية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ودينية وإعلامية، كأن هذا التصريح إعلان منه أن هناك مشكلات حقيقية دفعت الجماهير للثورة على الدولة، وأن خروج الجماهير كان مفهوماً في ضوء هذه التحديات. أما التصريح الثاني فيقول فيه أن الثورة كانت بمثابة إعلان وفاة الدولة، فهو بالتالي رافض للثورة يستشعر خطورتها على بقاء الدولة. ويبدو أن مقصده في التصريحين أن الدولة في مصر تعاني من مشكلات حقيقية، وهذه المشكلات تضغط على المجتمع وتدفعه للخروج للاعتراض عليها، لكن علاج هذه المشكلات لا يجب أن يكون من خلال الثورة على الدولة والخروج عليها، وإنما يكون من خلال الثقة في الدولة والالتفاف حولها واعتبارها ماكينة التغيير التي تقود المجتمع للأفضل. مما يؤكد هذا المعنى أنه كان مقصود السيسي من تصريحاته، ما يذكره في نهاية كلمته عن سوريا، دون أن يذكر أسمها صراحة، فيقول “تصوروا دولة فيها 16 مليون لاجئ، 2 مليون في الأردن، و2 مليون في لبنان، أنا بقول أرقام تتحفظ، وزيهم في تركيا، وجوة معسكرات لاجئين لحوالي 10 مليون. 10 سنين الولد أو البنت اللي كان عنده 6 سنين بقى عنده 16، واللي عنده 12 بقى عنده 22. يا ترى الأمة دي هاتبقى عاملة إزاي؟ هاتطلعلنا إيه؟[2]“، ثم يضيف في حديثه عن نفس الدولة “فيه معسكر، في دولة يعني من الدول ديت، يعني.. مش هينفع أقولها.. مش هينفع والله.. بياخدوا الولاد الصغيرين يجوزوهم عشان يخلفوا عشان يطلعوا، يعني، متطرفين، يطلعوا قتلة، أدوات قتل للمجتمعات. يا ترى اللي كان بينظر في الوقت ده للدولة ديت من، في 2010 و2011، كان هدفه إنه يعمل في الدولة دي كدة؟ وإنه يكون الناتج بتاعها هو عبارة عن تشكيل وتكوين خلايا أو، مش خلايا بقى، أجيال من الإرهابيين والمتطرفين يفضلوا يخربوا في المنطقة دي لمدة 50 100 سنة جايين[3]“. هذه التصريحات تشير لنفس المعنى، وهو أن الثورة طريق للفوضى وليست طريق للتغيير للأفضل، حتى وإن كانت أسباب تفجرها وجود مشكلات حقيقية تعاني منها الدولة والمجتمع. حتى أنه يشير إلى أنه يعي أن الثوار لم يكن مقصدهم الوصول لحالة من الفوضى وإنما كانوا يرون في الثورة طريق للتحديث والتغيير، حيث يقول “يا ترى اللي كان بينظر في الوقت ده للدولة ديت من، في 2010 و2011، كان هدفه إنه يعمل في الدولة دي كدة؟ وإنه يكون الناتج بتاعها هو عبارة عن تشكيل وتكوين خلايا أو، مش خلايا بقى، أجيال من الإرهابيين والمتطرفين”. بالتالي هذه رسالة ضمنية لكنها واضحة، وتقول بصراحة شديدة، أن الدولة بالفعل تعاني من تحديات حقيقية ومشكلات لكن معالجة هذه المشكلات لا تكون من خلال الثورة فالثورة ليست طليعة تحديث وإنما نذير خراب. بالتأكيد يمكن رفض هذه الرؤية وانتقادها وكشف عوارها؛ (1) هي في النهاية تخلط بين الدولة والنظام السياسي، وتعتبر أن الدولة هي النظام السياسي والنظام السياسي هو الرئيس، بالتالي سقوط رئيس يعني سقوط النظام وسقوط النظام يعني سقوط الدولة، وبالتالي هذا تصور غير حقيقي على الأقل من الناحية النظرية فالدولة غير النظام غير الرئيس، وسقوط رئيس ونظام لا يعني سقوط الدولة، وإن سقطت الدولة فسبب سقوطها هو هشاشتها وقابليتها للسقوط وليست الثورة. (2) أن سقوط الدول بعد حدوث ثورات لم يكن بسبب الثورة في الحقيقة وإنما بسبب الثورات المضادة وتشبث نخب الحكم بالسلطة مهما كانت تكلفة بقائهم في السلطة، فما حدث في سوريا لم يكن بسبب الثورة وإنما كان بسبب النظام الذي ضحى بكل شيء بما فيه الدولة نظير بقائه. (3) أن الثورات لم تحدث بسبب وجود مشكلات وتحديات حقيقية، فالمشكلات والتحديات دائماً موجودة؛ وإنما بسبب زيادة حدة القمع مع تفاقم التحديات، وبسبب غياب العدالة فالتحديات والمشكلات يدفع تكلفتها فقط المجتمع، وخاصة الطبقات الفقيرة، في حين يتمتع القائمين على الحكم والمقربين منهم والمتحالفين منهم بحياة مترفة ونفوذ واسع ولا يتأثرون أبدأ بالتحديات التي تعيشها الدولة، وبسبب إغلاق المجال السياسي وعسكرته وكأن نخب الحكم رضيت بالمشكلات وتأقلمت معها ولم تعد معنية بتغييرها، فخروج الناس وثورتهم سببه يأسهم من أية وسيلة بديلة يمكن اللجوء إليها لتحقيق التغيير المنشود. لكن رغم كل هذه الاعتراضات تبقى الرؤية التي طرحها السيسي بأن هناك مشكلات…

تابع القراءة
تحالف أوكوس بين أمريكا وبريطانيا واستراليا: الدوافع والتداعيات

تحالف أوكوس بين أمريكا وبريطانيا واستراليا: الدوافع والتداعيات

  أعلنت الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، في 15 سبتمبر 2021، في إعلان افتراضي مشترك، عن تشكيل تحالف “AUUKUS” (اختصار لأسماء الدول الثلاث المشاركة: أستراليا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة)، وهو حلف عسكري يجمع الدول الثلاث في شراكة دفاعية متعددة المستويات، ستسمح للدول الثلاث بتبادل التقنيات الكمية التي تغطي مجالات الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والأنظمة التسليحية “تحت الماء” والضربات الاستراتيجية بعيدة المدي. ويركز التحالف في المقام الأول على المحيط الهادي والهندي ضد تهديد الصين (على الرغم من عدم ذكر ذلك صراحة). وكجزء من الترتيب، سوف يطلق “أوكوس” برنامجًا لمدة 18 شهرًا لتسريع استحواذ أستراليا على الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية، مما يلغي عمليا صفقة بيع غواصات فرنسية تقليدية إلى أستراليا التي كافحت منذ عقد من الزمان للحصول على الغواصات النووية. وبهذا تمنح الولايات المتحدة الآن لأستراليا قدرة الوصول إلى التقنيات التي سبق أن شاركتها مع المملكة المتحدة فقط[1]. وسنحاول في السطور القادمة توضيح أهم الدوافع التي تقف خلف هذا التحالف، وأهم التداعيات الناتجة عنه خاصة فيما يتعلق بمدى تأثيره على العلاقات الأمريكية – الأوروبية عامة والفرنسية خاصة، كذلك تأثيره على حالة التنافس والصراع بين أمريكا والصين. أولًا: دوافع التحالف: يمكن الإشارة إلى مجموعة من الأسباب والأهداف التي دفعت هذه الدول الثلاث للتحالف فيما بينها، تتمثل أبرزها فيما يلي: 1- بالنسبة لأستراليا: بموجب هذا التحالف سوف تقوم كلًا من أمريكا وبريطانيا على مدار الثمانية عشر شهراً القادمة بعملية نقل التكنولوجيا النووية لتمكين أستراليا من بناء 8 غواصات تعمل بالطاقة النووية. كما أن هذا التحالف سيكون رادع للتحركات الصينية التي تهدف إلى فرض سيطرتها على منطقة “الإندو-باسيفيك” التي تشمل جميع الدول الساحلية المتشاطئة لأي من المحيطين (الهندي – الهادئ) والدول الواقعة داخل مياههما ومن هذه الدول استراليا[2]. وتتميز الغواصات الأمريكية عن الغواصات الفرنسية – التي قامت استراليا بإلغائها وشراء الغواصات الأمريكية – بعدة مزايا تقنية؛ حيث تتميز الغواصات النووية عن نظيرتها التي تشتغل بالديزل أو الكهرباء، سرعتها الكبيرة ومداها الطويل، وقدرتها على الغوص لفترات ممتدة دون الحاجة للصعود إلى السطح، كما أنها لا تصدر أصوات قوية مما يمنحها القدرة على توجيه ضربات مؤلمة دون أن يتم رصدها، وهذا ما يثير قلق بكين. ومع أن فرنسا كان بمقدورها بناء سفن بالدفع النووي لأستراليا بدلا من الدفع بالديزل أو الكهرباء، إلا أن التكنولوجيا الأمريكية أكثر تقدما. فالغواصات النووية الأمريكية لا تحتاج التزود بوقود اليورانيوم إلا مرة كل 30 عاما، بينما الغواصات النووية الفرنسية فلا بد أن تزود بوقود اليورانيوم كل 10 أعوام، بينما لا تملك كانبيرا أي مفاعل نووي لإنتاج وقود اليورانيوم. وهذا ما أشار إليه وزير الدفاع الأسترالي بيتر داتون، بأن كانبيرا لم تتمكن من شراء سفن فرنسية تعمل بالطاقة النووية لأنه “يتعين إعادة شحنها، على عكس الغواصات الأمريكية. ولذلك فإن هذه الأخيرة هي وحدها المناسبة لأستراليا”[3]. 2- بالنسبة لبريطانيا: يوفر هذا التحالف فرصة جيدة لبريطانيا لتعزيز مكانتها الدولية في مجال العلوم والتكنولوجيا لما ينطوي عليه الاتفاق من نقل التكنولوجيا النووية والتقنيات الأكثر تقدماً إلى كانبرا، وما سينتج عنها أيضًا من عوائد مالية كبيرة كمقابل لتلك التكنولوجيا. كما تمكنت بريطانيا بذلك من تجنب عزلة دولية محتملة في أعقاب خروجها من الاتحاد الأوروبي عبر تحقيقها مكسباً استراتيجياً من خلال انضمامها لهذا التحالف[4]. من زاوية أخرى، فإن بريطانيا التي انفصلت عن محيطها الأوروبي بدت أكثر حرية في اتخاذ ما يناسبها من سياسات، فلندن التي تحررت من قيود الاتحاد الأوروبي ومتطلبات الإجماع في بروكسل يشار إليها الآن بوصفها لاعبًا أساسيًا في السياسة الدولية، وليست صفقة الغواصات إلا مقدمة للدور المحوري الذي تطمح إليه بريطانيا في مناطق مختلفة من العالم في الفترة المقبلة[5]. 3- بالنسبة لأمريكا: يمكن الإشارة إلى عاملين رئيسيين يقفان خلف التوجه الأمريكي لهذا التحالف هما: أولاً: العامل المالي، يعطي الأميركيون الجانبَ التجاري في الصفقات مع الدول حيزاً واسعاً من التركيز. وأغلبية مناوراتهم عبر العالم، تحمل في خلفيتها عاملاً مالياً يقوم على بيع الأسلحة والقدرات والتجهيزات العسكرية. وتزويدهم أستراليا بغواصات تعمل على الطاقة النووية، سيكون له مردود مالي ضخم. فصفقة الغواصات التقليدية التي كانت مقررة بين فرنسا واستراليا كانت تقدر بحوالي 56 مليار دولار، وهو رقم أقل بكثير مما ستحصل عليه واشنطن من بيع الغواصات النووية[6]. كما أن الحرب الباردة على الصين، وبعد فشل الحرب التجارية والتكنولوجية التي بدأها ترامب عام 2018 ، فإن إدارة بايدن تستعير أدوات قديمة من الحرب الباردة، أهمها محاولة إجهاد القوة المناوئة من خلال سباق التسلح، وهو سباق يستجيب حاليا لمصالح لوبي السلاح الأمريكي، بعد الانسحاب من الحروب (مثل أفغانستان والعراق) التي كانت تضخ إلى خزائن الصناعات العسكرية عشرات المليارات من الدولارات كل عام[7]. ثانياً، وهو الأهم بين العاملَين: العامل الاستراتيجي، وهو المرتبط بصورة مباشرة بالصراع الحالي مع الصين، بحيث يمكن لأستراليا، من خلال موقعها الحيوي الاستراتيجي، والرابط بين المحيطين الهندي والهادئ، أن تؤدي دوراً مؤثّراً في المواجهة الصينية – الأميركية، وأن تمتلك، نتيجةَ ذلك، الولايات المتحدة الأميركية في تلك البقعة الاستراتيجية، مباشَرة أو عبر حليفتها أستراليا، أكثرَ من غواصة نووية. فهذا الأمر يعطي الأميركيين نقاطاً متقدمة جداً، في البُعدين العسكري والاستراتيجي، على مستوى الصراع مع الصين[8]. وتشير عدة تقارير إلى سعي “بايدن” لتأمين المزيد من القواعد العسكرية في أستراليا، والرغبة في نقل المزيد من القوات والقاذفات الأمريكية إلى شمال أستراليا، لاعتقاد واشنطن أن كانبرا ستنشر قواتها العسكرية في حال اندلاع حرب أمريكية صينية. كما ستفضي الغواصات إلى تنامي القدرات العسكرية الأسترالية، لصعوبة اكتشاف الغواصات التي تعمل بالوقود النووي من قبل الأساطيل البحرية، فضلاً عن قدرتها على إطلاق الصواريخ لمسافات أطول والبقاء في المياه لمدة أكبر. وقد أشار وزير الدفاع الأسترالي بيتر داتونسيتيح، إلى أن الاتفاق الأمني الجديد بين الولايات المتحدة وأستراليا سيسمح لواشنطن بإنشاء قواعد لوجستية جديدة بما يعزز التواجد العسكري الأمريكي في المنطقة، وتحسين قابلية العمل المشترك بين قوات البلدين. واتفق المسؤولون بواشنطن وكانبرا على تكثيف التدريبات المشتركة، وتأسيس “قدرات مشتركة” في مجال الخدمات اللوجستية وفيما يتعلق بصيانة الغواصات الجديدة. وفي هذا الإطار، أعلن رئيس وزراء أستراليا سكوت موريسون، أن بلاده ستحصل على صواريخ كروز الأمريكية طراز “توماهوك” مما سيعزز من قدراتها الجوية كذلك[9]. ويكشف هذا التحالف الجديد عن الجدية التي تأخذ بها إدارة “بايدن” المخاوف من تهديدات الصين المتزايدة إلى الحد الذي أجبرها على مشاركة تكنولوجيا حساسة مع أستراليا في ظل محدودية الدول التي تمتلك غواصات تعمل بالطاقة النووية، ولا سيما مع إشارة تقرير صدر حديثاً عن البنتاجون إلى أن الصين باتت أكبر قوة بحرية في العالم[10]. فقد نجحت بكين في زيادة قدراتها؛ فهي تمتلك ست غواصات نووية، ويمكنها إطلاق صواريخ نووية، و40 غواصة هجومية. وعلى صعيد حاملات الطائرات فقد شرعت الصين في بناء حاملة الطائرات الثالثة وامتلكت…

تابع القراءة
قراءة تحليلية فى دلالات عرقلة نواب ديمقراطيين دعم صواريخ القبة الحديدية الإسرائيلية

قراءة تحليلية فى دلالات عرقلة نواب ديمقراطيين دعم صواريخ القبة الحديدية الإسرائيلية

  عادت العلاقة المتوترة بين إسرائيل والحزب الديمقراطي الأميركي، التي ورثتها حكومة نفتالي بينيت عن حكومة بنيامين نتنياهو، إلى واجهة الأحداث فى 21 سبتمبر 2021، عندما عرقل عدد من الأعضاء الديمقراطيين التقدميين في مجلس النواب الأميركي، مشروع قانون الموازنة العامة في الولايات المتحدة بسبب تضمنها بندًا ينص على دعم إسرائيل بمليار دولار لتعويض ترسانتها من صواريخ “تامير” المستخدمة في القبة الحديدية. فقد قام ثمانية نواب من الحزب الديمقراطي التقدميين، الرافضين أصلا لتقديم دعم عسكري ومالي لإسرائيل، إلى التهديد بالتصويت ضد مشروع الموازنة، وأبرز هؤلاء أليكساندريا أوكاسيو- كورتيز، ورشيدة طليب، وإلهان عمر، وإيانا بريسلي. ودفع تهديد هؤلاء النواب بالتصويت ضد الموازنة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إلى سحب مشروع الموازنة مؤقتًا، لعدم توفر الغالبية المطلوبة في ظل تهديد كافة نواب الحزب الجمهوري بالتصويت ضد مشروع الموازنة ككل، وطرح مشروع دعم إسرائيل بشكل منفصل. ولاحقا تم التصويت على مشروع الدعم لإسرائيل خارج إطار الموازنة، فى 23 سبتمبر 2021، وحصل على تأييد غالبية ساحقة، فصوت معه 420 نائبًا وعارضه تسعة نواب، ثمانية ديمقراطيون، والجمهوري توماس ماسي، الذي كتب في تغريدة على حسابه على “تويتر” إنه يرفض من ناحية مبدئية تقديم الولايات المتحدة دعمًا أجنبيًا بغض النظر عن متلقيه، وهي في الوقت ذاته تواجه خطر الإفلاس؛ أي أنه لم يصوت ضد دعم إسرائيل تحديدًا، لكن ضد أي دعم مالي خارجي. ويهدف الدعم الأميركي العاجل لإسرائيل إلى تعويضها عن مئات الصواريخ التي أطلقت خلال التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد قطاع غزة في شهر مايو الماضي، وكذلك لزيادة عدد بطاريات القبة الحديدية نفسها. ويرتبط الدعم الأميركي للقبة الحديدية بكونها مشروعًا مشتركًا، إسرائيليًا بالتطوير وأميركيًا بالتمويل[1]. ويمكن الإشارة إلى مجموعة من الدوافع والدلالات التى كشفت عنها حادثة عرقلة نواب ديمقراطيين دعم صواريخ القبة الحديدية الإسرائيلية تتمثل فى: 1- حرص النواب الديمقراطيين التقدميين على فصل بند تمويل القبة الحديدية الإسرائيلية عن ميزانية الحكومة الفيدرالية الأمريكية، ونقله إلى ميزانية وزارة الدفاع (البنتاغون)؛ للتأكيد على أن دعم القبة جزءًا من السياسات الخارجية للدفاع الأمريكية وليس إقرارًا بالسياسات الإسرائيلية المعادية للفلسطينيين[2]. 2- من المتوقع أن يكون ذلك مقدمة لوضع مجموعة من العراقيل أمام المساعدات العسكرية الأمريكية لإسرائيل فى المستقبل، خاصة فيما يتعلق بمنظومة القبة الحديدية، ما سيضعف قدراتها الدفاعية فى مواجهة المقاومة الفلسطينية. ففى تعليقها على عرقلة تمويل القبة الحديدية، فقد أنتقدت لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية التي تسمى اختصاراً بـ”أيباك” القرار بشدة في منشور على صفحتها الرسمية بفيسبوك، قائلة “إن منع ميزانية القبة الحديدية عن إسرائيل سيُساعد “الإرهابيين” في قتل المدنيين، وإن القبة، المنظومة الدفاعية، اعترضت أكثر من 90% من صواريخ حماس التي أطلقت على إسرائيل في مايو الماضي، ومن دونها كان عدد لا يحصى من الإسرائيليين سيقتلون”[3]. 3- قد يكون عرقلة تمويل القبة، والتى تم إقرارها لاحقًا، مقدمة لوضع اشتراطات على المساعدات المقدمة من قبل أمريكا لإسرائيل. وفى هذا السياق، فقد سبق أن شهد الكونغرس تقديم مشروع يطالب بجعل “حل الدولتين” قانونًا أمريكيًا ملزمًا يربط أي مساعدات مالية لإسرائيل بعدم توظيفها في تعزيز الاحتلال والاستيطان وقمع الفلسطينيين وعرقلة حل الدولتين[4]. 4- تسبب هذا الأمر فى إثارة الجدل داخل إسرائيل، وتبادلت الاتهامات بين حزب الليكود الذى يقوده رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق ورئيس المعارضة الحالى بنيامين نتنياهو، وحكومة رئيس الوزراء الحالى نفتالى بينت حول من المسئول عن هذا التدهور فى العلاقات الإسرائيلية – الأمريكية. ففى حين وجه وزير الخارجية الإسرائيلى يائير لابيد اتهامات لنتنياهو بأنه هو من يقف خلف هذا التدهور نتيجة سياسته المنحازة للحزب الجمهورى وإهمالها للحزب الديمقراطى، بل وتحديه لإدارة الرئيس الديمقراطى السابق أوباما عندما قرر إلقاء خطاب في الكونغرس العام 2015 لحث الكونجرس على عدم التوقيع على الاتفاق النووي مع إيران، ثم توثيقه للعلاقات مع إدارة ترامب والحزب الجمهوري على حساب علاقته بالحزب الديمقراطي، بجانب انحيازه لترامب على حساب بايدن فى الانتخابات الأمريكية الأخيرة. ففى المقابل، سارع قادة حزب الليكود بنشر سلسلة تغريدات على حساب الحزب على “تويتر”، أكدوا خلالها على أن إلقاء اللوم على نتنياهو فى تدهور العلاقات مع أمريكا ما هو إلا محاولة من بينيت ولابيد للبحث عن شماعة لتحميلها أخطائهم وفشلهم. مشيرين إلى أنهم ليس لديهم الكفاءة التى كان يملكها نتنياهو، فالأخير هو الذي اتفق مع أوباما على خطة الدعم الأمني الأميركية لإسرائيل ومنح بموجبه تل أبيب حزمة مساعدات تبلغ 38 مليار دولار خلال 10 سنوات، تخصص كلها لأغراض عسكرية. كما أن نتنياهو هو أكثر رؤساء الحكومات في إسرائيل الذين أجروا لقاءات مع سيناتورات ونواب أميركيين، من أجل تجنيدهم لصالح دعم أمن إسرائيل ومصالحها القومية الأخرى. وخلال حكم نتنياهو، لم يصوّت الكونغرس ضد أي قضية تتعلق بإسرائيل، بما في ذلك في ظل فترة الإدارات الديمقراطية. ورغم تبادل الاتهامات بين الطرفين حول من المسئول عن تدهور العلاقة مع الولايات المتحدة، إلا أن هناك اتفاق بين الطرفين بنهاية العهد الذي كان فيه الموقف من إسرائيل أمرًا لا خلاف عليه بين الحزبين الديمقراطى والجمهورى. وأن عدم موافقة الكونغرس على تقديم مُساعدات لإسرائيل لأغراض دفاعية هو حدث نادر الحدوث، وقد يكشف أيضًا عن أن تقديم مساعدات هجومية لإسرائيل من قبل الولايات المتحدة سيكون أكثر صعوبة[5]. 5- يدلل إزالة الحزب الديمقراطي بند تمويل القبة الحديدية على صحة رؤية الأصوات التي حذرت من تراجع النفوذ الإسرائيلي على السياسة الأمريكية، وخصوصا داخل الحزب الديمقراطي. وسبق أن حذرت منظمة Pro-Israel America، من أن الانتخابات التي أجريت العام الماضي (2020) داخل الحزب الديمقراطي، أظهرت تراجع نفوذ أنصار إسرائيل على الناخبين الأمريكيين، لاسيما الديمقراطيين. ويتجلى التغيير أيضًا في استطلاعات الرأي الأمريكية التي كشفت عن تراجع تأييد أعضاء الحزب الديمقراطي لإسرائيل في مقابل تزايد التعاطف مع الفلسطينيين. فوفقاً لنتائج استطلاع مركز جالوب خلال شهر فبراير الماضي (2021)، قال 42% من الديمقراطيين إنهم متعاطفون مع الإسرائيليين بينما قال 49% إنهم متعاطفون مع الفلسطينيين. بينما تصل تلك النسبة بين الجمهوريين إلى 79% و11% على الترتيب. كما تشير الاستطلاعات إلى أن الناخبين الديمقراطيين الأقل من 40 عاماً متعاطفين مع الفلسطينيين أكثر من كبار السن، وهو ما يشير إلى تغير الذهنية الأمريكية من الصراع الإسرائيلى – الفلسطينى مع تعاقب الأجيال القادمة[6]. ويبدو أن الأمر لا يتوقف فقط على المستوى الحزبى، فهناك تضامن شعبى داخل الولايات المتحدة مع الفلسطينيين، فقد قامت مظاهرات ضخمة، في عدة مدن أميركية، أبرزها العاصمة واشنطن ونيويورك؛ احتجاجًا على الاعتداءات الإسرائيلية في غزة والقدس. وفي يوليو 2021، أظهرت دراسة مسحية، أعدها معهد الانتخابات اليهودي في الولايات المتحدة، أن 34% من اليهود الأميركيين يرون أن معاملة إسرائيل للفلسطينيين مماثلة للعنصرية في الولايات المتحدة، وأن 25% منهم اتفق على أن إسرائيل دولة فصل عنصري، فيما أكد 22% أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين. يحدث هذا على الرغم من…

تابع القراءة
قانون التأمينات الاجتماعية الجديد.. عقاب جماعي للموظفين وأصحاب المعاشات

قانون التأمينات الاجتماعية الجديد.. عقاب جماعي للموظفين وأصحاب المعاشات

  ضمن سلسلة من التشريعات والقوانين التي تنطلق من فلسفة تعتمد هدفا استراتيجيا هو “تخلي الدولة عن مسئوليتها الاجتماعية والتزاماتها أمام موظفيها ومنتسبيها”، جاء قانون التأمينات الاجتماعية الجديد، الذي أقر في العام 2019، وبدأ العمل به منذ مطلع يناير 2020، رغم عدم إقرار لائحته التنفيذية التي صادق عليها مجلس الوزراء مؤخرا، رافضا الاستجابة للمطالب العمالية العديدة التي تطالب بتعديلات جوهرية بالقانون، وهو ما يزيد من متاعب قطاع كبير من موظفي الدولة وأصحاب المعاشات الذين باتت الحرب عليهم مستعرة منذ استيلاء عبد الفتاح السيسي على السلطة بمصر. وتحاصر قانون التأمينات الاجتماعية الجديد في مصر مجموعة من الانتقادات، ورفعت بعض منظمات المجتمع المدني اقتراحات بتعديلات على بعض مواد القانون قبل طرح لائحته التنفيذية، لضمان عدم الطعن بعدم دستوريته، إلا أن مجلس الوزراء وافق على مشروع قرار رئيس مجلس الوزراء بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون التأمينات والمعاشات الصادر بالقانون رقم 148 لسنة 2019. أزمة القانون في نهاية العام 2019، أصدرت “الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات المصرية” الكتاب الدوري الرابع لمناسبة بدء تطبيق قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الجديد اعتبارا من يوم 1 يناير 2020، لشرح عدد من الإجراءات المتبعة بشأن تحصيل الاشتراكات المستحقة على العاملين لدى الغير، وفقا لأحكام قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الصادر بالقانون رقم 148 لسنة 2019. وأوضح الكتاب في جداول مفصلة النسب التي سيتم تحصيلها طبقا للقانون الجديد، بحسب نوع كل تأمين (بطالة، إصابة، مرض، وفاة وعجز وشيخوخة)، وذلك بعد رفع الحد الأدنى لأجر الاشتراك إلى 12 ألف جنيه سنويا، بواقع ألف جنيه شهريا، والأقصى 84 ألف جنيه سنويا، على أن تتم زيادة الحدّين سنويا بمعدل 15% لمدة 7 سنوات، ثم بعد ذلك يتم الرفع طبقا لنسبة التضخم. فلسفة القانون وجاءت فلسفة القانون في غالبية مواده من أجل تخفيف العبء عن الموازنة العامة، كجزء من تخلي الدولة عن دورها المجتمعي، فرُفع سن المعاش من 60 إلى 65 عاما على مراحل، تبدأ في يوليو 2032 وتمتد حتى عام 2040، بهدف معالجة العجز المالي والاكتواري في نظام المعاشات، في وقت ترتفع فيه نسبة البطالة بين الشباب. كما لم يذكر القانون الجديد جملة واحدة عن مكافأة نهاية الخدمة التي كانت تصرف من التأمينات بواقع شهر عن كل سنة من المدة التأمينية، والتي كان معمولا بها منذ عام 1984، كما يتم احتساب المعاش في القانون الجديد طبقا لمتوسّط الأجر خلال مدة الاشتراك، وليس آخر 5 سنوات كما كان معمولا به في القانون القديم، وهو ما يعني أن المبلغ النهائي للتسوية سيكون ضعيفا، بحكم أن المرتبات تكون ضعيفة في بداية التعيينات. كذلك، رفع القانون سقف الحصول على معاش مبكر من 20 عاما إلى 25 عاما فعلية، ووضع شروطا يكاد يستحيل معها إمكان الخروج على المعاش المبكر، ومنها توافر مُدد اشتراك في تأمين الشيخوخة والعجز والوفاة تُعطي الحق في معاش لا يقل عن 50% من أجر أو دخل التسوية الأخير، وأن تتضمّن مدة اشتراك فعلية لا تقل 240 شهرا، على أن تكون المدة 300 شهر فعلية بعد 5 سنوات من تاريخ العمل بهذا القانون. ورغم الانتقادات الحادة الموجهة للقانون الجديد، إلا أن الحكومة ترى أنه يقدم عددا من المزايا، أهمها فض الاشتباك المالي الموجود مع الخزانة العامة وبنك الاستثمار القومي، حسب مسؤولين في وزارة التضامن الاجتماعي. اشكالات اللائحة التنفيذية للقانون وفي مطلع سبتمبر 2021، وافق مجلس الوزراء، على مشروع قرار رئيس مجلس الوزراء بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون التأمينات والمعاشات الصادر بالقانون رقم 148 لسنة 2019. وينص القرار على أن “يُعمل بأحكام اللائحة التنفيذية لقانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الصادر بالقانون رقم (148) لسنة 2019 وأن تحل القواعد والإجراءات والأحكام الواردة بهذا القانون بالنسبة للمعاملين بأحكامه محل القواعد والإجراءات والأحكام الواردة بقوانين التأمين الاجتماعي الصادرة بالقوانين أرقام: 79 لسنة 1975 و108 لسنة 1976 و50 لسنة 1987 و112 لسنة 1980، وتعديلاتها. اللائحة بهذا الشكل تثير العديد من الاشكالات، منها: -العمالة غير المنتظمة أول المتضررين تجاهل القانون الجديد رقم 148 للقانون رقم 112 لسنة 1980 العمالة غير المنتظمة، وجاء متغافلا بعض العاملين في قطاعات غير منتظمة مثل السياحة والمقاولات والنقل البري والصيادين والمناجم والمحاجر ومحلات الترفيه والمقاهي. وفي هذا المضمار كانت دار الخدمات النقابية والعمالية اقترحت إضافة هذه الفئات إلى المادة 2 في البند الرابع، إلا أن الحكومة رفضت.  -أصحاب المعاشات ولعل الأخطر في قانون التأمينات الاجتماعية، اشتراط المادة 21 من القانون مدة اشتراك قدرها 120 شهرا، وتصبح 180 شهرا بعد 5 سنوات من بداية تطبيق القانون كشرط أساسي للحصول على معاش في تاريخ استحقاقه، رغم مطالبات العمال وقياداتهم بإلغاء شرط العشر سنوات، على أن ينطبق ذلك على العاملين الوارد ذكرهم في البند رابعا مادة 2. وتأتي تلك المادى في الوقت الذي يستجدي فيه أصحاب المعاشات لتحسين أوضاعهم المعيشية الصعبة نظرا لتدني المعاشات في وقت تشهد أسعار معظم السلع والخدمات الأساسية ارتفاعا متواصلا، إلى جانب إنفاق أصحاب المعاشات المتزايد على بند الدواء مع تقدم العمر، وهو ما لا يتواكب مع الزيادة المقررة للمعاش سنويا والتي تم خفضها إلى 13% العام الجاري. ومع تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لتحو 73 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر وفق احصاءات البنك الدولي الأخيرة عن مصر، فإن إعادة النظر في الحد الأدنى للمعاش بات مطلبا ملحا لتخفيف المعاناة عن كاهل أكثر من 10 ملايين مواطن يتقاضى شريحة كبيرة منهم مبالغ متدنية تبدأ من 1000 جنيه. هذا المبلغ يعجز عن الوفاء باحتياجاتهم الأساسية من طعام ومسكن ودواء بعدما بلغوا من العمر أرذله وتكالبت عليهم الأمراض ولم تعد تقوى صحتهم على البحث عن وظيفة لتحسين الدخل إلى جانب المعاش. يشار إلى أن نحو 600 مليار جنيه، من أموال المعاشات، أضاعتها الدولة المصرية ولم تسترد حتى الآن، وذلك منذ عهد وزير المالية بعهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، بطرس غالى، الذي قام بتمويل إنشاء مدينة الإنتاج الإعلامى من أموال المعاشات بشهادة وزيرة التأمينات الاجتماعية سابقا ميرفت التلاوى. – ضربة مزدوجة للمعاش المبكر وفيما يخص المعاش المبكر في القانون، وجهت دار الخدمات النقابية والعمالية ، خلال ورشة عقدتها في مطلع سبتمبر 2021 لمناقشة اللائحة التنفيذية، بالقاهرة، انتقادا لاشتراط القانون مدة اشتراك فعلية لا تقل عن 240 شهرا تزاد إلى 300 شهر بعد خمس سنوات من بدء تطبيق القانون، وقالت إن “الأسوأ من هذا اشتراط القانون ألا يقل المعاش المستحق عند الخروج إلى المعاش المبكر عن 50% من أجر التسوية الأخير بعد تطبيق العامل الوارد بجدول 5و65% من الحد الأدنى للمعاش، وبهذا لا يستطيع المؤمن عليه البالغ عمره ما بين الخمسين إلى ٥٥ سنة تحقيق هذه الشروط” وذلك في الوقت، الذي ينص فيه قانون الخدمة المدنية على تشجيع الخروج إلى المعاش المبكر وكذا ما يتم في شركات قطاع الأعمال العام التي يتم تصفيتها…

تابع القراءة
مناورات «النجم الساطع» وأبعاد الدور الأمريكي في تغيير العقيدة القتالية للجيش المصري

مناورات «النجم الساطع» وأبعاد الدور الأمريكي في تغيير العقيدة القتالية للجيش المصري

  اختتمت مناورات «النجم الساطع ــ «Bright Star» أعماهلها (2 ــ 17 سبتمبر 2021م) بمشاركة جيوش 21 دولة على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، وتعتبر من أكبر التدريبات العسكرية متعددة الجنسيات في العالم. ونشر الجيش المصري مقطع فيديو  لجزء من هذه التدريبات المشتركة التي تجري كل سنتين بمصر منذ اتفاقية “كامب ديفيد” سنة 1979م. وبحسب بيان وزارة الدفاع المصرية فإن المشاركة هذا العام “أظهرت معنى تنوع التسليح إلى جانب السلاح الأميركي”، كاشفة عن اشتراك أسلحة روسية وفرنسية، مثل مروحية “كاموف 52” وطائرات “ميراج 2000″، في مناورة واحدة مشتركة. واعتبرت أن هذا الأمر يقدم صورة عملية لمدى مهارة المقاتل المصري، الذي نجح في استيعاب أصعب تكنولوجيا التسليح، وتمكن من الدمج بين المدارس القتالية المختلفة “ليخلق حالة استثنائية على مستوى العالم، ويعكس التوازن الدولي الذي تحققه قواتنا المسلحة من انفتاحها على مختلف المصادر، بما يحقق استقلال قرارها”. واستقبل رئيس أركان القوات المصرية الفريق محمد فريد، قائد القيادة المركزية الأمريكية الفريق أول “كينيث ماكينزي” والوفد المرافق له؛  والذي زار القاهرة  ـ سبتمبر 2021 ـ على هامش متابعة فعاليات “النجم الساطع” بقاعدة محمد نجيب العسكرية. حيث تفقد فريد وماكينزي الجنود المشاركين في التدريبات، وبحثا عددا من الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك. وفقا للمقاطع المصورة التي نشرتها واشنطن، فقد شاركت في التدريبات مروحيات جديدة من طراز “أغوستا ويستلاند 139” المعدلة، من إنتاج شركة “ليوناردو” الإيطالية، في أول استخدام علني لها، وهو ما يدل على إنجاز قسم كبير من صفقة السلاح الإيطالية التي كانت قد بدأت مصر وإيطاليا بتنفيذها في مطلع العام الماضي لتكون الأكبر من نوعها بين البلدين، والتي قد يصل إجماليها إلى 11 مليار يورو، على خلفية رغبة القاهرة في تجاوز الأزمة المتواصلة مع روما، بسبب عدم الكشف عن مرتكبي حادث خطف وقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في مطلع 2016، والمماطلة في تقديم المسؤولين المتهمين للعدالة.[[1]] وقد تسلمت القاهرة ثلاث دفعات (أكثر من 15  مروحية) من أجمالي 32 تم الاتفاق على توريدها من من طرازي “أغوستا ويستلاند 149 و139” و149 المعدلة، وذلك بعدما كان من الشائع في روما والقاهرة أنه لم يتم تسليم تلك الطلبية حتى الآن، علماً أن العقد كان قد تم توقيعه في العام 2019م. بينما ستصل باقي المروحيات إلى القاهرة تباعا حيث يتم تدريب بعثات مصرية لتأهيلهم على قيادة هذه النوعية من المروحيات. البداية “كامب ديفيد” بدأت هذه المناورت الأمريكية المصرية المشتركة سنة 1980 في أعقاب اتفاقية كامب ديفيد، وتأجلت عدة مرات لأسباب متعددة وأبرزها خلال الفترة من 2009 حتى 2017، حيث أقيمت وقتها في قاعدة محمد نجيب العسكرية بالقرب من الحدود المصرية الليبية.  تشتمل المناورات على 186 تدريبا متنوعا بحريا وجويا وقوات خاصة ومنها الإسقاط الجوي الإستراتيجي قادما من الولايات المتحدة والإنزال البحري في أوقات قريبة أو متزامنة، والإغارة على عدد من الأهداف واحتلالها وتأمينها، وعزل الاحتياطيات المعادية، والرمي التكتيكي، وتأمين الأهداف الحيوية ضد أعمال التخريب والتسلل. ويمثل استئناف مناورات «النجم الساطع» في 2017م ثم 2018م بعد توقفها نحو ثمان سنوات، برهانا على مدى أهمية الجيش المصري للولايات المتحدة الأمريكية وخدمة مصالحها في مصر والمنطقة، فرغم أن الجيش قاد انقلابا دمويا في يوليو 2013م، ورغم أنه لا يزال يمارس انتهاكات حقوق الإنسان على نطاق واسع وهي الانتهاكات التي وثقتها منظمات حقوقية دولية مشهود لها بالكفاءة والحيادية، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية استأنفت التدريبات العسكرية المشتركة دون الأخذ في الاعتبار كل هذه التحفظات. تفسير ذلك  أن واشنطن تمد الجيش المصري بأحدث الأسلحة التي تمكنه من ضبط الحدود في سيناء وملاحقة التنظيمات المسلحة من أجل حماية الحدود الإسرائيلية وملاحقة شبكات تهريب السلاح للمقاومة عبر الدروب الجبلية الوعرة في سيناء. أقيمت هذه المناروات في سنوات (1980 ــ 1983 ــ 1985ــ 1987ــ 1989 ــ 1993ــ 1995 [شارك فيها نحو 60 ألفا وانضم لها قوات من دول أخرى لأول مرة] ـ 1997 [تم التركيز لأول مرة في المناورة على العمليات البرمائية حيث شاركت في التدريبات مجموعات قتال وحاملات للطائرات]ــ 1999 [وصل عدد القوات إلى حوالي 70000 جندي بالإضافة إلى 32 مراقبا حضروا من دول مختلفة. وفي هذه التدريبات تم التعامل مع سيناريو تتعرض فيه دولة في المنطقة لغزو من دولة أجنبية بغرض السيطرة عليها وكيفية طرد الدولة الغازية بقدرات حلفاء هذه الدولة وأصدقائها] ــ 2001 ــ 2005 ــ 2007 ـ  2009ــ 2017 ــ 2018 ــ 2021م [حيث تغيرت التدريبات بداية من 2017 من تدريبات على مواجهة جيش نظامي إلى مواجهة حرب عصابات بما يتناسب مع تكتيكات الحرب على الإرهاب]). وتوقفت في السنوات الآتية: (1991 بسبب حرب الكويت ـ 2003م تم إلغاء المناورات بسبب التزامات الولايات المتحدة في حرب العراق ــ 2011 تم إلغاء المناورات بسبب الوضع الانتقالي الذي مرت به مصر في أعقاب ثورة 25 يناير ــ 2013م تم إلغاء المناورات في أعقاب فض النظام العسكري في مصر لفض ميداني رابعة العدوية ونهضة مصر بالقوة ــ 2020 [تأجلت بسبب تفشي فيروس كورونا]). الهدف من المناورات خلال تدريبات “النجم الساطع” 2021م، أصدرت القيادة الوسطى الأمريكية بيانا قالت فيه إن الولايات المتحدة تشارك إلى جانب قوات مما وصفتها بالدول الشريكة، في مناورات “النجم الساطع” العسكرية مع مصر، في الفترة ما بين 2 و16 من سبتمبر/أيلول الجاري. وأوضحت أن نحو 600 من جنودها يشاركون في هذه المناورات التي كانت ستنظم العام الماضي “2020”، ولكن تم تأجيلها بسبب وباء كورونا. وحول الهدف من هذه التدريبات العسكرية المشتركة، قال المدير المكلف بالتدريب في القيادة الوسطى الجنرال “ستيفن جي ديميلانو” «إن هذه المناورات تمكن الجيوش من تنمية قدراتها، والاستعداد للرد بسرعة أوقات الأزمات. وذكر البيان أن هذه المناورات تأتي في إطار “العلاقة الأمنية الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة التي تقوم بدور رائد في الأمن الإقليمي وجهود مكافحة انتشار التطرف».[[2]] وكان السيسي في إحدى مقابلاته مع وكالة رويترز في 2014، دعا واشنطن إلى تقديم الدعم لمساعدة بلاده في مكافحة الارهاب والعمل على تجنب تحول سيناء إلى قاعدة للإرهاب. وتشهد العلاقات المصرية الأميركية  خلال سنوات ما بعد انقلاب 3 يوليو، تغيرات استراتيجية شديدة الأهمية لا يلتفت إليها كثيرون في القاهرة. ويمكن رصد ثلاثة تطورات تعكس اتجاه هذه العلاقات، التي أُسس لها قبل أربعين عاماً مصاحبة لتوقيع مصر على معاهدة السلام مع إسرائيل: أولها يتعلق بالتقدير الأميركي للجهود العسكرية المصرية تجاه مواجهة الإرهاب. ثانيها يتعلق بتغيير طبيعة مناورات النجم الساطع لمواجهة التهديدات الجديدة لمصر وللمنطقة. ثالثها جاء مع توقيع مصر اتفاقية التواصل المتبادل في مجالات الاتصالات والأمن (CISMOA) مع الولايات المتحدة. وكان وزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس ماتيس يرى ضرورة تغيير طبيعة مناورات النجم الساطع لتركز على تدريبات مكافحة الإرهاب، وليس على حروب المدرعات التقليدية بين جيشين نظاميين”. وهو ما تحقق بداية من 2017م….

تابع القراءة

أين تقع الديمقراطية وحقوق الإنسان في ملف العلاقات الأمريكية ـ المصرية؟

  بينما كانت آن باترسون، سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في مصر وقت انقلاب 3 يوليو 2013م، توجه في القاهرة دعوات للمصريين لاحترام الممارسة الانتخابية ونتائجها، وألا ينجروا إلى حراك مجهول العواقب، كان وزير الدفاع تشاك هيجل يجري ــ في الخفاء ــ اتصالات هاتفية شبه يومية بالسيسي يحرضه فيها على الانقلاب على الرئيس المنتخب والمسار الديمقراطي كله، وبحسب الكاتب الأمريكي “كيركباتريك”، مدير مكتب نيويورك تايمز ما بين 2011 إلى 2013م، فإن هيجل خاطب السيسي قائلا: “نريد علاقة طيبة”! وهي عبارة تمثل في مضمونها تحريضا على سياسات الرئيس مرسي وتمثل ضوءا أخضر جديدا من مسئول أمريكي رفيع للسيسي بالشروع في انقلابه المشئوم. بل إن هيجل خاطب السيسي قائلا «أنا لا أعيش في القاهرة، أنت تعيش فيها. عليك أن تصون أمنك وأن تصون بلادك»، وهي عبارة بالغة التحريض على الانقلاب، وتؤكد أن جنرالات الجيش الأمريكي والسي آي إيه يفضلون أن يكون رؤساء مصر من نظرائهم الجنرالات في الجيش المصري لسهولة التعامل معهم وحتى تجنيدهم لخدمة المصالح الأمريكية والإسرائيلية. معنى ذلك أن  الإدارات الأمريكية سواء كانت ديمقراطية أو جمهورية، عادة ما تستخدم مسارات سرية خفية تنقل من خلالها رسائلها التي قد تتناقض كليا مع السياسات المعلنة والتصريحات الرسمية التي تظهر مثالية أمريكية مصطنعة تسعى من خلالها إلى تجميل صورتها أمام شعوب العالم. هذا الأمر يمكن أن نلاحظه جميعا في المسرحية المفتعلة وشبه السنوية المتعلقة بمواقف الإدارة الأمريكية من الملف الحقوقي في مصر، فكل سنة تهدد أجنحة داخل الإدارة الأمريكية أو ضغوط منظمات حقوقية أمريكية ودوائر إعلامية، بتجميد بعض المساعدات العسكرية الأمريكية للنظام في مصر بدعوى تحسين الملف الحقوقي؛ لكن الواقع يؤكد أن حقوق الإنسان في مصر تزداد بوسا في الوقت الذي تصل فيه المساعدات الأمريكية  كل سنة بانتظام للنظام المصري ودون انتقاص! هي إذا مسرحية بمعناها الحقيقي لا المجازي. لكنها مملة ومكررة ولا إبداع فيها. وعود زائفة أثناء ترشح بايدن للرئاسة في منتصف 2020م،  انتقد رئيس الانقلاب في مصر عبدالفتاح السيسي، مؤكدا أن إدارته لن تمنح دكتاتور  ترامب المفضل شيكا على بياض، وهي رسالة واضحة المغزى والدلالة؛ وشدد ــ في تغريدة له  يوم 12 يوليو 2020م ــ على أن انتهاكات نظام السيسي المتكررة لحقوق الإنسان لن تقابلها إدارته بالتجاهل والصمت كما تفعل إدارة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب. من ناحية أخرى، وعد أنتوني بلينكن مستشار حملة بايدن للسياسة الخارجية  وقتها والذي يتولى وزارة الخارجية حاليا-خلال محادثة بالفيديو مع نشطاء الجالية العربية الأميركية- بالتزام إدارة بايدن بالمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان في تعاملها مع الدول العربية، خاصة السعودية ومصر”.  وقال بلينكن “إن ترامب يفعل الكثير لتقويض مكانتنا الأخلاقية على مستوى العالم وقدرتنا على القيادة، ولنتذكر أنه يطلق على السيسي لقب: دكتاتوري المفضل”. وتعهد بلينكن -الذي سبق أن عمل نائبا لمستشار الأمن القومي في إدارة باراك أوباما- “بأن علاقات الولايات المتحدة مع السعودية ومصر تحت حكم بايدن ستبدو مختلفة تماما عما هي عليه الآن”.[[1]] وحتى برنامج الحزب الديمقراطي “2020”  الذي جاء في 80 صفحة وشارك في إعداده وصياغته “150” من قادة وأعضاء الحزب، وضع خطوطا عريضة لتسير عليها إدارة بايدن في الملفين الداخلي والخارجي، حال فوزه بالرئاسة، يدعو إلى مراجعة السياسات الأمريكية التي كانت قائمة في عهد ترامب.[[2]] حيث تعهد البرنامج  بعدم مواصلة سياسة إدارة ترامب التى تمنح شيكا على بياض وتدعم الممارسات الاستبدادية، والمنافسات الداخلية، والحروب بالوكالة، وتعرقل الانفتاح السياسى فى جميع أنحاء المنطقة. وعندما فاز بايدن بالرئاسة، ماذا جرى؟ وأين ذهبت هذه الوعود؟ أولا، في فبراير 2021م، وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على صفقة صواريخ ومعدات عسكرية لمصر، تقدر بنحو 197 مليون دولار، بحسب تقرير واشنطن بوست. لكن في مارس شاركت واشنطن في البيان الذي وقع عليه 31 دولة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في مارس 2021م وهو البيان الذي نتقد الانتهاكات الحقوقية في مصر، وحضَّ سلطات الانقلاب على التوقف عن اللجوء إلى قوانين مكافحة الإرهاب لإسكات المعارضين والحقوقيين والصحافيين وإبقاء المنتقدين في الحبس الاحتياطي إلى أجل غير مسمى.[[3]]  وكان تقرير للخارجية الأميركية نشر في أبريل 2021م، قد أشار إلى أن قوات الأمن المصرية ارتكبت “انتهاكات عديدة”، وأن الحكومة المصرية لم تحقق بشكل “شامل” ما ساهم في “خلق بيئة من الإفلات من العقاب”. وأثار هذا التقرير وقتها انتقادات حادة من نواب ديمقراطيين. ولفت التقرير إلى أن هذه المخاوف قد عُززت بتقرير الخارجية الأميركية عن الوضع الحقوقي حول العالم، والذي انتقد إدارة السيسي بسبب انتهاكات حقوقية تشمل، “القتل غير القانوني، الاختفاء القسري، التعذيب والعقوبات القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة من قبل الحكومة”. ثانيا، تعامل بايدن مع السيسي باستنكاف كبير، ولم يعره اهتماما على مدار نحو 4 شهور كاملة رغم أن السيسي كان أول زعيم عربي يهنئ بايدن بفوزه بالرئاسة، واستمر هذا الجفاء حتى اندلعت الحرب في فلسطين بالعدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح في مايو 2021م، ورد المقاومة بالصواريخ ثم العدوان الإسرائيلي على غزة، حتى نجحت الوساطة المصرية في التوصل إلى وقف إطلاق النار وتهدئة هشة، الأمر الذي دفع بايدن إلى مهاتفة السيسي وتقديم الشكر له على جهوده في استقرار المنطقة. بعدها بأيام هاتف بايدن السيسي مجددا وتناقش معه حول ملف حقوق الإنسان. لكنه كان قد وقع بالفعل على تسليم النظام المصري نحو “410” ملايين دولار من المساعدات كانت متبقية من عهد ترامب. ثالثا، استمرت إدارة بايدن في تعاملها مع القاهرة كما هو معتاد، ومنحت حازم الببلاوي،رئيس أول حكومة للانقلاب، حصانة من المساءلة أما المحاكم الأمريكية بدعوى أنه مندوب  مصر في صندوق النقد الدولي.[[4]] وفي سبتمبر 2021م قضت محكمة أمريكية بعدم الاختصاص في البت في دعوى الناشط  الأمريكي من أصول مصرية محمد سلطان ضد الببلاوي. وأفادت صحيفة الأهرام” المملوكة للدولة، عبر نسختها الإنجليزية أن “تقارير إعلامية ذكرت أن محكمة في واشنطن رفضت، القضية بسبب حصانة الببلاوي بموجب إعلان رسمي قدمته الإدارة الأمريكية”.وقالت: “في أوائل أبريل (نيسان) الماضي، قدمت وزارة العدل الأمريكية إعلانًا تحث فيه المحكمة على رفض القضية التي رفعها سلطان ضد الببلاوي لأن الأخير كان يتمتع بحصانة دبلوماسية وقت رفع الدعوى”.[[5]] رابعا، اكتفت إدارة بايدن في سبتمبر 2021م،  بحجز 130 مليون دولار  من أصل 300 مليونا كانت مجمدة من المساعدات العسكرية الأمريكية للجيش المصري للضغط من أجل تحسين ملف حقوق الإنسان، وهو القرار  الذي صدم الأوساط الحقوقية في أمريكا ومصر، والذي جاء بعد ثلاثة أيام من إعلان السيسي ما تسمى بالإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان بهدف تجميل صورة النظام أمام واشنطن. واعتبر كثيرون قرار إدارة بايدن استمرارا لسياسات واشنطن في دعم الطغاة والمستبدين والمضي على طريق ترامب بمنح “دكتاتوره المفضل” شيكا على بياض لمواصلة القمع والتعذيب. وهناك توقعات بأن تفرج واشنطن عن الـ130 مليون دولار المحتجزة خلال الأسابيع والشهور المقبلة. لا سيما وأن …

تابع القراءة

بعد اعتقال أسرى “جلبوع”.. هل فشلت عملية “نفق الحرية”؟؟

  منذ الإعلان عن عملية “نفق الحرية” التي نفذها ستة من الأسرى الفلسطينيين المعتقلين في سجن “جلبوع” الصهيوني، وحققت المقاومة الفلسطينية انتصار نوعيا يضاف لسجلها المقاوم، على الكيان المحتل، وفي عقر مقاره الأمنية المحصنة. مثلت العملية تطورا نوعيا للعمل المقاوم، الذي يراهن على الأمل والعمل لأبعد حدود لتقويض الكيان الغاصب. وهي عملية لا تقل في آثارها السياسية عن انتصار المقاومة الفلسطينية في ملحمة ” سيف القدس” في مايو الماضي، على اسرائيل، بصواريخها المتنوعة التي هددت تل أبيب. ماذا جرى؟ في 6 سبتمبر الماضي تمكن الأسرى الستة محمود عارضة ويعقوب قادري ومحمد عارضة وأيهم كممجي ومناضل نفيعات (وهم من حركة الجهاد الإسلامي) ومعهم زكريا الزبيدي (من كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح)، وهم من سكان محافظة جنين شمالي الضفة، من الفرار من سجن جلبوع الإسرائيلي شديد الحراسة في منطقة بيسان عبر نفق حفروه، في عملية باتت تعرف بـ “نفق الحرية”. وقد أعيد اعتقال 4 منهم قرب الناصرة يومي الجمعة والسبت الماضيين “9 و10 سبتمبر الجاري”، فيما اعتقلت قوات الاحتلال مناضل نفيعات وأيهم كممجي بعد ذلك. وعقب اعتقال الأسرى الخارجين من “نفق الحرية”، تعهّدت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية “حماس”، بتحرير الأسرى الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم في أي صفقة تبادل مقبلة، مشددة على أن “أي صفقة تبادل أسرى لن تتم إلا بتحرير أبطال نفق الحرية”. تفاصيل الخروج والعودة وبحسب بيان هيئة شؤون الأسرى والمحررين التي تمكن محاميها رسلان محاجنة من لقاء محمود عارضة الذي يوصف بأنه مهندس العملية، فقد بدأ مع رفاقه في حفر النفق في ديسمبر من العام الماضي. وذكر محمود عارضة (46 عاما) المعتقل منذ عام 1996 والمحكوم عليه بالسجن المؤبد “كان لدينا خلال عملية الهرب راديو صغير وكنا نتابع ما يحصل في الخارج”. “كنا الأسرى الستة مع بعضنا حتى وصلنا إلى قرية الناعورة (داخل الخط الأخضر) ودخلنا المسجد، ومن هناك تفرقنا كل اثنين… حاولنا الدخول لمناطق الضفة ولكن كانت هناك تعزيزات وتشديدات أمنية كبيرة”. وأضاف “تم اعتقالنا (هو ورفيقه يعقوب قادري) مصادفة ولم يبلغ عنا أي شخص من الناصرة، حيث مرت دورية شرطة وعندما رأتنا توقفت وتم الاعتقال”. واعتمد لفارين من جلبوع على طعام المزارع الفلسطينية المحتلة، من ثمار الصبر والتين، دون أن يشربوا مياها طوال فترة حريتهم. وتزعم السلطات الإسرائيلية أن القبض على الأسرى الأربعة جاء بعد إبلاغ أشخاص عن أماكنهم، وهي رواية تريد نشر الشكوك والريبة بين الفلسطينيين. وقد اعتمدت اسرائيل بشكل أساسي على وحدة “قصّاصي الأثر” التي لاحقت أسرى نفق سجن “جلبوع”، ويبلغ عدد قصاصي الأثر في الجيش الإسرائيلي 60 شخصا، وهم من المتخصصين في علوم الجيولوجيا والمياه والنباتات، ومنهم أدلة سياحيون. وقد وصلت تكلفة البحث عن الأسرى المفقودين إلى 6 ملايين دولار يوميا، وهي الأعلى بتاريخ إسرائيل. وضمن روايات المحامين الذين التقوا الأسرى، فقد تعرضوا للضرب والتعذيب ولم يسمح لهم منذ الاعتقال بالنوم سوى 10 ساعات.. وأن الاحتلال يحتجزهم حاليا داخل زنزانة ضيقة تخضع لمراقبة مشددة. ورغم التضييق الصهيوني، إلا أن الأسرى يتمتعون بمعنويات عالية، وأنهم على قناعة بأنهم سينتزعون حريتهم مستقبلا من السجون الإسرائيلية. دلالات عملية “نفق الحرية” وحملت عملية خروج الأسرى الستة العديد من الدلالات، يمكن رصدها.. -انجاز معتبر للعمل المقاوم ووفق تحليل لقناة “اسرائيل12″، قال مصدر أمني إسرائيلي رفيع “إن هذه كانت سلسلة من الإخفاقات الخطيرة جدا، وإنه لم يكن ممكنا في زنزانة السجن حيث كان ممنوعا الاحتفاظ بملعقة صغيرة”.، متسائلا: “كيف حفروا تحت أنوف الحراس، وأين ذهبوا برمل الحفريات، وكيف أجروا مكالمات خلوية من السجن؟”. ورأى أن حفر نفق بهذا الطول وبهذه الجودة، عملية طويلة تتطلب قدرا كبيرا من التنظيم، ومما يبرز الانجاز الفلسطيني، أن العملية جاءت في عيد رأس السنة اليهودية، وتم التخطيط للهروب بالرغم من الإغلاق المفروض في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة خلال العطلة. وكان رد الحكومة الإسرائيلية ومصلحة السجون الإسرائيلية مفاجئا ومهينا لإسرائيل وقبضتها الأمنية. وسرعان ما أصبح هذا الهروب من السجن حدثا رمزيا، ربما أعطى الأمل في أن يتمكن جميع الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي من إيجاد طريقة للتحرر. -اعادة الاعتبار لقضية الأسرى تهدف إستراتيجية الاعتقال في العقيدة الأمنية الإسرائيلية إلى تحطيم الإنسان الفلسطيني وكسره، عبر سياسة كي الوعي، والتي تتمثل بتغيير الثقافة الوطنية، وإنتاج ثقافة جديدة تعتبر المقاومة ضد الاحتلال مشروعا مكلفا وغير مجدٍ، ويعود بالخسائر الكبرى على الشعب الفلسطيني، وليس على دولة الاحتلال، وما على الشعب الفلسطيني إلا القبول والتسليم بقرار إسرائيل، وأنه لا توجد أية إمكانية لهزيمة إسرائيل، لا بل إن من يفكر بمواجهتها سيتحطم وسيدفع ثمنا كبيرا، وسيشعر بالندم على ذلك، إلا أن نجاح المعتقلين بكسر القيود واختراق المنظومة الأمنية المعقدة يؤكّد أن إرادة السجين الفلسطيني التي تمثل الإرادة الوطنية الفلسطينية نجحت في كسر إجراءات السجن والسجان ومنظومته الأمنية، وضرب هيبة التفوق الإسرائيلي وروايته. وسيشكّل هذا الإنجاز الكبير الذي جعل الفلسطيني يشعر بالفخر والاعتزاز رسالة أن احتمالية كسر الاحتلال وقهره ممكنة جدا، في حال توفّرت الإرادة الصلبة. ويعاني الأسرى الفلسطينيون من انتهاكات عديدة داخل السجون الإسرائيلية، ويتعين عليهم دفع ثمن الطعام ومنتجات النظافة من جيوبهم. وبالرغم من قيام السلطة الفلسطينية بتحويل مدفوعات إلى حسابات مقصف السجناء للمساعدة في إبقائهم على قيد الحياة، فقد هاجم سياسيون إسرائيليون يمينيون هذا الأمر، وفي عام 2018 أقر الكنيست قانونا لخصم هذه المدفوعات من أموال الضرائب التي تجمعها إسرائيل نيابة عن السلطة الفلسطينية. ووفقا للحكومة الإسرائيلية، منذ احتلال عام 1967 وحتى عام 2008، زادت ميزانية الشرطة الإسرائيلية ووزارة السجون بنسبة 18.8% سنويا، أي أكثر من أي وزارة أخرى. ولا تهدف الأموال إلى ضمان مستوى معيشة السجناء، بل يتم استثمارها في الأمن وإبقاء السجون تحت الرقابة الصارمة، لكن عملية الهروب الأخيرة حطمت الرواية الأسطورية عن الأمن الإسرائيلي. ويعاني الأسرى من ساعات طويلة من التحقيق الأنى والحبس في زنازين ضيقة، دفعتهم للدخول في اضرابات عديدة. وتمثل العملية أحد الأدوار المقاومة للأسرى الفلسطينيين، مؤكدة على أن جميع من على أرض فلسطين مشاريع مقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي. -التخطيط الدقيق وتنوع قدرات المقاومة وابداعاتها ويبدو أن الهروب تم التخطيط له بعناية من داخل السجن وخارجه، من خلال استخدام هاتف مهرب. وبحسب ما ورد، كان حراس السجون الإسرائيلية مترددين في البحث عن الهواتف المهربة ومصادرتها، واختاروا بدلا من ذلك حلا تقنيا؛ حيث تم تركيب أجهزة للتشويش على الشبكة لتعطيل الاتصالات الخلوية. وأدت الاحتجاجات المستمرة من قبل سجناء حماس إلى إجبار مصلحة السجون على إيقاف تشغيل هذه الأجهزة، لكن مجرد وجودها سمح لسلطات السجن بالشعور بالراحة، ما جعل من الممكن للسجناء التخطيط للهروب. وذلك وفق، “شير هيفر – ميدل إيست آي ” ومثلت العملية نصرا جديدا للشعب الفلسطيني، على مرمى 4 شهور من انتصار آخر مثّلته “انتفاضة القدس”،…

تابع القراءة

اليمن بين واقع مأزوم وآمال مجهولة الملامح 3

  لقد أصبحت المأساة اليمنية واحدة من أقوى الكوارث الإنسانية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، نتيجة حجم الدمار الذي تعرضت له البلاد، نتيجة انهيار البنية التحتية بصورة شبه كاملة، وهو ما أدى لشلل الحياة الاقتصادية والصحية، ما ساهم في انتشار المجاعات في محافظات ومدن اليمن بطولها وعرضها، وانتشار البطالة وتفكك النظام الاجتماعي نتيجة دخول حرب الكل ضد الكل، التي هي أسوء أنواع الحروب الأهلية، والتي لا يمكن معها تصور حدوث سلام أهلي على المدى القريب، ناهيك عن تخيل حدوث تنمية ونهضة حضارية. وقد ساهم تحول اليمن لبؤرة، الحرب بالوكالة بين اثنين من أكبر أقطاب الاقليم وهما السعودية وإيران، ثم وجود اختلافات بينية في محور من المحورين وهو المحور السعودي الإماراتي، مما أدى إلى مزيد من التعقيد في المشهد من جهة أخرى. وبالنزول للوضع الاجتماعي والميداني فحدث ولا حرج، فقد أزّمت الطبيعة القبلية للدولة من المشهد، وتحول شيوخ القبائل لأمراء حرب والأهالي لمتحاربين، وبالتالي كان طبيعي أن يحدث احتراب بين القبائل الحوثية وقبائل الشرعية، واحتراب أخر بين قبائل الجنوب وقبائل الشمال، واحتراب ثالث بين قبائل جنوبية شيعية وجنوبية سنية، ورابع بين قبائل شمالية سنية وشمالية شيعية، وخامس بين قبائل تابعة للإمارات وأخرى تنتمي للسعودية، وغيرها الكثير من الاختلافات التي أتاح الوضع الكارثي في انفجارها. الورقة الثالثة: الحوثي والإصلاح وبريطانيا في حرب اليمن: توسع حوثي متجدد: منذ رحيل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونجاح جو بايدن، الذي تعهد بإنهاء حرب اليمن، وهناك حرص شديد من الحوثيين على توسعة رقعتهم الميدانية باستمرار، حيث شعر الحوثيين بأن بايدن يرغب في تغيير توجهات بلاده من السعودية، وهي اللحظة التي رأي الحوثيون ضرورة استغلالها إلى الحد الأقصى. على الصعيد الميداني، وصل التقدم الحوثي إلى محافظة البيضاء وسط البلاد، بعدما كان حبيس المناطق الشمالية، فقد حقق تقدما ميدانيا مهما، بعد هجوم مباغت على القوات التابعة للحكومة اليمنية في محافظة البيضاء، حيث دارت معارك عنيفة في مديرية نعمان، شرق محافظة البيضاء، بعدما شن الحوثيون هجوما مباغتا، وسيطروا على مناطق عدة في المديرية، الحوثيين حققوا اختراقا كبيرا في المديرية وصولا إلى عقبة القنذع، وهي تل استراتيجي، يقع في أطراف مديرية نعمان على الحدود الإدارية مع مديرية بيحان في محافظة شبوة جنوب شرق اليمن، ثم انتقلت المواجهات إلى مثلث البدع بين منطقتي العصر والجريبات بمديرية نعمان، شرق البيضاء. رغم أن الجيش والمقاومة الشعبية قاموا بتنفيذ هجمات مضادة مكنتهم من استعادة السيطرة على بعض المناطق التي خسروها، إلا أن الحوثيين تمكنوا من العودة مرة أخرى، نتيجة ضعف الدعم الذي يقدمه التحالف السعودي الإماراتي، وهو ما دفع المتحدث باسم جماعة الحوثي، محمد عبد السلام، أن ما سمّاه “العدو”، في إشارة إلى التحالف الذي تقوده السعودية وقوات الحكومة الشرعية. وتابع: “وفي هذه الجولة، سيفيق الأمريكي على وقع خيبة أكبر، ومن ثم صراخ؛ أكبر نتيجة تداعي مرتزقته في البيضاء، وسقوط رهان التصعيد هناك”. وفي الوقت ذاته حاولت المليشيات الحوثية التسلل باتجاه مواقع للجيش، في جبهات المشيريف، وجبل مراد، ورحبة، جنوبي مدينة مأرب، وكذلك جبهات مديرية صرواح غربي مأرب، بينما تحاول قوات الجيش صد تلك الهجمات واجبارها على الفرار والتراجع، إلا أنها سرعان ما تعود أقوى وأشرس، مستغلة ضعف الموقف السعودي في الرأي العام العالمي. كما حققت تقدمًا في محافظة شبوة، وسيطرت على عدد من المواقع الاستراتيجية، ضمن عملية عسكرية تسعى من خلالها لتحقيق عدد من الأهداف الميدانية والسياسية، بعد من سيطرتها على مواقع داخل محافظة البيضاء ذات البعد الاستراتيجي. في مقابل ذلك، تشن قوات الحكومة الشرعية في مناطق قبائل مراد في محافظة مأرب هجوماً استباقياً على مواقع الحوثيين في جبهات المشيريف- الرحبة جنوباً ضمن عملية التفاف عسكرية نفذتها قوات الشرعية والقبائل، تستهدف حصار وقطع الإمداد عن قوات الحوثيين التي تحاول التقدم في حدود محافظتي شبوة ومأرب. وقد سيطرت، على مديرية رحبة، غربي مأرب، والتوغل نحو مديرية ماهلية المحاذية لها، بعد هجوم سريع على الحوثيين الذين يحكمون قبضتهم على المديريتين منذ نحو عام تقريبا. وقد وصلت السيطرة الحوثية إلى داخل شبوة وهو ما جعل من خسائرهم في مأرب اقل قيمة من مكاسبهم في نقاط الاشتباك الأخرى. ويعتبر فتح الحوثيين معركة المثلث الرابط بين المحافظات الثلاث البيضاء وشبوة ومأرب تطوراً مهماً، لأنه يهدف من خلاله إلى تقطيع أوصال المحافظات الثلاث عن بعضها، وأهمها أولاً فصل مأرب عن شبوة، وقطع طرق الإمداد إلى مأرب وحصارها من الجنوب، والتوغل نحو الغرب حتى حدود حضرموت مع مأرب، لفصل أول المحافظات النفطية عن البقية في شرق اليمن. وتسعى المحاولات الحوثية نحو تغيير معادلات الواقع الميداني بما يخدم المفاوضات السياسية، لاسيما مع وجود جدية لدى الإدارة الأمريكية الجديدة على تصفية خلافاتها مع إيران في ظل عودة مفاوضات الإتفاق النووي المنتهي، حيث تحاول إيران تقوية جبهاتها، بما يمنحها أفضلية على طاولة المفاوضات الدبلوماسية مع الغرب، وهو ما ينجح فيه الحوثيين حتى الآن، نتيجة الضوء الأخضر الذي منحتهم إياه إيران بعد التراجع الأمريكي، ناهيك أن المعسكر السعودي الإماراتي المتخبط في أضعف مواقف في الفترة السابقة. بريطانيا تدخل على خط النار والإصلاح يندد: شهدت الأيام الماضية دخول طرف جديد إلى المعادلة اليمنية، وليس طرف عادي، بل هي قوات للمملكة المتحدة العظمي إنجلترا، وكانت صحيفة “ديلي إكسبرس” البريطانية قد نشرت قبل أيام تقريرا يكشف وصول فريق خاص من الجيش البريطاني إلى محافظة المهرة اليمنية، لتعقب من أسمتهم إرهابيين مدعومين من إيران، نفذوا هجوما على الناقلة “ميرسر ستريت” في خليج عمان، أواخر الشهر الماضي. وقالت الصحيفة إن فريقا من 40 جنديا من القوات الخاصة وصل إلى مطار الغيظة، عاصمة محافظة المهرة الحدودية مع سلطنة عمان، لتعقب الإرهابيين، الذين يعتقد أنهم حوثيون، نفذوا الهجوم عبر طائرة من دون طيار، بأمر من طهران، على ناقلة بريطانية في الخليج، أسفرت عن مقتل حارس أمن بريطاني، وقبطان السفينة، روماني الجنسية. رغم الجهود الحثيثة والمؤامرات التي قام بها محور الثورة المضادة ضد الإسلاميين في البلاد العربية بصفة عامة، ودول الربيع العربي بصفة خاصة، فلم يتوان المحور في محاربة حزب الإصلاح التابع لجماعة الإخوان المسلمين بكل ما أوتي من قوة، ورغم ذلك ظل الحزب قائمًا ويحاول الصمود أمام موجات متزايدة من التصعيد التي تستهدف تمزيق اليمن إلى أشلاء متناثرة. ويحاول الحزب من وقت لأخر، إثبات أن له صوت وحضور في المشهد السياسي والميداني، ولو حتى من أجل تسجيل مواقف تذكر للتاريخ، بأنه ثمة من كان يندد بالسياسات المعادية لاستقرار اليمن، ويعمل على تدميرها، ولتعليم الأجيال القادمة، بأنه الصوت الثوري ظل قائمًا رغم شدة العواصف. فمؤخرًأ، دعا حزب التجمع اليمني للإصلاح، الحكومة المعترف بها، إلى التوضيح حول وجود قوات عسكرية أجنبية في محافظة المهرة، شرق اليمن. جاء ذلك في بيان صادر عن الفرع المحلي للحزب في محافظة المهرة، بعد نشر تقارير صحفية غربية…

تابع القراءة

اليمن بين واقع مأزوم وآمال مجهولة الملامح 2

لقد أصبحت المأساة اليمنية واحدة من أقوى الكوارث الإنسانية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، نتيجة حجم الدمار الذي تعرضت له البلاد، نتيجة انهيار البنية التحتية بصورة شبه كاملة، وهو ما أدى لشلل الحياة الاقتصادية والصحية، ما ساهم في انتشار المجاعات في محافظات ومدن اليمن بطولها وعرضها، وانتشار البطالة وتفكك النظام الاجتماعي نتيجة دخول حرب الكل ضد الكل، التي هي أسوء أنواع الحروب الأهلية، والتي لا يمكن معها تصور حدوث سلام أهلي على المدى القريب، ناهيك عن تخيل حدوث تنمية ونهضة حضارية. وقد ساهم تحول اليمن لبؤرة، الحرب بالوكالة بين اثنين من أكبر أقطاب الاقليم وهما السعودية وإيران، ثم وجود اختلافات بينية في محور من المحورين وهو المحور السعودي الإماراتي، مما أدى إلى مزيد من التعقيد في المشهد من جهة أخرى. وبالنزول للوضع الاجتماعي والميداني فحدث ولا حرج، فقد أزّمت الطبيعة القبلية للدولة من المشهد، وتحول شيوخ القبائل لأمراء حرب والأهالي لمتحاربين، وبالتالي كان طبيعي أن يحدث احتراب بين القبائل الحوثية وقبائل الشرعية، واحتراب أخر بين قبائل الجنوب وقبائل الشمال، واحتراب ثالث بين قبائل جنوبية شيعية وجنوبية سنية، ورابع بين قبائل شمالية سنية وشمالية شيعية، وخامس بين قبائل تابعة للإمارات وأخرى تنتمي للسعودية، وغيرها الكثير من الاختلافات التي أتاح الوضع الكارثي في انفجارها. ونظرًا لحجم التعقد في المشهد، فتعد هذه الورقة بداية لسلسة استراتيجية ستحاول التطرق للمشهد اليمني من زوايا متنوعة، حيث سنحاول الربط بين الأبعاد الاقتصادية ونتائجها الاجتماعية، ومصير السياسة في ظل هيمنة منطق الحرب، ومساحة المفاوضات فوق فوهة البندقية، بهدف العمل على الوصول لنتائج قريبة من الواقع، تساعدنا في الوصول لنتائج دقيقة للمستقبل. الورقة الثانية: دور عمان في حرب اليمن: كثيرا ما تحدث المحللين والمتابعين للشرق الأوسط عامة، والأزمة اليمنية خاصة عن الخلافات بين الرياض وابوظبي، وأخذ البعض يتنبأ بحدوث اشتباكات عسكرية بين الفصائل التابعة للإمارات والجيش اليمني التابع للسعودية، واتجاه ثاني يرى أن العلاقات بين الرياض وابوظبي على أفضل وجه، وأن ما يحدث ليس أكثر من مؤامرة من البلدين على اليمن، ولكن في البداية نرى أن ثمة خلافات عميقة وتزداد حدة يومًا بعد يوم، بل أننا نرى أن محور الثورة المضادة يعاني من شرخ يتمدد من لحظة رحيل الرئيس الشعبوي العنصري دونالد ترامب. مؤخرًا، ظهرت أصوات سعودية غاضبة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إزاء مواقف الإمارات في اليمن، في وقت تواجه فيه علاقات البلدين تحديات كبيرة. وأشارت شخصيات سعودية بارزة إلى غضب في الرياض إزاء مواقف أبو ظبي، وحديث انفصاليين جنوبيين في اليمن، مدعومين إماراتيا، عن أطماع للمملكة في بلادهم. وفي تغريدة عبر تويتر، قال عبد الله آل هتيلة، مساعد رئيس تحرير صحيفة عكاظ السعودية: لمن في قلوبهم مرض المملكة هي الدولة الوحيدة التي ليس لها أطماع في اليمن. وأضاف: مطمعها الوحيد أمن واستقرار اليمن بحكم الجوار ووشائج القربى بين الشعبين والمصالح المشتركة بين البلدين. وتابع آل هتيلة محذرا: المملكة حكومة وشعبا لن تسمح لكائن من كان أن يعبث بأمن اليمن للإضرار بأمنها، فإن طال صبرها فله حدود. وبدوره قال المحلل السياسي، سليمان العقيلي: إذا لم تساعد أبو ظبي في تنفيذ اتفاق الرياض المتعلق بأزمة جنوب اليمن وظلت على حالها في تعطيله، فأعتقد أن العلاقات السعودية الإماراتية ستظل تحت الاختبار. من جهة أخرى، يتحدث الكثير عن أجواء من التوتر بين القوات السعودية والمليشيات المسلحة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من دولة الإمارات، تسود أرخبيل سقطرى الواقع في المحيط الهندي قبالة خليج عدن. إن توترا يخيم على الأجواء في سقطرى بين القوات السعودية المتمركزة في الجزيرة منذ العام 2018، والمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا، وصل حد وصف المملكة بـالعدوان، وهو الوصف الذي درج الحوثيون على تسمية التحالف العسكري الذي تقوده الرياض منذ سنوات. ووصل الأمر إلى هجوم مجموعة مسلحة تابعة للانتقالي مستشفى سعوديا بالجزيرة، وأطلقوا النار عليه، في ظل حملة تحريض واسعة ضد القوات السعودية من قبل قيادات وكوادر المجلس المدعوم من أبو ظبي. وإثر التردد المستمر العناصر المسلحة التابعة للانتقالي، والقادمة من محافظة الضالع، جنوبا، حيث يتحدر منها رئيس المجلس المنادي بانفصال جنوب البلاد عن شمالها، عيدروس الزبيدي، إلى المستشفى الذي يشرف على إدارته سعوديون، وجهت قيادة القوات السعودية طلبا لقيادة المجلس بسقطرى بـإبعاد هذه العناصر عن الجزيرة تماما، إلى مناطقهم التي قدموا منها. وفي أعقاب الطلب السعودي، قامت العناصر المسلحة بإطلاق النار على المستشفى، دون أن ينتج عنه وقوع أي ضحايا. يبدو أن الإمارات تدير عبر مندوبيها المقيمين في سقطرى حملة تحريض وعبر المجلس الانتقالي ضد القوات السعودية، التي تتقاسم السيطرة على الجزيرة مع مليشيات المجلس منذ طرد السلطة المحلية الموالية للحكومة الشرعية في يونيو 2020. وحملت الحملة التحريضية ضد المملكة عناوين عدة منها “إنهاء وجودها العسكري بسقطرى، واتهامها بأنها “حجرة عثرة أمام تحقيق حلم المجلس في الانفصال”. فيما ارتفع سقف الحملة التي يديرها ضباط إماراتيون إلى نعت السعودية بممارسة العدوان ضد المجلس الانتقالي، وتعبئة أنصارها في الجزيرة بذلك. ومنذ يونيو الماضي، تسيطر مليشيات الانتقالي المدعومة من أبو ظبي على مدينة حديبو، عاصمة أرخبيل سقطرى، وقامت بطرد قيادة السلطة البلدية منها، بعد مواجهات محدودة مع القوات الحكومية. وتشهد محافظات جنوب اليمن، بينها العاصمة اليمنية المؤقتة، عدن، تصعيدا ضد الحكومة الشرعية، وتحشيدات عسكرية نحو محافظة أبين المحاذية لها من جهة الشرق، وسط مؤشرات عن تفجر الأوضاع مجددا مع القوات الحكومية. وفي أحدث مظاهر التصعيد من قبل الانتقالي، تعرض مبنى شركة النفط الحكومية، الموجودة في فرع عدن، للاقتحام والسيطرة عليه من قبل عناصر مسلحة تابعة للمجلس، وذلك لفرض مدير للشركة تم تعيينه من قبل محافظ عدن الموالي للانتقالي، أحمد لملس، رغم إلغاء القرار من قبل رئيس الوزراء، معين عبد الملك، كونه ليس من اختصاصات لملس. وقبل ذلك، تم اقتحام مقر المؤسسة الاقتصادية بعدن، التي تتبع وزارة الدفاع، من قبل قوة عسكرية موالية للانتقالي، بعد رفض مديرها، المعين بقرار جمهوري، قرار إقالته من قبل محافظ عدن، كون مثل هذه القرارات من اختصاصات الرئاسة. السعودية وعمان تحالف محتمل على حساب الإمارات: تسعى السعودية منذ لحظة إعلان نشأتها إلى قيادة العالم الإسلامي، مستغلة في ذلك مكانة الحرمين الشرفيين والأرض المقدسة، في ترسيخ تلك الزعامة وهذا الحضور الديني، الذي سينعكس بالطبع على النفوذ السياسي والاقتصادي والاجتماعي لخادم الحرمين. بينما دول الخليج، فقد تعاملت معهم السعودية لعقود باعتبارهم أبنائها الصغار الذين يجب عليهم طاعة الأم الكبيرة، ولذلك تضيق السعودية ذرعا بكل الدول المغردة خارج السرب، وعلى رأسهم سلطنة عمان، التي لطالما احتفظت لنفسها بسياسة مستقلة واستراتيجية مغايرة للسعوديين، وظل هذا الوضع يتزايد باستمرار حتى جاءت الأزمة اليمنية وجعلت الوضع شائكًا بشدة، إلى أن جاءت القمة السعودية العمانية، فلأسباب متباينة، حظيت نتائج القمة السعودية العمانية، في 11 يوليو الماضي، باهتمام المراقبين، كونها قد تشكل بداية لتطبيع…

تابع القراءة
اليمن بين واقع مأزوم وآمال مجهولة الملامح 1

اليمن بين واقع مأزوم وآمال مجهولة الملامح 1

لقد أصبحت المأساة اليمنية واحدة من أقوى الكوارث الإنسانية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، نتيجة حجم الدمار الذي تعرضت له البلاد، نتيجة انهيار البنية التحتية بصورة شبه كاملة، وهو ما أدى لشلل الحياة الاقتصادية والصحية، ما ساهم في انتشار المجاعات في محافظات ومدن اليمن بطولها وعرضها، وانتشار البطالة وتفكك النظام الاجتماعي نتيجة دخول حرب الكل ضد الكل، التي هي أسوء أنواع الحروب الأهلية، والتي لا يمكن معها تصور حدوث سلام أهلي على المدى القريب، ناهيك عن تخيل حدوث تنمية ونهضة حضارية. وقد ساهم تحول اليمن لبؤرة، الحرب بالوكالة بين اثنين من أكبر أقطاب الاقليم وهما السعودية وإيران، ثم وجود اختلافات بينية في محور من المحورين وهو المحور السعودي الإماراتي، مما أدى إلى مزيد من التعقيد في المشهد من جهة أخرى. وبالنزول للوضع الاجتماعي والميداني فحدث ولا حرج، فقد أزّمت الطبيعة القبلية للدولة من المشهد، وتحول شيوخ القبائل لأمراء حرب والأهالي لمتحاربين، وبالتالي كان طبيعي أن يحدث احتراب بين القبائل الحوثية وقبائل الشرعية، واحتراب أخر بين قبائل الجنوب وقبائل الشمال، واحتراب ثالث بين قبائل جنوبية شيعية وجنوبية سنية، ورابع بين قبائل شمالية سنية وشمالية شيعية، وخامس بين قبائل تابعة للإمارات وأخرى تنتمي للسعودية، وغيرها الكثير من الاختلافات التي أتاح الوضع الكارثي في انفجارها. ونظرًا لحجم التعقد في المشهد، فتعد هذه الورقة بداية لسلسة استراتيجية ستحاول التطرق للمشهد اليمني من زوايا متنوعة، حيث سنحاول الربط بين الأبعاد الاقتصادية ونتائجها الاجتماعية، ومصير السياسة في ظل هيمنة منطق الحرب، ومساحة المفاوضات فوق فوهة البندقية، بهدف العمل على الوصول لنتائج قريبة من الواقع، تساعدنا في الوصول لنتائج دقيقة للمستقبل. الورقة الأولى: الإمارات تعبث بمستقبل اليمنيين فوضى في المعسكر الإماراتي: على الرغم مما تحاول أن تقدمه الإمارات عن قدرتها على تقديم نفسها كحل للأزمة اليمنية، وطرف قادر بما يملك من أوراق على أرض الواقع تمكنها من تثبيت الاستقرار والسلام الأهلي بين اليمنين، إلا أن هناك بعض النقاط التي يجب أن نشيرها إليها في علاقات العناصر التابعة للإمارات في المشهد اليمني، فعكس ما تصدره ابوظبي عن فصائلها، بأنهم على قلب رجل واحد وقادرين على فرض الاستقرار في المناطق الانفصالية الجنوبية، يبدو أن الواقع ليس كذلك، فقد وقعت عدد من الاشتباكات المسلحة بين تلك الفصائل وبعضها البعض، كما أفادت مصادر وسكان محليون بأن اشتباكات عنيفة اندلعت بين فصيلين تابعين للمجلس الانتقالي في مديرية الشيخ عثمان، التي تشكل أكبر كثافة سكانية في مدينة عدن. وقالت المصادر إن الاشتباكات اندلعت بعد قيام قوات ما يسمى “الحزام الأمني” باعتقال عدد من عناصر تابعين لقوات “الدعم والإسناد” في مديرية الشيخ عثمان شمال عدن، بتهمة المتاجرة بالسلاح. وتطورت الاشتباكات، إلى ما يشبه حرب شوارع، بعد دفع قوات الدعم والإسناد بتعزيزات إلى محيط مقر قيادة القطاع الثامن التابع للحزام الأمني، مسفرة عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين. فيما نقل موقع صحيفة “عدن الغد”، التي تبث من عدن، عن مصدر أمني قوله إن الاشتباكات المسلحة اندلعت عقب قيام قوة من الحزام الأمني بالقبض على ثلاثة مسلحين بتهمة المتاجرة بالسلاح. وأضاف أن قوة أخرى هاجمت في المقابل مقر الحزام الأمني في الشيخ عثمان، بهدف تحرير العناصر المقبوض عليهم. كما تسببت المواجهات بين الفصيلين في احتراق مركبات عسكرية ومدنية ومحلات تجارية، وأضرار في منازل المواطنين، بحسب مصادر وسكان محليين، بعدما اشتدت ضراوة القتال بينهما واتسعت دائرته، في مديرية الشيخ عثمان، كبرى مديريات العاصمة المؤقتة عدن. كما اندلعت اشتباكات مسلحة، بين قوات أمنية من قوات الحزام الأمني ومجاميع مسلحة في محافظة تعز، جنوب غرب اليمن، وشهدت منطقة عمد في تعز اشتباكات بين مجموعتين عسكريتين، يقود الأولى ماجد الأعرج، أحد ضباط اللواء 170 دفاع جوي، والأخرى عصام الحرق، نائب قائد شرطة بير باشا، بسبب خلاف على قطعة أرض، انتهت بمقتل الأعرج والحرق، وآخرين. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل قام مسلحون تابعون للأعرج بمحاصرة منزل “الحرق”، وإحراقه، قبل أن يقوموا باختطاف أحد أبناء الأسرة المصاب وتصفيته، وهو ما حول الحدث إلى قضية رأي عام على منصات التواصل الاجتماعي، وتعاني مدينة تعز من ظاهرة الفوضى الأمنية، التي تطل برأسها بين الفينة والأخرى، وسط اتهامات لسلطات المدينة بالعجز عن كبح جماحها. عدن تحت احتلال الانتقالي: لطالما كانت عدن بمثابة عاصمة مركزية وحاضنة اجتماعية كبرى لجهود حزب التجمع اليمني للإصلاح التابع لجماعة الإخوان المسلمين، ولذلك كانت أبرز اهداف المجلس الانتقالي الجنوبي اليمني التابع للإمارات السيطرة على عدن وتصفية الوجود الإسلامي فيها، وكانت أخر إجراءات هذا الأمر، قيام المجلس الانتقالي الجنوبي باغلاق مقر جمعية الإصلاح الخيرية، بمديرية دار سعد في محافظة عدن، جنوب اليمن. وجاء في تغريدة للمكتب الإعلامي لمأمور مديرية دار سعد بالعاصمة عدن، أن مدير المديرية أحمد عقيل باراس أصدر قرارا، بمنع جمعية الإصلاح الخيرية من ممارسة أي نشاط بالمديرية. وقضى القرار بعدم التعامل مع الجمعية وإغلاق مقرها ومنع دخولها أي مرفق حكومي وإخراجها من المديرية. واقتضى القرار منع كافة الجمعيات والمنظمات والمبادرات المرتبطة والمتعاونة مع الجمعية المذكورة. واتهم القرار الجمعية بالقيام بأنشطة مشبوهة، دون الحديث عن أي نفاصيل. وتأتي السيطرة والقرارات المنافية للقانون هذه في وقت تطالب فيه الحكومة الشرعية من المجلس الانتقالي السماح لها بالعودة للعمل من محافظة عدن، وفقًا لمبادرة وقف اطلاق النار التي تمت منذ اسابيع، تنفيذا لاتفاق الرياض. واتهمت الحكومة اليمنية، المجلس الانتقالي الجنوبي، بإعاقة عودة وزرائها إلى العاصمة المؤقتة، عدن، جنوب البلاد، والتصعيد على الأصعدة كافة، وآخرها اقتحام مقر شركة النفط الحكومية. وأكد فريق الحكومة أنه ملتزم بالتفاهمات التي تم الاتفاق بشأنها مع فريق المجلس الانتقالي برعاية السعودية، والمتضمنة وقف كافة أشكال التصعيد العسكري والأمني والسياسي والإعلامي والمتطلبات الأساسية لعودة الحكومة إلى العاصمة المؤقتة عدن لممارسة مهامها بحرية واستقلالية. وقال: إن عودة الحكومة إلى عدن، ضرورة ملحة تتطلب العمل بسرعة لتهيئة الظروف المناسبة لتحقيق ذلك. وأعرب الفريق الحكومي لتنفيذ اتفاق الرياض عن أسفه من تراجع الانتقالي عن ما تم الاتفاق عليه بشأن إيقاف إجراءات التصعيد، وتأمين الحكومة، ومقراتها. وبحسب البيان، فإن عدم التزام المجلس الانتقالي بما تم الاتفاق عليه، كان له أثر مباشر في تأخير عودة الحكومة للنهوض بمهامها في تقديم الخدمات لأبناء شعبنا وفي التعاطي مع التحديات الاقتصادية التي أصبحت ماثلة أمامنا جميعا. وأكد استمرار تصعيد المجلس الانتقالي، لا سيما التدخل المباشر لقيادته في عمل مؤسسات الدولة، وإصدار القرارات المخالفة للقانون وإصدار التوجيهات المباشرة لقيادات الدولة في العاصمة المؤقتة عدن والاستمرار في تعطيل مؤسسات الدولة وفرض سلطة الأمر الواقع والتحشيد العسكري واختلاق الأسباب لعمل مظاهرات في شبوة جنوب شرق البلاد وتوتير الأجواء في أبين شرقي عدن، مع استمرار حملة اعلامية مكثفة ضد الدولة والحكومة واتهامها باتهامات باطلة وهم جزء وشريك أساسي في هذه الحكومة. بالإضافة إلى ممارسات استغلال الوظيفة العامة والشراكة في…

تابع القراءة

رؤية تحليلية للأخبار السياسية والاقتصادية في العالم العربي والإسلامي والعالمي، ودراسات استراتيجية للوضع السياسي المحلي والإقليمي والعالمي

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا لتلقي التحديثات على البريد الإلكتروني الخاص بك

You have been successfully Subscribed! Ops! Something went wrong, please try again.

جميع الحقوق محفوظة لرؤية للتخطيط والدراسات الاستراتيجية ©2022